دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الصيام

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 02:14 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [الوصال]

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عَنِ الْوِصَالِ. قَالُوا: إنَّكَ تُواصِلُ؟ قالَ: ((إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى)).
رواهُ أبو هُرَيْرَةَ، وعائشَةُ، وأنسُ بنُ مالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عنهُمْ.
ولِمسلمٍ: عن أبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: ((فأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُواصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ إِلى السَّحَرِ)).

  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الأول: تصحيح الرواية)

حديثُ أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ (( فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُواصِلْ إِلَى السَّحَرِ ))
عَزَاه المُصنِّفُ إلى روايةِ مسلِمٍ وهو وَهْمٌ وإنما هو من أَفْرادِ البخاريِّ كما قالَه عبدُ الحقِّ في ( جَمْعِه بينَ الصحيحين ) وكذا قالَ صاحبُ ( الْمُنْتَقَى ) والحافظُ الضياءُ في ( أحكامِه ) وكذا المُصنِّفُ في ( عُمْدتِه الكبرى ) عَزَاها للبخاريِّ فقط فالظاهرُ أن ما وَقَعَ في الصُّغْرَى سَبْقُ قَلَمٍ وقولُ المُصنِّفِ بعدَ أن أَخْرَجَ حديثَ ابنِ عمرَ رواه أبو هريرةَ وعائشةُ وأنسٌ أرادَ أن يُبَيِّنَ أن أحاديثَهما في الصحيحين وأن أبا سعيدٍ في حديثِه زيادةُ (( إِلَى السَّحَرِ )) من أجْلِ معْتَقَدِه جوازَ الوِصَالِ إليه .

  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بابُ أفضلِ الصيامِ وغيرِهِ

الْحَدِيثُ التسعونَ بَعْدَ الْمِائَةِ
عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ): ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ. قَالُوا: إنَّكَ تُواصِلُ؟ قالَ: ((إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى)).
رواهُ أبو هُرَيْرَةَ، وعائشَةُ، وأنسُ بنُ مالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنهُمْ.
ولِمسلمٍ: عنْ أبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: ((فأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُواصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ إِلى السَّحَرِ)).

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: تحريمُ الوصالِ إلَّا للقادرِ عَلَيْهِ إلى السحرِ معَ تركِهِ أَوْلَى.
الثَّانِيَةُ: رحمةُ الشارعِ الحكيمِ الرحيمِ بالأُمَّةِ.
الثَّالِثَةُ: النهيُ عن الغُلُوِّ والتَّنْطِيعِ في الدينِ.
الرَّابِعَةُ: خصوصيَّةُ الوصالِ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ ويَسْقِيهِ، بمعنَى: يُلْقِي في قلبِهِ منْ لَذَّةِ المُناجاةِ معَ رَبِّهِ ما يَشْغَلُهُ عن الطعامِ والشرابِ.

  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

بَابُ أَفْضَلِ الصِّيامِ وَغَيْرِهِ
الحديثُ الحاديِ والتسعونَ بعدَ المائةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رَضِي اللهُ عَنْهُما قال: نَهَى رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ. قالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ. إنَّكَ تُوَاصِلُ؟
قال: ((إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى)).
ورواه أبو هُريرةَ، وعائشةُ، وأنسُ بنُ مالكٍ، رَضِي اللهُ عَنْهُم.
ولمسلمٍ: عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِي اللهُ عَنْهُ: ((فأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُواصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ إِلى السَّحَرِ)) .
(191) المعنَى الإجماليُّ:
الشريعةُ الإسلاميَّةُ سَمْحَةٌ مُيَسَّرَةٌ، لا عَنَتَ فيها ، ولا مشقَّةَ.
ومُشرِّعُها الحكيمُ، يَكْرَهُ الغُلُوَّ والتَّعَمُّقَ؛ لأن في ذلك تعذيباً للنَّفسِ وإرهاقاً لها، واللهُ لا يكلِّفُ نفساً إلا وُسْعَها.
ولأن التَّيْسِيرَ والتَّسهيلَ أبقى للعملِ وأسلمُ من السَّأَمِ والمللِ، وفيه العدلُ الذي وضَعه اللهُ في الأرضِ، وهو إعطاءُ اللهِ ما طلبه من العبادةِ، وإعطاءُ النَّفسِ حاجتَها من مُقوِّماتِها.
لهذا نهى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوصالِ في الصَّومِ، وهو تركُ ما يُفِّطرُ بالنَّهارِ عمْداً في ليالي الصِّيامِ.
وكان صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِمَا أعطاه اللهُ ما لم يُعطِه غيرَه ـ يواصلُ الصِّيامَ.
فقال الصَّحابةُ: إنك تُواصلُ، ولنا فيك قُدْوَةٌ. وذلك قبلَ أن يُعْلِمَهُمْ بمِيزَتِه عليهم.
فقال: إني لستُ مثلَكم؛ لأني أَبِيتُ يُطْعِمُنِي ربِّي ويُسْقِيني، وليس لكم هذا ، فَتَقْوَوْنَ على الوِصالِ.
وما دُمتُم راغبينَ في الوِصالِ، فمَن وجَد من نفسِه قُوَّةً عليه، ورغبةً فيه فلْيُوَاصِلْ إلى السَّحَرِ؛ لأنه تأخيرٌ لعَشائِه، فيكونُ طعامُه في ليالي الصِّيامِ وجبةً واحدةً، ومن حِكَمِ الصِّيامِ التَّخَفُّفُ من الطَّعامِ.
اختلافُ العلماءِ :
اختلفوا في الطَّعامِ والشَّرابِ الْمَذْكُورَيْنِ على قَوْلَيْنِ:
أحدهُما: أنه طعامٌ وشرابٌ حسِّيٌّ تمسُّكاً باللَّفظِ.
والثاني: أنه ما يَفيضُ على قلبِه من لذيذِ المناجاةِ والمعارفِ، فإنَّ تَوَارُدَ هذه المعاني الجليلةِ على القلبِ، يشغُلُه عن الطَّعامِ والشَّرابِ فَيَسْتَغْنِي عنهما.
ولو كان طعاماً حِسِّيًّا لم يكنْ مُواصِلاً، ولم يقلْ: ((لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ)) وقد بَسَطَ القولَ فيه ابنُ القيِّمِ في الهدْيِ.
واختلفوا في حُكمِ الوِصالِ على ثلاثةِ أقوالٍ: مُحَرَّمٌ، ومكروهٌ، وجائزٌ مع القُدرةِ.
فذَهب إلى جوازِه مع القُدرةِ عبدُ اللهِ بْنُ الزُّبيرِ، وبعضُ السَّلفِ ، كعبْدِ الرَّحمنِ بْنِ أبي نُعْمٍ، وإبراهيمَ بْنِ زيدٍ التَّميمِيِّ، وَأَبِي الجَوْزَاءِ.
وذهب إلى تحريمِه الأئِمَّةُ الثّلاثةُ: أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشَّافِعيُّ.
وذهب إلى التَّفصيلِ في ذلك: الإمامُ أحمدُ، وإسحاقُ ، وابنُ المُنذرِ ، وابنُ خُزَيْمَةَ وجماعةٌ من المالكِيَّةِ، فهو عندَهم جائزٌ إلى السَّحَرِ، مع أن الأولى تركُه تحقيقاً لتعجيلِ الإفطارِ، ومكروهٌ بأكثرَ من يومٍ وليلةٍ.
استدلَّ المُجِيزونَ بأنَّه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واصَلَ بأصحابِه يومين، فهو تقريرٌ لهم عليه، ولو كان حرَاماً، لم يُقِرَّهم، وبأنَّ عائشةَ قالت: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً بِهِمْ)).
فنهْيُهُم عنه كنهْيِهِم عن قيامِ اللَّيْلِ؛ خشيةَ أن يُفْرَضَ عليهم، ولم يُنْكِرْ على مَن بلَغَه أنه فعلَه، ممَّن لم يَشُقَّ عليه.
فإذا كان المواصِلُ لم يُرِدِ التَّشَبُّهَ بأهلِ الكتابِ، ولا رَغِبَ عن السُّنَّةِ في تعجيلِ الفطرِ لم يُمْنَعْ من الوِصَالِ.
واستدلَّ المُحَرِّمُونَ بِنَهْيِهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والنَّهْيُ يقتضِي التَّحْرِيمَ.
وأما مواصلَتُه بهم، فلم يَقصِدْ به التَّقريرَ، وإنما قصَدَ به التَّنكيلَ، كما هو مُبَيَّنٌ في بعضِ ألفاظِ الحديثِ.
فحينَ نَهاهم فلم يَنْتَهُوا بل ألحُّوا في الطَّلبِ، وواصلَ بهم لتأكيدِ النَّهيِ والزَّجرِ، وبيانِ الحكمةِ في نهيِهِم، وظهورِ المفسدَةِ التي نهاهم لأجلِها، فبعدَ بَيانِ هذا يحصلُ منهم الإقلاعُ عنه , وهو المطلوبُ.
وأما قولُ عائشةَ: ((نَهَى عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً بِهِمْ)) . فلا يمنعُ أن يكونَ النَّهْيُ للتحريمِ، بل يُؤَكِّدُه؛ فإنَّ مِن رحمتِه بهم أنْ حرَّمَه عليهم، وكلُّ الأوامرِ والنَّواهِي الشَّرعِيَّةِ مبْنِيَّةٌ على الرَّحمةِ والشفَقَةِ.
وأما التَّفصيلُ الذي اختاره أحمدُ فذكرَ ابنُ القَيِّمِ أنه أعدلُ الأقوالِ؛ لحديثِ أبي سعيدٍ ((لاَ تُوَاصِلُوا، وَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ)) رواه البُخاريُّ.
فهو أعدلُ الوِصَالِ وَأَسْهَلُهُ؛ لأنه في الحقيقةِ أخَّرَ عَشَاءَهُ.
والصَّائمُ له في اليومِ واللَّيْلةِ أكلةٌ، ولكنَّ الأحسنَ والأولَى، تركُ الوِصالِ مطلقاً، ولو لم يكنْ فيه إلا تركُ تعجيلِ الإفطارِ المُرغَّبِ فيه لكَفَى.
ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1ـ تحريمُ الوِصالِ.
2ـ جوازُه للقادرِ عليه إلى السَّحَرِ، وترْكُه أولَى.
3ـ رحمةُ الشَّارعِ الحكيمِ الرَّحيمِ بالأُمَّةِ؛ إذ حرَّمَ عليهم ما يضُرُّهُم.
4ـ النَّهيُ عن الغلُوِّ في الدِّينِ؛ فإن هذه الشَّريعةَ سمْحَةٌ مُقْسِطَةٌ، تُعْطِي الرَّبَّ حقَّهُ، والبَدَنَ حقَّهُ، فإن الواجباتِ الشَّرعيَّةَ وجَبتْ لمصالحَ تعودُ إلى العبدِ في دِينهِ ودُنياه، وإنَّ ملاحظةَ الشَّارعِ لتلك المصلحةِ هي السَّببُ في الإيجابِ على العبدِ.
5ـ أَنَّ الوِصالَ من خصائصِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لأنه الذي يَقْدِرُ عليه وحدَه، ولا يَلْحَقُه أحدٌ بهذا المقامِ.
6ـ أنَّ معنى الطَّعامِ والشَّرابِ بالنِّسْبةِ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديثِ هو لذَّةُ المُناجاةِ وسُرورُ النَّفسِ الكبيرةِ بلقاءِ محبُوبِها، وله شواهدُ في النَّاسِ، وهذا المعنى الذي يَحْصُلُ لخليلِ الرَّحمنِ وحبيبِهِ محمَّدٍ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه لا يلحَقُه فيه أحدٌ.
7ـ أن غروبَ الشَّمسِ وقتٌ للإفطارِ، ولا يَحْصُلُ به الإفطارُ ـ كما تقدَّمَ ـ وإلا لَمَا كانَ للوصالِ معنًى إذا صارَ مُفطِراً بغروبِ الشَّمسِ.
8ـ فيه ثبوتُ الخصائصِ للنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وتكونُ مخصِّصةً لقولِه تعالى:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).

  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

196 - الحديثُ الحادِي عشرَ: عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ، رضيَ اللهُ عنهمَا، قالَ: نَهَى رسولُ اللهِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الوِصَالِ، قالوا: إِنَّكَ تُوَاصلُ، قال: ((إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكم، إِنِّي أُطْعَمَ وَأُسْقَى))، وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيرَةَ وَعَائِشَةُ وَأَنَسُ بْنُ مالِكٍ.

197 - ولمُسلمٍ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، رضيَ اللهُ عنهُ: ((فأيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصلَ فَلْيُواصِلْ إِلَى السَّحَرِ)).
فِي الحديثِ دليلٌ على كراهةِ الوصالِ، واختلفَ الناسُ فيهِ. ونُقِلَ عن بعضِ المتقدِّمين فِعلُه. ومِن الناسِ مَن أجازَه إِلَى السَّحَرِ علَى حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ.

وَفِي حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ: دليلٌ على أنَّ النَّهيَ عنْهُ نهيُ كراهةٍ، لا نهيُ تحريمٍ. وقد يقالُ: إنَّ الوصالَ المنهىَّ عنهُ ما اتَّصلَ باليومِ الثَّانِي، فلا يتناولُهُ الوصالُ إِلَى السَّحرِ، فإنَّ قَوْلَهُ عليهِ السَّلامُ: ((فَأَيُّكُمْ أرادَ أن يواصِلَ فليواصلْ إِلَى السَّحَرِ)) يقتضِي تسميتَهُ وصالاً، والنَّهيُ عن الوِصالِ يمكنُ تعليلُه بالتعريضِ بصومِ اليومِ الثانِي، فإن كانَ واجبًا كان بمثابةِِ الحِجَامَةِ والفَصْدِ وسائرِ ما يتعرَّضُ لإبطالِ مَا شرعَ فيهِ مِن العبادةِ. وإبطالُها إما ممنوعٌ - على مذهبِ بعضِِ الفقهاءِ - وإمَّا مكروهٌ. وَكَيْفَمَا كَانَ فَعِلَّةُ الكراهةِ موجودةٌ، إلا أنَّها تختلِفُ رتبتُها، فإنْ أجزنَا الإفطارَ: كانتْ رتبةُ هذهِ الكراهةِِ أخفَّ من رتبةِ الكراهةِِ فِي الصَّومِ الواجبِ قطعًا، وإنْ مَنَعْنَاهُ فهلْ يكونُ كالكراهةِ فِي تعريضِ الصَّومِ المفروضِ بأصلِ الشَّرْعِ؟ فيهِ نظرٌ. فيحتملُ أنْ يقالَ: يستويانِ؛ لاستوائِهمَا فِي الوجوبِ، ويحتملُ أنْ يقالَ: لا يستويانِ؛ لأنَّ ما ثبتَ بأصلِ الشَّرعِ فالمصالحُ المتعلِّقةُ به أقوَى وأرجحُ، لأنها انتهضتْ سببًا للوجوبِ، وأمَّا ما ثبتَ وجوبُه بالنذرِ - وإن كانَ مساويًا للواجبِ بأصلِِ الشَّرعِ فِي أصلِ الوجوبِ - فلا يساويهِ فِي مقدارِ المصلحةِ، فإنَّ الوجوبَ ههنَا إنَّما هو للوفاءِ بما التزمَهُ العبدُ للهِ تعالى، وأن لا يدخلَ فيمنْ يقولُ ما لاَ يفعلُ، وهذا بمفردهِ لا يقتضِي الاستواءَ فِي المصالحِ، وَمِمَّا يؤيِّدُ هذَا النظرَ الثَّانِي ما ثبتَ فِي الحديثِ الصَّحيحِ: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النَّذرِ, مع وجوبِ الوفاءِ بالنَّذرِِ. فلو كان مطلقُ الوجوبِ مِمَّا يقتضِي مساواةَ المنذورِ بغيرهِ من الواجباتِ: لكانَ فِعْلُ الطاعةِ بعدَ النَّذرِ أفضلَ من فعلِها قبلَ النَّذرِ، لأنهُ حينئذٍ يدخلُ تحتَ قولِه تعالَى فيمَا رُويَ عنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما معناهُ: ((أنهُ ما تقرَّبَ المتقرِّبونَ إِلَيَّ بمثلِ أداءِِ ما افترضْتُ عليهمْ)) ويُحملُ ما تقدَّمَ من البحثِ على أداءِ ما افْتُرِضَ بأصلِ الشَّرعِ، لأنهُ لو حُمِلَ على العمومِ لكانَ النذرُ وسيلةً إِلَى تحصيلِ الأفضلِ، فكانَ يجبُ أنْ يكونَ مستحبًّا، وهذا على إجراءِ النهيِ عنِ النَّذرِ على عمومهِ.

  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1429هـ/11-11-2008م, 12:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

-وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، قالوا: يارسول الله إنك تواصل، قال: إني لست كهيئتكم إن أطعم وأسقى. ورواه أبو هريرة وعائشة وأنس بن مالك رضي الله عنهم.
- ولمسلم عن أبي سعدي الخدري رضي الله عنه: وأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر.
. . .
وفي الحديث الأول أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الوصال، والوصال معناه أن يصل يومين أو أكثر مع ليلهما بدون أكل ولا شرب ولا يفطر، هذا وصال، أن يصوم النهار والليل جميعا، ولا يأكل شيئا لا في الليل ولا في النهار، ولا يشرب، ولا يتعاطى شيئا من المفطرات، هذا يسمى الوصال. لأنه وصل يوما بيوم، وجعل اليل كالنهار ولا يأكل فيه.
الرسول نهاهم عن الوصال لما فيه من المشقة والتعب، والله شرع للأمة مافي الإحسان إليها والرحمة لها والرفق بها فضلا من الله وإحسانا كما قال عزوجل: يريد الله بكم اليسر، فالله يسر ونهى عن الوصال لما فيه من المشقة، فقالوا: يارسول الله إنك تواصل، أي إنك تفعل هذا أنت، قال: لست مثلكم، في اللفظ الآخر: لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى، وفي اللفظ الأخر: لي مطعم يصعمني ويسقيني، إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني. هكذا جاء الحديث عن ابن عمر وأبي هريرة وعائشة وأنس وغيرهم، النهي عن الوصال، وفي رواية أبي سعيد عند مسلم: فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر. فإذا كان لا بد من الوصال فليكن إلى السحر، يعني يصوم النهار مع غالب الليل، ثم يجعل سحوره عشاء، عند السحور، لا بأس بهذا، ولكن كونه يفطر في أول الليل أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم << لا يزال الناس بخير ماعجلوا الفطر >> ولقوله الله سبحانه: أحب عبادي الذي عجل الفطر.
فالسنة للصائم أن يبادر بالإفطار إذا غابت الشمس، لكن لو واصل إلى السحر وترك الأكل والشرب إلى السحر فلا حرج، لحديث أبي سعيد هذا وما جاء في معناه، أما أنه يواصل الليل مع النهار هذا مكروه، لا ينبغي، ليس بحرام لكنه مكروه، ولهذا جاء في حديث أبي هريرة: فواصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر الهلال زدتكم. هذا يدل على أن الوصال صحيح، جائز، لكن مكروه، منهي عنه، وليس بحرام، لأنه واصل بهم، فلو كان حراما ما واصل بهم وإلا أوقعهم في الإثم، لكن يدل على أنه كان مكروها رفقا بهم ورحمة لهم، لا ينبغي لهم أن يواصلوا لهذا الحديث الصحيح الذي فيه النهي عن ذلك والزجر عن ذلك رحمة للعباد وإحسانا إليهم ورفقا بهم وتيسير عليهم من الله سبحانه وتعالى.

  #7  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 03:50 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

نقول بعد ذلك: حديث النهي عن الوصال رواه جماعة من الصحابة كما سمعنا , رواه عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو هريرة وعائشة , رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقالوا:إنك تواصل يا رسول الله فقال:((إني لست كهيئتكم , إني أطعم وأسقى))، وفي رواية: ((إني أبيت عند ربييطعمني ويسقينى)) .
الوصال: صلة الليل بالنهار , وهو ألا يفطر بينهما , وربما واصل يومين وليلة , يعني أن يتسحر فيأتي الإفطار فلا يفطر , ويستمر في عدم الأكل إلى السحر , أو يفطر ثم يتوقف عن الأكل ، ولا يتسحر , وينوي الصيام من المغرب إلى المغرب من قابل , أو ينوي الصيام من الفجر إلى الفجر من قابل , أو يمسك ستاً وثلاثين ساعة , أي يومين وليلة ، هذا الوصال .
ولا شك أن فيه مشقة ؛ وذلك لأن النفس ضعيفة ، نفس الإنسان ضعيفة ، لا تعيش عيشة تامة إلا على نيل شهواتها , ولا شك أن من أعظم ما تعيش به وتبقى به هذه النفس هو الأكل والشرب الذي به حياتها وبه بقاؤها , وقد جعله الله تعالى غذاء لهذه النفس وسببا في حياتها وأمرًا ظاهرا في انتعاشها وفي بقائها وفي قوتها ، فإذا ترك الإنسان الأكل هذه المدة والشراب هذه المدة ، أجهد نفسه وأضرها , وربما أدى به ذلك إلى أن يضعف عن الواجبات , وربما أدى به إلى المرض أو إلى الموت إذا واصل أياما طويلة , وربما أدى به إلى كراهة العمل , كراهة الصيام , إذا واصل هذه الساعات ستا وثلاثين أو ثمانيا وأربعين ساعة وهو لا يأكل ولا يشرب لا شك أنه يجهده ذلك أو يمرضه .
فلذلك نهى عن الوصال وأمرنا بأن نفطر عند وقت الإفطار , ونتسحر عند وقت السحور , ونستعين بهذه الأكلات وهذه الوجبات على الأعمال الصالحة , فالعبد إذا نوى بأكله التقوي على الطاعة ، التقوي على العبادة , كان ذلك مثابا عليه . إذا نوى بشربه التقوي على طاعة الله حتى لا يضعف بدنه عن صلاته ولا عن قيامه ولا عن عبادته ، ولا عن جهاده ، ولا عن كسبه لأهله ، ونحو ذلك , نوى بذلك هذه الأشياء أثيب عليها ، أما إذا زهد في الطيبات وأضعف نفسه وأنهكها فيوشك أن يمل من العبادة وأن يضعف جهده , ويضعف جلده , فيؤدي به ذلك إلى أن يبغض العبادة ولا يعود إليها.
وبكل حال ففي هذا الحديث أن الصحابة قالوا: يا رسول الله إنك تواصل . يظهر أنهم رأوه لا يفطر إذا أفطروا , رأوه أنه يواصل , يصل الليل بالنهار , أو يصل النهار بجزء من الليل , فأخبر بأنه يطعمه الله ويسقيه ((إني أبيت عند ربى يطعمني ويسقيني)) ((إني أطعم وأسقى)) .
اختلف في هذا الإطعام والسقي فقيل: إنه حقيقي أي يؤتى من الجنة بطعام وشراب لا يطلع عليه الناس . وهناك قول آخر وهو أن الإطعام والسقي الذي ذكر ليس هو طعاما حقيقا وإنما هو ما يفتح الله على قلبه من الإلهامات , وما يتوارد عليه من الأذكار والفتوحات , فتقوم مقام الطعام والشراب , ويعبر عن ذلك بعضهم بأن هذه قوى معنوية يمده الله بها من آثار ذكره ومن آثار شكره ومن آثار عبادته ، يقويه الله حتى يكون ذلك قائما مقام الزاد ومقام الأكل والشرب , وفي ذلك يقول بعضهم:
لها أحاديث ذكراك تشغلها عن الطعام وتلهيها عن الزاد
فهذا هو المعنى الصحيح , أنه لم يكن أكلا وشربا حقيقيا وإنما هو فتوحات وإلهامات تفيض على روحه من ربه فتقوم مقام الطعام والشراب .
وبكل حال فقد نهاهم عن الوصال , وأخبر بأنه ليس كمثلهم , ليس لهم من الإلهامات والفيوضات التي يفتحها الله عليه ما له ، ليس لهم مثل ما له ، فعليهم أن يستعينوا بالأكل والشرب على ما أمروا به.
الوجـه الثانـي

في بعض الروايات أنهم لما رأوه يواصل استمروا في الوصال , يقول الراوي: فواصل بهم يوما ثم يوما , ثم رأوا الهلال وقال: ((لو تأخر لزدتكم)) كالمنكل لهم لما أبوا أن ينتهوا .
وبكل حال ورد في بعض الرويات كما سمعنا قوله صلى الله عليه وسلم:((فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)) , في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر كان يجعل عشاءه سحوره . كان يتناول إفطارا يسيرا يفطر على تمرات أو على رطبات أو على جرعات من ماء ثم يؤخر العشاء فيجعله سحورا ؛ ليكون أخفله عند قيامه من الليل , فمن أراد أن يقتدي به تناول إفطارا خفيفا وأخر العشاء إلى الليل ليكون أقوى له على القيام , ومن رأى أن نفسه لا تصبر على ذلك فله أن يتزود من الأكل بما يكون له متاع .
القارئ: ...وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النساء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir