دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > الملخص الفقهي > كتاب القصاص والجنايات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 رجب 1433هـ/6-06-2012م, 03:04 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي باب استيفاء القصاص

وقد سبق بيان شرط وجوب القصاص، لكن تلك الشروط لو توفرت ووجب القصاص؛ فإنه لا يجوز تنفيذه؛ إلا بعد توفر شروط أخرى ذكرها الفقهاء رحمهم الله، وسموها:
شروط استيفاء القصاص، وهي ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون مستحق القصاص مكلفا؛ أي: بالغا عاقلاً، فإن كان مستحق القصاص أو بعض مستحقيه صبيا أو مجنونا؛ لم يستوفه لهما وليهما؛ لأن القصاص لما فيه من التشفي والانتقام ولا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره؛ فيجب الانتظار في تنفيذ القصاص، ويحبس الجاني إلى حين بلوغ الصغير وإفاقة المجنون من مستحقيه؛ لأن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص، حتى بلغ ابن القتيل، وكان ذلك في عصر الصحابة، فلم ينكر، فكان إجماعا من الصحابة الذين في عصر معاوية رضي الله عنه
فإن احتاج الصغير أو المجنون من أولياء القصاص إلى نفقة؛ فلولي المجنون فقط العفو إلى الدية؛ لأن المجنون لا يدري متى يزول بخلاف الصبي.
الشرط الثاني: اتفاق الأولياء والمشتركين في القصاص على استيفائه، وليس لبعضهم أن ينفرد به دون البعض الآخر؛ لأن الاستيفاء حق مشترك، لا يمكن تبعيضه، فإذا استوفى بعضهم؛ كان مستوفيا لحق غيره بغير إذنه، ولا ولاية عليه.
وإن كان من بقي من الشركاء في استحقاق القصاص غائبا أو صغيرًا أو مجنونا؛ انتظر قدوم الغائب وبلوغ الصغير وعقل المجنون منهم.
ومن مات من مستحقي القصاص؛ قام وارثه مقامه.
وإن عفا بعض المشتركين في استحقاق القصاص؛ سقط القصاص.
ويشترك في استحقاق القصاص جميع الورثة بالنسب والسبب: الرجال والنساء، الكبار والصغار، وقال بعض العلماء: إن العفو يختص بالعصبة فقط، وهو قول الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
الشرط الثالث: أن يؤمن الاستيفاء أن يتعدى إلى غير الجاني؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً}.
فإذا أفضى القصاص إلى التعدي؛ فهو إسراف، وقد دلت الآية الكريمة على المنع منه، فإذا وجب على حامل أو من حملت بعد وجوب القصاص عليها؛ لم تقتل حتى تضع ولدها؛ لأن قتلها يتعدى إلى الجنين، وهو بريء، وقد قال الله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}،
ثم بعد وضعه: إن وجد من يرضعه؛ أعطي لمن يرضعه، وقتلت؛ لزوال المانع من القصاص؛ لقيام غيرها مقامها في إرضاع الولد، وإن لم يوجد من يرضعه؛ تركت حتى تفطمة لحولين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قتلت المرأة عمدًا؛ لم تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملاً، وحتى تكفل ولدها، وإذا زنت؛ لم ترجم حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملاً، وحتى تكفل ولدها))، رواه ابن ماجه، ولقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة المقرة بالزنى: ((ارجعي حتى تضعي ما في بطنك"، ثم قال لها: "ارجعي حتى ترضعيه)).
فدل الحديثان والآية على تأخير القصاص من أجل الحمل، وهو إجماع، وهذا يدل على كمال هذه الشريعة وعدالتها، حيث راعت حق الأجنة في البطون، فلم تجز فلم تجز إلحاق الضرر بهم، وراعت حق الأطفال والضعفة، فدفعت عنهم الضرر، وكفلت لهم ما يبقي عليهم حياتهم؛ فلله الحمد على هذه الشريعة السمحاء الكاملة الشاملة لمصالح العباد.
وإذا أريد تنفيذ القصاص؛ فلا بد أن يتم تنفيذه بإشراف الإمام أو نائبه؛ ليمنع الجور في تنفيذه، ويلزم بالوجه الشرعي في ذلك.
ويشترط في الآلة التي ينفذ بها القصاص أن تكون ماضية؛ كسيف وسكين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قتلتم فأحسنوا القتلة)).
ويمنع استيفاء القصاص بآلة كالة؛ لأن ذلك إسراف في القتل.
ثم إن كان الولي يحسن الاستيفاء على الوجه الشرعي، وإلا؛ أمره الحاكم أن يوكل من يقتص له.
والصحيح من قولي العلماء أنه يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}، وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر برض رأس يهودي لرضه رأس جارية من الأنصار.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "والكتاب والميزان على أنه يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه، كما فعل صلى الله عليه وسلم، وقد اتفق على ذلك الكتاب والسنة وآثار الصحابة..." انتهى.
فعلى هذا؛ لو قطع يديه، ثم قتله؛ فعل به ذلك، وإن قتله بحجر أو غرقه أو غير ذلك؛ فعل به مثل ما فعل، وإن أراد ولي القصاص أن يقتصر على ضرب عنقه بالسيف؛ فله ذلك، وهو أفضل، وإن قتله بمحرم؛ تعين قتله بالسيف، ومثل قتل السيف في الوقت الحاضر قتله بإطلاق الرصاص عليه ممن يحسن الرمي.

[الملخص الفقهي: 2/476-479]


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
استيفاء, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir