دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > تفسير سورة الفاتحة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ذو القعدة 1437هـ/14-08-2016م, 08:58 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تفسير البسملة

تفسير البسملة

المراد بالبسملة
المراد بالبسملة هنا قول (بسم الله الرحمن الرحيم)، فالبسملة اسم لهذه الكلمة دالٌّ عليها بطريقة النحت اختصاراً.
قال ابن فارس: (العرب تَنْحَتُ من كلمتين كلمةً واحدة، وهو جنس من الاختصار)ا.هـ.
واستعمال العرب للنحت قديم، ومن شواهده من شعر الجاهليين قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي:
وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا
قال الخليل: (نَسَبها إلى عَبْدِ شَمْسٍ، فأَخَذَ العين والباء من (عَبْد) وأخذَ الشينَ والميمَ من (شَمْس) ، وأسقَطَ الدال والسِّين، فبَنى من الكلمتين كلمة؛ فهذا من النَّحت)ا.هـ.
وذكر الخليل من الشواهد على ذلك قول الشاعر:
أقولُ لها ودمعُ العَينِ جار ... ألَمْ يَحْزُنْكِ حَيْعلةُ المنادي
ثم قال: (فهذه كلمة جُمِعَتْ من حَيَّ، ومن على، وتقول منه: حَيْعَلَ يُحَيْعِلُ حَيْعَلَةً)ا.هـ.
والأصل في البسملة أنها اختصار قولك: (بسم الله)، وقد ورد لفظ البسملة في شواهد لغوية احتجّ بها بعض أهل اللغة، ومن ذلك ما أنشده الخليل بن أحمد وأبو منصور الأزهري وأبو علي القالي وغيرهم من قول الشاعر:
لقد بَسمَلَتْ هندٌ غداةَ لَقِيتها ... فيا حبّذا ذاك الحبيب المبسمِلُ
(بَسْمَلَتْ) أي: قالت: (بسم الله) استغراباً أو فزعاً.
ونُسب هذا البيت مغيَّراً إلى عمر بن أبي ربيعة.
واشتهر إطلاق اسم البسملة على كلمة (بسم الله الرحمن الرحيم).
قال ابن السكِّيت (ت:244هـ): (يقال: قد أكثرت من البسملة، إذا أكثر من قوله "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقد أكثرت من الهيللة، إذا أكثرت من قول "لا إله إلا الله"، وقد أكثرت من الحوقلة، إذا أكثرت من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله")ا.هـ.
وأكثر ما يستعمل لفظ "البسملة" في كلام أهل العلم لقول (بسم الله الرحمن الرحيم).
وأكثر ما تستعمل التسمية لقول (بسم الله).
ويقع في كلام بعضهم استعمال اللفظين للمعنيين، والسياق يخصص المراد.

هل تُعدُّ البسملة آية؟
لا خلاف في أن البسملة بعض آية في سورة النمل في قوله تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، وإنما اختلفوا فيما عدا ذلك، وهو عدّ البسملة في أول كل سورة عدا سورة براءة على أقوال:
القول الأول: لا تعدّ آيةً من سورة الفاتحة، ولا من أوّل كلّ سورة، وهذا قول أبي حنيفة والأوزاعي ومالك، وحُكي عن سفيان الثوري.
والقول الثاني: أنها آية في سورة الفاتحة دون سائر سور القرآن الكريم، وعليه العدّ الكوفي والمكي كما تقدّم، وهو رواية عن الشافعي.
والقول الثالث: أنها آية في أول كل سورة عدا سورة براءة، وهو قول سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وأصحّ الروايات عن الشافعي، ورواية عن أحمد، ورجَّحه النووي.
- قال علي بن الحسن بن شقيق: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان الثوري، قال: (بسم الله الرحمن الرحيم في فواتح السور من السور). رواه البيهقي في شعب الإيمان.

القول الرابع: أنها آية من الفاتحة، وجزء من الآية الأولى من كل سورة عدا سورة براءة، وهو رواية عن الشافعي، وقول لبعض الشافعية حكاه الرازي في تفسيره، وذكره شيخ الإسلام وابن كثير وابن الجزري، وهو قول ضعيف.
القول الخامس: أنها آية مستقلة في أول كل سورة وليست من السور ، فلا تعد مع آيات السور، وهو رواية عن أحمد، وقول لبعض الحنفية.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: (هو أوسط الأقوال وبه تجتمع الأدلة فإن كتابة الصحابة لها في المصاحف دليل على أنها من كتاب الله، وكونهم فصلوها عن السورة التي بعدها دليل على أنها ليست منها)ا.ه.
وأصل الخلاف في هذه المسألة راجع إلى اختيار كلّ إمام للقراءة التي يقرأ بها، ولا ريب أنَّ البسملة آية من الفاتحة في بعض القراءات دون بعض.
ولا ريب أيضاً أنها كانت يفصل بها بين السور، وأنّها من كلام الله تعالى، وقد صحّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) في غير ما سورة:
- فمن ذلك: ما في صحيح مسلم من حديث علي بن مسهر، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك رضي الله ، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: «أنزلت علي آنفا سورة؛ فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر} ».
- ومن ذلك: حديث أمّ سلمة رضي الله عنها في سورة الفاتحة، وقد تقدّم.
وقد تواتر النقل عن جماعة من القراء بقراءة البسملة في أوّل كلّ سورة عدا سورة براءة، والبسملة فيها رواية عن عاصم.
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على تجريد المصحف مما سوى القرآن، وكتبوا {بسم الله الرحمن الرحيم} للفصل بين السور.
ولم يكتبوا (آمين) لأنها ليست قرآناً، مع أنَّ قول آمين بعد الفاتحة من السنن الثابتة.
فكلّ ذلك من الدلائل الدالة على أنّ {بسم الله الرحمن الرحيم} قرآن منزّل، ولا ينبغي الاختلاف في ذلك، وإنما الخلاف السائغ: الخلاف في العدد.
قالَ أبو بكرٍ البيهقيُّ (ت:458هـ): (لم يختلف أهل العلم في نزول {بسم الله الرحمن الرحيم} قرآنا، وإنما اختلفوا في عدد النزول).
قال: (وفي إثبات الصحابة رسمها حيثُ كتبوها في مصاحفهم دلالةٌ على صحةِ قولِ من ادَّعى نزولَها حيث كُتِبَت، والله أعلم)ا.هـ.

ولذلك كان الخلاف في العدد، وفي القراءة بالبسملة في الصلاة على ما سيأتي بيانه.
وقد استقرّت مذاهب العدّ على ستة مذاهب كما سبق بيانه في درس عدد آيات سورة الفاتحة، وهي المذاهب المعتبرة عند القرَّاء، وإن كان بعض الأقوال المأثورة عن بعض القراء الأوائل في الأعداد قد اضمحلّ القائلون بها كما اندثرت بعض المذاهب الفقهية فلم يكن لها أصحاب يحملونها قرناً بعد قرن كما للمذاهب الأربعة، وكذلك الأمر في مذاهب عدّ آي القرآن.

وبناء على ما استقرّت عليه المذاهب في العدّ؛ فإنّ هذه المسألة لها فرعان:

الفرع الأول: عدّ البسملة آية من سورة الفاتحة، وقد سبق البيان بأنها آية من الفاتحة في العدّ الكوفي والمكي، وليست آية منها عند باقي أهل العدد.
والفرع الثاني: عدّ البسملة الآية الأولى في كلّ سورة عدا براءة.
وقد اتّفقت مذاهب العدّ على عدم عدّ البسملة آية، وإن كانوا يقرأون بها في أوّل كلّ سورة غير براءة، لكنَّهم لا يعدّونها من آيات السورة.
قال علم الدين السخاوي(ت:643هـ): (وأما إثباتها آية في أول كل سورة فلم يذهب إليه أحدٌ من أهل العدد)ا.هـ.

والمراد بأهل العدد العلماء الذين عُنوا بعدّ آيات القرآن ومعرفة فواصله من قرّاء الأمصار الأوائل الذين تلقوا القراءة عن قُراء التابعين عن قُرّاء الصحابة رضي الله عنهم، واشتهر منها: العدّ المكي، والعدّ المدني الأول، والعدّ المدني الأخير، والعدّ الكوفي، والعدّ البصري، والعدّ الدمشقي، والعدّ الحمصي.
1. فالعدّ المكّي هو المروي عن عبد الله بن كثير المكّي مقرئ أهل مكّة عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب رضي الله عنهم.
2. والعدّ المدني الأول رواه نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ عن أبي جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصّاح، وهم من أشهر قراء المدينة، ثم أخذ به عامّة قُراء مصر وقد وصل إليهم من طريق ورش عن نافع كما ذكر لك أبو عمرو الداني في البيان.
3. والعدّ المدني الأخير رواه إسماعيل بن جعفر المدني وقالون واسمه عيسى بن مينا عن ابن جماز عن أبي جعفر وشيبة موقوفاً عليهما، وبين العدّ المدني الأوّل والأخير خلاف في بعض المواضع.
4. والعدّ الكوفي هو المروي عن أبي عبد الرحمن السُّلمي مقرئ أهل الكوفة عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
5. والعدّ البصري هو المروي عن عطاء بن يسار وعاصم الجحدري وهما من كبار قرّاء التابعين، وعاصم قرأ على سليمان ابن قَتَّة التيمي البصري، وقتّة هي أمّه، وسليمان عرض على ابن عباس، قال ابن الجزري في غاية النهاية في ترجمة سليمان ابن قتة: (ثقة، عرض على ابن عباس ثلاث عرضات، وعرض عليه عاصم الجحدري).
6. والعدّ الدمشقي ويُسمّى العدّ الشامي هو المرويّ عن عبد الله بن عامر اليحصبي أحد القراء السبعة، وقد أخذ القراءةَ عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وعن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، واشتهر العدد الشامي من رواية يحيى بن الحارث الذماري عن ابن عامر، وكان يحيى إمام الجامع الأموي وشيخ القرّاء بدمشق، وقد أخذ عنه جماعة من الأئمة القراء.
7. ومن أهل العلم من أضاف العدّ الحمصي وهو المروي عن شريح بن يزيد الحمصي مقرئ أهل حمص، لكن العدد الحمصي اندثر ، ولم يُحكَم تدوينُه.

والمقصود أنّ هؤلاء كلّهم لم يعدّوا البسملة آيةً في أوّل كلّ سورة إلا ما تقدّم في الفاتحة، فعدّها أصحاب العدّ الكوفي والمكي آية من آيات سورة الفاتحة، ولم يعدّها الآخرون.
وفي اتفاق أهل العدد على عدم عدّها آية في أوّل كلّ سورة غير الفاتحة دليل على أنّ الآخذ بهذا القول آخذٌ بقولٍ صحيحٍ لا شكَّ فيه، مع قيام الاحتمال القويّ لأن تكون الأقوالُ المأثورةُ عن بعض أهل العلم في عدّها آية من كلّ سورةٍ صحيحةً عن بعض القراء الأوائل، وأنّها مما قد تختلف فيه الأحرف السبعة.

ومما يستدلّ به على صحة قول من لا يعدّها آية في أوّل كلّ سورة:

1. حديث شعبة عن قتادة عن عباس الجُشَميِّ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن سورة من القرآن، ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: {تبارك الذي بيده الملك}). رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وغيرهم.
وهو حديث رجاله أئمة معروفون غير عباس الجشمي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر في التقريب: مقبول، ولهذا الحديث شاهد عن أنس رضي الله عنه، وقد حسّنه جماعة من أهل الحديث.
وسورة الملك ثلاثون آية من غير البسملة عند جمهور أهل العدد.
ومن قال بأنها إحدى ثلاثون آية فلم يعدّ البسملة وإنما عدّ {قد جاءنا نذير} آية، كما هو في العدّ المكي، والعد المدني الأخير.
2. وحديث حماد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود عن زرّ بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب: (كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ أو كأين تعدها؟)
قال: قلت له: (ثلاثا وسبعين آية)
فقال: (قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة) الحديث، رواه أحمد في مسنده، وتابع حماداً على هذه الرواية منصور بن المعتمر كما عند النسائي في الكبرى؛ فقولهما أرجح من قول من قال: (بضعاً وسبعين).
وسورة الأحزاب قد أجمع أهل العدد على أنها ثلاث وسبعون آية من غير البسملة، لا خلاف بينهم في ذلك.

تفسير البسملة
في تفسير البسملة مسائل:
المسألة الأولى: معنى الباء في {بسم الله}
اختلف اللغويون في معنى الباء في (بسم الله) على أقوال، أقربها للصواب أربعة أقوالٍ، هي أشهر ما قيل في هذه المسألة:
القول الأول: الباء للاستعانة، وهو قول أبي حيان الأندلسي والسمين الحلبي، وقال به جماعة من المفسّرين.
والقول الثاني: الباء للابتداء، وهو قول الفراء، وابن قتيبة، وثعلب، وأبي بكر الصولي، وأبي منصور الأزهري، وابن سيده، وابن يعيش، وجماعة.
والقول الثالث: الباء للمصاحبة والملابسة، واختاره ابن عاشور.
والقول الرابع: الباء للتبرك، أي أبدأ متبركاً، وهذا القول مستخرج من قول بعض السلف في سبب كتابة البسملة في المصاحف، وأنها كتبت للتبرّك، وهذا المعنى يذكره بعض المفسرين مع بعض ما يذكرونه من المعاني.
والأظهر عندي أن هذه المعاني الأربعة كلها صحيحة لا تعارض بينها، وما ذكر من اعتراضات على بعض هذه الأقوال فله توجيه يصحّ به القول.
ومن ذلك اعتراض بعضهم على معنى الاستعانة بأنّ الاستعانة تكون بالله وليست باسم الله؛ قالوا: الأشهر أن يقول المستعين إذا أراد الاستعانة: أستعين بالله، ولا يقول: أستعين باسم الله.
وهذا الاعتراض يدفعه أنّ الذي يذكر اسم ربّه لا ريب أنّه يستعين بذكر اسمه على ما عزم عليه؛ فمعنى الاستعانة متحقق.
فهو يستعين بالله تعالى حقيقة، ويذكر اسمه متوسّلاً به إلى الله تعالى ليعينه؛ وهذا هو مراد من قال بمعنى الاستعانة.
وقد أرجع سيبويه معاني الباء إلى أصل واحد وهو الإلزاق؛ فقال في الكتاب: (وباء الجر إنما هي للإلزاق).
وهذا مقبول من حيث الأصل لكن يُعبَّر عن المعنى في كلّ موضع بما يناسبه، ولذلك استبدل ابن عاشور عبارة الإلزاق في هذا الموضع بالمصاحبة والملابسة وذكر أنها مترادفة، ومن أهل اللغة من يذكر بينها فروقاً دقيقة.
والإلزاق ينقسم إلى حسيّ ومعنوي؛ فالحسيّ للمحسوسات نحو: أمسكت بالقلم، والمعنويّ نحو: قرأتُ بِنَهَمٍ.
ثمّ يتفرَّع على الإلزاق الحسي والمعنوي أنواع أخرى؛ فقد يكون للاستعانة وقد يكون للتبرك، وقد يكون للاستفتاح، وقد يكون لغير ذلك، وقد تجتمع بعض هذه المعاني.
فما اجتمع منها من غير تنافر فيصحّ القول به، ولذلك يصحّ أن يستحضرَ المبسملَ عندَ بسملته هذه المعاني جميعاً، ولا يجد في نفسه تعارضاً بينها.
والغرض من التفصيل في هذه المسألة أن يتبيّن طالب علم التفسير أنّ من الأقوال في معاني الحروف ما يجتمع ولا يتنافر، وهذه قاعدة مهمة في التفسير ولها تطبيقات كثيرة في مسائل التفسير.
ومن أمثلة ذلك الجمع بين أقوال العلماء في معنى الباء في قوله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب}
فقيل: الباء للاستعانة، وقيل: للمصاحبة، وقيل: للملابسة، وقيل: للسبيية، وقيل: للتبرّك.
وهذه كلها معانٍ صحيحة لا تعارض بينها.

لكن مما يُنبَّه عليه ضعف بعض الأقوال التي قيلت في معنى الباء في قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم}
فقيل: زائدة، وقيل: هي للقسم؛ وقيل: للاستعلاء.
فأمّا القول بالزيادة فضعيف جداً، وكذلك القول بأنّها للقسم، والقسم يفتقر إلى جواب، ولا ينعقد إلا معلوماً.
وأما القول بالاستعلاء فيكون صحيحاً إذا كان معنى الاستعلاء عند التسمية مطلوباً؛ كالتسمية عند الرمي، وفي أعمال الجهاد، وسائر ما يطلب فيه الاستعلاء كما قال الله تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون}
وهذا المعنى لا يُراد إذا كانت التسمية لما يراد به التذلل لله تعالى والتقرّب إليه كما في التسمية لقراءة القرآن.
وبهذا تعلم أن معاني الحروف تتنوّع بحسب السياق والمقاصد وما يحتمله الكلام، وليست جامدة على معانٍ معيَّنة يكرر المفسّر القول بها في كلّ موضع.

المسألة الثانية: حذف الألف في {بسم الله}
اتفقت المصاحف على حذف الألف في كتابة {بسم الله} في فواتح السور في قول الله تعالى: {بسم الله مجريها ومرساها}، وإثباتها في نحو {فسبّح باسم ربّك} ، و{اقرأ باسم ربّك}، ولم يختلف علماء رسم المصاحف في التزام هذا التفريق اتّباعاً للرَّسم العثماني.
وقد التمس علماء اللغة وعلماء الرسم سبب التفريق فقالوا في ذلك أقوالاً أشهرها: أَمْنُ اللبس في {بسم الله} وهو قول الفرَّاء، وإرادة التخفيف لكثرة الاستعمال، وهو قول جماعة من العلماء، وذكر بعضهم عللاً أخرى.
فقال الزجاج: (وسقطت الألف في الكتاب من {بسم اللّه الرحمن الرحيم}، ولم تسقط في: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق}؛ لأنه اجتمع فيها مع أنها تسقط في اللفظ كثرة الاستعمال)ا.هـ.
وبنحو ما قال الزجاج قال جماعة من أهل اللغة.
وقال أبو عمرو الداني في كتابه "المقنع في رسم مصاحف الأمصار" : (اعلم انه لا خلاف في رسم ألف الوصل الساقطة من اللفظ في الدرج إلا في خمسة مواضع فإنها حذفت منها في كل المصاحف.
فأولها: التسمية في فواتح السور وفي قوله في هود " بسم الله مجرها ومرسها " لا غير ذلك لكثرة الاستعمال فأما قوله " بإسم ربك الذي " و " باسم ربك العظيم " وشبهه فالالف فيه مثبتة في الرسم بلا خلاف)ا.ه.

المسألة الثالثة: تقدير متعلق الجار والمجرور المحذوف في قوله تعالى: {بسم الله}
الجار والمجرور متعلق بمحذوف مؤخَّر، يقدّر في كلّ موضع بما يناسبه، فإذا قرأت قدّرته باسم الله أقرأ، وإذا كتبت قدّرته باسم الله أكتب.
ومن أهل العلم من يقدّر المحذوف بحسب اختياره في معنى الباء؛ فيقول من رأى الباء للابتداء: التقدير: باسم الله أبدأ، أو باسم الله ابتدائي.
قال أبو البقاء العكبري: (عند البصريين المحذوف مبتدأ، والجار والمجرور خبره، والتقدير: ابتدائي بسم الله، أي كائن باسم الله؛ فالباء متعلقة بالكون والاستقرار.
وقال الكوفيون: المحذوف فعلٌ تقديره ابتدأت، أو أبدأ، فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف)ا.ه..
وقد ورد في القرآن تعلّق الجارّ والمجرور في مثل هذا الموضع بالاسم وبالفعل:
فمثال تعلّقه بالاسم قول الله تعالى: {وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها}
ومثال تعلّقه بالفعل قول الله تعالى: {اقرأ باسم ربك}.

المسألة الرابعة: سبب حذف متعلّق الجار والمجرور:
خلاصة ما ذكره النحاة من أسباب حذف متعلّق الجار والمجرور ثلاثة:
الأول: تقديم اسم الله تعالى فلا يُقدّم عليه شيء.
والثاني: التخفيف لكثرة الاستعمال.
والثالث: ليصلح تقدير المتعلّق المحذوف في كلّ موضع بحسبه.
فالقارئ يقدّره بما يدلّ على القراءة من اسم أو فعل، والكاتب كذلك، وكلّ من سمّى لغرض من الأغراض كالأكل والشرب والنوم وغيرها يصحّ أن يقدّر اسماً أو فعلا من ذلك الغرض يكون متعلّقاً بالجار والمجرور.

وقد أحسن أبو القاسم السهيلي في نتائج الفكر البيان عن أسباب حذف المتعلّق في مثل هذا الموضع.

المسألة الخامسة: معنى الاسم
الاسم اختلف في اشتقاقه على قولين:
القول الأول: مشتقّ من السمو، والسموّ الرفعة، وهو القول المشهور عن البصريين.
والقول الثاني: مشتقّ من السِّمَة، وهي العلامة، فكأنّ الاسم علامة على المسمّى، وهذا القول مشهور عن الكوفيين.
وقد أسهب أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن في نصرة القول الأول، وتخطئة القول الثاني بعلل صرفية تُبحث في مظانّها.
والمقصود هنا التعريف بالقولين المشهورين في اشتقاق لفظ "الاسم"، وقد كثر تداول هذه المسألة في كتب التفسير.

المسألة السادسة: بيان مسألة الاسم والمسمَّى

هذه المسألة من المسائل التي طال بحثها في كتب التفسير والعقيدة واللغة، ومن أشهر من أفاض في بحثها بإسهاب: ابن جرير الطبري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وعبد الرحمن المعلّمي.
وكان مما حمل بعضهم على الإطالة في بحثها ما أثاره المتكلّمون من سؤال الفرق بين الاسم والمسمّى: هل الاسم هو عين المسمَّى، أو غيره، أو لا هو عينه ولا غيره.
وبحث هذه المسألة على طريقة المتكلّمين توقع في أخطاء ولا سيّما إذا بني عليها القول في مسائل اعتقادية في أسماء الله تعالى وصفاته وأسماء الأحكام الواردة في النصوص من الكفر والإيمان، والفسق والعصيان، وغيرها.
وبحث هذه المسألة ومناقشة حجج المختلفين فيها يطول جداً، وأصحاب كلّ قول فهموا المسألة من وجه فقالوا بمقتضى ما فهموه، وقصرت عبارتهم عن أن تكون جامعة مانعة؛ فرأى فيها من عارضهم بعض ما يخالف ما فهموه.
وسأعرض الخلاصة المُفهمة إن شاء الله تعالى بما يستغنى به كثير من طلاب العلم عن التطويل في مناقشة الأقوال وحجج أصحابها واعتراضات بعضهم على بعض.
فالصواب في هذه المسألة أنّ الاسم دالٌّ على المسمّى، فألفاظ اسم "زيد" ليست هي نفسها شخص "زيد" ، وإنّما يدلّ اسم "زيد" على من سُمِّيَ به.
والكلام العربي يقع فيه التوسّع وتعدد الاعتبارات، فيُذكر الاسم أحياناً ويراد به المسمَّى به، باعتبار أنَّه دالّ عليه، كما في قوله تعالى: {سبّح اسم ربّك الأعلى} فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سبحان ربي الأعلى) ولم يقل: (سبحان اسم ربي..).
ويذكر أحياناً ويراد به الاسم نفسه كما يقال: الرحمن اسم عربي.
فالقول بأنّ الاسم هو المسمّى مطلقاً خطأ.
وكذلك القول بأنَّ الاسم غير المسمَّى مطلقاً خطأ.
وقد تنازعوا في قول لبيد بن ربيعة العامري:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وهذا البيت من قصيدة للبيد مطلعها:
تمنى ابنتــــــــاي أن يعــيــــــــش أبوهمــــــــا ... وهل أنا إلا من ربيعـــــة أو مضــــر
ونادبتـــــــــين تندبــــــــــــان بعــــــــــــــــاقـــــــلٍ ... أخــــــــا ثقةٍ لا عـــــــين منه ولا أثـــــــــر
فقوما فقولا بالذي قد علمتمـــــــــــــا ... ولا تخمشا وجهـــــــــا ولا تحلقا شعر
وقولا هو المــــــــــرءُ الذي لا خليلَــــــه ... أضاع، ولا خان الصديق ولا غدر
إلى الحــــولِ ثم اسمُ السلام عليكما ... ومن يبـــــكِ حولا كاملا فقد اعتذر

فمن قال الاسم هو المسمَّى؛ قال: المعنى ثمّ السلام عليكما، وهذا قول معمر بن المثنى.
وردّه ابن جرير بأنه لو كان الاسم هو المسمّى لصحّ أن يقال: رأيت اسم زيد، وأكلت اسم الطعام.
وذكر ابن جرير في معنى بيت لبيد قولين:
أحدهما: أن السلام اسم الله، فكأن المعنى ثمّ الزما اسم الله.
والثاني: أن المعنى ثمّ تسميتي الله عليكما، كما يقال: ذكرت اسم الله عليك.
وذكر السهيلي وجها ثالثاً: وهو أنّ لبيداً لم يرد أن يسلم عليهما من وقته، ولو قال: ثم السلام عليكما، لكان كمن أوصى وصية ثم سلّم، وإن لم تُنفذ، وهو إنما أراد أن يسلّم عليهما بعد الحول.
وذكر بعض العلماء أوجهاً أخرى.
وأقرب من هذه الأقوال كلّها؛ وأوفق ليُسْرِ كلام العرب وبعده عن التعقيد أن يكون لبيدٌ قد أراد البيان بأنهما إنْ فعلتا ما أوصى به؛ فلا ملامَ عليهما؛ إذ استحقّتا اسم السلام من اللوم، ويدلّ على إرادة هذا المعنى قوله بعد ذلك: (ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر) أي بَلغ العذر الذي لا يلام بعده.
والاسم هنا يراد به ما تضمّنه من الوصف، كما تقول لمن سرق شيئاً من حرزه: يقع عليك اسم السارق، أي تستحقّ هذا الوصف، وبه فُسِّر قول الله تعالى: {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} أي أنه موصوف بأحمد الأوصاف في جميع شؤونه؛ ففي كلّ شأن هديه أحسنُ الهدي، واسمه في ذلك الشأن أحمدُ الأسماء وأحسنها.
قال الأعشى:
وإن امرؤٌ أسدى إليكَ أمانة فأوفِ بها إنْ متَّ سُمّيتَ وافيا


المسألة السابعة: معنى اسم (الله) جلَّ جلاله
اسم (الله) هو الاسم الجامع للأسماء الحسنى، وهو أخصّ أسماء الله تعالى؛ وأعرف المعارف على الإطلاق.
قال ابن القيّم رحمه الله: ( هذا الاسم هو الجامع، ولهذا تضاف الأَسماءُ الحسنى كلها إليه فيقال: الرحمن الرحيم العزيز الغفار القهار من أَسماء الله، ولا يقال: الله من أَسماءِ الرحمن، قال الله تعالى: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}).
وقال أبو سليمان الخطابي: (وهو اسم ممنوع، لم يتسم به أحد، قد قبض الله عنه الألسن؛ فلم يُدْعَ به شيء سواه)ا.هـ.
ومعنى اسم (الله) يشتمل على معنيين عظيمين متلازمين:
المعنى الأول: هو الإله الجامع لجميع صفات الكمال والجلال والجمال؛ فهذا الاسم يدلّ باللزوم على سائر الأسماء الحسنى؛ فهو الخالق البارئ المصوّر، وهو الملك الغنيّ الرازق، وهو القويّ القدير القاهر، وهو العليم الحكيم، والسميع البصير، واللطيف الخبير، والرحمن الرحيم، وهو المجيد الجامع لصفات المجد والعظمة والكبرياء، وهو الواحد القهار والعزيز الجبار، والعظيم الذي له جميع معاني العظمة؛ عظيم في ذاته، عظيم في مجده، عظيم في قوته وبطشه، عظيم في كرمه وإحسانه ورحمته، عظيم في حلمه ومغفرته.
وهكذا سائر الأسماء الحسنى والصفات العلى.
قال ابن القيّم رحمه لله: (اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى والصفات العلى)ا.هـ.
ودلالة هذا الاسم على سائر الأسماء الحسنى بالتضمّن واللزوم دلالة ظاهرة؛ فإنّ هذا الاسم يتضمّن كمال الألوهية لله تعالى وهو معنى جامع لكلّ ما يُؤلَّه الله تعالى لأجله، وما يدلّ على ذلك من أسمائه وصفاته.
ويستلزم كمال ربوبيّة الله تعالى، وما يدلّ على ذلك من أسمائه وصفاته.
ويستلزم كمال ملكه وتدبيره، وما يدلّ على ذلك من الأسماء والصفات.

والمعنى الثاني: هو المألوه أي المعبود الذي لا يستحق العبادة أحد سواه، كما قال تعالى: {وهو الله في السموات وفي الأرض} أي: المعبود في السماوات والمعبود في الأرض.
والعبادة لا تسمى عبادة حتى تجتمع فيها ثلاثة أمور:
الأمر الأول: المحبة العظيمة، فالعبادة هي أعظم درجات المحبة، ولذلك لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل، ومن صرفها لغير الله فقد أشرك كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)
قال الشاعر يصف شدة حبه لمحبوبته:
لا تدعــــــــــــــني إلا بـــ(يا عــــبـدهــــــــــــــــــــا)..... فإنه مــــــــــــن أشـــــــــــــــــرف أسمــــــــــــــــــــــــائـي
وقال إبراهيم الصولي:
وهــــــان علي اللوم في جنــــب حبهــــا .... وقــــــــــــول الأعــــــــــــــــــادي إنـه لخـلــــــــــيـع
أصـــــــــمُّ إذا نوديــــــــــت باســــمــي وإنني ... إذا قيــــــل لي يا عبدهــــــــــــــا لسميــــــــــــــع

نعوذ بالله من الخذلان.
وهذه المرتبة من المحبة لا يستحقها أحد غير الله عز وجل.
وإذا عظمت محبة الله في قلب العبد قادته إلى الاستقامة على طاعة الله عز وجل، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فهو يطيعه محبة له ورغبة ورهبة.
الأمر الثاني: التعظيم والإجلال، فإن العابد معظِّمٌ لمعبوده أشد التعظيم، ومُجِلٌّ له غايةَ الإجلالِ.
الأمر الثالث: الذل والخضوع والانقياد، يقال طريق معبَّد أي مذلَّل، فالعابد منقاد لمعبوده خاضع له.
وهذا الذل والخضوع والانقياد لا يجوز صرفه لغير الله عز وجل، وذل العبد لله عز وجل وانقياده لطاعته هو عين سعادته، وسبيل عزته ورفعته.
ومن ذل لله رفعه الله وأعزه، ومن استكبر واستنكف أذله الله وأخزاه، وسلط عليه من يسومه سوء العذاب، ويذله ويهينه، ولذلك فإن أعظم الخلق خشية لله وانقياداً لأوامره الأنبياء والملائكة والعلماء والصالحون، وهم أعظم الخلق عزة رفعة وعلواً وسعادة، وأعظم الخلق استكباراً واستنكافاً مردة الشياطين، والطغاة والظلمة، وهم أعظم الخلق ذلاً ومهانة.
وهذه الأمور الثلاثة (المحبة والتعظيم والانقياد) هي معاني العبادة ولوازمها التي يجب إخلاصها لله عز وجل، فمن جمع هذه المعاني وأخلصها لله فهو من أهل التوحيد والإخلاص.

المسألة الثامنة: معنى (الرحمن)
(الرحمن) ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء، وبناء هذا الاسم على وَزن "فَعْلان" يدلّ على معنى السعة وبلوغ الغاية، وهو اسم مختصّ بالله تعالى، لا يُسمَّى به غيره.
قال أبو إسحاق الزجاج: (ولا يجوز أن يقال " الرحمن " إلّا للّه، وإنما كان ذلك لأن بناء (فعلان) من أبنية ما يبالغ في وصفه، ألا ترى أنك إذا قلت (غضبان)، فمعناه: الممتلئ غضباً، فـ"رحمن" الّذي وسعت رحمته كل شىء، فلا يجوز أن يقال لغير الله: "رحمن")ا.هـ.


المسألة التاسعة: معنى (الرحيم)
(الرحيم) فعيل بمعنى فاعل، أي: راحم، ووزن فعيل من أوزان المبالغة؛ والمبالغة تكون لمعنى العظمة ومعنى الكثرة.
والله تعالى هو الرحيم بالمعنيين؛ فهو عظيم الرحمة، وكثير الرحمة.
والرحمة نوعان: رحمة عامة ورحمة خاصة:
- فجميع ما في الكون من خير فهو من آثار رحمة الله العامة حتى إن البهيمة لترفع رجلها لصغيرها يرضعها من رحمة الله عز وجل كما جاء ذلك في الحديث.
- وأما الرحمة الخاصة فهي ما يرحم الله به عباده المؤمنين مما يختصهم به من الهداية للحق واستجابة دعائهم وكشف كروبهم وإعانتهم وإعاذتهم وإغاثتهم ونصرهم على أعدائهم ونحو ذلك كلها من آثار الرحمة الخاصة.


المسألة العاشرة: الحكمة من اقتران اسمي "الرحمن" و"الرحيم".
اختلف العلماء في سبب اقتران هذين الاسمين، وكثرة تكررهما مقترنين، على أقوال أحسنها وأجمعها:
قول ابن القيم رحمه الله تعالى: ( (الرحمن) دالٌّ على الصفة القائمة به سبحانه، و(الرحيم) دال على تعلقها بالمرحوم؛ فكان الأول للوصف والثاني للفعل.
فالأول دال على أن الرحمة صفته.
والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته.
وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} ، {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ولم يجئ قط رحمن بهم، فعلم أن "رحمن" هو الموصوف بالرحمة، و"رحيم" هو الراحم برحمته)ا.هـ.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: (الرّحمن} مجازه: ذو الرحمة، و{الرّحيم} مجازه : الراحم)ا.هـ.

ومما يدلّ لذلك أن صيغة "فعلان" في اللغة تدل على قيام الصفة بالموصوف وسَعَتها كما تقول: شبعان وريَّان وغضبان للممتلئ شبعاً وريَّا وغضباً؛ فهو وصف لما قام بذات الموصوف من بلوغ الغاية في هذه الصفة.
وصيغة فعيل: تدلّ على الفعل كالحكيم بمعنى الحاكم، والسميع بمعنى السامع، والبصير بمعنى المبصر، فالرحمن وصف ذات، والرحيم وصف فعل.
وقيل في هذه المسألة أقوال أخرى فيها نظر.
منها: أن الرحمن ذو الرحمة العامّة للخلق كلّهم ، والرحيم ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين، واستدلّوا بقوله تعالى: {وكان بالمؤمنين رحيماً}، وهذا الاستدلال فيه نظر، وبناء الاسمين لا يساعد على هذا التأويل، ويردّ هذا التأويل قول الله تعالى ممتنّا على جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) }.
ومنها: أن المراد الإنباء عن رحمة عاجلة ورحمة آجله.
ومنها: أن المراد المشاكلة لأجل التأكيد، وهذا القول وإن كان فيه صواب من جهة أن جَمْع الاسمين فيه دلالة على تأكيد صفة الرحمة؛ إلا أنّ قصر التأويل عليه لا يصحّ.

التنبيه على ضعف بعض المرويات في فضل البسملة
ورد في فضل البسملة خاصة أحاديث وآثار عامّتها لا تصحّ، ومن ذلك:
1. ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم في المستدرك من طريق زيد بن المبارك الصنعاني قال: حدثنا سلام بن وهب الجندي، حدثنا أبي عن طاووس، عن ابن عباس أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال: ((هو اسم من أسماء الله، وما بينه وبين اسم الله إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب))
ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من طريق سلام بن وهب عن ابن طاووس عن أبيه.
وسلام بن وهب منكر الحديث.
قال العقيلي: (خبر موضوع لا يُعرف).
وقال الذهبي: (خبر منكر بل كذب).
2. وما رواه ابن جرير من طريق زبريق عن إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مُليكة، عمن حدثه، عن ابن مسعود، ومِسْعَرِ بن كِدَام، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عيسى ابن مريم أسلمته أمُّه إلى الكتَّاب ليعلِّمه، فقال له المعلم: اكتب "بسم" فقال له عيسى: وما "بسم"؟
فقال له المعلم: ما أدري !
فقال عيسى: الباء بهاءُ الله، والسين: سناؤه، والميم: مملكته)).
ورواه ابن مردوية بسياق مقارب كما في تفسير ابن كثير.
قال ابن كثير: ( وهذا غريب جدا، وقد يكون صحيحا إلى من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات).
قلت: صدق رحمه الله فيما ذهب إليه؛ فهذا الأثر رواه ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك، وروى نحوه ابن المنذر عن سعيد بن جبير، وسعيد بن جبير كان ممن يروي الإسرائيليات، وقد أخذ بعض الإسرائيليات عن نوف بن فضالة البكالي ، وقد لا يقع في الرواية عنه في بعض كتب التفسير تصريح بذلك، وإنما تعرف هذه العلّة بجمع الطرق والشواهد، فربما حُمل عنه هذا الأثر على غير وجهه مع ما فيه من النكارة.
وأما رواية عطية عن أبي سعيد؛ فالأظهر أنّ المراد بأبي سعيد محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك الحديث، وكان مما أُخذ على عطية العوفي تدليسه في الرواية عن الكلبي بتكنيته بأبي سعيد؛ فربّما ظُنّ أنّ المراد به أبو سعيد الخدري.

والمقصود أنّ رفع هذا الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم باطل لا يصحّ، وهو من الإسرائيليات المنكرة.



3. وما رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن خالد، عن سليمان بن بريدة، وفي رواية عن عبد الكريم أبي أمية، عن ابن بريدة، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أنزلت علي آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن داود وغيري، وهي بسم الله الرحمن الرحيم)).
ذكره ابن كثير في تفسيره.



4. وما رواه ابن مردويه والثعلبي من طريق عمر بن ذر، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله، قال: لما نزل {بسم الله الرحمن الرحيم} هرب الغيم إلى المشرق، وسكنت الرياح، وهاج البحر، وأصغت البهائم بآذانها، ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله تعالى بعزته وجلاله ألا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه).

5. وما رواه الثعلبي من طريق وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: (من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ليجعل الله له من كل حرف منها جنة من كل واحد).
الأعمش مدلس وقد عنعن، والمتن فيه نكارة.
قال ابن عطية: (وهي نظير قولهم في ليلة القدر: «إنها ليلة سبع وعشرين» مراعاة للفظة "هي" في كلمات سورة {إِنَّا أَنْزَلْناهُ} ونظير قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل: «ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه» فإنها بضعة وثلاثون حرفا، قالوا: فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول»)ا.هـ.


الجهر والإسرار بالبسملة في الصلاة
مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة من المسائل التي اشتهر فيها الخلاف بين الفقهاء واتّسع، وكثرت فيها الآثار والأقوال، وصًنّفت فيها مصنفات، وأطال كثير من الفقهاء والمفسّرين وشرّاح الأحاديث بحثها.
وسأذكر فيها خلاصة موجزة تكفي اللبيب عما وراءها إن شاء الله تعالى.
- قال الأوزاعي: كتب إليَّ قتادة حدثني أنس بن مالك قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة بـ { الحمد لله رب العالمين } لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول القراءة ولا في آخرها). رواه الإمام أحمد ومسلم، وروى البخاري في صحيحه عن شعبة عن قتادة عن أنس نحوه.
- وقال قيس بن عباية: حدثني ابن عبد الله بن مغفل ، عن أبيه ، قال: ولم أر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أشدّ عليه حدثٌ في الإسلام منه، قال : سمعني أبي وأنا أقرأ : {بسم الله الرحمن الرحيم} قال : يا بني ، إياك والحدث ، فإني قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقول ذلك ، إذا قرأت فقل : {الحمد لله رب العالمين}). رواه ابن أبي شيبة وأحمد.
- وروى بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ { الحمد لله رب العالمين } ). رواه مسلم، وروى ابن أبي شيبة نحوه عن ابن مسعود.
- وروى ابن أبي شيبة من طريق سعيد بن المرزبان ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود؛ أنه كان يخفي {بسم الله الرحمن الرحيم} والاستعاذة، وربنا لك الحمد.
- وروي عدم الجهر بالبسملة عن عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وعمار بن ياسر وغيرهم.

ورُوي الجهر بالبسملة عن أبي هريرة وابن عباس وابن الزبير وجماعة من التابعين، وهو محمول على التعليم أو التنصيص على أن البسملة من الفاتحة.
- قال ابن عباس: (الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قراءة الأعراب). رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس.
- وقال نعيم المجمر: صليت وراء أبي هريرة فقرأ : {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ : {ولا الضالين} قال: "آمين" ويقول كلما سجد، وإذا قام من الجلوس: "الله أكبر". ثم يقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم من طريق سعيد بن أبي هلال عن نعيم به، وسعيد قال فيه الإمام أحمد: (يخلط في الأحاديث).
ولذلك ضعف هذا الحديثَ بعضُ أهل العلم.
وقد روى الإمام مسلم في صحيحه من طريق عمارة بن القعقاع قال: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت أبا هريرة يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بـ{ الحمد لله رب العالمين } ولم يسكت).

وعلى القول بتصحيح حديث نعيم المجمر عن أبي هريرة؛ فهو محمول على أنّ أبا هريرة صلى بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالغ في البيان حتى جهر بالبسملة ليعلمهم أنّها مما يقرأ في الفاتحة لا أنّها مما يُجهر به.
ويحتمل أنّ أبا هريرة رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالبسملة في صلوات لم يشهدها أنس، ويكون هذا الاختلاف من باب اختلاف التنوّع كما صحّ تنوّع صفات صلاة الخوف وأدعية التشهّد والاستفتاح وصيغ الأذان والإقامة وكما صحّت القراءات المرويّة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلها جائز كاف شافٍ.

وليس بين هذه الأحاديث تعارض بحمد الله، وأحاديث عدم الجهر بالبسملة ليس فيها نفي قراءتها، وقد ثبت من حديث أمّ سلمة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة في أوّل الفاتحة، وصحّ عن علي بن أبي طالب وابن عباس عدّ البسملة آية من الفاتحة.
وسواء أقلنا إنها آية من الفاتحة أم لا؛ فإنّ الإجماع قد انعقد على كتابتها في المصحف في أوّل الفاتحة وفي أوّل كلّ سورة من القرآن عدا سورة براءة، فلو قرأها القارئ تبرّكاً كما يقرأها في أوّل كلّ سورة لكان متّبعاً للسنّة، ولو لم يقرأها على أنّها آية من الفاتحة.
ومن ترك قراءتها اتباعاً لقراءة من لا يعدّها آية من الفاتحة فصلاته صحيحة.

ومما ينبغي التنبّه له أن مسألة الإسرار بالبسملة والجهر بها منفكّة عن مسألة عدّها آية من الفاتحة، ومسائل القراءات وعدّ الآي مبناها على النقل الصحيح، ولا يرجّح بينها كما يرجّح بين الأقوال الفقهية، فما صحّت القراءة به وصحّ عدّه يُحكم بصحّته، وإن صحّت قراءتان وصحّ عددان يعتقد صحتهما جميعاً.
ولذلك فإنّ من الخطأ ما يسلكه بعض فقهاء المذاهب وبعض المفسّرين من الطعن في بعض القراءات ومذاهب العدّ مما صحّ عن القرّاء المعتبرين بالأسانيد المتواترة.
والأئمة الكبار لا يقع منهم الطعن في القراءات الصحيحة الثابتة؛ كما تقدّم النقل في ذلك عن شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن الجزري، ومن رُوي عنه شيء من إنكار بعض القراءات من الأئمة المتقدّمين فإنما هو محمول على أنّ تلك القراءة لم تبلغه، كما أخذ الإمام مالك عن قرّاء المدينة وهم لا يعدّون البسملة آية من الفاتحة، ولذلك روي عنه إنكار أن تكون البسملة آية من الفاتحة.

قال النووي في المجموع: (واعلم أن مسألة الجهر ليست مبنية على مسألة إثبات البسملة لأن جماعة ممن يرى الإسرار بها لا يعتقدونه قرآناً، بل يرونها من سنته كالتعوذ والتأمين، وجماعة ممن يرى الإسرار بها يعتقدونها قرآنا، وإنما أسروا بها وجهر أولئك لما ترجح عند كل فريق من الأخبار والآثار)ا.هـ.

وقد اختلف الفقهاء في الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية على أربعة أقوال:
القول الأول: يقرأ بها سراً ولا يجهر بها، وهو قول سفيان الثوري والحكم بن عتيبة وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل ورواية عن الأوزاعي.
وعن أحمد يستحب الجهر بالبسملة أحياناً، وهو مروي عن عمر وابن عباس.
والقول الثاني: لا يقرأ بها سراً ولا جهراً ، وهو قول مالك وإحدى الروايتين عن الأوزاعي.
وعن مالك أنه إن شاء قرأ بها في قيام الليل أما في الفرض فلا.
والقول الثالث: يستحب له أن يجهر بها، وهو قول الشافعي.
والقول الرابع: إن شاء جهر وإن شاء أسرّ، وهو قول إسحاق بن راهويه ورواية عن الحكم بن عتيبة.

وأمّا الجهر بالبسملة في غير الصلاة فهي تابعة للقراءة إن جهر بالقراءة جهر بالبسملة، وإن أسرّ بالقراءة أسرّ بالبسملة.


المؤلفات المفردة في البسملة:

وقد أفرد جماعة من العلماء من المحدّثين والفقهاء واللغويين كتباً مفردة في البسملة لكثرة مسائلها وسعة دلائلها والحاجة إلى بيان ما يتعلق بها من أحكام.
ومن هذه الكتب:
1: الإبانة والتفهيم عن معنى "بسم الله الرحمن الرحيم"، لأبي إسحاق الزجاج(ت:311هـ)، وهو مطبوع، وأكثره مسائل لغوية، وفي بعضها نظر.
2: كتاب البسملة، لأبي الحسن علي بن الفضل المزني النحوي ، لم أقف على تاريخ وفاته لكنه كان معاصراً لابن جرير الطبري، وقد طُبع له كتاب الحروف.
قال الذهبي: (صنف في علم بسم الله الرحمن الرحيم كتاباً سماه: البسملة، يقع في ثلاثمائة ورقة).
3: الجهر بالبسملة للخطيب البغدادي(ت:463هـ)، وهو مفقود، لكن طبع مختصره للذهبي.
4: الإنصاف فيما بين علماء المسلمين في قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في فاتحة الكتاب من الاختلاف"، لأبي عمر يوسف بن عبد الله ابن عبد البر النمري (ت: 463هـ).
5: كتاب البسملة، لأبي شامة المقدسي(ت:665هـ)
6: رياض الطالبين في شرح الاستعاذة والبسملة، لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)، وهو أوّل مؤلفاته.
7: الأسئلة في البسملة، لبرهان الدين إبراهيم بن محمد القباقبي(ت:850هـ تقريباً )
8: الجهر بالبسملة لجلال الدين المحلي(ت:864هـ).
9: شرح البسملة والحمدلة، لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري(ت:926هـ)، وهي مطبوعة، وقد شرحها ابن عبد الحقّ السنباطي.
10: الرسالة الكبرى في البسملة، للشيخ محمد بن علي الصبان(ت:1206هـ)، ورسالته مطبوعة.
11: الرسالة المكمّلة في أدلة البسملة، لعالم اليمن محمد بن علي الشوكاني(ت:1250هـ)
وغيرها كثير، وأنبّه إلى أنه قد كتب في البسملة وخواصّها بعض أهل الأهواء من غلاة المتصوفة وغيرهم كتباً مفردة حشوها بأباطيلهم.

تمّ هذا الدرس، فما كان فيه من صواب فهو من الله تعالى هو المانّ به والموفّق إليه، والمعين عليه،
وما كان فيه من خطأ فهو من نفسي ومن الشيطان، وأستغفر الله وأتوب إليه.

والله تعالى أعلم بمراده، وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.



  #2  
قديم 11 ذو القعدة 1437هـ/14-08-2016م, 10:44 PM
زينب الحطامي زينب الحطامي غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 24
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا

  #3  
قديم 12 ذو القعدة 1437هـ/15-08-2016م, 12:13 AM
نجود عمر الكثيري نجود عمر الكثيري غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 28
افتراضي

جزاكم الله كل خير نفع الله بكم 💙

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البسملة, تفسير

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir