دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > الجوهر المكنون

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 04:52 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الباب الأول: الإسناد الخبري

(الْبَابُ الأَوَّلُ: الإِسْنَادُ الْخَبَرِيُّ)


الْحُكْمُ بِالسَّلْبِ أَوِ الإِيجَابِ = إِسْنَادُهُمْ وَقَصْدُ ذِي الْخِطَابِ
إِفَادَةُ السَّامِعِ نَفْسَ الْحُكْمِ = أَوْ كَوْنَ مُخْبِرٍ بِهِ ذَا عِلْمِ
فَأَوَّلٌ فَائِدَةٌ وَالثَّانِي = لازِمُهَا عِنْدَ ذَوِي الأَذْهَانِ
وَرُبَّمَا أُجْرِيَ مُجْرَى الْجَاهِلِ = مُخَاطَبٌ إِنْ كَانَ غَيْرَ عَامِلِ
كَقَوْلِنَا لِعَالِمٍ ذِي غَفْلَةِ = الذِّكْرُ مُفْتَاحٌ لِبَابِ الْحَضْرَةِ
فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ ذِي الإِخْبَارِ = عَلَى الْمُفِيدِ خَشْيَةَ الإِكْثَارِ
فَيُخْبِرُ الْخَالِي بِلا تَوْكِيدِ = مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحُكْمِ ذَا تَرْدِيدِ
فَحَسَنٌ وَمُنْكِرُ الإِخْبَارِ = حَتْمٌ لَهُ بِحَسَبِ الإِنْكَارِ
كَقَوْلِهِ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ = فَزَادَ بَعْدُ مَا اقْتَضَاهُ الْمُنْكِرُونَ
لِلَفْظِ الابْتِدَاءِ ثُمَّ الطَّلَبِ = ثُمَّتَ الاِنْكَارِ الثَّلاثَةَ انْسُبِ
وَاسْتُحْسِنَ التَّأْكِيدُ إِنْ لَوَّحْتَ لَهْ = بِخَبَرٍ كَسَائِلٍ فِي الْمَنْزِلَهْ
وَأَلْحَقُوا أَمَارَةَ الإِنْكَارِ بِهْ = كَعَكْسِهِ لِنُكْتَةٍ لَمْ تَشْتَبِهْ
بِقَسَمٍ قَدْ إِنَّ لامِ الاِبْتِدَا = وَنُونَيِ التَّوْكِيدِ وَاسْمٍ أُكِّدَا
وَالنَّفْيُ كَالإِثْبَاتِ فِي ذَا الْبَابِ = يَجْرِي عَلَى الثَّلاثَةِ الأَلْقَابِ
بِأَنْ وَكَانَ لامٍ اوْ بَاءٍ يَمِينْ = كَمَا جَلِيسُ الْفَاسِقِينَ بِالأَمِينْ


  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 07:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حلية اللب المصون للشيخ: أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري


قال:
الباب الأول:أحوال الإسناد الخبري
أقول: (الإسناد) ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى، بحيث يفيد الحكم، بأن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى، أو منفي عنها، فقولنا أو ما يجري مجراها لإدخال نحو زيد قام أبوه ،وبحيث يفيد الحكم.. الخ، لإخراج الإسناد الإنشائي، والمراد بالمفهوم ما يفهم من الكلمة، فلا يرد أن المعتبر من جانب الموضوع الذات، ومن جانب المحمول المفهوم، لأن الذات أيضاً مما يفهم من اللفظ، وقدم بحث الخبر على بحث الإنشاء لعظم شأنه ولتفرع الإنشاء عليه في نحو زيد في الدار وأزيد فيها، وقدم أحوال الإسناد على أحوال المسند إليه والمسند مع تأخير النسبة عن الطرفين؛ لأن البحث إنما هو عن أحوال اللفظ الموصوف بكونه مسندا إليه أو مسندا وهذا الوصف إنما يتحقق بعد تحقق الإسناد والمتقدم على النسبة ذات الطرفين ولا بحث لهم عنها، والخبري نسبة للخبر، وتقدم أنه ما احتمل الصدق والكذب وفي حد الصدق والكذب أقوال أربعة:
الأول: وهو أصحها أن الصدق مطابقة حكم الخبر للواقع والكذب عدم مطابقته له، ولو كان الاعتقاد بخلاف ذلك في الحالين.
الثاني: وهو للنظام أن الصدق المطابقة لاعتقاد المخبر ولو خطأ، والكذب عدم مطابقته للاعتقاد ولو صواباً، وما لا اعتقاد معه على هذا القول داخل في الكذب لا واسطة.
الثالث: وهو للجاحظ أن الصدق المطابقة للخارج مع اعتقاد المخبر المطابقة والكذب عدم المطابقة للواقع مع اعتقاد عدمها وما عدا ذلك ليس بصدق ولا كذب أي واسطة بينهما وهو أربع صور: المطابق ولا اعتقاد لشيء، والمطابق مع اعتقاد عدم المطابقة، وغير المطابق مع اعتقاد المطابقة وغيره ولا اعتقاد.
القول الرابع: للراغب وهو مثل قول الجاحظ غير أنه وصف الأربع صور بالصدق والكذب باعتبارين: فالصدق باعتبار المطابقة للخارج أو للاعتقاد، والكذب من حيث انتفاء المطابقة للخارج أو للاعتقاد واستدل النظام بقوله تعالى: {إن المنافقين لكاذبون} أي في قولهم إنك لرسول الله لعدم مطابقته لاعتقادهم، ورد استدلاله بأن المراد لكاذبون في الشهادة، أي في ادعائهم مواطأة القلب للسان لتضمن قولهم إنك.. الخ شهادتنا من صميم القلب، وهذا كذب واستدل الجاحظ بقوله تعالى:{ أفترى على الله كذباً أم به جنة} لأن الإخبار حال الجنة غير الكذب، لأنه قسيمه وغير الصدق، لأنهم يعتقدون عدم صدقه، فثبتت الواسطة ورد بأن المعنى أم لم يفتر فعبر عن عدم الافتراء بالجنة من جهة أن المجنون لا افتراء له، لأن الافتراء الكذب عن عمد، فهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم في نوعيه: أي الكذب عن عمد ولا عن عمد.
قال:

الحُكْمُ بالسلبِ أوِ الإيجابِ = إِسْنادُهمْ. وَقَصْدُ ذي الخِطابِ
إفادةُ السامعِ نَفْسَ الحكْمِ = أوْ كَوْنَ مُخْبِرٍ به ذا عِلْم
فأولٌ فائدةٌ والثاني = لازِمُها عِنْدَ ذوي الأذهانِ

أقول: (إسنادهم) أي الخبري بدليل ما في الترجمة معرف، والحكم بالسلب أو الإيجاب تعريف، والمراد الحكم بأن النسبة واقعة كزيد قائم أو ليست بواقعة كزيد ليس بقائم، ولا مخالفة بين هذا التعريف وما تقدم لمراعاة المعنى هنا، واللفظ هناك لأن الخبر يكون معقولا وملفوظاً،فالتعريفان بالاعتبارين.
وقوله:(وقصد) إلى آخر البيت الثاني المراد بذي الخطاب المخبر أي الذي هو بصدد الإخبار والإعلام لا كل مخبر، إذ قد يكون مقصود المخبر إظهار الضعف نحو رب إني وهن العظم مني أو التحزن والتحسر نحو رب إني وضعتها أنثى إذ المولى سبحانه عالم بالفائدة ولازمها في الخبرين، أي( قصد) المخبر بخبره أحد أمرين إما الحكم أي النسبة بين الطرفين المحكوم بها كقولك زيد قائم لمن لم يعلم قيامه أو كونه عالماً به كقولك ذلك للعالم به قاصدا إعلامه بأنك عالم بذلك، ويسمى الأول فائدة الخبر؛ لأن من شأنه أن يستفاد من الخبر وان استفيد من غيره، والثاني لازمها لأنه كلما أفاد الحكم أفاد أنه عالم به، وليس كلما أفاد أنه عالم بالحكم أفاد نفس الحكم لجواز أن يكون الحكم معلوماً قبل الإخبار كما تقدم.
قال:

وربما أُجْرِيَ مُجْرَى الجاهِلِ = مُخاطَبٌ إِنْ كانَ غيرَ عاملِ
كقولنا لعالمٍ ذي غفلةِ = الذكرُ مفتاحٌ لبابِ الحضرةِ
أقول: قد ينزل (المخاطب) العالم بفائدة الخبر ولازمها أو بأحدهما منزلة الجاهل، كقولك لتارك الصلاة وهو يعتقد وجوبها الصلاة واجبة لعدم جريه على موجب العلم لأن من لم يعمل بعلمه هو والجاهل سواء، وكقولنا( للعالم الغافل) عن ذكر الله تعالى مع علمه بأنه وسيلة إلى حضرة المذكور: الذكر مفتاح لباب الحضرة، أي الإلهية، والمراد بالحضرة ويعبر عنها بحضرة القدس، وهي الحالة الذي إذا وصل إليها السالك سمي عارفاً، وواصلا أن يكون في حالة لا يرى فيها إلا المولى سبحانه وتعالى فانيا عن الأكوان متوجها بقلبه إلى الرحمن، متلقفا ما يلقيه المولى سبحانه وتعالى في قلبه من لطائف العرفان، ولا شك أن الوسيلة إلى هذه الحالة ذكر المولى سبحانه وتعالى، قال المصنف في شرحه: والغرض من المثال المذكور في البيت: ترغيب طالب العلم في الدخول في حضرة المنقطعين إلى الله تعالى الذين تلذذوا بعبادة ربهم وهم في الدنيا متنعمون بما يرد على قلوبهم من المعارف، وما يتجلى لهم من صفات الجلال والجمال، وفي الآخرة أسعد وأفضل وتحذيره من الغفلة التي قطعت ظهور كثير من طلبة العلم وطمست بصائرهم حتى توهموا أن العلم مقصود بالذات، وما هو مطلوب إلا للعمل إذ لا يصح إلا به، فليحذر طالب العلم من الغفلة، وليأخذ نصيبه من الأوراد من بدايته إلى نهايته بقدر ما لا يشغله عن العلم، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، فمن زعم أن الأوراد وإن قلت تشغله فذلك من تسويل الشيطان ومن علامات الطرد والخذلان اهـ.
قال:

فينبغي اقتصارُ ذي الإِخبارِ = على المفيد خَشْيةَ الإكثارِ
فيُخْبِرُ الخالي بلا توكيدِ = ما لَمْ يَكُنْ في الحُكْمِ ذا تَرْديدِ
فَحَسَنٌ ومُنْكِرُ الأَخبارِ = حَتِّمْ له بِحَسَبِ الإنكارِ
كقوله إنّا إليكم مُرْسَلونْ = فزاد بعدَ ما اقتضاهُ المنكِرونْ
لِلَّفظِ الابتداءِ ثمَّ الطلبِ = ثُمَّتَ الاْنكارِ الثلاثةَ اْنسُبِ

أقول: (الفاء) تفريعية أي إن كان قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب فينبغي له أن يقتصر في التركيب على قدر الحاجة فإن كان المخاطب خالي الذهن من الحكم والتردد فيه أي غير عالم بوقوع النسبة أو لا وقوعها ولا مترددا في أنها واقعة أو غير واقعة يلقى له الخبر غير مؤكد فيقول له زيد قائم مثلا ولا يزيد على ذلك لئلا يكون مكثراً عليه بلا فائدة وإن كان مترددا في الخبر طالبا له حسن الإتيان بمؤكد واحد نحو لزيد قائم، وإن كان منكرا وجب توكيده بحسب الإنكار، أي بقدره قوة وضعفاً، فكلما زاد الإنكار زاد في التوكيد كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذبوا في المرة الأول{ إنا إليكم مرسلون} بإن واسمية الجملة وفي المرة الثانية ربنا يعمل{ إنا إليكم لمرسلون} فأكد بالقسم المشار إليه بربنا يعلم، وإن واللام واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا: ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون، ويسمى الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبياً والثالث إنكارياً وهذا معنى قوله للفظ الابتداء ثم الطلب البيت، ويسمى إخراج الكلام على هذه الوجوه أي الخلو عن التوكيد في الأول والتقوية بمؤكد استحساناً في الثاني، ووجوب التوكيد بحسب الإنكار في الثالث إخراجا على مقتضى الظاهر وهو أخص مطلقاً من مقتضى الحال.
قال:

واسْتَحْسِنِ التَّوْكيدَ إِنْ لَوَّحْتَ لَهْ = بِخَبَرٍ كَسائِلٍ في الْمَنْزِلَةْ
وألحقوا أَمارةَ الإِنكار بِهْ = كَعَكْسِهِ لِنُكْتَةٍ لَمْ تَشْتَبِهْ
أقول: تقدم أن إخراج الكلام على الوجوه المتقدمة إخراج على مقتضى الظاهر، وقد يخرج الكلام على خلافه، فيؤتى بمؤكد استحساناً لخالي الذهن إذا قدم إليه ما يلوح بالخبر فيستشرف له استشراف المتردد الطالب نحو ولا تخاطبني في الذين ظلموا أي لا تدعني يا نوح في شأن قومك، فهذا الكلام يلوح بالخبر، ويشعر بأنه قد حق عليهم العذاب، لأن النهي مشوف للنفس عادة إلى طلب السبب فصار المقام مقام أن يتردد المخاطب في أنهم هل صاروا محكوماً عليهم بالإغراق أم لا؟ فقيل: إنهم مغرقون بالتأكيد وهذا معنى قوله: واستحسن البيت والضمير في له للمخاطب.
وقوله:( كسائل) أي كطالب في المنزلة أي منزلا له منزلة الطالب للخبر، ويجعل المقر كالمنكر إذا ظهر عليه شيء من أمارات الإنكار، فيؤكد له الكلام تأكيد المنكر نحو:

جاء شقيقٌ عارضا رمحِهِ = إن بني عمِّك فيهم رماح
(فشقيق) لا ينكر أن في بني عمه رماحا لكن مجيئه واضع الرمح على العرض من غير التفات وتهيؤ أمارة أنه يعتقد أن لا رمح فيهم بل كلهم عزل: أي لا سلاح معهم، فنزل منزلة المنكر، وأكد له الخطاب، وهذا معنى.
قوله: (وألحقوا أمارة الإنكار به) أي بالإنكار: أي ألحقوا عدم الإنكار المصاحب لأمارة الإنكار بالإنكار.
وقوله (كعكسه) أي جعل المنكر كالمقر إذا كان معه دلائل وشواهد لو تأملها ارتدع عن إنكاره، فلا يؤكد له وهو المراد.
بقوله: (لنكتة لم تشتبه) كقولك لمنكر الإسلام: الإسلام حق بلا تأكيد لأن مع المنكر دلائل دالة على حقيقة الإسلام، وأما تمثيل الأصل بقوله تعالى لا ريب فيه، فليس من هذا القبيل بل تنظير للمسألة بتنزيل وجود الشيء منزلة عدمه بناء على وجود ما يزيله فإنه نزل ريب المرتابين منزلة عدمه تعويلاً على ما يزيله، حتى صح نفي الريب على سبيل الاستغراق كما نزل الإنكار منزلة عدمه لذلك حتى صح ترك التأكيد.
قال:

بِقَسَمٍ قَدْ إِنَّ لامِ الاْبْتِدا = ونُونَيِ الْتَّوْكيدِ وَاْسْمٍ أَكِّدا
والنَّفْيُ كالإثباتِ في ذا الْبابِ = يَجْري على الثلاثةِ الأَلْقابِ
بِـإِنْ وَكانَ لامٍ أَوْ بَاءٍ يَمينْ = كَـما جليسُ الفاسقين بالأمين
أقول: بين بعض ما (يؤكد) به الخبر، (فالقسم) نحو: والله زيد قائم، (وقد) نحو: قد قام زيد، (وإنَّ) نحو إن زيداً قائم، (ولام) الابتداء نحو: لزيد قائم، (ونونا التوكيد) نحو: ليقومن زيد بتشديد النون وتخفيفها، (والاسم) أي اسمية الجملة نحو زيد عالم.
فقوله: (بقسم) متعلق بـ"أكدا" آخر البيت، وألفه للإطلاق أو مبدلة من نون التوكيد الخفيفة: أي أكدن بقسم، وقد إلى آخر المعطوفات بحرف العطف المحذوف.
وقوله: (والنفي) البيت: يعني أن الخبر المنفي كالخبر المثبت في وجوهه الثلاثة المتقدمة من التجريد عن المؤكدات في الابتدائي وتقويته بمؤكد استحسانا في الطلبي، ووجوب التأكيد بحسب الإنكار في الإنكاري، وفي الإخراج على خلاف مقتضى الظاهر تقول لخالي الذهن: ما زيد قائماً، وللطالب: ما زيد بقائم، وللمنكر: والله ما زيد بقائم، ومن هذه تعلم أمثلة الخروج عن مقتضى الظاهر في النفي، والألقاب: الأنواع.
وقوله: (بأن وكان) البيت إشارة إلى بعض مؤكدات الخبر في النفي، وهي (إن) الزائدة نحو: ما إن زيد قائم، (وكان) نحو: ما كان زيد قائماً، (ولام) الجحود نحو: ما كان زيد ليقوم (والباء) نحو: ما زيد بقائم، ومنه مثال الكتاب وهو: (ما جليس الفاسقين بالأمين) أي على الشريعة، لأن من تخلق بحالة لا يخلو حاضره منها.
(واليمين نحو): والله ما زيد قائماً.


  #3  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 11:50 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية المنياوي على حلية اللب المصون للشيخ: مخلوف بن محمد البدوي المنياوي


قال:
الباب الأول:أحوال الإسناد الخبري

أقول: (الإسناد) ضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى، بحيث يفيد الحكم، بأن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى، أو منفي عنها، فقولنا أو ما يجري مجراها لإدخال نحو زيد قام أبوه ،وبحيث يفيد الحكم.. الخ، لإخراج الإسناد الإنشائي، والمراد بالمفهوم ما يفهم من الكلمة، فلا يرد أن المعتبر من جانب الموضوع الذات، ومن جانب المحمول المفهوم، لأن الذات أيضاً مما يفهم من اللفظ، وقدم بحث الخبر على بحث الإنشاء لعظم شأنه ولتفرع الإنشاء عليه في نحو زيد في الدار وأزيد فيها، وقدم أحوال الإسناد على أحوال المسند إليه والمسند مع تأخير النسبة عن الطرفين؛ لأن البحث إنما هو عن أحوال اللفظ الموصوف بكونه مسندا إليه أو مسندا وهذا الوصف إنما يتحقق بعد تحقق الإسناد والمتقدم على النسبة ذات الطرفين ولا بحث لهم عنها، والخبري نسبة للخبر، وتقدم أنه ما احتمل الصدق والكذب وفي حد الصدق والكذب أقوال أربعة:
الأول: وهو أصحها أن الصدق مطابقة حكم الخبر للواقع والكذب عدم مطابقته له، ولو كان الاعتقاد بخلاف ذلك في الحالين.
الثاني: وهو للنظام أن الصدق المطابقة لاعتقاد المخبر ولو خطأ، والكذب عدم مطابقته للاعتقاد ولو صواباً، وما لا اعتقاد معه على هذا القول داخل في الكذب لا واسطة.
الثالث: وهو للجاحظ أن الصدق المطابقة للخارج مع اعتقاد المخبر المطابقة والكذب عدم المطابقة للواقع مع اعتقاد عدمها وما عدا ذلك ليس بصدق ولا كذب أي واسطة بينهما وهو أربع صور: المطابق ولا اعتقاد لشيء، والمطابق مع اعتقاد عدم المطابقة، وغير المطابق مع اعتقاد المطابقة وغيره ولا اعتقاد.
القول الرابع: للراغب وهو مثل قول الجاحظ غير أنه وصف الأربع صور بالصدق والكذب باعتبارين: فالصدق باعتبار المطابقة للخارج أو للاعتقاد، والكذب من حيث انتفاء المطابقة للخارج أو للاعتقاد واستدل النظام بقوله تعالى: {إن المنافقين لكاذبون} أي في قولهم إنك لرسول الله لعدم مطابقته لاعتقادهم، ورد استدلاله بأن المراد لكاذبون في الشهادة، أي في ادعائهم مواطأة القلب للسان لتضمن قولهم إنك.. الخ شهادتنا من صميم القلب، وهذا كذب واستدل الجاحظ بقوله تعالى:{ أفترى على الله كذباً أم به جنة} لأن الإخبار حال الجنة غير الكذب، لأنه قسيمه وغير الصدق، لأنهم يعتقدون عدم صدقه، فثبتت الواسطة ورد بأن المعنى أم لم يفتر فعبر عن عدم الافتراء بالجنة من جهة أن المجنون لا افتراء له، لأن الافتراء الكذب عن عمد، فهذا حصر للخبر الكاذب بزعمهم في نوعيه: أي الكذب عن عمد ولا عن عمد.
قال:

الحُكْمُ بالسلبِ أوِ الإيجابِ = إِسْنادُهمْ. وَقَصْدُ ذي الخِطابِ
إفادةُ السامعِ نَفْسَ الحكْمِ = أوْ كَوْنَ مُخْبِرٍ به ذا عِلْم
فأولٌ فائدةٌ والثاني = لازِمُها عِنْدَ ذوي الأذهانِ

أقول: (إسنادهم) أي الخبري بدليل ما في الترجمة معرف، والحكم بالسلب أو الإيجاب تعريف، والمراد الحكم بأن النسبة واقعة كزيد قائم أو ليست بواقعة كزيد ليس بقائم، ولا مخالفة بين هذا التعريف وما تقدم لمراعاة المعنى هنا، واللفظ هناك لأن الخبر يكون معقولا وملفوظاً،فالتعريفان بالاعتبارين.
وقوله:(وقصد) إلى آخر البيت الثاني المراد بذي الخطاب المخبر أي الذي هو بصدد الإخبار والإعلام لا كل مخبر، إذ قد يكون مقصود المخبر إظهار الضعف نحو رب إني وهن العظم مني أو التحزن والتحسر نحو رب إني وضعتها أنثى إذ المولى سبحانه عالم بالفائدة ولازمها في الخبرين، أي( قصد) المخبر بخبره أحد أمرين إما الحكم أي النسبة بين الطرفين المحكوم بها كقولك زيد قائم لمن لم يعلم قيامه أو كونه عالماً به كقولك ذلك للعالم به قاصدا إعلامه بأنك عالم بذلك، ويسمى الأول فائدة الخبر؛ لأن من شأنه أن يستفاد من الخبر وان استفيد من غيره، والثاني لازمها لأنه كلما أفاد الحكم أفاد أنه عالم به، وليس كلما أفاد أنه عالم بالحكم أفاد نفس الحكم لجواز أن يكون الحكم معلوماً قبل الإخبار كما تقدم.
قال:

وربما أُجْرِيَ مُجْرَى الجاهِلِ = مُخاطَبٌ إِنْ كانَ غيرَ عاملِ
كقولنا لعالمٍ ذي غفلةِ = الذكرُ مفتاحٌ لبابِ الحضرةِ
أقول: قد ينزل (المخاطب) العالم بفائدة الخبر ولازمها أو بأحدهما منزلة الجاهل، كقولك لتارك الصلاة وهو يعتقد وجوبها الصلاة واجبة لعدم جريه على موجب العلم لأن من لم يعمل بعلمه هو والجاهل سواء، وكقولنا( للعالم الغافل) عن ذكر الله تعالى مع علمه بأنه وسيلة إلى حضرة المذكور: الذكر مفتاح لباب الحضرة، أي الإلهية، والمراد بالحضرة ويعبر عنها بحضرة القدس، وهي الحالة الذي إذا وصل إليها السالك سمي عارفاً، وواصلا أن يكون في حالة لا يرى فيها إلا المولى سبحانه وتعالى فانيا عن الأكوان متوجها بقلبه إلى الرحمن، متلقفا ما يلقيه المولى سبحانه وتعالى في قلبه من لطائف العرفان، ولا شك أن الوسيلة إلى هذه الحالة ذكر المولى سبحانه وتعالى، قال المصنف في شرحه: والغرض من المثال المذكور في البيت: ترغيب طالب العلم في الدخول في حضرة المنقطعين إلى الله تعالى الذين تلذذوا بعبادة ربهم وهم في الدنيا متنعمون بما يرد على قلوبهم من المعارف، وما يتجلى لهم من صفات الجلال والجمال، وفي الآخرة أسعد وأفضل وتحذيره من الغفلة التي قطعت ظهور كثير من طلبة العلم وطمست بصائرهم حتى توهموا أن العلم مقصود بالذات، وما هو مطلوب إلا للعمل إذ لا يصح إلا به، فليحذر طالب العلم من الغفلة، وليأخذ نصيبه من الأوراد من بدايته إلى نهايته بقدر ما لا يشغله عن العلم، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، فمن زعم أن الأوراد وإن قلت تشغله فذلك من تسويل الشيطان ومن علامات الطرد والخذلان اهـ.
قال:

فينبغي اقتصارُ ذي الإِخبارِ = على المفيد خَشْيةَ الإكثارِ
فيُخْبِرُ الخالي بلا توكيدِ = ما لَمْ يَكُنْ في الحُكْمِ ذا تَرْديدِ
فَحَسَنٌ ومُنْكِرُ الأَخبارِ = حَتِّمْ له بِحَسَبِ الإنكارِ
كقوله إنّا إليكم مُرْسَلونْ = فزاد بعدَ ما اقتضاهُ المنكِرونْ
لِلَّفظِ الابتداءِ ثمَّ الطلبِ = ثُمَّتَ الاْنكارِ الثلاثةَ اْنسُبِ

أقول: (الفاء) تفريعية أي إن كان قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب فينبغي له أن يقتصر في التركيب على قدر الحاجة فإن كان المخاطب خالي الذهن من الحكم والتردد فيه أي غير عالم بوقوع النسبة أو لا وقوعها ولا مترددا في أنها واقعة أو غير واقعة يلقى له الخبر غير مؤكد فيقول له زيد قائم مثلا ولا يزيد على ذلك لئلا يكون مكثراً عليه بلا فائدة وإن كان مترددا في الخبر طالبا له حسن الإتيان بمؤكد واحد نحو لزيد قائم، وإن كان منكرا وجب توكيده بحسب الإنكار، أي بقدره قوة وضعفاً، فكلما زاد الإنكار زاد في التوكيد كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذبوا في المرة الأول{ إنا إليكم مرسلون} بإن واسمية الجملة وفي المرة الثانية ربنا يعمل{ إنا إليكم لمرسلون} فأكد بالقسم المشار إليه بربنا يعلم، وإن واللام واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا: ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون، ويسمى الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبياً والثالث إنكارياً وهذا معنى قوله للفظ الابتداء ثم الطلب البيت، ويسمى إخراج الكلام على هذه الوجوه أي الخلو عن التوكيد في الأول والتقوية بمؤكد استحساناً في الثاني، ووجوب التوكيد بحسب الإنكار في الثالث إخراجا على مقتضى الظاهر وهو أخص مطلقاً من مقتضى الحال.
قال:

واسْتَحْسِنِ التَّوْكيدَ إِنْ لَوَّحْتَ لَهْ = بِخَبَرٍ كَسائِلٍ في الْمَنْزِلَةْ
وألحقوا أَمارةَ الإِنكار بِهْ = كَعَكْسِهِ لِنُكْتَةٍ لَمْ تَشْتَبِهْ
أقول: تقدم أن إخراج الكلام على الوجوه المتقدمة إخراج على مقتضى الظاهر، وقد يخرج الكلام على خلافه، فيؤتى بمؤكد استحساناً لخالي الذهن إذا قدم إليه ما يلوح بالخبر فيستشرف له استشراف المتردد الطالب نحو ولا تخاطبني في الذين ظلموا أي لا تدعني يا نوح في شأن قومك، فهذا الكلام يلوح بالخبر، ويشعر بأنه قد حق عليهم العذاب، لأن النهي مشوف للنفس عادة إلى طلب السبب فصار المقام مقام أن يتردد المخاطب في أنهم هل صاروا محكوماً عليهم بالإغراق أم لا؟ فقيل: إنهم مغرقون بالتأكيد وهذا معنى قوله: واستحسن البيت والضمير في له للمخاطب.
وقوله:( كسائل) أي كطالب في المنزلة أي منزلا له منزلة الطالب للخبر، ويجعل المقر كالمنكر إذا ظهر عليه شيء من أمارات الإنكار، فيؤكد له الكلام تأكيد المنكر نحو:

جاء شقيقٌ عارضا رمحِهِ = إن بني عمِّك فيهم رماح
(فشقيق) لا ينكر أن في بني عمه رماحا لكن مجيئه واضع الرمح على العرض من غير التفات وتهيؤ أمارة أنه يعتقد أن لا رمح فيهم بل كلهم عزل: أي لا سلاح معهم، فنزل منزلة المنكر، وأكد له الخطاب، وهذا معنى.
قوله: (وألحقوا أمارة الإنكار به) أي بالإنكار: أي ألحقوا عدم الإنكار المصاحب لأمارة الإنكار بالإنكار.
وقوله (كعكسه) أي جعل المنكر كالمقر إذا كان معه دلائل وشواهد لو تأملها ارتدع عن إنكاره، فلا يؤكد له وهو المراد.
بقوله: (لنكتة لم تشتبه) كقولك لمنكر الإسلام: الإسلام حق بلا تأكيد لأن مع المنكر دلائل دالة على حقيقة الإسلام، وأما تمثيل الأصل بقوله تعالى لا ريب فيه، فليس من هذا القبيل بل تنظير للمسألة بتنزيل وجود الشيء منزلة عدمه بناء على وجود ما يزيله فإنه نزل ريب المرتابين منزلة عدمه تعويلاً على ما يزيله، حتى صح نفي الريب على سبيل الاستغراق كما نزل الإنكار منزلة عدمه لذلك حتى صح ترك التأكيد.
قال:

بِقَسَمٍ قَدْ إِنَّ لامِ الاْبْتِدا = ونُونَيِ الْتَّوْكيدِ وَاْسْمٍ أَكِّدا
والنَّفْيُ كالإثباتِ في ذا الْبابِ = يَجْري على الثلاثةِ الأَلْقابِ
بِـإِنْ وَكانَ لامٍ أَوْ بَاءٍ يَمينْ = كَـما جليسُ الفاسقين بالأمين
أقول: بين بعض ما (يؤكد) به الخبر، (فالقسم) نحو: والله زيد قائم، (وقد) نحو: قد قام زيد، (وإنَّ) نحو إن زيداً قائم، (ولام) الابتداء نحو: لزيد قائم، (ونونا التوكيد) نحو: ليقومن زيد بتشديد النون وتخفيفها، (والاسم) أي اسمية الجملة نحو زيد عالم.
فقوله: (بقسم) متعلق بـ"أكدا" آخر البيت، وألفه للإطلاق أو مبدلة من نون التوكيد الخفيفة: أي أكدن بقسم، وقد إلى آخر المعطوفات بحرف العطف المحذوف.
وقوله: (والنفي) البيت: يعني أن الخبر المنفي كالخبر المثبت في وجوهه الثلاثة المتقدمة من التجريد عن المؤكدات في الابتدائي وتقويته بمؤكد استحسانا في الطلبي، ووجوب التأكيد بحسب الإنكار في الإنكاري، وفي الإخراج على خلاف مقتضى الظاهر تقول لخالي الذهن: ما زيد قائماً، وللطالب: ما زيد بقائم، وللمنكر: والله ما زيد بقائم، ومن هذه تعلم أمثلة الخروج عن مقتضى الظاهر في النفي، والألقاب: الأنواع.
وقوله: (بأن وكان) البيت إشارة إلى بعض مؤكدات الخبر في النفي، وهي (إن) الزائدة نحو: ما إن زيد قائم، (وكان) نحو: ما كان زيد قائماً، (ولام) الجحود نحو: ما كان زيد ليقوم (والباء) نحو: ما زيد بقائم، ومنه مثال الكتاب وهو: (ما جليس الفاسقين بالأمين) أي على الشريعة، لأن من تخلق بحالة لا يخلو حاضره منها.
(واليمين نحو): والله ما زيد قائماً.



الباب الأول
أحوال الإسناد الخبري

قوله: (أحوال الإسناد) أي الأمور العارضة له، وهي أربعة التوكيد وتركه والحقيقة العقلية والمجاز العقلي.
وقوله: (الخبري) ليس بقيد بل الإنشائي أيضا يجري فيه الأحوال الآتية، وإنما خص الخبري لأن وقوعها فيه أكثر مثال التوكيد في الإنشاء اضربن زيدا، وتركه اضرب زيدا ومثال الحقيقة العقلية فيه قم يا زيد والمجاز العقلي قوله تعالى حكاية عن فرعون- يا هامان ابن لي صرحا- فإن هامان ليس هو الباني حقيقة صبان.
قوله( ضم) أي أثر ضم أو لازم ضم الأثر هو النسبة وكذلك اللازم.
وقوله: (إلى أخرى) أي أو ما يجري مجراها والأنسب أن يراد بالكلمة الأولى وما جرى مجراها المسند وبالثانية كذلك المسند إليه. والحاصل أن الصور أربعة لأنه إما أن يكون المسند إليه والمسند مفردين نحو زيد قائم أو جملتين نحو زيد قائم يجب توكيده، إذا ألقى إلى المنكر أو المسند إليه مفرد والمسند جملة نحو زيد ضرب عمرا أو بالعكس نحو لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة اهـ من الصبان.
قوله: (بحيث يفيد الحكم) المراد الإفادة بحسب الوضع، فلا يشكل بالصلة والجملة الواقعة صفة أو حالا، إذ لم توضع لإفادة الحكم اهـ صبان.
وقوله: (فلا يشكل بالصلة.. إلخ) أي من حيث وجود الضم المذكور في الثلاثة مع عدم الإسناد فيها، لأن الصلة مع الموصول وجملة الصفة والجملة الحالية في حكم الكلمة.
وقوله: (إذا لم توضع.. إلخ) بل الأولى لتعيين الموصول والثانية لتخصيص الموصوف والثالثة لوصف صاحب الحال بمضمونها قال الفنري، والمراد بالحكم المعنى اللغوي المصدري لا الاصطلاحي المفسر بالإسناد، حتى يتوهم الدور، ثم الظاهر أن التعريف مبني على أن الجملة الشرطية عند النحاة جملة خبرية هي الجزاء مقيدة بقيد مخصوص هو الشرط محتملة في نفسها للصدق والكذب، فالخبر عندهم منحصر في الحملي اهـ.
وقوله: (مبني.. إلخ) إذ الضم المذكور لا يكون إلا في الحملية، فيلزم ترجيع الشرطية إليها، بأن تجعل خبرية هي الجزاء.. إلخ.
قوله: (أو منفي عنها) أي منتف لأن المحكوم به هو الثبوت والانتفاء صبان عن يس.
قوله: (نحو زيد.. إلخ) أي من كل تركيب أقيم فيه غير المفرد، ومنه المركبات التقييدية، والإضافية مقام المفرد.
قوله: (لإخراج الإسناد الإنشائي) أي لعدم إفادته ما ذكر، وإنما يفيد ربط المسند بالمسند إليه على وجه طلبه منه أو الاستفهام عن صدوره منه مثلا.
قوله: (ما يفهم.. إلخ) أي لا خصوص ما قابل الذات وهو الحقيقة.
قوله: (الذات) وهي الما صدق، أي فكان المناسب أن يقال لما صدق الأخرى. وحاصل الإيراد أنه ليس المفهوم معتبرا من جانب الموضوع بل المعتبر من جانبه الما صدق، فلا يصح أن يعتبر الثبوت للمفهوم بل لما صدق. وحاصل الجواب أن المراد بالمفهوم ما يفهم من اللفظ، أي مدلوله لا مقابل الذات الذي هو الحقيقة حتى يرد ما ذكره الشارح من أن المعتبر من جانب الموضوع الذات، هو في غير القضية الطبيعية وهي ما حكم فيها على الطبيعة والحقيقة، كقولك الحيوان جنس كما يستفاد من عبد الحكيم فإن المعتب من جانب الموضوع فيها المفهوم لا الذات والإيراد، إنما يتأتى في غيرها فما يفهم من الكلمة يعم المفهوم والذات، وقد أشار الشارح إلى هذا بقوله لأن الذات.. إلخ.
قوله: (لأن الذات.. إلخ) علة لقوله فلا يرد.
قوله: (لعظم شأنه) لأن المزايا والخواص المعتبرة عند البلغاء أكثر وقوعها فيه.
قوله: (ولتفرع.. إلخ) أي فهو أصل له بالنسبة إلى هذا المثال ونحوه والأصل مقدم، بل هو أصل لكل تركيب إنشائي عند بعض المحققين كما مر بيانه.
قوله: (مع تأخر النسبة) فيه إشارة إلى أن المراد بالإسناد النسبة، فأظهر في محل الإضمار لهذه الإشارة صبان.
قوله: (الموصوف.. إلخ) أي فالبحث عنه من حيث وصفه بالإسناد صبان.
قوله: (وهذا الوصف) أي كونه مسندا إليه أو مسندا.
قوله: (والمتقدم.. إلخ) استئناف بياني في جواب سؤال هو إذا كان كل منهما متأخرا لتأخر الوصف، فلم حكموا بالتقدم.
وقوله: (ولا بحث لهم عنها) أي فلا تعتبر موجبة لتقديم الكلام على أحوالهما.
قوله: (مطابقة حكم الخبر للواقع) إنما زاد لفظ حكم لأن الخبر حينئذ عبارة عن اللفظ، وهو لا يوصف بالمطابقة حقيقة اهـ ع س اهـ سم، والمراد بحكمه النسبة الحكمية ،أي الكلامية المفهومة من الكلام وبالواقع الخارج أي النسبة الخارجة الحاصلة بين الطرفين مع قطع النظر عن الكلام، وليس المراد بالواقع هنا نفس الأمر اهـ صبان.
وقوله: (حينئذ) أي حين، إذ جعل قسما من الكلام.
وقوله: (وليس المراد.. إلخ) لأن نفس الأمر هو الخارج عما يفهم من الكلام الشامل للنسبة الخارجية وغيرها، كما أفاده هو في محل آخر فلا يناسب جعله مطابقا بفتح الباء، ثم المراد مطابقة حكمه الذي تضمنه المعنى المراد لا خصوص المعنى الوضعي، فلا يرد المبالغة التي قصد منها معنى الكثرة كجئتك ألف ألف مرة، وأما التي قصد منها ظاهر الكلام، فهي كذب محض.
قوله: (في الحالين) أي حال المطابقة التي هي الصدق وحال عدمها الذي هو الكذب.
قوله: (للنظام) هو من المعتزلة، وهو مذهب سخيف جدا لما أشار إليه السكاكي من أن تصديق اليهودي، إذا قال الإسلام حق، وتكذيبه إذا قال الإسلام باطل يناديان عليه بالفساد والبطلان اهـ صبان، وإنما قدمه الشارح على مذهب الجاحظ لكمال اتصاله بالمذهب الأول حيث اجتمعا في انحصار الخبر في الصادق والكاذب.
قوله: (المطابقة.. إلخ) أي مطابقة الحكم الخبر للاعتقاد، والمراد بالاعتقاد الحكم الذهني الجازم أو الراجح، فيشمل الظن قاله السعد.
قوله: (ولو خطأ) أي ولو كان الاعتقاد خطأ غير مطابق للواقع وإذا كان صوابا فبطريق الأولى لتحقق المطابقتين اهـ. مطول وعبد الحكيم قال الصبان قال الحفيد على المطول اختار المحقق الرضي أن الواو في مثل هذا الموضع اعتراضية، وأراد بالاعتراضية ما يتوسط أثناء الكلام، أو يذكر آخره مستأنفة لفظا متعلقة به معنى، ثم نقل أن لو في مثل هذا الموضع لا تكون لانتفاء شيء لانتفاء غيره، ولا للمضي وكذا إن لا لقصد التعليق ولا للاستقبال، فالمعنى فيهما ثبوت الحكم ألبتة اهـ.
وقوله: (ما يتوسط أثناء الكلام) نحو زيد وإن كثر ماله بخيل.
وقوله: (أو يذكر آخره) نحو زيد بخيل ولو كثر ماله اه.
ـوقوله: (بالاعتراضية) أي المنسوبة إليها الواو.
قوله: (عدم مطابقته) أي مطابقة حكم الخبر.
وقوله: (ولو صوابا) أي ولو كان حكم الخبر صوابا، أي مطابقا للواقع، فقول القائل السماء تحتنا معتقدا ذلك صدق.
وقوله: (السماء فوقنا) غير معتقد كذب قاله السعد، ثم قول الشارح ولو صوابا مثله للسيوطي، وما قررناه به هو المتعين لصحته، وإن تبادر من كلامهما ما لا يصح من رجوعه للاعتقاد، مع أن الاعتقاد إنما يناسبه ولو خطأ كما لغيرهما تأمل.
قوله: (وما لا اعتقاد معه.. إلخ) وذلك لأنه إذا انتفى الاعتقاد صدق عدم مطابقة الاعتقاد قاله السعد.
وقوله: (صدق عدم.. إلخ) لأن عدم مطابقة الاعتقاد يصدق بوجوده غير مطابق له الخبر وبفقده.
وقوله: (مطابقة) الاعتقاد من إضافة المصدر لمفعوله.
قوله: (للجاحظ) هو أبو مسلم ويقال هو أبو عثمان عمرو بن يحيى الأصفهاني أحد شيوخ المعتزلة، وتلميذ النظام ولقب بالجاحظ، لأن عينيه كانتا جاحظتين من جحظت عينه ،كمنع خرجت مقلته أو عظمت اهـ صبان.
قوله: (المطابقة) أي مطابقة نسبة الخبر المفهومة منه.
وقوله: (للخارج) أي النسبة الخارجية الثابتة بين الطرفين في نفس الأمر، وهي المراد بالواقع فيما بعد.
قوله: (مع اعتقاد) حال من المطابقة، وهو قيد.
وقوله: (المطابقة قيد آخر) فخرج بالأول المطابقة مع عدم الاعتقاد أصلا، كخبر الشاك وبالثاني المطابقة مع اعتقاد عدمها، وهاتان الصورتان من صور الواسطة، فالصدق صورة واحدة، وهي المطابقة مع اعتقادها أفاده الصبان.
وقوله: (صورة واحدة) أي من صور المطابقة.
قوله: (مع اعتقاد) حال من عدم وهو قيد.
وقوله: (عدمها قيد آخر) فخرج بالأول عدم المطابقة لا مع اعتقاد أصلا، وبالثاني عدم المطابقة مع اعتقادها، وهاتان الصورتان تمام الأربعة الآتية التي هي صور الواسطة والكذب صورة من صور عدم المطابقة وهو عدمها مع اعتقاد العدم، فكل من المطابقة وعدمها صوره ثلاث، والمجموع ست أربعة منها واسطة، ثم إن الشارح اعتبر في تفسير الصدق مع مطابقة الواقع اعتقاد المطابقة، وفي تفسير الكذب مع عدمها اعتقاد عدم المطابقة تبعا للسعد التابع، للإيضاح قال السعد بعد فكل من الصدق والكذب بتفسير الجاحظ أخص منه بالتفسيرين السابقين، لأنه اعتبر في الصدق مطابقة الواقع، والاعتقاد جميعا وفي الكذب عدم مطابقتهما جميعا، ثم أفاد أنه لا منافاة بين التفسير السابق، وبين ما قاله بعد، لأن اعتقاد المطابقة يستلزم مطابقة الاعتقاد، وكذا اعتقاد عدم المطابقة يستلزم مطابقة الاعتقاد، ووجه اللزوم كما نقله الصبان عن الأطول، أنه إذا اعتقد المخبر أن خبره مطابق للواقع، فلا محالة يعتقد الخبر فقد طابق خبره اعتقاده، وإذا اعتقد أن خبره غير مطابق، لم يعتقد خبره فلم يطابق خبره اعتقاده، وبما ذكرناه لك هنا من اللزوم وتوجيهه يتضح لك وجود اعتبارين على مذهب الراغب في الصورة الثانية والثالثة من صور الواسطة هذا، ولو اعتبر الشارح في الصدق مطابقة الاعتقاد وفي الكذب عدمها وجرى على هذا الاعتبار فيما بعد لاتضح المقصود غاية الاتضاح وأراح من هذا التعب واستراح.
قوله: (لشيء) أي من مطابقة أو عدمها كما يدل عليه ما بعد.
قوله: (وهو مثل.. إلخ) أي في أن كلا من الصدق والكذب مجموع الأمرين.
قوله: (غير أنه اعتبر.. إلخ) أفاد به أنه إنما يوافق الجاحظ في صدق تام وكذب تام وأما غير التام فهو أحد الأمرين المذكورين في تفسيري الجاحظ؛ فالصدق مطابقة الواقع أو الاعتقاد والكذب عدم مطابقة الواقع أو الاعتقاد.
قوله: (الأربع صور) المناسب أربع الصور أو الأربع الصور، لأن العدد المضاف إذ عرف تدخل أل على جزئه الأخير عند البصريين وعلى الجزأين عند الكوفيين لا على الأول فقط، كما صنع ثم ما ذكره لا يظهر في الصورة الرابعة، وهي غير المطابق ولا اعتقاد بشيء، إذ قد انعدم فيها مطابقة الواقع والاعتقاد، فلا يتأتى فيها صدق أصلا فلعل مراده بوصف الأربع بما ذكر وصف ما فيه إحدى المطابقتين منها، ثم إنه قد مر لك ما يظهر منه وجود الاعتبارين في الصورة الثانية والثالثة ووجهه في الأولى أن عدم اعتقد شيء أصلا من مصدوق عدم مطابقة الاعتقاد؛ كما مر قريبا فقد وجد فيها عدم مطابقة الاعتقاد كما وجدت المطابقة للخارج، ثم بعد كتبي هذا رأيت في حاشية البناني على جمع الجوامع أن كلا من الأولى والرابعة واسطة عند الراغب لا يوصفان بصدق ولا كذب، وحينئذ فما ذكره الشارح مع عدم ظهوره في الرابعة غير مناسب في الأولى لصدقه عليها مع خروجها، فكان عليه أن يذكر أن الصدق والكذب التامين في صورتين، وكذا غير التأمين وأن الواسطة اثنتان هذا تحقيق المقام.
قوله: (لعدم مطابقته لاعتقادهم) أي فدل على أن كذب الخبر عدم مطابقته للاعتقاد، وإذا كان الخبر قد جعل كذبا لعدم مطابقته للاعتقاد مع مطابقته للواقع، فأحرى إذا لم يطابق الواقع والاعتقاد معا، لأنه بالكذب أجدر وإذا تحقق أن الكذب مجرد عدم مطابقة الاعتقاد كان الصدق مقابله لعدم الواسطة بالاتفاق من الخصم، فيكون الصدق هو تلك المطابقة، فلا يرد أن يقال بعد تسليم أن الكذب ما ذكر لا يلزم منه أن الصدق مطابقة الاعتقاد، بل ولا أن الكذب مجرد عدم مطابقة الاعتقاد لاحتمال أن الكذب هو عدم تلك المطابقة مع موافقة الواقع، لأنه هو الموجود في الدليل اهـ صبان عن اليعقوبي. وقوله: (من الخصم) هو من عدا الجاحظ لما علمت من تأخره وكذا الراغب على ما ذكرنا، وإلا لما تم الدفع فلعله متأخر أيضا.
قوله: (أي في إدعائهم.. إلخ) فسر الشهادة بلازمها لأنه مرجع الكذب دون نفس الشهادة، لأنها إنشاء لا توصف بصدق ولا كذب.
وقوله:(مواطأة القلب) أي موافقة اعتقاد القلب.
وقوله: (للسان) أي لمنطوقه.
قوله: (لتضمن.. إلخ) تعليل لمحذوف، أي فإنما صح الكذب في الشهادة لتضمن.. إلخ.
وقوله: (قولهم إنك الظاهر) قولهم نشهد أنك.
قوله: (من صميم القلب) أي خالصه.
قوله: (لأن الإخبار حال الجنة) أي المذكور في قوله أم به جنة أي أم أخبر حال كونه به جنة وبهذا يعلم وجود شرط أم المتصلة من كونها بين متساويين؛ فعلية أو اسمية على أن ابن مالك ومن تبعه لا يشترطون ذلك اهـ صبان.
قوله: (لأنه قسيمه) أي وقسيم الشيء يجب أن يكون غيره سعد.
قوله: (فثبتت للواسطة) أي لأنه حيث كان مراد الكفار بالإخبار حال الجنة غير الصدق وغير الكذب، وهم عقلاء من أهل اللسان عارفون باللغة وجب أن يكون من الخبر ما ليس بصادق ولا كاذب، حتى يكون هذا منه بزعمهم سعد.
قوله: (ورد.. إلخ) حاصله منع أن المراد بالثاني غير الكذب، ومنع أنه قسيم الكذب، وبيانه أنا نختار أن المراد بالثاني الكذب.
وقوله: (أنه قسيمه إن أراد) أنه قسيم مطلق الكذب، كما هو المتبادر فمنوع بل هو قسيم الكذب العمد خاصة، وإن أراد أنه قسيم الكذب عن عمد فمسلم، ولكن لا يلزم منه أن يكون المراد بالثاني غير الكذب، إذ لا يلزم من كون الشيء قسيما للأخص أن يكون قسيما للأعم اهـ صبان.
قوله: (فعبر عن عدم.. إلخ) أي على طريق الكناية إذ يلزم الجنة عدم الافتراء وإلى هذا أشار الشارح بقوله من جهة.. إلخ.
قوله: (للخبر الكاذب) أي المطلق.
قوله: (وقصد ذي الخطاب) مبتدأ خبره إفادة والجملة مستأنفة بعد تمام التعريف.
قوله: (أو كون) بالنصب عطف على نفس ومخبر بكسر الباء وهذا إظهار في محل الإضمار، لأنه ذو الخطاب، كما سيذكره الشارح، أو مانعة خلو تجوز الجمع، كما إذا سأل واحد عن أمر بمحضر جماعة، فبادر كل واحد منهم إلى الجواب، ليفيد الحكم، وأنه عالم به نقله الصبان عن الأطول.
وقوله: (بمحضر جماعة) خص الجماعة، لأن إجابة كل واحد منهم دليل إرادتهم إفادة علمهم أيضا، وإلا لاستغنوا بإجابة واحد منهم لكفايتها في إفادة الحكم قرره شيخنا.
قوله: (فأول) مبتدأ والمسوغ وقوعه في معرض التقسيم.
قوله: (إسنادهم) مبتدأ خبره معرف.
قوله: (والمراد بالحكم.. إلخ) يظهر من هذا أن التعريف للإسناد، بالمعنى المصدري بخلاف التعريف المتقدم.
قوله: (بأن النسبة) أي ثبوت المحمول للموضوع.
قوله: (لمراعاة المعنى.. إلخ) أي أنه روعي هنا معنى الخبر فعرف الإسناد بما جعل متعلقا بالمعنى، وهو الحكم المذكور وروعي هناك لفظه فعرف بما جعل متعلقا باللفظ، وهو أثر ضم.. إلخ. ولك أن تقول لأن التعريف له هنا بالمعنى المصدري وهناك بالحاصل بالمصدر، وهو أجود كما لا يخفى تأمل.
قوله: (يكون معقولا وملفوظا) أي مراعى فيه المعقول أو الملفوظ.
قوله: (الذي هو بصدد.. إلخ) أفاد في القاموس أن الصدد هنا يطلق على قبالة الشيء والقريب منه، والمراد به الاعتبار والتصدي أي الذي هو ملابس باعتبار الإخبار والتصدي له، أي معتبر للإخبار ومتصد له.
قوله: (الإخبار والإعلام) الإخبار في اللغة الإعلام بمضمون الجملة الخبرية وفي العرف الإتيان بها مرادا بها، معناها سواء حصل به العلم أو لا اهـ. حفيد على المطول وعطف الإعلام على الإخبار لتفسيره والتنبيه على أن المراد به معناه اللغوي، لأنه المناسب لمقام حصر قصد المخبر الإفادة في قصد إفادة الحكم، وقصد إفادة العلم به اهـ صبان بحذف.
وقوله: (بمضمون الجملة) أي متعلق مضمونها.
وقوله: (لأنه المناسب.. إلخ) إنما تكون المناسبة عند ارتكاب التجريد في المعنى اللغوي بأن يراد الأعم من غير قيد، وإلا كان قاصرا على الإعلام بالحكم ،كما علمت من تقديرنا المضاف في المعنى اللغوي قبل مضمون.
قوله: (لا كل مخبر) أي آت بالجملة الخبرية مطلقا.
قوله: (إظهار الضعف) أي لازم الإظهار، وهو الشكوى، إذ يلزم من إظهار الضعف لمدبر حال الشخص شكوى حاله إليه، وإلا فالضعف عند المخاصم العالم ظاهر لا يحتاج لإظهار تأمل.
قوله: (نحو رب إني وضعتها أنثى) فقصدها التحزن بعدم حصول مقصدها وخيبة رجائها، حيث لم تضع ما في بطنها ذكرا، فيتحرر لخدمة بيت المقدس ويكون من خدمته، إذ لا يصلح لذلك إلا الذكور ولا مجال للإناث في ذلك اهـ جربي اهـ صبان.
قوله: (أي قصد المخبر.. إلخ) بيان لجملة كلام المصنف من قوله، وقصد ذي الخطاب إلى آخر البيتين بعده بعد أن بين المراد من بعض المفردات.
قوله: (بخبره) المراد به إخباره لا الجملة، إذ الإفادة المذكورة إنما تقصد بالفعل، وتكون غرضا منه لا بالجملة الخبرية، فإن المقصود بها نفس الحكم أو لازمه فلو أريد الجملة لما صح قوله إفادة.. إلخ. صبان عن الأطول.
قوله: (أما الحكم) أي إفادته أي إفادة التصديق به.
قوله: (أي النسبة.. إلخ) فالمصدر بمعنى المفعول بخلافه في تعريف الإسناد كما مر.
قوله: (أو كونه عالما) أي إفادته، وإنما خص هذا مع أن لوازم الحكم كثيرة ،كإفادة أن المخاطب حي لكثرة قصده دون غيره أفاده الصبان.
قوله: (ويسمى الأول) أي الحكم الذي يقصد بالخبر إفادته.
قوله: (وإن استفيد من غيره) كالإشارة.
قوله: (لأنه) أي المخبر أو الحال والشأن كلما.. إلخ. أشار به إلى أن اللزوم ليس باعتبار ذات العلم وذات الحكم، لأنه لا تلازم بينهما، إذ قد يتحقق الحكم ولا يعتقده المتكلم، بل باعتبار الإفادة بمعنى أن إفادة الأول ملزومة لإفادة الثاني اهـ صبان.
وقوله: (ولا يعتقد) أي فلا يتحقق علمه فلم يلزم من حكمه علمه.
قوله: (وليس كلما أفاد.. إلخ) واللازم أعم لا مساو اهـ صبان والأعم هو الذي لا يلزم من وجوده وجود ملزومه.
قوله: (وربما أجرى.. إلخ) قال ع ق ثم إن هذا المذكور وهو أن الكلام يخاطب به الجاهل بالحكم، لإفادة فائدة الخبر والعالم به الجاهل بلازمها لإفادة لازمها هو فيما، إذا أجرى الكلام على الأصل وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل، فيخاطب بالكلام كما يخاطب به الجاهل، وإليه أشار بقوله وربما.. إلخ.
قوله: (مجرى) بضم الميم، لأن فعله رباعي.
وقوله: (إن كان قيد في أجرى) كما أشار له ع ق وهو واضح.
قوله: (ذي غفلة) ينبغي أن يقرأ بالتاء وكذا الحضرة لئلا يلزم عيب الأكفاء، وهو اختلاف الروي بحروف متقاربة المخارج.
قوله: (منزلة الجاهل) أي بهما معا الذي يقصد إفادتهما له أو بأحدهما فالصور ثلاثة.
قوله: (كقولك.. إلخ) هذا كمثال المصنف مثال لتنزيل العالم بالفائدة، ومثال تنزيل العالم باللازم منزلة الجاهل به، وهو قليل الوقوع أن تقول لمن يؤذيك الله ربنا ومحمد رسولنا تنزيلا له منزلة من لا يعلم علمك بمضمون الجملتين، حيث يؤذيك إذاية من يعتقد أنك جاهل بالربوبية والرسالة اهـ ع ق، ومثال تنزيل العالم بهما معا منزلة الجاهل بهما معا، قولك لمن أخذ في مقدمات الزنا بحضرتك الزنا محرم تنزيلا له منزلة من يجهل حرمة الزنا، حيث تجاري عليه ويجهل علمك بالحرمة، حيث لم يبال باطلاعك عليه تأمل.
قوله: (لعدم.. إلخ) علة لينزل والمراد بالجري على الموجب التلبس به والموجب بفتح الجيم المقتضي بفتح الضاد.
قوله: (لأن من لم يعمل.. إلخ) تعليل لترتب التنزيل المذكور على ما ذكر من العلة.
قوله: (سواء) أي كالمستويين من حيث إن الثمرة والمقصود بالذات من العلم قد انتفى عنهما اهـ سم اهـ صبان.
قوله: (المذكور) أي الذي يذكره الذاكر وهو الله تعالى.
قوله: (السالك) أي للطريقة الموصلة إلى الله أي المتمسك بالأوامر والنواهي.
قوله: (فانيا) خبر ثان ليكون بعد متعلق الظرف.
قوله: (عن الأكوان) أي الموجودات.
قوله: (متلقفا.. إلخ) التلقف الالتقام والإلقاء الطرح والمراد هنا لازمهما، أي الحفظ والإثبات، أي جعل الشيء ثابتا مستقرا.
قوله: (من لطائف العرفان) أي اللطائف الناشئة عن شدة العرفان.
قوله: (وفي الآخرة) أي وهم في الآخرة فهو عطف على في الدنيا.
قوله: (وتحذيره) بالرفع عطف على ترغيب.
قوله: (قطعت) فيه مجاز على مجاز، فإن القطع الذي هو فصل اللين نقل إلى الكسر بجامع مطلق الفصل في كل، ثم إلى لازمه وهو الضرر ثم ضرر الظهر كناية عن ضرر الشخص.
قوله: (وطمست بصائرهم) أطلق الطمس، وهو السد وأراد لازمه وهو المنع، أي منعتها عن الإدراك.
قوله: (وهو مطلوب.. إلخ) جملة حالية.
قوله: (خلفة) أي يخلف كل منهما الآخر اهـ جلالين.
قوله: (تسويل) أي تزيين.
قوله: (والخذلان) ضد النصرة وهو الهزيمة والمراد هنا لازمه من ظلمة الوجه تأمل.
قوله: (اقتصار.. إلخ) أي فلا يزيد ولا ينقص.
قوله: (على المفيد) وهو يتنوع بحسب حال المخاطب وقد أشار إلى تفصيله بقوله فيخبر.. إلخ.
قوله: (خشية الإكثار) علة لاقتصار لا لينبغي لاختلاف الفاعل أفاده الصبان عن يس، أي حذرا من الإكثار لغير حاجة، لأن ذلك من اللغو المنهي عنه في شرع البلغاء.
قوله: (ما لم يكن) أي المخاطب لا الخالي كما لا يخفى، فهذا شبه استثناء منقطع أفاده المصنف في شرحه.
قوله: (ترديد) أي تردد فقد أريد لازمه.
قوله: (فحسن) أي فإن كان ذا تردد فالتأكيد حسن فالفاء واقعة في جواب شرط مقدر وحسن خبر لمحذوف والجملة جواب الشرط.
قوله: (حتم) خبر لمحذوف أي التأكيد حتم أي محتوم والجملة خبر منكر.
قوله: (فزاد) بالإفراد وضميره للقائل وهم الرسل وفي نسخة ع ق فزادوا وتحذف الواو ولفظا اكتفاء عنها بالضمة على حد قوله:
ولو أن الأطباء كانوا حولي بحذف الواو لفظا لما ذكر.
قوله: (بعد) بالبناء فعبر عن عدم الافتراء بالبناء على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه، أي بعد اقتضاء إنكار المنكرين لتلك الزيادة.
وقوله: (ما اقتضاه) مفعول زاد والمنكرون فاعل اقتضى على حذف مضاف هو إنكار والمعنى، فزاد القائل بعد اقتضاء إنكار المنكرين لتلك الزيادة ما اقتضاه إنكارهم.
قوله: (للفظ) متعلق بأنسب والثلاثة مفعول به مقدم، والمعنى أنسب الثلاثة المتقدمة، أي على ترتيبها وهي خلو الكلام عن المؤكد وتأكيده استحسانا وتأكيده وجوبا للفظ الابتداء.. إلخ. أي على الترتيب المذكور وكون الثلاثة ما ذكر هو ما يتبادر من السعد في الشرحين وصرح به الصبان والذي في المصنف، أنها خطاب الخالي وخطاب المتردد وخطاب المنكر والظاهر أن المصدر بمعنى المفعول، فيكون عين ما أفاده في الأطول من أنها الكلام الملقى إلى الخالي والكلام الملقى إلى المتردد والكلام الملقى إلى المنكر.
قوله: (على قدر الحاجة) أي على مقدار حاجة المخبر في إفادة الحكم أو لازمه أو حاجة المخاطب في استفادتهما صبان عن الأطول.
قوله: (من الحكم) سكت عن لازم الحكم اتكالا على المقايسة صبان عن يس والمؤكد، وإن كان وضعه للحكم يستعمل للازمه نقله أيضا عن الأطول.
قوله: (أي غير) تفسير لقوله خالي الذهن.
وقوله: (عالم بوقوع النسبة أو لا وقوعها) تفسير للحكم، فالمراد بالحكم هنا العلم بوقوع النسبة أو لا وقوعها.
وقوله: (ولا مترددا في أنها.. إلخ) أشار به إلى أن ضمير فيه يرجع إلى الحكم، بمعنى وقوع النسبة أو لا وقوعها ففي كلامه استخدام اهـ صبان.
وقوله: (ففي كلامه استخدام) أي فلا يرد الاعتراض بالتلازم بين خلو الذهن من الحكم وخلوه من التردد فيه، إذ لا يلزم من خلو الذهن من العلم بوقوع النسبة أو لا وقوعها خلوه من التردد في الوقوع وعدمه؛ إذ قد يكون الخالي من العلم المذكور مترددا ولعبد الحكيم هنا تقرير غير هذا فراجعه.
قوله: (يلقى له الخبر.. إلخ) للاستغناء عن التوكيد بسبب أن الحكم يجد الذهن خاليا فيتمكن منه.
قوله: (وإن كان مترددا في الخبر) أي في حكمه بأن حضر في ذهنه الموضوع والمحمول وتردد في الحكم بينهما، هل هو وقوع النسبة أو لا وقوعها أفاده السعد، فالحكم الذي فيه التردد هو الوقوع واللاوقوع. وقوله: (طالبا له) أي لحكمه الذي هو الإيقاع والانتزاع، فبين المحذوفين شبه استخدام قال الصبان جعل الحفيد الظن الذي في عرضة الزوال ،كالتردد ثم قال والطلب أعم من أن يكون بلسان المقال أو بلسان الحال.
قوله: (حسن الإتيان.. إلخ) ليزيل ذلك المؤكد تردده ويتمكن الحكم لكن المذكور في دلائل الإعجاز، إنه إنما يحسن التأكيد إذا كان للمخاطب ظن في خلاف حكمك قاله السعد، أي فإن كان له شك لم يحسن التوكيد ولا يؤتى به، فهذا خلاف ما ذكره القوم فهما قولان كما صرح به ع ق.
قوله: (نحو لزيد قائم) إنما لم يعول هنا في التوكيد على اسمية الجملة وأدخل اللام، لإفادته لما سننقله عن الصبان عن السيد الصفوي من أن الاسمية ليست للتوكيد مطلقا، بل إذا اعتبرت مؤكدة وهنا لم تعتبر فأتى باللام.
قوله: (بحسب الإنكار) قال في الأطول، أي بقدر الإنكار، أي زائدا على قدر ما للسائل بالغا ما بلغ على حذو الإنكار، فله فائدتان إحداهما اشتراط أن يكون زائدا على قدر تأكيد المتردد، والثانية أنه يتفاوت بحسب المقامات اهـ صبان.
قوله: (قوة وضعفا) أي لا عددا فقد يطلب للإنكار الواحد تأكيدان مثلا لقوته، وللإنكارين ثلاثة مثلا لقوتهما وللثلاث أربع لقوة الثلاث كما في الآية الآتية، فإن التأكيدات أربع والإنكارات ثلاثة لقوتها قاله بعضهم.
وقوله: (قد يطلب.. إلخ) يقتضي أن الأصل أن يطلب للإنكار الواحد تأكيد واحد وهو ما أفاده الحفيد والفنري، وفيما نقلناه عن الأطول خلافه اهـ صبان.
قوله: (فكلما زاد الإنكار) أي قوة.
قوله: (عن رسل عيسى) هو بولش بفتح الباء الموحدة وسكون الواو وفتح اللام وبالمعجمة ويحيى وشمعون، وهو الثالث الذي عزرها بعد تكذيبهما اهـ صبان عن الأطول.
قوله: (إذا كذبوا) ظرف لقول مقدر مفعول حكاية والأصل حكاية عن رسل عيسى قولهم إذ.. إلخ، لا لقول ولا لحكاية، إذ قول الله والحكاية ليسا وقت التكذيب قال في الأطول، والمراد كذب بعضهم كما يقال قتل فلانا بنو فلان والقاتل واحد منهم إذ المكذب في المرة الأولى اثنان بدليل قوله تعالى- إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون-اهـ صبان.
قوله: (اسمية الجملة) أي كونها اسمية لا صيرورتها اسمية، كما وهم فإنه لا يشترط في التأكيد كونها معدولة اهـ عبد الحكيم.
قوله: (المشار إليه.. إلخ) المناسب أن يقول الذي هو ربنا يعلم إذ هو لا يشار به إلى قسم بل يسمى قسما، لجريانه مجراه في التوكيد به أفاده الصبان عن سم.
قوله: (ما أنتم إلا بشر مثلنا) نفوا رسالتهم بإثبات البشرية لهم، لاعتقادهم أن الرسول لا يكون بشرا واستشكل ذلك بأن البشرية، إنما تنافي بزعمهم الرسالة من عند الله لا من عند عيسى والرسل كانوا يدعون الرسالة من عند عيسى لا من عند الله، ومعنى قولهم إنا إليكم مرسلون إنا إليكم مرسلون من عند عيسى، كما يؤيده ما في الحفيد على المطول عن القرطبي، أنهما قالا نحن رسولا عيسى وأجيب بأن الخطاب في قوله ما أنتم يتناول الرسل والمرسل معا على طريق تغليب المخاطبين على الغائب، فيكون نفي الرسالة عنهم تغليبا له عليهم ،كأنهم أحضروا عيسى عليه السلام وخاطبوه بنفي رسالته من الله ونظيره في الاشتمال عن التغليبين، أن يبلغ جماعة من خدم السلطان حكمه إلى أهل بلد، فيقولون في ردهم إن حكمكم لا يجري علينا، إذ فينا من هو أعلى يدا منكم وقيل إن رسل عيسى أوهموا الكفار أنهم رسل من الله بناء على أن الرسالة من رسول الله رسالة من الله في وجوب انقياد ما يبلغ والتصديق به؛ كما يؤيده ما في الكشاف حيث قال: فدعاهما أي رسولي عيسى الملك أي ملك أنطاكية فقالا: من أرسلكما قالا الله الذي خلق كل شيء فجواب الكفار على ما فهموه.
قوله: (ويسمى الضرب.. إلخ) تقدمت لك الثلاثة في حل المصنف.
قوله: (ابتدائيا) لكونه غير مسوق بطلب أو إنكار اهـ صبان، ومنه يعلم وبه النسبة في الأخيرين.
قوله: (على هذه الوجوه) يتبادر من عبارته كالسعد أن الوجوه هي الأضرب الثلاثة، وحينئذ فقوله في الأول أي إلقاء الأول كما للصبان عن اليعقوبي لا الضرب الأول لئلا يلزم ظرفية الشيء في نفسه، وكذا يقال في الثاني والثالث وأولية إلقاء الكلام خالية عن التوكيد بحسب الترتيب الطبيعي، وكذا ثانوية المؤكد للمتردد ولك أن تجعل الشارح، كالسعد جاريا على ما مر عن الأطول في بيان أضرب، ويكون المراد بالوجوه المفهومة من السياق لكنه خلاف المتبادر.
قوله: (إخراجا على مقتضى الظاهر) قال الشريف الصفوي في شرح الفوائد تحقيق المقام أن الحال، بمعنى عرفته قد يكون أمرا محققا ،كما مر وقد يكون أمرا يعتبره المتكلم بتنزيل شيء منزلة غيره والأول يسمى ظاهر الحال والتطبيق عليه إخراج الكلام على مقتضى ظاهر الحال اهـ صبان.
وقوله:( كما مر) أي من الأمور الثلاثة التي هو خلو الذهن والتردد والإنكار.
وقوله: (بتنزيل.. إلخ) كتنزيل غير السائل منزلة السائل عند ذكر ما يلوح له بالخبر كما سيذكره المصنف.
قوله: (وهو أخص مطلقا من مقتضى الحال) أي خصوصا مطلقا لأن معناه مقتضى ظاهر الحال، فكل مقتضى الظاهر مقتضى الحال من غير عكس، كما في صور إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، فإنه يكون على مقتضى الحال، ولا يكون على مقتضى الظاهر قاله السعد.
وقوله:( كما في صور.. إلخ) هي المذكورة في قول المصنف واستحسن التوكيد.. إلخ.
قوله: (واستحسن.. إلخ) هو راجع للضرب الثاني أعني الطلبي.
وقوله: (وألحقوا.. إلخ) راجع للثالث أعني الإنكاري.
وقوله:( كعكسه) راجع للأول أعني الابتدائي أفاده الصبان.
قوله:( كسائل) متعلق بمحذوف خبر لفعل ناقص محذوف معطوف على ما قبله، أي فيصير عند التلويح له بالخبر، وإن لم يتردد ولم يطلب كسائل متردد طالب لذلك الخبر الملوح له به في المنزلة أفاده ع ق.
قوله: (وقد يخرج) المناسب لتعبير الشارح قبل بالإخراج دون التخريج أن يقرأ يخرج بضم الياء وسكون الحاء وفتح الراء مخففة أفاده الصبان.
قوله: (فيؤتى بمؤكد استحسانا) لا يخفى أن الإتيان بالمؤكد ليس متأخرا عن الإخراج، فإما أن يجعل الإخراج مجازا عن إرادته، أو تجعل ألفا للتفصيل أفاده عبد الحكيم.
وقوله: (للتفصيل) أي تفصيل الإخراج.
قوله: (استحسانا) لتنزيل خالي الذهن منزلة السائل حيث قدم إليه ما يلوح.. إلخ، وتقدم أن السائل يؤكد له استحسانا هذا وما قاله المصنف والشارح من الاستحسان هو ما ذكره ع ق، وبعض الشراح والصبان، وقال الفنري بذكر التأكيد وجوبا للدلالة على التنزيل المذكور، وإن لم يجب في السائل ابتداء، فيكون جعله كالسائل في مطلق طلب التأكيد ولعلهما طريقتان.
قوله: (إن قدم إليه) قال في المفتاح هذا الاشتراط بالنظر إلى ما هو الشائع في الاستعمال، ولا يمتنع أن يقع ذلك بسبب غير التلويح اهـ ،كالاهتمام بشأن الخبر، لكونه مستبعدا والتنبيه على غفلة السامع عبد الحكيم.
وقوله: (ما يلوح) أي يشير.
قوله: (فيستشرف) أي غير السائل.
وقوله: (له) أي للخبر يعني ينظر إليه يقال استشرف الشيء، إذا رفع رأسه ينظر إليه، وبسط كفه فوق الحاجب، كالمستظل من الشمس قاله السعد وقوله أي للخبر فاللام زائدة كما في ردف لكم لأن الفعل إذا كان استعماله بدون حرف الجر كثيرا فهو متعد، وما ورد به فحرف الجر فيه زائد، وإنما لم يجعل ضمير له للملوح مع عدم احتياجه إلى زيادة اللام، لأن الفاء تفيد ما تفيده اللام، فيلزم الاستدراك قاله عبد الحكيم، أي لأن اللام لام الأجل تفيد ترتيب الاستشراف على الملوح، أي تلويحه وهذا مستفاد من الفاء بما ذكره آخرا من، قوله وإنما.. إلخ، ظهر وجه تفريع زيادة اللام على عود الضمير إلى الخبر لمن تأمل.
وقول: (السعد يعني ينظر.. إلخ) قال الصبان عبر بيعني إشارة إلى أن معنى الاستشراف ليس هو النظر فقط، بل هو مجموع رفع الرأس والنظر وبسط الكف فوق الحاجب فهو هنا من باب التجريد ومع ذلك فالمراد بالنظر هنا لازمه العرفي وهو التأمل.
وقوله:( كالمستظل من الشمس) أي من شعاعها اه.
قوله: (نحو ولا تخاطبني.. إلخ) اكتفى في تعيين الملوح بقوله ولا تخاطبني.. إلخ، ولم يذكر واصنع الفلك مع أنه الذي يدور عليه الانتقال إلى الإغراق إشارة إلى أن قوله ولا تخاطبني.. إلخ، يكفي في التنزيل منزلة السائل، لأنه يكفي الإشارة إلى جنس الخبر، ولا تجب الإشارة إلى خصوص الخبر اهـ أطول اهـ صبان.
وقوله: (مع أنه.. إلخ) أي فيكون في النهي معه الإشارة إلى خصوص الخبر، فتحصل أنه إن نظر إلى ولا تخاطبني.. إلخ، مع واصنع الفلك كان هناك إشارة وتلويح إلى خصوص الخبر، وإن نظر إليه فقط كان هناك إشارة إلى جنس الخبر ،والمراد بالتلويح ما قابل التصريح، فاندفع ما يرد على الشق الأول من أن في قوله واصنع الفلك دلالة ظاهرة على إغراقهم لا تلويحا له، فالمقام مقام علم إغراقهم لا التردد فيه أفاده الصبان أيضا.
قوله: (بالخبر) أي بجنسه بناء على صنيع الشارح كما عرفت.
قوله: (لأن النهي.. إلخ) المناسب تأخير هذا التعليل عن قوله فصار.. إلخ، لأنه لا يصلح إلا له لأن الصيرورة الآتية، إنما حصلت من كون النهي بهذه الصفة ،كما يظهر لمن تأمل وأنصف.
قوله: (إلى طلب السبب) أي سبب النهي ولو أبدل أل بالضمير لكان أوضح.
قوله: (مقام أن يتردد) أي وليس هناك تردد بالفعل، وإلا لكان إخراجا على مقتضى الظاهر قاله الصبان عن سم.
قوله: (بالإغراق) المناسب لما سبق أن يقول بالعذاب ويمكن أن يقال خصوص الإغراق ليس مرادا، بل المراد نوعه الذي هو العذاب اهـ صبان.
قوله: (ويجعل.. إلخ) عطف على قوله فيؤتى عطف جملة.
قوله: (المقر) أراد به غير المنكر الشامل لخالي الذهن والسائل والعالم جميعا، ولو عبر به كالأصل لكان أولى.
قوله: (إذا ظهر.. إلخ) وكذا إذا كان الكلام بعيدا عن القبول فالتقييد تقييد بما هو أكثر صبان عن الأطول.
قوله: (من أمارات الإنكار) المراد بأمارات الإنكار هنا ما يناسب باعتبار حال من ظهرت تلك الأمارات عليه، كونه منكرا في زعم المتكلم لا الأمارات الموجبة، لظن الإنكار وإلا كان تأكيد الكلام ظاهريا لا تنزيليا اهـ صبان عن اليعقوبي، وقوله كونه منكرا معمول ليناسب، وقوله في زعم المتكلم متعلق بيناسب.
قوله: (نحو جاء شقيق) هو لحجل بن فضلة بفتح الحاء وسكون الجيم عم النبي صلى الله عليه وسلم كذا في عبد الحكيم قال الصبان، وهذا يوجب أن يكون فضلة اسم أمه أو لقبا لعبد المطلب.
قوله: (على العرض) أي عرض الرمح أي جاعلا عرضة جهة الأعداء لا على طوله جاعلا سنانه جهتهم بل جاء واضعا له على فخذيه، وقيل المراد على عرض الفخذين الموضوع عليهما الرمح اهـ صبان.
قوله: (لكن مجيئه) أي للحرب.
قوله: (أمارة أنه يعتقد.. إلخ) لأنه على عادة من ليس متهيئا للحرب.
قوله: (عزل) جمع أعزل وهو من لا سلاح معه، كأحمر وحمر اهـ صبان، فقول الشارح لا سلاح معهم بيان له.
قوله: (وأكد له الخطاب) هو خطاب التفات من الغيبة لأن الاسم الظاهر من قبيلها ومنه شقيق.
قوله:( كالمقر) أراد به غير المنكر هنا أيضا، إلا أنه ينبغي جعل هذا المعنى المراد قاصرا على الخالي والسائل، فإن نزل منزلة الخالي، فلا تأكيد والسائل أكد استحسانا، ولا معنى لتنزيل المنكر منزلة العالم في إلقاء الخبر إليه لأنه يقتضي عدم الخطاب أفاده الصبان عن سم ويس.
قوله: (تأملها) أي تأمل فيها لأن التأمل النظر في الأمر صبان عن الأطول.
قوله: (دلائل) الأولى من الدلائل بمن التبعيضية كما عبر السعد، ليفيد ما هو الواقع من أنه يكفي بعضها ولو واحدا كما أفاده الصبان.
قوله: (وشواهد) عطف مرادف بين به أن المراد بالدلائل ما يشمل القرائن، ونحوها لا ما لا يشملهما فهو، كالتفسير للدلائل كذا في يس اهـ صبان.
قوله: (ارتدع عن إنكاره) بأن ينتقل إلى مرتبة المتردد أو خالي الذهن اهـ أطول اه.
قوله: (وهو المراد.. إلخ) أي كون المنكر معه من الدلائل ما.. إلخ، فيكون قول المصنف لنكتة راجعا لقوله كعكسه فقط وفي كلامه الحذف من السابق لدلالة اللاحق.
قوله: (بلا تأكيد) يرد عليه أن أسمية الجملة تفيد التأكيد، والجواب أن مرادهم بقولهم أسمية الجملة من المؤكدات، أنها مما يصلح أن يقصد بها التأكيد عند مناسبة المقام، فليست للتأكيد مطلقا، بل إذا اعتبرت مؤكدة هذا ما ارتضاه الصفوى في شرح الفوائد صبان.
قوله: (بل تنظير) أي على الأحسن كما قال السعد، وإن كان يمكن جعله من هذا القبيل ،كما وجهه السعد أولا وقوله للمسئلة أي مسئلة جعل المنكر كغير المنكر، وقوله بتنزيل الباء للسببية أي إن التنظير حصل بسبب تنزيل وجود الشيء منزلة عدمه في كل بناء على وجود ما يزيله قال السيد في حواشي المطول، ويؤيده قول المصنف يعني الخطيب، وهكذا اعتبارات النفي لإشعاره بأن ما تقدم اعتبارات الإثبات وأمثلته فقط، ولو كان قوله لا ريب فيه مثالا لكان من أمثلة النفي، فكان الأنسب تأخيره عن قوله وهكذا اعتبارات النفي اهـ.
قوله: (تعويلا) أي اعتمادا.
قوله: (لذلك) أي التعويل والاعتماد على ما يزيل إنكارهم لو تأملوه.
قوله: (بقسم.. إلخ) هذه المؤكدات تتداخل بوجود بعضها مع بعض، كوجود نون التوكيد أو قد مع القسم أو اسمية الجملة مع اللام والقسم ع ق.
قوله: (والنفي) عطف على مقدر أي هذا الذي ذكرته وهو ما يتعلق من هذا الباب بالإثبات.ثم أقول اعلم أن ما تقدم عام في النفي والإثبات وتنصيص الأصل على النفي بقوله وهكذا اعتبارات النفي، إنما هو لدفع ما أوهمته الأمثلة السابقة له من الاختصاص بالإثبات ،كما في المطول ومصنفنا لم يسبق له ما يوهم الاختصاص بالإثبات، إذ لم يمثل إلا للتوكيد حال الإنكار عند الجري على مقتضى الظاهر والمثال الواحد لا يقتضي ما ذكر، فكان عليه ترك هذا البيت للاستغناء عنه بالتعميم السابق هذا ما ظهر لي.
قوله: (في ذا الباب) أي باب أحوال الإسناد الخبري.
قوله: (على الثلاثة الألقاب) أي الوجوه الثلاثة السابقة.
قوله: (بأن) متعلق بمحذوف معلوم من السياق أي يؤكد النفي بأن.
قوله: (أسمية الجملة) لدلالتها على الدوام والثبوت ع ق.
قوله: (في وجوهه.. إلخ) بيان لوجه الشبه فقول المصنف يجري.. إلخ، مفرع على التشبيه والمراد ،كما في شرح المصنف الجريان على أحكامها وهي التجريد عن المؤكدات في الابتدائي إلى آخر ما ذكره الشارح، فهي عين الوجوه فليس المراد بالوجوه هنا الأضرب الثلاثة السابقة أصلا كما سنحققه.
قوله: (من التجريد.. إلخ) مثل ما هنا في السعد وهو لا يظهر إلا على ما مر عن المصنف والأطول في بيان الضروب الثلاثة لا على ما يتبادر من السعد والشارح؛ فيما مر إذ يلزم عليه ظرفية الشيء في نفسه، فينبغي أن يكون السعد والشارح أرادا هنا بالابتدائي وما بعده ما مر عن المصنف والأطول، فيكون على المتبادر منهما فيما سبق بين الموضعين شبه استخدام.
قوله: (ومن هذه تعلم.. إلخ) فمن علم أن الخالي يلقى له النفي مجردا عن التوكيد يعلم أن المنزل منزلته، كذلك وهكذا فيما بعده، فتقول ليست اليهودية حقا لليهودي المنكر انتفاء حقيتها ومعه من الدلائل على هذا الانتفاء ما لو تأمله ارتدع، ونقول لخالي الذهن الذي يريد فلانا يصنع له حاجة لا تستصنعه إنه ليس أهلا، فقولك لا تستصنعه كلام يلوح بالخير ويشعر بأن فلانا ليس ممن يختار لما ذكر، فصار المقام مقام أن يتردد المخاطب بين كونه أهلا وغير أهل فقلت إنه ليس أهلا، وتقول لا أخشى والله بأسك لمن يعلم ذلك، وقد ظهرت عليه أمارات إنكاره، ككونه يكلمك في أمر خالفته فيه تكليم السيد لخادمه وهذه الأمثلة على الترتيب للخالي والمتردد والمنكر تنزيلا في الثلاثة فتدبر.
قوله: (إلى بعض.. إلخ) ومنها التوكيد اللفظي نحو ما زيد قائم ومنها جزما وحقا تأمل.



  #4  
قديم 16 ذو الحجة 1430هـ/3-12-2009م, 10:03 AM
جميلة عبد العزيز جميلة عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مجموعة المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 229
افتراضي الشرح الصوتي للجوهر المكنون للشيخ: عصام البشير المراكشي

(الْبَابُ الأَوَّلُ: الإِسْنَادُ الْخَبَرِيُّ)

الْحُكْمُ بِالسَّلْبِ أَوِ الإِيجَابِ = إِسْنَادُهُمْ وَقَصْدُ ذِي الْخِطَابِ
إِفَادَةُ السَّامِعِ نَفْسَ الْحُكْمِ = أَوْ كَوْنَ مُخْبِرٍ بِهِ ذَا عِلْمِ
فَأَوَّلٌ فَائِدَةٌ وَالثَّانِي = لازِمُهَا عِنْدَ ذَوِي الأَذْهَانِ
وَرُبَّمَا أُجْرِيَ مُجْرَى الْجَاهِلِ = مُخَاطَبٌ إِنْ كَانَ غَيْرَ عَامِلِ
كَقَوْلِنَا لِعَالِمٍ ذِي غَفْلَةِ = الذِّكْرُ مُفْتَاحٌ لِبَابِ الْحَضْرَةِ
فَيَنْبَغِي اقْتِصَارُ ذِي الإِخْبَارِ = عَلَى الْمُفِيدِ خَشْيَةَ الإِكْثَارِ
فَيُخْبِرُ الْخَالِي بِلا تَوْكِيدِ = مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحُكْمِ ذَا تَرْدِيدِ
فَحَسَنٌ وَمُنْكِرُ الإِخْبَارِ = حَتْمٌ لَهُ بِحَسَبِ الإِنْكَارِ
كَقَوْلِهِ إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ = فَزَادَ بَعْدُ مَا اقْتَضَاهُ الْمُنْكِرُونَ
لِلَفْظِ الابْتِدَاءِ ثُمَّ الطَّلَبِ = ثُمَّتَ الاِنْكَارِ الثَّلاثَةَ انْسُبِ



وَاسْتُحْسِنَ التَّأْكِيدُ إِنْ لَوَّحْتَ لَهْ = بِخَبَرٍ كَسَائِلٍ فِي الْمَنْزِلَهْ
وَأَلْحَقُوا أَمَارَةَ الإِنْكَارِ بِهْ = كَعَكْسِهِ لِنُكْتَةٍ لَمْ تَشْتَبِهْ
بِقَسَمٍ قَدْ إِنَّ لامِ الاِبْتِدَا = وَنُونَيِ التَّوْكِيدِ وَاسْمٍ أُكِّدَا
وَالنَّفْيُ كَالإِثْبَاتِ فِي ذَا الْبَابِ = يَجْرِي عَلَى الثَّلاثَةِ الأَلْقَابِ
بِأَنْ وَكَانَ لامٍ اوْ بَاءٍ يَمِينْ = كَمَا جَلِيسُ الْفَاسِقِينَ بِالأَمِينْ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الباب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir