س1: ما هو التفسير الذي لا يُعذر أحد بجهالته؟
التفسير الذي لا يعذر أحد بجهالته هو الذي يحصل العلم به بدلاله الخطاب ، كقوله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) فيُفهم الأمر منه بمجرد تلاوته وسماعه ، وتقوم عليه الحجة ، إلا إن كان أعجميا لا يفهم المراد لعدم فهم اللغة أصلاً .
س2: هل يمكن أن يجتمع التفسير من طرق متعددة في مسألة واحدة؟
نعم ، وهذه الطرق منها ماتظهر دلالته من النص ، ومنها ما قد يٌحتاج فيه إلى اجتهاد ، إما بتفسير من القرآن أو من السنة أو باللغة أو بالرجوع إلى أقوال الصحابة والتابعين ، وقد تجتمع أكثر من طريقة في المسألة الواحدة .
س3: ما هي شروط صحة تفسير القرآن بالقرآن
1-صحة المستدل عليه : بأن لا يخالف أصلا صحيحا في الشرع .
2-صحة وجه الدلالة : وهو أن تحتمله الآية
وكل تفسير خالف صاحبه منهج أهل السنة في التلقي والاستدلال تفسير بدعي خاطئ
س4: بيّن أنواع تفسير القرآن بالسنة
النوع الأول : أحاديث تفسيرية للآية ، فيها نص على معنى الآية أو معنى متصل بالآية .
ومثاله : في تفسير قول الله تعالى: (يوم يُكشف عن ساق) أن المراد بالساق هو ساق الله تعالى وهو التفسير النبوي للآية .
والقول الثاني في الآية من قول ابن عباس : ( أنه أذا اشتد الأمر والكرب )
وكثير من المفسرين من أهل السنة جمع بين القولين ، مع تسليمهم بما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني : أحاديث ليس فيها نص على معنى الآية ، لكن يمكن أن تفسر الآية بها من اجتهاد المفسر.
ومنه قول أبو هريرة تفسر اللمم في قوله تعالى : ( إلا اللمم ) : عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه».
س5: بيّن خصائص التفسير النبوي
1-أن التفسير النبوي هو تفسير المعصوم من الخطأ صلى الله عليه وسلم ، فكله حجة .
2-قد يكون مع التفسير النبوي تخصيص لدلالة اللفظ أو توسيع له .
3-قد يكون معه اخبار بالغيب لا يعلمها إلا الله أخبره بها عن طريق الوحي . وهذا النوع لايصل إليه المجتهد .
س6: تحدّث عن تعظيم الصحابة رضي الله عنهم لشان التفسير
على الرغم من علمهم – رضي الله عنهم – في القرآن وأسئلتهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ما لا يعلمونه ، وغزارة علمهم إلا أنهم كانوا على تورع كبير عن القول في القرآن بغير علم ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدبهم فأحسن تأديبهم ، والتزموا أمره ونهيه واتبعوا هديه وشأنه .
منها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: هجَّرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية.
قال: فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعرف في وجهه الغضب، فقال: «إنما هلك من كان قبلكم، باختلافهم في الكتاب
ومنها: ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه».
وهذا التعليم والتأديب من النبي صلى الله عليه وسلم فهمه الصحابة رضي الله عنهم وأخذوا به أحسن الأخذ؛ وظهر ذلك عليهم في نهجهم وعلموه لغيرهم ..
قال عبد الله بن أبي مليكة: سئل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - عن آية من كتاب الله - عز وجل -، قال: أيَّة أرض تقلني، أو أيَّة سماء تظلني، أو أين أذهب، وكيف أصنع إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله بها؟
ومن حديث أنس بن مالك، قال: قرأ عمر بن الخطاب: {فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا} فقال: كل هذا قد علمنا به فما الأبّ؟
ثم قال: (هذا لَعَمْرُ الله التكلف، اتبعوا ما بيّن لكم من هذا الكتاب، وما أشكل عليكم فَكِلُوه إلى عالمه
وأصله في صحيح البخاري مختصراً بلفظ: (نهينا عن التكلف
وكانوا لا يرضون أبدا أن يتكلم أحد بلا علم ولا أن يتبع متشابه القرآن ليضل ويضل غيره.
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان شديدا على من تكلم بغير علم ، وله روايات مع مشهورة ومتعددة مع صبيغ بن عسل التميمي :
عن السائب بن يزيد أنه قال: أُتى إلى عمر بن الخطاب، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن.
فقال: اللهم أمكني منه، قال: فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة، فغداه، ثم إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين، {والذاريات ذروا فالحاملات وقرا} ؟
قال عمر: أنت هو؟ فمال إليه وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، ثم قال: احملوه حتى تقدموه بلاده، ثم ليقم خطيبا ثم ليقل: إن صبيغاً ابتغى العلم فأخطأ، فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك، وكان سيد قومه.
ومنها ما أخرجه الدارمي ، عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة؛ فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر رضي الله عنه وقد أعدَّ له عراجين النخل، فقال: من أنت؟
فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين، فضربه وقال: أنا عبد الله عمر؛ فجعل له ضربا حتى دمي رأسه.
فقال: يا أمير المؤمنين، حسبك، قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي
س7: بيّن الموقف الصحيح من اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في التفسير
كان الصحابة رضي الله عنهم يفسرون القرآن بالقرآن ، وبالسنة وباللغة – وهم أهل اللغة -وبالاجتهاد واجتهادهم أقرب إلى الصواب من غيرهم ، وكان يقع بينهم اتفاق كثير على مسائل التفسير ، وقد يقع الاختلاف في الاجتهاد كما يقع في مسائل الأحكام .
واختلافهم قليل جدا ، وإن صح منه فله أسبابه .
وما اختلف فيه الصحابة على نوعين :
-اختلاف تنوع : وهو ما يمكن فيه جمع الأقوال بلا تعارض ، وهذه الأقوال بمجموعها حجة على غيرها
-اختلاف تضاد : وهذا لا بد فيه من الترجيح ، وإذا تعارض النص والاجتهاد قدم النص .
وإذا أجمعوا على قول أو أمكن الجمع بين أقوالهم في مجموعها فهذا حجة على من بعدهم ولا يرد قولهم لمعارض ، واجماعم أرفع أنواع الاجماع . وإذا اختلفوا في الاجتهاد ولا مرجح فليس قول أحدهم حجة على صاحبه .
س8: هل كان الصحابة رضي الله عنهم يجتهدون في التفسير؟
نعم ، كان رضي الله عنهم يجتهدون في التفسير ، وهم قد صفت عندهم العقيدة وسلامة الصدر والفهم والعمل بالقرآن ، وكانوا يفسرون القرآن بالقرآن ، وبالسنة ، وقد يكون تفسيرا لا يدخله الاجتهاد مما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يدخله الاجتهاد من معرفتهم بالسنة وأسباب النزول ، فقد امتازوا بشهود الوقائع والأحداث وأسباب النزول ، وبمعرفتهم بأحوال العرب قبل نزول القرآن .
ويفسرون القرآن بلغة العرب وهم أهل اللغة والفصاحة ، ولهم تفاسير اجتهدوا فيها في النص وفيما لا نص فيه .واجتهادهم كان لحاجة وبدون تكلف و أقرب إلى الصواب من اجتهاد من بعدهم .
ولكن يجب دراسة الأسانيد إليهم للتأكد من صحتها ونسب القول لهم .
س9: بيّن أنواع وأحكام المرويات عن الصحابة رضي الله عنهم في التفسير
تنقسم المرويّات عن الصحابة في التفسير من حيث الصحّة والضعف ::
النوع الأول: ما صح سنده ومتنه ؛ وهو ما ثبت عن الصحابي وهو حجة ..
النوع الثاني: ضعيف الاسناد وسلم من النكارة في المتن ، وهذا كثير في كتب التفسير وله أحوال قد يعضد بعضه بعضا ويُؤخذ به ولا يعامل في باب التفسير كما يعامل عند أهل الحدبث ا.
النوع الثالث: ضعيف الإسناد منكر المتن؛ وهذا ضعيف مردود لا ينسب إلى الصحابة رضي الله عنهم .
النوع الرابع: ظاهره صحة الاسناد الأمر لكنّه منكر المتن؛ وهو قليل في التفسير، ونكارة المتن تدلّ على علّة خفية في الإسناد تعرف بجمع الطرق وتفحّص أحوال الرواة ، فإذا عرفت العلة تبينت تبين عدم نسبته للصحابة .
ويجب التنبيه أنه قد يتوهم المفسر نكارة المتن لسبق فهم عنده ، وإلا فالمتن لا نكارة فيه .
مراتب الضعف فيما روي عن الصحابة في التفسير
ما يحكم عليه بالضعف من مرويات الصحابة على نوعين :
النوع الأول: ما يكون ضعفه لنكارة في متنه.
والنوع الآخر: ما يكون ضعفه بسبب ضعف إسناده، وهو على ثلاث أقسام:
القسم الأولى: الضعف اليسير، كمراسيل الثقات، أو فيه انقطاع يسير، أو راوٍ ضعيف الضبط مقبول الحديث ، ومثل هذا يكون الاسناد فيه قابل للتقوية ومثلها أخذ بها المحدثين والمفسرين إلا أن تكون في العقائد فلا ..
القسم الثاني: الضعف الشديد، فيكون الإسناد واهياً غير معتبر؛ لعلة في الرواة أو أحدهم كأن يكون متروك الحديث لكثرة خطئه واضطرابه ، أو اتهامه بالكذب أو مشابه من نكارة في المتن؛ فهذا النوع يشدد أهل الحديث في رده ، ومن المفسّرين من يأخذ منها ويدع ، وهي كثيرة في كتب التفسير المسندة .
وهذه ليست حجّة في التفسير ولا تصحّ نسبة ما روي بأسانيدها إلى الصحابة ، وقد تساهل بعض المفسّرين في ذلك وحذفوا الأسانيد اختصاراً، فشاعت بعض الأقوال المعلولة عن الصحابة رضي الله عنهم.
القسم الثالث: الموضوعات على الصحابة في التفسير؛ فلا تروى إلا للتحذير منها وبيان حالها ..