الشروط في البيع كثيرة الوقوع، وقد يحتاج المتبايعان أو أحدهما إلى شرط أو أكثر؛ فاقتضى ذلك البحث في الشروط، وبيان ما يصح ويلزم منها وما لا يصح.
والفقهاء رحمهم الله يعرفون الشرط في البيع بأنه إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة، ولا يعتبر الشرط في البيع عندهم ساري المفعول إلا إذا اشترط في صلب العقد؛ فلا يصح الاشتراط قبل العقد ولا بعده. والشروط في البيع تنقسم إلى قسمين: صحيحة وفاسدة:
أولاً: الشروط الصحيحة: وهي الشروط التي لا تخالف مقتضى العقد، وهذا القسم يلزم العمل بمقتضاه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون على شروطهم))، ولأن الأصل في الشروط الصحة؛ إلا ما أبطله الشارع ونهى عنه.
والقسم الصحيح من الشروط نوعان:
النوع الأول: شرط لمصلحة العقد؛ بحيث يتقوى به العقد، وتعود مصلحته على المشترط؛ كاشتراط التوثيق بالرهن، أو اشتراط الضامن، وهذا يطمئن البائع، واشتراط تأجيل الثمن أو تأجيل بعضه إلى مدة معلومة، وهذا يستفيد منه المشتري، فإذا وفي بهذا الشرط؛ لزم البيع، وكذلك لو اشترط المشتري صفة في المبيع، مثل كونه من النوع الجيد أو من الصناعة الفلانية أو الإنتاج الفلاني؛ لأن الرغبات تختلف باختلاف ذلك، فإن أتى المبيع على الوصف المشترط، لزم البيع، وإن اختلف عنه؛ فللمشتري الفسخ أو الإمساك مع تعويضه عن فقد الشرط؛ بحيث يقوم المبيع مع تقدير وجود الصفة المشترطة، ثم يقوم مع فقدها، ويدفع له الفرق بين القيمتين إذا طلب.
النوع الثاني من الشروط الصحيحة في البيع: أن يشترط أحد المتعاقدين على الآخر بذل منفعة مباحة في المبيع؛ كأن يشترط البائع سكنى الدار المبيعة مدة معينة، أو أن يُحمل على الدابة أو السيارة المبيعة إلى موضع معين؛ لما روى جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم باع جملاً واشترط ظهره إلى المدينة"، متفق عليه؛ فالحديث يدل على جواز بيع الدابة مع استثناء ركوبها إلى موضع معين، ويقاس عليها غيرها، وكذا لو اشترط المشتري على البائع بذل عمل في المبيع؛ كأن يشتري منه حطبا، ويشترط عليه حمله إلى موضع معلوم، أو يشتري منه ثوبا، ويشترط عليه خياطته.
[ الملخص الفقهي:2/17-19]