دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الفرائض

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 01:59 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كِتَابُ الفَرَائِضِ


وَهِيَ العِلْمُ بِقِسْمَةِ المَوَارِيثِ
قوله: «كتاب الفرائض» ، ترجم له المؤلف بالكتاب؛ لأنه جنس مستقل، وقال: «الفرائض»، ولم يقل: المواريث، مع أن المواريث أعم، ولذا عبَّر بعض العلماء وقال: كتاب المواريث، وهو أعم من كتاب الفرائض؛ لأن المواريث تشمل الفرض والتعصيب والرحم، ولكن المؤلف عبَّر بالفرائض؛ لأن الفرائض هي الأصل، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر))، فلما كانت هي الأصل والمقدم، ترجم بها ـ رحمه الله ـ.
والفرائض من حيث اللغة جمع فريضة بمعنى مفروضة، فهي فعيلة بمعنى مفعولة، والفرض في اللغة: الحز والقطع، إذا حززت الشيء بالسكين قيل: هذا فرض، وكذلك إذا قطعته بالسكين قيل: هذا فرض، ولكنه في الاصطلاح يختلف، ففرائض الوضوء غير الفرائض التي نحن فيها، فتفسر الفرائض في الاصطلاح في كل باب بما يناسبها، فهو هنا يقول:
«وهي العلم بقسمة المواريث» وهو نوعان شرعي وفني، ويقال: فقهي وحسابي، فالعلم بالمواريث فقهاً هذا شرعي، والعلم بالمواريث حساباً هذا فني مرادٌ لغيره، والأول مراد لذاته؛ لأن المقصود إيصال حقوق أصحاب المواريث إليهم، سواء عرفت الحساب أم لم تعرف، لكن مع ذلك يحتاج طالب العلم إلى معرفة حساب المواريث وإن عرف فقهها، فمثلاً: إذا هلك هالك عن بنت وأخت شقيقة، فكوننا نعرف أن للبنت النصف وللأخت الشقيقة ما بقي، فهذا علم شرعي فقهي، وإذا قلنا: المسألة من اثنين للبنت النصف واحد وللأخت الشقيقة ما بقي وهو واحد، فهذا فني حسابي، لكن هل نحن نحتاج إليه بالضرورة؟ لا نحتاج إليه بالضرورة، فأيُّ واحد نقول له: اقسم المال نصفين للبنت النصف وللأخت النصف فإنه يقسم، لكن أحياناً نحتاج إليه فيما إذا كثرت المسائل، ولا سيما في باب المناسخات كما سيأتي إن شاء الله.
وحكم تعلم هذا العلم فرض كفاية، إن قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإلا وجب على جميع الأمة؛ لأنه لا يمكن تنفيذ شريعة الله في هذا الباب إلا بتعلمه.
وعلم الفرائض من أجلِّ العلوم وأشرفها؛ لأمور:
أولاً : أنه تنفيذ لفريضة من فرائض الله، قال الله تعالى لما ذكر ميراث الأصول والفروع: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 11] ، فأنت إذا تعلَّمت الفرائض فإنك تتوصل بها إلى القيام بفريضة من فرائض الله.
ثانياً : أن المواريث حدٌّ من حدود الله ـ عزّ وجل ـ فإذا تعلمتها التزمت بها حدود الله، قال الله تعالى في ميراث الزوجين والإخوة من الأم لما ذكر هذا: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: 13] .
ثالثاً : أن الفرائض هدى وبيان، ولهذا لما ذكر الله ـ عزّ وجل ـ ميراث الإخوة الأشقاء أو لأب في آخر سورة النساء، قال: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] ، ولهذا كان علم الفرائض من أفضل العلوم.
واعلم أن الإنسان إذا مات فإنه يتعلق بتركته خمسة حقوق:
الأول : تجهيز الميت بتغسيله وتكفينه وحنوطه وحمله ودفنه وما يتعلق بذلك، هذا قبل كل شيء، حتى لو كان عليه دين فإنه يقدم هذا على الدين.
الثاني : الدين الموثق برهن.
الثالث : الدين المرسل الذي ليس فيه رهن.
الرابع : الوصية بالثلث فأقل لغير وارث.
الخامس : الميراث.
فهذه خمسة حقوق مرتبة، فإذا مات ميت وخلف مائة ريال وعليه دين مائة ريال وتجهيزه مائة ريال، فإنه يبدأ بالتجهيز، ويقال لصاحب الدين: ليس لك شيء؛ لأنه ليس عنده شيء.
وهل يلزم الوارثَ أن يقضي الدينَ عنه؟ لا يلزم حتى لو كان الميت أباه أو ابنَه أو أخاه الأكبر، لكن إذا كان من باب التبرع فباب التبرع واسع.
بعد ذلك الدين الموثق برهن، مثال هذا: رجل هلك وعنده مائة ريال، وله شاة مرهونة بمائة ريال، وعليه دين ليس موثقاً مائة ريال هذه ثلاثمائة، فنبدأ بالتجهيز، نأخذ مائة الريال ونجهز الميت بها، ثم الدين الموثق برهن فنقول لصاحب الرهن: هذه الشاة بعها واسْتَوْفِ حقك مائة ريال، فإذا قال الدائن الآخر: أنا ـ أيضاً ـ أطلبه، نقول: دينك مؤخر عن الدين الذي فيه الرهن، والدين المرسل لم يبق شيء له ولا يلزم الوارث أن يقضيه، ولكنا نبشر المدينين إذا أخذوا أموال الناس ليؤدوها، ولكن أخلفت الأمور أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يؤدي عنهم من فضله وكرمه، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه))، بعد هذا الدينُ غَيْرُ الموثقِ برهن، فلو هلك هالك عن مائتي ريال، وشاة قيمتها مائة ريال مرهونة بدين قدره مائة ريال، وعليه دين مرسل قدره مائة ريال، ووصية، فنوزعها كالآتي: المائة الأولى للتجهيز، والثانية ـ الشاة ـ للدين الموثق برهن، والثالثة للدين المرسل، والوصية لا تنفذ؛ لأن الوصية تكون بعد هذه الثلاثة ولم يبق لها شيء.
مثال آخر : إذا هلك هالك وخلّف مائتين وتسعين ريالاً وعليه دين برهنٍ مائة ريال والمرهون يساوي مائة ريال، وعليه دين مرسل مائة ريال، ووصية بالثلث، أولاً: نأخذ مائة ريال للتجهيز، ثانياً: مائة ريال بالدين الموثق بالرهن، ثالثاً: مائة ريال بالدين المرسل، بقي تسعون ريالاً، وهو موصٍ بالثلث نأخذ ثلاثين ريالاً للوصية يبقى للميراث ستون ريالاً، هنا قدمنا الوصية على الميراث؛ لأننا أخذنا للوصية الثلث من رأس المال كاملاً، وإذا أخذنا الثلث يبقى ثلثان فيكون للذي يرث النصفَ الثلثُ، إذاً الوصية ما نقصت، أُعطي الموصى له الثلاثين كاملة، أي: الثلث كاملاً، والميراث نقص؛ لأن الوصية مقدمة عليه، ولهذا كان لصاحب النصف في الوصية الثلث.
وتأمل يا أخي، فالمالُ الذي تجمعه إذا مت إلى من يذهب؟ يذهب إلى أشياء ضرورية، للتجهيز، أو غرامات ديون عليك، أو لغيرك، فمالُك حقيقةً هو ما قدمته في حياتك تقرباً إلى الله ـ عزّ وجل ـ، وأما ما خلَّفته فليس لك.


[1] أخرجه البخاري في الفرائض/ باب ميراث الولد من أبيه وأمه (6732)؛ ومسلم في الفرائض/ باب ألحقوا الفرائض بأهلها (1615) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفرائض, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir