دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 02:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (فهذا جملة ما يحتاجه من هو منور قلبه من أولياء الله...)

فهذا جُمْلَةُ ما يَحْتَاجُ إليهِ مَن هو مُنَوَّرٌ قَلْبُهُ مِن أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالى.
وهيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ في العلمِ.
لأنَّ العلمَ عِلْمَانِ: عِلْمٌ في الخلقِ مَوْجُودٌ، وعِلْمٌ فِي الخَلْقِ مَفْقُودٌ.
فَإِنْكَارُ العلمِ الموجودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العلمِ المَفْقُودِ كُفْرٌ.
ولا يَثْبُتُ الإيمانُ إِلاَّ بِقَبُولِ العلمِ الموجودِ، وَتَرْكِ طَلَبِ العلمِ المَفْقُودِ.

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 04:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز


فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى. وهي درجة الراسخين في العلم؛ لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود([1])، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود.


([1]) مراده رحمه الله بالعلم المفقود: هو علم الغيب وهو مختص بالله عز وجل، ومن ادعاه من الناس كفر، لقول الله سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ}//سورة الأنعام الآية 59// الآية. قوله عز وجل: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}//سورة النمل الآية 65// الآية.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم )مفتاح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا قوله سبحانه{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}//سورة لقمان الآية 34// الآية.
والأحاديث الصحيحة الكثيرة التي وردت في الباب كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب مع أنه أفضل الخلق وسيد الرسل فغيره من باب أولى، وهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم من ذلك إلا ما علمه إياه سبحانه، ولما تكلم أهل الإفك في عائشة رضي الله عنها لم يعلم براءتها إلا بنزول الوحي، ولما ضاع عقدها في بعض أسفاره صلى الله عليه وسلم بعث جماعة في طلبه ولم يعلم مكانه حتى أقاموا البعير فوجدوه تحته، والأدلة من الكتاب والسنة في هذا كثيرة والحمد الله.

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 04:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) فهذا جُمْلَةُ ما يَحْتَاجُ إليهِ مَن هو مُنَوَّرٌ قَلْبُهُ مِن أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالى.
(2) وهيَ دَرَجَةُ الرَّاسِخِينَ في العلمِ.
(3) لأنَّ العلمَ عِلْمَانِ: عِلْمٌ في الخلقِ مَوْجُودٌ، وعِلْمٌ فِي الخَلْقِ مَفْقُودٌ.
(4) فَإِنْكَارُ العلمِ الموجودِ كُفْرٌ، وَادِّعَاءُ العلمِ المَفْقُودِ كُفْرٌ.
(5) ولا يَثْبُتُ الإيمانُ إِلاَّ بِقَبُولِ العلمِ الموجودِ، وَتَرْكِ طَلَبِ العلمِ المَفْقُودِ.



(1) أي: يَحْتَاجُهُ في أمورِ القضاءِ والقدرِ، فأنتَ تُؤْمِنُ بالقدرِ ومراتبِهِ الأربعِ؛ تُؤْمِنُ بِتَفَاصِيلِهَا التي جاءَتْ في الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا تَدْخُلُ في المناقشاتِ والاعتراضاتِ، بلْ تَعْمَلُ العملَ الصالحَ والأسبابَ المناسبةَ.

(2)الراسخونَ، يعني: الثابتينَ في العلمِ، الذين عِنْدَهُم عِلْمٌ راسخٌ، ولَيْسَ عندَهُم شُكُوكٌ ولا جهلٌ، فهم يُؤمنونَ بالقضاءِ والقدرِ، ويعملونَ الأعمالَ الصالحةَ، ويَتْرُكُونَ الأعمالَ السيِّئَةَ، ولا يَتَدَخَّلُونَ مع اللَّهِ في سِرٍّ من أسرارِهِ، ولا يُنَاقِشُونَهُ ويَعْتَرِضُونَ عليهِ، هذا شأنُ الراسخينَ في العلمِ، وأَمَّا الجُهَّالُ فَيَدْخُلُونَ في ضلالاتٍ وأمورٍ ابْتَدَعُوهَا.


(3) العلمُ عِلْمَانِ: علمٌ اسْتَأْثَرَ به اللَّهُ، فلا يَعْلَمُهُ إِلاَّ هوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو عِلْمُ الغيبِ.
وعلمٌ في الخلقِ موجودٌ، عَلَّمَهُم اللَّهُ إِيَّاهُ، وهو ما لَهُم فيهِ مصلحةٌ, وذلكَ بما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتابِ، وما أَرْسَلَ بهِ الرسولَ {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: 129) الكتابَ: القرآنَ، والحكمةَ: السُّنَّةَ، وقِيلَ: الفقهَ في دينِ اللَّهِ، فاللَّهُ عَلَّمَنَا والرسولُ عَلَّمَنَا {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 151).

(4)إنكارُ العلمِ الشرعيِّ وما فيهِ من الأمرِ والنهيِ والإخبارِ عن الماضي والمستقبلِ، إِنْكَارُهُ كُفْرٌ.

علمِ الغيبِ كُفْرٌ {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} (النمل: 65)، وَأَكْمَلُ الخلقِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ يقولُ: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) (الأعراف: 188) فالنبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ لا يَعْلَمُ الغيبَ إِلاَّ ما عَلَّمَهُ اللَّهُ {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ} (البقرة: 255).


(5) لا يَثْبُتُ الإيمانُ إِلاَّ بقبولِ العلمِ الموجودِ، وهو علمُ الكتابِ والسُّنَّةِ، وَتَرْكِ عِلْمِ الغيبِ للهِ {فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ}.

  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 08:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: (فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان الا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود).

ش: الإشارة بقوله: فهذا. إلى ما تقدم ذكره، مما يجب اعتقاده والعمل به، مما جاءت به الشريعة. وقوله: وهي درجة الراسخين في العلم. أي علم ما جاء به الرسول جملة وتفصيلاً، نفياً وإثباتاً. ويعني بالعلم المفقود: علم القدر الذي طواه الله عن أنامه، ونهاهم عن مرامه. ويعني بالعلم الموجود: علم الشريعة، أصولها وفروعها، فمن أنكر شيئاً مما جاء به الرسول كان من الكافرين، ومن ادعى علم الغيب كان من الكافرين. قال تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول، الآية. وقال تعالى: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير. ولا يلزم من خفاء حكمة الله علينا عدمها، ولا من جهلنا انتفاء حكمته. ألا ترى أن خفاء حكمة الله علينا في خلق الحيات والعقارب والفأر والحشرات، التي لا يعلم منها إلا المضرة: لم ينف أن يكون الله تعالى خالقاً لها، ولا يلزم أن لا يكون فيها حكمة خفيت علينا، لأن عدم العلم لا يكون علما بالمعدوم.

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى:

فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى , وهي درجة الراسخين في العلم؛ لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود , وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر , وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود، ونؤمن باللوح والقلم , وبجميع ما فيه قد رقم، فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لن يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى في ليجعلوه كائناً لن يقدروا عليه، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة , وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه , وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه , فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً , ليس فيه ناقض ولا معقب ولا مزيل، ولا مغير , ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته , كما قال تعالى في كتابه: ] وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً[ , وقال تعالى: ] وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً [ , فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً , وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً، لقد التمس بوَهَمه في فحص الغيب سراً كثيماً , وعاد بما قال فيه أفاكاً أثيماً.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد ربي الله جل وعلا على ما أنعم به وتفضل , وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه , وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد..,

فأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياك من الذين غفر ذنبهم , وبارك لهم في قولهم وعملهم , اللهم فاغفر ذنوبنا وأجزل أجورنا وأنت أرحم الراحمين.

هذه الجمل من كلام الطحاوي رحمه الله تعالى , بسط فيها جملاً من آداب الإيمان بقدر الله جل وعلا، وعلى خلاف العادة في المختصرات والمتون التي يراد حفظها وانتشارها؛ فإنه قد أفاض في الكلام مما لا يدخل كله في ضمن القواعد والأصول والعقائد , وإنما فيه جمل من ذلك وأكثره تفصيل وزيادة في البيان.

ولهذا سنطوي إن شاء الله بيان الجمل على تفاصيلها , ونذكر ما اشتملت عليه من العلوم والعقائد؛ لأن المقصود هو العلم والإيمان بقدر الله جل وعلا، ومعرفة منهج السلف الصالح وعقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسائل العظام.

لما ذكر ما ذكر , وقد ذكرنا لكم جملاً من المسائل التي بها تعلم اعتقاد أهل السنة والجماعة في قضاء الله جل وعلا وقدره، فقال بعدها: "فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم؛ لأن العلم علمان؛ علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود"، أراد بذلك أن ما ذكره في القدر وما ذكرناه لك من المسائل, هذا من العلم الذي عَلَمناه ربنا جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم , مع أن الأصل أن القدر سر الله تعالى وغيبه الذي لم يطلع عليه ملك مقرب , ولا نبي مرسل .

ولهذا أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه إذا ذكر القدر أمسكنا , فقال عليه الصلاة والسلام: ((وإذا ذكر القدر فأمسكوا)) يعني: أمسكوا عن الخوض فيه لما لم توقفوا فيه على علم، فعلم القدر نوعان، علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، وهذا تفسير أنسب عندي لأجل أن نعلق تقسيم العلم إلى علم موجود وعلم مفقود فيما يتصل بالقدر لا في أصل العلوم؛ لأنه أشار في ذلك إلى ما سبق فقال: "فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه" .

ومعلوم أنه لم يذكر كل ما يحتاج إليه من هو منور قلبه في مسائل العقائد؛ لأنه بقي كثير ستأتي في هذه الرسالة، فإرجاع قوله: "فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه إلى مسائل القدر منضبط"، أما إذا قيل: إنه إلى علم العقيدة جميعاً؛ فإنه لم يذكر أشياء كثيرة , وستأتي بعد الكلام على مسائل القدر كما ستراه إن شاء الله تعالى.

فإذن نقول: إن الطحاوي رحمه الله تعالى أراد أن علم القدر العلم به على نوعين: علم في الخلق موجود , وهو ما علمنا الله جل وعلا إياه في كتابه , وما علمنا رسوله عليه الصلاة والسلام.
وهذا كما قال: "إنكار العلم الموجود كفر" إذا تبين أنه من عند الله جل وعلا وليس ثم شبهة ولا تأويل، فإن إنكار العلم الموجود كفر؛ لأنه تكذيب لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم، والعلم الموجود في القدر كما رأيت مما جاء في الكتاب والسنة، يعلمه الراسخوان في العلم، وأما من ليس بذي رسوخ في العلم فإنه في مسائل القدر لا يزال على اشتباه، وعلى عدم وضوح، فالواجب على من لم يكن من الراسخين في العلم من عامة أهل الإيمان أن يقول: ربنا ] آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا [ كما وصف الله جل وعلا الراسخين مع علمهم أنهم قالوا ذلك؛ ليقتدي بهم الناس فيما لم يعلموا، قال سبحانه: ] وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا [ يعني: آمنا بالمحكم , وآمنا بالمتشابه , كل من عند الله جل وعلا , لا نفرق بين كلام الله جل وعلا , والراسخون في العلم هم أهل الثبوت والقوة في العلم الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن الرسوخ هو (غير مسموع) والاستقرار والقوة والتمكن , فهؤلاء يعلمون؛ لأنه وصفهم بكونهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون؛ لأن الذي لا يعلم لا يوصف بالرسوخ في العلم، وهم متميزون عن غيرهم بالعلم والإيمان، والرسوخ في العلم هو الرسوخ في أنواع العلم الثلاث، العلم بالتوحيد، العلم بالفقه، العلم باليوم الآخر والغيبيات، فهؤلاء هم الراسخون في العلم.

وقد يكون الرسوخ في العلم يتنوع أيضاً , ولكن من لم يصح علمه بالتوحيد فإنه ليس بذي رسوخ في العلم مهما كان؛ لأن أصل الأصول هو الاعتقاد , أصل الأصول هو التوحيد الذي معه يصح الفقه , يصح العمل , تصح العبادة، يصح الحكم والإفتاء إلى آخره .
فإذن أهل الرسوخ في العلم يعلمون أن العلم علمان؛ علم في الخلق موجود يعني جعله الله جل وعلا مما في القدر , جعله موجودا في الخلق فيما أنزل في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم , وشيء كثير من مسائل القدر حجبها الله جل وعلا عن عباده.

لهذا فإن أهل الرسوخ في العلم يبسطون من مسائل القدر بما جاء في الأدلة , ويطوون من مسائل القدر ما لم يأت في الأدلة , ولذلك كل ما لم يكن مبسوطاً عند أهل العلم الراسخين من أهل الحديث والسنة والجماعة , فإن هذا العلم يعني الذي تكلم فيه الآخرون ينبغي ألا يتكلم فيه أحد؛ لأن ما طوي الله جل وعلا عنا علمه فإن الخير في ألا نبحث فيه لهذا قال: "التعمق والنظر في ذلك" يعني في النوع الذي هو من العلم المفقود ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان , فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً وسوسة؛ فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه.

قال الطحاوي رحمه الله تعالى: "وادعاء العلم المفقود كفر؛

الـوجـه الـثـانـي

لأنه غيبي , ومن ادعى الغيب الذي اختص الله جل وعلا به، فإنه كافر؛ وذلك لقوله جل وعلا: ] عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً *[ جل جلاله , وقال سبحانه: ] وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ [ , وقال جل وعلا: ] إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ [ .

فهذه الخمس اختص الله جل وعلا بها، لهذا علم القدر من علم الغيب , وعلم الغيب عام يشمل القدر ويشمل غيره، لهذا قال رحمه الله: "ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود وترك طلب العلم المفقود، فالمؤمن الحق لا يخوض في القدر إلا خوضاً بحثا عن العلم الموجود فيؤمن به، وأما العلم المفقود فيترك طلبه ".

  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 10:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


وجوب الوقوف عند ما أوقفنا الله عليه
قال المصنف رحمه الله: [فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى، وهي درجة الراسخين في العلم، لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود] . هذه الجملة فيها أثر من أثر الصوفية، فإن لفظ (الولاية) وإن كان لفظاً شرعياً بالإجماع، لكن يستعمله الصوفية كثيراً، فإنهم إذا ذكروا ذلك خصوا هذا المقام بالأولياء، ولا يذكرون أهل العلم كما يذكرون الأولياء، ويجعلون الولاية مقاماً من مقامات الأحوال وليست مقاماً من مقامات المعرفة. وقوله: (فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر). العلم الموجود هو ما علَّم الله سبحانه وتعالى رسوله إياه كما قال تعالى: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء:113] ، فهذا العلم الذي بُعث به صلى الله عليه وسلم وعلمه أمته هو العلم الذي إنكاره كفر، وأما ما استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه من أسمائه، وأفعاله، وقضائه، وقدره، وأحكامه، وحِكمه، فإن هذا علم من زعمه فقد كفر، فإنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، فهذا هو المقصود عند أبي جعفر ، وهو حسن صحيح.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
فهذا, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir