دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 04:20 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً)

ونرى الجَمَاعَةَ حَقًّا وَصَوَابًا، والفُرْقَةَ زَيْغًا وَعَذَابًا.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) ونرى الجَمَاعَةَ حَقًّا وَصَوَابًا، والفُرْقَةَ زَيْغًا وَعَذَابًا.




(1) نرى – مَعْشَرَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ – أنَّ الاجتماعَ حَقٌّ والفرقةَ عذابٌ، فالاجتماعُ للأُمَّةِ على الحقِّ رحمةٌ، والفرقةُ بينَها عذابٌ، وهذا مِن صميمِ عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، فَيَجِبُ الاجتماعُ ونَبْذُ الفُرْقَةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} (آل عِمْرَان: 103)، فَحَبْلُ اللَّهِ القُرْآنُ والإسلامُ، وقولُهُ: {جَمِيعًا} أي: اجْتَمِعُوا على القرآنِ والسُّنَّةِ، وقولُهُ: {وَلاَ تَفَرَّقُوا} لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بالاجتماعِ نَهَى عن الفرقةِ، وأخْبَرَ أنَّ الاجتماعَ يكونُ على حَبْلِ اللَّهِ، وهو القرآنُ، ولا يَجُوزُ الاجتماعُ على غيرِهِ من المذاهبِ والحِزْبِيَّاتِ، فهذا يُسَبِّبُ الفرقةَ.
فالاجتماعُ لا يَحْصُلُ إِلاَّ على كتابِ اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} (آل عِمْرَان: 103).
فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بالاجتماعِ ونَبْذِ الفُرْقَةِ في الآراءِ وفي القلوبِ، فالمسلمونَ مَهْمَا تَفَرَّقُوا وبَعُدَتْ أقطارُهُم فإنَّهُم مُجْتَمِعُونَ على الحقِّ، وقلوبُهُم مجتمعةٌ، ويُحِبُّ بَعْضُهُم بعضًا، أَمَّا أهلُ الباطلِ وإنْ كانوا في مكَانٍ واحدٍ، أَحَدُهُم إلى جَنْبِ الآخرِ، فهم مُجْتَمِعَةٌ أبدانُهُم مُتَفَرِّقَةٌ قلوبُهُم، قَالَ سُبْحَانَهُ: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} وقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عِمْرَان: 105)، وقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (الروم: 31 – 32)، وقَالَ سُبْحَانَهُ: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى: 13).
فالواجبُ على المسلمينَ أنْ يكونوا أُمَّةً واحدةً في عقيدَتِهَا وفي عِبَادَتِهَا وفي جماعَتِهَا وطاعَتِهَا لِوَلِيِّ أَمْرِهَا، فتكونُ يدًا واحدةً، وجِسْمًا واحدًا، وبُنْيَانًا واحدًا، كما شَبَّهَهَا النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، وهذا رحمةٌ للمسلمينَ، تُحْقَنُ دماؤُهُم، وتَتَآلَفُ قلوبُهُم، ويَأْمَنُ مُجْتَمَعُهُم، فإذا حَصَلَ هذا دُرَّتْ عليهم الأرزاقُ. أَمَّا إذا تَنَاحَرُوا وتَقَاطَعُوا وتَبَاغَضُوا تَسَلَّطَ عليهم الأعداءُ، وسَفَكَ بَعْضُهُم دماءَ بعضٍ.
والاختلافُ على قِسْمَيْنِ:
القسمُ الأَوَّلُ: اختلافٌ في العقيدةِ، وهذا لا يَجُوزُ أبدًا؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ التَّنَاحُرَ والعداوةَ والبغضاءَ ويُفَرِّقُ الكلمةَ، فَيَجِبُ أن يكونَ المسلمونَ على عقيدةٍ واحدةٍ، وهي عقيدةُ لا إلهَ إِلاَّ اللَّهُ، واعتقادُ ذلكَ قولًا وعَمَلًا واعتقادًا، والعقيدةُ تَوْقِيفِيَّةٌ ليستْ مَحَلاّ للاجتهادِ، فإذا كانتْ كذلكَ فلَيْسَ فيها مجالٌ للتَّفَرُّقِ، فالعقيدةُ مأخوذةٌ من الكتابِ والسُّنَّةِ، لا مِن الآراءِ والاجتهاداتِ، فالفُرْقَةُ في العقيدةِ تُؤَدِّي إلى التناحُرِ والتباغُضِ والتقاطُعِ، كما حَصَلَ مِن الْجَهْمِيَّةِ والْمُعْتَزِلَةِ والأشاعرةِ والفِرَقِ الضالَّةِ التي أَخْبَرَ عنها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولِهِ: (سَتَفْتَرِقُ هذهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً) قَالُوا: مَنْ هِيَ يَارَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي). فما يَجْمَعُ الناسَ إِلاَّ ما كَانَ مِثْلَ ما عَلَيْهِ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُهُ.
القسمُ الثاني: اختلافٌ في الاجتهادِ الفِقْهِيِّ، وهذا لا يُوجِبُ عداوةً؛ لأَنَّ سَبَبَهُ هو النظرُ في الأَدِلَّةِ حَسَبَ مَدَارِكِ الناسِ، والناسُ يَخْتَلِفُونَ في ذلكَ، وَلَيْسُوا على حَدٍّ سَوَاءٍ، فَهُمْ يَخْتَلِفُونَ في قُوَّةِ الاستنباطِ وفي كثرةِ العلمِ وَقِلَّتِهِ.
فهذا الخلافُ إذا لم يَصْحَبْهُ تَعَصُّبٌ للرأيِ فإِنَّهُ لا يُفْضِي إلى العداوةِ، وكَانَ الصحابةُ يختلفونَ في المسائلِ الفقهيَّةِ، ولا يَحْدُثُ بينَهم عداوةٌ، وهم إِخْوَةٌ، وكذلكَ السلفُ الصالحُ والأَئِمَّةُ الأربعةُ يختلفونَ، ولم يَحْصُلْ بينَهُم عداوةٌ، وهم إِخْوَةٌ، وكذلكَ أَتْبَاعُهُم، فإذا تَعَصَّبَ أحدُهُم للرأيِ فإنَّ ذلكَ يُوجِبُ العداوةَ، ويَجِبُ على المسلمِ أنْ يأخُذَ الأقوالَ التي تُوَافِقُ الدليلَ من الكتابِ أو السُّنَّةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَباللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: 59)، وقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (الشورى: 10) فَيُرْجَعُ في الخلافِ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ وَيُؤْخَذُ ما تَرَجَّحَ بالدليلِ.

  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:07 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


[قوله]: ( ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً ).

ش: قال الله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا. وقال تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم. وقال تعالى: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون. وقال تعالى: ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك. فجعل أهل الرحمة مستثنين من الإختلاف. وقال تعالى: ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد. وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة، يعني الأهواء، كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة. وفي رواية: قالوا: من هي يا رسول الله ؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي. فبين أن عامة المختلفين هالكون إلا أهل السنة والجماعة، وأن الاختلاف واقع لا محالة وروى الإمام أحمد عن معاذ بن جبل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن [ الشيطان ] ذئب الإنسان، كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصبة، [ والناحية ]، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة، والعامة، والمسجد. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لما نزل قوله تعالى: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم، قال: أعوذ بوجهك أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض - قال: هاتان أهون. فدل على أنه لا بد أن يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض، مع براءة الرسول من هذه الحال، وهم فيها في جاهلية. ولهذا قال الزهري: وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، فأجمعوا على أن كل دم أو مال أو قرح أصيب بتأويل القرآن - فهو هدر، أنزلوهم منزلة الجاهلية. وقد روى مالك بإسناده الثابت عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تقول: ترك الناس العمل بهذه الآية، يعني قوله تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله. فإن المسلمين لما اقتتلوا كان الواجب الإصلاح بينهم كما أمر الله تعالى، فلما لم يعمل بذلك صارت فتنة وجاهلية، وهكذا تسلسل النزاع.
[والأمور] التي تتنازع فيها الأمة، في الأصول والفروع - إذا لم ترد الى الله والرسول، لم يتبين فيها الحق، بل يصير فيها المتنازعون على غير بينة من أمرهم، فإن رحمهم الله أقر بعضهم بعضاً، ولم يبغ بعضهم على بعض، كما كان الصحابة في خلافة عمر و عثمان يتنازعون في بعض مسائل الإجتهاد، فيقر بعضهم بعضاً، ولا يعتدي ولا يعتدى عليه، وإن لم يرحموا وقع بينهم الإختلاف المذموم، فبغى بعضهم على بعض، إما بالقول، مثل تكفيره وتفسيقه، وإما بالفعل، مثل حبسه وضربه وقتله. والذين امتحنوا الناس بخلق القرآن، كانوا من هؤلاء، ابتدعوا بدعة، وكفروا من خالفهم فيها، واستحلوا منع حقه وعقوبته.
فالناس إذا خفي عليهم بعض ما بعث الله به الرسول: إما عادلون وإما ظالمون، فالعادل فيهم: الذي يعمل بما وصل إليه من آثار الأنبياء، ولا يظلم غيره، والظالم: الذي يعتدي على غيره. وأكثرهم إنما يظلمون مع علمهم بأنهم يظلمون، كما قال تعالى: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم. وإلا فلو سلكوا ما علموه من العدل، أقر بعضهم بعضاً، كالمقلدين لأئمة العلم، الذين يعرفون من أنفسهم أنهم عاجزون عن معرفة حكم الله ورسوله في تلك المسائل، فجعلوا أئمتهم نواباً عن الرسول، وقالوا: هذا غاية ما قدرنا عليه، فالعادل منهم لا يظلم الآخر، ولا يعتدي عليه بقول ولا فعل، مثل أن يدعي أن قول مقلده هو الصحيح بلا حجة يبديها، ويذم من خالفه، مع أنه معذور.
ثم إن أنواع الافتراق والاختلاف في الأصل قسمان:
اختلاف تنوع، واختلاف تضاد.
واختلاف التنوع على وجوه:
منه ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقاً مشروعاً، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة رضي الله عنهم، حتى زجرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: كلاكما محسن، ومثله اختلاف الأنواع في صفة الأذان، والإقامة، والاستفتاح، ومحل سجود السهو، والتشهد، وصلاة الخوف، وتكبيرات العيد، ونحو ذلك، مما قد شرع جميعه، وإن كان بعض أنواعه أرجح أو أفضل. ثم تجد لكثير من الأمة في ذلك من الاختلاف ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيثارها ونحو ذلك ! وهذا عين المحرم. وكذا تجد كثيراً منهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع، والإعراض عن الآخر والنهي عنه -: ما دخل به فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنه ما يكون كل من القولين هو في المعنى القول الآخر، لكن العبارتان مختلفتان، كما قد يختلف كثير من الناس في ألفاظ الحدود، وصيغ الأدلة، والتعبير عن المسميات، ونحو ذلك. ثم الجهل أو الظلم يحمل على حمد إحدى المقالتين وذم الأخرى والاعتداء على قائلها ! ونحو ذلك.
وأما اختلاف التضاد، فهو القولان المتنافيان، إما في الأصول، وإما في الفروع، عند الجمهور الذين يقولون: المصيب واحد. والخطب في هذا أشد، لأن القولين يتنافيان، لكن نجد كثيراً من هؤلاء قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق ما، أو معه دليل يقتضي حقاً ما، فيرد الحق مع الباطل، حتى يبقى هذا مبطلاً في البعض، كما كان الأول مبطلاً في الأصل، وهذا يجري كثيراً لأهل السنة.
وأما أهل البدعة، فالأمر فيهم ظاهر. ومن جعل الله له هداية ونوراً رأى من هذا ما تبين له منفعة ما جاء في الكتاب والسنة من النهي عن هذا وأشباهه، وإن كانت القلوب الصحيحة تنكر هذا، لكن نور على نور.
والاختلاف الأول، الذي هو اختلاف التنوع، الذم فيه واقع على من بغى على الآخر فيه. وقد دل القرآن على حمد كل واحدة من الطائفتين في مثل ذلك، إذا لم يحصل بغي، كما في قوله تعالى: ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله. وقد كانوا اختلفوا في قطع الأشجار، فقطع قوم، وترك آخرون. وكما في قوله تعالى: وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً، فخص سليمان بالفهم وأثنى عليهما بالحكم والعلم. وكما في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة لمن صلى العصر في وقتها، ولمن أخرها إلى أن وصل إلى بني قريظة. وكما في قوله: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر.
والاختلاف الثاني، هو ما حمد فيه إحدى الطائفتين، وذمت الأخرى، كما في قوله تعالى: ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر. وقوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار، الآيات.
وأكثر الاختلاف الذي يؤول إلى الأهواء بين الأمة - من القسم الأول، وكذلك إلى سفك الدماء واستباحة الأموال والعداوة والبغضاء. لأن إحدى الطائفتين لا تعترف للأخرى بما معها من الحق، ولا تنصفها، بل تزيد على ما مع نفسها من الحق زيادات من الباطل، والأخرى كذلك. ولذلك جعل الله مصدره البغي في قوله: وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم. لأن البغي مجاوزة الحد، وذكر هذا في غير موضع من القرآن ليكون عبرة لهذه الأمة. وقريب من هذا الباب ما خرجاه في الصحيحين، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. فأمرهم بالإمساك عما لم يؤمروا به، معللاً بأن سبب هلاك الأولين إنما كان كثرة السؤال ثم الإختلاف على الرسل بالمعصية.
ثم الإختلاف في الكتاب، من الذين يقرون به - على نوعين: أحدهما اختلاف في تنزيله، والثاني اختلاف في تأويله. وكلاهما فيه إيمان ببعض دون بعض:
فالأول كاختلافهم في تكلم الله بالقرآن وتنزيله، فطائفة قالت: هذا الكلام حصل بقدرته ومشيئته لكونه مخلوقاً في غيره لم يقم به، وطائفة قالت: بل هو صفة له قائم بذاته ليس بمخلوق، لكنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته. وكل من الطائفتين جمعت في كلامها بين حق وباطل، فآمنت ببعض الحق، وكذبت بما تقوله الأخرى من الحق، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.
وأما الإختلاف في تأويله، الذي يتضمن الإيمان ببعضه دون بعض، فكثير، كما في حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وهم يختصمون في القدر، هذا ينزع بآية وهذا ينزع بآية، فكأنما فقىء في وجهه حب الرمان، فقال: أبهذا أمرتم ؟ أم بهذا وكلتم ؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ؟ انظروا ما أمرتم به فاتبعوه، وما نهيتم عنه فانتهوا. وفي رواية: يا قوم بهذا ضلت الأمم قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم وضربهم الكتاب بعضه ببعض، وإن القرآن لم ينزل لتضربوا بعضه ببعض، ولكن نزل القرآن يصدق بعضه بعضاً، ما عرفتم منه فاعملوا به، وما تشابه فآمنوا به. وفي رواية: فإن الأمم قبلكم لم يلعنوا حتى اختلفوا، وإن المراء في القرآن كفر. وهو حديث مشهور، مخرج في المسانيد والسنن. وقد روى أصل الحديث مسلم في صحيحه، من حديث عبد الله بن رباح الأنصاري، أن عبد الله بن عمرو قال: هجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فسمع صوات رجلين اختلفا في آية، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب، فقال: إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب.
وجميع أهل البدع مختلفون في تأويله، مؤمنون ببعضه دون بعض، يقرون بما يوافق رأيهم من الآيات، وما يخالفه: إما أن يتأوله تأويلاً يحرفون فيه الكلم عن مواضعه، وإما أن يقولوا: هذا متشابه لا يعلم أحد معناه، فيجحدوا ما أنزله من معانيه ! وهو في معنى الكفر بذلك، لأن الإيمان باللفظ بلا معنى هو من جنس إيمان أهل الكتاب، كما قال تعالى: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً. وقال تعالى: ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني، أي: إلا تلاوة من غير فهم معناه. وليس هذا كالمؤمن الذي فهم ما فهم من القران فعمل به، واشتبه عليه بعضه فوكل علمه إلى الله، كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه، فامتثل ما أمر به صلى الله عليه وسلم.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 05:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى:
ونرى الجماعة حقًّا وصوابًا , والفرقة زيغًا وعذابًا , ودين الله في الأرض والسماء واحد , وهو دين الإسلام , قال الله تعالى: ] إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ [ , وقال تعالى: ] وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً [.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين , والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد..,
قال رحمه الله تعالى: "ولا نصدق كاهنًا ولا عرافًا , ولا من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة". مرت معنا عدة مسائل تتعلق بالجملة الأولى وهي قوله: "ولا نصدق كاهنًا ولا عرافًا".
وفي قوله: "ولا من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة" مسائل أيضًا:

المسألة الأولى:
أن مخالفة الكتاب والسنة وإجماع الأمة , هذه مذمومة وضلال , وقد تصل بصاحبها إلى الكفر في باب الاعتقاد , أو في باب العمليات أو في أبواب السلوك , والواقع يدل على أن طائفة ممن ادعوا الصلاح والسلوك والزهد والعبادة , ادعوا أشياء تحصل لهم , إما بالإلهام , أو بخبر الغيب , أو بأحوال لم يدل عليها الكتاب والسنة , وأجمعت الأمة على خلافها , وهذا كثير فيمن يدعون التصوف ممن كانوا في زمن الطحاوي وما قبله.
فالطحاوي رحمه الله قرن فيما ترى ما بين تصديق الكهان والعرافين , وما بين ادعاء أشياء تخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ لأن الناس قد يظهر لهم في موضوع الغيب عدم تصديق الكاهن والعراف؛ لأن الكاهن والعراف حالهما معروف , والناس يحذرون من أهل الكهانة , سيما في الأوقات القريبة من السنة , أو التي تظهر فيها ألوية السنة , فيكرهون الكهانة والعرافة , ويكرهون الكاهن والعراف؛ لأنهم من أولياء وإخوان الشياطين.
لكن مسألة الصالحين والأولياء ومن يظهر الصلاح , فإن هذه قد تشتبه كما هو الواقع في كثير من أحوال المسلمين الماضية والحاضرة , لهذا قرن بينهما؛ لأن مسألة الكاهن والعراف ظاهرة , لكن أيضًا لا نصدق من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة ممن ظاهره الصلاح ويدعي أحوالاً أو العلم بأمور الغيب.


المسألة الثانية:
الذين نسبوا إلى الوَلاية بفتح الواو , وعدوا من الأولياء وأهل الزهادة فئات مختلفة متنوعة , منهم الغلاة الذين زعموا أنهم يوحى إليهم , ومنهم من هم دونهم ممن يزعمون أنهم يلهمون ويخبرون بالغيب , ومنهم وهم دونهم من يزعمون أنهم على قدرة في تغيير الأحوال والعلم بالضمائر , وأنهم يحدثون بما أحدثه الناس بعدهم , يعني فيما مضى , و (اللي) قبلهم فيما سيأتي , ولا شك أن طريقة السلف في الزهد والعبادة هي التي أجمعت عليها أمة , وهي أنهم يتعبدون , يتزهدون ويرجون الله جل وعلا , ولا يدعون شيئًا من أحوال الكهان والعرافين , ولا إخبار بالغيب ولا الأحوال الشيطانية المختلفة التي تسمى الكرامات عند بعضهم.

المسألة الثالثة:
الواجب على كل مسلم أن يعتقد أن علم الغيب مختص بالله جل وعلا , وأنه قد يعطيه أو يعطي بعض علم الغيب, قد يعطي بعض علم الغيب لرسول , والرسول هو الذي جاء في قوله: ] عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ.. [ , فالذي استثني هو الرسول.
والرسول نوعان: رسول ملكي نسبة للملائكة , ورسول بشري.
وهؤلاء يستثنون فيما أراد الله جل وعلا أن يعلمهم إياه من أمور الغيب لحكمته جل وعلا , ولكمال علمه وقدرته. أما من ليس برسول فلا يكشف له الغيب , لكن قد يكون لبعضهم كرامة ليست من باب كشف الغيب المستقبلي , ولكن هي من باب الكشف العلمي الذي سبق أن ذكرناه لكم في نحو قصة عمر t مع سارية حيث قال له: يا سارية الجبل الجبل. يعني الزم الجبل , فصار بالنسبة إلى عمر كشف علمي , ليس علمًا للغيب المستقبلي , كشف علمي أو بصري , فرأى الجبل ورأى سارية , وبالنسبة إلى السارية أيضًا سمع كلام عمر , فصار بالنسبة له كشف سمعي , وهذا من جهة الكرامة.
وقد أوضحنا لك ذلك في قوله: "ونؤمن بما جاء في كراماتهم وصح عن الثقات من روايتهم فيما مضى".

المسألة الرابعة:
ذكر لك الشارح هنا ابن أبي العز رحمه الله أحوالاً متنوعة فيمن ادعى أشياء مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة , فترجعوا إليه فيها , وننبه زيادة على ذلك من أن طائفة , أظنه ذكرها في هذا الموضع , أسمت نفسها بالطائفة الملامتية , أو الملامية , وهذه الطائفة من الصوفية نشأت في أواخر القرن الثاني الهجري , تزعمها طائفة من الزهاد والعباد الذين أرادوا تصفية النفوس وتحقيق الإخلاص , فصاروا يظهرون حالاً خلافًا ما هم عليه , يظهرون المعصية , يظهرون خلاف الطاعة , يظهرون التفريط في الواجبات؛ لأجل أن يذمهم الناس , وهم في الحقيقة في داخلهم ليسوا على هذا الأمر ويكرهونه , وهم من أهل العبادة والزهد , فأرادوا الإخلاص عن هذا الطريق.
وهذه لا شك حال تخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة , في أن العبد المكلف يجب عليه أن يستقيم على الطاعة , وأن يحقق الإخلاص كما أمره الله جل وعلا في حاله ظاهرًا وباطنًا.
فإذًا هذه الجملة: "ولا من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة". تدل على عدم تصديق كل من ادعى الولاية , وهو يدعي شيئًا من علم الغيب أو يدعي شيئًا من المقامات العلية , أو من الوحي أو من الإلهام , مما يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
قال رحمه الله بعد ذلك: "ونرى الجماعة حقًّا وصوابًا , والفرقة زيغًا وعذابًا" يريد العلامة الطحاوي رحمه الله وأجزل له المثوبة بهذه الجملة من هذه العقيدة النافعة؛ لأن أهل السنة والجماعة , أهل الحديث والأثر أتباع السلف الصالح , يرون الجماعة حقًّا أحقه الله جلا وعلا , وأحقه رسوله r ثابت , خلافه الباطل , وأنهم يرون الجماعة صواباً في الالتزام بها , وفي التمسك بها , وفي الحال والمآل , وفي الدنيا والآخرة , وأن خلاف الجماعة والتمسك بها أنه باطل وغلط وضلال.
وقابلها بقوله: "والفرقة زيغاً وعذاباً" , يعني: يرى أهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر أتباع السلف الصالح , يرون الفرقة بأنواعها زيغاً عن الصراط , وزيغاً وبعداً عما أمر الله جل وعلا به من الاعتصام بحبله , والاتباع لرسوله r , ويرونها أيضاً عذاباً , يعني عقوبة تعاقب بها الأمة , كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
وسبب إيراد هذه الجملة في العقائد أمران:
الأول: أن أعظم ما حصل به الزيغ والدم في الأمة , وإضعاف الأمة والبدع والمحدثات والشرك , وجميع الموبقات بأنواعها , إنما حصل من جراء ترك الجماعة والأخذ بالفرقة , أو استحسان الفرقة.
والثاني: أن الفرق الضالة رأت الفرقة خيراً وطلبتها , ورأت الجماعة ضعفاً فنبذتها , ومخالفتهم وترك سبيلهم هو سمة الفرقة الناجية , الذين قال فيهم نبينا r في حديث الافتراق: ((كلها في النار إلا واحدة)) , قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ((هي الجماعة)).
إذا تبين ذلك فههنا مسائل:

المسألة الأولى:
في قوله: "نرى". كلمة نرى في هذا الموطن يراد بها الاعتقاد , يعني: ونعتقد , وليس مذكورة لأجل أن المسألة اجتهادية , كما يعبر الفقهاء , أرى كذا وأرى أن الأظهر كذا فيما سبيله الاجتهاد , فكلمة نرى في كتب أهل السنة , في كتب العقائد إذا جاءت بصيغة الجمع فإنه يراد بها ما قرره أئمة أهل السنة والجماعة في عقائدهم دون خلافٍ بينهم.

المسألة الثانية:
الجماعة جاء ذكرها في حديث الافتراق , وفي أحاديث أخر , كقوله عليه الصلاة والسلام: ((الجماعة رحمة والفرقة عذاب)) , وكقوله: ((من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه كائناً من كان)) , وكذلك قوله في حديث الافتراق: ((إن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة , وإن النصارى افترقت على ثنتين وسبعين فرقة , وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة , كلها في النار إلا واحدة)) , قالوا: من هي يا رسول الله قال: ((هي الجماعة)) , وفي رواية قال: ((هي ما كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)).
فكلمة الجماعة جاءت في عدد من الأحاديث نصاً , وجاءت في القرآن معنى في قوله جل وعلا: ] وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [ , وفي قوله: ] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً [ , يعني جميعاً دون تفريق , والسلم في الآية يعني الإسلام , ] ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً [ يعني: ادخلوا في الإسلام كافة , ] وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [ بأن تفرقوا بين أمرٍ وأمرٍ من أمور الإسلام , فيجب الدخول فيه كافة , وألا يقول المسلم إذا أسلم: أنا أدخل في بعض الإسلام ولا أدخل في بعض , أو ألتزم ببعض ولا ألتزم ببعض , أو أقر ببعض ولا أقر ببعض , ونحو ذلك.
والجماعة في هذا الموطن اختلف السلف في تفسيرها على عدة أقوال , يعني في الآية والحديث وفي غيرهما أيضاً من كلام السلف , والذي يجمع كلام السلف كما أوضحته لكم في غير موضع , أن الجماعة نوعان:
جماعة في الدين , وجماعة في الأبدان والدنيا , وأن النصوص تشمل هذا وهذا , وأن من فسر من السلف الجماعة بجماعة الدين فإنه يعني من الصحابة والتابعين , فإنه تفسير للشيء ببعض أفراده , كما هو عادة السلف.
ومن فسرها بأنها جماعة الأبدان والاجتماع على الإمام وولي الأمر , فإنه يعني بها فرداً أو بعض أفراد الجماعة , فالجماعة نوعان: جماعة في الدين , وهي الأساس الأعظم بما أنزل الله جل وعلا به كتبه وأرسل به رسله؛ فإن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ لأجل أن يجتمع الناس في دينهم وهو توحيد الله جل وعلا عبادته وحده دونما سواه , والبراءة من الشرك وأهله وطاعة رسوله الذي أرسله على الرسل صلوات الله وسلامه.
وهذا هو الذي جاء في نحو قوله Y في سورة الشورى: ] شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ [ يعني: واجتمعوا عليه وهو المذكور في قوله: ] وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [.
وهذا الاجتماع في الدين هو أعظم أمرٍ , لأجله بعثت الرسل وأنزلت الكتب , وهو الذي من أجله يجاهد المجاهد ويدعو الداعي , وهو الذي من أجله آتى الله جل وعلا الرسل الآيات والبيانات , أن يجتمعوا لأجل تحقيق الدين؛ لأجل ألا يفترق الناس بالالتزام بما يرضي الله جل وعلا فيما يستحقه في العبادة والطاعة له ولرسوله r , فيدخل هنا في الاجتماع , الاجتماع في ملازمة الإسلام , والالتزام به , وألا نؤمن ببعض ونكفر ببعض , وأن يدخل في الإسلام كافة دون تفريق ما بين مسألة ومسألة , يعني من حيث الاعتقاد والإقرار والإذعان والالتزام.
والنوع الثاني من الجماعة هو جماعة.. الجماعة جماعة الأبدان , يعني اجتماع الأبدان والدنيا بملازمة طاعة من ولاه الله جل وعلا الأمر والسمع والطاعة في غير معصية الله جل وعلا , وهذا النوع وسيلة لتحقيق الأول , فالأمر به والنهي عن الخروج عن الولاة , والأمر بالاجتماع فيما أحب الإنسان وكره , كما جاء في الحديث ((على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره)).
هذا به يتحقق الاجتماع في الدين , والتفريط في الأول أو في بعضه يعاقب الله جل وعلا به بالفرقة في الثاني أو في بعضه كما سيأتي في البحث في الفرقة وكذلك التفريط في الثاني , وهو السمع والطاعة لولاة الأمور في غير المعصية والاجتماع وعدم الخروج , التفريط في الثاني ينتج التفريط في الأول أو في بعضه.

ولهذا ما من فرقة في الأبدان حصلت في الأمة إلا وكان معها وبعدها من الافتراق في العقائد ونفوذ البدع والمحدثات ما لا يدخل في حسبان , فالأمران مترابطان , والجماعة مطلوبة في هذا وهذا , ومأمور بها , وجماعة الدين واجتماع الناس في دينهم حق وصواب , وإحداث المحدثات باطل وغلط وضلال , وكذلك الاجتماع في الأبدان والدنيا حق وصواب , وخلافه بالفرقة والخروج باطل وزيغ وضلال.

المسألة الثالثة:
الجماعة جماعة الدين حصل فيها الافتراق , أو حصل فيها الخلل , ووقعت الفرقة قبل الافتراق في الأبدان أو قبل اختلال جماعة الأبدان , وذلك حين نشأت الخوارج في عهد عثمان t , وحدث منهم ما حدث , حتى آل الأمر إلى قتل عثمان , ثم بعد ذلك وقعت الفرقة واختلت الجماعة , وهذا يؤخذ منه أن من دعا إلى الدين والاجتماع عليه , وتحقيق التوحيد ونبذ البدع ووسائل الشرك والبدع , وإحلال الحلال وتحريم الحرام , والأمر بما أوجب الله جل وعلا , والنهي عن ضد ذلك , أن هذا في الحقيقة يدعو إلى الاجتماع في الأبدان؛ لأنه إذا اجتمع الناس في دينهم آل الأمر إلى اجتماعهم في أبدانهم , والمسائل مرتبط بعضها ببعض.

لهذا كان من اللوازم على كل من يطلب معرفة منهج السلف والأئمة وأهل الحديث , أن ينظر إلى التلازم العظيم ما بين الجماعة الأولى والجماعة الثانية , أو الاجتماع الأول والاجتماع الثاني , والتوزان فيما بينهما هو سبيل أهل العلم؛ فإن الناس في هذين الأمرين على ثلاثة أنحاء:#
منهم من قدم تحقيق المطالب الدينية ورعاه , حتى ولو حصل خلل في الاجتماع في الأبدان , وهذا هو طريقة , يعني بحسب اعتقادهم , وهذا طريقة من ضل في هذا الباب وغلا من الخوارج والمعتزلة , ومن رأى رأياً يشابه ما قال الخوارج والمعتزلة ونحوهما.
والفئة الثانية: من تساهلت فرأت المحافظة على الجماعة في الأبدان والدنيا سبيلاً لترك الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , والنصيحة الواجبة , وإعلان الحق بضوابطه الشرعية في أمر الجماعة , فتركوا إنكار المنكر من الشرك والبدع تساهلاً وضعفاً.
والفئة الثالثة: هم الراسخون في العلم , ومن تولاه الله جل وعلا بتوفيقه؛ فإنهم أخذوا بهذا وهذا , فدعوا إلى الاجتماع في الدين , وتحقيق ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وبنشر العلم النافع والدعوة إلى ذلك , وبالنصيحة بطرقها الشرعية , ولم يروا ذلك مخالفاً لما أوجب الله جل وعلا من الاجتماع في الأبدان والدنيا , فوازنوا بين هذا وهذا , وأجروا الحكمة في هذا وهذا.
ولا شك أن أحوال الناس تختلف في مثل هذه المقامات , ما بين مقام الأمن ومقام الخوف , ومقام الفتنة ومقام الاستقرار , والراسخون في العلم ومن تبعهم يضعون لكل شيء موضعه , فلا يتركون الأمر والنهي والدعوة والنصيحة لأجل توهم أن هذا يفرق , ولا يأمرون مع مظنة وجود الفرقة.
ولهذا يقول ابن تيمية رحمه الله في رسالته , في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: إن الآمر والناهي إذا ظنا أنه ستحدث مفسدة لأمره ونهيه , أكبر مما أمر به ونهى , فإنه لا ينكر , وقال: يأثم إذا أنكر؛ لأن الشريعة جاءت بتحقيق المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها.
وهذا بخلاف التوهم؛ لأن التوهم غير الظن الراجح , غير ما يعلمه أهل العلم مما ستحدثه الأمور , التوهم هذا راجع للخوف , فيه إنسان يخاف أنه يقول لفلان: اتق الله في كذا وكذا , أو صل الصلاة , يتوهم أن كل شيء سيؤثر على النفوس , وأن كل شيء سيغير... إلى آخره , وهذه حيلة وطريقة من ترك ما أوجب الله جل وعلا , وهي طريقة بني إسرائيل التي ذم الله جل وعلا الناس عليها.
لهذا يجب في هذه المسائل , أن يؤخذ بطريقة أئمة الإسلام الراسخين في العلم , ممن رعوا هذا وهذا , وأن الاجتماع في الدين هو الأصل الذي يجب أن يدعى إليه , وأن الاجتماع في الأبدان والدنيا , أن هذا أصل عظيم يجب المحافظة عليه , والموازنة بين هذا وهذا إنما يدركه أهل العلم الراسخون , وما ضلت الخوارج , يعني في أصلها , إلا لأجل أنهم رأوا أن تحقيق ما يظنون من الشريعة يحصل بقتل عثمان , وبجمع الناس على ما يرون , ثم حصل من المعتزلة ما حصل... إلى آخره , فحصل الفساد والشر بسبب التفريط في الموازنة , والوسط في هاتين المسألتين العظيمتين.

المسألة الرابعة:
في قوله في الجماعة:حقاً وصواباً , نرى الجماعة حقاً وصواباً. معنى حق يعني: أنه واجب وثابت , والحق إما أن ينص الله جل وعلا على أنه الحق , أو يعلم بما نص الله جل وعلا عليه , والجماعة علمنا ذلك بدلالة ما نص الله جل وعلا عليه.
وصواباً يعني أن من سلك غير طريقها فهو على غير السبيل , وأن من أراد الصراط المستقيم فهذا هو الصواب وهو ملازمة الجماعة.
وقوله: "والفرقة زيغاً وعذاباً" فيها أيضاً مسائل , الأولى الفرقة تقابل الجماعة , وكما أن الجماعة تكون في شيئين , فالفرقة أيضاً تكون في الأمرين نفسهما:
الأول: الفرقة في الدين.
والثاني: الفرقة في الأبدان.
وعلى هذا تفاسير السلف لآي القرآن في نصوص الافتراق , وما بينوا من دلالة بعض الأحاديث , فقوله جل وعلا: ] وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [ دلت على الاعتصام بالقرآن جميعاً , يعني بأجمعه , وهو الجماعة في الدين , وقوله: ] وَلاَ تَفَرَّقُواْ [ دلت على النهي عن فرقة الأبدان , لهذا قال بعدها: ] وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً [ , فذكر الاجتماع في الأبدان وأمر.. ذكر الاجتماع في الأبدان ونهى عن الفرقة في الأبدان.
وقوله جل وعلا في الآية الأخرى المسألة التي ذكرناها لكم: ] أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ [ يعني في الدين , يعني الفرقة في دين الله جل وعلا , فما ذكر هناك من الاجتماع على الدين , والاجتماع في الأبدان يذكر هنا بضده؛ لأن الفرقة تقابل وتضاد الجماعة.
المسألة الثانية: الفرقة في الدين التي حصلت في الأمة على مراتب , أعظمها مخالفة أصل الدين , بحدوث البدع المختلفة الشركية الكفرية , كإنكار صفات الله جل وعلا , وكعبادة غير الله وإقامة المشاهد , والحج إليها , وتقريب القرابين لها ودعاء الأموات أو التقرب إلى الكواكب أو نحو ذلك , كما حصل من الفرق الباطنية أو فرق الرافضة ومن شابهها.
ويليها الافتراق البدعي غير الكفري الذي حصل من الخوارج والمرجئة والقدرية ومن نحا نحوهم , وهذان النوعان مذمومان متفق على ذمهما.
والنوع الثالث: من الافتراق الافتراق في المسائل العملية في مسائل الفقه في أحكام الطهارة الآنية , أحكام الصلاة , الصيام... إلى آخره , البيوع , الجنايات , ما حصل من الاختلاف في هذه المسائل , والاختلاف في هذه المسائل , الاختلاف والفرقة التي حصلت أولاً هي مذمومة من حيث الأصل , وإن كان الذي قال قولاً باجتهاده معذور ويؤجر , لكن في الجملة الافتراق مذموم لقوله جل وعلا: ] وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ [.
الثاني: أن الفرقة في المسائل الفقهية والاختلاف الذي وقع بين الصحابة وبين الأئمة المجتهدين , اختلاف لأصحابه فيه إما أجران وإما أجر واحد , فإذا اجتهد وتحرى الحق وأصاب فله أجران , وإذا اجتهد وتحرى الحق فأخطأ فله أجر واحد على اجتهاده وتحريه للحق.
وأما من قال قولاً ليس فيه بمتحرٍ للحق , وإنما هو نتيجة عن هوى ونتيجة عن شهوة , فهذا يأثم ولا يؤجر؛ لأن الذي يؤجر هو المجتهد الذي يبحث عن الحق يجتهد , يتحرى الحق , كما هو صنيع السلف , أما إذا كان ميدانه الهوى والشهوة , فإن هذا مذموم على كل حال.

المسألة التي بعدها الثالثة: نفصل الكلام في مسألة الخلاف الفقهي أكثر , وهو أن الاختلاف , اختلاف العلماء في المسائل هو اختلاف في مسائل من الدين في الفقهيات , والعلماء إذا اختلفوا في الفقهيات فالواجب أن يرعى معه ألا يكون افتراق في الأبدان , ولا افتراق في القلوب؛ لأن هذا الخلاف الذي يوجد ابتلاء من الله جل وعلا ابتلى به الناس أن يختلف العلماء , وهذا يقول بقول وهذا يقول بقول , ويكون لهم فيه سعة في بعض البلاد ونحو ذلك , لكن هو ابتلاء يبتلى به الناس.
فالواجب على أنه إذا وقع هذا الاختلاف في الأقوال الفقهية أن ينظر إليه الناس , أن المختلفين إذا اجتهدوا وتحروا الحق بخاصة من الأئمة الذين شهد لهم بتحري الحق وطلبه , أنهم ما بين أجر وأجرين , وأن من وثق بإمام فاتبعه على ذلك ولم يستبن له الحق أنه معذور في اتباعه له , وأن الله جل وعلا إذا أراد بالعباد عقوبة فإنه يجعل هذا الخلاف سبباً للتفريط في الجماعة الثانية , وهي جماعة الأبدان , إذا وقعت الفرقة , الاختلاف في الفقهيات , فإذا آل الأمر إلى اختلاف القلوب واختلاف الأبدان والفرقة فيها , فيكون هذا من العقوبة ومن الزيغ الذي حصل.

ولهذا قال هنا: والفرقة زيغاً عما يجب , وعذاباً يعاقب الله جل وعلا به الناس. ودليل ذلك قوله جل وعلا لما ذكر أهل الكتاب , قال: ] فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ [ , ] نَسُواْ حَظَّا [ يعني: تركوا نصيباً مما ذكروا به , يعني مما جاءهم في كتاب الله , ما النتيجة؟ قال: ] فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ [ , ومما أمر الله جل وعلا به وذكرنا به أن نحرص على الاجتماع , الاجتماع في النفوس والاجتماع أيضاً في الأبدان , فإذا صار اختلاف أهل العلم سبباً لوقوع الفرقة , ولوقوع التلاعن والتباغض , والسب والشتم , وطعن كل فئة في أتباع العالم الذي اجتهد وتحرى الحق , فإن هذا لا شك أنه بغي وظلم , يعاقب عليه الإنسان , وهذا مما نهى الله جل وعلا عنه.
وهذا هو الذي حصل , وهو الذي يحصل عند من لم يعلم حدود ما أنزل الله على رسوله , فإنه قل أن يحصل اختلاف إلا ويبغي بعض الناس على بعض , إما بتجهيلٍ أو بسب , أو بوقوع فيه أو نحو ذلك من الأقوال.
والواجب أن ينصر الحق , وأن يعذر من خالف في الفقهيات , ويعلم أنه إذا اجتهد وتحرى الحق فإنه له أجر , لكن لا يثاب على ذلك , ولا شك أن زلة العالِم زلة العالَم , ولكن هذا قضاء الله جل وعلا وحكمته , فكم من مسائل ثم من الأئمة المشهورين من خالفوا فيها السنة , خالفوا فيها الدليل؛ لاجتهادهم , فهم معذورون , ومن اتبعهم بلا معرفة للحق , وإنما ثقة بذلك الإمام معذور , ولكن الواجب

الـوجـه الـثـانـي

هو تحري الحق , باتباع ما دل عليه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله , أو وافق القواعد والأصول العامة للشريعة , التي يعلمها أهل العلم.
وهذا في الحقيقة هو أعظم ما حصل في كل زمان إلى زماننا الحاضر , بل وإلى يومنا هذا , فقل من يعذر في المسائل المختلف فيها في الفقهيات , يعني التي فيها بحث , فينظر هذا فيه يجتهد في كذا , وهذا يجتهد في كذا , حتى رمى بعضهم بعضا بالضلال , ورمى بعضهم بعضاً بمخالفة ما أمر الله جل وعلا به , بل حكم على بعضهم بالبدع والمحدثات؛ لأجل بعض المسائل الفقهية التي اختلف فيها الناس.
وهذا مما ينبغي أن يعلم كعقيدة , أنه إذا كانت الفرقة في الفقهيات والعمليات والاختلاف في ذلك , إذا كانت سبباً للفرقة في الأبدان , فقد بغى العباد بعضهم على بعض , ووقعت الفتنة ووقع البلاء فيهم , والواجب ألا يقع فيهم البغضاء والشحناء لأجل ذلك , كيف إذا زاد الأمر إذا حصل القتال , وحصل التكفير؟ ونحو ذلك كما حصل من بعض في بعض الأزمان , حيث كفر بعض الشافعية بعض الحنفية في مسائل , وكفر بعضهم بعض الحنابلة في مسائل , ونحو ذلك مما وقع فيه أعلى.. مما وقع فيه طائفة في أعلى درجات الظلم والبغي والعدوان من الناس بعضهم على بعض , ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا لا يزال يوجد إلى يومنا هذا , فكلما زاد العلم زادت البصيرة بأمور:
الأول: أن يحرص طالب العلم على تحري الحق.
والثاني: ألا يجعل تحريه للحق سبباً في فرقة العباد , ولا سبباً في وقوع البغضاء والشحناء بينهم , بل يتودد في ذلك كثيراً ولا يجادل مجادلة الذي يريد الانتصار والقوة , بل يتكلم في ذلك بسكينة وهدوء.
وما أجمل قول الإمام مالك رحمه الله في نحو هذا لما قيل له: الرجل تكون عنده السنة أيجادل عنها؟ قال: لا. يعني يرى من يخالف السنة ويذهب إلى قولٍ آخر , تعرفون المدينة كان فيها مدرسة الرأي ربيعة الرأي ومن معه , مدرسة قريبة من مدرسة الكوفة في الأخذ بالرأي وعدم العلم بتفاصيل السنة. فقيل له: الرجل تكون عنده السنة أيجادل عليها , أو عنها؟ قال: لا , يخبر بالسنة , فإن قبلت منه وإلا سكت. لماذا؟ لأن الشيطان يأتي فيجعل الإنسان ينتصر لنفسه لا للسنة.
وهذا مسلك شائك في النفوس , وينافي الإخلاص وينافي ما يجب , فإذا هو يريد ينتصر للحق ثم تنقلب المسألة في النقاش , أو في المجادلة , أو في الإخبار بالصواب إلى انتصار للنفس دون انتصار للحق , وهذا مما ينبغي تداركه.
ومما يدخل أيضاً في مثل هذا , أن اختلاف الفقهاء في المسائل العملية اختلاف كبير جداً , حتى إن المسائل المجمع عليها قليلة , وليس كل قولٍ من الأقوال المختلفة يصح أن يكون في الخلاف المعتبر , كما قال أحد مشايخ السيوطي:

وليس كل خلافٍ جاء معتبراً إلا خلاف له حظ من النظر

في قصيدة في بعض علوم القرآن.
والخلاف الذي وقع , أو إذا وقع الخلاف فإن الخلاف على نوعين:
خلاف قوي وخلاف ضعيف.
والخلاف القوي ضابطه ما كان الخلاف فيه في فهم الدليل ولا مرجح , والخلاف الضعيف ما كان الخلاف فيه بمخالفة الدليل , أو بالغلط في فهم الدليل.
والخلاف القوي لا إنكار فيه , إذا كانت المسألة فيها خلاف قوي فلا عتب من الأصل لمن أخذ بأحد القولين , أخذ بهذا وأخذ بهذا , هذا يرى كذا وهذا يرى كذا , المسألة فيها سعة.
وأما الخلاف الضعيف فإنه فيه الإنكار وقول العلماء: لا إنكار في مسائل الخلاف , يعنون بها الخلاف القوي على الصواب دون الخلاف الضعيف؛ لأن الخلاف الضعيف خلاف بلا دليل , أو غلط في فهم الدليل.
ويشتبه هذا يعني الخلاف يشتبه بمسألة مهمة وهي مسائل الاجتهاد , والصواب التفريق ما بين مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد , فمسائل الخلاف التي مرجعها الخلاف في فهم الأدلة , وهذه هي التي فيها التفصيل الذي ذكرت لك , في أن الخلاف القوي لا إشكال فيه , وأن الخلاف الضعيف فيه.. يعني يلزم فيه البيان والإيضاح على.. بدون أن يحدث الفرقة ولا تنافر القلوب.
أما المسألة الثانية وهي مسائل الاجتهاد , فهي الاجتهاد في النوازل إذا نزلت نازلة واجتهد العلماء فيها , هل هذه تلحق بكذا وهذه تلحق بكذا؟ فإنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد , وشيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض كلامه: لا إنكار في مسائل الخلاف. يعنى بها مسائل الاجتهاد أو نحو كلامه , أنا أصوغه بفهمي؛ لأن مسائل الاجتهاد ليست هي مسائل الخلاف , ولا إنكار في مسائل الخلاف , يعنون بها لا إنكار في مسائل الاجتهاد , وهذا يحتاج إلى زيادة , وهي أنه لا إنكار في مسائل الخلاف , يعنون بها خلاف القول , ومسائل الاجتهاد التي تحدث في الناس هذه لا إنكار فيها من باب أولى؛ لأن كل مجتهد له اجتهاده ونصيبه من.. في إلحاق النازلة ببعض الأصول والقواعد التي تدل عليها.

نختم هذا الموضع بوصية في هذا الموطن؛ لأن طالب العلم يتسع صدره للعلم , وهذا إذا حباك الله جل وعلا اتساع الصدر في العلم فإنك تؤتى علماً جديداً , وهذا هو الواقع والمشاهد , أما من يضيق بالأقوال , أو من يضيق باختلاف العلماء ولا يبحث في مأخذ هذا ومأخذ هذا , وإذا أورد عليه أحد قولا نظر في كلامه وتأمل , فإنه يحرم بعض العلم , لهذا كلما اتسع صدر طالب العلم , كلما أوتي الصواب في العلم وأوتي الصواب أيضاً في العمل , في عدم التعدي على المسلمين والتعدي على العلماء , أو على طلبة العلم أو نحو ذلك.
والله جل وعلا يقول لعباده: ] وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ [.
والفرقة والخلاف يحصل فيه تعد في كثير من الأحيان , ولا يقول العبد التي هي أحسن , والله جل وعلا أمر بأن تقول التي هي أحسن , وأنا ألحظ وربما منكم كثير لحظوا أن أحدا منا قد يقول قولاً يكون غير واضح , فيأتي أحد ويعترض عليه فهو يتألم ويتحرج لنفسه أنه أخطأ , أو أنه ما أدرك الصواب , فيأتي الشيطان فيصرفه من تقرير المسألة إلى وجود مخرج لنفسه , وهذه من وسائل الحرمان.
وإذا قوى الله جل وعلا طالب العلم على أن يكون قوياً على نفسه في أنه إذا ما اتضحت له صورة المسألة لا يتكلم فيها , ينتظر , يسكت , يعلم نفسه التؤدة , يعلم نفسه عدم الاستعجال في الكلام , عدم إلقاء الكلام على عواهنه , الدقة في الألفاظ , كيف يعبر عن المسائل؟.
وإذا غلط يقول: غلطت , ما أسهل منها عند من يرى تحقيق الحق فعلاً أنا ما فهمت , أنا ظهر لي كذا , ويبدو أنه انحرف ذهني إلى شيء آخر , يقول: أنا ما فهمت أنا غلطت أنا… ما أسهل منها.
وهل من شرط طالب العلم ألا يخطئ؟! ليس من شرطه , إنما من قلت غلطاته , سواء في قوله وفي عمله فهو السعيد , هو الذي يثنى عليه , أما أنه يأتي أحد لا يخطئ , لا يغلط فيما يتكلم , لا يغلط في تعامله , لا , هذا لا يمكن النبي عليه الصلاة والسلام , وهو أكمل الخلق , قال: يا ربي اللهم قال: ((اللهم أيما عبدٍ سببته أو شتمته فاجعلها عليه رحمة))؛ لأنه بمقتضى الطبيعة يغلط الإنسان , الإنسان ما يتحمل , لكنه من يتصبر يصبره الله , ومن يتحلم يعطيه الله جل وعلا الحلم.

لهذا عوّد نفسك على الحلم , عوّد نفسك على الصبر , عوّد نفسك على ألا تنتصر لنفسك في المسائل العلمية , حتى لو جاء المقابل وطعن فيك في علمك , طعن فيما في طريقتك في الإيراد , لا تتأثر بهذا , واجعل الكلام على العلم؛ لأنك مبلغ للعلم , ولست منتصر لنفسك , والمنتصر لنفسه يحرم نفسه انتصار الله جل وعلا له.
أسأل الله جل وعلا أن يمنحني وإياكم العلم والحلم والفقه في الدين , وأن يمنّ علينا بسلوك طريق السلف الصالحين؛ إنه سبحانه جواد كريم , وهو ذو الفضل والإحسان والمنن والعطايا , اللهم فلا تحرمنا فضلك بذنوبنا , ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا؛ إنك على كل شيء قدير.

نجيب عن سؤالين أو ثلاثة:

سؤال: إذا جاء حديث يدل على أن الاختلاف في الأمة رحمة؟
جواب: هذا الحديث ليس بصحيح , وليس اختلاف الأمة رحمة , فالاختلاف في الأمة أوقعها في بلابل كثيرة.

سؤال: من اجتهد في إباحة نسبة من الربا كخمسة في المئة أو نحوه , فهل يؤجر على هذا؟ وهل يشنع عليه؟
جواب: هذا , الربا نوعان:
رباً متفق عليه , ومجمع عليه , فهذا الذي يخالف فيه الإجماع هو صاحب ضلال وهوى , وهو ربا الجاهلية الذي فيه القرض الحسن , ثم بعد ذلك يقول: إما أن تقضي وإما أن تربي , ويجعلون الربا أضعافاً مضاعفة , وهذا هو الذي جاء فيه عدد من الآيات والأحاديث.

أما الربا غير المتفق عليه على تحريمه فإن هذا يدخل في باب الخلاف القوي والخلاف الضعيف على نحو ما فصلنا , مثلاً خلاف ابن عباس في ربا الفضل وربا النسيئة كما هو معلوم , وأنه لا ربا في الفضل وإنما الربا ربا النسيئة , استدلالاً بالحصر في قوله عليه الصلاة والسلام ((إنما الربا في النسيئة)) فهذا اجتهاد وخلاف , لكنه خلاف ضعيف , حتى خلاف الصحابة خلاف ضعيف؛ لأن يعني خلاف ابن عباس في هذه المسألة كذلك إباحته للمتعة مثلاً في بعض المواطن , أيضاً خلاف ضعيف وما أشبه ذلك من الصور المعاصرة (اللي) جرى فيها البحث أيضاً الفوائد الربوية ومن أباحها من بعض المنتسبين إلى العلم.

فهذه الفوائد الربوية منها ما هو متفق على تحريمه وهو ربا الجاهلية , ومنها ما هو مختلف في تحريمه , وما اختلف في تحريمه يدخل في الخلاف الضعيف أو في الاجتهاد فيما ليس بصواب , فيدخل في التفصيل الذي ذكرناه , وأول من يعني بحسب علمي , أول من أباح الفوائد الربوية , يعني فوائد البنوك الربوية والقرض , القرض الصناعي ونحوه , في حسب علمي الشيخ محمد رشيد رضا , صاحب مجلة المنار المعروف , وهو رجل يميل إلى مذهب السلف ونصر التوحيد والعقيدة في مواطن كثيرة , وله إلمام بالحديث والسنة والتخريج , لكنه غلط في مسائل فقهية , ولم يكن من صناعته الفتوى , فأباح أشياء تبعه عليها عدد , وله رسالة في هذا الموضوع بخصوصه وهو الربا والمعاملات المالية , أجاز فيها هذه الفوائد لشبه عنده في ذلك.
ثم تبعه عليها عدد من المشايخ في مصر , ما بين مقصر وما بين محسر في هذه المسائل.
ومعلوم أن الخلاف كما ذكرت لك في هذا خلاف شاذ وضعيف , وليس له حظ من الدليل , لكنه وجود الخلاف في هذه المسألة يفيد فائدتين:
الأولى: أن مسألة الفوائد والقرض الصناعي ونحو ذلك ليس من مسائل الربا المجمع عليها , فاعتقاد إباحتها والإفتاء بذلك أو إجازتها لا يدخل في إجازة واستحلال الربا؛ لأن استحلال الربا المجمع عليه كفر , والربا المجمع عليه هو ربا الجاهلية , وأما ربا الفوائد وربا القرض , وما أشبه ذلك , فهذه محرمة ولا تجوز ويجب إنكارها , لكن لا تدخل في الربا المتفق عليه..

سؤال: أليس ينكر على من خالف في الفروع الفقهية مع ظهور الدليل؟
جواب: هذا يدخل في التفصيل الذي ذكرت , الخلاف القوي والخلاف الضعيف. (كلام غير مسموع)

سؤال: سماحة الشيخ , الفوائد الربوية (غير مسموع) الخلاف الضعيف؟
جواب: كيف؟ أو أقل من الضعيف بعده , الخلاف الشاذ المنكر , أينعم يجب فيه الإنكار؛ لأن ماله , يعني استدلوا بقوله جل وعلا: ] لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [ وأن الفوائد هذه ليس فيها يعني الربا المحرم , قالوا: هو الذي فيه ظلم للمسكين , يعني ظلم لصاحب المال , وهذا يقولون , هذا صاحب المال إذا أودع ماله في البنك ولم يأخذ عليه شيئاً والبنك هو الذي استفاد , صار هو الآن هو المظلوم , فأخذ الفوائد عندهم أنه عدل , وأن ترك الأخذ ظلم له؛ لأن البنك يستفيد وهو لا يعطى شيء , يشغل المال ويستفيد.
ومعلوم أن المال يقبل النماء باليوم , يعني كل يوم فيه كسب , يعني على طريقة التجارات العالمية وأشباه ذلك , فعندهم هذه الشبهة.
لكن هذا لو أقر لآل الأمر إلى أن البنوك يعني من غير الأدلة النصية في الموضوع , لكن على حد تعبيرهم بأن فيه ظلم وعدم ظلم , لو أقر ذلك , والحقيقة هو الذي فيه الظلم؛ لأنه لو أقر ذلك صارت البنوك تأخذ مائة في المائة , وتعطي هذا صاحب الفوائد خمسة في المائة , ستة في المائة , سبعة في المائة , ونحو ذلك.

والأصل في ذلك أن صاحب المال إذا أراد أن يعطي من يشتغل له , أن يكون شريكاً له , شريكاً له في مكسبه وفي خسارته , الناس تنموا أموالهم , يعني لو فرضنا أنهم سيودعون وسيأخذون , هذا خمسة في المائة , و (ده) ستة في المائة , و (ده) سبعة و (ده) عشرة في المائة , سيودعون , البنك قد يحصل خمسين في المائة فسيبقى نمو المال عند هذه الفئة قليلاً , ونمو المال عند أهل البنوك عظيماً , فتقوى البنوك ويضعف الناس ـ ظاهر ـ هذا هو حقيقة الظلم , الظلم الجماعي , [كلام ليس له فائدة علمية] وفقكم الله وأعاننا وإياكم على الحق والهدى.

سائل: إذا الكنادر لبست لبرد , هل يلزمه الدية , دون الكعبين؟
الشيخ: نعم , لا ما يلزم إذا لم يجد إلا هي؟
ـ لا , وجد (بس) برد يا شيخ , ويقول: ها الكنادر (زي) الجوارب , يلزمه الدية في ها الحالة؟ إن كانت تحت الكعبين؟
ـ هلا (أشوفه) يبقى أحسن.
ـ كيف؟
ـ أقول: (أشوفه) وخبرك رجع من الحج توه ما يلزم معه الحج.

سائل: يا شيخ ما ثبت رجوع ابن عباس؟
الشيخ: عن؟
ـ عن هذا القول , وثبت عن مجموعة (غير مسموع) ابن مسعود.
ـ اللي هو ربا الفضل؟
ـ (إيه).
ـ (إي) هو يذكر عن ابن عباس أنه رجع.
ـ لكن ما ثبت رجوعه يا شيخ.
ـ يذكر أنه رجع رجوعه عن المتعة ثابت لكن ربا الفضل أنا ما أحفظ شيئا.
ـ (غير مسموع).
ـ يميل إلى أنه رجع؟
ـ أي والله.
ـ يمكن.
ـ أينعم , لكن ما ثبت رجوعه يا شيخ؟
ـ يذكر أنه رجع , رجوعه عن المتعة ثابت , لكن ربا الفضل أنا ما أحفظ.

سائل: (طيب) يا شيخ سؤال يا شيخ في الحج في المسألة , هل يجوز يا شيخ للمحرم يلبس التثاقيل للحاجة؟
الشيخ: يفدي , إذا لبس فدى.
ـ ولو كان محتاجا؟
ـ ولو كان محتاجا.

سائل: أحسن الله إليك , (وإيش) رأيكم في الاشتراك في التأمين الصحي؟
الشيخ: نعم.
ـ التأمين الصحي , أحسن الله إليك؟
ـ (وإيش) التأمين الصحي؟
ـ التأمين الصحي مثل أن الجمعية التعاونية يعني تأخذ ألف وخمسمائة على السنة (غير مسموع).
ـ أينعم.
ـ تأخذ ألف وخمسمائة على السنة ويبدأ يعني العمل بعد سنة , تذهب إلى أي مستشفى وتعالج مجاناً.
ـ أنا أذكر (اللي) أقر , (اللي) أقر من مجلس الشورى , وجاءنا في مجلس الوزراء أيضاً (وشفناه) , وبنوده شرعية , عبروا عنه بالضمان الصحي , ما هو التأمين.

ـ أنا أسأل عن التأمين الصحي.
ـ التأمين ما أعرفه , ما (شفته).
ـ أنا بأشرح لك الآن , الشركة الآن الجمعية التعاونية , أنا آتيها تقول: تدفع ألف وخمسمائة على السنة , وبعد سنة يعني الآن في ألف وأربعمائة وواحد وعشرين يبدأ , يعني بأدفع ثلاثة آلاف.
ـ في السنة؟
ـ الآن أنا أدفع ألف وخمسمائة في السنة , فإذا أدفع ثلاثة آلاف يبدأ الحق , أذهب مثلاً إلى أي مستشفى سواء (سوولي) عملية مثلاً أو أي علاج يكون على حساب الجمعية.
ـ نعم تأمين يعني مثل أي تأمين آخر.
ـ نعم.
ـ هذا مثل حكم التأمين , أقول: مثل التأمين الآخر , يعني تدفع شيئا ولا تدري ينفذ أو لا , تدفع أنت. صحيح؟
ـ (إيه) لكن واحد مثلاً يقول مثلا..
ـ (مو) بيعني خصم من الراتب؟
ـ لا , أدفع أدفع.
ـ تدفع فيه؟
ـ (إيه) مثلا واحد قال: هذا فيه مصلحة لي مثلا.
ـ هذا تأمين تأمين , له حكم التأمين , ويدخل في الخلاف في التأمين (غير مسموع) هذا تأمين مثل التأمين على السيارة وعلى البيت.

ـ لو قال واحد مثلاً: أنا مثلا (بسوي) تأمينا لزوجتي , وهي مثلاً حامل بعدما تحمل مثلاً تلد في أي مستشفى فيه أكبر مستشفى ولو مثلاً حصل قيصرية أو شيء يدفع
ـ يا الله فال خير (وبعدين؟).
ـ مثلا يكلف مثلاً هو دفع ثلاثة آلاف (قد) مثلاً العملية أو الولادة الطبيعية تتكلف خمسة آلاف , ستة آلف , عشرة آلاف.
ـ وبعد السنة الثانية ما هو بـ …
ـ ينسحب.
ـ يعني هذه صورة زينة إباحتها للحوامل هذا الاجتهاد (شوفوه) أنتم (غير مسموع) هيئة صغار العلماء , أقول: (شوفوها) أنتم ابحثوها , يعني إذا كان لحاجة معينة ويعلم أنها ستتحقق , يعني هو ما يدري يعني لكنه غالب ظنه أنه بيصير مثلا (غير مسموع).

سائل: أحسن الله إليك يا شيخ , ما الفرق بين الاعتقاد والاعتماد الكلي؟
الشيخ: كيف؟
ـ اعتقاد كلي واعتقاد..
ـ في (إيش؟).
ـ مثلاً في فعل الأسباب؟ قد اعتمد كليًّا.
ـ الاعتقاد قلب , والاعتماد فعل.
ـ لكن اعتمد أحسن الله إليك اعتماداً كليا على هذا الشيء , هل يدخل في الاعتقاد؟
ـ ما هو بشرط , قد يعتمد دون اعتقاد.
ـ يعني خلا قلبه من الاعتقاد بسبب الاعتماد.
ـ لا , هو الاعتقاد , الاعتقاد هو أنه في قلبه ليس في أن الله نافعه (ولا هه) إنما ها السبب مادي يعتقد في داخله أن المادة هي كل شيء , هذا هو الاعتقاد , لكن الاعتماد غفل قلبه واعتمد ظاهره , ما يسوى هذا بهذا. لهذا صار الاعتماد على الأسباب يعني بالكلية , ما هو بالاعتماد على الأسباب فقط , الاعتماد على الأسباب بالكلية , يعني دون اعتماد القلب على الله جل وعلا , هذا محرم , أو نقول: يدخل في نقص التوحيد , شرك أصغر , أو شرك خفي. ظاهر؟
ـ (إيه).
ـ أما الاعتقاد فهذا كفر. ظاهر؟
ـ (إيه).
ـ يعتقد أن الأسباب كافية ولا نافع (غير مسموع) الله Y فعل وقدرة , هذا كفر ظاهر (ليك)؟
ـ (غير مسموع).

ـ يعني يعتقد أنها ما فيها فائدة , مثلاً الطبيب (بيعمل) لك عملية , يقول: (خلاص). ما جاء في قلبه أنه يعظم الاعتماد على الله وكذا , فعله (كده) بالطبيعة , هذا العمل يعني فاته الأفضل , (هه؟) فاته الأفضل لكن في قلبه فيه أصل الاعتماد على.. لكن فيه من اعتمد على السبب في هذا بالذات , لو (غير مسموع) الطبيب (غير مسموع) ما قام في قلبه أي شيء من التوكل على الله , اعتمد على السبب فقط فهذا يدخل في يمكن نقول: إما محرم أو شرك خفي أو اصغر , بحسب الحالة , لكن المسألة الثانية اعتقد أن هذا السبب كافٍ دون الله جل وعلا ظاهر؟ ما التفت (غير مسموع) جعل السبب كافيا (غير مسموع) يعني أعوذ بالله قال: يكفي الطبيب الدكتور كاف (غير مسموع) هذا كفر إذا اعتقد قلبه , ما فيه أحد يعتقد أن يعتقد الاعتماد على الأسباب فقط , يعتقد الأسباب فقط ويكون عنده في إيمان؟ ما يمكن المؤمن لازم يكون عنده اعتماد على الله جل وعلا , لكن يعتمد على الأسباب الظاهرة بحسب الحال.

سائل: (غير مسموع) التأمين لو أخذ من (غير مسموع) يعني أخذ (غير مسموع)؟
الشيخ: نعم إذا أخذ من راتبه؟ أينعم لا.
ـ ولو كان زاد على...
ـ ولو , ولو.
ـ (غير مسموع)
ـ لأنه هو أخذ منه قصراً وهم رضوا به.

ـ لكن (غير مسموع) يعني تحريم التأمين وهي الميسر يعني (غير مسموع)
ـ لا , هو الميسر متى يتحقق؟
ـ إذا كان غارمًا أو غانمًا.
ـ إذا أنت (بتدخل) فيه , ظاهر؟ لكن إذا كان , (خلاص) سيأخذونه منك.
ـ يعني أجبروني على الدخول.
ـ وأجبروك هم سيخصمونه (هه؟)
ـ نعم.
ـ (اللي) من الراتب , (خلاص) هذا , (غير مسموع) فأنت إذا ما استفدت منه , (وإيش) رجعت إليه؟ رجعت إلى الغروم في الحالين , وهذا أشد مفسدة , يعني كأن المال تركته لهم , أشد مفسدة فهو إذا أخذته أنت , إذا ألزمت به أخذت مالك من الحق , (هه) ما في بأس.
ـ (غير مسموع)
ـ مالك من الحق (مو) هو من المال , مالك من الحق (اللي ليك) من الحق في الأخذ , هم أخذوا منك هذا مثلا تتعالج , (خلاص) عالج , إنما هم ألزموك , أخذوا يأخذون منك خصم (عشان) مثلاً , في الخارج يكثر , (اللي) راح للخارج ما فيه لو يشتري (وإيش) دفاية لازم عليها تأمين , لو يشتري أي شيء , لازم التأمين يضاف , يضاف ماله فيه حيلة , فإذا تركه لهم صار (إيش؟) صار معينًا لهم غرمين يعني , هو أعانهم على الجهتين. فالغرر الدخول فيه منهي عنه , لكن إذا فرض عليك , (إيش؟) إذا فرض عليك هذا فأن تجعله غرمًا واحدًا أحسن مما يصير غرمين (غير مسموع).

سائل: الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد على الخوف الذي يحملك على ترك الواجب وفعل المحرم هذا خوف محرم , والشيخ عبد الرحمن في فتح المجيد قال: إنه شرك أصغر (إيش) ظهر (ليك)؟
الشيخ: إنه محرم (بس) , محرم ما هو شرك أصغر , هو التوسع في الشرك الأصغر يعني فيه نوع تشريكي؛ لأنه هو ما ترك الأمر والنهي إلا خوفًا , يعني ما هو مصلحة , (بس) مجرد خوف إلا إنه (إيش؟) خاف منهم كخوف , يعني أو قدم خوفهم عليه , خوفه منهم على خوفه من الله , فيه نوع تشريكي , (بس) الأظهر التعبير بالمحرم.

ـ يا شيخ صالح , الخوف من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله , (غير مسموع) تعريف الخوف الشركي يصلح؟
ـ لا , لا يصلح؛ لأنه الخوف الشركي هو خوف السر , يعني يعطى شيئا غيبيا ما لله جل وعلا من الخصائص , يعني يؤذي بدون سبب ظاهر.

ـ لو قال واحد: لولا فلان ما كان كذا , بدون تشريك مع الله سبحانه وتعالى؟
جواب: لولا فلان؟
ـ (إيه) وكان (غير مسموع) أثر فهل يكون فيه نوع من الشرك الأصغر؟
ـ شرك أصغر , إذا كان أنه في مقابلة نعمة أو اندفاع نقمة , يعني فيه نعمة حصلت له , قال: لولا فلان ما حصلت لي. أو اندفع عنه مصيبة أو نقمة قال: لولا فلان ما كان (جاني) كذا. هذا هو الشرك الأصغر.

ـ (واللي) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ(اللي) هو؟
ـ ((لولا أنا لكان أبو طالب في الدرك الأسفل من النار)) , وقول عمر لحفصة: لولا أنا لطلقك رسول الله؟ يعني ما فيه , يعني إذا صارت بدون واو التشريك ما تجوز؟ يعني هو الآن ما يعني (غير مسموع).
ـ لا خلينا في الحديث والأثر. خلينا في الحديث.
ـ ما يجوز يا شيخ؟
ـ هل القائل الآن هو المنتفع المتفضل عليه , (ولا) المتفضل؟
ـ المتفضل.

ـ المتفضل؟ صورتنا (اللي) نتكلم فيها , (إيه) المتفضل عليه , متفضل عليه؛ لأن المتفضل عليه تعلق القلب بمن تفضل عليه , أما المتفضل (هه) مثلاً أنا لو أقول لك أنت: لولا أنت ما صرت من أهل السنة والجماعة. (إيش؟) لولا أنا ما صرت من أهل السنة والجماعة , هذا يدخل فيه (غير مسموع)؛ لأنه من المتفضل لكن القلب هنا ما فيه التعلق , هنا يدخل في , بحث آخر , الفخر مثلاً أو يدخل في يعني في ضوابط أخرى , لكن الضابط المنهي عنه أن يكون ممن انتفع , ما هو بالنافع؛ لأن هذا قلبه تعلق بمن أحسن إليه , تعلق بمن بالسائق (اللي) بسببه ما صار (غير مسموع) تعلق بالطبيب , تعلق بمن أحسن إليه , التعلق هذا هو (اللي) يدخل له التشريك في الـ.. ظاهر؟
ـ واضح.

ـ أما حديث: ((لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)) , ما دخل من جهتين , الجهة الأولى: أن النبي r متفضل , والأحاديث (اللي) فيها النهي إنما هو في المنتفع بالنعمة أو اندفاع النقمة , الأمر الثاني: أن قوله: ((لولا أنا)) يقصد (إيش؟) يعني لولا شفاعتي وشفاعته عليه الصلاة والسلام تقبل ابتداءً (ولا) بفضل الله؟ بفضل الله , فمعلوم أن لو قال: ((لولا أنا)) يعني لولا شفاعتي , شفاعتي له؛ لأن شفاعته ما تقبل إلا بإذن الله , فرجع الأمر ولو لم يذكر ظاهر إلى الله جل وعلا.

سائل: (غير مسموع).
الشيخ: لولا دليل تعلق..
ـ لو كان لأمر آخر , لولا فلان ما كان لفلان (غير مسموع).
ـ كيف؟

ـ لو قال: لولا عمل كذا ما انتفع , فلان آخر ليس هو يعني تعلق قلبه , هل يدخل في هذا؟
جواب: (إي بس) هو دخل هنا على حكم أنه ينظر إلى ورود الفضل (ولا) ينظر إلى (إيش؟) يعني مثلاً أقول لك مثلاً: لولا أنت عبد الله (هه) ما صار لك كذا وكذا , هذا دخل في الشرك؛ لأن لولا الله ثم عبد الله , ظاهر؟ (ليش؟) لأن الآن دخلنا في الانتفاع , يعني إن هو المتفضل والمتفضل عليه , أنت الآن داخل , أما الحديث فتوجيهه على ها الوجهين , وكذلك قول عمر: لولا أنا لطلقك رسول الله r؛ لأنه المتفضل عليه , يبين عليها فضله.

ـ يعني لو قال: لولا الهوى ما اختلف الناس في الققه.
ـ كيف؟
ـ لو قال إنسان لولا الهوى.
ـ (إيه) ما فيها شيء , هذا ما (غير مسموع)
ـ ليس بـ (غير مسموع).
ـ هو أقرب شيء تنضبط به هو ما كان في يعني في أمرين , تنضبط بأمرين:

الأول: أن يكون استعمال لولا في تحصيل نعمة أو اندفاع نقمة بسبب من الأسباب , فيعزوه للسبب , يعزو وتحصيل النعمة للسبب ولا يذكر الله , يعزو اندفاع النقمة للسبب ولا.. هذا واحد.

الأمر الثاني: أن يكون في ذكره تعلق القلب بهذا السبب إذا حصل تعلق السبب , حصل الشرك قلبًا ولفظًا.
سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك.

سائل: بالنسبة للصلاة خلف الكاهن أو العراف , لو هو إمام مسجد , تصلي في بيتك (ولا) تصلي في المسجد معه؟
الشبخ: لا تصلي في بيتك تصلي أو تصلي في جماعة أخرى , إلا إذا اضطررت يعني للصلاة وتخشى من التفريق؛ لأنه قصارى الأمر إن الصلاة خلفه باطلة , الصلاة خلفه باطلة. ظاهر؟ وفي الصلاة خلفه تقوية له وتزكية له , إلى آخره , فإذا اضطررت في هذا لو صليت (غير مسموع) تعيد , تعيد لأنه كافر.
ـ يعني ممكن تصلوا معه في المسجد وترجع في البيت تصلي؟ تعيد الصلاة؟
ـ تصلي في المسجد.
ـ خوفا من الفتنة يعني.

ـ نعم (بس) ما هو بدائم يعني إذا اضطررت.
ـ ما في إلا هذا المسجد مثلاً في الحي , ماذا تفعل؟ مثلا هذا المسجد الوحيد (اللي) (بيصلي) فيه الكاهن , وإلا تصلي في بيتك؟
ـ صل في بيتك , ما تصلي وراءه , أو (تشوف) لك مسجد آخر وجماعة ولو بعيد , جاهد , أما الكهان والعرافين ما يصلي وراءهم أحد.

[سؤال: معاشات التقاعد تعد من التأمين؟
جواب: أنت وش عليك من معاشات التقاعد؟ خليك في التأمينات الاجتماعية , هو تأخذ منك تخصم منك؟ في احتمالية تدفعها أنت باختيارك أو تخصم منك. لا تدفع , توكل على الله , وإذا كان أنه أخذوا منك فاستفدت منه. طيب ظروف العمل فيه يا شيخ؟ العمل في البنوك؟ وش عليك منه؟ عندنا والله مشكلة. ما يعمل في البنوك , حتى ولو عمل؟ حتى ولو عمل؛ لأنه يعين على أهليها وتقويتها.
أحسن الله إليك يا شيخ.]*

مـجلـس آخـر

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله حق حمده , وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين , اللهم نسألك علمًا نافعًا وعملاً صالحًا وقلبًا خاشعًا , ربنا لا حول لنا ولا قوة إلا بك , فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين , اللهم آمين.
نجيب عن بعض الأسئلة:

سؤال: يذكر الرغبة في إخراج بعض الكتب التي شرحت , يعني تفرغ وتطبع مثل كتاب التوحيد , والواسطية والطحاوية؟
جواب: النية لهذا قائمة وبعضها شرع فيه , نرجو إن شاء الله أن يتم قريبًا.

سؤال: يقول: ما رأيك فيمن يحج بدون تصريح , علمًا بأنه تمكن من الحج عدة مرات؟
جواب: أولاً: بالنسبة للسؤال أنا لا أختار أن يسأل أحد بقول السائل: ما رأيك؛ لأن المجيب لا يجيب عن رأيه , وهذا هو الأصل , أنه لا يجيب برأي يراه , وإنما يجيب بما يعمله هو من دلائل الشرع وقواعد الشريعة والأصول العامة التي لا يسوغ أن يتعدى المعلم أو المفتي أو المجيب , أن يتعداها.

الرأي قد يكون ممدوحًا وقد يكون مذمومًا , وعامة كلام السلف كما تعلمون في ذم الرأي وذم أهل الرأي؛ لأنه في الغالب الرأي لا يصدر عن تتبع للدليل وتتبع للقول الصحيح في المسألة , فلو يقال في مثل الأسئلة: ما حكم كذا؟ ما حال كذا؟ ما حكم من حج بدون تصريح؟ ما حال من حج بدون تصرح؟ هل يأثم أو لا يأثم؟ ونحو ذلك.
هذا من جهة صياغة السؤال , أما من جهة الجواب فمر معكم مرارًا من أجوبه المشايخ وأهل الإفتاء , أن قول ولي الأمر في مسألةٍ يسوغ فيها الاجتهاد ملزم , إذا كانت المسألة فيها اجتهاد ولم يحرم حلالاً أو يحل حراما ولم يأمر بمعصية , فإن قوله ملزم , وسيما إذا كان أمره وإلزامه بذلك كان نتيجة لفتوى.
ومعلوم أن الحج سواءٌ أكان حج المقيم أم حج المواطن قد صدرت فيه فتوى من هيئة كبار العلماء , وإن لم تكن في بعضها بالإجماع , لكن الفتوى معتبرة وهو قرار من هيئة كبار العلماء , ألزم به ولي الأمر , فلا يجوز حينئذ مخالفته.
لكن من فعل من خالف وحج , فهل حجه صحيح أو غير صحيح؟
حجه صحيح؛ لأنه لا يبطل حجه بإثم ارتكبه , مثل المرأة لو حجت بدون محرم فإنها تأثم مع صحة الحج.
ومما ينبغي على طلاب العلم بعامة ألا يحتالوا على ما يفتى به , أو على ما يلزم به ولي الأمر فيما له الإلزام به , وأن يستجيبوا لذلك؛ لأن هذا من المصالح المرسلة , تعلمون أن الشريعة جاءت بحفظ المصالح المرسلة كما جاءت بحفظ المصالح المقيدة , والشريعة في أصلها جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها.

ولهذا فينبغي على المسلم أن يحتسب في طاعة ولاة الأمور وطاعة الفتوى التي صدرت من أهل العلم في ذلك , وألا يتحيل السبل لمخالفتها؛ لأن في هذا مصالح كثيرة للمسلمين في الداخل وفي الخارج. وتعلمون قول النبي r: ((على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)).

سؤال: هل عبارة "الله ما شفناه لكن بالعقل عرفنا" في قول العامة صحيح؟
جواب: هذا القول في غالب معناه صحيح , وهو مأخوذ في الأصل من كلام علي t في خطبه وهو موجود في "نهج البلاغة" نسيت العبارة لكن مؤداها أو حاصلها يقول: والله إن لم تدركه الأبصار بالشهود , لكن عرفته وأذعنت له العقول بالدليل. أو نحو ذلك , هي موجودة يعني أصلها في كلام علي t.

سؤال: كيف انعقد النذر من عمر t وهو في حالة الشرك , مع أن النذر عبادة يحتاج إلى نية , إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟
جواب: النذر عبادة ويحتاج إلى نية , لكن ليس من شرط صحته الإسلام , ليس من صحة شرط النذر , من صحة النذر ووقوعه عبادة الإسلام , فقد ينذر نذرًا ويكون نذر طاعة ويقع النذر صحيحاً , لكن إذا وفى به وهو غير مسلم , نذر فوفى به هل يؤجر عليه؟
نقول: لا يؤجر عليه؛ لأن الثواب من شرطه الإسلام.
أما أصل عقد النذر هو مثل اليمين , النذر.. باب النذور والأيمان مبناهما واحد , فالنذر وهو إلزام المسلم نفسه عبادة لله تعالى ليست لازمة له بأصل الشرع , إلزام المسلم نفسه بهذه العبادة , هذا النذر فهو له في الإلزام مقام اليمين.
فلهذا إذا نذر وكان مستوفيًا؛ لأنه نذر على ما يستطيعه وفي مستقبل وليس نذر معصية , فإن هذا الوفاء به متعين , فإذا أسلم فإنه يجب عليه أن يفي بهذا النذر؛ لأنه ليس من صحة انعقاده الإسلام.

سؤال: ما حكم نهر الأئمة لمن يقوم باستعطاء الناس؟ وهل هو من المنكر الذي ينبغي إزالته؟
جواب: هذه المسألة , هذا السؤال له شقان:
الشق الأول: سؤال المسجد , هل يجوز لأحدٍ أن يقوم في المسجد ويسأل؟
والمسألة الثانية: هل الإمام يأذن أو لا يأذن بالسؤال؟

سؤال: ما حكم نهر الأئمة لمن يقوم باستعطاء الناس؟ وهل هو من المنكر الذي ينبغي إزالته؟
جواب: هذه المسألة، هذا السؤال له شقان:
الشق الأول: سؤال المسجد، هل يجوز لأحدٍ أن يقوم في المسجد ويسأل؟
والمسألة الثانية: هل الإمام يأذن أو لا يأذن بالسؤال؟

وأما الشق الأول منها هو أن سؤال المسجد، يعني سؤال المحتاج في المسجد اختلف فيها أهل العلم على عدة أقوال، فمن أهل العلم من ذهب إلى إباحته , وأن المحتاج له أن يسأل , واستدلوا لذلك بما رواه أبو داود في السنن , أن أبا بكر الصديق t مر بسائلٍ يسأل في المسجد فأعطاه، وسياق الحديث أن أبا بكر قال: مررت بسائل يسأل في المسجد فأعطيته خبزة أو نحو ذلك.

والقول الثاني: أن هدي النبي r في سنته لم يكن الإذن بسؤال الفقير أو المحتاج الناس، وإنما كان هديه أنه إذا علم محتاجًا فإنه يطلب من الناس أن يعطوه، وكما حصل في قصة مجتابي النمار , وهم قوم قدموا على النبي r وقد تخرقت نمارهم , وكانوا في حالة رثة , فعرف ذلك في وجه رسول الله r، فلما صلى طلب الناس أن يتصدقوا على هؤلاء، فقام رجل فقال: عليّ يا رسول الله درهم. فتتابع الناس بعده، فقال: عليه الصلاة والسلام: ((من سن سنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)).
فدل هذا على أن.. أو استدلوا بهذا على أن السائل لا يجوز له السؤال في المسجد , وأن الإمام، إمام المسجد، إذا علم من أحد حاجة فإنه.. وتأكد وتثبت من ذلك، فإنه يطلب من الجماعة، يطلب من الناس أن يتصدقوا عليه.
أما السائل يقوم ويسأل بعد الصلاة , هذا لم يكن في عهده عليه الصلاة والسلام , وهؤلاء ذهبوا إلى تحريم سؤال المسجد، بعكس الأولون الإباحة، وهؤلاء قالوا بالتحريم، وممن ذهب إلى ذلك جمع من أهل العلم , منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وحرم السؤال في المسجد.
وهذا اختاره عدد من أئمة الدعوة , منهم سماحة الجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى , وعليه فإن الإمام على هذا القول , يعني إذا اختار هذا القول وأنه لا يجوز سؤال المسجد، فإنه يلزمه ألا يقر السائل على محرم، إذا كان السؤال لا يجوز فإنه يلزمه ألا يقره، فيكون نهي الإمام للسائل هذا نهي لفعل ما لا يجوز في المسجد، فيدفعه بما يندفع به، إذا اندفع بكلاكم سهل فإن هذا يكفي، إذا اندفع بما هو أكثر بنهر، يعني لم يندفع بأقل اندفع بالنهر فإنه له ذلك، إذا لم يندفع إلا بإخراجه فإن له ذلك أيضاً على هذا القول.
وأدلة هذا القول، يعني من حيث عدم جواز السؤال ظاهرة، ثم من حيث الدليل , ووجهوا فعل أبي بكر بأنه لم يسأل بعد الصلاة وإنما وجده في طرف المسجد يعرض حاجته، وهذا غير المسألة التي فيها الخلاف.
فإذن وجه الدليل يدل على عدم جواز السؤال في المساجد , على أن السنة أن الإمام إذا علم حاجة محتاج فإنه يشفع في ذلك ويحدث الناس بذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه الشيخان: ((اشفعوا فلتؤجروا , وليقضي الله على لسان نبيه ما شاء)).
فالشفاعة من شفع شفاعة حسنة أجر عليها، إذا علم , تحقق أن هذا محتاج , فكونه يسعى في ذلك ويحدث الناس؛ بأن هنا محتاج موجود من صفته كذا وكذا أعطوه، هذا له أصل في السنة , وهو هدي النبي r.
أما ما ترونه اليوم من أنه بعد كل صلاة تحدث اثنين ثلاثة، ويقطعون على الناس تسبيحهم , وبعضهم ينمق الخطابة ويتحدث بحديث طويل، أو يظهر عاهة أو نحو ذلك، هذا لا شك أنه ليس مما كان في عهد النبي r , فهو أولى بالمنع من كثير من المسائل التي يمنع منها بعض المأمومين، كالدعاء بعد الصلاة ونحوها؛ لأنها لم تكن من السنة بيقين.

وأئمة الدعوة رحمهم الله هديهم في المساجد كان على هذا، أنه إذا علموا محتاجاً في البلد أو قوم عليهم من هو محتاج تكلم الإمام، هنا محتاج يحتاج إلى بيت، تصدقوا جزاكم الله خيرا، يعطون الإمام , أو هو يكون موجوداً فيعطونه. وهذا هو التعاون على البر والتقوى، أما الإذن للناس أن كل من أراد قام ويسأل ويقطع الذكر وربما شوش على المصلين، ويعني هذا فيه نظر ظاهر؟
ـ....................
ـ أن يبين لهم، لكن يدفعه بالتي هي أسهل، يدفعه بالتي هي أحسن، والإمام يكون حكيماً , ما يجعل المسألة مرادة صوت، يعني يكون حكيماً يدفعه بالتي هي أسهل , ويعلم الناس الحكم، وإن شاء الله يتعلمون في ذلك.
ـ....................
ـ أما الإعطاء ما فيها شيء، لكن السؤال، السؤال ما يجوز لكن من سأل واحداً أحب أن يعطيه ما في شيء؛ لأن هذا صدقة.


* ما بين المعقوفتين غير موجود في الشريط.


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:20 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


القصد إلى الجماعة من أصول السنة
قال: [ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً] . المراد بالجماعة هنا: الجماعة المقتفية أثر النبوة، وهم المهتدون بهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا من مقاصد الشريعة الكلية. ومن أصول السنة، القصد إلى الجماعة، والبعد عما يوجب افتراق القلوب، وهذا من الأدب الواجب، ومن أخلاق النبوة التي يجب على طالب العلم أن يعلمها وأن يفقهها، وأن يربي نفسه عليها. ومع كثير من الأسف، فإن كثيراً من النفوس عندها نوع من الاستعداد للافتراق، وأحياناً قد يكون بعض طلاب العلم عنده هذا الاستعداد أكثر مما عند العامة، أي: ترى في قلوب بعض العوام من الاستقرار أكثر مما في نفوس بعض طلبة العلم، وهذا مما يجب على طالب العلم أن ينظره في نفسه، وليس صحيحاً أن تفسر سائر الواردات التي ترد على النفس بكونها من تتبع الحق، فقد يكون هذا تتبعاً للحق، وقد يعرض لبعض الناس -ولو كان من أولي العلم- ما يفرق به ولا يكون موجب ذلك من الحق اللازم. وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما تكلم عن هذه المسألة، قال: (ومعلوم أنه يعرض لكثيرٍ من أهل العلم الكبار، بعض مقامات الغلط حتى ما هو من الهوى الخفي، فمثل هذا يقع لبعض الأكابر من أهل العلم، بل يقع لبعض الصحابة، وقد يعرض لبعض النفوس درجة من درجات الهوى الخفي، ولهذا كان من فقه السلف، أنهم كانوا يسمون من خرج عن السنة والجماعة: أهل الأهواء، مع أن بعضهم قد يكون خروجه في مسألة ما غير صادر عن هوى محض، ولكن لا بد أن يقارن من خالف المتواتر شيء من الهوى، قد يكون هذا الهوى بيناً وهذا يسلم منه طلاب العلم في الجملة؛ لما هم فيه من العلم والتقوى..إلخ). ولكن الشأن في الهوى الخفي، والنفوس فيها إرادات كثيرة، وفيها متعلقات كثيرة، وليس من الصواب أن يكون طالب العلم ليس له حال إلا الاشتغال بإخوانه من أهل العلم الذين قد يخالفونه في بعض المسائل، مع أن إنكار المنكر -لو كان- فرض كفاية، فتكفي مرة أو مرتان أو ثلاث، بينما تجد أن البعض تمضي عليه سنوات لا يردد في مجالسه إلا قضية أو قضيتين، وهذه القضية قد لا تتعلق إلا بكتاب أو بشخص، أو تكون قضية نسبية أو اجتهاداً سائغاً. ومعلوم أن فروض الكفايات كثيرة، وهناك أيضاً فروض الأعيان التي تجب على المسلم وهي أولى، فينبغي لطالب العلم، أن يكون فقيهاً وأن يكون مهتدياً حقاً ومقتفياً أثر السلف رحمهم الله فيما كانوا عليه من السعي إلى اجتماع القلوب والنفوس والحرص على السنة، ويعلم أن الناظر لا بد أن يخطئ، وقد يغلط فيقول قولاً يخالف ظواهر الأدلة وإن كان من أهل السنة. ومثل هذا لا شك أنه يجب إنكاره، ويجب تحقيق السنة، وتحقيق سبيل السلف، لكن الإنكار على مثل هذا لا بد أن يكون على قدرٍ من الفقه والحكمة والاعتدال، وأما تخبيب النفوس وتقوية الإرادات النفسية التي تقوم على الانتصار، والاختصاص، والاصطفاء الذي ليس عليه أثر؛ هذا كله مما ينبغي لطالب العلم أن يبتعد عنه، وأن يدرك أن هذا العلم الذي بعث به رسول الله ص، متضمن للرحمة، وهكذا العلم الذي آتاه الله أولياءه، ومن كان علمه لا رحمة معه، فما أوتي العلم الذي رضيه الله ـ لعباده. ولهذا لما ذكر الله سبحانه وتعالى الخضر قال: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف:65] ، قال شيخ الإسلام : (وعلم الأنبياء والأولياء الذين اقتدوا بهم يجمع هذا المقام وهذا المقام؛ لأن العبد إذا تعطل عن مقام الرحمة قوي في نفسه بعض الإرادات التي تبعثه على الانتصار، فاتخذ العلم بغياً)، والذي يشكل حقيقة هو الاستطالة بالحق، وأول بدعة حدثت في الإسلام وهي بدعة الخوارج استطال أهلها بالحق؛ لأنهم ادعوا الحق دليلاً على بدعتهم -أي جعلوه شعاراً لبدعتهم- فقالوا لـعلي : (حكمت الرجال في دين الله، ولا حكم إلا لله)، فالكلمة حق، وعلي نفسه قال: (كلمة حق أُريد بها باطل)، فينبغي لطالب العلم أن ينتبه من كلمة حق أريد بها باطل، بل ينبغي لطالب العلم أن ينتبه من كلمة حق أريد بها حق لكن الكلمة ليست في محلها، فقد تكون الكلمة حقاً والشخص يريد حقاً، لكن المقام ليس هو المقام المشروع. ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ونرى, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir