دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 03:10 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله...)

ولا نقولُ: لا يَضُرُّ مع الإيمانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ.
وَنَرْجُو لِلمُحْسِنينَ من المؤمنينَ أنْ يَعْفُوَ عَنْهُم ويُدْخِلَهُم الجنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، ولا نَأْمَنُ عليهم، ولا نَشْهَدُ لَهُم بالجنَّةِ.
وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِم، وَنَخَافُ عليهم، ولا نُقَنِّطُهُم.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 06:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

ولا نقول لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله.
نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة([1])، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنطهم.



([1]) مراده رحمه الله: إلا من شهد الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة كالعشرة ونحوهم، كما يأتي ذلك في آخر كلامه. مع العلم بأن من عقيدة أهل السنة والجماعة الشهادة للمؤمنين والمتقين على العموم بأنهم من أهل الجنة، وأن الكفار والمشركين والمنافقين من أهل النار، كما دلت على ذلك الآية الكريمات والسنة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قوله سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ}//سورة الطور الآية 17// وقوله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا}//سورة التوبة الآية 72// في آيات كثيرات تدل على هذا المعنى وقوله سبحانه في الكفار: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}//سورة فاطر الآية 36// وقوله سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}//سورة النساء الآية 145// في آيات أخرى تدل على هذا المعنى. وبالله التوفيق.


  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 06:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) ولا نقولُ: لا يَضُرُّ مع الإيمانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ.
(2) وَنَرْجُو لِلمُحْسِنينَ من المؤمنينَ أنْ يَعْفُوَ عَنْهُم ويُدْخِلَهُم الجنَّةَ بِرَحْمَتِهِ، ولا نَأْمَنُ عليهم، ولا نَشْهَدُ لَهُم بالجنَّةِ.
(3) وَنَسْتَغْفِرُ لِمُسِيئِهِم، وَنَخَافُ عليهم، ولا نُقَنِّطُهُم.



(1)كما تقولُهُ المُرْجِئَةُ، يقولونَ: ما دامَ مُصَدِّقًا بقلبِهِ فهو مؤمنٌ كاملُ الإيمانِ، أَمَّا الأعمالُ فأَمْرُهَا هَيِّنٌ، فالذي لا يُصَلِّي ولا يَصُومُ ولا يَحُجُّ ولا يُزَكِّي ولا يَعْمَلُ شيئًا من أعمالِ الطاعةِ، يقولونَ: هو مُؤْمِنٌ بِمُجَرَّدِ ما في قلبِهِ! وهذا مِن أعظمِ الضلالِ.
فالردُّ عليهم أنَّ الذنوبَ تَضُرُّ على كُلِّ حالٍ، منها ما يُزِيلُ الإيمانَ بالكُلِّيَّةِ، وَمَنها ما لا يُزِيلُهُ بالكُلِّيَّةِ بل يَنْقُصُهُ، وصاحبُهَا مُعَرَّضٌ للوعيدِ المُرَتَّبِ عليْهَا.


(2) هذا بحثٌ للشهادةِ لِمُعَيَّنٍ أَنَّهُ من أهلِ الجنَّةِ، أو أَنَّهُ من أهلِ النارِ، نحنُ لا نَشْهَدُ لأحدٍ بجنَّةٍ أو نارٍ إِلاَّ بدليلٍ، إِلاَّ مَن شَهِدَ لَهُ المصطفى عليهِ الصلاةُ والسلامُ أَنَّهُ مِن أهلِ الجنَّةِ، شَهِدْنَا لَهُ بذلكَ، وَمَنْ شَهِدَ لَهُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنارِ شَهِدْنَا لَهُ بذلكَ، هذا بالنسبةِ إلى المُعَيَّنِينَ، أَمَّا بالنسبةِ إلى العمومِ فَنَعْتَقِدُ أن الكافرينَ في النارِ، وأنَّ المؤمنينَ في الجنَّةِ.
أَمَّا على وجهِ الخصوصِ فلا نَحْكُمُ لأحدٍ إِلاَّ بالدليلِ، لكن نَرْجُو للمُحْسِنِ ونَخَافُ على المُسِيءِ. هذه عقيدةُ المسلمينَ.


(3) نَسْتَغْفِرُ للمسيءِ؛ لِأَنَّهُ أَخُونَا، وَنَدْعُو لَهُ بالتوبَةِ والتوفيقِ؛ وإنْ كَانَ مُذْنِبًا، وهذا حَقُّ الإيمانِ عَلَيْنَا {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (مُحَمَّد: 19).
ولا نُقَنِّطُ المذنبَ من رحمةِ اللَّهِ كما تَقُولُهُ الخوارجُ والْمُعْتَزِلَةُ، لا نُقَنِّطُهُ من رحمةِ اللَّهِ، بل هو مُعَرَّضٌ للوعيدِ وتحتَ المشيئةِ، وإنْ تابَ تابَ اللَّهُ عليهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يُوسُف: 87) { وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ } (الحجر: 56) {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسُهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ }
(الزُّمَر: 53).

والوَعِيدِيَّةُ الذينَ هم الخوارجُ وَمَن سارَ في رِكَابِهِم، هم الذين يُقَنِّطُونَ الناسَ من رحمةِ اللَّهِ، ويُخْرِجُونَهُم من المِلَّةِ بذنوبِهِم، وإنْ كانتَ دُونَ الشركِ.

  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 09:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


ش: ... وقوله: ولا نقول لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله... إلى آخر كلامه، رد على المرجئة، فإنهم يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. فهؤلاء في طرف، والخوارج في طرف، فإنهم يقولون نكفر المسلم بكل ذنب، أو بكل ذنب كبير، وكذلك المعتزلة الذين يقولون يحبط إيمانه كله بالكبيرة، فلا يبقى معه شيء من الإيمان. لكن الخوارج يقولون: يخرج من الإيمان ويدخل في الكفر ! والمعتزلة يقولون: يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر، وهذه المنزلة بين المنزلتين ! ! وبقولهم بخروجه من الإيمان أوجبوا له الخلود في النار! وطوائف من أهل الكلام والفقه والحديث لا يقولون ذلك في الأعمال، لكن في الاعتقادات البدعية، وإن كان صاحبها متأولاً، فيقولون: يكفر كل من قال هذا القول، لا يفرقون بين المجتهد المخطىء وغيره، أو يقولون: يكفر كل مبتدع. وهؤلاء يدخل عليهم في هذا الإثبات العام أمور عظيمة، فثان النصوص المتواترة قد دلت على أنه يخرج من النار من في قلبه [مثقال] ذرة من إيمان، ونصوص الوعد التي يحتج بها هؤلاء تعارض نصوص الوعيد التي يحتج بها أولئك. والكلام في الوعيد مبسوط في موضعه. وسيأتي بعضه عند الكلام على قول الشيخ: وأهل الكبائر في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون. والمقصود هنا: أن البدع هي من هذا الجنس، فإن الرجل يكون مؤمناً باطناً وظاهراً، لكن تأول تأويلاً أخطأ فيه، إما مجتهداً وإما مفرطاً مذنباً، فلا يقال. إن إيمانه حبط لمجرد ذلك، إلا أن يدل على ذلك دليل شرعي، بل هذا من جنس قول الخوارج والمعتزلة، ولا نقول: لا يكفر، بل العدل هو الوسط، وهو: أن الأقوال الباطلة المبتدعة المحرمة المتضمنة نفي ما أثبته الرسول، أو إثبات ما نفاه، أو الأمر بما نهى عنه، أو النهي عما أمر به -: يقال فيها الحق، ويثبت لها الوعيد الذي دلت عليه النصوص، ويبين أنها كفر، ويقال: من قالها فهو كافر، ونحو ذلك، كما يذكر من الوعيد في الظلم في النفس والأموال، وكما قد قال كثير من أهل السنة المشاهير بتكفير من قال بخلق القرآن [ وأن الله لا يرى في الآخرة ولا يعلم الأشياء قبل وقوعها. وعن أبي يوسف رحمه الله، أنه قال: ناظرت أبا حنيفة رحمه الله مدة، حتى اتفق رأيي ورأيه: أن من قال بخلق القرآن فهو كافر ]. وأما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر ؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت. ولهذا ذكر أبو داود في سننه في كتاب الأدب: باب النهي عن البغي، وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب، فقال له: أقصر. فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيباً ؟ فقال: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك [الله] الجنة فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً ؟ أو كنت على ما في يدي قادراً ؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار. قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده، لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته. وهو حديث حسن. ولأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهداً مخطئاً مغفوراً له، [ ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص ]، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله، كما غفر للذي قال: إذا مت فاسحقوني ثم اذروني، ثم غفر الله له لخشيته وكان يظن أن الله لا يقدر على جمعه وإعادته، أو شك في ذلك. لكن هذا التوقف في أمر الآخرة لا يمنعنا أن عاقبته في الدنيا، لمنع بدعته، وأن نستتيبه، فإن تاب وإلا قتلناه. ثم إذا كان القول في نفسه كفراً قيل: إنه كفر والقائل له يكفر بشروط وانتفاء موانع، ولا يكون ذلك إلا [ إذا ] صار منافقاً زنديقاً. فلا يتصور أن يكفر أحد من أهل القبلة المظهرين الإسلام إلا من يكون مناففاً زنديقاً. وكتاب الله يبين ذلك، فإن الله صنف الخلق فيه ثلاثة أصناف: صنف: كفار من المشركين ومن أهل الكتاب، وهم الذين لا يقرون بالشهادتين. وصنف: المؤمنون باطناً وظاهراً. وصنف أقروا به ظاهراً لا باطناً. وهذه الأقسام الثلاثة مذكورة في أول سورة البقرة. وكل من ثبت أنه كافر في نفس الأمر وكان مقراً بالشهادتين. فإنه لا يكون إلا زنديقاً، والزنديق هو المنافق.
وهنا يظهر غلط الطرفين، فإنه من كفر كل من قال القول المبتدع في الباطن، يلزمه أن يكفر أقواماً ليسوا في الباطن منافقين، بل هم في الباطن يحبون الله ورسوله ويؤمنون بالله ورسوله وإن كانوا مذنبين، كما ثبت في صحيح البخاري، عن أسلم مولى عمر [رضي الله عنه]، عن عمر: أن رجلاً كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه: عبدالله، وكان يلقب: حماراً، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتى به يوماً، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ! ما أكثر ما يؤتى به ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه، [فو الله ما علمت]، إنه يحب الله ورسوله وهذا أمر متيقن به في طوائف كثيرة وأئمة في العلم والدين، وفيهم بعض مقالات الجهمية أو المرجئة أو القدرية أو الشيعة أو الخوارج. ولكن الأئمة في العلم والدين لا يكونون قائمين بجملة تلك البدعة، بل بفرع منها. ولهذا انتحل أهل هذه الأهواء لطوائف من السلف المشاهير. فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضاً، ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون.
ولكن بقي هنا إشكال يرد على كلام الشيخ رحمه الله، وهو: أن الشارع قد سمى بعض الذنوب كفراً، قال الله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. وقال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض. و: إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر - فقد باء بها أحدهما. متفق عليهما من حديث ابن عمر رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً، ومن كانت فيه [خصلة منهن كان فيه] خصلة من النفاق حتى يدعها. إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد. وقال صلى الله عليه وسلم: بين المسلم وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه. وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهناً فصدقه، أو أتى امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد. وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد كفر. رواه الحاكم بهذا اللفظ. وقال صلى الله عليه وسلم: ثنتان في أمتي [بهم] كفر: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت. ونظائر ذلك كثيرة.
والجواب: أن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفراً ينقل عن الملة بالكلية، كما قالت أن الخوارج، إذ لو كفر كفراً ينقل عن الملة لكان مرتداً يقتل على كل حال، ولا يقبل عفو ولي القصاص، ولا تجري الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر ! وهذا القول معلوم بطلانه وفساده بالضرورة من دين الإسلام. ومتفقون على أنه لا يخرج من الإيمان والإسلام، ولا يدخل في الكفر، ولا يستحق الخلود مع الكافرين، كما قالت المعتزلة. فإن قولهم باطل أيضاً، إذ قد جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الى أن قال: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف. فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخاً لولي القصاص، والمراد أخوة الدين بلا ريب. وقال تعالى: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، الى أن قال: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم. ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يقتل، بل يقام عليه الحد، فدل على أنه ليس بمرتد. وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كانت عنده لأخيه اليوم مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون درهم ولا دينار، إن كان له عمل صالح أحذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فطرحت عليه، ثم ألقي في النار. أخرجاه في الصحيحين. فثبت أن الظالم يكون له حسنات يستوفي المظلوم منها حقه. وكذلك ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما تعدون المفلس فيكم ؟ قالوا: المفلس فينا من لا له درهم ولا دينار، قال: المفلس من يأتي يوم القيامة وله حسنات أمثال الجبال، [فيأتي] وقد شتم هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، وقذف هذا، وضرب هذا، فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار. رواه مسلم. وقد قال تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات. فدل ذلك على أنه في حال إساءته يعمل حسنات تمحو سيئاته. وهذا مبسوط في موضعه.
والمعتزلة موافقون للخوارج هنا في حكم الآخرة، فإنهم وافقوهم على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار، لكن قالت الخوارج. نسميه كافراً، وقالت المعتزلة: نسميه فاسقاً، فالخلاف بينهم لفظي فقط. وأهل السنة أيضاً متفقون على أنه يستحق الوعيد المرتب على ذلك الذنب، كما وردت به النصوص. لا كما يقوله المرجئة من أنه لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا ينفع مع الكفر طاعة ! وإذا اجتمعت نصوص الوعد التي استدلت بها المرجئة، ونصوص الوعيد التي استدلت بها الخوارج والمعتزلة -: تبينت لك فساد القولين ! ولا فائدة في كلام هؤلاء سوى أنك تستفيد من كلام كل طائفة فساد مذهب الطائفة الأخرى.
ثم بعد هذا الاتفاق تبين أن أهل السنة اختلفوا خلافاً لفظياً، لا يترتب عليه فساد، وهو: أنه هل يكون الكفر على مراتب، كفراً دون كفر ؟ كما اختلفوا: هل يكون الإيمان على مراتب، إيماناً دون إيمان ؟ وهذا اختلاف نشأ من اختلافهم في مسمى الإيمان: هل هو قول وعمل يزيد وينقص، أم لا ؟ بعد اتفاقهم على أن من سماه الله تعالى ورسوله كافراً نسميه كافراً، إذ من الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً، ويسمي رسوله من تقدم ذكره كافراً - ولا نطلق عليهما اسم الكفر. ولكن من قال: إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، قال: هو كفر عملي لا اعتقادي، والكفر عنده على مراتب، كفر دون كفر، كالإيمان عنده. ومن قال: إن الإيمان هو التصديق، ولا يدخل العمل في مسمى الإيمان، والكفر هو الجحود، ولا يزيدان ولا ينقصان، قال: هو كفر مجازي غير حقيقي، إذ الكفر الحقيقي هو الذي ينقل عن الملة. وكذلك يقول في تسمية بعض الأعمال بالإيمان، كقوله تعالى: وما كان الله ليضيع إيمانكم، أي صلاتكم إلى بيت المقدس، إنها سميت إيماناً مجازاً، لتوقف صحتها عن الإيمان، أو لدلالتها على الإيمان، إذ هي دالة على كون مؤديها مؤمناً. ولهذا يحكم بإسلام الكافر إذا صلى صلاتنا. فليس بين فقهاء الأمة نزاع في أصحاب الذنوب، إذا كانوا مقرين باطناً وظاهراً بما جاء به الرسول وما تواترعنهم أنهم من أهل الوعيد. ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم في النار، كالخوارج والمعتزلة. ولكن أراد ما في ذلك التعصب على من يضادهم، وإلزامه لمن يخالف قوله بما لا يلزمه، والتشنيع عليه ! واذا كنا مأمورين بالعدل في مجادلة الكافرين، وأن يجادلوا بالتي هي أحسن، فكيف لا يعدل بعضنا على بعض في مثل هذا الخلاف ؟! قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى الآية.
وهنا أمر يجب أن يتفطن له، وهو: أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة، وقد يكون معصية: كبيرة أو صغيرة، ويكون كفراً: إما مجازياً، وإما كفراً أصغر، على القولين المذكورين. وذلك بحسب حال الحاكم: فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب، وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله -: فهذا كفر أكبر. وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله، وعلمه في هذه الواقعة، وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا عاص، ويسمى كافراً كفراً مجازياً، أو كفراً أصغر. وإن جهل حكم الله فيها، مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه، فهذا مخطىء، له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور.
وأراد الشيخ رحمه الله بقوله: ولا نقول لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله - مخالفة المرجئة. وشبهتهم كانت قد وقعت لبعض الأولين، فاتفق الصحابة على قتلهم إن لم يتوبوا من ذلك. فإن قدامة بن عبد الله شرب الخمر بعد تحريمها هو وطائفة، وتأولوا قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات الآية. فلما ذكروا ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، اتفق هو و علي بن أبي طالب وسائر الصحابة على أنهم إن اعترفوا بالتحريم جلدوا، وإن أصروا على استحلالها قتلوا. وقال عمر لقدامة: أخطأت استك الحفرة، أما إنك لو اتقيت وآمنت وعملت الصالحات لم تشرب الخمر. وذلك أن هذه الآية نزلت بسبب أن الله سبحانه لما حرم الخمر، وكان تحريمها بعد وقعة أحد، قال بعض الصحابة: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ؟ فأنزل الله هذه الآية. بين فيها أن من طعم الشيء في الحال التي لم يحرم فيها فلا جناح عليه إذا كان من المؤمنين المتقين المصلحين، كما كان من أمر استقبال بيت المقدس. ثم إن أولئك الذين فعلوا [ذلك يذمون] على أنهم أخطأوا وأيسوا من التوبة. فكتب عمر إلى قدامة يقول له: حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب. ما أدري أي ذنبيك أعظم ؟ استحلالك المحرم أولاً ؟ أم يأسك من رحمة الله ثانياً ؟ وهذا الذي اتفق عليه الصحابة هو متفق عليه بين أئمة الإسلام.

قوله: ( ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نقنطهم ).

ش: وعلى المؤمن أن يعتقد هذا الذي قاله الشيخ رحمه الله في حق نفسه وفي حق غيره. قال تعالى: أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا. وقال تعالى: فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين. وقال تعالى: وإياي فاتقون. وإياي فارهبون. فلا تخشوهم واخشوني. ومدح أهل الخوف، فقال تعالى: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون. إلى قوله: أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون. وفي المسند و الترمذي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، هو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق ؟ قال: لا، يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه. قال الحسن رضي الله عنه: عملوا - والله - بالطاعات، واجتهدوا فيها، وخافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إحساناً وخشيةً، والمنافق جمع إساءة وأمناً. انتهى. وقد قال تعالى: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم. فتأمل كيف جعل رجاءهم مع إيمانهم بهذه الطاعات ؟ فالرجاء إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله تعالى، شرعة وقدرته وثوابه وكرامته. ولو أن رجلاً له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه، فأهملها ولم يحرثها ولم يبذرها، ورجا أنه يأتي من مغلها مثل ما يأتي من حرث وزرع وتعاهد الأرض -: لعده الناس من أسفه السفهاء ! وكذا لو رجا وحسن ظنه أن يجيئه ولد من غير جماع ! أو يصبر أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم وحرص تام ! وأمثال ذلك. فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلى والنعيم المقيم، من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئاً استلزم رجاؤه أموراً: أحدها: محبة ما يرجوه. الثاني: خوفه من فواته. الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان. وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك، فهو من باب الأماني، والرجاء شيء والأماني شيء آخر. فكل راج خائف، والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير، مخافة الفوات. وقال تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فالمشرك لا ترجى له المغفرة، لأن الله نفى عنه المغفرة، وما سواه من الذنوب في مشيئة الله، إن الله غفر له، وإن شاء عذبه. وفي معجم الطبراني: الدواوين عند الله يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وهو الشرك بالله، ثم قرأ: إن الله لا يغفر أن يشرك به. وديوان لا يترك الله منه شيئاً، مظالم العباد بعضهم بعضاً. وديوان لا يعبأ الله به، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه.
وقد اختلفت عبارات العلماء في الفرق بين الكبائر والصغائر، وستأتي الإشارة الى ذلك عند قول الشيخ رحمه الله: وأهل الكبائر من أمة محمد في النار لا يخلدون. ولكن ثم أمر ينبغي التفطن له، وهو: أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر، وقد يقرن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر. وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرد الفعل، والإنسان يعرف ذلك من نفسه وغيره.
[وأيضاً]: فإنه قد يعفى لصاحب الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره، فإن فاعل السيئات يسقط عنه عقوبة جهنم بنحو عشرة أسباب، عرفت بالاستقراء من الكتاب والسنة: السبب الأول: التوبة، قال تعالى: إلا من تاب. إلا الذين تابوا وغيرها. والتوبة النصوح، وهي الخالصة، لا يختص بها ذنب دون ذنب، لكن هل تتوقف صحتها على أن تكون عامة ؟ حتى لو تاب من ذنب وأصر على آخر لا تقبل ؟ والصحيح أنها تقبل. وهل يجب الإسلام ما قبله من الشرك وغيره من الذنوب وإن لم يتب منها ؟ أم لا بد مع الإسلام من التوبة من غير الشرك ؟ حتى لو أسلم وهو مصر على الزنا وشرب الخمر مثلا، هل يؤاخذ بما كان منه في كفره من الزنا وشرب الخمر ؟ أم لا بد أن يتوب من ذلك الذنب مع إسلامه ؟ أو يتوب توبة عامة من كل ذنب ؟ وهذا هو الأصح: أنه لا بد من التوبة مع الإسلام، وكون التوبة سبباً لغفران الذنوب وعدم المؤاخذة بها - مما لا خلاف فيه بين الأمة. وليس شيء يكون سبباً لغفران جميع الذنوب إلا التوبة، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم، وهذا لمن تاب، ولهذا قال: لا تقنطوا، وقال بعدها: وأنيبوا إلى ربكم الآية. السبب الثاني: الاستغفار، قال تعالى: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. لكن الاستغفار تارة يذكر وحده، وتارة يقرن بالتوبة، فإن ذكره وحده دخلت معه التوبة، كما إذا ذكرت التوبة وحدها شملت الاستغفار. فالتوبة تتضمن الاستغفار، والاستغفار يتضمن التوبة، وكل واحد منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق، وأما عند اقتران إحدى اللفظتين بالأخرى، فالاستغفار: طلب وقاية شر ما مضى، والتوبة: الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله. ونظير هذا: الفقير والمسكين، إذا ذكر أحد اللفظين شمل الآخر، وإذا ذكرا معا كان لكل منهما معنى. قال تعالى: إطعام عشرة مساكين. فإطعام ستين مسكيناً. وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم. لا خلاف أن كل واحد من الاسمين في هذه الآيات لما أفرد شمل المقل والمعدم، ولما قرن أحدهما بالآخر في قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية -: كان المراد بأحدهما المقل، والآخر المعدم، على خلاف فيه. وكذلك: الإثم والعدوان، والبر والتقوى، والفسوق والعصيان. ويقرب من هذا [المعنى]: الكفر والنفاق، فإن الكفر أعم، فإذا ذكر الكفر شمل النفاق، وإن ذكرا معا كان لكل منهما معنى. وكذلك الإيمان والإسلام، على ما يأتي الكلام فيه، إن شاء الله تعالى. السبب الثالث: الحسنات: فإن الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، فالويل لمن لاغلبت [آحاده عشراته] وقال تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات. وقال صلى الله عليه وسلم. وأتبع السيئة الحسنة تمحها. السبب الرابع: المصائب الدنيوية، قال صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا غم ولا هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها - إلا كفر بها من خطاياه. وفي المسند: أنه لما نزل قوله تعالى: من يعمل سوءاً يجز به - قال أبو بكر: يا رسول الله، نزلت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءً ؟ فقال: يا أبا بكر، ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟ ألست يصيبك اللأواء ؟ فذلك ما تجزون به.
فالمصائب نفسها مكفرة، وبالصبر عليها يثاب العبد، وبالسخط يأثم. والصبر والسخط أمر آخر غير المصيبة، فالمصيبة من فعل الله لا من فعل العبد، وهي جزاء من الله للعبد على ذنبه، ويكفر ذنبه بها، وإنما يثاب المرء ويأثم على فعله، والصبر والسخط من فعله، وإن كان الأجر قد يحصل بغير عمل من العبد، بل هدية من الغير، أو فضلاً من الله من غير سبب، قال تعالى: ويؤت من لدنه أجراً عظيماً. فنفس المرض جزاء وكفارة لما تقدم. وكثيراً ما يفهم من الأجر غفران الذنوب، وليس ذلك مدلوله، وإنما يكون من لازمه. السبب الخامس: عذاب القبر. وسيأتي الكلام عليه، إن شاء الله تعالى. السبب السادس: دعاء المؤمنين واستغفارهم في الحياة وبعد الممات. السبب السابع: ما يهدى إليه بعد الموت، من ثواب صدقة أو قراءة أو حج، ونحو ذلك، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى. السبب الثامن: أهوال يوم القيامة وشدائده. السبب التاسع: ما ثبت في الصحيحين: أن المؤمنين إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة. السبب العاشر: شفاعة الشافعين، كما تقدم عند ذكر الشفاعة وأقسامها. السبب الحادي عشر: عفو أرحم الراحمين من غير شفاعة، كما قال تعالى: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فإن كان ممن لم يشأ الله أن يغفر له لعظم جرمه، فلا بد من دخوله إلى الكير، ليخلص طيب إيمانه من خبث معاصيه، فلا يبقى في النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، بل من قال: لا إله إلا الله، كما تقدم من حديث أنس رضي الله عنه. وإذا كان الأمر كذلك، امتنع القطع لأحد معين من الأمة، غير من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، ولكن نرجو للمحسنين، ونخاف عليهم.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 12:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى:
ولا نكفرُ أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله , ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله.

الشيخ: (بس) يكفي. الحمد لله وبعد..، هذه الجملة من كلام العلامة الطحاوي –رحمه الله- من الأصول العظيمة في معتقد أهل السنة والجماعة؛ أنهم لا يكفرون أحداً من أهل القبلة بمجرد حصول الذنب منه , إلا إذا استحله باعتقاد كونه حلالاً له، أو حلالاً مطلقاً , وكذلك أنهم لا يخففون أمر الذنوب , بحيث يجعلون الذنب غير مؤثر في الإيمان , لهذا قال تقريراً لهذا الأصل العظيم: "ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ ما لم يستحله , ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنبٌ لمن عمله"
وهذه الجملة من كلامه أراد بها أن حصول الذنب من أهل القبلة لا يعني تكفيره , كما ذهبت إلى ذلك الخوارج , وحصول الذنب من أهل القبلة لا يعني أن هذا المؤمن لم يتأثر بحصول الذنب منه , كما تقوله المرجئة , فخالف بهذا القول الخوارج والمعتزلة , وخالف أيضاً المرجئة، وهذه المسألة لا شك أنها من المسائل العظيمة جداً , وهي مسألة التكفير , تكفير المنتسب إلى القبلة الذي ثبت إسلامه وإيمانه , إذا حصل منه ذنب فإن قاعدة أهل السنة والجماعة أن من دخل في الإسلام والإيمان بيقين , لم يخرجه منه مجرد ذنب حصل منه , ولا يخرجه منه كل ذنب حرمه الشارع , بل لا بد في الذنوب العملية من الاستحلال؛ بأن يعتقد أن هذا الذنب , أن هذا العمل منه حلالٌ له وليس بذنب , وأنه ليس بمحرم , وهذه هي طريقة أهل السنة والجماعة؛ لأنهم لا يكفرون بل يخطئون , أو يضللون , أو يفسقون فتقول: مؤمن بإيمانه , فاسقٌ بكبيرته , مسلم بما معه من التوحيد ولكنه فاسق لما ارتكب من الكبيرة التي أظهرها ولم يتب منها.
فهذه الجملة فيها تقرير لعقيدة أهل السنة , ومخالفتهم للخوارج والمعتزلة , وكذلك مخالفتهم , وكذلك فيها مخالفة أهل السنة للمرجئة.
إذا تبين هذا فتحت هذه الجملة مسائل:

المسألة الأولى:
في الدليل , دليل أهل السنة والجماعة على أن من أصاب ذنباً من أهل القبلة فإنه لا يُكفَّر , دل عل ذلك جملة أدلة من الكتاب والسنة , منها قول الله جل وعلا: ] يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [. ومعلوم أن القاتل داخلٌ في هذا الخطاب , في النداء بالإيمان و وقال جل وعلا بعدها: ] فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [ فسماه أخاً له , فدل على أن حصول القتل على عظمه لم ينفِ اسم الإيمان , وكذلك قوله جل وعلا: ] وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [ فسماهم مؤمنين , وسماهم إخوة أيضاً , ووصفهم بالإخوة , فدل على أن وقوع القتل منهم لم ينف اسم الإيمان مع قوله جل وعلا: ] وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ [ فأثبت له جهنم وعيداً وغضب الله جل وعلا عليه , واللعنة ومع ذلك لم ينف عنه اسم الإيمان , فدل على أن وقوع الكبيرة من المسلم لا يسلب عنه الإيمان , ووقوع الذنب ليس مبيحاً لإخراج هذا المذنب من أصل الإسلام إلى الكفر.

ويدل على ذلك أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري وغيره , حينما أتي برجل من الصحابة يقال له: حمار , شرب الخمر , فجلده , ثم شربها ثانية , فأُتي به فجلده , ثم لما أُتي به الثالثة قال رجل: لعنه الله؛ ما أكثر ما يؤتى به. فقال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((لا تقولوا ذلك؛ فإنه يحب الله ورسوله)).

فدل على أن وجود المحبة الواجبة لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم مع حصول الكبيرة مانع من لعنه , وهذا يعني أنها مانعٌ من تكفيره ومن إخراجه من الدين من باب الأولى، كذلك قال الله جل وعلا: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [ فناداهم باسم الإيمان , مع حصول الذنب منهم , وهو الإلقاء بالمودة إلى عدو الله جل وعلا , وعدو رسوله صلى الله عليه وسلم , فدل على أن إلقاء المودة لأمر الدنيا ليس مخرجاً من اسم الإيمان, بل يجتمع معه , قال تعالى في آخر الآية: ] وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ [.

وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة في إسراره للكفار بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على وقوع الذنب منه, وعلى مغفرة الذنب له؛ لأنه من أهل بدر , قال عليه الصلاة والسلام في حقه: ((لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم))، في رواية ثانية: ((إن الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)).
والأدلة على هذا الأصل عند أهل السنة والجماعة كثيرة , ومما يدل عليه من جهة النظر أن الكبائر كالسرقة والزنى، شرب الخمر والقتل , ونحو ذلك شرعت فيها ولها الحدود , كذلك القذف شرعت لها الحدود، والحدود مطهرة , والمرتد يقتل على كل حال , ووجود الحدود هذه دليل ظاهر على أنه ارتكب فعلاً لم يخرجه من الملة؛ لأن النبي r قال: ((من بدل دينه فاقتلوه)) , وقال: ((والتارك لدينه المفارق للجماعة)) يعني: ممن يحل دمه , فدل على أن وقوع هذه الذنوب من العبد تظهر بهذه الحدود وليست كفراً؛ لأنها لو كانت كفراً لكان يقتل ردةً لقوله: ((من بدل دينه فاقتلوه)).

ويدل عليه أيضاً أن ولي الدم في القتل يعفو فإذا عفى، له السلطان إن شاء عفى , وإن شاء أخذ , قال جل وعلا: ] وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً [ , قال: ] فقد جعلنا لوليه سلطاناً [ وهذا يدل على أن الحق هنا للمخلوق , وأما الردة فهي حق لله , يعني أما الردة فجزاؤها حق لله جل وعلا , ليس لولي القتل.. لولي المقتول , فدلت هذه الأدلة ودل غيرها على بطلان قول الخوارج , وعلى ظهور قول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة , في أن صاحب الذنب من الكبائر العملية التي ذكرنا بعضاً منها , أنه لا يخرج من الإسلام بحصول الذنب منه , يعني بحصول ذنب منه , أو بحصول كل ذنب , أو أي ذنب منه , يعني ليس كل ذنب مخرجاً له من ذلك , بل الكبائر العملية ليست كذلك يعني مخرجة له من الإسلام , خلافا لقول الخوارج والمعتزلة في التخليد في النار.
وأما الجملة الثانية , وهي قوله: "ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله" فهذه أيضاً فيها مخالفةً للمرجئة , الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب , كما لا ينفع مع الكفر طاعة. والأدلة دلت على أن الذنوب تؤثر في الإيمان , قال جل وعلا في ذكر القائل: ] وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا [ , وقال جل وعلا في الربا: ] الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُالشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [ , وقال جل وعلا في المرابين: ] فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [ , وشرع الله جل وعلا الحد في السرقة ] وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا [ , وشرع الجلد في القذف وفي الزنى... إلى آخر ذلك.
وهذا يدل على أن هذه الأمور أثرت في الإيمان , هذه الكبائر أثرت في الإيمان , والأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب كثيرة؛ ((لا يدخل الجنة قتات)) , ((لا يدخل الجنة قاطعُ رحم))، وهذا تأثير في الإيمان بسبب هذه الكبيرة.

المسألة الثانية:
هذه الجملة اشتملت على معتقدٍ فيه النهي عن التكفير , والتكفير تكفير أهل القبلة بأي ذنب حرام , والخوض في مسائل التكفير بلا علم أيضاً حرام , وقد يكون من كبائر الذنوب , بل هو من كبائر الذنوب؛ وذلك لأوجه:

الأول: أن الإسلام والإيمان ثبت في حق الشخص , في حق المعين , بدليل شرعي , فدخل في الإسلام بدليل , فإخراجه منه بغير حجة من الله جل علا , أو من رسوله صلى الله عليه وسلم من القول على الله بلا علم، ومن التعدي , من تعدي حدود الله، ومن التقدم بين يدي الله جل وعلا , وبين يدي رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه التحذير من هذا الأمر الجلل , وهو مخالفة ما ثبت بدليل إلى الهوى أو إلى غير دليل , لهذا يقول العلماء: من ثبت إيمانه بدليل أو بيقين لم يزل عنه اسم الإيمان بمجرد شبهة عرضت , أو تأويل تأوله , بل لا بد من حجة بينة لإخراجه من الإيمان , كما يقول ابن تيمية: ولا بد من إقامة حجة تقطع عنه المعذرة.

الثاني من الأوجه في خطر التكفير , وما تضمنته هذه الكلمة من معتقد أهل السنة والجماعة: أن التكفير خاض فيه الخوارج , وهم أول الفئات التي خاضت في هذا الأمر. والصحابة رضوان الله عليهم أنكروا عليهم أبلغ الإنكار , بل عدّوهم رأس أهل الأهواء، وأول مسألة خاض فيها الخوارج , وسببت التوسع في التكفير هي مسألة الحكم بغير ما أنزل الله , حيث احتجوا على علي رضي الله عنه بأنه حكم الرجال , وكانوا من جيش علي بأنه حكم الرجال على كتاب الله لما حصلت واقعة التحكيم بين أبي موسى الأشعري وبين عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- فقال: حكم الرجال على كتاب الله , فهو كافر , فكفروا علياً رضي الله عنه وأرضاه؛ استدلالاً بقوله جل وعلا: ] وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [ فذهب إليهم ابن عباس يناظرهم , حتى احتج عليهم بقول الله جل وعلا: ] فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [ الآية , فرجع ثلث الجيش , وبقي طائفة منهم على ضلالهم.
وظهرت فرق كثيرة من الخوارج , فيدلك على قبح الخوض في هذه المسألة بلا علم , أنها شعار أهل الأهواء , أعني الخوارج , وهم أول فرقة خرجت في هذه الأمة وخالفت الجماعة، ولا شك أن التزام نهج أتقى أهل الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتعين.

السبب الثالث , أو الوجه الثالث من أوجه بيان خطر التكفير , والخوض فيه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من قال لأخيه: يا كافر , فقد باء بها أحدهما)) يعني: إن كان كافراً فهو كما ادعي عليه , وإلا عادت إلى الآخر , وهذا وعيدٌ شديد، وقد يكون التكفير مبعثه الهوى، وقد يكون مبعثه الجهل، وقد يكون مبعثه الغيرة , فهذه ثلاثة أسباب لمنشأ التكفير , قد يكون الهوى يعني التكفير بلا علم الهوى , وقد يكون منشؤه الجهل، وقد يكون منشؤه الغيرة، أما الأول والثاني فواضح , يعني الهوى والجهل فواضح , وأمثلة أهل الأهواء فيه كثيرة.

وأما الثالث وهو أن التكفير قد يحمل المرء عليه الغيرة على الدين قصة عمر -رضي الله عنه- مع حاطب بن أبي بلتعة , حيث لما حصل من حاطب ما حصل قال عمر لنبينا عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله , دعني أضرب عنق هذا المنافق. والحكم عليه بالنفاق حكم عليه بإبطانه للكفر , والنبي عليه الصلاة والسلام لم يؤاخذ عمر -رضي الله عنه- بذلك؛ لأنه من أهل بدر , ولأنه قالها على جهة الغيرة وخطؤه مغفورٌ له؛ لأنه من أهل الجنة، يعني لسبق كونه من أهل بدر , فدل هذا على أن الغيرة غيرُ حجةٍ شرعية في التوسع أو في ابتداء القول في هذه المسائل بلا علم , أو في التكلم فيها , الغيرة ليست عذراً , لهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما عذر عمر بالغيرة , وإنما عُذر عمر -رضي الله عنه- لاشتباه المقام أولاً في حق حاطب , ثم لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما بين عذره , يعني ما بين الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم عذره , فقال عمر لما أخذ بتلابيب حاطب قال: ((أرسله يا عمر , أو دعه يا عمر. يا حاطب ما حملك على هذا؟)) فلما استفصل منه رجع الأمر إلى الوضوح فيه.

المسألة الثالثة:
افترقت هذه الأمة في هذه المسألة العظيمة , وهي مسألة التكفير , إلى ثلاث طوائف، طائفتان ضلتا , وطائفة هي الوسط , وهي التي على سبيل الجماعة , وهذه الطوائف الثلاث هي الأولى: من كفر بكل ذنب , وجعل الكبيرة مكفرةً وموجبة للخلود في النار , وهؤلاء هم الخوارج والمعتزلة وطوائف من المتقدمين , ومن أهل العصر أيضاً ممن يشركهم في هذا الأصل والعياذ بالله.
الثاني: الطائفة الثانية: من قالت: إن المؤمن لا يمكن أن يخرج من الإيمان إلا بانتزاع التصديق منه القلبي , وحصول التكذيب , وهؤلاء هم المرجئة , وهم درجات وطوائف أيضاً , وهذا مبنيٌ على أصلهم في أن الإيمان هو تصديق القلب , فلا ينتفي الإيمان عندهم إلا بزوال ذلك التصديق , وهذا أيضاً غلط؛ لأدلة ربما تأتي إن شاء الله تعالى.
والفئة الثالثة أو الطائفة الثالثة: وهم الوسط , الذين نهجوا ما دلت عليه الأدلة , وأخذوا طريقة الأئمة التي اقتفوا فيها هدي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين , فقالوا: إن الملي والواحد من أهل القبلة قد يخرج من الدين بتبديله الدين ومفارقته للجماعة بقولٍ أو عملٍ أو اعتقادٍ أو شك , وهذا هو الذي أورده الأئمة في باب حكم المرتد , وقالوا: إن هذا يدخل في تبديل الدين الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: ((من بدل دينه فاقتلوه)) , ويدخل في قول الله جل وعلا [من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه]* الآية، ونحو ذلك آية البقرة.
فدل ذلك على أن المؤمن المسلم قد يحصل منه ردة , وهذه الردة لها شروطها ولها موانعها بتفصيل لهم في كتب الفقه في باب حكم المرتد , فعند عند أهل السنة والجماعة لا يتساهل في أمر التكفير , بل يحذر منه ويخوف منه , وأيضاً لا يمنعون تكفير المعين مطلقاً , بل من أتى بقولٍ كفري يخرجه من الملة , أو فعل كفري يخرجه من الملة , أو اعتقاد كفري يخرجه من الملة , أو شك وارتياب يخرجه من الملة , فإنه بعد اجتماع الشروط وانتفاء الموانع يحكم عليه العالم أو القاضي بما يجب من الردة ومن القتل بعد الاستتابة في أغلب الأحوال.

المسألة الرابعة:
دل القرآن والسنة على أن الناس ثلاثة أصناف , لا رابع لهم , وهم: المؤمنون، الكفار، المنافقون. والمؤمن المسلم هو من دخل في الإسلام , وشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وأتى بلوازم ذلك. والكافر الأصلي قد يكون كتابياً وقد يكون مشركاً وثنياً , فأهل الكتاب مثل اليهود والنصارى , قد يكون وثنياً مثل المجوس وعبدة الكواكب والأوثان ومشركي العرب وأشباه ذلك. والثالث من الأنواع التي في القرآن المنافقون , والمنافق هو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام , فيحكم بإسلامه ظاهراً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين , حتى إنه باعتبار الحكم الظاهر ورثهم وورث الصحابة من آبائهم المنافقين , وهم في الباطن كفار أشد من اليهود والنصارى لقوله: ] إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [.
فمن حصل منه ذنب ووقع في ذنب من الذنوب , فإنه لا يخلو إما أن يكون من أهل الإيمان , وإما أن يكون من أهل الكفر , وإما أن يكون ممن أظهر الإسلام وأبطن الكفر , فمن كان من أهل الإيمان فإنه ليس كل ذنب يخرجه من الإيمان، فلما شهد شهادة الحق بيقين وظهور فإنه لا يخرجه منها إلا يقين مماثل لذلك مع إقامة الحجة ودرء الشبهة , وهذا التفصيل تنتفعوا به في مسائل تدل على هذا أو ذاك يعني على أحد الأقسام.

المسألة الخامسة:
من أصول أهل السنة والجماعة في هذا الباب وما خالفوا به الخوارج والمعتزلة والمرجئة في باب الإيمان والتكفير: أنهم فرقوا بين التكفير المطلق , وما بين التكفير المعين , أو ما بين تكفير المطلق من الناس دون تحديد , وما بين تكفير المعين , فأهل السنة والجماعة أصلهم أنهم يكفرون من كفره الله جل وعلا , وكفره رسوله صلى الله عليه وسلم من الطوائف أو من الأفراد , فيكفرون اليهود , يكفرون النصارى , ويكفرون المجوس , ويكفرون أهل الأوثان من الكفار الأصليين؛ لأن الله جل وعلا شهد بكفرهم , فنقول: اليهود كفار , والنصارى كفار , وأهل الشرك كفار , يعني أهل الأوثان عباد الكواكب , عباد النار , عباد فلان … إلخ، هؤلاء كفار وهؤلاء كفار أصليون , نزل القرآن بتكفيرهم , كذلك نقول بإطلاق القول في تكفير من حكم الله جل وعلا بكفره في القرآن , ممن أنكر شيئاً في القرآن , فنقول: من أنكر آية من القرآن أو حرفاً فإنه يكفر , نقول: من استحل الربا المجمع على تحريمه فإنه يكفر , من استحل الخمر فإنه يكفر , من بدل شرع الله جل وعلا فإنه يكفر , من دعا الناس إلى عبادة نفسه فإنه يكفر , وهكذا، فيطلقون القاعدة.

وأما إذا جاء التشخيص على معين فإنهم يعتبرون هذا من باب الحكم على المعين، فيرجعونه إلى من يصلح للقضاء أو الفتيا , فالأول وهو التكفير المطلق أو تكفير المطلق دون تحديد هذا مما يلزم المؤمن أن يتعلمه؛ ليسلم لأمر الله جل وعلا وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم , ويعتقد ما أمر الله جل وعلا به , وما أخبر به , فإن تكفير من كفره الله جل وعلا بالنوع واجب , والامتناع عن ذلك من الامتناع عن شرع الله جل وعلا، وأما المعين فإنهم لا يكفرونه , إلا إذا اجتمعت الشروط وانتفت الموانع , وعند من تجتمع الشروط وتنتفي الموانع , عند من يحسن إثبات البيانات ويحسن إثبات الشرط , وانتفاء المانع , وهو العالم بشرع الله الذي يصلح للقضاء أو للفتيا , فيحكم على كل معين بما يستحقه.

فإذن من أصولهم التفريق ما بين الحكم على المعين وما بين القول المطلق، وهذا الأصل دلت عليه أدلة من فعل أئمة السلف ومن أقوالهم؛ فإن الإمام الشافعي مثلاً حكم على قول حفص الفرد لما ناقشه بأنه كُفْر , ولم يحكم عليه بالردة , وكذلك من حكموا على من قال بخلق القرآن , أو أن الله لا يُرى في الآخرة بأنه كافر , لم يطبقوه في حق المعين , لهذا الإمام أحمد لما حكى، أو قال بتكفير من قال بخلق القرآن لم يكفر عيناً أمير المؤمنين في زمانه الذي دعا إلى ذلك , بل أمراء المؤمنين الثلاثة: المأمون ثم المعتصم ثم الواثق , حتى جاء عهد المتوكل فاستدل منه أئمة الإسلام كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية على أن إطلاق الكفر غير تعيين الكافر , ووجه ذلك ما ذكرته لك من أن التعيين يحتاج إلى أمور؛ لأنه إخراج من الدين , والإخراج له شروطه وله موانعه.

المسألة السادسة:
نرجع إلى قول الطحاوي هنا: "ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله" أُخذ عليه على الطحاوي أنه قال: "بذنب" وهذا يفيد أنه لا يكفر بأي ذنب , قال: "لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله" يعني أن أي ذنب لا يُكفَّر به حتى يستحله , وهذا ليس هو معتقد أهل السنة والجماعة على هذا الإطلاق، وإنما يعبرون بتعبير آخر, وهو مراد الطحاوي , يقولون: ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بمجرد ذنب , كما يقوله طائفة من أئمة الدعوة، أو: لا نكفر أحداً من أهل القبلة بكل ذنب , كما يقوله طائفة أيضا من العلماء المتقدمين , ومنهم شارح الطحاوية تبعاً لغيره.
فإذن قول الطحاوي: "لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب" المقصود به الذنوب العملية من الكبائر , كالخمر والزنى والسرقة وقذف المحصنات والتولي يوم الزحف , ونحو ذلك من كبائر الذنوب العملية التي كفر الخوارج بها , ويدل على هذا أن العقيدة المصنفة لبيان ما يخالف به أهل السنة أهل البدع والخوارج , وما تميزت به الجماعة , ومعلوم أن الخوارج خالفوا في تكفير مرتكب الكبيرة مثل القتل والزنى وشرب الخمر والسرقة وأشباه ذلك , فخالفهم بهذا القول يعني: لا نكفر بهذه الذنوب بذنب يعني من الذنوب العملية التي كفر بها الخوارج , أو خلد أصحابها في النار المعتزلةُ , ويدل عليه أنه قال بعدها: "ما لم يستحله" والاستحلال غالبه في الذنوب العملية.

المسألة السابعة:
قوله: "ما لم يستحله" الاستحلال معه يكون مرتكب الكبيرة كافراً , والاستحلال هو اعتقاد كون هذا الفعل حلالاً , قال ابن تيمية –رحمه الله- في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم: والاستحلال أن يعتقد أن الله جعله حلالاً , أو أن الله لم يحرمه , فإذا اعتقد أن هذا الشيء حلال , أو أن الله لم يحرم هذا , سواءٌ كان حلالاً على الأمة جميعاً، أو حلالاً عليه هو , وسواء كان عدم التحريم على الجميع أو عليه هو؛ لأنها صورتان , فإن هذا هو الاستحلال.
فإذن ضابط الاستحلال المكفر هو الاعتقاد؛ وذلك أن...

الـوجـه الـثـانـي

[الاستحلال فيه جحد لكون هذا الذنب محرماً؛ لأنه إذا قال]* الخمر حلال فإنه جحد تحريمها. ويأتي الصلة ما بين الجحد والتكذيب والاستحلال في المسألة التي تليها إن شاء الله تعالى.
فإذن ضابط الاستحلال المكفر أن يعتقد كون هذا المحرم حلالاً. وله صورتان: أن يعتقد كونه حلالاً له دون غيره , وهذه تُسمى بالامتناع، الصورة الثانية: أن يعتقد كونه حلالاً مطلقاً له ولغيره , وهذه تسمى التكذيب أو الجحد المطلق , فالاستحلال المكفر هو الاستحلال بالاعتقاد، قال بعض أهل العلم: وأما ما جاء في حديث أبي مالك الأشعري الذي في البخاري معلقاً , بل موصولاً , وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ((ليكونن من أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَّ – يعني الزنى - والحرير والخمر والمعازف)) هل هذا الاستحلال من الاستحلال العملي أو الاستحلال المكفر؟ قال طائفة كما ذكرت لك وهو ظاهر: إن هذا الاستحلال عمليٌ وليس باعتقاد كون هذه الأشياء حلالاً , فلم يخرجهم من الإيمان إلى الكفر , ولم يخرجهم من كونهم من هذه الأمة؛ لقوله: ((ليكونن من أمتي)) فجعلهم بعض هذه الأمة , وهذا يلمح إليه كلام لابن تيمية وكذلك للحافظ ابن حجر ولجماعة , وهو ظاهر في أن المدمن للذنوب , المدمن للذنوب يكون فعله فعل المستحل , لكن ليس اعتقاده اعتقاد المستحل , فقال: ((يستحلون)) يعني: يستحلون عملاً لا اعتقاداً؛ لأجل ملازمتهم لها وإدمانهم على هذه الذنوب , فضابط الكفر في الاستحلال الذي ذكره هنا ما لم يستحله , يعني: ما لم يعتقد أن الله لم يحرم هذا , أو أن الله أباح هذا , أو أن هذا الأمر حلال , أو ليس بحرام.
وهذا القدر له ضابطٌ أصلي عام؛ وهو أن الذي ينفع فيه ضابط الاستحلال هي الذنوب المجمع على تحريمها , المعلومة من الدين بالضرورة , أما إذا كان الذنب مختلفاً فيه , إما في أصله أو في صورة من صوره , فإنه لا يكفر من اعتقد حل هذا الأصل المختلف فيه , يعني في أصله , أو الصورة المختلف فيها.
يوضح ذلك النبيذ الذي أباحه طائفة من التابعين من أهل الكوفة , وأباحه طائفة من الحنفية , أو من أباح ما أسكر كثيره ولم يسكر قليله؛ فإن أهل العلم من أهل السنة لم يكفروا الحنفية الذين قالوا بهذا القول , وكذلك لم يكفروا من قال به من أهل الكوفة أو غيرهم , وكذلك من لم يقل بتحريم ربا الفضل؛ لأنه فيه اختلاف , وكذلك بعض صور الربا , وكذلك بعض مسائل النظر إلى المحرمات , يعني إلى الأجنبيات , أو إلى الغلمان ونحو ذلك , فإذا كان هناك أصل مجمع على تحريمه معلوم من الدين بالضرورة , يعني الضرورة ما لا يحتاج معه إلى استدلال فإننا نقول: من اعتقد إباحة هذا أو حله فإنه يكفر , مثل الخمر المعروفة , يعني في زمن النبي صلى الله عليه وسلم التي تُسكر من شربها تخامر عقله , مثل السرقة , مثل الزنى , والعياذ بالله مثل نكاح ذوات المحارم , إلى آخر هذه الصور.

المسألة الثامنة:
مما له صلة بلفظ الاستحلال , واشتبه على كثيرين أيضاً الجحد والتكذيب , وطائفة من أهل العلم يجعلون التكذيب والجحد شيئاً واحداً , وهذا ليس بجيد , بل هما شيئان مختلفان , قد يجتمعان وقد يفترقان , ويدل على ذلك قول الله جل وعلا في سورة الأنعام: ] فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [ فنفى عنهم التكذيب وأثبت لهم الجحد , فدل على أن التكذيب والجحد متغيران , فما صلتها بالاستحلال؟ الاستحلال اعتقاد كون هذا الأمر حلالاً , لا يعني هذا المحرم حلالاً، والجحد أن يرد الحكم بأنه حلال , أو أنه حرام , جحد وجوب الصلاة يعني رد هذا الحكم , يعني قال: لا , الصلاة ليست واجبة , جحد حرمة الخمر , قال: الخمر غير محرم.

فإذن الاستحلال , وهو اعتقاد كون الشيء حلالاً، الشيء المحرم، معه جحدٌ قلبي , ولكن ليس معه جحد لساني, قد يكون معه وقد لا يكون؛ لأن ظاهر آية الأنعام: ] فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ [ يعني: في الباطن ] وَلَـكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [ , يعني في الظاهر , فالجحد قد يكون في الظاهر وقد يكون في الباطن , والتكذيب قد يكون في الباطن وقد يكون في الظاهر , والتكذيب هو عدم اعتقاد صدق الخبر أو الأمر أو النهي , ولهذا أرجع كثيرٌ من أهل العلم من أهل السنة , أرجعوا أكثر مسائل التكفير إلى التكذيب؛ وذلك لأن التكذيب في أصله مناقض للتصديق الذي هو أصل الإيمان , والمرجئة ومن شابههم قصروا الكفر على التكذيب فضلوا , وأهل السنة والجماعة جعلوا الخروج من الإسلام والردة يكون بتكذيبه , ويكون بغيره كما ذكرت لك.
فإذن من الكلمات التي لها صلة بالاستحلال وتلازم الاستحلال أيضا الجحد والتكذيب , ومن الكلمات أيضا التي لها صلة بالاستحلال الالتزام والامتناع , التزم وامتنع , ومن الكلمات القبول والرد , وهذه تحتاج في بيانها إلى مزيد وقت , وسبق أن أوضحنا لكم بعض هذه المسائل.

التاسعة:
من أهل العلم من جعل التكفير في الاعتقادات , أو جعله في المسائل العلمية , فقال: العملية لا نكفر فيها إلا بالاستحلال , وأما المسائل العلمية التي دخل فيها أهل الأهواء والبدع فإننا نكفر المخالف فيها. وهذا قال به بعض المنتسبين إلى السنة , ولكنه مخالف لقول أئمة أهل الإسلام , وما تقرر من اعتقاد أهل السنة والجماعة , فإن الخطأ والاجتهاد والغلو ونحو ذلك يدخل في المسائل العلمية , فأهل البدع لا يُكفرون بإطلاق , فليس كل من خالف الحق في المسائل العلمية يعد كافراً , بل قد يكون مذنباً , وقد يكون مخطئاً , وقد يكون متأولاً , وعلى هذه الثلاث حكم أهل السنة وأئمة الإسلام بأن هذه البدعة قد تكون ذنب يوصله إلى الكفر , وقد تكون ذنبا فيما دونه , وقد يكون سلك البدعة عن جهة الغلط منه والخطأ أو الجهل , وقد يكون تأول في ذلك.

ويستدلون على هذا بقصة الرجل الذي أوصى إذا مات بأن يحرق , ثم يُذر رفاته , وقال: لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً لم يعذبه أحداً من العالمين. فجمع الله جل وعلا رفاته وقال له: ما حملك على هذا؟ فقال: إنما فعلته خشية عذابك. أو كما جاء , ففعل هذا الفعل الذي أنشأه عنده الجهل أو عدم اعتقاد الحق في صفة من صفات الله جل وعلا , وهي صفة تعلق القدرة برفاته هو , وبقدرة الله جل وعلا على بعثه , وعفا عنه رب العالمين؛ لأجل عظم حسناته الماحية أو لجهله؛ لأنه قال: فعلته من خشيتك , أو خوفاً من عذابك , أو نحو ذلك.
وهذا اعتقاد عظيم , وهو حسنة عظيمة قابلت ذلك الاعتقاد السيئ , فدل على أن الاعتقادات البدعية والمخالفة للحق قد يعفى عن صاحبها.
فإذن قول من قال: إن أهل البدع والضلالات والمخالفين في التوحيد , أو في الصفات , أنهم يكفرون إذا خالفوا ما دل عليه الكتاب والسنة , فهذا قول غلط وليس بصواب عند أئمة أهل السنة والجماعة , بل الصواب تقسيمه , فمنهم من يكون كافراً إذا قامت عليه الحجة الرسالية , ودفعت عنه الشبهة , وبين له , ومنهم من يكون مذنباً؛ لأنه مقصر في البحث عن الحق , ومنهم من يكون متأولاً , ومنهم من يكون مخطئاً , فمنهم له حسنات ماحية يمحو الله جل وعلا بها سيئاته.
المسألة العاشرة:
نطول عليكم؛ لأن المسائل هذه مهمة، أن التكفير يشترط تكفير المعين يشترط فيه إقامة الحجة وإقامة الحجة شرط بأمرين:
الأول: في العذاب الأخروي , يعني استحقاق العذاب الأخروي.
والثاني: في استحقاق الحكم الدنيوي , والدليل على ذلك قول الله جل وعلا: ] وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً[ , وكذلك قوله: ] وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى [ , فشرط لتولية المشاق ما تولى وجعل جهنم له وساءت مصيراً أن يكون تبين له الهدى , واتبع غير سبيل المؤمنين ] وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [ , وكذلك قوله جل وعلا: ] وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ [ وكذلك قوله جل وعلا: ] وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ [ , وكذلك قوله جل وعلا: ] وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ [ , فهذه كلها فيها اشتراط العلم وإقامة الحجة , وكل رسول بعث لإقامة الحجة على العباد.
إذا تبين هذا فإن إقامة الحجة تحتاج إلى مقيم , وإلى صفة , أما المقيم فهو العالم بمعنى الحجة , العالم بحال الشخص واعتقاده , وأما صفة الحجة فهي أن تكون حجةً رسالية بينةً , قال جل وعلا: ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [ اشترط أهل العلم أن تكون الحجةُ رسالية , يعني أن تكون قول الله جل وعلا وقول رسوله صلى الله عليه وسلم , يعني أما أن كانت عقلية وليس المأخذ العقلي من النص فإنه لا يكتفى فيه في إقامة الحجة , بل لابد أن تكون الحجة رساليةً.
لهذا يعبر ابن تيمية ويعبر ابن حزم وجماعة بأن تكون الحجة رسالية؛ لأنها يرجع فيها من لم يأخذ بالحجة إلى رد ما جاء من الله جل وعلا , ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما فهم الحجة فإنه لا يشترط في الأصل , ومعنى عدم اشتراطه أننا نقول: ليس كل من كفر كفر عن عناد بل , وربما كفر بعد بلاغ الحجة إبلاغه الحجة وإيضاحها له؛ لأن عنده مانعٌ من هوى أو ضلال منعه من فهم الحجة , قال جل وعلا: ] وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ [ , والآيات في هذا المعنى متعددة , ما معنى فهم الحجة؟ يعني أن يفهم وجه الاحتجاج , أن يفهم وجه الاحتجاج بقوة هذا الحجة على شبهته , هو عنده شبهة في عبادة غير الله , عنده شبهة في استحلاله لما حُرّم مما أُجمع على تحريمه , لكن يبلغ بالحجة الواضحة بلسانه؛ ليفهم معنى هذه الحجة , فإن بقي أنه لم يفهم كون هذه الحجة راجحة على حجته , فإن هذا لا يشترط يعني في الأصل , لكن في بعض المسائل جُعل عدم فهم الحجة يعني كون الحجة راجحة على ما عنده من الحجج , جعل مانعاً من التكفير كما في بعض مسائل الصفات , يعني أن أهل السنة والجماعة من حيث التأصيل اشترطوا إقامة الحجة , ولم يشترطوا فهم الحجة من الأصل , لكن في مسائل اشترطوا فيها فهم الحجة , وهذا الذي يعلمه من يقيم الحجة , وهو العالم الراسخ في علمه الذي يعلم حدود ما أنزل الله جل وعلا على رسوله صلى الله عليه وسلم.

المسألة الحادية عشرة:
قوله: "ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن علمه" هذا فيه مخالفة للمرجئة , والمرجئة جعلوا أصل الإيمان التصديق , وجعلوا هذا التصديق لا يتأثر زيادةً ولا نقصاً , وإنما هو شيء واحد , لذلك لم يجعلوا الإيمان يزيد وينقص , ولم يجعلوا التصديق أيضاً واليقين يزيد وينقص , بل جعلوه شيئاً واحداً , لهذا لم يجعلوا ذنباً يضر مع الإيمان , والمرجئة في هذا على درجات مختلفة , يأتي بيانها -إن شاء الله تعالى- عند قول المؤلف , والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان.

المسألة الثانية عشرة والأخيرة:
أن هاتين المسألتين وهي ما خالف فيه أهل السنة الخوارج , وما خالفوا فيه المرجئة فرعٌ لأصل , ومثال لقاعدة , وهي قاعدة الوسطية لأهل السنة والجماعة بين فرق أهل الضلال , فهم وسطٌ في باب الأسماء والأحكام , يعني في أبواب الإيمان والكفر , ما بين الخوارج والمعتزلة الوعيدية , وما بين المرجئة , في قول أولئك وقول هؤلاء , فهم يحذرون من الذنوب, ويتوعدون بها , ويتوعدون بالكفر , ولكن لا يخرجونه من الإيمان إلا بعد تمام الشروط , وانتفاء الموانع , فهم , أعني أهل السنة والجماعة , ثبتني الله وإياكم على طريقتهم ـ لهم في ذلك الطريق الوسط في هذا الباب , وفي باب الأسماء والصفات , وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وفي جميع أبواب الدين , بل وجميع أبواب الشريعة , يعني في أصولهم.
لهذا فالطريقة المثلى هي أن يكون المرء بين طرفي الغلو والجفاء , فالغلو مذموم بأنواعه , والجفاء مذموم أيضاً؛ لأنه قصور عن أمر الله , والغلو أيضاً مذموم؛ لأنه زيادة على أمر الله جل وعلا , والحق فيما بينهما.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين , وأن يعلمنا ما ينفعنا , وأن يزيدنا من الفقه في الدين , ومن متابعة سنة المرسلين , وأن يغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا , وأن يشفي قلوبنا من الأدواء والأهواء , وأن يشفي أبداننا من الأمراض , نحن وجميع أحبابنا , إنه سبحانه كريم جواد كثير النوال , وصلى الله على نبينا محمد. فيه شيء يتعلق بالدرس؟
نجيب على سؤالين مما يتعلق بالدرس:

سؤال: ما حكم الحكم بغير ما أنزل الله؟
جواب: مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ذكرها الشارح ضمن الكلام في المسألة على اعتبار أنها ذنب من الذنوب , والكلام في هل يكفر أو لا يكفر نقل فيها كلام ابن القيم –رحمه الله- ولم أتطرق لها , مع علمي بما ذكره الشارح؛ لأجل أنها مسألة طويلة الذيول , تحتاج إلى بحث وتفصيل فيها , لعل لها مقام آخر إن شاء الله تعالى.

سؤال: يقول: كان من المفترض , قول القائل: كان من المفترض أن يحل الله هذا؟
جواب: بعض الناس يستعمل هذه الكلمة وما يقصد ظاهر الكلام , وإلا ظاهر الكلام شنيع بشع؛ لأنه يكون الشيء حرمه الله جل وعلا , ويقول: هو من المفترض أن يكون حلالاً , هذا اعتراض واعتقاد وتثبيت أنه حلال، لكن بعض الناس يستعمل هذه العبارة من جهة رأيه وما عنده , يقول في المسائل إذا تجادل اثنان أو أكثر يقول: من المفترض أن هذا يصير مباحا؛ لعدم علمه , لا لأجل مثلاً ما يقوله مثلاً في الخمر من المفترض أنه يكون مثلا الخمر حلالا والزنى، إنما المسائل المشتبهة التي لا يعرف وجهتها , فإذن هذه الكلمة لا بد فيها من التفصيل قالها في أي ذنب؟ وما السياق؟ ولكنها من الكلمات الوخيمة.

سؤال: هل هناك فرق بين عدم فهم الحجة وعدم الاقتناع بالحجة؟
جواب: نعم فيه فرق , هذا نعيده الأسبوع القادم أحسن.

سؤال: هل يحكم على اليهودي المعين الذي مات على اليهودية بأنه من أهل النار؟
جواب: نعم يحكم على المعين الذي مات على اليهودية , أو على النصرانية بأنه من أهل النار؛ وهذا لأنه كافر أصلي , والنبي صلى الله عليه وسلم لما زار اليهودي الغلام اليهودي وقال له: ((قل لا إله إلا الله , أو قل أشهد أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله)) فجعل الغلام ينظر إلى أبيه ولم يقلها , فقال له والده اليهودي: أطع أبا القاسم. فقال الغلام , وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقال عليه الصلاة والسلام: ((الحمد لله الذي أنقذه الله بي من النار)) , وقال عليه الصلاة والسلام: ((والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني , ثم لا يؤمن بي إلا كبه الله في النار))، وقال أيضاً كما في صحيح مسلم: ((حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)) , وقال أيضاً جل وعلا: ] وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [ , وهذا لا يدخل في قول أهل السنة والجماعة: ولا نشهد على معين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم , هذا في حق المعين من أهل القبلة , أما من مات على كفره من اليهودي والنصراني أو مات , ونحن نعلم أنه يهودي أو نصراني , فهذا كافرٌ يشهد عليه بأنه من أهل النار ((حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)).

سؤال: هل من كفر بغير علم يصبح مرتداً فيقتل , أو أن عمله هذا يقتل به؟
جواب: من كفر بغير علم يلحقه الوعيد , ((من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهم)) هذا واحد، ويلحقه الوعيد مشابهة الخوارج؛ لأن الخوارج كفروا بغير علم , ويلحقه الوعيد أيضاً من جهة ثالثة؛ وهو أنه تعدى على الدليل من القرآن والسنة؛ لأنه كما ذكر لك في الأسباب أن إثبات الإيمان جاء بدليل , فنفي الإيمان عن المعين لابد فيه من دليل , فمن حكم بكفر أحدٍ هوًى , أو لقصور , أو لغلو أو لقصور عنده في العلم فإنه تعدى ما أذن له به إلى أمرٍ إنما هو لأهل العلم , فهو يؤاخذ بذلك كما ذكرت لك في قصة عمر -t- وهي قصة تحتاج منك إلى اعتبار في أنه قد يطلق المرء التكفير من جهة الغيرة , وقد يؤاخذ , وقد لا يؤاخذ , والواجب على العبد أن يحترز من فلتات لسانه , ويخاف أشد الخوف؛ فرب كلمةً قالها العبد لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً.
ومن منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم , الذي قرره أئمة أهل السنة , أن أهل العلم من أهل السنة يخطئون أو يضللون ولا يكفرون، يقول: هذا القول بدعة، هذا ضلال، هذا فسق، هذا خطأ، ونحو ذلك، وقد يحكمون على المعين إذا كان الحكم من الأئمة والعلماء، ولكن لا يكفرون إلا ببينة ووضوح.
وهذه المسائل مع الأسف شاعت عند الشباب في هذا العصر، وصاروا يتداولونها حتى في المجالس، وهو يعلم من نفسه أن مسائل الطهارة ما يعرفها، وكثير من مسائل الصلاة لا يعرفها، ومسائل يمكن معاشرة الزوجية (يجي) فيها بحكم الطبيعة أو بحكم ما ألف من حياة أبوه وأمه... إلى آخره، ما يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله في هذه المسائل، ومع ذلك تجد أنه يقتحم هذه المسألة العظيمة، وهي مسألة التكفير، وهي إنما لأهل العلم ذكرت لك أن لها قسمين:
القسم الأول: اعتقاد المسائل، اعتقاد المسائل، اعتقاد مسائل التكفير، مثلما ذكرت لك.
والثاني: التطبيق، التطبيق ليس إليك , إنما هو لأهل العلم والقضاء والفتيا، ونحو ذلك، أما الاعتقاد هذا واجب أن نعتقد ما أمر الله جل وعلا به , أو ما أخبر به جل وعلا لإيمان المؤمن وكفر الكافر , وكذا ما أخبر به عليه الصلاة والسلام.
في هذا القدر كفاية، ونلتقي إن شاء الله بكم الأسبوع القاددم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

مـجـلـس آخـر

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله (غير مسموع) وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً , أما بعد..,
نجيب على بعض الأسئلة , بودي لو الإخوة كتبوا الأسئلة في ورق لأن بقاء الأسئلة أيضا مفيد [كلام ليس له فائدة علمية]:

سؤال: هل عدم اشتراط فهم الحجة ألا يفهموا مقصود الشارع؟
جواب: ذكرنا لكم مراراً أن العلماء الذين نصوا على أن فهم الحجة ليس بشرط في قيام الحجة بنوا على الدليل , وهو قول الله جل وعلا: ] وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ [ , فالله جل وعلا جعل على القلوب أكنة لئلا يفهموه , فدل على أن الفهم والفقه , فقه الحجة ليس بشرط؛ لأن إقامة الحجة بالقرآن , تلاوة القرآن عليهم , وهم أهل اللسان كافٍ في قيامها , فصار إذن الحال مشتمل على أن إقامة الحجة شرط , ومعنى إقامة الحجة أن تكون الحجة من الكتاب أو من السنة , أو من الدليل العقلي الذي دله عليه القرآن أو السنة , وأن فهم اللسان العربي فهم معنى الحجة بلسان من أقيمت عليه هذا لا بد منه؛ لأن المقصود من إقامة الحجة أن يفهم معاني هذه الكلمات , أن يفهم معنى الحديث , أن يفهم معنى الآية , وأما ما لا يشترط وهو فهم الحجة فيراد به أن تكون هذه الحجة أرجح من الشبه التي عنده؛ لأن ضلال الضالين ليس كله عن عناد , وإنما بعضه ابتلاء من الله جل وعلا , وبعضه للإعراض , وبعضه لذنوب منهم , ونحو ذلك لهذا.
فإن الحجة على قسمين: يراد بفهم الحجة فهم معاني الأدلة , هذا لابد منه , فلا يكتفى في إقامة الحجة على أعجمي لا يفهم اللغة العربية أن تُتلى عليه آية باللغة العربية , وهو لايفهم معناها , ويقال: قد بلغه القرآن , والله جل وعلا يقول: ] لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ [ هذا ليس بكافٍ لا بد أن تكون الحجة بلسان من أقيمت عليه ليفهم المعنى , قال سبحانه: ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [.
المعنى الثاني لفهم الحجة: أن يفهم كون هذه الحجة أرجح من شبهته التي عنده , المشركون كما قررنا لكم في شرح كشف الشبهات عندهم علم , وعندهم كتب , وعندهم حجج كما أخبر الله جل وعلا في كتابه , فهم حجة الرسول عليه الصلاة والسلام , فهم القرآن , فهم حجة النبي عليه الصلاة والسلام العقلية التي أدلى بها عليهم بعد الوحي هذه معناها أن يفهموا المعنى , إذا كانوا هم فهموا المعنى , لكن مثلما يقول القائل بعد ما اقتنع: إن هذه الحجة أقوى من الشبهة التي عنده , فهذا ليس بشرط.
فإذن ما يشترط من فهم الحجة هو القسم الأول , وهو فهم المعنى , فهم دلالة الآية باللغة العربية ونحو ذلك، أما فهم الحجة بمعنى كون هذه الحجة أرجح في المقصود , وأدل على بطلان عبادة غير الله , أو على بطلان الباطل هذا ليس بشرط , المهم يفهم معناها ودلالتها , ثم بعد ذلك الله جل وعلا يضل من يشاء ويهدي من يشاء.

سؤال: يقول: إذا كان الإمام أحمد أقام الحجة على أحمد بن أبي دؤاد والمعتصم , فلم لم يكفرا مع إصرارهم على البدعة؟ وإن كان لم يقم عليهما الحجة فلماذا لم يقم عليهما الحجة , مع أنه في موقف يجب عليه إقامة الحجة؟
جواب: هذا سؤال يحتاج إلى تفصيل , وتفصيله ينبني على فهم واقع فتنة خلق القرآن. وفي الجملة منهج أهل السنة وأهل العلم أنهم يجعلون هذه الفتنة فيها شبهة , فلم يكفروا بحصول الفتنة , لا من جهة الوالي ولا من جهة من أجاب من المسلمين، لكن من أهل العلم من كفر ابن أبي دؤاد وكفر أمثاله العلماء؛ لأن العالم يفهم حجة القرآن , وإذا كان بقيت عليه الشبهة في مثل هذا الأمر العظيم فإنه إما أن يكون مقصراً , وإما.. يعني مقصراً في البحث عن الحق , وإما ألا يكون , فإن كان مقصراً في البحث عن الحق مع قربه منه فلا يلومن إلا نفسه، وهذا لا يمنع من الحكم عليه بالكفر عيناً , وإذا كان غير مقصر في البحث عن الحق , ولكن بقيت الشبهة عنده فهذا لابد من أن تزال عنه الشبهة , مع اختلاف المسائل في ذلك.
لكن هذا الكلام بخصوص القول بخلق القرآن , فمن أهل العلم من كفَّر ابن أبي دؤاد , ومنهم من لم يكفره عيناً؛ لأجل الشبهة التي عنده , كما ذكرنا لكم مسائل المعتزلة والخوارج في مثل مسألة خلق القرآن , ونفي رؤية الله جل وعلا في الآخرة , ونحو ذلك , أئمة أهل السنة يُكفِّرون بالنوع , يكفرون بالمطلق يعني التكفير المطلق , ولا يكفرون الأعيان إلا بعد اجتماع الشروط وانتفاء الموانع , وهذه كما ذكرنا يقيمها من يصلح لإقامتها من أهل القضاء أو الفتيا.

سؤال: ذكرت أن منهج أهل السنة عدم الحكم على أحد بالتكفير إلا بعد إقامة الحجة , وحكم العلماء عليه , كيف نجمع بينه وبين من يقول ويصف أن الأمة الإسلامية غائبة؟
جواب: يعني كيف نجمع بينه وبين.. بين منهج أهل السنة ومنهج أهل البدع ما يجمع بينهما , كلٌ له وجهة فهو موليها ] وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ [.

سؤال: هل من فعل الذنب من الكبائر وجهر به , وأصبح يتاجر فيه كالغناء , نقول: إنهم لا يؤمنون بتحريمها , واستخفوا بها , ونحكم بردتهم عن الإسلام؟
جواب: الكبائر لها حد , يعني بمعنى لها تعريف وذكرنا تعريفها عدة مرات , ويأتينا إن شاء الله تعالى في موضعه من شرح الطحاوية بتفصيل , فالحكم على الغناء بأنه من الكبائر هذا فيه نظر؛ لأن الغناء , التغني بالصوت التغني بالصوت قد يكون معه , قد يكون مشتملاً على كلام قبيح كفر أو نفاق أو دونه من التشبيب بالنساء أو باستباحة المحرمات أو نحو ذلك , وقد يكون الكلام لا يشتمل على ذلك , ثم هو قد يكون مُصاحَبا بمعازف , وقد لا يكون مصاحباً بمعازف , فقول القائل: إنه أصبح يُتاجر فيه كالغناء , أن هذا من الكبائر لا يختلف الحال فيه , فلهذا من جهة إثبات الكبيرة لابد فيه من تفصيل ما هو الغناء كله كبيرة ليس بصحيح , يعني بهذا الإطلاق , طالب العلم لازم يكون يدقق في ألفاظه , إذا قال الواحد: الغناء من الكبائر. ليس صحيحا هذا الكلام , فلا بد من التفصيل فيه , وهذا يرتبط بتفصيل الكبيرة.
المسألة الثانية المعازف من حيث هي , والغناء المشتمل على المعازف لم يجمع العلماء على تحريمه , فمن أهل العلم وهم نوادر من قالوا بإباحته , وجمهور أهل العلم كما دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة وهي كثيرةٌ جداً قالوا بحرمة ذلك، وهذا هو الحق الواضح الذي لا يجوز العدول عنه , لكن معرفة خلاف طائفة من أهل العلم من فقهاء المدينة في زمن الإمام مالك ومن بعدهم مثل ابن حزم والسمعاني طائفة من الناس من قالوا بإباحة السماع , واستعمال المعازف فهو خلافٌ في المسألة , ولا تكفير إلا بما أجمع العلماء على تحريمه , والمسألة إذا أجمع العلماء على تحريمها، من قال بخلافها , ففي القول بخلافها كفر.
ثم تكفير المعين يحتاج أيضاً إلى البيان، المسائل التي أجمع العلماء على حرمتها المخالف فيها يختلف؛ لأن المسألة قد تكون من المسائل التي يُعلم بالاضطرار بدين الإسلام أنها محرمة , مثل الخمر , مثل الزنى , الربا المتفق على تحريمه ونحو ذلك، هذا ما يحتاج له , ينشأ الناشئ بين المسلمين وهو يعلم أن هذه الأمور محرمة باتفاق أهل العلم، لكن ثمَّ مسائل خفية تحتاج إلى استدلال , ومثلاً لو قيل , لو قيل: إن الخمر , إن المعازف مجمع على تحريمها فإن هذا الإجماع ليس طبعاً هي لم يجمع على تحريمها , لكن هذا الإجماع غير معروف , لن يكون معروفاً عند الناس.
إلا بما أجمع عليه, ثم هنا ما أجمع أهل العلم عليه على قسمين؛ منه ما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام, يعني: لا يحتاج فيه العالم إلى بيان الأدلة, ومنه ما فيه خفاء, يحتاج فيه إلى بيان الأدلة, حتى غير المسائل هذه, مثل مسائل السحر، السحر لا شك أنه من كبائر الذنوب, بل لا يكون السحر إلا.. إلا بشرك لله جل وعلا, لكن منه من أصناف السحر ومن أحوال السحرة ما قد يخفى في بعض الأزمنة, فيحتاج إلى بيان وإيضاح, فالمسألة في نفسها قد تكون في زمان, مما يُعلم بالاضطرار, يعني: الدليل فيها لا يحتاج إلى إقامته؛ لأن كل الناس يعلمون هذا, وقد يكون في زمان أو مكان, يخفى الدليل على طائفة, فيحتاج في الحكم على المعين إلى بيان, وإن كانت عند طائفة أخرى مما يضطر, يعني: مما يُعلم بالاضطرار, العلماء يذكرون مثال ذلك, مثلاً من قال: الزناغير محرم, وهو ممن نشأ ببادية بعيدة عن دار الإسلام, ومثله يجهل, وهذا أسلم,وعايش مثلما حصل في زماننا الحاضر في بعض من يسكنون في بعض الأماكن, يقول: ما نعلم يفعل الفاعل الزنى, وما يعلم أنه حرام؛ لأنه ما مر عنده, مع أن حرمة الزنى مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام, فالمقصود من هذا أن المسائل التي يقال فيها هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام,نعني بها: ما لا يحتاج معه إلى إقامة دليل؛ لأنه ينشأ الناشئ وهو يعرف هذا, ولا يعرف غيره من دين الإسلام, هذه المسائل تختلف باختلاف الزمان والمكان؛ فلهذا يحتاج من يريد هذه المسائل - يعني: البحث في هذه المسائل- إلى استفصال آخر. السؤال يقول: نقول:إنهم لا يؤمنون بتحريمها, واستخفوا بها, فنحكم بردتهم عن الإسلام؟! ليس كذلك, من فعل الكبيرة مستخفاً بها لا يعني ذلك أنه مرتد, بل الذين يفعلون الكبائر منهم من يفعل الكبيرة لشهوة, غلبت عليه شهوة طارئة, هو مؤمن صالح, لكن غالب عليه أمر, فأخذ مالاً من غير حله, سرق لشهوة غلبت عليه, ثم رجع, فهذا نقول فيه: مؤمن بإيمانه, فاسق بكبيرته. أو غلب عليه.. رأى مرأة, أو خلى بمرأة ثم فعل معها الكبيرة عن غلبة شهوة,فهذا لا يخرجه, ما فعل عن كونه مؤمناً إذا تاب وأناب, فغلبة الشهوة تنقص من الإيمان إذا تاب وأناب, الحالة الثانية: فعل الكبيرة الذي يخرج معه المؤمن من الإيمان إلى الإسلام, وهو إذا استخف بالكبيرة, يعني: تهاون بها,وهو يعلم أنها كبيرة, ويعلم أنه عاصٍ, أقام عليها, واستمر على فعل الكبيرة, فهذا يخرج من اسم الإيمان إلى اسم الإسلام؛ لأن الإيمان الحق؛ الإيمان بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وبالقدر، الإيمان الحق بهذه.
الإيمان الكامل لا يجتمع مع صاحبه في مداومة الكبائر, وفي هذا يروى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند, أن العبد إذا فعل المعصية ارتفع عنه الإيمان, فصار على رأسه كالظلة, فإذا ترك عاد إليه، وهذا الحديث في إسناده ضعف, لكن يستدل به أهل العلم على أصلهم, من أن المؤمن حال مواقعته للكبيرة التي كانت عن غلبة شهوة لا استمرار واستخفاف؛ فإنه يبقى عليه اسم الإيمان, لكن ينتزع منه ما دام فاعلاً لهذا المنكر, فإذا ترك هذه الكبيرة وأناب إلى الله جل وعلا رجع, فيقال: مؤمن بإيمانه, فاسقٌ بكبيرته, لكن المصر على الربا, المصر على الزنى, المصر على شرب الخمر, لا يخرجه أهل السنة من اسم الإسلام,ويجعلونه مرتداً, كذلك أصحاب المعازف والغناء المحرم, وبيع مثل هذه آلات اللهو ونحو ذلك, إذا كان ممارساً لها وهو يعتقد حرمة ذلك فيما أجمع عليه؛ فإنه يخرج من الإيمان, إذا كان مداوماً عليها إلى الإسلام؛ لأن الإسلام هو العمل الظاهر, إذا كان... جاء بأمور الإسلام, وهذه فيها أيضاً مزيد تفاصيل تأتي في موضعها إن شاء الله من شرح الطحاوية.

سؤال:الأخيركم النصاب الواجب في زكاة الريالات السعودية؟
جـواب: نصاب الزكاة في الذهب والفضة جاء في السنة واضحاً, وفي الذهب النصاب عشرين مثقال من الذهب, والفضة مائتي درهم من الفضة, لما يعني: كان في الزمن المتأخر هنا, مثلا في المملكة كان الناس يستعلمون ريالات فضة, ريالات الفضة هذه, والجنيه الذهب, ريالات الفضة كم تقابل من الدراهم الفضة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام؟! وكذلك الذهب كم يقابل من المثاقيل؟! فجعلوا ريال العربي الذي تجب فيه الزكاة طبعاً بالوزن بالمقابلة جعلوه ستة وخمسين ريالاً فضة عربي, وبالنسبة للجنيه جنيه الذهب المعروف جعلوه أحد عشر جنيهاً, وثلاثة أسباع الجنيه طبعاً, هذا يختلف باختلاف الذهب, أو الفضة من حيث الصفاء والغش, يعني: أن المثقال الذهب هل هو صافي ولا مغشوش؟! الفضة هل هي صافية ولا مغشوشة؟! فيختلف النصاب باختلاف الغش (اللي) فيه, إذا قلنا مثلاً:إن النصاب الآن للخالص خمس وثمانين جرام في الذهب، الذهب الخالص النصاب الزكوي فيه خمس وثمانين جرام, خمس وثمانين جرام, هذه للخالص, يعني:(اللي) هو الحد للعشرين مثقال, الخالص منها خمس وثمانين جرام, لكنه الآن الجنيهات الذهب هذه ليست خالصة, داخلها شيء, لذلك تجد أن المشايخ يعني: أهل الإفتاء, يقولون: النصاب اثنين وتسعين جرام.إيش؟! بعضهم يقول: خمس وثمانين. والآخر يقول: اثنين وتسعين.من قال: خمس وثمانين باعتبار الأصل, يعني: شيء نظري, المطلق بدون الوجود اثنين وتسعين على اعتبار واحد, وعشرين جرام إذا صار الذهب ثمانية عشرة عيار, ثمانية عشرة تزيد النسبة, تصير بدل اثنين وتسعين, يمكن خمس وتسعين, ست وتسعين, ممكن تدركها بالحساب, إذا كان الذهب أربعة عشر عيار أربعة عشر, يزيد النصاب,يصير مثل مائة أومائة وخمسة, يعني: بالحساب ممكن تحسبها, وهكذا الفرق، لما جاء تحويل الريالات من ريالات عربي فضة إلى الريال السعودي أوّل الأمر كان الريال السعودي الورق يقابل ريال فضة تماماً, هذا يقابل هذا, ولهذا كان يكتب عليه أول ما صدر, أن مؤسسة النقد تتعهد لحامل هذا السند بدفع ريال عربي واحد, يعني: فضة, صار أول ما جاء النصاب ست وخمسين ريال ورق مثل ست وخمسين ريال فضة؛ لأن هذا وهذا واحد, بعد ذلك صارت التغطية وأمور المال مختلفة, فصار هناك انفصال ما بين الريال الورقي والريال الفضة, هذا الانفصال جعل النصاب الزكوي يختلف, فيصبح الأمر راجعاً إلى تقويم الريال العربي الفضة بما يعادله من الريالات, فيبحث هنا ست وخمسين ريال فضة إيش يعادلها من الريال الورق؟! هذا يختلف باختلاف الوقت, يعني: مثلاً في سنة قد يكون أقل, سنة أكثر, فقد يكون ثلاثمائة ريال, أربعمائة ريال, يعني: الآن بحسب سعر الريال الفضة, نعم. اقرأ (مكرر)
القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, قال العلامة الطحاوي –رحمه الله تعالى-: [نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم, ويدخلهم الجنة برحمته, ولا نأمن عليهم, ولا نشهد لهم بالجنة, ونستغفر لمسيئهم, ونخاف عليهم, ولا نقنطهم, والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام, وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة, ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه].

الشيخ: إيش؟ يكفي.
قال العلامة الطحاوي –رحمه الله تعالى-:"وأجزل له المثوبة,ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم, ويدخلهم الجنة برحمته, ولا نأمن عليهم, ولا نشهد لهم بالجنة, ونستغفر لمسيئهم, ونخاف عليهم, ولا نقنطهم". هذه الجملة فيها بيان لما يجب على المرء المؤمن أن يعامل به نفسه, وأن يعامل به غيره من إخوانه المؤمنين, فمع النفس أهل السنة والجماعة يرجون للمحسن, ويخافون على المسيء, هذا أصلهم, مخالفين أهل التقنيط, وهم أهل الإفراط, وأهل الأمن, وهم أهل التفريط، وأصل هذا عندهم أن المؤمن وعده الله جل وعلا بموعدة لن يخلفها إياه؛ لأن وعد الله جل وعلا كان مفعولا؛ ولأن وعد الله جل وعلا كان مسئولا -I- فالله جل وعلا وعد المؤمن الذي مات على الإخلاص بأن يعفو عنه, وأن يدخله الجنة برحمته:] إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [ وكذلك الله جل وعلا توعد من عصاه, وتوعد من خالف أمره, واتبع هواه. ووعيده قد ينفد جل وعلا, ويقع لمن توعده -I- فلذلك لأجل وعيدالله جل وعلا فإن من فعل ذنباً ومعصية؛ فإنه يخافُ عليه, ولا يؤمن جانبه أن يكون ممن دخلوا في الوعيد, وعاقبهم الله جل وعلا, فأهل الإيمان منهم المحسن, ومنهم المسيء,ومنهم من خلط عملاً صالحاً, وآخر سيئاً, هذا يغلبه تارة, وهذا يغلبه تارة، فالمحسن المسدد نرجو أن يدخله الجنة ربه جل وعلا برحمته, والمسيء نخاف عليه أن يؤخذ بجريرته, ونستغفر له, ولا نقنطه من رحمة الله, لكن نفتح له باب التوبة, وباب الرجاء, هذه الجملة مبنية على أصل, خالف فيه أهل السنة والجماعة المعتزلة والخوارج, وطائقة من غلاة الصوفية في هذه المسائل, حيث إن أهل السنة أصلوا ما جاءت به الأدلة, من أن وعد الله جل وعلا مسئول ومفعول, وربنا جل وعلا لا يخلف الميعاد، وأن وعيده سبحانه وتعالى قد يدرك العبد, وقد يتخلف؛ وذلك لأسباب يأتي بيانها إن شاء الله، فالمقصود من هذه الجملة أن أهل السنة والجماعة يعملون الوعد, فيرجون للمحسن, ويعملون الوعيد؛ لأنه قد يتحقق؛فيخافون على المسيء ولا يفتحون باب الوعد دون نظرٍ في الإساءة، كحال المرجئة والصوفية وطوائف, ولا يعملون حال الوعيد, ويقولون: بإنفاذه قطعاً, وأنه لا يتخلف كحال الخوارج والمعتزلة, إذا تبين هذا من حيث الإجمال ففي المقام تفصيل, نذكره في مسائل:

الأولى: أن الرجاء للمحسن بالعفو, وعدم الأمن والاستغفار للمسيء والخوف عليه, هذا عقيدة يتعامل بها المرء مع نفسه, وكذلك مع المؤمنين, فمع نفسه تسره حسنته, وتسؤه سيئته, ويرجو لنفسه إذا أحسن, ويأمل ويطمع في أن يدخله الله الجنة برحمته, لا بعمله, ولا يأمن على نفسه أن يقلب الله جل وعلا قلبه, وكذلك لا ينظر إلى نفسه بعملٍ صالح عمله أنه استوجب به الجنة, فدائماً ينظر إلى نفسه ما بين إحسانها, في أن يطمع في ثواب الله ورحمته, وإذا أساءت؛ فإنه يخاف, ولا يقنط من رحمة الله جل وعلا, هذا مع نفسه, وكذلك مع المؤمنين؛ فإنه ينظر إليهم بهذا الأصل, فمن مات من أهل الإيمان؛ فإنه يرجو أن يعفو الله عنه, وأن يدخلهم الله الجنة برحمته، ومن مات من أهل الإساءة فإنه يستغفر للمسيء, ويخاف عليه, ولا يقنط من أساء من الأحياء, وكذلك لا يقنط نفسه فيمن أساء من أن يعفو الله عمن مات.

المسألة الثانية:
الرجاء للمحسن من المؤمنين, العفو هذا يشمل كل أحد, حتى من لم يعرف لنفسه ذنباً, وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام للصديق أبي بكر -t- بأن يدعو في آخر صلاته بقوله: ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً, ولا يغفر الذنوب إلا أنت, فاغفر لي, فإنك أنت الغفور الرحيم)) فقول أبي بكر:"اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً" هذا تبع لهذا الأصل, وهو أن المحسن من المؤمنين حتى صاحب المقامات العالية الصديق -t- يرجو أن يعفو الله عنه, وأن يدخله الجنة برحمته, ولا يأمن, كذلك من دونه من المؤمنين من أهل الاقتصاد, وعدم السبق في الخيرات, كذلك لابد أن يرجوا لنفسه, ولا يأمن ويظن أنه محتاج إلى العفو, يعني: يعتقد أنه محتاج إلى عفو الله جل وعلا، وإلى رحمته.

المسألة الثالثة:
الجمع ما بين الرجاء للمحسن والاستغفار للمسيء, هذا تبع لأصل عظيم, وهو الجمع في العبادة ما بين الخوف والرجاء, فالمأمور به شرعاً أن يجمع العبد ما بين خوفه من الله جل وعلا، وما بين رجائه في الله جل وعلا, والخوف عبادة, والرجاء عبادة، والخوف المحمود هو الذي يحمل على طاعة الله جل وعلا بفعل أمره, وترك المحرمات, هذا هو الخوف المحمود, وهو المذكور هنا في قوله: "نخاف عليهم". والخوف المذموم هو الذي يصلُ إلى القنوط من رحمة الله جل وعلا, ولا يقنط من رحمة الله إلا الضالون، الخوف من الله جل وعلا عبادة مستقلة, تحمل على فعل الأمر, واجتناب النهي, هذا أولاً، وثانياً: تحمل على عدم رؤية العمل الصالح, يعني: رؤية أثره, وكذلك على عدم رؤية العمل السيئ, في أنه موقعٌ صاحبه, وأنه مهلك له, والله جل وعلا مدح عباده الذين يخافون في كتابه في مواضع كثيرة, كقول الله جل وعلا في وصف الملائكة: ] يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [ وأمر الله جل وعلا بالخوف في قوله: ] فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ [ وقال جل وعلا: ] يعِبَادِ فَاتَّقُونِ [ وذكر خاصة عباده بالخوف من المرسلين, فقال سبحانه: ] إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً [ فأصل الخوف من الله جل وعلا عبادة عظيمة, لا تستقيم العبادة إلا بها, ولا يستقيم الإيمان إلا بالخوف, فمن لم يكن عنده خوف أصلاً من الله جل وعلا فليس بمؤمن؛ لأنه يكون آمناً, والأمن ينقل عن ملة الإسلام, يعني: الأمن التام, بعدم وجود الخوف أصلاً من الله جل وعلا.

الثاني: الرجاء، والرجاء أمل يحدوالإنسان في أن يتحقق له ما يريد, قال طائفة من العلماء، ونقله الشارح: عندكم إن الرجاء لا يكون إلا باجتماع أشياء؛
الأول: المحبة لما رجاه, وهو يرجو أن يدخل الجنة,فلابد أن يحب أن يدخل الجنة.
الثاني: الخوف, وهو أن يخاف مما يقطع عليه أمله, يخاف من الذنوب, يخاف من الكفر، يخاف من النفاق أن يقطع عليه أمله في دخول الجنة.
والثالث: أن يعمل الأعمال الصالحة التي تكون سبباً فيما رجى, فمن ترك تقديم الأسباب, وفعل الأسباب, فلا يكون راجياً, قالوا: والفرقُ ما بين الرجاء والأماني أن الرجاء يكون معه خوفٌ وعمل، والأماني إنما هي طمع, ليس معها خوف, ولا سعي في الأسباب, والمطلوب شرعاً من العبد المؤمن فيما يراه في نفسه ولإخوانه المؤمنين أن يكون راجيا,ً وليس بذي أماني, قال الله جل وعلا: ] لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [ فإذن دل هذا القول.. هذا الكلام من الطحاوي على الأصل الشرعي, وهو أن العبد ينظر إلى نفسه, في عبادته, وفي أثر عبادته, إلى أنه يجمع ما بين الخوف والرجاء، وكذلك في نظره وإلى إخوانه المؤمنين.


المسألة الرابعة:
اختلف العلماء في الخوف والرجاء, هل يجب تساويهما أم يرجح أحدهما على الآخر؟! على أقوال:
القول الأول: أن يغلب جانب الخوف مطلقاً.
القول الثاني: أن يغلب جانب الرجاء مطلقاً.
والقول الثالث: أن يستوي عند العبد الخوف والرجاء.
والقول الرابع: التفصيل, ومعنى التفصيل أن الخوف قد يغلب في حال, وقد يُغلب الرجاء في حال، وقد يطلب تساويهما في حال, فيغلب الخوف على الرجاء في حال أكثر المؤمنين؛ لأن أكثر أهل الإيمان عندهم ذنوب, فيغلبون حال الخوف في حال الصحة والسلامة؛ لأنهم لا يخلون من ذنب، والخوف يحملهم على ملازمة الطاعة وعلى ترك الذنب, والرجاء يغلب في حال المرض لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا يمت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه جل وعلا)). وللحديث أيضاً الآخر الذي رواه البخاري وغيره: ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)). فدل هذا على أن رجاء العبد مطلوب, وإذا كان في حال المرض المخوف أو في أي مرضٍ كان فيه فإنه يُغلب جانب الرجاء على الخوف، وفي حال يستوي فيه الرجاء والخوف, وهو في حال التعبد, إذا أراد العبادة ودخل في العبادة؛ فإنه يخاف ويرجو, يخاف الله جل وعلا ويرجو ربه جل وعلا, يخاف الذنب، يخاف العقاب، ويرجو الثواب, وهذا القول الأخير هو الصحيح, وهو الذي عليه أهل التحقيق, ومن قال من أهل العلم:إنه يُغلب جانب الخوف مطلقاً, نظر إلى أن حال أكثر المنتسبين حالهم على ذنب, وهذا قصور، فتغليب جانب الخوف في حقهم يردهم إلى الحق، ومن قال: يُغلب جانب الرجاء دائماً, عمم قوله عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى: ((أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)). ومن قال بالاستواء دائماً, نظر إلى قول الله جل وعلا: ] إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً [ وكذلك قوله جل وعلا: ] أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً [ والتفصيل هو الصحيح؛ لأن الأحوال تختلف باختلاف المقامات والناس.

المسالة الخامسة
قوله:"نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم". قوله:"للمحسنين من المؤمنين". هذا على مورد التقسيم من أن أهل الإيمان منهم المحسن, ومنهم المسيء, وليس شرطاً في رجاء العفو أن يكون من أهل الإحسان, وإنما المؤمن إما أن يكون محسناً, وإما أن يكون مسيئاً، والمحسن هو من كان من المقتصدين, أو من السابقين بالخيرات؛ لأن أهل الإيمان ثلاث مراتب؛ الظالم لنفسه, والمقتصد، والسابق بالخيرات, كما دلت عليهم آية فاطر: ] ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ اللَّهِ [. والمحسن من المؤمنين أو المسيء من المؤمنين نرجو أن يعفو الله جل وعلا عنهم, ونخاف على المسيء منهم, والعفو عفو الرحمن جل وعلا عن العبد, وعدم مؤاخذته بفعله, هذا قد يكون منةً وتكرماً منه جل وعلا في غير الشرك به -I-، وقد يكون بسب, فأما ما كان منه منةً وتكرماً جل وعلا, معنى منَّة يُمنُّ على من يشاء, يعني: ابتداءً منه -I- بدون أن يفعل العبد سبباً يُحصل به ذلك، والله جل وعلا وعد, بل توعد ألا يغفر الشرك به, فقال:{إن الله لا يغفر أن يشرك به}. قال: ] وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [ فما دون الشرك يغفره سبحانه لمن يشاء منةً وتكرمًا منه جل وعلا, وأما ما كان بسبب فالعلماء نظروا فيما جاء فيه الدليل من الكتاب والسنة, في الأسباب التي تكون رافعة لأثر الذنب؛لأن الذنب إذا وقع من العبد فلابد من حصول الجزاء عليه, قال جل وعلا: ] لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [. ولما نزلت هذه الآية شق ذلك على المسلمين مشقة عظيمة, فقال.. فعرف ذلك منهم عليه الصلاة والسلام, وخرج عليهم, وقال: ((سددوا وقاربوا)). فما يصيب المسلم.. أو كما جاء في الحديث ((فما يصيب المسلم من مصيبة كانت كفارة له, حتى النكبة يُنكبها, وحتى الشوكة يشاكها)). رواه مسلم في الصحيح فقوله [عليه الصلاة والسلام][1]:{من يعمل سوء يجز به}. دل على أن هناك ما يكفر الله به هذا السوء, الذي حصل من العبد، وأنه لا يجازى به, بل يرفع الجزاء بسبب من الأسباب, وقال سبحانه: ] وَمَا أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [. يعني: ما أصاب العبد من مصيبة في ديناه فهو بسبب ذنب عمله, فتكون كفارةً له, ويعفو الله جل وعلا عن كثير من الذنوب التي حصلت من العبد, إذا تبين ذلك، فالأسباب هذه التي يكفر الله جل وعلا بها الخطايا, أو يمحو, بها أثر السيئات, ويرفع بها أثر الإساءة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أسباب يفعلها العبد.
والقسم الثاني: أسباب من المؤمنين للواحد منهم.
الثالث: أسباب من الله جل وعلا ابتداءً منه -I-
فالقسم الأول: وهو ما يمحو الله جل وعلا به أثر الذنوب والسيئات من فعل العبد هذا ثلاثة أنواع:

النوع الأول: التوبة، والتوبة مأمورٌ بها إجمالاً وتفصيلاً, قال جل وعلا: ] يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً [. هذا إجمالاً, كل مؤمن حتى الصالح حتى الأنبياء مأمورون بالتوبة، كان عليه الصلاة والسلام يقول: ((إني ليغان على قلبي, وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة)). وكان يحسب له عليه الصلاة والسلام في المجلس الواحد يتوب إلى الله جل وعلا مائة مرة, وقال سبحانه: ] وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [.فالتوبة مأمورٌ بها, سواء كان العبد مسدداً, أو كان دون ذلك, فأعظم الأسباب التي يفعلها العبد لمحو السيئات عنه التوبة، فمن فعل سيئة مهما كانت حتى الكفر والشرك؛ فإن الله جل وعلا يمحو أثره بالتوبة إليه -I- قال جل وعلا بعد أن ذكر أصناف الكبائر في سورة الفرقان: ] إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً [. والتوبة معناها ضابط التوبة, تاب بمعنى رجع, هناك ثلاثة ألفاظ متقاربة, لكن المعنى يختلف بدقة آب تاب ثاب، هي تشترك في الأصل من أنها فيها رجوع, آب يعني: رجع, آيبون تائبون, تشمل هذه وهذه، فآب رجع, أواب كثير الرجوع, تواب أيضاً كثير الرجوع، لكن تواب تكون أو تاب من شيء سيئ فعله, وأما آب فهو رجوعٌ مطلق, سواء مما يسوء أومما لا يسوء، وثاب مختص برجوع خاص.
إذن التوبة رجوع.. رجوعٌ إلى الله جل وعلا بطلب محو تلك السيئات, فإذن هي توبة رجوع إلى الله جل وعلا بطلب محو السيئات, هذا هو السبب الأول، وهو التوبة وهي أعظم الأسباب, قال جل وعلا: ] يعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [.أجمع العلماء على أن هذه الآية نزلت في التائبين:{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } يعني: لمن تاب.
السبب الثاني... طبعاً التوبة تفصيل الكلام عليها وشروطها… إلخ يطلب من موضعه
السبب الثاني: مما يفعله العبد ويمحو الله جل وعلا به أثر الذنب الاستغفار، والاستغفار هو طلب المغفرة، والمغفرة معناها ستر أثر الذنب؛ لأن الذنب إذا وقع من العبد فلابد أن يوجد أثر ذلك الذنب, وهو إما أن يكون العقوبة عليه، وإما يعني: أن يعاقب العبد على ذنبه في الدنيا, أو في القبر, أو في الآخرة, وإما أن تقع عليه مصيبة؛ يكفر الله بها ذنبه, وإما أن يُخزى بذنبه, لهم في الدنيا خزي والعياذ بالله، اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا, ومن عذاب الآخرة، الخزي يقع بسبب الذنوب, فإذن الذنب إذا وقع من العبد فله أثره الكوني, وأثره الشرعي الذي يحصل، ولابد إلا أن عفا الله جل وعلا منةً وتكرم, إذا استغفر العبد طلب غفر الذنب, طلب أن يُستر هذا الذنب, فلا يخزى بها, وأن يستر أثر الذنب, فلا يؤاخذ به، وهذا قرين التوبة, لهذا جاءت في عدة آيات اقتران التوبة والاستغفار؛ لأن الاستغفار مثل التوبة في الأمر بها والحث والحض عليها قال جل وعلا: ] اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً [ وقال جل وعلا: ]الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ [. الاستغفار صار قبل التوبة من جهة أنه طلب مباشرة, طلب أن يمحى أثر الذنب؛ لأن أثر الذنب لو أخرت طلب المغفرة فقد يقع الأثر سريعاً {ثم توبوا إليه}. يعني: أن التوبة تكون بعد الاستغفار من الذنب. ولهذا النبي r كان يقدم طلب المغفرة على طلب التوبة, فقال: ((رب اغفر لي وتب عليّ أستغفر الله وأتوب إليه)). التوبة والاستغفار نظر فيها بعض العلماء، وذكرها الشارح عندكم تبعاً لابن تيمية من أن التوبة والاستغفار من الألفاظ التي إذا اجتمعت تفرقت, وإذا تفرقت اجتمعت, إذا اجتمعت تفرقت,إن التوبة على ما ذكرت لك من تعريفها, والاستغفار على ما ذكرت لك من أن الاستغفار طلب ستر الذنب, والتوبة طلب محو الذنب رجوع في طلب محو الذنب إذا تفرقت، فالمستغفر تائب, والتائب مستغفر, السبب الثالث من العبد,الحسنات التي تمحو السيئات, والله جل وعلا قال: ] وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الْلَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [ وقال عليه الصلاة والسلام: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن)). فالحسنة تمحوا السيئة, ففعل الحسنات يمحو الله جل وعلا به السيئات.

السؤال: لكن هل كل حسنة يمحو الله جل وعلا بها كل سيئة؟!
الجواب: ليس كذلك –بل الحسنة لها- السيئة لها ما يقابلها من الحسنات التي تختص بها، والسيئات أيضاً منها ما يبطل الحسنات التي تقابلها.
الأول: مثل أن الأعمال السيئة الكبيرة مثل الإفساد في الأرض بالشرك بالله جل وعلا، أو بقتل النفوس, هذه ذنوب عظام يكفرها الجهاد, في سبيل الله جل وعلا كما قال سبحانه: ] يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ [. الآية الكبائر لها ما يقابلها, فإذا كانت الكبيرة, بالسرقة وأخذ المال من غير حله, وبالربا ونحو ذلك فيقابلها من الكفارات الصدقة, إذا كانت كبائر الذنوب من جهة أعمال البدن فيقابلها الصيام, والصلاة ونحو ذلك، إذا كانت من جهة المال يقابلها الزكاة والصدقات وأشباه ذلك. فإذن الحسنات من حيث الجنس, يمحو الله بها السيئات، والسيئات قد يفعل العبد سيئة, تبطل معها حسنةً, كان يعملها, ويُستدل لذلك بما روي من أن زيد بن أرقم, تعامل بالعينة, أو باع شيئاً بأجل, باع فرساً له بأجل بثمان مائة درهم، ثم اشتراه ممن باعه عليه بستمائة, وهذا باعه إلى العطاء فربح, هذا الفرق لما بلغ عائشة ذلك قالت: " أعلموا زيداً أنه أبطل جهاده مع رسول الله r" وهذا رأي أو اجتهاد من عائشة –رضي الله عنها- والحديث فيه ضعف معروف, يعني: إسناده لا يصح, لكن استدل به بعض أهل العلم مثل؛ ابن تيمية ووجهه, بأن هذا الفعل وهو حصول الربا مقابلٌ للجهاد, فوقوع التبايع بالعينة, هذه قابلت بها عائشة فعل الجهاد، ولهذا جاء في الحديث اقتران ترك الجهاد بالتبايع بالعينة,جاء فيما صح عنه عليه الصلاة والسلام الحديث (اللي) في السنن وفي غيرها: ((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر وتركتم الجهاد)). فقارن بين هذا وهذا, فهذا الأصل يدل على أن الحسنات مكفرات للسيئات, وعلى أن بعض السيئات قد تبطل بعض الحسنات, يعني: تكون في مقابلتها من جهة عظم السيئة, حتى أنها تبطل, أو يعني معنى تبطل, يعني: أنها في الميزان تكون مقابلة لها في عظم الذنب, تلك حسنة كبيرة، وهذا ذنب عظيم, فتكون هذه مقابلةً لهذه, إذا وضعت في الميزان الحسنات؛ يكفر الله جل وعلا بها السيئات مثلما ذكرنا في الآيات هذه أفعال العبد-.

النوع الثاني: ما يفعله العباد, يعني: ما يفعله المؤمنون لإخوانهم, يكفر الله جل وعلا به السيئات, وهذا يجامع الرجاء, فعقيدة أهل السنة والجماعة أن العبد يرجو لنفسه, ويخاف على نفسه فيعمل الأسباب التي لنفسه من الرجاء والخوف,(واللي) ذكرنا من الاستغفار والتوبة والحسنات، وكذلك يرجو لإخوانه, ويخاف على إخوانه, فيعمل الأسباب التي تنفعهم فيما رجى لهم, ويعمل الأسباب أيضا التي تنفعهم فيما خاف عليهم, من الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والجهاد, ونحو ذلك. ما يفعله العباد ثلاثة أنواع أيضاً؛ الاستغفار, والدعاء, للمؤمنين.

(الوجه الثاني)

[وهذا ينفع –والاستغفار والدعاء نافعٌ سواءٌ كان من الملائكة أم من المؤمنين من الجن والإنس، والملائكة يستغفرون ويدعون للمؤمن كما قال جل وعلا: ] الَّذِينَ][2] يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ امَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَاتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ[ الآيات{وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}إلخ فهذا دعاء منالملائكة, كذلك دعاء المؤمن للمؤمن في خارج الصلاة أو في الصلاة, هذا نافعٌ له، ومن الأسباب التي يكفر الله جل وعلا بها خطايا المؤمن, فتدعو لإخوانك المؤمنين, تدعو لفلان المعين المذنب, هذا يمحو الله جل وعلا به السيئات.

السبب الثاني: إهداء القُرب, وعمل العبادات عن المؤمن, وهذه تشمل الصدقة عن الغير, أو عمل العمل الصالح وإهداء ثوابه للغير, أو أن يعمل العبادة التي تدخلها النيابة, مما جاء في السنة, ويجعلها لغيره مثل الصيام والحج والصدقة، ونحو ذلك وهذه يأتي مزيد تفصيل للكلام عليها عند قول الطحاوي، وفي دعاء المسلمين وصدقاتهم منفعةٌ للأموات.

الثالث من هذه الأنواع الثالث: الشفاعة، الشفاعة إما في الدنيا أو في الآخرة, فشفاعة المؤمن لإخوانه المؤمنين نافعة له, وأصل صلاة الجنازة لأجل الدعاء للمؤمن والشفاعة, ولهذا جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((ما من مسلم يصلي عليه أربعون من أهل الإيمان إلا شفعهم الله فيه)). وفي لفظ آخر قال: ((كلهم يشفعون له إلا شفعهم الله فيه)). والشفاعة تحصل في الدنيا بالدعاء, وتحصل أيضاً في الآخرة,فشفاعة الأب لأبنائه، والابن لوالده ونحو ذلك، والعالم لأحبابه, وأهل القرابة لقراباتهم أو للمؤمنين, ومن ذلك بل أعظمه شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام لطوائف من أمته.

القسم الثالث: الأسباب التي من الله جل وعلا وهي أربعة:
الأول: وهو أعظمها, وأجلها مغفرة الله جل وعلا لعبده ابتداءً منةً منه وتكرماً, فالله جل وعلا منَّ على عبده بالإسلام, وبالإيمان, فقد يمنُّ عليه بمغفرة الآثام ابتداءً، وهذا خلق الله جل وعلا, هو سبحانه يثيب من يشاء, يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء.
الثاني: المصائب, المصايب التي تحصل للعبد في الدنيا مصيبة يوقعها الله جل وعلا بالعبد مرض,فقد حبيب، حزن، هم، نقص مال يهمه ونحو ذلك مما يعني: يفنى شيء من ماله, من بدنه، يمرض, يُصاب بأشياء؛ هذه المصائب كفارات, يكفر الله جل وعلا بها من ذنب العبد, قال العلماء:‘‘المصايب مصايب بالياء ويجوز مصائب لكن الأصح مصايب‘‘ أو يعني: الأشهر, المصايب التي تحصل على العبد من الله جل وعلا هي في نفسه كفارة؛ لأنها ليست من جهة العبد، يعني: العبد ما اختارها لنفسه, الله جل وعلا ابتلى بها المؤمن, فابتلاه بها ليكفر الله جل وعلا بها من خطاياه, وهذا كما قال عليه الصلاة والسلام: ((ما يصيب المسلم من همٍ ولا حزنٍ ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)). فالهم.. يأتي للمؤمن هم, ضيقة صدر, ما يدري وإيش سببها؟! أو يبتلى بشيء, يضيق صدره, أو يهمه ويصبح في غم أو في هم هذا سبب؛ لأنه خروج عما يُسعد العبد, وابتلاء من الله جل وعلا للعبد، فهذا سببٌ من أسباب كفارة الذنوب, كذلك المصايب في النفس, أو في الولد, أو في المال، أو نحو ذلك. هذه المصايب كفارة, هل يؤجر عليها؟! أو هي كفارة بشرط؟! المصايب كفارة بلا شرط, بإطلاق من وقعت عليه مصيبة، فالدليل دل على أن الله يكفر بها من خطاياه, والحمد لله على فضله وتكرمه ومنته، ولكن قد يؤجر على المصيبة, وقد يأثم على المصيبة, وذلك إذا صبر, أو تسخط, فإن صبر أجر، وإن تسخط أَثِمَ فإذن المصيبة في نفسها كفارة، فإن صار مع المصيبة صبر, فهذا أجر, وإن صار مع المصيبة تسخط فهذا إثم.
الثالث: العذاب الذي يحصل على العبد في البرزخ, يعني: في القبر, يكون على العبد ذنب من الذنوب, أو ذنوب كذا, فيعذبه الله جل وعلا في القبر، ثم يوم القيامة لا يدخله النار.
الرابع: ما يكون في عرصات القيامة من المصايب, والأمور العظام التي قد يبتلي الله بها بعض عباده، فيكون في ذلك كفارة لهم.
فهذه عشرة أسباب أجملها أو فرقها الشارح, وقسمتها لك بثلاثة من العبد، وثلاثة من المؤمنين لإخوانهم المؤمنين، وأربعة من الله -Y- وتقدست أسماؤه.

المسألة السادسة:
قول الطحاوي: "ولا نشهد لهم بالجنة". يعني: لا نشهد للمحسن بالجنة, وكذلك لا نشهد للمسيء بالنار، فلا نشهد لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار، إلا من شهد له رسول الله r. وهذه الجملة يأتي تفصيل الكلام عليها عند قول الطحاوي: "ولا نُنَزِّل أحداً منه جنةً ولا ناراً".

المسالة السابعة:
أن في قوله:"ولا نقنطهم". التقنيط هو كاليأس,أو التيئيس تأييس من رحمة الله جل وعلا, بمعنى أن يقول القائل:هذا ذنب, كيف يغفره الله جل وعلا لك, أو يستعظم أن يعفو الله جل وعلا عن فلان, وهذا قد يكون في بعض أحواله من كبائر الذنوب, والواجب على المؤمن تجاه نفسه وإخوانه المؤمنين أن يفتح عليهم باب الرجاء, إذا أقبلوا تائبين, وأن يفتح عليهم باب الخوف إذا كانوا مفرطين, فإذا كان مقيم على لهوه, مقيم على ذنوبه, على كبائره, على آثامه, فتعظه بالخوف ولا تقنطه؛ لأن تقنيطه.. ولا تفتح له الأمل؛ لأن أمله فتح باب الرجاء له في هذه الحال يزيد من فعله للذنوب, وهذا من المهمات لأهل الدعوة في المواعظ والخطباء، وأئمة المساجد إلخ- في أن الناس إذا رآهم صالحين وعندهم تشدد, يفتح لهم باب الرجاء، وباب السهولة كما قال عليه الصلاة والسلام لما أذن بلعب.. باللعب في المسجد قال: ((لتعلم اليهود أن في ديننا فُسحة؛ لأن اليهود أهل)). يعني: في شريعتهم, ثمَّ تشديد وآصار وأغلال وضعت عليهم, أو وضعوها على أنفسهم, وأما إذا رآه صاحب خوف وبكاء وكثر بكاء من خوف الله جل وعلا وكثرة خوف من أن الله لا يغفر ذنبه, ودائماً يلاحظ ذنبه, ويلاحظ كبيرته، فهذا يفتح له باب الرجاء, فإذن الواجب هو ما قال: ألا نأمن على المحسن, وألا تقنط المسيء, فهذه عقيدة وأيضاً يتبعها عمل.

المسألة الثامنة:
قوله: "نرجوا للمحسنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته". قوله: "برحمته" هذا كما ذكرت لك في أوله في أنه لن يدخل أحد الجنة بعمله, بل ما ثمَّ إلا عفو الله جل وعلا ورحمته, الله جل وعلا وعد من عمل صالحاً بأن يدخله الجنة؛ جزاء بما عمل قال سبحانه: ] جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ []وتِلْك الْجَنَّةُ التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [، فالجنة يدخلها العبد بالعمل, لكن الباء هذه ليست باء المقابلة, إنما هي باء السببية، يعني: بسبب ما كنتم تعملون، فالعمل الصالح للعبد وأعلاه توحيد الله جل وعلا, والبراءة من الشرك وأهله, والكفر بالطاغوت هذا العمل الصالح هو أعظم الأسباب التي يدخل الله جل وعلا بها العبد للجنة, أما المقابلة فإن الجنة وما فيها من النعيم, وما أعطى الله العبد من النعم في الدنيا, بل ما منَّ عليه أصلا من الهداية لا يستحق الجنة بالمقابلة؛ لأن حصول الهداية للعبد منَّة من الله -جل وعلا- وتكرم, ولو ترك العبد ونفسه لما لما اهتدى, ولاحتوشته الشياطين, لهذا الجنة لا يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله جل وعلا, كما قال هنا: "نرجو أن يعفو الله عنهم ويدخلهم الجنة برحمته". فإذن أهل السنة والجماعة يقولون:إن دخول أهل الجنة للجنة بسبب الأعمال الصالحة، وإلا فإن الدخول برحمة الله جل وعلا لما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: ((لن يُدخل أحداً منكم الجنة عمله, قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال: ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل)). وأما المعتزلة وأهل إنفاذ الوعيد فيرون أن دخول الجنة يكون بالعمل مقابلةً؛ لأن الله سماه أجر كما يقولون, والأجر يقتضي المقابلة.
نكتفي بهذا, (كلام غير مسموع) ثمان، نقف عند هذا, نسأل الله جل وعلا لنا ولكم التوفيق والرشد والسداد والعفو عن السيئات، والرحمة والرضوان. نجيب على سؤالين:

سؤال: هل جاء في الأثر أن الرجل إذا فعل معصية ولم يتب قبل ست ساعات فإنه يكتب عليه ذنب؟! وإن تاب بعدها فلا ذنب عليه؟
جـواب: جاء في تفسير قول الله جل وعلا: ] مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [. أن العبد المؤمن إذا فعل السيئة قال الملك الموكل بالكتابة: انتظروا, فلعله يتوب أو يفعل حسنة لمحوها, هذا جاء في الأثر, لكن ما أستحضر صحة ذلك. إذنبارك الله فيكم, سؤال واحد وفيه الكفاية إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

(سؤال جانبي غير مسموع)
الشيخ: نعم
ـ (كلام غير مسوع)
الشيخ: لا هذا من النوع الثاني يعني: من فعل المؤمنين, نعم. يعني: بسبب المؤمنين
ـ (كلام غير مسوع)
الشيخ: شفاعتهم. سائل (سائل جانبي) حديث من فاتته العصر فقد حبط عمله صحيح إن شاء الله
الشيخ:صحيح
ـ شو مين رواه؟!
الشيخ: مسلم
هذا اختلف العلماء فيه, اختلف العلماء فيه, الظاهر منه أن قوله: ((من فاتته العصر فقد حبط عمله)). يعني: خرجت عن وقتها, يعني: أخرجها عن وقتها كله بعد المغرب, حبط عمله يعني: العمل الذي يقابل هذه الصلاة من الخير، مطلق العمل كل عمل صالح، ومن أهل العلم من قال: العمل (اللي) هو الصلاة ولو صلاها؛ لأنها حابطة, لكن الظاهر إن المقصود يحبط منها بهذه السيئة ما يقابل هذا العمل, وإيش هو؟! الله أعلم.

سؤال جانبى: (يتأكد هل الحديث في مسلم)
الشيخ: (هه)
ـ (الكلام غير واضح)
الشيخ: أنت راجعته.
السائل: (وجدته في إسناد)
ـ كلام غير مسموع
الشيخ: من فاتته (بس) هل هو في مسلم؟! أنا (اللي) يبان إنه في مسلم من فاتته العصر
ـ................
الحديث الآخر (اللي) هي الرواية الأخرى ((فقد وتر أهله وماله))
الشيخ: إي نعم.
السائل: في صلاة العصر كيف نوجهه
الشيخ: يعني إن هذا الذنب (اللي) عمله من عظمه أنه كأنه فقد أهله وماله, يعني: لو فقد ماله وأهله كان أهون, نسأل الله العافية.
سائل: (كلام غير مسموع) الفتوى (اللي) انتشرت باستحلال الربا؟
الشيخ: الفتوى (اللي) انتشرت
السائل: يعني إن بعض العلماء قال إن الربا حلال أو الفوائد البنكية؟!
الشيخ: غير الربا حلال اللي يقولها كافر.
السائل: (اللي) يقول مثلا: فوائد
الشيخ: الفوائد! الفوائد فيها الخلاف, الخلاف فيها قديم, وأول من أباحها فيما أعلم محمد عبده, الشيخ محمد عبده المصري, ولم يؤلف فيها, لكن ألف فيها الشيخ محمد رشيد رضا رسالة معروفة مطبوعة بعنوان ‘‘الربا والمعاملات المالية‘‘ ذكر في يعني إباحة الفوائد وليس الفوائد (بس) كل حتى القروض (اللي) فيها(اللي) فيها فائدة, إذا كان المسألة ما فيها ظلم, إذا كان ما فيها استغلال للضعيف قالوا: لأن الله جل وعلا علل للتحريم بالظلم قال: { فإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون }. وربا الجاهلية كان فيه استغلال لحاجة الضعيف, فيه ظلم, لكن إذا كان من ترك المال للبنك فيه قوة للبنك, ترك المال له فيه قوة له، كون البنك يعطيك ما فيه استغلال لحاجتك, إنما فيه أنه أعطاك ما استغل حاجتك؛ لأنك أنت أصلاً أنت محتاج, لكن هو أعطاك لقاء عمله بالمال, أو أقرض قروض ليست لاستغلال الحاجة إنما هي للإنتاج, يعمل استثمار مصانع..إلخ, فمحمد رشيد رضا كتب في كتاب مشهور كبير يعني: المعاملات الربا, والمعاملات المالية في الإسلام, فيرى أن هذه كلها ما فيها ظلم من الغني (اللي) هو صاحب البنك للمستأذن, صاحب المال وإنما هذه فيها إعطاء إعانة له, فليست محرمة وهذا أخذها مجموعة من المصريين, ومجموعة من علماء سوريا, وكثير يعني: أخذوها، لهذا نقول: مسألة الفوائد البنكية هذه القول بإباحتها قول ضعيف, والأدلة تشمل هذا و هذا, والتعليل بعدم الظلم يعني: الجواب عن هذا يطول, وقول الجمهور جمهور أهل العلم بل عامة أهل العلم من عدم إباحتها, لا هي و لا القروض الشخصية, هذا هو الصواب, لكن معرفتك للخلاف مفيدة في عدم الدخول في التكفير؛ لأن (اللي) يكفر ما هو, (اللي) يكفر به هو ما أجمع عليه, وهو ربا الجاهلية, أنه يعطيه قرض مثل ما قال قتادة ومجاهد وجماعة: يعطيه قرض حسن, ثم إذا أتى وقت السداد قال له: وجاء وقت السداد إما أن تقضي, وإما أن تربي, ويكون هذا غالب من الغني للفقير, استغلالا لحاجته, ويعرف أنه ما مستطيع, هذا هو (اللي) فيه ظلم, وفيه إذلال... إلخ, هذا المجمع عليه, وهو ربا الجاهلية, واللي جاء فيه النص, فهذا من أباحه فهو –يعني: من أباح ذلك- فهو كافر, يعني: إباحة ذلك كفر, أما المسائل الثانية بالقروض وربا إيش؟! الاستشار والفوائد فهذه ما فيها تكفير, فيها صواب وغلط, ما فيها تكفير
الشيخ: هذه مهمة, اللي يعني مثل شيخ الأزهر لما أباحها هو مسبوق حتى كلامه فيها أضعف من كلام رشيد رضا، رشيد رضا أصلها تأصيل, يعني: فيه شبهة
ـ (سؤال غير مسموع)
الشيخ: لا لا أنت، (تشوف) رسالة محمد رشيد رضا, وقلنا مبنية على الظلم، إذا ما وقع ظلم كان في إحسان هذا الآن هذا جالس يعطي ما هو بيأخذ منه, جالس يعطي هذا (كلام غير مسموع) كيف يصير ربا؟! وكل قرض جر نفعا فهو ربا حديث, يقولون: لا يصح, أعرف إن فيه كلام نعم
ـ العلماء لفظ الحد (غير مسموع)
الشيخ الحمد لله جل وعلا يريدون به أن الله سبحانه وتعالى غير مختلط بخلقه غير مختلط بخلقه فالله جل وعلا قالوا: بحد يعني أنه غير مختلط بالخلق, غير ممازج للخلق؛ لأنه لو كان ممازجاً ما صار فيه حد, لكن بحد يعني: ثم حد ينتهي إليه الخلق، الخلق بينتهون في حد, بينتهون إليه, ويبقى رب العالمين هذا معنى بحد.
ـ....(غير مسموع) ياشيخ قالوا (غير مسموع) ما أحد قال: ربي (غير مسموع)
الشيخ هو العلوم من ضمنه, قال يعني: أوضح المسائل تطبيقا, استوى على عرشه بائن من خلقه، قال: بحد قال نعم بحد، مثلما قال سفيان وغيره, وحماد بن سلمة بحد يعني إيش؟! يعني: إنه مستو على عرشه بذاته جل وعلا, غير ممازج لخلقه, غير مخالط لخلقه, هذا معنى بحد, قال: نعم بحد. يعني: إنه غير مخالط منفصل, قالوا: نعم بحد هذا معناه (غير مسموع)، يعني فيه حد ينتهي الخلق إليه, فيكون ما ثم إلا رب العالمين.
ـ...(غير مسموع) معتبر عند من تقام عليه الحجة؟
الشيخ: لا ما هو شرط
ـ.. المهم يكون عالم،أن يكون لا يعرفه يعني ممكن يكون لا يعرفه؟
الشيخ: لا ما يعرفه ما يصح, لابد يكون عالم معروف
ـ...يعني يكون (اللي) بيقام عليه الحجة عارف (اللي) بيقوم عليه
الشيخ: مش عارفه شخصاً هو يعرف أنه عالم, يعرف أنه عالم ما هو جاهل، يعني مثلا اثنين واحد قابل هذا أقام عليه ما يكفي لا بد يكون عالم.
سائل: هل الناس...
الشيخ: وهذه تختلف إقامة الحجة تختلف، مسائل فيها يمكن أي واحد (اللي) من المعلوم من الدين بالضرورة هذا أي واحد يقيم، لكن في المسائل الخفية (اللي) فيها شبه
ـ... أصول الاعتقاد
الشيخ أصول الاعتقادمختلفة نعم.

سؤال: هل الناس في البلاد العربية ينطبق عليهم حكم الأعجام؛ لأنهم قد ابتعدوا عن اللسان العربى؟!
الشيخ: من أي ناحية؟

السائل: من ناحية فهم الألفاظ والمعاني.
جواب: العلماء لا ينطبق عليهم العلماء (اللي) درسوا اللغة, ودرسوا النحو, وعالم وعارف العقيدة ودرس هذا القرآن كافٍ في حقه, كأنه مفرط, كون أنهما عرفه ولا وصله، لكن العوام العوام ها..دول يحتاجون إلى بيان
ـ..............
تكفير المعين آحاد الناس هل (كلام غير مسموع) أحد فقط التكفير يقتصر على العلماء والقضاة
الشيخ: يعنى في المسائل التي تحتاج إلى إقامة حجة, لكن المعلوم من الدين بالضرورة, يعني مثلاً واحد جاحد, واحد من المسلمين قال: الخمر حلال, هذا يكفر؛ لأن هذا ما يحتاج إلى استدلال معلوم من الدين بالضرورة لكن (تيجي) المسائل الخفية, أو المسائل التي تحتاج إلى حجة (هه) المسائل يعني: النادرة أو (اللي) تحتاج إلى إقامة حجة لابد من ما دام فيه إزالة شبهة, لابد من عالم يزيل أو يحكم, لكن المعلوم من الدين بالضرورة (اللي) ما يحتاج يحتاجفيه إلى استدلال أصلاً وهذه فيه تفصيل أيضا يختلف باختلاف البلاد والأماكن
ـ................
الشيخ: فيه المسائل (ديه) تطبيقية نعم

سائل: ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية(غير مسموع)
الشيخ: ذكر كلامه يعني: لو كان كفره لكان مثلا (غير مسموع)
الشيخ:هو يقول (إي) كلامك صحيح, شيخ الإسلام حتى هو يقول يقول: أن أقول للمخالفين لو قلت بما تقولون به لكفرت؛ لأنه عنده العلم الواضح به يقول للمخالفين: لو قلت بما تقولون به لكفرت, فهذا أصل مهم, هذا هذا أصل مهم سؤال: إيش معنى تكفير الشافعي (غير مسموع)؟
الشيخ: ما كفر عيناً (كلام غير مسموع)
الشيخ: كفرت يعني ما حكم عليه بالردة, يعني: هذا من باب الوعيد, لكن ما حكم عليه بالردة في نفسه, يعني: المقالة هذه (اللي) أنت قلتها أنت كفرت بها, كفرت بقولك هذا, لكن هل معنى أنك كفرت أنه جعل هذا الكفر مستديماً معه؟! يعني: خرج من الإسلام به, هذه لابد فيه إقامة الحجة, فإنه إذا كان اكتفى بذلك وأقام الحجة عليه (خلاص) يصير مرتداً, وظاهر كلام ابن تيمية (اللي) أنت قلته الآن أنه يقول: إن الشافعي ما حكم عليه بالردة, يقول.. قال: كفرت من باب الوعيد؛ لأن مقالته مقالة كفر, لكن ما حكم عليه (غير مسموع).
الشيخ: والله كلام ابن تيمية ما يساعد ما يساعد أني
ـ... (غير مسموع) يعني:ضيق الإنسان مثلاما يعتبر من التسخط
الشيخ:لا التسخط معروف, يعنى: التسخط هو منافي للصبر, (اللي) إيش؟! اللسان اللسان يتكلم باللسان, أو الجوارح يضرب أو في قلبه يظن الظن السوء بالله جل وعلا يقول (ويش) يعني أنا ما أستاهل أنا في غيري أولى مني

ـ.... (غير مسموع) باللسان فقط
الشيخ: لا هو لو كان فيه في نفسه في داخله تسخط يعني التسخط ثلاثة الصبر له ثلاثة موارد وكذلك التسخطله ثلاثة موارد؛ تسخط بالقلب، تسخط باللسان، وتسخط بالجوارح
ـ... (غير مسموع)
الشيخ: هو غلط, كلامهكلام الطحاوي قلنا لك: إن ما هو صحيح, إذا كان أراد به أي ذنب, ما نكفره بأى ذنب حتى يستحله, يدخل فيها الشرك بالله, يدخل فيها السجود للأوثان, ومسبة النبي صلى الله عليه وسلم, ومسبة الله هذا ما هو صحيح.
إنما ظاهر السياق هو أراد مخالفة الخوارج والمعتزلة, الخوارج والمعتزلة كلامهم في (إيش)؟! في الكبائر العملية لذلك يقول: بذنب, يعني: من الذنوب العملية, أو بمجرد ذنب مثلما قلت لك,أو بكل ذنب ونحو ذلك

السؤال: بالنسبة للقضاء والقدر (غير مسموع) قدر الله وما شاء فعل (غير مسموع) تصير مصيبة بسبب فعل الإنسان, مثل مثلا (غير مسموع) إنسان مثلا باع شيء, واستعجل في بيعه, ثم اكتشف (غير مسموع) ثم جلس يقول: يا(ريتني) ما فعلت, يا (ريتني) ما سويت, هل هذا يتعارض مع القضاء والقدر؟!
الشيخ: أولا الرضا له جهتان؛ الرضا بفعل الله جل وعلا بتصرف الله في ملكوته هذا واجب، والثانى: الرضا بالمصيبة بالذنب, الرضا بفقد المال, الرضا بالمرض, هذا مستحب, وهذا ما بكل أحد يقدر عليه, فالرضا بقضاء الله جل وعلا الرضا بفعل الله سبحانه تصرف الله في ملكوته, يعني: من حيث هو فعل الله جل وعلا, يرضى, ما يسخط تصرف الله في ملكوته, لكن يسخط المصيبة, يسخط المرض, لكن يقول: الله جل وعلا ما شاء فعل, هذا ملكه, وأنا عبد من عباده, لكن إذا نظر للمصيبة سخطها, إذا نظر للمرض سخطه, الله يجرني وإياكم, فهذا هذا مستحب أنه يرضى بالمصيبة, لهذا المسائل هذه ذكر الله جل وعلا يعني مسائل الرضا فيها, قال سبحانه وتعالى: { إن ذلك على الله يسير لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه } { وما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } في آخر الحديث قوله هنا إنها في كتاب وقدر: { لكيلا لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم }. هذا تعليق أن عدم اليأس وعدم الفرح يعظم ويوجد بقوة إذا قوي إيمان العبد بفعل الله الله جل وعلا (غير مسموع).
تقول: (اللي جا جا, واللي راح راح) (كلام غير مسموع) يضعه تجده يصير عنده شيء من التردد, فالمقصود الواجب هو الرضا بفعل الله (اللي) يسميه العلماء القضاء، الرضا بالقضاء يعني: كون الله جل وعلا قضى هذا الشيء أما المقضي المصيبة المقضي هذا ما هو واجب مستحب, يختلف فيها الناس, ناس بعد رضا دائم, وناس يرضى ساعة, وساعة ما يرضى, ويختلف الناس فيه, والله المستعان.
ـ...(غير مسموع) طلبة العلم
الشيخ: وإيش هو؟
ـ.... (غير مسموع)

الشيخ:الرداء الرداء هذا ما فيه شيء, هذا رداء سنة لباسه, ويستر فيه يعني: وقار, وهو لباس يعني: ما فيه، وبزينة (غير مسموع) نوع من اللباس فيه أنواع منه, يكون فيها ما تصلح في كل مكان وفيه... إلخ فلباس الشهرة الأصلفيه أنه اللباس الوضيع, هذا الأصل فيه ‘‘ من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة ‘‘ أصل تفسير العلماء له أنه الثوب الوضيع يلبس اللابس حتى يُعتقد فيه, يعتقد فيه أنه زاهد, وأنه يترك الملذات وإلى آخره.
ويلحق به من جنسه لعموم اللفظ اللباس النفيس, اللباس النفيس (اللي) يشتهر به الإنسان, يشتهر به كيف؟! يعني: ما هو لباس طبقته, ما هو لباس مجتمعه, (ليش) تلبس أنت من حالك أنت (ها للباس)؟!
ولذلك أصل سنة اللباس النبي صلى الله عليه وسلم ما خالف العرب, اللباس لباس العرب, ما أحدث له لباس جديد, كانت العرب تلبس إزار ورداء, فلبس إزاراً ورداء, كانت العرب تلبس سراويل وقميص, عليه الصلاة والسلام لبس عليه الصلاة والسلام السراويل والقميص، والسراويل الواحد يعني الواحد يقال له: سراويل والجمع سراويلات، أما سروال غلط، كانت العرب تلبس القميص وحده عليه الرداء, فلبس النبي عليه الصلاة والسلام القميص وعليه رداء, أما لباسنا القميص وعليه عليه الرداء، هذا الثوب هو القميص وعليه الرداء هذا هذه سنة

(معلق): فتح الله عليك ياشيخ
الشيخ: والنبي صلى الله عليه وسلم كان له رداء مثلا خاصللوفود, كان له بردة حمراء

(معلق): (غير مسموع)
الشيخ: يلبسها للوفود يعني: يختلف هو بكل حال, الواحد يلبس اللبس دائما في نفس المستوى دائما, أو في نفسالحال , فالشهرة تختلف باختلاف الأماكن واختلاف الأشخاص... إلخ.

سؤال:(غير مسموع)
الشيخ: (يتعودم بس) أول مرة مرة أول مرتين (بس) ترى لها ضريبة لها ضريبة يعني: نتيجة لا يؤتى الإنسان من تصرفه يلبسه ويتصرف تصرفات شباب على ما (الكلام غير مسموع)

سائل: تقصد (بيها)الأئمة؟!
الشيخ: نعم

سائل: تقصد (بيها) الأئمة
الشيخ: والله الإمام(غير مسموع) (يجي) عند الصلاة (يجي) بيصلي يلبسه، والله طيب؛ لأن الإنسان تعرف في الصلاة قد يكون لها هيئة, قد يكون شكل في جسمه, أو في شيء ما هو بطيب ستر هو الرداء البشت ستر ما هو بيغني تجمل ما هو بستر (غير مسموع)

سؤال: ليس في الإمكان أكثر مما كان
الشيخ: إيش؟
ـ...ليس في الإمكان (غير مسموع)
الشيخ: أبدع مما كان أنا قلت
ـ.... (غير مسموع)
الشيخ: (هه) وين ذكرته
ـ.... (غير مسموع)
الشيخ:ما أظن يقول: من قال ليس في الإيمان أبدع مما كان ما يكفر
ـ..... (غير مسموع)
الشيخ: يعني قد كفر به إذا عنى شيئان؛ إذا عنى ليس في الإمكان أبدع مما كان أن الله جل وعلا لا يقدر أن يخلق أجمل من هذا الكون هذا كفر؛ لأنها كلمة هذه قد يقولها قائل تحتمل معنى صحيح, وقد يقولها تحتمل معنى باطل, وقد تصير كفر قد نعم، إذا قال: ليس في الإمكان أبدع مما كان, يعني: وجود هالطبيعة ما في يمكن أحسن منها إيش نقول؟! وما يمكن الله يخلق أجمل من هذه؟ نعوذ بالله، الله تعالى على كل شيء قدير.

سؤال: أحسن الله إليكم يا شيخ حديث: ((لا يدخل الجنة قاطع رحم)). يعني: لا يدخل مطلقا, يعني: ولا
الشيخ: لا مطلقاً لا يدخلها, يعني: لا يدخلها أولا, بل هو متوعد بالعذاب على قطعه الرحم حتى يطهر، وعيد هذا من أحاديث الوعيد.

سؤال: جاء في الحديث أربع من أمور الجاهلية (اللي) هي الفخر بالأنساب و(غير مسموع) واضح الكفر (غير مسموع) إلا كان الفخر بالأحساب (غير مسموع)
الشيخ: كيف يعني؟!
ـ... أربع من أمور الجاهلية (غير مسموع) الناس بهما
الشيخ: هما بهم كفر
ـ... (غير مسموع)
الشيخ: ما فهمت السؤال وإيش هو
ـ... الفخر بالأنساب
الشيخ: وإيش فيه
ـ....يلحق
الشيخ: الفخر بالأحساب (غير مسموع)الطعن في الأنساب نعم
ـ...بالأحساب هل يلحق الطعن في الأنساب
الشيخ فيه إيش يعني

الشيخ: لا لا هذا فعل جاهلي, ما هو بكفر, الفخر من خصال الجاهلية, وليس كفر, هذه من خصال الجاهلية, منها ما يصل بالأنساب, ما هو كفر, ولا الطعن فهذه من أمور وخصال الجاهلية, يعني: من إلى أنه يعني من جهة أنها ذنب عظيم إلخ ومنها من الخصال (اللي) تركها واجب.
(غير مسموع) التطاول (غير مسموع) المسلم ليس جاهلياً مادام إنه مسلم, اتحقق التوحيد عندهفليس جاهليا, هذا أصل, قد يأتي خصلة يكون من خصال الجاهلية مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: ((إنك امرؤ - أعيرته بأمه- إنك امرؤ فيك جاهلية)) (غير مسموع) قال: يا ابن السوداء. واضح.

فقد يكون في المسلم في المؤمن خصلة من خصال أهل الجاهلية, خصلة واحدة, خصلتين, ثلاث، عشر, لكن لا يقال: فلان جاهلي، جاهلي معناه أنك يعني سلبته أصل الإسلام، أما(غير مسموع) تقول له: فيك جاهلية فخر بالأحساب، طعن في الأنساب، تقول هذا فيك جاهلية هذا صح.
سبحانك اللهم وبحمدك.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , أسأل الله جل وعلا لي ولكم العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، ربنا نعوذ بك من الضلال بعد الهدى , اللهم فوفقنا إلى ما فيه رضاك.

نجيب عن بعض الأسئلة هذه كلها (غير مسموع) أقول كل هذا في التكفير ما في غيرها هذه اجمعوها بعدما يتم الكلام على مسائل الإيمان والكفر في الطحاوية (غير مسموع) أتممنا كل الكلام نعرضها.

سؤال: هل يجوز قضاء الفوائت من السنن الراتبة؟ كمن نسي راتبة الظهر أو المغرب مثلاً , فهل له أن يصليها إذا ذكرها استدلالاً بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) وهذه من الصلاة؟
جواب: أن الرواتب اختلف العلماء في مشروعية قضائها على أقوال:

القول الأول: أنه يُشرع قضاؤها مطلقاً , يعني الفوائت تقضى , الفوائت من الرواتب تقضى مطلقاً , سواء أكان في وقت نهيٍ أم كان في وقت غير نهي , وسواء كانت ركعتي الفجر أم كانت راتبة الظهر أم غير ذلك، وهذا قال به طائفة من السلف من المتقدمين.

القول الثاني: أن الرواتب يشرع قضاؤها جميعاً في غير وقت النهي، وأما وقت النهي فإنه لا يشرع قضاء راتبة فاتت؛ وذلك أن الأصل عندهم أن الراتبة تطوع فات وقته , ولما كان كذلك فإن قضاءه يكون في وقت يؤذن فيه بالتطوع.
وأوقات النهي حتى على القول بأن ذوات الأسباب يشرع فعلها أو يجوز فعلها في وقت النهي , فإنهم لا يدخلون هذه الصورة في ذوات الأسباب أو أكثرهم لا يدخل هذه الصورة؛ وذلك لأنها محددة بوقت , وقد فات الوقت والقضاء فيه سعة مادام إنه فات الوقت , فقضاء صلاة تطوع فيه سعة , فيقضيها في وقت لا نهي فيه.

ومن دليلهم على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاته ورده في الليل قضاه ضحًى ولم يقضه بعد الفجر, الذي هو وقت النهي , وإنما كان يقضيه عليه الصلاة والسلام ضحًى , وكان هذا دليلاً على أن المشروع أن يقضيه في وقت لا نهي فيه , وعورض قولهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته راتبة الظهر البعدية لشغلٍ شغله قضاها بعد العصر وداوم على ركعتين بعد العصر , قالوا: فهذا يدل على جواز القضاء في وقت النهي , والنبي صلى الله عليه وسلم فعله لا يحمل على التخصيص إلا بدليل.
وقولهم هذا أو هذا القول دليل قول الطائفة الأولى وعمر -t- لما رأى جماعةً يصلون بعد العصر حصبهم ونهرهم, وقال: سمعت رسول الله يقول: ((لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) , وقوله ((لا صلاة)) هذا يدل على عموم النهي؛ لأن هذا نفي و ((لا)) دخلت على الجنس , وتكون نافية للجنس , والنفي هنا المراد به النهي فأفاد قوله: ((لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) على , أفاد أن على أن عموم الصلوات لا تفعل بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس؛ لأن نفي الجنس يفيد العموم فيه.

القول الثالث: هو أن قضاء الصلوات الرواتب كراتبة الفجر وبقية الرواتب لا يشرع منه في القضاء إلا راتبة الفجر فقط؛ فهي التي يشرع قضاؤها , وما عدا ذلك فإنه ما فات وقته فإنه انتهى، انتهى وقت قضاؤه , وقت أداؤه , ولا يشرع القضاء لتطوع إلا بما دل عليه الدليل، والدليل دل على قضاء ركعتي الفجر دونما سواه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن صلاة الفجر مع الجيش قام وركع ركعتي الفجر , يعني الراتبة , ثم أمر بلالاً فأقام فصلى فريضة الفجر , فدل على أن راتبة الفجر تقضى.

وهذا القول الثالث قوي من حيث الدليل , ومن حيث القواعد أيضاً والتنظير؛ لأن الراتبة جعل منها ما هو قبل الصلاة , ومنها ما هو بعد الصلاة المكتوبة , فما كان قبل الصلاة معناه أن وقت القبيلة ما بين الأذان إلى إقامة الصلاة , وما بعد الصلاة معناه أن وقت البعدية ما بعد الفراغ من الصلاة إلى خروج وقت تلك الصلاة وقت الاختيار والاضطرار، وهذا هو الأصل في التوقيت؛ لأنه جاء أن الصلاة منها قبلية ومنها بعدية , والتفريق هذا يدل على أن ثمة توقيت؛ لأنه لو لم يكن ثمة توقيت لكانت الرواتب مطلقةً دون تحديد , يعني عشرا مثلا اثنتا عشرة بدون أن يقال: قبل ولا بعد , فلما حُدد القبلية والبعدية دلت على أن ذلك وقت لها , وهذا القول قواه ابن قدامة فيما أذكر في المغني , وقواه جماعة من أئمة أهل الحديث.
ولكن المفتى به والذي عليه جمهور أهل الفتوى هو القول الثاني , وهو أن القضاء مشروع في غير وقت النهي , قضاء الفوائت مشروع في غير وقت النهي؛ لأنها تطوع , وباب التطوع واسع.
أما قوله: استدلالاً بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) وهذه من الصلاة.
فالعموم هنا أن ((صلاة)) نكرة جاءت في سياق الشرط , فتدل على العموم , لكن العموم هنا مرادٌ به خصوص الفرائض لا مطلق الفرائض والنوافل؛ وذلك بأن سياق الحديث يدل عليه في قصة نوم النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر.

سؤال: أقضي حاجتي من البول , وبعد الوضوء أرى أنه ينزل قطرات قليلة من البول , وبعض الأحيان في الصلاة؟
جواب: هذا له حالان؛ إما أن يكون نادراً , وإما أن يكون دائماً معتاداً له، فإذا كان معتاداً فهذا سلسل بول , يتوضأ لكل وقت صلاة بعد دخول الوقت , ثم يتحفظ من أن يصيب البول ملابسه وثيابه بمناديل أو بقطن أو نحو ذلك , ويصلي ويكون له حكم من حدثه دائم , وأما إذا كان نادراً فإنه إذا خرج منه هذا البول فإنه يتوضأ؛ لأنه حدث، ومن العلاج له أن المرء يتأنى، بعض الناس إذا تبول يستعجل وخاصةً في الشباب يكون الدفع عندهم دفع البول قوي , فربما ما خرج كل البول , لهذا يتأنى حتى يخرج جميع البول براحة.

سؤال: هل هناك فرقٌ بين فهم الحجة والاقتناع بالحجة؟
جواب: هذا مر معنا الجواب عليه , وهو أن فهم الحجة الذي لا يشترط في إقامة الحجة هو الاقتناع , كونه اقتنع أو لم يقتنع هذا ليس شرطاً , لكن المهم أن تقام عليه الحجة بوضوح وبدليل؛ لأنه إذا قلنا بشرط الاقتناع معنى ذلك أنه لا يكفر إلا المعاند , والأدلة دلت يعني في القرآن والسنة على أن الكافر يكون معانداً , ويكون غير معاند , يكون مقتنعا وأحياناً يكون ما اقتنع , عنده شبهة لا زالت عنده , ولكن لم يتخلص منها لأسباب راجعة إليه.

سؤال: ما حكم استعمال الحقن التي تضخم العضلات , علماً أن استعمالها يؤدي إلى العقم وموت الجهاز التناسلي, أعزكم الله، وهذا يفعله بعض أهل الرياضة؟
جواب: هذه المسألة تحتاج إلى تأمل ونظر , فنبحثها إن شاء الله مع العلماء لعل يكون فيه فائدة.

سؤال: ما الدليل على أخذ جبريل -u- القرآن من الله تعالى مباشرة , لا من اللوح المحفوظ , وأن الله كلمه به؟
جواب: الدليل على ذلك أن الله جل وعلا نسب القرآن وأضاف القرآن إلى نفسه تكليماً به , قال جل وعلا: ] وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ [] حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ [ فسماه كلاماً له جل وعلا وقال -I- في ذكر جبريل: ] وَإِنَّهُ [ يعني في القرآن وجبريل ] وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [ , ودل على أن هذا التنزيل تنزيل سماع , لا تنزيل كتابة , قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((إذا قضى الله الوحي في السماء سمع له كجر سلسلة على صفوان...)) إلى آخر الحديث , فيكون جبريل أول من يفيق فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فتفيق الملائكة (إيش) ((إذا قضى الله الوحي في السماء)) فينفذ ذلك فيهم، (إيش) لفظه في كتاب التوحيد (غير مسموع) ((إذا قضى الله الوحي في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله , فينفذهم ذلك , يعني إلى قوله: فتقول الملائكة ماذا قال ربكم؟ فيقول جبريل عليه السلام: الحق وهو العلي الكبير.

فالوحي يسمعه جبريل عليه السلام , ثم يبلغه النبي عليه الصلاة والسلام , وأما قول من قال من الأشاعرة: إنه يأخذه من اللوح المحفوظ , فهذا ليس بصحيح وليس من أقوال أهل السنة ألبتة؛ لأن ما في اللوح المحفوظ من القرآن هذا مجموع على جهة الكتابة والقرآن له جهتان؛ جهة سماع وجهة كتابة , جهة كلام من الله جل وعلا يسمع وجهة كتابة , وجهة الكتابة هي ما في اللوح المحفوظ من القرآن بأجمعه من أوله إلى آخره , وجبريل -u- لا ينتقي هذه الآية يأخذها وينزلها في الوقت المحدد , ثم يأخذ الآية الأخرى وينزل في الوقت المحدد , وإنما هو وحي الله جل وعلا , قال سبحانه: ] قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما [ , قالت عائشة رضي الله عنها: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات؛ فقد جاءت المُجادلة تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حجرتي لا أسمعها. وهذا مصيرٌ من عائشة –رضي الله عنها- إلى أن الله جل وعلا سمع ذلك منها , فقال: ] قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما [.

فالمقصود من ذلك أن تنزيل القرآن تنزيل سماع , أما الكتابة فهي موجودة في ثلاثة أشياء , موجودة في اللوح المحفوظ كما قال جل وعلا: ] إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [ وقال جل وعلا: ] بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ [ , هذه الأولى.
والثانية في الكتابة ما هو موجودٌ في بيت العزة في السماء الدنيا، وهذا على القول بصحة أثر ابن عباس –رضي الله عنهما- في ذلك.
والثالث المكتوب في المصاحف التي بين أيدي المسلمين.
فهذه ثلاث كتابة والكتابة ليست تكليماً , وإنما هي كتابة , وحيثما وجد في اللوح المحفوظ أو في بيت العزة أو في المصاحف كله كلام الله جل وعلا , ينسب إلى الله جل وعلا , أو يضاف إلى الله جل وعلا إضافة صفة إلى موصوف.

سؤال: ما توجيه من قال من أهل العلم بكفر تارك الصلاة تكاسلاً وتهاوناً لحديث: ((فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))، وحديث صاحب البطاقة؟
جواب: الأحاديث التي فيها الاكتفاء بالتوحيد , أو بكلمة التوحيد في النجاة ودخول الجنة هي كغيرها من الأحاديث , المقصود مع اجتماع الشروط الأخرى , مثل مثلاً الصلاة ((لا صلاة إلا بطهارة)) , ((لا صلاة إلا بوضوء)) معنى ذلك أنه إذا أتى بالوضوء فصلى فإن صلاته صحيحة , لكن هل معنى ذلك أنه يتوضأ ويصلي دون بقية الشرائط؟ لا؛ فالوضوء هو أعظم شروط الصلاة , فلذلك نص عليه، كذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((الحج عرفة)) , ((من قال لا إله إلا الله دخل الجنة)) يعني: أن هذه أعظم الأركان التي تكون بها صحة العبادة , وهذا هو قول أهل السنة في هذه الأحاديث , وسواء حديث من ((قال لا إله إلا الله دخل الجنة)) أو ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)) أو حديث البطاقة أو نحو ذلك، يعني مع اجتماع غيرها , لكن حديث البطاقة فيه تفصيل آخر ذكرناه في شرح كتاب التوحيد.

سؤال: ما شاء الله هذا سؤال طويل، يقول: عندي سؤال مهم جداً , والسؤال هو لقد كثر الكلام في موضوع التعزية لأهل الميت والجلوس لتقبل العزاء , وقد سألت أحد كبار العلماء في هذا البلد الطيب وقال: لا بأس أن يحدد يوم ويجلس للتعزية , ودليله في ذلك أنه لما جاء خبر جعفر -t- ظهر في وجه رسول الله الحزن وجلس وتقبل العزاء من الصحابة , ولكن بدون صنع الطعام، ولكن قال: لا بأس بالشاي والقهوة. وقد عارض هذا الكلام أحد طلبة العلم وقال: لا يجوز الجلوس للعزاء , وهذا من البدعة والنياحة , ودليله الحديث الذي في البخاري: كنا نعد الجلوس بعد الدفن وصنع الطعام من النياحة.
فنرجو من فضيلتكم البيان والتفصيل في هذا الموضوع؛ لأنه حصل مشاكل وخصومات بين طلبة العلم والعامة في ذلك.
جواب: النياحة على الميت من خصال الجاهلية , وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ثنتان (مداخلة غير مسموعة) في الناس هما بهما كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت))، والنياحة على الميت من خصال أهل الجاهلية , لكن المهم ما هي صورة النياحة؟
صورة النياحة الذي عليه تفسير السلف لها أعني الصحابة أن النياحة تجمع لها صور , لكن من صورها في الاجتماع على العزاء أنها ما جمعت شيئين:

الأول: أن يكون هناك اجتماع للعزاء عند أهل الميت وجلوس طويل عندهم.

الثاني: أن يكون هناك صنع للطعام من أهل الميت لإكرام هؤلاء , والتباهي بكثرة من يمكث إظهاراً للمصيبة بهذا الميت , وهذا هو الذي الذي قال أبو أيوب -t- ورحمه قال: كنا نعد الجلوس إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة.
فالنياحة هي ما جمعت الأمرين معاً: الجلوس وصنع الطعام , أما الجلوس للتعزية فقط فهذا ما أعلم أن أحداً من السلف قال: إنه من النياحة وحده، أو أنه نهى عنه , بل جاء في صحيح البخاري رحمه الله أن عائشة رضي الله عنها كان إذا مات لها ميت اجتمع النساء عندها , فإذا أتى وقت الطعام أمرت بالبرمة فأُصلحت فشربوا منها أو أكلوا منها , يعني العدد القليل أقارب عائشة –رضي الله عنها- وهذا يدل على أن الاجتماع والجلوس إذا لم يصحبه منكرات أخر فإنه لا بأس به , والعلماء من أئمة أهل السنة والحديث حينما نهوا نهوا عن الأمرين مجتمعين , وقالوا: إن السنة هو عدم الجلوس، عدم الجلوس للعزاء , لكن أن يكون الجلوس نياحةً دون صنع الطعام فهذا لا ينبغي أن يقال به , ولا أن ينسب إلى أحد من أئمة، من الأئمة أو من الصحابة أو من التابعين الجلوس , أختُلف فيه وحده , هل يجوز يشرع أو لا يشرع وحده؟

أما كونه من النياحة فهذا لا يكون من النياحة , إلا إذا اجتمع معه صنع أهل الميت الطعام تفاخراً تكاثراً وهؤلاء كل يوم، ما ها الميت هذا ما أكثر (اللي) يحبونه كيف الميت (اللي) فيه كل يوم ويذبحون , وكذا والسفر قائمة تظاهراً وتفاخراً , وهذا هو الذي عند أهل الجاهلية , أما الجلوس جلوس أهل الميت للعزاء فهذا اختلف فيها أهل العلم , والجمهور على أن السنة أن لا تخص بجلوس لا لثلاثة أيام ولا سبعة أو يوم , وهذا باعتبار الزمن السابق , يعني باعتبار أزمانهم أو القرى أو الأماكن التي يمكن حصول سنة التعزية إذا لم يجلس المُعزّى (ليش؟)؛ لأنه في السابق البلد إذا ما جلس في بيته هو يجلس في السوق أو بيجلس في المسجد يعني البلد قريبة يمكن أن يجده في الضحى يجده في العصر , يعني معروف المكان وهو قريب , أما إذا كان عدم الجلوس سيترتب عليه فوات سنة التعزية فإن الوسائل لها أحكام المقاصد شرعاً.

ولذلك الذين لا يجلسون ممن رأيناهم أخذا بفتوى بعض المشايخ في هذه المسألة الذين لا يجلسون يفوت على الناس أن يعزوهم , وأن يواسوهم في مصيبتهم , ما يُدرى هو في عمله هو عند صديق , هو في السوق , هو راح , ما يُعرف أين هو بل بعضهم يتعمد الخروج من البيت حتى لا يجلس , وهذا كله مخالف للحق؛ لأن التعزية مشروعة , والوسائل لها أحكام المقاصد , فإذا كان الجلوس للتعزية ليس معه منكر , وليس معه نياحة وصنع للطعام من أهل الميت , فإن هذا من باب الوسائل لها أحكام المقاصد.
وحديث البخاري الذي ذكرت لك من اجتماع النساء عند عائشة , يدل على ذلك , والمرأة الأصل فيها ألا تخرج, الأصل في المرأة ألا تخرج , فيأتي المعزي يُعزي عائشة وحدها , فكون النساء اجتمعن عند عائشة يدل على أن الاجتماع دون صنع الطعام للمعزين أنه لا بأس به.
وهذه مسألة مهمة في هذا الأمر , فمن شدد فيها من أهل العلم قوله يخالف الأصول التي ذكرت لك من السنة , ومن القواعد , ومن فهم معنى النياحة عند أهل الجاهلية , والذي رأيناه من علمائنا في هذا البلد وفي غيره حتى علماء الدعوة من قبل أنهم كانوا يجلسون؛ لأنه لا تكون المصلحة إلا بذلك , إذا فات ذلك فاتت التعزية سنة التعزية لا يسوغ أن تفوت , في الرياض مثلاً في ها المدن الكبار كيف ستجد من تعزيه؟ لن تجده , يصيب الناس حرج , ستفوت التعزية , سنة التعزية ستفوت لأجل ألا يحصل جلوس الجلوس في نفسه مختلف فيه.
ثم من قال بأن الجلوس لا يشرع , يعني التعبد بالجلوس , وأن يكون الجلوس سنة يقول: اجلس مع أن البلد صغير , البلد مكانين ثلاثة يجلس؛ لأنه يخشى أن يكون جلوسه وسيلة للنياحة.

فإذن المسألة هذه مهمة , وهي راجعة إلى هل الجلوس له صفة النياحة , صفة أهل الجاهلية أم لا؟ كيف تكون له صفة أهل الجاهلية؟ إذا كان الجلوس واضح إن فيه نَوْح واضح , أن فيه تفاخر واضح , إن فيه كثرة مثلما يفعله بعض رؤساء القبائل أو بعض البادية ونحو ذلك , ليس جلوسا للعزاء وإنما هو جلوس لإظهار الفخر والخيلاء بكثرة من يقدم للتعزية بوفاة هذا الميت، أما الجلوس بمجرده يعني دون نياحة فلا بأس به، فإذن النياحة التي جاءت في السنة وقالها الصحابة هي ما يجمع أمرين وهي (اللي) كان عليه أهل الجاهلية , يجتمعون يتفاخرون بكثرة الجمع , ثم يصنع أهل الميت الطعام , (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة) اجتمع الناس إليه وصنعوا الطعام هذا صار نياحة؛ لأنه المقصود منه إظهار الفخر والنوح على فقد هذا الرجل.

سائل: يا شيخ لازم تجلس في منزلك (ولا) في أي محل؟
الشيخ: في أي محل، المقصود يعرفون أنه.. لكن ما يكون في المقبرة؛ لأن المقبرة ليست مكان للتعزية , ليست مكان للجلوس.
ـ..................
ـ إذا كان أهل البيت لا بأس ما يكون المعزين يجتمع عشرين ثلاثين خمسين ويعلمون، ها صار تفاخر وكثرة إذا كان أهل البيت العادة ما جرت به العادة فلا بأس [كلام ليس له فائدة علمية]

الإعلان في الجرائد هذا يسمى نعي ليس نياحة، النياحة غير النعي، النعي مكروه كراهة شديدة , وبعض العلماء حرمه، لكن النعي المحرم هو التفاخر , يعني ذكر محاسن الميت على وجه التفاخر قبل دفنه أو بعد دفنه , لكن من أعلم الناس بموت الميت للصلاة عليه دون ذكر أمجاده أو ذكر فضائله أو نحو ذلك فهذا ليس نعياً منهيا عنه , ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى إلى الصحابة النجاشي في اليوم الذي مات فيه , وقال: ((صلوا على أخيكم أَصحُمة؛ فإنه قد مات)) فصلى بهم وكبر عليه أربعاً , يعني صلاة الغائب , فالنعي الصحابي عبّر بأنه نعى، نعى يعني أخبر بموته تأسفاً , فإذا كان النعي وهو الإخبار بالموت تأسفاً لأجل الصلاة عليه فلا بأس إخبار من يصلي عليه، أما التفاخر أو ذكر لأجل الاجتماع للعزاء ونحو ذلك والعزاء في بيت فلان يكون في هذا، فهذا يكون من النعي المنهي عنه.

سائل: يا شيخ يعني الرسول صلى الله عليه وسلم (غير مسموع) الجلوس لتعزية جعفر هذا من الدليل في الجلوس؟
الشيخ: يحتاج مراجعة [كلام ليس له فائدة علمية].

سؤال: ما حكم الصدى المستخدم في المساجد هذه الأيام؟
جواب: الصدى إذا كان فيه تكرار للحروف فإنه لا يجوز؛ لأنك تسمع القرآن بزيادة على حروفه تسمع الحرف مرتين , تسمع الكلمة مرتين , هذا لا يجوز؛ قد يكون من التحريف أو من الزيادة في القرآن عن طريق الجهاز , أما إذا كان الصدى لتحسين الصوت دون مبالغة ودون سماع أحرف وكلمات فهذا قد يدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) , وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((حسنوا القرآن بأصواتكم)) , وكذلك سماعه عليه الصلاة والسلام واستماعه إلى أبي موسى الأشعري , وأذنه له وهو يقرأ , قال أبو موسى لما أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بحسن قراءته: لو علمت بك يا رسول الله لحبرته لك تحبيراً. يعني لحسنته أكثر.

فإذن الوسائل هذه الجديدة إذا كانت لا تجعل القرآن مختلفا , إنما هي وسيلة للتأثير بالقرآن , فأصلا وضع الميكرفون إنما هو لإسماع القرآن وضع اللاقط هذا في المسجد (غير مسموع) والإمام، اللاقط نفسه إذا الإمام أساء استخدامه فإنه ينهى عنه , وقد يكون بعضهم يأثم للرياء , أو يأثم بما هو أكثر من ذلك , وهو أنه إذا كان عنده المقصود هو هذا اللاقط بعضهم ينحرف عن القبلة إلى اللاقط , أو يميل جسمه إلى اللاقط , ثم بعد إذا أراد أن يركع تحرك حركة ليست من مصلحة الصلاة , فهذا ينهى عنه.

فإذن هذه الوسائل إذا أخذت بقدرها , وهو إسماع القرآن دون زيادة فهذا مشروع لا بأس به لعموم الأدلة، أما إذا كان الصدى فيه تكرير حروف , تكرير كلمات , فهذا يسمع لوحده القرآن وهو ليس القرآن يسمع النون كذا مرة , وفي بعض الآيات يختلف المعنى في بعض الآيات إذا تكرر الحرف اختلف المعنى تحول فيسمع السامع آخر الآية بخصوصها يسمعها والمعنى مختلف.

سؤال: ما حكم مسح الرأس أكثر من مرة واحدة يعني في الوضوء؟
جواب: لا يشرع مسح الرأس أكثر من مرة واحدة؛ لأن الذين نقلوا وضوء النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث عثمان -t- وكذلك في حديث غيره نقلوا أنه مسح برأسه , فذكروا التثليث في غسل الوجه , والتثنية في بعض الروايات في غسل الوجه , وذكروا التثليث في غسل اليدين , وذكروا التثليث في غير ذلك في غسل الرجلين , ولم يذكروا التثليث في مسح الرأس , فدل على أن المشروع في مسح الرأس أنه واحدة , لكن روى أبو داود في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حمران عن عثمان , أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه ثلاثاً , وهذه في سنن أبي داود شاذة لمخالفتها للروايات الكثيرة في ذلك , والحافظ ابن حجر قال: وإن صحت فإنه يحمل على أنه قسم مسح رأسه ثلاث مرات , يعني ما مسحه جميعا ثلاث مرات , قال: هذه الرواية التي في أبي داود تحمل على أنه قسم مسح رأسه ثلاث مرات , يعني قال هكذا واحدة وهكذا واحدة والجبين لها واحدة مثلاً، فهذا يعتبر واحدة , وهي من جهة المسح ثلاث , لكن ليست لعموم الرأس جعل مسحة واحدة , فقسمه أثلاثاً , هذا على القول بصحتها لكن ليست بصحيحة.

سؤال: قال تعالى: ] وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [ , ما المقصود بالمعصية؟ هل هي الصغائر أم الكبائر أم الشرك؟
جواب: المعصية هذه التي توعد الله جل وعلا عليها بدخول النار والخلود فيها والعذاب المهين , هي الكفر بالله جل وعلا , والشرك الأكبر والردة عن الإسلام والعياذ بالله , هذا هو الذي يترتب عليه ذلك , والكبائر والصغائر داخلة في عموم المعصية ] وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [ تدخل فيها الكبائر والصغائر , لكن قوله: ] وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ [، ] وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ [ هذا يدل على أن هذه المعصية هي المعاصي التي لا يدخلها التكفير , لا يدخلها التكفير , وهي الكبائر , إن مات مصراً عليها ولم يتب , يعني ولم يشأ الله أن يغفر له , والكفر والشرك كما ذكرت لك , إذن فالآية فيها الكبائر التي لم يتب منها , مثل القتل , مثل شرب الخمر ونحو ذلك , هذه إذا مات المسلم وهو يفعلها ولم يتب منها فإنه تحت المشيئة , إن شاء الله جل وعلا عفا عنه , وإن شاء عذبه , وهذا يدخل في العذاب خالداً فيها.
الخلود في القرآن نوعان: خلود أبدي، وخلود أمدي.

الخلود في اللغة واستعمال القرآن على ذلك , أن الخلود معناه المكث الطويل , إذا مكث طويلاً قيل له: خالدا , لذلك العرب تسمي أولادها خالداً تفاؤلاً بطول المكث , بطول العمر , سموه خالدا يعني: أنه سيعمر عمراً طويلاً , وليس معنى الخلود يعني أنه خلود ليس معه انقطاع، وإنما هذا يميز بالأبدية , لهذا في الآيات ثمَّ آيات فيها أبداً وثمَّ آيات ليس فيها الأبدية , فلما جاء في القتل قال: ] وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا [ أجمع أهل السنة على أن الخلود في هذه الآية ليس أبدياً؛ لأن مرتكب الكبيرة يخرج من النار بتوحيده , والآيات التي فيها الخلود الأبدي واضحة كقوله جل وعلا: ] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَوْلَـئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [ لا ـ (مداخلة غير مسموعة) نعم صح، جزاك الله خيرا ـ الآيات متعددة ما استحضرتها الآن، فإذاً الخلود الخلود نوعان في القرآن , شيخ الإسلام ابن تيمية له بحث في هذا لكن لا يُسلم له.

[سؤال: هل يجوز السلام على المصلي استدلالاً بسلام الأنصار على النبي]* صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فرد عليهم إشارة؟
جواب: لا، المصلي لا يشرع السلام عليه، السلام يشرع إلا في عشر أحوال , ذكرها العلماء , ومنها أن يكون المسلم يصلي , فإنه لا يشرع ابتداؤه بالسلام , لكن لو سلم أحدٌ على المصلي فهل يرد عليه أو لا يرد إلى الصلاة؟ اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: أنه لا يرد إلا بعد الصلاة.
والثاني:أنه يرد في الصلاة إشارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه ابن مسعود وسلم عليه قال: فرد عليَّ , فأشار بيده , جعل باطنها إلى الأرض وكفها إلى أعلى.
والذين قالوا: لا يرد حملوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا على إسكات ابن مسعود , وعلى أن لا يكرر ذلك , فإذن الابتداء لا يشرع لكن إذا سُلم عليه فرد إشارة لا بأس ـ (مداخلة غير مسموعة) (إيه) في الفرض والسنة ـ

[سؤال: هل من قواعد الاستدلال، الاستدلال بالحكايات والقصص؟].. يعني هذا المقصود إنه ما يجب الرد عليه, لكن لو رد لا بأس , يعني لو أخر الرد إلى بعد الصلاة فهذا أحسن، لكن لو رد في الصلاة بالإشارة لا بأس , يعني إذا فهم ذاك الرد , أما إذا جاءك واحد لا يفهم إن حركك هذه رد , فالمقصود في الرد إفهام المُسلَّم أنه رُدَّ عليه ] وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [ إذا كان لا يفهم أن هذه الحركة الإشارة باليد أنها رد فلا يُشرع بالاتفاق.

سؤال: هل من قواعد الاستدلال الصحيحة الاستدلال بالحكايات والقصص بعد الاستدلال بالكتاب والسنة؟
جواب: لا، الحكايات والقصص ليست أدلة، ليست أدلة أبداً , وإنما قد يستأنس بها؛ تقوية لإيمان أو تقوية للدلالة لما دل عليه الكتاب والسنة , كشواهد لكنها أدلة ليست أدلة بالاتفاق , الأدلة المتفق عليها ثلاث: الكتاب والسنة والإجماع، والقياس عند غير الظاهرية والأدلة المختلف فيها كثيرة يبحثها الأصوليون , أما القصص والحكايات فليست أدلة عند أحدٍ من الأصوليين.

سؤال: هل الفتح الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في القُسطنطينية تحقق أم بعد حيث اختلفت الآراء؟
جواب: فتح القسطنطينية تحقق في نحو سنة يعني بعد الثمانمائة للهجرة تحقق والنبي صلى الله عليه وسلم امتدح الجيش الذي يفتح القسطنطينية , فقال: ((نعم الجيش ذلك الجيش , ونعم الأمير أمير الجيش)) وهذا الحديث حسن على الصحيح وحسنه جماعة منهم الحافظ ابن حجر وغيره وضعفه الألباني وجماعة، لكن الصواب أنه حسن فتحت بعد سنة ثمانمائة يعني مع دولة بني عثمان.

سؤال: لو قال لي شخص: أنتم يا أهل السنة متناقضون في تقسيماتكم؛ كيف تقولون: إن الله نثبت له صفة العلو بذاته , وفي نفس الوقت تقولون: إنه ينزل في الثلث الأخير من الليل , والنزول من الصفات الفعلية؟! فهل هذا إلا جمع بين نقيضين؟
جواب: ليس أهل السنة (اللي) قالوا بهذا (اللي) قاله النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أثبت العلو لله جل وعلا بذاته , وهو الذي أخبر بنزول الرب جل وعلا في آخر كل ليلة , فإذا كان ثم تناقض فنعيب من يقول هذا أن ينسب التناقض للنبي صلى الله عليه وسلم , وقوله هذا هل هذا إلا جمع بين النقيضين , هذه مشكلة كل مؤول وكل محرف , هذا السؤال يمثل مشكلته يعني لو قاله قائل، وهو أن المؤول مشبه ما أوّل إلا لأنه شبه قام في ذهنه أن إثبات الصفة فيه مشابهة ومماثلة لما يعلمه من اتصاف المخلوق بالصفة , ثم شبه ثم نفى , ما ينفي أحد في مجال الصفات والعقائد إلا أنه شبه قبل , وإلا كيف إنك تنفي؟ أنت لا تقل إن الكيفية تعلمها أصلاً , أو أن الكيفية لها مماثل فيما ترى , أو فيما رأيت كيفية اتصاف الرب جل وعلا بصفاته , لا يعلمها أحد ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [ , فلا نعلم حقيقة اتصافه بالصفة ولا كيفية اتصافه بالصفة.

فإذا قال قائل: هذا يمتنع أننا نقول: إنه جل وعلا عالٍ بذاته -I- وأنه ينزل يقول: هذا جمع بين النقيضين , فمعناه أن شبه؛ لأنه جمع؛ لأنه عده جمعاً بين النقيضين , لماذا؟ لأنه جمع بين النقيضين في حق بعض المخلوقات , وليست كل المخلوقات؛ لأنه يمكن أن ينزل المخلوق ويبقى عاليا , ينزل المخلوق ويبقى عاليا , لكن النزول مع الاستواء على العرش هذا من خصائص الله جلا وعلا , لكن المخلوق يمكن أن ينزل وأن يكون عالياً بذاته , مثل الملائكة ينزلون وهم في العلو أما الاستواء على العرش مع النزول فهذا خاص بجلال الله جل وعلا.

فإذن إثبات الصفات إثبات معنى لا إثبات كيفية , من قال: هذه تجمع مع هذه هذا فيه تناقض , كيف هذا؟ , معناه أنه شبه , استحضر من الصفة مماثلة اتصاف المخلوق بها ثم نفي هذا مشكلة كل (غير مسموع).

سؤال: أيهما أعظم جرماً وذنباً: الحلف بغير الله أو الزنى؟
جواب: الحلف بغير الله كفر , والزنى ليس كفراً , ومعصية سماها الله جل وعلا كفراً هي أعظم من معصية لم يسمها الله جل وعلا كفراً , وهذا المقصود به من حيث الجنس , يعني جنس الحلف بغير الله , وجنس الزنى , ولكن لو تطبقه على شخص لا يسوغ التطبيق , تقول: هذا حلف بغير الله , وهذا زنى , معناه أن هذا أبشع من هذا , لا يطبق في كل نواحي الموازنة , هل هذا أعظم؟ وهذا المقصود به النوع، أما إذا أتيت إلى للأفراد فهذا يختلف باختلاف الأحوال.

هذا سؤال يتعلق بوسائل الدعوة. المرة القادمة إن شاء الله...

سؤال: هل الذبح أمام أو عند قدوم الضيف شرك؛ حيث إن بعض من ينتسب لأهل العلم يقول: إذا كان على وجه الإكرام يجوز ذلك؟
جواب: الذبح إراقة الدم من أعظم القربات لله جل وعلا؛ لأن الذي أجرى الدم في هذا المخلوق هو رب العالمين , فالدم هو الحياة , جريان الدم هو الحياة , فإراقته إنما تكون تقريبا لمن وهب هذه الحياة , ووهب هذه الأنعام التي ينتفع بها الإنسان , التقرب بإراقة الدم إذا كان لمخلوق فهو كفر بالاتفاق , تقرب بإراقة الدم لمخلوق تقرباً له , تعظيماً له هذا كفر بالاتفاق، هذا من جهة العبادة , شرك من جهة العبادة , فإن سمى غير الله جل وعلا عليه صار مما أهل لغير الله به , فرجع إلى الشرك في الربوبية والاستعانة.

الذي يحصل عند البادية , عند بعض البادية أنهم إذا أرادوا أن يكرموا ضيفا وليس كل ضيف , الضيف الذي يعظمونه أو سلطان أو أمير أو نحو ذلك , فإنهم يذبحون الذبيحة ليسيل الدم أمامه وهو يرى أمامه وهو يرى , وهذا جرت عادتهم على أن هذا على جهة التعظيم للقادم، لا على جهة الإكرام , يكرمون أضيافهم بالذبح وراء البيت بالذبح , في أي مكان , لكن كونه ينحر الإبل والدم يضرب بقوة والضيف يأتي هذا لا يفعلونه إلا للمعظم فيهم، وهذا نوع تقرب للمخلوق بهذا الدم , نوع تقرب ما نقول تقربا.

ولذلك حكم العلماء على أن هذه الذبيحة ليست مباحة , بل هي ميتة لا يجوز أكلها , ويجب الإنكار على من فعل ذلك , سواء فعله مع سلطان أو مع أمير , أو فعله مع رئيس قبيلة , أو فعله مع ضيف معتاد ممن يعظم , يعني ليس من هؤلاء فإنه لا يجوز الأكل منها إذا ذبحها أمامه , ضابطها أن ينحر الإبل ويضرب الدم , وهذا يدخل أمامه وهو يرى لدخوله , لكن لا يدخل في ذلك وهو جالس مثلاً في المكان أو في الخيمة أو في البر وجالس ثم دعوه على الأكل , وصاروا ذبحوا الذبيحة وهو ينظر إليها , لكن الضابط هو إراقة الدم وسيلانه , وهذا يتحرك وهذا يقدم مثلما حصل قريبا، نسأل الله جل وعلا العافية والسلامة , هذا كله محرم وكبيرة من الكبائر , وبعض حالته يكون شكا في هذا , لكن على كل حال هذه الذبيحة محرمة ميتة لا يجوز الأكل منها.

سؤال: ما القول الراجح في الاستثناء في قوله تعالى: [وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ] *وكذلك في أهل النار في الجنة. أوضح.
جواب: الاستثناء هذه الآية التي في آخر سورة هود السلف والعلماء في التفسير وفي غيره لهم فيها أقوال كثيرة , قال جل وعلا: ] وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [ هنا ] خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ [ الاختلاف راجع إلى المراد بما هنا ] وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [] إلا ما شاء ربك [ هل (ما) هنا بمعنى الذي يعني إلا الذين شاء ربك يكونون الملائكة , أو يكونون الشهداء أو نحو ذلك، أو إن المراد هنا ] خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ [ أنه راجع إلى الزمان , والصحيح وغيره غير معقول ولا مقبول أيضاً من جهة النظر أن الاستثناء هنا راجع إلى الزمان؛ لأن الله جل وعلا يقول: ] مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ [ يعني: من مدة دوامها إلا ما شاء ربك من مدة دوامها؛
لأن الله جل وعلا حكم على الذين سعدوا ومنَّ عليهم بأنهم في الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض , يعني أن أهل الجنة من يدخل الجنة من أهل السعادة يخلد في الجنة ما دامت السماوات والأرض , يعني مدة السماوات والأرض , هل كل من يدخل الجنة يكون خالدا فيها مدة دوام السماوات والأرض؟ يعني من أول ما خلق السماوات والأرض , فهذا الذي سعد يكون في الجنة من أول ما خلق السماوات والأرض إلى أن يفني الله السماوات ويبدلها , المدة هذه ليست مشغولة , أهل السعادة يكونون في الجنة طول هذه المدة وإنما كل أحد إذا مات دخل الجنة , فهو إذاً يخلد في الجنة مدةً من مدة دوام السماوات والأرض , مثلاً لنفرض مدة دوام السماوات والأرض لنفرض مثلاً عشرة آلاف سنة دخل هذا ممن كتب الله له السعادة مات يوماً ما كان قبل ذلك اليوم في خمسة آلاف سنة لدوام السماوات والأرض , وبعد ذلك اليوم فيه خمسة آلاف سنة , فهنا لما سُعد ومات أدخله الله الجنة فيخلد فيها ما دامت السماوات والأرض , يعني يخلد فيها عشرة آلاف سنة , هذا ظاهر الآية: ] خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض[ يعني قال: ] ففي الجنة [] وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ [ يعني هم في الجنة ] خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ [ يعني عشرة آلاف سنة؟ لا! إنما يخلدون فيها المدة التي بعد وفاتهم يعني خمسة آلاف سنة، (طب) المدة الباقية هذه المدة الماضية التي لم يكونوا فيها في الجنة؛ لأنهم لم يكونوا من الأحياء ولم يموتوا… إلخ.

هذه المدة هي المستثناه في قوله: ] مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ [ يعني من الزمن الذي لم يكن هؤلاء فيه من الأموات الذين يدخلون الجنة , فكل واحد الصحابة مدة دوامهم تختلف عن مدة دوام من دخل الجنة. أمس توفي من توفي أمس من المسلمين وكتب الله جل وعلا له الجنة , فهو سُعد وفي الجنة خالدًا فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك , هل هنا في مدته هي مدة الصحابي تختلف ذاك له مدة أطول في الدوام ومدة أقصر في عمر السماوات والأرض واليوم (اللي) مات يعني أمس مدته في الدوام أقل يعني إلى قيام الساعة ومدته فيما مضى أقل، فهذا القول هو الظاهر والراجح وهو الذي رجحه المحققون وأما الأقوال الأخر ففيها بُعد.

يقول بعض الإخوان الحريصين على الدعوة: يسافر في إجازة الصيف لبلاد الكفار من أجل الدعوة , وهذا شيء طيب , ولكن يأخذ زوجته معه. وقد تضطر إلى كشف وجهها وكفيها وتصويرها أيضًا… إلخ.
هذا ما فيه سؤال، بعض الإخوان الحريصين على الدعوة ـ أنا بقرأه كله ـ بعض الإخوان الحريصين على الدعوة يسافر في إجازة الصيف لبلاد الكفار من أجل الدعوة , وهذا شيء طيب , ولكن يأخذ زوجته معه. وقد تضطر إلى كشف وجهها وكفيها وتصويرها، بارك الله فيكم (مداخلة غير مسموعة)

سؤال: لوحظ في الآونة الأخيرة على بعض الشباب الملتزم الأخذ من اللحية تخفيفاً , فما حكم هذا العمل؟ وما حدود اللحية؟ وهل يُصلى وراء الإمام الرسمي؟ آمل التكرم بتفصيل مسألة بدعية الأسابيع المتكررة المساجد الشجرة … إلخ.
جواب: أما حكم الأخذ من اللحية فحلق اللحية حرام بالإجماع , نص ابن حزم على تحريم حلق اللحية بالإجماع، وكذلك غيره.
وعلماء المذاهب الأربعة يختلفون في هذه المسألة من حيث تحريم الحق أصلاً، والذي دلت عليه الأدلة الواضحة في السنة بألفاظ مختلفة أن إعفاء اللحية مأمور به , قال عليه الصلاة والسلام: ((خالفوا المجوس؛ أعفوا اللحى وحفوا الشوارب))، وفي رواية أخرى قال: ((أرخوا اللحى)) , وفي رواية ثالثة قال: ((وفروا اللحى))، وقال: ((أكرموا اللحى)) , وهذا يدل على أن هذه الأمور مأمورٌ بها , وأن حلق اللحية حرام.
وقد روى ابن سعد أيضًا وغيره أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين من المجوس، وكان حالق اللحية , وكان موفر الشارب جداً , فانصرف عنه عليه الصلاة والسلام، فلما أقبل عليه قال له: ((من أمرك أن تفعل هذا؟)) فأجابه الرجل , فقال عليه الصلاة والسلام: ((ولكن الله أمرني أن آخذ من هذا , يعني شاربه , وأعفي هذا , يعني اللحية)).
إذا تقرر هذا , فما هو حد الإعفاء لغةً وشرعاً الذي يحصل به الإعفاء؟ وهل معنى الإعفاء أنه لا يجوز أخذ شيء من اللحية؟ للعلماء في ذلك أقوال:

الإمام أحمد وأصحابه يرون أن.. أو ذهبوا أن الأخذ من اللحية أو إلى أن إعفاء اللحية بتركها على حالها سنة , وأن الأخذ منها إذا لم يكن إلى حد الحلق فإنه مكروه. وهذا هو الذي مدون في مذاهبهم، والإمام أحمد كان يأخذ من لحيته كما ذكره إسحاق بن هانئ في مسائله.

والقول الثاني وهو المفتى به عند علمائنا؛ وذلك لظاهر الأدلة أن معنى الإعفاء أن لا يؤخذ منها شيء أصلا بدليل قوله: ((وفروا اللحى)) , ((أكرموا اللحى))، ((أرخوا اللحى)) وهذا كلها مأمورٌ بها , لكن ما هو حد الإعفاء هذا؟

الذين قالوا بأن الأخذ من اللحية ليس مخالفاً للإعفاء، وقالوا: هذا الأمر أعفوا أرخوا خالفه الصحابة بالأخذ بما زاد عن القبضة، فدل على أن حد الإعفاء ليس مطلقاً , يعني بأن من أخذ فقد خالف الأمر بالإعفاء، ولهذا ذهب جماعة من العلماء منهم الحنفية , ونصره الشيخ ناصح الدين الألباني في هذا الوقت نصراً بالغاً , بأن حد اللحية إلى القبضة وما زاد على ذلك فلا يُشرع، وهذا القول فيه ضعفٌ ظاهر؛ لأن من الصحابة من كان كث اللحية جدًا وعظيمها وكانت لحيته تبلغ إلى صدره مثلما ذكر عن علي -t- والنبي عليه الصلاة والسلام كان كث اللحية جدًا ونحو ذلك مما يدل على أن الحد على أن حد الإعفاء بالقبضة وأنه لا يجوز أن يعفي أكثر من القبضة , هذا قول يحتاج إلى أدلة واضحة في ذلك , ولو كان أن الزيادة على القبضة لا يجوز كما ذهب إليه الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله لما خص الصحابة الأخذ من اللحية مما زاد عن القبضة بالنسك، ابن عمر كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما زاد عن القبضة أخذه , لو كان أنه مطلق أنه ما يعفي أكثر من القبضة فمعناه أنه لا يخص بالنسك؛ لأن تخصيصه بالنسك هذا يدل على معنى آخر وليس على الإطلاق.
المقصود من ذلك أن العلماء لهم في ذلك أقوال:

القول الأول: ما ذكرته لك من المفتى به عند علمائنا , وهو أن الإعفاء بأنه يتركها على حالها طبعاً، إلا في حالة التشويه , وهذه حالات نادرة.

القول الثاني: أن الحلق يحرم , وأن تركها حالها مستحب , والأخذ منها مكروه يعني ترك فيها الأفضل.

القول الثالث: هو أن الزيادة على القبضة لا يجوز , بل بدعة , وهو قول الشيخ ناصر الدين الألباني , وهو قول ليس له حظ من الدليل.

سؤال: يقوم بعض أئمة المساجد بوضع سجادة كبيرة في مكان يُسمى بالروضة فوق الفرش الأساسي للمسجد يصلى عليها هو ومن خلفه من المأمومين , فما حكم هذا العمل؟
جواب: هذا أمر راجع إلى ما اعتاد الناس عليه , لكن ينبغي التنبه إلى مسألة وهي أن الصلاة على الأرض مباشرة أفضل , يعني الصلاة على الأرض يعني على التراب أو على الرمل أو على الحصى أفضل , وهو الذي كان في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، النبي صلى الله عليه وسلم ربما صلى على حصير مثلما دعته أم أنس فأتى لها فصلى على حصير قد اسود من طول ما لبس , يعني من طول ما استعمل فلا بأس أن يصلي على ذلك , لكنه خلاف الأفضل , فإذا تعدت الحوائل بينه وبين الأرض ازدادت الكراهة , يجعل له فاصل سجادة ثم سجادة ثانية ثم سجادة ثالثة ثم (بعدين) يجعل بشته أو يجعل غترته أو نحو ذلك، هذا خلاف الأصل , فالمشروع أن يصلي على الأرض , ولا بأس أن يصلي على فراش أو حصير أو فرش مثل عندنا أو سجادة لا بأس بذلك , لكنه ما يتعدد الناس يتوسعون فيه (يحط) واحد ثم (يحط) ثان يسجد عليه , ثم (يحط) ثالث.

والعلماء ذكروا أن الفاصل إذا كان منفصلاً فإنه يكره , وإذا متصلاً فإنه يجوز من غير كراهة , يعني إذا كان متصلا مثلاً (بيحط) غترة بينه وبين التراب يقولون: هذا إذا كان متصلاً فلا بأس. بعضهم يقول بالكراهة؛ لأن الصحابة كانوا يتقون أو كان منهم من يتقي الحر بطرف ردائه , يعني حرارة الأرض، اما المنفصل , المنفصل فهو مكروه , يعني الأفضل عدمه، لكن الناس الآن ما يمكن (نحط) يعني (إيش؟ نحط) رملا أو (نحط) ترابا أو (نحط) حصى , هذا ما هو ممكن مثلاً متى تطبق هذا؟ إذا رحت البر أو رحت في مكان تقول: والله أنا بصلي (جيبوا) السجادة نصلي عليها (طيب) هذا مكان ممكن إنك تصلي فيه بدون هذا المكان طيب مثلاً , وليس فيه مثلاً حصى يؤذي , وليس فيه ما يحصل لا الخشوع معه في الصلاة (ليش) تستخدم سجادة مثله مثل خلع النعال، الصلاة في النعال سنة النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه على أرض , يعني أرض غير مفروشة في المسجد , فأتاه جبريل مرة فأخبره أن بهما قذرا , فخلعهما فخلع الصحابةُ نعالهم , يأتي الآن واحد بيصلي في البر يفسخها ويصلي على شراب أو على.. هذا خلاف السنة تصلي بالنعال أو بالكنادل ونحو ذلك في المكان الذي يمكن الصلاة فيه بذلك.

سائل: (غير مسموع) يضع سجادة ولا يأتي الصلاة إلا عند الإقامة، ما حكم هذا؟
الشيخ: كيف يعني؟

السائل: يؤذن ولا يأتي للتلوث في مكانه إلا عند الإقامة بحجز المكان بسجادة.
الشيخ: هو المؤذن الأصل فيه في السنة أنه ليس وراء الإمام , إنما يلي الإمام أولوا الأحلام والنهى , كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) وكان بلال -t- يقيم عند باب المسجد , ما يقيم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم , يقيم عند باب المسجد حتى يسمع من في السوق ومن في خارج المسجد، وعليه قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا سمعتم الإقامة فلا تأتوا الصلاة وأنتم تسعون , وأتوها وأنتم تمشون , فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)) , بلال كان يقيم وربما دخل النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل فراغ بلال من الإقامة، وربما تأخر حتى يسوي الصفوف بعد فراغه من الإقامة , بلال كان يقول فيما رواه فيما هو في الترمذي أظن , وفي غيره يا رسول الله لا تسبقني أو لا تفتني بآمين؛ لأنه كان يؤذن بره ثم يأتي لذلك السنة أن المؤذن ما يكون وراء الإمام , ليس مكان المؤذن وراء الإمام مباشرة.

لكن قال طائفة من العلماء , ومنهم فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين , وكذلك غيره هذه المسألة يرجعُ فيها إلى العُرف , ما دام أن مكان الإقامة هو مكان الأذان لوجود الميكرفون لإيصال الإقامة، وهذا المكان إنما هو وراء الإمام؛ لأجل أن الإمام يصلي الصلاة بذلك يعني بالميكرفون في داخل المسجد , فإن هذا يعني أن مكانه عرفاً أن يكون وراء الإمام لو كان المؤذن يأتي ويؤذن , ثم يذهب وراء الصفوف هذا كان في ذلك نوع انتقاص أو نوع عدم رعاية لحقه؛ لأنه يؤذن هو يقيم في هذا المكان , كيف يقيم ويرجع وراء الصفوف؟! فلذلك جعل مكاناً له وراء الإمام لا بأس به.

ونشكوا من مشكلة أخرى وهو أن الإمام يتأخر بعض الأحيان ما يأتي , وبعض الأئمة ربما نابه شيء وأراد أن يقدم المؤذن , فالمؤذن في كثير من الحالات ينوب عن الإمام، هذا كونه يكون أيضاً وراء الإمام أدعى للاستخلاف، المقصود أنه لا بأس بذلك؛ رعاية للعرف في هذا.

سؤال: أسمع منك كثيراً قول: هذه المسألة مبسوطة في المطولات. فما المقصود بالمطولات؟
جواب: الكتب ثلاثة أقسام في أي فن كتب متون، ومتوسطة، ومطولات، المتون معروفة لديكم (اللي) تحفظ , ولها شروح , ويعتني بها المبتدئون من الطلبة , أما المتوسطة فهي التي تكون فيه زيادة تفصيل , لكن ما فيها استيعاب للمسائل والأدلة والخلاف…إلخ، والمطولات التي يكون فيها كل شيء مثاله مثلاً في الفقه (زاد المستقنع) هذا متن أكبر منه أصله الذي هو المقنع، المقنع يعتبر متوسطا , أكبر منه الكافي أيضاً يدخل في المتوسط , يعني من مؤلفات ابن قدامة، المطول المغني مثلا يأتيك شروح الأحاديث عندك مثلاً شرح العمدة هذا مبتدئ، (شرح سبل السلام ونيل الأوطار) يعني سبيل سلام ونيل الأوطار وما شابهها هذا متوسط، المطولة مثل فتح الباري، عمدة القارئ , التمهيد , الاستذكار , ونحو ذلك من كتب أهل العلم، كذلك في العقيدة تمشي حتى تأتي للمطولات من كتب شيخ الإسلام الكبار , ولوامع الأنوار ونحو ذلك من الكتب في كل فن فيه مبتدئ ومتوسط ومطول. نكتفي بهذا القدر [كلام ليس له فائدة علمية]

سائل: بارك الله فيك، إذا كان سنه (غير مسموع)
الشيخ: إذا كانت غير واجب.
ـ كمثل النعلين (غير مسموع) الحرم إن كان رجل يطوف.
ـ الحرم المكي
ـ الحرم ما يدخل بنعليه لو دخله بنعليه لأنكرنا عليه
ـ دخل بالنعلين لأنكرنا عليه وبعد ذلك بعدما الناس أنكروا عليه ما يعرفون (غير مسموع)
ـ لا لو دخل بنعليه أنكرنا عليه لأن ما يجوز يدخل الحرم بنعليه.
ـ قال: إنها سنة (غير مسموع) ذلك (غير مسموع)؟
ـ التراب له شأن آخر , التراب مطهر , التراب مطهر , التراب إذا قابل أسفل النعلين طهرها غير (اللى) فيها إذا كان فيها أذى يسحبه إذا كان فيه قذى أخذه أذهبه وغير طبيعته وربما فك الأذى من أسفل إلى آخره , أما الآن في المساجد المفروشة يمشى الواحد في الشارع ويدخل التراب هذا الناس يتأذون من ذلك , يدخل الحرم بنعليه وهو ماش في شوارع فيها من القذى وطالع من المواضئ وفيها الله أعلم كيف يدخل , هذا يمتنع عنه النبي عليه الصلاة والسلام , صلى على امرأة كانت تقم المسجد , كانت تخرج القذى من المسجد , تقمه , تشوف ما بين الرمل وما بين الرمل تأخذه , وما بين الحصى , تأخذ القذى , وكانت تقم المسجد؛ تخرج الاذى , فلما توفيت وكانت امرأة سوداء افتقدها النبي صلى الله عليه وسلم , يعني افتقد تنظيفها للمسجد , فقال: يا رسول الله إنها ماتت.
فقال: ((هلا آذنتموني)) يعني: أعلمتنومني دلوني على قبرها , فدلوه على قبرها فصلى عليها عليه الصلاة والسلام.
فمسألة الصلاة بالنعلين سنة , وترك الصلاة بالنعلين أيضا سنة , النبي صلى الله عليه وسلم صلى بنعليه وصلى بدون نعليه , فإذن نجعل الصلاة بالنعلين فيما تكون وتكون فيه الصلاة بالنعلين موافقة للسنة , أما الصلاة بالنعلين مطلقاً هذا ليس صحيحاً , وترك الصلاة بالنعلين مطلقاً هذا من جنس فعل اليهود , ويعني تقول له: صل بنعلك حتى في التراب ما يصلي بنعليه يخلعه هذا من جنس فعل اليهود , والصواب هو التوسط في هذا , أن الصلاة بالنعلين سنة , لكن سنة في مكاني أنها الدخول في المساجد , والوسائل لها أحكام المقاصد , المساجد النظيفة ولا الحرم والناس ينكرون ذلك فمثل هذا ما يفعل.
ـ منهم الجهال (غير مسموع) الذين منعوا أن يلبسوا النعلين، وفعله رسول الله مثلا فقال: إنكم أنتم جهال.
ـ ما فهمت (شو) الصورة الصورة.
ـ.................
ـ قبل دخل في المسجد الحرام بها النعلين فأنكروا عليه فقال لهم أنتم جهال؟
صحيح هم جهال بالإنكار مطلقاً , وهو أيضا مخطئ بالفعل مطلقاً , كل منهم عليه غلط , يعني لو فهموه بالحكم , أو قالوا له: إن العلماء قالوا كذا. وأذكر الشيخ الألباني له كلام جيد في ها المسالة , سمعتها قديما في أحد الاشرطة كان كلاما طيبا , ذكر أنه ما يجوز أن أحد يدخل في الفرش وباب المساجد؛ لأن قواعد الشريعة تمنعه. نعم.
ـ........................
ـ الله لا يفتنا وإياكم.

سؤال: إذا كان لبس النعلين عارض بعض السنن التي في الصلاة (غير مسموع) جلسة الاستراحة (غير مسموع) هل يسن لبس النعلين في هذه الحالة؟
الجواب: تعرف نعلي النبي صلى الله عليه وسلم صفاتها , ادرس صفاتها وتعرف أنه يمنع على ما رأيته؛ لأنها كانت كاسية من طرفها نعال سبتية لها صفة موصوفة في كتب الحديث راجعها تكون فيها قيام.
ذلك أعضاء السجود وتبحثها بحث اخر.

السؤال: هل يلزم مباشرة أعضاء السجود للأرض؟
الجواب: العلماء يقولون: إذا كانت عدم مباشرة أعضاء السجود للأرض بمتصل فلا بأس , مثلما قلت لك بمتصل يعني: بيجعل بينه وبين الأرض غترته رداء حر أو فيه أذى أو نحو ذلك , بيجعل رداء لا بأس؛ لأن هذا متصل مثله النعلان يصلي بنعليه قد ما تصل الأصابع , مثل الآن بعض الكنادل , والكنادل ما تصل يكون لها مقدمة ما تكون لينة ما يمكن أن الاصابع تصل إلى الأرض , هل نقول: إنه ما باشر موضع صلاته بأصابعه؟ لا، نقول ما قاله العلماء أن المتصل له حكم العضو ما دام هذا متصل بالرأس , له حكم الوجه , ما دام متصل بالرجل له حكمه , اليد جعلت عليها شيئا أو جعلت بينك وبينه بثت بينه وبين الأرض أو نحو ذلك فلا بأس.
(كلام غير مسموع وسؤال غير مسموع)
ـ هذا طويل (غير مسموع)

السؤال: ما ضد الرؤى التي يسأل عنها كثير من الناس يتوسع (غير مسموع) تخيلات؟
الجواب: يأكلون يتعشون وبعدين (يجون) الصبح شفت كذا وشفت كدا هذا يسكت.
ـ.................
ـ الرؤى إما مبشرات فالواحد إذا رآها يحمد الله عليها وإما غير ذلك فينفث على يساره ثلاثا , ويستعيذ بالله من شرها , ثم ينقلب إلى الجهة الأخرى هذا الوارد.
(كلام غير مسموع) كثرة السؤال عن الرؤى تراه ما شاع إلا في يعني كثرة سؤال الناس يعني الرؤى في كل شيء بدون تقسيم ما (غير مسموع) إلا في أزمنة فيها ركوب

ردا على سؤال غير مسموع: سؤال عن الرؤى مشروع وقص الرؤى مشروع , والأدلة فيه كثيرة وسنة , والنبي صلى الله عليه وسلم كان مثلما روى مسلم في الصحيح: إذا صلى الصبح مكث في مصلاه ,
ثم قال: ((هل منكم من رأى رؤية الليلة؟)) هذا مشروع , لكن كل شيء يشوفونه (غير مسموع) شاف يأكل والثاني شاف يشرب والثاني شاف مثل التار يعني أشكال وألوان خاصة الحريم لا يفتح لهم مجال.

سؤال: كان بعض الناس يسأل يا (غير مسموع) أن ليس فيها خير ولا شر؟
جواب: (غير مسموع)
نقول: الرؤى المؤمن لا يسأل عنه يعنى لا يشرع أنك تبحث في الأصل (غير مسموع) الرؤيا (كلام غير واضح) تعبير إذا رأيت رؤية تسرك تحمد الله جل وعلا , وإذا رأيت رؤية انزعجت منها تطبق السنة فيها الثلاث الواردة في الحديث (اللي) رواه مسلم أنك تنفث عن يسارك ثلاثا تستعيذ بالله من شرها وتغير جهتك والله جل وعلا يكفيك.

ردا على سؤال غير مسموع: لا ما في شيء لأن الله جل وعلا قال: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وعنى بالوجه الذات.

ردا على سؤال غير مسموع: كلمة إعفاء (إيه) حده في اللغة , كلمة إعفاء (إيه) حده في اللغة الأقرب، الأقرب من حيث النظر فعل الصحابة أن الإعفاء ماله حد , لكن المأمور به ألا يكون المرء مشابها للذين يحلقون أو يقصونها شديداً؛
لأن النووي رحمه الله ذكر خصال اثنتي عشرة خصلة أو عشر خصال في اللحية مذمومة , ومنها أشياء يعني يوافق عليها , ومنها الأخذ منها شديدا هذا من جنس فعل المجوس , ومنه حلقه , هذا بلا شك من المعاصي , لكن ليست كبيرة , حلق اللحية ليس من الكبائر.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا , واغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا , وثبت أقدامنا , وانصرنا على القوم الكافرين، أما بعد.., فيقول:

سؤال: إذا كان لفظ الحنفي من ألفاظ الأضداد التي تطلق على الميل والاستقامة , فلماذا لا يقال من الأصل: إن إبراهيم -u- كان مستقيماً على التوحيد ولا يقال مائلاً عن الشرك؟
جواب: لفظ الحنف في اللغة هو الميل , والحنيف يعني المائل , والرجل به حنف إذا كان به ميل في ساقيه أو في إحدى ساقيه، والأمور التي قال فيها العرب نطقت العرب فيها بالأضداد , يعني أن تطلق الكلمة وتستعمل في الشيء وفي ضده هذا شائع في لغة العرب , وهو في.. للغة أن في اللسان على نوعين؛ منها ما يطلق على الشيء وعلى ضده، وينظر فيه إلى التلازم , بمعنى أن الشيء وضده متلازمان , إذا وجد أحدهما وجد الآخر، ومن هذا الحنف فيقال: هذا أو إذ إن إبراهيم كان أمةً قانتاً لله حنيفاً، فمن مال عن الشرك فإنه لا يمل عنه إلا إلى التوحيد؛ لأنه ليس ثم إلا توحيد وشرك ] فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ [ إذا فررت من الأكوان أو من الكائنات فإنك تفر منها إلى مكون الكائنات؛ لأنه ليس ثمَّ إلا هذا وهذا، النوع الثاني أن يطلق بلا إرادة التلازم بل من باب التفاؤل تارة , ومن باب آخر أو من أبواب أخر , تارات أخرى مثل أن يُسمى اللديغ سليم اللديغ , قد يموت لكن العرب تقول له سليم من باب التفاؤل، فكلمة سليم تطلق على السالم، وتطلق على المريض , أطلقت على المريض من باب التفاؤل , وهذه لها سعة في فقه اللسان العربي , فالعرب تارةً تطلقها من باب التلازم , وتارة تطلقها من باب التفاؤل , وتارة لا من هذا ولا من هذا، في فقه لهم في هذه الألفاظ.

إذا كان كذلك فلفظ الحنيف الذي جرى عليه السؤال لا يتصور أن يكون المرء حنفاً أو حنيفياً أو حنيفيا إلا أن يكون موحداً؛ لأنه إذا مال عن الشرك فإنه يميل عنه إلى الحق , وهو التوحيد , حنيف عن أهل الشرك مائل عن أهل الشرك, فإنه لابد أن يميل عنهم إلى أهل التوحيد , ولو كان من مال إليه إبراهيم -u- وحده، فإنه مع أمة وليس مع واحد , وهكذا.
فإذن الأصل في هذه أنها من باب التلازم , الحنف من باب التلازم , ومنها كلمة أيضاً يطلقها أهل نجد , وربما بعضكم سمعها، وليسوا أهل نجد جميعاً , وإنما هم أهل الدعوة العامة , منهم في أول الأمر يقولون: نحن أهل العوجة , (إحنا) أهل العوجة , ينتخون بها ما معنى العوجاء، العوجاء هذا من أسماء كلمة التوحيد من أسماء التوحيد، أهل العوجة يعني أهل التوحيد، أهل ملة إبراهيم أهل الحنيفية؛ لأنها عوجاء عن طريق الشرك إلى طريق أهل التوحيد , وهذا هو التفسير الصحيح الذي فيها مثل ما جاء في حديث وصف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة.

سؤال: السؤال الثاني: يقول: كم يساوي ربع الدينار في نصاب السرقة الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة دراهم في هذه الأيام؟
جواب: الدينار تقريباً يعني أو أنت احسبها من جهة أخرى , نصاب الزكاة الذي جاء في الذهب أن النصاب كم؟ عشرون ديناراً , العشرون دينارا تبلغ من الجنيهات في الذهب في السعودية التي ضربت في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله تبلغ أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنيه العشرين دينارا تبلغ أحد عشر جنيهاً , وثلاثة أسباع الجنيه , إذن الدينار أقل من الجنيه , صحيح كم يبلغ؟ احسبها من (اللي) شاطر في الحساب؟ أربعة أسباع الجنيه أليس كذلك؟ لأن أحد عشر وثلاثة أسباع تطلع ثمانين على أحد عشر فتطلع أربعة أسباع الجنيه , إذاً فيكون الدينار أربعة أسباع الجنية السعودي ربع الدينار اقسمها عليها تطلع لك النتيجة مهم هذا؛ لأن الدينار كفارة في أشياء متعددة طالب العلم يحسن به معرفة ذلك.

سؤال: هل الشرطة تقوم مقام الحكام أو القاضي في مسألة تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغته أم لا؟
جواب: الشفاعة في الحدود، أولاً: ما كان دون الحد فإنه يُستحب إقالة أهل الشارة وأهل المكانة في المجتمع أن يقالوا ما دون الحدود ابتداءً؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود)) , حتى ولو بلغت السلطان فإنه يقيل من كان من ذوي الهيئة، وذووا الهيئة في المجتمع من إذا أخذوا أو عزروا بما اقترفوا يكون ثمَّ أثر على المجتمع؛ لأنهم قدوة , أو لأنهم أهل ولاية , أو لأنهم أهل إشارة , والناس ينظرون إليهم , فالشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها , ودرء المفاسد وتقليلها , فما كان دون الحد مما فيه تعزير فإنه يُستحب إقالة ذوي الهيئات عثراتهم.
وأما الحدود فإنه لا يجامل فيها أحد، لكن إذا كان ثمَّ شفاعة في حد من حدود الله جل وعلا فإنه لا بأس به قبل أن يصل إلى السلطان، فإذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع ولعن المشفع , إذا بلغت الحدود السلطان يعني الإمام أو من ينيبه في الحكم القاضي الذي ينفذ الأمر ويحكم عليه وما قبل ذلك فإن الشفاعة مطلوبة , لم؟ لأن الشفاعة مأذون بها , لأن الشفاعة ترجع إلى أصل الستر على المسلم , وقبل أن يصل إلى السلطان , أو إلى القاضي فهو في مظنة الخفاء , الحد في مظنة الخفاء , فإذا كان في مظنة الخفاء ولم يطلع عليه الناس فالستر فيه أولى.

وهذا الدليل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سرقت المخزومية وأُتيَ بها شفع من شفع في ذلك , وقال: ((هلا كان قبل أن تأتوني بها , وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) , استدل أهل العلم بذلك على أن الشفاعة لا بأس بها إذا كان فيها مصلحة , إذا كانت قبل أن تصل المسألة أو الجرم إلى السلطان وإلى القاضي الذي يحكم بالأمر، أما الشرط فلا يدخلون في ذلك؛ لأن الشرط إنما هم لحفظ الأمر والإمساك على المجرم وليست جهة قضائية , ولا جهة تنفيذية قبل حكم الإمام أو حكم نائبه. والله أعلم. اقرأ.


*الآية هكذا خطأ ، والصواب {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك} الآية . سورة البقرة (217) / أو {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} الآية . سورة المائدة (54).
*ما بين المعقوفتين غير مسموع في الشريط .
[1]لعل الشيخ يقصد أن يقول فقول الله جل وعلا لأن هذه آية {من يعمل سوءا يجز به}[النساء:123]
[2]هذا الجزء غير موجود بالشريط
*ما بين المعقوفتين غير مسموع في الشريط .
*الصحيح: ] وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [ سورة هود (108) .


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 10:53 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


قول المرجئة بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب
قال المصنف رحمه الله: [ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله] . هذه الجملة تؤثر عن بعض المرجئة، وإن كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول: (وهذه الجملة تحكى عن غلاة المرجئة، ولا أعلم أحداً من الأعيان المعروفين صح عنه القول بهذه الجملة)، ولكن الأشعري في (مقالاته) وأبو محمد ابن حزم في (الفِصل) نسبا هذه الجملة إلى مقاتل بن سليمان ، إلا أن هذا لا يصح عنه، فـشيخ الإسلام رحمه الله لم يكن خفياً عليه ما قاله الأشعري و ابن حزم أنها قول لـمقاتل بن سليمان ، ولهذا قال في منهاج السنة النبوية: (وينسب هذا لـمقاتل بن سليمان عند بعض أهل المقالات ولكنها لا تصح عنه)، فهذه جملة يقال: إنها تنسب لغلاة المرجئة ولا يصح عن معين أنه التزم هذا المذهب.

من أصول العبادة: الخوف والرجاء
قال المصنف رحمه الله: [ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم ولا نقنِّطهم] . هذا من مقامات العبادة وهو: مقام الرجاء ومقام الخوف، وعبادته سبحانه وتعالى عند أهل السنة معتبرة بثلاثة أصول: الأصل الأول: الاستحقاق، ومن أخص مقاماته المحبة، ومعنى هذا أن الله سبحانه وتعالى يُعبد ويُسأل ويُدعى ويُتقرب إليه استحقاقاً، أي: لكونه مستحقاً للعبادة، وهذا هو أشرف أصول العبادة. الأصل الثاني: الرجاء، وهو أصل واسع. الأصل الثالث: الخوف، وهو أصل واسع أيضاً، أي: واسع المتعلق، وعليه: فإن من يفسر الرجاء برجاء الجنة ويكون مدار كلامه إذا ذكر الرجاء على مدار الجنة وثواب الآخرة، فلا شك أن تفسيره يكون قاصراً، فإن من أخص مقامات الرجاء رجاء محبته سبحانه وتعالى، ورجاء رضاه سبحانه وتعالى، إلى غير ذلك، ومن مقامات الرجاء رجاء الجنة. وكذلك الخوف، فكما أن الخوف من النار من الخوف الشرعي الذي شرعه الله ورسوله، إلا أن من مقامات الخوف أيضاً الخوف من سخطه وغضبه سبحانه وتعالى. فيكون فقه هذين الأصلين: (الخوف والرجاء) لا يختص بالنعيم أو بالعذاب المادي، بل بما يتعلق بما بين العبد وبين ربه من محبته ورضاه أو سخطه وغضبه ومقته، والعبد كما أنه يرجو النعيم في الجنة فإنه قبل ذلك وأهم من ذلك يرجو محبة الله سبحانه وتعالى ورضاه، ولهذا قال سبحانه وتعالى لما ذكر النعيم: {وَرِضْوَانٌ مِنَ الله أَكْبَرُ} [التوبة:72] ، فالرضا أعظم من هذا النعيم الذي أعده الله سبحانه وتعالى، وإن كان طلب النعيم والخوف من العذاب مشروعاً. ومن هدي أهل السنة أنهم يرجون للمحسنين أي: من استقاموا على الإيمان ظاهراً وباطناً، ويخافون على المسيئين وهم من حقق أصل الإيمان ولكنهم اقترفوا ما اقترفوا من الكبائر، فهؤلاء المسيئون يُخاف عليهم، ولكن لا يعطلون من مقام الرجاء، وأهل الإحسان وإن كان يُرجى لهم إلا أنهم لا يعطلون من مقام الخوف، ولكن الأصل في أهل الإحسان هو الرجاء، والأصل في أهل الإساءة هو الخوف، وأما أن يقصر أهل الإساءة على مقام الخوف وحده فلا، بل يُخاف عليهم ويرجى لهم، ولهذا لما ذكر الله سبحانه وتعالى العصاة قال: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة:102] . ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ولا, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir