دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 04:21 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أ: الأحكام التكليفية، 1- الواجب

والأحكام قسمان :
(تكليفية) وهي خمسة :
1- (واجب) يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك .
وينقسم من حيث الفعل :
إلى (معيَّن) لا يقوم غيره مقامه ، كالصلاة والصوم ونحوهما .
وإلى (مُبْهَمٍ في أقسام محصورة) يجزئ واحد منها كخصال الكفارة .
ومن حيث الوقت :
إلى (مُضَيَّق) وهو ما تعين له وقت لا يزيد على فعله ، كصوم رمضان .
وإلى (مُوَسَّع) وهو ما كان وقته المعيَّن يزيد على فعله ، كالصلاة والحج ، فهو مُخيَّر في الإتيان به في أحد أجزائه. فلو أخَّر ومات قبل ضيق الوقت لم يعصِ ، لجواز التأخير ، بخلاف ما بعده .
ومن حيث الفاعل :
إلى (فرض عين) وهو ما لا تدخله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة ، كالعبادات الخمس .
و(فرض كفاية) وهو ما يسقطه فعل البعض مع القدرة وعدم الحاجة ، كالعيد والجنازة . والغرض منه وجود الفعل في الجملة ، فلو تركه الكل أثموا لفوات الغرض .
وما لا يتم الواجب إلا به :
1- إما غير مقدور للمكلف كالقدرة واليد في الكتابة , واستكمال عدد الجمعة فلا حكم له.
2- وإما مقدور كالسعي إلى الجمعة , وصوم جزء من الليل, وغسل جزء من الرأس , فهو واجب لتوقف التمام عليه .
فلو اشتبهت أخته بأجنبية أو ميتة بمذكاة وجب الكف تحرّجاً عن مواقعة الحرام ، فلو وطئ واحدة أو أكل فصادف المباح لم يكن مواقعاً للحرام باطناً ، لكن ظاهراً لفعل ما ليس له .

  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1431هـ/3-04-2010م, 03:58 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

والأحكام قسمان:
تكليفية وهي خمسة:
واجب يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك، ............
قوله: (والأحكام قسمان: تكليفية) أي: إن الأحكام الشرعية قسمان: فالأول الأحكام التكليفية: وهي ما اقتضى طلباً أو تخييراً، والقسم الثاني: الأحكام الوضعية: وهي جعل الشيء علامة أو صفة لشيء آخر ـ ويأتي ذلك إن شاء الله ـ.
مثال التكليفية: ما يقتضي طلب الفعل كقوله تعالى: {... {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}...} [التوبة: 103] ، أو الترك كقوله تعالى: {{وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}} [الإسراء: 29] ، أو التخيير كقوله تعالى: {{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}} [المائدة: 2] .
قوله: (وهي خمسة) وجه الحصر في الخمسة: أن الشرع إمَّا أن يطلب، أو يخيِّر، والطلب نوعان: طلب فعل على وجه الإلزام فهو الإيجاب، ويسمى الفعل واجباً، أو ليس على وجه الإلزام فهو الندب ويسمى الفعل مندوباً، وطلب ترك إمَّا على وجه الإلزام فهو التحريم ويسمى الفعل محرماً، أو ليس على وجه الإلزام فهو الكراهة، ويسمى الفعل مكروهاً، فهذه أربعة، والخامس التخيير وهو المباح، ويأتي ـ إن شاء الله ـ الكلام عليها، وبيان وجه إدخال المباح في الأحكام التكليفية.

* * *


الأحكام التكليفية
1 ـ الواجب
قوله: (واجب) هذا القسم الأول من الأحكام التكليفية وهو الواجب. والواجب في اللغة: الساقط واللازم، قال في «القاموس»: (وجب وجوباً: لزم، ووجب الحجر وجبة، أي: سقط)[(40)].اهـ، قال تعالى: {{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}} [الحج: 36] ، أي: سقطت على الأرض ولزمت محلها، وقال قيس بن الخطيم:
أطاعتْ بنو عوفٍ أميراً نهاهموا عن السِّلْمِ حتى كان أولَ واجبِ[(41)]
أمَّا الواجب في الاصطلاح: فبعضهم يعرفه بالحد، أي: ببيان الحقيقة والماهية، وبعضهم يعرفه ببيان الثمرة والحكم والأثر، والأول أدق؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولذلك قال ابن عقيل الحنبلي رحمه الله في تعريفه، هو: (إلزام الشرع) وقال: (الثواب والعقاب أحكام الواجب، والإيجاب شيء، وأحكامه شيء آخر، والتحديد بمثل هذا يأباه المحققون)[(42)]، واستحسن هذا القول الفتوحي في «شرحه على الكوكب المنير»[(43)].
فالواجب اصطلاحاً: ما طلب الشارع فعله طلباً جازماً؛ كالصلاة، والزكاة، وبرّ الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالوعد ـ على أحد القولين ـ، والصدق...
وقولنا: (ما طلب الشارع فعله) يخرج المحرم والمكروه. وقولنا: (طلباً جازماً) يخرج المندوب.
قوله: (يقتضي الثواب على الفعل، والعقاب على الترك) هذا تعريف بالثمرة والحكم، أي: إن الواجب يقتضي الثواب على الفعل، وذلك بقيد الامتثال[(44)]، والعقاب على الترك. والأولى أن يقال: واستحقاق العقاب على الترك؛ لأن من الواجبات ما لا يلزم من تركه العقاب حتماً، مثل ترك برّ الوالدين، وصلة الأرحام، بل هو تحت المشيئة.
وعلى هذا فعبارة المصنف ـ كغيرها ـ يحتاج أولها إلى قيد (امتثالاً)، وثانيها إلى تقدير: (ويستحق العقاب) لما تقدم، أو يقدر (ويترتب العقاب على الترك)؛ لأن ترتب العقاب لا يلزم منه حصول العقاب، وبعضهم قال: ما يخاف العقاب بتركه[(45)].
وينقسم ـ من حيث الفعل ـ إلى معيَّن لا يقوم غيره مقامه؛ كالصلاة والصوم ونحوهما، وإلى مبهم في أقسام محصورة، يجزئ واحد منها كخصال الكفارة، ومن حيث الوقت، إلى: مضيَّق، وهو ما تعين له وقت لا يزيد على فعله؛ كصوم رمضان، وإلى موسع، وهو ما كان وقته المعين يزيد على فعله؛ كالصلاة والحج،........................................................
قوله: (وينقسم من حيث الفعل إلى معين..) شرع المصنف رحمه الله في تقسيمات الواجب، وهي ثلاثة:
1 ـ تقسيمه من حيث المطلوب به إلى: معيّن، ومبهم.
2 ـ تقسيمه من حيث وقت أدائه إلى: موسّع، ومضيّق.
3 ـ تقسيمه من حيث المخاطبون به إلى: فرض عين، وفرض كفاية.
فبدأ بالتقسيم الأول إلى: معيّن، ومبهم، فالمعيّن أن يكون الفعل مطلوباً بعينه لا يقوم غيره مقامه، ولا خيار للمكلف في نوعه.
قوله: (كالصلاة والصوم ونحوهما) أي: كالحج، وثمن المبيع، وأجرة المستأجَر، وردّ المغصوب، وبرّ الوالدين، والصدق؛ فالمطلوب في هذه الواجبات واحد لا خيار فيه.
قوله: (وإلى مبهم في أقسام محصورة، يجزئ واحد منها) أي: يجزئ فعلُ واحدٍ منها.
قوله: (كخصال الكفارة) أي: في قوله تعالى: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ}} [المائدة: 89] ، والتخيير فيها بين الإطعام أو الكسوة أو العتق، فأيُّ واحد أتى به المكلف أجزأ في التكفير عن يمينه، فإن لم يجد واحداً منها عدل إلى الصيام، ومثل ذلك جزاء الصيد، وفدية الأذى، وكذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم للمستحاضة: «تَحَيَّضِي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله»[(46)] ، وهذا تخيير اجتهاد، لا تخيير تَشَهٍّ.
والمراد أن المستحاضة إما أن تعتبر بحال نسائها؛ كأمها وأختها، أو أن لها عادة ونسيتها، فتجتهد وتبني أمرها على ما تيقنته، والأول أقرب، والله أعلم[(47)].
قوله: (ومن حيث الوقت) هذا التقسيم الثاني وهو من حيث وقته، والوقت هو الزمن الذي قدره الشارع للعبادة.
قوله: (إلى مضيَّق) أي: ضُيق فيه على المكلف حتى لا يجد سعة يؤخر فيها الفعل أو بعضه، ولو أخّره صار قضاء.
قوله: (وهو ما تعين له وقت لا يزيد على فعله؛ كصوم رمضان) أي: إن وقت الواجب المضيّق يسعه وحده، ولا يسع غيره من جنسه؛ كصوم رمضان، فإن وقته مضيق لا يمكن للمكلف أن يصوم أيَّ صومٍ آخر سوى رمضان.
قوله: (وإلى موسّع: وهو ما كان وقته المعين يزيد على فعله؛ كالصلاة والحج) أي: فيكون واسعاً لأدائه وأداء غيره من جنسه؛ كأوقات الصلاة، فإن وقتها موسَّع يمكن المكلف أن يؤديها ويصلي غيرها في الوقت نفسه، وكذا أوقات مناسك الحج، فإنها لا تستغرق سوى جزء قليل من وقت الحج.
فهو مخير في الإتيان به في أحد أجزائه. فلو أَخَّرَ ومات قبل ضيق الوقت لم يَعْصِ؛ لجواز التأخير، بخلاف ما بعده، ومن حيث الفاعل، إلى: فرض عين، وهو ما لا تدخله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة؛ كالعبادات الخمس، وفرض كفاية، وهو ما يسقطه فعل البعض مع القدرة وعدم الحاجة؛ كالعيد والجنازة...............................................................
قوله: (فهو مخير في الإتيان به في أحد أجزائه) أي: إن الإيجاب في الواجب الموسع يقتضي إيقاع الفعل في أيِّ جزءٍ من أجزاء وقته؛ لأن مقتضى التوسيع في الوقت يفيد أن المكلف مخيَّر في إيقاعه في أي جزء من أجزاء هذا الوقت، وهذا قول الجمهور، واستدلوا بما ورد من أن الله تعالى لما فرض الصلاة أرسل جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليعلّمه أوقاتها وأفعالها، فأمَّه مرةً في أول وقتها، ومرة في آخر وقتها، ثم قال: «ما بين هذين وقت»[(48)] ، فدلَّ على أن المكلف مخيّر في أداء الصلاة في أي جزء من أجزاء الوقت المحدد لها. أمَّا الوقت الذي يضاف إليه الإيجاب فهو أول أجزاء الوقت؛ لقوله تعالى: {{أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}} [الإسراء: 78] ، فمتى دخل وقت الظهر ـ مثلاً ـ صار المكلف مطالباً بالفعل، مخيراً في جميع أجزاء الوقت، وأمَّا المبادرة والصلاة مع الجماعة فأمر آخر دلت عليه النصوص[(49)]. وهذا إذا كان المكلف أهلاً للتكليف من أول الوقت، فإن كان ليس أهلاً، كحائض طهرت أثناء الوقت فإن سبب الإيجاب هو الجزء من الوقت الذي يزول فيه المانع.
قوله: (فلو أخَّر ومات قبل ضيق الوقت لم يعصِ؛ لجواز التأخير، بخلاف ما بعده) أي: إذا أخَّر صلاة الظهر ـ مثلاً ـ عن أول الوقت، ثم مات قبل ضيق الوقت، فإنه لا يعد عاصياً بالتأخير عند الجمهور، وحكاه بعضهم إجماعاً؛ لأنه فعَلَ ما له فعله، وهو جواز التأخير، واشتراط العلم بسلامة العاقبة للتأخير ممنوع، لأن ذلك غيب. لكن لو مات بعد ضيق الوقت، بأن لم يبق إلا ما يتسع لأربع ركعات فقط فإنه يأثم، كما يفهم من كلام المؤلف، وذلك لأن الواجب أداء الصلاة في هذا الجزء من الوقت[(50)].
قوله: (ومن حيث الفاعل إلى فرض عين) هذا التقسيم الثالث للواجب، وهو تقسيمه من حيث المخاطبون به إلى: فرض عين، وهو ما يجب أداؤه على كل مكلف بعينه، وسمي فرض عين؛ لأن خطاب الشرع يتوجه إلى كل مكلف بعينه، ولا تبرأ ذمة المكلف إلا بأدائه بنفسه.
قوله: (وهو ما لا تدخله النيابة مع القدرة وعدم الحاجة) أي: ما دامت القدرة البدنية موجودة ولم يوجد حاجة، فإنه يجب على المكلف أن يفعل بنفسه.
قوله: (كالعبادات الخمس) أي: الطهارة، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج[(51)].
قوله: (وفرض كفاية) هذا القسم الثاني، وسمي فرض كفاية؛ لأن قيام البعض به يكفي في:
1 ـ الوصول إلى مقصد الشارع، وهو مجرد الفعل.
2 ـ سقوط الإثم عن الباقين.
قوله: (وهو ما يسقطه فعل البعض) أي: إذا فعله البعض سقط عن الباقين، ولو كانوا قادرين عليه، وليسوا محتاجين لغيرهم.
قوله: (كالعيد والجنازة) هذا على القول بأن صلاة العيد فرض كفاية، والقول الثاني: أنها فرض عين، ولا فرق بين فرض الكفاية وفرض العين من جهة الوجوب، لشمول حدّ الواجب لهما، وإنَّما الفرق من جهة الإسقاط بفعل الآخرين.
والغرض منه وجود الفعل في الجملة، فلو تركه الكل أثموا؛ لفوات الغرض.
قوله: (والغرض منه وجود الفعل في الجملة) هذا بيان للفرق بين فرض العين وفرض الكفاية، وهو أن فرض العين منظور فيه إلى ذات الفاعل، وفرض الكفاية نظر فيه الشارع إلى الفعل نفسه، بقطع النظر عن فاعله؛ لأن الغرض إيجاد الفعل، كإنقاذ الغريق، والأذان، والإقامة، والإمامة الصغرى، والكبرى، والقضاء، والإفتاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيجاد الصناعات والحِرَف، والعلوم التي تحتاجها الأمة، وكذا تجهيز الموتى بالتغسيل والتكفين والصلاة والحمل والدفن ونحو ذلك.
وقد يكون واجب الكفاية عينياً إذا لم يوجد غيره، كقاضٍ لم يوجد غيره، وسبَّاحٍ لإنقاذ غريق، وطبيب لم يكن غيره لإسعاف مريض، وهكذا.
قوله: (فلو تركه الكل أثموا؛ لفوات الغرض) هذا يدل على أن فرض الكفاية واجب على الجميع، وهذا قول الجمهور، مستدلين بالآيات العامة الواردة بأمر المسلمين جميعاً، كقوله تعالى: {{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}} [البقرة: 190] ، وقوله تعالى: {{إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}} [التوبة: 39] . والعلماء متفقون على أن القتال فرض كفاية.
ومن أدلتهم ـ كما ذكر المصنف رحمه الله ـ اتفاق العلماء على إثم الجميع إذا لم يقم بالواجب الكفائي أحد، لعدم تحقق الغرض، وتأثيم الجميع موجب لتكليفهم جميعاً؛ لأنه لا يمكن أن يؤاخذ الإنسان على شيء لم يكلَّفْهُ، فدل على وجوبه على الجميع[(52)].
وما لا يتم الواجب إلا به: إما غير مقدور للمكلف كالقدرة واليد في الكتابة، واستكمال عدد الجمعة فلا حكم له، وإما مقدور، كالسعي إلى الجمعة، وصومِ جزءٍ من الليل، وغسلِ جزءٍ من الرأس، فهو واجب لتوقف التمام عليه.
قوله: (وما لا يتم الواجب إلا به إمَّا غير مقدور للمكلف... وإمَّا مقدور) معناه: أن ما لا يتم الواجب إلا به ضربان:
فالأوَّل: غير مقدور للمكلف، بمعنى أنه ليس في قدرته ووسعه وطاقته تحصيله ولا هو إليه.
قوله: (كالقدرة واليد في الكتابة) فإن القدرة واليد شرط في الكتابة، وهما مخلوقتان لله تعالى، فلا قدرة للمكلف على إيجادهما.
قوله: (واستكمال عدد الجمعة فلا حكم له) المراد حضور الأربعين، فلا يطالب المكلفون بإحضار الناس؛ ليتم بهم العدد ويقيموا الجمعة، وهذا بناء على اشتراط العدد، وهو قول مرجوح، والصحيح أنه لا يشترط العدد، لعدم الدليل الصحيح، ولو كان شرطاً لما سكت عنه الشارع، والأحاديث التي فيها ذكر الأربعين قضايا أعيان، وقضايا الأعيان لا يستدل بها في العموم، فهذا الضرب لا حكم له، فلا يعلق به إيجاب ولا غيره.
قوله: (وإمَّا مقدور كالسعي إلى الجمعة) هذا الضرب الثاني وهو المقدور للمكلف، ومن أمثلته: السعي إلى الجمعة، والسفر إلى مكة مع الاستطاعة، وإحصاء المال لإخراج الزكاة، وهذا كله واجب لغيره، سواء أكان مأموراً به شرعاً، أم لم يرد فيه أمر مستقل[(53)].
قوله: (وصوم جزء من الليل وغسل جزء من الرأس، فهو واجب لتوقف التمام عليه) فإنه لا يتحقق تعميم غسل الوجه إلا بغسل جزء يسير من الرأس، ولا يتحقق الإمساك في جميع نهار رمضان إلا بإمساك جزء يسير من الليل، فإن من أخّر الإمساك عن جميع أجزاء الليل فهو متناول للفطر قطعاً في نهار رمضان، إذ لا واسطة بين الليل والنهار.
فلو اشتبهت أخته بأجنبية أو ميتة بمذكاة وجب الكف تحرجاً عن مواقعة الحرام، فلو وطئ واحدة أو أكل فصادف المباح لم يكن مواقعاً للحرام باطناً، لكن ظاهراً لِفِعْلِ ما ليس له.
قوله: (فلو اشتبهت أخته بأجنبية أو ميتة بمذكاة وجب الكف) هذان مثالان من فروع مسألة: (ما لا يتم الواجب إلا به) فإذا اشتبهت أخته بأجنبية لم يجز العقد عليهما، وإذا اشتبهت ميتة بمذكاة لم يجز أن يأكلهما، فقد حرمت إحداهما: بالأصالة وهي: الأخت والميتة، والأخرى: بعارض الاشتباه، وهي: الأجنبية والمذكاة، والمحرم بالأصالة يجب اجتنابه، ولا يتم اجتنابه إلا باجتناب ما اشتبه به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فاجتناب ما اشتبه بالمحرم أصالةً واجب.
قوله: (وجب الكف تحرجاً عن مواقعة الحرام) أي: وجب الكف عما ذكر والابتعاد عنه تجنباً للوقوع في الحرام. والتحرج: أن يفعل الإنسان فعلاً يبتعد به عن الحرج، وهو الإثم، فالكف عن الأخت لذاتها، وعن الأجنبية لاشتباهها، وكذا بالنسبة للميتة والمذكاة، وإنَّما عبر المصنف بالكف دون التحريم؛ لأن تحريم الأجنبية ليس لذاتها، فلو تزوجها فهي حلال، ولكن حَرُما لاشتباههما، فاجتمعا في وجوب الكف عنهما، والمراد بوجوب الكف عنهما: عدم جواز العقد عليهما في المسألة الأولى، وعدم جواز الأكل منهما في المسألة الثانية، كما تقدم.
قوله: (فلو وطئ واحدة أو أكل فصادف المباح لم يكن مواقعاً للحرام باطناً...) أي: لعدم العلم به يقيناً، ولكنه مواقع له ظاهراً؛ لأنه فعل ما ليس له فعله؛ لأن الواجب عليه الكفُّ للاشتباه، وهذا فيه نظر؛ إذ كيف يقال: إنه حلال باطناً وحرام ظاهراً؟! فإنه لا معنى لقولنا: (حرام) إلا وجوب الكف؛ لأن الحل والحرمة وصفان للفعل، فإذا حَرُمَ لم يكن حلالاً[(54)]، والله أعلم.
* * *

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أ, الأحكام

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir