السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب)
من خلال دراستك لهذه الرسالة، اذكر ما لاحظته من جوانب الإحسان والقوة العلمية فيها.
تفصيل الشيخ في إيضاح المعاني, وقوة ردوده على المخالف بالأدلة النقلية والعقلية, وكثرة استشهاده بالأحاديث والآثار.
س2: عدد الأقوال الخاطئة واحتمالات الفهم الخاطئ التي بيّن شيخ الإسلام بطلانها في هذه الرسالة.
أن هناك من يجوّزون أن يعذّب اللّه النّاس بلا ذنبٍ وأن يكلّفهم ما لا يطيقون ويعذّبهم على تركه والصّحابة إنّما هربوا وخافوا أن يكون الأمر من هذا الجنس فقالوا: لا طاقة لنا بهذا؛ فإنّه إن كلّفنا ما لا نطيق عذّبنا فنسخ اللّه هذا الظّنّ وبيّن أنّه لا يكلّف نفسًا إلّا وسعها وبيّن بطلان قول هؤلاء الّذين يقولون إنّه يكلّف العبد ما لا يطيقه ويعذّبه عليه وهذا القول لم يعرف عن أحدٍ من السّلف والأئمّة؛ بل أقوالهم تناقض ذلك حتّى إنّ سفيان بن عيينة سئل عن قوله: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلّا وسعها} قال: إلّا يسرها ولم يكلّفها طاقتها. قال البغوي: وهذا قولٌ حسنٌ؛ لأنّ الوسع ما دون الطّاقة وإنّما قاله طائفةٌ من المتأخّرين لمّا ناظروا المعتزلة في " مسائل القدر " وسلك هؤلاء مسلك الجبر جهمٍ وأتباعه فقالوا هذا القول وصاروا فيه على مراتب
والمقصود أن السّلف لم يكن فيهم من يقول: إنّ العبد لا يكون مستطيعًا إلّا في حال فعله وأنّه قبل الفعل لم يكن مستطيعًا فهذا لم يأت الشّرع به قطّ ولا اللّغة ولا دلّ عليه عقلٌ؛ بل العقل يدلّ على نقيضه
. والرّبّ تعالى يعلم أنّ العبد لا يفعل الفعل مع أنّه مستطيعٌ له والمعلوم أنّه لا يفعله ولا يريده لا أنّه لا يقدر عليه والعلم يطابق المعلوم فاللّه يعلم ممّن استطاع الحجّ والقيام والصّيام أنّه مستطيعٌ ويعلم أنّ هذا مستطيعٌ يفعل مستطاعه فالمعلوم هو عدم الفعل لعدم إرادة العبد؛ لا لعدم استطاعته كالمقدورات له الّتي يعلم أنّه لا يفعلها لعدم إرادته لها لا لعدم قدرته عليها والعبد قادرٌ على أن يفعل وقد علم اللّه أنّه لا يفعل مع القدرة؛ ولهذا يعذّبه لأنّه إنّما أمره بما استطاع لا بما لا يستطيع ومن لم يستطع لم يأمره ولا يعذّبه على ما لم يستطعه
و " المعتزلة " فعندهم أنّه يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء وأولئك " المجبرة " في جانبٍ وهؤلاء في جانبٍ وأهل السّنّة وسطٌ. وما يفعله العباد باختيارهم يعلم سبحانه أنّهم فعلوه بقدرتهم ومشيئتهم وما لم يفعلوه مع قدرتهم عليه يعلم أنّهم لم يفعلوه لعدم إرادتهم له لا لعدم قدرتهم عليه وهو سبحانه الخالق للعباد ولقدرتهم وإرادتهم وأفعالهم وكلّ ذلك مقدورٌ للرّبّ وليس هذا مقدورًا بين قادرين بل القادر المخلوق هو وقدرته ومقدوره مقدورٌ للخالق مخلوقٌ له. و" المقصود هنا " أنّ قوله تعالى {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه} حقٌّ والنّسخ فيها هو رفع فهم من فهم من الآية ما لم تدلّ عليه فمن فهم أنّ اللّه يكلّف نفسًا ما لا تسعه فقد نسخ اللّه فهمه وظنّه ومن فهم منها أنّ المغفرة والعذاب بلا حكمةٍ وعدلٍ فقد نسخ فهمه وظنّه فقوله: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلّا وسعها} ردٌّ للأوّل وقوله: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} ردٌّ للثّاني