دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 04:20 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة)

ولا نُصَدِّقُ كَاهِنًا ولا عَرَّافًا، ولا مَن يَدَّعِي شيئًا يُخَالِفُ الكتابَ والسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الأُمَّةِ.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) ولا نُصَدِّقُ كَاهِنًا ولا عَرَّافًا.
(2) ولا مَن يَدَّعِي شيئًا يُخَالِفُ الكتابَ والسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الأُمَّةِ.



(1) سَبَقَ أنْ ذَكَرَ المُؤَلِّفُ الكراماتِ وَضَابِطَهَا، وأنَّ الكراماتِ حَقٌّ ثابتٌ، ولا يَجُوزُ الاعتمادُ عليها، ولا يُظَنُّ بأنَّ للأولياءِ مَرْتَبَةً يُدْعَوْنَ فيها مع اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كما يَقُولُهُ القُبُورِيُّونَ والخُرَافِيُّونَ، فَيَتَعَلَّقُونَ بالأَوْلِيَاءِ والصالحِينَ من أهلِ هذهِ الخوارقِ.
أَمَّا قولُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لا نُصَدِّقُ كاهِنًا ولا عرَّافًا) ففيهِ بيانُ الفرقِ بينَ الكرامةِ والكَهَانَةِ والعرَافَةِ والسحرِ والشَّعْوَذَةِ والتَّنْجِيمِ، فهذه – أي: التي مع الكُهَّانِ والعَرَّافِينَ –خَوَارِقُ شيطانيَّةٌ وأعمالٌ حَذَقُوهَا وتعلَّمُوهَا بسببِ تَقَرُّبِهِم من الشياطينِ، فَيَظُنُّ الناسُ والجُهَّالُ أنَّ هذه كراماتٌ، وَأَنَّهَا بسببِ ولايَتِهِم للهِ، وهذا غَلَطٌ، إِنَّمَا هي مِن فِعْلِ الشياطينِ؛ لِخُضُوعِهِم لهم، وَمُوَافَقَتِهِم على الشركِ، فالسَّحَرَةُ ما تَوَصَّلُوا إلى السحرِ إِلاَّ لخُضُوعِهِم للشياطينِ، فالسِّحْرُ من عملِ الشيطانِ وهو كُفْرٌ باللَّهِ، فلا يُغْتَرُّ بِهِم، فهم يقولونَ: هذهِ كرامةٌ أو أعمالٌ رياضيَّةٌ أو أعمالٌ بَهْلَوَانِيَّةٌ، ويَحْضُرُونَ في المحافلِ والنوادِي، ويُتْرَكُونَ يَعْمَلُونَ السحرَ أمامَ الناسِ، ويقولونَ: هذه أمورٌ رِيَاضِيَّةٌ، لِيُضِلُّوا الناسَ وليأْكُلُوا بِسِحْرِهِم الأموالَ، فَيَجِبُ التنبيهُ على هؤلاءِ وبُغْضُهُم وَعَدَاوَتُهُم؛ لأَنَّهُم أعداءٌ للهِ ولرسولِهِ.
والسِّحرُ على قِسْمَيْنِ:
القسمُ الأَوَّلُ: سِحْرٌ حَقِيقِيٌّ: وهي ما يُؤَثِّرُ في بَدَنِ المسحورِ فَيُمْرِضُهُ، أو يُؤَثِّرُ على عَقْلِهِ أو يَقْتُلُهُ، فهذا عَمَلٌ شيطانيٌّ.
القسمُ الثاني: سِحْرٌ تَخْيِيلِيٌّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (طه: 66) وهو ما يُسَمَّى: القمرةَ، فيَعْمَلُونَ شيئًا على أَعْيُنِ الناسِ، وهو لَيْسَ لَهُ حقيقةٌ، فَيَظْهَرُ منهُ أن يَضْرِبَ نفسَهُ بالسيفِ، وأَنَّهُ يَأْكُلُ المساميرَ أو النارَ أو الزُّجَاجَ، أو يَدْخُلُ في النارِ، أو أنَّ السيارةَ تَمْشِي عليهِ، أو يَنَامُ على مساميرَ، أو يَجُرُّ السيارةَ بِشَعْرِهِ، أو يأتِي بأوراقٍ عاديَّةٍ، ويُرَوِّجُ على الناسِ أنَّهَا نُقُودٌ، وإذا ذَهَبَ سِحْرُهُ عادَت الأوراقُ إلى أَصْلِهَا، كما يَحْصُلُ من النَّشَّالِينَ.
وَمِن أعمالِ السَّحَرَةِ أيضًا: أنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُم بِجَعْلٍ، وهي الحشرةُ المعروفةُ، ويُظْهِرُ بسحرِهِ أمامَ الناسِ أنها خَرُوفٌ، وكذلكَ فَهُمْ يُرَوِّجُونَ على الناسِ أَنَّهُم يَمْشُونَ على خيطٍ دقيقٍ، وهو ما يُسَمَّى بالسِّرْكِ، أو ما يُسَمَّى بالبَهْلَوَانِ.
فهذا كُلُّهُ كَذِبٌ وتَدْجِيلٌ على الناسِ، وسِحْرٌ لِأَعْيُنِ الناسِ وهو سِحْرٌ تَخْيِيلِيٌّ، إذا ذَهَبَ هذا السحرُ عادَت الأمورُ كَمَا هِيَ، فَيَجِبُ عليْنَا أنْ لا نَغْتَرَّ بِهِم، ولا نُصَدِّقَهُم، ولا نُمَكِّنَهُم من أولادِنَا ولا بِلاَدِنَا من أجلِ ترويجِ سِحْرِهِم.
وأَمَّا الكاهِنُ: فهو الذي يَدَّعِي عِلْمَ الغيبِ، وقد أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ الشياطينَ يَسْتَرِقُونَ السمعَ، فيَسْرِقُونَ الكلمةَ، فيُخْبِرُونَ بها الكاهِنَ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُصَدِّقُهُ الناسُ في كُلِّ ما قَالَ بسببِ تلكَ الكلمةِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍأَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} (الشعراء: 221 – 223) وكانت الكَهَانَةُ في الجاهليةِ كثيرةً، فكَانَ في كُلِّ قَبِيلَةٍ كَاهِنٌ يَتَحَاكَمُونَ إليهِ وَيَسْأَلُونَهُ عن الأمورِ الغائبةِ، وَلَمَّا جاءَ الإسلامُ أَبْطَلَ الكَهانةَ وَمَنَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الذَّهابِ إلى الكُهَّانِ، قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (مَنْ أَتَى كَاهِنًا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا). وهذا الحديثُ في صحيحِ مُسْلِمٍ.
وجاءَ في السُّنَنِ:َنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ). وَلَمَّا سُئِلَ عن الكُهَّانِ قَالَ: (لَيْسُوا بِشَيْءٍ). وقَالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ تَأْتُوهُمْ).
فالكاهنُ: هو الذي يَدَّعِي عِلْمَ الغيبِ، بِسَبَبِ تعامُلِهِ مع الشيطانِ.
وأَمَّا العَرَّافُ: فهو الذي يَدَّعِي عِلْمَ الغيبِ، لكنْ لَيْسَ بواسطةِ الشياطينِ، وإِنَّمَا بالحَدْسِ والتَّخْمِينِ، فيقولُ: يُمْكِنُ أنْ يَقَعَ كذا وكذا، بِنَاءً على تَنَبُّؤَاتٍ كاذبةٍ.
وقَالَ بعضُ أهلِ العلمِ: إنَّ العَرَّافَ هو الكاهنُ، كُلٌّ مِنْهُمَا يُخْبِرُ عن الأمورِ الغائبةِ, لكنْ باختلافِ الوسيلةِ، فَيَجِبُ على المسلمِ أنْ يَكْفُرَ بالكَهَانَةِ والعرَافَةِ، ولا يُصَدِّقَ أَهْلَهَا، فهم لَيْسُوا من أولياءِ اللَّهِ، إِنَّمَا هم مِن أولياءِ الشيطانِ، وَمَن أرادَ التَّوَسُّعَ في هذا فَلْيُرَاجِعْ كِتَابَ (الْفُرْقَانِ) لِشَيْخِ الإسلامِ.
وأَمَّا التَّنْجِيمُ فالمُنَجِّمُ: هو الذي يُخْبِرُ عن الأمورِ المستقْبَلَةِ بواسطةِ النَّظَرِ في النجومِ، إذا طَلَعَ النَّجمُ الفُلاَنِيُّ يَحْصُلُ كذا، وإذا غَرَبَ النَّجْمُ الفُلاَنِيُّ يَحْصُلُ كذا، والبُرْجُ الفُلاَنِيُّ فيهِ نَحْسٌ أو فيهِ سعادةٌ، وهكذا يَسْتَنِدُونَ إلى هذهِ الأعمالِ الكاذِبَةِ.
فالتَّنْجِيمُ: (هو نِسْبَةُ الحوادثِ الأَرْضيَّةِ إلى الأحوالِ الفَلَكِيَّةِ) كما عَرَّفَهُ شَيْخُ الإسلامِ. والتنجيمُ مِن أمورِ الجاهليَّةِ، قَالَ عليهِ الصلاةُوالسلامُ: (أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ). أي: طَلَبُ السِّقَايَةِ من النجومِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَفِبَهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} (الواقعة: 75 – 82)، أي: تَنْسِبُونَ مَا يَحْصُلُ لَكُمْ مِن الرزقِ للنجومِ والحوادثِ الفَلَكِيَّةِ، فهذا من اعتقادِ الجاهليةِ، فالنجومُ إِنَّمَا هي خَلْقٌ من خَلْقِ اللَّهِ مُسَخَّرَةٌ، وخَلَقَهَا اللَّهُ لثلاثِ حِكَمٍ:
الأُولَى: أَنَّهَا زِينَةٌ للسماءِ الدُّنْيَا.
الثانيةِ: أَنَّهَا رُجُومٌ للشَّيَاطِينِ.
الثالثةِ: أَنَّهَا عَلاَمَاتٌ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالبَحْرِ، فَمَن اعْتَقَدَ أَنَّهَا لغيرِ ذلكَ فهوَ قَدْ أَضَاعَ نَصِيبَهُ.
وإذا تَدَبَّرْتَ القرآنَ وَجَدْتَ أنَّ اللَّهَ ذَكَرَ للنجومِ ثلاثَ فوائدَ، أَمَّا ما يَحْدُثُ في الأَرْضِ من حوادثَ فلَيْسَ للنجومِ فيها تأثِيرٌ، وإِنَّمَا المُنَجِّمُونَ يُدَلِّسُونَ ويَكْذِبُونَ على الناسِ، ويقولونَ: إنَّ هذهِ الحوادثَ بسببِ النجومِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: { وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} (النحل: 12)، فهذه الأمورُ تُخِلُّ بالعقيدةِ، ويَبْطُلُ إيمانُهُ إذا صَدَّقَ أنَّ النجومَ هي التي فَعَلَتْ هذا الشيءَ بالكونِ.

(2) أي: لا نُصَدِّقُ أحدًا يُخَالِفُ الكتابَ أو السُّنَّةَ أو الإجماعَ؛ لأَنَّهَا الأَدِلَّةُ التي يُعْتَمَدُ عليها، فما خالَفَهَا فهو باطلٌ، سواءٌ من الأقوالِ أو الأعمالِ أو الاعتقاداتِ.

  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:05 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: ( ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً، ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة )

ش: روى مسلم وإلامام أحمد عن صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم يقبل له صلاة أربعين ليلة. وروى الامام أحمد في مسنده، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافاً أو كاهناً، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. والمنجم يدخل في اسم العراف عند بعض العلماء، وعند بعضهم هو في معناه. فإذا كانت هذه حال السائل، فكيف بالمسؤول ؟ وفي الصحيحين و مسند الإمام أحمد، عن عائشة، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان ؟ فقال: ليسوا بشيء، فقالوا: يا رسول الله، إنهم يحدثون أحياناً بالشيء يكون حقاً ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه، فيخلطون فيها [ أكثر من ] مائة كذبة. وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وحلوان الكاهن خبيث. وحلوانه: الذي تسميه العامة حلاوته. ويدخل في هذا المعنى ما تعاطاه المنجم وصاحب الأزلام التي يستقسم بها، مثل الخشبة المكتوب عليها ا ب ج د والضارب بالحصى، والذي يخط في الرمل. وما تعاطاه هؤلاء حرام. وقد حكى الإجماع على تحريمه غير واحد من العلماء، كالبغوي و القاضي عياض وغيرهما.
وفي الصحيحين عن زيد بن خالد، قال: خطبنا رسول صلى الله عليه وسلم بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل، فقال: أتدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: [ قال ]: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب، [ وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب ]. وفي صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد، عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والإستسقاء بالنجوم، والنياحة. والنصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر الأئمة، بالنهي عن ذلك - أكثرمن أن يتسع هذا الموضع لذكرها. وصناعة التنجيم، التي مضمونها الأحكام والتأثير، وهو الإستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية أو التمريح بين القرى الفلكية والفوايل الأرضية -: صناعة محرمة بالكتاب والسنة، بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين، قال تعالى: ولا يفلح الساحر حيث أتى. وقال تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره: الجبت السحر. وفي صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان لأبي بكر غلام يأكل من خراجه، فجاء يوماً بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري مم هذا ؟ قال: وما هو ؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني، فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه.
والواجب على ولي الأمر وكل قادر أن يسعى في إزالة هؤلاء المنجمين والكهان والعرافين وأصحاب الضرب بالرمل والحصى والقرع والقالات، ومنهم من الجلوس في الحوانيت والطرقات، أو يدخلوا على الناس في منازلهم لذلك. ويكفي من يعلم تحريم ذلك ولا يسعى في إزالته، مع قدرته على ذلك - قوله تعالى: كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. وهؤلاء الملاعين يقولون الإثم ويأكلون السحت، بإجماع المسلمين. وثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية الصديق رضي الله عنه، أنه قال: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه.
وهؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال الخارجة عن الكتاب والسنة، أنواع: نوع منهم: أهل تلبيس وكذب وخداع، الذين يظهر أحدهم طاعة الجن له، أو يدعي الحال من أهل المحال، من المشايخ النصابين، والفقراء الكاذبين، والطرقية المكارين، فهؤلاء يستحقون العقوبة البليغة التي تردعهم وأمثالهم عن الكذب والتلبيس. وقد يكون في هؤلاء من يستحق القتل، كمن يدعي النبوة بمثل هذه الخزعبلات، أو يطلب تغيير شيء من الشريعة، ونحو ذلك. ونوع يتكلم في هذه الأمور على سبيل الجد والحقيقة، بأنواع السحر. وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر، كما هو مذهب أبي حنيفة و مالك و أحمد في المنصوص عنه، وهذا هو المأثور عن الصحابة، كعمر و ابنه و عثمان وغيرهم. ثم اختلف هؤلاء: هل يستتاب أم لا ؟ وهل يكفر بالسحر ؟ أم يقتل لسعيه في الأرض بالفساد ؟ وقال طائفة: إن قتل بالسحر يقتل، وإلا عوقب بدون القتل، إذا لم يكن في قوله وعمله كفر، وهذا هو المنقول عن الشافعي، وهو قول في مذهب أحمد.
وقد تنازع العلماء في حقيقة السحر وأنواعه: والأكثرون يقولون: إنه قد يؤثر في موت المسحور ومرضه من غير وصول شيء ظاهر إليه، وزعم بعضهم أنه مجرد تخييل. واتفقوا كلهم على أن ما كان من جنس دعوة الكواكب السبعة، أو غيرها، أو خطابها، أو السجود لها، والتقرب إليها بما يناسبها من اللباس والخواتم والبخور ونحو ذلك - فإنه كفر، وهو من أعظم أبواب الشرك، فيجب غلقه، بل سده. وهو من جنس فعل قوم إبراهيم عليه السلام، ولهذا قال ما حكى الله عنه بقوله: فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم. وقال تعالى: فلما جن عليه الليل رأى كوكباً، الآيات، إلى قوله تعالى: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون. واتفقوا كلهم أيضاً على أن كل رقية وتعزيم أو قسم، فيه شرك بالله، فإنه لا يجوز التكلم به، وإن أطاعته به الجن أو غيرهم، وكذلك كل كلام فيه كفر لا يجوز التكلم به، وكذلك الكلام الذي لا يعرف معناه لا يتكلم به، لإمكان أن يكون فيه شرك لا يعرف. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً. ولا يجوز الاستعاذة بالجن، فقد ذم الله الكافرين على ذلك، فقال تعالى: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً. قالوا: كان الإنسي إذا نزل بالوادي يقول: أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه، فيبيت في أمن وجوار حتى يصبح، فزادوهم رهقاً، يعني الإنس للجن، باستعاذتهم بهم، رهقا، أي إثماً وطغياناً وجراءة وشراً، وذلك أنهم قالوا: قد سدنا الجن، والإنس ! فالجن تعاظم في أنفسها وتزداد كفراً إذا عاملتها الإنس بهذه المعاملة. وقد قال تعالى: ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون. فهؤلاء الذين يزعمون أنهم يدعون الملائكة ويخاطبونهم بهذه العزائم، وأنها تنزل عليهم -: ضالون، وإنما تنزل عليهم الشياطين، وقد قال تعالى: ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم. فاستمتاع الإنسيى بالجني: في قضاء حوائجه، وامتثال أوامره، وإخباره بشيء من المغيبات، ونحو ذلك، واستمتاع الجن بالإنس: تعظيمه إياه، واستعانته به، واستغاثته وخضوعه له.
ونوع منهم بالأحوال الشيطانية، والكشوف ومخاطبته رجال الغيب، وأن لهم خوارق تقتضي أنهم أولياء الله ! وكان من هؤلاء من يعين المشركين على المسلمين ! ويقول: إن الرسول أمره بقتال المسلمين مع المشركين، لكون المسلمين قد عصوا ! ! وهؤلاء في الحقيقة إخوان المشركين. والناس من أهل العلم فيهم [على] ثلاثة أحزاب: حزب يكذبون بوجود رجال الغيب، ولكن قد عاينهم [الناس]، [وثبت عمن عاينهم] أو حدثه الثقات بما رأوه، وهؤلاء إذا رأوهم وتيقنوا وجودهم خضعوا لهم. وحزب عرفوهم، ورجعوا الى القدر، واعتقدوا أن ثم في الباطن طريقاً إلى الله غير طريقة الأنبياء ! وحزب ما أمكنهم أن يجعلوا ولياً خارجاً عن دائرة الرسول، فقالوا: يكون الرسول هو ممداً للطائفتين. فهؤلاء معظمون للرسول جاهلون بدينه وشرعه، والحق: أن هؤلاء [من] أتباع الشياطين، وأن رجال الغيب هم الجن، ويسمون رجالاً، كما قال تعالى: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً. وإلا فالإنس يؤنسون، أي يشهدون ويرون، وإنما يحتجب الإنسي أحياناً، لا يكون دائماً محتجباً عن أبصار الإنس، ومن ظنهم أنهم من الإنس فمن غلطه وجهله. وسبب الضلال فيهم، وافتراق هذه الاحزاب الثلاثة - عدم الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن. ويقول بعض الناس: الفقراء يسلم إليهم حالهم ! وهذا كلام باطل، بل الواجب عرض أفعالهم وأحوالهم على الشريعة المحمدية، فما وافقها قبل ! وما خالفها رد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. وفي رواية: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. فلا طريقة إلا طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا حقيقة إلا حقيقته، ولا شريعة إلا شريعته، ولا عقيدة إلا عقيدته، ولا يصل أحد [ من الخلق بعده ] إلى الله وإلى رضوانه وجنته وكرامته إلا بمتابعته باطناً وظاهراً. ومن لم يكن له مصدقاً فيما أخبر، ملتزماً لطاعته فيما أمر، في الأمور الباطنة التي في القلوب، والأعمال الظاهرة التي على الأبدان -: لم يكن مؤمناً، فضلاً عن أن يكون ولياً لله تعالى، ولو طار في الهواء، ومشى على الماء، وأنفق من الغيب، وأخرج الذهب من الخشب، ولو حصل له من الخوارق ماذا عسى أن يحصل ! ! فإنه لا يكون، مع تركه الفعل المأمور وعزل المحظور - إلا من أهل الأحوال الشيطانية، المبعدة لصاحبها عن الله تعالى، المقربة إلى سخطه وعذابه. لكن من ليس يكلف من الأطفال والمجانين، قد رفع عنهم القلم، فلا يعاقبون، وليس لهم من الإيمان بالله والإقرار باطناً وظاهراً ما يكونون به من أولياء الله المقربين، وحزبه المفلحين، وجنده الغالبين. لكن يدخلون في الإسلام تبعا لآبائهم، كما قال تعالى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين.
فمن اعتقد في بعض البله أو المولعين، مع تركه لمتابعة الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله - أنه من أولياء الله، ويفضله على متبعي طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو ضال مبتدع، مخطىء في اعتقاده. فإن ذاك الأبله، إما أن يكون شيطاناً زنديقاً، أو زوكارياً متحيلاً، أو مجنوناً معذوراً ! فكيف يفضل على من هو من أولياء الله، المتبعين لرسوله ؟! أو يساوى به ؟ ! ولا يقال: يمكن أن يكون هذا متبعاً في الباطن وإن كان تاركاً للاتباع في الظاهر ؟ فإن هذا خطأ أيضاً، بل الواجب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً. قال يونس بن عبد الأعلى الصدفي: قلت للشافعي: إن صاحبنا الليث كان يقول: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة ؟ فقال الشافعي: قصر الليث رحمه الله، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء، فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب.
وأما ما يقوله بعض الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اطلعت على أهل الجنة فرأيت أكثر أهلها البله فهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي نسبته إليه، فإن الجنة إنما خلقت لأولي الألباب، الذين أرشدتهم عقولهم وألبابهم إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وقد ذكر الله أهل الجنة بأوصافهم في كتابه، فلم يذكر في أوصافهم البله، الذي هو ضعف العقل، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء. ولم يقل البله !
والطائفة الملامية، وهم الذين يفعلون ما يلامون عليه، ويقولون نحن متبعون في الباطن، ويقصدون إخفاء المرائين ! ردوا باطلهم بباطل آخر! ! والصراط المستقيم بين ذلك. وكذلك الذين يصعقون عند سماع الأنغام الحسنة، مبتدعون ضالون ! وليس للإنسان أن يستدعي ما يكون سبب زوال عقله ! ولم يكن في الصحابة والتابعين من يفعل ذلك، ولو عند سماع القرآن، بل كانوا كما وصفهم الله تعالى: إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون. وكما قال تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد.
وأما الذين ذكرهم العلماء بخير من عقلاء المجانين، فأولئك كان فيهم خير، ثم زالت عقولهم. ومن علامة هؤلاء، أنه إذا حصل في جنونهم نوع من الصحو، تكلموا بما كان في قلوبهم من الإيمان. ويهتدون بذلك في حال زوال عقلهم. بخلاف من كان قبل جنونه كافراً أو فاسقاً، لم يكن حدوث جنونه مزيلاً لما ثبت من كفره أو فسقه. وكذلك من جن من المؤمنين المتقين، يكون محشوراً مع المؤمنين المتقين. وزوال العقل بجنون أو غيره، [سواء] سمي صاحبه مولعاً أو متولهاً لا يوجب مزيد حال، [ بل ] حال صاحبه من الإيمان والتقوى يبقى على ما كان عليه من خير وشر، لا أنه يزيده أو ينقصه، ولكن جنونه يحرمه الزيادة من الخير، كما أنه يمنع عقوبته على الشر، ولا يمحو عنه ما كان عليه قبله.
وما يحصل لبعضهم عند سماع الأنغام المطربة، من الهذيان، والتكلم لبعض اللغات المخالفة للسانه المعروف منه ! ! فذلك شيطان يتكلم على لسانه، كما يتكلم على لسان المصروع، وذلك كله من الأحوال الشيطانية ! وكيف يكون زوال العقل سبباً أو شرطاً أوتقرباً إلى ولاية الله، كما يظنه كثير من أهل الضلال ؟! حتى قال قائلهم:
هم معشر حلوا النظام وخرقوا الـ = سياج فلا فرض لديهم ولا نفل
مجانين، إلا أن سر جـنونـهم = عزيز على أبوابه يسجد العقل
وهذا كلام ضال، بل كافر، يظن أن [في] الجنون سراً يسجد العقل على بابه ! ! لما رآه من بعض المجانين من نوع مكاشفة، أو تصرف عجيب خارق للعادة، ويكون ذلك سبب ما اقترن به من الشياطين، كما يكون للسحرة والكهان ! فيظن هذا الضال أن كل من خبل أو خرق عادة كان وليا لله ! ! ومن اعتقد هذا فهو كافر، فقد قال تعالى: هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم. فكل من تنزل عليه الشياطين لا بد أن يكون عنده كذب وفجور.
وأما الذين يتعبدون بالرياضات والخلوات، ويتركون الجمع والجماعات، فهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، قد طبع الله على قلوبهم. كما قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر، طبع الله على قلبه. وكل من عدل عن اتباع سنة الرسول، إن كان عالماً بها فهو مغضوب عليه، وإلا فهو ضال. ولهذا شرع الله لنا أن نسأله في كل صلاة أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
وأما من يتعلق بقصة موسى مع الخضر عليه السلام، في تجويز الاستغناء عن الوحي بالعلم اللدني، الذي يدعيه بعض من عدم التوفيق -: فهو ملحد زنديق. فإن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثاً إلى الخضر، ولم يكن الخضر مأموراً بمتابعته. ولهذا قال له: أنت موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم. ومحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين، ولو كان موسى وعيسى حيين لكانا من أتباعه، وإذا نزل عيسى عليه السلام إلى الأرض، إنما يحكم بشريعة محمد، فمن ادعى أنه مع محمد صلى الله عليه وسلم كالخضر مع موسى، أو جوز ذلك لأحد من الأمة -: فليجدد إسلامه، وليشهد شهادة الحق، فإنه مفارق لدين الإسلام بالكلية، فضلاً عن أن يكون من أولياء الله، وإنما هو من أولياء الشيطان. وهذا الموضع مفرق بين زنادقة القوم وأهل الإستقامة، وحرك تر. وكذا من يقول بأن الكعبة تطوف برجال منهم حيث كانوا ! ! فهلا خرجت الكعبة إلى الحديبية فطافت برسول الله صلى الله عليه وسلم حين أحصر عنها، وهو يود منها نظرة ؟! وهؤلاء لهم شبه بالذين وصفهم الله تعالى حيث يقول: بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة، إلى آخر السورة.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 04:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.
قال الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي رحمه الله تعالى:
ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً , ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

الشيخ: قال رحمه الله تعالى في أواخر هذه العقيدة المباركة , العقيدة الطحاوية: "ولا نصدق كاهناً ولا عرافا , ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة" وهذه الجملة منه في عقيدته يريد بها تقرير أصل من أصول أهل السنة والجماعة؛ وهو أنهم لا يصدقون من يدعي شيئاً من علم الغيب , أو يدعي حالاً مخالفة لما دل عليه القرآن وسنة النبي r , وما أجمعت عليه الأمة في صدرها الأول.
وسبب إيرادها في العقيدة , أن زمنه كثر فيه من ينتسب إلى الأولياء , ويكون له أحوال شيطانية , ويكون له هدي يخالف به ما يجب على الأولياء من طاعة الله ورسوله , ومعاداة الشياطين , وربما كان منهم من يدعي بعض علم الغيب , فيكون كاهنًا , أو يخبر ببعض المغيبات , فيكون عرافًا أو يكون على حالٍ لم يكن عليها السلف , ولا ما أجمعت عليه الأمة , فيكون مدعيًا لشيء يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
وهذا كما أنه كان في الدجالين فكذلك كان في السحرة والكهنة حقيقة , وكذلك في بعض من ينتسب إلى الصلاح والطاعة ظاهرًا , وهو في الباطن من إخوان الشياطين ومواليهم , وما ذكر ظاهر الدليل من كتاب الله Y ومن سنة رسوله r.
ونذكر تحت هذه الجملة مسائل:

المسألة الأولى:
الله Y هو المختص بعلم الغيب فلا يعلم أحد الغيب , بل الله جل وعلا هو الواحد الأحد , وهو العالم بغيب السماوات والأرض وما فيهم ومن فيهن , قال جل وعلا: ] وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ [ , وقال جل وعلا في سورة النمل: ] قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ [ , وقال جل وعلا: ] عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ... [ الآية.
وكذلك في قوله جل وعلا: ] إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ [.

فدلت هذه الآيات على أن علم الغيب مختص بالله جل وعلا , والمقصود به علم الغيب المستقبل , يعني ما سيكون في الأرض أو في السماء , هذا لا يعلمه على اليقين والحقيقة إلا الله جل وعلا , إنما الناس يخرصون في ذلك , فواجب اعتقاد أن الله جل وعلا هو الذي يعلم الغيب وحده Y وتقدست أسماؤه , ومن ادعى شيئًا من علم الغيب فإنما هو من الشياطين أو من إخوان الشياطين , كما قال جل وعلا: [ وَيَوْمَ نحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ]*.
فذكر أن الجني يستمتع بالإنسي بعبادته له وتقربه له , وأن الإنسي يستمتع بالجني بما يخبره من المغيبات وما يكون. وهذا دلت عليه أيضًا عدد من الأحاديث عن النبي r.
وكانت الكهانة وهي ادعاء ما يستقبل من الأمور , من الغيبيات أو العرافة , وسيأتي تفسيرها , كانت من الأمور الشائعة في زمنه عليه الصلاة والسلام , وقبل ذلك من أمور الجاهلية , قد روى مسلم في الصحيح أن معاوية بن الحكم السلمي أتى النبي r وقال له: إن رجالا يتكهنون. فنهاه النبي r عن ذلك. قد جاء أيضًا في الحديث: ((ليس منا من تكهن أو تُكهن له)).

وسيأتي باقي الأحاديث في الكهانة , وسبب ادعاء علم الغيب في الناس من قبيل الكهان أو العرافين أو المنجمين أو من شابههم , وأن الشياطين تمدهم بالمعلومات , والشياطين قد تمدهم بمعلومات كاذبة , وقد تمدهم بمعلومات فيها صدق , وقد يكذب الكاهن أو العراف أو المنجم مع ما أتاه من المعلومات مائة كذبة أو أكثر , وهذا سببه يعني ما يصدقون فيه من الإخبار بالمعلومات سببه أن الله Y إذا أوحى بالأمر في السماء , وأمر ملائكته به مما ينفذه في خلقه؛ لأن الملائكة منفذون لأوامر الله جل وعلا؛ فإن الشياطين أعطاهم الله جل وعلا القدرة على الاستماع وعلى الصعود , وأن يعلو بعضهم بعضًا فيما أقدرهم الله عليه , فربما استمعوا إلى بعض ما يوحيه الله جل وعلا لملائكته وما يلقيه الملائكة بعضهم إلى بعض.

ولأجل هذا ملئت السماء بالشهب , وحرست بالنجوم التي تقتل من يسترق السمع كما قال جل وعلا: ] * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ [ وقال جل وعلا: {فأتبعه شهاب ثاقب} وقال: ] وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [ في بعض التفاسير فجعل الله جل وعلا في السماء رجوماً للشياطين وهي هذه الشهب. وإذا كان كذلك فإن ملء السماء بالشهب واستراق السمع له تفصيل , سيأتي إن شاء الله تعالى في مسألة لاحقة.

المسألة الثانية:
قال: "ولا نصدق كاهنًا ولا عرافًا" العلماء اختلفوا في معنى الكاهن والعراف , وتفسير هذا وهذا على عدة أقوال , وظاهر صنيع المؤلف الطحاوي رحمه الله أنه يفرق بين العراف وبين الكاهن , وسبب التفريق أن الأحاديث جاء فيها ذكر الكاهن وجاء فيها ذكر العراف , ذكر الكاهن مفردًا والعراف مفردًا , وجاء فيها ذكر الكاهن والعراف مجموعتان.. مجموعين , مما يدل على الفرق بينهما.
لهذا إذا نظرت إلى أصل اللغة؛ فإن كلمة تكهن وكاهن غير كلمة تعرف وعارف , وصيغة المبالغة عراف؛ لأن التكهن هو رجم الإنسان بالغيب فيما لا يعلم , يعني أنه يستقبل ما سيأتي بما لا علم له به , ويدخل في ذلك عموم الظن , لكن الظن ليس معه ادعاء لعلم الغيب , وأما التكهن فصار فيه ظنٌ هو في الأصل , يعني في اللغة , هو ظن فيما سيحصل مستقبلاً , لهذا يجوز لغةً أن يقول القائل: تكهنت أنه سيكون كذا وكذا , على اعتبار , يعني في المستقبل أنه يظن أنه سيكون كذا وكذا.
ثم شاع هذا الاسم فيمن يدعون علم الغيب بواسطة الشياطين , فصار لقبًا واسمًا على طائفةٍ مخصوصة وهم الذين يخبرون الناس , يتولون هذه الصنعة ويخبرون الناس عما سيكون من أحوالهم فيما يستقبلون من الزمان , فإذًا صار الكاهن , كما عرفه بعض العلماء على هذا الاعتبار , هو من يقضي ويخبر بالمغيبات.
وأما لفظ العراف فهو في اللغة أصله من عرف أو تعرف يتعرف فهو متعرف أو عراف , وهو الذي يعرف بأمور غيبية يعرفها فيخبر بها , وهذا يشمل الأمور الغيبية في الزمان الماضي , يعني مما حدث أو مما سيكون؛ لأن المعرفة والتعرف تشمل الماضي والمستقبل , لكن خص في بعض الاستعمالات بأنه من يخبر عن الأمور التي حصلت وانتهت مما خفي عن الناس , كالإخبار عن مكان المسروق , أو الضالة , أو عن شيء أضاعه الإنسان , أو عن شيء حصل وخفي على الناس , ونحو ذلك من المسائل.
إذا نظرت إلى هذا الأصل اللغوي وارتباط ذلك بحال أهل الجاهلية , فالعلماء اختلفوا في ذلك على عدة أقوال:

القول الأول: أن الكاهن هو القاضي بالغيب , وهو الذي يخبر عن أمور مستقبلة من الغيب مستعينًا في ذلك بالشياطين , والعراف هو الذي يخبر عما خفي مما حدث وغاب عن الناس بالاستعانة أيضًا بالشياطين.

القول الثاني: أن الكاهن يعم الجميع , فالعراف أخص , والكاهن يدخل فيه من يخبر بأمور مستقبلة أو ماضية غابت عن الناس أو التنجيم , أو نحو ذلك , فيجعلون الكاهن , يجعلون الكاهن اسمًا عامًّا لكل من يدعي شيئًا من علم الغيب , فيدخل فيه صور كثيرة من الضرب بالرمل ومن الودع ومن الخشب ومن الاستقسام بالأزلام وخشبة أبي جاد والضرب بالحصى ونثر السبح والخط بالرمل ونحو ذلك مما هو شائع عندهم.

وأدخل فيها طائفة من المعاصرين , كما سيأتي بيانه , التنويم المغناطيسي وما يجري مجراه , والعراف أخص من هذا, فيكون مخصوصًا باسم , والاسم العام الكاهن. القول الثالث.. هذا القول الثاني هو المشهور عند أهل العلم والأكثر عليه.

القول الثالث: أن العراف أشمل والكاهن أخص منه؛ لأن الكاهن مخصوص بالعلم المستقبلي على حسب قولهم , والعراف لكل من يدعي شيئًا من علم الغيب , وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقله عنه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتاب (التوحيد).
والراجح من هذه الثلاثة أن الكاهن اسم غير اسم العراف , فالكهانة لها صفتها وأحكامها , والعراف له صفته وأحكامه على نحو ما ذكرنا في القول الأول.

المسألة الثالثة:
دلت الأدلة في سنة النبي r على أن تصديق الكاهن أو العراف , أنه محرم بل كفر , وعلى أن إتيان الكهنة والعرافين فيها إثم كبير , فمن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث حفصة , ولم يسمها مسلم بل قال عن بعض أزواج النبي r , وهي حفصة أم المؤمنين , أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) , وجاء في السنن , أو جاء في سنن أبي داود حديث أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد)) , عليه الصلاة والسلام.
وفي مسند الإمام أحمد أيضًا من حديث أبي هريرة , أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من أتى كاهنًا أو عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) وإسناده صحيح.
فدلت هذه الأحاديث على أن إتيان الكاهن أو العراف منهيٌ عنه وأن سؤاله كبيرة من كبائر الذنوب , إثمها عظيم يترتب عليه ألا تقبل صلاة المرء أربعين ليلة من عظم الإثم , وأنه إن سأل فصدق فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام.
إذا تبين ذلك فقوله عليه الصلاة والسلام: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء)) هذا فيه عموم , سأله عن شيء يعني عن أي شيء , سواء كان فيما مضى عن الضالة أو عن شيء مفقود , أو عن شيء في المستقبل فإنه لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.
وسبب ذلك أن العراف لا يستدل على ما غاب بأمور ظاهرة أو بتجربة أو بأسباب معلومة , وإنما يستعين بالجن , والاستعانة بالجن شرك؛ لأن الجن لا يعينون الإنسان إلا إذا تقرب إليهم وأعطى بعض العبادة لهم ومكنهم ليستمتعوا به , كما قال جل وعلا: ] وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادوهُمْ رَهَقاً [ , يعني زاد الجني الإنسي رهقًا وإثمًا وبلاءً.
((لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) اختلف العلماء هنا , هل عدم القبول يعني الإجزاء , ولكنه لا يثاب؟ أم أنها لا تقبل بمعنى أنها لا تجزئه لو صلى , ولكن يجب عليه أن يفعلها , يعني أن يقيمها , وأنه لا يثاب عليها؛ لأنها لم تقبل منه؟ وهذا في نظائره في تفسير عدم القبول , هل عدم القبول يعني عدم الإجزاء , أو عدم الثواب؟
والظاهر هنا أن عدم القبول بمعنى عدم الثواب , لكن إذا أداها سقط عنه الفرض , لإجماع الأمة أنه لا يجب عليه أن يعيدها بعد انقضاء الأربعين ليلة.

وأما تصديق الكاهن أو العراف , يعني إذا سأل كاهنًا فصدقه , فما في الحديث ظاهر , وهو أنه قال: ((فقد كفر بما أنزل على محمد)) , هذا في حال السائل المصدق , فكيف بحال الكاهن نفسه؟ يعني توعد السائل الذي يأتي يسأل ويصدق أنه قد كفر , فكيف بالكاهن أو بالعراف؟
لهذا هنا مسألتان:

المسألة الأولى:
في حكم الكاهن أو العراف , والصحيح أنهم إذا استعانوا بالشياطين في ذلك , يعني لم يكونوا دجالين وإنما فعلاً يخبرون عن استعانة بالشياطين , فإن هذا كفر ويجب استتابتهم , فإن تابوا وإلا قتلوا عند كثير من أهل العلم , على تفصيلٍ مر معنا في حكم الزنديق وأمثاله.
والثاني: هو في حال السائل , قال عليه الصلاة والسلام: ((فقد كفر بما أنزل على محمد)) , وهنا الكفر , هل هو كفر أكبر مخرج عن الملة أم كفر أصغر؟ كفر دون كفر؟ أم يتوقف فيه فلا يقال: كفر أكبر ولا كفر أصغر؟ لعدم الدليل على ذلك؟

ثلاثة أقوال لأهل العلم ومن أهل العلم من المعاصرين وممن قبلهم من قالوا: إنه كفر أكبر؛ لظاهر قوله: ((فقد كفر)) , يفتي بها عدد من مشايخنا هنا , ومن أهل العلم من يقول: هو كفر دون كفر , وهذا أظهر من حيث الدليل لأمرين:

الأمر الأول: أن النبي عليه الصلاة والسلام كما في رواية أحمد , قال: ((من أتى كاهنًا أو عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) فرتب عدم قبول الصلاة على السؤال والتصديق معًا , ولو كان السائل الذي صدق كافرًا فإنه لا تقبل له صلاة حتى يتوب دون تحديد , بمدة معلومة.

والسبب الثاني: في ترجيح هذا القول , أن الناس يصدقون العراف والكاهن , لا على اعتبار أنهم يدعون علم الغيب وأنهم ينفذون على علم الغيب بأنفسهم , ولكن يقولون هذا يعني ربما قالوا هذا من استراق مما استرقته الشياطين , فيكون لهم شبهة فيما يصدقون به , وهذه الشبهة تمنع من أن يعتقدوا فيهم أنهم يعلمون علم الغيب مطلقًا , وهذا يكثر في حال من يصدق من ينتسبون إلى الصلاح أو يظهر عليهم الوَلاية والصلاح , ويخبرون بالمغيبات والناس يصدقونهم على اعتبار أنهم يحدثون بذلك , ولهم في ذلك كما ذكرنا شبهة , وهذه تمنع من إخراجهم من الملة والكفر الأكبر.
لهذا صار الصحيح هو القول بأن تصديق الكاهن , يعني في الخبر المغيب بخصوصه , يعني من أتى فسأل فصدق يعني الخبر بعينه , أنه هذا كفر دون كفر لا يخرج من الملة , لكن يجب معه التعزير البليغ والردع حتى ينتهي عما سماه النبي r كفرًا.

والقول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد أنه يتوقف فيه فلا يقال: هو كفر أكبر ولا أصغر؛ لأن الحديث أطلق , ثم لبقاء الردع في الناس والتخويف في هذا الباب.

المسألة الرابعة:
الشبهة التي ذكرنا من استراق السمع هي التي جاءت فيها الآيات , أن الشهاب يرسل على الشيطان أو على الشياطين الذين يسترقون السمع , واستراق السمع له ثلاثة أزمنة:
الزمن الأول: ما كان قبل البعثة , قبل أن يوحى إلى محمد r , يعني في حال أهل الجاهلية والناس , وهذا كان كثيرا؛ لحكمة لله جل وعلا في ذلك , كان استراق السمع كثيرًا , ولذلك كان ما يخبر به الكهان ويصدقهم الناس فيه كان كثيرًا.
المرحلة الزمنية الثانية: بعد أن أوحي إلى النبي r فإن السماء ملأها الله جل وعلا حرسًا شديدًا , وشهبًا , كما قال جل وعلا في سورة الجن مخبرًا عن قول الجن في صدر السورة: ] قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْاناً عَجَباً [ , إلى أن قال: ] وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً [ , فدل على أنها ملئت ولم يعهدوا ذلك من قبل , يعني أن الله جل وعلا جعلها محروسةً؛ لأجل وقت تنزل وحيه على رسوله محمد r حكمة منه , وإلا فالله سبحانه قادر على ألا يأذن بشيء من استراق السمع , لكن لله جل وعلا الحكمة والابتلاء لعباده , فمنعوا من الاستماع ومنعوا من استراق السمع , وبقي ما ينفذ القليل جدًا بالنسبة إلى ما سبق.

المرحلة الثالثة: هي ما بعد عهد النبي r؛ فإن ظاهر الأدلة يدل على أنها لم تخل السماء أو لن تخلوا بعد ذلك من الشهب ومن حراستها في ذلك؛ لئلا يدعي أحد النبوة وتكثر الشبهة معه فيما يخبر بالمغيبات ممن يدعي النبوة.
وإذا كان الأمر كذلك في هذه الأحوال الثلاثة فإن ادعاء علم الغيب كفر , إذا كان ادعاء علم الغيب كفر إما لتهجمه على ما يختص الله جل وعلا به , أو لأنه لا يدعي علم الغيب إلا من يستعين بالجن ويتقرب إليهم , وأما الذي يصدق من يدعي علم الغيب في بعض الأحوال , مثلما ذكرنا , هذه له تفاصيل ذلك.

والواجب أن يعتقد أن الغيب , كما قدمت لك في أول المسائل , أن الغيب مختص بالله جل وعلا ] عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً [ , وهذا يعم؛ لأن {أحدًا} نكرة في سياق النفي فتعم كل أحد , ثم استثنى الله جل وعلا فقال: ] إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً [ فاستثنى الله جل وعلا الرسول الملكي , والرسول البشري فيما يطلعهم عليه من علم الغيب لدليل صدقهم , أو لحكمة لله جل وعلا في ذلك.

المسألة الخامسة:
الكهانة والعرافة متنوعة الصور , ففي الزمن الأول كان لها صور متعددة , مثل الضرب بالحصى ومثل الخط , هذه لو كان هنا فيه يعني لوحة بينت لكم كيف يضربون بالحصى وكيف يخطون , ويصلون إلى النتيجة بزعمهم , ويتضح لك أنه دجل؛ لأنه لا دليل منطقي ولا سبب كوني ولا شرعي يدل على النتيجة التي يدعونها , لكن يدجل على الناس بأن يجعل شيئاً لا يفهمه الناس , يدعي الكاهن أو العراف أو الضارب بالحصى والرمل... إلى آخره , يدعي أنها تدله على المعلومة , وهو في الحقيقة لا يستدل عليها بالخط , لا يستدل عليها بالخشبة التي يكتب عليها , لا يستدل عليها بالحصى وإنما هي من...

الـوجـه الـثـانـي

... الشياطين , وهذه الأشياء الصورة المختلفة منها ما هو قديم , ومنها ما هو حديث في أنحاء شتى , لكن كلها يظهرون أنها سبب وليست بسبب , وبخصوص الخط فإنهم يدعون دجلاً وكذبًا أن هذا من علم الله لبعض أنبيائه , من علم الله لبعض أنبيائه , وهذا قد يذكر بعضهم عليه قول النبي r لما سئل عن الخط قال: ((كان نبي يخط)) كما رواه مسلم في الصحيح.
((كان نبي يخط فمن وافق خطه فذاك)) يعني أن أصل الخط أنه آية لنبي من الأنبياء علمه الله جل وعلا نبيًا من الأنبياء ليكون دلالةً على ما يعلمه الله Y , وبقي في الناس لكن لا يوافقون آية النبي؛ لأن آية النبي لا يستطيع أحد أن يفعلها؛ لأنها آية مختصة به , ولو كانت آية النبي تكون لكل أحد لما خص النبي بالآية , لهذا قال: ((كان نبي يخط)) ثم قال: ((فمن وافق خطه فذاك)) فقوله: ((فمن وافق خطه فذاك)) , هذا من الإحالة على مستحيل , يعني أن أحدًا من هؤلاء الذي يخطون والكهنة والعرافين ومن نحا نحوهم لا يمكن لأحدٍ أن يقول: هكذا خط ذاك النبي , أو أن هذه آية من جنس آية ذاك النبي.. الكهنة ,
والذين يخطون ويدعون علم الغيب من أن الخط كان من عند الأنبياء فيرد عليهم بهاتين الجهتين:

الأول: أنه آية , وآية النبي لا يمكن لأحدٍ أن يدركها.

والثاني: أن النبي r أحال على مستحيل فقال: ((فمن وافق خطه فذاك)) , وهذا لا يمكن لأحد أن يدركه.

لهذا الخط في الرمل والضرب بالحصى والخشب , وأنواع ذلك , هذه من الصور القديمة , وهي موجودة الآن في بعض البلاد , وهي كلها من وسائل الكهان ومن نحا نحوهم.
ومن الصور الحديثة التي اختلف فيها العلماء هل تدخل من الكهانة أم لا تدخل؟ وهل هي من استخدام الجن وعلم الغيب , أم لا تدخل؟ ما يسمى بالتنويم المغناطيسي , هذا له صفة , وثم كتب كثيرة مؤلفة في ذلك من مختصين في هذا , في أوروبا وفي مصر وفي لبنان , في معاهد تعلم هذا الذي يدعون أنه فن أو علم من العلوم.
وقد أفتت اللجنة الدائمة عندنا , أفتت اللجنة الدائمة في فتوى مشهورة مطولة بأن التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة واستخدام الجن ليتسلط الجني , حسب ما عبروا , ليتسلط الجني على الإنسي فيحمله ليرتفع عن الأرض ويخبر بأمور مغيبة ويتسلط على نفسه وعلى روحه , فيكون له عليها سلطان , وثم صور كثيرة واليوم في عدد من البلاد والعياذ بالله ثم معاهد لتعليم عددٍ من هذه الأمور المنكرة ,
والواجب على المسلمين جميعًا أن ينكروا هذا أشد الإنكار؛ لأنه تهجم على ما يختص الله جل وعلا به أولاً , ثم لأنه لا يكون إلا بالإشراك بالله جل وعلا إذا صدق استخدامهم للجن.

ثم ثالثاً إنه فتح لباب الدجل وباب الكذب على الناس , وأخذ أموال الناس بالباطل , وما يأخذه المتكهن من المال فهو حرام عليه وخبيث كما جاء في الحديث الصحيح: ((حلوان الكاهن خبيث)) , يعني أنه كسب محرم خبيث , وقد جاء غلام عند أبي بكر الصديق t فأعطاه طعامًا فأكله أبوبكر t , ثم قال الغلام: أتدري من أين هذا؟ قال: لا. قال: كنت تكهنت. يقول غلام أبي بكر لأبي بكر t , يقول: كنت تكهنت لرجلٍ في الجاهلية فأعطاني هذا الحلوان. فجعل أبو بكر الصديق t يدخل يده , يدخل إصبعه في فيه حتى قاء كل ما في بطنه.
فهذا من حيث الكسب حرام , من حيث السؤال حرام , وذلك لعظم هذا الذنب فإنه لا يجوز إقراره , ويجب على من يقدر على إنكاره أن ينكر , وعلى أهل الحسبة ومن يلي هذا الأمر بخصوصه ألا يتساهلوا في ذلك , وكذلك على الدعاء إلى الله جل وعلا وأهل العلم أن يبينوا ذلك؛ لأنه من مسائل التوحيد.
نكتفي بهذا القدر , وثم مسائل أخرى متعلقة بالجملة الأخرى وهي قوله: "ولا من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة" نرجئها إن شاء الله تعالى إلى الدرس القادم , وأظنه بقي عندنا أربعة دروس إن شاء الله وننتهي من هذا الكتاب العظيم , ألحقني الله وإياكم خيرًا , وجعلنا ممن تعلم العلم له؛ إنه سبحانه جواد كريم , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

سؤال: قال بعض أهل العلم: إنه لا يستعان بالجن , لا مسلمهم ولا كافرهم , وذكر أن كون الجن يخبرون أنهم مسلمون فهذا لا يصدق؛ لأنه من علم الغيب , فنؤمن أنه من الجن من هو مسلم وكافر... إلى آخره؟
جواب: الاستعانة بالجن حرام , سواء كانت استعانة بالجني الكافر الشيطان أم الجني المسلم؛ وذلك لعدة أدلة , منها أن استمتاع الإنسي بالجني , والجني بالإنسي محرم في نصوص الكتاب والسنة , وأنه لا يستثنى من ذلك , لم يرد الدليل بالاستثناء ولا بالتخصيص , فبقاء الأمر على عمومه بما يشمل الجميع , هذا هو الأصل وهو المتعين.

الأمر الثاني: أن الجن لهم قُدر كما هو معلوم , وأنه في زمن النبي r كان منهم مسلمون كثيرًا أسلموا , قال جل وعلا: ] قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُواْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْاناً عَجَباً [ إلى أن قال: ] وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ [ كذلك قوله: ] وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ [ وكذلك في آخر سورة الأحقاف: [ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىيَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ]*.
فالجن في زمن النبوة كان منهم من صحب النبي عليه الصلاة والسلام وأسلم على يديه , وعندهم من القُدَرَ ما ليس عند غيرهم , وقد مضى زمن النبوة بأجمعه ولم يستعن النبي r بالجن ولم يستعن الصحابة بهم , وقد واجهتهم أشياء , فهذا الدليل وهذا الإجماع أعظم وأبلغ مما يستدل به على أن هذا الأمر من البدع؛ لأنه لم يكن في زمن السلف.
وهذه المسألة أظهر وأبلغ في أنهم لم يستخدموا ذلك , ولم يستعينوا بهم , لا بمسلمهم ولا بكافرهم , وهذا له سبب , وهو أن الجني إذا زعم أنه مسلم فإن إثبات إسلامه وإثبات صلاحه متوقف على أمر باطل لا يطلع عليه الإنسان , فأنت بالظاهر تحكم على الرجل إذا قابلك والجن منهم رجال ومنهم نساء , ] وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ [ تحكم عليه بالظاهر من هيئته وشكله على أنه مسلم , ونحو ذلك.

والجن لا تعلم صدقهم ولا تعلم حقيقة ما ادعوا , فبقي الأمر على الأمر المغيب , ولهذا قال أهل العلم: إن رواية أهل الجن رواية الجن للأحاديث ضعيفة , فلو أتى جني وروي بالإسناد وقال: قال رسول الله r كذا , وهذا يقول: أنا مسلم , والثاني يقول: أنا مسلم في الإسناد فعند أهل الاصطلاح بحثوا رواية الجن وقالوا: إنها ضعيفة؛ لأن الجن مجاهيل حتى ولو قال: إنه مسلم , فلا يصدق في خبره.

المسألة الثانية:
التي تدل على المنع من الاستعانة بالجن مسلمهم وكافرهم , والمسألة على الاستعانة بالمسلمين أن فتح باب الاستعانة هذا هو فتح لباب الشرك بالله جل وعلا , فيجب سده وهو أولى من سد بعض أنواع ذرائع الشرك , فالشريعة حرمت البناء على القبور؛ لئلا يكون وسيلة إلى تعظيم أصحابها , وجاء تحريم بعض الوسائل , وسائل الشرك؛ لئلا يكون وسيلة , وبعض وسائل البيوع المحرمة لئلا يكون وسيلة إلى الربا , وهكذا.
والاستعانة بالجن الذي يجهلون , ولا يعلم حقيقة الحال الاستعانة بهم , لا شك أنه ذريعة؛ لأن يأمر الجني الإنسي إذا فتح الباب أن يأمره بالتقرب أو ببعض الأشياء , فقد بلغني بيقين عن بعض من يتعاطى القراءة وهو من الجهلة , ليس من أهل العلم , ولا من طلبة العلم ممن فتح هذا الباب فسيطر عليه الجن وهو لا يعلم في هذا , وأصبحوا يأمرونه بأشياء وينهونه عن أشياء , وربما أذلوه في بعض الأمور. فسد الذريعة في هذا واجب ولا يجوز التساهل به.

الأمر الثالث والأخير: استدل بعض من قال بجوازه ببعض التعبير , بعض العبارات عن شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر كتاب النبوات , وفي الفتاوى معلومة , كلام ابن تيمية في الموضوع , لكن شيخ الإسلام لا يريد بما قال إباحة الاستعانة, وإنما بحث في حال المسلم مع الجن , فقال في أوله: وأولياء الله لا يعاملون الجن , إلا بأمرهم بالشرع ونهيهم عن ضده , كما كانت حال النبي r وأصحابه. ثم ذكر الحالة الثالثة أنه قد يعرض الجني للإنسي في أمر يعينه فيه , هذا لا بأس به , فيحمل كلامه على أنه في حالة؛ لأن بعض السلف فعلها , في حالة أنه يعرض له مثلاً يأتيه ويقول له: أنا أصحيك لصلاة الفجر , أو يضيع من الطريق كما حصل للإمام أحمد قد يكون من الملائكة وقد يكون من الجن الله أعلم , لكن يقول: الطريق من ههنا: فيتبعه.
هذا ليس استعانة , ليس طلبًا للعون , وإنما هو إرشاد , وهذا الإرشاد متوقف على صدق المرشد وعلى كذبه , يعني ليس هو استعانة طلب للعون , ويقول له مثلاً: هو كذا , أو الطريق من هنا , أو هذا في الشيء الفلاني , من دون أن يطلب , وهذا خبر , قد يكون صادقًا وقد يكون كاذبًا , واختبار الخبر لا مانع منه , يختبر هل هو صادق في ذلك أم لا؟.
المقصود هذه المسألة لا تتساهلوا فيها , لا في هذا الوقت ولا فيما بعده؛ لأن أخشى أن ينفتح علينا ذرائع الشرك ووسائل البدع من جراء القراء الجهلة الذي فتحوا باب الاستعانة بالجن في هذا الباب , ولأجل طول الجواب نكتفي بهذا القدر , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

[سائل: ما ذكروه عن عمر رضي الله عنه بأنه كان (غير مسموع) للصدقات أن الصحابة سئلوا عنه فقالوا: إن امرأة ما (غير مسموع) فأخبرته وأخبره الجني أن عمر (غير مسموع) للصدقات فذكروا بعده بعض العلماء (غير مسموع).
الشيخ: ما أدري (إيش) المقصود.
ـ يعني هل الآن الصحابة استعانوا بهذا القرين.
ـ في (إيه)؟
ـ في البحث عن عمر رضي الله عنه , فأخبرهم أنه كان (غير مسموع) للصدقة هذا ذكره الشيخ محمد (غير مسموع) في القول المبين من جواز الاستعانة (غير مسموع) مسلم (غير مسموع) و(إيش) رأيك يا شيخ يعني هل هو طلب (ولا) خبر؟
ـ في الحقيقة هذا يحتاج إلى إثبات أولا.
ـ أينعم.
ـ ثم قد يحمل على أنه خبر , وما نعارض فيه شبه أكثر من هذه (غير مسموع) ما نعارض الأصل الشرعي لماذا لا يستخدم في عهد النبوة في المسائل في التوحيد , وبنأخذ بعض المسائل وهي أيضا تؤثر على كثير ما نأخذ بشيء لا يعرف يجب المشتبهات هذه أن تحمل على , تحمل على المحكم , المحكم هو الأصل , ونرد له المشتبهات , تكون حادثة حدثت ما تدري عن تأويلها؛ لأن حكايات الأفعال لها عدة تأويلات وعدة أحوال , هذه توجهها لكذا ولا توجهها لكذا , ومن قال: إنها توجه للاستعانة فقطع يحتاج إلى استدلال هل هم استعانوا , طلبوا العون (ولا) أخبروا (ولا) وفي الحال في الحقيقة , فما تحكم على فعل الصحابة بمناقضة حال النبي صلى الله عليه وسلم , هذا فيما لو كان يعني فعله حجة في هذا , ومعلوم أن أقوال الصحابة فيها نظر , فيها نظر في الاحتجاج , فكيف بأفعال (غير مسموع).
ـ وصحته يا شيخ؟
ـ ما أعرفها والله (اللي)...

ـ علاج بعض المعاكسات (غير مسموع) ما يتم عن طريق الجن (غير مسموع) القرآن؟
ـ الجن ما عندهم دواء؛ الجن عندهم بلاء وشرك وإضلال وإضعاف للإنسان.
ـ القرآن (غير مسموع).
ـ يخبره أن هذه الآية (بتنفع) (غير مسموع) يقول القراءة هذه نوع من العلاج في الطب لو كان كذلك (غير مسموع).

ـ ما وجه (غير مسموع) من وجد في قلبه محبة أبي طالب؟
ـ أبو طالب نعم.
ـ محبة طبيعية بدون يعني صلة ولا زمن ولا (غير مسموع).
ـ لا يجوز.
ـ (غير مسموع) نصرة الإنسان.
ـ يعني يثني عليه بما فعل لا بأس لكن محبة (غير مسموع).]

… وعلى رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , اللهم إنا نسألك علما نافعًا وعملاً صالحًا , وقلباً خاشعًا , ودعاءً مسموعًا , اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين؛ فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك , أما بعد.., فنجيب عن بعض الأسئلة:

سؤال: ما حكم الصلاة مع وجود الدفاية , أو المبخرة أمام المصلي؟
جواب: الدفاية والمبخرة ونحوهما مما هو نار اختلف أهل العلم في استقبال المصلي للنار , ولكل ما كان من جنسه , على قولين أو أكثر , لكن الأشهر أنهما قولان:
الأول: الكراهة , وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله وأصحابه , وهو المدون في كتب فقهاء الحنابلة رحمهم الله , وتوجيه ذلك أن جنس النار عبد من دون الله جل وعلا , فعبد المجوس النار إما لأنها نار , أو لما فيها من النور الذي يقابل الظلمة , والظلمة والنور إلهان عندهما , فالأجل هذا الاشتباه ولأجل أن المشركين ربما عبدوا النار , فإن المشابهة في هذه تكون مكروهة.
والقول الثاني: أنه لا بأس باستقبالها , وهذا هو الذي ذهب إليه جمع من أهل العلم ومنهم البخاري رحمه الله تعالى , كما ألمح إليه في ذكره لحديث صلاة النبي r واستقباله أو رؤيته بين يديه الجنة ورؤيته بين يديه النار , قال: ((عرضت عليّ الجنة وعرضت عليّ النار في مقامكم هذا)) , فاستدل به على أن الاستقبال لا يكره؛ لأن النبي r لم يحول وجهته أو لم يشعر بلفظه أو بفعله أن هذا مكروه.
وتوسع بعض أهل العلم فأدخل فيه في الكراهة يعني في القول الأول كل ما كان فيه النور إذا استقبله المصلي , ولكن هذا التوسع ليس بجيد , والصواب أنه لا بأس بذلك؛ لظهور دلالة الحديث عليه , وإذا تركها المسلم من باب الاحتياط فهو أولى , ثم قليل أو نوادر قالوا بالحرمة , لكن لا وجه لهم؛ لأن القياس على العبادة المشركين للنار ليس هذا بمحله ,
سؤال: ما حكم قتل الحشرات بالكهرباء؟
جواب: إذا كان الكهرباء هذه لحقت الحشرة لتقتلها أو الحشرات لتقتلها , فإن هذا منهي عنه؛ لأن قتل أمة من الأمم أو طلب ذلك , يعني في غير مضرة كما سيأتي فإنه ليس بمأذون به في الشرع وليس بسائغ , والعلماء يتكلمون في هذه المسألة في موضعين:
الأول: قتل الحشرات من حيث الأصل , والثاني قتل الحشرات بالنار أو بالكهرباء أو بما شابهها من الأجهزة الحديثة.

أما النوع الأول: فقتل الحشرات جائز إذا كانت مضرة بالاتفاق , واستدلوا لذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: ((خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم)) فالحشرة إذا كانت ضارة مضرة للإنسان , سواء أكانت واحدة , أو أكثر فإن قتلها جائز , بل مطلوب؛ لأن هذا يدخل في باب رد المعتدي أو رد الصائل أو رد الأذى عما يؤذي الإنسان.
وأما ما لا يؤذي مثل أن يأتي الإنسان في البر أو في مكان لا يسكنه ولا يضره وجود الحشرات فيه فيأتي ويسلط على النمل نارًا , أو يسلط على بعض الهوام من المواد الكيميائية ونحو ذلك , ولا يستفيد , وهي ليست مضرة له , فهذا منهي عنه؛ لأنه من قتل ما لم يؤذن بقتله.
أما المسألة الثانية: فهي قتلها بالكهرباء أو بالنار أو بنحوها , فهذا إذا كانت مضرة دخلت في الباب الأول , وإذا كانت غير مضرة فإنه إذا طلبت فإنه ينهى عنه ويحرم.
أما إذا وضعت النار والكهرباء , وهي التي جاءت فهذا لا يدخل فيما ينهى عنه؛ لأن الحشرات من طبيعتها خاصة ما يطير منها أنها تطلب النار , وثم تحترق فيها , فالمقصود أنها إذا طلبت النار فلا شيء على الإنسان , وإذا طلبها هو بالنار تتبعها ليحرقها بالنار فهذا منهي عنه.

سؤال: الإخوان في الشيشان يسألون المسلمين الدعاء , فلماذا توقف الأئمة عن الدعاء؟ وهل من الدعاء لهم الآن من دعا لهم الآن يعتبر مخالفًا؟
جواب: هذه مسألة كثر السؤال عنها وهي تحتاج إلى تفصيل؛ ذلك أن النوازل التي تنزل بالمسلمين سواء أكانت نازلة عامة أم نازلة خاصة , فإن الدعاء دعاء المسلم في النوازل طلبًا من الله جل وعلا لكشفها ورفع كربة المسلمين في كل مكان هذا من ولاية المسلم للمسلم , ومن محبة المسلم للمسلم , ومن النصرة التي أمر الله جل وعلا بها في نحو قوله: ] إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ [ , وفي نحو قوله جل وعلا: ] وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [ , وفي نحو قوله Y: ] إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ [.
فولاية المسلم للمسلم تقتضي نصرته بما يستطيع , ومن ذلك الدعاء له , فالدعاء في أوقات الإجابة وفي خطب الجمعة , ودعاء الفرد أو دعاء الخطيب , أو الدعاء في الدرس أو نحو ذلك , هذا من الأمور المطلوبة شرعًا؛ لأنها من مقتضى الولاية.
المسألة الثانية:
إدخال هذا الدعاء في الصلاة , يعني ما يسميه الناس القنوت , قنوت النوازل وهو الذي جاء في الحديث أن النبي r قنت شهراً يدعو على قبائل من العرب رعل وذكوان وعصية ونحو ذلك من القبائل لما استحر القتل في القراء بعد ذات الرقاع كما هو معلوم , وسنة النبي r هي التي يجب اتباعها , لا أهواء الناس ولا عواطف الشباب ولا الرغبات المختلفة , والسنة في قنوت النوازل حتى ولو استنكر بعض من لا يعرف ورأيت بعض الأوراق التي كتب , وهذا مما يؤكد على طلبة العلم حاجة الناس إلى العلم , فإذا كان الناس ألفوا الدعاء في بعض ما حصل للمسلمين في الماضي , فيظنون أن هذا , أن تغييره تغيرًا للسنة أو ترك للنصرة أو رد أو عدم استجابة لحاجة المسلمين ونحو ذلك , هذا يؤكد أنه يجب على طالب العلم وعلى من له ولاية خاصة وعامة أن ينبه الناس؛ حتى لا يتسارعوا في أمر وتغيب السنة في ذلك وتصبح المسألة بعد ذلك إذا غيرت , إذا غيرت السنة فتصبح محدثة عامة تتكرر.
والذي دلت عليه السنة في قنوت النوازل أشياء:
الأول: أن النبي r قنت مرة ولم يقنت في كل نازلة , قنت بعد ذات الرقاع لما استحر القتل بالقراء , ولم يقنت لما حصل قتل المسلمين في مؤتة , وكان ممن قتل فيها جعفر وقتل فيها عدد , ورجع المسلمون بعد أن حصل لهم ما حصل , كذلك لم يقنت الصحابة رضوان الله عليهم في كثير مما حصل من النوازل التي مرت بهم , فالنبي r قنت مرة في نازلةٍ عظيمة استحرّ القتل فيها بالقراء , قتل منهم سبعون وكانوا هم حفظة القرآن , وهم الذين يحفظون على الناس كتاب الله جل وعلا.

المسألة الثانية: مما دلت عليه السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام قنت هو فقط في مسجده , ولم يأمر مساجد المدينة أن تقنت , فلم ينقل أحدٌ من أهل الحديث ولا من الرواة ولا في كتابٍ لا سنن ولا صحيح ولا مسند ولا أجزاء حديثية فيما بلغني أن النبي r يعني بإسناد صحيح أمر أحدًا من المساحد أن يقنت , فالقنوت ليست السنة فيه أن يقنت الجميع , وإنما قنت هو عليه الصلاة والسلام خاصة.
ولهذا أصح أقوال أهل العلم في المسألة أنه لا يقنت إلا الإمام , ويقنت المسجد الأعظم في البلد , وليس كل مسجد جماعة وليس كل مسجد جمعة يقنت , وإنما يقنت الإمام وفي المسجد الأعظم اكتفاءً بالسنة وهكذا كان هدي الصحابة رضوان الله عليهم , فلم يكن في عهد النوازل التي حصلت وعهد عمر في عهد علي أنه قيل لكل المساجد: اقنتوا للنوازل.
وإذا كانت المسألة فيها خلاف وجب كما هو منهج أهل الحديث , وهو المنهج الحق , وجب فيها أن ترد إلى السنة حتى تستبين , والعلماء لهم في المسألة أربعة أقوال:
القول الأول: أنه لا يقنت إلا الإمام فقط.
الثاني: أن يقنت الإمام الأعظم أومن ينيبه في المسجد الأعظم.
الثالث: أن تقنت كل جماعة , سواءٌ أكانوا في مسجد أم لم يكونوا في مسجد فإنه يقنت كل جماعة.
والرابع: أنه يقنت حتى المصلي وحده.
الأقوال الثلاثة الأولى مختلفة عن أهل العلم , يعني في المذاهب الأربعة وفي غيرها , وهي ثلاث روايات عن الإمام أحمد , والأخير يقنت كل مصلٍ يعني إذا أراد هذا ذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , والسنة تدل على القول الثاني وهو أنه يقنت الإمام الأعظم أو من ينيبه في المسجد الأعظم في البلد , يعني إمام المسلمين أو من ينيبه في الصلاة بالمسجد الأعظم في البلد فقط دون سائر المساجد , وهذا هو السنة في هذا الأمر فقط دونما سواه.

المسألة الثالثة:
المتعلقة بهذا , أن فهم معنى النازلة والفرق بينها وبين المصيبة والقتل , والفرق بين النازلة الخاصة والنازلة العامة , هذا مما يتعين أن يفرق بينها؛ لأن السنة دلت على أن النبي r قنت وترك القنوت , قنت بعد ذات الرقاع ولم يقنت فيما نزل من مصائب في غيرها , فدل على التفريق بين هذا وهذا.
إذا تبين هذا التفصيل المختصر , فالواجب على طلبة العلم أن يكونوا متنبهين لهذه الأصول , ومن تتبع سيرة أئمة الدعوى فيما مضى وجد أنهم لم يقنتوا على مدى مائتين سنة الماضية إلا فيما ندر جدًّا في المصيبة التي يصابون بها هم؛ لأن هذا لا يخاطب به كل المسلمين كما هو معلوم , وهذا هو الأوفق والأقرب إلى السنة في هذا الباب , والمسألة كما ترى فيها خلاف , والعالم إذا اجتهد في ذلك واختار أحد الأقوال فلا يعتب عليه أنه لم يأخذ بالقول الآخر؛ لأن الدليل هو محل الاعتبار في هذه المسائل المهمة.
تحصل من ذلك أن الدعاء مطلوب , وأن إدخال الدعاء في الصلاة هو محل البحث في القنوت , ثم إذا صار قنوت النازلة فالواقع الآن يدل على أن كثير من أئمة المساجد لا يحسنون قنوت النوازل , ويدعو بما خطر له , وقد نص الفقهاء في كتبهم قالوا: يدعو بما يناسب النازلة ولا يدعو بما خطر له؛ لأن هذا الدعاء قنوت شرع لأجل النازلة , فإذا دعا بما خطر له في غير موضوع النازل فقد أخرج هذا الدعاء عن موضوعه وعما شرع له , فدخل فيما نهي عنه , وقد يصل إلى بدعة تبطل الصلاة وهو لا يشعر وفيما حصل من قنوت في النوازل السابقة التي حصلت بها فتوى من الإفتاء وأذن بها ولي الأمر , فيما حصل في الماضي سمعنا وصلينا مع كثير من الأئمة لا يحسنون دعاء النوازل , يعني لو قيل حتى إن في كل مسجد جماعة , فإذا رأى رؤية أنهم لا يحسنون دعاء النوازل ولا قنوت النوازل , فينبغي ألا يؤذن لهم به؛ لأنهم يحرفون الصلاة عن موضوعها وعما يشرع فيها.
ولا يتساهل الناس في بعض المسائل , يحققون مصلحة من جهة , مصلحة الدعاء والقنوت ثم يحدث مفسدة من جهة أخرى في أنهم لا يحسنون الدعاء , ويدخلون في مسائل ليست مما يدعى لها.
تحصل من هذا البحث الذي ذكرت لكم على اختصاره , أن الصحيح الذي دلت عليه السنة أنه لا يقنت إلا الإمام الأعظم أو من ينيبه , وفي المسجد الأعظم فقط في النازلة التي تؤثر على أهل البلد , أما قنوت المسلمين عامة لنازلة وقعت في بعضهم فهذا لا أصل له في السنة والله أعلم.

سؤال: أيهما أولى التصدق بالملابس أو إهدائها لأحد الوالدين مع عدم حاجتهما؟
جواب: هذا يرجع إلى حسب أثر إهداء الملابس على الوالدين , إذا كان أثر ذلك فيه البر بهما وإدخال السرور عليهما , فبر الوالدين أرفع درجة من التصدق , فهو [صدقة وزيادة]* أما إذا كان مجرد إهداء لا يشعر الوالدان أنه بر ولا أنه إحسان إليهما , فإنه التصدق على المحتاج أولى.

ثم مسائل متنوعة , وهذه مسألة في الحج:
سؤال: إذا تعجل الحاج فهل يرمي في اليوم الثاني عن ذلك اليوم وما بعده؟ أم يكتفي برميه ذلك اليوم؟
جواب: الله جل وعلا يقول: ] فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [ , ومعنى الآية أن من اتقى اللهَ جل وعلا وعظم حرماته وعظم شعائره , فإنه لا إثم عليه إذا تقدم تعجل ولا إثم عليه إذا تأخر , وليس قوله: ] لِمَنِ اتَّقَى [ متعلقا بالمتأخر دون المتقدم , يعني المتأخر دون المتعجل , فقوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه} هذه تتمة الجملة قال: ] لِمَنِ اتَّقَى [ يعني يشمل الحالين , يعني لا إثم على المتعجل ولا إثم على المتأخر إذا كان الجميع قد اتقوا الله في تعجلهم واتقوا الله في تأخرهم.
وإذا تعجل الحاج في يومين , يعني مكث الحادي عشر والثاني عشر فإنه إذا رمى الجمار بعد الزوال , يعني إلى المغرب وخرج فإن هذا يكفيه ولا يجب عليه رمي اليوم الثالث عشر , إلا إذا بات في منى قاصدًا , يعني إذا أتاه الليل في منى قاصدًا البيتوتة.

سؤال: ذكرت حفظك الله كلاماً حول طارق السويدان أشكل على كثيرٍ من أهل كذا الذين.. ويكرهون.. وأهل البدع , ومن يناصرهم , فنرجو من الله أن يوفقكم إلى تفصيل الكلام في ذلك:
جواب: هذا السؤال الأسبوع الماضي كان الكلام في نفس الموضوع , حصل إشكال في الأسبوع الماضي للبعض حول أشرطة طاق السويدان... إلخ , أنا بينت الكلام أن هذا السؤال (اللي) جاء من أستاذ , مدرس يريد أن يعطي أشرطة طارق السويدان لمن يستفيد منها , فإذا كان الذي سيعطي للمحتاج طالب علم يميز الأشرطة الحسنة من غير الحسنة , يميز الأشرطة النافعة من غير النافعة , فإن له أن ينتقي ويعطي ما لا ضرر فيه , أما من لا يحسن مثلما ذكرت لكم أشرطته فيها ما هو جيد , يعني لبعض الناس , وفيها ما هو غلط سواء أكان في المنهج أو في تساهل مع بعض أهل البدع , ذكرت لكم أن سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله سبق أنه قابله , وأنه رجع في عدد من المسائل وما أشبه ذلك في نقل بعض الثقات لي.
فالمقصود من هذا أن أشرطته إذا كان الذي سينتقي ويعطيها من ينتفع بها , طالب علم يحسن الفرق بين السنة والبدعة وبين الصواب والغلط , فلا بأس أن ينتقي ويعطي؛ لأن منها أشياء لا بدعة فيها , وأما التزكية المطلقة لأشرطته , فلا لأنها كما ذكرت لكم مشتملة على صواب وعلى خطأ , ومن عثر على ما غلط فيه فالواجب المناصحة؛ لأن المرء لا يكتفي بأن هذا ليس بحسن وهذا فيه أغلاط وهذا عنده كذا , بل ينبغي له أن تجمع ويناصح الذي أخطأ أو الذي توسع.
وكما هو معلوم المذكور ليس بطالب علم ولا من العلماء , وإنما أراد أن يقرر قصص الأنبياء والسيرة وبعض المسائل , فأصاب في كثير وربما غلط في بعض المسائل , فتصحيح ذلك للفائدة العامة ينبغي إذاً , فلا ننصح لكل أحدٍ أن يأخذ ما لا يعرف , وإذا كان طالب العلم بيهدي لمن ينتفع بها مستواه , يناسب هذه الأشرطة فينتقي ما لا غلط فيه ولا بدعة ويعطيها , هذا الذي يظهر لي في ذلك.

سؤال: ما هو الإجماع المعتبر؟
جواب: الإجماع المعتبر هو إجماع أهل عصرٍ من العصور.

سؤال: لو لبس المحرم وقت البرد مشلح وألقاه على عاتقيه دون أن يدخل يديه فيهما , وكذلك إذا لبس الكنادر وهي دون الكعبين دون الجوارب , فما حكم ذلك؟
جواب: المحرم أوجب عليه النبي r وأمره أن يلبس , أو أن يحرم في ثوبين , وألا يلبس السراويل ولا القمص ولا العمامة... إلى آخر ذلك , قال: ((ولا يلبس الخفين إلا ألا يجد غيرهما فليقطعهما دون الكعبين)) , من بعض المصطلحات التي أثرت في مسائل الشرع , مصطلح المخيط , السلف عبروا عن هذا الحديث بأنه ينهى عن لبس المخيط , المحرم يتجرد من المخيط , ففهم منه أن كل ما فيه خياطة فإنه ينهى عنه.
وهذا الفهم ليس بصحيح ولم يريدوه؛ لأن كلمة المخيط عند السلف يعنى بها ما يخاط ليلبس عادة , ما يخاط على قدر البدن من الثوب , قميص , سراويل , ما يخاط على قدر اليد , القفازين , وما يخاط على قدر الرجل وهي الجوارب؛ لأن لكل جزء من البدن له شيء يناسبه يخاط له.

إذا كان كذلك فليس المقصود من النهي عن لبس المخيط إلا ما دل عليه الحديث , ما دلت عليه الأدلة في أنه لا يلبس شيئًا من الملابس التي تصنع على قدر البدن أو على قدر عضوٍ من أعضائه , وهذا يعني أن المشلح أو الكوت أو ما هو أدفأ منها , أو فروة أو نحو ذلك إذا لم يجعلها كاللباس المعتاد فإنها لا تدخل في النهي؛ لأن النبي r لم يأمر بلبس رداءٍ وإزار , هذا إذا أتى البرد كيف يتدفأ الإنسان؟ يأتي ببطانية ويلقيها عليه؟ لا , يستخدم ما يدفيه لكن بشرط أن يترك اللبس المعتاد.

فإذا كان المشلح هذا يلبسه بإدخال يديه فإلقاؤه على كتفيه للتدفئة , هذا لا بأس به , ولا يدخل في لبس المخيط أو لبس ما نهي عنه , كذلك لبس النعال التي فيها خياطة , مثل النعال القصيمية أو الزبيرية أو نحو ذلك , بعض الناس يقولون: لا يلبسها , يلبسون البلاستيك هذه ونحوها؛ لأنها ما فيها خياطة , وإذا اعتقد أنه أيضًا يلبس هذه النعال البلاستيك؛ لأنها هي السنة هذا أيضًا يحتاج إلى تنبيه؛ لأن السنة ألا تلبس ما خيط على قدر البدن , وألا تلبس الخفين , أما النعال فلم يأت نهي فيهما , فالإحرام يكون في نعليه , إذا احتاج ليس عنده نعلين أو اشتد عليه البرد فله أن يلبس الكنادر هذه؛ لأنها خف مقطوع , لكن لا يلبسها ابتداء.
الشيخ:... في البرد فله أن يلبس الكنادر هذه؛ لأنها خف مقطوع , لكن لا يلبسها ابتداءً , وإنما ليلبس النعلين , إذا لم يجد إلا الكنادر هذه التي لا تبلغ إلى الكعبين فلا بأس , إذا ما وجد إلا خف , فهل يلزمه قطعه؟ خف طويل , بوت يعني (اللي) يسمونه , أو (اللي) يسميه الجنود (إيش؟) بصطار أو نحو ذلك , فهل يلزمه قطعه؟
اختلف العلماء في ذلك , والصحيح أنه لا يلزمه قطعه , وأن إلزام القطع منسوخ؛ لأن النبي r قال ذلك في المدينة, ولما أتى في عرفة لم يأمر بقطعهما إذا احتاج إلى ذلك.
ومن المناسب التنبيه على أن طالب العلم دائماً إذا أتت المواسم , رمضان , وقت الحج , جاء وقت عاشوراء , أي موسم فيه تعلق بأحكام شرعية فإنه يراجع كل سنة؛ لأن هذا أدعى إلى تثبيت العلم , وأدعى إلى أن يكون غير هاجر للحق أو هاجر لما في الكتاب والسنة من الدلائل في ذلك , فإذا أقبل رمضان تراجع أحكام الصيام في كتب الفقه والحديث وفتاوى أهل العلم , وأحكام الزكاة وأحكام القيام , وتراجع أحكام العيدين , إذا أقبل الحج قبله بشهر , من الآن تقرأ في أحكام الحج تثبتها سنة سنتين ثلاث , تلحظ أن ها المسائل تتضح لك شيئًا فشيئًا وتستزيد كل سنة بما لم يكن عندك في السنة الماضية.
وهذا طبيعي في طالب العلم , طبيعي في الإنسان , تقرأ أول مرة يفوتك , تأخذ مثلاً عشرين ثلاثين في المائة , وكثير منه؛ لأنك مركز على البعض , كثير منه يفوت تحتاج فيه إلى سؤال , السنة القادمة تنظر تقرأ فتجد أن عددًا من المسائل واضحة , مثلاً تعريف الحج واضحة , شروط وجوب الحج واضحة , أركان الحج واضحة , أنواع الإحرام واضح , تزيد في مسائل لم تكن واضحة , تزيد حصيلتك , ثم بعد ذلك السنة المقبلة وهكذا , طالب العلم لا يمكن أن يتعلم في سنة , العلم جادته طويلة , ما ينتهي الإنسان منه إلا بالموت.
وتذكرون كلمة الإمام أحمد رحمه الله لما قيل له: إنك تكتب وأنت في هذا السن. يعني بعد أن علا شأنه , رحمه الله, قال: مع المحبرة إلى المقبرة.
طالب العلم ما ينفك من طلب العلم , ومن البحث , بحسب ما أعطاه الله جل وعلا , وخذ من فراغك لشغلك. خذ يعني من فراغك لشغلك , يعني استغل وقت الفراغ , استغل وقت الشباب , استغل قبل أن تسود إما بعيال تكون مسؤولاً عنهم , أو بمشاغل , أو.. طالب العلم إذا وجد الصحة والفراغ يقبل على طلب العلم ويستفيد؛ لأنه النور في القلوب وفي الصدور , والبينة فيما يتعبد به الإنسان ويراه في أحوال الناس.
نكتفي بهذا القدر , نعم اقرأ.


* الصواب: ] وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا [ الأنعام: (128) .

* الصواب: ] إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ [ الأحقاف: (30) .

* غير واضح بالشريط .


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


تحريم تصديق من ادعى علم الغيب
قال رحمه الله: [ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً] . الكاهن والعراف: هو من ادعى معرفة شيء من الغيب، وقد تكلم العلماء في الفرق بين العراف والكاهن، إلا أن هذه التقاسيم ليس بالضرورة أن تكون مطردة على كل حال، وقد يقال: إن مثل هذه الأسماء بينها عموم وخصوص، وإنها تقترن في مقام وتفترق في مقام، وأن العراف يسمى كاهناً وأن الكاهن يسمى عرافاً، وهذا هو أجود التحصيلات لها. ويشترك الكاهن والعراف في ادعاء علم الغيب، وقد يختلفون في بعض الطرق والأدوات والوسائل، ومن ذلك الرمال أيضاً. فالمقصود هنا: أن كل من ادعى علم الغيب من جهة نفسه، أو جهة غيره، سواء كان هذا الغير آدمياً أو كان جنياً، فهو كاهن أو عراف أو رمال. ......

حكم إتيان الكهان والعرافين
والنبي صلى الله عليه وسلم لما ذكرهم كما في حديث صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاةٌ أربعين يوماً) . وجاء في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهناً أو عرافاً، فسأله عن شيء فصدقه، فقد كفر بما أنزل على محمد) ، وهذان الحديثان لا تعارض بينهما، فمن أتى كاهناً أو عرافاً فسأله ولم يصدقه، فإن إتيانه يعد محرماً، ووعيده قوله صلى الله عليه وسلم: (لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ، وأما من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه، فقد كفر، والمراد بالكفر هنا: الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ لأن من صدق الكافر في كفره كان كافراً، فإن الكاهن إنما كفر بدعوى علم الغيب، فمن صدقه في كفره فقد شاركه في الكفر.

حكم إتيان الساحر
وأما الساحر، فإنه يختلف عن الكاهن والعراف من وجه، ويشاركهم من وجه، أما مشاركته إياهم فبالكفر، والسحر الذي ذكر في القرآن -وهو المقصود عند العرب بالسحر- لا يكون إلا بنوع من الكفر، وهو أنه لا بد أن يصاحبه خضوع لشياطين الجن، ولهذا قال تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ..}[البقرة:102] . والغالب على السحرة أنهم كهان وعرافون، ولكن من كان ساحراً فأخبر عن محل سحر المسحور، فإن من سأله وصدقه لا يكون كافراً، والفرق أن من أتى كاهناً أو عرافاً، أو حتى ساحراً فسأله عن شيء من الغيب فصدقه فإنه يكفر؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله، أما محل السحر، فليس هو من الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله، فالساحر الأول الذي سحر زيداً يعلم مكان السحر، فيمكن أن بعض بني آدم يعلمون هذا المكان، فهذه مسألة لا بد من التفريق فيها، فالذي يقع من كون السحرة قد يخبرون عن محل السحر، هو كما يقرر الإمام ابن تيمية رحمه الله أن الساحر لا بد أن يكون له معين وشيطان من الجن، وهذا الكبير من الجن الذي خضع له الساحر، يكون له جنودٌ وأعوان، ومعلوم أن الجن عندهم من سرعة الانتقال والمراقبة والحركة شيء كثير، ومن ذلك ما ذكر في قصة سليمان قال: {قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ..}[النمل:39] ، فيقع في أعوان هذا الساحر من يراقب ويتابع، فقد يرى سحر أحد السحرة، فيعلم مكانه، فيحدث كبيره من الجن بذلك، وكبيره من الجن يحدث من خضع له من السحرة. فإذا سحر شخص وجاء إلى هذا الساحر يسأله عن مكان السحر لم يكفر؛ لأن السحر ليس من الغيب المطلق، إلا إن كان تصديق زيدٍ لهذا الساحر لاعتقاده أن علمه بهذا علم سرٍ مختص، وأن هذا الساحر يمكن أن يعلم الأشياء الخفية، وأن عنده القدرة على النفوذ والعلم بهذا السر، فإنه يكفر حينئذٍ؛ لأنه اعتقد فيه أنه يعلم الغيب.

حكم النشرة
ولهذا فكثير من الفقهاء من الحنابلة وغيرهم رخصوا في مسألة النشرة، وهي فك السحر، ومعلوم أن هذا يتضمن سؤال الساحر عن محل السحر، ولو كان كفراً لما كان من مورد النزاع بين أهل العلم، ومعلوم أن مسألة النشرة فيها خلاف، وإن كان المنسوب إلى جماهير السلف هو النهي عنها. ولا شك أن الأولى والأقوى من قول العلماء هو تركها والبعد عنها؛ لما يقارنها من الفتن والشر إلى غير ذلك، فليس المقصود أن الراجح هو قول من يقول من الحنابلة أو غيرهم بجوازه، بل الراجح هو عدم ذلك، ولكن المقصود أن يعلم من هذا الخلاف أن سؤال الساحر عن محل السحر لا يلزم أن يكون كفراً، بل قد يكون كفراً مخرجاً من الملة، وقد لا يكون كذلك.

تحريم قراءة الكف
ومما يجب إنكاره، ما ابتلي به كثير من المسلمين من سؤال بعض الكهان والعرافين عن بعض مستقبلهم وأحوالهم من جهة الرزق، أو الولد أو غير ذلك، ويقرءون لهم الطالع، فيقول ولدت في أي نجم وفي أي برج؟ فيقول: ولدت في برج الأسد مثلاً، وفي طالع كذا، وربما قال له: ارفع يدك، فيقرأ كفه، فمن سأله وصدقه فلا شك أن هذا من الكفر الأكبر، وإن كان كثير من المسلمين يجهلون ذلك، ولا شك أن من ادعى العلم الطالع، أو ادعى العلم بقراءة الكف، أنه كاهن عراف كافر، وهو المقصود بكلامه صلى الله عليه وآله وسلم، وإن سُمي باسمٍ معاصرٍ قد يزينه كثير من الناس.

وزن المقالات بالكتاب والسنة والإجماع
قال رحمه الله: [ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة، وإجماع الأمة] . يعني: ولا نصدق من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، فهذه الأصول الثلاثة هي أصول العلم، وبها توزن مقالات الناس. أما الكتاب فبينٌ، وأما السنة فهي كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أئمة السنة والحديث، فما تلقاه أئمة السنة والحديث بالقبول، فإنه من اللازم اعتباره، واللازم هنا له جهتان: الجهة الأولى: التصديق، وهذه جهةٌ مطردة. والجهة الثانية: الاستدلال، وهذه بحسب حال الناظر. فقد يكون الحديث عنده صحيحاً لكن لا يستدل به على مسألة ما لكونه يرى أنه ليس دليلاً عليها. ......

الاحتجاج بأحاديث الآحاد في العقائد
وينبه في هذه المسألة إلى مسألة تقسيم السنة إلى متواتر وآحاد، وسبق الإشارة إلى ذلك، فإن التقسيم المستعمل عند علماء الكلام الذي قالوا به: أن الآحاد لا يستعمل في العقائد، وحقيقة هذا المذهب أن السنة كلها لا تستعمل في العقائد؛ لأنهم قالوا: إنما يستعمل المتواتر. وجمهورهم يعرفون المتواتر بأنه: ما رواه جماعة عن جماعة بإسناد متصل يستحيل تواطؤهم على الكذب، وأسندوه إلى شيء محسوس، وصفة المتواتر على هذا الوجه: أن يرويه من الصحابة عشرة، وعن كل واحدٍ من العشرة عشرة، فيكون الرواة عن الصحابة مائة، وعن هؤلاء المائة، عن كل واحدٍ عشرة وهكذا، وهذا قد صرح كثير من الحفاظ كـابن الصلاح ونحوه بأنه لا مثال له، وبعضهم يقول: إنه لا ينضبط له إلا حديثٌ أو حديثان. فعلى هذه الطريقة لا يستدل بشيء من السنة إلا في محلٍ أو محلين، هذا إذا سلم هذا المحل أو ذاك، وعليه فحقيقة قول من يقول من المتكلمين وأهل البدع: إنه لا يستدل إلا بالمتواتر؛ أنه لا يستدل بالسنة في العقائد؛ إلا إذا فسر المتواتر بما هو معروف في كلام السلف، وهو ما تلقاه الأئمة بالقبول، فإن هذا إذا التزموا به لزم من ذلك بطلان عقائدهم وبدعهم، كأحاديث الرؤية والشفاعة وغيرها. ولهذا فأهل البدع يقولون عن أحاديث الرؤية: إنها آحاد، ويقولون عن أحاديث الشفاعة: إنها آحاد، مع أنها في الحقيقة متواترة على المعنى المعروف في كلام الشافعي وبعض المتقدمين من أهل العلم، فالقصد أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقاه العلماء بالقبول، فإنه يجب التزامه. وأما الأحاديث التي تنازع فيها المتقدمون من السلف، من أئمة السنة والحديث، ككثير من الأحاديث المنقولة في الأحكام، فإن هذه مقامها على قدر من الاجتهاد باعتبار صحتها، فمن صححها فإنه يعتبرها، ومن لم يصححها لنوع من النظر والعلم رآه في هذه الرواية أو هذا الإسناد، فإنه لا يجوز أن يضاف إلى مخالفة السنة والجماعة. وكذلك الإجماع، يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: (والإجماع المنضبط هو إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم)، فإن الإجماع يُذكر في كلام أهل العلم، ويراد به إما الإجماع المنضبط، وهو الحجة اللازمة التي مخالفته بدعة وضلال، وإما أن يراد الإجماع السكوتي، وهو في الجملة حجة ظنية، وإن كان بين الأصوليين نزاع في حجية الإجماع السكوتي. ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ولا, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir