النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالأَرْبَعُونَ: مَعْرِفَةُ الإِخْوَةِ وَالأَخَوَاتِ مِنَ الرُّوَاةِ
وَقَدْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ.
فَمِنْ أَمْثِلَةِ الأَخَوَيْنِ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَخُوهُ عُتْبَةُ, عَمْرُو بْنُ العَاصِ وَأَخُوهُ هِشَامٌ; وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَخُوهُ يَزِيدُ. ومِنَ التابعينَ عَمْرُو بنُ شُرَحْبِيلٍ أَبُو مَيْسَرَةَ وأَخُوهُ أَرْقَمُ، كِلاهُما مِن أَصحابِ ابنِ مَسْعُودٍ، ومِن أَصحابِه أَيْضًا، هُزَيْلُ بنُ شُرَحْبِيلٍ وأَخُوهُ أَرْقَمُ.
ثلاثةُ إِخْوَةٍ: سَهْلٌ وعَبَّادٌ وعُثمانُ بَنُو حُنَيْفٍ، وعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ وأَخَوَاه: عُمَرُ وشُعَيْبٌ، وعَبْدُ الرحمنِ زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ وأَخَوَاهُ: أُسَامَةُ، وعَبْدُ اللهِ.
أربعةُ إِخوةٍ: سُهَيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ وإِخْوَتُهُ: عَبْدُ اللهِ الذي يُقالُ له: عَبَّادٌ، ومُحَمَّدٌ، وصَالِحٌ.
خمسةُ إِخْوَةٍ: سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ وإِخْوَتُهُ الأربعةُ: إِبراهيمُ، وآدَمُ، وعِمرانُ، ومُحَمَّدٌ. قالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا عَلِيٍّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: كُلُّهُم حَدَّثُوا.
سِتَّةُ إِخْوَةٍ: وهو مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ وإِخْوَتُهُ: أَنَسٌ، ومَعْبَدٌ، ويَحْيَى، وحَفْصَةُ، وكَرِيمَةُ، كذا ذَكَرَهُمُ النَّسَائِيُّ، ويَحْيَى بنُ مَعِينٍ أَيْضًا. ولم يَذْكُرِ الحافظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ فِيهِم (كَرِيمَةَ)، فعلى هذا يَكُونُونَ مِنَ القِسْمِ الذي قَبْلَهُ، وكان مَعْبَدٌ أَكْبَرَهُم، وَحَفْصَةُ أَصْغَرَهُم. وقد رَوَى مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ عَن أَخِيهِ يَحْيَى، عَن أَخِيهِ أَنَسٍ، عَنْ مَوْلاهُم أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: أنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قالَ: (لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا).
ومثالُ سَبْعَةِ إِخْوَةٍ: النُّعْمَانُ بنُ مُقَرِّنٍ وإِخْوَتُهُ: سِنَانٌ، وسُوَيْدٌ، وعَبْدُ الرحمنِ، وعَقِيلٌ، ومَعْقِلٌ، ولم يُسمَّ السابِعُ، هَاجَرُوا وصَحِبُوا النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-، ويُقالُ: إنهم شَهِدُوا الخندقَ كُلُّهُم. قال ابنُ عَبْدِ البَرِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: لم يُشارِكْهُم أَحَدٌ فِي هَذِه المَكْرُمَةِ.
قلت: وثَمَّ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ صَحَابَةٌ، شَهِدُوا كُلُّهُم بَدْرًا، لَكِنًّهُم لأُمٍّ، وهي عَفْرَاءُ بنتُ عُبَيْدٍ، تَزَوَّجَتْ أَوَّلاً بالحارثِ بنِ رِفَاعَةَ الأَنْصَارِيِّ، فأَوْلَدَهَا مُعاذًا ومُعَوِّذًا، ثم تَزَوَّجَتْ بَعْدَ طَلاقِهَا بالبُكَيْرِ بنِ عَبْدِ يَالِيلَ بنِ نَاشِبٍ، فأَوْلَدَها إِياسًا وخَالِدًا وعَاقِلاً وعَامِرًا، ثم عَادَتْ إلى الحَارِثِ، فأَوْلَدَها عَوْنًا.
فأربعةٌ مِنهُم أَشِقَّاءُ، وهُم بَنُو البُكَيْرِ، وثَلاثَةٌ أَشِقَّاءُ، وهُم بَنُو الحارثِ، وسَبْعَتُهُم شَهِدُوا بَدْرًا معَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-. ومُعَاذٌ ومُعَوِّذٌ ابنَا عَفْرَاءَ هُمَا اللذانِ أَثْبَتَا أَبَا جَهْلٍ عَمْرَو بنَ هِشَامٍ المَخْزُومِيَّ، ثم حَزَّ رَأْسَهُ -وهو طَرِيحٌ- عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ الهُذَلِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.