دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 12:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


المفعولُ فيه وهو الْمُسَمَّى ظَرْفاً
تعريفُ الظرْفِ
302- الظرْفُ وقتٌ أو مكانٌ ضُمِّنَا = في باطرادٍ كهُنَا امْكُثْ أَزْمُنَا

المفعولُ فيه: اسمُ زمانٍ أو مكانٍ ضُمِّنَ مَعْنَى (في) باطِّرادٍ.
نحوُ: سافَرْتُ يومَ الخميسِ، صَلَّيْتُ خَلْفَ مَقامِ إبراهيمَ، فـ (يومَ) و(خَلْفَ) اسْمَا زمانٍ ومَكانٍ، وكلٌّ منهما متَضَمِّنٌ معنَى (في) ولذا صَحَّ أنْ يُقالَ: إنَّ ظَرْفَ الزمانِ يُبَيِّنُ الزمَنَ الذي حَصَلَ فيه الفعْلُ، وظرْفَ المكانِ يُبَيِّنُ المكانَ الذي حَصَلَ فيه الفعْلُ، وهذا التضمينُ باطِّرادٍ: أيْ: في مُخْتَلَفِ الأحوالِ مع جميعِ الأفعالِ فتقولُ: سافَرْتُ أو قَدِمْتُ أو صُمْتُ أو خَرَجْتُ (يومَ الخميسِ) ونحوُ ذلك.
ومِن الأمثلةِ قولُه تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} فـ(غداً) مفعولٌ فيه منصوبٌ، ومِثلُه (مَعَ) وقولُه تعالى: {لِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} فـ (حَوْلَ) مفعولٌ فيه منصوبٌ.

1- وخَرَجَ بالقَيْدِ الأوَّلِ: (اسمُ زمانٍ أو مكانٍ) ما إذا تَضَمَّنَت الكلمةُ معنَى (في) وليست اسمَ زمانٍ أو مكانٍ كقولِِه تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنْكِحُوهُنَّ} فإنَّ الْمَصْدَرَ المؤوَّلَ مِن (أَن تَنْكِحُوهُنَّ) تَضَمَّنَ معنَى (في) على أحَدِ التفسيرينِ أيْ: وتَرغبونَ في نِكاحِهِنَّ لِجَمالِهِنَّ ومالِهِنَّ، لكنه ليس مَنصوباً على الظرفيَّةِ؛ لأنه ليس زَماناً ولا مَكاناً.
2- وخرَجَ بالقيدِ الثاني: (ضُمِّنَ معنى (في) اسمُ الزمانِ والمكانِ الذي لم يَتَضَمَّنْ معنى (في) وهو الواقعُ مبتدأً أو خَبَراً أو مَفعولاً أو غيرَ ذلك، نحوُ: يومُ الْجُمُعَةِ يومٌ مُبارَكٌ، فليس ظَرْفاً؛ لأنه لم يَتضمَّنْ معنى (في)، ومِن ذلك قولُه تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} فـ (يومَ) منصوبٌ على أنه مفعولٌ به لـ (أَنْذِرْ) لا على أنه مفعولٌ فيه لِمَا تَقَدَّمَ؛ لأن المقصودَ إنذارُهم يومَ القيامةِ ذاتَه.
3- وخَرَجَ بالقَيْدِ الثالثِ: (باطِّرَادِ) ما تَضَمَّنَ معنى (في) بدونِ اطِّرَادٍ، نحوُ: دَخلتُ البيتَ، سكَنْتُ الدارَ، فـ (البيتَ والدارَ) كلٌّ منهما اسمُ مكانٍ ضُمِّنَ مَعْنَى (في) لكنْ ليسَ باطِّرَادٍ لعَدَمِ صَلاحيتِه في جميعِ الأفعالِ، إذ لا يُقالُ: نِمْتُ البيتَ، جلسْتُ الدارَ، فليستْ مَنصوبةً على الظرفيَّةِ بل على المفعوليَّةِ؛ لأنَّ الفعْلَ (دَخَلَ) يَتَعَدَّى تارةً بنفْسِه وتارةً بحرْفِ الجرِّ، ومِثلُه (سَكَنَ).
وهذا معنى قولِه (الظرْفُ وَقْتٌ.. إلخ) أيْ: إنَّ الظرْفَ اسمُ وَقْتٍ أو اسمُ مكانٍ، و(أو) للتنويعِ بمعنَى الواوِ (ضُمِّنَا) الألِفُ للتثنيةِ (في) أيْ: معناها دُونَ لَفْظِها (باطِّرادٍ) تَقَدَّمَ معناه، ثم ذَكَرَ الْمِثالَ للمَكانِ (هنا) والزمانِ (أَزْمُنَا).
ناصِبُ الظرْفِ وحَذْفُه جَوازاً أو وُجوباً

303- فانْصِبْهُ بالواقِعِ فيه مُظْهَرَا = كانَ وإِلاَّ فانْوِهِ مُقَدَّرَا
حكْمُ المفعولِ فيه النصْبُ، والناصبُ له: اللفْظُ الدالُّ على المعنى الواقِعِ فيه، والمعنى الواقِعُ هو الحدَثُ الذي يَدُلُّ عليه الْمَصْدَرُ والفعْلُ والوصْفُ.
فمِثالُ الفعْلِ: صُمْتُ يومَ الخميسِ، فالمعنى الواقعُ في الظرِْف هو الصيامُ) واللفْظُ الدالُّ عليه الفعْلُ (صُمْتُ) فالفعْلُ هو الناصبُ للظرْفِ قالَ تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وقالَ تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} ومِثالُ الْمَصدَرِ: عَجِبْتُ مِنِ استقبالِكَ مُحَمَّداً يومَ الْجُمُعَةِ، قالَ تعالى: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فـ (يومَ القِيامةِ) ظرْفٌ منصوبٌ والعاملُ فيه المصدَرُ ظَنُّ) أيْ: ما ظَنُّهُم يومَ القِيامةِ؟ مِثالُ الوصْفِ أنتَ المستقبِلُ عَلِيًّا يومَ الخميسِ، قالَ تعالى {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} فـ (يومَ) ظَرْفٌ منصوبٌ والعاملُ فيه اسمُ الفاعلِ (آتِيهِ) وهذا العاملُ له ثلاثُ حالاتٍ.
الأُولَى: أنْ يكونَ مَذكوراً، وهذا هو الأصْلُ كما في الأمثلةِ.
الثانيةُ: أنْ يكونَ مَحذوفاً جَوازاً، وذلك إذا دَلَّ عليه دليلٌ كأنْ يُقالَ: متى سافَرْتَ؟ فتقولُ: يومَ الخميسِ، وأينَ صَلَّيْتَ؟ فتقولُ: حوْلَ الكعبةِ.
الثالثةُ: أنْ يكونَ محذوفاً وُجوباً، وذلك في مَواضِعَ:-
1- إذا وَقَعَ الظرْفُ خَبراً، نحوُ: الكتابُ عندَك، ومنه قولُه تعالى: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ}.
2- إذا وَقَعَ الظرْفُ صِفةً، نحوُ: أعْجَبَنِي رجُلٌ عِندَك، ومنه قولُه تعالى: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} فـ (عندَ) صفةٌ لـ (يَوماً) أيْ: يوماًَ كائناً عندَ رَبِّكَ.
3- إذا وَقَعَ الظرْفُ حالاً، نحوُ: مَررتُ بخالِدٍ عندَك، ومنه قولُه تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} فـ (فوقَ) ظرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِنَ (الطَّيْرِ).
4- إذا وَقَعَ الظرْفُ صِلةً، نحوُ: أَكْرَمْتُ الذي عندَك، ويَجِبُ تقديرُ العاملِ في الظرْفِ الواقِعِ صِلةً فِعلاً؛ لأنَّ الصِّلَةَ لا تكونُ إلاَّ جُملةً.
وهذا معنى قولِه: (فانْصِبْهُ بالواقِعِ فيه..) أي: انْصِبْ ما تَضَمَّنَ معنى (في) باطِّرادٍ (بالواقِعِ فيه) أي: اللفْظِ الدالِّ على المعنى الواقِعِ في الظرْفِ مِن فِعْلٍ أو شِبْهِه (مُظْهَراً كان) الناصِبُ (وإلاَّ) يَكُنْ مُظْهَراً.
(فانْوِهِ مُقَدَّراً) حالٌ مُؤَكِّدَةٌ؛ لأنَّ قولَه (مُقَدَّراً) يُفْهَمُ مما قَبْلَه وقولُه: (فَانْوِه) أيْ: جوازاً أو وُجوباً.
حكْمُ أسماءِ الزمانِ والمكانِ مِن حيثُ النصْبُ على الظرفيَّةِ
304- وكلُّ وقتٍ قابِلٌ ذاك ومَا = يَقْبَلُهُ المكانُ إلا مُبْهَمَا
305- نحوُ الْجِهاتِ والْمَقاديرِ وما = صِيغَ مِن الفعلِ كمَرْمًى مِن رَمَى
306- وشَرْطُ كَوْنِ ذا مَقِيساً أنْ يَقَعْ = ظَرْفاً لِمَا في أَصْلِه معه اجْتَمَعْ
أسماءُ الزمانِ كُلُّها تَصْلُحُ للنصْبِ على الظرفيَّةِ سواءٌ في ذلك الْمُبْهَمُ (وهو ما يَدُلُّ على زَمَنٍ غيرِ مُحَدَّدٍ) مثلُ: وقتٍ، زمَنٍ، لحظَةٍ أو المختَصُّ (وهو ما يَدُلُّ على زَمَنٍ مُحَدَّدٍ) لتعريفِه بالعَلَمِيَّةِ كرمضانَ، أو بالإضافةِ مثلِ: يومَ الخميسِ، أو بألْ مِثلِ: اليومَ، ومنه المقَدَّرُ غيرُ المعلومِ كالنَّكِرَةِ المعدودةِ غيرِ الْمُعَيَّنَةِ، نحوُ: سِرتُ يَوماً أو يَومينِ أو الموصوفةِ، كسِرْتُ زَمناً طَويلاً.
فكُلُّ هذه تُنْصَبُ على الظرفيَّةِ، نحوُ: سافَرْتُ يومَ الخميسِ، انتظَرْتُكَ لحظةً، ومنه قولُه تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} فـ (حينَ) منصوبٌ على الظرفيَّةِ، وقالَ تعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً} وقالَ تعالى: {وَجَاؤُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} وقالَ تعالى: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}.
أمَّا أسماءُ المكانِ فلا يَصْلُحُ منها للنصْبِ على الظرفيَّةِ إلاَّ ثلاثةُ أنواعٍ:
الأوَّلُ: المبْهَمُ ومُلحقاتُه (والمبهَمُ: ما ليس له هيئةٌ ولا حدودٌ محصورةٌ) نحوُ الْجِهاتِ الستِّ في مِثْلِ: وَقَفَ المتكلِّمُ أمامَ الْمُصَلِّينَ، جَلستُ يمينَ البابِ، وقالَ تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} فـ (فوقَ) منصوبٌ على الظرفيَّةِ، وقالَ تعالى: {لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} وقالَ تعالى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا} فإنْ كانَ المكانُ مُخْتَصًّا (وهو الذي له صورةٌ وحُدودٌ محصورةٌ كالدارِ والمسجِدِ والجبَلِ، لم يَصِحَّ نَصْبُه على الظرفيَّةِ ووَجَبَ جَرُّه بالحرْفِ (في)، نحوُ: صَلَّيْتُ في المسجِدِ، إلاَّ في حالتينِ:
الأولى: أنْ يكونَ عاملُ الظرْفِ المكانيِّ المختَصِّ هو الفعْلُ (دَخَلَ) أو (سَكَنَ) أو (نَزَلَ) فقد نَصَبَ العربُ كلَّ ظرْفٍ مُخْتَصٍّ مع هذه الثلاثةِ، نحوُ: دخلتُ البيتَ، سكنْتُ الدارَ، نزلتُ البلدَ، وقد اختُلِفَ في إعرابِ هذه الكلماتِ، والأظهَرُ أنْ يكونَ كلٌّ منها مفعولاً به ـ لا ظَرْفاً ـ ويكونَ الفعلُ الذي قَبْلَها مُتَعَدِّياً إليها بنفْسِه مُباشَرَةً.
الحالةُ الثانيةُ: أنْ يكونَ الظرْفُ المكانيُّ المختَصُّ هو كلمةَ (الشامَ) وعامِلُه هو الفعْلُ (ذَهَبَ) فقد قالت العرَبُ: (ذهبْتُ الشامَ) أو كلمةَ (مَكَّةَ) وعامِلُه الفعْلُ (تَوَجَّهَ) فقد قالت العرَبُ: (تَوجَّهْتُ مَكَّةَ) فيُنْصَبُ على الظرفيَّةِ مع هذا الفعْلِ دونَ غيرِه.
النوعُ الثاني: مما يَقبلُ النصْبَ مِن أسماءِ المكانِ: المقادِيرُ، نحوُ: غَلْوَةٍ، مِيلٍ، فَرْسَخٍ، بَريدٍ، نحو سِرتُ فَرْسَخاً مَشَيءنَا في الْمَزْرَعَةِ مِيلاً، قَطَعَ الفرَسُ بَرِيداً.
النوعُ الثالثُ: ما صِيغَ مِن الْمَصْدَرِ على وَزْنِ (مَفْعِلٍ) أو (مَفْعَلٍ) للدَّلالةِ على المكانِ، وشرْطُ نَصْبِه: أنْ يكونَ عامِلُه مِن لَفْظِه، نحوُ: وقفْتُ مَوْقِفَ الخطيبِ، قَعَدْتُ مَقْعَدَ المدرِّسِ، وتقولُ في غيرِ الْمُخْتَصِّ: جَلَستُ مَجْلِساً، ومنه قولُه تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ}.
فإنْ كانَ عامِلُه مِن غيرِ لفْظِه تَعَيَّنَ جَرُّه بفِي، نحوُ: جَلستُ في مَقْعَدِ الْمُعَلِّمِ، وما وَرَدَ مِن نَصْبِه، فهو شَاذٌّ لا يَصِحُّ القِياسُ عليه كقولِهم: هو مِنِّي مَقْعَدَ القابِلَةِ، ومَزْجَرَ الكلْبِ، ومَناطَ الثُّرَيَّا، فالظرْفُ (مَقْعَدَ، مَزْجَرَ، مَناطَ) جاءَ منصوباً وعامِلُه (كائنٌ أو مُسْتَقِرٌّ) الْمُقَدَّرُ.
وهذا معنى قولِه: (وكلُّ وقتٍ قابِلٌ ذاك... إلخ) أيْ: كلُّ اسمِ زمانٍ يَقبلُ النصْبَ على الظرفيَّةِ مُبْهَماً كان أمْ مُخْتَصًّا، أمَّا ظرْفُ المكانِ فلا يَقبلُه في حالٍ مِن الأحوالِ إلاَّ في حالِ كونِه مُبْهَماً، نحوُ أسماءِ الْجِهاتِ:، نحوُ فوقَ، تحتَ.. إلخ، وكذا أسماءُ المقاديرِ، وكذا ما صِيغَ مِن مَصْدَرِ الفعْلِ كمَرْمَى، مِن مَصدرِ الفعْلِ (رََمى)، ويُشترَطُ في القِياسِ على هذا أنْ يَقَعَ هذا الْمُشْتَقُّ ظَرْفاً لِمَا اجْتَمَعَ معه في أَصْلِه، أيْ: يكونُ الظرْفُ وعامِلُه مِن أصْلٍ واحدٍ، كمُجامَعَةِ (وَقَفَ) لـ (مَوْقِفٍ) في الاشتقاقِ مِن (الوُقوفِ).
تقسيمُ الظرْفِ إلى مُنصرِفٍ وغيرِ مُنْصَرِفٍ
307- وما يُرَى ظَرْفاً وغيرَ ظَرْفِ = فذاكَ ذو تَصَرُّفٍ في الْعُرْفِ
308- وغيرُ ذي التصَرُّفِ الذي لَزِمْ = ظَرْفِيَّةً إلى شِبْهِهَا مِن الكَلِمْ
الظرْفُ نَوعانِ:
الأوَّلُ: مُتَصَرِّفٌ، وهو ما يُفارِقُ النصْبَ على الظرفيَّةِ إلى حالةِ لا تُشْبِهُها، كأنْ يَقَعَ مُبتدأً أو خبراً، نحوُ: يومُ الجُمُعَةِ يومٌ مبارَكٌ، مكانُك مكانٌ مُريحٌ، الفَرْسَخُ ثلاثةُ أميالٍ، أو فاعلاً، نحوُ: قَرُبَ يومُ الخميسِ، أعْجَبَنِي مكانُكَ، أو مَفعولاً، نحوُ: عَلِمْتُ يومَ قُدومِك، رأيتُ مكانَك في الفِصْلِ، إلى غيرِ ذلك مِن أحوالِ الإعرابِ.
ومِن ذلك قولُه تعالى: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ} فـ (يومٌ) فاعلٌ، وقولُه تعالى: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَومٌ مَّشْهُودٌ} فـ (يومٌ) خبرٌ في الْمَوْضِعَيْنِ وقولُه تعالى: {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ} فـ (مكانٍ) مضافٌ إليه مَجرورٌ.
الثاني: غيرُ مُتَصَرِّفٍ وهو نَوعانِ:
1- ما لاَ يُفارِقُ الظرفيَّةَ أصْلاً مثلُ: (سَحَرٍ) إذا أُريدَ به سَحَرُ يومٍ بعينِه، نحوُ: آتِيكَ سَحَرَ يومِ الخميسِ الْمُقْبِلِ، فإنْ أُريدَ به سَحَرٌ غيرُ مُعَيَّنٍ، فهو متَصَرِّفٌ يَخرُجُ مِن النصْبِ على الظرفيَّةِ إلى حالةٍ لا تُشْبِهُهَا كما في قولِه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطِ نَّجْيَّنَاهُم بِسَحَرٍ} فقد جاءَ مجروراً بالباءِ؛ لأنه سَحَرٌ غيرُ مُعَيَّنٍ.
ومنه أيضاً (قَطُّ) (ظَرْفٌ لِمَا مَضَى مِنَ الزمانِ)، نحوُ: ما خَدَعْتُ أحَداً قَطُّ، و (عِوَضَ) (ظَرْفٌ لِمَا يُستقبَلُ مِنَ الزمانِ)، نحوُ: لن أُخادعَ أحَداً عِوَضَ، أو: عِوَضَ العائضينَ (بالإضافةِ) فـ (قطُّ) مَبنيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ نصْبٍ على الظرفيَّةِ و (عِوَضَ) بدونِ إضافةٍ مَبنيٌّ، وإلا فهو مُعْرَبٌ.
3- ما يَلْزَمُ النصْبَ على الظرفيَّةِ، وقد يَتركُها إلى حالةٍ تُشْبِهُها وهي الْجَرُّ بـ(مِن) مِثلُ: عندَ، لَدُنْ، قبلَ، بعدَ، تحتَ، شَطْرَ، حَوْلَ، نحوُ: جلسْتُ عنْدَكَ ساعةً ثم خَرجتُ مِن عنْدِكَ إلى مَنْزِلِي، ونحوُ: سأَذْهَبُ إلى المعهَدِ لَدُنِ الصبْحِ حتى الضُّحَى، عُدتُ مِنَ الْمَعْهَدِ مِن لَدُنِ الضُّحَى.
ومِن ذلك قولُه تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ} وقولُه تعالى: {نَجْعَلُهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} وقولُه تعالى {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} وقولُه تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وقولُه تعالى: {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} وقولُه تعالى: {وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} فهذه الظُرُفُ يُحْكَمُ عليها بعدَمِ التصرُّفِ، مع أنَّ (مِن) تَدْخُلُ عليهنَّ، إذ لم يَخْرُجْنَ مِنَ الظرفيَّةِ إلا إلى حالةٍ شبيهةٍ بها؛ لأنَّ الظرْفَ والمجرورَ أَخَوَانِ.
وهذا معنى قولِه (وما يُرَى ظَرْفاً وغيرَ ظَرْفِ.. إلخ) أيْ: ما يُستعمَلُ ظَرْفاً وغيرَ ظَرْفٍ كأنْ يَقعَ مُبتدأً أو فاعِلاً، فهذا هو الْمُتَصَرِّفُ في عُرْفِ النُّحاةِ واصطلاحِهم، وغيرُ المتَصَرِّفِ هو الذي لَزِمَ الظرفيَّةَ أو لَزِمَ الظرفيَّةَ وشِبْهَها وهو الجرُّ بـ (مِن).
وقولُه: (أو شِبْهِهَا) معطوفٌ على مفعولِ فِعْلٍ محذوفٍ تقديرُه: (أو لَزِمَ ظرفيَّةً أو شِبْهِها) إذ لو عُطِفَ على قولِه (ظَرفيَّةً) للَزِمَ منه أنَّ مِن الظرْفِ ما يَلْزَمُ الظرفيَّةَ وَحْدَها، ومنه ما يَلْزَمُ شِبهَ الظرفيَّةِ وَحْدَها، وهذا غيرُ صحيحٍ و (أو) للتقسيمِ.
نِيابةُ المصْدَرِ عن ظرْفِ الزمانِ والمكانِ
309- وقد يَنوبُ عن مَكانٍ مَصْدَرُ = وذاك في ظَرْفِ الزمانِ يَكْثُرُ
يَكثرُ حَذْفُ ظرْفِ الزمانِ المضافِ إلى مَصدرٍ وإقامةُ المصدَرِ مَقامَه فيُعْرَبُ بإعرابَه وهو النصْبُ على الظرفيَّةِ، نحوُ: أَخْرُجُ مِن الْمَنْزِلِ شُروقَ الشمْسِ، أيْ: وقتَ شُروقِ الشمسِ فحُذِفَ الظرْفَ الزمانيَّ (وقتَ) وقامَ المصدَرُ مَقامَه، وأُعْرِبَ ظَرْفاً بالنيابةِ.
أمَّا ظرْفُ المكانِ فيَنوبُ عنه الْمَصدَرُ بِقِلَّةٍ، نحوُ: جَلستُ قُربَ زَيدٍ، أيْ: مكانَ قُرْبِ زَيدٍ، فحُذِفَ الظرْفُ المكانيُّ (مَكانَ) وقامَ المصدَرُ مَقامَه وأُعْرِبَ ظَرفاً بالنيابةِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفعول, فيه

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir