دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 03:30 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (ونرى المسح على الخفين...)

ونَرَى المسحَ على الخُفَّيْنِ، في السفرِ والحَضَرِ، كما جاءَ في الأثرِ.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 07:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) ونقولُ: اللهُ أَعْلَمُ فيما اشْتُبِهَ علينا عِلْمُهُ.
(2) ونَرَى المسحَ على الخُفَّيْنِ، في السفرِ والحَضَرِ، كما جاءَ في الأثرِ.



(1) هذه مسألةٌ عظيمةٌ - وهي مسألةُ العلمِ - فالإنسانُ لا يقولُ ما لا يَعْلَمُ، إنْ عَلِمَ شيئًا قَالَ بهِ، وإنْ جَهِلَ شيئًا فلا يقولُ بهِ، ولا يقولُ في أمورِ الدينِ والعِبَاداتِ ولا يَدْخُلُ فيها بغيرِ عِلْمٍ، بلْ يَتَوَقَّفُ، ويقولُ: اللَّهُ أَعْلَمُ.
والإمامُ مالكٌ إمامُ دارِ الهجرةِ، جَاءَهُ رَجُلٌ فسألَهُ عن أربعِينَ مسألةً، فأجابَ عن أربعٍ منها، وقَالَ في الباقِي: لا أَدْرِي. فقَالَ الرجلُ: أَنَا جِئْتُكَ من كذا وكذا على راحِلَتِي وتقولُ: لا أَدْرِي؟ قَالَ لَهُ الإمامُ: ارْكَبْ رَاحِلَتَكَ، وارْجِعْ إلى البلدِ الذي جِئْتَ منهُ، وقُلْ: سَأَلْتُ مالِكًا فقَالَ: لا أَدْرِي!!
والنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سُئِلَ عن شَيْءٍ لم يُنَزَّلْ عليهِ فيهِ وَحْيٌ فإِنَّهُ يَنْتَظِرُ حتى يَنْزِلَ عليهِ وَحْيٌ، كذلكَ الصحابةُ إذا سَأَلَهُم رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شَيْءٍ لا يَعْلَمُونَهُ قالوا: (اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ)، لا يَتَخَرَّصُونَ. فهذا البابُ عظيمٌ وخطيرٌ، واللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ القولَ عليهِ بغيرِ عِلْمٍ مرتبةً فوقَ الشركِ بهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الأَعْرَاف: 33)، وقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} (الإِسْرَاء: 36).
يا أَخِي، يَسَعُكَ أنْ تقولَ: لا أَدْرِي، وَمَنْ قَالَ: لا أَدْرِي، فقدْ أَجَابَ، ولا تَتَخَرَّصْ وتَخُضْ في أحكامِ الشرعِ بِغَيْرِ بَصِيرَةٍ، وقولُهُ: لا أَدْرِي، فيما لا تَعْلَمُ، لَيْسَ نَقْصًا فيكَ، بل العكسُ، هو كمالٌ؛ لِأَنَّهُ وَرَعٌ وتَقْوًى، والناسُ يَحْمَدُونَكَ على هذا.
كثيرٌ من المُنْتَسِبِينَ إلى العلمِ – وبخاصَّةٍ في هذهِ الأزمنةِ المتأخرةِ التي قَلَّ فيها الفقهاءُ, وكَثُرَ القُرَّاءُ – يُفْتُونَ ويَحْكُمُونَ ويَتَخَبَّطُونَ في الأحكامِ الشرعِيَّةِ في وسائلِ الإعلامِ وغيرِهَا بغيرِ بصيرةٍ، وَمِن فَضْلِ اللَّهِ أَنَّهُم انْكَشَفُوا أمامَ الناسِ بِجَهْلِهِم، وفَضَحَهُم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ولو أَنَّهُم سَتَرُوا أَنْفُسَهُم وَتَوَقَّفُوا عَمَّا لَيْسَ لهم بهِ عِلْمٌ وَتَوَرَّعُوا, لكَانَ ذلكَ أَكْمَلَ وأَجَلَّ لهمْ عندَ اللَّهِ وعندَ الناسِ، فَلْنَعْتَبِرْ بهذا.

(2) لِمَاذا جاءَ بهذهِ المسألةِ – وهيَ مسألةٌ فِقْهِيَّةٌ – في العقيدةِ؟
لأنَّ هذهِ المسألةَ أَنْكَرَهَا المُبْتَدِعَةُ، وأَثْبَتَهَا أهلُ السُّنَّةِ، والمَسْحُ على الخُفَّيْنِ تَوَاتَرَتْ بهِ الأحاديثُ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومِمَّن اشْتَهَرَ عنْهُم إنكارُ المسحِ على الخُفَّيْنِ: الرافضةُ، ويُخَالِفُونَ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ في ذلكَ، ويُخَالِفُونَ الأحاديثَ الثابتةَ، فالمسحُ ثابتٌ، يومٌ وليلةٌ للمقيمِ، وثلاثةُ أيامٍ بِلَيَالِيهِنَّ للمسافرِ، وهذهِ رخصةٌ وتَسْهِيلٌ من اللَّهِ على عِبَادِهِ.
فالرافضةُ يُنْكِرُونَ المَسْحَ على الخُفَّيْنِ، ويقولونَ بالمسحِ على الرِّجْلَيْنِ،وهذا مِن أكبرِ المُغَالَطَةِ، فلا أَحَدَ يقولُ بالمسحِ على الرِّجْلَيْنِ، وهكذا مَن تَرَكَ الحقَّ ابْتَلاَهُ اللَّهُ بالباطلِ.
اسْتَدَلَّ الرافضةُ على المَسْحِ على الرِّجْلَيْنِ: بقولِهِ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ} (المَائِدَة: 6) بقراءةِ الجرِّ، حَيْثُ عَطَفَ الأَرْجُلَ على الرُّؤُوسِ في هذهِ القراءةِ، والرؤوسُ مَمْسُوحَةٌ. وعندَهُم الكعبانِ مَعْقَدُ الشِّرَاكِ، مَجْمَعُ القدمِ مع العقبِ وَيُسَمَّى عَرْشَ الرِّجْلِ.
وعندَ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ أنَّ المرادَ بالكَعْبَيْنِ: العظمانِ الناتِئَانِ في أسفلِ الساقِ، مَجْمَعِ الساقِ مع الرِّجْلِ، فالمسحُ للرجْلَيْنِ باطلٌ؛ لأَنَّ المشهورَ من قراءةِ الآيةِ: الفتحُ، عَطْفٌ على المغسولاتِ، على {وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} (المائدة: 6) وَأَدْخَلَ الممسوحَ بينَ المغسولاتِ من أجلِ الترتيبِ، ولو أَخَّرَ لَفُهِمَ أنَّ مَسْحَ الرأسِ يكونُ بعدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ.
أَمَّا قراءةُ (وَأَرْجُلِكُمْ) بالجرِّ فهي صحيحةٌ، ولكن عنها أربعةُ أَجْوِبَةٍ: الجوابُ الأَوَّلُ أنْ وَجْهَ الجرِّ هنا على
المُجَاوَرَةِ، وهذهِ لُغَةٌ عندَ العربِ، مثلَ أنْ تَقُولَ: هذا جُ
حْ
رُ ضَبٍّ خَرِبٍ، خَرِبٍ ليستْ صِفَةً لِضَبٍّ، إِنَّمَا هيَ صِفَةٌ
لِجُحْرٍ، وجُحْر
ٌ مرفوعٌ.

ولكنْ مِن أجلِ المجاورةِ، وَمِن أجلِ سهولةِ النُّطْقِ جُرَّتْ للمجاورةِ.
والثاني: أنَّ المرادَ بالمسحِ: الغَسْلُ، فالغَسْلُ يُسَمَّى مَسْحًا، تقولُ: تَمَسَّحْتُ بالماءِ، يعني: اغْتَسَلْتُ بهِ، فالمرادُ بِمَسْحِ الرِّجْلَيْنِ غَسْلُهُمَا، بِدَلِيلِ قراءةِ النَّصْبِ.
الجوابُ الثالثُ: أنَّ المشهورَ مِن القراءتَيْنِ: قراءةُ النصبِ. وهنا لا إشكالَ.
الجوابُ الرابعُ: أنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ هو صفةُ وضوءِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي نَقَلَهَا عنهُ أصحابُهُ، لم يَرِدْ في حديثٍ واحدٍ – ولو ضعيفٌ– أنَّ رسولَ اللَّهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ مَسَحَ رِجْلَيْهِ، وكذلكَ ما ثَبَتَ ذلكَ عن أصحابِهِ، بل لَمَّا رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا في رِجْلِهِ لُمْعَةٌ لم يُصِبْهَا الماءُ، أَمَرَهُ بإعادةِ الوضوءِ، وقَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ). لأَنَّ صاحِبَهَا يَغْفُلُ عنها، وقد لا يُصِيبُهَا الماءُ، وذلكَ بِسَببِ التَّسَاهُلِ والغَفْلَةِ، والأمرُ في هذا واضِحٌ.


  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: ( ونرى المسح على الخفين، في السفر والحضر، كما جاء في الاثر ).

ش: تواترت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين، والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة، فيقال لهم: الذين نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء قولاً وفعلاً، والذين تعلموا الوضوء منه توضؤوا على عهده وهو يراهم ويقرهم، ونقلوه إلى من بعدهم -: أكثر عدداً من الذين نقلوا لفظ هذه الآية. فإن جميع المسلمين كانوا يتوضؤون على عهده، ولم يتعلموا الوضوء إلا منه، فإن هذا العمل لم يكن معهوداً عندهم في الجاهلية، وهم قد رأوه يتوضأ ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى، ونقلوا عنه ذكر غسل الرجلين في ما شاء الله من الحديث، حتى نقلوا عنه من غير وجه، في كتب الصحيح وغيرها، أنه قال: ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار.
مع أن الفرض إذا كان مسح ظاهر القدم، كان غسل الجميع كلفة لا تدعو إليها الطباع، كما تدعو الطباع إلى طلب الرياسة والمال، فلو جاز الطعن في تواتر صفة الوضوء، لكان في نقل لفظ آية [الوضوء] أقرب إلى الجواز، وإذا قالوا: لفظ الآية ثبت بالتواتر الذي لا يمكن فيه الكذب ولا الخطأ، فثبوت التواتر في نقل الوضوء عنه أولى وأكمل، ولفظ الآية لا يخالف ما تواتر من السنة، فإن المسح كما يطلق ويراد به الإصابة - كذلك يطلق ويراد به الإسالة، كما تقول [العرب]: تمسحت للصلاة، وفي الآية ما يدل على أنه لم يرد بمسح الرجلين المسح الذي هو قسيم الغسل، بل المسح الذي الغسل قسم منه، فإنه قال: إلى الكعبين، ولم يقل: إلى الكعاب، كما قال: إلى المرافق، فدل على أنه ليس في كل رجل كعب واحد، كما في كل يد مرفق واحد، بل في كل رجل كعبان، فيكون تعالى قد أمر بالمسح إلى العظمين الناتئين، وهذا هو الغسل، فإن من يسمح المسح الخاص يجعل المسح لظهور القدمين، وجعل الكعبين في الآية غاية يرد قولهم. فدعواهم أن الفرض مسح الرجلين إلى الكعبين، اللذين هما مجتمع الساق والقدم عند معقد الشراك - مردود بالكتاب والسنة.
وفي الآية قراءتان مشهورتان: النصب والخفض، وتوجيه إعرابهما مبسوط في موضعه. وقراءة النصب نص في وجوب الغسل، لأن العطف على المحل إنما يكون إذا كان المعنى واحداً، كقوله:
فلسنا بالجبال ولا الحديداً
وليس معنى: مسحت برأسي ورجلي - هو معنى: مسحت رأسي ورجلي، بل ذكر الباء يفيد معنى زائداً على مجرد المسح، وهو إلصاق شيء من الماء بالرأس، فتعين العطف على قوله: وأيديكم. فالسنة المتواترة تقضي على ما يفهمه بعض الناس من ظاهر القرآن، فإن الرسول بين للناس لفظ القرآن ومعناه. كما قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: عثمان بن عفان، و عبد الله بن مسعود، وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا معناها. وفي ذكر المسح في الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجلين، فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً. والمسألة معروفة، والكلام عليها في كتب الفروع.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 02:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم,الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال العلامة الطحاوي –رحمه الله-: [ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر, كما جاء في الأثر, والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين, برّهم وفاجرهم, إلى قيام الساعة, لا يبطلهما شيء , ولا ينقضهما, ونؤمن بالكرام الكاتبين؛ فإن الله قد جعلهم علينا حافظين, ونؤمن بملك الموت الموكّل بقبض أرواح العالمين ].
الشيخ: (بس) يكفي.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم,الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه, اللهم نسألك العلم النافع, والعمل الصالح, والمغفرة للذنوب, والقبول للعمل, اللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين, ووفقنا إلى ما تحب وترضى إنك جواد كرم… أما بعد.

فيقول العلامة الطحاوي –رحمه الله-: "ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر, كما جاء في الأثر". يريد بذلك أن أهل السنة والجماعة المتبعين للآثار لا يعارضون الآثار الثابتة عن رسول الله r, وعن صحابته الكرام بالأقيسة أو بالدلالات العقلية, وإنما يجعلونها مقدَّمة على ما هو دونها من القياس والدلالة العقلية ونحو ذلك؛ لأن منهج الاستدلال عندهم أن يؤخذ بما جاء في الكتاب والحديث عن النبي r, وما جاء في القرآن حق, وما جاء به السنة حق, والحق يعضد الحق ولا يعارضه أو يناقضه, بل هذا يدل على هذا, كما أن السنة تدل على القرآن وتبينه، وهذه المسألة كما هو ظاهر. مسألة المسح على الخفين هي من مسائل الفقه, لا من مسائل العقيدة, ولكن أدخلت في مسائل الاعتقاد؛ لأجل أن أهل السنة تميزوا عن غيرهم, تميزوا عن عدد من الفرق, بأنهم يرون المسح على الخفين. والمخالف في ذلك هم الخوارج- أعني: طائفة منهم- والرافضة.

وعدد من الناس مختلفون في أماكنهم, لا ينسبون إلى فرقة من الفرق, فلأجل مخالفة تلك الفرق صارت المسألة من المسائل العقديّة؛ لأنها تميِّز أهل العقيدة الحقة من الفرق الباطلة, فصارت هذه المسألة -وهي المسح على الخفين- صارت علمًا يفرق به ما بين السنّي وما بين الرافضي والخارجي ونحوهما, ولهذا فإن مسائل الاعتقاد أعني: المسائل التي تذكر في العقيدة- في مصنفات أهل السنة في الماضي وفي الحاضر. على أقسام:
منها ما هو في بيان أركان الإيمان الستة.

والقسم الثاني: ما تميز به أهل السنة عن غيرهم في مسائل المعاملة معاملة ولاة الأمر, أو معاملة المبتدع, أو معاملة العصاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, أو التعامل مع صحابة رسول الله r وزوجاته عليه الصلاة والسلام وهكذا.

القسم الثالث: ما هو من المسائل الفروعية, لكن القول بها صار علماً لأهل السنة في مقابلة بعض فرق الضلال, فتذكر في العقائد؛ لأنها ميزة لهم في مقابلة الفرق التي خالفت في ذلك.

القسم الرابع: أخلاق أهل السنة وصفاتهم التي تحلّوا بها من العبادة, واحتقار النفس, والعمل الصالح, والأمر والجهاد, والدعوة والإحسان إلى الخلق والتواضع ونحو ذلك من المسائل, التي ربما ذكرها بعض الأئمة في مصنفات الاعتقاد, وهذه المسألة التي ذكرها الطحاوي هنا من القسم الثالث, وهي المسائل الفروعية, التي صارت علماً لأهل السنة في مقابلة بعض فرق الضلال. وههنا مسائل:

المسألة الأولى:
قوله: " نرى المسح على الخفين". كلمة أرى ونرى إذا قالها العالم فيعني بها ما رآه علماً, وما رآه شرعاً, ليست رأيه المجرد عن الدليل بأنواع الأدلة، وهذا هو الموافق لهذه المسألة ولغيرها, فإذا قال الإمام: أرى أن يكون كذا, فيكون معتمداً على أحد الأدلة, وأنواع الأدلة عن الأصوليين ثلاثة عشر دليلاً منها:
1- وهو أولها النص من القرآن،
2- ثم النص من السنة
3- ثم الإجماع
4- ثم القياس..... إلى آخر الأدلة المعروفة.
والذي يرى هنا المقصود بهم أهل السنة, وهؤلاء منهم أهل الأثر, ومنهم بعض الفرق التي تخالف في الصفات.
فهذه المسألة كما ذكرت لك خالف فيها الروافض والخوارج وأعداد عدد من العلماء أو من الناس مختلفين في فرقهم.

المسألة الثانية:
المسح على الخفين, جاء في الأثر عن النبي r وهو متواتر؛ لأنه منقول عن نحو ثمانين من الصحابة رضوان الله عليهم, فنقله من حيث الدليل بالسنة متواتر, وكذلك نقله فيئام من الأمة, بل نقلته الأمة جيلاً بعد جيل بالرؤية وبالعمل, فهو متواتر نقلاً، ومتواتر عملاً, وأما المسح على الجوارب فليس كذلك؛ لأنه نقل عن نحو سبعة أو ثمانية من الصحابة أو أكثر بقليل، ولهذا المسح على الجوربين فيه خلاف عند أهل السنة بالخلاف الفقهي المعروف, أما المسح على الخفين فهو أصل من الأصول العظيمة في العمل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام تواتر عنه المسح , وفعله صحابته, وتواتر عنهم, ونقلوه نقلا قوليًّا وعمليًّا.

والآثار فيها مسحه عليه الصلاة والسلام على الخفين في أسفاره, وفي الحضر أيضًا, كما قال عليه الصلاة والسلام: ((يمسح المقيم يوماً وليلة. ويمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن)). فهذا معنى قوله في السفر والحضر؛ لأن السنة ماضية في هذا وفي هذا.




الثالثة:
مما استدل به على المسح على الخفين من القرآن قوله –جل وعلا- في آية الوضوء: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ [.
استدل به على أن المسح هنا -مسح الأرجل- يراد به المسح على الخفين, والقراءة هكذا بالجر هي أحد القراءتين السبعيتين, ههنا قراءتان:

القراءة الأولى: "وأرجلَكَم" بنصب الأرجل, عطفًا على المغسولات.

والثانية: "وأرجلِكم" عطفاً على الرأس عند أصحاب هذا القول, يعني: فتكون مجرورة، وهذا الاستدلال فيه نظر, وإن كان محله كتب الفقه، لكن من باب الاستطراد نذكره, فيه نظر؛ لأن المسح على الخفين لا يكون إلى الكعبين، وإنما يمسح ظاهر الخف على ظاهر القدم, وليست السنة أن تستوعب الرجل مسحًا إلى الكعبين، ولهذا صار القول الظاهر في الآية على قراءة الجر أن لها توجيهين:

الأول: أن يكون هذا الجر لأجل المجاورة, والجر بالمجاورة أسلوب عربي معروف كثير الاستعمال، ومنه قول الله جل وعلا: ]إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ [. مع أن الألم هو وصف للعذاب, وأما اليوم فهو ظرف, ولا يوصف اليوم بأنه مؤلم أو ليس بمؤلم، ولهذا صار الظاهر هنا في هذه الآية أن معناها:] إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ [[يعني: عذابًا أليمًا في يوم كما هو القول الأظهر من قولي العلماء هنا, وجُرَّ هنا][1] لأجل المجاورة, فهي أسهل في اللفظ, ولأجل الختام قال: ] عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ [ وأما [في لغة العرب فهو كثير][2] معروف ومنه قول الشاعر:

فظل طُهاة اللحم ما بين [مُنْضِجٍ صَفِيفَ شواءٍ][3] أو قديرٍ مُعجل

ما بين مُنضج صفيف شواء؛لأنها مفعول لاسم الفاعل, صفيف شواءٍ فجر شواء؛ لأنها مضاف إليه، ثم قال:
أو قديرٍ مع أن حقها أن يقول: أو قديراً؛ لأنها معطوفة على ما ينضج, لكنه جرها بالمجاورة.

الوجه الثاني: أن قراءة الجر إذا كانت معطوفة على الرأس؛ فإنه يكون المسح هنا بأن العطف في مقام تسليط الفعل الأول على الجملة الثانية, أو على الاسم الثاني, فكأنه قال: "وامسحوا برؤوسكم، وامسحوا بأرجلكم إلى الكعبين". والمسح هنا لمّا جعل له غاية, وهي أنه إلى الكعبين, دل على دخول الكعبين في المسح, وهذا يدل على أن المسح المراد به هنا الغسل الخفين؛ لأن العرب تطلق على الغسل مسحًا؛ لأنه إمرار خفيف وهو موجود في اللغة.
ومنه قوله تعالى: ] فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ[ يعني: مرّ عليها قتلاً على خفة, فالمسح يكون بمرور على خفة في المسح, الذي هو من الغسل, هو غسل خفيف. وهو مستعمل عندهم حيث يقولون: إن المسح.. يقولون مثلاً: تمسَّحت للصلاة, إذا أراد أن يكون وضؤه خفيفاً.

المسألة الرابعة:
قراءة الجر هذه بأبعد من أن تكون دليلاً على المسح على الخفين، قيل إنها دليل على إبطال المسح على الخفين, وهذا هو الذي يتوجَّه إليه من يتكلم على الآية, وذكره عندكم الشارح, والرد بأوجَه أن يكون بالوجهين السالفين.


[1] هذا الجزء غير موجود بالشريط

[2] غير موجود بالشريط

[3] غير مسموع بالشريط


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 11:38 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


الكلام على تقسيم الدين إلى أصول وفروع
قال المؤلف عليه رحمة الله تبارك وتعالى: [ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر]. قوله: (ونرى المسح على الخفين) مسألة المسح على الخفين هي من مسائل الفروع في الأصل، وإن كان هذا التقسيم وهو تقسيم الدين إلى أصول وفروع، وقد تكلم فيه غير واحد، ومن أخص من تكلم فيه الإمام ابن تيمية رحمه الله. ولكن ينبَّه إلى أنه إذا ذُكر هذا التقسيم على معنى أن الدين منه ما هو أصل ومنه ما هو دون ذلك، فإن هذا صحيح ومجمع عليه ولا خلاف فيه، حتى ولو سمي الذي دون ذلك فرعاً فإن هذا مما يسوغ، وقد كان شائعاً في كلام أهل العلم من المتأخرين، وإنما الذي ينتقده شيخ الإسلام رحمه الله الطريقة الكلامية التي دخلت على بعض الأصوليين والفقهاء حين يقسمون الدين إلى أصول وفروع، فيرتبون على ذلك كثيراً من النتائج، فيقول كثير منهم: إن الأصول هي المسائل العلمية، والفروع هي المسائل العملية، أو يقول بعضهم: إن الأصول هي ما يعلم بالسمع والعقل، والفروع هي ما يعلم بالسمع وحده. ثم يرتب على ذلك نتائج، منها: أن المخالف في الأصول يبدع، وربما يقول بعضهم: المخالف في الأصول يكفر، والمخالف في الفروع لا يكون كذلك..إلخ. مع أن هذه الحدود ليست مناسبة وليست موافقة لهدي السلف رحمهم الله؛ بل ولا لآحاد النصوص وصريحها، فإن قلنا: إن الأصول هي العلميات، فهناك من المسائل العلمية مسائل لا تعد أصلاً، وقد تنازع أهل السنة في رؤية الكفار والمنافقين لربهم سبحانه وتعالى، وهذه المسألة بإجماع السلف وأهل العلم ليست من الأصول التي يبدع ويضلل فيها المخالف، وتنازع الصحابة رضي الله تعالى عنهم في سماع الميت صوت الحي، وتنازع الصحابة رضي الله عنهم كـابن عمر مع عائشة و عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، مع أن هذه المسائل تعد من العلميات. وبالمقابل فإن ثمة مسائل من العمليات هي بإجماع المسلمين من الأصول: كالصلوات الخمس، فإنها فعل وعمل ومع ذلك هي أصل في الإسلام بإجماع المسلمين. ومثله حين يقول بعضهم: الأصول هي ما علم بالسمع والعقل، والفروع ما علم بالسمع وحده، فهناك مسائل كثيرة، هي بإجماع السلف من الأصول، بل ربما بإجماع المسلمين، وهي مع ذلك لم تعلم إلا بالسمع وحده ولم تعلم بالعقل، فمثل هذه لا يجوز أن تسمى فرعاً. وهذا الحد وما يترتب عليه من النتائج مشكل، ولهذا قرر شيخ الإسلام الإعراض عن هذا التقسيم من أصله، ولا يفهم من هذا أن شيخ الإسلام يمنع أن تسمي مسألة القدر أو مسألة الشفاعة أو مسألة الصفات ونحوها مسائل أصول، فإن هذا لا شك أنه غلط في فهم كلامه، فهو في كتبه يسمي هذه المسائل أصولاً، ولا شك أن في الدين ما هو أصل وما هو دونه، وإنما الإشكال طرد هذا التقسيم وما يستعمل فيه من الحد. والقصد أن مثل هذه المسألة لم يكن محلها في الأصل مثل هذه المختصرات المقولة في الاعتقاد وأصول الدين، وإنما ذكرها من ذكرها من أهل السنة لكون الخوارج وطوائف من أهل البدع لا يرون المسح على الخفين، ولكونه حصل وانعقد إجماع السلف على أن المسح على الخفين سائغ بل سنة، أي مضت به السنة النبوية، وإن لم يكن مستحباً على الإطلاق، لهذا الموجب ذكروا هذه المسألة في كتبهم أو في بعض كتبهم. ومن هنا ذهب بعض الفقهاء إلى أن المسح على الخفين أولى من غسل القدمين، وهذا القول قاله طائفة ولكنه ليس راجحاً والذي عليه الجماهير من السلف والخلف أن هذا ليس مشروعاً على الإطلاق، بل المشروع هو الحال المناسبة للإنسان، فلا يتكلف لبس الخفين ولا يتكلف أن يكون بضد ذلك، بل تكون حاله على المناسبة. ......

الخلاف في جواز المسح على الجوارب
وهنا تنبيه إلى مسألة: وهي أن الذي أجمعوا عليه هو المسح على الخفين، وكما قال الإمام أحمد : (فيه أربعون حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم) وأما الجوارب التي تسمى عند الناس اليوم بالشراب ونحوها فإن الإجماع لم ينعقد عليها، بل إن الأئمة الثلاثة: الشافعي و مالكاً و أبا حنيفة ، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد ، لا يرون المسح عليها، وإن كان الصحيح وهو المحفوظ في مذهب الإمام أحمد أنه يمسح على الجوارب كما يمسح على الخفين، لأن هذا جاء عن تسعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وفيه حديث متكلم فيه، والراجح ضعفه ولكن الحجة في ذلك هو عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولم يحفظ لهم مخالف كما قال الإمام أحمد في جواباته. ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ونرى, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir