دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 04:07 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم...)

وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ، ولا نُفْرِطُ في حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُم.
ولا نَتَبَرَّأُ من أَحَدٍ منهم، وَنَبْغَضُ مَن يَبْغَضُهُم وَبِغَيْرِ الخيرِ يَذْكُرُهُم، ولا نَذْكُرُهُم إِلاَّ بِخَيْرٍ.
وَحُبُّهُم دِينٌ وإيمانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُم كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:15 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ.
(2) ولا نُفْرِطُ في حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُم.
(3) ولا نَتَبَرَّأُ من أَحَدٍ منهم.
(4) وَنُبْغِضُ مَن يُبْغِضُهُم.
(5) وَبِغَيْرِ الخيرِ يَذْكُرُهُم، ولا نَذْكُرُهُم إِلاَّ بِخَيْرٍ.
(6) وَحُبُّهُم دِينٌ وإيمانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُم كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.



(1) أصحابَ: جمعُ صاحبٍ، والصَّحَابِيُّ هو: الذي لَقِيَ الرسولَ وهو مؤمنٌ بهِ وماتَ على ذلكَ، فإنْ آمَنَ بهِ ولم يَلْقَهُ فلَيْسَ بِصَحَابِيٍّ، ولو كَانَ مُعَاصِرًا للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كالنَّجَاشِي، وكذلكَ يُشْتَرَطُ الإيمانُ بهِ والموتُ على ذلكَ، فَبِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ والموتِ عليها تَبْطُلُ الصُّحْبَةُ وسائِرُ الأعمالِ، وصحابةُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هم أفضلُ القرونِ والأُمَمِ بعدَ الأَنْبِيَاءِ والرُّسُلِ؛ وذلكَ لأَنَّهُم أَدْرَكُوا المُصْطَفَى عليهِ الصلاةُ والسلامُ وآمَنُوا بهِ وجاهَدُوا مَعَهُ وتَلَقَّوْا عنهُ العلمَ، وأَحَبَّهُم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واخْتَارَهُم اللَّهُ لِنَبِيِّهِ أَصْحَابًا.
واللَّهُ يقولُ: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّه عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عليهم وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح: 18)، وقَالَ سُبْحَانَهُ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِرُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُم فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح 29)، والصحابةُ أَفْضَلُ القُرُونِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ وَالسلامُ: (خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) فَهُمْ خيرُ القرونِ بِفَضْلِ صُحْبَتِهِم للنبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، فَحُبُّهُم إيمانٌ وبُغْضُهُم نِفَاقٌ، قَالَ تَعَالَى: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (الفتح: 29).
فالواجبُ على المسلمِينَ عُمُومًا حُبُّ الصحابةِ جميعًا، بِنَصِّ الآيةِ؛ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُم، ولِمَحَبَّةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأَنَّهُم جَاهَدُوا في سبيلِ اللَّهِ، ونَشَرُوا الإسلامَ في مشارقِ الأَرْضِ ومَغَارِبِهَا، وَآزَرُوا الرَّسُولَ وَآمَنُوا بهِ واتَّبَعَوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، هذهِ عقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ.
فاللَّهُ لَمَّا ذَكَرَ المهاجرينَ والْأَنْصَارَ في سورةِ الحشرِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا من اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مَّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِلَّذِينَآمَنُوا} (الحَشْر: 8 – 10) فهذا مَوْقِفُ المسلمينَ من صَحَابَةِ رسولِ اللَّهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، يَسْتَغْفِرُونَ لَهُم، وَيَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ لاَ يَجْعَلَ في قُلُوبِهِمْ بُغْضًا للصحابةِ، وكذلكَ آلُ بيتِ الرسولِ فَلَهُم حَقُّ القرابةِ وحَقُّ الإيمانِ، ومَذْهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ: مُوَالاَةُ أهلِ بيتِ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.
وأَمَّا النَّواصِبُ: فَيُوَالُونَ الصحابةَ، ويُبْغِضُونَ بيتَ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، ولذلكَ سُمُّوا بالنَّواصبِ؛ لِنَصْبِهِم العداوةَ لأهلِ بيتِ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.
والرَّوَافِضُ: على العكسِ، وَالَوْا أَهْلَ البيتِ بِزَعْمِهِم، وأَبْغَضُوا الصحابةَ، ويَلْعَنُونَهُم ويُكَفِّرُونَهُم ويَذُمُّونَهُم.
والصحابةُ يَتَفَاضَلُونَ، فَأَفْضَلُهُم الخلفاءُ الراشدونَ الأربعةُ؛ أبو بكرٍ, وعمرُ, وعثمانُ, وعَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عن
الجميعِ، الذينَ قَالَ فيهم النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (عَلَيْكُمْ ب
ِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الراشدينَ المَهْدِيِّينَ مِن بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ). ثم بَاقِي العشرةِ المُبَشَّرِينِ بالجَنَّةِ، وهم: أبو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بنُ الجَرَّاحِ، وسعدُ بنُ أبي
وَقَّاصٍ، وسعيدُ بنُ
زَيْدٍ، والزبيرُ بنُ العَوَّامِ، وطلحةُ بنُ عبيدِ اللَّهِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.

ثم أَهْلُ بَدْرٍ, ثم أَهْلُ بَيْعَةِ الرضوانِ، قَالَ تَعَالَى: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح: 18).
ثم الذينَ آمَنُوا وجَاهَدُوا قبلَ الفتحِ، فهم أفضلُ من الصحابةِ الذين آمَنُوا وجاهَدُوا بعدَ الفتحِ، قَالَ تَعَالَى: {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (الحديد: 10) والمرادُ بالفتحِ: صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ.
ثم الْمُهَاجِرُونَ عُمُومًا، ثم الْأَنْصَارُ؛ لأَنَّ اللَّهَ قَدَّمَ المهاجرينَ على الْأَنْصَارِ في القرآنِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (التوبة: 100)، وقَالَ سُبْحَانَهُ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحشر: 8) وهؤلاءِ هم الْمُهَاجِرُونَ. ُ
ثم قَالَ سُبْحَانَهُ في الْأَنْصَارِ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّاأُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9).
فَقَدَّمَ المهاجرينَ وَأَعَمَالَهُمْ على الْأَنْصَارِ وأعمالِهِمْ، مِمَّادَلَّ على أنَّ المهاجرينَ أَفْضَلُ؛ لأَنَّهُم تَرَكُوا أَوْطَانَهُم وَأَمْوَالَهُم وهَاجَرُوا في سبيلِ اللَّهِ، فَدَلَّ على صِدْقِ إِيمَانِهِم، فَجَمِيعُ الصحابةِ يَجِبُ حُبُّهُمْ وَمُوَالاَتُهُمْ، ولا نَتَدَخَّلُ فيما حَصَلَ بينَهم مِن حروبٍ، فما حَصَلَ بينَهُم من الحروبِ فَبِتَأْوِيلٍ مِنْهُمْ، فهم مُجْتَهِدُونَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُمْ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَن أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ واحدٌ، وكذلكَ عِنْدَهُم من الحسناتِ والفضائلِ العظيمةِ التي تُكَفِّرُ ما يَقَعُ من الخطأِ من بَعْضِهِمْ.
فالواجبُ على المسلمينَ التَّرَضِّي عنْهُم، وطَلَبُ العُذْرِ لَهُم، والدفاعُ عنهم، فمذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ: أَنَّهُم لا يَتَدَخَّلُونَ فيما شَجَرَ بينَ الصحابةِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم؛ لِمَا لَهُمْ مِن الفضلِ والسابقةِ؛ ولقولِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ). لِفَضْلِهِمْ، فَمَنْ تَدَخَّلَ فِيمَا حَصَلَ بَيْنَ الصحابةِ وَصَارَ في قَلْبِهِ شَيْءٌ، فهذا زِنْدِيقٌ، فأَمَّا مَن قَالَ: نَتَدَخَّلُ فيما حَصَلَ بينَ الصحابةِ مِن بابِ البحثِ، فهذا خَطَرٌ عَظِيمٌ وَلاَ يَجُوزُ، ولذلكَ لَمَّا سُئِلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ عَمَّا حَصَلَ بينَ الصحابةِ قَالَ: (أُولَئِكَ قَوْمٌ طَهَّرَ اللَّهُ أَيْدِيَنَا مِنْ دِمَائِهِمْ، فَيَجِبُ أَنْ نُطَهِّرَ أَلْسِنَتَنَا مِنْ أَعْرَاضِهِمْ).
وقَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي أَصْحَابِي؟ ) فلا نَتَدَخَّلُ فيما حَصَلَ بينَ الصحابةِ؛ لِأَنَّهُ مِن مُقْتَضَى الإيمانِ وَمِن مُقْتَضَى النصيحةِ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِعَامَّةِ المُسْلِمِينَ وَخَاصَّتِهِمْ.

(2) الإفراطُ: الغُلُوُّ، أي: لا نَغْلُو في حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، كَما غَلَت الرَّافِضَةُ فِي حُبِّ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على زَعْمِهِمْ، وَإِلاَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُم لاَ يُحِبُّونَهُ وَلاَ يُحِبُّونَ المُسْلِمِينَ عُمُومًا، فَغَلَوْا فيهِ حتى قَالَ بَعْضُهُم: إِنَّ عَلِيًّا هو اللَّهُ. وذلكَ في زَمَنِ عَلِيٍّ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ، فَخَدَّ لَهُمُ الْأَخَادِيدَ وَأَحْرَقَهُمْ بالنارِ غَيرَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فالغُلُوُّ مَمْنُوعٌ، سواءٌ في الصحابةِ أو غيرِهِم، قَالَ سُبْحَانَهُ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا في دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} (المائدة: 77)، والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ) فَنَحْنُ نُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، ولكنْ لا نَغْلُو فِيهِم حَتَّى نَجْعَلَهُمْ شُرَكَاءَ للهِ وَنَدْعُوَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، كما تَفْعَلُ الرافضةُ والقُبُورِيُّونَ، فلَيْسَ هذا حُبًّا للصحابةِ، فَحُبُّهُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ وَالاقتداءِ بِهِم والترضِّي عليهم.

(3) في هذا إشارةٌ إلى الرافضةِ الذين يَتَبَرَّؤُونَ من الصحابةِ، وخاصةً أبا بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ، بلْ يُكَفِّرُونَ كثيرًا من الصحابةِ، هذا من التفريطِ، فلا نُفَرِّطُ في حُبِّهِم؛ لأَنَّ التفريطَ هو تَرْكُ مَحَبَّتِهِم.

(4) مَن يُبْغِضُ الصحابةَ فإِنَّهُ يُبْغِضُ الدينَ؛ لأَنَّهُم هُم حَمَلَةُ الإسلامِ وَأَتْبَاعُ المُصْطَفَى عليهِ الصلاةُ والسلامُ، فَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَقَدْ أَبْغَضَ الإسلامَ؛ فهذا دليلٌ على أَنَّهُ لَيْسَ في قلوبِ هؤلاءِ إيمانٌ، وفيهِ دليلٌ على أَنَّهُم لا يُحِبُّونَ الإسلامَ.

(5) على ما سَبَقَ فلا يَجُوزُ الخَوْضُ فيما حَصَلَ بينَهم؛ بل يَجِبُ الإمساكُ عن ذلكَ وَأَنْ لا يُذْكَرُوا إِلاَّ بِخَيْرٍ.

(6) هذا أصلٌ عظيمٌ يَجِبُ على المسلمينَ مَعْرِفَتُهُ، وهو مَحَبَّةُ الصحابةِ وَتَقْدِيرُهُمْ؛ لأَنَّ ذلكَ من الإيمانِ، بُغْضُهُم أو بُغْضُ أَحَدٍ مِنْهُم من الكفرِ والنفاقِ، ولأَنَّ حُبَّهُمْ مِنْ حُبِّ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبُغْضَهُم من بُغْضِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


وقوله: ( ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم. ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ).

ش: يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على الروافض والنواصب. وقد أثنى الله تعالى على الصحابة هو ورسوله، ورضي عنهم، ووعدهم الحسنى، كما قال تعالى: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم. وقال تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً، إلى آخر السورة. وقال تعالى: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة. وقال تعالى: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض. إلى آخر السورة. وقال تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير. وقال تعالى: للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. وهذه الآيات تتضمن الثناء على المهاجرين والأنصار، وعلى الذين جاؤوا من بعدهم، يستغفرون لهم، ويسألون الله أن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، وتتضمن أن هؤلاء [ هم ] المستحقون للفيء. فمن كان في قلبه غل للذين آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيباً، بنص القرآن. وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أحداً من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه. انفرد مسلم بذكر سب خالد لعبد الرحمن، دون البخاري. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لخالد ونحوه: لا تسبوا أصحابي، يعني عبد الرحمن وأمثاله، لأن عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون، وهم الذين أسلموا من قبل الفتح وقاتلوا، وهم أهل بيعة الرضوان، [ فهم أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان ]، وهم الذين أسلموا بعد الحديبية، وبعد مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة، ومنهم خالد بن الوليد، وهؤلاء أسبق ممن تأخر إسلامهم إلى فتح مكة، وسموا الطلقاء، منهم أبو سفيان وابناه يزيد و معاوية، والمقصود أنه نهى من له صحبة آخراً أن يسب من له صحبة أولاً، لامتيازهم عنهم من الصحبة بما لا يمكن أن يشركوهم فيه، حتى لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد الحديبية، وإن كان قبل فتح مكة فكيف حال من ليس من الصحابة بحال مع الصحابة ؟ رضي الله عنهم أجمعين.
والسابقون الأولون - من المهاجرين والأنصار - هم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة. وقيل: إن السابقين الأولين من صلى إلى القبلتين، وهذا ضعيف. فإن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس بمجردة فضيلة، لأن النسخ ليس من فعلهم، ولم يدل على التفضيل به دليل شرعي، كما دل على التفضيل بالسبق إلى الإنفاق والجهاد والمبايعة التي كانت تحت الشجرة.
وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم - فهو حديث ضعيف، قال البزار: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس هو في كتب الحديث المعتمدة.
وفي صحيح مسلم عن جابر، قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إن ناساً يتناولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر و عمر ! فقالت: وما تعجبون من هذا ! انقطع عنهم العمل، فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر. وروى ابن بطة بإسناد صحيح، عن ابن عباس، أنه قال: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلمقام أحدهم ساعة يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم، خير من عمل أحدكم أربعين سنة. وفي رواية وكيع: خير من عبادة أحدكم عمره. وفي الصحيحين من حديث عمران بن حصين وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري: أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، الحديث. وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة - وقال تعالى: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة الآيات. ولقد صدق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في وصفهم، حيث قال: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئاً فهو عند الله سيء. [ وفي رواية ]: وقد رأى أصحاب محمد جميعاً أن يستخلفوا أبا بكر. وتقدم قول ابن مسعود: من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات، إلخ - عند قول الشيخ: ونتبع السنة والجماعة.
فمن أضل ممن يكون في قلبه غل على خيار المؤمنين، وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين ؟ بل قد فضلهم اليهود والنصارى بخصلة، قيل لليهود: من خير أهل ملتكم ؟ قالوا: أصحاب موسى، وقيل للنصارى: من خير أهل ملتكم ؟ قالوا: أصحاب عيسى، وقيل للرافضة: من شر أهل ملتكم ؟ قالوا: أصحاب محمد ! ! لم يستثنوا منهم إلا القليل، وفيمن سبوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة.
وقوله: ولا نفرط في حب أحد منهم - أي لا نتجاوز الحد في حب أحد منهم، كما تفعل الشيعة، فنكون من المعتدين. قال تعالى: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم.
وقوله: ولا نتبرأ [ من أحد ] منهم - كما فعلت الرافضة ! فعندهم لا ولاء إلا ببراء، أي لا يتولى أهل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ! ! وأهل السنة يوالونهم كلهم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها، بالعدل والإنصاف، لا بالهوى والتعصب. فإن ذلك كله من البغي الذي هو مجاوزة الحد، كما قال تعالى: فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم. وهذا معنى قول من قال من السلف: الشهادة بدعة، والبراءة بدعة. يروى ذلك عن جماعة من السلف، من الصحابة والتابعين، منهم: أبو سعيد الخدري، و الحسن البصري، و إبراهيم النخعي، و الضحاك، وغيرهم. ومعنى الشهادة: أن يشهد على معين من المسلمين أنه من أهل النار، أو أنه كافر، بدون العلم بما ختم الله [ له ] وقوله: وحبهم دين وإيمان وإحسان - لأنه امتثال لأمر الله فيما تقدم من النصوص. وروى الترمذي عن عبد الله بن مغفل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً [ بعدي ]، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله [ تعالى ]، [ ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه. وتسمية حب الصحابة إيماناً مشكل على الشيخ رحمه الله، لأن الحب عمل القلب، وليس هو التصديق، فيكون العمل داخلاً في مسمى الإيمان. وقد تقدم في كلامه: أن الإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان، ولم يجعل العمل داخلاً في مسمى الإيمان، وهذا هو المعروف من مذهب أهل السنة، إلا أن تكون هذه التسمية مجازاً.
وقوله: وبغضهم كفر ونفاق وطغيان - تقدم الكلام في تكفير أهل البدع، وهذا الكفر نظير الكفر المذكور في قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. وقد تقدم الكلام في ذلك.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 04:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى: ونحب أصحاب رسول الله r ولا نفرَط....

الشيخ: نُفْرِط , نُفْرِط يعني: نتجاوز الحد , أما نفرَط لا , أينعم , ولا نُفْرِط في حب أحد منهم.

القارئ:... نُفِرطُ في حب أحدٍ منهم ولا نتبرأ من أحدٍ منهم , ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم , ولا نذكرهم إلا بخبر , وحبهم دين وإيمان وإحسان , وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.

الشيخ: بارك الله فيك , الحمد لله وبعد..,
قال الطحاوي رحمه الله تعالى: "ونحب أصحاب رسول الله r ولا نُفرِطُ في حب أحدٍ منهم ولا نتبرأ من أحدٍ منهم , ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخبر , وحبهم دين وإيمان وإحسان , وبغضهم كفر ونفاق وطغيان".
هذه الجملة من المسائل العظيمة؛ لتعلقها بخير الخلق من هذه الأمة وهم صحابة رسول الله r , والكلام في الصحابة صار عقيدة في حبهم وبغض من يبغضهم؛ لقيام طوائف من أهل البدع والضلال في شأن الصحابة بما يخالف الدلائل من القرآن والسنة التي أوجبت حبهم ونصرتهم والذب عنهم y أجمعين , وذكرت عدالتهم وفضلهم وسابقتهم , فخالف في ذلك من خالف من الخوارج والصابئة والرافضة من الخوارج والناصبة , والرافضة وطوائف في شأن الصحابة جميعًا , أو في شأن بعض الصحابة.
فكان منهج أهل السنة والجماعة وعقيدتهم أن يثنى على جميع الصحابة , وأن نحب أصحاب رسول الله r جميعًا , الحب [الشرعي] الذي ليس فيه إفراط بالتجاوز عن الحد المأذون به والغلو , أو وليس فيه تفريط بذم بعضهم أو سب بعضهم , أو أن يكون ثم تبرأ من بعضهم , أو ألا تثبت العدالة لهم , فلابد في حبهم من الاعتدال , فلا غلو ولا تفريط في الحب بسلب بعض ما يجب لهم , مما يحبون فيه؛ إذ الواجب أن يُحب جميع الصحابة على مجموع أعمالهم؛ فهم خيرة هذه الأمة , وهم خير الناس بعد رسول الله r.
وفي الأصل كما هو معلوم أن هذا ليس من مسائل الاعتقاد؛ لأن مسائل الاعتقاد هو ما يجب على المرء أن يعتقده في أمور الغيب. وصارت من مسائل الاعتقاد؛ لأنها مما تميز به أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية بما خالفوا فيه الفرق الأخرى , فكان المسلمون على جماعة في اعتقادهم وفيما يقولون به , ثم خالفت الفرق المختلفة كالخوارج والرافضة والناصبة وأشباه هؤلاء في مسائل , فصار أهل السنة في هذه المسائل التي خالفت فيها أهل البدع والضلال , والفرق التي خالفت الجماعة , صار القول فيها من الاعتقاد؛ لأنهم خالفوا الفرق التي خالفت في الاعتقاد , وهذا من جنس مسائل أخرى في مسائل التعامل والحب , أو في مسائل المنهج والسلوك , وأشباه ذلك مما سبق أن مر معنا.

وقد مر معنا مثلاً مسألة المسح على الخفين , المسح على الخفين مسألة لا شك أنها مسألة من الفقه , ولا تدخل في الاعتقاد دخولاً واضحًا , لكن لما خالف فيها من خالف دخلت في مسائل الاعتقاد. وحب الصحابة رضوان الله عليهم والموقف من الصحابة وعقيدة المسلم في صحابة رسول الله r صارت عقيدة؛ لمخالفتها اعتقاد الضالين في هذا الباب.
ويمكن أن نفرع الكلام في مسائل:
أما المسألة الأولى:
الصحابة , صحابة رسول الله r هم من صحب رسول الله r بلقيه ولو ساعةً مؤمنًا به ومات على ذلك , أو يقال الصاحب , أو الصحابي: من لقي النبي r ولو ساعةً مؤمنًا به ومات على ذلك , الصحابة هم الذين صحبوا رسول الله r وهذا اللقي الذي سمعته التعريف يختلف , منهم من صحبه والتقى به مدة طويلة , ومنهم من قلّ ذلك , ومنهم من تقدم ومنهم من تأخر , وهذا يبين لك أن نوع الصحبة وقدر الصحبة يختلف فيه الناس ويختلفون فيه الصحابة , فليسوا على مرتبة واحدة كما سيأتي.
والصحابة كلهم أثنى الله جل وعلا عليهم بدون استثناء , وأثنى عليهم رسوله r فقال: جل وعلا: ] مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً [ , إلى أن قال: ] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [ , وقال جل وعلا: ] وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ [ , وكذلك قوله جل وعلا: ] لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [ , حتى سميت هذه البيعة بيعة الرضوان؛ لأن الله رضي ما عملوه , رضي بيعتهم فسميت بيعة الرضوان.
ومنها أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) , كذلك قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: ((لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) , وقال أيضاً جل وعلا: ] لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [ والآيات في فضل الصحابة بمجملهم في أنواع من الدلالات والأحاديث كثيرة جداً , وصنفت مصنفات في ذلك.
وهذه الآيات والأحاديث تفيد في شأن الصحابة أموراً:
الأول: أن الصحابي إذا مات على الإيمان فإنه موعود بالمغفرة والرضوان.
والثاني: أن الصحابة كلهم عدول بتعديل الله جل وعلا لهم , وثنائه عليهم , ومعنى العدالة هنا: أنهم عدول في دينهم وفيما يروون وينقلون من الشريعة , وأن ما حصل منهم من اجتهاد , ما حصل من بعضهم من اجتهاد فإنه لا يقدح عدالتهم ولا ينقصها لمضي ثناء الله جل وعلا عليهم مطلقاً.
الثالث: أن سب الصحابة ينافي ما دلت عليه الأدلة من الثناء عليهم , وهو منهي عنه بالنص , فلذلك أفادت هذه الآيات حرمة سب الصحابة كما سيأتي تفصيل الكلام على ذلك إن شاء الله.
الرابع: أن الآيات دلت على أن الصحابة يتفاوتون في المنزلة وفي المرتبة , وأنهم ليسوا على درجة واحدة.

المسألة الثانية:
قال الطحاوي: "ونحب أصحاب رسول الله r ولا نُفرِطُ في حب أحدٍ منهم ولا نتبرأ من أحدٍ منهم"
حب الصحابة فرض وواجب , وهو من الموالاة الواجبة للصحابة , وهذا الحب يقتضي أشياء:
الأول: قيام المودة في القلب لهم.
والثاني: الثناء عليهم في كل موضع يذكرون فيه والترضي عنهم.
والثالث: ألا يحمل أفعالهم إلا على الخير , فكلهم يريد وجه الله جل وعلا.
والرابع: أن يذب عنهم؛ لأن من مقتضى المحبة والولاية , بل من معنى المحبة والولاية النصرة , أن ينصرهم إذا ذكروا بغير الخير , أو انتقص منهم منتقص , أو شكك في صدقهم أو عدالتهم أحد , فإنه واجب أن يُنتصر لهم y.
وهذا الحب توسط فيه أهل السنة والجماعة بين طرفين , بين طرف المفرطين , وطرف المتبرئين , أما الغلاة والمفرطون في الحب فهم الذين جعلوا بعض الصحابة لهم خصائص الإلهية , كما فعل طائفة مع علي t , وكما فعل طائفة مع أبي بكر , أو غلوا بما هو دون الإلهية؛ بأن يجعلون هذا الحب يقتضي انتقاص غيرهم , فيحبوا أبا بكر وينتقصوا علياً , أو يحبوا علياً y وينتقصوا أبا بكر , فهذا إفراط وغلو.

فالوسط هو طريقة الصحابة وأهل السنة؛ فإن الحب يقتضي موالاة الجميع وألا يغلو المسلم في أي صحابي , بل يحبهم ويودهم ويذكرهم بالخير , ولا يجعل لهم شيئاً من خصائص الإله , بل أجمع أهل العلم أن من ادّعى في صحابي أنه , أن له شيئاً من خصائص الإله , أو أنه يُدعى ويُسأل كما يعتقد في علي t ونحوه , أنه كافر بالله العظيم , وهذا الغلو وقع فيه كثير في الأمة بعد ذلك , فأقيمت المزارات والمشاهد والقبور والقباب على قبور الصحابة , كقبر أبي أيوب الأنصاري في قرب اسطنبول , وكقبر أبي عبيدة بن الجراح في الأردن , وكقبر عدد من الصحابة في الحسين والحسن وعلي… إلى آخره في أمصار مختلفة.
فجعلوا قبورهم من فرط المحبة أوثاناً , يأتون فيسألون ويدعون ويستغيثون ويتقربون للصحابة , وهذا إفراط وليس هو الحب المأذون به , بل هذا حب معه الشرك المحقق إذا وصل إلى سؤال الميت ودعائه والتقرب إليه.
وفي المقابل يكون فعل طائفة ضالة أخرى , تتبرأ من الصحابة جميعاً كفعل الزنادقة , أو تتبرأ من أكثر الصحابة كفعل الرافضة والخوارج , أو تتبرأ من طائفة من الصحابة كفعل النواصب ومن شابههم , فهؤلاء تبرؤوا , ومنهم من يعتقد أنه لا حب ولا ولاء إلا ببراء , يعني لا يصلح حب صحابي ولا صحابي إلا بالتبرؤ ممن ضاده , فيجعلون في ذلك أن حب علي t والولاء لعلي والحسن والحسين يقتضي بغض أبي بكر وبغض عمر وبغض عثمان , ومن سلب هؤلاء حقهم كفعل الرافضة , عليهم من الله ما يستحقون.

لهذا كان معتقد أهل السنة والجماعة في هذا أن التبرؤ من الصحابة , واعتقاد أنه لا موالاة إلا بالبراءة أن هذا ضلال , وقد يوصل إلى الكفر , كما سيأتي في بابه , في المسألة إن شاء الله.

قال بعدها: "ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم" , وهذا من مقتضى المحبة الوسط , ودين الله وسط بين الغالي والجافي؛ فإننا من ذكرهم بخير أحببناه , ومن ذكرهم بغير الخير أبغضناه؛ لأن من مقتضى المحبة والولاية أن يُحَب من يحبهم وأن يُبْغَض من يبغضهم.

المسألة الثالثة:
أصحاب رسول الله r على مراتب يختلفون في منزلتهم , فأعظم الصحابة وأرفع الصحابة العشرة الذين بشروا بالجنة في مكان واحد , وهم الذين يشتهر عند الناس أنهم العشرة المبشرون بالجنة , والذين بشرهم النبي r بالجنة أكثر من عشرة , عددهم كثير من الصحابة , ولكن خص هؤلاء بفضلٍ؛ لأنهم بشرهم عليه الصلاة والسلام بالجنة في مكان واحد , وفي حديث واحد ساقهم عليه الصلاة والسلام: ((أبوبكر في الجنة , وعمر في الجنة , وعثمان في الجنة , وعلي في الجنة , وطلحة في الجنة , وسعد في الجنة...)) إلى آخر العشرة.
فهؤلاء هم أفضل الصحابة , وترتيبهم في الفصل كترتيبهم في الذكر؛ لأن النبي r رتبهم كترتيبهم في الفضل , فأبو بكر أفضل ويليه عمر ثم يليه عثمان ثم يليه علي... إلى آخره , يلي هؤلاء المهاجرون , أعني: جنس المهاجرين الذين أسلموا في مكة وتقدم إسلامهم , وصبروا مع رسول الله r , وصابروا , حتى هاجروا , ثم الذين شهدوا بدراً من المهاجرين والأنصار فهم يلونهم في الفضل , ثم جنس الأنصار الذين سبقوا وأثنى الله عليهم بقوله: ] وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ [ والمراد بالسبق هنا السبق إلى الإيمان به عليه الصلاة والسلام وتصديق رسالته والجهاد معه , فهذا هو السبق الذي له الفضل العظيم.
ثم بعد ذلك يليهم من أسلم قبل الفتح , ويقصد بالفتح هنا الصلح , صلح الحديبية أو فتح مكة وهو الذي جاء فيه قول الله جل وعلا ] لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [ , فالذي أسلم وآمن وأنفق وجاهد من قبل الصلح , صلح الحديبية أو من قبل فتح مكة فإنه أفضل ممن بعده.
ولذلك يقال لكثير من الصحابة: مُسلِمة الفتح , يعني الذين أسلموا بعد فتح مكة , وهؤلاء وهم الفئة الأخيرة من أسلم من بعد الفتح إلى عام الوفود , ثم بعد ذلك دخل الناس في دين الله أفواجاً , يعني السنة التاسعة والعاشرة , حتى حج النبي عليه الصلاة والسلام , هؤلاء هم أقل الصحابة منزلة , وهذا الترتيب لما دلت عليه الأدلة من التفضيل.

المسألة الرابعة.. بل قبلها تضيفون على التفضيل السابق , الأقسام , أن المراد بهذا التفضيل الجنس , يعني جنس هذه الطائفة على جنس هذه الطائفة , يعني التفضيل في الظاهر باعتبار الجنس , فقد يكون في بعض الطبقات من هو أفضل ممن قبله , وهذا من حيث التنظير , لا من حيث التطبيق؛ لأننا لا نعلم دليلاً يدل على أن فلاناً من المتأخرين أفضل من فلان من المتقدمين , أو أن فلاناً من الأنصار أفضل من فلان من المهاجرين , لكنه من حيث الجنس فضل ما فضلته الأدلة وما دلت الأدلة على تفضيله جنسا , لكن حديث النبي عليه الصلاة والسلام في المفاضلة بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد ظاهر , وعبد الرحمن بن عوف من العشرة المبشرين بالجنة فهؤلاء هم أفضل الصحابة , هؤلاء فضلهم بأعيانهم ظاهر.

وأهل بدر أيضاً قد يدخلون في أن فضلهم بأعيانهم , لكن الكلام على الجنس مع الجنس , ولما وقع خالد في مسبة عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا تسبوا أصحابي…)) إلى آخر الحديث , فخص المتقدم باسم الصحبة , فكأن الذي أسلم من بعد الفتح وقاتل لقصر إسلامه وقصر صحبته للنبي r وقلة نصرته بالنسبة إلى من قبله , كأنه صار تحقيق اسم الصحبة عليه ليس كتحقيق من قبله؛ بل هذا هو الواقع.
ولهذا خص النبي r السابقين باسم الأصحاب دون غيرهم , مع اشتراك من أسلم بعد ذلك في اسم الأصحاب , ولكن لأجل طول الصحبة صار عبد الرحمن بن عوف صحابيا وسلب الاسم عن خالد بن الوليد؛ لأجل هذه الحيثية , وإلا فالكل صاحب للنبي عليه الصلاة والسلام , وهذا [فيه تخصيص بالاسم؛ لأجل] مزيد الفضل وتحقق الصفة اللازمة في مقتضى الصحبة.

الرابعة , المسألة الرابعة:
الصحابة رضوان الله عليهم بشر يصيبون ويخطئون , ويجتهدون فيما يجتهدون فيه , وربما وافق بعضهم الصواب , وربما لم يوافق الصواب , لهذا الواجب على المؤمن من مقتضى المحبة والنصرة , أن يحمل جميع أعمال الصحابة على إرادة الخير والدين وحب الله جل وعلا وحب رسوله r , وأن ما اجتهدوا فيه إما أن يكون لهم فيه الأجران إذ أصابوا , وإما أن يكون لهم فيه الأجر الواحد إذا أخطؤوا , وكل عملٍ لهم مما اجتهدوا فيه حتى القتال , فإنه معفوٌ عنهم فيه؛ لأنهم مجتهدون , فلا نحمل أحداً من الصحابة على إرادة الدنيا المحضة , وإنما يعني فيما اجتهدوا فيه مثل القتال وإنما نحملهم على أنهم أرادوا الحق واجتهدوا فيه , فمن مصيب ومن مخطئ.

ولهذا كان الصحابة وهم يتقاتلون يحب بعضهم بعضاً , ولا يتباغضون كما أبغض طائفة منهم من جاء بعد ذلك من أهل البدع , فلم يكن أحدهم يذم الآخر ذماً يقدح في دينه أو يقدح في عدالته , وإنما بين من يصوب نفسه ويُخطئ غيره , وبين من يعتزل أو يثني على الجميع وأشباه ذلك.

وهذا هو الواجب , في أننا نحمل أفعالهم على الحق والهدى , وإن كان بعضهم يكون أصوب من بعض , أو بعضهم يكون مصيباً والآخر مخطئاً. وما جرى من الصحابة من الشجار فيما اجتهدوا فيه والقتال , أو ما اجتهد فيه الصحابة في المسائل العملية في علاقته مع بعض الصحابة الآخرين - فهذا لا يبحث فيه , وإنما يذكرون بالخير , ونعتمد على الأصل الأصيل , وهو أن الله جل وعلا أثنى عليهم , وخاصة أهل بيعة الرضوان الذين أنزل الله جل وعلا فيهم قوله: ] لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [ , وكانوا إذ ذاك ما بين ألفٍ وأربعمائة , وألف وخمسمائة , قد رضي الله عنهم وأرضاهم.

المسألة الخامسة:
سبُّ الصحابة تبرؤ منهم , وإذا سب بعضاً فهو تبرؤ منهم , تبرؤ ممن سب , أو بعض تبرئٍ ممن سب؛ لأن حقيقة السب عدم الرضا عمن سب وكره ما فعل , وإلا فإن الراضي يحمد ويثني , والمبغض هو الذي يسب ويتبرأ , لهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن سب الصحابة , فقال: ((لا تسبوا أصحابي)) , وهذا يقتضي التحريم , فكل سبٍّ للصحابة محرم , وأكد ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله: ((من سب أصحابي فقد آذاني)) وأذيته عليه الصلاة والسلام محرمة وكبيرة , وكذلك إيذاء الصحابة فقد قال جل وعلا: ] وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً [ وإيذاء الصحابي احتمال للإثم المبين , وهذا دخول في المحرمات الشديدة.

ومعنى السب: أن يشتم بلعنٍ أو يتنقص أو يطعن في عدالتهم , أو في دينهم أو أن يتنقصهم بنوعٍ من أنواع التنقص عما وصفهم الله جل وعلا به , وهذا يختلف بأنواعه , قد يشتم بعض الصحابة هذا سب , قد يتنقص من جهة دينية , وقد يتنقص من جهة دنيوية أو لا تنقص من عدالته , مثلاً الجهة الدينية أن يقول: إنه لم يكن مؤمناً مصدقاً , كان فيه نفاق , أو أن يقول عن الصحابة: كان فيهم قلة علم , أو بعضهم فيه قلة ديانة , أو كان فيهم شره على المال , أو حب للمناصب , أو كان في بعضهم رغبة في النساء , جاهدوا لأجل النساء , أكثروا من النساء تلذذاً في الدنيا , هم طلاب دنيا , إما في وصفهم جميعاً أو في وصف بعضهم.
هذه أمثلة لأنواع السب والقدح , الذي قد يرجع إلى قدح في دينهم , وقد يرجع إلى تنقص لهم في عدالتهم وما أشبه ذلك.
لم يكن مؤمناً مصدقاً، كان فيه نفاق، أو أن يقول عن الصحابة: كان فيهم قلة علم، أو بعضهم فيه قلة ديانة، أو كان فيهم شره على المال، أو حب للمناصب، أو كان في بعضهم رغبة في النساء، جاهدوا لأجل النساء، أكثروا من النساء تلذذاً في الدنيا، هم طلاب دنيا, إما في وصفهم جميعاً, أو في وصف بعضهم.
هذه أمثلة لأنواع السب والقدح، الذي قد يرجع إلى قدح في دينهم, وقد يرجع إلى تنقص لهم في عدالتهم وما أشبه ذلك.

وسب الصحابة –رضوان الله عليهم- كما أنه محرم، قد اختلف العلماء فيه، هل يكون كفراً، أم لا يصل إلى الكفر؟ وكما ذكرت لك فإن السب مورده البغض؛ لأنه إذا أبغض مطلقاً أو أبغض في جزئية؛ فإنه يسب، فإن السب مورده البغض, ينشأ البغض والكراهة، ثم ينطلق اللسان –والعياذ بالله-بالسب , لهذا الطحاوي هنا قال في آخر الكلام: " وبغضهم كفر, ونفاق, وطغيان ".
ويقصد بالكفر هنا الكفر الأصغر، ليس الكفر الأكبر, أو ما يشمل, وهو الذي حمله عليه شارح الطحاوية، أو ما يشمل القسمين , قد يكون كفر أكبر, أو قد يكون أصغر، والنفاق قد يكون نفاقاً أكبر , وقد يكون نفاقاً أصغر بحسب الحال، ويأتي تفصيل الكلام في ذلك.
والإمام أحمد –رحمه الله تعالى- وعلماء السلف لهم في تكفير من سب الصحابة روايتان:

الرواية الأولى:
يكفر, وسبب تكفيره أن سبه طعن في دينه وفي عدالة الصحابي، وهذا رد لثناء الله –جل وعلا- عليهم في القرآن، فرجع إذن تكفير الساب إلى أنه رد ثناء الله –جل وعلا- عليه في القرآن , والثناء من النبي r عليهم في السنة.

والرواية الثانية:
أنه لا يكفر الكفر الأكبر؛ وذلك لأن مسبة من سب الصحابة من الفرق دخله التأويل , ودخله أمر الدنيا والاعتقادات المختلفة , والقول الأول هو المنقول عن السلف بكثرة؛ فإن جمعاً من السلف من الأئمة نصوا على أن من سب وشتم أبا بكر وعمر فهو كافر، وعلى أن من شتم الصحابة وسبهم فهو زنديق , بل قيل للإمام أحمد - كما في رواية أبي طالب وغيره- قيل: لفلان يشتم عثمان , قال: ذاك زنديق. وأشباه هذا.
وهذا هو الأكثر عن السلف؛ لأن شتم الصاحب تكذيب للثناء، أو رد للثناء , سواء كان شتمه لأجل تأويل عقدي، أو لأجل دنيا , وقد فصل في بحث السب ابن تيمية في آخر كتابه: "الصارم المسلول على شاتم الرسول". وذكر الروايات والأقوال في ذلك، ثم عقد فصلاً في تفصيل القول في الساب، وما فصل به حسن , وما يدور كلامه عليه –رحمه الله وأجزل له المثوبة - أنه يرجع السب إلى أحوال؛ فتارة يكون كفراً أكبر , وتارة يكون محرماً ونفاقاً، ولا يتفق الحال، يعني: ليس السب على حال واحد.
فيكون للساب مراتب أو أحوال:

الحال الأولى:
أن يسب جميع الصحابة بدون استثناء , ولا يتولى أحداً منهم، وهذا كفر بالإجماع، يسب جميع الصحابة , هذا فعل الزنادقة , والماديين , والملاحدة الذين يقدحون في كل الصحابة، يقولون: (غير مسموع) هؤلاء الصحابة جميعاً , لا يفهمون، هؤلاء طلاب دنيا , بدون تفصيل كل الصحابة ولا يستثني أحداً، فمن سب جميع الصحابة أو تنقص جميع الصحابة بدون استثناء تقول له: تستثني أحداً؟ فلا يستثني أحداً، فلا شك أن هذه زندقة , ولا تصدر من قلب يحب الله –جل وعلا- ويحب رسوله , ويحب الكتاب والسنة ,ومن نقل السنة وجاهد في الله حق الجهاد.

الحالة الثانية:
أن يسب أكثر الصحابة تغيظاً من فعلهم، كالغيظ الذي أصاب من عدّ نفسه من الشيعة , وهو من الرافضة، أو نحوهم ممن سبوا أكثر الصحابة الذين خالفوا –كما يزعمون- خالفوا علياً , أو لم ينتصروا لعلي , وأثبتوا الولاية لأبي بكر , وعمر , ثم عثمان، وأشباه ذلك.
فيسبونهم تغيظاً وحنقاً عليهم واعتقاداً فيهم، فهؤلاء أكثر السلف على تكفيرهم , ونص الإمام مالك على أن من سب طائفة من الصحابة تغيظاً - يعني: غيظاً من موقفهم في الدين–فإنهم كفار , لقول الله جل وعلا في آية سورة الفتح: ] ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [. فالذي يكون في قلبه غيظ ويغتاظ من الصحابة ألحقه الله –جل وعلا- بالكفار، واستدل بها مالك –رحمه الله تعالى- إمام دار الهجرة على أن من سبهم أو سب طائفة منهم تغيظاً؛ فهو كافر , وهذا صحيح ظاهر.

الثالثة:
أن يسب بعض الصحابة لا تغيظاً، ولكن لأجل عدم ظهور حسن أفعالهم، مثلاً يقول: هؤلاء بعض الصحابة فيهم قلة علم، أو فيهم جشع، أو هذا ما يفهم، أو فيه حب للدنيا، أو نحو ذلك. فهذا ليس بكفر , وإنما هذا محرم؛ لأنه مسبة وهو مخالف لمقتضى الولاية، وهذا هو الذي يحمل عليه كلام من قال من السلف: إن ساب الصحابة، أو من سب بعض الصحابة لا يكفر.
فيحمل على أن نوع السب هو أنه انتقص في مالا يظهر له وجهه ,إما في –مثلما ذكرت- ضعف نقص علم , أوفي رغبة في دنيا، أو نحو ذلك، ولا يعمم , وإنما قد يتناول واحد أو اثنين أو أكثر بمثل هذا , وهذه المسائل كونه يقل علمه أو يقول: يحب الدنيا. هذا ليس طعناً في عدالته؛ لأن قلة العلم ليست طعناً في العدالة، وحب الدنيا بما لا يؤثر على الدين ليس طعناً في العدالة، العدالة يعني: الثقة , والدين , والأمانة , وإنما هذا انتقاص وتجرؤ عليهم بما لا يجوز فعله , ويخالف مقتضى المحبة، هذا هو الذي يصدق عليه أنه لا يدخل في الكفر , فهو محرم؛ لأنه ليس فيه رد لقول الله جل وعلا، ولكن فيه سوء أدب وانتقاص ودخول في المسبة.
والواجب في أمثال هؤلاء أن يعزروا , وذلك لدرء شرهم، والمحافظة على مقتضى الثناء من الله –جل وعلا- على صحابة نبيه عليه الصلاة و السلام.

الحالة الرابعة:
أن ينتقص الصحابي، أو أن يسبه لاعتقادٍ يعتقده , في أن فعله الذي فعل ليس بصواب , وهذا في مثل ما وقع في مقتل عثمان , وفعل علي t، وفعل معاوية ونحو ذلك، فقد يأتي وينتقص البعض لعدم؛ لأنه يرى أنه في هذا الموقف بذاته أنه كان يجب , عليه أن يفعل كذا، لماذا لم يفعل كذا؟! وهذا يدل على أنه فعل كذا , وهذا أيضاً هو أخص من الذي قبله؛ لأنه متعلق بفردٍ وبحالة , وهذا محرم أيضاً , وهل يُعزر في مثل هذه الحال؟! أو لا يغزر؟! هذا فيه اختلاف.

ولا شك أن قوله وفعله فيما فعل دخول في المسبة والانتقاص، وهذا محرم ,ودون الدخول في رد ثناء الله جل وعلا , أو في انتقاص عام، إنما هذا يجب في شأنه يجب في حقه التوبة إلى الله جل وعلاوالإنكار عليه، وهل يعزر أو لا؟ اختلف العلماء في مقتضى التعزير.
التعزير المقصود به: التعزير بالجلد , أو بالقتل، أما التعزير بالقول فهذا والرد عليه وانتقاصه هذا واجب.

الخامسة والأخيرة:
ربما تشتبه علي لكن تراجعونها أنتم نتركها راجعوها أنتم.

المسألة التي بعدها السادسة:
قوله –رحمه الله- قول الطحاوي: "وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان". حب الصحابة دين؛ لأن الله –جل وعلا- أثنى عليهم، وتصديق خبر الله –جل وعلا- وانعقاد الولاية لا شك أن هذا دين، بل من أعظم الدين، والصحابة اجتمع في حقهم ذلك , اجتمع في حقهم نوعان:

الأول:
أن الله عقد الولاية بين المؤمنين فقال: ] وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [ ومعنى الولاية: المحبة والنصرة, وأعظم المؤمنين إيماناً هم صحابة رسول الله r ,فلهم من الولاية والمحبة والنصرة أعلاها، كذلك قال الله –جل وعلا-:] وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [. فأثنى على هؤلاء؛ لأجل اتصافهم بالدين , ولا شك أن حب الصحابة من هذه الجهة دين.



الناحية الثانية أو الجهة الثانية:
أن تصديق خبر الله –جل وعلا- فيما أثنى الله به عليهم في آيات كثيرة، سواءٌ ما أثنى به على المهاجرين والأنصاركجنس , أو ما أثنى به على أهل بيعة الرضوان، أو ما أثنى به على السابقين، أو ما أثنى به على جميع من مع النبي عليه الصلاة و السلام:] مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [ هذا يشمل الجميع ] وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [ هؤلاء حبهم لثناء الله –جل وعلا- وتصديق خبر الله.
هذا لا شك أنه دين , وقال الله –جل وعلا- في آخر سورة الفتح: ] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [. وحرف الجر هنا "منهم" مِنْ هذه أهل السنة والجماعة، بل أهل السنة الذين يخالفون الرافضة , والخوارج يجعلون مِن هنا بيانية لبيان الجنس , والآخرون من الرافضة يجعلونها تبعيضية، وهي لبيان الجنس،أي: وعد الله الذين آمنوا وعلموا الصالحات، لو لم يقل: "منهم" لصارت تشمل كل مؤمن عمل الصالحات , وهذا يدخل فيه أجناس التابعين , وتابع التابعين, ومن وليهم إلى يوم القيامة, فأراد تخصيص جنس الصحابة بهذا الفضل , وهو الوعد بالمغفرة والأجر العظيم، فقال: ] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ [ ليس على الإطلاق منهم , يعني: من الصحابة من الذين مع محمد ] مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [ وليس مِنْ ههنا تبعيضية؛ لأنها لا تنطبق عليها شروط التبعيض في هذا الموطن، وإنما فسرها بأنها تبعيضية الرافضة ومن شابههم , وهو الموجود في تفاسيرهم , يريدون أن يكون هذا الوعد لبعض الصحابة لا لكل الصحابة.

و((مِن)) هنا لبيان الجنس , وليست للتبعيض , كقولك: الكتاب –مثلاً- من ورق. يعني: هذا لبيان جنسه , أو ما شابه ذلك , أما التبعيض فهذا لا يكون في الوصف، يكون أن...فيكون الثاني بعض الأول، وهنا جاء وعداً , وصفًا.
فقال: ] وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ [. فلا يكون التبعيض في مثل هذا السياق , ولهذا كان عامة بل كان كل مفسري السلف والأئمة على أن ((من)) هنا لبيان الجنس لاتفاق آخر الآية مع أول الآية.

الثانية:
أن حبهم إيمان؛ لأنه واجب أوجبه الله جل وعلا , وما أوجبه الله –جل وعلا- فهو من شعب الإيمان، فحب الصحابة إيمان , والنبي r نص في بعض الصحابة على أنه إيمان بقوله: ((آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار)). ثم قال: وإحسان؛ لأنه يدل على أن المحب لهم محسن في دينه , وأتى بما يجب عليه , وما يتقرب به إلى ربه من أنواع إحسانه وصدقه في دينه.
أما البغض فقال: " بغضهم كفر ونفاق وطغيان ". طبعاً حبهم دين وإيمان وإحسان، كل هذه تتبعض , ليست شيئاً واحداً، فالناس في حب الصحابة يختلفون , وأجرهم على قدر كثرة محبتهم , ونصرتهم , وفقههم لفضائلهم، كذلك قال: " وبغضهم كفر ونفاق وطغيان ". والبغض بغض الصحابة كفر، فإذا كان البغض للدين أو للغيظ كما فصلنا، فيكون الكفر هنا كفراً أكبر.
وإذا كان البغض لأجل الدنيا كما قد تتناول النفوس الكراهة والبغض لأجل الدنيا، فهذا كفر أصغر , ولا يصل إلى الكفر الأكبر، ولهذا قال النبي عليه الصلاة و السلام: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم أعناق بعض)). وكون بعض الصحابة قاتل بعضا آخر , هذا فيه دخول في خصال الكفار، لهذا قال: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً)). ولا شك أنه قد يكون الباعث على ذلك البغض والكره؛ لأن القتال يكون معه ما في النفس، لكن مع تقاتل الصحابة؛ فإن بعضهم لم يسب بعضاً، يعني: بلسانه , والنفس قد يوجد فيها ما لم يسلم منه البشر.

فإذن الكفر هنا قد يكون كفراً أصغر , وقد يكون كفراً أكبر - بحسب نوع البغض- ونفاق؛ لأن آية النفاق أن بغض من نقل هذا الدين , وحفظ الإسلام في الناس , وجاهد في الله حق الجهاد , وهم صحابة رسول الله r، ,والمنافقون في عهده عليه الصلاة و السلام كانوا يبغضون الصحابة , ويتولون الكفار , ووصفهم الله –جل وعلا- في ذلك بقوله: ] الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ [.

والنفاق هنا قد يكون نفاق أكبر اعتقادي بحسب حال البغض , وقد يكون نفاق عملي - بحسب نوع السب- وعدم , أو نوع البغض , وعدم المحبة , وطغيان يعني: أن بغضهم طغيان , طغى فيه صاحبه , وجاوز الأمر , فالله –جل وعلا- أمر بحبهم , أو أمر بموالاتهم , وهذا معناه: أنه أمر بحبهم , وأثنى على من ترضى عنهم واستغفر لهم ولم يكن في قلبه غلٌ لهم، وهذا معناه: أن الذي خالف ذلك فهو قد طغى , وتجاوز الحد في ذلك.

المسألة الأخيرةوهي السابعة:
العلماء صنفوا في الصحابة مصنفات , في بيان ما يجب لهم , وفي الثناء عليهم , وذكر أخبارهم وسيرتهم، ولا شك أن الدفاع عن الصحابة والتأليف في ذلك من الجهاد، خاصة في الأزمنة التي يكثر فيها أو يوجد فيها من يقدح في الصحابة , أو في بعضهم؛ فإن من مقتضى الولاية أن ينصر الصحابة بالتآليف , وبالرد وبالذب عنهم، وببغض من يبغضهم , وهذا يقتضي أن من الجهاد في سبيل الله ومن المحافظة على الدين أن ينال , وأن يرد , وأن يجاهد ممن يقدح في الصحابة، أو يطعن في عدالتهم , أو يشكك في صدق بعضهم وفي حفظه ونحو ذلك.
وهذا هو الذي صنعه أئمة الحديث؛ فإنهم –رحمهم الله تعالى- لم يصنفوا المصنفات لحب التصنيف في الغالب، ولكن لأجل نصرة الدين , وإفراد ما أوجب الله -جل وعلا- البيان فيه.
التأليف في الصحابة إما التآليف المستقلة , أو فيما في كتب أهل الحديث "مناقب الصحابة"، "مناقب المهاجرين"، "مناقب أبي بكر"، "مناقب عمر"… إلى آخره، كما في كتاب "المناقب" في البخاري، أو كتاب "فضائل الصحابة" في مسلم، أو غير ذلك كما هو معروف، فهذا من الجهاد في سبيل الله , ومن البيان للأمة.

فالذي ينبغي لطلاب العلم خاصة في هذا الزمن أن ينتبهوا لهذه الأصول , وأن يعلموا ما فيها , وأن تكون عدتهم دائمة في بحث.. في هذا البحث للجهاد , إذا جاء ما يستوجبه في المواطن التي تنتقص فيها مكانة الصحابة من المبغضين لهم، أو لبعضهم قبحهم الله , نكتفي بهذا القدر , نجيب عن سؤالين.

سؤال: يقول: ذكرتم أن مسائل الصحابة ليست في الأصل من مسائل الاعتقاد، ولحديث: ((حب الأنصار إيمان، وبغضهم نفاق)). وهل ثم فرق بين كونه من الإيمان وكونه من مسائل الاعتقاد؟
جـواب: نعم الإيمان شعبه كثيرة:((الإيمان بضع وستون شعبة، أو بضع وسبعون شعبة)). فمنها ما يدخل في مسائل الاعتقاد، ومنها ما لا يدخل ,فأصل حب الصحابة هو حب موالاة، وهذه ليست من العقيدة؛ لأن أصل العقيدة ما يتعلق بمسائل الغيب، ثم دخل فيها ما يتميز به أهل السنة والجماعة عن غيرهم.
فأصل العقيدة (اللي) يدخل في أركان الإيمان الستة، الاعتقاد في الله ربوبيته , ألوهيته , الأسماء والصفات، في الملائكة , في الكتب , في الرسل ,اليوم الآخر , القدر، هذه هي العقيدة , مسائل الإيمان في نفسها , أما المسائل الأخرى الملحقة هذه لأجل المخالفة , وصارت من العقيدة، كونها من الإيمان هذا حق , الإيمان ليست كل مسائله مسائل اعتقاد.

سؤال: أراني أجد في نفسي شيئًا على معاوية -t- من حيث موقفه، لا سيما ورسول الله r , يقول لعمار: ((تقتلك الفئة الباغية)). فهل عليّ في هذا إثم؟ مع العلم أني لا أتكلم بذلك ولا أتحدث به؟
جـواب: نعم عليك إثم في ذلك , إذا كان العلم سهلاً عليك أن تتحصل عليه , وأن تجلو هذه الشبهة وتبقى , وأنت لا تجلو هذه الشبهة عندك , كون الشيء يكون في نفس الإنسان وليس عنده وسيلة لكشفه , ولا وسيلة لتعلم ما يدفع عنه هذه الشبهة , وتسويل الشيطان هذا قد يعذر معه، لكن إذا كان العلم قريبًا , والكتب موجودة , وأهل العلم الذين يكشفون الشبهة موجودون؛ فهذا.. يأثم الإنسان بالتقصير , ويأثم على بقاء هذا الشيء في نفسه , ومعاوية -t- فيما فعل أداءً لواجب شرعي يراه , هو أنه متقدم على مسألة البيعة، وهو أن دم عثمان سفك -t- وهو وليه، هو ولي الدم هو ذو القرابة من عثمان، وولي الدم لابد أن يُسَلم من قتل؛ تحقيقًا لقول الله –جل وعلا-: ] وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً [.
وكذلك يعني: الآيات التي فيها القصاص وأن الولي ] فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ.. [ إلى آخره. فمعاوية -t- أراد أخذ الحق الذي جعله الله له، والانتصار من قتلة عثمان , وسفك دم عثمان , لا شك أن دم عثمان إذ ذاك هو أطهر دمٍ لإنسان سفك، فالانتصار لعثمان -t- واجب، وعلي -t- أخر بحث دم عثمان حتى لا تذهب بيضة الإسلام، وبيضة أهل الإسلام لأن هؤلاء الخوارج الذين جاءوا أرادوا الفتنة العظيمة، فأراد أن يستقر الأمر ثم يسلم القتلة لمعاوية، لكنه لم يفهم هذا، يعني اختلف الاجتهاد فلم يفهم هذا مع سعي الخوارج في الإعلام الفاسد، سعوا في التفريق ما بين هؤلاء ينقلون لهؤلاء أخبار، لمعاوية أخبار عن علي، ولعلي أخبار عن معاوية، وفي الحقيقة الصحابة كلهم هدفهم واحد في ذلك وهو حفظ بيضة الإسلام والانتصار من قتلة عثمان. لكن حصل ما حصل، فمعاوية -t- مجتهد يريد أن يأخذ بحقه الشرعي، لكن الصواب مع علي؛ لأن بيعة علي واستقامة أمر الناس في الخلافة وعدم حصول القتال، هذا هو الواجب والحق مع علي في ذلك، ومعاوية -t- مجتهد مأجور على اجتهاده، ولكنه مخطئ فيما اجتهد فيه في ذلك، ولكن هو مأجور والواجب، والإنسان لا يبغض من اجتهد، أو يجد في نفسه شيئًا على من اجتهد في الحق وإن كان أخطأ، فإنه إذا اجتهد في الحق وتحراه؛ فإن هذا هو الذي يجب عليه ومعاوية -t- به استقام المسلمون وحفظت البيضة بعد علي -t-، فالناس في زمن علي كانوا متفرقين ولم يستقم الأمر لعلي في الخلافة ولم يجتمع الناس عليه، ثم لما حصل تنازل الحسن بن علي بالولاية لمعاوية -y- أجمعين، وحصل هذا الاجتماع العظيم في سنة إحدى وأربعين في العام الذي سمي عام الجماعة، لعام اجتماع الناس حصل غيظ العدو، حتى الخوارج هربوا بعد أن كانت لهم الصولة وكانوا يفرقون، وسفكت من دماء الصحابة ودماء التابعين ما سفك، لكنهم لما اجتمع الناس كان أول من اندحر هؤلاء الخوارج أخزاهم الله. فمعاوية -t- له من الفضائل ماله هوكانت الوحي للنبي عليه الصلاة و السلام وهو من الصحابة الذين كانت لهم مواقف عظيمة في الجهاد، وجهاد الروم وجهاد الأعداء كما هو معلوم، وولي الشام وكان في سيرته في عهد عثمان كان طيب السيرة، والاجتهاد في المال أو اجتهاد في بعض الأمور، هذا إنما لا يمشي على وفق منهج الخوارج، أما الصحابة فكانوا يرون فيما اجتهد فيه أنه ما بين مصيب وما بين مخطئ، والمخطئ لا يعاب على ما اجتهد فيه إذا لم يكن مخالفًا للأصول. ومعاوية -t- مكانته وحبه من الإيمان، ولا يجوز لمسلم أن يُبقى في نفسه شيئًا على صحابي من صحابة رسول الله r.

س: هل يفرق بين سب الصحابة بعضهم لبعض وسب غيرهم لهم؟
جـ: ما سب صحابي صحابيًا مطلقًا، وإنما قد يتسابون يعني مثلما يحصل بين البشر، يترادون في موقف، لكن لا يسبه مطلقًا أو يذم الصحابي مطلقًا، لكن يكون بينهم تراد في مجلس لأجل ما يحصل بين البشر مقاتلة، يحصل بينهم مؤقتة، لكن سب الساب المطلق وانتقاص قدر فلان من الصحابة مطلقًا، هذا لم يحصل عند الصحابة.

س: ما حكم تقديم بعض الصحابة على البعض، مثل تقديم علي على أبي بكر وعمر وعثمان؟
جـ: الصحابة أفضلهم كما ذكرت لكم العشرة، وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الذكر، ومعتقد أهل السنة والجماعة والذي دلت عليه النصوص ولا يجوز خلافه، أن افضل هذه الأمة أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، هؤلاء هم أفضل الصحابة وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الذكر وكترتيبهم في الخلاف. أما تقديم علي على أبي بكر وعمر فكما قال السختياني: من فضل عليًا على أبي بكر وعمر فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. كيف يكون أفضل ويقدمون غيره عليه؟ معناه أنهم خونة كما يدعي الرافضة، أو أن لهم كذا وكذا. والصحابة من المهاجرين والأنصار قدموا من هو الأفضل لهم في دينهم وفي أيضًا في الولاية، تقديم علي على جملة الثلاثة هذا صنيع الرافضة.

س: ما المقصود بالفطرة الواردة في الآيات والأحاديث؟
جـ: الفطرة المقصود بها التوحيد. و في تفصيلها بحث آخر.
نكتفي بهذا، وفقكم الله لما فيه رضاه، وبارك فيكم.


بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذه بعض الأسئلة.
سؤال: هل المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل المجزئ من الجنابة؟
جـواب: المضمضة والاستنشاق في الصحيح أنها واجبة في كل طهارة سواء كانت الطهارة الصغرى، أو كانت الطهارة الكبرى، وسواء أكانت طهارة مستحبة، أم كانت طهارة واجبة. مثل الغسل يجب على الصحيح المضمضة والاستنشاق.

سؤال: وهل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر؟ ولو رفع هل لابد من المضمضة والاستنشاق؟
جـواب:يعني التعبير غير صحيح، السؤال هل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر؟ يعني يقصد هل يجزئ؟ كيف، هل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر؟ ما أدري وأيش يعني هل يرفع غسل الجمعة الحدث الأصغر؟لكن نعم.
ـ أحد الجالسين: (كلام غير مسموع)
الشيخ: ثم أحدث
ـ أحد الجالسين: (كلام غير مسموع)
الشيخ: ما هو يرفع إذن يعني: إن الغسل المستحب غسل الجمعة, يعني إنه الغسل المستحب، غسل الجمعة المستحب الذي لا يكون واجبًا، يعني عن حدثٍ أكبر، إذا اغتسل هل يكفي عن الوضوء؟ هذا السؤال طبعًا الذي يجزئ عن الوضوء هو الغسل الواجب؛ لأن الحدث الأكبر يرفعه الغسل، والغسل يرفع الحدث الأكبر ويرفع أيضًا الحدث الأصغر معه بالنية، والنبي عليه الصلاة و السلام كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيتوضأ ثم يفيض الماء على رأسه وبدنه، دل هذا على أن غسل الجنابة يرفع الحدث الأكبر والأصغر. وغسل الجمعة تارة يكون عن حدثٍ أكبر وتارةً يكون لاعن حدث، وإنما هو لأجل غسل الجمعة المتأكد ولم يكن معه حدث أكبر، وهذا الغسل لابد بعده من الوضوء، أو قبله ولم يحدث، يعني أنه أراد أن يغتسل للجمعة ما يكفي الغسل عن الوضوء. لابد أن يتوضأ وهكذا في كل غسل مستحب، أو في كل غسل تنظف أو تبرد، فلابد في الوضوء من الترتيب والموالاة ولابد من النية فيه. فإذن الغسل إذا كان غسلاً واجبًا بالنسبة للرجل عن جنابة، بالنسبة للمرأة عن حيض، أو نفاس فإن حينئذ يدخل الحدث الأصغر في الأكبر، وإذا رفع الحدث الأكبر بالغسل الواجب أجزأ عن الحدث، أجزأ عن الوضوء بالنية. أما إذا كان غسلاً مستحبًا، أو كان غسل الجمعة ولم يكن هو محدث حدث أكبر، فإنه لا يكفي عن الوضوء، بل لابد من الوضوء وغسل الجمعة اختلف العلماء فيه هل هو واجب أم مستحب؟ والصحيح فيه أنه سنة مؤكدة، وأنه ليس بواجب والأحاديث التي فيها لفظ الوجوب وحق ونحو ذلك، لا تدل على الوجوب الذي يأثم من تركه، لأدلة معروفة في بابه.

س: هل يجوز للمرأة أن تلبس القصير والعاري أمام زوجها؟ خصوصًا وأن مثل هذه الألبسة مما تحبب الزوج لزوجته؟
جـ: المرأة بالنسبة لزوجها يجوز لها أن تلبس ما شاءت وما شاء زوجها، والنبي عليه الصلاة و السلام صح عنه أنه قال: ((احفظ عورتك إلا عن زوجك أو ما ملكت يمينك)). الرجل أيضًا يلبس ما شاء أمام زوجته، ولكن لا، أو يكره ولا يستحب أن يكونوا عراةً؛ لأن ذلك من قبيل الحياء والله أحق أن يستحيا منه، لكن من قبيل الألبسة التي تحبب المرأة إلى زوجها، أو تحبب الزوج إلى زوجه –يعني إلى زوجته-، هذا لا بأس به. وابن عباس –رضي الله عنهما- كان يقول: إني لأتزين لامرأتي، كما أحب أن تتزين لي. وهذا ذكره عند قوله –تعالى-: ] وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [ وهذا من أداء الحقوق العامة. نعم هذا لا يجب، لكن إذا فعلته المرأة فإن هذا من العشرة الحسنة.

س: هل شخصية عبدالله بن سبأ، شخصية وهمية؟
جـ: هذا قيل: إن عبدالله بن سبأ، شخصية وهمية. والشيعة يؤكدون على هذا، ولهم في ذلك عدة مؤلفات، ويؤكدون على أن عبدالله بن سبأ شخصية متوهمة وليس بالحقيقة، والذي عليه أهل السنة والجماعة ممن ألف في العقائد أو في التاريخ أو الفرق، أن عبدالله بن سبأ شخصية حقيقية، وأنه كان باليمن، ثم أتى إلى المدينة ثم ذهب إلى مصر والشام، وأنه هو سبب التفرقة بين المؤمنين في عهد عثمان، فكان يكتب كما روي ذلك بأسانيد مختلفة، وشهرة اسمه عند أهل السنة وتناقل ما ذكر عنه في تفصيل معروف في موضعه، هذا يغني عن تتبع الأسانيد في هذا الباب. فشخصيته مشهورة وهو سبب إحداث الفرقة في عهد عثمان -t-، حيث كان يكتب لكل والٍ في مصر من الأمصار بما أخذه هو على الوالي الآخر، ويكتب للناس بذلك، لإيغار الصدور بعضها على بعض. ومن الفرق المشهورة المعروفة المدونة في كتب التاريخ، وكتب العقائد والفرق، الفرقة السبئية الذين كانوا يقولون بألوهية علي -t-، وهم الذين يتبعون عبدالله بن سبأ، الذي نفي إلى فارس، وبسبب نفيه هناك، ظهرت هناك فرقة الشيعة الرافضة أكثر من غيرها.

س: كثيرًا من الإخوان –جزاهم الله خيرًا- إذا ما وقع بينهم خلاف في مسألة ما، إما فقهية أو غيرها وأنكر عليهم شدة الخلاف بينهم قالوا: الصحابة اختلفوا، فما بالك بحالنا؟
جـ: أولاً: هذا ليس مما يسوغ أن يذكر هذا عن الصحابة، ويجعل اختلاف الصحابة حجة مطلقًا، لاختلاف غيرهم. الصحابة –رضوان الله عليهم أولالم يختلفوا –ولله الحمد- في بابٍ من أبواب العقيدة والتوحيد والأصول، وإنما اختلفوا في بعض المسائل الاجتهادية كالمسائل الفقهية، وكمسائل بعض مسائل الإمامة التي كانت في زمنهم لها تأويلها، ثم إن من القواعد المقررة عند أهل السنة كما كتبوا في عقائدهم، أننا نحمل جميع أعمال الصحابة وأقوال الصحابة وأفعال الصحابة على إرادة الخير، وعلى أنهم لم يقصدوا إحداث الخلاف، ولا الانتصار للنفس، ولم يذهبوا إلى النزعة القبلية، أو نزعة علو الشأن، أو نزعات الدنيا، وإنما كان لهم في ذلك تأويلات، وفر بما دخل بعض هذه المطالب كشيء من الدنيا، دخل في تأويل الدين، ولم يكن يقصد أساسًا، فلم يكن في الصحابة –ولله الحمد- ممن يشار إليهم وحصل منهم الخلاف، لم يكن منهم من يقصد الدنيا فقط محضة، وإنما يريدون الدين وربما يدخل في شيء من ذلك بعض استمساك بأمور الدنيا التي لهم فيها تأويل سائغ. لهذا لا يسوغ أن يحتج أحد إذا اختلف مع غيره أن يحتج
(الوجه الثاني)
لا يسوغ أن يحتج أحد إذا اختلف مع غيره أن يحتج باختلاف الصحابة مطلقًا، وإنما في بعض المسائل إذا اختلف فيها الصحابة فالخلاف يسع من بعدهم إذا كانت من المسائل التي ليس فيها دليل واضح، أما إذا كانت المسألة فيها نص، أو فيها دليل ظاهر من الكتاب أو من السنة، فأقوال الصحابة بين راجحٍ ومرجوح إذا اختلفوا، فالله –جل وعلا- أمرنا أننا عند التنازع والاختلاف أن نرد إلى الله –جل وعلا- وإلى الرسول: ][فَإِن][1] تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [، وهذا هو الذي يجب أنه يرد إلى الدليل. فإذا لم تظهر دلالة الدليل في المسائل، فإن في اختلاف الصحابة سعة إذا اختلفوا، وهم لم يختلفوا –ولله الحمد- في التوحيد ولم يختلفوا في العقيدة ولم يختلفوا في أصول الدين، وإنما اختلفوا في بعض المسائل الاجتهادية معروفة، ولهم فيها تأويل وكل يقوم بحجته، وأقوالهم ما بين راجحٍ ومرجوح -y- وأرضاهم نعم.


[1] الصواب :{وإن} [النساء:59]


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم صفوة الخلق الذين اختارهم الله سبحانه لصحبة نبيه ونصرته واتباعه، ورفع راية الدين من بعده، فكان لزاماً على كل من يأتي بعدهم موالاتهم ومحبتهم واتباع آثارهم.
موالاة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومحبتهم
قال المصنف رحمه الله: [ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم] . هذا من أصول أهل السنة، ولهذا قال شيخ الإسلام في الواسطية: (ومن أصول أهل السنة والجماعة، سلامة قلوبهم وألسنتهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهذه جملة جامعة، لأن الإيمان يتحقق بسلامة القلوب وسلامة الألسنة، وأما من أظهر سلامة اللسان مع ما في قلبه من الطعن والبغي أو الانتقاص، فإن هذا من النفاق الباطن، ومن مرض القلب، وهذا لا يختص بالشيعة، بل يقع فيه كثير من المنتسبين إلى التسنن العام في مقابل الشيعة، كما يقع في ذلك بعض الكتاب، أو بعض المفكرين أو نحوهم، ممن يتكلمون في بعض مقامات الصحابة وأحوالهم، ولاسيما موقف الصحابة من مسألة الخلافة كموقف أبي بكر وموقف عمر مع الأنصار، أو الخلاف الذي حصل بين علي و معاوية ، فترى أنهم يعرضون ويطعنون في بعض الصحابة الأكابر، مع أنهم ليسوا على مذهب من التشيع معروف، بل هم مباعدون لهذه المذاهب، فهؤلاء وإن أجملوا أو حسنوا بعض العبارات فإن ما يكون في القلب يعلمه الله سبحانه وتعالى. فالقصد أن عبارة شيخ الإسلام في الواسطية عبارة محكمة، فإنه قال: (ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم)، فلا بد أن يكون ذلك محققاً في القلب. والصحابة هم السادة الذين أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم في كتابه، ومن الممتنع في العقل والشرع أن يكون هؤلاء السادة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، قد انحرفوا أو ضلوا أو نافقوا في زمنه صلى الله عليه وسلم، أو ارتدوا من بعده، إلى غير ذلك من الأكاذيب التي يكذبها العقل قبل الشرع، ويقولها أهل البدع والضلال، ومقام الصحابة مقام مجمع عليه بين السلف، وقد رضي الله عنهم، ورضوا عنه، ولهم درجة الصحبة التي لا يبلغها أحد. قال: [ولا نفرط في حب أحدٍ منهم ولا نتبرأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دينٌ وإيمانٌ وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان] . ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ونحب, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir