دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 03:31 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين...)

والحجُّ والجهادُ مَاضِيَانِ مع أُولِي الأمرِ من المسلمينَ: بَرِّهِم وَفَاجِرِهِم، إلى قيامِ الساعةِ، لا يُبْطِلُهُما شيءٌ ولا يَنْقُضُهما.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) والحجُّ والجهادُ مَاضِيَانِ مع أُولِي الأمرِ من المسلمينَ؛ بَرِّهِم وَفَاجِرِهِم، إلى قيامِ الساعةِ، لا يُبْطِلُهُما شيءٌ, ولا يَنْقُضُهُما.



(1) تَقَدَّمَتْ مسألةُ الصلاةِ خَلْفَ الأَئِمَّةِ، سواءٌ كانوا أَبْرَارًا أو فُجَّارًا، فَنُصَلِّي خَلْفَهُم امْتِثَالًا لأمرِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَنَا بطاعَتِهِم، ونَهَانَا عن مُخَالَفَتِهِم، والصحابةُ – رِضْوَانُ اللَّهِ عليهِم – امْتَثَلُوا أَمْرَهُ، فكانوا يُصَلُّونَ خَلْفَ الأمراءِ، وإنْ كانوا يَفْعَلُونَ بعضَ الكبائرِ، مثلَ الحَجَّاجِ وغيرِهِ.
وهذا الفعلُ من أجلِ جَمْعِ الكلمةِ، هذا مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، خلافَ الخوارجِ والْمُعْتَزِلَةِ.
وقولُهُ: (نَرَى الحَجَّ والجهادَ): يَجِبُ على المسلمينَ كُلَّ سنةٍ أنْ يُقِيُموا الحَجَّ، أَمَّا الأفرادُ: فإذا حَجَّ أحدُهُم مَرَّةً واحدةً فإِنَّهُ تَكْفِيهِ، وَمَن زادَ فَتَطَوُّعٌ.
والذي يُقِيمُ الحَجَّ؟ هو إمامُ المسلمينَ هو الذي يَقُودُ الحَجِيجَ، ويُعْلِنُ يومَ عرفةَ، ويَقِفُ بِهِم بِعَرَفَةَ، ويُفِيضُ إلى مُزْدَلِفَةَ، وهكذا يَتْبَعُونَهُ في المشاعرِ، وسواءٌ الإمامُ أو مَن يَنُوبُ عنهُ، ولا يكونُ الأمرُ فَوْضَى.
وأهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ يَحُجُّونَ مع إمامِهِم، قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (الصَّوْمُ يَوْمَ يَصُومُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ).
هذه أُمَّةُ الإسلامِ، يَصُومونَ جميعًا إذا اتَّفَقَت المَطَالعُ، ويَحُجُّونَ جميعًا، ويُصَلُّونَ العيدَ جميعًا، فالجماعةُ مِن سِمَةِ أهلِ السُّنَّةِ، والافتراقُ من سِمَةِ أهلِ البدعِ والضلالِ. والجهادُ: المرادُ بهِ: قِتَالُ الكُفَّارِ والبُغَاةِ من المسلمينَ وقتالُ الخوارجِ، نُقَاتِلُ مع إمامِ المسلمينَ؛ فَنُقَاتِلُ البغاةَ لِبَغْيِهِم ولَيْسَ لِكُفْرِهِم {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } (الحُجُرَات: 9).
وقتالُ الكُفَّارِ مِن أجلِ نَشْرِ التوحيدِ، وقَمْعِ الشِّرْكِ.
وقتالُ الكُفَّارِ على نَوْعَيْنِ:
النوعُ الأَوَّلُ: قِتَالُ دفاعٍ، وهذه الحالةُ تكونُ في حالةِ ضَعْفِ المسلمينَ، فإِنَّهُ إذا دَاهَمَ العَدُوُّ بلادَهُم وَجَبَ عليهم قتالُهُم، فَيَجِبُ على جميعِ مَن يَحْمِلُ السلاحَ قِتَالُهُم؛ مِن أجلِ دفعِ العدوِّ عن أرضِهِم.
النوعُ الثاني: قتالُ طَلَبٍ، وذلكَ إنْ كَانَ المسلمونَ أقوياءَ، فإنَّهُم يَغْزُونَ العدوَّ في بلادِهِم، ويَدْعُونَهُم إلى اللَّهِ، فإنْ أَجَابُوا وإلا قَاتَلُوهُم من أجلِ إعلاءِ كلمةِ اللَّهِ { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (الأنفال: 39).
ذَكَرَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنَّ الجهادَ مَرَّ بمراحلَ:
المرحلةُ الأُولَى: كَانَ مَنْهِيًّا عنهُ فيها، وهذا يومَ كَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمونَ بِمَكَّةَ، فكانوا مَأْمُورِينَ بِكَفِّ الأَيْدِي وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (النساء: 77)، فالمَنْعُ لأَنَّ المسلمينَ لا يَسْتَطِيعُونَ ولَيْسَ لهم دَوْلَةٌ ولا قُوَّةٌ، وكَانَ اللَّهُ يَأْمُرُ نَبِيَّهُ بالصبرِ والصفحِ والانتظارِ، إلى أنْ يأتيَ الفرجُ، وَمَن قاتَلَ في هذهِ المرحلةِ فإِنَّهُ يكونُ قد عَصَى اللَّهَ ورسولَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ على القتالِ في هذهِ المرحلةِ الإضرارُ بالمسلمينَ وبالدعوةِ، وتَسَلُّطُ الكُفَّارِ على المسلمينَ.
المرحلةُ الثانيةُ: لَمَّا هَاجَرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينةِ وقامتْ دولةُ الإسلامِ، أُذِنَ لَهُ بالقتالِ ولم يُؤْمَرْ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} (الحَجّ: 39، 40) فَأُذِنَ لهم بِدُونِ أَمْرٍ، فكانتْ هذهِ تَهْيِئَةً لهم، فالأمورُ الشاقَّةُ يُشَرِّعُهَا اللَّهُ شَيْئًا فَشَيْئًا؛ مِن أجلِ التسهيلِ على النفوسِ.
المرحلةُ الثالثةُ: أُمِرَ بقتالِ مَن قاتلَ، والكَفِّ عَمَّنْ لم يُقَاتِلْ {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة: 190) وهذا يُسَمَّى قِتَالَ الدَّفْعِ.
المرحلةُ الرابعةُ: لَمَّا قَوِيَ المسلمونَ، وكانتْ لهم شَوْكَةٌ، وللإسلامِ دولةٌ، أُمِرُوا بالقتالِ مُطْلَقًا {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} (التوبة: 5)، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (الأَنْفَال: 39).
فأَمَرَ اللَّهُ بالقتالِ مُطْلَقًا، فَلَمَّا صَارُوا مُتَهَيِّئِينَ ولهم قُوَّةٌ وعندَهُم استعدادٌ، فَشَرَعَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغَزْوِ؛ غَزْوَةِ بَدْرٍ وأُحُدٍ والخندقِ وهكذا، حتى جاءَ الفتحُ، ودَخَلَ الناسُ في دينِ اللَّهِ أفواجًا، ثم تُوُفِّيَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم حَصَلَت الرِّدَّةُ فَقَاتَلَهُم أبو بكرٍ، فَلَمَّا فَرَغَ منهم شَرَعَ في الجهادِ للكُفَّارِ، فَجَيَّشَ الجيوشَ لقتالِ فارِسَ والرومِ، وتُوُفِّيَ، ثم جاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فَوَاصَلَ الفتوحَ حتى أَسْقَطَ دولةَ كِسْرَى وقَيْصَرَ، ونَشَرَ الدينَ وصارَتْ سَيْطَرَتُهُم على جميعِ الأَرْضِ؛ مَشَارِقِهَا ومَغَارِبِهَا، هذا هو القتالُ في الإسلامِ.
وَمَن يُنَظِّمُ القِتَالَ ويَقُودُهُ؟ هو الإمامُ، فَنَحْنُ نَتَّبِعُ الإمامَ، فإنْ أَمَرَنَا بالغزوِ نَغْزُو، ولا نَغْزُو بغيرِ إذنِ الإمامِ؛ فهذا لا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ من صلاحِيَّاتِ الإمامِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} (التوبة: 38).

فالقتالُ مِن صلاحِيَّاتِ الإمامِ، فإذا اسْتَنْفَرَ الإمامُ الناسَ للقتالِ وَجَبَ على كُلِّ مَن أَطَاقَ حَمْلُ السلاحِ، ولا يُشْتَرَطُ في الإمامِ الذي يُقِيمُ الحَجَّ والجهادَ أن يكونَ غيرَ عاصٍ، فقدْ يكونُ عندَهُ بعضُ المعاصِي والمخالفاتِ، لكنْ ما دامَ أَنَّهُ لم يَخْرُجْ من الإسلامِ فَيَجِبُ الجهادُ والحَجُّ مَعَهُ، وصلاحُهُ وقُوَّتُهُ للمسلمينَ وفسادُهُ على نفسِهِ، أَمَّا الجهادُ والحَجُّ فَفِي صالحِ المسلمينَ، كذلكَ الصلاةُ، فإنْ أصابَ كُنَّا مَعَهُ، وإنْ أخطأَ فَنَتَجَنَّبُ إساءَتَهُ، لكنْ لا نَخْرُجُ ونَشُقُّ عَصَا الطاعةِ، هذا مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وعليهِ تقومُ مصالحُ المسلمينَ.
أَمَّا أَهْلُ البِدَعِ والضلالِ فَيَرَوْنَ الخروجَ على وُلاَةِ الأمورِ، وهذا مذهبُ الخوارجِ، ونحنُ نَبْرَأُ إلى اللَّهِ من هذا المذهبِ.


  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: ( والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين، برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما ).

ش: يشير الشيخ رحمه الله إلى الرد على الرافضة، حيث قالوا: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج الرضى من آل محمد، وينادي مناد من السماء: اتبعوه ! ! وبطلان هذا القول أظهر من أن يستدل عليه بدليل. وهم شرطوا في الإمام أن يكون معصوماً، اشتراطاً، من غير دليل ! بل في صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، [وتصلون عليهم] ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلت: يا رسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعته. وقد تقدم بعض نظائر هذا الحديث في الإمامة. ولم يقل: إن الإمام يجب أن يكون معصوماً. والرافضة أخسر الناس صفقة في هذه المسألة، لأنهم جعلوا الإمام المعصوم هو الإمام المعدوم، الذي لم ينفعهم في دين ولا دنيا ! ! فإنهم يدعون أنه الإمام المنتظر، محمد بن الحسن العسكري، الذي دخل السرداب في زعمهم، سنة ستين ومائتين، أو قريباً من ذلك بسامرا ! وقد يقيمون هناك دابة، إما بغلة وإما فرساً، ليركبها إذا خرج ! ويقيمون هناك في أوقات عينوا فيها من ينادي عليه بالخروج. يا مولانا، اخرج ! يا مولانا، اخرج ! ويشهرون السلاح، ولا أحد هناك يقاتلهم ! إلى غير ذلك من الأمور التي يضحك عليهم منها العقلاء ! !
وقوله: مع أولي الأمر برهم وفاجرهم - لأن الحج والجهاد فرضان يتعلقان بالسفر، فلا بد من سائس يسوس الناس فيهما، ويقاوم العدو، وهذا المعنى كما يحصل بالإمام البر يحصل بالإمام الفاجر.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 02:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


قال بعدها: " والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين, برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة,لا يبطلهما شيء, ولا ينقضهما".
يريد بذلك رحمه الله تقرير مسألة من المسائل الفقهية, التي صار القول بها علمًا على أهل السنة مخالفة للروافض والخوارج أيضاً, وهي أن الإمارة والولاية يُمضى مع أهلها, يعني: مع الأمير أو ولي الأمر في الطاعة والمعروف, والحج والجهاد والعبادات جميعاً، سواءً أكان برًّا أو فاجرًا، وسواء أكان مطيعاً أو عاصيًا, وسواء أكان كاملاً كالخلفاء الراشدين، أم كان يخلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً كغيرهم؛ وذلك لأن الحج عبادة عظيمة, يجتمع فيها الخلق الكثير, فلابد أن تقام عبادة لله –جل وعلا- ثم لابد أن يكون فيها ولها أمير يسير الناس, وإلا لكانوا فوضى فيما يرون؛ لأن أهواء الناس لأحد لها، ولا غاية لها، والجهاد فيه مقابلة الأعداء والنكاية بهم, وإذلال العدو, وهذا لا يكون إلا بولاية, والولاية هي التي تسير هذا الأصل, وبره: برُّ الولي.. ولي الأمر, أو عدم بره: صلاحه أم فساده, هذا يرجع إلى نفسه, وهذه الأمور أمور العبادات من المعروف الذي يجب على المسلم أن يطيع فيه, ومن البر والتقوى التي يجب أن يتعاون مع ولاة الأمر فيه, كما قال جل وعلا:]وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [. خطاب لجميع المؤمنين لجميع طبقاتهم، ونذكر بعض المسائل:

الأولى:
أن المخالف في هذا الأصل هم الروافض والخوارج, أو من شابه الخوارج, أما الروافض فامتنعوا من الحج والجهاد مطلقاً, حتى يخرج المعصوم, وهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم, وهو المدعو محمد بن عبدالله العسكري, الذي يزعمون أنه دخل السرداب, وكان صغيرًا, دخلت به أمه وهم ينتظرون خروجه، فلم يحجوا, أو رأوا أن الحج غير قائم, لا يرونه إلا مع معصوم، وكذلك الجهاد لا يرونه إلا مع معصوم، وليتهم أخذوا بهذا, وانتظروا خروجه, ولم يشغلوا المسلمين ببدعهم وفتنتهم.

أما الخوارج فعندهم أن هذه الأعمال إنما هي تبع للولاية, والولاية عندهم لا تصلح فيمن لم يكن بَرَّا, فلابد أن يكون الإمام برًّا صالحاً تقيًا كاملاً حتى يُجاهد معه، وحتى يُحج معه، وإلا نصَّبوا لهم أميراً, وصاروا يجاهدون معه, ويحجون معه, ولا يدينون بدين الجماعة، وهذا ظهر منهم في خلافهم لعثمان -t-، ثم في خلافهم لعلي -t-، ثم في قتالهم لخلفاء بني أمية إلى آخره.
وممن يشبه الخوارج في ذلك من لم ير الطاعة. طاعة في الحج والجهاد, وما فيه مصلحة عامة للمسلمين, وما هو من البر والتقوى والجهاد, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا مع الإمام الصالح, الذي ليس عنده فساد, أو ليس عنده محرمات، وهذا قول يلحق بأقوال الخوارج؛ لأن الحج والجهاد وكل أنواع المعروف أوجب النبي r الطاعة فيها, فقال: ((إنما الطاعة في المعروف)). والمعروف هو ما عرف في الشرع: أنه ليس بمعصية، وأعلاه الطاعات التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا.

المسألة الثانية:
قوله: " إلى قيام الساعة ".
هذا المقصود منه إلى قرب قيام الساعة, يعني: إذا كان يوجد ولي أمر مسلم وجماعة وإمام وأناس يحجون, ويجاهدون, والذي دلت عليه الأحاديث أنه يترك ذلك قبل قيام الساعة, ولا يبقى في الأرض من يقول: الله الله. يعني: أطع الله أطع الله, أو اتق الله اتق الله, وهذا كثير عند أهل العلم, حتى في العقائد يذكرون إلى قيام الساعة, يريدون به ما يقرب منها مما هو زمن وجود المؤمنين.

المسالة الثالثة والأخيرة:
قوله: " لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما".
يعني: لا يبطل الحج شيء من معصية الولاة، ولا ينقض الحج والجهاد مع ولاة الأمر شيء من فجورهم أو نقصهم؛ لأن هذه من العبادات العظيمة, فلا تبطل بمخالفة المرء على نفسه, بل يجب القيام بها، الحج مع المسلمين والجهاد مع المؤمنين بأمر عام,وهذا الأصل الذي ذُكر تذكرونها في أول الكلام, هذا مضى عليه هدي الصحابة رضوان الله عليهم، فقد حج عدد من الصحابة, أو حج الصحابة في عهد بعض ولاة بني أمية، وكان فيهم من النقص ما فيهم.

بل أُمِّر الحجاج بن يوسف الثقفي على الحجيج من قبل والي بني أميَّة، والحجاج معروف بسفكه للدماء وظلمه وعدوانه, وعدم رعايته للعلماء، ولا لنفوس المؤمنين, مع ذلك أُمِّر على الحج, وكان عالم الحج ابن عمر t؛ لأنه كان هدي السلف أن يكون ثم أمير, وثم عالم يفتي الناس، فكان ابن عمر هو الذي يفتي الناس, وكان قيل للحجاج: لا تعمل شيئاً من أمور الحج إلا بأمر ابن عمر، يعني: في مناسك الحج، فحج معه ابن عمر وصلى وراءه في حجة الوداع يوم عرفة, أتاه عند زوال الشمس, وقال: اخرج.
قال: أفي هذه الساعة يا أبا عبدالرحمن.
قال: نعم. سنة أبي القاسم عليه الصلاة والسلام, فخرج, فخطب الناس, ثم صلى بهم الظهر والعصر، وكان ممن صلّى خلفه ابن عمر وطوائف من الصحابة وسادات التابعين.
فهذا الأصل كثير عند السلف, كانوا يفعلونه, وتلقوه جيلاً بعد جيل في مضي الحج والجهاد مع ولاة الأمر مهما كانت مرتبهم؛ لأن ذلك فيه إعلان للدين, وإعانة على الحق والهدى.

  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 11:39 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


الحج والجهاد مع ولاة الأمور
قال: [والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما] . مراده بذلك الرد على الرافضة الذين يرون أن الحج والجهاد أو الجهاد بوجهٍ خاص يكون مع الإمام، وهذه من أصولهم وأغلاطهم المعروفة، ومعلوم أن هذا الإمام الذي يتكلمون عنه قد غاب أو لم يوجد، بل قد مات من سنوات وهو في حال صباه، ويزعمون أنه منتظر، ومثل هذه المسائل قد عفا الزمن والعقل على الوقوف عندها، وإنما هذا نوع من الجهل والجاهلية التي ابتلي من ابتلي بها من الجهال. ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
والحج, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir