دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 10:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: الإخبار عن عام لا ترافع فيه الرواية وخلافه الشهادة.
ش: مما يحتاج إليه الفرق بين الرواية والشهادة واختلافهما في بعض الأحكام، كاشتراط العدد والحرية والذكورة في الشهادة دون الرواية، لا يدل على اختلاف حقيقتيهما.
وقال القرافي: أقمت مدة أطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام الماوردي، وهو أن المخبر عنه إن كان عاما لا يختص بمعين ولا ترافع فيه إلى الحكام، فهو الرواية.
وإن اختص بمعين والترافع فيه ممكن فهو الشهادة، ولذلك استظهر في الشهادة باشتراط العدد فيها لما فيها من التهمة لتعلقها بمعين، ويعارضه أن الرواية شرع عام لجميع المكلفين، فهي أجدر بالاحتياط من إثبات على معين لكن فرق الشيخ عز الدين بوجوه:
أحدها: هيبة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف غيره.
ثانيها: أنه لو لم يقبل رواية واحد لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة العامة، بخلاف فوات حق واحد.
ثالثها: كثرة العداوة بين الناس، وهي حاملة لهم على شهادة الزور، بخلاف الأحاديث النبوية.
قلت: وكون الرواية لا تختص بمعين هو الغالب، فإن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره كإجزاء العناق عن أبي بردة بن نيار في الأضحية مختصة بمعين.
ص: وأشهد إنشاء تضمن الإخبار لا محض إخبار أو إنشاء على المختار.
ش: في قول الشاهد: أشهد بكذا – ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنه إخبار محض وهو ظاهر كلام أهل اللغة، قال ابن فارس في (المجمل): الشهادة خبر عن علم، وقال الإمام فخر الدين: قوله: أشهد، إخبار عن الشهادة وهي الحكم الذهني المسمى كلام النفس.
الثاني: أنه إنشاء، وإليه مال القرافي لأنه لا يدخله تكذيب شرعا وأما قوله تعالى: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} راجع إلى تسميتهم ذلك شهادة، لأنها ما واطأ فيه القلب اللسان.
الثالث – وهو المختار -: أنها إنشاء تضمن الخبر عما في النفس.
قال الشارح: واعلم أن نقل المذاهب في هذه المسألة هكذا لا يوجد مجموعا، وإنما هو مفرق في كلام الأئمة بالتلويح.
ص: وصيغ العقود كبعت إنشاء خلافا لأبي حنيفة.
ش: صيغ العقود كـ (بعت واشتريت) وكذا الفسوخ نحو: (فسخت وطلقت وأعتقت) اختلفوا في أنها في الشرع باقية على مدلولها اللغوي، وهو الإخبار، أو نقلت عنه إلى الإنشاء؟
فذهب أصحابنا إلى الثاني، وفي (المحصول) أنه الأقرب، وعزاه الصفي الهندي والأصفهاني للأكثرين، وحكي الأول عن الحنفية وفي حكاية المصنف ذلك عن أبي حنيفة نظر، فإنه لا يعلم له فيه نص.
وقد أنكره القاضي شمس الدين السروجي وقال: لا أعرفه لأصحابنا والمعروف عندهم أنه إنشاء.
ص: فقال القاضي: يثبت الجرح والتعديل بواحد وقيل: في الرواية فقط وقيل: لا فيهما.
ش: اختلف في اشتراط العدد في الجرح والتعديل على مذاهب:
أحدها: أنه يكتفى فيهما بواحد سواء أكان في الرواية أو الشهادة، وهو اختيار القاضي أبي بكر، قال: هذا القول قريب لا شيء عندنا يفسده وإن كان الأحوط أنه لا يقبل في تزكية الشاهد خاصة أقل من اثنين.
الثاني: أنه لا يقبل فيهما إلا اثنان، حكاه القاضي أبو بكر عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم.
الثالث: الفرق بينهما فيكفي في الرواية واحد ويشترط في الشهادة اثنان، حكاه الآمدي وابن الحاجب عن الأكثرين ورجحه الإمام والآمدي وأتباعهما.
ص: وقال القاضي: يكفي الإطلاق فيهما، وقيل: يذكر سببهما وقيل: سبب التعديل فقط، وعكس الشافعي وهو المختار في الشهادة وأما الرواية: فالمختار: يكفي الإطلاق إذا عرف مذهب الجارح، وقول الإمامين: يكفي إطلاقهما للعالم بسببهما هو رأي القاضي إذ لا تعديل وجرح إلا من العالم.
ش: اختلف في اشتراط بيان السبب في الجرح والتعديل على مذاهب:
أحدها: أنه لا يشترط ذلك بل يكتفى بالإطلاق.
الثاني: لا بد من بيان سببهما.
الثالث: أنه يشترط ذكر سبب التعديل دون الجرح لكثرة التصنع في أسباب العدالة.
الرابع: عكسه أنه يشترط بيان سبب الجرح دون التعديل لاحتياجه في ذكر سبب التعديل إلى تفصيل جميع الأوامر والنواهي بخلاف الجرح فإنه يحصل بخصلة واحدة، وهو قول الشافعي رحمه الله.
وتبع المصنف في نقله القول الأول عن القاضي أبي بكر – الإمام فخر الدين والآمدي، ونقل عنه إمام الحرمين والغزالي في (المنخول) القول الثالث: وهو بيان سبب التعديل دون الجرح، والموجود في (مختصر التقريب) له القول الرابع وهو ذكر سبب الجرح دون التعديل.
ورواه الخطيب البغدادي في (الكفاية) بسنده إليه، ونقله على الصواب الغزالي في (المستصفى) واختار المصنف في ذلك التفصيل وهو الاحتياج إلى ذكر سبب الجرح دون التعديل في الشهادة، والاكتفاء بالإطلاق في الرواية، إذا علم أن مذهب الجارح أنه لا يجرح إلا بقادح
ثم نبه المصنف على أن قول الإمامين – إمام الحرمين والإمام فخر الدين الرازي، أنه يكفي إطلاقهما أي الجرح والتعديل من العالم بأسبابهما دون غيره، ليس مذهبا خارجا عما سبق، بل هو رأي القاضي أبي بكر الذي بدأنا بذكره، لأن الجرح والتعديل إنما يعتبران من العالم بأسبابهما، فالجاهل بذلك لا يعتد بقوله والله أعلم.
تنبيه:
قال الشارح: ينبغي أن يكون الواو في قوله: (وقال القاضي) بمعنى (ثم) لأنه دخول منه في مسألة أخرى.
قلت: وليس كما قال، بل الواو على بابها، ولو كان دخولا في مسألة أخرى، وإنما يحسن الإتيان بـ (ثم) لو تفرعت هذه المسألة على التي قبلها، وليس كذلك بل هما مسألتان مستقلتان ليست إحداهما مفرعة على الأخرى، والله أعلم.
ص: والجرح مقدم إن كان عدد الجارح أكثر من المعدل إجماعا وكذا إن تساويا أو كان الجارح أقل، وقال ابن شعبان: يطلب الترجيح.
ش: إذا تعارض الجرح والتعديل فإما أن يكون عدد الجارح أقل من المعدل أو أكثر أو يتساويا فإن كان الجارح أكثر قدم بالإجماع كما حكاه غير واحد وإن تساويا فكذلك، وحكى القاضي في (مختصر التقريب) الإجماع عليه أيضا، لكن حكى ابن الحاجب قولا: إنهما يتعارضان ولا يرجح أحدهما إلا بمرجح.
وإن كان الجارح أقل فكذلك أيضا عند الجمهور، وقيل: يقدم التعديل لزيادة عدده، وقال ابن شعبان من المالكية: يطلب الترجيح بينهما وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: إنما يقوى تقديم الجرح بشرطين:
أحدهما: مع التفريع على أن الجرح لا يقبل إلا مفسرا.
ثانيهما: أن يبنى على أمر مجزوم به، لا بطريق اجتهادي، كما اصطلح أهل الحديث في الاعتماد في الجرح على اعتبار حديث الراوي بحديث غيره والنظر إلى كثرة الموافقة والمخالفة.
قلت: لم يعتمد أهل الحديث على ذلك في معرفة العدالة والجرح، وإنما اعتمدوا عليه في معرفة الضبط والتغفل والله أعلم.
ويستثنى من ذلك صورتان:
إحداهما: إذا عين الجارح سببا فنفاه المعدل بطريق معتبر بأن قال: (قتل فلانا ظلما يوم كذا) فقال المعدل: (رأيته حيا بعد ذلك) أو: (كان القاتل في ذلك الوقت عندي) فإنهما يتعارضان.
الثانية: إذا عين الجارح سببا فقال المعدل: تاب عنه، وحسنت توبته، فيقدم التعديل، لأن معه هنا زيادة علم، كما حكاه الرافعي عن جماعة منهم ابن الصباغ، وجزم به الرافعي في (المحرر) والنووي في (المنهاج).
ص: ومن التعديل حكم مشترط العدالة بالشهادة، وكذا عمل العالم في الأصح، ورواية من لا يروي إلا للعدل.
ش: قد يكون التعديل بالتصريح بعدالته وقد يكون بالتضمن، وذلك في صور.
الأولى – وهي أعلاها -: أن يحكم بشهادته من يشترط العدالة في قبول الشهادة: وتقييد الحاكم بكونه يشترط العدالة في قبول الشهادة ذكره الآمدي وغيره ولا بد منه، وهذه من خواص الشهادة ولكن إذا قبلت شهادته قبلت روايته.
الثانية: أن يعمل عالم بروايته إذا لم يعلم منه أنه إنما عمل بها احتياطا ونقل الآمدي فيه الاتفاق لكن الخلاف فيها محكي في (البرهان) و(المنخول) وغيرهما، ولذلك عبر فيه المصنف بالأصح.
الثالثة: أن يروي عنه من عرف منه أنه لا يروي إلا عن عدل، إما بتصريحه بذلك، وإما بالاستقراء من حاله كشعبة ومالك ويحيى القطان وقيل الرواية عنه تعديل له مطلقا، وقيل: لا، مطلقا.
وعبر المصنف باللام في قوله: (للعدل) دون (عن) للإعلام بأنه لا ينحصر ذلك في الرواية عنه، بل روايته له في كتاب التزم فيه أن لا يروي فيه إلا للعدل – تعديل له، وذلك كصحيحي (البخاري) و(مسلم) ويلتحق بهما المستخرجات عليهما وصحيح (ابن خزيمة) و(ابن حبان) وكذلك (مستدرك) الحاكم، لولا ما شانه به من التساهل في تمشية حال الرواة والله أعلم.
ص: وليس من الجرح ترك العمل بمرويه والحكم بمشهوده، ولا الحد في شهادة الزنا، ونحو النبيذ ولا التدليس بتسمية غير مشهورة، قال ابن السمعاني: إلا أن يكون بحيث لو سئل لم يبينه ولا بإعطاء شخص اسم آخر تشبيها كقولنا: أبو عبد الله الحافظ يعني الذهبي، تشبيها بالبيهقي يعني الحاكم، ولا بإيهام اللقي والرحلة، أما مدلس المتون فمجروح.
ش: ثم ذكر أمورا قد يتوهم أنها تقتضي جرح الراوي وليس كذلك.
أحدها: ترك العمل بحديث قد رواه، أو ترك الحكم بشهادة قد أداها، فإنه لم يتعين أن يكون ذلك يجرحه، فقد يكون ذلك لمعارض وقال القاضي أبو بكر: إن تحقق تركه له مع ارتفاع الموانع كان جرحا، وإن لم يثبت قصده إلى مخالفته لم يكن جرحا.
الثاني: أن يقام عليه حد القذف لشهادته على شخص بالزنا إذا لم يكمل النصاب، لأن الحد لنقص العدد لا لمعني في الشاهد وهذا مبني على الأظهر في إقامة الحد على شهود الزنا إذا لم يكمل النصاب، وألحق به الرافعي الجارح للراوي بذكر الزنا إذا لم يكمل النصاب حتى يكون قاذفا على الأصح، وقال النووي: المختار أو الصواب أنه لا يجعل قاذفا لأنه معذور في شهادته بالجرح، فإنه مسؤول عنها وهي في حقه فرض الكفاية، أو متعينة بخلاف شهود الزنا فإنهم مندوبون إلى الستر فهم مقصرون.
الثالث: ارتكاب مختلف فيه كشرب قدر من النبيذ لا يسكر، ولهذا قال الشافعي: (أحده وأقبل شهادته)، وقد تقدم هذا في قول المصنف: (ويقبل من أقدم على مفسق مظنون).
وقال مالك في المستحل لنكاح المتعة: أحده للمعصية وأرد شهادته لفسقه.
الرابع: أن يستعمل الإنسان تدليس الشيوخ بأن يسمي الراوي بتسمية غير مشهورة لأنه صادق في نفس الأمر، وقد فعله غير واحد من الأئمة، واستثنى منه ابن السمعاني ما إذا كان لو سئل عنه لم يفصح عنه ولم يسمه باسمه المشهور، لأنه تزوير وإيهام لما لا حقيقة له، وذلك يؤثر في صدقه، وفصل الآمدي بين أن يكون سبب تدليسه ضعفه فهو جرح، وإن كان لصغر سنه أو للاختلاف في قبول روايته كالمبتدع، وهو يرى قبولها فليس جرحا.
قلت: ويلتحق بالقسم الثاني ما إذا فعل ذلك إيهاما لكثرة الشيوخ كما حكي عن الخطيب البغدادي.
ثم نبه المصنف أيضا على أن مما لا يقدح وصف الإنسان بصفة اشتهر بها غيره للتشبيه به، إذا لم يحصل بذلك التباس كما كان المصنف رحمه الله يقول في بعض مصنفاته: أنا أبو عبد الله الحافظ، يريد به الذهبي ومما حكي عن الشارح أنه قال في بعض تصانيفه: أنا أبو عبد الله الحافظ يريد به مغلطاي تشبيها بقول البيهقي فيما يرويه عن شيخه الحاكم: حدثنا أبو عبد الله الحافظ.
وكذلك مما لا يقدح استعمال الراوي لفظا يوهم الرحلة ولقي المشايخ الذين تباعدت أقطارهم كقوله: حدثنا فلان بما وراء النهر، موهما نهر جيحون وإنما أراد نهر عيسى ببغداد، أو الجيزة بمصر، ومن ذلك قول القائل: حدثنا فلان بحلب، يوهم إرادة البلدة المعروفة وإنما يريد محلة بظاهر القاهرة.
أما تدليس المتون فهو جرح، قال الأستاذ أبو منصور: وهو الذي يسميه المحدثون بالمدرج، أي أنه أدرج كلامه مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يميز بينهما فظن أن جميعه كلام النبي صلى الله عليه وسلم
تنبيه:
سكت المصنف عن تدليس الإسناد، والمراد به أن يسقط الراوي اسم شيخه ويرتقي إلى شيخ شيخه بلفظ محتمل للاتصال كـ (عن) ونحوها مع إيهام أنه سمعه منه لكونه عاصره أما لو أتى بصيغة صريحة في الاتصال كسمعت، فهذا كذب وإن لم يدرك شيخ شيخه فليس بتدليس وإنما هو إرسال، والحكم في هذا النوع من التدليس قبول رواية فاعله إذا صرح بالسماع كحدثنا وأخبرنا، فإن عنعن فروايته مردودة، فليس حينئذ جرحا.
وقالت طائفة: بل هو جرح ترد به رواية فاعله مطلقا، والله أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفرق, بين

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir