دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > مقدمات شراح الأحاديث > مقدمة إرشاد الساري للقسطلاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 01:56 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي الفصل الأول في فضيلة أهل الحديث وشرفهم في القديم والحديث

الفصل الأول في فضيلة أهل الحديث وشرفهم في القديم والحديث
أقول مستمدًا من الله الإعانة على التوفيق للإيضاح والإبانة. روينا عن ابن مسعود
[إرشاد الساري: 1/3]
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نضر الله أمر أسمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها قرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه رواه الشافعي والبيهقي وكذا أبو داود والترمذي بلفظ نضر الله امرأ سمع مني شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع وقال الترمذي حسن صحيح وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فرب حامل فقه ليس بفقيه الحديث. رواه البزار بإسناد حسن وابن حبان في صحيحه من حديث زيد بن ثابت وكذا روى من حديث معاذ بن جبل والنعمان بن بشير وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأبي قرصافة وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبعض أسانيدهم صحيح كما قاله المنذري. وقوله نضر الله بتشديد الضاد المعجمة وتخفف والنضرة الحسن والرونق والمعنى خصه الله تعالى بالبهجة والسرور لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجازاه في دعائه له بما يناسب حاله في المعاملة وأيضًا فإن من حفظ ما سمعه وأداه كما سمعه من غير تغيير كأنه جعل المعنى غضا طريا وخص الفقه بالذكر دون العلم إيذانا بأن الحامل غير عار عن العلم إذا الفقه علم بدقائق العلوم المستنبطة من الأقيسة ولو قال غير عالم لزم جهله. وقوله رب وضعت للتقليل فاستعيرت في الحديث للتكثير وقوله إلى من هو أفقه منه صفة لمدخول رب استغنى بها عن جوابها أي رب حامل فقه أداه إلى من هو أفقه منه لا يفقه ما يفقهه المحمول إليه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ارحم خلفائي قلنا يا رسول الله ومن خلفاؤك قال الذين يروون أحاديثي ويعلمونها للناس رواه الطبراني في الأوسط ولا ريب أن أداء السنن إلى المسلمين نصيحة لهم من وظائف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فمن قام بذلك كان خليفة لمن يبلغ عنه وكما لا يليق بالأنبياء عليهم السلام أن يهملوا أعاديهم ولا ينصحوهم كذلك لا يحسن لطالب الحديث وناقل السنن أن يمنحها لصديقه ويمنعها عدوه فعلى العالم بالسنة أن يجعل أكبر همه نشر الحديث فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه حيث قال بلغوا عني ولو آية الحديث رواه البخاري رحمه الله قال المظهري أي بلغوا عني أحاديث ولو كانت قليلة قال البيضاوي رحمه الله قال ولو آية ولم يقل ولو حديث لأن الأمر بتبليغ الحديث يفهم منه بطريق الأولوية فإن الآيات مع انتشارها وكثرة حملتها تكفل الله تعالى بحفظها وصونها عن الضياع والتحريف اهـ.
وقال إمام الأئمة مالك رحمه الله تعالى بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة عن تبليغهم العلم كما تسأل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقال سفيان الثوري لا أعلم علمًا أفضل من علم الحديث لمن أراد به وجه الله تعالى. إن الناس يحتاجون إليه حتى في طعامهم وشرابهم فهو أفضل من التطوع بالصلاة والصيام لأنه فرض كفاية وفي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وهذا الحديث رواه من الصحابة علي وابن عمر وابن عمرو وابن مسعود وابن عباس وجابر ابن سمرة ومعاذ وأبو هريرة رضي الله عنهم وأورده ابن عدي من طرق كثيرة كلها ضعيفة كما صرح به الدارقطني وأبو نعيم وابن عبد البر لكن يمكن أن يتقوى بتعدد طرقه ويكون حسنًا كما جزم به ابن كيكلدي العلاني وفيه تخصيص حملة السنة بهذه المنقبة العلية وتعظيم لهذه الأمة المحمدية وبيان لجلالة قدر المحدثين وعلو مرتبتهم في العالمين لأنهم يحمون مشارع الشريعة ومتون الروايات من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين بنقل النصوص المحكمة لرد المتشابه إليها. وقال النووي في أول تهذيبه هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بصيانة هذا العلم وحفظه وعدالة ناقليه وأن الله تعالى يوفق له في كل عصر خلفًا من العدول يحملونه وينفون عنه التحريف فلا يضيع وهذا تصريح بعدالة حامليه في كل عصر وهكذا وقع
[إرشاد الساري: 1/4]
ولله الحمد وهو من أعلام النبوة ولا يضر كون بعض الفساق يعرف شيئا من علم الحديث فإن الحديث إنما هو إخبار بأن العدول يحملونه لا أن غيرهم لا يعرف شيئا منه اهـ على أنه قد يقال ما يعرفه الفساق من العلم ليس بعلم حقيقة لعدم عملهم كما أشار إليه المولى سعد الدين التفتازاني في تقرير قول التلخيص وقد ينزل العالم منزلة الجاهل وصرح به الإمام الشافعي في قوله ولا العلم إلا مع التقي ولا العقل إلا مع الأدب ولعمري أن هذا الشأن من أقوى أركان الدين وأوثق عرى اليقين لا يرغب في نشره إلا صادق تقي ولا يزهده إلا كل منافق شقي. قال ابن القطان ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث وقال الحاكم لولا كثرة طائفة المحدثين على حفظ الأسانيد لدرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والمبتدعة من وضع الأحاديث وقلب الأسانيد وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العلم ثلاثة آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة وما سوى ذلك فهو فضل رواه أبو داود وابن ماجه قال في شرح المشكاة والتعريف في العلم للعهد وهو ما علم من الشارع وهو العلم النافع في الدين وحينئذ العلم مطلق فينبغي تقييده بما يفهم منه المقصود فيقال علم الشريعة معرفة ثلاثة أشياء والتقسيم حاصر وبيانه أن قوله آية محكمة يشتمل على معرفة كتاب الله تعالى وما يتوقف عليه معرفته لأن المحكمة هي التي أحكمت عبارتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه فكانت أم الكتاب فتحمل المتشابهات عليها وترد إليها ولا يتم ذلك إلا للماهر الحاذق في علم التفسير والتأويل الحاوي لمقدمات يفتقر إليها من الأصلين وأقسام العربية وقوله سنة قائمة معنى قيامها ثباتها ودوامها بالمحافظة عليها من قامت السوق إذا نفقت لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي تتوجه إليه الرغبات ويتنافس فيه المخلصون بالطلبات ودوامها إما أن يكون بحفظ أسانيدها من معرفة أسماء الرجال والجرح والتعديل ومعرفة الأقسام من الصحيح والحسن والضعيف المتشعب منه أنواع كثيرة وما يتصل بها من المتممات مما يسمى علم الاصطلاح مما يأتي في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى وإما أن يكون بحفظ متونها من التغيير والتبديل بالإتقان وتفهم معانيها واستنباط العلوم منها كما سيأتي إن شاء الله تعالى في هذا الشرح بعون الله سبحانه لأن جلها بل كلها من جوامع كلمه التي اختص بها لاسيما هذه الكلمة الفاذة الجامعة مع قصر متنها وقرب طرفيها علوم الأولين والآخرين وقوله أو فريضة عادلة أي مستقيمة مستنبطة من الكتاب والسنة والإجماع وقوله وما سوى ذلك فهو فضل أي لا مدخل له في أصل علوم الدين بل ربما يستعاذ منه حينا كقوله أعوذ بك من علم لا ينفع ولله در أبي بكر حميد القرطبي فلقد أحسن وأجاد حيث قال:
نور الحديث مبين فادن واقتبس = واحد الركاب له نحو الرضا الندس
واطلبه بالصين فهو العلم إن رفعت = أعلامه برباها يا ابن أندلس
فلا تضع في سوى تقييد شارده = عمرا يفوتك بين اللحظ والنفس
وخل سمعك عن بلوى أخي جدل = شغل اللبيب بها ضرب من الهوس
ما إن سمت بأبي بكر ولا عمر = ولا أتت عن أبي هر ولا أنس
إلا هوى وخصومات ملفقة = ليست برطب إذا عدت ولا يبس
فلا يغرك من أربابها هذر = أجدى وجدك منها نغمة الجرس
أعرهم أذنا صما إذا نطقوا = وكن إذا سألوا تعزى إلى خرس
ما العلم إلا كتاب الله أو أثر = يجلو بنور هداه كل ملتبس
نور لمقتبس خير لملتمس = حمى لمحترس نعمى لمبتئس
[إرشاد الساري: 1/5]
فاعكف ببابهما على طلابهما = تمحو العمى بهما عن كل ملتمس
ورد بقلبك عذبا من حياضهما = تغسل بماء الهدى ما فيه من دنس
واقف النبي وأتباع النبي وكن = من هديهم أبدا تدنو إلى قبس
والزم مجالسهم واحفظ مجالسهم = واندب مدارسهم بالأربع الدرس
واسلك طريقهم واتبع فريقهم = تكن رفيقهم في حضرة القدس
تلك السعادة إن تلمم بساحتها = فحط رحلك قد عوفيت من تعس
ومن شرف أهل الحديث ما رويناه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة قال الترمذي حسن غريب وفي سنده موسى بن يعقوب الزمعي قال الدارقطني: إنه تفرد به وقال ابن حبان في صحيحه في هذا الحديث بيان صحيح على أن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة أصحاب الحديث إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم وقال غيره المخصوص بهذا الحديث نقلة الأخبار الذين يكتبون الأحاديث ويذبون عنها الكذب آناء الليل وأطراف النهار. وقال الخطيب في كتابه شرف أصحاب الحديث قال لنا أبو نعيم هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها لأنه لا يعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما يعرف لهذه العصابة تنسخا وذكرا وقال أبو اليمن بن عساكر ليهن أهل الحديث كثرهم الله تعالى هذه البشرى فقد أتم الله تعالى نعمه عليهم بهذه الفضيلة الكبرى فإنهم أولى الناس بنبيهم صلى الله عليه وسلم وأقر بهم إن شاء الله تعالى وسيلة يوم القيامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم يخلدون ذكره في طروسهم ويجددون الصلاة والتسليم عليه في معظم الأوقات في مجالس مذاكرتهم وتحديثهم ودروسهم فهم إن شاء الله تعالى الفرقة الناجية جعلنا الله تعالى منهم وحشرنا في زمرتهم آمين.


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, الفصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir