1: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
فإن القول في المحكم والمتشابه من المسائل التي اختلف فيها العلماء, وتعددت آراؤهم في تفسير المراد بها, وتبيين معناها, وسنحاول جاهدين بإذن الله استعراض أقوالهم وتوجيهها وتبيين الراجح منها بعون الله وتيسيره:
أولا: المراجع:
- تفسير الثوري.
- سنن سعيد بن منصور.
- صحيح البخاري.
- عمدة القاري.
- تفسير الطبري.
- تفسير ابن أبي حاتم.
- تفسير الزجاج.
- تفسير ابن عطية.
- تفسير ابن كثير.
ثانيا: الأقوال الواردة في المراد بالمحكم والمتشابه مع تخريجها نذكرها دون تمحيص أو توجيه وسيعقب ذلك تمحيصها وتصفيتها ثم توجيهها بإذن الله:
1- أن المحكمات ما أقره القوم ولم يحتج إلى تأويل, كآيات الخلق وأن من الماء كل شيء حي ونحوه, أما المتشابهات فهي ما اختلفوا فيه كيوم البعث والجزاء. قال به قوم وذكره الزجاج.
2- أن المحكمات: المفصلات المبينات الثابتات الأحكام، والمتشابهات هي التي فيها نظر وتحتاج إلى تأويل ويظهر فيها ببادئ النظر إما تعارض مع أخرى أو مع العقل، إلى غير ذلك من أنواع التشابه. قال به ابن عطية, وهذا نحو الحديث الصحيح، عن النبي عليه السلام: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات» أي يكون الشيء حراما في نفسه فيشبه عند من لم يمعن النظر شيئا حلالا وكذلك الآية يكون لها في نفسها معنى صحيح فتشبه عند من لم يمعن النظر أو عند الزائغ معنى آخر فاسدا.
3- أن المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وما يؤمن به ويعمل، والمتشابه منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به. قال به ابن عباس, وابن مسعود, وعكرمة، وقتادة، والضحاك, ومقاتل بن حيّان، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّي, وذكره الطبري وابن كثير وابن عطية, ومن قال بهذا القول منهم من نص عليه نصا, ومنهم من ذكره بذكر بعض أمثلته فآليت ذكره تحت مظلة هذا القول للاتفاق في المقصد النهائي.
تخريج الأقوال:
-قول ابن عباس: روه الطبري وابن أبي حاتم، عن أبي صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن علي بن أبي طلحة عنه.
-قول الضحاك: رواه النهدي في تفسير الثوري والطبري في تفسيره عن جويبر عنه, وعن سلمة بن نبيطٍ عنه بأكثر من طريق, وعن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ يحدّث، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك, وذكر قوله, وعن أحمد بن حازمٍ عن أبي نعيمٍ عن سلمة عنه.
- قول ابن مسعود: رواه الطبري قال: حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عنه.
- قول قتادة: رواه الطبري قال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عنه.
- قول الربيع: رواه الطبري قال: حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عنه.
- قول السدي: رواه ابن أبي حاتم قال: حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ, وذكر قوله.
- قول مقاتل: رواه ابن أبي حاتم قال: قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ، عنه.
ويقع تحت هذا القول ما اشتهر من تفسير المحكمات بأنها الآيات في آخر الأنعام, وهي قوله تعالى:{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم}, إلى آخر هذه الآيات، والآيات المتشابهات {الم}, و{المر}, وما اشتبه على اليهود من هذه , ونحوها. وهو ما قال به ابن عباس, وذكره الطبري والزجاج وابن كثير, ويتضح هنا أن ابن عباس فسر المراد بذكر أحد أمثلته.
تخريج الأقوال:
- قول ابن عباس: رواه سعيد بن منصور في سننه وابن أبي حاتم عن أبي إسحاق، عن عبد اللّه بن قيسٍ، عنه.
- ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن سعيد بن جبير عنه.
- ورواه الطبري قال: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام، عمّن حدّثه عنه.
4- أن المحكمات ما فيه الحلال والحرام والفرائض والحدود، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضا. قال بذلك مجاهد ويحيى بن يعمر وذكره الطبري وابن عطية وابن كثير.
تخريج الأقوال:
- قول مجاهد:
-رواه البخاري في صحيحه عنه.
-ورواه عبد بن حميد والطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عنه.
-ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج عنه.
-قول يحيى بن يعمر: رواه ابن أبي حاتم والطبري عن إسحاق بن سويد عنه.
والأقوال الأخيرة وما شابهها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه كما قال بذلك ابن عطية.
5- أن المحكمات هي التي فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه، والمتشابهات لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد. قال به محمد بن جعفر بن الزبير ونص عليه محمد بن إسحاق بن يسار وذكره ابن عطية وابن كثير ونصا على كونه أحسن الأقوال وأوجهها, ولهذا قال تعالى: {فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ} أي: ضلالٌ وخروجٌ عن الحقّ إلى الباطل {فيتّبعون ما تشابه منه} أي: إنّما يأخذون منه بالمتشابه الّذي يمكنهم أن يحرّفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه فأمّا المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنّه دامغٌ لهم وحجّةٌ عليهم.
تخريج الأقوال:
- قول محمد بن جعفر بن الزبير: رواه ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق, عنه.
- قول ابن إسحاق: رواه ابن أبي حاتم قال: حدّثنا محمّد بن نحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال ابن إسحاق, وذكر قوله.
6- أن المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني. قال به ابن زيد وذكره الطبري وابن عطية.
تخريج الأقوال:
- قول ابن زيد: رواه الطبري في تفسيره عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ, وذكر قوله.
7- أن المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه. قال به جماعة من العلماء منهم جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري وغيرهما, كما ذكره الطبري وابن عطية, وعقب على ذلك بقوله: أن الغيوب التي تأتي فهي من المحكمات، لأن ما يعلم البشر منها محدود وما لا يعلمونه وهو تحديد الوقت محدود أيضا، وأما أوائل السور فمن المتشابه لأنها معرضة للتأويلات, وفي بعض هذه العبارات التي ذكرنا للعلماء اعتراضات، وذلك أن التشابه الذي في هذه الآية مقيد بأنه مما لأهل الزيغ به تعلق، وفي بعض عبارات المفسرين تشابه لا يقتضي لأهل الزيغ تعلقا.
8- أن المحكمات بيّناتٌ واضحات الدّلالة، لا التباس فيها على أحدٍ من النّاس، والمتشابهات فيها اشتباهٌ في الدّلالة على كثيرٍ من النّاس أو بعضهم. قال به ابن كثير.
9- أن المحكمات فواتح السور, وذلك تفسيرا لقوله :(هن أم الكتاب) إذ منها يستخرج القرآن {الم ذلك الكتاب} منه استخرجت سورة البقرة {الم اللّه لا إله إلّا هو} منه استخرجت سورة آل عمران. قال به أبو فاختة وذكره الطبري وابن كثير وابن عطية وانتقده انتقادا حسنا فقال: وهذا قول متداع للسقوط مضطرب لم ينظر قائله أول الآية وآخرها ومقصدها وإنما معنى الآية الإنحاء على أهل الزيغ والإشارة بذلك أولا إلى نصارى نجران وإلى اليهود الذين كانوا معاصرين لمحمد عليه السلام فإنهم كانوا يعترضون معاني القرآن، ثم تعم بعد ذلك كل زائغ، فذكر الله تعالى أنه نزل الكتاب على محمد إفضالا منه ونعمة، وأن محكمه وبينه الذي لا اعتراض فيه هو معظمه والغالب عليه، وأن متشابه الذي يحتمل التأويل ويحتاج إلى التفهم هو أقله. ثم إن أهل الزيغ يتركون المحكم الذي فيه غنيتهم ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة وأن يفسدوا ذات البين ويردوا الناس إلى زيغهم، فهكذا تتوجه المذمة عليهم.
تخريج الأقوال:
-قول أبو فاختة: رواه ابن أبي حاتم والطبري عن إسحاق بن سويد عنه.
10- أن المحكم ما كتب في جميع الكتب فليس من أهل دين إلا يرضى به. قال به سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وذكره ابن كثير.
تخريج الأقوال:
- قول سعيد: ذكره ابن كثير في تفسيره ورواه ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينارٍ عنه.
- قول مقاتل: رواه ابن أبي حاتم قال: قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عنه.
ثالثا: توجيه الأقوال وتمحيصها:
نجيء الآن لمناقشة الأقوال السابقة, ومحاولة استخلاص ما تشابه منها فنضعه تحت بعض, وما لم يكن متشابها لكنه كان من باب اختلاف التنوع لا التضاد, فبعضها يصف المحكم والمتشابه من زاوية والبعض الآخر من زاوية أخرى, أما ما كان مناقضا فنجيء لمحاولة نقضه أو تبيين مكمن الخلل فيه, أو محاولة فهمه إن كان في ظاهره لبس:
- الأقوال التي نستبعدها لما فيها من نقص أو عدم اتساق لا سيما مع سياق الآية:
بالنسبة للقول الأول والتاسع والعاشر فيرد عليها بما أشار إليه ابن عطية من أن معنى الآية الإنحاء على أهل الزيغ الذين كانوا يعترضون معاني القرآن, فذكر الله تعالى أنه نزل الكتاب على محمد إفضالا منه ونعمة، وأن محكمه وبينه الذي لا اعتراض فيه هو معظمه والغالب عليه، وأن متشابهه الذي يحتمل التأويل ويحتاج إلى التفهم هو أقل, ثم إن أهل الزيغ يتركون المحكم الذي فيه غنيتهم ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة وأن يفسدوا ذات البين ويردوا الناس إلى زيغهم، فهكذا تتوجه المذمة عليهم, وإذا فهمت هذا المعنى من سياق الآية عرفت أن تلك الأقوال لا تصح لأنها تتعارض مع كون مقصود الله أن المتشابه أقل, ولكن أهل الزيغ يبتغونه, إذ القول الأول يقول بما أقره القوم, وما أقره القوم قليل, ناهيك عن أن ما يقره الكفار من عصر لآخر يختلف وقد يقل ما يتفق فيه المؤمن مع الكافر بشكل تدريجي حتى يصل لمرحلة الإلحاد, وهي مرحلة تكاد لا تتفق معه فيها على أي مبدأ, فأين المحكم هنا بينك وبينه؟ وهذا مما يتعارض مع فحوى الآية الذي يقر بأن المحكم هو الغالب والمتشابه هو الأقل, كما أن من المحكم الإقرار بيوم البعث ونحو ذلك من المسلمات وكبائر الاعتقادات, وهذه مما لا يؤمن بها المشرك فهل يعني هذا أنها غير محكمة؟ فهذا مما يضعف هذا القول ويستبعده, وكذلك القول العاشر الذي ينسب المحكم إلى ما اتفقت عليه الأديان, إذ ما نراه اليوم من اختلافات هي جوهرية وتصب في العقيدة يقلل من قوة هذا القول, فالمحكم الذي قد تتفق عليه الأديان قد لا يكون إلا قليلا فلا يعول عليه, وهو مما لا يتناسب مع سياق الآية التي تنسب المحكم والمتشابه للقرآن نفسه لا قياسا على غيره, كما أن القول التاسع الذي ينسب المحكم لأوائل السور من الحروف والمقطعة ونحوها مناقض للأقوال التي هي أقوى منه سندا وقائلا بأن أوائل السور أصلا هي من المتشابه بلا شك.
أما القول السادس والرابع -فيما يخص المتشابه أما المحكم فيضاف للقول الثالث ويعتبر تابعا له- فهما كذلك مردودان من حيث عدم مناسبتهما لسياق الآية, فالسادس يصف المحكم بأنه ما اتفقت فيه القصص والمتشابه ما اختلفت فيه ألفاظها, والرابع أن المتشابه ما كان يشبه بعضه بعضا من الآيات من غير الأحكام والفرائض والحدود, وهما مبنيان على أن التشابه في ذات الألفاظ والأساليب القرآنية لا أن الاشتباه يحصل للقارئ بعدم معرفة المقصود والذي يبدو هو المراد من الآية, لأن الآية ذمت من يستغل هذه الآيات المشتبهات في محاولة تأويلها على هواه, مع تركه للمحكم البين الواضح, وهذا ما لا يتناسب مع هذين القولين.
أما القول السابع وهو مما يبدو في ظاهره صحيحا إلا أنه يحمل في داخله مغالطات أوضحها ابن عطية, فهو يقول بأن المحكم ما عرف العلماء تأويله ومعناه والمتشابه ما استأثر الله بعلمه, ورغم أن هذا يبدو للوهلة الأولى قابلا للصحة إلا أننا نعود لسياق الآية والذي من المهم أن نؤكد أنه دائما ما يجب أن يكون حكما في الحكم على صحة الأقوال, فسياق الآية لا يرمي إلى القول بأن المتشابه مما لا يعلمه إلا الله, بل أن المتشابه مما يتبعه أهل الزيغ ويؤلونه على أهوائهم, أما أهل العلم -وعلى الخلاف بأي القولين أصح هل هم يعرفون تأويله أم أنهم يؤمنون بكونه من عند الله دون معرفة- فكلاهما يبين موقف أهل العلم الذي يدل على الرسوخ في العلم, وعدم اتباع الهوى مع وجود المحكم البين الواضح, وعلى الرغم مما في هذا القول من قوة خصوصا إذا فسرت الآية بأن الراسخين في العلم لا يعلمون معناه وإنما يفوضون الأمر لله دون علم بالمعنى -فإن هذا مما يقوي هذا القول-, لكن لوجود احتمالية أخرى قوية بأن الراسخين يعلمون معناه, كما كان ابن عباس -رضي الله عنه- يقول بأنه ممن يعلم تأويله, وكما دعا له رسول الله بمعرفة تأويله, بل وكما يؤكد النص والعقل أن الأصل معرفة تأويله إذ أوضح الله في أكثر من موضع أن هذا القرآن أنزل "ليدبروا ءاياته", وكيف يفهمه ويتدبر معناه من لا يعلم تأويله أو يسعى لذلك, بل وهل الهدف من الآيات إلا إرشاد الناس لفهمها والعمل بها لا إنزالها كطلاسم لا يراد فهمها وتحليلها, فإن كل ذلك مما يقلل من احتمالية صحة هذا القول.
رابعا: القول الراجح في المسألة:
يتبقى لدينا الآن بعد استبعاد الأقوال السابقة القول الثاني والثالث والخامس والثامن, وهذه الأقوال أجدها متشابهة متقاربة, وهي بإذن الله القول الراجح في هذه المسألة, وجماعها أن المحكم مما اتضح وبان للناس فلا يحتاج لتأويل, ويدخل تحته ما اجتمع على القول به رجال من كبار السلف كابن عباس وقتادة ومجاهد وغيرهما ممن ذكرت أقوالهم تحت القول الثالث, وهو أن المحكم هو الناسخ والحلال والحرام وما يعمل به ويؤمن به, وهذا هو غالب المحكم وإن لم يكن تعريفا دقيقا له, لكنه يدخل تحت تعريفه كمثال له, وقد تشذ بعض الأحكام مما تشابهت على الناس, كما أن المتشابه هو ما كان منسوخا أو لا يعمل به مما اشتبه فيه القول الراجح ولم يتضح, ومما يقويه أن القائل به نخبة من السلف لهم باع في تفسير القرآن وفهمه, لكن العبارة الأشمل والأجمع في تعريف المحكم والمتشابه هي ما قاله ابن عطية وابن كثير ومحمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن إسحاق بن يسار, وكل أقوالهم تصف المحكم والمتشابه بطريقة أكثر شمولية, وجامعة لأكثر من زاوية, وخلاصة أقوالهم: أن المحكم هو البين الواضح المفصل لجميع الناس, والمتشابه هو ما اشتبه على الناس فيحتاج إلى تأويل لتعارض ظاهري أو التباس أو نحوه, وأن المحكم هو الحجة وإليه الاحتكام, والمتشابه مما يبتلي به الله عباده ليعلم به فساد قلوبهم من صلاحها, فأما أهل الزيغ فيتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله, وأما أهل العلم فيؤمنون به ويرجعونه إلى المحكم.
فهذا بإذن الله هو القول الجامع الراجح في المسألة, والحمدلله رب العالمين.