دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > اختصار علوم الحديث

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 08:26 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي القسم الثالث: الإجازة

القِسْمُ الثالِثُ: الإِجَازَةُ
والرِّوَايَةُ بها جائزةٌ عندَ الجُمْهُورِ، وادَّعَى القَاضِي أَبو الوَلِيدِ البَاجِيُّ الإجماعَ على ذلك، ونَقَضَهُ ابنُ الصَّلاحِ بِمَا رَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أنه مَنَعَ مِن الرِّوَايَةِ بها، وبذلك قَطَعَ المَاوَرْدِيُّ، وعَزَاهُ إلى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وكذلك قَطَعَ بالمَنْعِ القَاضِي حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ، صاحِبُ التَّعْليقةِ، وقالَا جميعًا: لو جَازَتِ الرِّوَايَةُ بالإجازةِ لَبَطلَتِ الرِّحْلَةُ، وكذا رُوِيَ عن شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ وغيرِهِ مِن أَئِمَّةِ الحديثِ وحُفَّاظِهِ، ومِمَّنْ أَبْطَلَهَا إِبراهِيمُ الحَرْبِيُّ، وأَبُو الشَّيْخِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْفَهانِيُّ، وأَبُو نَصْرٍ الوَايِلِيُّ السِّجْزِيُّ، وحَكَى ذلك عن جَماعَةٍ مِمَّنْ لَقِيَهُمْ.
ثم هي أقسامٌ:
- إجازةٌ مِنْ مُعيَّنٍ لِمُعيَّنٍ في مُعيَّنٍ، بأنْ يَقُولَ: "أَجَزْتُكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّيهذا الكتابَ" أو "هذه الكُتُبَ"، وهي المُنَاوَلَةُ، وهي جائزةٌ عند الجماهيرِ حتَّى الظاهِرِيَّةِ، لَكِنْخَالَفُوا في العَمَلِ بها؛ لأنها في مَعْنَى المُرْسَلِ عِندَهُم، إذ لم يَتَّصِلِ السَّمَاعُ.
2- إجازةٌ لِمُعَيَّنٍ في غيرِ مُعيَّنٍ، مثلُ أنْ يَقُولَ: "أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّيمَا أَرْوِيهِ"، أو "ما صَحَّ عِنْدَكَ مِنْ مَسْمُوعَاتِي ومُصنَّفَاتِي"، وهذا مما يُجَوِّزُهُ الجُمْهُورُ أَيْضًا، رِوايةًوَعَملًا.
3- الإجازةُ لِغَيرِ مُعيَّنٍ مِثلُ أَنْ يَقُولَ: "أَجَزْتُ لِلمُسلِمينَ" أو "للمَوجُودِينَ" أو "لِمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إلا اللهُ"، وتُسمَّى الإجازةَ العَامَّةَ، وقدِ اعتبَرَهَا طائِفَةٌ مِنَ الحُفَّاظِوالعُلَماءِ، ومِمَّنْ جَوَّزَهَا الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ، ونَقَلَها عَنْ شَيْخِه القَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ،ونَقَلَها أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِِيُّ عَن شَيْخِه أَبِي العَلاءِ الهَمْدَانِيِّ الحَافِظِ، وغيرِهِم مِنْ مُحَدِّثِيالمَغَارِبَةِ -رَحِمَهُمُ اللهُ.
4- الإجازةُ للمَجْهُولِ بالمجهولِ ففَاسِدَةٌ، ولَيْسَ منها ما يَقَعُ مِن الاستدعاءِلجَماهِيرَ مُسَمَّيْنَ لا يَعْرِفُهُمُ المُجِيزُ، ولا يَتَصفَّحُ أَنْسابَهُم، ولا عِدَّتَهُمْ، فإنَّ هذا سائغٌشَائِعٌ. كما لا يَسْتَحْضِرُ المُسْمِعُ أَنْسَابَ مَن يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ ولا عِدَّتَهُمْ. واللهُ أَعْلَمُ.
ولو قالَ: "أَجَزْتُ رِوايَةَ هذا الكتابِ لِمَنْ أَحَبَّ رِوَايَتَهُ عَنِّي"، فَقَدْ كَتَبَهُ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ الأَزْدِيُّ، وسَوَّغَهُ غَيْرُهُ، وقَوَّاهُ ابنُ الصَّلاحِ.
وكَذَلِكَ لَو قالَ: "أَجَزْتُكَ ولِوَلَدِكَ ونَسْلِكَ وعَقِبِكَ رِوَايَةَ هَذا الكتابِ" أو "ما يَجْوزُ لي رِوَايَتُهُ"، فقد جَوَّزَها جَمَاعَةٌ، مِنْهُم أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، قالَ لِرَجُلٍ: "أَجَزْتُ لَكَ ولأَوْلادِكَ ولِحَبَلِ الحَبَلَةِ".
وأما لو قالَ: "أَجَزْتُ لِمَنْ يُوجَدُ مِن بَنِي فُلانٍ"، فقَدْ حَكَى الخَطِيبُ جَوَازَهَا عنِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ الفَرَّاءِ الحَنْبَلِيِّ، وأَبِي الفَضْلِ بنِ عَمْرُوسٍ المَالِكِيِّ، وحَكَاهُ ابنُ الصَّبَّاغِ عنْ طَائِفَةٍ، ثم ضَعَّفَ ذلك وقال: هذا يُبْنَى على أن الإجازَةَ إِذْنٌ أو مُحَادَثَةٌ. وكذلك ضَعَّفَها ابنُ الصَّلاحِ، وأَوْرَدَ الإجازةَ للطِّفْلِ الصَّغيرِ الذي لا يُخاطَبُ مِثلُه، وذَكَرَ الخَطِيبُ أنَّهُ قالَ للقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: إنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قالَ: لا تَصِحُّ الإجازةُ إلا لِمَنْ يَصِحُّ سَمَاعُهُ، فقالَ: قَدْ يُجِيزُ الغَائِبُ عَنْهُ ولا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْهُ.
ثم رَجَّحَ الخَطِيبُ صِحَّةَ الإجازةِ للصَّغِيرِ، قالَ: وهو الذي رَأَيْنَا كَافَّةَ شُيوخِنَا يَفْعَلُونَهُ، يُجِيزُونَ للأَطْفَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ أَعْمَارِهِمْ، ولم نَرَهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا في الحالِ. واللهُ أَعْلَمُ.
ولو قالَ: "أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِمَّا سَمِعْتُهُ ومَا سَأَسْمَعُهُ"، فالأولُ جَيِّدٌ والثاني فَاسِدٌ، فقَد حَاوَلَ ابنُ الصَّلاحِ تَخْرِيجَهُ على أنَّ الإجازةَ إِذْنٌ كالوَكَالَةِ، وفيما لو قالَ: "وَكَّلْتُكَ في بَيْعِ مَا سَأَمْلِكُهُ" خِلافٌ.
وأما الإجازةُ بِمَا يَرْوِيهِ إِجازةً، فالذي عليه الجمهورُ الرِّوَايَةُ بالإجازةِ على الإجازةِ وإن تَعَدَّدَتْ، ومِمَّنْ نَصَّ علَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ وشيخُه أبو العبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، والحافظُ أبو نُعَيْمٍ الأَصْفَهانِيُّ، والخَطِيبُ، وغَيْرُ وَاحِدٍ مِن العُلَمَاءِ.
قالَ ابنُ الصلاحِ: وَمَنَعَ مِن ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ، والصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ العَمَلُ جَوَازُهُ، وشَبَّهُوا ذَلِكَ بتَوْكِيلِ الوَكِيلِ.


  #2  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 09:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباعث الحثيث للشيخ: أحمد شاكر

القِسْمُ الثالِثُ: الإِجَازَةُ[1]:
والرِّوَايَةُ بها جائزةٌ عندَ الجُمْهُورِ، وادَّعَى القَاضِي أَبو الوَلِيدِ البَاجِيُّ الإجماعَ على ذلك، ونَقَضَهُ ابنُ الصَّلاحِ بِمَا رَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أنه مَنَعَ مِن الرِّوَايَةِ بها، وبذلك قَطَعَ المَاوَرْدِيُّ، وعَزَاهُ إلى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وكذلك قَطَعَ بالمَنْعِ القَاضِي حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ، صاحِبُ التَّعْليقةِ، وقالَا جميعًا: لو جَازَتِ الرِّوَايَةُ بالإجازةِ لَبَطلَتِ الرِّحْلَةُ، وكذا رُوِيَ عن شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ وغيرِهِ مِن أَئِمَّةِ الحديثِ وحُفَّاظِهِ، ومِمَّنْ أَبْطَلَهَا إِبراهِيمُ الحَرْبِيُّ، وأَبُو الشَّيْخِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْفَهانِيُّ، وأَبُو نَصْرٍ الوَايِلِيُّ السِّجْزِيُّ، وحَكَى ذلك عن جَماعَةٍ مِمَّنْ لَقِيَهُمْ.
ثم هي أقسامٌ:
- إجازةٌ مِنْ مُعيَّنٍ لِمُعيَّنٍ في مُعيَّنٍ، بأنْ يَقُولَ: "أَجَزْتُكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي هذا الكتابَ" أو "هذه الكُتُبَ"، وهي المُنَاوَلَةُ، وهي جائزةٌ عند الجماهيرِ حتَّى الظاهِرِيَّةِ، لَكِنْ خَالَفُوا في العَمَلِ بها؛ لأنها في مَعْنَى المُرْسَلِ عِندَهُم، إذ لم يَتَّصِلِ السَّمَاعُ.
2- إجازةٌ لِمُعَيَّنٍ في غيرِ مُعيَّنٍ، مثلُ أنْ يَقُولَ: "أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا أَرْوِيهِ"، أو "ما صَحَّ عِنْدَكَ مِنْ مَسْمُوعَاتِي ومُصنَّفَاتِي"، وهذا مما يُجَوِّزُهُ الجُمْهُورُ أَيْضًا، رِوايةً وَعَملًا.
3- الإجازةُ لِغَيرِ مُعيَّنٍ مِثلُ أَنْ يَقُولَ: "أَجَزْتُ لِلمُسلِمينَ" أو "للمَوجُودِينَ" أو "لِمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إلا اللهُ"، وتُسمَّى الإجازةَ العَامَّةَ، وقدِ اعتبَرَهَا طائِفَةٌ مِنَ الحُفَّاظِ والعُلَماءِ، ومِمَّنْ جَوَّزَهَا الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ، ونَقَلَها عَنْ شَيْخِه القَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، ونَقَلَها أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِِيُّ عَن شَيْخِه أَبِي العَلاءِ الهَمْدَانِيِّ الحَافِظِ، وغيرِهِم مِنْ مُحَدِّثِي المَغَارِبَةِ -رَحِمَهُمُ اللهُ.
4- الإجازةُ للمَجْهُولِ بالمجهولِ ففَاسِدَةٌ، ولَيْسَ منها ما يَقَعُ مِن الاستدعاءِ لجَماهِيرَ مُسَمَّيْنَ لا يَعْرِفُهُمُ المُجِيزُ، ولا يَتَصفَّحُ أَنْسابَهُم، ولا عِدَّتَهُمْ، فإنَّ هذا سائغٌ شَائِعٌ. كما لا يَسْتَحْضِرُ المُسْمِعُ أَنْسَابَ مَن يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ ولا عِدَّتَهُمْ. واللهُ أَعْلَمُ.
ولو قالَ: "أَجَزْتُ رِوايَةَ هذا الكتابِ لِمَنْ أَحَبَّ رِوَايَتَهُ عَنِّي"، فَقَدْ كَتَبَهُ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ الأَزْدِيُّ، وسَوَّغَهُ غَيْرُهُ، وقَوَّاهُ ابنُ الصَّلاحِ.
وكَذَلِكَ لَو قالَ: "أَجَزْتُكَ ولِوَلَدِكَ ونَسْلِكَ وعَقِبِكَ رِوَايَةَ هَذا الكتابِ" أو "ما يَجْوزُ لي رِوَايَتُهُ"، فقد جَوَّزَها جَمَاعَةٌ، مِنْهُم أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي دَاوُدَ، قالَ لِرَجُلٍ: "أَجَزْتُ لَكَ ولأَوْلادِكَ ولِحَبَلِ الحَبَلَةِ"[2].
وأما لو قالَ: "أَجَزْتُ لِمَنْ يُوجَدُ مِن بَنِي فُلانٍ"، فقَدْ حَكَى الخَطِيبُ جَوَازَهَا عنِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى بنِ الفَرَّاءِ الحَنْبَلِيِّ، وأَبِي الفَضْلِ بنِ عَمْرُوسٍ المَالِكِيِّ، وحَكَاهُ ابنُ الصَّبَّاغِ عنْ طَائِفَةٍ، ثم ضَعَّفَ ذلك وقال: هذا يُبْنَى على أن الإجازَةَ إِذْنٌ أو مُحَادَثَةٌ. وكذلك ضَعَّفَها ابنُ الصَّلاحِ، وأَوْرَدَ الإجازةَ للطِّفْلِ الصَّغيرِ الذي لا يُخاطَبُ مِثلُه، وذَكَرَ الخَطِيبُ أنَّهُ قالَ للقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ: إنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قالَ: لا تَصِحُّ الإجازةُ إلا لِمَنْ يَصِحُّ سَمَاعُهُ، فقالَ: قَدْ يُجِيزُ الغَائِبُ عَنْهُ ولا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْهُ.
ثم رَجَّحَ الخَطِيبُ صِحَّةَ الإجازةِ للصَّغِيرِ، قالَ: وهو الذي رَأَيْنَا كَافَّةَ شُيوخِنَا يَفْعَلُونَهُ، يُجِيزُونَ للأَطْفَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ أَعْمَارِهِمْ، ولم نَرَهُمْ أَجَازُوا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا في الحالِ. واللهُ أَعْلَمُ.
ولو قالَ: "أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِمَّا سَمِعْتُهُ ومَا سَأَسْمَعُهُ"، فالأولُ جَيِّدٌ والثاني فَاسِدٌ، فقَد حَاوَلَ ابنُ الصَّلاحِ تَخْرِيجَهُ على أنَّ الإجازةَ إِذْنٌ كالوَكَالَةِ، وفيما لو قالَ: "وَكَّلْتُكَ في بَيْعِ مَا سَأَمْلِكُهُ" خِلافٌ.
وأما الإجازةُ بِمَا يَرْوِيهِ إِجازةً، فالذي عليه الجمهورُ الرِّوَايَةُ بالإجازةِ على الإجازةِ وإن تَعَدَّدَتْ، ومِمَّنْ نَصَّ علَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ وشيخُه أبو العبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، والحافظُ أبو نُعَيْمٍ الأَصْفَهانِيُّ، والخَطِيبُ، وغَيْرُ وَاحِدٍ مِن العُلَمَاءِ.
قالَ ابنُ الصلاحِ: وَمَنَعَ مِن ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ المُتَأَخِّرِينَ، والصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ العَمَلُ جَوَازُهُ، وشَبَّهُوا ذَلِكَ بتَوْكِيلِ الوَكِيلِ[3].



[1]قوله: ولحبل الحبلة: يعني أولاد الأولاد.

[2] الإجازة: أن يأذن الشيخ لغيره بأن يروي عنه مروياته أو مؤلفاته، وكأنها تتضمن إخباره بما أذن له بروايته عنه.
وقد اختلفوا في جواز الرواية والعمل بها:
فأبطلها كثير من العلماء، قال بعضهم: (من قال لغيره: أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع- فكأنه قال: أجزت لك أن تكذب علي! لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع).
وهذا يصح لو أذن له في رواية ما لم يسمع مع تصريح الراوي بالسماع، لأنه يكون كذبا حقيقة، أما إذا كان يرويه عنه على سبيل الإجازة -وهو محل البحث: فلا.
وقال ابن حزم: (إنها بدعة غير جائزة) ومنع الظاهرية من العمل بها، وجعلوها كالحديث المرسل. وهذا القول -يعني إبطالها- ضعفه العلماء وردوه.
وتغالى بعضهم فزعم أنها أصح من السماع. وجعلها بعضهم مثله.
والذي رجحه العلماء أنها جائزة، يروى بها ويعمل، وأن السماع أقوى منها.
قال ابن الصلاح (ص152): ((إن الذي استقر عليه العمل وقال به جماهير أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم: القول بتجويز الإجازة وإباحة الرواية بها. وفي الاحتجاج لذلك غموض، ويتجه أن نقول: إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته وقد أخبره بها جملة: فهو كما لو أخبره تفصيلا، وإخباره بها غير متوقف على التصريح نطقا، في القراءة على الشيخ كما سبق، وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم. وذلك يحصل بالإجازة المفهمة. والله أعلم).
قال السيوطي في التدريب: (قال الخطيب في الكفاية: احتج بعض أهل العلم لجوازها بحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب سورة براءة في صحيفة، ودفعها لأبي بكر، ثم بعث علي بن أبي طالب فأخذها منه، ولم يقرأها عليه، ولا هو أيضًا، حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها على الناس).
أقول: وفي نفسي من قبول الرواية بالإجازة شيء، وقد كانت سببا لتقاصر الهمم عن سماع الكتب سماعا صحيحًا بالإسناد المتصل بالقراءة إلى مؤلفيها، حتى صارت في الأعصر الأخيرة رسم برسم، لا علما يتلقى ويؤخذ. ولو قلنا بصحة الإجازة إذا كانت بشيء معين من الكتب لشخص معين أو أشخاص معينين: لكان هذا أقرب إلى القبول. ويمكن التوسع في الإجازة لشخص أو أشخاص معينين مع إبهام الشيء المجاز، كأن يقول له: (أجزت لك رواية مسموعاتي)، أو (أجزت رواية ما صح وما يصح عندك أني أرويه)، وأما الإجازات العامة، كأن يقول: (أجزت لأهل عصري)، أو (أجزت لمن شاء) أو (لمن شاء فلان) أو للمعدوم أو نحو ذلك- فإني لا أشك في عدم جوازها.
وإذا صحت الرواية بالإجازة، فإنه يصح للراوي بها أن يجيز غيره، ويجوز لهذا الغير أن يروي بها، وخالف في ذلك أبو البركات الأنماطي، فذهب إلى أن الرواية بها لا تجوز لأن الإجازة ضعيفة، فيقوى الضعف باجتماع إجازتين. قال النووي في التقريب (ص141 تدريب): (الصحيح الذي عليه العمل جوازه، وبه قطع الحافظ: الدارقطني وابن عقدة وأبو نعيم وأبو الفتح نصر المقدسي، وكان أبو الفتح يروي بالإجازة، وربما والى بين ثلاث.
ولفظ الإجازة وضح مما قلناه. والأصل: أن يقوله الشيخ لافظًا به، فإن كتبه من غير نطق رجح السيوطي إبطال الإجازة. وهو غير راجح، بل الكتابة والنطق سواء.
قال ابن الصلاح (ص160): (ينبغي للمجيز إذا كتب إجازته أن يتلفظ بها، فإن اقتصر على الكتابة، كان ذلك إجازة إذا اقترن بقصد الإجازة، غير أنها أنقص مرتبة من الإجازة الملفوظ بها. وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد الكتابة في باب الرواية التي جعلت فيها القراءة على الشيخ -مع أنه لم يلفظ بما قرئ عليه-: إخبارًا منه بما قرئ عليه). وهذا هو الحق، وبهذا الدليل نرجح أن الكتابة فيها كالتلفظ سواء.
واستحسن العلماء الإجازة من العالم لمن كان أهلا للرواية ومشتغلا بالعلم، لا للجهال ونحوهم.
وذهب بعضهم إلى أن هذا شرط في صحتها. قال ابن عبد البر: (إنها لا تجوز إلا من كل الأقوال).

[3]في الأصل: (لناسخه) وهو غير جيد.



  #3  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 09:19 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: عبد الكريم الخضير (مفرغ)


  #4  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 09:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: سعد الحميد (مفرغ)

القارئ: الثالث: الإجازة:
والرواية بها جائزة عند الجمهور،وادعى القاضي أبو الوليد الباجي الإجماع على ذلك،ونقضه ابن الصلاح بما رواه الربيع عن الشافعي،أنه منع من الرواية بها.
وبذلك قطع الماوردي،وعزاه إلى مذهب الشافعي،وكذلك قطع بالمنع القاضي الحسين بن محمد المروزي،صاحب التعليقة –الشيخ: لحظة (شوي) المروروزي (ولا) لا؟- وكذلك قطع بالمنع القاضي الحسين بن محمد المروروزي،صاحب التعليقة،وقالا جميعا: لو جازت الراوية بالإجازة لبطلت الرحلة.
وكذلك روي عن شعبة بن الحجاج وغيره من أئمة الحديث وحفاظه،وممن أبطلها إبراهيم الحربي،وأبو الشيخ محمد بن عبد الله الأصبهاني،وأبو نصر الوايلي السجزي،وحكى ذلك عن جماعة فمن لقيهم.
ثم هي أقسام: أحدها...

الشيخ: الإجازة أيها الإخوة من طرق التحمل،ومن طرق الأداء أيضاً، وهي مسألة مختلف فيها؛ لأن التلميذ لا يسمع تلك الأحاديث بإذنه من الشيخ،أو بالقراءة على الشيخ،فهي تغني عن مدد طويلة يمكن أن يمضيها التلميذ مع الشيخ، وتغني عن الرحلة في الحديث، وتغني من عناء كثير.
فما المقصود بها؟ أو ما هي صورها؟ أو ما هي أمثلتها التي تقرب المقصود بالإجازة للذهن؟
لو جاء تلميذ؛إما لكونه معروفاً بالطلب، فأشفق عليه الشيخ، أو لكونه حسيباً، فقدره الشيخ لمكانة أبيه، أو لمكانة عائلته، أو لغير ذلك من الأمور، وسواء اعتبرنا هذه الأمور مسوغاً شرعياً أو لا، بغض النظر عن هذا كله، فيقوم الشيخ بدفع كتابه لهذا التلميذ، فيقول: هذا كتابي، أجزتك بروايته، والكتاب متضمناً خمسة آلاف حديث،لم يسمع هذا التلميذ ولا واحداً منها من الشيخ، وإنما أخذ الكتاب برمته، والكتاب قد يسمع على الشيخ في مدد طويلة، يمكن شهرين، ثلاثة، أربعة، أو ربما أكثر، فيأتي هذا في لحظات يسيرة فيتلقى هذه الكمية دفعة واحدة بهذه الصورة.
فهل يعتبر هذا في هذه اللحظات تحملاً صحيحاً، بحيث يمكن للتلميذ أن يقول: حدثني فلان، أو أخبرني فلان، أو بغير ذلك من الصيغ التي تدل على أنه تلقاه عنه مباشرة، بمعنى أن هناك اتصالاً فيما بينه وبين ذلك الشيخ؟ هل يجوز هذا أو لا؟
وأحياناً ربما تجاوزت الإجازة ما هو أبعد من هذا،كما يأتي إن شاء الله في ذكر صورها،المهم أنا أردت أن أقربها للأذهان، فكل ما يقوم هذا المقام كأن يرسل الشيخ كتابه،يدفعه إلى تلميذ؛ إما بواسطة رجل يوصيه بأن ينقله إليه في باب آخر، أو مثل ما لو يحصل مثلاً في البريد، والبريد كان موجوداً في ذلك العصر،أو ربما جاء التلميذ مثلاً بكتاب نسخه عن كتاب الشيخ، وقال: هذا الكتاب نسخته وأريدك أن تجيزني بروايته،فيقول: أجزتك بروايته، أو ربما لم يكن مع التلميذ كتاب، وليس مع الشيخ كتاب، وإنما يقول له التلميذ: أريدك أن تجيزني في جميع مروياتك، فيقول: أجزتك بجميع مروياتي.
وهناك صور أخرى أردأ من هذا، سيأتي الكلام عليها إن شاء الله، فهل يعتبر هذا تحملاً صحيحاً، أو لا يعتبر تحملاً صحيحاً؟
كما رأيتم أن هناك خلافاً بين العلماء؛ فبعضهم منع منها، وبعضهم قال: كيف يدعي السماع لشيء لم يسمعه، وبعضهم قال: إن هذا يقضي على الرحلة، إذن كل واحد يلزم موطنه، ولا داعي لعقد مجالس الإملاء ومجالس التحديث، ولا داعي لإتعاب الأجساد في هذه الرحلات،وتضييع الأموال،وتعريض النفس للمخاطر،كل هذا لا داعي له،مع صحة هذه الإجازة، أو هذا النوع من أنواع التحمل، وهذا الكلام يعتبر صحيحاً، لكن هل هذا يعني القضاء المبرم على الإجازة، وأنها ليست تحملاً صحيحاً،أو أنها تعتبر من أضعف أنواع التحمل؟
نقول: هي بلا شك من أرأف أنواع التحمل، فأحسن أنواع التحمل هما القسمان الأولان: الأول:السماع، ثم العرض، وما يجيء بعد ذلك فكله من رديء إلى أردأ، سنرى الآن هذه الصور الآتية كلها بهذه الصورة.
لكن أحياناً بعض صور الإجازة تعتبر صورا مقبولة في حقيقة الأمر،لكن بعض صورها -كما سنرى- فيها شيء من التوسع،والشيء الذي لا يمكن لأحد أن يرضاه،ولولا أنه حصل لما تحدث عنه بهذه الصورة،ولكن وجد من بعض المحدثين من صنع ذلك الصنيع.
القارئ: قال: ثم هي أقسام:
أحدها: إجازة من معين لمعين في معين؛ بأن يقول: أجزتك أن تروي عني هذا الكتاب، أو هذه الكتب، وهي المناولة، فهذه جائزة عند الجماهير،حتى الظاهرية، لكن خالفوا في العمل بها؛لأنها بمعنى المرسل عندهم؛ إذ لم يتصل السماع.

الشيخ: الآن علينا أن نفهم بعض الألفاظ؛ حتى نستطيع أن نتسلسل في هذه الصور، فحينما يقول: إجازة من معين لمعين في معين:
"إجازة من معين": المعين هو الشيخ، "لمعين": وهو التلميذ، "في معين": وهو الكتاب.هذا المراد.
فهذه الألفاظ سترد معنا مع بعض التغيير،كأن يقول: إجازة من معين لغير معين في معين،"إجازة من معين" هو الشيخ،"لغير معين" أي: لم يحدد تلميذاً بعينه،كأن يقول: أجزت لأهل البلد الفلاني، وإذا اعتبر هذا معينا لكونه حدد أهل بلد بعينهم، فربما قال: أجزت لجميع المسلمين، فهذا غير معين لمعين،كأن يقول: أجزت لهم رواية صحيح البخاري عني،فهذا معين.
إجازة من معين لمعين بغير معين، إجازة من الشيخ لتلميذ بعينه في جميع المرويات التي لم تحد بحد، وهكذا لا ينبغي أن نفهم هذا الكلام بهذه الصورة، فيما سيأتي معنا إن شاء الله.
الصورة الأولى: هذه هي المناولة، وهي التي مثلت لكم بها: يدفع الشيخ إلى التلميذ الكتاب، يناوله إياه مناولة، ويقول: هذا كتابي،أو هذه أحاديثي، أجزتك بروايتها، أحياناً لا يذكر لفظ الإجازة، وإنما يدفع إليه الكتاب، فإن دفع إليه الكتاب وأجازه بروايته، فهذا الراجح كما هو قول جمهور المحدثين، وبخاصة بعد أن قضي على هذا الخلاف؛لأن هذا الخلاف كان موجوداً في فترة معينة،ثم بعد ذلك انتهى ذلك الخلاف، فالراجح أن هذه تعتبر صورة صحيحة من صور التحمل، وهي أعلى وأحسن صور الإجازة: إجازة من معين لمعين في معين، هذه أحسن صور الإجازة.
أما بالنسبة فيما لو قال الشيخ: هذا كتابي، أو دفع إليه الكتاب مجرد دفع، ولم يقل: أجزتك بروايته، فحصل بينهم اختلاف في هذه الصورة؛ منهم من منع، ومنهم من أجاز بحكم إقراره بأن هذا كتابه، قال: هذا كاف، فهو شبيه بماذا؟
شبيه بالسماع غير المقصود، فيما لو سمع من خلف جدار، أو قال له.. لو قال له المحدث: لا ترو عني هذه الأحاديث، فهو لا يملك هذا، العلم ليس ملكاً لأحد، وإنما هو دين، فمجرد أنك تلفظت بهذه الأحاديث، وعرفت أنها من أحاديثه، وتلقيتها منه، فهذا لا تملكه أنت، فلنفرض أن الشيخ دفع الكتاب لتلميذ ليوصله إلى تلميذ آخر، فهل يجوز لهذا التلميذ الآن أن ينسخ هذا الكتاب، ويعتبر هذا التلقي من الشيخ، المناولة، ولو لم يقل له الشيخ: أجزتك بروايته؟ هل يعتبر هذا تحملاً؟
قالوا: نعم، يعتبر تحملاً. وهناك من منع من هذا، ولكنه كما قلت: شبيه تماماً بمنع الشيخ التلميذ من رواية بعض الأحاديث التي سمعها منه.

القارئ: الثاني: إجازة من معين في غير معين، مثل أن يقول: أجزت لك أن تروي عني ما أرويه، أو ما صح عندك من مسموعاتي ومصنفاتي،وهذا مما يجوزه الجمهور أيضاً رواية وعملا.

الشيخ: وهناك من خالف، ولكن هذه تعتبر الصورة الثانية من صور الإجازة، وهي الأحسن والأليق بعد الصورة الماضية، ولكن هناك صور أرادأ،كلما مضى معنا الكلام وجدنا أن الأمور بدأت تنحدر؛ لأن للإجازة ثمان صور،كما سيأتي، ولست أدري هل سيحصرها ابن كثير كلها أو لا، لكن على كل حال صورها ثمان صور، سنراها إن شاء الله تعالى.

القارئ: قال: الثالث: الإجازة لغير معين، مثل أن يقول: أجزت للمسلمين، أو للموجودين، أو لمن قال: لا إله إلا الله، وتسمى الإجازة العامة، فقد اعتبرها طائفة من الحفاظ والعلماء.
وممن جوزها الخطيب البغدادي، ونقلها عن شيخه القاضي أبو الطيب الطبري، ونقلها أبو بكر الحازمي عن شيخه أبي العلاء الهمداني الحافظ، وغيرهم من محدثي المغاربة،رحمهم الله.


الشيخ: يجوز أن نقول: أخبرنا أبو العلاء الهمداني الحافظ إجازة، (أم) ما يجوز؟


  #5  
قديم 8 ذو الحجة 1429هـ/6-12-2008م, 09:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: إبراهيم اللاحم (مفرغ)

القارئ: القسم الثالث:الإجازة: والرواية بها جائزة عند الجمهور،وادعى... سقط... الوليد الباجي وابن الوليد الباجي الإجماع على ذلك،ونقده ابن الصلاح بما رواه الربيع عن الشافعي،أنه منع من الرواية بها،وبذلك قطع الماوردي وعزاه إلى مذهب الشافعي،وكذلك قطع بالمنع القاضي حسين بن محمد المروزي صاحب (غير مسموع)،وقالا جميعا: لو جازت الرواية بالإجازة لبطلت الرحلة،وكذا روي عن شعبة بن الحجاج وغيرهم من أئمة الحديث وحفاظة.
وممن أبطلها إبراهيم الحربي، وأبو الشيخ محمد بن عبد الله الأصفهاني، وأبو نصر (غير مسموع) السجزي، وحكى ذلك عن جماعة ممن لقيهم.

ثم هي أقسام:
أولا:إجازة من معين لمعين في معين.
بأن يقول: أجزتك أن تروي عني هذا الكتاب،أو هذه الكتب،وهي المناولة،فهذه جائزة عند الجماهير حتى الظاهرية،لكن خالفوا في العمل بها؛ لأنها في معنى المرسل عندهم؛إذ لم يتصل السماع.
ثانيًا: إجازة لمعين في غير معين.
مثل أن يقول: أجزت لك أن تروي عني ما أرويه،أو ما صح عندك من مسموعاتي ومصنفاتي،وهذا مما يجوزه الجمهور أيضا رواية وعملًا.
الثالث: الإجازة لغير معين.
مثل أن يقول: أجزت للمسلمين،أو للموجودين،أو لمن قال: لا إله إلا الله،وتسمى الإجازة العامة، وقد اعتبرها طائفة من الحفاظ والعلماء،فممن جوزها الخطيب البغدادي،ونقلها عن شيخه القاضي أبي الطيب الطبري،ونقلها أبو بكر الحازمي عن شيخه أبي العلاء الهمداني الحافظ،وغيرهم من محدثي المغاربة رحمهم الله.
رابعًا: الإجازة للمجهول بالمجهول، ففاسدة، وليس منها ما يقع من الاستدعاء لجماهير المسلمين، لا يعرفهم المجيز ولا يتصفح أنسابهم، ولا عدتهم؛ فإن هذا سائغ شائع،كما لا يستحضر المسمِع أنساب من يحضر مجلسه،ولا عدتهم.والله أعلم.
ولو قال: أجزت رواية هذا الكتاب لمن أحب روايته عني،فقد كتبه أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي، وسوغه غيره، وقواه ابن الصلاح، وكذلك لو قال: أجزتك ولولدك ونسلك وعقبك رواية هذا الكتاب، أو ما يجوز لي روايته فقد جوزها جماعة؛ منهم أبو بكر بن أبي داود، قال لرجل: أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة.
وأما لو قال: أجزت لمن يوجد من بني فلان، فقد حكى الخطيب جوازها عن القاضي أبي يعلى بن الفراء الحنبلي،وأبي الفضل بن عمروس المالكي، وحكاه ابن الصباغ عن طائفة، ثم ضعف ذلك وقال: هذا يبنى على أن الإجازة إذن أو محادثة. وكذلك ضعفها ابن الصلاح وأورد إجازة للطفل الصغير الذي لا يخاطب مثله.
وذكر الخطيب أنه قال للقاضي أبي الطيب: إن بعض أصحابنا قال: لا تصح الإجازة إلا لمن يصح سماعه، فقال: قد يجيز الغائب عنه ولا يصح سماعه منه، ثم رجح الخطيب صحة الإجازة للصغير، قال: وهو الذي رأينا كافة شيوخنا يفعلونه، يجيزون للأطفال من غير أن يسألوا عن أعمارهم، ولم نرهم أجازوا لمن لم يكن موجودًا في الحال. والله أعلم.
ولو قال: أجزت لك أن تروي ما صح عندك ممن ما سمعته،وما سأسمعه، فالأول جيد، والثاني فاسد، وقد حاول ابن الصلاح تخريجه.
على أن الإجازة إذن كالوكالة، وفيما لو قال: وكلتك في بيع ما سأملكه خلاف، وأما الإجازة بما يرويه إجازة فالذي عليه الجمهور الرواية بالإجازة على الإجازة،وإن تعددت.
وممن نص على ذلك الدارقطني وشيخه أبو العباس بن عقدة،والحافظ أبو نعيم الأصبهاني،والخطيب،وغير واحد من العلماء.
قال ابن الصلاح: ومنع من ذلك بعض من يعتد به من المتأخرين،والصحيح الذي عليه العمل جوازه،وشبهوا ذلك بتوكيل الوكيل.
الشيخ: هذا القسم الثالث من أقسام الرواية وطرق التحمل، هوالإجازة،وخلاصة الكلام في الإجازة ما نطيل فيها في قضيتين:
القضية الأولى: معنى الإجازة: معنى الإجازة هو الإذن بالرواية من دون سماع ولا قراءة، هذه خلاصة معنى الإجازة، أن يقول له: أذنت لك أن تروي عني هذا،
يعني: حسب ما قسمها ابن كثير رحمه الله، وهذه قضية.
إذن معنى الإجازة باختصار هو الإذن بالرواية، من غير سماع ولا قراءة، من غير أن يعني من غير تحديث.. لا الشيخ يحدث ولا الطالب يقرأ، وهذه أقسام كما ذكرها ابن كثير رحمه الله،كان بعض المحدثين في وقت الرواية يعني يمنعونها.
ونقل هذا عن شعبة، ونقله عن شعبة نعم، وعن الشافعي، ونقل عن بعض العلماء العمل بها، حتى نقل عن أبي هريرة رضي الله عنه، ونقل عن الزهري، ونقل عن ابن جريج وجماعة يعملون بها.

لكن نلاحظ أن عملهم ما ينقل تارة من العمل في الإجازة في عصر الرواية إنما هو القسم الأول الذي هو إجازة من معين لمعين في معين،بأن يقول له: هذا الجزء أرويه أنا فاروه عني، هذا..
ثم بعد ذلك الأقسام الثانية هذه،الأقسام الثانية نلاحظ أنها وقعت بعد عصر الرواية،ونلاحظ أن كل واحد منها فيه تسامح أخف من الذي قبله،وما زالوا يتسمحون في عصر الرواية حتى كما نرى صارت إجازات معدومة الفائدة،ولا عذر لهم في ذلك،إلا أنهم يريدون بقاء سلسلة الإسناد،وقد بقي منها إلى الآن في عصرنا الحاضر الرواية بالإجازات موجودة الآن في العصر الحاضر، بإمكان طلبة العلم مثلًا أن يذهبوا إلى أحد المشايخ ممن له إجازات، فيجيزهم أن يسمعوا.. أن يرووا عنه الكتب الستة؛مسند الإمام أحمد... وهم لم يسمعوا منه ولم يقرؤوا عليه (غير مسموع).
ومنتشر الآن بين طلبة العلم، هذا الشيء، وهناك مشايخ في الرياض وفي العالم الإسلامي كله،لكن هذه لا فائدة منها مطلقًا إلا بقاء سلسلة الإسناد.
وكثيرًا ما أسأل عن يعني عن بعض الإخوان يقولون: ما رأيك في كذا؟ أقول: لا بأس بهذا،تتبع هذا لا بأس به، ولكن بشرط ألا يشغل عما هو أهم،فموجودة هذه الإجازات، و كما ذكرت من الثاني فما بعده هذا تسمح فيه الناس فيما بعد؛بسبب يعني أن المقصود بقاء سلسلة الإسناد.
وأما في عصر الرواية فالموجود منه الذي اختلف فيه العلماء هو القسم الأول،و كذلك أيضًا تسمحوا في الإجازة، يعني مثل هذا كلام أبي بكر بن أبي داود هذا ولد أبي داود صاحب السنن،وأجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة هذا يعني هذا كأنه قاله من باب يعني طرفة.
وكذلك تكلم ابن كثير على قضية إجازة الأطفال، إجازة الصغار، وهذا إذا كان يجيز للمجهول يعني: لغير المعين فمن باب أولى صحة الإجازة للصغار،والعمل عليه،وكذلك الإجازة (غير مسموع) هذا أيضًا كذلك استقر العمل عليه، كل يجيز من بعده،فما تسمعون مثلًا الآن بعض طلبة العلم أُودع في بعض كتبه أن يروي بعض الحديث بإسناده في التخريج، وهذا بحمد الله لم ينتشر،ونحمد الله أنه لم ينتشر، إثقال للكتب، يسوق الإسناد في صفحة أو في صفحتين، والمتن في سطر واحد،لا فائدة منه،يكفي أن تقول: روى البخاري؛ فهذه الكتب معروفة ومتداولة ومضبوطة، وشهرتها أضبط من الرواية بالإجازة، فهذه الآن ما ترونه من هذه كلها إجازة وراء إجازة وراء إجازة،واصطلح المتأخرون على.. بالنسبة لصيغ الأداء حدثنا بالقراءة يعني: الشيخ هو الذي يقرأ،أخبرنا بالقراءة على الشيخ، أنبأنا هذه كانت عند الأولين، ماذا تعني؟
تعني أن الشيخ هو الذي حدث، أو القراءة على الشيخ، لكن المتأخرون خصوها بالإجازة، مثلًا ما تراه عند البيهقي وفي كتب ابن حجر،وفي كتب ابن الجوزي وغيرهم أنبأنا هذه إجازة،عند المتأخرين اصطلحوا على أن أنبأنا للإجازة،فإذا كانت إجازة فوق إجازة اصطلحوا على (عن)عن فلان عن فلان،معناه أنها إجازة وراء إجازة،وهذه كلها اصطلاحات لهم رحمهم الله تعالى.
نعم القسم الرابع اقرأ يا شيخ.
القارئ: القسم الرابع المناولة...
الشيخ: أن أنبأنا هذه إجازة عند المتأخرين، اصطلحوا على أن أنبأنا للإجازة، فإذا كانت إجازة فوق إجازة اصطلحوا على (عن) عن فلان عن فلانة، معناه أنها إجازة وراء إجازة، وهذه كلها اصطلاحات لهم رحمهم الله تعالى.
نعم القسم الرابع اقرأ يا شيخ نعم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, القسم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir