دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 11:52 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي قوله: (وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً...)

وَكَما كانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، كذلكَ لا يَزَالُ عليها أَبَدِيًّا.
ليسَ بعدَ خَلْقِ الخَلْقِ اسْتَفَادَ اسمَ (الخالِقِ).
وَلاَ بِإِحْدَاثِ البَرِيَّةِ اسْتَفَادَ اسمَ (البَّارِي).
له مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ ولا مَرْبُوبَ، ومَعْنَى الخالقِ ولا مَخْلُوقَ.
وكما أَنَّهُ مُحْيِي المَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هذا الاسمَ قبلَ إِحْيَائِهِم، كذلكَ اسْتَحَقَّ اسمَ الخالقِ قبلَ إِنْشَائِهِم.


  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 01:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز


[لا يوجد تعليق للشيخ]


  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 01:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1)وَكَما كانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، كذلكَ لا يَزَالُ عليها أَبَدِيًّا.
(2)ليسَ بعدَ خَلْقِ الخَلْقِ اسْتَفَادَ اسمَ (الخالِقِ).
(3)وَلاَ بِإِحْدَاثِ البَرِيَّةِ اسْتَفَادَ اسمَ (البَّارِي).
(4)له مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ ولا مَرْبُوبَ، ومَعْنَى الخالقِ ولا مَخْلُوقَ.
(5)وكما أَنَّهُ مُحْيِي المَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هذا الاسمَ قبلَ إِحْيَائِهِم، كذلكَ اسْتَحَقَّ اسمَ الخالقِ قبلَ إِنْشَائِهِم.




(1) كما أَنَّهُ مَوصوفٌ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، يَعْنِي: لا بدايةَ لذلكَ، كذلكَ صِفَاتُهُ تُلَازِمُهُ – سُبْحَانَهُ – في المستقبلِ، فهو بِصِفَاتِهِ أَبَدِيٌّ لا نِهَايَةَ لهُ (أَنْتَ الآخِرُ فَلَا بَعْدَكَ شَيْءٌ) بِاسْمِكَ وَصِفَاتِكَ، ولا يُقَالُ: إنَّ هذه الصفاتِ تَنْقَطِعُ عنهُ في المستقبلِ، بلْ هي مُلَازِمَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
(2) هذا تَوْضِيحٌ وَتَكْرَارٌ لِمَا سَبَقَ.


(3) من أسماءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: البَارِي، يعني: الخالقُ، بَرَى الخلقَ، يعني: خَلَقَهُم، فهو الباري، وهذا الاسمُ مُلَازِمٌ لِذَاتِهِ لَيْسَ لَهُ بِدَايَةٌ.

(4)كَذَلِكَ هو رَبٌّ قَبْلَ أنْ تُوجَدَ المَرْبُوبَاتُ، والربُّ مَعْنَاهُ: المالِكُ والمُتَصَرِّفُ والمُصْلِحُ والسيِّدُ، وهذه الصفاتُ لَازِمَةٌ لذاتِهِ، يُوصَفُ بالرُّبُوبِيَّةِ بلا بدايةٍ ولا نِهَايَةٍ، قَبْلَ وُجُودِ المَرْبُوبَاتِ وبعدَ فناءِ المَرْبُوبَاتِ.

(5)كما أنَّهُ – سُبْحَانَهُ – يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مُحْيِيَ المَوْتَى في الأَزَلِ، وبأنَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، ولا يكونُ هذا الوصفُ معدومًا حتى يكونَ أَحْيَا الموتَى، وَإِنَّمَا هذا لهُ من القديمِ والأزلِ، وأمَّا إحياءُ الموتى فهذا مُتَجَدِّدٌ، أَحْيَا وَيُحْيِي سُبْحَانَهُ إذا شَاءَ.


  #4  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 10:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي

قوله: (ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بأحداثه البرية استفاد اسم الباري)

ش: ظاهر كلام الشيخ رحمه الله أنه يمنع تسلسل الحوادث في الماضي، ويأتي في كلامه ما يدل على أنه لا يمنعه في المستقبل، وهو قوله والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبداً ولا تبيدان، وهذا مذهب الجمهور كما تقدم.
ولا شك في فساد قول من منع ذلك في الماضي والمستقبل، كما ذهب إليه الجهم وأتباعه، وقال بفناء الجنة والنار، لما يأتي من الأدلة إن شاء الله تعالى.
وأما قول من قال بجواز حوادث لا أول لها، من القائلين بحوادث لا آخر لها - فأظهر في الصحة من قول من فرق بينهما، فإنه سبحانه لم يزل حياً، والفعل من لوازم الحياة، فلم يزل فاعلاً لما يريد، كما وصف بذلك نفسه، حيث يقول: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}.
والآية تدل على أمور:
أحدها: أنه تعالى يفعل بإرادته ومشيئته.
الثاني: أنه لم يزل كذلك، لأنه ساق ذلك في معرض المدح والثناء على نفسه، [و] أن ذلك من كماله سبحانه، ولا يجوز أن يكون عادماً لهذا الكمال في وقت من الأوقات. وقد قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}.
ولما كان من أوصاف كماله ونعوت جلاله لم يكن حادثاً بعد أن لم يكن.
الثالث: أنه إذا أراد شيئاً فعله، فان ما موصوله عامة، أي: يفعل كل ما يريد أن يفعله، وهذا في إرادته المتعلقة بفعله. وأما إرادته المتعلقة بفعل العبد فتلك لها شأن آخر: فان أراد فعل العبد ولم يرد من نفسه أن يعينه عليه ويجعله فاعلاً لم يوجد الفعل وإن أراده حتى يريد من نفسه أن يجعله فاعلاً. وهذه هي النكتة التي خفيت على القدرية والجبرية، وخبطوا في مسألة القدر، لغفلتهم عنها، وفرق بين إرادته أن يفعل العبد وإرادة أن يجعله فاعلاً، وسيأتي الكلام على مسألة القدر في موضعه إن شاء الله تعالى.
الرابع: أن فعله وإرادته متلازمان، فما أراد أن يفعل فعل، وما فعله فقد أراده. بخلاف المخلوق، فإنه يريد ما لا يفعل، [وقد يفعل] ما لا يريده. فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده.
الخامس: إثبات إرادات متعددة بحسب الأفعال، وأن كل فعل له إرادة تخصه، هذا هو المعقول في الفطر، فشأنه سبحانه أنه يريد على الدوام ويفعل ما يريد.
السادس: أن كل ما صح أن تتعلق به أرادته جاز فعله، فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، وأن يري عباده نفسه، وأن يتجلى لهم كيف شاء، ويخاطبهم، ويضحك إليهم، وغير ذلك مما يريد سبحانه - لم يمتنع عليه فعله، فإنه تعالى فعال لما يريد. وإنما يتوقف صحة ذلك على اخبار الصادق به، فإذا أخبر وجب التصديق، وكذلك محو ما يشاء، واثبات ما يشاء، كل يوم هو في شأن، سبحانه وتعالى.
والقول بأن الحوادث لها أول، يلزم منه التعطيل قبل ذلك، وأن الله سبحانه وتعالى لم يزل غير فاعل ثم صار فاعلاً. ولا يلزم من ذلك قدم العالم، لأن كل ما سوى الله تعالى محدث ممكن الوجود، موجود بإيجاد الله تعالى له، ليس له من نفسه إلا العدم، والفقر والإحتياج وصف ذاتي لازم لكل ما سوى الله تعالى، والله تعالى واجب الوجود لذاته، غني لذاته، والغنى وصف ذاتي لازم له سبحانه وتعالى.
والناس قولان في هذا العالم: هل هو مخلوق من مادة أم لا ؟ واختلفوا في أول هذا العالم ما هو؟ وقد قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}.
وروى البخاري وغيره عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قال أهل اليمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن [أول] هذا الأمر، فقال: كان الله ولم يكن شيء قبله، وفي رواية: ولم يكن شيء معه، وفي رواية غيره: وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض، وفي لفظ: ثم خلق السماوات والأرض. فقوله كتب في الذكر [، يعني اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ} يسمى ما يكتب في الذكر ذكراً،] كما يسمى ما يكتب في الكتاب كتاباً.
والناس في هذا الحديث على قولين:
منهم من قال: أن المقصود أخباره بأن الله كان موجوداً وحده ولم يزل كذلك دائماً، ثم ابتدأ أحداث جميع الحوادث، فجنسها وأعيانها مسبوقة بالعدم، وأن جنس الزمان حادث لا في زمان، وأن الله صار فاعلاً بعد أن لم يكن يفعل شيئاً من الأزل إلى حين ابتداء الفعل كان الفعل ممكناً.
والقول الثاني: المراد إخباره عن مبدأ خلق هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة أيام ثم استوى على العرش، كما أخبر القرآن بذلك في غير موضع، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قدر الله تعالى مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)). فأخبر صلى الله عليه وسلم أن تقدير هذا العالم المخلوق في ستة أيام كان قبل خلقه السماوات بخمسين ألف سنة، وأن عرش الرب تعالى كان حينئذ على الماء.
دليل صحة هذا القول الثاني من وجوه:
أحدها: أن قول أهل اليمن جئناك لنسألك عن أول هذا الأمر، وهو اشارة الى حاضر مشهود موجود، والأمر هنا بمعنى المأمور، أي الذي كونه الله بأمره. وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم عن بدء. هذا العالم الموجود، لا عن جنس المخلوقات، لأنهم لم يسألوه عنه، وقد أخبرهم عن خلق السماوات والأرض حال كون عرشه على الماء، ولم يخبرهم عن خلق العرش، وهو مخلوق قبل خلق السماوات والأرض.
وأيضاً : فإنه قال: كان الله ولم يكن شيء قبله، وقد روي معه، وروي غيره، والمجلس كان واحداً، فعلم أنه قال أحد الألفاظ والآخران رؤيا بالمعنى، ولفظ القبل ثبت عنه في غير هذا الحديث. ففي حديث مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول في دعائه: ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ..)) ، الحديث. واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما في موضع آخر، ولهذا كان كثير من أهل الحديث إنما يرويه بلفظ القبل، كالحميدي و البغوي و ابن الاثير. وإذا كان كذلك لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث، ولا لأول مخلوق.
وأيضاً: فإنه يقال: كان الله ولم يكن شيء قبله أو معه أو غيره، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء. فأخبر عن هذه الثلاثة بالواو، و خلق السماوات والأرض روي بالواو وبثم، فظهر أن مقصوده إخباره إياهم ببدء خلق السماوات والأرض وما بينهما، وهي المخلوقات التي خلقت في ستة أيام، لا إبتداء خلق ما خلقه الله قبل ذلك، وذكر السماوات والأرض بما يدل على خلقهما، وذكر ما قبلهما بما يدل على كونه ووجوده، ولم يتعرض لابتداء خلقه له. وأيضاً: فإنه إذا كان الحديث قد ورد بهذا وهذا، فلا يجزم بأحدهما إلا بدليل، فإذا رجح أحدهما فمن جزم بأن الرسول أراد المعنى الآخر فهو مخطىء قطعاً، ولم يأت في الكتاب ولا في السنة ما يدل على المعنى الآخر، فلا يجوز إثباته بما يظن أنه معنى الحديث، ولم يرد كان الله ولا شيء معه مجرداً، وإنما ورد على السياق المذكور، فلا يظن أن معناه الإخبار بتعطيل الرب تعالى دائماً عن الفعل حتى خلق السماوات والأرض. وأيضاً: فقوله صلى الله عليه وسلم: كان الله ولاشيء قبله، أو معه، أو غيره، وكان عرشه على الماء، لا يصح أن يكون المعنى أنه تعالى موجود وحده لا مخلوق معه أصلاً، لأن قوله وكان عرشه على الماء. يرد ذلك، فإن هذه الجملة وهي وكان عرشه على الماء إما حالية، أو معطوفة، وعلى كلا التقديرين فهو مخلوق موجود في ذلك الوقت، فعلم أن المراد ولم يكن شيء من هذا العالم المشهود.

قوله: (له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق).

ش: يعني أن الله تعالى موصوف بأنه الرب قبل أن يوجد مربوب، وموصوف بأنه خالق قبل أن يوجد مخلوق. قال بعض المشايخ الشارحين: وإنما قال: له معنى الربوبية ومعنى الخالق دون الخالقية، لأن الخالق هو المخرج للشيء من العدم إلى الوجود لا غير، والرب يقتضي معاني كثيرة، وهي: الملك والحفظ والتدبير والتربية وهي تبليغ الشيء كماله بالتدريج، فلا جرم أتى بلفظ يشمل هذه المعاني، وهي الربوبية. انتهى. وفيه نظر، لأن الخلق يكون بمعنى التقدير أيضاً.

قوله: ( وكما أنه محيي الموتى بعد ما أحيا استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق أسم الخالق قبل إنشائهم ).

ش: يعني: أنه سبحانه وتعالى موصوف بأنه محيي الموتى قبل إحيائهم، فكذلك يوصف بأنه خالق قبل خلقهم، إلزاماً للمعتزلة ومن قال بقولهم، كما حكينا عنهم فيما تقدم. وتقدم تقرير أنه تعالى لم يزل يفعل ما يشاء.


  #5  
قديم 4 ذو الحجة 1429هـ/2-12-2008م, 10:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)

قال: "وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبدياً" يعني أن صفات الرب جل وعلا كما أنه لم يزل عليها، وهو أول بصفاته، فهو أيضاً جل وعلا آخر بصفاته، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فصفات الرب جل وعلا أبدية أزلية، لا ينفك عنه الوصف في الماضي البعيد، ولا في المستقبل، بل هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزدد بخلقه شيئاً، لا في جهة الأولية، ولا في جهة الآخرية، بل هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزل بصفاته أولاً سبحانه وآخراً.
قال: "ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري"، أراد بذلك أنه جل وعلا من أسمائه الخالق، ومن صفاته الخلق قبل أن يخلق، فلم يصر اسمه الخالق بعد أن خلق، بل هو اسمه الخالق جل وعلا قبل أن يخلق، ولم يكن اسمه الباري بعد أن برأ الخليقة بل اسمه الباري قبل أن يبرأ الخليقة، لهذا قال بعدها: "له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق"، فقبل أن يكون، فقبل أن يكون سبحانه خالقا للخلق يعني قبل أن يكون ثم مخلوق هو خالق، وقبل أن يكون ثم مربوب هو جل وعلا الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قال: "وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا استحق هذا الاسم قبل إحيائهم" فهو سُبْحَانَهُ المحيي قبل أن يكون ثَم ميت، قبل أن يميت الموتى هو المحيي، وكذلك هو المستحق لاسم الخالق قبل إنشائهم؛ ذلك بأنه على كل شيء قدير.
هذه الجمل مترابطة في الدلالة على المعنى، الذي ذكرته لك، وهذا المعنى الذي دل عليه كلام الطحاوي يرتبط به مسائل مهمة جداً في هذا الموضع، وهذا الموضع مما يظهر منه أن الطحاوي رحمه الله خالف ما عليه أهل الحديث والأثر في هذه المسألة العظيمة؛ وذلك أن أصول هذه المسألة قديمة في البحث بين الجهمية وبين المعتزلة، وبين الكلابية والأشاعرة، وبين الماتريدية، وبين أهل الحديث والأثر، والمذاهب فيها متعددة، ولهذا نقول: نبين ما في هذه الجمل من مباحث على مسائل إيضاحاً للمقام:
المسألة الأولى: أن الناس اختلفوا في اتصاف الله جل وعلا بصفاته، هل هو متصف بها بعد ظهور آثارها؟ وأسماء الرب جل وعلا سمي بها بعد ظهور آثارها أم قبل ذلك؟
على مذاهب؛ المذهب الأول: هو مذهب المعتزلة والجهمية ومن نحا نحوهم؛ من أنه جل وعلا لم يصر له صفات ولا أسماء، إلا بعد أن ظهرت آثارها، فلما خلق صارت له صفة الخلق، وصار من أسمائه الخالق، وذلك على أصل عندهم؛ وهو أن أسماء الله جل وعلا مخلوقة، فلما خلق سماه الناس الخالق، وخلق له اسم الخالق، فعندهم أنَّ الزمان لما ابتدأ فيه الخلق أو الرَّزق أو الإنشاء صار بعده له اسم الخالق، وقبل ذلك لم يكن له هذا الاسم، ولم تكن له هذه الصفات، فقبل أن يكون ثم سامع لكلامه، فليس هو سبحانه متكلماً، فلما ظهر سامع.. لما خلق سامعا لكلامه خلق كلاماً، عند المعتزلة والجهمية، فأسمعهم إياه، فصار له اسم المتكلِّم، أو صفة الكلام، لما خلق من يسمع كلامه.
كذلك صفة الرحمة على تأويلهم الذي يؤولونه، أو أنواع النعم والمنعِم والمحيي والمميت، كل هذه لا تطلق على الله عندهم، إلا بعد أن وُجد الفعل منه، على الأصل الذي ذكرته لكم عنهم: أن الأسماء عندهم والصفات مخلوقة.
المذهب الثاني: هو مذهب الأشاعرة والماتريدية، ومذهب طوائف من أهل الكلام في أن الرب جل وعلا كان متصفاً بالصفات، وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثار صفاته، ولا آثار أسمائه، بل كان زمناً طويلاً طويلاً معطلا عن الأفعال جل وعلا، له صفة الخلق وليس ثم ما يخلقه، له صفة الفعل ولم يفعل شيئاً، له صفة الإرادة، وأراد أشياء كونية مؤجلة غير منجزة، وهكذا، فمن أسمائه عند هؤلاء الخالق، ولكنه لم يخلق، ومن أسمائه عندهم أو من صفاته الكلام، ولم يتكلم، ومن صفاته الرحمة بمعنى إرادة الإنعام، وليس ثم منعَم عليه، ومن أسمائه المحيي، وليس ثم من أحيا، ومن أسمائه البارئ وليس ثم من برأ، وهكذا حتى أنشأ جل وعلا وخلق هذا الخلق المنظور، الذي تراه في الأرض والسماوات، وما قص الله علينا في كتابه، ثم بعد ذلك ظهرت آثار أسمائه وصفاته.
فعندهم أن الأسماء والصفات متعلقة بهذا العالم المنظور دون غيره، هذا العالم المنظور أو المعلوم دون غيره من العوالم التي سبقته، وقالوا: هذا فراراً من قول الفلاسفة الذين زعموا أن هذا العالم قديم، أو أن المخلوقات قديمة متناهية، أو دائمة من جهة الأولية، جهة القِدَم مع الرب جل وعلا.
والمذهب الثالث: هو مذهب أهل الحديث والأثر، وأهل السنة، أعني عامة أهل السنة، وهو أن الرب جل وعلا أول بصفاته، وصفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قديمة، يعني هو أوَّلٌ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بصفاته، وأنه سبحانه كان من جهةِ الأوليَّة بصفاته، كما عبر الماتنُ هنا بقوله: "كان بصفاته" وأنَّ صفات الرب جل وعلا لابد أن تظهر آثارُها؛ لأنه سبحانه فعَّالٌ لما يريد، والربُّ جل وعلا له صفات الكمال المطلَق، ومن أنواعِ الكمال المطلق أن يكون ما أرادَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فما أراده كوناً لابد أن يكون، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
ومن مذهب أهل السنة والأثر والحديث أنه سبحانه يجوز أن يكونَ خلق أنواعاً من المخلوقات، وأنواعاً من العوالم غير هذا العالم، الذي نراه، فجنس مخلوقات الله جل وعلا أعم من أن تكون هذه المخلوقات الموجودة الآن، فلابد أن يكون ثم مخلوقات أوجدها الله جل وعلا وأفناها، ظهرت فيها آثار أسمائه وصفاته جل وعلا؛ فإن أسماء الرب جل وعلا، وإن صفات الرب جل وعلا لابد أن يكون لها أثرها؛ لأنه سبحانه فعَّال لما يريد، فما أراده سبحانه فعله، ووصف نفسه بهذه الصفة على صيغة المبالغة الدالة على الكمال، بقوله: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ}، فما أراده سبحانه كان.
وهذا متسلسل كما سيأتي بيانه في الزمن الأول، يعني في الأولية وفي الآخرية، فهو سبحانه "كما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديًّا"، وهذا منهم يعني من أهل الحديث والأثر والسنة، هذا القول منهم؛ لأجل إثبات الكمال للرب جل وعلا، وقول المعتزلة والجهمية فيه تعطيل الرب جل وعلا عن أسمائه وصفاته، يعني: أن الله جل وعلا كان بلا صفات، وبلا أسماء، وأنه لما فعلَ وُجدت صفات الرب جل وعلا، وهذا نسبة النقص للرب جل وعلا؛ لأن الصفات هي عنوان الكمال، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كمالاته بصفاته.
وأما قول الأشاعرة والماتريدية، ومن نحا نحوهم، فهذا أيضاً فيه وصف الرب جل وعلا بالنقص؛ لأن أولئك يزعمون أنه متصف ولا أثر للصفة. ومعلوم أن هذا العالم المنظور الذي تعلقت به عندهم الأسماء والصفات هذا العالم إنما وُجد قريباً، فوجوده قريب، وإنْ كانت مدته أو عمره طويل، لكنه بالنسبة إلى الزمن بعامةٍ، الزمن المطلق، لا شك أنه قريب، لهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)) جل وعلا.
فتقدير.. فالتقدير كان قبل أن يخلق هذه الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وهي مدة محدودة، والله جل وعلا لا يحده زمان، فهو أول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس قبله شيء جل وعلا، وفي هذا إقرار؛ لأنه من جهة الأولية يتناهى الزمان في إدراك المخلوق، وننتقل من الزمان المنسوب إلى الزمان المطلق، وهذا تتقاصر عقولنا عنه وعن إدراكه، وأمَّا هذا العالم المنظور فإنه محدَث، وحدوثه قريب.
ولهذا نقول: إن قول الأشاعرة والماتريدية بأنه كان متصفاً بصفات، وله الأسماء، ولكن لم تظهر آثارها، ولم يفعل شيئاً إلا بعد أن أوجد هذا العالم، نقول: معناه أن ثم زماناً مطلقاً طويلاً طويلاً جداً، ولم يكن الرب جل وعلا فاعلاً، ولم يكن لصفاته أثر، ولا لأسمائه أثر في المعبودات وفي المربوبات، ولابد أن الله جل وعلا له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَن يعبده جل وعلا من خلقه، ولابد أن يكون له جل وعلا مخلوقات؛ لأنه سبحانه فعال لما يريد، وهذه صفة مبالغة مطلقة في الزمن كله؛ لأن (ما) اسم موصول، وأسماء الموصول تعم ما كان في حيز صلتها.
بقي أن يقال: إن قولهم أراد ولكن إرادته كانت معلقة، غير منجزة، ونقول: هذا تحكم؛ لأن هذا مما لا دليل عليه، إلا الفرار من قول الفلاسفة، ومن نحا نحوهم بقدم هذا العالم المنظور. وهذا الإلزام لا يلزم أهل الحديث والسنة والأثر؛ لأننا نقول: إن العوالمَ التي سبقتْ هذا العالم كثيرةٌ متعددة، لا نعلمها، الله جل وعلا يعلمها، وهذا ما قيل: إنه يسمَّى بقدم جنس المخلوقات، أو ما يسمى بالقدم النوعي للمخلوقات.
وهذه من المسائل الكبارِ التي نكتفي في تقريرها بما أوردنا لك في هذا المقام المختَصر. المهم أن يتقرر في ذهنك أن مذهبَ أهل الحديث والأثر في هذه المسألة لأجل كمال الرب جل وعلا، وأن غير قولهم فيه تنقُّص للرب جل وعلا، بكونه معطلاً عن صفاته، أو بكونه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى معطلاً أن يفعل، وأن تظهرَ آثار أسمائه وصفاته قبل خلق هذا العالم المعلوم أو المنظور.
المسألةُ الثانيةُ: أنَّ الطحاوي رحمه اللهُ كأنَّه يميل إلى المذهب الثاني، وهو مذهب الماتُريديَّة، وهذا من أغلاط هذه العقيدة، التي خالف فيها مؤلفها منهج أهل الحديث والأثرِ، هذا ظاهرُ كلامه، كما اعترف به الشارح، ومن شرح هذه العقيدة من الماتريدية قرروا هذا الكلام، على أن كلامه موافق لكلام أبي منصور الماتريدي والأشعري، ومن نحا نحوهم.
المسألة الثالثة: متَّصِلةٌ بهذا البحث، وهذا البحث من أصعبِ المباحثِ التي ستعرض لك في شرحنا لهذه العقيدةِ، لكن نعرضها بشيء من الوضوح والاختصارِ، وهو ما يسمَّى بمسألة التسلسل، والتسلسلُ معناه أنه لا يكونُ شيء إلا وقبله شيء ترتب عليه، أو لا يكون شيء إلا وبعده شيء ترتب عليه. والتسلسلُ على اعتبارات:
فالجهة الأولى المعتبرة في بحث التسلسل: صفات الرب جل وعلا، وللناسِ في التسلسلِ المتعلق بصفات الرب جل وعلا مذاهب:
الأول: من قال: إنَّ الرب جل وعلا يمتنعُ تسلسل صفاته في الماضي، ويمتنع تسلسل صفاته في المستقبل، فلابد من أمد يكون قد ابتدأ في صفاتِه، أو قد ابتدأتْ صفاته، ولابدَّ أيضاً من زمن تنتهي إليه صفاته، وهذا هو قول الجهمية - والعياذ بالله – وقول طائفة من المعتزلة كأبي هذيل العلاف، وجماعة منهم.
والمذهب الثاني: هو أن التسلسل في الماضي ممتنع، والتسلسل في المستقبل لا يمتنع، يعني: أن الاتصاف بالصفات لابد أن يكون له زمن ابتدأ فيه، وهذا الزمن قريب من خلق هذا العالم، الذي تعلَّقت به الأسماء والصفات، أو الذي ظهرت فيه آثار الأسماء والصفات. وفي المستقبلِ هناك تسلسل في الصفات، يعني عدم انقطاع للصفات، وهذا هو قول أهل الكلام والأشاعرة والماتريديَّةِ.
والقول الثالث؛ المذهب الثالث: هو مذهب أهل السنة والحديث، وهو أنَّ التسلسلَ ثابتٌ في الماضي، وثابتٌ في المستقبلِ، وثبوته في الماضي غير متعلِّق بخلق تتسلسل فيهم الصفات أو تظهر فيهم آثار الصفات، بل يجوز أو نقول: بل تتنوع التعلقات باختلاف العوالم. وفي المستقبل يعني في الآخرة هو جل وعلا آخر بصفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهناك التسلسل في جهة المستقبل.
مقتضى القسمة أن يكون ثَم قسم رابع، وهو أنه لا تسلسل في المستقبل، وهناك تسلسل في الماضي، هذا مقتضى الثبر والتقسيم في القسمة، وهذا لا قائل به من المذاهب المعروفة، يعني لا يعرف أن أحدا قال بهذا القسم.
إذا تبين لك ذلك فهذه المسألة بحثت أولا ـ مسألة التسلسل ـ قبل بحث المسألة الأولى التي ذكرناها لكم من جهة مذاهب الناس في الصفات تعلقها بالخلق، يعني الثلاثة مذاهب (اللي) ذكرناهم، فلما بحث التسلسل نتج منه البحث الأول، ولهذا إذا أردت أن تفهم جهة التسلسل تفهم أثرها الذي ذكرته لك في الأول؛ لأن كلا من هاتين المسألتين مرتبط بالمسألة الأخرى.
الجهة الثانية من الاعتبار: تسلسل المخلوقات ـ تسلسل في صفات الخالق ذكرناه ـ والجهة الثانية من الاعتبار: التسلسل في المخلوقات، والتسلسل في المخلوقات، للناس فيه مذهبان فيما أعلم:
الأول: تسلسل في الماضي، وهذا ممتنع عند عامة الناس إلا الفلاسفة، الذين قالوا: إنه لا عالم إلا هذا العالم، وأن هذا العالم لم يزل في الماضي، وأنه ما من علة فيه إلا وهي مؤثرة لمعلول فيه أيضاً، وأن هذا العالم ترتب التسلسل فيه الآخر عن الأول، والثاني عن ما قبله، وليس ثم غيره.
نقول: إن هذا من جهة.. هذه الجهة عامة الناس عدا الفلاسفة، على ما ذكرنا، يعني اتفق عليها المعتزلة وأهل السنة على أن التسلسل، تسلسل المخلوقات في الماضي أنه ممتنع، إلا قول الفلاسفة، والفلاسفة كما هو معلوم من قالوا بهذا القول خارجون عن الملة؛ لأنهم يرون قدم هذا العالم مطلقا، وأن المؤثر فيه الأفلاك بعلل مختلفة، يبحثونها.
المذهب الثاني.. (إيش قلنا إحنا؟)... في الماضي وفي المستقبل تسلسل في المخلوقات غير ممتنع، تسلسل في المخلوقات غير ممتنع عند الجمهور، إلا في خلاف جهم وبعض المعتزلة، في أن تسلسل الحركات والمخلوقات في المستقبل أيضاً ممتنع، وأنهم لابد أن يصيروا إلى عدم، أو إلى عدم تأثير، إما عدم محض أو عدم تأثير.
الجهة الثالثة في الاعتبار في التسلسل: تسلسل الأثر والمؤثر، والسبب والمسبَّب، والعلة والمعلول، وهذا لابد من النظر فيه، وأيضاً نقول: أشهر المذاهب فيه اثنان:
الأول: مذهب نفاة التعليل والعلل والأسباب، الذين يقولون: لا أثر لعلة في معلولها، ولا أثر لسبب في مسبَّب، وإنما يفعل الله جل وعلا عند وجود العلة لا لكونها علة، وهذا هو مذهب نفاة التعليل، كقول الأشاعرة والقدرية وابن حزم وجماعات.
والمذهب الثاني: أن الأسباب تنتج مسبباتها، ويتسلسل ذلك، وأن العلة تنتج معلولاً، ويتسلسل ذلك، يعني جوازاً، ولكن ذلك كله بخلق الله جل وعلا له، وأن التسلسل في الآثار ناتجاً عن المؤثرات، ليس لذاتها بل لسنة الله جل وعلا، التي أجراها في خلقه [فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا].
المسألة (إيش؟) الرابعة أو الخامسة؟
المسألة الرابعة: قوله: "وكما كان بصفاته أزليا كذلك لا يزال عليها أبديا" وهذا القول في قوله: "كان بصفاته..." هذا حق؛ لأن أهل السنة يعبرون عن الله جل وعلا بأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بصفاته، فيعبرون بالباء المقتضية للمصاحبة؛ لأن الله جل وعلا لم تنفك عنه صفاته، وكما كان بصفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فلم يكن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا صفة، بل كان بصفاته، والباء هنا للمصاحبة، يعني: أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كان أزليًّا بصفاته، التي هو جل وعلا موصوف بها.
والمعتزلة وأشباههم يعبرون في مثل هذه المسائل عن الصفات بالواو، فيقولون: الله وصفته، الله وعلمه، الله وقدرته، الله وحلمه، الله ورحمته، الله وقهره، وهكذا. فيعبرون بالواو؛ لأن الصفة عندهم منفكة عن الموصوف، فعندهم أن الصفة غير ملازمة للموصوف، وليست قائمة به.
ولهذا بحث الشارح عندك مسألة هل الصفات غير الذات؟ والاسم هل هو عين المسمى؟ ونحو ذلك، عرض لها بما تستفيده من بحثه؛ لأنه نوع من الاستطراد، لكن ننبهك إلى أن قوله: "كان بصفاته" هو الاستعمال الذي يستعمله أهل السنة، ولا نقول: الله جل وعلا وقدرته؛ فإن الله سبحانه فعل وقدرته مثلاً، أو نقول: الله جل وعلا وعلمه، هذا استعمال الواو في هذا المقام لا يسوغ، بل تستعمل الباء، فنقول: الله جل وعلا بعلمه، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بقدرته؛ لأن الباء تدل على المصاحبة، لأن هذه الصفات قائمة بذات الرب جل وعلا.
قوله: "أزليا" مر معنا في البحث، وأنه منحوت من كلمة: لم يزل.
المسألة الخامسة: قوله في آخر الكلام: "ذلك بأنه على كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إلى شيء، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} " هذا تعليل لما مر؛ ذلك بأنه على كل شيء قدير، على إحياء الموتى، وعلى إفنائهم، وعلى رَزق الناس، رزق المخلوقات وجميع ذلك.


  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 09:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)

قال المصنف رحمه الله: [وكما كان بصفاته أزلياً كذلك لا يزال عليها أبدياً] .
هذه جملة حسنة، فإنه يقرر أن الله سبحانه لم يزل ولا يزال متصفاً بصفات الكمال، وهذا متفق عليه بين أئمة السنة والجماعة، وهذه جملة لا إشكال فيها.
ثم قال رحمه الله: [ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري] إن أراد أن صفات الله سبحانه وتعالى أزلية، وأنه سبحانه وتعالى له الصفات ولم يكن شيء معه، وأنه الأول كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء)) وصفاته ليست محصلةً من مفعولاته.. فهذا صحيح. وإن أراد أن الفعل حدث بعد أن لم يكن فلا شك أن هذا المذهب هو الذي اتفق السلف على إبطاله، ودخل على أبي الحسن الأشعري من جهة المعتزلة، وإن كان قد ترك مذهبهم.
قال المصنف رحمه الله: [له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق] .
هذا تأكيد لما تقدم في كلامه، وقوله: (له معنى الربوبية ولا مربوب) أي: قبل وجود المربوب، (ومعنى الخالق) أي: اسم الخالق، (ولا مخلوق) أي: قبل وجود المخلوق، وهذا كلام محتمل وإذا كان الكلام محتملاً فيجب أن يبين كونه محتملاً، ثم يفسر بما هو مناسب لمقاصد السلف، وأما التكلف في تأويل الكلام فليس منهجاً صحيحاً.

قدم أسماء الله وصفاته سبحانه
قال المصنف رحمه الله: [وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم] .
إن أراد المصنف رحمه الله بعباراته هذه أن الله سبحانه وتعالى لم يزل مسمّى بهذه الأسماء التي سمى بها نفسه، وهذه الصفات التي وصف بها نفسه؛ فهذا لا إشكال فيه، ولكن لا يفهم من هذا أنه فيما لم يزل سبحانه وتعالى ليس له من الاسم والصفة إلا اسمها فقط، فإن الاسم يتضمن صفةً وفعلاً، ومن أسمائه الرحمن والرحيم والعليم والقدير والسميع، وهذه تتضمن صفاتٍ وأفعالاً. فإن أراد بقوله: (وكما أنه محيي الموتى... إلخ)، أن الأسماء والصفات أزلية فهذا صحيح، وإن أراد أن المقصود من أزليتها اسمها فقط، وأن حقائقها حدثت بعد أن لم تكن فلا شك أن هذا مذهب باطل، وقد كان هذا المذهب ينتحله الأشاعرة، وإن كانوا يجملون في حروفه، ولكن مذهبهم على التحقيق يصل إلى هذا المعنى.
الإيمان بالقدر من أصول الإيمان التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، لكن طوائف من المسلمين خالفت في هذا الأصل العظيم، فانحرفوا فيه عما أوحاه الله لنبيه في كتابه، وما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته؛ لشبهات عرضت لهم، ونظريات عقلية -بزعمهم-.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
وكما, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir