دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 شعبان 1441هـ/6-04-2020م, 03:17 PM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)}
القراءات في الآية:
-القراءة المشهورة نصليهم بضم النون من أصليت، وقرأ حميد «نصليهم» بفتح النون من صليت، وقرأ سلام ويعقوب «نصليهم» بضم الهاء. ذكره ابن عطية.
معنى "نصليهم":
معنى التصلية يحتمل -كما ذكر ابن عطية- التقريب من النار والإلقاء فيها والشوي:
-فمن قرأها بضم النون من "أصليت", كان بمعنى التقريب والإلقاء.
-ومن قرأها بفتح النون كان بمعنى شويت.
مع التنبيه على أن الزجاج ذكر أنها بمعنى الشوي دون أن يفصل في أثر القراءات على المعنى, وابن كثير ذكر أن معنى التصلية يدل على شمول العذاب وإحاطته بصاحبه.
في قوله "بدلناهم جلودا غيرها" عدة مسائل واستشكالات طرحت في ثنايا التفسير, فمسألة تبديل الجلود تعرض السلف لها من عدة زوايا:
من حيث عدد مرات التبديل:
-فذكر أنها تبدل عليهم في اليوم سبعين ألف مرة, قاله الحسن بن أبي الحسن. وذكره ابن عطية وابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتمٍ من طريق هشام، عنه.
-وذكر أنه يجعل للكافر مائة جلدٍ، بين كلّ جلدين لونٌ من العذاب. قاله يحيى بن يزيد الحضرمي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتمٍ عن زكريّا بن داود بن بكرٍ أبو يحيى الخفّاف النّيسابوريّ، عن يحيى بن يحيى، أنبأ عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمر بن خالدٍ المعافريّ، عنه.
- وذكر: أنها تبدّل في ساعةٍ مائة مرّةٍ. قاله معاذ بن جبل, وذكر عمر سماعه عن النبي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتم وابن مردويه -من وجه آخر بلفظ آخر- من طريق نافعٌ، مولى يوسف السّلميّ البصريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر.
-وذكر: أنها تبدل في ساعة مئة وعشرين مرة. ذكره كعب, وأكد عمر على سماعه عن النبي, ورواه ابن مردويه من الطريق المذكور آنفا. وذكره ابن كثير.
ومنهم من تعرض لوصف الجلد البديل, فمنهم من:
-وصفه بأنه أبيض كالقراطيس, كابن عمر. ذكره ابن عطية وابن كثير, ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن ثوير عن ابن عمر.
-ومنهم من ذكر أنه سرابيل القطران, سميت جلودا للزومها فصارت كالجلود. حكاه الطبري وذكره ابن عطية وابن كثير, وضعفه, لأنه خلاف الظاهر.
ومنهم من تعرض لمسألة: هل الجلد المستبدل جلد جديد, أم أنه نفس جلد المعذب يتجدد؟
-القول الأول: تبدل عليهم جلود غيرها. ذكره الزجاج وابن عطية.
وقد يرد استشكال على هذا القول: كيف يبدل الله جلد العاصي بجلد آخر غير عاصي فيعذبه؟
-وجوابه: أن نفوسهم هي المعذبة والجلود لا تألم في ذاتها، فإنها تبدل ليذوقوا تجديد العذاب. ذكره الزجاج وابن عطية.
-والقول الثاني: «تبديل الجلود» هو إعادة ذلك الجلد بعينه الذي كان في الدنيا، تأكله النار ويعيده الله دأبا لتجدد العذاب، وإنما سماه «تبديلا»، لأن أوصافه تتغير ثم يعاد، كما تقول: بدل من خاتمي هذا خاتما وهي فضته بعينها، وكما أنشأ الله الجلد بعد البعث, فالبدل إنما وقع في تغيير الصفات. ذكره الزجاج وابن عطية.
ومنهم من استشهد بصحة هذا المعنى, فقد قال الرّبيع بن أنسٍ: مكتوبٌ في الكتاب الأوّل أنّ جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وسنّه تسعون ذراعًا، وبطنه لو وضع فيه جبلٌ لوسعه، فإذا أكلت النّار جلودهم بدّلوا جلودًا غيرها. ذكره ابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عنه.
مسألة: ما هو مدلول "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب":
-تفيد الآية الإخبار عن دوام عقوبتهم ونكالهم. ذكره ابن كثير.
معنى "ليذوقوا العذاب":
-أي: ليبلغ في ألمهم. ذكره الزجاج.
معنى الـ"عزيز":
-البالغ إرادته، الذي لا يغلبه شي. ذكره الزجاج وابن عطية.
متعلق الحكمة:
-تدبيره سبحانه. ذكره الزجاج.
مناسبة ختم الآية بصفتي العزة والحكمة:
- لأن ّ الملحدين ربما سألوا عن العذاب كيف وقع؟ فأعلم الله عزّ وجلّ أن جميع ما فعله بحكمة, وأنه عزيز لا يغلبه شيء. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}
القراءات في الآية:
-قرأ ابن وثاب والنخعي، «سيدخلهم» بالياء وكذلك «يدخلهم» بعد ذلك. ذكره ابن عطية.
مناسبة الآية لما قبلها:
-لما ذكر الله عقاب الكافرين, ناسب أن يعقب بجزاء المؤمنين ونعيمهم. ذكره ابن عطية.
ما معنى "تجري من تحتها الأنهار"؟
-أي: تجري من تحتها مياه الأنهار، لأن الجاري على الحقيقة الماء. ذكره الزجاج.
متعلق الطهر في الآية:
-من الحيض والنّفاس والأذى. والأخلاق الرّذيلة، والصّفات النّاقصة، كما قال ابن عبّاسٍ: مطهّرةٌ من الأقذار والأذى. وكذا قال عطاءٌ، والحسن، والضّحّاك، والنّخعيّ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والسّدّيّ. وذكره ابن كثير.
قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس, وذكر قوله.
ثم ذكر بعد ذلك موافقة بقية القائلين لابن عباس ولم يسند.
-وقال مجاهدٌ: مطهّرةٌ من البول والحيض والنّخام والبزاق والمنيّ والولد. رواه ابن المبارك عن ابن جريج، عنه. وذكره ابن كثير.
-وقال قتادة: مطهّرةٌ من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كلف. رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن سعيدٍ وأبان، عنه. وذكره ابن كثير.
فيكون حاصل الأقوال أنها مطهرة من الريب والأقذار التي هي معهودات في الدنيا, حسية كانت أو معنوية. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق الظل في الآية:
-يظل من الريح والحر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده تأكيد الظل بكونه "ظليلا":
-لأنه ليس كل ظل يظل. ذكره الزجاج.
-أنه ظل لا يستحيل ولا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا، فأكده بقوله ظليلًا لذلك. ذكره ابن عطية.
-ويصح أن يصفه بظليل لامتداده. قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن -وحدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا ابن جعفرٍ -قالا حدّثنا شعبة قال: سمعت أبا الضّحّاك يحدّث، عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعه". ذكره ابن عطية وابن كثير.
-أنه يفيد كونه ظلّا عميقًا كثيرًا غزيرًا طيّبًا أنيقًا. ذكره ابن كثير.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 شعبان 1441هـ/12-04-2020م, 09:11 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51)}

==سبب نزول هذه الآية:
أن قريشا قالت لكعب بن الأشرف حين ورد مكة: أنت سيدنا وسيد قومك، إنّا قوم ننحر الكوماء، ونقري الضيف، ونصل الرحم، ونسقي الحجيج، ونعبد آلهتنا الذين وجدنا آباءنا يعبدون، وهذا الصنبور المنبتر من قومه قد قطع الرحم، فمن أهدى نحن أو هو؟ فقال كعب: أنتم أهدى منه وأقوم دينا، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس: وحكى السدي: أن أبا سفيان خاطب كعبا بهذه المقالة، فالضمير في يقولون عائد على كعب على ما تقدم- أو على الجماعة من بني إسرائيل التي كانت مع كعب
ذكر هذا ابن عطية في تفسيره. وقد قيل إنه حيي بن أخطب.
والأثر المذكور قد رواه الطبري عن داود عن عكرمة عن ابن عباس ورواه من طرق أخرى عنه، ورواه ابن أبي حاتم أيضا عنه.
-وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل بن يونس عن السدي عن أبي مالك أن أهل مكة قالوا لكعب بن الأشرف
-وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان ومن قريظة حيي بن أخطب وأبو رافع سلام بن أبي الحقيق والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فقدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود فسلوهم أدينكم خيرا أم دين محمد فذكر الخبر
ومن طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أنها نزلت في كعب بن الأشرف وحيي ابن أخطب ورجلين من اليهود فذكر القصة مختصرة.

==المراد بقوله تعالى "الذين"
الآية، ظاهرها يعم اليهود والنصارى، ولكن أجمع المتأولون على أن المراد بها طائفة من اليهود، ذكره ابن عطية.
ووقع تحديدهم في بعض الأقوال فقيل المراد كعب بن الأشرف وقيل حيي بن أخطب، وقيل علماء اليهود.

==ما متعلق العلم الذي أوتوه؟
قال الزجاج أنه العلم بصدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام.

==المراد بالجبت والطاغوت
-المراد بهما هنا صنمان كانا لقريش
وذلك أن كعب بن الأشرف وجماعة معه وردوا مكة محرضين على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لهم قريش: إنكم أهل الكتاب، ومحمد صاحب كتاب، ونحن لا نأمنكم أن تكونوا معه، إلا أن تسجدوا لهذين الصنمين اللذين لنا، ففعلوا
قاله عكرمة وغيره.
وقد رواه عن عكرمة عبد الرزاق الصنعاني عن معمر عن أيوب عنه. ورواه سعيد بن منصور في سننه عن سفيان عن عمرو بن دينا عنه.
-وقيل المراد بهما هنا حيي ابن أخطب وكعب بن الأشرف.
قاله ابن عباس، والضحاك.
رواه الطبري عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عنه.
وعن معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عنه.
وقول الضحاك رواه الطبري عن المثني عن إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الأصنام، والطّاغوت: القوم الداعون لعبادة الأصنام.
روي هذا القول عن ابن عباس أيضا.
رواه الطبري عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عنه.
-وقيل المراد بالجبت السحر، والطّاغوت: الشيطان.
روي هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقاله مجاهد والشعبي.
روى قول عمر سعيد بن منصور في سننه عن سعيدٌ، قال: نا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن حسّان العبسي عنه.
وذكره البخاري عنه معلقا.
ورواه الطبري عن شعبة، عن أبي إسحاق عن حسّان بن فائدٍ، عنه.
قول مجاهد رواه الطبري عن هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الملك، عمّن حدّثه، عن مجاهدٍ، عنه.
وقول الشعبي رواه الطبري عن يعقوب، قال: أخبرنا هشيمٌ، قال: أخبرنا زكريّا، عنه.
- وقيل المراد بالجبت الساحر، والطّاغوت: الشيطان.
قاله زيد بن أسلم. ذكره ابن عطية
والذي وجدته مرويا هو عن ابن زيد وقد رواه الطبري عن يونس عن ابن وهب عنه.
- وقيل المراد بالجبت: الساحر، والطّاغوت: الكاهن
قاله سعيد بن جبير ورفيع وأبي العالية.
رواه الطبري عن ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ عنه.
رواه الطبري عن ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهاب، قال: حدّثنا داود، عنه.
رواه الطبري عن عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن داود عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الشيطان، والطاغوت: الكاهن،
قاله قتادة.
وهذا رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره عن معمر عنه.
ورواه الطبري عن بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن حدّثنا سعيدٌ عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الكاهن، والطاغوت: الشيطان.
قاله سعيد بن جبير.
ورواه الطبري عن ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الكاهن، والطّاغوت: الساحر،
قاله ابن سيرين. ذكره ابن عطية ولم أجد من رواه
ووجدت هذا القول مروي عند الطبري عن ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن مسعدة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّدٍ فذكره.
-وقيل المراد بالجبت: السحر، والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان.
قاله مجاهد.
ورواه الطبري عن أبي عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه. وذكره عنه ابن عطية وابن كثير.
=مناقشة الأقوال:
*الذي يظهر من هذه الأقوال أن الجبت والطاغوت يراد بهما كل ما عبد وأطيع من دون الله تعالى وهذا ما رجحه ابن عطية ونسبه لمالك لأنه عرف الطاغوت بأنه كل ما عبد من دون الله تعالى. وقال إن البعض ذهب إلى أن الجبت هي من لغة الحبشة ومعناها الثقيل الذي لا خير فيه، والطاغوت فهو من طغى.
*وأما ذكر بعض الأشخاص فإن العبرة ليست بخصوص السبب وإنما بعموم اللفظ.
*وهذا الذي ذهب إليه الزجاج فقال: (قال أهل اللغة: كل معبود من دون اللّه فهو جبت وطاغوت. وقيل: الجبت والطاغوت الكهنة والشياطين.)
*ثم بين أن القول بالتخصيص غير خارج عما ذكرنا فقال:
(وقيل في بعض التفسير: الجبت والطاغوت ههنا، حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف اليهوديان وهذا غير خارج عما قال أهل اللغة، لأنه إذا اتبعوا أمرهما فقد أطاعوهما من دون اللّه - عزّ وجلّ.)
*واختار الطّبريّ أنّ المراد بالجبت والطّاغوت جنس من كان يعبد من دون اللّه سواءٌ كان صنمًا أو شيطانًا جنّيًّا أو آدميًّا فيدخل فيه السّاحر والكاهن فقال:
(والصّواب من القول في تأويل: {يؤمنون بالجبت والطّاغوت} أن يقال: يصدّقون بمعبودين من دون اللّه يعبدونهما من دون اللّه، ويتّخذونهما إلهين. وذلك أنّ الجبت والطّاغوت اسمان لكلّ معظّمٍ بعبادةٍ من دون اللّه، أو طاعةٍ أو خضوعٍ له، كائنًا ما كان ذلك المعظّم من حجرٍ أو إنسانٍ أو شيطانٍ.
وإذ كان ذلك كذلك وكانت الأصنام الّتي كانت الجاهليّة تعبدها كانت معظّمةً بالعبادة من دون اللّه فقد كانت جبوتًا وطواغيت، وكذلك الشّياطين الّتي كانت الكفّار تطيعها في معصية اللّه، وكذلك السّاحر والكاهن اللّذان كان مقبولاً منهما ما قالا في أهل الشّرك باللّه، وكذلك حييّ بن أخطب، وكعب بن الأشرف، لأنّهما كانا مطاعين في أهل ملّتهما من اليهود في معصية اللّه والكفر به وبرسوله، فكانا جبتين وطاغوتين.)

== المراد بــ «الذين كفروا» في هذه الآية:
المراد بهم قريش.

==المراد بالإشارة ب "هؤلاء"
المراد بهم اليهود.

==معنى "أهدى"
يعني أقوم وأعدل.

==المراد بالذين آمنوا:
المراد بهم النبي عليه السلام ومن معه.

==الذي تدل عليه هذه الآية.
هذه الآية فيها برهان واضح ودليل دامغ على معاندة اليهود لأنهم زعموا إن الذين لم يصدقوا بشيء من الكتب وعبادة الأصنام، أهدى طريقا من الذين يجامعونهم على كثير مما يصدقون به، وهذا عناد بين.

=================================================================================================

تفسير قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}

==سبب نزول هذه الآية
نزلت هذه الآية مع سابقتها لنفس المناسبة، وتقدم تخريج أثر ابن عباس عند الطبري وفيه " فلمّا قدموا على قريشٍ قالوا هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الأول فسلوهم: أدينكم خيرٌ أم دين محمّدٍ؟ فسألوهم، فقالوا: بل دينكم خيرٌ من دينه، وأنتم أهدى منه وممّن اتّبعه. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من [الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلا. أولئك الّذين لعنهم اللّه ومن يلعن اللّه فلن تجد له نصيرًا]} إلى قوله عزّ وجلّ: {وآتيناهم ملكًا عظيمًا}.
وكان سبب قدومهم هو استمالة قريش ليحاربوا معهم.

== المراد "أولئك"
قيل فيه قولين:
أحدهما: أنهم كانوا جماعة وذلك مستقيم لفظا ومعنى،
والآخر: أن المراد كعب أو حيي، فعبر عنه بلفظ الجمع، لأنه كان متبوعا، وكان قوله مقترنا بقول جماعة.

==معنى اللعنة
في اللغة المباعدة
والمعنى أي باعدهم الله من رحمته ومن وقع له ذلك فهو مخذول.

==ما نتيجة عناد اليهود وكتمانهم الحق؟
كان نتيجة ذلك أنهم أصحبوا أبين الطوائف خذلانا فإنهم غلبوا من بين جميع سائر أهل الأديان.

==============================================================================================

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)}
==القراءات الواردة في الآية
ذكر ابن عطية في تفسيره أن "يؤتون"
قرأها ابن مسعود «فإذا لا يؤتوا» بغير نون على إعمال «إذا»،
ثم قال (والمصحف على إلغائها، والوجهان جائزان، وإن كانت صدرا من أجل دخول الفاء عليها).

==معنى الاستفهام في قوله: {أم لهم نصيب من الملك}
قيل في معناه قولين:
-الأول أنه استفهام، والغرض منها الإنكار.
والمعنى: بل ألهم نصيب من الملك. وهذا بجعل "أم" غير معطوفة على استفهام متقدم، وهي مضمنة معنى الإضراب والاستفهام، فالكلام مقطوع عما قبله وهو استفهام، وهذا هو مذهب سيبويه
وقد حكي عن بعض النحويين، أن أم يستفهم بها ابتداء دون تقدم استفهام، حكاه ابن قتيبة في المشكل، وهذا غير مشهور للعرب.
-والثاني: أنه بمعنى بل
والمعنى أن لهم ملك، ومعنى الآية عند من قال به: بل هم ملوك أهل دنيا وعتو وتنعم، لا يبغون غيره، فهم بخلاء به، حريصون على أن لا يكون ظهور لسواهم.
-وقد ذكر ابن عطية القولين ثم قال (والمعنى على الأرجح الذي هو مذهب سيبويه والحذاق، أنه استفهام على معنى الإنكار، أي ألهم ملك؟ فإذا لو كان لبخلوا).

==معنى }فإذا لا يؤتون النّاس نقيرا}
قال بعضهم: إنما معناه أنهم لو أعطوا الملك، ما أعطوا الناس نقيرا، -على القول الذي رجحه ابن عيطة في المراد بـ"أم"، وذكر النقير ههنا تمثيل.
وهو الذي ذكره ابن كثير وذكر أنه كقوله تعالى : {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق} [الإسراء:100]
أي: خوف أن يذهب ما بأيديكم، مع أنّه لا يتصوّر نفاده، وإنّما هو من بخلكم وشحّكم؛ ولهذا قال: {وكان الإنسان قتورًا} [الإسراء:100] أي: بخيلًا

==معنى النقير
ورد في تفسيره أقوال منها:
-أنه النكتة التي في ظهر النواة من التمرة، ومن هنالك تنبت، وهو قول الجمهور، ذكره ابن عطية
وقد روي هذا القول عن جماعة منهم ابن عباس وقتادة والسدي
فأما قول ابن عباس فقد رواه الطبري عنه من طرق منها ما رواه عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عنه.
وأما قول قتادة فرواه الطبري أيضا عن الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عنه.
وأما قول قتادة فرواه الطبري أيضا عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عنه.
-وقيل أنه النقطة في بطن النواة
وقد رواه سعيد ابن منصور في سننه عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس، قال: النّقير: النّقرة الّتي تكون في شقّ النّواة، والقطمير: القشر الّذي يكون على النّواة) وقد جعل الطبري قول ابن عباس دليلا على القول الأول ولم يستدل به لهذا القول .
ورواه الطبري عن جماعة منهم مجاهد والضحاك
فأما قول مجاهد فرواه عن المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه. ورواه عنه من طرق أخرى.
وأما قول الضحاك فرواه عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، عنه.
-وقيل إنه نقر الإنسان بأصبعه،
وقد روي هذا عن ابن عباس فيما ذكره ابن عطية
ورواه الطبري عن أبي العلاء عن أبي العالية عنه: النقير نقير الرجال أصبيعه كما ينقر الدرهم قال أبو العالية، ووضع ابن عبّاسٍ، طرف الإبهام على باطن السّبّابة ثمّ رفعهما وقال: هذا النّقير.
*مناقشة الأقوال
الذي يظهر من الأقوال أن القول الأول هو الأقرب في هذا الموضع
قال ابن كثير: وهو النّقطة الّتي في النّواة، في قول ابن عبّاسٍ والأكثرين.
وهو الذي نسبه ابن عطية للجمهور
*والمعنى المراد في كل هذه الأقوال هو الكناية عن الغاية في الحقارة والقلة، ولذلك كان من المناسب أن يكون المراد هو القول الأول لأنه أقلها وأحقرها ولهذا اختاره الطبري بعد ذكر الأقوال الثلاثة.

==مسألة لغوية
=فائدة: إذا في القرآن لها ثلاث أحوال أن تتقدم فيجب إعمالها، وثانيها: أن تتوسط فجيب إلغاؤها، وثالثها: أن تسبق بالفاء أو "الواو" وهنا يجوز إعمالها وإلغاؤهم والقرآن على إلغاؤها.
ذكره ابن عطية.

=فائدة أخرى:
روى ابن وهب المصري عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أن القطمير القشرة التي تكون على النواة، والنقير النقطة التي على ظهرها، والفتيل الذي في شق النواة) وروى نحوه عن عطاء

=============================================================================================

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)}
==معنى قوله تعالى "أم يحسدون الناس"
أي: بل أيحسدون النّاس.

==مرجع الضمير في قوله تعالى "يحسدون"
اليهود، وقد ورد هذا عن مجاهد فيما رواه عنه ابن جرير الطبري عن عيس عن ابن أبي نجيح عنه. ورواه أيضا عن قتادة من طريق بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.

==ما المراد بالناس في هذا الموضع؟
قيل في المراد بهم قولين:
-أحدهما:
أن المراد النبي صلى الله عليه وسلم
قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والسدي والضحاك.
فأما قول ابن عباس فرواه الطبري في تفسيره عن محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن أبيه عنه.
وأما قول مجاهد فرواه الطبري أيضا في تفسيره عن القاسم، عن الحسين، عن حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عنه.
وأما قول عكرمة فرواه الطبري أيضا في تفسيره عن أسباطٌ، عن هشيمٌ، عن خالدٍ، عنه.
وأما قول السدي فرواه الطبري في تفسيره عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثني أحمد بن مفضّلٍ قال: حدّثنا أسباطٌ عنه.
وأما قول الضحاك فرواه الطبري في تفسيره عن الحسين بن الفرج، عن أبي معاذٍ، عن عبيد بن سليمان.
-والآخر:
أن المراد بالناس العرب.
روي هذا عن قتادة
وقد رواه عنه الطبري في تفسيره عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.
*والذي جعله الطبري أولى بالصواب من القولين هو الأول وهذا لأن الكلام عليه في الآية هنا يكون معنى جديد وهو حسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وأما على القول الثاني فإن حسدهم يكون متوجه للمؤمنين وقد تقدم ذمهم عليه في الآيات السابقة لما قالوا لكفار قريش "هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا".

==المراد بالفضل في الآية [وقد يقال متعلق الحسد في الآية]
متعلق الحسد هنا مبني على المراد بالناس المذكور في المسألة السابقة
-فعلى القول الأول: فالحسد يكون منهم على النبي صلى الله عليه وسلم لما أوتي من الفضل واختلف فيه على تأويلين:
أولهما:
أنه ما آتاه الله من النبوة، وهذا قاله قتادة وابن جريج
وقد روى قول قتادة الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه
وروى قول ابن جريج عن القاسم عن الحسين عن حجاج عنه.
والرد عليهم في الآية أنهم قد علموا أن النبوة في آل إبراهيم عليه السلام وهم أسلافهم فليحسدوهم كما يحسدونه.
وثانيهما:
أنه الزوجات حسدا لما أحلّ له منهنّ،
وقد قال بهذا ابن عباس والسدي
عن ابن عبّاسٍ: {أم يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله} الآية، وذلك أنّ أهل الكتاب قالوا: زعم محمّدٌ أنّه أوتي ما أوتي في تواضعٍ وله تسع نسوةٍ، ليس همّه إلاّ النّكاح، فأيّ ملكٍ أفضل من هذا؟ فقال اللّه: {أم يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله}. وتقدم تخريجه.
وكذا قول السدي فتقدم تخريجه أيضا.
والرد عليهم أنهم نالوا من النساء أكثر مما ناله النبي صلى الله عليه وسلم كما وقع لداود وسلميان عليهما السلام.
*وقد اختار الطبري منهما الأول وقال :( وليس النّكاح وتزويج النّساء، وإن كان من فضل اللّه جلّ ثناؤه الّذي أتاه عباده بتقريظٍ لهم ومدحٍ).
-وعلى القول الثاني: فالحسد منهم واقع على العرب والفضل هنا هو النبوة.

==المراد بالحكمة في الآية
هي الفهم في الدين وما يكون من الهدى مما لم ينص عليه الكتاب، ذكره ابن عطية.

=المراد بالملك.
المراد به ملك سليمان، قاله ابن عباس: وقال مجاهد: الملك العظيم في الآية هو النبوة، وقال همام بن الحارث وأبو مسلمة: هو التأييد بالملائكة.
ذكره ابن عطية ثم قال: (والأصوب أنه ملك سليمان أو أمر النساء في التأويل المتقدم).
==============================================================================================
تفسير قوله تعالى: {فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)}
==القراءات الواردة في الآية
قرأت فرقة: «صد» عنه بضم الصاد على بناء الفعل للمفعول ذكره ابن عطية.

==مرجع الضمير في قوله "به"
قيل: إنه يرجع إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم. ذكره الزجاج، وابن كثير.
وقيل: أي بهذا الخبر عن سليمان وداود فيما أعطيا من النساء. ذكره الزجاج
وقيل: هو عائد على القرآن الذي في قوله تعالى: آمنوا بما نزّلنا مصدّقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً" ذكره ابن عطية وقال إنه قول الجمهور..
وقيل: الضمير عائد على إبراهيم عليه السلام، وحكى مكي في ذلك قصصا ليست بالثابتة،
وقيل: هو عائد على الفضل الذي آتاه الله النبي عليه السلام، أو العرب على ما تقدم. وهو راجع للأول.

==معنى قوله تعالى: {وكفى بجهنم سعيرا}
المعنى: كفت جهنم شدة توقد ذكره الزجاج.
وقال ابن عطية " والسعير: شدة توقد النار، فهذا كناية عن شدة العذاب والعقوبة"


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 ذو الحجة 1441هـ/28-07-2020م, 01:29 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)}
القراءات في الآية:
-القراءة المشهورة نصليهم بضم النون من أصليت، وقرأ حميد «نصليهم» بفتح النون من صليت، وقرأ سلام ويعقوب «نصليهم» بضم الهاء. ذكره ابن عطية.
معنى "نصليهم":
معنى التصلية يحتمل -كما ذكر ابن عطية- التقريب من النار والإلقاء فيها والشوي:
-فمن قرأها بضم النون من "أصليت", كان بمعنى التقريب والإلقاء.
-ومن قرأها بفتح النون كان بمعنى شويت.
مع التنبيه على أن الزجاج ذكر أنها بمعنى الشوي دون أن يفصل في أثر القراءات على المعنى, وابن كثير ذكر أن معنى التصلية يدل على شمول العذاب وإحاطته بصاحبه. [قول ابن كثير هو في دلالة استعمال الفعل " نصليهم " لا في معناه، فمن لازم الشيِّ أن تحيط بهم النار من جميع الجوانب]
في قوله "بدلناهم جلودا غيرها" عدة مسائل واستشكالات طرحت في ثنايا التفسير, فمسألة تبديل الجلود تعرض السلف لها من عدة زوايا:
من حيث عدد مرات التبديل:
-فذكر أنها تبدل عليهم في اليوم سبعين ألف مرة, قاله الحسن بن أبي الحسن. وذكره ابن عطية وابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتمٍ من طريق هشام، عنه.
-وذكر أنه يجعل للكافر مائة جلدٍ، بين كلّ جلدين لونٌ من العذاب. قاله يحيى بن يزيد الحضرمي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتمٍ عن زكريّا بن داود بن بكرٍ أبو يحيى الخفّاف النّيسابوريّ، عن يحيى بن يحيى، أنبأ عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمر بن خالدٍ المعافريّ، عنه.
- وذكر: أنها تبدّل في ساعةٍ مائة مرّةٍ. قاله معاذ بن جبل, وذكر عمر سماعه عن النبي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتم وابن مردويه -من وجه آخر بلفظ آخر- من طريق نافعٌ، مولى يوسف السّلميّ البصريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر.
-وذكر: أنها تبدل في ساعة مئة وعشرين مرة. ذكره كعب, وأكد عمر على سماعه عن النبي, ورواه ابن مردويه من الطريق المذكور آنفا. وذكره ابن كثير.
ومنهم من تعرض لوصف الجلد البديل, فمنهم من:
-وصفه بأنه أبيض كالقراطيس, كابن عمر. ذكره ابن عطية وابن كثير, ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن ثوير عن ابن عمر.
-ومنهم من ذكر أنه سرابيل القطران, سميت جلودا للزومها فصارت كالجلود. حكاه الطبري وذكره ابن عطية وابن كثير, وضعفه, لأنه خلاف الظاهر.
ومنهم من تعرض لمسألة: هل الجلد المستبدل جلد جديد, أم أنه نفس جلد المعذب يتجدد؟
-القول الأول: تبدل عليهم جلود غيرها. ذكره الزجاج وابن عطية.
وقد يرد استشكال على هذا القول: كيف يبدل الله جلد العاصي بجلد آخر غير عاصي فيعذبه؟
-وجوابه: أن نفوسهم هي المعذبة والجلود لا تألم في ذاتها، فإنها تبدل ليذوقوا تجديد العذاب. ذكره الزجاج وابن عطية.
-والقول الثاني: «تبديل الجلود» هو إعادة ذلك الجلد بعينه الذي كان في الدنيا، تأكله النار ويعيده الله دأبا لتجدد العذاب، وإنما سماه «تبديلا»، لأن أوصافه تتغير ثم يعاد، كما تقول: بدل من خاتمي هذا خاتما وهي فضته بعينها، وكما أنشأ الله الجلد بعد البعث, فالبدل إنما وقع في تغيير الصفات. ذكره الزجاج وابن عطية.
ومنهم من استشهد بصحة هذا المعنى, فقد قال الرّبيع بن أنسٍ: مكتوبٌ في الكتاب الأوّل أنّ جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وسنّه تسعون ذراعًا، وبطنه لو وضع فيه جبلٌ لوسعه، فإذا أكلت النّار جلودهم بدّلوا جلودًا غيرها. ذكره ابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عنه.
مسألة: ما هو مدلول "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب":
-تفيد الآية الإخبار عن دوام عقوبتهم ونكالهم. ذكره ابن كثير. [هذه فائدة أداة الشرط "كلما"]
معنى "ليذوقوا العذاب": [هذه والله أعلم في بيان معنى التعليل في قوله " ليذوقوا العذاب " وهنا رد على من قال بأن التعذيب للروح لا للجسد أو للجلد، فالله عز وجل علل تبديل الجلود، حتى يذوقوا العذاب ويشعروا بالألم، ذلك أن الجلد هو عضو الإحساس في الجسم فإذا احترق بشكل كامل يقل شعور العذاب لديهم، وهذا من الإعجاز العلمي في الآية.
ولبحث المسألة ستحتاجين البحث عن معنى اللام في قوله " ليذوقوا " ]

-أي: ليبلغ في ألمهم. ذكره الزجاج.
معنى الـ"عزيز":
-البالغ إرادته، الذي لا يغلبه شي. ذكره الزجاج وابن عطية.
متعلق الحكمة:
-تدبيره سبحانه. ذكره الزجاج.
مناسبة ختم الآية بصفتي العزة والحكمة:
- لأن ّ الملحدين ربما سألوا عن العذاب كيف وقع؟ فأعلم الله عزّ وجلّ أن جميع ما فعله بحكمة, وأنه عزيز لا يغلبه شيء. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية. [والأمر ليس محصورًا في شأن الملحدين]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}
القراءات في الآية:
-قرأ ابن وثاب والنخعي، «سيدخلهم» بالياء وكذلك «يدخلهم» بعد ذلك. ذكره ابن عطية.
مناسبة الآية لما قبلها:
-لما ذكر الله عقاب الكافرين, ناسب أن يعقب بجزاء المؤمنين ونعيمهم. ذكره ابن عطية.
ما معنى "تجري من تحتها الأنهار"؟
-أي: تجري من تحتها مياه الأنهار، لأن الجاري على الحقيقة الماء. ذكره الزجاج.
متعلق الطهر في الآية:
-من الحيض والنّفاس والأذى. والأخلاق الرّذيلة، والصّفات النّاقصة، كما قال ابن عبّاسٍ: مطهّرةٌ من الأقذار والأذى. وكذا قال عطاءٌ، والحسن، والضّحّاك، والنّخعيّ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والسّدّيّ. وذكره ابن كثير.
قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس, وذكر قوله. [قول ابن عباس " الأقذار والأذى، وكلمة الأذى وإن كانت مفهومها عام يشمل المعنى الحسي والمعنوي، لكن لا نعرف نص أقوال بقية الرجال الذين نسب إليهم ابن أبي حاتم نحو هذا القول، لذا الأولى عند حكاية الأقوال أن تذكري نص قول الصحابي أو التابعي وليس القول المستخرج منه، أعني ما وضعت تحته خط]
ثم ذكر بعد ذلك موافقة بقية القائلين لابن عباس ولم يسند.
-وقال مجاهدٌ: مطهّرةٌ من البول والحيض والنّخام والبزاق والمنيّ والولد. رواه ابن المبارك عن ابن جريج، عنه. وذكره ابن كثير. [في أي كتاب روى ابن المبارك هذا الأثر؟]
-وقال قتادة: مطهّرةٌ من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كلف. رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن سعيدٍ وأبان، عنه. وذكره ابن كثير.
فيكون حاصل الأقوال أنها مطهرة من الريب والأقذار التي هي معهودات في الدنيا, حسية كانت أو معنوية. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق الظل في الآية:
-يظل من الريح والحر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده تأكيد الظل بكونه "ظليلا":
-لأنه ليس كل ظل يظل. ذكره الزجاج.
-أنه ظل لا يستحيل ولا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا، فأكده بقوله ظليلًا لذلك. ذكره ابن عطية.
-ويصح أن يصفه بظليل لامتداده. قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن -وحدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا ابن جعفرٍ -قالا حدّثنا شعبة قال: سمعت أبا الضّحّاك يحدّث، عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعه". ذكره ابن عطية وابن كثير.
-أنه يفيد كونه ظلّا عميقًا كثيرًا غزيرًا طيّبًا أنيقًا. ذكره ابن كثير.
بارك الله فيكِ، ونفع بكِ حيثما حللتِ.من المسائل التي فاتتكِ :
- مناسبة الآية لما قبلها
- المراد بالذين كفروا
ملحوظات أخرى:
- معنى " نُصليهم " ومن الجيد هنا أن تذكري ما استشهد به الزجاج وابن عطية من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفيه شاةٌ مصلية، والمعنى مشوية.
- يمكنكِ تخصيص مسألة للمراد بالجلود) أنها على الحقيقة أو سرابيل القطران
عند التخريج، اجتهدي في البحث في بقية المصادر، لتعيين الطريق، واجتهدي في تحسين عرض تلخيصكِ.
التقويم: أ
بارك الله فيكِ ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir