. . .
والحديث الثاني، حديث فاطمة بنت قيس، وهي قرشية فهرية، تقول: إن زوجها أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو في اليمن، طلقها، الطلقة الأخيرة، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته واشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ليس لك عليه نفقة ولا سكنى)) فدل ذلك على أن المرأة إذا طلقت الطلقة الأخيرة الثالثة البائنة، لا يكون لها سكن ولا نفقة على زوجها، وإنما النفقة والسكنى إذا كانت رجعيةً.
وفيه من الفوائد أنه لا مانع من الجلوس عند الأعمى غير متحجبة؛ لأنه قال: ((اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك))أي فلا يراك، فدل ذلك أنه لا حجاب عن الأعمى، وإنما الحجاب عن البصير، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ((إنما الاستئذان من أجل النظر)).
أما حديث (أفعمياوان أنتما) في قصة ابن أم مكتوم فهو حديث شاذ غير صحيح مخالف للأدلة الشرعية, والصواب أن الحجاب إنما يجب عن البصير لا عن الأعمى، كما في حديث فاطمة بنت قيس، هذا, وهو من أصح الأحاديث، وفق الله الجميع، وصلى الله وسلم عل نبينا محمد.