دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 03:26 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: ( ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف...)

ولا نَرَى السيفَ على أحدٍ من أُمَّةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مَن وَجَبَ عليهِ السيفُ، ولا نَرَى الخروجَ على أَئِمَّتِنَا وَوُلاَةِ أُمُورِنَا، وَإِنْ جَارُوا، وَلاَ نَدْعُو عَلَيْهِم، ولا نَنْزِعُ يَدًا من طَاعَتِهِم.
ونَرَى طَاعَتَهُم من طاعةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرِيضَةً، مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ، وَنَدْعُو لَهُم بالصلاحِ والمُعَافَاةِ.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 06:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 06:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي

(1) ولا نَرَى السيفَ على أحدٍ من أُمَّةِ محمدٍ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مَن وَجَبَ عليهِ السيفُ.
(2) ولا نَرَى الخروجَ على أَئِمَّتِنَا وَوُلاَةِ أُمُورِنَا.
(3) وَإِنْ جَارُوا.
(4) وَلاَ نَدْعُو عَلَيْهِم.
(5) ولا نَنْزِعُ يَدًا من طَاعَتِهِم.
(6) ونَرَى طَاعَتَهُم من طاعةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرِيضَةً، مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ.
(7) وَنَدْعُو لَهُم بالصلاحِ والمُعَافَاةِ.




(1) لا يَجُوزُ قَتْلُ المسلمِ، واسْتِبَاحَةُ دَمِهِ؛ لأَنَّ اللَّهَ عَصَمَهُ بالإسلامِ، قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) فَمَنْ أَظْهَرَ الإسلامَ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَلَمْ يَظْهَرْ منهُ ناقضٌ مِن نواقضِ الإسلامِ، فإنَّ دَمَهُ حَرَامٌ، فلا يَجُوزُ الاعتداءُ عليهِ وسَفْكُ دَمِهِ، قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا, فِي شَهْرِكُمْ هَذَا, فِي بَلَدِكُمْ هَذَا).
قَالَ هذا في خُطْبَتِهِ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ.
هل هناكَ أشدُّ مِن هذا؟ فَحُرْمَةُ المؤمنِ عندَ اللَّهِ أَعْظَمُ من حُرْمَةِ الكعبةِ؛ لأَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَظَرَ إلى الكعبةِ قَالَ: (مَا أَشَدَّ حُرْمَتَكِ! وَحُرْمَةُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ حُرْمَتِكِ). أو كما قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.
وَجَاءَ عنهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ).
الأَوَّلُ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، هو المُحْصَنُ الذي سَبَقَ أنْ وَطَأَ زَوْجَتَهُ في نكاحٍ صحيحٍ, وهما عاقلانِ بالغانِ حُرَّانِ، فإذا زَنَى رُجِمَ حتَّى الموتِ.
الثاني: المسلمُ إذا تَعَدَّى على المسلمِ فَقَتَلَهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وطالَبَ أولياءُ المقتولِ بالقَصَاصِ فَيُقْتَلُ {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (البَقَرَة: 178) أي: فُرِضَ عَلَيْكُمْ، وقَالَ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (المَائِدَة: 45).
والثالثُ: هو المُرْتَدُّ، فَيُقْتَلُ حَدَّ الرِّدَّةِ، وما عَدَا الثلاثةَ فَدَمُ المسلمِ مُحَرَّمٌ حُرْمَةً عَظِيمَةً.
كذلكَ البَغْيُ، إنْ بَغَى على المسلمينَ - ولو كَانَ مُسْلِمًا - فالبُغَاةُ يُقَاتَلُونَ؛ لأَنَّهُم يُرِيدُونَ أنْ يُفَرِّقُوا كلمةَ المسلمينَ، ويَخْرُجُوا على إمامِهِم، فَيَجِبُ قِتَالُهُم {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (الحُجُرَات: 9) وَتُسْتَحَلُّ دِمَاؤُهُمْ مِنْ أَجْلِ كَفِّهِم عن البَغْيِ، ولصيانةِ جماعةِ المسلمينَ وكَلِمَتِهِم وحِفْظِ الأمنِ.
وكذلكَ تُسْتَبَاحُ دماءُ قُطَّاعِ الطريقِ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (المَائِدَة: 33) فَجَزَاؤُهُمْ على حَسَبِ جَرَائِمِهِمْ.
فهؤلاءِ أَحَلَّ اللَّهُ قَتْلَهُم؛ لِدَفْعِ شَرِّهِم وعُدْوَانِهِم.

(2) هذه مسألةٌ عظيمةٌ، فمِن أصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ: أَنَّهُم لا يَرَوْنَ الخروجَ على وُلاَةِ أَمْرِ المسلمينَ {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النِّسَاء: 59).
وقَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ:(مَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي) فلا يَجُوزُ الخروجُ عليهم؛ ولو كانُوا فُسَّاقًا؛ لأَنَّهُم انْعَقَدَتْ بَيْعَتُهُم، وثَبَتَتْ وِلاَيَتُهُم، وفي الخروجِ عليهم, ولو كانوا فُسَّاقًا, مَفَاسِدُ عظيمةٌ، مِن شَقِّ العَصَا، واختلافِ الكلمةِ، واختلالِ الأمنِ، وتَسَلُّطِ الكُفَّارِ على المسلمينَ.
قَالَ شيخُ الإسلامِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: (مَا خَرَجَ قَوْمٌ عَلَى إِمَامِهِمْ إِلاَّ كَانَتْ حَالَتُهُمْ بِعْدَ الْخُرُوجِ أَسْوَأَ مِنْ حَالَتِهِمْ قَبْلَ الخُرُوجِ) أَوْ كَمَا ذَكَرَ.
وهذا حتَّى عندَ الكُفَّارِ، إذا قاموا على وَلِيِّ أَمْرِهِم وخرَجُوا عليهِ، فإِنَّهُ يَخْتَلُّ أَمْنُهُم ويُصْبِحُونَ في قتلٍ وقتيلٍ، ولا يَقِرُّ لهم قرارٌ، كما هو مُشَاهَدٌ من الثَّوْراتِ التي حَدَثَتْ في التاريخِ، فكيفَ بالخروجِ على إمامِ المسلمينَ؟! فلا يَجُوزُ الخروجُ على الأَئِمَّةِ وإنْ كانوا فُسَّاقًا، ما لمْ يَخْرُجُوا عن الدينِ، قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا, عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ) فَالفِسْقُ والمَعَاصِي لا تُوجِبُ الخروجَ عليهم، خِلاَفًا للخوارجِ والْمُعْتَزِلَةِ الذينَ يَرَوْنَ الخروجَ عليهم إنْ كَانَ عندَهُم مَعَاصٍ, وحصَلَ منهم فِسْقٌ، فيقولونَ: هذا هو الأمرُ بالمعروفِ والنَّهْيُ عن المنكرِ، ويَقْصِدُونَ به الخروجَ على وُلاَةِ أمورِ المسلمينَ.
فأُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ خمسةٌ:
الأَوَّلُ: التوحيدُ، ومعناهُ: نَفْيُ الصفاتِ، ويَرَوْنَ مَن يُثْبِت الصفاتِ فهو مُشْرِكٌ.
الثاني: العدلُ، ومعناهُ: نَفْيُ القَدَرِ، فيقولونَ: إنَّ إثباتَ القدرِ جَورٌ وظلمٌ، ويَجِبُ العدلُ على اللَّهِ.
الثالثُ: الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المُنْكَرِ، ويُرِيدُونَ بهِ الخروجَ على أَئِمَّةِ المسلمينَ إنْ كَانَ عندَهُم مَعَاصٍ دونَ الكُفْرِ وهذا هو المُنْكَرُ بنفسِهِ، ولَيْسَ من المعروفِ في شَيْءٍ.
الرابعُ: المَنْزِلَةُ بينَ المَنْزِلَتَيْنِ، وهو الحُكْمُ على أصحابِ الكبائرِ بالخروجِ مِن الإسلامِ، وعَدَمِ الدُّخُولِ في الكُفْرِ، وأَمَّا الخوارجُ فَيَحْكُمُونَ عليهِ بالكفرِ.
الخامسُ: إِنْفَاذُ الوعيدِ، ومعناهُ: أنَّ مَن ماتَ على معصيةٍ, وهي كبيرةٌ من الكبائرِ دونَ الشركِ، فهو خالدٌ مُخَلَّدٌ في النارِ، فهم يُوَافِقُونَ الخوارجَ في مَصِيرِهِ في الآخرةِ، ويُخَالِفُونَ الخوارجَ في أَنَّهُ في مَنْزِلَةٍ بينَ المَنْزِلَتَيْنِ، وَأَلَّفَ فيها القاضي عبدُ الجَبَّارِ – مِنْ أَئِمَّتِهِم – كِتَابًا سَمَّاهُ: شَرْحَ الأُصُولِ الخمسةِ.

(3) الجَورُ معناهُ: الظلمُ، وإنْ تَعَدَّوْا وظَلَمُوا الناسَ بِأَخْذِ أموالِهِم، وضَرْبِ ظهورِهِم، أو يَقْتُلُونَ المسلمَ، فلا يَرَوْنَ الخروجَ عليهِم؛ لقولِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ أُخِذَ مَالُكَ وَجُلِدَ ظَهْرُكَ) فالصبرُ عليهم أَوْلَى من الخروجِ؛ لِمَا في الخروجِ مِن المفاسدِ العظيمةِ، فهذا مِن بابِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِدَفْعِ أعلاهُمَا، وهي قاعدةٌ عندَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، والنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بالصبرِ على جَورِ الوُلاَةِ وَإِنْ ظَلَمُوا وَجَارُوا وَإِنْ فَسَقُوا.

(4) لا يَجُوزُ الدعاءُ عليهِم؛ لأَنَّ هذا خروجٌ مَعْنَوِيٌّ، مثلَ الخروجِ عليهِم بالسلاحِ، وكَوْنُهُ دَعَا عليهِم؛ لِأَنَّهُ لا يَرَى وِلايَتَهُم، فالواجبُ الدعاءُ لهم بالهُدَى والصلاحِ، لا الدعاءُ عليهِم، فهذا أصلٌ من أصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، فإِذَا رَأَيْتَ أَحَدًا يَدْعُو على وُلاَةِ الأمورِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ ضَالٌّ في عَقِيدَتِهِ، ولَيْسَ على مَنْهَجِ السلفِ، وبعضُ الناسِ قد يَتَّخِذُ هذا مِن بابِ الغَيْرةِ والغضبِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكِنَّهَا غَيْرَةٌ وغضبٌ في غيرِ مَحَلِّهِمَا؛ لأَنَّهُم إذا زَالُوا حَصَلَت المفاسدُ.
قَالَ الإمامُ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ – ويُرْوَى ذلكَ عن الإمامِ أَحْمَدَ- يقولُ: (لو أَنِّي أَعْلَمُ أنَّ لي دعوةً مُسْتَجَابَةً لَصَرَفْتُهَا للسلطانِ).
والإمامُ أحمدُ صَبَرَ في المِحْنَةِ، ولم يَثْبُتْ عنهُ أَنَّهُ دَعَا عليهِم أو تَكَلَّمَ فيهِم، بلْ صَبَرَ وكانت العاقبةُ لَهُ، هذا مَذْهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ.
فالذينَ يَدْعُونَ على وُلاَةِ أمورِ المسلمينَ لَيْسُوا على مذهبِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وكذلكَ الذينَ لا يَدْعُونَ
لهم، وهذا علامةُ أنَّ عِنْدَهُم انْحِرَافًا عن عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ.

وبعضُهُم يُنْكِرُ على الذينَ يَدْعُونَ في خطبةِ الجُمُعَةِ لِوُلاَةِ الأمورِ، ويقولونَ: هذهِ مُدَاهَنَةٌ، هذا نِفَاقٌ، هذا تَزَلُّفٌ. سُبْحَانَ اللَّهِ! هذا مَذْهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، بلْ مِن السُّنَّةِ الدعاءُ لِوُلاَةِ الأمورِ؛ لأَنَّهُم إذا صَلَحُوا صَلَحَ الناسُ، فَأَنْتَ تَدْعُو لهم بالصلاحِ والهدايةِ والخيرِ، وإنْ كَانَ عندَهُم شَرٌّ، فهم مَا دَامُوا على الإسلامِ فعندَهُم خيرٌ، فما دَامُوا يُحَكِّمُونَ الشرعَ، ويُقِيمُونَ الحدودَ، ويَصُونُونَ الأمنَ، ويَمْنَعُونَ العُدْوَانَ عن المسلمينَ، ويَكُفُّونَ الكُفَّارَ عنهم، فهذا خيرٌ عظيمٌ، فَيُدْعَى لهم من أجلِ ذلكَ. وما عندَهُم من المعاصي والفِسْقِ، فهذا إِثْمُهُ عليهِم، ولكن عندَهُم خيرٌ أَعْظَمُ، ويُدْعَى لهم بالاستقامةِ والصلاحِ فهذا مذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، أَمَّا مذهبُ أهلِ الضلالِ وأهلِ الجهلِ، فَيَرَوْنَ هذا من المُدَاهَنَةِ والتَّزَلُّفِ، ولا يَدْعُونَ لهم، بل يَدْعُونَ عليهم.
والغيرةُ ليستْ في الدعاءِ عليهم، فإنْ كُنْتَ تُرِيدُ الخيرَ فَادْعُ لهم بالصلاحِ والخيرِ، فاللَّهُ قادِرٌ على هِدَايَتِهِم ورَدِّهِم إلى الحَقِّ، فأَنْتَ هل يَئِسْتَ من هدايتِهِم؟ هذا قُنُوطٌ من رحمةِ اللَّهِ، وأيضًا الدعاءُ لهم مِن النصيحةِ، كما قَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ) قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ). فهذا أصلٌ عظيمٌ يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ، وبِخَاصَّةٍ في هذهِ الأزمنةِ.

(5) (ولا نَنْزِعُ يَدًا مِن طَاعَتِهِم) هذا تأكيدٌ لِمَا سَبَقَ، حتى ولو حَصَلَ منهم ظلمٌ وجَورٌ ومَعَاصٍ وكبائرُ دونَ الشركِ، فإِنَّنَا لا نَنْزِعُ يَدًا من طاعَتِهِم، ولا نَخْرُجُ عليهم ولا نَعْصِيهِم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النِّسَاء: 59) بل نُجَاهِدُ مَعَهُمْ، وَنَشْهَدُ الجُمَعَ والجماعاتِ وَالأعيادَ مَعَهُمْ؛ مِن أَجْلِ اجتماعِ كلمةِ المسلمينَ.

(6) قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59) فاللَّهُ أَمَرَ بطاعةِ وُلاَةِ الأمرِ من المسلمينَ، أَمَّا الكافرُ فلا طاعةَ لَهُ على المسلمينَ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } (النساء: 141) لِأَنَّهُ قَالَ: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} يَعْنِي المسلمينَ. فَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ إِلاَّ إِذَا أَمَرُوا بِمَعْصِيَةٍ، فإِنَّهُ لا طاعةَ لمَخْلُوقٍ في معصيةِ اللَّهِ، فلا تُطِعْهُ في تلكَ المعصيةِ، لكنْ لَيْسَ المعنى أنْ تَخْرُجَ عليهِ وتَنْزِعَ الطاعةَ مُطْلَقًا، بلْ لا تُطِعْهُ في تلكَ المعصيةِ، وأَطِعْهُ فيما عَدَاها، مِمَّا لَيْسَ بمعصيةٍ، وقَالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ).

(7) نَدْعُو اللَّهَ أنْ يُرْجِعَهُمْ إلى الحقِّ، ويُصَحِّحَ ما عندَهُم من الخطأِ، نَدْعُو لهم بالصلاحِ؛ لأَنَّ صلاحَهُم صلاحٌ للمسلمينَ، وهدايَتَهُم هدايةٌ للمسلمينَ، ونَفْعَهُم يَتَعَدَّى لغيرِهِم، فأنتَ إنْ دَعَوْتَ لهم دَعَوْتَ للمسلمينَ.


  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:14 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: ( ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من وجب عليه السيف ).

ش: في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة.

قوله: ( ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ).

ش: قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني. وعن أبي ذر رضي الله عنه. قال: إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف. وعند البخاري: ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة. وفي الصحيحين أيضاً: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، [فإن أمر بمعصية] فلا سمع ولا طاعة. وعن حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال: نعم، فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قال: قلت: ومادخنه ؟ قال: قوم يسنون بغير سنتي، ويهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر، فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم: دعاة على أبواب جهنم. من أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا ؟ قال: نعم، قوم من جلدتنا، يتكلمون بألستنا، قلت: يا رسول الله، فما ترى إذا أدركني ذلك ؟ قال: تلزم جماعة المسلمين، وإمامهم فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك. وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات، فميتته جاهلية. وفي رواية: فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما. وعن عوف بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، فقلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، [فليكره ما يأتي من معصية الله]، ولا ينزعن يداً من طاعته.
فقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر، ما لم يأمروا بمعصية، فتأمل قوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم - كيف قال: وأطيعوا الرسول، ولم يقل: وأطيعوا أولي الأمر منكم ؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله. وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، بل هو معصوم في ذلك، وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله. وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبرعلى جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الإجتهاد في الإستغفار والتوبة وإصلاح العمل. قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. وقال تعالى: أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم وقال تعالى: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك. وقال تعالى: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم، فليتركوا الظلم. وعن مالك بن دينار: أنه جاء في بعض كتب الله: أنا الله مالك الملك، قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، لكن توبوا أعطفهم عليكم.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 01:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: قال رحمه الله تعالى:
ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد r، إلا من وجب عليه السيف، ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا , ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم , ونرى طاعتهم من طاعة الله -U- فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.

الشيخ: (بس) يكفي. قال رحمه الله أيضا: "ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد r، إلا من وجب عليه السيف".
يريد بهذه الجملة أن أهل الحديث والأثر والسنة والجماعة، لا يعتقدون جواز الخروج على هذه الأمة , وتفريق الجماعة بالسيف , وأيضًا لا يرون جواز قتل أحد من هذه الأمة لغير الإمام، الذي بيده الأمر، وهذا منهم تباعًا لما دلت عليه الأدلة من حفظ دم المسلم وعدم جواز إراقته، وأن كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه , ونحو ذلك من الأصول والأدلة التي سيأتي ذكر بعضها إن شاء الله , وأرادوا بذلك أيضاً مخالفة الطوائف التي استباحت دم المسلمين , ورأت الخروج على جماعة المسلمين بعامة , بالخروج على الإمام ولي الأمر , أو بجواز قتل من حكموا هم بردته أو بكفره , وهم طوائف الخوارج والمعتزلة وطائفة ممن ينسبوا إلى الفقه من أتباع المذاهب؛ فإن طائفة من أتباع المذاهب أيضًا، وهم في الجملة منسوبون إلى السنة، تأثروا بمذهب الخوارج في هذا والمعتزلة، ونحو ذلك، فرأوا جواز الخروج كما سيأتي , ورأوا جواز قتل المعين لمن؟ للعامة , ولا يخص ذلك بولي الأمر.

فيريد من ذلك تقرير القول الحق، والمنهج العام لأهل السنة الذي صاحوا به وأعلنوه , وصاحوا بالمخالف فيه، من أنه لا يجوز لأحدٍ أن يخرج على أحد من هذه الأمة بالسيف , ولا على أن تستباح الدماء، ولا دم أحد إلا ببرهان من الله جلا وعلا.

[وفيها]* مسائل:

الأولى: قوله: "لا نرى السيف" هذه الكلمة مصطلح شائع عند العلماء والناس في القرنين بل في القرون الثاني والثالث والرابع , فكان يميز من يحبذ الخروج، ولو لم يدخل فيه بفعله، وإنما يستحسنه لفظًا ويؤيد من يفعله، كان يوصم عند الأئمة بأنه كان يرى السيف , ويوصف من خالفهم – ثناءً عليه – بأنه كان لا يرى السيف , وقد ضعف الأئمة جمعًا من الرواة وقدحوا فيهم، بقولهم: كان يرى السيف. والإمام أحمد حذر من عدد , وكذلك سفيان وغيرهما , ووكيع وجماعة كانوا يحذرون من فلان؛ لأنه كان يرى السيف.

فإذًا مصطلح (لا نرى السيف) هذا يراد به أحد فئتين:

الفئة الأولى: من يرى الخروج على الولاة بعامة , سواء أدخل في الخروج بلسانه ويده، أم كان يراه عقيدةً ,

والثاني: من رأى جواز قتل المعين، إذا ثبت عنده كفر منه أو ردة , ولا يكل ذلك إلى الإمام , السلف يسمون من كان على أحد هذين الوصفين، يقولون: كان يرى السيف , وفي (تهذيب التهذيب) عدة تراجم، كثير من التراجم ممن طعن فيهم، طعن فيهم الأئمة بهذا القول: (كان يرى السيف) ونحو ذلك.

المسألة الثانية:
هذه الجملة دل عليها القرآن والسنة في مواضع كثيرة , منها قوله جلا وعلا: ] فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ [، وقوله: ] فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [ ومنها قوله جلا وعلا: ] وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً [، يعني لا يكون لمؤمن أن يتجرأ ويسفك دم مؤمن واحد إلا خطئاً , أما يتعمد فهذا معه لا يستحق وصف الإيمان؛ لأنه ارتكب هذه الكبيرة العظيمة , التي قال جلا وعلا فيها بعد ذلك: ] وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا [ , ودل عليها أيضًا قول الله جلا وعلا: ] وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى –يعني القتل- فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [، فدل على أن من تجرأ على المقاتلة أنه ليس من أمر الله في شيء، بل خرج عن أمر الله وهو شريعته ودينه الذي جاء به محمد r.

ومنها أيضًا في السنة قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا يحل دم امرئ مسلم، إلا بإحدى ثلاث)) , وفي اللفظ الآخر: ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة))، فهذا يدل على أن الأصل ما أحد يتجرأ، ويسفك الدم، أو يراه , فلا يحل ذلك فعلاً، وكذلك لا يحل أن يعتقد جواز قتل مسلم باقٍ على اسم الإسلام، وهو ليس من هذه الأصناف الثلاثة.

المسالة الثالثة:
قوله: "إلا من وجب عليه السيف" يعني: من الأمة. ووجوب السيف، وجب عليه السيف هذا لمن بيده السيف , وهو ولي الأمر المسلم , فولي الأمر هذا هو الذي بيده أن يسفك الدم؛ تحقيقًا للشرع , لا بمحض الهوى , فيقتل تحقيقاً للشرع، لا بمحض الهوى، ويحكم ويأمر بالقتال، أو يأمر بقتل معين، أو بقتال طائفة، ونحو ذلك , فهو الذي بيده السيف، وهو الذي له هذا الحكم , وليس لآحاد الناس من العلماء أو من العامة، ليس لهم هذا الأمر , يعني أن يقتلوا؛ لأن السيف ليس بيدهم؛ وإنما السيف بيدي ولي الأمر الذي بيده الحل والأمر والنهي، وبيده الأمور في القتال وفي إقامة الحدود وأشباه ذلك.

وهذا يبين أن المسألة التي تظهر في بعض الأمكنة، وهي مسألة الاغتيالات , أن يُغتال من ظاهره الإسلام، أو من لم يحكم عليه ولاة الأمر من العلماء الأمر الديني والحكام والأمراء في الأمر العام، من لم يحكموا عليه بأنه يقتل، فلا يحل لأحد أن يتجرأ على قتله , أو على اغتياله , والنبي عليه الصلاة والسلام إنما أباح اغتيال كعب بن الأشرف في القصة المعروفة؛ لمصلحة عامة، ولأنه هو الإمام , وإلا فالأصل، الأصل العام للشريعة أن هذا الأمر للإمام أولاً، ثم إنه لا يؤاخذ أحد إلا بظهور ذلك منه، وحكم شرعي عليه، فمن ظهرت منه زندقة، أو كفر أو ردة , ولم يحكم عليه ولي الأمر بذلك، فلا يحل لأحد أن ينتهك دمه، وأن يسفك دمه؛ لأنه حينئذٍ له حكم الزنادقة وله حكم المنافقين , والنبي عليه الصلاة والسلام سيرته مع المنافقين ظاهرة , والصحابة ربما علموا أن فلاناً منافق ولم يتجرؤوا على قتله حتى يستأذنوا رسول الله r , واستأذنوه في قتل عدد، فلم يأذن لهم , قال لهم مرة: ((لا، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه)) , وأولئك النفر الذين استهزؤوا ونزل فيهم قول الله جلا وعلا في المستهزئين: ] قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [، والقصة المعروفة في سبب نزولها , ولم يرد أن محمداً عليه الصلاة والسلام قتلهم , ولما حصلت القصة المعروفة قال له: يا رسول الله، أنقتل هؤلاء؟ قال: ((لا، لا يتحدث أن محمداً يقتل أصحابه)) , وكانوا يستأذنونه، فقال عمر، لما حصل من حاطب -y- ما حصل , قال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق , وهذا استئذان من النبي عليه الصلاة والسلام.

فإذًا القاعدة الماضية والتي دلت عليها الأدلة، وسيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وسيرة الصحابة، وكذلك ما قرره الأئمة، من أن الحكم بقتل أحد، أو تنفيذ ذلك، ليس إلا لولي الأمر , وهذا فيه من المصالح العظيمة، وتحقيق المقاصد الشرعية، ما يجب معه الاعتناء بهذا الأصل، وألا يدخل أحد من المسلمين في هذه التبعة العظيمة بقولٍ أو بفعل , ولهذا جاء في الحديث، وفي إسناده بحث، لكن حسنه عدد من أهل العلم , رواه ابن ماجة وغيره: ((من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، لم يرح رائحة الجنة، أو كان من أهل النار)) , وهذا فيه الإعانة على قتل مسلم بشطر كلمة , فكيف من يتكلم بلسانه، ويعين على قتل مسلم، أو يفتي بذلك، وهو ليس من ولاة الأمر؟ من العلماء أو القضاة، أو ممن جعل لهم ذلك.

فالواجب في هذا الأمر رعاية هذا الأصل العظيم، والسلامة في هذا الأصل، ولا يتجرأ أحد على هذا المقام؛ لأن الأصل حرمة دم من أظهر الإسلام , ومن حصل منه ردة، أو علمت منه زندقة، أو نفاق , فيوكل إلى ولي الأمر , ولا يجوز للناس لآحاد منهم أن يفتئتوا على ولي الأمر، وأن يقتلوا، ولو جاز ذلك لتسابق الصحابة –رضوان الله عليهم- على قتل المنافقين، الذين علموا نفاقهم، بل لقتلهم الرسول r , والمسألة منوطة بالمصلحة، وبإذن الإمام، سواء القتل الابتدائي ممن علم نفاقه، أو ردته أو زندقته، أو في الاغتيال الذي فيه قتل دون رجوع إلى الإمام.

نكتفي بهذا القدر، ونقف عند قوله: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا". نجيب على سؤالين، ثم ننتهي إن شاء الله تعالى:

سؤال: يقول: إذا مات رجل في أرض المعركة، هل نشهد له بأنه شهيد؟ ومن أهل الجنة؟ أم لا يجوز؟ وهناك طائفة من الناس يقولون: إن من مات في المعركة شهيد، ويحتفلون بذلك ويعمل عرس للشهيد الذي مات في المعركة، ويزفون الشهيد للحور العين في الجنة، ويوزعون المشروبات الباردة في ذلك , ويهنئون أهل الميت بدخول ابنهم في الجنة , ما هو الحكم الشرعي في ذلك؟
جواب: هذا مما يدخل في هذا الأصل، الذي ذكرنا , وهو أن من مات من أهل القبلة على إحسان نرجو له , وعلى إساءة نخاف عليه , ولا نشهد لأحد بجنة نصا، ولا بأسبابها , هذه كان ينبغي إن أنا أذكرها في الشرح فتضاف عليه وهي مسألة الشهادة بما يدل على الشهادة بالجنة , مثل أن يقال: فلان شهيد , إذا كان شهيدًا فالله جلا وعلا ذكر ونص على أن الشهداء في الجنة , وكذلك الشهادة له بالمغفرة المغفور له، المرحوم، النفس المطمئنة، ونحو ذلك مما هو من أسباب دخول الجنة , فإذا شهد له بهذه الأوصاف، بأنه غفر له، فقد شهد له بأمر غيبي , إذا شهد له بأنه مرحوم، فقد شهد له بأمر غيبي , إذا شهد له بأن نفسه مطمئنة ] ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [، فقد شهد له بالجنة.

فإذًا الشهادة للمعين بالجنة ممنوعة، وكذلك بما يدل على أنه يشهد له بالجنة، مثل الأسباب هذه ونحوها , من ذلك الشهادة له بأنه شهيد , وقد جاء في البخاري –في صحيح البخاري- بحث هذه المسألة، وبوب عليها، هل يقال فلان شهيد؟ وذكر أثر عمر: إنكم تقولون لمن مات في معارككم: فلان شهيد، فلان شهيد، والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله , والله أعلم بمن يُقتل في سبيله؛ لأنه هل كان يقاتل، يريد أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى؟ هذا أمر غيبي , فلذلك لا تجوز الشهادة لمعين، لكن نرجوا له من مات في أرض المعركة نرجوا له الشهادة , نقول: نرجو له أن يكون شهيداً، وهذا تبع للأصل من أننا نرجوا للمحسن، ونخاف على المسيء.

سؤال: تكلمتم أن النصارى كفار، يجوز الجزم بدخولهم النار , فما موقفنا أمام الآيات التي تستثني بعضهم؟
جواب: ما جاء من استثناء بعضهم هو استثناء لمن مات مؤمناً، لمن أسلم، من أسلم منهم فله حكم أهل الإسلام، هذا ما مات على الكفر , كقوله جلا وعلا: ] لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [، هذا في فئة آمنوا، أسلمت , لهذا قال جلا وعلا بعدها: ] وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ [ ونحو ذلك , فهؤلاء فيمن أسلم، وأما من لم يسلم فإنه باقٍ على كفره.

سؤال: إذا لم يكن للمسلمين إمام مسلم يقيم الشرع، مثل الأقليات المسلمة، فهل لرئيسهم المسلم، أو لإمام المسجد أن يقيم الحدود عليهم؟
جواب: هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل وبحث , وهذه كل صورة لها حكمها، وكل بلد لها حكمها، فيلزم أولئك أن يستفتوا أهل العلم ويأخذوا الفتوى، ليس ثم قاعدة؛ لأن كل بلد لها حكمها، وكل أقلية لها حكمها، وقد يدخلون في أشياء بمحض اجتهادهم تكون عليهم ضررًا، تكون تلك الأشياء عليهم ضررًا في عاقبة أمرهم , فلابد من استفتاء أهل العلم الراسخين فيه، وتنزل كل مسألة منزلتها.

سؤال: كيف قتلت حفصة أم المؤمنين الساحرة التي سحرتها؟ وكيف قتل جندب الساحر الذي كان عند الوليد بن عبدالملك؟ وليس لهما من الأمر شيء؟
جواب: آخر السؤال: ليس لهما من الأمر شيء. هذا يحتاج إلى دليل , يعني فيه نوع تأصيل وهو ليس بظاهر , الظاهر العلماء لما ذكروا هاتين الصورتين وأمثالهما، قالوا: إنه مخول لهما ذلك. وما جاء في الأحاديث قد يكون ثم فيه اختصار، ففي أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام يكون اختصار , فكيف بأفعال الصحابة رضوان الله عليهم.
والأصل أنه لا تُعارض الأصول الشرعية والأدلة من الكتاب والسنة، بفعل بعض الصحابة , فإذا فعل أحد من الصحابة فعلاً يخالف الأصول فإننا نرجعه إلى الأصول ونحمله على المحكمات , بل بعض أفعال النبي r، بل بعض آيات القرآن إذا كان فيها اشتباه، ولم يتضح لنا وجهها، وكونها مخالفة للقواعد أو للأصول أو للآيات الأخرى، فنرجعها إليه , فيكون من باب حمل المتشابه على المحكم، وفهم المتشابه بالمحكم أفعال الصحابة –رضوان الله عليهم- ليست حجة بمجردها، فنفهمها على وفق الأدلة , فالعبرة دليل الكتاب والسنة , فعل النبي r سنته , أما فعل الصحابة، الصحابة حصل منهم يعني بعض أو بعض التابعين، حصل منهم خروج أصلاً على الأئمة، وهذا اجتهاد اجتهدوه في بعض المسائل، لكن لا يوافق الأدلة من الكتاب والسنة، ولا يوافق ما قرره الأئمة من الصحابة وأئمة الإسلام في الاعتقاد والاتباع , لهذا كتأصيل لا تعارض الأدلة، بفعل قد يكون لم ينقل جميع أسبابه، قد يكون اختصر إلى آخره.

فإذًا ليس لهما من الأمر شيء، هذه محل نظر، وتحتاج إلى تأمل، يعني في وجه هذه المقولة , وهذا ذكرته لكم مرة في أظن محاضرة بعنوان "قواعد القواعد" في كيف تفهم الأدلة، كيف تفهم أفعال السلف؟ لأن كل واحد يجيء يقول: السلف فعلوا كذا , لكن فعل السلف أقل درجة من نص القرآن , والله جلا وعلا جعل نصوص الوحي منها محكم، ومنها متشابه , وما ضلت الفرق إلا بأخذ المتشابه من كلام الله بأخذ المتشابه من كلام النبي r وعدم الرجوع فيه لي العلماء من الصحابة، والرجوع فيه إلى المحكم , فكيف بمن نزل مراحل واستدل بالمتشابه من أفعال السلف؟ هذا لابد أن يكون عندك فهم كيف تعامل الأئمة والسلف في هذا , ويكون قاعدة لك في حمل المتشابه من أفعالهم على المحكم من النصوص؛ لأن الأصل أنهم لا يخالفون , وإذا لم يكن ثم مجال للحمل فيكون اجتهاد منه خالفوا فيه الدليل، وأمرهم إلى الله جلا وعلا , ولهذا جاء في كلام علي -t- في مقابلته لبعض الفرق، قال: إذا سمعتم بالحديث عن النبي r فظنوا به الذي هو أهناه، وأتقاه، الحديث عن النبي r قد يكون فيه أيضًا مجال شبهة، مثلاً الحديث المشهور، أن رجلاً جاء إلى النبي r، فقال له: يا رسول الله إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال له النبي r: ((غربها)) وفي رواية ((فارقها)) قال: يا رسول الله أخاف أن تتبعها نفسي، وفي الرواية الأخرى قال: يا رسول الله إني أحبها، قال: ((فاستمتع بها)).

قال الإمام أحمد: لم يكن النبي r ليأمره أن يبقيها مع فجورها، ولهذا صار تفسير: إن امرأتي لا ترد يد لامس، ليس معناه أنها تمشي في الفاحشة، كل من جاءها يريدها في نفسها وافقت، وإنما معناه القول الثاني، (اللي) هو قول جمهور العلماء: إنها تتصرف في مالي , ومن أراد من قرابتها، ومن أراد أنها تأخذ من مالي في البيت، تأخذ تعطيه، (اللي) (غير مسموع) شيء تعطيه , فما أفعل؟ يعني تصرفت وأرهقتني في التصرفات المالية إلى آخره , هذه لا ترد يد لامس، يد لامس لها أو يد لامس لمالي، هذا ما ذكر.

فهنا نظن بالنبي r مثلما قال علي، الذي هو أهناه وأتقاه , وهكذا فعل السلف الصالح، نظن بها الذي هو موافق للدليل، هذا الأصل أن تحملها على موافقته أهل السنة، موافقته أفعالهم للدليل , إذا خالفوا الأدلة، فإنها اجتهاد بشر هم يجتهدون ويؤجرون على اجتهادهم، وقد يصيبون وقد يخطئون.
أسأل الله جلا وعلا أن يبارك لي ولكم في العلم والعمل، وأن يقينا العثار، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. سؤال من النساء:

سؤال: ما هي علامة الطهر لامرأة حائضة؟
جواب: المرأة الحائض، أكثر النساء تكون علامة الطهر بخروج سائل أبيض يسمى عند العلماء والفقهاء القَّصَّة البيضاء , وجاءت في الحديث أن النبي r سُئل عن هذا، فقال: ((لا تعجلي حتى تري القصة البيضاء)) هي السائل الأبيض، الذي يخرج تنظيفاً لمجرى الرحم من آثار الحيض , هذا في غالب النساء، ومن النساء من لا ترى هذه القصة البيضاء، السائل الأبيض، وإنما ترى الجفاف , تعرف طهرها بالجفاف , فالمرأة الحائض بحسب ما تراه من نفسها , إذا كانت تعرف أن في آخر الأمر يخرج منها البياض فطهرها بخروج البياض، قبل البياض قد يكون فيه أخلاط , يعني بياض وحمرة، بياض وخيوط من دم، ونحو ذلك , هذا لا تعجل حتى ترى البياض صافياً , ومنهن –وهن قليل- من لا يكون عندها خروج البياض هذا وإنما يكون عندها جفاف , سواء بعد النفاس أو بعد الحيض، تجف فقط ولا ترى من نفسها البياض.

سؤال: وإذا رأت الصفرة في آخر أيام الحيض، هل يعتبر هذا طهارة أم لابد من البياض؟
جواب: الصفرة إذا كانت قبل رؤية الطهر في أثناء الحيض، فهي حيض لها حكمه , وإما إذا كانت بعد رؤية الطهر, رأت البياض ثم بعد يومين رأت صفرة , رأت كدرة , هذه لا اعتبار لها , قالت أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نرى الصفرة والكدرة شيئاً" , فإذا كانت الصفرة والكدرة في زمن الحيض فهي حيض، حتى ترى البياض، وإذا رأت البياض والطهر تاماً ثم بعد يومين ثلاثة , رأت صفرة أو كدرة فلا تلتفت لها حتى ترى الدم الواضح.
بارك الله في الجميع، ونلتقي إن شاء الله الأسبوع القادم.

سائل: بجنة أو نار كيف يعني مقام الشهادة (غير مسموع) يعني ثناء الناس؟
جواب: الثناء الناس أنتم شهود الله في الأرض , أثنى علية الجميع أنتم يقول: ((وجبت له الجنة)) وقال: ((يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار)) قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بالثناء الحسن وبالتنافس هذه شهادة (غير مسموع) (اللي) يثني عليه يعني مثلاً نقول: ابن تيمية (اللي) يثنون عليه الإمام أحد الأئمة الكبار (إيش) نقول فيهم؟ الإمام محمد بن عبد الوهاب , هؤلاء شهد لهم المسلمون جمع غفير في كل بلد , وفي كل هذا عند شيخ الإسلام وهو رواية عن أحمد وعن غيره , أن هؤلاء يجوز الشهادة لهم , لكن القول الصحيح (غير مسموع) أن نرجو للمحسن ونخاف على المسيء.
(مداخلة غير مسموعة) لا الاستفاضة العامة أنتم شهود الله في الأرض , يعني جميع الأمة استفاضة شهادة الأمة.

سؤال: الناس من أولاد المسلمين؟
جواب: أولاد المسلمين في الجنة
قائل: (غير مسموع) أولاد المشركين.
الشيخ: أولاد المشركين موقوفون أو تبع لآبائهم , أو الله أعلم بما هم عاملون , والصحيح أنهم موقوفون , موقوفون, لا نشهد لهم , أما أطفال المسلمين فإذا مات وهو صغير... سقط... أجل الجنس في الجنة أما المعين فلا يشهد له , المعين ما يشهد له أيضاً.

سؤال وهذا قبل البلوغ؟
جواب: قبل البلوغ (غير مسموع)

سائل: (غير مسموع) الغيبة؟
جواب: لا ما يدخل في الغيبة , لا أثني عليه , لا ما يدخل في الغيبة (نقاش غير مسموع بين الحاضرين والشيخ) (بس) الأولى أنه ما يذكره الأولى أنه يسره إذا كان شيئا ما يعلمه إلا هو يعني في شيء يعلمه الناس كلهم واحد معلوم , مثلا واحد فاسد من المروجين للفساد أو كل الناس يعرفون هذا يثنى عليه شر , أن التعذير له تحذير من المجهادة , لكن شخص ما تعلم إلا أنت اثنين ثلاثة هذا يجب ستره ((من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة)).

سائل: (غير مسموع) الحج والعمرة (غير مسموع) جل وعلا: {سواءً}.
الشيخ: سواء.
ـ {سواء العاكف فيه والباد} ما هو القول الرجح؟
ـ في (إيش)؟
ـ.........................

ـ القول الراجح أنه يجوز بيعها وتجوز إجارتها (غير مسموع) وأن ما كان منها عاما واختص فهذا الناس فيه سواء, يعني مثل الحرم والمسجد نفسه الخاص مسجد الكعبة {سواء العاكف فيه والباد} فسواسية الناس فيه سواسية لا من جهة السكن فيما بني , وإنما السكن في الأرض التي لم تبن ـ واضح؟ ـ أما ما تملك منها فهو حق لما لمالكه , فلهذا عمر رضي الله عنه اشترى أرضا , والنبي صلى الله عليه وسلم قال: هل ترك لنا عاقل من دار , فداخله في جواز بيعها وإجارتها هو الصحيح.
والعلماء لهم فيها ثلاثة أقوال: القول الأول: لا يجوز بيعها ولا إجارتها. والثاني: بضده , يجوز بيعها وإجارتها , وهو المفتى به.
والثالث: أنه يجوز بيعها ولا تجوز إجارتها , وهو (اللي) اختاره بعض المشايخ , وقول شيخ الإسلام
ـ...................
ـ الأدلة جاءت في البيع والإجارة عندهم بقيت على الأصل.



سؤال: قال شيخ الإسلام: شرك الكواكب؟
الجواب: يعني: من يعبدون الكواكب (اللي) يضعون لها تماثيل وطلسمات (غير مسموع) يعني: مثل شرك قوم إبراهيم كان بالكواكب يعني: شرك الكواكب يعني الشرك بالكواكب من قال مطرنا بنوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب.

سؤال: لا بالنسبة يا شيخ يعني شرك شرك سماوي يعني إشكال في (غير مسموع) سماوي مثل إضافة شرك الكواكب (غير مسموع)؟
الجواب: يعني: بما في السماء من بروج وكواكب يعني: توسع في العبارة
ـ أحسن الله إليك
ـ ما في بأس إن شاء الله.
ـ...............
ـ حسن إن شاء الله (غير مسموع) في ناس ذاكره عندكم في الطحاوية.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا , نعوذ بك اللهم من فتنة القول، كما نعوذ بك اللهم من فتنة العمل , ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا , ربنا إنك رؤوف رحيم.

سؤال: ورد في (فتح المجيد) حديث زينب زوج عبدالله بن مسعود، أنها كانت تختلف إلى يهودي، فيرقي لها عينها فتهدأ... إلى آخره. ما صحة الحديث؟ وما توجيهه؟
جواب: الحديث هذا معروف، وهو سبب قول ابن مسعود -t- قال رسول الله r: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك))، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود وجماعة , أما قراءة اليهودي وكون اليهودي يرقي، حمله العلماء على أحد وجهين:

الأول: أنه كان يرقيها بذكر الله، بالدعاء العام والرقية تكون...
الشيخ: [بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله، والصلاة]* والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا , نعوذ بك اللهم من فتنة القول، كما نعوذ بك اللهم من فتنة العمل , ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا , ربنا إنك رؤوف رحيم.

سؤال: ورد في فتح المجيد، حديث زينب زوج عبدالله بن مسعود، أنها كانت تختلف إلى يهودي، فيرقي لها عينها فتهدأ... إلى آخره. ما صحة الحديث؟ وما توجيهه؟
جواب: الحديث هذا معروف، وهو سبب قول ابن مسعود t قال رسول الله r: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك))، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود وجماعة , أما قراءة اليهودي , وكون اليهودي يرقي، حمله العلماء على أحد وجهين:

الأول: أنه كان يرقيها بذكر الله، بالدعاء العام والرقية تكون في كتاب الله جلا وعلا وبسنة رسوله r، وبالدعاء الذي ينفع المشتمل على خير، استعانة واستغاثة وتوسل إلى الله جلا وعلا ونحو ذلك , فيحمل على أنه كان يدعو، ورقيته كانت دعاء.

والثاني: حمله طائفة من أهل العلم على أنه كان يرقي بالتوراة , بما يعلمه من التوراة مناسباً للرقية , وهذا الوجه رُجِّح بقول ابن مسعود t: "إنما ذلك الشيطان كان ينخسها بيده" فإذا رقى اليهودي سكنت , وهذا يدل على أن الرقية عنده لم تكن مشروعة على هذا النحو، فلا تحمل على أنها رقية بذكر الله جلا وعلا مطلقة.

سؤال: يقول: أنا ممن يعتنون بالتوحيد والعقيدة السلفية، ولكن أنا مبتدئ في الحقيقة، لا أدري كيف أبدأ؟ وبأي كتاب أبدأ؟ لذا أرجو التوجيه والإرشاد في ذلك.
جواب: ذكرنا لكم عدة مرات، أن طلب العلم يكون بالتؤدة، ويكون شيئاً فشيئاً , ويعتني المرء بمراحل طلب العلم ويأخذ الأول فالأول، لا يرهق نفسه بأشياء لا يستوعبها، أو تكون من المطولات التي ربما يأخذ ويفهم بعضها، ولا يفهم بعضًا آخر ونحو ذلك , بل يبتدئ بالكتب التي اعتنى بها العلماء. وعلم التوحيد والعقيدة على قسمين: التوحيد ويعنى به: توحيد العبادة، وهذا يبدأ فيه برسالة لثلاثة الأصول لإمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله , ثم بالنبذ المعروفة، كالقواعد الأربع، وكشف الشبهات، ونحو ذلك , ثم يقرأ كتاب التوحيد مع شرحه , يعني على أحد العلماء؛ فإنه مرتبة وسطى في معرفة توحيد العبادة وأدلته , ثم إذا أراد أن يتوسع، فيقرأ الشروح المطولة له، كتيسير العزيز الحميد، ونحو ذلك من الحواشي والشروح , ثم بعد ذلك في الأخير، يعتني بكشف الشبهات مرة أخرى، وبفتاوى أهل العلم في مسائل التوحيد، توحيد العبادة؛ لأنها تنزل ما درس على الواقع فيستفيد من ذلك.

القسم الثاني: العقيدة السلفية , وهي المعروفة بكتب العقيدة التي فيها بيان أركان الإيمان، وما يتصل بذلك من منهج السلف رحمهم الله تعالى , وهذه يبدأ فيها فيما ينفع بكتاب لمعة الاعتقاد لابن قدامة صاحب المغني عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي رحمه الله، ثم ينتقل بعدها إلى الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، مع أحد شروحها , ثم مع العقيدة الطحاوية مع شرحها لابن أبي العز الحنفي، وثم كتب كثيرة في العقيدة، في شرح لمعة الاعتقاد، أو شرح الواسطية، أو شرح الطحاوية، أو غير ذلك، وكلها نافعة , لكن كمراتب يعتني بهذه الثلاث مراتب وسيحصل شيئاً كثيراً بإذن الله تعالى.

سؤال: هل الجماعة الواجبة هي جماعة المسجد , أو أنه يجوز أن أقيم الجماعة في المنزل ولا أذهب إلى المسجد وليس عليّ إثم في ذلك؟
جواب: هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم، والخلاف فيها قديم , وأشهر الأقوال فيها ثلاثة:

القول الأول: أن الجماعة سنة، وليست بواجبة , فله أن يصلي منفرداً، ولو من غير عذر، وهذا مذهب عدد من أهل العلم , ويقولون: الجماعة في المساجد فرض على الكفاية.

والقول الثاني: يقول: الجماعة واجبة , ولا تتعين أن تكون في المسجد , فلا يحل له أن يصلي منفردا؛ وذلك للأدلة التي دلت على هذا مما هي مشهورة ومعروفة لديكم.

القول الثالث: هو أن الجماعة واجبة في المسجد لمن سمع النداء، وكل من سمع النداء فليس له أن يتخلف عن الصلاة في المسجد بغير عذر , وهذا القول يدل عليه كثير من الأدلة من القرآن ومن السنة، من أن الجماعة فرض عين، وإذا كانت فرض عين فإنها تؤدى في المكان الذي ينادى فيها , ومن الأدلة لهذا القول من السنة قول النبي عليه الصلاة والسلام للرجل الأعمى الذي قال له: يا رسول الله إن داري بعيدة، وإن بيني وبين المسجد كذا وكذا، وليس لي قائد يلائمني ـ يعني يسير بي إلى المسجد ـ فهل تجد لي رخصة ألا أصلي في المسجد؟ فرخص له رسول الله r , ثم لما انصرف الرجل ناداه وقال: ((هل تسمع النداء؟)). قال: نعم. قال: ((فأجب)).

ويدل عليه أيضاً الحديث الذي في السنن، عن ابن عباس t.. بل عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من سمع النداء ثم لم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر))، فدل هذا على أن الصلاة في المسجد واجبة، بل ذهب الإمام أحمد في رواية، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وينسب إلى ابن حزم وإلى جماعة , أن الصلاة , صلاة الجماعة في المسجد شرط لصحة الصلاة، وليس فقط أنها واجب عيني، بل أنها شرط لصحة الصلاة , ويستدلون بهذا الحديث: ((فلا صلاة له إلا من عذر)), وكونها شرط لصحة الصلاة فيه نظر؛ لأن النفي قد يتوجه إلى نفي الصحة، وقد يتوجه إلى ما دون ذلك، وهذا الحديث نفهمه مع الأحاديث الأخرى في أنها واجبة ولكنها ليست بشرط، والمسألة بحثها في جميع كتب الفقه والحديث.

سؤال: ما جواب من قال بكفر تارك الصلاة تهاونًا عن حديث: ((يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)) وما أشبهه من الأدلة؟
جواب: مثقال الذرة من الإيمان لا يعني أنه أقل من أداء الصلاة، والإيمان إذا وجد فلابد معه من إسلام يصححه , فمن قال: إن تارك الصلاة تهاونًا أو كسلاً يكفر، فإن الأحاديث التي فيها خروج من كان في قلبه مقال ذرة من إيمان خروجه من النار، هذا واضح التوجيه من أن الذرة من الإيمان فيها صحة إيمان , ولا يصح إيمانه حتى يكون معه قدر من الإسلام , وهذا القدر من الإسلام هو أداء الصلاة , فالإيمان باطن، والإسلام ظاهر , والحديث إذا ذكر فيه الإيمان فلا يدل على انعدام اسم الاستسلام بالعمل.

سؤال: هل هناك شيء اسمه علم الظاهر والباطن؟ وهل للنصوص الشرعية ظاهر وباطن؟
جواب: علم الظاهر والباطن هذا ليس من علوم أهل السنة؛ وإنما هو علم يعتني به طائفتان: الباطنية، وهم الإسماعيلية ومن شابههم , والطائفة الثانية: غلاة الصوفية , فهم الذين يعتنون بعلم الظاهر والباطن، ولهم فيه تعريفات وتفصيلات.

أما النصوص الشرعية فلها ظاهر ولها باطن , باعتبار أن الظاهر ما دل عليه منطوق اللفظ , وأن الباطن ما دل عليه المفهوم، وهذه ربما استعملها بعض الأصوليين وربما استعمل هذه اللفظة بعض أهل العلم , وربما جاءت في بعض كتب التفسير عن بعض السلف , فيعنون بها الظاهر ما يفهمه الإنسان من ظاهر الألفاظ , والباطن ما يقتضي التركيب والفهم يعني المفهوم وما يكون مع نوع تأمل وتدبر.

سؤال: من هم الأقارب الذين يأثم العبد إذا لم يصلهم؟ وهل الأخت من الرضاعة يأثم العبد إذا لم يصلها؟
جواب: الواجب هو صلة الرحم، واسم الرحم الذي تجب صلته وتحرم قطيعته يشمل كل من بينك وبينه نسب , من جهة الأب , يعني الأب , الجد , الأعمام , الأبناء , الإخوان , ونحو ذلك، وكذلك من جهة الأم أيضًا، وذلك مثل الخالات؛
لأن الخالة بمنزلة الأم , ومثل أقارب الأم؛ خال الأم , أو عم الأم , ونحو ذلك , هذا من صلة الرحم , وكذلك من الجهة الثالثة: جهة الرضاع؛ فإن الأب من الرضاع والأم من الرضاع توصل , كذلك الأخت من الرضاع توصل، وهكذا , لكن الصلة تختلف بحسب مرتبة الموصول؛ فليست كلها بمرتبة واحدة؛ فصلة الوالدين من أي جهة كان يعني الوالد القريب والوالدة القريبة هذا أعظم من له الحق , جعل الله جلا وعلا حقهما قريناً بحقه، ثم الجد والجدة هم في مرتبة بعد الوالد والوالدة القريبين، ثم جهة الأب، ثم جهة الأم، ثم بعد ذلك تأتي الأب من الرضاع، أو الأم من الرضاع، ونحو ذلك , كذلك الإخوان والأخوات القريبين ثم الأبعد , ومن كان بمنزلة الأم وهي الخالة.

المقصود أنهم مراتب، فالمرء يؤدي الصلة الواجبة بما يناسب هذه المراتب، حسب الوسع والطاقة , والصلة الواجبة لا يعني أنها الزيارة بالذات يعني بالنفس، تروح له بنفسك ونحو ذلك , فيكفي في الصلة الواجبة ما عدّه الناس وصلاً؛ لأن الحق لهم، هذه حقوق مشتركة , فما عده الناس صلة للرحم، صار صلةً , فالأب مثلاً، بعض الآباء لو ما أتيته إلا كل أسبوع، أو كل أسبوعين عدك واصلاً , أو إذا احتاجك في شيء، أو (غير مسموع) مترضٍ عنك، هذه صلة كافية شرعاً.

فالمقصود أنه لا يصبح هناك قطيعة؛ لأن الله جلا وعلا حرم القطيعة بقوله Y: ] فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ * أَوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [ , وثبت في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام حث على صلة الأرحام وقال: ((صلوا الأرحام، وأفشوا السلام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام))، وأيضًا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((قال الله تعالى: أنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي , فمن وصلها وصلته , ومن قطعها قطعته)) , وأيضًا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني , وأحسن إليهم ويسيئون إليّ , قال: ((إن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم الملّ سفًا)) , وأيضاً صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها))؛ لأنه يعمل الصلاة لله جلا وعلا , أما المكافئ عمل معي إحسان بعمل معه، سأل عني أسأل عنه، وفزع لي أفزع له، عمل معي معروف أعمل معه، هذه مكافأة , هذه تعملها مع القريب وتعملها مع البعيد , مع ذي الرحم ومع الآخرين , أما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها يعني لو فرض إنه قطعت الرحم، وصار بينه وبينهم كراهة، أو ما يريدونه فهذا يسعى للصلة لله جلا وعلا.

المقصود من هذا يعني تلخيص الجواب:

أولاً: أن الأقارب مراتب , أن ذوي الرحم مراتب , وكل يعطى ما يستحق من الصلة، من صلة الرحم , وليسوا سواء في استحقاق هذه الصلة، ولا في مقدارها.

الثاني: أن هذه الصلة ضابطها العرف , فما عدَّه الناس صلة صار صلة , وهذا راجع إلى الحقوق التي يتبادلها الناس، فالمقصود أن يكون المرء واصلاً بما عُهِد , بالهاتف يتصل، يسأل , إذا احتيج إليه قام بالواجب، يتفقد أحوالهم المادية بين الحين والآخر , يزورهم بنفسه إذا أمكن , هذا يختلف باختلاف البلاد، باختلاف الزمان والمكان... إلى آخره.

والمسألة الثالثة والأخيرة: أن الصلة ليست بالمكافأة، بل الصلة لله جلا وعلا , يصل لله , ولو كان فيها غضاضة عليه، ولكن تكون صلته لطلب امتثال الأمر والواجب الشرعي. نعم، اقرأ:

القارئ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى:
ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا , ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعة , ولا ننزع يدًا من طاعتهم , ونرى طاعتهم من طاعة الله U فريضة ما لم يأمروا بمعصية , وندعو لهم بالصلاح والمعافاة , ونتبع السنة والجماعة , ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة , ونحب أهل العدل والأمانة , ونبغض أهل الجور والخيانة , ونقول: الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه.

الشيخ: بارك الله فيك. قال الطحاوي رحمه الله: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا" , هذه الجملة يذكر فيها العقيدة التي أجمع عليها أئمة السلف الصالح، ودونوها في عقائدهم، وجعلوا من خالفها مخالفاً للسنة وللجماعة؛ لأنا لا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا , يعني الخروج بالسيف بالبغي عليهم، أو بتشتيت الاجتماع، وتفريق الكلمة، أو باعتقاد ـ كما سيأتي ـ باعتقاد الخروج، أو باعتقاد جوازه، أو الذهاب مذهب من أجازه , فقوله: "ولا نرى الخروج" لا نرى يعني أهل السنة والجماعة المتبعين للأثر، ولهدي السلف، ولما كان عليه الصحابة ولما دلت عليه الأدلة , هؤلاء لا يرون الخروج على الأئمة وولاة الأمر، حتى ولو كان عندهم جور وطغيان وظلم؛ فإنه يجب أن يطاعوا؛ لأن طاعتهم فريضة.

ههنا مسائل:

الأولى:
الخروج.. بل قبل ذلك لفظ الأئمة وولاة الأمور , مما جاء به , جاء به الكتاب والسنة، فولي الأمر العام يعني ولي الأمر للأمة، للناس , يطلق عليه ولي أمر، ويطلق عليه إمام , أما ولي الأمر فقد جاء في الكتاب قال الله جلا وعلا: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [ وسموا ولاة الأمر؛ لأن ما ينفذ من الأمور الشرعية، والأمور الاجتهادية في الناس، إنما يكون عن أمرهم، فالأمر راجع إليهم، فإذاً ولي الأمر هو من بيده الأمر والنهي، أو بالعرف المعاصر القرار الذي ينفذ في الناس , كما قال جلا وعلا: ] وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [ , وهذا جاء في السنة في عدد من الأحاديث، كما جاء في الآية من تسمية الحكام بولاة الأمور.

أما لفظ الأئمة، فولي الأمر هو الإمام، ومن ولاّه الله أمر الناس، وابتلاه بذلك، فيسمى إمامًا؛ لأنه يؤتم بأمره ونهيه وقراره وما يختاره اجتهادًا للأمة. ولفظ الإمام لولي الأمر جاء في السنة في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((خياركم أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)) الحديث , وهذا ظاهر في تسمية ولي الأمر إمامًا.

المسألة الثانية:
الأصل أن ولي الأمر يجمع ما بين حسن التدبير في أمور الناس العامة، في أمور دنياهم وما يصلحهم، وما يحفظ بيضتهم، ويدفع عنهم الأعداء، وأيضًا يجمع إلى ذلك العلم بأحكام الشريعة بما يناسب , ولا يشترط فيه أن يكون الأعلم كما هو مبسوط في مكانه في كتب الفقه , واجتمعت الصفتان في الخلفاء الراشدين الأربعة، وفي معاوية t، وفي عدد من الأئمة وولاة الأمور في التاريخ إلى الآن، ولكن ربما لم يجتمع في ولي الأمر الصفتان , فحينئذ يكون ما يشكل على الناس في أمر دينهم، فمرجعهم فيه إلى أهل العلم بالدين. وما يكون من قبيل الأمر العام للناس، فإنه يكون لولي الأمر العام، وولي الأمر العام يستشير، ويأخذ بقول أهل العلم فيما يرى أن يستشيرهم فيه.

وهذا المأخذ هو وجه قول من قال: إن ولاة الأمر هم الأمراء والعلماء , يعني كلا فيما يخصه، الأمراء في الأمر العام، الأمر الدنيوي ما يصلح الناس وما به تكون حياتهم , والعلماء فيما يكون من أمر الدين، فيما يأتون وما يذرون، وهذا ليس هو الأصل وإنما الأصل أن ولي الأمر هو من يعلم , وهو الذي جاءت فيه الآيات: ] وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [ وكذلك: ] وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [؛ لأن الأصل اجتماع الصفتين في ولي الأمر , فإذا لم تجتمع الصفتان أعطي ولي الأمر الذي بيده الأمر والنهي حق الإمام، وفي المسائل الدينية يستفتى ويسأل أهل العلم، ولهذا اجتنب كثير من العلماء، بل أكثر العلماء والأئمة أن يطلقوا على العالم ولي الأمر؛ لأجل ألا يكون هناك افتئات وخروج، ولأجل ألا يكون هناك مأخذ لمن يريد الخروج على الإمام أو ولي الأمر , ومنهم من استعمل هذا وهذا , يعني أن الأمور الدينية يرجع فيها إلى من يلي الأمر الديني وهم العلماء في أمور الفتوى وفيما يأتي المرء ويذر فيما بينه وبين ربه جلا وعلا، وفي الأمور العامة تكون لولاة الأمور.

المسألة الثالثة:
الخروج على ولاة الأمور، على من انعقدت له بيعة هو مذهب طوائف من المنتسبين إلى القبلة , منهم الخوارج والمعتزلة وبعض أفذاذ , يعني وبعض شواذ قليلين من التابعين وتبع التابعين وبعض الفقهاء المتأخرين ممن تأثروا بمذهب المعتزلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي عليه الصحابة جميعاً وعامة التابعين وهكذا أئمة الإسلام، من أن الخروج على ولي الأمر محرم وكبيرة من الكبائر , ومن خرج على ولي الأمر فليس من الله في شيء , والأدلة على هذا الأصل من الكتاب والسنة متعددة , احتج بها الأئمة ورأوا أن من خالفها ممن تأوّل من السلف، أنهم خالفوا فيه الدليل الواضح البيّن المتواتر تواترًا معنويًا , كما سيأتي ذكر بعض الأدلة إن شاء الله.

فإذًا أهل السنة والجماعة لما رأوا ما أحدثته اجتهادات بعض الناس ممن اتبعوا فخرجوا على ولاة الأمر من بني أمية، أو خرجوا على ولي الأمر، على بعض ولاة الأمر من بني العباس، أو قبل ذلك ممن خرجوا على علي t، بل قبل ذلك على عثمان، وإن لم يكونوا من المنتسبين للسنة في الجملة , ذكروا هذا في عقائدهم ودونوه , وجعلوا أن الخروج بدعة لمخالفته للأدلة.

وتلخيص ذلك أن اجتهاد من اجتهد في مسألة الخروج على ولي الأمر المسلم، كان اجتهادًا في مقابلة الأدلة الكثيرة المتواترة تواترًا معنويًا , من أن ولي الأمر والأمير تجب طاعته وتحرم مخالفته إلا إذا أمر بمعصية؛ فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله.
ومن أهل العلم من قال توسعًا في اللفظ كما قال الحافظ ابن حجر: الخروج على الولاة كان مذهبًا لبعض السلف قديما، ثم لما رئي أنه ما أتى للأمة إلا بالشر والفساد، فأجمعت أئمة الإسلام على تحريمه وعلى الإنكار على من فعله , وهذا فيه توسع؛ لأنه لا يقال في مثل هذا الأمر: إنه مذهب لبعض السلف , وإنما يقال: إن بعض السلف اجتهدوا في هذه المسائل من التابعين، كما أنه يوجد من التابعين من ذهب إلى القدر , والقول المنافي للسنة في القدر , ومن ذهب إلى الإرجاء , ومن ذهب إلى إثبات أشياء لم تثبت في النصوص , فكذلك في مسألة طاعة ولاة الأمور، وربما وجد منهم الشيء الذي الدليل بخلافه , والعبرة بما دلت عليه الأدلة، لا باجتهاد من اجتهد وأخطأ في ذلك.

المسألة الرابعة:
هذا الأصل الذي قرره الطحاوي رحمه الله دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة , أما القرآن فمنه قول الله جلا وعلا: ] مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [، ووجه الدلالة منه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني)، وقال الله جلا وعلا أيضًا في سورة النساء: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [ قال ابن القيم رحمه الله، وقاله غيره أيضًا: لفظ أطيعوا جاء في طاعة الله وطاعة رسوله r، يعني الأمر بالفعل أطيعوا، ثم في لما ذكر ولاة الأمور لم يكرر الفعل أطيعوا , فقال: ] أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [ قالوا: وفي هذه مناسبة، أن طاعة ولي الأمر المسلم لا تكون إلا في غير مخالفة طاعة الله وطاعة رسوله , أما إذا كانت طاعته فيها مخالفة لطاعة الله وطاعة رسوله r، يعني أمر بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , فلم يكرر الفعل؛ لأن طاعة الله تجب استقلالاً، ولأن طاعة رسوله r تجب استقلالاً، وأما طاعة ولي الأمر فإنها تجب تبعاً، لا استقلالا.

ولهذا الرجل الذي أمره النبي r على سرية، وقال لهم: ((أطيعوه)) فأجج ناراً وأمر الناس أن يقتحموها، فأبوا وقالوا: إنما فررنا من النار، يعني بالإيمان والإسلام فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ((أما لو أنهم أطاعوه لم يخرجوا منها))؛ لأنهم أطاعوه في معصية الله جلا وعلا , ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ومن الأدلة قول الله جلا وعلا: ] يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ [ الآية , ووجه الدلالة من الآية أن الله جلا وعلا أمر داوود , وفي أمره أمر للأنبياء وأمر لمن ولي الأمر , أن يحكم بين الناس بالحق وألا يتبع الهوى , وهذا مقصد الوسائل لها أحكام المقاصد , فطاعة ولي الأمر فيما فيه تحقيق الحق وتكثير الخير وتقليل الشر وإبعاد الهوى، هذه لها حكم المقصد , فتكون واجبة وجوب المقاصد؛ لأنها وسيلة , والوسائل لها أحكام المقاصد.

ومن السنة قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((من أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني)) وأيضًا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((على المرء السمع والطاعة فيما أحب وفيما كره، إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) , وصح عنه عليه الصلاة والسلام أيضًا أنه قال: ((إنما الطاعة في المعروف)) يعني: طاعة ولي الأمر في المعروف , وأيضًا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدًا من طاعة))، وأيضًا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)) وأيضًا في الباب الحديث الذي ذكرت لكم أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم , وشرار أئمتكم الذي تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)) , ثم سئل عليه الصلاة والسلام فقيل له: أفلا نقاتلهم؟ يعني هؤلاء الذي نبغضهم ويبغضوننا ونلعنهم ويلعنونا قال: ((لا، ما أقاموا فيكم الصلاة , إلا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله , فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدًا من طاعة)) , وأيضًا صح عنه r أنه قال: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر)).

والأدلة على هذا الأصل في السنة كثيرة جدًا , وأفردت بالتأليف , وحري بطالب العلم أن يتتبعها في هذا الموضوع المهم الذي تكثر فيه الأهواء. وأصل الاتباع أن يتخلص المرء من هواه , وقد كثر التأويل من القديم من عهد الصحابة، التأويل و (غير مسموع) في هذه المسائل , والواجب على المرء أن يموت على الطريقة الأولى بغير تغيير ولا تبديل , وهذه المسائل من المسائل التي كثر فيها التغيير والتبديل، إما عملاً وإما اعتقادًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله , والسنة عزيزة واتباع طريقة السلف مطلوبة , والواجب على المرء أن يخلص نفسه من هواها , وأن يمتثل ما دلت عليه السنة دون مخالفة.

المسألة الخامسة:
الخروج على ولي الأمر يكون بشيئين:

الأول: عدم البيعة واعتقاد وجوب الخروج عليه أو تسويغ الخروج عليه , وهذا هو الذي كان السلف يطعنون فيمن ذهب إليه بقولهم: كان يرى السيف , يعني اعتقادًا ولم يبايع.

الصورة الثانية: وهي المقصودة بالأصالة , أنهم الذين يخرجون على الإمام بسيوفهم، أن يخرج على الإمام، يجتمعون في مكان ويريدون خلع الإمام وتبديله، أو إحداث فتنة بها يقتل ولي الأمر أو يزال أو نحو ذلك , يعني الخروج بالعمل عليه سعيًا في قتله أو إزالته.
فهاتان الصورتان للخروج، والخروج على هذا يكون باعتقاد ويكون بالعمل.

أما الصورة الثالثة: التي أدخلها بعض أهل العلم فيها: وهي الخروج القول بأن ولي الأمر يكون الخروج عليه بالقول، فهذه لا تنضبط؛ لأن الخروج بالقول قد يكون خروجاً، وقد لا يكون خروجاً , يعني: أنه قد يقول كلامًا يؤدي إلى الخروج، فيكون سعيًا في الخروج , وقد يقول كلاماً هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يوصل إلى الخروج ولا يحدث فتنة في الناس، وهذا لا يدخل فيه , ولهذا من أدخل من أهل العلم الخروج بالقول في صور الخروج , فإن الخروج بالقول فيه تفصيل، لا يطلق القول بأنه ليس بخروج، ولا أنه خروج , ومعاوية t قتل بعض الصحابة لما خرجوا على أميرهم بالقول...

الـوجـه الـثـانـي

أن يقول للناس شيئاً أو أن الناس كرهوه، فاجتمع حجر بن عدي، أو عدي بن حجر مع بعض أصحابه فحصبوه, حصبوا الأمير وقالوا: لا نسمع ما تقول , فأرسل إلى معاوية فأمر معاوية بأن يؤخذوا وأن يصيروا إليه , وكانوا سبعة عشر رجلاً , منهم الصحابي هذا , فقبل أن يصلوا إلى دمشق أمر بهم فقتلوا , هذا استدل به على أن فعل معاوية t مصير من إلى أن الخروج يكون بالقول، وتنزل على هذا الأحاديث , وهذا الاستدلال محل نظر وليس بجيد، بل معاوية t فعل ذلك تعزيراً وله اجتهاده في هذا الأمر.
فإذن نقول: الذي عليه أهل العلم في تقرير العقائد، أن الخروج يكون في صورتين:

الصورة الأولى: عدم البيعة، واعتقاد جواز الخروج أو تسويغه، أو وجوبه به يعني على ولي الأمر المسلم.

الصورة الثانية: السعي باليد، بالسيف، بالسلاح على ولي الأمر , أما بالقول فهذه فيها تفصيل، فقد تكون وقد لا تكون.

المسألة السادسة:
الخروج على الولاة والأئمة له أسباب، ولم يخرج أحد إلا وله فيه في خروجه تأويل؛ فالخروج على عثمان t الذي أدى إلى مقتله t وأرضاه كان بسبب التصرفات المالية لعثمان t وتوليته قرابته , فتجمع الخوارج، ممن يدينون بالخروج منكرين هذا الأمر متأولين، فخرجوا عليه حتى قتلوه t وأرضاه، في قصة مبكية حتى إنه t لم يدفن إلا ليلاً , وتبعه ثلاثة أو أربعة صُلِّي عليه سرا، ثم أخذ ليلاً على النعش بسرعة , ولم يدفن في البقيع , وإنما في حائط يعني في بستان قريب من البقيع؛ حتى لا يعرف أنه دفن , حتى جاء في الرواية أنهم كانوا من سرعة مسيرهم به، قال: نسمع رأسه يضرب في النعش من شدة السير؛ خشية أن تصل أيدي الخوارج إليه. وهذا بسبب التأويل، التأويل في المال عندهم يعني تأولوا الخروج في الرغبة في الصلاح في الأمور المالية , وكذلك في مسائل التولية، ونحو ذلك , وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم على تصويب عثمان وعلى معاداة هؤلاء رضي الله عن الصحابة أجمعين , وخذل من خالف سبيلهم إلى يوم الدين.

والسبب الثاني: رؤية المرء ما يكره في نفسه أو في بلده أو في مجتمعه بعامة , ما يكرهه دينًا أو ما يكرهه دنيا , وهذا السبب في رؤية المرء ما يكرهه قد يكون معه عدم صبر , فيؤديه إلى الانتصار متأولاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيكون آخذًا في الخروج، أو خارجاً فعلاً , وهذه المسألة وهي مسألة رؤية ما يكره المرء في الدين أو في الدنيا أعظمها ما حصل في عهد الإمام أحمد t حيث رأى، ورأى أئمة الحديث ما يكرهون في أعظم مسألة وهي مسألة خلق القرآن , حيث دعي الناس إلى القول بخلق القرآن الذي هو الكفر وألزموا بذلك , حتى وقع بعض الأئمة الكبار في الإجابة؛ خشية من بعض مسائل الدنيا , والإمام أحمد لما قيل له في الخروج , نفض يديه وقال: إياكم والدماء , وأخذ بقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر)) , شيئًا يكرهه هذه عامة؛ لأنها جاءت في سياق الشرط، وهذه تعم الكراهة الدينية، والكراهة الدنيوية , فأمر بالصبر , والصبر معناه: لزوم الطاعة وعدم الخروج , وكذلك ما دل عليه الحديث الآخر: ((ألا من رأى أميره يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله , ولا ينزعن يدًا من طاعة)) , وعلى هذا كان هدي الصحابة؛ فابن مسعود t صلى خلف أمير الكوفة من قبل عثمان t وصلى وهو يشرب الخمر، فصلوا معه , حتى صلى بهم الفجر أربعًا , ثم لما سلم، قال: أزيدكم؟ يعني هل أنا نقصت من الصلاة؟ قالوا: لا زلنا معك اليوم في زيادة.
والنصوص الدالة على وجوب الطاعة في المعروف، تحريم نكث البيعة ونحو ذلك , تدل على عدم اعتبار هذا السبب، سببًا للخروج، وهو أن يرى ما يكرهه دينا، أو ما يكرهه دنيا , إلا أن يرى كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان , كما جاء في الحديث، قال: أفلا ننابذهم؟ أو قال: أفلا نخرج عليهم؟ قال: ((لا، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان)). والعلماء في هذا الحديث لهم قولان:

القول الأول: أنه عند رؤية الكفر البواح، فإنه يجب الخروج , وإذا قالوا: يجب , فمعناه أن أخذ العدة والوسيلة، فإنها تجب وجوب وسائل للمقاصد , وهذا قول طائفة من أهل العلم، متفرقون في شرح كتب الحديث.. وهذا قول طائفة من أهل العلم متفرقين في شروحهم للأحاديث.

القول الثاني: أن هذا يجوز، ولا يجب , بل الصبر أولى إلا إذا كان تغيير هذا الولي الأمر الذي كفر ليس فيه مفسدة من سفك الدماء.

المسألة السابعة:
الأئمة وولاة الأمور طاعتهم من طاعة الله جلا وعلا , ومن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فطاعة المؤمن لهم في المعروف عبادة وقربة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل طاعتهم من طاعته؛ حفظًا لبيضة هذه الأمة، وجمعًا للكلمة وقوة لها على أعدائها. والعلماء ذكروا أن ولي الأمر له أن تصرفات ولاة الأمور يعني من حيث التنظير تكون على أحد أنحاء:

الأول: أن يأمروا بالطاعة , أن يأمروا بشيء فيه طاعة , يأمروا الناس بإقامة الصلاة، يأمروا الناس بإيتاء الزكاة، يأمر الناس بأداء الحق الشرعي بعامة، ينهون الناس عن المحرمات، يقيمون الحدود، يأمرون بالمعروف , ينهون عن المنكر ونحو ذلك مما هو معلوم الأمر به، أمر إيجاب أو استحباب , أو معلوم النهي عنه، نهي تحريم أو كراهة في الشريعة.

والحالة الثانية: أن يأمروا بأمر اجتهادي، لهم فيه اجتهاد , وهذا الاجتهاد إما أن يكون عن خلاف شرعي واختاروا أحد الأقوال، أو أحد الرأيين، أو أحد الوجهتين، أو اجتهادهم كان مبنيًا في مسائل حادثة لا يعلم الناس لها الحكم، أو لم يُراد أن تبحث , مثل المسائل الدنيوية والمسائل العامة التي تجري في النفس.

الحالة الثالثة: أن يأمروا بمعصية الله جلا وعلا , وأما الأول فإن طاعتهم في ذلك واجبة بالإجماع، وطاعتهم في ذلك من طاعة الله جلا وعلا وطاعة رسوله r , وأما الثانية وهي المسائل الاجتهادية فإن ولي الأمر إذا ذهب إلى أحد الأقوال في المسألة واجتهد، أو اجتهد في المسألة اجتهادًا له، لا يخالف مجمعًا عليه، فإن طاعته في ذلك متعينة أيضًا إذا كان متعلقًا بالأمة بعامة , فالمسائل الاجتهادية داخلة في عموم الأحاديث التي فيها الطاعة في المعروف؛ لأن طاعة الأمير في المعروف التي جاء فيها الدليل ((إنما الطاعة في المعروف)) تشمل الصورتين في الصورة الأولى والصورة الثانية بأن الاجتهاد معتبر شرعًا , والثالثة: هي أن يأمر بمعصية الله جلا وعلا , الأمر بالمعصية قد يكون عاما، قد يكون خاصا , وعلى كلٍ فلا تجوز طاعته فيما فيه معصية لله جلا وعلا؛ لأنه طاعة لمخلوق في معصية الخالق , لقوله عليه الصلاة والسلام: ((على المرء المسلم السمع والطاعة، فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية)).
فإذًا الأدلة التي فيها الأمر بطاعة ولي الأمر، أو التي فيها بيان الطاعة ((إنما الطاعة في المعروف)) تفهم معاً ولا يضرب بعضها في بعض , يعني أن ولي الأمر يطاع إلا في المعصية , يطاع فيما فيه طاعة ويطاع في المسائل الاجتهادية، ولا يطاع فيما فيه معصية لله جلا وعلا.

المسألة الأخيرة الثامنة:
قوله في آخر الكلام: "وإن جاروا" هذا فيه تبيين لأصل المسألة , أن الطاعة لا تتقيد بأنها لولي الأمر العدل , يعني للعادل من الأئمة، أو للتقي من الأئمة، أو لمن يسير بكل الشرع من ولاة الأمر، بل وإن كان منه جور فإنه يطاع. والجور يكون في صورتين:

الصورة الأولى: جور في الدين، والثانية: جور في الدنيا.
والجور في الدين ضابطه ألا يصل فيه إلى الكفر , والجور في الدنيا يطاع فيه حتى ولو أخذ مالك وضرب ظهرك , كما صح عنه عليه الصلاة والسلام قال: ((أطع، وإن أخذ مالك وضرب ظهرك)) , ومن أهل العلم من فرق بين ولاة العدل وولاة الجور في الطاعة: فقال: ولي الأمر ذو العدل يطاع مطلقًا إلا في المعصية , وأما ولي [العدل]* ذي الجور فإنه لا يطاع إلا فيما يعلم أنه طاعة , أما إذ لم نعلم أنه طاعة قال: فلا يطاع , وهذا الكلام وإن كان منسوبًا إلى بعض كبار أهل العلم المتقدمين لكنه في مقابلة النصوص، ومخالف لإطلاق الأئمة في هذه المسائل.

والتفريق في بين إمام العدل وإمام الجور له أصل من كلام الأئمة , لكن في غير هذه الصورة , فهم فرقوا ما بين إمام العدل وإمام الجور في صورة الأمر بالقتل أو بالاعتداء , فإنه إذا كان يعلم أن جوره في قتل من لا يستحق القتل، فإنه إذا أمر أحدًا أن يقتل فلانًا، قالوا: لا يتعين عليه الطاعة؛ لأنه قد يكون قتله ظلمًا، إذا لم يستبن له أنه مستحق للقتل , وهذا يكون في أزمنة الفتن ونحو ذلك، والعداءات , ويقول: اقتل فلانًا , ولا يسأل , فهنا فرق طائفة من الأئمة المتقدمين ما بين إمام العدل وإمام الجور , قال: إمام العدل لا يسأل , وأما إمام الجور فيتحرى، يتحرى حتى لا يكون إذا كان يعرف أنه يسفك الدماء، فإنه لا يقتل أحدًا إلا إذا استبان له أنه مستحق للقتل.

والذي يظهر في هذه المسألة ويتعين الأخذ به، أن يعمل بمطلقات الأدلة؛ لأن المسائل إذا اشتبهت وجب الرجوع.. خاصة في مسائل العقيدة وجب الرجوع إلى ظاهر الدليل , ولا يسوغ لأحد مخالفة ظاهر الدليل فيما أجمع العلماء على جعله عقيدة , وهي مسألة الخروج على الولاة وطاعة ولاة الأمر , فحينئذ دلت الأدلة على ما ذكرنا من أن ولي الأمر يطاع في الطاعة ويطاع في المسائل الاجتهادية , ولا يطاع في صورة ـ صورة واحدة ـ وهي أن يأمر بمعصية الله جلا وعلا, فلا سمع ولا طاعة , ويكون إذًا الجور ليس سببًا في الخروج سواء كان جورًا في الدين، أو كان جورًا في الدنيا , بل أكثر ما يكون الخروج بسبب الجور في الدنيا , كما ذكر ذلك ابن تيمية في منهاج أهل السنة، قال: أكثر تأويل من خروج بسبب جور بعض الولاة في أمور الدنيا.
فإذًا قوله هنا: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا" يعني به أن عقيدة السلف الصالح أن يسمع ويطاع لولي الأمر، ويحافظ على البيعة، ولا يخرج المرء ولا يلقى وليس له حجة في نزع طاعة، في نزع اليد من الطاعة ومهما كان الذي رآه إذا لم ير الكفر البواح الذي فيه من الله برهان.

قال الطحاوي بعدها رحمه الله: "ولا ندعو عليهم" يريد أن هدي السلف الصالح وأئمة الإسلام، أنهم لا يدعون على ولي الأمر والأئمة؛ لأن الدعاء عليهم من سيما أهل الخروج وسيما الذين يرون السيف , إما اعتقادًا أو عملاً , وهدي السلف الصالح هو أنهم يدعون لهم، ولا يدعون عليهم؛ لأن في الدعاء لهم الصلاح والمعافاة، كما سيأتي، وفي الدعاء عليهم توطين القلوب على بغضهم وهو سبب من أسباب اعتقاد الخروج عليهم , والوسائل لها أحكام المقاصد , كما أن المقصد وهو الخروج واعتقاد الخروج ممنوع عند الأئمة في عقائدهم، وكذلك وسيلته في القلوب هي الدعاء عليهم؛ لأنه يحدث البغض لهم، والبغض يؤدي إلى الخروج عليهم , وهذه تضمها إلى قوله في آخر الجملة: "وندعو لهم بالصلاح والمعافاة" يعني أن الهدي، هدي السلف وأئمة الإسلام في عقيدتهم، أنه كما أنا لا ندعو عليهم، فإننا لا نسكت بل ندعو لهم بالصلاح والمعافاة. والدعاء لولي الأمر بالصلاح، دعاء للأمة في الواقع؛ لأن صلاحه صلاح للناس. والمعافاة يعني أن يعافيه الله جلا وعلا مما ابتلاه به , أو مما أجراه في رعيته من الأمور المخالفة للدين.

قد كان بعض الصحابة رضوان الله عليهم، أظنه أبا ذر، كان يتكلم في معاوية t في بعض تصرفاته السلوكية، أو المالية أو التولية , فأتى به وقال له: يا فلان، أليس لك ذنوب؟ قال: بلى. قال: فما ترجو في ذنوبك؟ قال: أرجو العفو والمعافاة من الله جلا وعلا. قال: أفلا رجوت لي. يقوله معاوية t: أفلا رجوت لي ما رجوت لنفسك. قال: فسكت.
وهذا يدل على أن الدعاء بالصلاح والمعافاة والتوفيق لولاة الأمر , أنه هو الهدي الماضي، وهو الذي يوافق الأصول الشرعية , قد قال جمع من الأئمة منهم الفضيل بن عياض , ومنهم الإمام أحمد وجماعة: لو كان لنا دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان. وقد نص البربهاري رحمه الله في كتابه شرح أصول السنة، على أن من سيما أهل البدع الدعاء على ولاة الأمور , ومن سيما أهل السنة الدعاء لولاة الأمور , فهذه المسألة التي ذكرها الطحاوي هنا مقررة في كتب الأئمة تقريرًا مستفيضًا.

قال رحمه الله: "ولا ننزع يدًا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله U فريضة" , يريد أن أهل السنة لا ينزعون اليد من طاعة ولي الأمر , وذكر اليد؛ لأنها وسيلة البيعة؛ لأن البيعة تكون بصفة اليد , وهذه هي بيعة أهل الحل والعقد , بأن يبايع يدًا بيد , وبيعة الناس تكون بمبايعة أهل الحل والعقد أو بمبايعة بعض المؤمنين لولي الأمر , فلا ننزع يدًا من الطاعة يعني بعد البيعة باليد؛ لأن هذا سيما الخوارج , "ونرى طاعتهم ـ طاعة ولي الأمر ـ في غير المعصية من طاعة الله U فريضة " واجب ما لم يأمروا بمعصية , وهذه الجملة مقررة فيما سلف وواضحة في دلالتها. نقف عند قوله: "ونتبع السنة والجماعة، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة".
جعلنا الله وإياكم من المتبعين للسنة والجماعة، المهيئين لذلك، إنه سبحانه جواد كريم ـ سائل: أحسن الله إليكم يا شيخ (غير مسموع) ـ ما يخرج عليه ينكر أقول ينكر الشرك.
ـ....................
ـالخروج عليه (غير مسموع) بيعته يعني قد يكون عنده منكرات كثيرة ولا يستطيع أما وجود الشرك في بلده وهو باق على ما يعتقد لا يعتقد الشرك , ولا يدعو إليه هذا ونحو ذلك هذا لا يعني أنه يخرج عليه.
ـ (غير مسموع) ولي الأمر.
ـ ما تعلم الأمر , ما تعلم الأمر يعني ما تعلمه يستحق القتل أو ما يستحق , والظاهر منه أنه ما عنده تشوف للقتل, يعني ولي الأمر يتشوف ذبح (غير مسموع) 100 ويذبح في قتل تعرف الجورة من جهة سفك الدماء , نعم , كيف؟
ـ (غير مسموع) في الأمور التنظيمية هل يجب طاعته؟
ـ الطاعة في المعروف يعنى تطيع ما تعلم من الشرع أنه طاعة الكافر ما تطيع ماله حق الطاعة.
ـ....................
ـ تخاف يتجاوز السرعة يأخذون عليك فلوس تطلع مشكلة.
ـ....................
ـ الشيء (اللي) فيه نفع عام لا الشيء (اللي) فيه نفع عام نعم.
ـ....................
ـ (إيه) يأتيه مسلم رعاية للنفع العام , سواء كان الآمر به كافر أو (غير مسموع) مثل تنظيمات المرور ما تخالف هذه؛لأن هذه مصلحة، مصلحة للجميع وأنت مأمور بأن تحمي دمك وتحمي دم الناس وعدم الاعتداء على أموالهم , هذه طاعة من المعروف.
ـ يا شيخ (غير مسموع)البعض يقول: إن الحكم يقول: لا يطاع في هذا (غير مسموع).
ـ يعنى إذا تأكد قصدك إذا تأكد والله (شوف) الشيخ محمد بن عثيمين يقول: لا حتى لوما تلقى حد؛لأن قد يجيء واحد بعد ما تلقاه , والعالم يخشى أنه يقول: لا بأس , يأثم من جهة (إيش؟) أنه يقطع الإشارة , ويجيء واحد يذبحه يكون هو (اللي) أفتاه ـ واضح لك؟ ـ يعني يجيء واحد يصدمه يموت يصير من (اللي) جوز له أنه يقطع يكون العالم هو (اللي) جوز له، وصار سفك دمه كان بسبب تلك الفتوى، ولذلك تجد أنهم يحتاجون ولا يجيزون.
ـ....................

ـ الكفر البواح الذي عندنا من الله فيه برهان (اللي) عليه دليل , يعني واضح بين، وأهل العلم قال: إنه ترك الصلاة، ما يأمر بالصلاة وينهى عنها مثلما جاء في الحديث قال: ((لا , ما أقاموا فيكم الصلاة)) فهموا حديث الكفر البواح في إقامة الصلاة , وآخرون قالوا: لا , ما يشترط إقامة الصلاة , الكفر البواح هو إذا حصل منه كفر عندنا من الله فيه برهان , وليس له شبهة فيه ولا تأويل , ليس له شبهة ولا تأويل , نخرج منه صورة المأمون وأمثاله في عهد الإمام أحمد؛ لأنه كانت عندهم بنوع تأويل , أطاعوا بعض العلماء في هذه المسألة , وواضح في الحديث قال: ((عندكم فيه من الله برهان)) يعني: شيء مجمع عليه واضح.
ـ....................
ـ لا , هذه عدم طاعة، أقول: عدم طاعة.
ـ (غير مسموع) الضابط.
ـ ما تصح كل هذه , هذه المذكورة في كتب التاريخ من نقاش أي مسألة هذه ما تصح , هذه قولهم لعمر , وقوله: لو رأينا ذلك لقومناك بسيوفنا , كل هذه ما تصح في كتب التاريخ؛ما لها أسانيد , بشيء.
ـ....................
ـ لا؛لأن ما دخل في البيعة أصلاً كلام منخفض ثبتت لعالم من أهل المدينة، وأهل الشام قالوا: ما نبايعك حتى تسلم لنا قتلة عثمان؛ لأن أصل قتلة عثمان صاروا جيش علي , يعني: الخوارج (اللي) قتلوا عثمان أجبروا أنه يخرج وخرج , فعلي رَضِي اللهُ عَنْهُ اجتهد وصارت البيعة له وأهل الحل والعقد، فمعاوية رَضِي اللهُ عَنْهُ قالوا: لا نبايعك حتى تسلم لنا قتلة عثمان , ويرى معاوية أنه هو ولي الدم {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا} يقول: إنه وليه , أنا ولي دم عثمان , أنا أقرب الناس إليه , أسلم لي القتلة؛(عشان) أقتلهم، فعلي رَضِي اللهُ عَنْهُ خشي إن سلم إنها تصير فتنة أعظم , فأراد أنه يجتمع هو وإياه , وصار إليه على أساس يجتمع ويبحث معه إلى آخره، فاجتمع معاوية , نقلوا له طبعا الخوارج أن هذا علي صار بجيشه وكذا, فصار يخشى أنه يباغته , ثم لما اجتمعوا هذا في جهة وهذا في جهة , وقصد معاوية خير إنه يبحث مع علي وقصد علي رَضِي اللهُ عَنْهُ خير إنه يبحث مع معاوية حرك الخوارج الحرب بين الفئتين , وقعت واقعة صفين , هم (اللي) حركوها من تحت , لا الصحابة يريدون ولكنها وقعت بغير اختيارهم، وقعت هكذا , وجدوها قامت وهم ما يدرون.
ـ (غير مسموع) دونت (غير مسموع) العظمى ذكر إن أكثر أهل السنة (غير مسموع).
ـ (وإيش) دليله؟ ما أعلم ما أحد في كتب العقائد قال: إنه يجوز ما أظنه يقوله.
ـ....................
ـ أكثر أهل السنة.
ـ موجود يا شيخ.
ـ معك الآن؟
ـ....................
ـ لا , أكثر أهل السنة ما (حد) يقول هذا , ولا فيه أحد من أهل السنة قاله.
ـ....................
ـ التمتع {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}.
ـ....................
ـ هذه حجة، الله جل وعلا يقول:{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}فأثبت له عمرة وأثبت له حجاً , وصار التمتع من العمرة إلى الحج معناه أن هناك أداء للعمرة وهناك أداء للحج، العمرة لها طواف وسعي , والحج له طواف وسعي، وأما حديث جابر فيحمل على القارن ما يحمل على: لم يطف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحداً , طوافهم الأول. هذا يحمل على القارن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً , وأكثر الصحابة كان قارناً، ابن تيمية هو (اللي) رأى أنه يكتفى بسعي واحد , لكن جمهور العلماء وأئمة الدعوة والمتقدمون على أن الله جل وعلا سماه عمرة , وهذا سماه حج (وإيش) كيف تدخل واحدة؟ (وبعدين) ليس مثل القارن ما حل وهذا حل، فكيف وهذا حل دخل في نسك جديد، كيف تجعل نسك ماض انتهى منه مقرون بالنسك الجديد؟
ـ....................
ـ لا، ما نعلم أنها معصية، ما نعلم أنها معصية مجمعاً عليها، في ها الشيء , ما دام وافق رأي مجتهدين.يكفي (مداخلة غير مسموعة) الأشاعرة , الماتريدية.
سبحانك اللهم بحمدك , أشهد ألا إله إلا أنت , أستغفرك وأتوب إليك. السلام عليكم ورحمة الله.
اللهم صل على محمد , لا إله إلا أنت , لا إله إلا أنت , اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

بِسْمِ اللهِ الرَّحَمَنِ الرَّحِيمِ , الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما , أما بعد..,
فأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من أهل القبول لديه , وممن غفر لهم الذنب والتقصير , اللهم من أحسن منا فتقبل إحسانه ,ومن أساء منا فاعف عنه وتجاوز عن إساءته.
[ثم إن الدروس الباقية في هذا الفصل قليلة (وبودي) أن لو تمكنا من ختم هذا المتن المختصر الطحاوية , ولهذا فإنه قد يكون من المناسب أن نجعل الأسبوع القادم الدروس فيه يومية يعني كل يوم بعد المغرب من السبت فقط الأسبوع القادم حتى نأخذ خمسة أو ستة دروس في الأسبوع يمكننا معه إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى أن نختم الكتاب بإذنه تعالى , وتكون إذن بعد المغرب من يوم السبت القادم إِنْ شَاءَ اللَّهُ ]*

ثم إنه بين يدي هذا الدرس نذكر أشياء تهم طالب العلم في سيره في طلب العلم والتلقي عن الأشياخ , والحرص على ما ينفعه , وهي تذكرة , وربما يكون بعضها قد سبق لكم سماعه مني أو من غيري:

الأمر الأول: الذي ينبغي لك أيها الطالب أن تعتني به أتم عناية: أن تذكر نفسك دائما بأن العلم عبادة تتقرب بها إلى الله جل وعلا , وأن العلماء ذكروا أن أفضل التطوع.. أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم , وكثير منا طلبه للعلم يكون واجباً؛لأنه لم يأخذ القدر الكافي فيما ينفعه في دينه في التوحيد , في إصلاح العقيدة وفي إصلاح العمل بمعرفة الأحكام الشرعية , وهذا يحثك ويجعلك لا تمل ولا تكل , وهما الداءان اللذان يصيبان طالب العلم: الملل والتعب والكلل من الحفظ ومن المدارسة ومن الكتابة, ومن اقتناء الكتب ومن المطالعة... إلى آخر ذلك.
فإذا علمت عظم المقصود , وعظم الفضل للعلم وفي طلبه , وأنه أفضل الأعمال , حتى إن أهل العلم فضلوه على الجهاد، جهاد النفل , جهاد التطوع يعني: الجهاد جهاد الأعداء؛لأن طلب العلم متعد؛ لأن طلب العلم متعدي النفع , والقاعدة الشرعية: أن الأعمال المتعدية النفع هي أفضل من الأعمال القاصرة , وكلما كان التعدي ـ تعدي النفع ـ أكثر كلما كان أفضل مما هو أقل منه في تعدي النفع , ولهذا كان مذهب كثير من أهل العلم أن طلب العلم أفضل من الجهاد التطوع؛ يعني لأن نفعه أكثر تعدياً في الغالب.

المسألة الثانية: هي طريقة طلب العلم.وألحظ الإخوة الذين أمامي الآن أن أكثرهم ربما يكون قد صار لتوه في طريق طلب العلم أو توسط.طريقة طلب العلم مهمة، طلب العلم من منكم من يحرص على الحضور عند المشايخ وطلاب العلم والمعلمين , فيحضر ويسمع ويكتب أو يحرص على التسجيلات؟لكن هذا وحده لا يكفي , لابد من الدرس والمراجعة , لا بد أن تدرس كأنه غداً سيكون لديك اختبار , تختبر في هذه المواد , لابد تدرس وتدقق في الألفاظ وفي الأدلة, وتحفظ وترتب وتكتب حتى يكون عندك التلقي على أقوى ما يمكن أن تعمله , وإلا فالسماع , والكتابة وحدها لا تنفع , تسمع فقط ولا تسمع , وتكتب , ثم تنسى هذه الفوائد , إلى بعد سنة ترجع إليها تثقل عليك , لكن إذا كان لك مراجعة فيما سمعت مراجعة أسبوعية تدرس فيها الفوائد، تدرس فيها المتن أولا وتراجع الكلمات , ثم الشرح والفوائد , وتحفظ الأدلة, وتنظر كيف تعامل المعلم أو الشيخ؟كيف تعامل مع النص النصوص الشرعية؟كيف تعامل مع المتن؟كيف تعامل مع المسائل؟كيف شرح أوضح؟هذا هو بالدربة , تحفظ المسائل ويكون عندك قدرة ودربة على نقل هذا العلم.فإذن كيف تتعلم؟ هذا مبهم أن تسال نفسك دائما كيف تتلقى العلم؟وكيف تأخذ ذلك؟.

ومن المهم هنا أن تحرص على ثلاثة أمور:

الأول: أن يكون ما تقيده من الفوائد عن المعلم أو عن الشيخ أو عن طالب العلم أن يكون مرتباً بخط واضح، البعض يكتب بخط صغير متقارب الكلمات ويحشر الصفحة , هذه لا تنشطه للقراءة , إذا أراد أن يراجع فتكتب سطر وتترك سطر بخط واضح , والصفحات ولله الحمد والورق كثير.

الأمر الثاني: أن يكون هناك تلخيص لما قرأته , يعني: بعد أن تسمع أنت ستنتخب أحسن ما سمعت ثم بعد ذلك اختر أيضا الفوائد مما كتبت؛لأن بعض ما كتبت ربما يكون فيه تكرار , ربما يكون فيه زيادة ونحو ذلك.المرحلة الثانية: أن تنتخب أحسن ما كتبت الفوائد لتراها أنت أكثر فائدة لك وترددها وتحفظها.

الأمر الثالث: أنه بعد حين لابد أن ترجع إلى ما كتبت عن الشيخ وتراجعه مرة أخرى حفظاً ودراسة؛لأن العلم يذهب بالغفلة ويبقى مع الترداد، في كتب كثيرة ومختصرات إذا قرأناها مرة ثانية وقد قرأناها...
هي طريقة طلب العلم, وألحظ الأخوة الذين أمامي الآن, أن أكثرهم ربما يكون قد صار لتوه في طريق طلب العلم, أو توسط طريقة طلب للعلم, مهمة طلب العلم, منكم من يحرص على الحضور عند المشايخ وطلاب العلم والمعلمين, فيحضر, ويسمع, ويكتب, أو يحرص على التسجيلات, لكن هذا وحده لا يكفي, لابد من الدرس والمراجعة, لابد أن تدرس, كأنه غداً سيكون لديك اختبار تختبر في هذه المواد, لابد تدرس وتدقق في الألفاظ وفي الأدلة, وتحفظ وترتب, وتكتب, حتى يكون عندك التلقي على أقوى ما يمكن أن تعمله, و إلا فالسماع والكتابة وحدها لا تنفع, تسمع فقط ولا تسمع, وتكتب ثم تنسى, هذه الفوائد إلى بعد سنة ترجع إليها تثقل عليك, لكن إذا كان لك مراجعة فيما سمعت, مراجعة أسبوعية تدرس فيها الفوائد, تدرس فيها المتن أولا, وتراجع الكلمات ثم الشرح والفوائد, وتحفظ الأدلة, وتنظر كيف تعامل المعلم أو الشيخ, كيف تعامل مع النصوص الشرعية, كيف تعامل مع المتن, كيف تعامل مع المسائل, كيف شرح, أوضح هذا, هو بالدربة تحفظ المسائل ويكون عندك قدرة ودربة على نقل هذا العلم, فإذن كيف تتعلم هذا مهم أن تسأل نفسك دائما, كيف تتلقى العلم, وكيف تأخذ ذلك, ومن المهم هنا أن تحرص على ثلاثة أمور.

الأول: أن يكون ما تقيده من الفوائد عن المعلم أو عن الشيخ أو عن طالب العلم أن يكون مرتباً بخط واضح, البعض يكتب بخط صغير متقارب الكلمات, ويحشر الصفحة, هذه لا تنشطه للقراءة, إذا أراد أن يراجع فتكتب سطر و تترك سطر, بخط واضح, والصفحات ولله الحمد والورق كثير.

الأمر الثاني: أن يكون هناك تلخيص لما قرأت, يعني: بعد أن تسمع أنت ستنتخب أحسن ما سمعت, ثم بعد ذلك اختر أيضا الفوائد مما كتبت؛ لأن بعض ما كتبت ربما يكون فيه تكرار, ربما يكون فيه زيادة, ونحو ذلك.

المرحلة الثانية: أن تنتخب أحسن ما كتبت الفوائد (اللي) تراها أنت أكثر فائدة لك, وترددها وتحفظها.

الأمر الثالث: أنه بعد حين لابد إلى... ترجع إلى ما كتبت عن الشيخ, وتراجعه مرة أخرى حفظاً ودراسة؛ لأن العلم يذهب بالغفلة, ويبقى مع الترداد, في كتب كثيرة ومختصرات إذا قرأناها مرة ثانية وقد قرأناها عشرة وعشرين مرة تخرج لنا منها فوائد, سواء المرء لا يقل: هذا الكتاب قرأناه, هذا المتن قرأناه, لا إذا صار عندك فرصة وقت تراجع ما كتبت, تراجع ما قرأت, وكلما كان الأمر أثبت, كلما كان أقوى لك في المستقبل؛ لأن كلما ثبتت عندك العلوم كلما كان التصور أسهل لديك, وحفظ المعلومات الجديدة أسهل؛ لأن ما بني على صحيح فهو صحيح, وما بني على مختل فهو مختل, وما بني على غلط فهو غلط, فإذا صارت البنية الأساسية واضحة وصحيحة فيكون ذلك له أثره فيما بعده.
الثالثة: مما ينبغي لطالب العلم أن يعتني به كثيراً أن يمايز بين الزوائد في شرح الكاتب الواحد, أو شرح الكتب المماثلة المتقاربة,
مثلاً: شرحنا لمعة الاعتقاد, شرحنا الواسطية, وشرحنا الحمومية, الواسطية, الآن الطحاوية, لا شك في كل شرح فيه زيادات على الشرح الآخر, ربما يكون شرح الواسطية أطول من غيره, لكن تجد في شرح الطحاوية مسائل جديدة ليست هناك, و أيضا في المسألة ربما في فوائد وتفصيلات ليست فيما مر, هذه أيضا مع بقائها في شرح الطحاوية تأخذها زيادة وتضعها مع شرح الواسطية, هذا بالنسبة إلى شرح شخص واحد, لكن إذا كنت تحضر عند أكثر من عالم, وأكثر من طالب, أو سمعت عددا من الأشرطة والشروح, سمعت من هذا, وسمعت من هذا, وسمعت عن هذا, كيف تستفيد من هذه الكتب جميعاً؟! كل معلم له طريقة في التعامل مع الفن أصلاً, له طريقة في التعامل مع الكتاب في شرح المسائل, في تقريب العلم, لكن هناك قدر مشترك من المعلومات, يكون عند الجميع, وهناك فوائد يتميز بها فلان عن فلان؛ لأنه هو فوق كل ذي علم عليم, لابد أن يكون هذا عنده ما ليس عند ذلك من الفوائد, لن يتطابق الجميع على شرح واحد, لهذا كيف تعمل في مثل هذه الحالة؟! تنظر إلى أكثر الشروح تفصيلاً وإفادة, ثم تذكر الزوائد من الكتب التي سمعت شرحها, أو مما دونت من الفوائد, تدونها على هذا حتى يكون أصلا, يعني: تأخذ مثلاً شرح سماحة الشيخ على كتاب التوحيد مثلا, وتجعله أصلاً, ثم تأتي بالفوائد الأخرى وتدونها على هذا الشرح, فيكون عندك الشرح لهذا الكتاب, قد جمعته من شروح عدد من أهل العلم, ودونت فيه أكثر الفوائد التي حرصت عليها, إذن هذه الطريقة مهمة في التلقي من معلم واحد, أو من شيخ واحد, وكذلك في التلقي عن عدد من متعلمين, أو عدد من طلبة العلم والأشياخ فيه, تختار أحد للشروح التي هي أكثر فوائد, ثم بعد ذلك تأتي بالفوائد الزائدة وتدونها عليه.

المسألة الرابعة فيما ينفعك في طلب العلم: أن تنتبه دائما إلى أن كثرة التفصيلات ليست دليل صحة, وقلة التفصيلات ليست أيضا دليل صحة, وهذه مهمة لطالب العلم؛ لأنه سيتعامل مع شروح المشايخ, سيتعامل مع شروح الكتب, سيتعامل مع فوائد ينتقيها من هنا و هناك, فإذن متى تحرص على التفصيلات ومتى لا تحرص عليها؟!

التفصيلات التي هي طول شرح للمسائل تارة تكون تابعة لأصل المسألة, فهذه احرص عليها, وتارة تكون استطرادات يستغنى عنها في فهم أصل المسألة وما يتصل بها, فهذه يمكنك أن تستغني عنها في الدرس والمراجعة إلى آخره, وأنت تقرأ مثلاً لابن تيمية رحمه الله, أو لابن القيم, يورد مسألة ثم بعد ذلك يستطرد هذه الاستطرادات, تارة تكون تخدم أصل المسألة, تارة تكون لا هي تنظير من مسألة إلى أخرى, فهنا لابد من الانتباه كثيراً إلى كثرة المعلومات, ونحن الآن في وقت كثرة المعلومات, تسمع من الفتاوى الكثير, تسمع من الشروح الكثير, وتقرأ من الكتب الكثير, وهذا شرح مطول, وهذا مفصل, وترجع إلى فتح الباري تجد فيه, وترجع إلى شرح الطحاوية تجد فيه, ترجع إلى فتاوى ابن تيمية, فيكف تتعامل مع هذا الطول؟! تتعامل معه في أنه ما يخدم فهمك للفن, اجعله الأساس ثم هذه التفصيلات إذا كانت تخدم المسألة فانقلها على نحو ما ذكرنا سابقا.ً وكثر الفوائد والتفصيلات التي تخدم أصل المسألة, وإلا فإن المسألة الواحدة يمكن أن نمكث في شرح حديث أسبوع كامل في شرح حديث واحد, إذا كنا سنتكلم عن التحليلات اللغوية, ثم أول قبل كل شيء تخريج مثلا, وتراجم الرواة, والتصحيح والتضعيف, ومن قال بصحته, والاستطراد في ذلك, ثم مثلاً نتكلم عن اللغويات والتراكيب والفوائد اللغوية في الحديث, ثم بعد ذلك المسائل الأصولية, والأحكام الفقهية, واختلاف العلماء, والفوائد, والرأي يعني: هذه ستطول جداً المسائل, ولهذا لا غرابة أن وجدنا أن الحافظ ابن دقيق العيد -رحمه الله- شرح في مجلدين كبيرين, إذا طبعا فستكون أربعة كبار, شرح في هذين المجلدين نحوا من أحد عشر حديثا من كتابه ‘‘الإلمام‘‘ وهو هذا المسمى بشرح الإلمام لابن دقيق العيد, الموجود منه مجلدين, لم يؤلف إلا مجلدين منه, وشرح فيه بضعة عشر حديثاً, إحدى أو اثني عشرة أو ثلاثة عشرة, يعني: لا زال في أوله, حتى إنه ذكر عند حديث: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)). أكثر من ثلاثمائة مسألة, هذه لو أردنا أننا نتعرض لمثل هذا التفصيل في الشروح, إذن سيكون الطالب يجلب له كل شيء في الكتب, وكل المسائل, وتعرض عليه, هذا ليس هو العلم, العلم أن تخدم المتن الذي تحفظه أو تدرسه مما يكون موافق للمنهجية, أن تخدمه بالشروح والتفصيلات حتى تضبطه, ثم بعد ذلك إذا جاءت التفصيلات تأتي التفصيلات وأنت بالخيار, تأخذ منها ما تشاء, وتدع منها ما تشاء, لكن الطول لا يخدم, ولهذا تهتم كثيرا بما ينفعك من التفصيلات تفصيلات هذه, لا تتساهل في أن تسمع الكثير, وتقول: هذا أفضل. لا قد يكون كذلك, ويشتت ذهنك العلم, فإذن الطريقة المثلى في هذا ما ذكرته لك, من أن هذه التفصيلات تميزها, هل تخدم أصل الكتاب؟! هل تخدم أصل المسألة؟! أم أنها استطرادية في مسائل لا صلة لها بأصل المسألة؟! مع الزمن تستجد أنك ترقيت في العلم, تفصيلات استغنيت عنها في سنتك الثالثة في طلب العلم, أو الرابعة, لكنك تجد (يوجد سقط وقطع في الشريط) في أول السنين, وكيف استفدت هذه الفوائد؟! كيف أجعلها فوائد أصلاً؟! ستجد أنك تحتاج إلى تفصيلات أخر ومزيد من العلم وتدقيقات, وهكذا ينبني بناء العلم عندك شيئا فشيئا.

المسألة الخامسة: وقد ذكرتها لكم مرارا, الاهتمام بالكتب التي تقرأ فيها والطبعات, والآن المطابع ترمي بآلاف من المطبوعات المختلفة, لابد أن تنتقى الكتاب الذي تأخذ منه, وتجعله مرجعا لك في مكتبتك, ليس كل كتاب يصلح, ليس كل طبعة أعني: تصلح, يعني: مثلاً فتح الباري متقاربة الطبعات, لكن مثال كم له من طبعة؟! له أكثر من عشر طبعات, يعني: بداية من طبعة الهند إلى الطبعات الأخيرة, هذه الملونة (اللي) فيها أحمر وأسود أظن الصغيرة (طيب).
عندك شرح مسلم على النووي أيضا طبعات كثيرة المغني, كم هناك من طبعة.. من طبعة له؟! كثير. كتب الفقه, عن كتب الحديث, كتب الرجال, كما لها من طبعة! تأخذ لابد تنتفي الطبعة وتحفظها, بحيث إنه تكون عمدة في المراجعة.

المسألة الخامسة أو الساسة هذه المعلومات سبق أن سمعها الأكثر مني, لكن وجود كثير من الإخوة ممن ربما لم يسمعوا القديم يجعلنا نكرر ليتضح الأمر.

المسألة السادسة: أهمية البحث, وهذه ألقينا فيها كلمة مستقلة مطولة, وجاءتني رسالة من بعض الإخوة, يقول فيها: إنه سمع هذه المحاضرة أو الكلمة في منهجية البحث, وألقيناها هنا, يعني: في بداية الدروس في أحد الفصول, وهذا تعقيد للعلم الذي ذكرت, تعقيد للعلم, ويسبط الهمة و..و إلى آخره من الكلام, قال في آخره: وأظنك أنت يعنيني ظنك لا تطبق ما ذكرته أصلاً, وهذا هذا الكلام و إن كان انفعاليا لكنه دليل صحة؛ لأنه كون المرء استمع للكلام وتأثر وحس إن هذا صعب, هذا دليل خير, يعني: لماذا؟! لأنه يدل على أنه وجد أن طريقته التي كان يسير عليها في البحث ليست هي الطريقة السليمة, وأن هذا الذي كان يهمنا أن نوصله للإخوة أن يكون هناك سعي في أن يكون البحث موافقا للطريقة السليمة, والعلوم إنما تثبت بالبحث, لا يمكن أن تتقدم في العلم إلا بالبحث, والبحث إذا كان سليما كانت النتائج سليمة, و إذا كان البحث قاصراً أو غير ممنهج كذلك ستكون النتائج على غرار قوة البحث وضعفه, لهذا نقول: كيف تبحث؟! هذه مهمة جداً, فينبغي أن تراجع الكلمة التي قلناها سابقاً, وتهتم بالبحث, يعني: أن يكون عندك تقسيم لوقتك, تدرس على المشايخ جزءا, تقرأ المتون الأساسية, وتحفظ وتأسس نفسك في جزء, تقرأ المطولات والشروحات والأشياء التي ترغب فيها في بحث المسائل, هذا جزء. وأيضا تبحث المسائل بحثا مكتوباً, هذا مهم؛ لأن الذي لا يبحث لا تتأصل عنده المسائل, الذي لا يبحث ويطالع المسألة ينظر في ماذا قال هنا, وماذا قال هنا, وإيش قال في الكتاب الفلاني؟! ما تتأصل عنده المسائل, في مسألة من المسائل كنت أنا أظن إنها مجمع عليها, و إذا بي في حج هذا العام عرفت أن فيها خلاف, وخلاف قديم للسلف وقوي, فإذن هذه قد يكون وهناك من نسبها نسب المسألة إلى الإجماع, أن العلماء أجمعوا عليها, فاذن العلم لا يكون إلا بالبحث, لكن البحث هنا لا يكون بحثاً مقروءا, يعني: تقرأ فقط, بل لا بد أن تكتب؛ لأنه إذا لم تكتب ستلحظ أن بحثك بعد شهرين, ثلاثة, أربعة, خمسة انتهى, لا تذكر منه شيء, ولهذا إذا بحثت في ساعتين ثلاث خمس فاكتب ما, بحيث يبقى, وإلا فستبقى المعلومة معك لمدة أسبوع أسبوعين, ثم تذهب, وهذا واقع ومجرب, لهذا أؤكد على أهمية أن تبحث, وأن يكون بحثك مكتوباً تارة أو تارات, ومقروءا تارة, في تفسير آية لا تحرص على أن تسأل (إيش) معنى الآية الفلانية؟
ابحث قبل, ثم بعد ذلك اسأل المشايخ والعلماء, عن معناها مسألة فقهية ما حكم كذا وكذا؟ ابحث قبل, ثم بعد ذلك سل, ومرة كتب أحد القضاة إلى سماحة الجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله, كتب إليه يسأله عن حكم مسألة عرضت له في القضاء, فأجابه الشيخ بسطرين, بطريق قال: المسألة معروفة في جميع كتب أهل العلم لكنك كسلان لا تبحث والسلام.
وهذا واقع؛ لأن طالب العلم إذا تعود على أن يسأل ولا يبحث؛ فإنه سيصاب؛ لأن السؤال لن يأتي دائما, والسؤال لا ينشط الإنسان, ومرة كان الشيخ العلامة عبد الرازق عفيفي رحمه الله في الحج, وذكرت لكم القصة, وكان واحد جنبه يسأله, يسأله, يسأله, فقال: العلم ما ينال بهذه الطريقة, اقراء المسائل, اقرأ العلم, اقراء الكتب, وبعد ذلك إذا أشكل شيء تسأل عنه, أما كل مسألة تسأل عنها ما حكم كذا؟ ما حكم كذا؟ لو عمل كذا لو لم يعمل؟ لا تتحصل على العلم بذلك, فإذن البحث مهم, وبعد البحث تسأل, بعد البحث تعرض على أهل العلم ما بحثت هذه والله طريقتي في بحث مسألة فقهية, هل هي سليمة أم ليست بسليمة هذا تخريج حديث, الأحاديث خرجتها بهذه الطريقة, مثلاً تكون متأثرا, أو في تخريج الأحاديث بمدرسة من المدارس الموجودة في تخريج الأحاديث, وتكون المدرسة عليها ملاحظات, أو ليست هي المدرسة الصحيحة في التخريج, فإذا عرضتها على من يبحث معك ويناقشك أو يعلمك؛ فإنك ستستفيد, فإذن من المهم أن يكون لطالب العلم بحث مقروء يقرأه وهو يبحث المسائل وبحث مكتوب يعرضه على من هو أعلم منه.

المسألة السابعة: كثيرا ما أورد مثلا, أو يورد غيري ممن يدرسون – خاصة - العقيدة خلاف المذاهب الضالة, مثلا قول الخوارج, قول المعتزلة, قول الأشاعرة, قول الماتريدية, قول كذا, وربما يأتي بعض طلبة العلم منكم يحرص على مراجعة كتب القول, وهذا لا ينصح به, ولا ينبغي لطالب العلم في طلبه للعلم أن يسلك هذا السبيل؛ لأن الأصل أن مذاهب هؤلاء من مذاهب أهل الأهواء, وأهل الأهواء لا يقرأ كلامهم؛ لأنه يؤمن على طالب العلم أن يتأثر, أو أن يجد فيما قرأ شبهة لم يردها شيخه؛ فتبقى الشبهة, أو يحتار في رده عليها إلى آخر ذلك.
لهذا جاءني عدد من الإخوة وطلبوا أسماء مراجع المذاهب المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة, من كتب المعتزلة والخوارج والأشاعرة, وطبعاً الجواب أن هذا لا يرشد أحد إلى هذه المذاهب من طلاب العلم إلى كتب القوم حتى يقرأها, بل الذي نقل له هذه المذاهب وبينها له ثقة, فيأخذها على هذا النحو, وقد كان مشايخنا رحمهم الله, رحم الله الأموات, وأطال في عمر الأحياء, وبارك في الجميع, كانوا يعتمدون في نقل المذاهب المخالفة على أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ونحوهما, ممن يعتنون بنقل المذاهب هذه فقط, ولا يرجعون إلى أصل الكتب؛ لأنهم ثقات, وحديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا نقله عدل ثقة قبلناه, واعتمدناه, وصار حجة بنقل العدل الضابط عن مثله, فكيف بمذاهب الآخرين التي هي مذاهب رديئة؟! ربما يأتي وقت يكون طالب العلم بحاثة في تحقيق مسألة ما, هنا قد يرخص له إذا كان يريد الرد ويريد المناقشة أو نحو ذلك, قد يرخص له في حد محدود, لكن طلاب العلم من أمثالكم يقرأون في كتب القوم أو في تفاسير الأشاعرة وفي تفاسير المعتزلة أو نحو ذلك, لا.. ولا يعرض المرء دينه للخطر, هذه بعض كلمات تناسب البداية, ونجيب بعدها على بعض الأسئلة.

سؤال: يقول: ما الطريقة الصحيحة في هذا (إيش) أو كذلك عند الاجتماع في المنزل للأقارب يلزم أكل (يوجد بعض الكلام وسؤال الشيخ من القائل وهذا خارج موضوع الشرح).

سؤال: لا يخفى عليك ما يحصل من المخالفات في التعزية في هذا الزمن, وأقلها اجتماع أهل الميت القريبين والبعيدين في بيت أحدهما وفي بيت الميت, وتلقي العزاء لمدة أيام وقد اختلفت أراء العلماء في هذا, فالسؤال إذا حصل لي ذلك لي أترك المنزل ولا أستسلم, مع أن الأقارب يحملون الإنسان على ذلك إلى آخره؟
الجواب: مسائل التعزية واجتماع أقارب الميت الذين يقصد تعزيتهم أو مواساتهم في موت قريب لهم يعني: الاجتماع المعروف (اللي) يسمى اجتماع العزاء, هذا حصل الكلام.. كلام الشباب فيه, وبعض.. وبعض الناس في هذا الوقت من جراء فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في أن الاجتماع لا يشرع, أصل الاجتماع, بل الذي يشرع هو التفرق, وبقية علمائنا وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز وبقية المشايخ يقولون: لا بأس بالاجتماع, وهذا القول هو الأولى والراجح؛ لأن الاجتماع إلى أهل الميت في هذا الزمن يحصل به التعزية, والتعزية وعمل مشروع, وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((من عزى مصاباً فله مثل أجره)). والمواساة مشروعة, وإذا تفرق الناس فلن تحصل المواساة والتعزية إلا بكلفة, يعني: أين تتلقى أصله, هو في العمل الفلاني, هل ستجده أو في بيتة أو خرج, وسيكون هناك مشقة في التتبع وفوت للتعزية, ولهذا قال: من أفتى بمشروعية الاجتماع قال: إنه يدخل تحت قاعدة: الوسيلة للمشروع مشروعة, وأن الوسائل لها أحكام المقاصد, فلما كان المقصد وهو التعزية مشروعة فوسيلته الآن وهي الاجتماع مشروعة, في مثل هذه المدن الكبار مثل تفرق الناس ونحو ذلك لا يحصل إلا بهذا فيما إلا ندر, إذا صارت القرية صغيرة, أو الإنسان معروف أنه سيكون طول الوقت في هذا أو كان المعزى واحد فقط يعني: واحد فقط, إما أن يكون في بيته أو في عمله, فهذه المسألة تختلف, لكن إذا تعددوا وصارت التعزية لا تحصل إلا بالاجتماع فاجتماع من يعزى أولى من تفرقهم؛ لأن التعزية التي فيها تسلية ومواساة وتحصيل للأجر لا تحصل إلا بذلك.

هنا هل الاجتماع يعد من النياحة, الاجتماع لا يعد من الناحية إلا إذا انضم إليه, أن يصنع أهل الميت الطعام للحاضرين جميعاً؛ ليظهر الفخر, ويظهر كثرة من يحضر الوليمة ونحو ذلك, وهذا موجود كان في الجاهلية, ولهذا جاء في حديث أبي أيوب: " كنا نعد الاجتماع إلى أهل البيت وصنعهم الطعام من النياحة ".
فالنياحة تشمل شيئين؛ صنع الطعام مع الاجتماع لماذا؟! لأن أهل الميت هم الذين يصنعون الطعام, ويدعون الناس, ليقال: هذا عزاء فلان إنه أكبر عزاء, أو أنهم اجتمعوا لأجل فلان, فلان ما يموت ويروح هكذا, مثل ما يقول بعض البادية, فيعملون سرادقات ضخمة وكذا, وهم الذين يتكلفون بصنع الطعام, وبنحر الإبل, وبذبح الذبائح؛ ليكثر ما يجتمعوا عليها, هذه النياحة المنهي عنها بالاتفاق, أما الاجتماع اجتماع للمواساة والعزاء دون صنع الطعام ودون تكلف؛ فإن هذا لا يدخل في النياحة, وقد جاء في صحيح البخاري أن عائشة رَضِي اللهُ عَنْهُا: "كان إذا مات لها ميت اجتمع النساء من قرابتها إليها". اجتمعوا إليها فقالت: " فربما حضر وقت الطعام فقامت امرأة إلى برمتها أوكذا فصنعت شيئا يأكلونه يعني: هؤلاء القرابة القليلين ".
استدل بهذا الحديث على أن أصل الاجتماع المواساة لأجل المواساة, تجتمع (كلام غير مسموع) المرأة قريباتها أختها فلانة وكذا, أن هذا له أصل من هدي السلف, أيضا الاجتماع اجتماع الرجال ليس ثم ما يمنع منه, ابن القيم رحمه الله وغيره تكلموا عن مسألة الاجتماع, وقالوا: إن هدي السلف هو التفرق, والنبي صلى الله عليه وسلم ما أثر عنه أنه جلس في مكان ليقبل العزاء ونحو ذلك, وهذا صحيح, لكنه ليس الحال هو الحال, وليس الوقت هو الوقت, وليست الصورة هي الصورة الموجودة في هذا الزمن, فكلام ابن القيم على بابه في مثل القرية واحد معروف, إذا ما لقيته في بيته تلقاه في المسجد أو في السوق أو نحو ذلك, في شيء محدود.

وهذا صحيح, أما في مثل بلد لا يمكن أن يلتقي فيه الناس إلا باجتماع, أو إذا تفرقوا عسر على الناس تحقيق سنة العزاء؛ فإن الاجتماع للعزاء لا بأس به, أما تحديد مدة فلا أصل له, تحديد مدة ثلاثة أيام سبعة أيام اختلف فيها الفقهاء, لكن لا أصل لها من السنة, السنة ليس فيها دليل يدل على أن مدة العزاء محدودة بأيام, بل مدة العزاء تكون بحسب من يأتي إذا كان الناس يأتون يوم فينتهي يومين, انتهى خمسة أيام انتهى... وهكذا, و إن كان غالب أحوال الناس أنهم في الثلاثة أيام الأول ينتهون, لكن لا أصل لتحديد المدة في الشرع.

سؤال: ما هو رأيكم في قراءة طلاب العلم الجرائد؟
الجواب: الجرائد هذه فيها ما ينفع, وفيها ما يضر, فهي بحسب الحال, إذا كان بيطلع على أشياء تنفعه في دينه أو في الأخبار أو فيما حوله حتى يكون على بينة هذا طيب لا بأس به, وأما إذا كان أنه سيقرأ تشغله عن طلب العلم (ولا) يقرأ جريدة (يقعد) فيها ساعة, والكتاب ما يصبر عليه ساعة هذه ليست من سيما أهل العلم.

سؤال: لو رأيتم جعل الدروس بعد صلاة العشاء نظراً لأحوال بعض الطلبة؟
الجواب: بعد العشاء الوقت ضيق وصعب, إن أنا أستمر بعد العشاء يعني: الأسبوع القادم نستمر الأسبوع الكامل, كاملا يعني: كل يوم بعد العشاء؛ لأن العشاء تعترضه ارتباطات ومناسبات وإلى آخره, بعد المغرب يمكن أن نستمر في الأسبوع كله ونسأل الله الإعانة للجميع.

سؤال: نحن مجموعة من شباب نريد أن نقرأ العلم على المشايخ, ولكن لم نجد أحداً من المشايخ نقرأ عليه, كما هو المعتاد في التدرج لطلب العلم؟
الجواب: ستجد -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى- المشايخ ولله الحمد كثير, خاصة في حواضر الكبيرة مثل الرياض, والقصيم, ومكة, والمدينة, وأشباه ذلك. أقول: طلبة العلم والمشايخ كثير, لكن لا تشترط, خذ من يفيدك ممن يكون نافعا للطلاب وصابراً عليهم, ولا تشترط أن يكون الذي تقرأ عليه فلان, بعض الناس فلان (اللي) بيقرأ عليه فلان مرة, أذكر أحد الطلاب كان من القصيم, لقيني في مكان, نسيت الآن,
وقال: أنا (جاي) من القصيم, وأريد أن أقرأ عليك, أمر عليك متن من المتون, نسيت هو هل (هو ثلاثة الأصول) أو غيره, قلت له: خيراً إِنْ شَاءَ اللَّه,ُ كنت ذاك الوقت كان عندي بعض الفراغ, قلت غدا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بعد العصر لو مريتني, أو بعد غد, قال: لا. أنا أريد الليلة, لماذا الليلة؟!
قال: لأني بعد الفجر راجع إلى القصيم, طيب الليلة متى؟! الآن. هذا (كلام غير مسموع) في دعوة قد ننتهي عشرة ونصف, أو إحدى عشر الليل متى قال استرح, لك ساعة, هو يقولي وبعد اثني عشر أنا مستعد أسهر إلى الفجر حتى نتمه, قلت: والله هذا شيء ما هو معقول, (كلام غير مسموع) كان الله هو المستعان, الأولين جاهدوا في طلب العلم, وفي التعليم, طيب أنت جاهد إلى (كلام غير مسموع) الظهر الفجر, فالشاهد بعض الإخوة يتشدد في اختيار المشايخ والمتون, الأولى لا تحتاج إلى تشدد, تأخذ من تقرأ عليه؛ لأن التصور الأول والإمرار الأول للعلم يكون ممن ينفع, لا تشترط, لا تتشدد فيه, وبعد ذلك يمكن أن تجد من هو أمكن في تدريس العلم.

سؤال: نريد منهجا جيدا في قراءة الكتب هل يكتفى بقراءة مرة واحدة أم لابد من تكرار الكتب؟! وكيف يمكن هذا مع الكم الكثير للكتب؟!
الجواب: قراءة الكتب تختلف, بعض الكتب يكون كتاب علم مؤصل, هذا ممكن تقرأ مرتين ثلاث, وبعض الكتب لا يكون للمرجع تقرأ مرة عند الحاجة, يعني: مثلاً تيسير العزيز الحميد, فتح المجيد, هذه تقرأه عدة مرات؛ لأنها كتب أصول بل شرح الواسيطة للشيخ ابن رشيد رحمه الله مثل شرح الطحاوية ونحو ذلك, هذه مهمة لو قرأتها كذا مرة لا بأس, مثل شرح شروح البلوغ, مثل شروح على الزاد أو حواشي ما يضر هذا, بل هو أفضل إذا كررت, لكن مثل فتح الباري تمر عليه, مثل المغني مثل الكافي إلى آخره, تمر عليه كذا مرة, ليس هذا كتاب أو ذاك مما يقرأ كثيرا, فإذن بعض الكتب إذا كررتها أمكن لك, وبعضها إذا مررت عليها وقت الحاجة وعند المراجعة فهذا هو المقصود.

سؤال: كتاب مدارج السالكين نرجوا أن تكون هناك كلمة قصيرة حوله؟!
الجواب: مدارج السالكين من الكتب الكبيرة المهمة للعلامة شمس الدين ابن القيم رحمه الله, شرح به كتاباً مختصراً لشيخ الإسلام الهروي, كتاب اسمه ‘‘منازل السائرين إلى الله‘‘.
وهي مراتب في المقامات و الأحوال عند أهل التصوف, شيخ الإسلام الهروي كان حنبليا, ولكنه ربما تأثر بالطرق الصوفية, وشارك القشيرى والحليمي وجماعة من هؤلاء, والكلابادي في المقامات والأحوال والتعاريف له هذا الكتاب (اللي) هو ‘‘منازل السائرين‘‘.
اعتنى به الصوفية وحولوه إلى أشياء من وحدة الوجود, وأشياء تخالف هدي السلف, فأراد ابن القيم وقد كان في فترة من حياته متأثرا بالقوم بعض التأثر أراد ابن القيم رحمه الله أن يكتب كتاباً سلفيا في السلوك, يهدي به المتصوفة, ويكون أيضا سبيلاً لأهل السنة في الاطلاع على السلوك السلفي (قطع بالشريط).
السالكين بين منازل {إياك نعبد وإياك نستعين} الكتاب في أكثره في أكثر الكتاب يمكن أن يفهم ويوجه على منهج السلف, وفي بعضه أشياء لا توافق منهج السلف, ولا تربية السلف, إلا على ضرب من التأويل يصعب, مثل مثلاً الكلام على منزلة البرق, ومنزلة الصعق, ومنزلة كذا وكذا, ومثل الكلام على الفناء وأشباه ذلك مما لا مدخل يعني: لا يفهمه, كل أحد حتى إنه يعني: في أثنائه ذكر أشياء, ربما اعترض عليها بعض العلماء, لكن ابن القيم له وجهته في ذلك, وجهته صحيحة, وأراد به هداية الطائفتين, يعني: الصوفية, يهتدوا إلى منهج السلف, ويريد ممن يكون على منهاج السلف أن يكون عنده سلوك شرعي, يعني: عنده زهد, عنده عبادة, عنده رعاية لمقامات القلوب وأحوال القلوب في الإيمان والعمل الصالح, وما أمر الله جل وعلا به من منازل العبادة.

سؤال: هل يمكن أن يخرج الشرح للطحاوية مطبوعاً كما فعل بعض المشايخ الآن نأمل ذلك؟!
الجواب: أرجو أنا أيضا أن يكون ذلك متحققاً.

سؤال: كيف يكون الإخلاص في طلب العلم هل هو أن يكون طلب العلم للعلم أو للدعوة آمل الإجابة والتوضيح الشافي؟
الجواب: ذكرنا لكم مراراً أن الإخلاص في طلب العلم والنية فيه يكون بشيئين؛ الأول: أن يكون متقربا به إلى الله جل وعلا وحده, لا يرد بطلب العلم نيل جاه في الدنيا, ولا سمعة, ولا أن يصرف وجوه الناس إليه, أن يكون مخلصا لله, يرجو الله والدار الآخرة, بل قصد وجه الله بالأعمال والأقوال والنيات.

والثاني: في تحقيق الإخلاص والنية الصحيحة في طلب العلم أن ينوي بطلبه للعلم رفع الجهل عن نفسه حين يطلب, لماذا تطلب العلم؟! تنوي رفع الجهل عن نفسك, والجهل ذمه الله جل وعلا, وامتدح أهل العلم, وبين أنه رفعهم على المؤمنين درجات, فإذن يطلب العلم ليرفع الجهل عن نفسه, لهذا سئل الإمام أحمد كيف تكون النية الصالحة في العلم؟! قال: أن ينوي رفع الجهل عن نفسه, يعني: مع نية الإخلاص لله جل جلاله, ثم بعد ذلك إذا ترقى ووجد لنفسه انشراحا أن يعلم غيره, هنا يكون معه نية أخرى أيضا أن ينوي بطلبه للعلم رفع الجهل عن الناس, يكون لا ينوي أن يتصدر, أن يقال: هذا فلان. بل ينوي أن يرفع الجهل عن الناس, وهذه النية الصالحة لها علامة, لها علامة, ولها دلالة, وهو أن يكون في تعلمه لنفسه أو في تعليمه أن يعلم ما يحتاجه الناس, أما أن يعلم ما لا يحتاجه الناس فهذه ربما تكون لشهوة في النفس, وربما تكون لغرض آخر, لهذا ابن تيمية لما بحث مسألة الأعمال وذكرتها لكم أيضا عدة مرات, لما ذكر الأعمال التي يفعلها المؤمن لرغبة وشهوة له فيها, مثلا: يحب يكرم الناس لأجل رغبة هو في داخله يرتاح, إذا أكرم الناس ارتاح, يحب يعطي فلان, ويعطي فلان, ويتوسط لفلان, ويسعى ويكون عنده نخوة لشيء يجده في صدره, إذا فعل هذه ارتاح, ونحو ذلك.
طالب العلم يطلب العلم, لأنه ينشرح لطلب العلم, تقول له: ادرس العقيدة, يقول: لا أنا منشرح في مصطلح الحديث, وفى الرجال, أنا منشرح الصدر في هذا الأمر, منشرح الصدر في طلب السيرة, تبحث معه في الحلال والحرام لا يعرف أحكام كثيرة في الصلاة, والحج, أو في البيوع, أو في معاملته مع أهله, أو نحو ذلك من الأحكام.
فهنا سئل شيخ الإسلام هل من عمل عملا مما يتعبد به للذة تحصل له في هذا العمل هل هو مأجور أم يكون مرائياً؟
وأجاب عنها في رسالة مطبوعة بتحقيق الدكتور رشاد سالم, رحمه الله تعالى, وملخص الجواب أنه إن كان في أصله مخلصا لله جل وعلا فيكون ما حصل له من لذة الطاعة يكون تبعاً لأصله, لكن ينبغي أن ينتبه إلى التفريق ما بين اللذة التي هي للدنيا واللذة التابعة, يعنى: شيء تبع شيئا, أو هو مستقل باللذات, يعني: يريده للذة له واستدل له, يعنى: الجواب طويل, واستدل له بما ثبت في السنن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبلال: ((يا بلال, اقم الصلاة, أرحنا بها)).

(الوجه الثاني)

أصله مخلصا لله جل وعلا, فيكون ما حصل له من لذة الطاعة يكون تبعاً لأصله, لكن ينبغي أن ينتبه إلى التفريق ما بين اللذة التي هي للدنيا واللذة التابعة, يعنى: شيء تبع شيئا, أو هو مستقل باللذات, يعني: يريده للذة له واستدل له يعني: الجواب طويل, واستدل له بما ثبت في السنن, أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبلال: ((يا بلال, اقم الصلاة, أرحنا بها)).
فقوله: ((أرحنا بها)) دل على أن حصول الراحة للإنسان بالتعبد لا يمنع صحة العبادة والإخلاص فيها, كذلك السياحة, المرء يذهب لشيء يجده في نفسه من السياحة, وقد أثنى الله جل وعلا على عباده بأنهم سائحون, والسائحون إما أن يكونوا الصائمين كما في تفسير, أو أن يكونوا المجاهدين في سبيل الله في تفسير, فحصول هذه اللذة لهم لم تمنع الأجر, فالمقصود من ذلك أن تحصيل النية الصالحة في العلم والانتباه لهذا الأصل مهم, لأجل الإقبال على الخير والمداومة على ذلك, نكتفي بهذا القدر (إيش هذا) كلام غير متعلق بالدرس.
نكتفي بهذا و نلتقي بكم إن شاء الله تعالى وصلى الله وسلم على نبينا محمد اقرأ.


* ما بين المعقوفتين غير مسموع في الشريط ,

* غير مسموع في الشريط .

* لعل الشيخ يقصد : (الأمر) ؛ لأن السياق يقتضيها .

* كلام ليس له فائدة علمية .


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 11:22 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


من عقيدة أهل السنة والجماعة: أنهم لا يرون القتل والسيف على أحد من الأمة إلا من وجب عليه ذلك، كإقامة الحدود ونحوها. ومن عقيدتهم: عدم جواز الخروج على الأئمة والولاة وإن كانوا ظالمين. ومن عقيدتهم: اتباع السنة والجماعة، ونبذ الخلاف والشقاق والفرقة، ومحبة أهل العدل والدين والإيمان، وبغض أهل الفسوق والعصيان، ويرون الحج والجهاد مع ولاة الأمور برهم وفاجرهم، خلافاً للرافضة الذين لا يرون الجهاد إلا مع غائبهم المنتظر المزعوم.

السيف مرفوع عن أمة محمد إلا بحق
قال المصنف رحمه الله: [ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إلا من وجب عليه السيف]. من وجب عليه السيف قد يكون معيناً وقد يكون جماعةً، أما المعين فإنه يجب عليه السيف فيه أحوال: منها: من بدل دينه كما في حديث ابن عباس : (من بدل دينه فاقتلوه) ، ومنها الثلاث المذكورة في حديث: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) فهذه من موجبات السيف، وهي من الحدود الشرعية، أو يكون السيف موجبه الكفر. ......

عدم جواز الخروج على ولاة الأمور واجتناب الفرقة والشقاق
قال: [ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة] . قوله: (ولا نرى الخروج على أئمتنا)، أي: على أئمة المسلمين، وهم سلاطينهم الذين أقاموا أصل الإسلام. (وإن جاروا) أي: وإن ظلموا، فسواء كان هذا السلطان مؤمناً براً راشداً قائماً بالعدل والقسط، أو كان مسلماً ولكنه ظالم ومقصر، وسواء كان التقصير من جهة نفسه، أو من جهة رعيته، فإن تقصيره وظلمه لا يكون مسوغاً للخروج عليه، بل الأصل طاعته بالمعروف. وهذه جملة يعبر بها أهل السنة كثيراً وهي: أنه لا يجوز الخروج على أئمة الجور، ومن باب أولى على أئمة العدل، وهذه الفتنة تعرض للمسلمين في بعض أحوالهم، وقد سبق في التاريخ أن خرج البعض على نوع من الاجتهاد، لدفع ظلم فصار بهذا من الخروج من الشر والفساد ما هو أكثر من ذلك، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يعظم هذه المسألة كثيراً ويجزم بأن من أصول أهل السنة والجماعة، أنهم يرون وجوب السمع والطاعة لأولي الأمر سواء كانوا أبراراً أو كانوا فجاراً. والطاعة كما هو معلوم مقيدة بالمعروف، وهذه المسألة ينبغي لطالب العلم أن يفقهها، وهي مقام من مقامات الديانة التي يجب على المسلم أن يتدين بها، فإنه إذا كان ولي الأمر مسلماً محققاً لأصل الإسلام قائماً به، لزم طاعته وحرم الخروج عليه بالسيف، أو حتى بالقول. ......

الدعاء لولاة الأمور
قوله: (ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية). ونرى طاعتهم بالمعروف من طاعة الله، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من يطع أميري فقط أطاعني، ومن يعص أميري فقد عصاني) كما في حديث أبي هريرة في الصحيح. قوله: (وندعو لهم بالصلاح والمعافاة). أي: وندعو لهم بالصلاح والاستقامة والمعافاة والهداية، ونحو ذلك مما هو موجب لمصلحتهم ومصلحة الرعية.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ولا, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir