دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1440هـ/25-06-2019م, 02:05 AM
أمل حلمي أمل حلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 253
افتراضي

المجموعة الثانية:

س1: تحدّث عن عناية الصحابة والتابعين بالتفسير اللغوي.

كان الصحابة رضي الله عنهم من أفصح الناس وقد نزل القرآن في وقت كان العرب يفتخرون به بلغتهم ويعطونها كثير من الاهتمام ولذلك كان الصحابة أعلم الناس بمراد الله في كتابه حيث نزل بلغتهم ولم يكن اللحن قد دخل عليهم وقتها.
وقد جاء عن الصحابة أقوال كثيرة تبين اعتناءهم باللغة وتعلمها من أجل فهم القرآن ومن هذه الأقوال:
وقال أبيّ بن كعب رضي الله عنه: « تعلَّموا العربيَّةَ في القرآن كما تتعلَّمون حفظه ». رواه ابن وهب وابن أبي شيبة.
كتب عمر [بن الخطاب] إلى أبي موسى [الأشعري]: « أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم معديون». رواه ابن أبي شيبة.
وقد كان الصحابة لهم عناية بالتفقّه في العربية وسؤال الفصحاء المعربين، وحفظ الحجج اللغوية والشواهد من الأشعار والخطب وغيرها.
قال عاصم بن أبي النجود: "ان زرّ بن حبيش أعرب الناس، وكان عبد الله [بن مسعود] يسأله عن العربية".
أما التابعون فكانوا من أهل عصر الاحتجاج اللغوي وقد أخذوا عن الصحابة ولم يكن قد دخل اللحن في كلامهم في هذا العصر، وقد كان لهم عناية باللغة في تفسير القرآن.
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، والله ما أراك تلحن!! فقال :يا ابن أخي ، إني سبقت اللحن.

س2: بيّن مع التمثيل أثر معرفة الأساليب القرآنية في التفسير.
معرفة الأساليب القرآنية هامة جدًا للمفسر إذ بها يكون الكشف عن معنى اللفظ ومعرفة مقصد الأساليب، فلا يستقيم فهم معنى الآية إلا بمعرفة معنى الأسلوب؛ فإذا تبيّن معنى الأسلوب تبيّن معنى الآية.
ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار}
فسرها البعض بأنها للتعجب، والبعض الآخر قال أن ما هنا استفهامية، ولذلك كان في تفسير هذه الآية قولين قائمين على معنى الأسلوب.
وأيضًا ما جاء في قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل العابدين} فسّر هذا الأسلوب بالنفي وفسّر بالشرط وقد جاءت الأقوال في هذه الآية قائمة على تفسير معنى الأسلوب.
ولكن أحيانًا قد يقع بعض الخطأ من المفسرين في تقرير المعنى على هذا الأسلوب على الرفم من إصابته في معرفة الأسلوب.
مثل ما جاء في قوله تعالى: {ءإله مع الله} قال ابن تيميمة أن الاستفهام هاهنا للإنكار فهم مقرون أنه لم يفعل هذا إله آخر مع الله.
ولكن بعض المفسرين أخطأ بتفسيرها على أنه "هل يوجد إله آخر مع الله؟" وهذا خطأ لأنهم كانوا يجعلون مع الله آلهة أخرى { أئنكم لتجعلون مع الله آلهة أخرى}

س3: تحدّث بإيجاز عن احدى أمثلة دراسة معاني الحروف في التفسير.
قوله تعالى: {إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ}
الأقوال في معنى "ما":
القول الأول أنها ما الموصولة التي تفيد العموم والمعنى أن الله يعلم كل ما يعبدونه من دونه من حجر أو شجر أو صنم أو غيرها. وهو قول ابن جرير الطبري وجماعة من المفسرين.
القول الثاني أنها ما النافية، والنفي هنا يتجه للنفع أي أنها لا تنفع عابديها بشئ، وهذا المعنى هو نظير المعنى في قوله تعالى: {ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان}. وهو قول أبو حيان الأندلسي وسمين الحلبي وابن عاشور.
القول الثالث: أنها ما الاستفهامية وهو استفهام إنكاري. وهو قول سيبويه عن الخليل بن أحمد.


س4: تحدّث بإيجاز عن عناية علماء اللغة بمسائل الإعراب على مر العصور.

كان هناك جماعة متقدمين من علماء اللغة لهم عناية بمسائل الإعراب في التفسير، وكان منهم من تُحفظ أقواله وتُروى في كتب التفسير وكتب العربية ومنهم من كانت له كتب يعرض فيها لبعض مسائل إعراب القرآن، ومن هؤلاء العلماء المتقدمين الخليل بن أحمد وسيبويه ويونس بن حبيب.
ثم جاء بعدهم في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث علماء ألفوا في معاني القرآن وإعرابه مثل:
أبو عبيدة معمر بن المثني مجاز القرآن، وفيه مسائل في إعراب القرآن.
وفي منتصف القرن الثالث وآخره ظهرت جماعة من علماء اللغة الذين كانت لهم أقوال مأثورة في إعراب القرآن، ومنهم: ابن السكيت، وأبو حاتم السجستاني، وابن قتيبة، والمبرّد، وثعلب.
ثم اتسع التأليف في إعراب القرآن في القرن الرابع الهجري:
واشتهرت فيه بعض الكتاب مثل : "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج وهو من أجمع كتب إعراب القرآن.
وكتاب "معاني القرآن وعللها" لأبي منصور الأزهري.
ثم تتابع التأليف في القرون التالية في مسائل إعراب القرآن واشتهر بعض الكتب: مثل
كتاب "البرهان في علوم القرآن" لعلي بن سعيد الحوفي
وكتاب "مشكل إعراب القرآن" لمكي أبو طالب القيسي
وهناك بعض المفسرين اعتنوا في كتبهم بمسائل إعراب القرآن وأثرها على التفسير:
مثل ابن جرير الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل آي القرآن" والواحدي في تفسيره البسيط وأبو حيان الأندلسي في كتابه "البحر المحيط".
وفي هذا العصر ظهرت مؤلفات كثيرة في إعراب القرآن مثل:
"الجدول في إعراب القرآن" لمؤلفه محمود عبد الرحيم الصافي
و"إعراب القرآن وبيانه" لمحيي الدين درويش

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 شوال 1440هـ/26-06-2019م, 02:43 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل حلمي مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية:

س1: تحدّث عن عناية الصحابة والتابعين بالتفسير اللغوي.

كان الصحابة رضي الله عنهم من أفصح الناس وقد نزل القرآن في وقت كان العرب يفتخرون به بلغتهم ويعطونها كثير من الاهتمام ولذلك كان الصحابة أعلم الناس بمراد الله في كتابه حيث نزل بلغتهم ولم يكن اللحن قد دخل عليهم وقتها.
وقد جاء عن الصحابة أقوال كثيرة تبين اعتناءهم باللغة وتعلمها من أجل فهم القرآن ومن هذه الأقوال:
وقال أبيّ بن كعب رضي الله عنه: « تعلَّموا العربيَّةَ في القرآن كما تتعلَّمون حفظه ». رواه ابن وهب وابن أبي شيبة.
كتب عمر [بن الخطاب] إلى أبي موسى [الأشعري]: « أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم معديون». رواه ابن أبي شيبة.
وقد كان الصحابة لهم عناية بالتفقّه في العربية وسؤال الفصحاء المعربين، وحفظ الحجج اللغوية والشواهد من الأشعار والخطب وغيرها.
قال عاصم بن أبي النجود: "ان زرّ بن حبيش أعرب الناس، وكان عبد الله [بن مسعود] يسأله عن العربية".
أما التابعون فكانوا من أهل عصر الاحتجاج اللغوي وقد أخذوا عن الصحابة ولم يكن قد دخل اللحن في كلامهم في هذا العصر، وقد كان لهم عناية باللغة في تفسير القرآن.
قال رجل للحسن البصري: يا أبا سعيد، والله ما أراك تلحن!! فقال :يا ابن أخي ، إني سبقت اللحن.

س2: بيّن مع التمثيل أثر معرفة الأساليب القرآنية في التفسير.
معرفة الأساليب القرآنية هامة جدًا للمفسر إذ بها يكون الكشف عن معنى اللفظ ومعرفة مقصد الأساليب، فلا يستقيم فهم معنى الآية إلا بمعرفة معنى الأسلوب؛ فإذا تبيّن معنى الأسلوب تبيّن معنى الآية.
ومن أمثلة ذلك:
قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار}
فسرها البعض بأنها للتعجب، والبعض الآخر قال أن ما هنا استفهامية، ولذلك كان في تفسير هذه الآية قولين قائمين على معنى الأسلوب.
وأيضًا ما جاء في قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل العابدين} فسّر هذا الأسلوب بالنفي وفسّر بالشرط وقد جاءت الأقوال في هذه الآية قائمة على تفسير معنى الأسلوب.
ولكن أحيانًا قد يقع بعض الخطأ من المفسرين في تقرير المعنى على هذا الأسلوب على الرفم من إصابته في معرفة الأسلوب.
مثل ما جاء في قوله تعالى: {ءإله مع الله} قال ابن تيميمة أن الاستفهام هاهنا للإنكار فهم مقرون أنه لم يفعل هذا إله آخر مع الله.
ولكن بعض المفسرين أخطأ بتفسيرها على أنه "هل يوجد إله آخر مع الله؟" وهذا خطأ لأنهم كانوا يجعلون مع الله آلهة أخرى { أئنكم لتجعلون مع الله آلهة أخرى}

س3: تحدّث بإيجاز عن احدى أمثلة دراسة معاني الحروف في التفسير.
قوله تعالى: {إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ}
الأقوال في معنى "ما":
القول الأول أنها ما الموصولة التي تفيد العموم والمعنى أن الله يعلم كل ما يعبدونه من دونه من حجر أو شجر أو صنم أو غيرها. وهو قول ابن جرير الطبري وجماعة من المفسرين.
القول الثاني أنها ما النافية، والنفي هنا يتجه للنفع أي أنها لا تنفع عابديها بشئ، وهذا المعنى هو نظير المعنى في قوله تعالى: {ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان}. وهو قول أبو حيان الأندلسي وسمين الحلبي وابن عاشور.
القول الثالث: أنها ما الاستفهامية وهو استفهام إنكاري. وهو قول سيبويه عن الخليل بن أحمد.


س4: تحدّث بإيجاز عن عناية علماء اللغة بمسائل الإعراب على مر العصور.

كان هناك جماعة متقدمين من علماء اللغة لهم عناية بمسائل الإعراب في التفسير، وكان منهم من تُحفظ أقواله وتُروى في كتب التفسير وكتب العربية ومنهم من كانت له كتب يعرض فيها لبعض مسائل إعراب القرآن، ومن هؤلاء العلماء المتقدمين الخليل بن أحمد وسيبويه ويونس بن حبيب.
ثم جاء بعدهم في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث علماء ألفوا في معاني القرآن وإعرابه مثل:
أبو عبيدة معمر بن المثني مجاز القرآن، وفيه مسائل في إعراب القرآن.
وفي منتصف القرن الثالث وآخره ظهرت جماعة من علماء اللغة الذين كانت لهم أقوال مأثورة في إعراب القرآن، ومنهم: ابن السكيت، وأبو حاتم السجستاني، وابن قتيبة، والمبرّد، وثعلب.
ثم اتسع التأليف في إعراب القرآن في القرن الرابع الهجري:
واشتهرت فيه بعض الكتاب مثل : "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج وهو من أجمع كتب إعراب القرآن.
وكتاب "معاني القرآن وعللها" لأبي منصور الأزهري.
ثم تتابع التأليف في القرون التالية في مسائل إعراب القرآن واشتهر بعض الكتب: مثل
كتاب "البرهان في علوم القرآن" لعلي بن سعيد الحوفي
وكتاب "مشكل إعراب القرآن" لمكي أبو طالب القيسي
وهناك بعض المفسرين اعتنوا في كتبهم بمسائل إعراب القرآن وأثرها على التفسير:
مثل ابن جرير الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل آي القرآن" والواحدي في تفسيره البسيط وأبو حيان الأندلسي في كتابه "البحر المحيط".
وفي هذا العصر ظهرت مؤلفات كثيرة في إعراب القرآن مثل:
"الجدول في إعراب القرآن" لمؤلفه محمود عبد الرحيم الصافي
و"إعراب القرآن وبيانه" لمحيي الدين درويش
أحسنتِ بارك الله فيك ونفع بك. أ
الخصم على التأخير.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 شوال 1440هـ/29-06-2019م, 02:21 AM
مرام الصانع مرام الصانع غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 118
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس الحادي عشر: القسم الثاني من دورة طرق التفسير
المجموعة الأولى:


س1: بين بعض الدلائل الدالّة على إفادة القرآن للهدى وبيان الحق بما تعرفه العرب بمقتضى الخطاب اللغوي.
قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، فقد نزل القرآن بلسان العرب، فما إن يسمعه العالم والجاهل، والحاضر والبادي، حتى يتبين له الهدى ومعرفة الحق، وذلك بما تعرفه العرب من سَنن كلامها، ومن الدلائل والشواهد على ذلك:
- ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه أنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في فداء المشركين يوم بدرٍ، وما أسلمت يومئذٍ ؛ فدخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلّي المغرب؛ فقرأ بالطّور؛ فلمّا بلغ هذه الآية: {أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون * أم خلقوا السّموات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربّك أم هم المسيطرون}، قال: كاد قلبي أن يطير، وذلك أوّل ما وقر الإيمان في قلبي.
فهذه التلاوة البيّنة الحقه التي سمعها جبير بن مطعم وهو كافر، كانت كفيلة لتبين الحق له، والتي لم يحتج معها إلى تفسير، فكانت سببًا في إسلامه.

- ومنها قوله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلّم فيما أنزل إليه: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون}، والتفكّر دليل إلى استخراج المعاني وفقه المقاصد، وسبيل ذلك عند المخاطبين إنما هو معرفتهم باللسان العربي ودلائل خطابه.

- ومنها قوله تعالى:{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ * أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}، فهذه الآية ونظائرها من الأمر بالتدبر والتفكر وما بها من توجيه الخطاب إلى الكفار؛ دليل بيّن على أنّه أمر ممكن لهم بما يعرفون من العربية، لا يحتاجون فيه إلى توضيح ما هو واضح لهم من دلائل الخطاب، ولا سيّما في المحكمات الواضحة وضوح الشمس للرائي من الإيمان بالله والكفر بالطاغوت واتّباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتصديق بالبعث والحساب والجزاء، وغيرها من أصول الدين.

س2: تحدّث باختصار عن طبقات المفسّرين اللغويين.
ينقسم العلماء الذين اعتنوا بتفسير القرآن بلغة العرب إلى طبقات:
الطبقة الأولى: طبقة الصحابة رضي الله عنهم، فكانوا يفسرون ما في القرآن العظيم من الغريب والأساليب البيانية واللغوية بما يعرفونه من لغتهم العربية وفنونها، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: شهدت ابن عباس، وهو يسأل عن عربية القرآن، فينشد الشعر. رواه الإمام أحمد، وعن مجاهد قال: كان ابن عباس لا يدري ما {فاطر السموات} حتى جاءه أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: يا أبا عباس بئري أنا فطرتها، فقال: خذها يا مجاهد{فاطر السموات}.رواه الدولابي في الكني واللفظ له، ورواه ابن جرير والبيهقي.

الطبقة الثانية: طبقة كبار التابعين، الذين هم من عصر الاحتجاج، وأبرز أعلام هذه الطبقة (أبو الأسود الدؤلي (ت: 69هـ))، وهو تابعي، رغم أنه أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يلقه، روى عن عمر وعثمان وعليّ وجماعة من كبار الصحابة، وله أقوال في التفسير تُروى عنه، وأبيات يُستشهد بها. من أظهرِ سماته: أنه ثقة، فصيح اللسان، عالم بالعربيّة، حسن الجواب، قوي منزع الحُجَّة.
قال محمد بن سلام الجمحي: كان أولَّ مَن أسَّسَ العربيَّةَ، وفتحَ بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسَها: أبو الأسود الدؤلي.
حيث رُوي أنّ علي بن أبي طلب -رضي الله عنه- هو الذي ابتدأ بذلك، ثم أمره أن ينحو نحوَه، ومن ذلك سُمّيَ النحو نحوًا.

الطبقة الثالثة: وهم الذين أخذوا عن أبي الأسود الدؤلي، -وهم في عداد التابعين- ابنه عطاء بن أبي الأسود، ويحيى بن يَعْمَر العدواني(ت: نحو 90هـ)، وهم من القرَّاء الفصحاء من أقران أبي عبد الرحمن السلمي.
قال هارون بن موسى: أول من نقط المصاحف يحيى بن يعمر، وقد اجتمع مع عطاء بن أبي الأسود على إكمال ما نحاه أبو الأسود فأضافا إليه أبواباً من العربية.
ومن أصحاب هذه الطبقة أيضًا، نصر بن عاصم الليثي(ت:89هـ) وعنبسة بن معدان المهري الملّقب بعنبسة الفيل.

الطبقة الرابعة: طبقة الآخذين عن أصحاب أبي الأسود، -وهم من صغار التابعين-، الذين شافهوا الأعراب، ولهم عناية بتأسيس علوم العربية وتدوينها، ومنهم:
-أبو عمرو بن العلاء المازني التميمي (ت:154هـ)، كان من أوسع الناس معرفة بالقراءات والعربية، وأشعار العرب ولغاتهم وأخبارهم وأنسابهم، وكانت له كتب كثيرة لكنّه عندما تنسك أحرقها، ومع ذلك كان متواضعًا، سهل الحديث، لا يتكلّف غريب الألفاظ.
-عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي(ت: 129هـ)، تبحّر في النحو حتى بلغ فيه الغاية في زمانه.
-عيسى بن عمر الثقفي(ت: 149هـ)، كان رأسًا في النحو ذكيّا فهمًا، له مصنّفات ولكنها مفقودة.
-وكان ممن أخذ عن أصحاب أبي الأسود جماعةٌ من فقهاء التابعين منهم: محمد بن سيرين وقتادة وإسحاق بن سويد، لكن عناية أولئك بالعربية أظهر وأشهر.

الطبقة الخامسة: هم تلاميذ الطبقة الرابعة، وبعضهم من شافه الأعراب، منهم:
-حماد بن سلمة البصري (ت: 167هـ)، والذي كان فقيهًا لغويًا ذو علم بالنحو فكان سببًا في توجيه سيبويه إلى هذا العلم.
-والمفضَّل بن محمَّد الضَّبِّي (ت:168هـ)، صاحب المفضليات.
-والخليل بن أحمد الفراهيدي (ت:170هـ)، الذي له السبق في ابتكار العروض وصنّف المعجم، وبيّن فيه معاني بعض الآيات بما يعرفه من لغة العرب.
-وهارون بن موسى الأعور (ت:170هـ)، هو هارون النحوي، له ذكر كثير في تفسير ابن جرير.
-والأخفش الأكبر عبد الحميد بن عبد المجيد (ت: 177هـ )، كان أستاذًا في النحو والعربية وتفسير الأشعار.

الطبقة السادسة: تلاميذ الطبقة الخامسة، ومنهم من تتلمذ على بعض أصحاب الطبقة الرابعة، وهؤلاء من أعلام اللغة الكبار، ولهم مصنّفات كثيرة، منهم:
سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر (ت: 180هـ)، وخلف بن حيّان الأحمر (ت: نحو 180هـ)، وعلي بن حَمزةَ الكِسَائِي (189هـ)، ويَحيى بن سلاَّم البصري (ت:200هـ)، ومحمد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ)، وأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت:207هـ)، وأبي عبيدةَ مَعمر بن المثنَّى (ت:209هـ)، والأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة البلخي (ت:215هـ)، وعبد الملك بن قُرَيبٍ الأصمعي (ت: 216هـ) وأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت:224هـ) وغيرهم.
ومنهم من صنّف في التفسير ومعاني القرآن كالكسائي، ويحيى بن سلام البصري، والفراء، وأبي عبيدة، والأخفش الأوسط.

الطبقة السابعة: طبقة إبراهيم بن يحيى اليزيديّ (ت: 225هـ)، وصالح بن إسحاق الجرمي (ت:225هـ)، وأبي مِسْحَل عبد الوهاب بن حريش الأعرابي(ت:230هـ)، وأبي نصر أحمد بن حاتم الباهلي صاحب الأصمعي (ت: 231هـ) وغيرهم.

الطبقة الثامنة: طبقة أبي عثمان بكر بن محمد المازني (ت:247هـ)، وأبي عكرمة عامر بن عمران الضبي (ت: 250هـ)، وأبي حاتم سَهْل بن محمد السِّجِسْتاني (ت:255هـ) وغيرهم.

الطبقة التاسعة: طبقة أبي سعيد الحسن بن الحسينِ السُّكَّري (ت: 275هـ)، وعبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري (ت: 276هـ)، وأبي حنيفة أحمد بن داوود الدينوري(ت:282هـ)، وأبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني [ثعلب] (ت:291هـ) وغيرهم.

الطبقة العاشرة: طبقة محمد بن جرير الطبري (ت:310هـ) ، وأبي علي الحسن بن عبد الله الأصفهاني المعروف بلُغْدَة(ت: 311هـ)، وإبراهيم بن السَّرِيِّ الزَّجَّاج (ت:311هـ)، والأخفش الصغير علي بن سليمان (ت:315هـ)، ونفطويه إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي (ت:323هـ) وغيرهم.

الطبقة الحادية عشرة: طبقة أبي بكر محمد بن القاسم ابن الأنباري (ت: 328 هـ)، وأبي بكر محمد بن عزيز السجستاني (ت: 330هـ) ، وأبي جعفر أحمد بن محمّد النحّاس(ت:338هـ) وغيرهم.

الطبقة الثانية عشرة: طبقة القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت: 366هـ)، وأبي منصورٍ محمد بن أحمد الأزهَرِي (ت: 370هـ)، والحسين بن أحمد ابن خالويه (ت:370هـ)، وأحمد بن فارس الرازي (ت:395هـ) وغيرهم.

وهؤلاء الأعلام تختلف أوجه عنايتهم اللغوية بالقرآن الكريم؛ فمنهم من يغلب عليه العناية بالنحو والإعراب، ومنهم المشتهر بالقراءات وتوجيهها، ومنهم المعتني بمعاني المفردات والأساليب، وغير ذلك.

س3: بيّن مع التمثيل أهمية علم معاني الحروف في التفسير.
تظهر أهمية علم معاني الحروف للمفسر، في حل كثير من الإشكالات التفسيرية، ومنها جمع أقوال المفسرين أو التفريق بينها، وما يُذكر في ذلك أن بعض كبار المفسرين قد يقع في الخطأ في فهم الآية؛ لغفلته في استصحاب هذا العلم عند تفسيره للآية.
-قال مالك بن دينار: سأل رجل أبا العالية عن قول الله عز وجل {الذين هم عن صلاتهم ساهون}ما هو؟
فقال أبو العالية: هو الذي لا يدري عن كم انصرف؟ عن شفع أو عن وتر
فقال الحسن: مَهْ! ليس كذلك،{الذين هم عن صلاتهم ساهون} الذي يسهو عن ميقاتها حتى تفوت. رواه عبد الرزاق.
قال الزركشي: لو كان المراد ما فهم أبو العالية لقال: "في صلاتهم" فلما قال "عن صلاتهم" دل على أن المراد به الذهاب عن الوقت.
وقد يكون فهم أبي العالية صحيحًا على معنى السهو عن معنى الصلاة وإرادتها بالقلب، ولو صلاها بجوارحه مع المسلمين كما يصلّي المنافقون من غير إرادة التقرّب إلى الله تعالى بالصلاة، وإنما يصلون رياءً.

-ومن أمثلة ذلك أيضًا: في معنى "ما" في قول الله تعالى: {إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ}
اختلف في معنى "ما" ههنا على ثلاثة أقوال:
القول الأول: "ما" موصولة لإفادة العموم؛ والمعنى: إن الله يعلم كلَّ ما تعبدون من دونه من حجر أو شجر أو نجم أو نار أو جنّ أو إنس؛ فكلّ ما يُعبد من دون الله تعالى فالله محيط به علماً. وإيماء هذا المعنى أنّ الله يعلم حال تلك المعبودات ونقصها وفقرها إليه وأنّها لا تستحقّ من العبادة شيئاً، وأنّ كلّ من أشرك بالله شيئاً في عبادته فهو بعلم الله وسيجازيه على شركه. وهذا القول هو لابن جرير الطبري وجماعة من المفسرين.
والقول الثاني: "ما" نافية، والنفي متجّه لنفع تلك المعبودات؛ فكأنّها لمّا لم تنفعهم شيئاً نزّلت منزلة المعدوم، عديم الوجود، وهذا فيه تبكيت عظيم الأثر على قلوب المشركين. وهذا المعنى نظير قول الله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الكهّان: ((ليسوا بشيء)). وهذا القول هو للعكبري وأبو حيّان الأندلسي والسمين الحلبي وابن عاشور بشرحه الحسن، واختاره الأستاذ محمود صافي.
والقول الثالث: "ما" استفهامية، والاستفهام إنكاري، و"يعلم" معلّقة، والمعنى: أيّ شيء تدعون من دون الله؟. وذكر هذا القول سيبويه عن الخليل بن أحمد، وقال به أبو علي الفارسي والراغب الأصبهاني وأبو البقاء العكبري وجماعة.

س4: تحدّث بإيجاز عن أنواع مسائل إعراب القرآن.
مسائل إعراب القرآن على نوعين:
الأول: مسائل بيّنة عند النحاة والمفسّرين لا يختلفون فيها.
الثاني: مسائل مشكلة على بعضهم، قد اختلف فيها كبار النحاة. وهذا الثاني على صنفين:
الصنف الأول: الاختلاف الذي لا أثر له على معنى الآية، وإنما اختلافهم في بعض أصول النحو وتطبيقاته.
مثاله: قوله تعالى:{إن هذان لساحران}، فقد اختلف النحاة في إعراب "هذان" اختلافاً كثيراً، و الذي قال به الزجاج مستخلصًا القول فيها: والذي عندي - واللّه أعلم - وكنتُ عرضتُه على عالميَنا محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي فقَبِلاه وذكرا أنّه أجود ما سمعاه في هذا، وهو أنّ "إنْ" قد وقعت موقع "نعم"، وأنَّ اللام وقعت موقعها، وأن المعنى هذان لهما ساحران.ا.ه.
وكما قلنا أن الاختلاف في هذا الصنف ليس له أثر على المعنى سوى الفوارق البيانية التي تقتضيها معاني الحروف والأساليب.

الصنف الثاني: الاختلاف الذي له أثر على معنى الآية.
مثاله: اختلاف العلماء في إعراب "مَن" في قوله تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فمن جعلها فاعلاً ذهب إلى أنّ المراد هو الله تعالى لأنه الخالق، ومن جعلها مفعولاً ذهب إلى أن المعنى: ألا يعلم اللهُ الذين خلقهم.
قال ابن القيّم رحمه الله: فإن كان مرفوعا فهو استدلال على علمه بذلك لخلقه له، والتقدير: أنه يعلم ما تضمنته الصدور، وكيف لا يعلم الخالق ما خلقَه، وهذا الاستدلال في غاية الظهور والصحة؛ فإن الخلق يستلزم حياة الخالق وقدرته وعلمه ومشيئته، وإن كان منصوبا؛ فالمعنى ألا يعلم مخلوقَه، وذكر لفظة {من} تغليبا ليتناول العلمُ العاقلَ وصفاته.
وعلى التقديرين فالآية دالة على خلق ما في الصدور كما هي دالة على علمه سبحانه به.

والحمد لله رب العالمين،...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 ذو القعدة 1440هـ/3-07-2019م, 12:02 AM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرام الصانع مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
المجلس الحادي عشر: القسم الثاني من دورة طرق التفسير
المجموعة الأولى:


س1: بين بعض الدلائل الدالّة على إفادة القرآن للهدى وبيان الحق بما تعرفه العرب بمقتضى الخطاب اللغوي.
قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، فقد نزل القرآن بلسان العرب، فما إن يسمعه العالم والجاهل، والحاضر والبادي، حتى يتبين له الهدى ومعرفة الحق، وذلك بما تعرفه العرب من سَنن كلامها، ومن الدلائل والشواهد على ذلك:
- ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث جبير بن مطعمٍ رضي الله عنه أنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في فداء المشركين يوم بدرٍ، وما أسلمت يومئذٍ ؛ فدخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يصلّي المغرب؛ فقرأ بالطّور؛ فلمّا بلغ هذه الآية: {أم خلقوا من غير شيءٍ أم هم الخالقون * أم خلقوا السّموات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربّك أم هم المسيطرون}، قال: كاد قلبي أن يطير، وذلك أوّل ما وقر الإيمان في قلبي.
فهذه التلاوة البيّنة الحقه التي سمعها جبير بن مطعم وهو كافر، كانت كفيلة لتبين الحق له، والتي لم يحتج معها إلى تفسير، فكانت سببًا في إسلامه.

- ومنها قوله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلّم فيما أنزل إليه: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون}، والتفكّر دليل إلى استخراج المعاني وفقه المقاصد، وسبيل ذلك عند المخاطبين إنما هو معرفتهم باللسان العربي ودلائل خطابه.

- ومنها قوله تعالى:{ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ * أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}، فهذه الآية ونظائرها من الأمر بالتدبر والتفكر وما بها من توجيه الخطاب إلى الكفار؛ دليل بيّن على أنّه أمر ممكن لهم بما يعرفون من العربية، لا يحتاجون فيه إلى توضيح ما هو واضح لهم من دلائل الخطاب، ولا سيّما في المحكمات الواضحة وضوح الشمس للرائي من الإيمان بالله والكفر بالطاغوت واتّباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتصديق بالبعث والحساب والجزاء، وغيرها من أصول الدين.

س2: تحدّث باختصار عن طبقات المفسّرين اللغويين.
ينقسم العلماء الذين اعتنوا بتفسير القرآن بلغة العرب إلى طبقات:
الطبقة الأولى: طبقة الصحابة رضي الله عنهم، فكانوا يفسرون ما في القرآن العظيم من الغريب والأساليب البيانية واللغوية بما يعرفونه من لغتهم العربية وفنونها، قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: شهدت ابن عباس، وهو يسأل عن عربية القرآن، فينشد الشعر. رواه الإمام أحمد، وعن مجاهد قال: كان ابن عباس لا يدري ما {فاطر السموات} حتى جاءه أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: يا أبا عباس بئري أنا فطرتها، فقال: خذها يا مجاهد{فاطر السموات}.رواه الدولابي في الكني واللفظ له، ورواه ابن جرير والبيهقي.

الطبقة الثانية: طبقة كبار التابعين، الذين هم من عصر الاحتجاج، وأبرز أعلام هذه الطبقة (أبو الأسود الدؤلي (ت: 69هـ))، وهو تابعي، رغم أنه أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يلقه، روى عن عمر وعثمان وعليّ وجماعة من كبار الصحابة، وله أقوال في التفسير تُروى عنه، وأبيات يُستشهد بها. من أظهرِ سماته: أنه ثقة، فصيح اللسان، عالم بالعربيّة، حسن الجواب، قوي منزع الحُجَّة.
قال محمد بن سلام الجمحي: كان أولَّ مَن أسَّسَ العربيَّةَ، وفتحَ بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسَها: أبو الأسود الدؤلي.
حيث رُوي أنّ علي بن أبي طلب -رضي الله عنه- هو الذي ابتدأ بذلك، ثم أمره أن ينحو نحوَه، ومن ذلك سُمّيَ النحو نحوًا.

الطبقة الثالثة: وهم الذين أخذوا عن أبي الأسود الدؤلي، -وهم في عداد التابعين- ابنه عطاء بن أبي الأسود، ويحيى بن يَعْمَر العدواني(ت: نحو 90هـ)، وهم من القرَّاء الفصحاء من أقران أبي عبد الرحمن السلمي.
قال هارون بن موسى: أول من نقط المصاحف يحيى بن يعمر، وقد اجتمع مع عطاء بن أبي الأسود على إكمال ما نحاه أبو الأسود فأضافا إليه أبواباً من العربية.
ومن أصحاب هذه الطبقة أيضًا، نصر بن عاصم الليثي(ت:89هـ) وعنبسة بن معدان المهري الملّقب بعنبسة الفيل.

الطبقة الرابعة: طبقة الآخذين عن أصحاب أبي الأسود، -وهم من صغار التابعين-، الذين شافهوا الأعراب، ولهم عناية بتأسيس علوم العربية وتدوينها، ومنهم:
-أبو عمرو بن العلاء المازني التميمي (ت:154هـ)، كان من أوسع الناس معرفة بالقراءات والعربية، وأشعار العرب ولغاتهم وأخبارهم وأنسابهم، وكانت له كتب كثيرة لكنّه عندما تنسك أحرقها، ومع ذلك كان متواضعًا، سهل الحديث، لا يتكلّف غريب الألفاظ.
-عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي(ت: 129هـ)، تبحّر في النحو حتى بلغ فيه الغاية في زمانه.
-عيسى بن عمر الثقفي(ت: 149هـ)، كان رأسًا في النحو ذكيّا فهمًا، له مصنّفات ولكنها مفقودة.
-وكان ممن أخذ عن أصحاب أبي الأسود جماعةٌ من فقهاء التابعين منهم: محمد بن سيرين وقتادة وإسحاق بن سويد، لكن عناية أولئك بالعربية أظهر وأشهر.

الطبقة الخامسة: هم تلاميذ الطبقة الرابعة، وبعضهم من شافه الأعراب، منهم:
-حماد بن سلمة البصري (ت: 167هـ)، والذي كان فقيهًا لغويًا ذو علم بالنحو فكان سببًا في توجيه سيبويه إلى هذا العلم.
-والمفضَّل بن محمَّد الضَّبِّي (ت:168هـ)، صاحب المفضليات.
-والخليل بن أحمد الفراهيدي (ت:170هـ)، الذي له السبق في ابتكار العروض وصنّف المعجم، وبيّن فيه معاني بعض الآيات بما يعرفه من لغة العرب.
-وهارون بن موسى الأعور (ت:170هـ)، هو هارون النحوي، له ذكر كثير في تفسير ابن جرير.
-والأخفش الأكبر عبد الحميد بن عبد المجيد (ت: 177هـ )، كان أستاذًا في النحو والعربية وتفسير الأشعار.

الطبقة السادسة: تلاميذ الطبقة الخامسة، ومنهم من تتلمذ على بعض أصحاب الطبقة الرابعة، وهؤلاء من أعلام اللغة الكبار، ولهم مصنّفات كثيرة، منهم:
سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر (ت: 180هـ)، وخلف بن حيّان الأحمر (ت: نحو 180هـ)، وعلي بن حَمزةَ الكِسَائِي (189هـ)، ويَحيى بن سلاَّم البصري (ت:200هـ)، ومحمد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ)، وأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت:207هـ)، وأبي عبيدةَ مَعمر بن المثنَّى (ت:209هـ)، والأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة البلخي (ت:215هـ)، وعبد الملك بن قُرَيبٍ الأصمعي (ت: 216هـ) وأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت:224هـ) وغيرهم.
ومنهم من صنّف في التفسير ومعاني القرآن كالكسائي، ويحيى بن سلام البصري، والفراء، وأبي عبيدة، والأخفش الأوسط.

الطبقة السابعة: طبقة إبراهيم بن يحيى اليزيديّ (ت: 225هـ)، وصالح بن إسحاق الجرمي (ت:225هـ)، وأبي مِسْحَل عبد الوهاب بن حريش الأعرابي(ت:230هـ)، وأبي نصر أحمد بن حاتم الباهلي صاحب الأصمعي (ت: 231هـ) وغيرهم.

الطبقة الثامنة: طبقة أبي عثمان بكر بن محمد المازني (ت:247هـ)، وأبي عكرمة عامر بن عمران الضبي (ت: 250هـ)، وأبي حاتم سَهْل بن محمد السِّجِسْتاني (ت:255هـ) وغيرهم.

الطبقة التاسعة: طبقة أبي سعيد الحسن بن الحسينِ السُّكَّري (ت: 275هـ)، وعبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري (ت: 276هـ)، وأبي حنيفة أحمد بن داوود الدينوري(ت:282هـ)، وأبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني [ثعلب] (ت:291هـ) وغيرهم.

الطبقة العاشرة: طبقة محمد بن جرير الطبري (ت:310هـ) ، وأبي علي الحسن بن عبد الله الأصفهاني المعروف بلُغْدَة(ت: 311هـ)، وإبراهيم بن السَّرِيِّ الزَّجَّاج (ت:311هـ)، والأخفش الصغير علي بن سليمان (ت:315هـ)، ونفطويه إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي (ت:323هـ) وغيرهم.

الطبقة الحادية عشرة: طبقة أبي بكر محمد بن القاسم ابن الأنباري (ت: 328 هـ)، وأبي بكر محمد بن عزيز السجستاني (ت: 330هـ) ، وأبي جعفر أحمد بن محمّد النحّاس(ت:338هـ) وغيرهم.

الطبقة الثانية عشرة: طبقة القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت: 366هـ)، وأبي منصورٍ محمد بن أحمد الأزهَرِي (ت: 370هـ)، والحسين بن أحمد ابن خالويه (ت:370هـ)، وأحمد بن فارس الرازي (ت:395هـ) وغيرهم.

وهؤلاء الأعلام تختلف أوجه عنايتهم اللغوية بالقرآن الكريم؛ فمنهم من يغلب عليه العناية بالنحو والإعراب، ومنهم المشتهر بالقراءات وتوجيهها، ومنهم المعتني بمعاني المفردات والأساليب، وغير ذلك.

س3: بيّن مع التمثيل أهمية علم معاني الحروف في التفسير.
تظهر أهمية علم معاني الحروف للمفسر، في حل كثير من الإشكالات التفسيرية، ومنها جمع أقوال المفسرين أو التفريق بينها، وما يُذكر في ذلك أن بعض كبار المفسرين قد يقع في الخطأ في فهم الآية؛ لغفلته في استصحاب هذا العلم عند تفسيره للآية.
-قال مالك بن دينار: سأل رجل أبا العالية عن قول الله عز وجل {الذين هم عن صلاتهم ساهون}ما هو؟
فقال أبو العالية: هو الذي لا يدري عن كم انصرف؟ عن شفع أو عن وتر
فقال الحسن: مَهْ! ليس كذلك،{الذين هم عن صلاتهم ساهون} الذي يسهو عن ميقاتها حتى تفوت. رواه عبد الرزاق.
قال الزركشي: لو كان المراد ما فهم أبو العالية لقال: "في صلاتهم" فلما قال "عن صلاتهم" دل على أن المراد به الذهاب عن الوقت.
وقد يكون فهم أبي العالية صحيحًا على معنى السهو عن معنى الصلاة وإرادتها بالقلب، ولو صلاها بجوارحه مع المسلمين كما يصلّي المنافقون من غير إرادة التقرّب إلى الله تعالى بالصلاة، وإنما يصلون رياءً.

-ومن أمثلة ذلك أيضًا: في معنى "ما" في قول الله تعالى: {إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ}
اختلف في معنى "ما" ههنا على ثلاثة أقوال:
القول الأول: "ما" موصولة لإفادة العموم؛ والمعنى: إن الله يعلم كلَّ ما تعبدون من دونه من حجر أو شجر أو نجم أو نار أو جنّ أو إنس؛ فكلّ ما يُعبد من دون الله تعالى فالله محيط به علماً. وإيماء هذا المعنى أنّ الله يعلم حال تلك المعبودات ونقصها وفقرها إليه وأنّها لا تستحقّ من العبادة شيئاً، وأنّ كلّ من أشرك بالله شيئاً في عبادته فهو بعلم الله وسيجازيه على شركه. وهذا القول هو لابن جرير الطبري وجماعة من المفسرين.
والقول الثاني: "ما" نافية، والنفي متجّه لنفع تلك المعبودات؛ فكأنّها لمّا لم تنفعهم شيئاً نزّلت منزلة المعدوم، عديم الوجود، وهذا فيه تبكيت عظيم الأثر على قلوب المشركين. وهذا المعنى نظير قول الله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الكهّان: ((ليسوا بشيء)). وهذا القول هو للعكبري وأبو حيّان الأندلسي والسمين الحلبي وابن عاشور بشرحه الحسن، واختاره الأستاذ محمود صافي.
والقول الثالث: "ما" استفهامية، والاستفهام إنكاري، و"يعلم" معلّقة، والمعنى: أيّ شيء تدعون من دون الله؟. وذكر هذا القول سيبويه عن الخليل بن أحمد، وقال به أبو علي الفارسي والراغب الأصبهاني وأبو البقاء العكبري وجماعة.

س4: تحدّث بإيجاز عن أنواع مسائل إعراب القرآن.
مسائل إعراب القرآن على نوعين:
الأول: مسائل بيّنة عند النحاة والمفسّرين لا يختلفون فيها.
الثاني: مسائل مشكلة على بعضهم، قد اختلف فيها كبار النحاة. وهذا الثاني على صنفين:
الصنف الأول: الاختلاف الذي لا أثر له على معنى الآية، وإنما اختلافهم في بعض أصول النحو وتطبيقاته.
مثاله: قوله تعالى:{إن هذان لساحران}، فقد اختلف النحاة في إعراب "هذان" اختلافاً كثيراً، و الذي قال به الزجاج مستخلصًا القول فيها: والذي عندي - واللّه أعلم - وكنتُ عرضتُه على عالميَنا محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي فقَبِلاه وذكرا أنّه أجود ما سمعاه في هذا، وهو أنّ "إنْ" قد وقعت موقع "نعم"، وأنَّ اللام وقعت موقعها، وأن المعنى هذان لهما ساحران.ا.ه.
وكما قلنا أن الاختلاف في هذا الصنف ليس له أثر على المعنى سوى الفوارق البيانية التي تقتضيها معاني الحروف والأساليب.

الصنف الثاني: الاختلاف الذي له أثر على معنى الآية.
مثاله: اختلاف العلماء في إعراب "مَن" في قوله تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فمن جعلها فاعلاً ذهب إلى أنّ المراد هو الله تعالى لأنه الخالق، ومن جعلها مفعولاً ذهب إلى أن المعنى: ألا يعلم اللهُ الذين خلقهم.
قال ابن القيّم رحمه الله: فإن كان مرفوعا فهو استدلال على علمه بذلك لخلقه له، والتقدير: أنه يعلم ما تضمنته الصدور، وكيف لا يعلم الخالق ما خلقَه، وهذا الاستدلال في غاية الظهور والصحة؛ فإن الخلق يستلزم حياة الخالق وقدرته وعلمه ومشيئته، وإن كان منصوبا؛ فالمعنى ألا يعلم مخلوقَه، وذكر لفظة {من} تغليبا ليتناول العلمُ العاقلَ وصفاته.
وعلى التقديرين فالآية دالة على خلق ما في الصدور كما هي دالة على علمه سبحانه به.

والحمد لله رب العالمين،...
أحسنت بارك الله فيك. أ
الخصم على التأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الحادي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir