دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 02:19 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (ذلك بأنه على كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير...)

ذلكَ بأنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وَكُلُّ شَيْءٍ إليهِ فَقِيرٌ.
وَكُلُّ أَمْرٍ عليه يَسِيرٌ.
لا يَحْتَاجُ إلى شَيْءٍ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.


  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 01:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز


[لا يوجد تعليق للشيخ]


  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 01:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) ذلكَ بأنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
(2)وَكُلُّ شَيْءٍ إليهِ فَقِيرٌ.
(3)وَكُلُّ أَمْرٍ عليه يَسِيرٌ.
(4) لا يَحْتَاجُ إلى شَيْءٍ.
(5){لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.




(1) هذا وصفٌ أَزَلِيٌّ، لا يُقَالُ بأنَّهُ ما اسْتَفادَ القدرةَ إِلَّا بعدَ أنْ خَلَقَ وأَوْجَدَ المَخْلُوقاتِ، بلْ القدرةُ صفةٌ أَزَلِيَّةٌ، وَإِنَّمَا كونُهُ أَوْجَدَ المَخْلُوقاتِ فهذا أَثرٌ ناتِجٌ من كونِهِ على كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
واللَّهُ هو الذي وَصَفَ نفسَهُ بأنَّهُ على كلِّ شَيْءٍ قديرٌ من الموجوداتِ وَمِن المعدوماتِ، لم يُقَيِّدْ قُدْرَتَهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، ولا يَجُوزُ التقِييدُ بأنَّهُ قديرٌ على كذا، ولا يُقَالُ: إنَّهُ على ما يشاءُ قديرٌ، إِنَّمَا هذا خاصٌّ بَجَمْعِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَهْلِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} (الشُّورَى: 29) وهذه قضيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ.

(2)لا شَيْءَ يُمْكِنُ أنْ يَسْتَغْنِيَ عن اللَّهِ, لا من المَلَائِكَةِ, ولا السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ, ولا الجنِّ ولا الإنسِ، ولا الجامداتِ من الجبالِ, ولا البحارِ، كلُّ شَيْءٍ فَقِيرٌ إلى اللَّهِ: { يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (فاطِر: 15).

فكلُّ شَيْءٍ إليهِ فقيرٌ، لا الأَوْلِيَاءِ ولا السَّمَاوَاتِ، ومَن يَقُولُ: إِنَّ الأَوْلِيَاءَ لهم قُدْرَةٌ غيرُ قُدْرَةِ البَشَرِ وَإِنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ في الكونِ، وَإِنَّهُم يَنْفَعونَ ويَضُرُّونَ من دونِ اللَّهِ، فذلكَ من قولِ الكفرةِ والمشركينَ، فلَيْسَ للأولياءِ والرُّسُلِ والمَلَائِكَةِ غِنًى عن اللَّهِ ولا تَصَرُّفٌ مِن دُونِهِ.

وهذا مِمَّا يُبْطِلُ عبادةَ غيرِ اللَّهِ من الأصنامِ ونحوِهَا، كيفَ تَعْبُدُ أشياءَ فقيرةً وَتَنْسَى الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كلِّ شَيْءٍ؟! ولهذا لَمَّا قالَ بعضُ علماءِ القُبُورِيَّةِ لِعَامِّيٍّ من أهلِ التوحيدِ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّ الأَوْلِيَاءَ لا يَنْفَعُونَ ولا يَضُرُّونَ؟
قالَ: نقولُ: إِنَّهُم لا يَنْفَعونَ ولا يَضرُوُّنَ.
قالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يقولُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عِمْرَان: 169)؟
قالَ: وهَل اللَّهُ قالَ: يَرْزُقُونَ، أو يُرْزَقُونَ؟
قالَ: بلْ قالَ: (يُرْزَقُونَ) بِضَمِّ الياءِ.
قالَ: إِذَنْ أَنَا أَسْأَلُ الذي يَرْزُقُهُم ولا أَسْأَلُهُم. فَانْخَصَمَ ذلك العالِمُ بِحُجَّةِ العَامِّيِّ الذي هو على الفِطْرَةِ.

(3) {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس: 82).
فَهُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيَخْلُقُ وَيَرْزُقُ، وَيُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَيُحْيِي المَوْتَى بعدَ فَنَائِهِم، وذلكَ يَسِيرٌ عليهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لا يُكَلِّفُهُ شيئًا ولا يَشُقُّ عليهِ، خلافَ المَخْلُوقِ، فَإِنَّهُ يَتَكَلَّفُ بِفِعْلِ الأشياءِ، أو يَعْجَزُ عنها، أَمَّا اللَّهُ فليسَ شَيْءٌ عليه صَعْبًا، {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} (لُقْمَان: 28).

(4) اللَّهُ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عن كلِّ شَيْءٍ، فاللَّهُ ليسَ بِحَاجَةٍ إلى الخلقِ؛ لِأَنَّهُ هو الغنيُّ، فهو الذي يُعْطِي الخلقَ سُبْحَانَهُ.

(5)هذا نَفْيٌ للتشبيهِ عن اللَّهِ سُبْحَانَهُ، والكافُ لتأكيدِ النفْيِ، مثلَ: {وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} (النِّسَاء: 70)
الأصلُ: وَكَفَى اللَّهُ عَلِيمًا، ولكنْ جاءَت الباءُ للتأكيدِ.
وليسَ يُشْبِهُهُ شَيْءٌ من الأشياءِ، لا المَلَائِكَةِ ولا الأَنْبِيَاءِ والرُّسُلِ, ولا الأَوْلِيَاءِ, ولا أيِّ مَخْلُوقٍ {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشُّورَى: 11) فَسَمَّى نَفْسَهُ السميعَ البصيرَ.
فالآيةُ في أَوَّلِهَا رَدٌّ على المُشَبِّهَةِ، وفي آخِرِهَا رَدٌّ على المُعَطِّلَةِ، وَدَلَّتْ على أنَّهُ لا يَلْزَمُ من إثباتِ الأسماءِ والصفاتِ التَّشْبِيهُ بالمَخْلُوقاتِ، فَسَمْعُ وَبَصَرُ المَخْلُوقاتِ لا يُشْبِهُ سَمْعَ ولا بَصَرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.



  #4  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 11:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي

قوله: ( ذلك بأنه على كل شيء قدير، وكل شىء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إلى شيء، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير ).

ش: ذلك إشارة إلى ثبوت صفاته في الأزل قبل خلقه. والكلام على كل وشمولها وشمول كل [في كل] مقام بحسب ما يحتف به من القرائن، يأتي في مسألة الكلام إن شاء الله تعالى.
وقد حرفت المعتزلة المعنى المفهوم من قوله تعالى: والله على كل شيء قدير، فقالوا: أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وأما نفس أفعال العباد فلا يقدر عليها عندهم، وتنازعوا: هل يقدر على مثلها أم لا ؟ ! ولو كان المعنى على ما قالوا لكان هذا بمنزلة أن يقال: هو عالم بكل ما يعلمه وخالق لكل ما يخلقه ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها. فسلبوا صفة كمال قدرته على كل شيء.
وأما أهل السنة، فعندهم أن الله على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا. وأما المحال لذاته، مثل كون الشيء الواحد موجوداً معدوماً في حال واحدة، فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده، ولا يسمى شيئاً، باتفاق العقلاء. ومن هذا الباب: خلق مثل نفسه، وإعدام نفسه وأمثال ذلك من المحال.
وهذا الأصل هو الإيمان بربوبيته العامة التامة، فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء إلا من آمن أنه قادر على تلك الأشياء، ولا يؤمن بتمام ربوبيته وكمالها إلا من آمن بأنه على كل شيء قدير. وإنما تنازعوا في المعدوم الممكن: هل هو شيء أم لا ؟ والتحقيق: أن المعدوم ليس بشيء في الخارج، ولكن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون، ويكتبه، وقد يذكره ويخبر به، كقوله تعالى: إن زلزلة الساعة شيء عظيم، فيكون شيئاً في العلم والذكر والكتاب، لا في الخارج، كما قال تعالى: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، قال تعالى: وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً، أي: لم تكن شيئاً في الخارج وإن كان شيئاً في علمه تعالى. وقال تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً.
وقوله: ليس كمثله شيء، رد على المشبهة. وقوله تعالى: وهو السميع البصير، رد على المعطلة، فهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وليس له فيها شبيه. فالمخلوق وإن كان يوصف بأنه سميع بصير- فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره، ولا يلزم من اثبات الصفة تشبيه، إذ صفات المخلوق كما يليق به، وصفات الخالق كما يليق به.
ولا تنف. عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به أعرف الخلق بربه وما يجب له وما يمتنع عليه، وأنصحهم لأمته، وأفصحهم وأقدرهم على البيان. فإنك إن نفيت شيئاً من ذلك كنت كافراً بما أنزل [على] محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا وصفته بما وصف به نفسه فلا تشبهه بخلقه، فليس كمثله شيء، فإذا شبهته بخلقه كنت كافراً به. قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري: من شبه الله [بخلقه] فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيهاً. وسيأتي في كلام الشيخ الطحاوي رحمه الله ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه.
وقد وصف الله تعالى نفسه بأن له المثل الاعلى، فقال تعالى: للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى، وقال تعالى: وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم. فجعل سبحانه مثل السوء - المتضمن للعيوب والنقائص وسلب الكمال - لأعدائه المشركين وأوثانهم، وأخبر أن المثل الأعلى - المتضمن لاثبات الكمال كله - لله وحده. فمن سلب صفة الكمال عن الله تعالى فقد جعل له مثل السوء، ونفى عنه ما وصف به نفسه من المثل الأعلى، [و]، هو الكمال المطلق، المتضمن للأمور الوجودية، والمعاني الثبوتية، التي كلما كانت أكثر في الموصوف وأكمل - كان بها أكمل وأعلى من غيره.
ولما كانت صفات الرب [سبحانه] وتعالى أكثر وأكمل، كان له المثل الأعلى، وكان أحق به من كل ما سواه. بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى المطلق أثنان، لأنهما أن تكافآ من كل وجه، لم يكن أحدهما أعلى من الآخر، وإن لم يتكافآ، فالموصوف به أحدهما وحده، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعلى مثل أو نظير.
واختلفت عبارات المفسرين في المثل الأعلى. ووفق بين أقوالهم من وفقه الله وهداه، فقال: المثل الأعلى يتضمن: الصفة العليا، وعلم العالمين بها، ووجودها العلمي، والخبر عنها وذكرها، وعبادة الرب تعالى بواسطة العلم والمعرفة القائمة بقلوب عابديه وذاكريه.
فها هنا أمور اربعة:
الأول: ثبوت الصفات العليا لله سبحانه وتعالى، سواء علمها العباد أو لا، وهذا معنى قول من فسرها بالصفة.
الثاني: وجودها في العلم والشعور، وهذا معنى قول من قال من السلف والخلف: أنه ما في قلوب عابديه وذاكريه، من معرفته وذكره، ومحبته وجلاله، وتعظيمه، وخوفه ورجائه، والتوكل عليه والإنابة إليه. وهذا الذي في قلوبهم من المثل الأعلى لا يشركه فيه غيره أصلاً، بل يختص به في قلوبهم، كما اختص به في ذاته. وهذا معنى قول من قال من المفسرين: أن معناه: أهل السماوات يعظمونه ويحبونه ويعبدونه، وأهل الأرض كذلك، وإن أشرك [به من أشرك]، وعصاه من عصاه، وجحد صفاته من جحدها، فأهل الأرض معظمون له، مجلون، خاضعون لعظمته، مستكينون لعزته وجبروته. قال تعالى: وله من في السماوات والأرض كل له قانتون.
الثالث: ذكر صفاته والخبر عنها وتنزيهها من العيوب والنقائص والتمثيل.
الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده، والإخلاص له، والتوكل عليه، والإنابة إليه. وكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والإخلاص [أقوى].
فعبارات السلف كلها تدور على هذه المعاني الأربعة. فمن أضل ممن يعارض بين قوله تعالى: وله المثل الأعلى وبين قوله: ليس كمثله شيء ؟ ويستدل بقوله: ليس كمثله شيء على نفي الصفات ويعمى عن تمام الآية وهو قوله: وهو السميع البصير ! حتى أفضى هذا الضلال ببعضهم، وهو أحمد بن أبي دؤاد القاضي، إلى أن أشار على الخليفة المأمون أن يكتب على ستر الكعبة: ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم، حرف كلام الله لينفي وصفه تعالى بأنه السميع البصير كما قال الضال الآخر، جهم بن صفوان: وددت أني أحك من المصحف قوله تعالى: ثم استوى على العرش فنسأل الله العظيم السميع البصير أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، بمنه وكرمه.
وفي إعراب كمثله - وجوه، أحدها: [أن] الكاف صلة زيدت للتأكيد، قال أوس بن حجر:

ليس كمثل الفتى زهير = خلق يوازيه في الفضائل
وقال آخر: ما أن كمثلهم في الناس من بشر
وقال آخر: وقتلى كمثل جذوع النخيل
فيكون مثله خبر ليس واسمها شيء. وهذا وجه قوي حسن، تعرف العرب معناه في لغتها، ولا يخفى عنها اذا خوطبت به، وقد جاء عن العرب أيضا زيادة الكاف للتأكيد في قول بعضهم:
وصاليات ككما يؤثفين
وقول الآخر: فأصبحت مثل كعصف مأكول
الوجه الثاني: أن الزائد مثل أي: ليس كهو شيء، وهذا القول بعيد، لأن مثل اسم والقول بزيادة الحرف للتأكيد أولى من القول بزيادة الاسم.
الثالث: أنه ليس ثم زيادة أصلاً، بل هذا من باب قولهم: مثلك لا يفعل كذا، أي: أنت لا تفعله، وأتى بمثل للمبالغة، وقالوا في معنى المبالغة هنا: أي: ليس كمثله مثل لو فرض المثل، فكيف ولا مثل له. وقيل غير ذلك، والأول أظهر.


  #5  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 11:02 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)

وقوله: "ذلك بأنه على كل شيء قدير" تتعلق به المسألة الخامسة هذه وهي أن أهل السنة يجعلون قدرة الرب جل وعلا متعلقة بكل شيء، واسم الله القدير متعلق بكل شيء، وقدرة الله جل وعلا غير محصورة بل هو سبحانه قادر على ما شاء وما لم يشأ جل وعلا.
وهذا هو مذهب أهل الحديث والسنة، وبه جاء الْقُرْآنُ العظيم، فكل ما في الْقُرْآنِ تعليق القدرة بكل شيء، {وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، {إن الله كان على كل شيء مقتدراً}، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا}، و{أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ونحو ذلك من الآيات التي فيها تعليق القدرة بكل شيء.
أهل البدع وأهل الكلام يعلقون القدرة بما يشاؤه الرب جل وعلا فيقولون: تعلق قدرة الرب جل وعلا بما يشاؤه، ولذلك ترى أنهم يعدلون عما جاء في الْقُرْآنِ بقول: {وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} إلى قولهم: والله على ما يشاء قدير؛ لأن القدرة عندهم متعلقة بما شاءه الله، وليست متعلقة بما لم يشأه، فعندهم قدرة الله تتعلق بما شاء أن يحصل، أما ما لم يشأ أن يحصل فإنه لا تتعلق به القدرة، فإذا قيل: هل الله قادر على ألا يوجَد إبليس؟ فيقولون: لا، غير قادر. هل الله قادر على ألا توجد السماوات؟ يقولون: لا، غير قادر؛ لأن القدرة عندهم متعلقة بما شاءه جل وعلا، وما لم يشأه في كونه وفي ملكوته، مما لم يحصل بعد أو مما حصل خلافه، فإن القدرة غير متعلقة به.
ولذلك يقول قائلهم: ليس في الإمكان أبدع مما كان؛ لأن القدرة عندهم متعلقة بما شاءه الله جل وعلا. وهذا القول باطل بوضوح، وذلك لدليلين:
أما الأول: فإن الذي جاء في الْقُرْآنِ كما ذكرنا لك تعليق القدرة بكل شيء في الآيات التي ذكرت لكم طرفاً منها.
الثاني: أن الله جل وعلا قال في سورة الأنعام: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ} ولما نزلت هذه الآية تلاها عليه الصلاة والسلام فقال: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ} قال عليه الصلاة والسلام: ((أعوذ بوجهك))، ثم تلا: {أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} فقال عليه الصلاة والسلام: ((أعوذ بوجهك))، ثم تلا: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ} قال عليه الصلاة والسلام: ((هذه أهون))، فالله جل وعلا لم يشأ أن يبعث على هذه الأمة عذاباً من فوقها، أو من تحتِ أرجلها، فيهلكهم بسنة بعامة، بل جعل بينهم بأسهم شديدا لحكمته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى العظيمة العلية.
فدلت الآية على أن قدرة الله جل وعلا تتعلَّق بما لم يشأ أن يحصل {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ} وهذا لم يشأه الله جل وعلا، ومع ذلك تعلقت به القدرة. وهذه من الكلمات التي يكثر عند أهل العصر استعمالها، فيتنبه على أنها من آثار قول أهل الاعتزال.
في بعض الأحاديث جاء: ((والله على ما يشاء قادر، وإني على ما أشاء قادر)) وهذا الجواب عنه معروف؛ لأنه متعلق بأشياء مخصوصة، وليست تعليقا للقدرة بالمشيئة، أو أن يقال: قدرته على ما يشاء لا تنفي قدرته على ما لم يشأ جل وعلا.
نكتفي بهذا القدر، وأسأل الله جل وعلا لي ولكم التوفيق والسداد... في هذا القدر كفاية، وإن شاء الله نلتقي في الأسبوع القادم إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وفقكم الله جميعاً.


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 09:45 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)

عموم قدرة الله تعالى
قال المصنف رحمه الله: [ذلك بأنه على كل شيء قدير] . قدرته سبحانه وتعالى على كل شيء مجمع عليها بين المسلمين، وقوله تعالى: {إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:20] هذا الحرف من القرآن اتفق المسلمون عليه، لكن يورد المعتزلة وطوائف أخرى مسألة تعلق القدرة بما يسمونه المستحيلات. فقالت طائفة من المفسرين: قوله تعالى: {إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:20]، عام مخصوص، خُصَّ منه الممتنع لذاته، فلا يدخل تحت القدرة، فجعلوا السياق عاماً مخصوصاً. وقالت طائفة: هذا سياق عام أريد به الخصوص -أي: الممكن- فلا يدخل فيه الممتنع لذاته.
وقالت المعتزلة: إن الممتنع لذاته شيء ولكنه لا يدخل تحت القدرة. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والصواب الذي عليه أهل السنة أن الله على كل شيء قدير، وأن هذا العموم محفوظ لم يدخله تخصيص ولا أريد به الخصوص، بل هو على عمومه، وأما الممتنع لذاته فإنه ليس بشيء، فلا يكون داخلاً في الآية أصلاً، إنما هو فرض يفرضه الذهن لا حقيقة له في الخارج، والقدرة تتعلق بما يمكن وجوده في الخارج). فممكن الوجود لم ينازع أحد من الطوائف في كونه داخلاً في قدرة الله، إلا ما كان من المعتزلة في مسألة أفعال العباد فإنهم قالوا: إنها ليست بمقدورة لله، لأن العبد عندهم يخلق فعل نفسه. قال المصنف رحمه الله: [وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إلى شيء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:11] ] . هذه الجمل محكمة مجمع عليها بين الطوائف، وليس فيها ما هو مشكل أومشتبه، أما قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:11] فإنها من أخص الآيات التي يذكرها أئمة السلف رحمهم الله في توحيد الأسماء والصفات، لأن فيها جمعاً بين الرد على المعطلة والمشبهة، فإن قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] رد على المشبهة والممثلة، وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] رد على معطلة الأسماء والصفات. وتتضمن الآية أن إثبات صفاته سبحانه وتعالى لا يلزم منه التشبيه والتمثيل، وهذا هو الإشكال الذي دخل على كثير من الطوائف المعطلة الذين زعموا أن إثبات الصفات مستلزم للتشبيه والتعطيل. ......

أصلان مهمان في باب الأسماء والصفات
وهنا أصلان مهمان من كلام شيخ الإسلام في باب الأسماء والصفات، ذكره في درء التعارض ولخصه في التدمرية، يقول رحمه الله: (وجمهور الغلط الذي حار فيه كثير من الأذكياء في مسألة الصفات هو ظنهم أن الاشتراك في الاسم المطلق يلزم منه المماثلة عند الإضافة والتخصيص). بيان هذا الكلام: أن الله سبحانه سمى نفسه فقال: {إِنَّ الله كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء:58] وقال عن عبده: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:2] وقال عن نفسه وعنهم: {رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[المائدة:119] {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] ، وقال: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ} [الحشر:23] فسمى نفسه الملك، وقال عن عبده: {وَقَالَ الْمَلِكُ} [يوسف:43] ، وسمى نفسه العزيز وقال عن عبده {قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} [يوسف:51] ، وقال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله} [الأنفال:30] ، إلى غير ذلك. فالملك والرضا والمحبة.. هذه أسماء مطلقة، أي: لم تضف ولم تخصص ولم تقيد، لكن إذا أضيف اللفظ فقيل: رضا الله، صارت الصفة متعلقةً بموصوفها، وإذا قيل: رضا زيد صارت الصفة متعلقة بموصوفها، فيمتنع أن يكون الرضا اللائق بالله هو الرضا اللائق بزيد؛ لأن بين الموصوفين تبايناً، فيلزم أن تكون الصفة في الموصوف الأول مباينةً للصفة في الموصوف الثاني، وإن كان الاسم مشتركاً. يبين ذلك ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله حيث قال: (ويتبين هذا الأصل بأصلين شريفين ومثلين مضروبين: الأصل الأول أن القول في الصفات كالقول في الذات). لفظ الذات لم يستعمل في الكتاب ولا في السنة، وأصل الذات هو مؤنث (ذو) الذي هو من الأسماء الخمسة، التي تستعمل مضافةً، فتقول: ذو علم، وذو سمع، وذو بصر، فلفظ الذات في الأصل لفظ حادث، ولكنه استعمل في كلام طائفة من أهل العلم على مقصد صحيح. فالقول في صفات الله كالقول في ذاته، وإن شئت فقل: فرع عن القول في الذات، وهذا رد على المعتزلة والجهمية. قال: (الأصل الثاني: القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر)، فمن زعم في صفة الإرادة أو المحبة أو الغضب أنه يلزم منها التشبيه فيلزمه هذا في صفة العلم، وصفة السمع وغيرها مما يثبته. قال: (والمثل الأول: نعيم الجنة، فالله أخبرنا أن في الجنة خمراً وماءً وعسلاً، والدنيا فيها خمر وماء وعسل)، فالاسم واحد وفيه اشتراك، وأما الحقائق فبينها اختلاف، فإذا كان الاشتراك في الاسم الواحد بين المخلوقات لا يلزم منه تماثلها فبين الخالق والمخلوق من باب أولى. قال: (والمثل الثاني: الروح، وقد وصفت بصفات، اشتركت فيها مع الجسد في الاسم مع تباينها في الحقيقة، فكذلك الخالق والمخلوق من باب أولى). ......


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذلك, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir