دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 02:32 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى...)

وهو المَبْعُوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وَكَافَّةِ الوَرَى بِالحَقِّ والهُدَى، وبالنورِ والضياءِ.


  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 02:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز


[لا يوجد تعليق للشيخ]


  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) وهو المَبْعُوثُ إلى عَامَّةِ الجِنِّ وَكَافَّةِ الوَرَى بِالحَقِّ والهُدَى، وبالنورِ والضياءِ.



(1) كذلكَ، هذا ما يجبُ اعتقادُهُ في النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يكفي أنْ نعتقدَ أَنَّهُ رسولُ اللَّهِ فقطْ، بلْ أَنَّهُ رسولٌ إلى الناسِ عامَّةً، بلْ إلى الجنِّ والإنسِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (سَبَأ: 28)، وقَالَ لَهُ: {قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأَعْرَاف: 158) فَرِسَالَتُهُ إلى الناسِ عامَّةً، وهذا من خصائصِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، فهو رَسُولٌ للناسِ عامَّةً، وَوَجَبَتْ طاعتُهُ على جميعِ الخلقِ، عَرَبِهِم وعَجَمِهِم، وأَسْوَدِهِم وأَبْيَضِهِم، وإِنْسِهِم وجِنِّهِم، فكُلُّ مَن بَلَغَتْهُ دعوةُ الرسولِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وَجَبَ أنْ يُطِيعَهُ وأن يَتَّبِعَهُ، فمَن أَقَرَّ أَنَّهُ رسولُ اللَّهِ للعربِ خاصَّةً، كما يقولُهُ طائفةٌ من النصارى، إِنَّهُ رسولُ اللَّهِ للعربِ خاصَّةً، ويُنْكِرُونَ نُبُوَّتَهُ لغيرِهِم، فهذا كُفْرٌ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وتكذيبٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ ولرسولِهِ، فاللَّهُ يقولُ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (سَبَأ: 28)، ويقولُ سُبْحَانَهُ:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (الفُرْقَان: 1) فَرِسَالَتُهُ عَالَمِيَّةٌ.

وقَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً). وكاتَبَ رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُلُوكَ الأَرْضِ يَدْعُوهم إلى الإسلامِ، فَدَلَّ على أَنَّهُ مُرْسَلٌ إلى أهلِ الأَرْضِ كلِّهِم، وأُمِرَ بالجهادِ حتى يَدْخُلَ الناسُ في الإسلامِ، فَدَلَّ على عمومِ رسالتِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، فَيَجِبُ اعتقادُ هذا.
فَتَجِبُ في حَقِّهِ هذه الاعتقاداتُ:
أولًا: أَنَّهُ عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ.
ثانيًا: أَنَّهُ خاتِمُ النَّبِيِّينَ لا نبيَّ بعدَهُ.
ثالثًا: أنَّ رسالتَهُ عامَّةٌ للإنسِ والجنِّ.

ودليلُ عمومِهِا للإنسِ: كما سبقَ من الآياتِ, ومكاتبةُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأمَّا عمومُهَا للجنِّ: فلقولِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا من الجنِّ يَسْتَمِعُونَ القرآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنِصُتوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} (الأَحْقَاف: 29 – 31) يَعْنُونَ: مُحَمَّدًا عليهِ الصلاةُ والسلامُ.

وفي قولِهِ تَعَالَى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} (الجِنّ: 1، 2)، فَدَلَّ على عُمُومِ رسالتِهِ للجنِّ، فالنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ لأهلِ الأَرْضِ كلِّهِم؛ إنسِهِم وجِنِّهِم، فمَن آمَنَ بهِ دَخَلَ الجنَّةَ، وَمَن لم يُؤْمِنْ به دخَلَ النارَ، من الإنسِ والجنِّ. وقولُهُ: (وبالنورِ والضياءِ) هُمَا بمعنًى واحدٍ وقد بُعِثَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهما. قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (الأَحْزَاب: 45، 46).


  #4  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 01:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي

قوله: (وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء).

ش: أما كونه مبعوثاً إلى عامة الجن، فقال تعالى حكاية عن قول الجن: {يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ الله}، الآية. وكذا سورة الجن تدل على أنه أرسل إليهم أيضاً. قال مقاتل: لم يبعث الله رسولاً إلى الأنس والجن قبله. وهذا قول بعيد. فقد قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}، الآية، والرسل من الأنس فقط، وليس من الجن رسول، كذا قال مجاهد وغيره من السلف والخلف. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الرسل من بني آدم، ومن الجن نذر. وظاهر قوله تعالى حكاية عن الجن: {إِنّا سَمِعنا كِتابا أُنزِلَ مِن بَعدِ مُوسى}، الآية: تدل على أن موسى مرسل اليهم أيضاً. والله أعلم.
وحكى ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم: أنه زعم أن في الجن رسلاً، واحتج بهذه الآية الكريمة. وفي الإستدلال بها على ذلك نظر لأنها محتملة وليست بصريحة، وهي - والله أعلم - كقوله: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان والمراد: من أحدهما.
وأما كونه مبعوثاً إلى كافة الورى، فقد قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}. وقد قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}. وقال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}. أي: وأنذر من بلغه. وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا} وقال تعالى:{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ}، الآية. وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}. وقد قال تعالى: {وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ}. وقال صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة))، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعث إلى الناس عامة، أخرجاه في الصحيحين. وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار))، رواه مسلم. وكونه صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى الناس كافة معلوم من دين الإسلام بالضرورة.
وأما قول بعض النصارى إنه رسول إلى العرب خاصه -: فظاهر البطلان، فإنهم لما صدقوا بالرسالة لزمهم تصديقه في كل ما يخبر به، وقد قال إنه رسول الله إلى الناس عامة، والرسول لا يكذب، فلزم تصديقه حتماً، فقد أرسل رسله وبعث كتبه في أقطار الأرض إلى كسرى وقيصر والنجاشي والمقوقس وسائر ملوك الأطراف، يدعو إلى الإسلام.
وقوله: وكافة الورى في جر كافة نظر، فإنهم قالوا: لم تستعمل كافة في كلام العرب إلا حالاً، واختلفوا في إعرابها في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ}،على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها حال من الكاف في أرسلناك وهي إسم فاعل والتاء فيها للمبالغة، أي: إلا كافاً للناس عن الباطل، وقيل: هي مصدر كف، فهي بمعنى كفا أي: إلا [أن] تكف الناس كفا، [و] وقوع المصدر حالاً كثير.
الثاني: أنها حال من الناس. واعترض بأن حال المجرور لا يتقدم عليه عند الجمهور، وأجيب بأنه قد جاء عن العرب كثيراً فوجب قبوله، وهو اختيار ابن مالك رحمه الله، أي: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ}.
الثالث: أنها صفة لمصدر محذوف، أي: رسالة كافة. واعترض بما تقدم أنها لم تستعمل إلا حالاً.
وقوله: بالحق والهدى وبالنور والضياء. هذه أوصاف ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدين والشرع المؤيد بالبراهين الباهرة من القرآن وسائر الأدلة. والضياء: أكمل من النور، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا}.


  #5  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 01:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)

الشيخ: . . .
الجملة الأخيرة قال رحمه الله تَعَالَى: "وهو المبعوث إلى عامة الجن،وكافة الورى بالحق والهدى وبالنور والضياء"،قوله: "وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى" يعني: أنه عليه الصلاة والسلام هو المبعوث إلى الجن والإنس أجمعين. وبعثته عليه الصلاة والسلام للإنس والجن جميعاً ذكر عددٌ من أهل العلم الإجماع عليها، فنُقِل عن ابن عبد البر وعن ابن حزم في الفِصَل أنهم ذكروا الإجماع على عموم بعثة النبي عليه الصلاة والسلام للجن والإنس، وذكرها تقي الدين السبكي أيضا في رسالة خاصة في عموم رسالته عليه الصلاة والسلام.
والدليل على ذلك، يعني على عموم بعثته، الدليل على قول المؤلف: "وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورىأدلة كثيرة من الْقُرْآنِ ومن السنة، فمن الْقُرْآنِ قوله جل وعلا: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } والإنذار بلغ الجن كما في آيات أخر، فإذن هو نذير للجن وللإنس.

والدليل الثاني: قوله جل وعلا: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً} والعالمون اسم لكل ما سوى الله جل وعلا، وخرج من ذلك الملائكة على الصحيح كما سيأتي، فيكون من العام المخصوص، والعام المخصوص دال على ما بقي بعد التخصيص، كما هو معلوم، فيكون كل الجن والإنس داخلين في لفظ العالمين، ولم يستثنوا ولم يخرجهم دليل،فيبقون داخلين في عموم النذارة.

وهذا الدليل اعترض عليه بأن قوله جل وعلا: {ليكون للعالمين نذيراً}؛لأن هذا هو الْقُرْآن، وليس هو بمحمد عليه الصلاة والسلام،وهذا وإن كان وجهاً لاحتمال رجوعِ الضميرِ في قولِه: {ليكون} للقرآن لقوله في أوله: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون} يعني: الْقُرْآن {للعالمين نذيراً}, فهذا الوجه وإن كان محتملاً لكنه خلاف الأولى.والأولى عند أهل العربية، أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، وهو قوله: {على عبده}, {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون} عبده {للعالمين نذيراً}.

والدليل الثالث على ذلك: قوله جل وعلا في سورة الأحقاف: {وإذ صرَفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى...} إلى آخر الآيات، ودل عليه أيضاً قوله جل وعلا: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} يعني: للجن وللإنس، وكذلك دل عليه قوله جل وعلا: {قل أوحي إلى أنه استمع إلي نفرٌ من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد}.

وبعثة محمد عليه الصلاة والسلام إلى الجن والإنس جميعاً دلت عليها هذه الأدلة، قال بعض العلماء: إنها في القوة وفي عدم الاعتراف ممن خالف مرتبة في قوتها بحسب ترتيب المصحف، فأقواها آية الأنعام، ثم آية الفرقان، ثم الأحقاف، ثم الرحمن، ثم آية الجن، وهذا وجيه.

والأدلة من السنة أيضاً على عموم بعثته عليه الصلاة والسلام للجن والإنس كثيرة معروفة، فمنها قوله عليه الصلاة والسلام: ((كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت للناس كافة)) على لغة من يدخل الجن في لفظ الناس، وسيأتي زيادة بيان لذلك.

وثبت أيضاً في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((بعثت للأحمرِ والأبيضِ)) قال بعض العلماء: يدخل في قوله: ((الأحمر)) الجن؛ لأنهم مخلوقون من نار، والنار صائرة إلى الحمرة،أو لونها مائل إلى الحمرة،وغير ذلك من الأدلة التي تدل على عموم بعثته عليه الصلاة والسلام للجن والإنس، أما عموم بعثته عليه الصلاة والسلام للإنس جميعاً،للناس جميعاً، فثم آيات كثيرة.

إذا تبين ذلك في معنى قوله المصنف وفي دليله، وأن هذه المسألة ذكر عليها غير واحد الإجماع، فثم في هذه المسألة أو في هذه الجملة مسائل:

الأولى: أن قوله جل وعلا: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} في الأنعام،قوله: {ألم يأتكم رسل منكم} هذا على جهة التغليب؛ لأن الجن والإنس اجتمعا في شيء، وافترقا في أشياء، فاجتمعا في التكليف، فلذلك صح أن يشتركا في التثنية {ألم يأتكم رسل منكم} لاشتراكهما في أصل التكليف،{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، والاشتراك في الجنس ولو اختلف النوع، فإنه يبقي الدلالة الأغلبية صحيحة.

وقال بعض السلف: إن الجن يكون منهم رسل. ولكن هذا القول ضعفه جماعة كثيرون من أهل العلم من التابعين، فمن بعدهم،قال ابن عباس رَضِي اللهُ عَنْهُ ورحمه: الرسل من الإنس، ومن الجن النذر. أخذ هذا من قوله تعالى: {فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين}.

المسألة الثانية: أن بعثة النبي عليه الصلاة والسلام قيل فيها: إنها تشمل الملائكة؛ وذلك لعموم قوله: {ليكون للعالمين نذيراً}.وهذا ليس بجيد، هذا القول ليس بجيد، بل يترجح أنه غلط؛ وذلك لأمور:

الأول: أن قوله جل وعلا: {ليكون للعالمين نذيرا} هذا فيه الإنذار، والملائكة مقيمون على عبادةِ الله جل وعلا وعلى توحيدِه، وعلى تسبيحه كما قال عليه الصلاة والسلام: ((أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وملَك قائم أو ملك ساجد أو ملك راكع} فالملائكة موحدون {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}، الملائكة عُبَّاد لله جل وعلا،الملائكة متقربون إلى الله جل وعلا،ومَن كانت هذه حاله فلا يصلح له الإنذار.

ولهذا قوله جل وعلا: {ليكون للعالمين نذيراً} ليس فيه دليل لمن ذهب إلى أن بعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامة للجميع؛ لأن الآية فيها تعليق بالإنذار، والملائكة لا ينذَرون.

الوجه الثاني: أن الملائكة جنسهم.. أو نقول: منهم من أتى بالرسالة إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهو جبريل عليه السلام،وأمره أن يبلغها للناس، ودخول الآمر في مثل هذا في الأمر يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصلَ أنَّ الآمر إذا أمر غيره فإنه لا يدخل في الأمرِ، فطلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يعلن الرسالة للناس جميعاً، بل للثقلين، فإدخاله؛إدخال جبريل عليه السلام،يحتاج إلى دليل.

الثالث والأخير: أن الملائكة يستغفرون لِمَن في الأرض، ويستغفرون للذين آمنوا، وهم أنصارُ الأنبياء، يرسلهم الله جل وعلا إليهم لنصرتهم، وهم أولياؤهم، وهذا يدل على أنَّهم خارجون عن الاتباع؛ لأنهم لو كانوا تابعين لصارت نُصرتهم للنبي عليه الصلاة والسلام وللمؤمنين متعينةً بلا أمر، لأجل عقد نصرة الرسالة.

قال هنا: "وكافة الورى "المبعوث إلى عامَّةِ الجن وكافة الورى"، وكافة: هذه في إضافتها للورى ـ الورى يعني الناس ـ صحيحة، وجاءت في لغة قليلة عن العرب، واستعملها عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ،وهي صحيحة، خلافاً لمن قال: إن (كافة) لا تُستخدم إلا منصوبة على وجه الحال، يعني أن تكون حالاً، كما قال جل وعلا: {وماأرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً}، فالأصل أن تكون منصوبة،حال، ويجوز أو في لغة قليلة استعملت مضافة.

قوله: "بالحق والهدى وبالنور والضياء" هذه الأربع أوصاف وأسماء للقرآن. وبهذا نختم هذا الدرس. أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام.

مباحث النبوة سبق أن ذكرنا لكم أنها لم تجمع في كتاب عام لكل مباحث الأنبياء،تعريف النبي، والرسول، والمعجزات، والبراهين، وختم النبوة،والرد على المخالفين في كل ما يتعلق بالنبوات، ولا شك أن الحاجة داعية إلى ذلك؛ فهذه مباحث قد لا توجد في كتاب مجموع،لهذا حبذا لو يتوجه إلى هذا البحث بجمع كل مسائل النبوة بعض طلبة العلم؛ حتى يكون تناوله يسيراً في أيدي إخوانهم من طلبة العلم.نكتفي بهذا القدر،نجيب على سؤالين،أو ثلاثة.

سؤال: إذا ركع الإمام قبل انتهاء المأموم من الفاتحة فهل يسجد أم يكمِّلها؟
جواب: الجواب: أن هذا مبني على البحث في قراءة الفاتحة؛ هل هي واجب،واجبة على المأموم،أم أن الإمام يتحملها؟ والذي قاله جمهور أهل العلم، وجمهور الصحابة كما عزا ذلك إليهم شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم: أن قراءة الفاتحة يتحملها الإمام عن المأمومين في الصلاة الجهرية.

وإذا كان كذلك، فإن المأموم لا يقرأ الفاتحة على هذا القول، وإذا قرأ بعضها فإنه يكفي.

والقول الثاني: وهو الذي رجحه عدد من المحققين؛ لظهور الدليل من السنة فيه، وهو قوله عليه الصلاة والسلام.. بل نذكر القول قبل الدليل: هو أن قراءة الفاتحة واجب على الجميع؛ الإمام والمأموم والمنفرد،أو ركن،ودل عليها قوله عليه الصلاة والسلام: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين،فإذا قال عبدي: الحمد لله رب العالمين...)) إلى آخره،فتسمية الفاتحة بالصلاة وهي جزؤها دال على أنها ركن فيها.

كذلك قوله عليه السلام:((أراكم تقرؤون خلف إمامكم)) قالوا: نعم يا رسول اللهِ، قال: ((لا تفعلوا إلا بأم الْقُرْآنِ؛فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) دل هذا على وجوب قراءة الفاتحة.
وعلى هذا القول فإن المصلي يأتي بما يمكنه، بما يستطيعه، بما يمكنه منه اتباعه للإمام، فإذا تمكن من قراءة بعض الفاتحة سقط عنه البعض الآخر بتكبير الإمام.

تحصل لك من هذا أنه على كل من القولين،على كل القولين فإن المأموم إذا ركع الإمام وجب عليه أن يتابعه، ويترك قراءة الفاتحة؛لأن الإمام انتقل إلى ركن آخر وهو الركوع.

سؤال: ما عورة المرأة لمحارمها وللنساء الأخريات؟
جواب: عورة المرأة لمحارمها ما يظهر منها غالباً كالوجه والرأس وأطراف اليدين وبعض الرجلين، ما يظهر غالباً مما جرى عليه العرف في البيت؛ لأنها بحاجة إلى ذلك، وأما عورتها بالنسبة للنساء فإن المرأة بالنسبة للمسلمة عورتها من السرة إلى الركبة، والثديان لا يدخلان في العورة بالنسبة للمسلمة؛ لأنه ربما احتاجت إلى كشفها حال الرضاع أو أشباه ذلك، وقد كانت نساء الصحابة يرضعن بحضرة أخريات من أخواتهن المؤمنات، فدل على أن عورة المرأة لا يدخل فيها الثديان، وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام أحمد وأصحابه وطائفة من أهل العلم.

وأما إذا كانت المرأة ليست بمسلمة، وهن نساء أهل الكتاب،كافرة،نصرانية،أو وثنية أو نحو ذلك، فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} إلى أن قال: {أو نسائهن} دال على تخصيص إبداء الزينة بالإباحة بنسائهن، وهن المسلمات، فبقي ماعداهن على الأصل، وهو المنع.

ويقول: إنه لا يجوز للمرأة أن تتكشف عند المرأة الكافرة، وهذا القول قال به طائفة أيضا من العلماء، لكنه ضعيف من جهة أن المشركات وبعض أهل الكتاب كن يدخلن على بيت النبي عليه الصلاة والسلام، وكن يدخلن بعض بيوت الصحابة، ولم تؤمر الصحابيات بالاحتجاب عنهن كالرجال.

فإذن تكون المرأة المسلمة عورتها بالنسبة للكافرة كما عورتها ما يظهر منها غالباً كعورة المرأة بالنسبة لمحارمها، هذا كله إذا لم يظهر ثم فتنة، فإن كانت المرأة تفتتن بجزء من بدن المرأة والعياذ بالله؛ لمرض في نفسها فإنه يجب تغطيته، إذا كانت المرأة تنظر إلى أخرى بشهوة، فإنه يجب على المرأة أن تصون عورتها من أن ينظر إليها أحد بشهوة، حتى المحارم وحتى النساء المسلمات.

سؤال: ما حكم تكفير الكافر المعين،والحكم عليه بالخلود في النار بعد الممات؟ وما معنى قول أهل السنة: ولا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له... إلى آخره؟
جواب: الجواب أن قوْل أهل السنة: ولا نشهد لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد له رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني: من هذه الأمة، من المنتسبين للقبلة، أما المشرك الأصلي أو الكافر اليهودي والنصراني، فإنه يستصحب الأصل الذي كان عليه، فإذا مات على الكفر، فإننا نقول: هو كافر ومات عليه، وهو من أهل النار، والنبي عليه الصلاة والسلام قال لنا: ((حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)) أبشر بالنار.

لا يدخل في قوله أهل السنة؛ لأن المقصود من ذلك أهل القبلة، لا نشهد لمعين بجنة من أهل القبلة، ولا لمعين من أهل القبلة بنار، إلا من شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام،الذين يدخلون الجنة، وفي الذي غل، وفي الذي قتل نفسه، وجأنفسه بحديدة ونحو ذلك، من شهد عليه رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنار من أهل القبلة، فنشهد عليه بالنار.

وأما المشركون والكفار من أهل الكتاب فلا كرامة لهم، فإذا ماتوا شهدنا عليهم بالنار، وكفرناهم في حياتهم، وبعد مماتهم، ولا يقال في حقهم: لا نكفر إلا من بلغته الحجة، أو لا نشهد عليهم بالنار إلا من قامت عليه الحجة ونحو ذلك, كما بينا ذلك مرة في هذا المسجد حينما رددت على صاحب مقالة كفرية.

سؤال: ما هو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في تارك الصلاة؟
جواب: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى أن تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً.. تهاوناً أو كسلاً؛ لأنها صورتان،يكفر الكفر الظاهر، ولا يكفر الظاهر والباطن جميعاً،إلا إذا حُكم عليه بذلك، قد فصَّل الفرق بينهما في شرحه على العمدة؛عمدة الفقه لابن قدامة وفي موضع من الفتاوى.

سؤال: هل الملائكة أفضل أم الأنبياء؟
جواب: يأتينا البحث مطولاً إِنْ شَاءَ اللَّهُ في آخر العقيدة الطحاوية،والجواب باختصار: الأنبياء أفضل من الملائكة.

سؤال: هل يقال: إن أفضل الصحابة أبو بكر، وأفضل أمة محمد عيسى عليه السلام؟
جواب: الجواب: أن عيسى عليه السلام نبي من الأنبياء، ومن أولي العزم من الرسل، وأيضاً يصدق عليه حدّ الصحابي، ولذلك يُلغِز بعض العلماء فيقول: مَن مِن هذه الأمة من هو أفضل من أبي بكر؟فيقال: عيسى عليه السلام،لكن... نعم (مداخلة غير مسموعة)من جهة أنه لقيه،لقي النبي عليه الصلاة والسلام لما أسري به وآمن به، وإذا نزل يكون مؤمناً وحاكماً بشريعة محمد.

سؤال: {حتى إذ استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} فما معنى كذبوا؟
جواب: مر علينا الجواب فيما مضى.

سؤال: ما رأيكم في كتاب (فضيلة الإيمان بالرسل) لفضيلة الدكتور عمر الأشقر؟ قد استوفى كثيرا من الموضوعات.
جواب: الجواب: أن كتب الدكتور عمر الأشقر في العقيدة في الجملة جيدة، وشاملة لمباحث، وهو يتحرى في نقوله، فهي نافعة لطالب العلم،والاستفادة منها طيبة.

سؤال: ما حكم العمليات التجميلية؟
جواب: عمليات التجميل فيها تفصيل؛ إن كانت العملية لتغيير خلقِ اللهِ،للتحسينِ فقط هذه لا تجوز؛ لأنَّ الله جل وعلا ذكرَ أن الشيطانَ يأمر العباد بتغيير خلق الله، قال سبحانه: {وإن يدعون من دونه إلا شيطاناً مريداً لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولآمرنهم فيلبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}.
وثبت في الصحيحِ أن النبيَ عليه الصلاة والسلام لعن ((النامصة والمتنمصة، والواصلة والمستوصلة، والواشمةَ والمستوشمةَ، والمتفلجات للحسنِ،المغيرات خلق الله)) وهي التي تنشر سنها ليتباعد ما بين السنينِ، فإذا ضحكت تفلج أو ظهر شيء من الحسن، كما هو عند أهل ذلك الزمان، فهذا النوع من عمليات التجميل وهو أن تعمل العملية؛ لأجل التجميل فقط، فيغير خلق الله جل وعلا لأجل الزينة فهذا لا يجوز ومحرم، وفاعله ملعون، وهذا يدل على أنه من الكبائر والعياذ بالله.

النوع الثاني: أن تكون عملية التجميل لحاجة،في شيء خارج مشوه أوضار بالإنسان، كظهور إصبع زائدة في قطعها أو ظهور ثآليل في الوجه، أو في البدن، وهي قطع لحم زائدة، أو نحو ذلك من عظم زائد يؤذي، فيما فيه مضرة للعبد، أو تشويه ظاهر يبعث على الاشمئزاز منه، أو تنكره، فهذا لا بأس به، لا بأس بأن يفعل؛ لأن هذا من قبيل العلاج، لا من قبيل تغيير خلق الله للحسن، فقول النبي عليه الصلاة والسلام:((المتفلجات للحسنِ، المغيراتِ خلق الله)) هذا ضابط؛ لأن من غير خلق الله لأجل الحسن دون حاجة أخرى، فإنه داخل في اللعنة.

سؤال: ما الفرق بين أن نقول: هذه الصفة على سبيل الإخبار،وبين أن نقول: هذه صفة على سبيل الإقرار؟
جواب: هذا يأتينا في بحث الصفات إِنْ شَاءَ اللَّه والقواعد.

سؤال: ثبت في سننِ أبي داود أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سابق عائشة في السفر،فهل نستفيد منه سنية المسابقة على الأقدامِ؟
جواب: نعم، المسابقة على الأقدامِ مشروعة، النبي عليه الصلاة والسلام سابق على الأرجل، فعله بنفسه، وسابق، وسابق على الخيل، فهذا مما يقوي وينفع بإذن الله.

سؤال: هل في العمرة طواف وداع؟
جواب: الجواب: أن العمرة لا وداع فيها واجب، وإنما يستحب للمرء أن يوادع إذا أنهى عمرته. والعلماء لهم في ذلك قولان؛ منهم من يرى أن العمرة يجب لها طواف وداع، كما يجب للحج، ويستدلوا على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))، وهذا المتنسك داخل في هذا الخطاب في أنه لما أدى النسك فإنه لا ينصرف حتى يكون آخر العهد بالبيت، فيجعل هذا الدليل دالا على وجوب طواف الوداع في العمرة، كما هو في الحج.

والقول المختار: أنه لا يجب في العمرة، إنما يجب في الحج وحده؛ وذلك أن قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا ينفر أحدكم خطاب للحجاج))، الذين حجوا معه، وليس خطاباً للمعتمرين بلا حج، وهذا من بساط الحال، الذي يرعى فيه دلالة النص، وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر عمراً لم يطف بعدها طواف الوداع. ويرد على من أوجبه إيرادات كثيرة لا مجال لذكرها.

سؤال: أقرأ في كتب أهل العلم،لكني أحس في قرارة نفسي أني لا أستفيد، فما هو الحل؟
جواب: هذا سؤال جيد.
أولا: قولك: لا أستفيد، هذا فيه نظر، فمن حضر مجالس أهل العلم وقرأ كتبهم، فلابد أن يستفيد، إن استفاد علماً أو استفاد عملاً وصُحبة للأخيار، وحضور مجلس ذكر.

والثاني: أن العلم طويل، واستعدادات الناس، استعدادات طلاب العلم أو من يرغب في العلم لإدراكه متنوع؛ فمنهم من يكون استعداده جيدا، فيدرك سريعاً، ومنهم من يكون استعداده ضعيفاً فيدرك متأخراً، لكن من لزم هذه الجادة فإنه سيدرك.

وقد قال بعض،قد ذكرت لكم القصة هذه مراراً، قدرواها الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)، قال: كان فلان،سماه، من طلبة الحديث، وكان يحضر مجالس الحديث، ولكنه رأى أنه لم يحصل شيئاً، فانصرف وترك، قال هذا الراوي، يعني الذي انصرف وترك، قال: فمررت مرة على ماء يتقاطر على صخرة وقد أثر فيها حفراً، فقلت: يا هذا، هذه عِظة، فليس العلم بأخف من الماء، وليسقلبي بأثقل من الصخر، (إني لابد أن العلم إذا جاء وكسروكسر لابد) (غير مسموع)، فرجع إلى العلم، وصار من علماء الحديث.

لا تسع بالعلم ظناً يافتى = إن سوء الظن بالعلم عطب

العلم من أراده جاءه بإذن الله تعالى. نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
الشيخ: بِسْمِ اللهِ الرَّحَمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللهِ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه, فبين يدي الدرس نجيب عن بعض الأسئلة.

سؤال: يقول السؤال للمرة الثانية: ما هو الفرق بين الفعل لله والصفة لله؟ ما هو الفرق بين الاسم والمسمى مع الأمثلة، وحبذا ذكر المرجع الذي تكلم عن هذه المسألة؟
جواب: الجواب:... سقط... الفرق بين أفعال الله وصفاته أن الأفعال مشتملة على صفة وعلى زمن؛ لأنَّ الفعلَ يشتمل على حدث وعلى زمن، والحدث هذا وصف، ولما كان كذلك كان الفعل المضاف إلى الله جل وعلا لا يدل على الصفة التي اشتمل عليها هذا الفعل بإطلاق، بل قديوصف الله جل وعلا بها، وقد لا يوصف؛ لأن بابَ الأفعال أوسعُ من باب الصفات، مثاله: {ثم استوى على العرشِ الرحمن}،فاستواءُ اللهِ جلَّ وعلا صفة أخذناها من فعل استوى؛ لأنَّ استوى مشتمِلٌ على حدث، وهو الاستواء،الصفة،ومشتمل على زمن وهو الماضي، ويُثبت الاستواءهنا صفة لله جل وعلا كما يليق بجلاله وبعظمته؛ لأنه متضمنٌ كمالاً، فيقال: من صفات الله الاستواء على العرش.

مثال الثاني: {ويمكرون ويمكر الله}، {يمكر الله} هذا فعل مضارع مشتملعلى حدث.. على صفة وهو المكر، يعني على مصدر،وهو المكر، ومشتمل على زمن وهو المضارع، لكن لا يقال: هذا الفعل يدل على إثباتِ صفةِ المكرِ؛ لأن صفة المكر ليست دائماً صفة كمال، فلهذا قال أئمة أهل السنة رحمهم الله تعالى: إن باب الأفعال أوسع من باب الصفاتِ، فقد يُضاف الفعلِ إلى الحقِّ جل وعلا ولا تثبت الصفة التي تضمَّنها هذا الفعل، كما أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء، فقد تُطلق الصفة على الله جل وعلا ولا يُطلق الاسم،مِن مثلِ الاستواء والمستوي، ومن مثل المكر بحق والماكر وأشباه ذلك. إذن ثَم فرق بين أفعال الله جل وعلا وبين صفاته من هذه الجهة.

أما من جهة قيامها جميعاً بالله جل وعلا فالصفة قائمة بالله جل وعلا، ولها أثر في الخارج، لها أثر،مثل صفة الخلق لها أثر هو المخلوق، صفة الرحمة لها أثر في المرحوم، وهكذا،والفعل في تعلقه بالله جل وعلا قد يكون متعديا، وقد يكون لازما، وللمسألة مزيد تفصيل. المقصود أن باب الأفعال أوسع من باب الصفات، وأنه لا يطرد القول بالمساواة بين الفعل القائم بالله جل وعلا وبين الصفات القائمة بالله جل وعلا.

سؤال: ما هو الفرق بين الاسم والمسمى؟
جواب: الاسم والمسمى إذا اجتمعت فيعنى بها بحث كلامي، بحث عند أهل الكلام، ودخل فيه أهل السنة رداً على أهل الكلام وبياناً للحق فيها، وإلا فبحث الاسم والمسمى ليس من البحوث الموجودة في الكتاب والسنة، ولا في كلام الصحابة (رضوان الله عليهم) وإنما الكلام فيها حادث، لكن جر إلى الكلام فيها أن المعتزلة خاضوا في ذلك توطئة لنفس الصفات، ولتحريف الأسماء لله جل وعلا.

وتلخيص المسألة: أن الاسم مثل: (الرحمن، الرحيم، الكريم) ونحو ذلك، المسمى بهذا الاسم هو الله جل وعلا، محمد المسمى به رسول الله صلى الله عليه وسلم. الكأس اسم، المسمى هو هذا الذي تراه.

فإذن الاسم دلالة عامة، والمسمى هو انطباق هذا الاسم على العين، أو على الذات. إذا تبين ذلك فإن المسألة التي اختلفوا فيها هي قولهم هل الاسم عين المسمى أم أن الاسم غير المسمى؟

وهذه مسألة مبسوطة وطويلة الذيول، لكن اختصار القول فيها أن مذهب الأئمة أن الاسم لا يطلق القول بأنه عين المسمَّى، ولا أنه غير المسمى بل المسألة فيها تفصيل في دلالة الاسم على المسمى وأن الأسماء مختلفة؛ لأن كل اسم يدل على المسمى، وزيادة صفة،فهو يدل على الذات، ويدل على الصفة التي تضمنها هذا الاسم، كما ذكرنا لكم: الرحيم يدل على ذات الله جل وعلا المتصف بالرحمة، والذين قالوا: إن الاسم هو عين المسمى، جعلوا أنه لا فرق بين الأسماء في دلالتها على المسمى،فجعلوا العليم هو الرحيم مطابقة، وجعلوا الملك هو الودود ونحو ذلك بدون تفرقة بين الاسم والصفة، يعني جعلوا أن الأسماء دالة على الذات، كما قال المعتزلة: عليم بلا علم، رحيم بلا رحمة، وهكذا وهلم جرا،والمسألة فيها طول لكن هذا بيان لأصلها.

سؤال: يتعرض كثير من الشباب لبعض الشبهات من خلال دراسته للعقيدة والفرق، أرجو حل هذه المشكلة، وكيف يتعامل الشخص مع هذه الشبهات؟
جواب: لا شك أن هذا داء، وكثير من المسائل يرغب المعلِّم ربما في تفصيلها للخاصة من طلاب العلم، لكن لأجل حضور من ليس مستواه مهيأ لتلقي العلم العالي، فإنه يحجم، فذكر المسائل العقدية وذكر التفصيل،وكلام أهل الفرق والشبهة وردها الحقيقة في الأصل أنه لا يناسب المبتدئ في طلب العلم، بل لابد أن يتلقاه من علِم أصول أهل السنة والجماعة، وفهم مذهبهم وطريقتهم وسنتهم في ذلك، بعد قراءته الكتب الأولى.

لهذا نوصي دائماً بالمنهجية، إذا علم مذهب أهل السنة والجماعة من خلال مثلاً (لمعة الاعتقاد)كمنهج عام في تقرير مسائل الإيمان بأجمعها، عرف مذهبهم في الإيمان، مذهبهم في الصفات، مذهبهم في الأسماء، في القدر،في الغيبيات،في الصحابة، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في ولاة الأمر،وهكذا المسائل التي يعرضونها في القدرِ،في اليوم الآخر, فيما يعرض، علم قول أهل السنة، بعد ذلك ينتقل إلى مرحلة تلي ذلك؛ حتى لا يطلع على بعض الشبهات، فيظن أن هذه مؤثرة على مذهب أهل السنة والجماعة، فيُعرض له شيء من التفصيل،من الزيادة في قول أهل البدع مع الرد عليها،ثم يترقى حتى يتوسع في ذلك.

فلهذا من رأى أن حضوره لمجالس العلم التي فيها تفصيل يورد عليه الشبهات فينبغي له ألا يحضر، وأن يبتدأ العلم من أوله، وألا يعرض نفسه للشبهة؛ لأن الشبهة ربما استحكمت فأثرت.

سؤال: ما موقف طالب العلم في المسألة التي فيها قولان،وكل قول يستند على حديث صحيح؟
جواب: أما في مسائل التوحيد والعقيدة فليس ثَم صورة تطابق ما ذكر،أن حديثاً صحيحاً يعارض حديثاً صحيحاً آخر في مسألة؛ وذلك أن الكل من مشكاة رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الموحى إليه من رب العالمين، والحق لا يعارض حقًّا، بل يؤيده، فلا يمكن أن يكون في مسألةٍ قولان من مسائل الاعتقاد، ويكون القولان يُعتمد فيها على أحاديث صحيحة، أما إذا كانت المسألة من مسائل الفقه؛العمليات ونحو ذلك، فطالب العلم لابد أن يرجع إلى من يثق به من أهل العلم، فيرجح له أحد القولين ويذكر له وجه الاستدلال الذي به رجح هذا القول على غيره.

سؤال: ما معنى التغني بالقرآن؟وما حكمه؟
جواب: التغني بالقرآن اختلف فيه أهل العلم على أقوال، أصحها أن التغني هو تحسين الصوت بالقراءن، ((ليس منا من لم يتغنى بالقرآن)) أي: من لم يحسن صوته بالقرآن، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ما أذن الله لشيء أذنه لنبي يقرأ القرآن، يجهر به، يتغنى به)) يعني: يحسن صوته بالقراءة، تحسين الصوت بالقراءة: هو التغني،يعني على حسب ما جاء في قراءة الْقُرْآنِ، لا يجعل الْقُرْآن ألحان غناء، ولكن يجعل الْقُرْآن محسناً الصوت به، بتطبيق التجويد على ذلك كما قال تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}.

سؤال: هل الرافضة والجهمية ليستا من الاثنين وسبعين فرقة؟وكيف؟
جواب: أما الجهمية فأهل السنة جميعا على أنهم ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة، ليسوا من فرق الأمة، وأما الرافضة فجمهور أهل السنة على خروجهم من الثنتين وسبعين فرقة، والمقصود من الرافضة الغلاة،غلاة الشيعة، الذين يلعنون أبا بكر وعمر رَضِي اللهُ عَنْهُما، والذين يقولون بـ.. يتدينون بسبِّ الصحابة،ويبغضون بعض أمهات المؤمنين، ويقذفون عائشة ونحو ذلك من معتقداتهم المعروفة.

سؤال: ما حكم قول البعض: شاءت الأقدار، ساقته الأقدار، اقتضت حكمة الله، شاءت إرادة الله ونحو هذه العبارات؟
جواب: شاءت الأقدار، الأقدار جمع قدر، والقدر تبع المقدِّر وهو الله جل وعلا، والذي يشاء القدر هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فقول القائل: شاءت الأقدار وأشباه ذلك فإن هذا غلط؛ لأن الأقدار ليس لها مشيئة، المشيئة لله جل وعلا, هو الذي شاء القدر، وشاء القضاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وساقته الأقدار هذه محتملة، محتملة لهذا وهذا، وتجنبها أولى.
اقتضت حكمة الله هذه صحيحة، لابأس بها، استعملها أهل العلم، شاءت إرادة الله، اقتضت حكمة الله؛ لأن الاقتضاء خارج عن الشيء، يعني حكمة الله نشأ عنها شيء هو مقتضاها، اقتضت حكمة الله أن يكون كذا وكذا، يعني من القضاء الذي حصل، يعني: أن ما حصل موافق لحكمة الله جل وعلا.
شاءت إرادة الله، هذا أيضاً مثل ما سبق؛ فإن الإرادة الكونية هي المشيئة، فقول القائل: شاءت إرادة الله كقوله: شاءت مشيئة الله وهو تكرار لا وجه له.

سؤال: السؤال الثاني: ما ضابط إدراك تكبيرة الإحرام؟
جواب: هذه المسألة من المسائل التي فيها نظر، واختلاف وعدم وضوح من حيث الاستدلال، ولأهل العلم فيها مذاهب، منها وهو المشهور عندهم أن إدراك تكبيرة الإحرام يكون بأن تكبر بعد تكبير الإمام، من كان في المسجد فكبر الإمام تكبيرة الإحرام فكبر بعده فقد أدرك تكبيرة الإحرام، ((وإذا كبر فكبروا)).

والقول الثاني: أن تكبيرة الإحرام تدرك إذا لم يبدأ الإمام في الفاتحة، يعني: ما كان قريبا منها؛ لأنه ما انتقل من الركن إلى ركن بعده، فالركن الذي يلي تكبيرة الإحرام هو قراءة الفاتحة. عند من قال بركنيتها، ولهذا يقال يعني عندهم: إنه يدرك تكبيرة الإحرام، ما لم يشرع الإمام في الفاتحة.

والقول الثالث: أن المأموم يدرِك تكبيرة الإحرام، إذا أدرك (آمين) مع الإمام؛ لأن بلالاً رَضِي اللهُ عَنْهُ كان يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: لا تسبقني بآمين. ونرجئ بقية الأسئلة إلى وقتها. نعم، سْم اللهِ.

القارئ: بِسْمِ اللهِ الرَّحَمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال العلامة أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تَعَالَى:
وإنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، مِنْهُ بَدَأَ بلا كَيْفِيَّةٍ قَوْلًا، وَأَنْزَلَهُ على رَسُولِهِ وَحْيًا، وَصَدَّقَهُ المؤمنونَ على ذلكَ حَقًّا, وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ كَلاَمُ اللهِ تعالى بالحقيقةِ، ليسَ بِمَخْلُوقٍ كَكَلاَمِ البَرِيَّةِ، فَمَنْ سَمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كلامُ البَشَرِ، فقدْ كَفَرَ، وقدْ ذَمَّهُ اللهُ وَعَابَهُ وَأَوْعَدَهُ بِسَقَرَ، حَيْثُ قالَ تَعَالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}, فَلَمَّا أَوْعَدَ اللهُ بِسَقَرَ لِمَنْ قالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ قَوْلُ خَالِقِ البَشَرِ, ولا يُشْبِهُ قَوْلَ البَشَرِ.
وَمَن وَصَفَ اللهَ....
الشيخ: يكفي يكفي نعم.اقرأ.
الشيخ: مشتملة على صفة وعلى زمن؛ لأنَّ الفعلَ يشتمل على حدث وعلى زمن، والحدث هذا وصف، ولما كان كذلك كان الفعل المضاف إلى الله جل وعلا لا يدل على الصفة التي اشتمل عليها هذا الفعل بإطلاق، بل قديوصف الله جل وعلا بها، وقد لا يوصف؛ لأن بابَ الأفعال أوسعُ من باب الصفات،مثاله: {ثم استوى على العرشِ الرحمن}،فاستواءُ اللهِ جلَّ وعلا صفة أخذناها من فعل استوى؛ لأنَّ استوى مشتمِلٌ على حدث، وهو الاستواء،الصفة،ومشتمل على زمن وهو الماضي، ويُثبت الاستواءهنا صفة لله جل وعلا كما يليق بجلاله وبعظمته؛ لأنه متضمنٌ كمالاً، فيقال: من صفات الله الاستواء على العرش.

المثال الثاني: {ويمكرون ويمكر الله}، {يمكر الله} هذا فعل مضارع مشتملعلى حدث.. على صفة وهو المكر، يعني على مصدر،وهو المكر، ومشتمل على زمن وهو المضارع، لكن لا يقال: هذا الفعل يدل على إثباتِ صفةِ المكرِ؛ لأن صفة المكر ليست دائماً صفة كمال، فلهذا قال أئمة أهل السنة رحمهم الله تعالى: إن باب الأفعال أوسع من باب الصفاتِ، فقد يُضاف الفعلِ إلى الحقِّ جل وعلا ولا تثبت الصفة التي تضمَّنها هذا الفعل، كما أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء، فقد تُطلق الصفة على الله جل وعلا ولا يُطلق الاسم،مِن مثلِ الاستواء والمستوي، ومن مثل المكر بحق والماكر وأشباه ذلك. إذن ثَم فرق بين أفعال الله جل وعلا وبين صفاته من هذه الجهة.

أما من جهة قيامها جميعاً بالله جل وعلا فالصفة قائمة بالله جل وعلا، ولها أثر في الخارج، لها أثر،مثل صفة الخلق لها أثر هو المخلوق، صفة الرحمة لها أثر في المرحوم، وهكذا،والفعل في تعلقه بالله جل وعلا قد يكون متعديا، وقد يكون لازما، وللمسألة مزيد تفصيل. المقصود أن باب الأفعال أوسع من باب الصفات، وأنه لا يطرد القول بالمساواة بين الفعل القائم بالله جل وعلا وبين الصفات القائمة بالله جل وعلا.

سؤال: ما هو الفرق بين الاسم والمسمى؟
جواب: الاسم والمسمى إذا اجتمعت فيعنى بها بحث كلامي، بحث عند أهل الكلام، ودخل فيه أهل السنة رداً على أهل الكلام وبياناً للحق فيها، وإلا فبحث الاسم والمسمى ليس من البحوث الموجودة في الكتاب والسنة، ولا في كلام الصحابة (رضوان الله عليهم) وإنما الكلام فيها حادث، لكن جر إلى الكلام فيها أن المعتزلة خاضوا في ذلك توطئة لنفس الصفات، ولتحريف الأسماء لله جل وعلا.

وتلخيص المسألة: أن الاسم مثل: (الرحمن، الرحيم، الكريم) ونحو ذلك، المسمى بهذا الاسم هو الله جل وعلا، محمد المسمى به رسول الله صلى الله عليه وسلم. الكأس اسم، المسمى هو هذا الذي تراه.
فإذن الاسم دلالة عامة، والمسمى هو انطباق هذا الاسم على العين، أو على الذات. إذا تبين ذلك فإن المسألة التي اختلفوا فيها هي قولهم هل الاسم عين المسمى أم أن الاسم غير المسمى؟

وهذه مسألة مبسوطة وطويلة الذيول، لكن اختصار القول فيها أن مذهب الأئمة أن الاسم لا يطلق القول بأنه عين المسمَّى، ولا أنه غير المسمى بل المسألة فيها تفصيل في دلالة الاسم على المسمى وأن الأسماء مختلفة؛ لأن كل اسم يدل على المسمى، وزيادة صفة، فهو يدل على الذات، ويدل على الصفة التي تضمنها هذا الاسم، كما ذكرنا لكم: الرحيم يدل على ذات الله جل وعلا المتصف بالرحمة، والذين قالوا: إن الاسم هو عين المسمى، جعلوا أنه لا فرق بين الأسماء في دلالتها على المسمى،فجعلوا العليم هو الرحيم مطابقة، وجعلوا الملك هو الودود ونحو ذلك بدون تفرقة بين الاسم والصفة، يعني جعلوا أن الأسماء دالة على الذات، كما قال المعتزلة: عليم بلا علم، رحيم بلا رحمة، وهكذا وهلم جرا، والمسألة فيها طول لكن هذا بيان لأصلها.

سؤال: يتعرض كثير من الشباب لبعض الشبهات من خلال دراسته للعقيدة والفرق، أرجو حل هذه المشكلة، وكيف يتعامل الشخص مع هذه الشبهات؟
جواب: لا شك أن هذا داء، وكثير من المسائل يرغب المعلِّم ربما في تفصيلها للخاصة من طلاب العلم، لكن لأجل حضور من ليس مستواه مهيأ لتلقي العلم العالي، فإنه يحجم، فذكر المسائل العقدية وذكر التفصيل، وكلام أهل الفرق والشبهة وردها الحقيقة في الأصل أنه لا يناسب المبتدئ في طلب العلم، بل لابد أن يتلقاه من علِم أصول أهل السنة والجماعة، وفهم مذهبهم وطريقتهم وسنتهم في ذلك، بعد قراءته الكتب الأولى.

لهذا نوصي دائماً بالمنهجية، إذا علم مذهب أهل السنة والجماعة من خلال مثلاً (لمعة الاعتقاد)كمنهج عام في تقرير مسائل الإيمان بأجمعها، عرف مذهبهم في الإيمان، مذهبهم في الصفات، مذهبهم في الأسماء، في القدر،في الغيبيات, في الصحابة، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في ولاة الأمر، وهكذا المسائل التي يعرضونها في القدرِ، في اليوم الآخر،فيما يعرض، علم قول أهل السنة، بعد ذلك ينتقل إلى مرحلة تلي ذلك؛ حتى لا يطلع على بعض الشبهات، فيظن أن هذه مؤثرة على مذهب أهل السنة والجماعة، فيُعرض له شيء من التفصيل، من الزيادة في قول أهل البدع مع الرد عليها،ثم يترقى حتى يتوسع في ذلك.

فلهذا من رأى أن حضوره لمجالس العلم التي فيها تفصيل يورد عليه الشبهات فينبغي له ألا يحضر، وأن يبتدأ العلم من أوله، وألا يعرض نفسه للشبهة؛ لأن الشبهة ربما استحكمت فأثرت.

سؤال: ما موقف طالب العلم في المسألة التي فيها قولان،وكل قول يستند على حديث صحيح؟
جواب: أما في مسائل التوحيد والعقيدة فليس ثَم صورة تطابق ما ذكر،أن حديثاً صحيحاً يعارض حديثاً صحيحاً آخر في مسألة؛ وذلك أن الكل من مشكاة رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الموحى إليه من رب العالمين، والحق لا يعارض حقًّا، بل يؤيده، فلا يمكن أن يكون في مسألةٍ قولان من مسائل الاعتقاد، ويكون القولان يُعتمد فيها على أحاديث صحيحة، أما إذا كانت المسألة من مسائل الفقه؛ العمليات ونحو ذلك، فطالب العلم لابد أن يرجع إلى من يثق به من أهل العلم، فيرجح له أحد القولين ويذكر له وجه الاستدلال الذي به رجح هذا القول على غيره.

سؤال: ما معنى التغني بالقرآن؟وما حكمه؟
جواب: التغني بالقرآن اختلف فيه أهل العلم على أقوال، أصحها أن التغني هو تحسين الصوت بالقرآن، ((ليس منا من لم يتغنى بالقرآن)) أي: من لم يحسن صوته بالقرآن، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ما أذن الله لشيء أذنه لنبي يقرأ القرآن، يجهر به، يتغنى به)) يعني: يحسن صوته بالقراءة، تحسين الصوت بالقراءة: هو التغني، يعني على حسب ما جاء في قراءة القرآن، لا يجعل الْقُرْآن ألحان غناء، ولكن يجعل الْقُرْآن محسناً الصوت به، بتطبيق التجويد على ذلك كما قال تعالى: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}.

سؤال: هل الرافضة والجهمية ليستا من الاثنين وسبعين فرقة؟وكيف؟
جواب: أما الجهمية فأهل السنة جميعا على أنهم ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة، ليسوا من فرق الأمة، وأما الرافضة فجمهور أهل السنة على خروجهم من الثنتين وسبعين فرقة، والمقصود من الرافضة الغلاة،غلاة الشيعة، الذين يلعنون أبا بكر وعمر رَضِي اللهُ عَنْهُما، والذين يقولون بـ.. يتدينون بسبِّ الصحابة،ويبغضون بعض أمهات المؤمنين، ويقذفون عائشة ونحو ذلك من معتقداتهم المعروفة.

سؤال: ما حكم قول البعض: شاءت الأقدار، ساقته الأقدار، اقتضت حكمة الله، شاءت إرادة الله ونحو هذه العبارات؟
جواب: شاءت الأقدار، الأقدار جمع قدر، والقدر تبع المقدِّر وهو الله جل وعلا، والذي يشاء القدر هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فقول القائل: شاءت الأقدار وأشباه ذلك فإن هذا غلط؛ لأن الأقدار ليس لها مشيئة، المشيئة لله جل وعلا, هو الذي شاء القدر، وشاء القضاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وساقته الأقدار هذه محتملة، محتملة لهذا وهذا، وتحنبها أولى.

اقتضت حكمة الله هذه صحيحة، لا بأس بها، استعملها أهل العلم، شاءت إرادة الله، اقتضت حكمة الله؛ لأن الاقتضاء خارج عن الشيء، يعني حكمة الله نشأ عنها شيء هو مقتضاها، اقتضت حكمة الله أن يكون كذا وكذا، يعني من القضاء الذي حصل، يعني: أن ما حصل موافق لحكمة الله جل وعلا.

شاءت إرادة الله، هذا أيضاً مثل ما سبق؛ فإن الإرادة الكونية هي المشيئة، فقول القائل: شاءت إرادة الله كقوله: شاءت مشيئة الله وهو تكرار لا وجه له.
سؤال: السؤال الثاني: ما ضابط إدراك تكبيرة الإحرام؟
جواب: هذه المسألة من المسائل التي فيها نظر، واختلاف وعدم وضوح من حيث الاستدلال، ولأهل العلم فيها مذاهب، منها وهو المشهور عندهم
أن إدراك تكبيرة الإحرام يكون بأن تكبر بعد تكبير الإمام، من كان في المسجد فكبر الإمام تكبيرة الإحرام فكبر بعده فقد أدرك تكبيرة الإحرام، ((وإذا كبر فكبروا)).

والقول الثاني: أن تكبيرة الإحرام تدرك إذا لم يبدأ الإمام في الفاتحة، يعني: ما كان قريبا منها؛ لأنه ما انتقل من الركن إلى ركن بعده، فالركن الذي يلي تكبيرة الإحرام هو قراءة الفاتحة. عند من قال بركنيتها، ولهذا يقال يعني عندهم: إنه يدرك تكبيرة الإحرام، ما لم يشرع الإمام في الفاتحة.

والقول الثالث: أن المأموم يدرِك تكبيرة الإحرام، إذا أدرك (آمين) مع الإمام؛ لأن بلالاً رَضِي اللهُ عَنْهُ كان يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: لا تسبقني بآمين. ونرجئ بقية الأسئلة إلى وقتها. نعم، سْم اللهِ.


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 09:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)

عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم للجن والإنس
قال: (وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء): من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه بعث إلى الإنس والجن، قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة و جابر رضي الله عنهما: ((فضلت على الأنبياء بست)) وفي رواية: ((فضلت على الأنبياء بخمس)) ، ومنها: ((بعثت إلى الخلق كافة)) ، وهذا لكون رسالته ونبوته خاتمة. وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)) . فكل من بلغته دعوته صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به، سواء كان ترك دعوته اتباعاً لنبوة نبي سابق كعيسى أو موسى عليهما السلام، أو كراهية أو لغير ذلك؛ فإنه من أهل النار وممن كفر بالله سبحانه وتعالى. ......


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
وهو, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir