دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ > الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 11:09 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي سورة الأنعام (مكية)

سورة الأنعام (مكية)



قوله تعالى: {قل لست عليكم بوكيل}:
قال ابن عباس: نسخ هذا آية السيف: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]، وفي الرواية عنه بذلك ضعف.
ولا يحسن نسخ هذا لأنه خبر، إنما أمره الله أن يخبر عن نفسه بذلك، لم يأمره ألاّ يكون عليهم وكيلاً فنسخ ذلك.
فالمعنى صحيحٌ لا نسخ فيه؛ لأن النبي عليه السلام ليس هو حفيظًا على من أرسل إليه يحفظ أعماله، إنما هو داعٍ ومنذر ومبلّغ، والحساب والعقاب إلى الله جلّ ذكره. ومثله في الاختلاف: {وما جعلناك عليهم حفيظًا} [الأنعام: 107]، {وما أنت عليهم بوكيل} [الأنعام: 107]، كلّه محكم غير منسوخ.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 281]
قوله تعالى: {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيء}.
أباح الله بمكة الجلوس مع المشركين؛ إذ لا يلزمهم من كفرهم من شيء وذكر عن ابن عباس أنها منسوخةٌ بقوله: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله} [النساء: 140] الآية فأمرهم الله - بالمدينة -. أن لا يجلسوا معهم في هذه الحال.
والذي عليه أهل النظر: أن هذا لا ينسخ لأنه خبر، ومعناه: ليس على من اتقى المنكر إذا نهى عنه من حساب من يفعله شيء، وإنما عليه أن ينهاه ولا يقعد معه راضيًا بقوله. فالآيتان محكمتان.
قوله تعالى: {وذر الّذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوًا}.
قال قتادة: هذا منسوخٌ بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 282]
والنسخ في هذا جائزٌ ولكنّ أكثر النّاس على أنه غير منسوخ؛ لأنه تهددٌ ووعيدٌ للكفار، وليس هو بمعنى الإلزام، والمعنى: ذرهم فإن الله معاقبهم، وهو كقوله: {ذرهم يأكلوا ويتمتّعوا} [الحجر: 3]، وكقوله: {ذرهم في خوضهم يلعبون} [الأنعام: 91]، لم يبح لهم ذلك، إنّما هو كلّه تهدّدٌ ووعيد، وذلك لا ينسخ، وقد ذكرنا قوله: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: 121] ومن قال: إنه منسوخٌ بتحليل أكل طعام أهل الكتاب.
قوله تعالى: {وآتوا حقّه يوم حصاده}:
قال ابن جبير: هي منسوخة بآية الزكاة - وهو قول عكرمة والضحاك -.
قال الضحاك: نسخت الزكاة كلّ صدقة في القرآن.
وعن ابن عباس: أنها منسوخةٌ بالسنّة في إيجاب العشر فيما سقت السماء، ونصف العشر في غير ذلك - وهو قول السّدّي وابن الحنفية -.
وقال أنس بن مالك والحسن وابن المسيّب وجابر بن زيد، وعطاء وقتادة وزيد بن أسلم: هي محكمة، والمراد بها: الزكاة - وهو قول مالك،
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 283]
وهو أحد قولي الشافعي -.
وقد قال مالك: إن الزكاة والصّوم فرضا في المدينة فكيف يقول: إن قوله: {وآتوا حقّه يوم حصاده}، المراد بها الزكاة - رواه عنه ابن وهب وابن القاسم - والأنعام مكّيّةٌ كلّها، فهذا قولٌ الله أعلم بحقيقته.
وأكثر الناس على أن الزكاة فرضت بالمدينة لا أعرف في ذلك خلافًا.
وقال سفيان: هي محكمةٌ، والمراد بها شيءٌ يترك للمساكين غير الزكاة - وهو قول مجاهد ومحمد بن كعب، وأبي عبيد -.
وإجماع المسلمين أولاً على أن لا فرض غير الزكاة يردّ هذا القول، وأيضًا فإن الفروض محدودةٌ وهذا غير محدود، ولا معلوم قدره عند أحد، فلا يجوز أن يكون فرضًا ما لا يعرف قدره.
فإن حملته على الزكاة حسن لأن النبي عليه السلام قد بيّن قدر ما تجب فيه الزكاة، وقدر ما يلزم من الزكاة، فهو محكم إن حملته على الزكاة.
وقد اعترض قومٌ في أن يراد به الزكاة، وقالوا:
الزكاة لا تجب وقت الحصاد، وإنما تجب بعد الكيل.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 284]
وقالوا: الزكاة معلومةٌ محدودة، وهذا غير محدود ولا معلوم.
وقالوا: وقد قال: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} [الأنعام: 141]، والزكاة لا إسراف فيها.
وقالوا: ظاهر الآية يدلّ على أن الزكاة واجبةٌ في كل ما أخرجت الأرض، وعلى إخراج الزكاة من قليله وكثيره.
قال أبو محمد: وجميع هذا لا يلزم لأن النبيّ عليه السلام قد بيّن ذلك كله وحدّه، فالقرآن يأتي مجملاً، والنبيّ صلى الله عليه وسلم يبيّنه، لقوله تعالى: {لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم} [النحل: 44]، وهذا أبلغ كتبيينه للصلاة والحج وغير ذلك.
ومعنى: {ولا تسرفوا} [الأنعام: 141]: ولا تتخلّفوا عن إخراج ما يجب عليكم، ومنع حقّ الله من أعظم الإسراف، وقد قيل: {ولا تسرفوا}: مخاطبةٌ للسّعاة في أن لا يأخذوا أكثر مما يجب لهم. فهذا كلّه يبيّن أنها محكمةٌ نزلت في فرض الزكاة مجملةً، وبيّنها النبي عليه السلام، ويعارض كونها في الزكاة قول أكثر الناس إنّ الزكاة فرضت بالمدينة والأنعام: مكية فيصير فرض الزكاة نزل بمكة، والله أعلم بذلك.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 285]
قوله تعالى: {وأعرض عن المشركين}:
روي عن ابن عباس أنه قال: نسختها آية السّيف: {فاقتلوا المشركين}.
وأكثر الناس على أنها محكمةٌ، وأن المعنى: لا ينبسط إلى المشركين، من قولهم: أوليته عرض وجهي. وهذا المعنى لا يجوز أن ينسخ؛ لأنه لو نسخ لصار المعنى: انبسط إليهم وخالطهم، وهذا لا يؤمر به ولا يجوز.
وكذلك قيل في قوله: {وكانوا شيعًا لست منهم في شيءٍ} [الأنعام 159]: إنه منسوخٌ بقوله: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5]، وهو خبر لا يحسن نسخه ومعناه: لست من دينهم في شيء. وهذا لا يحسن نسخه.
قوله تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه وإنّه لفسقٌ}:
قال عكرمة: هي منسوخة بقوله: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 286]
لكم} [المائدة: 5]، فأحلّ لنا طعامهم، وهم لا يسمّون على ذبائحهم، وهذا قول مكحول وعطاء.
وقيل: هي محكمةٌ ولا يجوز أن تؤكل ذبيحةٌ لم يذكر اسم الله عليها، - وهو قول الحسن، وابن سيرين والشعبي - وقد أجمع على جواز أكل ذبيحة الناسي لذكر الله عند الذّبح.
وقيل: الآية مخصّصةٌ محكمة، والمراد بها المتعمّد لترك التّسمية على الذبيحة، وخصّصها إباحة أكل ذبائح أهل الكتاب - وهو قول ابن جبير والنّخعي ومالك وأبي حنيفة - غير أنّ مالكًا يكره أكل ذبيحة الكتابي إذا علم أنه لم يسمّ متعمّدًا، ولم يحرّم ذلك، وقد بينّا هذا في المائدة بأشبع من هذا.
وقد يتوهم متوهّمٌ أنّ قوله: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه} [الأنعام: 121] أتى عامًّا في كلّ طعام، (والإجماع) على أن المراد به الذبائح ناسخٌ لذلك، وليس الأمر كذلك، إنما الإجماع بيّن وخصّص أن المراد بذلك الذبائح، ولو كان ذلك نسخًا عند من أجاز النسخ بالإجماع لوجب بالنسخ أن يؤكل كلّ ما لم يذكر اسم الله عليه من ذبيحةٍ وغيرها، لأنّ حقّ
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 287]
الناسخ إزالة حكم المنسوخ، وهذا لا يجوز، وإنما هو تخصيصٌ وتبيينٌ بالإجماع؛ إذ المراد الذبائح خاصةً دون سائر الطعام، وفي الآية ما يدلّ على ذلك.
قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلىّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه}.
أباح الله بهذه الآية المكّية أكل كلّ ما عدا ما ذكر فيها من الأربع المحرمات.
وأكثر الناس على أنها مخصّصةٌ لتحريم النبي عليه السلام أكل لحوم الحمر الأهلية، وأكل لحم كلّ ذي نابٍ من السّباع وذي مخلبٍ من الطّير.
وقيل: هي منسوخةٌ بما حرّم النبيّ عليه السلام والأوّل: أولى وأحسن لأنه خبرٌ لا يجوز نسخه.
وقال جماعةٌ من العلماء: الآية محكمةٌ وكلّ ما حرّمه النبي عليه السلام مضمومٌ إليها معمولٌ به، لقوله تعالى: {وما آتاكم الرّسول فخذوه} [الحشر: 7] - وهو قول مالكٍ والزّهريّ وغيرهما -.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 288]
وقيل: الآية مخصوصةٌ نزلت جوابًا لما سألوا عنه، والذي حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلٌ في التّحريم.
وقال سعيد بن جبير والشعبيّ: هي محكمةٌ وأكل لحوم الحمر جائزٌ، وإنّما منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت لعلّةٍ وعذرٍ، وذلك أنّها كانت تأكل القذر، مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يحرّمه، وإنما كرهه.
قوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن}:
روي عن قتادة أنه قال: نسخها قوله: {وإن تخالطوهم فإخوانكم} [البقرة: 220]، منع من قرب ماله بمكّة، وأباح مخالطته وقربه بالمدينة.
وقيل: إنها ليست بمنسوخةٍ، لأنه قال: {إلاّ بالتي هي أحسن} فإنّما وقع النهي عن قرب مال اليتيم بغير التي هي أحسن، وذلك محرّمٌ لا يجوز وقال في الموضع الآخر: {وإن تخالطوهم فإخوانكم}، أي: إن تخالطوهم بالتي هي أحسن، فهم إخوانكم في الدّين، ودلّ على ذلك قوله: {والله يعلم المفسد من المصلح} [البقرة: 220]، فالآيتان محكمتان في معنىً واحد، وهو الصواب.
[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 289]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأنعام, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir