1167- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
* مُفْرَداتُ الحديثِ:
- غَرَضاً:بِفَتْحَتَيْنِ، وغَيْنُه معجمةٌ؛ أي: هَدفاً، والمُرادُ: لا تَتَّخِذُوا الحيوانَ الحيَّ غَرَضاً تَرْمُونَ إليه، والنهيُ يَقْتَضِي التحريمَ؛ فإنَّه تعذيبٌ للحيوانِ.
*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- الحديثُ فيه النهيُ عن اتِّخاذِ شيءٍ مِن ذِي رُوحٍ هدفاً يُرْمَى إليه، والنهيُ يَقْتَضِي التحريمَ؛ فهذا تعذيبٌ للحيوانِ.
وقد جاءَ في الْبُخَارِيِّ (5513) ومُسْلِمٍ(1956) من حديثِ أَنَسٍ قالَ: (نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ البَهائِمُ). والصَّبْرُ قَتْلُها محبوسةً مقهورةً.
2- وقد جاءَ في بعضِ الأحاديثِ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا)). يعني: جَعَلَها هَدَفاً يُرْمَى إليه.
فهو تعذيبٌ للحيوانِ، وإتلافٌ لنفسِه، وتَضْيِيعٌ لمالِيَّتِه، وتفويتٌ لذَكَاتِه.
وقدْ قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1955)، وهذا أَسَاءَ لقتلِه مِن وُجُوهٍ.
3- قالَ الشيخُ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشيخِ حَوْلَ قَتْلِ الحُمُرِ الأهليَّةِ: إنَّ قتلَ هذه الحيواناتِ السائبةِ لا يَحِلُّ شرعاً؛ لِمَا صَرَّحَ بهِ الفقهاءُ.
قالَ في (الإقناعِ وشرحِه): ولا يَجُوزُ قتلُ البهيمةِ ولا ذَبْحُها للإراحةِ، كالآدمِيِّ المتألِّمِ بالأمراضِ الصعبةِ.
وقالَ في (المُنْتَهَى): وَيَحْرُمُ ذبحُ حيوانٍ غيرِ مأكولٍ لإراحتِه من مرضٍ ونحوِه، والواجبُ علينا القيامُ عليها بما يَلْزَمُ لها مِنْ مُؤَنٍ وعَلَفٍ، وغيرِه.
4- الحديثُ يَدُلُّ على تحريمِ أكلِ المصبورَةِ؛ لأنَّها لو كانَتْ ذكاةً شرعيَّةً يَحِلُّ بها أكلُ المصبورةِ لَمَا نَهَى عنها.
قالَ في (الإقناعِ وشرحِه): ولا تُؤْكَلُ المصبورةُ ولا المُنْخَنِقَةُ؛ لِمَا رَوَى سعيدٌ قالَ: (نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنِ المُنْخَنِقَةِ، وعنْ أَكْلِ المَصْبُورَةِ)، والمُنْخَنِقَةُ لا تكونُ إلاَّ في الطائرِ والأرنبِ، وأشباهِها، والمصبورةُ كلُّ حيوانٍ يُحْبَسُ للقتلِ.