دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > بيان المُستشكل > تفسير آيات أشكلت لابن تيمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 04:05 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ}

ومنها: قوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ}

، حار فيها كثير من الناس، والصواب فيها التفسير المأثور عن السلف:
[تفسير آيات أشكلت: 1/146]
روى ابن أبي حاتم وغيره بالأسانيد الصحيحة عن ابن أبي نجيح عن
[تفسير آيات أشكلت: 1/147]
مجاهد {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} ، قال: «الشيطان» ، وفي رواية قال: «هو إبليس». وقال الحسن: «أيكم أولى بالشيطان. قال: فهم أولى بالشيطان من نبي الله صلى الله عليه وسلم».
[تفسير آيات أشكلت: 1/148]
فبَيَّن الحسن المعنى المراد وإن لم يتكلم على اللفظ كعادة السلف في اختصار الكلام مع البلاغة وفهم المعنى. وقال الضحاك: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} قال: «المجنون، فإن من كان به الشيطان ففيه الجنون».
وذكر أبو الفرج عنهم أربعة أقوال:
[تفسير آيات أشكلت: 1/149]
«أحدها: قال: الضال، قاله الحسن.
والثاني: الشياطين، قاله مجاهد.
والثالث: المجنون، قاله الضحاك. قال: والمعنى قد فتن بالجنون.
وكذلك رواه العوفي عن ابن عباس.
[تفسير آيات أشكلت: 1/150]
والرابع: المعذب، حكاه الماوردي».
فهذا الرابع ليس مأثورًا عن السلف، وإنما المأثور ما قدمناه عن السلف: عن مجاهد، وعن الحسن، وعن الضحاك. وما ذكره عن الحسن: من أنه ضال، فهو لفظ آخر عنه، وهو يوافق ما قدمناه، فإن الضال به المفتون الذي هو شيطان، وإنما ذكر الحسن لفظ الضال؛ لأنهم لم يريدوا بالمجنون الذي يخرق ثيابه، ويقذف بالحجارة، ويتكلم بالهذيان.
وهم إنما نسبوا الأنبياء إلى الجنون لمخالفتهم ما عليه أهل العقل في نظرهم، كما يقال: «ما لفلان عقل معيشي». فإن الأنبياء أتوا بخلاف ما يعرفونه، وهو
[تفسير آيات أشكلت: 1/151]
عندهم يضر صاحبه في عقله ويفارق به دينه الذي هم عليه، وكما قال تعالى في آخر هذه السورة: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}.
وقد ذكر أنهم رموه بالجنون في غير موضع من كتابه، وكذلك الأنبياء قبله فرد الله ذلك على المشركين، وأخبر أنه ليس بمجنون، ثم قال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} أي: أيكم هو المجنون الذي به المفتون، وهو الشيطان؟.
وهذا الأمر قد رمى به أتباع الرسل من مثل هؤلاء. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} إلى قوله: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} ، ومثل هؤلاء في هذه الأمة كثير يسخرون من المؤمنين، ويضحكون منهم، ويرمونهم
[تفسير آيات أشكلت: 1/152]
بالجنون والعظائم التي هم أولى بها منهم.
قال الحسن: «لقد رأيت رجالًا لو رأيتموهم لقلتم مجانين، ولو رأوكم لقالوا هؤلاء شياطين، ولو رأوا خياركم لقالوا هؤلاء قوم لا خلاق لهم، ولو رأوا أشراركم لقالوا هؤلاء قوم لا يؤمنون بيوم الحساب».
وهذا كثير في كلام السلف، يصفون أهل زمانهم وما هم عليه من مخالفة من تقدمهم من خيار هذه الأمة، فما الظن بأهل زماننا؟.
[تفسير آيات أشكلت: 1/153]
ويدل أيضًا على هذا المعنى في الآية أن في قراءة أُبي بن كعب، والجَوْني، وابن أبي عبلة: «في أييكم المفتون»، والشيطان
[تفسير آيات أشكلت: 1/154]
مفتون بلا ريب.
والذين لم يفهموا هذا قالوا: الباء زائدة، كما قاله أبو عبيدة، وابن
[تفسير آيات أشكلت: 1/155]
قتيبة، وأبو بكر، وكذلك نحاة البصرة والكوفة، ثم ذكروا قولين:
[تفسير آيات أشكلت: 1/156]
أحدهما: أن المفتون مصدر، كما زعموا أن المعقور، والمعقود، والمجلود يكون مصدرًا.
ومنهم من قال: {بِأَيِّكُمُ} أي: بأي الفريقين المفتون، أي: المجنون، أبالفريق الذي أنت فيهم أم بفريق الكفار؟.
وهذه أقوال ضعيفة، وكون المفتون بمعنى الفتنة لا أصل له في اللغة البتة، وجعل المصدر على زنة «مفعول» لو صح لم يكن قياسًا. بل مقصورًا على السماع، كيف وفيما ذكروه كلام ليس هذا موضعه؟ وكذلك قول من يقول: «بأي الفريقين؟».
والمقصود أن جميع الكفار مفتونون بالشيطان، وفيهم الشيطان المفتون، ليس المقصود أن يعاب الفريق بواحد منهم.
وقد كان بعض الكفار يقول: إن الذي يأتي محمدًا شيطان لا ملك
[تفسير آيات أشكلت: 1/157]
ولهذا قال تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} ، وقال {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ} ، وقال فيمن كذب رسوله: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}. فهذا الكاذب الفاجر هو الذي فيه الشيطان الذي إنما يقترن بكل أفاك أثيم.
وقال قوم صالح: {بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} -قال تعالى-: {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ}. وكذلك قال قوم نوح: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ
[تفسير آيات أشكلت: 1/158]
عَذَابٌ مُقِيمٌ} ، وهذا كثير.
* * *
[تفسير آيات أشكلت: 1/159]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تعالى, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir