دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 04:06 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى...)

واللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لاَ كَأَحَدٍ من الوَرَى.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) واللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لاَ كَأَحَدٍ من الوَرَى.



(1) مِن صفاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الفِعْلِيَّةِ: أَنَّهُ يَغْضَبُ ويَرْضَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عنهُ} (التوبة: 100) فاللَّهُ يَرْضَى عن عِبَادِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} (التَّوْبَة: 72)، وقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (الفَتْح: 18)، وهو كذلكَ يَغْضَبُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} (المائدة: 60) فاللَّهُ يَغْضَبُ على مَنْ عَصَاهُوَيَمْقُتُهُ، والمَقْتُ هو أَشَدُّ البُغْضِ، قَالَ تَعَالَى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء: 93).
والمَخْلُوقُ يَغْضَبُ ويَرْضَى، ولا مُشَابَهَةَ بينَ غَضَبِ وَرِضَا المَخْلُوقِ وغَضَبِ وَرِضَا الخالقِ، رِضَا اللَّهِ وغَضَبُهُ يَلِيقَانِ بهِ سُبْحَانَهُ، ورِضَا وغَضَبُ المَخْلُوقِ يَلِيقَانِ بهِ كسائرِ الصفاتِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11)، لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ فِي ذَاتِهِ وَلاَ فِي أَسْمَائِهِ وَلاَ فِي صِفَاتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أسماءٌ وَصِفَاتٌ، وَلِلمَخْلُوقِ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ، فلا تَشَابُهَ.
وهذا مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، يُثْبِتُونَ الرِّضَا والغَضَبَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وغيرَ ذلكِ من الصفاتِ، وإنْ كَانَ جِنْسُ هذهِ الصفاتِ مَوْجُودًا في المَخْلُوقينَ، لكنْ مع الفارقِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11) كَذَلِكَ المَخْلُوقُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وقَالَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقَالَ في أَوَّلِ الآيةِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فَدَلَّ عَلَى أنَّ هناكَ فَرْقًا بينَ صِفَاتِ الخالقِوصفاتِ المَخْلُوقِ وهذا شَيْءٌ معلومٌ من كتابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واعتقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، أَمَّا أهلُ التأويلِ والضلالِ فَيَنْفُونَ الأسماءَ والصفاتِ عن اللَّهِ؛ لأَنَّ جِنْسَهَا موجودٌ في المَخْلُوقِينَ، ولو أَثْبَتَهَا اقْتَضَى هذا المشابهةَ – بِزَعْمِهِ – وفي الحقيقةِ هذا لا يَقْتَضِي المشابهةَ.
ولكنَّ هذا الفَهْمَ عَقِيمٌ، ويُأَوِّلُونَ الغضبَ بالانتقامِ، والرِّضَا بالإنعامِ، فالواجبُ التسليمُ للهِ ولرسولِهِ وما ثَبَتَ عَنْهُمَا، وأنْ يَتْرُكَ هذه التُّرَّهاتِ والتأويلاتِ.
ولذلكَ لَمَّا سُئِلَ مالكٌ عن كَيْفِيَّةِ استواءِ اللَّهِ على عَرْشِهِ؟ أَطْرَقَ مالكٌ رأسَهُ خَوْفًا وَحَيَاءً من اللَّهِ، ثم رَفَعَ رَأْسَهُ وقَالَ: (الاستواءُ معلومٌ، والكيفُ مجهولٌ، والإيمانُ بهِ واجبٌ، والسؤالُ عنهُ بدعةٌ).

  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:50 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: ( والله يغضب ويرضى، لا كأحد من الورى ).

ش: قال تعالى: رضي الله عنهم. لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة. وقال تعالى: من لعنه الله وغضب عليه. وغضب الله عليه ولعنه. وباءوا بغضب من الله. ونظائر ذلك كثيرة. ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب، والرضى، والعداوة، والولاية، والحب، والبغض، ونحو ذلك من الصفات، التي ورد بها الكتاب والسنة، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى. كما يقولون مثل ذلك في السمع والبصر والكلام وسائر الصفات، كما أشار إليه الشيخ فيما تقدم بقوله: إذا كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية - ترك التأويل، ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين. وانظر إلى جواب الإمام مالك رضي الله عنه في صفة [الاستواء] كيف قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. وروي أيضاً عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفاً عليها، ومرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك قال الشيخ رحمه الله فيما تقدم: من لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه. ويأتي في كلامه أن الإسلام بين الغلو والتقصير، وبين التشبيه والتعطيل. فقول الشيخ رحمه الله: لا كأحد من الورى، نفى التشبيه. ولا يقال: إن الرضى إرادة الإحسان، والغضب إرادة الانتقام - فإن هذا نفي للصفة. وقد اتفق أهل السنة على أن الله يأمر بما يحبه ويرضاه، وإن كان لا يريده ولا يشاؤه، وينهى عما يسخطه ويكرهه، ويبغضه ويغضب على فاعله، وإن كان قد شاءه وأراده. فقد يحب عندهم ويرضى ما لا يريده، ويكره ويسخط لما أراده.
ويقال لمن تأول الغضب والرضى بإرادة الإحسان: لم تأولت ذلك ؟ فلا بد أن يقول: إن الغضب غليان دم القلب، والرضى الميل والشهوة، وذلك لا يليق بالله تعالى ! فيقال له: غليان دم القلب في الآدمي أمر ينشأ عن صفة الغضب، لا أنه الغضب. ويقال له أيضاً: وكذلك الإرادة والمشيئة فينا، فهي ميل الحي إلى الشيء أو إلى ما يلائمه ويناسبه، فإن الحي منا لا يريد إلا ما يجلب له منفعة أو يدفع عنه مضرة، وهو محتاج إلى ما يريده ومفتقر إليه، ويزداد بوجوده، وينتقص بعدمه. فالمعنى الذي صرفت إليه اللفظ كالمعنى الذي صرفته عنه سواء، فإن جاز هذا جاز ذاك، وإن امتنع هذا امتنع ذاك.
فإن قال: [ الإرادة ] التي يوصف الله بها مخالفة للإرادة التي يوصف بها العبد، وإن كان كل منهما حقيقة ؟ قيل له: فقل: إن الغضب والرضى الذي يوصف الله به مخالف لما يوصف به العبد، وإن كان كل منهما حقيقة. فإذا كان ما يقوله في الإرادة يمكن أن يقال في هذه الصفات، لم يتعين التأويل، بل يجب تركه، لأنك تسلم من التناقض، وتسلم أيضاً من تعطيل معنى أسماء الله تعالى وصفاته بلا موجب. فإن صرف القرآن عن ظاهره وحقيقته بغير موجب حرام، ولا يكون الموجب للصرف ما دله عليه عقله، إذ العقول مختلفة، فكل يقول إن عقله دله على خلاف ما يقوله الآخر !
وهذا الكلام يقال لكل من نفى صفة من صفات الله تعالى، لامتناع مسمى ذلك في المخلوق، فإنه لا بد أن يثبت شيئاً لله تعالى على خلاف ما يعهده حتى صفة الوجود، فإن وجود العبد كما يليق به، ووجود الباري تعالى كما يليق به، فوجوده تعالى يستحيل عليه العدم، ووجود المخلوق لا يستحيل عليه العدم، وما سمى به الرب نفسه وسمى به مخلوقاته، مثل الحي والعليم والقدير، أو سمى به بعض صفاته، كالغضب والرضى، وسمى به بعض صفات عباده -: فنحن نعقل بقلوبنا معاني هذه الأسماء في حق الله تعالى، وأنه حق ثابت موجود، ونعقل أيضاً معاني هذه الأسماء في حق المخلوق، ونعقل أن بين المعنيين قدراً مشتركاً، لكن هذا المعنى لا يوجد في الخارج مشتركاً، إذ المعنى المشترك الكلي لا يوجد مشتركاً إلا في الأذهان، ولا يوجد في الخارج إلا معيناً مختصاً. فيثبت [ في ] كل منهما كما يليق به. بل لو قيل: غضب مالك خازن النار وغضب غيره من الملائكة -: لم يجب أن يكون مماثلاً لكيفية غضب الآدميين، لأن الملائكة ليسوا من الأخلاط الأربعة، حتى تغلي دماء قلوبهم كما يغلي دم قلب الإنسان عند غضبه. فغضب الله أولى.
وقد نفى الجهم ومن وافقه كل ما وصف الله به نفسه، من كلامه ورضاه وغضبه وحبه وبغضه وأسفه ونحوه ذلك، وقالوا: إنما هي أمور مخلوقة منفصلة عنه، ليس هو في نفسه متصفاً بشيء من ذلك ! ! وعارض هؤلاء من الصفاتية ابن كلاب ومن وافقه، فقالوا: لا يوصف الله بشيء يتعلق بمشيئته وقدرته أصلاً، بل جميع هذه الأمور صفات لازمة لذاته، قديمة أزلية، فلا يرضى في وقت دون وقت، ولا يغضب في وقت دون وقت. كما قال في حديث الشفاعة: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب ؟ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً. فيستدل به على أنه يحل رضوانه في وقت دون وقت، وأنه قد يحل رضوانه ثم يسخط، كما يحل السخط ثم يرض، لكن هؤلاء أحل عليهم رضواناً لا يتعقبه سخط. وهم قالوا: لا يتكلم إذا شاء، ولا يضحك إذا شاء، ولا يغضب إذا شاء، ولا يرضى إذا شاء، بل إما أن يجعلوا الرضى والغضب والحب والبغض هو الإرادة، أو يجعلوها صفات أخرى، وعلى التقديرين فلا يتعلق شيء من ذلك لا بمشيئته ولا بقدرته، إذ لو تعلق بذلك لكان محلاً للحوادث ! ! فنفى هؤلاء الصفات الفعلية الذاتية بهذا الأصل، كما نفى أولئك الصفات مطلقاً بقولهم ليس محلاً للأعراض. وقد يقال: بل هي أفعال، ولا تسمى حوادث، كما سميت تلك صفات، ولم تسم أعراضاً. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى، ولكن الشيخ رحمه الله لم يجمع الكلام في الصفات في المختصر في مكان واحد، وكذلك الكلام في القدر ونحو ذلك، ولم يعتن فيه بترتيب. وأحسن ما يرتب عليه كتاب أصول الدين ترتيب جواب النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام، حين سأله عن الإيمان، فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر [ خيره وشره ]، الحديث - فيبدأ بالكلام على التوحيد والصفات وما يتعلق بذلك، ثم بالكلام على الملائكة، ثم وثم، إلى آخره.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 04:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى:
والله يغضب ويرضى , لا كأحد من الورى، ونحب أصحاب رسول الله r ولا نفرق قي حب أحدٍ منهم، ولا نتبرأ من أحدٍ منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير , وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.

الشيخ: بارك الله فيك. الحمد لله , وبعد..،
قال رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة على ما قرب لنا من عقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم قال: "والله يغضب ويرضى، لا كأحد من الورى"

يريد الطحاوي رحمه الله بهذه الكلمة إثبات صفات الله جل وعلا الفعلية الاختيارية , المتعلقة بمشيئته وقدرته Y، وهذا هو الذي تميز به أهل الحديث والأثر , مخالفين في ذلك كل الفرق الأخرى التي لم تثبت صفات الذات، أو لم تثبت صفات الأفعال الاختيارية التي تقوم بذات الرب جل وعلا , إذا شاء الله جل وعلا ذلك، يعني منوطة بإرادته وقدرته كما سيأتي؛ وذلك أن الجهمية والمعتزلة والكلابية والأشعرية والماتريدية كل هؤلاء ينفون الصفات الفعلية الاختيارية على اختلاف بينهم في هذا النفي.

فأراد الطحاوي رحمه الله أن يقرر أن منهج السلف الصالح، وأن عقيدة الصحابة وأئمة الإسلام أنهم يثبتون صفة الغضب والرضا على حد قوله جل وعلا: ] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [ فكما أنه جل وعلا يتكلم لا كأحدٍ من الورى، ويسمع لا كأحد من الورى، ويبصر لا كأحدٍ من الورى وهو جل وعلا له الحياة كاملة لا كأحدٍ من الورى، وله الإرادة جل وعلا وله القدرة لا كأحدٍ من الورى، فكذلك هو جل وعلا يوصف بأن له وجهاً لا كأحدٍ من الورى، وأن له يدين لا كأحدٍ من الورى، وأنه I مستوٍ على عرشه لا كأحدٍ من الورى، وأنه جل وعلا يغضب لا كأحدٍ من الورى، ويُري لا كأحدٍ من الورى، ويرضا لا كأحدٍ من الورى، ويحب لا كأحدٍ من الورى، ويسخط لا كأحدٍ من الورى، وهكذا في كل الصفات فباب الصفات باب واحد، كما سيأتي بيانه.

إذاً فالطحاوي رحمه الله يريد بذلك أن يقرر هذه العقيدة، وأن منهج السلف فيها كقولهم في غيرها من الصفات، لا يفرقون بين صفة وصفة. ثم ههنا مسائل:

المسألة الأولى:
أن صفة الغضب وصفة الرضا من الصفات التي ذكرت في القرآن والسنة، في آيٍ وفي أحاديث كثيرة، أما القرآن فكقوله جل وعلا في الرضا: ] لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [، وقال جل وعلا أيضاً في الرضا: ] رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ [ في غير ما آية، وقال جل وعلا في الغضب: ] قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ [ , وقال جل وعلا: ] وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ [، وقال جل وعلا: ] وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ [ , وقال: ] فَبَاؤُو بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ [، ونحو ذلك من الآيات.

أما السنة فقد قال عليه الصلاة والسلام في الرضا، في الحديث الذي فيه ذكر نعيم أهل الجنة، قال في آخره لما ساءلهم قال: ((هل أعطيتكم؟)) قالوا: نعم؟ قال: ((فإني أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا)) إحلال الرضوان، إحلال الرضا من الله جل وعلا , ونحوه في قوله: ((من لم يسأل الله يغضب عليه))، والأحاديث في هذا الباب معروفة.

المسألة الثانية:
في قوله: "يغضب ويرضى , لا كأحدٍ من الورى" , الغضب والرضا من الصفات التي يتصف بها الرب جل وعلا إذا شاء، فغضبه سبحانه ورضاه متعلق بمشيئته وقدرته، فالغضب يحل ثم يزول , والرضا يحل ثم يزول، وهكذا يعني أن الغضب ليس دائمًا، والرضا ليس دائمًا، وإنما هذا مرتبط كجنسه في الصفات الفعلية بمشيئة الله وبقدرته , وهذا هو الذي قرره أهل الحديث والأثر وأئمة أهل السنة، واستدلوا لذلك بقول الله جل وعلا: ] وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [، في سورة طه ] وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [.
فدل على أن الغضب يحل بعد أن لم يكن حالا، وحلوله يدل على أنه متعلق بمشيئة الله جل وعلا؛ لأنه ما شاء الله جل وعلا كان، فإذا شاء الله أن يغضب فإنه سبحانه يغضب , وإذا شاء أن يرضى فإنه جل وعلا يرضى , وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث: ((أحل عليكم رضواني فلا أسخط بعده أبدًا)) دل على أن أهل الجنة منّ عليهم جل وعلا بأنه أحل عليهم رضاه، فلا يسخط بعده عليهم أبدًا، وهذا يدل على أن الرضا متعلق بالمشيئة، بمشيئة الله جل وعلا وإرادته وقدرته I , هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة؛ في أن الغضب والرضا صفات فعلية اختيارية للرب جل وعلا، ومن جنسها صفة المحبة والسخط والوَلاية والعداوة، وأشباه ذلك؛ فإنها تختلف , ومتعلقة بمشيئة الله وقدرته.

أما مذاهب المخالفين في هاتين الصفتين بخصوصهما؛ فإن الجهمية ومن شابههم ممن ينفون الصفات أصلاً، يجعلون الآيات والأحاديث التي فيها ذكر الغضب، أو فيها ذكر الرضا، أنها أسماء للشيء الذي سمي غضبًا، يعني العقوبة هي الغضب، والنعيم هو الرضا، فعندهم أن هذه الأشياء مخلوقات منفصلة متعلقة بمن قيل عنه: إنه غُضب عليه، أو رُضي أو رضِي الله عنه , فإذا نعم فهذا رضاه، يعني نفس النعيم هو رضا الله جل وعلا، ونفس العقوبة هي الغضب. هذا مذهب الجهمية ومن شابههم.

أما الكُلاَّبية وهم أول من نفى هذه الصفات؛ لأجل نفي تعلقها بمشيئة الله وقدرته، وتعليلهم لذلك بأن إثباتها يقتضي أنه جل وعلا محل للحوادث , ولهذا ذهبوا إلى أن غضب الله جل وعلا واحد، وأن رضاه واحد، فغضبه عندهم قديم، من غضب عليه فإنه لا يرضى عليه أبدًا، ومن رضي عنه فإنه لا يغضب عليه أبدًا، فعندهم أن غضب الله جل وعلا ليس له تعلق بعمل العبد أو بعمل العبيد، وأن رضاه ليس متعلقًا بعمل العبد أو بعمل العباد، وإنما هو شيء واحد , ولهذا يقولون: إنه من كان من أهل الجنة في العاقبة فإنه مرضي عنه ولو كان حال عبادته للوثن، ولو كان حال زناه، شربه للخمر، ومن يعني قبل أن يسلم ومن رضي، ومن غضب الله عليه وكانت خاتمته النار والعذاب، فإنه مغصوب عليه ولو في حال صلاته وخشوعه وبكائه بين يدي الله في حال إسلامه.

وهذا يعني أنه إبطال للصفة أولاً، ثم أنه لا معنى حينئذ عندهم لكتابة الحسنات للمسلم، ولكتابة السيئات على الكفار في حال إيمان الأول، وكفر الثاني؛ لأن الإنسان إذا أسلم فإن الإسلام يجب ما قبله، فكيف يكون مرضى عنه والملائكة تكتب عليه السيئات , ثم هذا المسلم يكون خاشعًا يكتب له الحسنات ثم تأتي الردة فيحبط عمله، فيكون عندهم دائمًا في حال الغضب وأشباه ذلك.
وهذا خلاف ما دلت عليه الأدلة كما ذكرت لك في قوله: ] وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [، ((أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا))، وأشباه هذه الأدلة.
إذًا فعندهم؛ عند الكلابية , وهو الذي ذهب إليه الأشعرية والماتريدية، أن صفة الغضب والرضا ونحوها من الصفات أنها صفات قديمة ذاتية، يعني أنها لا تتعلق بمشيئة ولا إرادة ولا قدرة، بل هي قديمة: غضب وانتهى، ورضي وانتهى , وليس ثم شيء يتجدد بتعلقه بالآحاد.

المسألة الثالثة:
الذين نفوا هذه الصفات، الصفات الفعلية بعامة، بل قبل ذلك نقول: الذين تأولوا , ابن كُلاَّب ومن معه، على النحو الذي ذكرنا لك سالفًا، هم أول من أحدث هذا المصطلح وهو الصفات الذاتية والصفات الفعلية، وجعلوا الباب عندهم أن إثبات صفات الفعل، يعني حلول الحوادث بالرب Y، وأهل السنة والجماعة استعملوا هذا التقسيم، الصفات الذاتية والصفات الفعلية على ما دلت عليه النصوص، فعرفت الصفات الذاتية بأكثر من تعريف، وهو اجتهاد من العلماء، لكن لعله يكون من أقربها، أن الصفات الذاتية هي الملازمة للموصوف، والصفات الفعلية هي الصفات غير الملازمة للمتصف بها، غير الملازمة للذات , ويُعنى بالملازمة التي لا تنفك عن الذات الموصوفة بهذه الصفة، ففي حق الله جل وعلا نقول: الوجه صفة ذات؛ لأنه لا ينفك , والله جل وعلا متصف بهذه الصفة دائمًا وأبدًا، وأنه سبحانه متصف بالعظمة والكبرياء والجلال والنور، أشباه ذلك , هذه صفات ذاتية.

والقسم الثاني: الصفات الفعلية , وهذه الصفات الفعلية هي غير الملازمة يعني التي تتعلق بمشيئة الله جل وعلا وقدرته واختياره I، فليست ملازمة فإنها تكون في حال دون حال، وهذه منها ما يكون دائماً صفة فعلية , ومنها ما يكون آحاده صفة فعلٍ واختيار وأصله صفة ذات ملازمة، مثال الثاني: الكلام لله جل وعلا، فإنه سبحانه كلامه كما أنه قديم، فإنه متجدد الآحاد. ومثال الأول: مثل صفة الغضب والرضا، فإنها متعلقة بما يغضب عليه، بمن يغضب عليه، وبمن يرضى عنه.

والشبهة التي أوقعت الكُلاَّبية... سقط... لما ترك الاعتزال [قد نشأ عليه] في أول أمره، ذهب يبحث عن جواب لأسئلة عنده قبل تركه للاعتزال، فوجد في جامعٍ في بغداد أصحاب ابن كُلاَّب يتباحثون ومنهم من يُعلم، فجلس فأعجبه كلامهم؛ لأنهم كانوا يردون على المعتزلة، فأخذ مذهب الكُلاَّبية وهو المذهب الذي درج عليه أصحابه، أصحاب الأشعري , ثم مر عليه زمن في ذلك وصنف في مذهبهم مصنفات، ثم [نظر] في قول أهل الحديث فرجع إليه فصار آخر أمره على أنه من أهل الحديث كما هو مقرر في كتبه، كالإبانة ومقالات الإسلاميين، ورسالة أهل الثغر، أو رسائل أهل الثغر، وغيرها.
المقصود من هذا أن هذه المدرسة الكُلاَّبية الأشعرية الماتريدية في هذه المباحث مباحث الصفات، كلامهم واحد وشبهتهم في نفي الغضب والرضا والحب والبغض والعداوة وأشباه ذلك والولاية , أنه إذا أثبتت متعلقة بالمعين فإنه يعني ذلك أن يكون الله جل وعلا محلاً للحوادث، محلاً للمتغيرات، كيف؟ قال ابن كُلاَّب ومعه: إنه إذا قلنا: إنها متغيرة، متجددة , يغضب ثم يتغير، فيرضى على هذا ثم يغضب على هذا، ثم… إلى آخره، فمعناه أن ذاته جل وعلا تتغير. وهذا منهم؛ لأنهم قعدوا قاعدة , هذا الكلام بناءً على تلك القاعدة لا يستقيم , فلهذا وجب مناقشتهم في الأصل الذي بنوا عليه هذا النفي , هل الله محل الحوادث؟

فيقال لهم: أولاً: هذه الكلمة محل الحوادث أو غير محل الحوادث، هذه لماذا أتيتم بها؟ ولماذا قلتم هذا الكلام؟ فيقولون: إنا قلناه؛ لأننا أثبتنا وجود الرب جل وعلا وأنه سبحانه موجود رب وخالق للأشياء عن طريق ما أسموه حلول الأعراض، أو نظرية أو قاعدة حلول الأعراض في الأجسام , ما معنى هذه النظرية؟ نظر وهي التي أتى بها جهم ابن صفوان رأس الجهمية الضالة لما تفكر وقد سبق أن أوضحتها لكم مفصلاً اختصرها في هذا المقام , لما تفكر في الدليل على وجود الله جل وعلا، وعلى أن هذه الأجسام مخلوقة قال: الجسم المعين فيه صفات تتغير، والجسم لم يختر هذه التغيرات , ما هذه الصفات التي تتغير؟
قال: الصفة , صفة البرودة، الحرارة , صفة كثافة الجسم، امتداده، ضآلته، نوعية الجسم، ارتفاعه، انخفاضه... إلى آخره، فهذه أشياء لا يختارها الجسم لنفسه؛ بل هي حالة فيه , فكونها حلت فيه دل على أنه هناك مؤثر جعلها تحل في هذا الجسم، وهذا يعني أن الجسم محتاج إلى غيره؛ لأجل حلول هذه الأشياء فيه , فإذا كان محتاجًا فإنه إنما احتاج لمن لا يحتاج وهو الرب Y , فثبت عندهم أن الجسم مخلوق من جهة هذه الأشياء التي أسموها حلول الأعراض في الأجسام، أو حلول الحوادث في الأجسام.

فثبت عندهم وجود الله جل وعلا وأنه خالق الأجسام وأنه هو المستغني , وأن هذه الأجسام محتاجة محدثة، بهذا الدليل الذي هو في أصله غلط ومخالف للكتاب والسنة , والتفكير فيه , وأنه هو دليل وجود الله جل وعلا، تفكير فيما لم يدل عليه نص لا من القرآن ولا من السنة , وإثبات وجود الله جل وعلا موجود في القرآن والسنة , فهم ذهبوا عن الكتاب والسنة إلى العقل، فهداهم عقلهم الخاطئ إلى برهان غلط من أصله، وإن ثبتت به نتيجة مؤقتة، لكنها فيما يترتب عليها غلط فادح.
لهذا في القرآن الدليل على وجود الله مختلف عن هذا ] أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُواْ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ [ , ما في عندنا احتمالات، هل خلقت من غير شيء؟ هذا احتمال، هل أنت الخالق لنفسك؟ هذا احتمال، هل الإنسان هو الذي خلق السماوات والأرض؟
الشيخ: فهم ذهبوا عن الكتاب والسنة إلى العقل , فهداهم عقلهم الخاطئ إلى برهان غلط من أصله , وأن ثبتت به نتيجة مؤقتة , لكنها فيما يترتب عليها غلط فادح , لهذا في القرآن الدليل على وجود الله مختلف عن هذا ] أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُواْ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ [ , ما في عندنا احتمالات , هل خلقت من غير شيء؟ هذا احتمال , هل أنت الخالق لنفسك؟ هذا احتمال , هل الإنسان هو الذي خلق السماوات والأرض؟ أو يكون أنه هذه الأشياء كلها مخلوقة , والسبر والتقسيم يعطيك نتيجة صحيحة؛ لأنه برهان عقلي.

كذلك التفكير في الآحاد ] نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ * أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ [ , هذه أدلة خلق الله جل وعلا الذي خلق , فهو القادر على البعث: ] نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ[ , ما دليل الصدق أن الله جل وعلا هو الذي خلق؟ ] أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ * أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ [ , ] أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ [ , ] أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [ , ] أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ [.

إذن فتفكير الإنسان في ضعفه , وأن الأشياء مسخرة له , وأنه لم يخلق نفسه ولم يخلق ولده , وإنما جعل الله جل وعلا الخلق في أتفه الأسباب , وهو هذه النطفة المحتقرة التي تماط كالأذى , ولكن جعل الله جل وعلا فيها سر الخلق؛ ليبيّن للإنسان أنه أعجز ما يكون عن الخلق؛ لأن الله أودع في هذا الشيء المحتقر , أو في هذا الشيء الذي هو كالأذى , أودع فيه أسرار الخلق , فإذن البرهان على وجود الله جل وعلا في كل شيء.

وفي كل شيءٍ له آيةٌ تدل على أنه الواحد

أولئك الجهمية ذهبوا إلى برهان آخر , فأصلوا ذلك , لما أتوا إلى إثبات الصفات وافق جهم المعتزلة , ووافقه على هذا البرهان الكُلاَّبية , ووافقه عليه الأشاعرة والماتريدية , فجاؤوا في الصفات مثلاً الكُلاَّبية في صفة الغضب والرضا , ولا نطيل في البحث , لما أتوا إليها قالوا: لو أثبتا صفة الغضب والرضا , لكان محلا للحوادث , (طيب) إذا كان محلا للحوادث هذه اللفظة لم تأت في الكتاب ولا السنة , إذا كان محلا للحوادث فما النتيجة؟

النتيجة أنه يبطل الدليل على وجود الله جل وعلا , والدليل العقلي على وجود الله جل وعلا هو الأصل الأصيل الذي لا يجوز أن يُتعرض له بشيء , وإذا كان شيء يضعف أو يبطل ذاك الدليل , الذي هو دليل الأعراض , فإنه يجب إبطال ما يضعفه أو ما يُضاده , لا أن يُبطل أصل الدليل , لهذا أتوا إلى هذه المسألة في الغضب والرضا وقالوا: هذا معناه أنه محل للحوادث , إذا كانت الأشياء بمشيئته واختياره , فنفوا هذه الصفة.
(طيب) أنتم أثبتم صفة الحياة , وصفة القدرة , وصفة الإرادة , وصفة السمع وصفة البصر... وإلى آخره , فكيف أثبتموها؟ قالوا: تثبت بالدليل العقلي , إما بمطابقته أو بلزومه , كما هو معروف في أدلتهم للصفات التي أثبتوها.
إذًا في الحقيقة أن الذين عناهم الطحاوي رحمه الله بقوله: "والله يغضب ويرضى لا كأحدٍ من الورى" , أننا نثبت الصفة وننفي مماثلة الرب جل وعلا لأحدٍ من خلقه في اتصافه بهذه الصفة , ففيها رد على الكُلاَّبية والأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم من الفرق المختلفة.

المسألة الرابعة: قوله رحمه الله: "لا كأحدٍ من الورى" , أنا اختصرت لكم الكلام السابق , لكن تفصيله في عدد من الشروح التي شرحتها لكم , ما أدري في الحموية يمكن والواسطية , وفي عدد فصلنا ها المسألة؛ لأنها مهمة في مسألة نفي الصفات.

المسألة الرابعة:
أن الذين لا يثبتون صفة الغضب والرضا , كصفة فعلية اختيارية , يتأولونها بإرادة الانتقام والعذاب في الغضب , وإرادة الإنعام والإحسان في الرضا , فيقولون: إن الغضب هو إرادة الانتقام والعذاب , فجعلوها صفة الإرادة , الرضا هو إرادة الإحسان والإنعام , لماذا أولتموها إلى صفة الإرادة؟
قالوا: لأن صفة الإرادة صفة ثابتة بالعقل , فوجب رد هذه الصفة التي لا يصلح أن يوصف الله جل وعلا بها إلى ما دل عليه الدليل العقلي , وصفة الإرادة , نعم دل عليها الدليل العقلي , هذا صحيح , ولكن.. كما دل عليها الدليل السمعي , ولكن تسميتكم لهذا تأويلاً هو في الحقيقة نفي للصفة؛ لأن صفة الإرادة دل عليها العقل , ودل عليها السمع كما عندهم , فكونكم تقولون: لا يتصف بالغضب , لا يتصف بالرضا؛ وإنما يتصف بالإرادة , الإرادة أقسام: إرادة غضب , إرادة انتقام , إرادة إحسان , إرادة خلق… إلى آخره , لكن هي تبقى صفة إرادة؟

فإذًا لما أوّلوا الغضب والرضا بالإرادة , فإنهم يعني ينفون صفة الغضب والرضا , ولهذا في الحقيقة الذي يتأوّل الصفة بصفةٍ أخرى فإنه ينفي الصفة , فكل متأوّل نافٍ للصفة التي يقول: إنها لا تصلح في حق الله جل وعلا , ولهذا يدخل في نفاة الصفات عند السلف مسمى نفاة الصفات , يدخل فيه الجهمية الذين ينفون جميع الصفات , والمعتزلة الذين ينفون جميع الصفات , إلا ثلاث صفات , ويدخل فيه الكُلاَّبية الذين ينفون جميع الصفات إلا صفات سبع , ومعهم الأشاعرة , ويدخل فيه الماتريدية الذين ينفون جميع الصفات إلا صفات ثمان , وهكذا , فمسمى نفاة الصفات يدخل فيه كل هذه الفرق في بعض الأحيان.
وهذا في الحقيقة تعدٍ على الشريعة وعلى النص؛ لأنهم ينفون - وحاشانا من ذلك - ينفون ما أثبته الله لنفسه , وأثبته له رسوله r , فهل يتجاسر مسلم , هل يتجاسر على أن ينفي شيئًا وصفه الله جل وعلا , وصف الله به نفسه , أو وصفه به رسوله r؟ فتقول لهم: الله يغضب؟ يقولون: لا يغضب: ] غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [ يقولون: لم يغضب عليه , وإنما أراد به الانتقام , وهكذا , لكن لأجل الشبهة عندهم , فإنهم يكونون من أهل البدع لعدم متابعتهم للسلف في هذه المسائل , وإحداثهم لبدعة التأويل في هذه النصوص الغيبية , ولا يُكفرون في تأويلهم لأجل الشبهة التي عندهم.

المسألة الخامسة والأخيرة:
قوله هنا: "لا كأحدٍ من الورى" , يعني لا كأحدٍ من الخلق؛ فإن غضب الإنسان يناسبه , ورضا الإنسان يناسبه , وغضب الرب جل وعلا ورضاه ومحبة الرب جل وعلا وبغضه I , وهكذا جميع الصفات , هذا بما يليق بجلاله جل وعلا وعظمته , فالصفات تناسب الذات , صفات الإنسان تناسب ذاته الحقيرة الوضيعة , يعني حقيرة يعني لا باعتبار أنه مكرم , حقيرة باعتبار ضآلته وضعفه وحاجته , وإلا فهو مكرم , صفة الإنسان تناسب ذاته الضعيفة الفقيرة المحتاجة , وصفة الرب جل وعلا تناسب ذاته الكاملة العلية الجليلة الجميلة Y وتقدست أسماؤه.
فإذًا بين الصفة والصفة كما بين الذات والذات , فذات الرب جل وعلا لا يمكن أن تقارن ذات المخلوق بها , بأي شكل من الأشكال , فكذلك صفاته جل وعلا لا يمكن أن تقارن صفات المخلوق بها.

إذا تبين ذلك فإنه إذا أطلق اللفظ؛ لفظ الصفة , غضب , رضا , محبة... إلى آخره , فإن بعض الناس يأتي في ذهنه معنى للغضب , يأتي في ذهنه معنى للرضا؛ وذلك لأن الإنسان لم يستقبل المعاني إلا لما رأى المسميات , يعني لم يفهم الشيء إلا لما رأى صورة أمامه جعلت المعنى يرتبط في ذهنه بهذه الصورة , وإلا في الحقيقة فإن هناك ثلاثة أشياء في أبواب الصفات:

الشيء الأول: المعنى الكلي للصفة , ما معنى المعنى الكلي؟ يعني غير المتعلق , لا بالرب جل وعلا , وغير المتعلق بالإنسان , بالمخلوق , معنى كلي. هل في الحقيقة , في الحياة , هل في الوجود هناك معنى كلي تراه يمشي أمامك؟ إنما المعاني الكلية للغة ودلالات الألفاظ يعني من حيث المعنى , هذه إنما موجودة في الذهن للتصور , هذا التصور لا يدركه كل أحد؛ لأن جمهور الخلق إنما يتصورون من المعاني بعد رؤية الصور التي تدلهم عليه , فلا يتصور شيئًا لم يره , لا يتصور شيئًا؛ لأنه لا يمكن أن يتصور شيئا وقدرته ما تستوعب.
فلهذا نأتي هنا إلى الشيء الثاني , وهو الصفة , أو هذا المعنى الكلي المضاف إلى الرب Y.

الحالة الثالثة: المعنى الكلي المضاف إلى المخلوق المعين , فإذا أضيف المعنى الكلي إلى المخلوق فإنه في الحقيقة لا يبقى كليا , وإنما لابد أن يتخصص بشيء يدل عليه , أنك ترى في السمع مثلاً؛ فإن البعوضة لها سمع وبصر , والإنسان له سمع وبصر , هل نقول هنا: السمع والبصر هو كلي في الإنسان وفي البعوضة؟ لا , وإنما هو كلي من جهة فهمك , ما معنى السمع؟ ما معنى البصر؟ فإذا كان عندك قدرة لاستيعاب المعاني الكلية دون تأثيرٍ لما ترى وما تسمع للمعاني , والقواعد التي في ذهنك , فإنه يمكن أن تتصور المعاني الكلية , وإلا فإنه في الخارج , في الواقع , في الحياة لا يوجد إلا مخصص تقول: سمع الإنسان , وبصر الإنسان , سمع البعوض وبصر البعوض , سمع الفيل وبصر الفيل , سمع الوطواط وبصر الوطواط , وهكذا , الغضب والرضا , المولود الذي ولد أليس عنده أساس من الرضا والغضب؟ يرضى عن والديه فيفرح ويبتسم , ويغضب فيعبر بطريقةٍ أخرى , هل تعبير الطفل في غضبه ورضاه هو كتعبير أبيه في غضبه ورضاه؟

لا؛ بل الإنسان في نفسه لما كان طفلاً فإنه يعبر عن غضبه ورضاه بشيء , وإذا صار شابا يعبر عن غضبه ورضاه بشيء , وإذا صار كهلاً وشيخًا فإنه يعبر عن رضاه وغضبه بشيء , وهذا يدلك على أن هذه المعاني لا يمكن أن تنفى عن الله جل وعلا , وهذه الصفات باعتبار النظر للمخلوق؛ لأنه أصل أن المخلوقات تختلف في حياتها , وتختلف في آثارها للغضب والرضا , وكيف يغضب ومتى يغضب... وإلى آخره.
فإذا كان المخلوق يختلف فالله جل وعلا له المثل الأعلى والصفات العليا. وهذه قاعدة مهمة تستمسك بها في الرد على المتأولين للصفات , والخائضين في عموم الغيبيات , فاستمسك بها وادرسها شيئًا فشيئًا؛ فإنها مهمة.
لهذا نقول: إن الذين يقولون: الغضب والرضا هو الإرادة , نفوا الصفة , ونفيهم لهذه الصفة لأجل اتصاف المخلوق بها , فإن هذا تعدٍ على النص , وأيضًا جهل بالعقليات على الحقيقة.
نستمر أو نقف؟ ـ الحاضرين: نستمر ـ نخلي مبحث الصحابة نؤجله؛ لأنه يقي معنا عدة.. بقي صفحتان فقط إن شاء الله تعالى , وكلها سهلة إن شاء الله , ننتهي بإذن الله تعالى قريبا إن شاء الله.

سؤال: هل المعتزلة والكُلاَّبية في تأويل تلك الصفات مجتهدين عند تأويلها؟...
بالمناسبة بعض الإخوة (اللي) يحضرون - بارك الله في الجميع - يكون ربما أول مرة يحضر , أو ما سبق أنه درس الكتب الأولية , هذا يأخذ من الكلام ما يستوعبه , ويهتم بدراسة الكتب التي قبل الطحاوية , وقبل هذا التفصيل مثل لمعة الاعتقاد والحموية والواسطية... إلى آخره حتى يصل إلى هنا , يعني شيئا فشيئا , فالدرس المستويات فيه مختلفة , ولكن جعلناه للمتوسطين في الغالب.

سؤال: هل المعتزلة والكلابية في تأويل تلك الصفات مجتهدين عند تأويلها؟ وإذا كانوا مجتهدين فهل ينكر عليهم؟ وهل يحصل لهم ثواب على اجتهادهم لقوله عليه السلام: ((من اجتهد فأصاب الله فله أجران , من أخطأ فله أجر))؟
جواب:
أولاً: هم مجتهدون نعم , لكن لم يؤذن لهم في الاجتهاد , يعني هم اجتهدوا بدون أن يأذن لهم الشرع بالاجتهاد , الاجتهاد يكون في المسائل التي له فيها أن يجتهد , أما مسائل الغيب والصفات والجنة والنار , والشيء الذي لا يدركه الإنسان باجتهاده , فإنه إذا اجتهد فيه , فيكون قد تعدى ما أذن له فيه , والمتعدي مؤاخذ , ولهذا هم لا شك أنهم ما بين مبتدع , بدعته كفرية , وما بين مبتدع , بدعته صغرى , يعني بدعة معصية.

والواجب على كل أحد أن يعلم أن اجتهاده , إنما يكون فيما له الاجتهاد فيه , هذا يختلف باختلاف الناس , العلماء؛ علماء الشريعة يجتهدون في الأحكام الشرعية , الأحكام الدنيوية التي فيها مجال للاجتهاد , أما الغيب فلا مجال فيه للاجتهاد , ولم يؤذن لأحد أن يجتهد فيه بعقله , لكن إن اجتهد في فهم النصوص , في حمل بعض النصوص على بعض , هذا في ترجيح بعض الدلالات على بعض , فهذا من الاجتهاد المأذون به , سواء في الأمور الغيبية أم في غيرها , لكن أن يجتهد بنفي شيء لدلالة أخرى ليست دلالة مصدر التشريع الذي هو الوحي , من الكتاب والسنة في الأمور الغيبية مصدر التشريع الكتاب والسنة , فإنه ليس له ذلك.

ولذلك لا يدخل هؤلاء من المعتزلة والكُلاَّبية ونفاة الصفات , أو الذين يخالفون في الأمور الغيبية , لا يدخلون في مسألة الاجتهاد , وأنه إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران , وإن أخطأ فله أجر , وإنما هم مأزورون؛ لأنهم اجتهدوا في غير ما لهم الاجتهاد فيه , والواجب عليهم أن يسلموا لطريقة السلف , وأن يمروا نصوص الغيب كما جاءت , وأن يؤمنوا بما دلت عليه ,
لهذا نقول: قد يكون لهذا المبتدع , أو لهذا الموافق للمبتدعة , أو لهذا المتأول , أو لهذا المتكلم في الغيب برأيه وعقله مع وزره وإثمه وبدعته , قد يكون له من الحسنات ما يمحو تلك السيئات؛ لأن البدعة والتأويل وأشباه ذلك معصية , بدعة صغرى , معصية وكبيرة من جنس غيرها من الذنوب , ولكنها هي يعني من جنس غيرها في أنه يأثم فيها , لكنها هي أعظم؛ لأن جنس البدع أعظم من جنس الكبائر والذنوب , قد يكون له حسنات عظيمة مثل مقام عظيم من الجهاد في سبيل الله , أو نصرة للشريعة في مسائل كثيرة ونحو ذلك , ما يكفر الله جل وعلا به خطيئته , أو تكون حسناته راجحة على سيئاته.
ولكن من حيث الأصل ليس له أن يجتهد وهو آثم بذلك , لكن ربما [يكون] عفو الله جل وعلا يدركه , ولهذا لما ذكر ابن تيمية في أول الواسطية , وهذه مهمة , في أول الواسطية لما ذكر قال: هذا اعتقاد الفرقة الناجية , الطائفة المنصورة أهل السنة والجماعة. وعقدوا له المحاكمة على هذه العقيدة , قالوا: ما تعني بقولك: الفرقة الناجية؟
قال: يعني الناجية من النار.
قال: هل يعني هذا أنك تقول: إن من لم يؤمن بهذه العقيدة , ويقول بها في جميع ما أوردت أنه من أهل النار؟
فقال: لم أقل هذا , ولا يلزمه.. أو لا يلزم من كلامي؛ لأن هذه العقيدة هي عقيدة الفرقة الناجية , الطائفة المنصورة , أهل السنة والجماعة , فمن اعتقدها فهو موعود بالنجاة وبالنصر , موعود بالنجاة من النار ((كلها في النار إلا واحدة)) قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ((من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)).

ومعلوم بالقطع أن [النبي r والصحابة لم يكن عندهم تأويل ولا خوض في الغيبيات باجتهاد ورأي , وأن من لم يعتقد هذا الاعتقاد فهو على ذنب , وقد] يغفر الله له فلا يدخله النار , لا يعذبه بالنار ابتداءً يغفر له الله؛ لأن هذا دون الشرك , وقد يغفر الله جل وعلا له بحسنات ماحية , وقد يغفر الله جل وعلا له بمقام صدقٍ في الإسلام كجهاد ونحوه... إلى آخره , لكنه متوعد؛ لأنه أتى أو قال بغير دليل , لهذا ليس لأحدٍ أن يجتهد في الغيبيات بما لم يوقف فيه على دليل.

سؤال: أليس الغضب والرضا متعلق حصوله بمسببات؟ ليس كما قررنا إنه متعلق بالمشيئة والقدرة , فإذا حصل سبب الرضا حصل رضا الله U ومثله يقال في الغضب فيقال: رضا الله أو غضبه متعلق بمشيئته إذا حصلت؟ وضح لي ما اشتبه عليّ.
جواب: هذا غير خاص (اللي) تفضل به أو ذكره السائل , غير خاص في الغضب والرضا , إلا يعني المغفرة متعلقة بسبب , الرحمة متعلقة بسبب , إجابة الدعاء متعلقة بسبب , كلام الله جل وعلا تنزيله للقرآن متعلق بسبب , يعني ] قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [ , هذا متى صار؟ بعد أن تكلمت وجادلت , ] قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا[ , هذا بعد سبب.

إذًا فتعليقه بالسبب الذي من العبد ليس هو بحث في الصفات البحث المراد؛ إنما المراد أنه يتصف الله جل وعلا بهذه الصفة إذا شاء I , إذا شاء I فإنه يتصف بها , يعني إذا أراد جل وعلا أن يغضب غضب , وقد لا يغضب , فلا يلزم من وقوع الشيء الذي يغضب عليه الرب جل وعلا أن يغضب I , بل قد يغضب وقد لا يغضب , وإذا وقع ما يرضى عن الله جل وعلا فإن رضاه I متعلق بمشيئته وقدرته , أما الأسباب (اللي) من العبد فهذه للجميع.

سؤال: هذا يقول: صفة الغضب والرضا كصفة الكلام , قديمة الأصل متجددة الآحاد , هل يقال بهذا؟
جواب: الكلام يختلف عن صفة الغضب والرضا , كلام الله جل وعلا منه الكلام الكوني الذي به تكون المخلوقات , والله جل وعلا خلق الماء بكلامه الكوني , وخلق العرش بكلامه الكوني جل وعلا , وخلق الهواء بكلامه الكوني , وخلق القلم بكلامه الكوني , وخلق اللوح المحفوظ بكلامه الكوني , وخلق السماوات والأرض ومن فيها من المكلفين , وما فيها من المخلوقات , ومن يغضب عليه ويرضى عليه بكلامه الكوني , الغضب والرضا صفة فعلية , تقوم بمشيئته جل وعلا وبقدرته , أما أنها كالكلام في هذا , فلا أعلم هذا مما قرره أهل العلم , في أنها قديمة النوع حادثة الآحاد , أنا لا أعلمه.
ممكن أننا نبحثها زيادة أو يبحثها أحد الإخوان ويفيدنا فيها , شيخ الإسلام له رسالة مستقلة ترى في المسألة ما أمكني أراجعها , (اللي) هي رسالة في الصفات الاختيارية , يمكن (شفتوها) , تعرفونها , ما هي في الفتاوى , هي مستقلة في مجموعة الرسائل التي طبعها الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله , أول رسالة في رسالة الصفات الاختيارية , بحث كل هذا ممكن مراجعتها ونجدد المعلومة الدرس القادم إن شاء الله.

سؤال: هل لكم دروس غير درس السبت والخميس؟ وهل سيكون دروس بعد الطحاوية؟
جواب: إن شاء نتفاءل بالخير إن شاء الله , يعني (خلاص) الطحاوية ثم نقف لا عندي في الغالب السبت والخميس هذه ثابتة , وفي داخل الأسبوع بيكون عندي يوم الثلاثاء والخميس , أو الثلاثاء والخميس والجمعة , إما محاضرات أو يعني أشياء تتعلق بمدارس تحفيظ القرآن , أو زيارات فيها إرشاد , ونحو ذلك.

سؤال: هل دعاء الأئمة في قنوت الوتر بالميكروفون الخارجي على المنابر [يعتبر من الاعتداء في الدعاء؟
جواب: هذه وسيلة ما لها علاقة , الاعتداء في نفس الكلام , أما كونه يطلع برّه وما يطلع] يعني هو نظر إلى أنه جهر , يعني فيه رفع الصوت , قالوا: أقريب ربنا فنناجيه , أم بعيد فنناديه قال: ((إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) , هذا كونه يدعو بصوت خاشع ويسمع في الخارج , لا , ليس هذا من الاعتداء في الدعاء.

سؤال: يقول: نرجو من فضيلتكم تقرأه على ما هو عليه , التعليق على هذه الكلمة… إلى آخره.
جواب: الكلمة أعرفها وأعرف من قالها , وهذه طريقة في الأسئلة أنا ما أحبها من قديم , يعني إن واحد ما يجيء يعني يأخذ المتكلم أو يأخذ الشيخ أو المعلم , يسأله عن كلمة لا يعرف , ربما هو لا يعرف من قالها , ثم يقال: إنه فلان يقول في الشيخ الفلاني كذا وكذا , هذه كلمة معروفة , يعني أثيرت هذه الأيام , لهذا ينبغي السؤال يكون واضحًا؛ حتى يكون الجواب واضحًا.
المقصود أن كون الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا؟ فبعض علماء الحنابلة المتأخرين , أو أكثر المتأخرين ممن صنفوا في عقيدة السلف , وهم لم يحققوا هذا الأمر عدوا الفرق , أهل السنة والجماعة عدوها ثلاث فئات؛ أهل الحديث والأثر , والأشاعرة , والماتريدية , هذا كما فعله السفاريني وفعله أيضًا غيره , وهذه مشت على كثيرين وتبناها أخيرًا , تبناها بعض الجماعات الإسلامية ووسعوا الكلام فيها كما هو معلوم.
لكن في الحقيقة كلمة أهل السنة , نعم الجميع من أهل السنة ولا شك؛ لأن السنة لأنهم جميعًا يحتجون بالسنة ويؤمنون بها... إلى آخره , لكن الجماعة , كلمة الجماعة طبعًا كلٌ يدعيها , الأشاعرة يقولون: نحن أهل السنة والجماعة , والماتريدية يقولون: نحن أهل السنة والجماعة , وربما لا يفرق بينهم , يعني فالجميع يقولون: أهل السنة والجماعة يعنون الأشاعرة والماتريدية , وأهل الحديث والأثر يقولون: نحن أهل السنة والجماعة... إلى آخره.
لكن إذا نظرت للحقيقة كلٌ يدعي وصلاً بالجماعة , لكن هل يصح ادعاؤه أم لا يصح؟ كلمة الجماعة هنا معناه , الذي لم يفرق في الدين , ما كانت عليه الجماعة الأولى وهم الصحابة والتابعون , فهل أقوال هؤلاء فرقت في الدين؟ وهل هي على ما كان عليه الأوائل , أم لا؟ إذا أتى الجواب جاءت النتيجة , فإذا كان فعلاً هم على ما كان عليه الأوائل , يعني الأشاعرة ونحوهم وبعض الفرق الموجودة الآن , والجماعات الإسلامية وغيرها , إذا كانوا على ما كانوا عليه السلف الصحابة رضي الله عنهم على الجماعة الأولى لم يفرقوا بين دليل ودليل , خاصةً في الأمور الغيبية في مسائل العقيدة , ولم ينفوا شيئًا بل أثبتوا كما أثبت الله جل وعلا - فإن هؤلاء من الجماعة.
لكن إذا كانوا يفرقون ويتأولون , ويتعرضون للغيبيات بما يتعرضون به؛ بل يخالفون في معنى كلمة التوحيد في أول واجب , وفي الإيمان يخالفون , وفي القدر يخالفون , وفي الصفات يخالفون , وفي مسائل أخر أيضًا في العقيدة يخالفون ما كان عليه السلف , فكيف نقول: إنهم متمسكون بالجماعة؟!
التمسك بأهل السنة والجماعة ليست دعوة , وليست منحة يُمنحها الإنسان باختياره , نقول: فلان من أهل السنة والجماعة (ولا).. ليست مزاجًا وليست عقلاً , وليست يعني هبات توزع على الناس , هذا وصف جاء في الكتاب والسنة؛ لأن الذي فرق دينه ليس من الجماعة: ] شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ [ , يقول: إن الله جل وعلا نوصفه بالسمع والبصر ما نتأوله , لكن الغضب والرضا نتأولها , نقول: هي الإرادة , معناه أنه ما يغضب , نقول: نعم ما يغضب , (طيب اللي) يعبد الصنم , نقول مثلاً: خالد بن الوليد لما علا جبل أحد وأصبح يرمي النبل على النبي r والسهام على النبي r وعلى الصحابة وقتل من قتل من شهداء أحد , في تلك الحال كان مغضوبًا عليه أو مرضيا عنه؟ عندهم أنه مرضي عنه؛ لأنه بيسلم عقب خمس سنين , ست سنين , هل هذا..
يعني إذًا فثم مخالفة ودخول في صفات الله جل وعلا بالعقليات , هذا خطأ كبير , الأصل الأصيل عندهم أن الشرع تبع للعقل , ولهذا يقول قائلهم: العقل هو القاضي , والشرع هو الشاهد , يعني القاضي (اللي) يقضي في الخصومات (إيش؟) العقل , لكن الشرع شاهد , (تجيب) دليلا من الكتاب والسنة يقول: هذا شاهد , لكن يرجع إلى عقله صح مشاه , ما صح ما احتج به قال: لا , لازم (نشوف) له طريقة.
هذه لا شك أنها ليست طريقة الجماعة , الجماعة هم الذين لم يفرقوا في الدين , أخذوا ما جاء عن الله جل وعلا , ما جاء من الله جل وعلا , وما جاء عن رسول الله r أخذًا واحدًا , نفرق , نأخذ بآية , نقول: هذه نسلم , نمرها , نثبتها , وآية أخرى لا ما نثبتها , (ليش) تفرق بين هذا وهذا؟ ما الفرق بين مسائل الصفات بعضها مع بعض؟ (ليش) تثبت وتنفي؟ (ليش) تقول: هذا يرى الله جل وعلا في الآخرة , ثم تقول: لكن إلى غير جهة , ترد على المعتزلة بخلق القرآن وأنت تقول: إنه مخلوق , (اللي) بين أيدينا مخلوق , لكن القديم غير مخلوق.
يعني إذًا فيه أشياء كثيرة عند الأشاعرة والماتريدية وأشباههم , خالفوا فيها الجماعة قبل أن تتغير الجماعة , الجماعة ما هي؟ قبل أن تحدث هذه الأقوال نرى , يعني قبل أن يحدث القول في الصفات , ما الذي كان عليه المسلمون قبل ذلك؟ مائة سنة الناس ما يعرفون التأويل , يكونون على ضلال , ولا يكون غيرهم أدرك الصواب , وهم لم يدركوه , وفيهم الصحابة , هذا ما يمكن , حدث الخوارج قول الخوارج , بعده ننظر إلى ما كان عليه الناس قبل ظهور الخوارج , قبل الصحابة ما الذي كانوا عليه في مسائل الإيمان , ومسائل الأسماء والأحكام والتكفير... إلى غير ذلك , ما الذي كانوا عليه؟

لا شك أن هذا هو الجماعة , الجماعة في مسألة الإيمان , مسألة الأحكام والأسماء , ما قبل ظهور الخوارج ظهر بعد ذلك القدرية , غيلان الدمشقي , تعرفون معبد الجهني... وإلى آخره , في مسائل القدر الجماعة ما قبل خروجه , يعني تبحث عما قبل , هل ما قبل فيه شيء يدل على.. ما في شك أنه لا يوجد , ولهذا عندك الذين ذكر أنهم من الأشاعرة... إلى آخره , أن الأشاعرة من أهل السنة والجماعة , نقول: أهل السنة نعم , لكن الجماعة نحن نود ونرغب ونتمنى أنهم من أهل السنة والجماعة حقيقة , وليست منحة ولا هوى , لكنهم هل كانوا على الجماعة؟ لا شك أن أهل العلم أمناء في الأوصاف التي علقها الله جل وعلا بمن وعده بالنجاة , أمناء (غير مسموع) الأوصاف لا يجوز لهم أن يوزعوا الأوصاف بمحض اجتهادهم , هذا كذا وهذا كذا.

لا , هم أمناء على الشريعة , فلا بد أن يؤدوا الشريعة على ما ائتمنوا عليه , يطاعون , ما يطاعون , لكن لا بد يقول ما عنده , نعم يأتي أسلوب ما يقول به أن يقول بالتي هي أحسن هذا رعاية مصالح ومفاسد , لكن الكلمة في نفسها لا بد أن تكون حقًّا واضحًة , لا مداهنة فيها ولا مجاملة , الجماعة وصف شرعي , من تحقق به وصف به , من لم يتحقق به فإنه لا يوصف به.
ولا شك أن هذا مما الناس فيه , وخاصة المنتسبين للعلم والبحث , والناس فيه متنوعون , فممن يغلو في أحد الطرفين وممن يتساهل فيجعل الأمور تمشي ودون أمانة في الحكم , ومنهم من توسط وهم الذين تمسكوا بهدي السلف الصالح وبطريقة الجماعة في أنهم لم يقولوا على الله جل وعلا بلا علم.
أسأل الله جل وعلا أن يوفقكم جميعًا إلى ما فيه صلاحكم في دنياكم وفي آخرتكم , وأن يقينا وإياكم العثار , وأن يبارك لنا في الأعمار؛ إنه سبحانه رحيم جواد , وصلى الله وسلم على نبينا محمد.




بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , أما بعد.., فبين يدي الدرس نجيب عن بعض الأسئلة:

سؤال: يقول: أليس البحث والتدقيق في بعض الأمور الغيبية والمستقبلية , وكثرة المباحثات والمطارحات فيها , يعتبر من فضول العلم وإشغال النفس , فيه إشغال بالمفضول عن الفاضل؟ وذلك كبحث هل الحوض قبل الصراط أو بعده؟ وكبحث كفتي الميزان وهل هما حقيقتان أم لا؟ ونحو ذلك من المسائل؟
جواب: هذا السؤال مفيد؛ لأنه ينبئ عن رغبة في طريقة السلف , في بحث المسائل العلمية العقدية , سواء كانت من مسائل الغيب خالصة أم من المسائل التي جرى فيها البحث , والأصل لكل مؤمن أن يكون طالبًا للحق الذي ذكره الله جل وعلا في كتابه أو ذكره النبي r في حديثه , وطلب الحق في هذه المسائل أو طلب العلم في معنى آي القرآن , أو حديث النبي عليه الصلاة والسلام , هذا هو طلب العلم النافع , والآي والأحاديث التي هي فيها ذكر المسائل الغيبية تارةً يكون بحث أهل العلم فيها فيما دل عليه النص , وتارة يكون البحث فيها من جهة الرد على الذي خالف النص.

أما الأول: فكقوله هنا , أو كبحث الميزان مثلاً: هل له كفتان أم لا؟ فإنه جاء في القرآن أن الميزان يوضع ] وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً[ , وقال أيضًا: ] فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنْفُسَهُم [ الآية , وكذلك قوله: ] فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [ , وهذا فيه إثبات الميزان والموازين , وأنها توزن بها الأعمال , وأنه يعلم الناس , يعلم المؤمن إذا ثقل الميزان وإذا خف , وهذه الإيمان بها واجب؛ لأن الله جل وعلا أخبر بها , هذه مسائل غيبية , والسنة دلت على أن الميزان له كفتان كما في أحاديث كثيرة , وأن مقتضى الوزن أن يكون له كفتان.

لهذا من دار حول دلالة الكتاب والسنة , فهذا عقيدة وليس من فضول العلم , بل هذا من العلم النافع الذي يؤمر طالب العلم بتتبعه والإيمان به؛ لأنه ما أخبر الله جل وعلا به إلا ليؤمن به ويعتقد , وما أخبر النبي r بذلك إلا لأنه من العلم النافع.
أما المسألة الثانية , أو الشق الثاني فإنهم يبحثون في مسائل لم يدل الدليل على عين المسألة , ولكن لابد من الخوض فيها ردا على المخالفين , فالأصل في هدي الصحابة رضوان الله عليهم هو إمرار النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة , والإيمان بها والعلم بذلك والحرص عليه , وتتبع العلم في هذه المسائل , هذا ظاهر.

لكن تفصيل الكلام في مسائل لم يأت الدليل بها , ومن جهة التعريفات ومن جهة الدلائل وزيادة بعض الألفاظ الإيضاحية , أو ذكر بعض المسائل الخلافية , مثل هل الحوض قبل أو الصراط قبل؟ وهذه المسائل ليس فيها نص عن الصحابة , ليس فيها قول واضح عنهم , ونشأ كثير من المسائل , نشأ القول فيها لأجل المخالفين , فكثير من مسائل الأسماء والأحكام التي يتكلم فيها الخوارج والمعتزلة , لم يتكلم فيها الصحابة بالتفصيل , تكلم فيها من بعدهم؛ ردا على هذه الفئات لما قويت ولم يندحر شرها.
كذلك في مسائل القدر , نجد أن الصحابة تكلموا في الرد على القدرية النفاة الذين أنكروا العلم , واشتد إنكارهم على ذلك , وأتوا بالأدلة التي فيها إثبات أن من قدر الله جل وعلا علمه I بالأشياء قبل حدوثها , العلم السابق الأزلي , وأن الأمر ليس بمستأنف بل كل شيء يجري بقدر , ثم بعد ذلك أتى الذين ضلوا في هذا الباب فأتوا بمسائل جديدة.
فإذًا بحث أهل السنة والجماعة في المسائل ليس بحثًا فضوليا , وإنما هو بحث لتثبيت دلالة الكتاب والسنة , وألا يتسلط الضالون...

الـوجـه الـثـانـي

... على دلائل الكتاب والسنة بنفيه؛ لأن الواجب الدفاع عن القرآن والسنة وإبقاء دلالة القرآن والسنة , وتوجيه الناس إلى الإيمان بهما وعدم البعد عنهما , فإذا جاء من يشكك في الدلالة , دلالة الآية على العقيدة أو دلالة السنة على العقيدة بأقوال وتعريفات وجب الدخول معه بقدر ما يدفع به شره , والصائل يجب دفعه بحسب القدرة.

والصيال العلمي على أصول الشريعة على الكتاب والسنة , هذا أعظم من الصيال على الأبدان؛ لأن [الصيال على الأبدان مؤقت ويذهب بذهاب بعض الأبدان , لكن الصيال على الشريعة به تحريف الشرع , ولهذا صار أعظم الجهاد , الجهاد في العلم] أعظم من جهاد العدو الذي هو الجهاد غير المتعين , الجهاد العلمي أعظم؛ لأنه به الحفظ , حفظ الشريعة , وليس حفظ الثغور , أو حفظ بيضة أهل الإسلام , بها حفظ الشريعة وبقاء هذه الشريعة للناس حتى يتحقق قول الله جل وعلا: ] فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً [ , وأعظم ما يوغر العدو المحافظة على العلم والبقاء عليه.

والآن , بل قبل ذلك بأزمان إلى الآن الشهوات والحروب على الأبدان هذه [الناس] فيها مد وجزر , يعني تارة يقوى أمر المؤمنين وتارة يضعف , والله جل وعلا يقول: ] وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [ , لكن الصيال على العلم وعلى الكتاب والسنة وعلى دلائل ذلك , وإيقاع الناس في الشبه وبعدهم عن دلائل الشرع , هذا هو الذي يزيل الإيمان والذي به تحصل الشبه , ويقوى جانب الشيطان في البعد عن الديانة , لهذا ما يتكلم فيه أهل العلم , وخاصة المحققين , ليس من فضول العلم في مسائل الاعتقاد؛ لأن هذا بحسب الحال , نعم قد يأتي زمان يكون فيه بحث بعض المسائل من الفضول؛ لأنه ليس ثم حاجة إليها في ذلك الزمن , فيكون بقاؤها عند طائفة قليلة من أهل العلم كفرض كفاية , لكن بحثها وليس ثم حاجة إليها , ليس هذا من صنيع أهل العلم.
لذلك العلماء يذكرون للناس في كل زمان ما يحتاجون إليه , وليس كل ما يعلمون , أو ليس كل ما في الكتب ينقلونه إليهم , لا , ما يحتاجون إليه بحسب ما يعلمون من الزمن , وما فيه من مضادة للأدلة ونحو ذلك.

لهذا مثلاً تجد أنه عندنا في الدروس نفصل في أقوال الأشاعرة والماتريدية والرد عليها وكيف ترد عليها , أكثر من أقوال المعتزلة؛ لأن المعتزلة أقوالهم الباقية الآن الأقوال قليلة , مثل يعني بعض المسائل المشهورة , أما الآن أكثر التآليف وأكثر الآن المضادة والذين ينسبون إلى السلف التأويل وينسبون.. إنما هي من جهة الأشعرية والماتريدية ونحو ذلك , ففهم مذهبهم الآن لطلاب العلم؛ لأجل كثرة الاختلاط وكثرة الكتب المؤلفة في التشكيك في حقيقة مذهب السلف , هذا هو المتعين.
لهذا يختلف هذا باختلاف البلد وباختلاف الزمان والمكان , قد يذهب ذاهب من طلاب العلم إلى بلد يرى الحاجة فيها إلى تفصيل أقوال لا يحتاجها بلد آخر في بعض المسائل , تكون في بلد الناس لا يعلمون , فذكرها والتفصيل فيها ليس من المناسب , فطالب العلم يكون ربانيا , يعلم الناس ما يحتاجون إليه في جهادهم , في فهمهم للشريعة , وفي جهادهم ضد الذين عقدوا ألوية البدعة.

سؤال: من قسم الدعاء إلى دعاء عبادة ودعاء مسألة؟ أين دعاء الثناء؟
جواب: هو دعاء الثناء هو دعاء العبادة؛ لأن الثناء على الله جل وعلا عبادة , فإذا أثنى على الله جل وعلا في دعائه فدعا دعاء عبادة , يعني من أثنى على الله جل وعلا في دعائه فقد دعا دعاء العبادة.

سؤال: يقول: ذكرتم في كتابكم (المنظار) أن الخوف من الجن يدخل في خوف السر الذي عدّه العلماء من الشرك الأكبر , فهل هذا على إطلاقه؟ وهل ينطبق ذلك على من يخاف إيذاء الجن في الأماكن الموحشة كالصحاري والبيوت المهجورة؟
جواب: لا , هو معنى خوف السر , خوف السر ضبطه العلماء في شرح كتاب التوحيد , في مسألة الخوف , خوف السر أن يخاف المرء من غير الله جل وعلا في إيصال الأذى إليه بدون سبب , هذا هو الذي يختص الله جل وعلا به , الله جل وعلا يقدر على العبد مرضا بدون سبب يعلمه , يقدر الموت بدون سبب , يؤذيه بدون ما يعلم , أما إذا كان الشيء له سبب ظاهر , أو كان له سبب لكنه يخشى أن يكون الجن يتسبب فيه فيما.. ويكون سببا طبيعيا مثل الخوف في.. من الدخول في الأماكن المهجورة , أو في الظلام أو نحو ذلك , يخاف من الشياطين ومن الجن , فهذه أسباب.

لكن خوف السر أن يخاف أن يناله الولي , أو أن يناله الجني أو نحو ذلك بغير سبب , يعني أن يعتقد أن عنده قوة وتصرف حيث يؤذيه بدون سبب , وهذا ليس بحاصل , ما مكن الجني من أن يؤذي العباد بدون سبب , الجني هو مثل الإنسي ما يؤذي بدون سبب , فإذا خاف منه أن يوصله إلى الإيذاء بدون أسباب يعني لا اعتداء من الإنسي ولا فعل , يعني.. أو شيء يدل عليه من الجني فهذا لا يجوز , وإذا كان الخوف خوفا طبيعيا , ناتج.. ليس خوف اعتقاد وإنما هو ناتج عن ضعف الإنسان , وليس خوف اعتقاد في الجن , وإنما يخاف من إيذائهم واعتدائهم في مثل البيوت - فهذا قد يدخل في الخوف الطبيعي الذي يخشاه الإنسان , ولا يدخل لا في الخوف المحرم ولا في الخوف الشركي.

فإذن المسألة ليس على إطلاقها , لكن يوضحها لك ضابط خوف السر الذي وصفته لك (مداخلة غير مسموعة) لا , بدون سبب يُمْكنهم أن يعملوه , ما هو بدون سبب ظاهر , قد يقول: هو سبب خفي , قد يعمله ويقول الجني بسبب خفي , ما أدري عنه , لكن هو بدون سبب يمكنهم أن يعملوه , يعني مثلاً أنه يتسلط الجني , يخاف من الجني أن يؤذيه دائمًا , يخاف من الجني أن يتسلط على أولاده , (ليش؟) لماذا يخاف؟ يخاف اعتقاد , ليس خوفًا طبيعيًا , خوف اعتقاد , يعتقد أن الجن يتسلطون.
مثلما كان الكفار إذا نزلوا واديًا قالوا: نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه , يظنون كل واد له جن ويمسكونه , وأنهم يعتدون على الناس , وإنه.. وهذا هو الذي نزل فيه قوله تعالى: ] وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادوهُمْ رَهَقاً [؛ لأن سببه الخوف , الخوف من شيء لا يملكونه , فهذا خوف اعتقاد , خوف السر خوف اعتقاد , يعني يعتقد أن هذا الذي خاف منه يوصل الأذى إليه بدون سبب , بدون سبب يعلمه , بدون سبب معقول , ولكن هو عنده القدرة هذه , فإذا اعتقد هذا الاعتقاد في ولي أو في جني أو نحو ذلك , فهذا هو خوف السر , أما يخاف من مكان مظلم , خاف أن الجن… , هذا قد يدخل في الخوف الطبيعي في بعض الحالات ليس خوف اعتقاد ,

سؤال: هل يقام على ساب الصحابة شيء من العقاب؟
جواب: اليوم عندنا بحث عن الصحابة.

سؤال: هل يجوز قراءة الأخبار الموجودة في كتب الأدب عن الصحابة وما جرى بينهم من الردود؟
جواب: يجوز لمن يقوى على فهم العقيدة , أو عنده أصل شرعي يرجع إليه.

سؤال: ما يحل بالمسلمين هذه الأيام في الشيشان , فهل يجوز القنوت لهم في الفرائض؟
جواب: القنوت , قنوت النوازل هذا مربوط بإذن الإمام , بإذن ولي الأمر , ليس لآحاد الناس أن يقنتوا لمن شاؤوا , ونزلت بالصحابة رضوان الله عليهم نوازل كثيرة فما قنتوا إلا إذا أذن ولي الأمر فإنه يقنت , و (اللي) جرى عليه الأمر في هذه البلاد أنه إذا جرت الفتوى على القنوت , فإنه يرفع بذلك إلى ولي الأمر فيأذن بالقنوت , إذا جاءت الفتوى , فهنا لابد من فتوى , ليس لأحد من الناس في مسجده أن يقنت دون إذن , فالناس في هذا تبع للإمام.
مع أن القول الصحيح في هذا أنه لا تقنت كل المساجد؛ لأنه لما حصل القنوت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام إنما قنت هو في مسجده الأعظم عليه الصلاة والسلام , أما المساجد الأخرى , مسجد قباء ومسجد.. مساجد أخرى , مسجد العالية ومسجد بني زريق , المساجد الأخرى لم تقنت في المدينة , وإنما قنت المسجد الأعظم.

ولهذا الرواية الثالثة عن الإمام أحمد في المسألة , أن الناس تبع للإمام إذا قنت , ما هو بإذا أذن , إذا قنت يعني هنا يقصدون بالإمام يعني في المسجد الأعظم , فليس كل مسجد يقنت , وهذا في الحقيقة هو أولى الأقوال وأحظاها بالدليل؛ لأنه ليس كل المساجد تقنت؛ لأن هذا دعاء وإذا قام به بعض المؤمنين كفى عن الآخرين.
كذلك إذا جاء الإذن بوقتٍ ليس له أن يجعله في وقت آخر , يعني جاء الإذن مثلاً أن يقنت في الفجر فيقتصر على الفجر , ليس له أن يقنت في المغرب أو يقنت في العشاء؛ لأن هذا تبع الفتوى , وليس لآحاد الناس في المساجد أن يجتهدوا.
نكتفي بهذا القدر , اقرأ.

  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


إثبات صفتي الغضب والرضا لله
قال: [والله يغضب ويرضى لا كأحدٍ من الورى] . وهذه جملةٌ حسنة في كلام أبي جعفر ، وهي صريحة في مخالفة مذهب الأشعرية، فإن الأشاعرة لا يثبتون صفة الغضب والرضا، وإذا ذكروه فإنهم يتأولونه، فـالأشعري في بعض كتبه يذكر الغضب والرضا ولكن يتأول ذلك بالإرادة. والإمام الطحاوي لما قال: (والله يغضب)؛ فإن الأصل في كلامه أنه يريد الحقيقة، ومن تأوله من الشراح الأشعرية بأن مراده إرادة الانتقام أو إرادة الإنعام فإن هذا يقال: إنه تأويل لكلام المصنف على خلاف ما أراد. وكان ابن كلاب يثبت لله غضباً ورضا، ومن هنا فإن ابن كلاب أجود حالاً من الأشعري في الصفات، لكنه مع هذا يجعل الغضب الذي يثبته واحداً أزلياً كما يجعل الكلام واحداً أزلياً، ومن هنا فارق ابن كلاب السلف في صفة الرضا والغضب، وأما الأشعري فإنه دونه؛ حيث يتأول الغضب وما في معناه من الصفات على الإرادة، وإن كان الأشعري في الجملة أحسن حالاً من متأخري أصحابه؛ لأن الأشعري هو والمحققون من الأشاعرة، كالقاضي أبي بكر ونحوه يفسرون ذلك بالإرادة، فيفسرونه بصفة، وأما المتأخرون ممن تأثر بالاعتزال كثيراً فإنهم يفسرون ذلك بالمفعولات على طريقة المعتزلة كـأبي هاشم الجبائي ونحوه. ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
والله, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir