دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > اختصار علوم الحديث

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو القعدة 1429هـ/16-11-2008م, 08:23 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي النوع الثالث عشر: الشاذ

النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ


الشَّاذُّ


قَالَ الشَّافِعِيُّ:وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ, وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ.
وَقَدْ حَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ أَيْضًا.
قَالَ: وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ, يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ, فَيُتَوَقَّفُ فِيمَا شَذَّ بِهِ الثِّقَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ, وَيُرَدُّ مَا شَذَّ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ: هُوَ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهِ الثِّقَةُ, وَلَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا حَدِيثُ "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ, وَعَنْهُ عَلْقَمَةُ, وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ, وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
(قُلْتُ): ثُمَّ تَوَاتَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا, فَيُقَالُ: إِنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ, وَقِيلَ: أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ, وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ ابْنُ مَنْدَهْ مُتَابَعَاتٍ غَرَائِبَ, وَلَا تَصِحُّ, كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ, وَفِي الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ".
وَتَفَرَّدَ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ مَكَّةَ, وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ.
وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ.
وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ: لِلزُّهْرِيِّ تِسْعُونَ حَرْفًا لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ, مِنْ تَفَرُّدِهِ بِأَشْيَاءَ لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ يُشَارِكُهُ فِي نَظِيرِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الرُّوَاةِ.
فَإِنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا هُوَ الصَّوَابُ: أَنَّهُ إِذَا رَوَى الثِّقَةُ شَيْئًا قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ النَّاسُ فَهُوَ الشَّاذُّ, يَعْنِي الْمَرْدُودَ, وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ, بَلْ هُوَ مَقْبُولٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا حَافِظًا.
فَإِنَّ هَذَا لَوْ رُدَّ لَرُدَّتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذَا النَّمَطِ, وَتَعَطَّلَتْ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسَائِلِ عَنِ الدَّلَائِلِ واللهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ غَيْرَ حَافِظٍ, وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَدْلٌ ضَابِطٌ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ. فَإِنْ فَقَدَ ذَلِكَ فَمَرْدُودٌ. واللهُ أَعْلَمُ.


  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:22 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الباعث الحثيث للشيخ: أحمد شاكر

النَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ


الشَّاذُّ


قَالَ الشَّافِعِيُّ:وَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَدِيثًا يُخَالِفُ مَا رَوَى النَّاسُ, وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ.
وَقَدْ حَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ الْقَزْوِينِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ أَيْضًا.
قَالَ: وَالَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاذَّ مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ, يَشِذُّ بِهِ ثِقَةٌ أَوْ غَيْرُ ثِقَةٍ, فَيُتَوَقَّفُ فِيمَا شَذَّ بِهِ الثِّقَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ, وَيُرَدُّ مَا شَذَّ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ: هُوَ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهِ الثِّقَةُ, وَلَيْسَ لَهُ مُتَابِعٌ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا حَدِيثُ "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" فَإِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ, وَعَنْهُ عَلْقَمَةُ, وَعَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ, وَعَنْهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
(قُلْتُ): ثُمَّ تَوَاتَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هَذَا, فَيُقَالُ: إِنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْنِ, وَقِيلَ: أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ, وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ ابْنُ مَنْدَهْ مُتَابَعَاتٍ غَرَائِبَ, وَلَا تَصِحُّ, كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ, وَفِي الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ[1].
قَالَ: وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ".
وَتَفَرَّدَ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r دَخَلَ مَكَّةَ, وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ.
وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَقَطْ.
وَقَدْ قَالَ مُسْلِمٌ: لِلزُّهْرِيِّ تِسْعُونَ حَرْفًا لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ, مِنْ تَفَرُّدِهِ بِأَشْيَاءَ لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ يُشَارِكُهُ فِي نَظِيرِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ.
فَإِنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا هُوَ الصَّوَابُ: أَنَّهُ إِذَا رَوَى الثِّقَةُ شَيْئًا قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ النَّاسُ فَهُوَ الشَّاذُّ, يَعْنِي الْمَرْدُودَ, وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ مَا لَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ, بَلْ هُوَ مَقْبُولٌ إِذَا كَانَ عَدْلًا ضَابِطًا حَافِظًا.
فَإِنَّ هَذَا لَوْ رُدَّ لَرُدَّتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذَا النَّمَطِ, وَتَعَطَّلَتْ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسَائِلِ عَنِ الدَّلَائِلِ واللهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ غَيْرَ حَافِظٍ, وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَدْلٌ ضَابِطٌ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ. فَإِنْ فَقَدَ ذَلِكَ فَمَرْدُودٌ[2]. واللهُ أَعْلَمُ.


[1] ومن هذا يعرف خطأ من زعم أن حديث (الأعمال بالنيات) متواتر، وقد حكى لنا هذا ثقات من شيوخنا عن عالم كبير لم ندرك الرواية عنه. وزعم أنه حديث مشهور.
وكلا القولين خطأ، بل هو حديث فرد غريب صحيح. ولذلك قال الحافظ أبو بكر البزار بعد تخريجه- فيما نقله عن العراقي (ص 85): ((لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عمر، ولا عن عمر إلا من حديث علقمة، ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم، ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد)).

[2] ويسمى (منكرا) وهو الذي يأتي في النوع التالي لهذا.



  #3  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: عبد الكريم الخضير (مفرغ)



القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم,الحمد لله رب العالمين,والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين,نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأتم التسليم,أما بعد..,
فيقول المؤلف رحمنا الله وإياه والمسلمين أجمعين:
النوع الثالث عشر: الشاذ
قال الشافعي: وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس. وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره.
وقد حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني عن جماعة من الحجازيين أيضاً.
قال: والذي عليه حفاظ الحديث,أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة,أو غير ثقة,فيتوقف فيما شذ به الثقة,ولا يحتج به,ويرد ما شذ به غير الثقة.
وقال الحاكم النيسابوري: هو الذي ينفرد به الثقة,وليس له متابع.
قال ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث ((الأعمال بالنيات))؛ فإنه تفرد به عمر,وعنه علقمة,وعنه محمد بن إبراهيم التيمي,وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري.
قلت: ثم تواتر عن يحيى بن سعيد هذا,فيقال: إنه رواه عنه نحو من مائتين,وقيل: أريد من ذلك.
وقد ذكر له ابن منده متابعات الغرائب,ولا تصح كما بسطناه في مسند عمر,وفي الأحكام الكبير.
قال: وكذلك حديث عبد الله بن دينار,عن عبد الله بن عمر:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته.
وتفرد به مالك,عن الزهري,عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر.
وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين من هذه الوجوه المذكورة فقط.
وقد قال مسلم للزهري تسعون حرفاً لا يرويها غيره,وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري من تفرده بأشياء لا يرويها غيره يشاركه في نظيرها جماعة من الرواة؛ فإن الذي قاله الشافعي أولاً هو الصواب,أنه إذا روى الثقة شيئاً قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ,يعني: المردود,وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيره، بل هو مقبول إذا كان عدلا ضابطاً حافظاً؛فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط,وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل.والله أعلم.
وأما إن كان المنفرد به غير حافظ,وهو مع ذلك عدل ضابط,فحديثه حسن، فإن فقد ذلك فمردود.والله أعلم.
الشيخ: يقول رحمه الله تعالى: "النوع الثالث عشر: الشاذ" الشاذ اختلف فيه أهل العلم,فأطلقوه بإيزاء أمور,أطلقوه على المخالفة من غير نظر في الراوي وأطلقوه على التفرد,وأطلقوه على تفرد الثقة,وأطلقوه أيضاً على التفرد مع غير المخالف.
يقول: "قال الشافعي: هو أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس".
فهنا قيدان: أن يكون الراوي ثقة,وأن يخالف هذا الثقة ما روى الناس,وليس من ذلك أي من الشذوذ أن يتفرد الراوي من غير مخالفة، اللغة تساعد قول من يقول بأنه مجرد التفرد؛ لأن الأزهري في تهذيبه قال: شذ الرجل إذا انفرد عنه أصحابه، وكذلك كل شيء منفرد فهو شاذ.
الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في حده للشذوذ: هو أنه ما اجتمع فيه أمران ثقة راو مع قيد المخالفة، وهو رحمه الله تعالى يكرر في مواضع يقول: لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، في مواضع من كتبه: العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد. هذا إذا تفرد,فكيف إذا خالف؟
قول الإمام الشافعي حكاه أبو يعلى الخليلي في الإرشاد عن جماعة من الحجازيين أيضاً,وعن جمع من المحققين.
"قال:" يعني: الخليلي "والذي عليه حفاظ الحديث,أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به الراوي؛ثقة كان أو غير ثقة,فيتوقف ما شذ به الثقة ولا يحتج به" يعني: ولا يرد مباشرة.
"ويرد ما شذ به غير الثقة".
الخليلي ما اشترط المخالفة,ولا اشترط أيضاً ثقة الراوي,إنما اشترط التفرد، كل تفرد شذوذ,كل تفرد شذوذ، الحاكم في معرفة علوم الحديث ما اشترط المخالفة,إنما اشترط التفرد,مع كون الراوي ثقة، ويقول: هو الذي يتفرد به الثقة وليس له متابع، يقول الحافظ العراقي رحمه الله تعالى:



وذو الشذوذ ما يخالف الثقه = فيه الملا فالشافعي حققه

والحاكم الخلاف فيه ما اشترط = وللخليلي مفرد الراو فقط
وذو الشذوذ ما يخالف الثقه = فيه الملا فالشافعي حققه

والحاكم الخلاف فيه ما اشترط

إنما اشترط ثقة الراوي مع التفرد,وللخليلي مفرد الراوي ثقة كان أو غير ثقة فقط، يشكل على قول الحاكم والخليلي ما في الصحيحين من الغرائب مما تفرد به بعض الرواة,كحديث ((الأعمال بالنيات)), حديث النهي عن الولاء وعن هبته,آخر حديث في الصحيح: ((كلمتان خفيفتان على اللسان)) فرد مطلق كيف نقول: إن هذا شاذ؟ هل نستطيع أن نقول: إن حديث((الأعمال بالنيات)) شاذ؛لأنه تفرد به الراوي الثقة؟ هو شاذ على قولي الحاكم والخليلي,لكنه ليس بشاذ على ما قرره وحققه الإمام الشافعي؛لأنه ليس بمخالف. وهكذا غالب الصحيحين.
قال ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث((الأعمال بالنيات))؛
فإنه تفرد به عمر,عن علقمة,وعن محمد بن إبراهيم التيمي,وعنه يحيى بن سعيد في أربع طبقات حصل التفرد,يعني: لم يروه عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد يصح سوى عمر رضي الله عنه، ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن وقاص الليثي,ولم يروه علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي,ولم يروه عن محمد بن إبراهيم التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري,وعنه انتشر حتى قال: إنه روي من نحو سبعمائة طريق عن يحيى بن سعيد,وهذا حكاه شيخ الإسلام الهروي,شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنه.. شيخ الإسلام، ذكر في بعض كتبه قال: شيخ الإسلام الهروي, ابن القيم يقول وإن كان عندهما عنده من المخالفات منهم من يقول إنه روي من مائتي طريق,ومنهم من يقول من أكثر أو أقل.
لكن الحافظ ابن حجر رحمه الله يشكك في هذه الأعداد، يقول: أنا أستبعد صحة هذا القدر، وأنا من بداية الطلب يقول الحافظ: حرصت على جمع الطرق؛طرق الحديث,فما قدرت على تكميل المائة,مع أنه جمع طرق بعض الأحاديث فبلغت أكثر من ذلك.
على كل حال الحديث غريب تفرد به عمر, وعنه علقمة, وعنه محمد بن إبراهيم,وعنه يحيى بن سعيد في أربع طبقات حصلت الغرابة المطلقة، مثل آخر حديث في الصحيح نظيره ومطابق له: ((كلمتان خفيفتان على اللسان)) لم يروه إلا أبو هريرة,ولم يروه عن أبي هريرة إلا أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي, ولم يروه عنه إلا عمارة بن القعقاع,ولم يروه عنه سوى محمد بن فضيل,وعنه انتشر، المطابقة تامة بين أول حديث وآخر حديث في الصحيح، فكيف نقول: إن تفرد الثقة شذوذ؟! نعم على قول من يقول: في الصحيح ما هو صحيح شاذ,أما إذا قلنا: إن الشاذ من نوع الضعيف,فلا يمكن أن نقول حال من الأحوال لمجرد التفرد شذوذ,وإن ساعدت اللغة على ذلك,لكن إذا قلنا: إن من الصحيح ما هو صحيح شاذ...
الشيخ: نعم. على من يقول: في الصحيح ما هو صحيح شاذ ، أما إذا قلنا: إن الشاذ من نوع الضعيف, فلا يمكن أن نقول حال من الأحوال لمجرد التفرد شذوذ, وإن ساعدت اللغة على ذلك, لكن إذا قلنا: إن من الصحيح ما هو صحيح شاذ, فقد وجد في الصحيح ما ينطبق عليه حد الشاذ, حتى عند الشافعي, ما فيه مخالفة من الراوي الثقة ، يعني: غاية ما هنالك أن يكون فيه صحيح، حديث جابر وقصة الجمل وبيعها للنبي عليه الصلاة والسلام والخلاف في اشتراط الحملان, ولاختلاف في قدر الثمن, رواه الإمام البخاري في أكثر من عشرين موضعا, وفي بعض المواضع ما يخالف البعض, فيها ما يدل على الاشتراط, وفيها ما يدل على عدمه, وفيها ما يدل على أن الثمن أوقية, وفيه ما يدل على أنه أكثر من ذلك, وهي مخرجة في الصحيح, لكن الإمام البخاري يرجح, ولا مانع أن يخرج صاحب الصحيح المرجوح لينبه عليه.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "قلت: ثم تواتر عن يحيى بن سعيد هذا, فيقال: إنه رواه عنه نحو من مائتين, وقيل: أزيد من ذلك" يعني: حتى أوصله, أوصل العدة بعضهم إلى سبعمائة.
"وقد ذكر ابن منده متابعات الغرائب" متابعات "ولا تصح كما بسطناه في مسند عمر" يعني: من جامع المسانيد له, "وفي الأحكام الكبير".
"وكذلك حديث عبد الله بن دينار, عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء, وعن هبته". يعني: وغير ذلك من غرائب الصحيح, كحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر. وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين من هذه الوجوه المذكورة فقط, روى الإمام مسلم, قال الإمام مسلم, نقل الإمام مسلم, أو ذكر في صحيحه في الجزء الحادي عشر صفحة مائة وسبعة قال: للزهري تسعون حرفا لا يرويها غيره. وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري لتفرده بأشياء لا يرويها غيره يشاركه في نظيرها جماعة من الرواة, كل واحد من الرواة له ما تفرد به من الأحاديث ، يقول الحافظ العراقي:
ورد ما قالا

يعني: الحاكم والخليلي

ورد ما قالا بفرد الثقة = كالنهي عن بيع الولا والهبة
وقول مسلم روى الزهري = تسعين فردا كلها قوي
فالمرجح عند أهل العلم في حد الشاذ: أنه ما رواه الثقة مع المخالفة, أنه إذا روى الثقة شيئا قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ ، يعني: مردود, وهذا إذا قلنا: إن الشاذ من قسم الضعيف, نوع من أنواع الضعيف, وإلا إذا قلنا: الشاذ منه ما هو صحيح ومنه ما هو ضعيف فالأمر فيه سعة.
وأهل العلم أطلقوا الشذوذ بإزاء التفرد, وجد إطلاقهم للشذوذ بإزاء التفرد, ووجد أيضا إطلاقهم النكارة بإزاء التفرد, على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيره, يعني: كما قال الحاكم, بل هو المقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا؛ فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط, وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل؛ لأنه لا يوجد لها من الأدلة إلا ما كان من هذا النوع, كيف وقد بنيت القواعد والأصول على حديث ((الأعمال بالنيات)) وهو حديث فرد ، يعني: لو رد هذا الحديث قاعدة الأمور والمقاصد النية شرط للعبادات كلها فكيف نقول: إن حديث ((الأعمال بالنيات)) شاذ لتفرد راويه.
لا شك أن إطلاق الشذوذ وجد بإزاء التفرد, لكن إذا قلنا: إن الشذوذ لا يعني الضعف, فالأمر فيه سعة, فإذا قلنا: إن الشاذ من قسم الضعيف, فلا بد من قيد المخالفة, وأما إذا كان المنفرد به غير حافظ, وهو مع ذلك عدل ضابط, فحديثه حسن, فإن فقد ذلك فمردود.
ابن الصلاح له تفصيل في التفرد, مع عدم المخالفة, تفرد مع عدم المخالفة, فصل فيه ابن الصلاح إن كان عدلا ضابطا متقنا, فحديثه صحيح, وإن خف ضبطه وقرب من الضابط, ففرده حسن, وإن بعد عنه, بعد عن حد الضبط والإتقان, فهو شاذ, ولذا يقول الحافظ العراقي رحمه الله تعالى: (واختار) من؟ ابن الصلاح:

واختار فيما لم يخالف أن من = يقرب من ضبط ففرده حسن
أو بلغ الضبط فصحح أو بعد = عنه فمما شذ فاطرحه ورد
(واختار) وما يدرينا أن المراد ابن الصلاح؟ هنا ما ذكر الفاعل؟ نعم (مداخلة) كيف؟ في المقدمة ماذا يقول؟ كقال, أو أطلقت لفظ الشيخ, ما أريد إلا ابن الصلاح مبهما, كقال (غير مسموع) ومثل اختار كل هذا يدل على أن المراد ابن الصلاح, وبين الحافظ العراقي اصطلاحه في مقدمته. نعم.


  #4  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: سعد الحميد (مفرغ)

القارئ: الحمد لله رب العالمين,وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين,نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين,أما بعد..,
قال المصنف رحمه الله تبارك وتعالى,ونفعنا بعلمه,وبعلم شيخنا,وأجزل لهما المثوبة في الدارين:
الشاذ

قال الشافعي: وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس، وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره، وقد حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني عن جماعة من الحجازيين أيضاً.
قال: والذي عليه حفاظ الحديث,أن الشاذ: ما ليس له إلا إسناد واحد,يشذ به ثقة أو غير ثقة,فيتوقف فيما شذ به الثقة,ولا يحتج به، ويرد ما شذ به غير الثقة.
وقال الحاكم النيسابوري: هو الذي ينفرد به الثقة,وليس له متابع.
قال ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث((الأعمال بالنيات))؛ فإنه تفرد به عمر,وعنه علقمة,وعنه محمد بن إبراهيم التيمي,وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري.
قال: قلت: ثم تواتر عن يحيي بن سعيد هذا,فيقال: إنه رواه عنه نحو من مائتين,وقيل: أزيد من ذلك، وقد ذكر له ابن منده متابعات غرائب,ولا تصح كما بسطناه في مسند عمروفي الأحكام الكبير.
قال: وكذلك حديث عبد الله بن دينار عند عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته.
وتفرد مالك,عن الزهري,عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر.
وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين من هذه الوجوه المذكورة فقط، وقد قال مسلم: للزهري تسعون حرفاً,لا يرويها غيره.
وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري من تفرده بأشياء لا يرويها غيره, ويشاركه في نظيرها جماعة من الرواة؛ فإن الذي قاله الشافعي أولا هو الصواب، أنه إذا روى الثقة شيئاً قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ، يعني: المردود,وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيره,بل هو مقبول إذا كان عدلاً ضابطاً حافظاًَ؛ فإن هذا لورد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط,وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل.والله أعلم.
وأما إن كان المنفرد به غير حافظ,وهو مع ذلك عدل ضابط,فحديثه حسن,فإن فقد ذلك فمردود.والله أعلم.

الشيخ: من بعد حمد لله,والصلاة والسلام على رسول الله..,
هذا مبحث الحديث الشاذ، وهو من أهم مباحث علم المصطلح، والشاذ: هو المنفرد,إذا شذ الرجل عن الجماعة,أي: انفرد عنهم.
وقبل أن نتكلم عن التعريف,ونناقشه ونناقش الأقوال التي وردت,أود التنبيه على مسألة تتعلق بالدرس الذي كنا أخذناه في الصبح، وهو أن التدليس في مبحث التدليس,أن التدليس ورد عن بعض العلماء عدم رد عنعنة المدلس,إلا إذا تبين من طريق آخر بأن ذلك الحديث دلسه ذلك الراوي,وإلا قبلت عنعنته,ولا فرق بينها وبين عنعنة غير المدلس.
ولعلكم تعجبون من مثل هذا، ولولا أن هناك من أصبح يتبنى هذا القول في هذا الزمن, لرأيت أن هذا القول من الضعف,بحيث لا يستحق أن يشار إليه؛ لأننا بهذه الصورة نعتبر أن جهد هؤلاء المحدثين,وإتعابهم أنفسهم في تتبع الرجال,ومعرفة ما إذا كان الراوي يدلس أولا؟ ونصهم على تدليسه وإفراد بعض المصنفات في ذلك,كمصنف النسائي,أو ابن حبان,أو الكرابيسي أو غيرهم,وهلم جرا من جاء بعد ذلك، بل إفرادهم نوع من أنوع الحديث في المصطلح والكلام عنه بهذه الصورة وإعلال بعض الروايات بعنعنة بعض المدلسين.
كل هذا لا قيمة له,كان ينبغي أن يلقى به في مكان لا يلتفت إليه بناء على هذه الدعوى؛ لأن هذا الكلام الذي يقال: إن عنعنة المدلس مقبولة,إلا إذا تبين من طريق أخرى بأن ذلك المدلس دلس هذا الحديث,هذا الكلام لا يخص به من وصف بالتدليس,هذا يشمل المدلس وغير المدلس، كما سيتضح معنا إن شاء الله من مباحث علم المصطلح التي نأخذها,وبخاصة حينما نتكلم على زيادة الثقة، فلو جاءنا إسنادان:
أحدهما: فيه زيادة راو بين راويين.
والآخر: ليس فيه تلك الزيادة.
فكما سيأتي معنا,إن شاء الله,أنه إذا كان الموضع هذا عبر فيه بصيغة (عن) قبلت الزيادة,واعتبر الإسناد الخالي من الزيادة إما مدلسا وإما مرسلاً إرسالا خفياً,كما سيأتي معنا إن شاء الله، حتى وإن كان ذلك الراوي لا يعرف بالتدليس.
فهذه المسألة ليست مختصة بمدلس ولا بغير مدلس، وأما المدلس فله شأن آخر,وهو الكلام في عنعنته؛ لأنه كما قال الشافعي رحمه الله: أبان لنا عورته.
وذلك الصنيع من الأئمة حينما يتقون عنعنة بعض المدلسين,حينما يصنعونه تعمدا,كما أن صاحبي الصحيح حينما تجد الواحد منهم يأتي بالرواية التي بالعنعنة من طريق المدلس,ثم بعد ذلك يأخذها بطريق أخرى,يتضح فيها أنه صرح بالتحديث,ما يصنع هذا إلا عمداً؛ليقول لك: انتبه؛فهذا الذي تخشاه من تدليس هذا قد زالت عنعنته بتلك الطريقة.
فعلى كل حال,هذه المسألة يبدو لي أن من كان نابها في علم الحديث,وألقى روعه لكتب الأئمة ومصنفاتهم وما قالوه,وأصبح عندهم من الملكة الحديثية ما يستطيع أن يوازن بين الأقوال,ويعرف ما لهذا وما عليه، فعلا يرى أنه لا بد من القضاء في هذه المسألة بما ذكرناه، من أن عنعنة المدلس إذا عرف بالتدليس,وبخاصة بالتدليس عن المجروحين، أن عنعنته مردودة,إلا أن يكون من المقلين من التدليس ممن لا يلتفت إلى تدليسه,كما ذكرناه من سفيان بن عيينة,وسفيان الثوري,والزهري,ممن جعلوا في الطبقة الثانية,وهم كلا مدلس,أو يكون في أحوال نادرة,كأن يكون الراوي عنه ممن لا يأخذ عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث,كما ذكرناه عن شعبة، وهلم جرا على ما كنا فصلناه سابقاً.

أما بالنسبة لمبحث الحديث الشاذ,فنقدم بين يديه بتذكير بأحوال الرواة، فالرواة أيها الإخوة لا بد من أن يتوفر في الراوي منهم الذي نريد قبول حديثه,لا بد أن يتوفر فيه صفتا العدالة والضبط، وهذه مسألة سبق أن ذكرتها,وأكرر عليها لأهميتها في هذا المبحث، العدالة والضبط,فالعدالة أمر أساس في قبول رواية الراوي، أما مسألة الضبط فمسألة اعتبارية,فالرواة يختلفون في ضبطهم وحفظهم وإتقانهم؛فمنهم من هو في الضبط كالجبال الرواسي,كشعبة والثوري وعبد الله بن المبارك,وعلى هذا النحو، ومنهم من هو دونهم كمثل: سهيل بن أبي صالح,والعلاء بن عبد الرحمن,وهذا الضرب من الناس أيضاً، ومنهم من هو دون ذلك أيضاً كعمرو بن شعيب,وهذا النحو من الرواة,إذا عرفنا أنهم يختلفون في ضبطهم وحفظهم وإتقانهم نستطيع أن نتصور ما سيأتي من خلاف.
فمن الرواة من بلغ الدرجة العليا,ومنهم من هو دونه,ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم من هو دون ذلك أيضاً، لكن الكل يتصفون بصفة العدالة، وتبقى مسألة الحفظ مسألة اعتبارية.
استهل ابن كثير رحمه الله هذا المبحث بقول الشافعي وتعريفه للحديث الشاذ: ليس الشاذ ما يرويه الثقة,أو ما يتفرد به الثقة,أو ما يروي الثقة ما لم يروه غيره، ولكن الشاذ ما يرويه الثقة مخالفاً من هو أوثق منه، فقيد الشافعي رحمه الله الشذوذ بالمخالفة.
لذلك نستطيع أن نعرف الشاذ بتعريفين,ثم بعد ذلك نبين ما فيهما وما عليهما:
التعريف الأول: هو ما يتفرد به الثقة. هذا تعريف.
التعريف الثاني: ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه.
ويعبر الحافظ ابن حجر رحمه الله بتعبير أدق؛ليشمل جميع هؤلاء الذين وصفت,ممن يختلفون في حفظهم وضبطهم وإتقانهم,فيقول: يقال:.. أو من الأولى أن يقال: ما يرويه المقبول مخالفاً من هو أولى منه، ما يرويه المقبول مخالفاً من هو أولى منه؛ليدخل فيه الثقة الضابط والصدوق الذي دون ذلك.
فهذا التعريف الثاني عرفنا أنه قيد الشذوذ بالمخالفة,ونجد العلماء أحياناً يطلقون على الشذوذ النكارة,وعلى النكارة الشذوذ,بمعنى: لو كان المخالف ضعيفاً فإنهم أحياناً يطلقون عليه وصف الشذوذ,ولو كان المتفرد ثقة أو المخالف ثقة كلاهما,فيطلقون عليه أحياناً وصف النكارة، بمعنى: أن هناك تداخلاً بين مبحث الحديث الشاذ ومبحث الحديث المنكر، فهذا وجد في إطلاقات الأئمة السابقين, ولكننا نتكلم الآن لنحدد كل نوع بحد, بحيث لا يشتبه بما سواه, كما ذكرنا ذلك سابقا في مبحث المنقطع وغيره.
لذلك ينبغي أن يلتزم بهذا التعريف في حال تطبيقه وذكره, وما وجد من كلام لأئمة سابقين قبل أن يستقر الاصطلاح, نعرف أن المسألة ليست ذات بال كبير, ولكن نريد من الأجيال اللاحقة أن تنضبط بهذه التعاريف؛ حتى تحد علوم الحديث بحدود لا يحصل بينها شيء من التداخل.
هناك من عرف الحديث الشاذ من علماء الحديث بتعريف قد تستغربونه, وهما : أبو يعلى الخليلي, وأبو عبد الله الحاكم النيسابوري صاحب (المستدرك), الخليلي هو صاحب كتاب (الإرشاد) المطبوع والمعروف, والحاكم هو صاحب كتاب (المستدرك)؛ فإنهما عرفا الحديث الشاذ أو قيداه بما يتفرد به الثقة, فكأنهم بهذا لا يقبلون الحديث الذي يجيء من طريق الفرد, أي: يردون غرائب الأحاديث, فكل حديث لا يرد إلا من طريق واحد بناء على هذا القول, فكأنه مردود, فهل يا ترى يريد أبو يعلى الخليلي والحاكم هذا المراد أو لا ؟
الجواب: لا؛ فإنهما يصححان أحاديث ما جاءت إلا من طريق واحدة, ولكنهما أرادا معنى آخر, فالعبارة يبدو أنها حصل فيها شيء من الضبط, أو لم تنقل بتمامها.
ولعلكم ترجعون إلى نقل الشيخ ربيع في تعليقه على كتاب النكت لابن الصلاح؛ فإنه علق على هذا الموضع بنقل أنا نسيته؛ لطول عهدي به, ولم يسعفني الوقت للرجوع إليه, لكنني متذكر تماما أنه نقل عن أبي يعلى الخليلي تفريقه بين الثقات, فجعل منهم من يعتبر ما يتفرد به من الحديث صحيحا مقبولا, ومنهم من يعتبر ما يتفرد به من الحديث مردودا شاذا, آسف.. متوقفا فيه, وهو الذي يصفه بالشذوذ, ومنهم من يعتبر (مداخلة) أحسنت ممكن تعطني (غير مسموع) لعلي أذكر لكم العبارة حتى يتضح المقصود, ما دام أن أحد الإخوة جزاه الله خيرا جاء بالكتاب:
ذكر الشيخ ربيع, حفظه الله, نقلا عن الخليلي من كتاب (الإرشاد) أنه قال: وأما الأفراد فما تفرد به حافظ مشهور ثقة -لاحظوا العبارة ودققوا فيها - فما تفرد به حافظ مشهور ثقة أو إمام من الحفاظ والأئمة, فهو صحيح متفق عليه, ثم روي بإسناده إلى مالك بن أنس, عن الزهري, عن أنس: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم" يعني: مكة "وعلى رأسه المغفر". ثم قال: وهذا تفرد به مالك عن ابن شهاب.
ثم قال: فهذا وأمثاله من الأسانيد متفق عليها.
ثم قال في الشاذ: ما نقله عنه ابن الصلاح ونقلناه عنه, فقد غاير بينهما في التعريف والحكم, وإن كان ذلك غير دقيق ويقع به في التناقض.
ثم قال بعد ذلك: وقد ظهر لي ما يمكن أن يوجه كلام الخليلي, وهو أنه يقصد بقوله: يشذ به شيخ ثقة, تفرد الصدوق الذي لم يكمل ضبطه, فيكون ما حكاه عن حفاظ الحديث صحيحا؛ فإنهم يسمون ما كان كذلك شاذا ومنكرا, أما إذا تفرد به حافظ مشهور أو إمام من الحفاظ والأئمة؛ فإن الخليلي لا يحكم عليه بالشذوذ, بل هو صحيح في نظره, وحكى الاتفاق عليه, وبناء على هذا التوجيه يَخرج الخليلي من التناقض, وتسقط الإلزامات التي ألزمه بها العلماء.
هذا كلام جيد, ونرى أنه عين الصواب, لكن العبارات التي استخدمت يبدو أنها فهمت على غير ما أرادها من أطلقها, لذلك إذا وضح القول وبين ما فيه, فهمنا المقصود, وخرجنا من هذه المعمعة.
فالخليلي رحمه الله لا يفرق بين الصدوق والثقة الجبل, كلهم يطلق عليهم وصف الثقة, هذا جار في كلام الأئمة, مَن نظر في كتب الرجال وجدهم يقولون: هذا مثل توثيق يحيى بن معين لمحمد بن إسحاق صاحب السيرة, والصواب: أنه صدوق حسن الحديث, لكن من العلماء كما ذكرت لكم سابقا عن الإمام أحمد أنه يعتبر ما يتفرد به محمد بن إسحاق منكرا, لا يقبل مفاريده.
فالمسألة إذًا ينبغي أن تؤخذ بهذه الصورة, فمن الثقات من هو جبل في الحفظ لا يتردد إطلاقا في قبول ما يتفرد به, فما يتفرد به كما يقول الخليلي متفق عليه صحيح لا شك فيه, ومن الثقات من توفرت فيهم صفة العدالة, ولكن صفة الضبط تجعل ما يتفرد به هذا الرجل إما شاذا على قول بعض العلماء, وإما منكرا على قول بعضهم, وهو الذي يقولون عنه: يعد ما يتفرد به تفردا منكرا, وهذا يطلقونه على بعض من وصف بأنه صدوق.
وهذا كله قبل أن تستقر هذه الاصطلاحات التي قعدت بعد مجيء ابن الصلاح, أما بعد مجيء ابن الصلاح فحددت مراتب الجرح والتعديل, وكما سيأتي إن شاء الله معنا, أن مراتب التعديل قسمت إلى ست مراتب بعد مجيء الحافظ ابن حجر, وقبله الذهبي والعراقي زادا مرتبة على مرتبة ابن أبي حاتم, فعندهم مراتب التعديل خمس مراتب, وهلم جرا, من هذه المراتب مرتبة عند ابن حجر وهي المرتبة الرابعة, جعل فيها من حديثهم يعتبر حديثا حسنا لذاته, وهم من قيل فيه: صدوق أو مأمون أو خيار, أو لا بأس به, ونحو هذه العبارات كلها تدل على أن صاحب هذه المرتبة ممن حديثه حديث حسن لذاته, وما قبلها من المراتب حديثهم حديث صحيح لذاته.
لكن كلامنا الآن على ما نجده من إطلاقات لبعض الأئمة, قبل أن يستقر الاصطلاح, فهذه الإطلاقات ينبغي أن يكون عندنا مرونة وفهم واسع لمراد الأئمة من هذه الإطلاقات, فإذا فهمناها على هذا النحو خرجنا من الشعور بأن هناك تناقضا بين أقوال الأئمة, أو بين قول الإمام الواحد نفسه وأقواله الأخرى وهلم جرا.
كذلك أيضا يتنزل على هذا الكلام كلام أبي عبد الله الحاكم, كما قلناه عن الخليل نقوله عن أبي عبد الله الحاكم, فنخلص من هذه القضية, ونعتبر أن الشاذ في الحقيقة الاصطلاحية ينبغي أن يؤخذ بتعبير الشافعي له, وهو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه, أو لو وسعنا الدائرة أخذنا بتعريف الحافظ ابن حجر: ما يرويه المقبول مخالفا من هو أولى منه؛ ليدخل فيه من حديثه حديث حسن على انفراده, هذا هو التعريف الراجح.
لكن ليس معنى هذا أننا نقول: إنهم لم يكونوا يطلقون الشذوذ على مطلق التفرد, بل يطلقونه على مطلق التفرد, ولكن هذا إما لكونهم خلطوا بين الشاذ والمنكر, فلم يتميز الاصطلاح حينذاك, أو أنهم أرادوا الرجل الذي يمكن أن يعبر عنه بأنه صدوق, لكن ليس حديثه من الحديث المحتج به, وإنما يعتبر ما يتفرد به شاذا, فهذا وصف خاص لبعض من يمكن أن يتوسع في إطلاق وصف الثقة عليه. والله أعلم.
بعد هذا نفهم ما يقوله ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)). لأن حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) من الأحاديث التي اتفق على صحتها, ولا نعرف أحدا طعن في هذا الحديث.
وذكرت لكم سابقا, أن مدار الحديث على يحيى بن سعيد الأنصاري, وأنه روي عنه من طرق كثيرة جدا, قال بعض العلماء: إنها بلغت ستمائة أو أكثر, ولكن قلت لكم: إن ابن منده ألف في ذلك جزءا وحصر الروايات, فبلغت مائتي رواية أو مائتي طريق عن يحيى بن سعيد الأنصاري, رحمه الله.
والذهبي سرد هذا الطريق سردا في (سير أعلام النبلاء), أظنه في ترجمة يحيى بن سعيد الأنصارى.
أما ما يشير إليه ابن كثير ههنا, حينما قال وذكر له ابن منده متابعات وغرائب, فالمقصود المتابعات التي وقعت ليحيى بن سعيد الأنصاري, أو لمحمد بن إبراهيم التيمي, أو لعلقمة بن وقاص, أو لعمر بن الخطاب رضي الله عنه, نعم جاء الحديث من طريق أبي سعيد, وأظنه أيضا من طريق أبي هريرة, لكن تلك الطرق تكاد تقرب من الموضوع, أو على الأقل ضعيفة جدا, منكرة, لا يلتفت إليها, فلا يصح الحديث ولا يثبت إلا من طريق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
ولذلك ما اعتبروا تلك الطرق رافعة للحديث عن وصف الغرابة والتفرد المطلق, وإنما هو باق على تلك الحال؛ لأنها طرق لا يلتفت إليها, مثل حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته. فهذا الحديث كما ترون تفرد به عبد الله بن دينار, والحديث مخرج في الصحيحين, فهو صحيح بلا مرية, ولا ريب إن شاء الله, ويعتبر هذا أيضا من غرائب الصحيح.
وكذلك حديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل مكة وعلى رأسه المغفر. هذا الحديث يرويه الزهري, عن أنس بن مالك, ولا يرويه عن الزهري من الثقات إلا الإمام.. رواه الزهري, عن أنس بن مالك, ولا يرويه من الثقات عن الزهري إلا الإمام مالك رحمه الله تعالى.
وفي هذه نكتة عجيبة, حكاها الحافظ ابن حجر في كتاب (النكت)؛ وذلك أن ابن العربي رحمه الله, ذكر في أحد مجالسه, بأن الإمام مالك لم يتفرد بهذا الحديث, بل توبع من ثلاثة عشر طريقا, وكان هذا الحديث يذكر في كتب الأئمة على أنه تفرد به الإمام مالك, فحينما ذكر أنه توبع من ثلاثة عشر طريقا, استغرب الناس الذين في ذلك العصر مثل هذا الكلام؛ فالبون شاسع بين أن يطلق عليه لفظ التفرد, وبين أن يتابع من ثلاثة عشر طريقا, على الأقل لو قال: توبع من واحد من اثنين, لقيل: يمكن أن يكون أولئك العلماء عزبت عنهم هذه الطرق, لكن ثلاثة عشر طريقا بهذه الكثرة.
فلذلك طالبوه بإخراجه, فماطلهم, يبدو أنه رحمه الله قصد ذلك إما أراد أن يدفعهم إلى البحث والنظر, أو لغير ذلك, فبدأ بعض أقرانه -والحسد أحيانا يفعل أفاعيله في النفوس- بدأ بعض الأقران يتكلم فيه لهذا الغرض في ابن العربي, فجاء الحافظ ابن حجر بعد ذلك وقال: ما ينبغي لإمام من أئمة المسلمين أن يتكلم فيه بمثل هذا الكلام دونما تثبت.
قال: وقد تتبعت فوجدت فعلا أنه روي من ثلاثة عشر طريقا, بل قال: وجدته من خمسة عشر طريقا, فمع طريق الإمام مالك تكون ستة عشر طريقا, وخرجها كلها الحافظ ابن حجر, ثم بعد ذلك أخذ ينبه على قول الأئمة: تفرد به مالك, فقال: قولهم صحيح؛ لأن هذه الخمسة عشر طريقا كلها ضعيفة, لا تصح ولا تثبت جميع هذه المتابعات, ولا يكون هذا الحديث صحيحا إلا من طريق الإمام مالك, فلن يروه ثقة عن الزهري, أولم يصح عن الزهري إلا من طريق الإمام مالك, فيصح بهذا قول من قال كذا وقول من قال كذا.
أما قول الإمام مسلم رحمه الله: للزهري تسعون حرفا لا يرويها إلا غيره. وفي مقدمة صحيحه: للزهري تسعون حرفا بأسانيد جياد, لا يرويها غيره. فمقصود مسلم رحمه الله من هذا: أن الزهري تفرد بأحاديث كثيرة, لا يرويها غيره من الأحاديث, فهل بلغت هذه الأحاديث عدد التسعين, أو أراد مسلم بالتسعين التكثير على لغة العرب, كما قال الله جل وعلا: {إن تستغفر لهم سبعين مرة} فليس المقصود أنه لو استغفر إحدى وسبعين مرة أنه سيغفر لهم، ولكن المقصود التكثير على لغة العرب, فهل أراد مسلم هذا أو أراد الحصر في عدد التسعين؟
الله أعلم بذلك، لكن على كل حال المقصود أنه الزهري رحمه الله تفرد بأحاديث لا يرويها غيره, ولا يستغرب هذا على مثل الزهري؛ فإنه إمام مكثر, وحق له أن يكثر؛ لأنه هو الذي نهض بتلك المهمة الصعبة, وهي مهمة تدوين السنة بأمر من عمر بن عبد العزيز رحمه الله له.
فلما جمع تلك الأحاديث, وتصدى لتدوين السنة, حصل له ما حصل من هذا العلم الجم. فجعل الله ذلك في ميزان حسناته, ورحمه وغفر له؛ فإنه هو وأبو هريرة رضي الله تعالى عنه قد حفظا سنة النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ الله جل وعلا لها.

أما قول ابن كثير بعد ذلك: فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط, وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل. فهذا كلام صحيح؛ لأن الأحاديث المفاريد كثيرة, فلو وردت تلك الأحاديث لترتب عليه إهدار جزء كبير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم, استنبط العلماء منها أحكام ودارت عليها سنن, واستفاد منها المسلمون في حياتهم العملية، فكل هذا لو رد لانبنت عليه مفاسد، بل إن رد هذا مربوط بأصل القضية، وهو رد أحاديث الآحاد, وهذا مسلك غير صحيح مخالف لمسلك أهل السنة, ولا يسلكه إلا أهل البدع.
وسننبه إن شاء الله على هذا في مبحث الحديث الآحاد, إن شاء الله, فله علاقة وصلة وثيقة بهذا المبحث, فننتظر إن شاء الله باقي الكلام في ذلك الموضع.
وأما تأويله بعد هذا بقوله: وأما إن كان المنفرد به غير حافظ, وهو مع ذلك عدل ضابط, فحديثه حسن، فإن انتقد ذلك فمردود. هذا كله بناء على التقسيم الذي ذكرته في أقسام الرواة: منهم من بلغ من الحفظ والإتقان الدرجة العليا, ومنهم من هو دون ذلك, ومنهم من هو دون ذلك وهلم جرا, نعم.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح اختصار علوم الحديث للشيخ: إبراهيم اللاحم (مفرغ)

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نبتدئ اليوم إن شاء الله تعالى بالنوع الثالث عشر, وهو الشاذ, يتفضل القارئ بالقراءة.نعم.
القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى:
النوع الثالث عشر: الشاذ:
قال الشافعي: وهو أن يروي ثقة حديثا يخالف ما روى الناس، وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره، وقد حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني عن جماعة من الحجازيين أيضا, قال: والذي عليه حفاظ الحديث, أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ به ثقة أو غير ثقة, فيتوقف فيما شذ به الثقة ولا يحتج به، ويرد ما شذ به غير الثقة.
وقال الحاكم النيسابوري: وهو الذي ينفرد له الثقة, وليس له متابع.
قال ابن الصلاح...
الشيخ: نعم يا شيخ. هذا النوع الثالث عشر: الشاذ, ذكر له ابن كثير رحمه الله ثلاثة تعريفات, واثنان منها بمعنى واحد، وهما الثاني والثالث، أما الأول منهما فهو تعريف الشافعي رحمه الله للشاذ، بأن قال: أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس, ثم قال الشافعي رحمه الله: وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره, فاشترط الشافعي رحمه الله بشذوذ الحديث أن يكون الثقة قد روى شيئا يخالف فيه غيره من الثقات.
فهذا إذن هو الشاذ حسب تعريف الشافعي، ونسب هذا التعريف أيضا أبو يعلى الخليلي إلى جماعة من الحجازيين, إذن هذا هو تعريف الشاذ الذي ذكره الشافعي ذكره في الرسالة, أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه غيره.
التعريف الثاني للشاذ: هو تعريف الخليلي, قال: ونسبه إلى حفاظ الحديث. وهذا أمر مهم, يعني: كونه نسبه إلى حفاظ الحديث, قال: الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد, يشذ به ثقة أو غير ثقة، فيتوقف فيما شذ به الثقة, ولا يحتج به, ويرد ما شذ به غير الثقة.
التعريف الثالث: للحاكم النيسابوري رحمه الله, وهو متقدم على الخيلي, لكن أخر ابن كثير ذكر تعريفه, قال: هو الذي ينفرد به الثقة وليس له متابع, وهو قريب من كلام الخليلي, وسأذكر, وأيضا له أو لكلامه تتمة سأذكرها بعد قليل مهمة, مهمة جدا في تعريف الحاكم للشاذ.
وهناك أيضا من العلماء الحافظ صالح بن محمد البغدادي, عرف الشاذ أيضا بتعريف قريب من تعريف الخليلي والحاكم, وهذا متقدم عليهما من، يعني: من حفاظ القرن الثالث، صالح بن محمد البغدادي المعروف بصالح جزرة يلقب بجزرة قال: الشاذ هو الحديث المنكر الذي لا يعرف.
لما ذكر ابن الصلاح رحمه الله تعريف الخليلي وتعريف الحاكم للشاذ, اعترض عليه، اعترض على هذين التعريفين، بأي شيء اعترض؟ فهم من التعريفين أن كل حديث تفرد به ثقة فهو شاذ، فهم من التعريفين, ننتبه الآن للكلام الآتي حتى تستوعب مراد ابن الصلاح رحمه الله، ونستوعب سبب اعتراضه، اعترض.. الذي سيذكره ابن كثير، اعترض على التعريفين؛ لأنه فهم منهما أن معنى هذين التعريفين، أن.. أنه لا بد من المتابعة, وأن كل حديث ينفرد به ثقة فهو شاذ, الآن سيقرأ القارئ اعتراض ابن الصلاح رحمه الله, والإشكال الذي أورده على تعرفي الخليلي والحاكم, ثم بعد ذلك ننظر في هذا الاعتراض، باختصار ما أطيل في هذا؛ لأن الموضوع يعني : يحتمل الإطالة. نعم تفضل يا شيخ.
القارئ: وقال الحاكم النيسابوري: هو الذي ينفرد به الثقة, وليس له متابع، قال ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث الأعمال بالنيات؛ فإنه تفرد به عمر رضي الله تعالى عنه, وعنه علقمة, وعنه محمد بن إبراهيم التيمي, وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري.
قلت: ثم تواتر عن يحيى بن سعيد هذا, فيقال: إنه رواه عنه نحوا من مائتين, وقيل: أزيد من ذلك، وقد ذكر له ابن منده متتابعات غرائب لا تصح كما بسطناه في مسند عمر, وفي الأحكام الكبرى قال: وكذلك حديث عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الولاء وعن هبته.
وتفرد مالك, عن الزهري, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة, وعلى رأسه المغفر.
وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين من هذه الوجوه المذكورة فقط, وقد قال مسلم: للزهري تسعون حرفا, لا يرويها غيره, وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري من تفرده بأشياء لا يرويه غيره, يشاركه في نظيرها جماعة من الرواة؛ فإن الذي قاله الشافعي أولا هو الصواب أنه إذا روى الثقة شيئا قد خالفه فيه الناس, فهو الشاذ, يعني: المردود, وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيره, بل هو مقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا؛ فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط, وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل. والله أعلم.
وأما إن كان المنفرد به غير حافظ, وهو مع ذلك عدل ضابط, فحديثه حسن, فإن فقد ذلك فمردود, والله أعلم.
الشيخ: نعم, نلاحظ أن ابن الصلاح رحمه الله, ونقله عنه ابن كثير ووافقه وعقبه ولخصه بما قرأه القارئ ، اعترض على تعريف الخليلي والحاكم بأن هناك أحاديث تفرد بها رواتها وهم ثقات, ولم يعدها العلماء، أو لم يعد العلماء هذا شذوذا, بل صححوا هذه الأحاديث، وهي عندهم من أصح الصحيح، وذكر من ذلك ثلاثة أحاديث، ذكر حديث الأعمال بالنيات، فقال: إنه تفرد به عمر بن الخطاب, وتفرد به عن عمر علقمة بن وقاص الليثي، وتفرد عن علقمة محمد بن إبراهيم التيمي، وتفرد عن محمد يحيى بن سعيد الأنصاري.
إذن وقع التفرد في كم من طبقة الآن، في هذا الحديث؟ في أربع طبقات, ومع هذا فهذا الحديث بالإجماع صحيح, فإذًا هذا حسب كلام ابن الصلاح ينقص كلام الخليلي وكلام الحاكم, ثم أيضا ذكر الحديث الثاني وهو حديث، وتكلم ابن كثير قبل أن يذكر الحديث الثاني تكلم على كون هذا الحديث اشتهر عن يحيى بن سعيد أو تواتر، فقيل: إنه رواه عنه نحو من مائتين وقيل: أزيد من ذلك, أوصلها بعضهم وإن كان هذا الرقم فيه اعتراض.
أوصل بعضهم عدد الرواة الذين رووه عنه سبعمائة راو، رووه عن يحيى بن سعيد, ويقول ابن حجر: أستبعد وقوع ذلك, وذكر أيضا ابن كثير أن ابن منده وغير ابن منده كذلك، ذكر له متتابعات إلى عمر وإلى النبي- صلى الله عليه وسلم -، غير هذا الإسناد وأنها لا تصح، وهو كما قال رحمه الله: ليس له بهذا الحديث, إلا هذا الإسناد الصحيح.
ثم ذكر الحديث الثاني, وهو حديث عبد الله بن دينار, عن ابن عمر أن, رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الولاء وعن هبته.
وهذا مخرج في الصحيحين، وهو أيضا كما قال مسلم: الناس عيال في هذا الحديث على عبد الله بن دينار، نعم, اشتهر عن عبد الله بن دينار, ورواه عنه جماعة كثيرون من أصحابه رحمه الله.
والحديث الثالث هو حديث مالك عن الزهري, عن أنس, أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة, وعلى رأسه المغفر، هذا أيضا تفرد به مالك عن الزهري, عن أنس، وله متتابعات إلى الزهري, ولا تصح، له متابعات أوصلها بعضهم إلى ثلاثة عشر طريقا, وهي أيضا لا تصح.
فالاعتماد في الحديث على هذا الطريق، وليس فقط هذه الأمثلة الثلاثة, كما نقل ابن الصلاح عن مسلم, أنه قال للزهري: تسعون حرفا يعني ينفرد بها لا يشاركه فيها غيره، وهذا الأثر أخرجه مسلم في صحيحه.. نعم كلام مسلم ليس أخرجه إنما قاله هو من كلام مسلم رحمه الله تعالى، قال مسلم في صحيحه : إن للزهري تسعين حرفا لا يرويها غيره، ثم عقب ابن كثير هذا الكلام كله بالنتيجة، الحاصل ما هو عنده ؟
أن الراجح في تعريف الشاذ يعني ما هو؟ أي التعاريف التي ذكرها إذن؟
وصل إلى نتيجة, وهي أن الراجح في تعريف الشاذ هو تعريف الشافعي، وعلل ذلك بتعليل كله إنشائي، أو قال: لو لم يقل بهذا لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط, وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل، ثم عقب هذا وختم المسألة بقوله: وأما إن كان المنفرد به غير حافظ, وهو مع ذلك عدل ضابط، مراده أنه ليس من الحفاظ المعروفين، ولكنه من أهل الضبط والعدالة، فحديثه حسن كما تقدم في تعريف الحديث الحسن لذاته من كلام ابن الصلاح، أنه الراوي المشهور بالصدق، وفي حفظه شيء, فإن فقد ذلك فمردود، إذن متى يرد؟ ومتى يرد بالتفرد حسب كلام ابن كثير - رحمه الله - متى يرد بالتفرد في ختام كلامه ؟
فإن فقد ذلك، يعني: فقد الضبط، يعني: عد ضعيفا فمردود، هذا الكلام الآن كلام ابن الصلاح وابن كثير (بس) نعقب عليه بتنبيه, وهو أن الذي فهموه من كلام الخليلي وكلام الحاكم، يعني: لو كان مراد الخليلي, ومراد الحاكم أن كل تفرد من ثقة مردود لكان الاعتراض ماذا يكون صحيحا أو غير صحيحا؟ يكون الاعتراض صحيحا؛ فإنه ما يعرف يعني: على وجه الدقة, أن أحدا من أئمة الحديث, قال: لا يصح الحديث, إلا إذا رواه كم ؟
إلا إذا رواه اثنان, هكذا بإطلاق, الحمد لله تعالى, منهجهم واحد, وطريقتهم واحدة،, نعم, يرغبون في رفع التفرد، ولكن لهم أحاديث كثيرة صحيحة, مدارها على شخص واحد.
إذن ما مراد الحاكم والخليلي فيما ذكراه عن أهل الحديث ؟ الحاكم رحمه الله لكلامه تتمة لم ينقلها، ليست موجودة الآن، وهو أنه قال توضيحا لمراده, يقول: معنى كلامه: وينقدح في نفس الناقد أنه غلط، وينقدح في نفس الناقد أنه غلط.
وأيضا قال: أو معنى كلامه: لا يستطيع إقامة الدليل على ذلك، قال: الشاذ يخالف المعلل، بحيث أن المعلل اطلع فيه على وجه الغلط, اطلع فيه على العلة، يعني: راو خالف غيره من الثقات, فنقول: هذا معلل، حديثه يقول: فالشاذ أدق منه، لماذا الشاذ أدق منه ؟ يقول: لأنه لم يطلع على غلط هذا الغالط، إذن ما الجديد في كلام الحاكم الآن ؟


الـوجـه الـثـانـي


أمر مهم: وهو أنه ينقدح في نفس الناقد, أنه غلط لماذا ينقدح في نفس الناقد أنه غلط ؟
هذا أمر معروف, يعني: أئمة الحديث، إذن سأعرج إلى هذا بعد قليل هذا كلام.. إذن: لو أخذنا كلام الحاكم هذا, وكذلك أيضا كلام الخليلي قريب منه، قوله: يشذ به ثقة, أو غير ثقة, يدل على أنه ليس مراده كل ما رواه، كل ما تفرد به راو واحد، وإنما أن يشذ به, وأن يعني يتبين غلط للناقل، إذا قيدنا كلام الحاكم وكلام الخليلي بهذا القيد، فنقول: إنه لا بد، أو أنه يعني: أن كلامهما في تعريف الشاذ, كلام صحيح, وأنه لا مانع من تسمية ما ذكره الشافعي شاذا, يعني: إذا خالف الراوي غيره، أو انفرد بشيء, ترجع عند الناقد أنه أخطأ فيه، لماذا نقول هذا؟
أرجو الانتباه, لأمر أنا وعدتكم به، يعني: من باب التدقيق في علوم الحديث، وألا يتناقد الشخص، يعني: أن يكون محكمًا لأموره, وكما ذكرت, أنواع علوم الحديث متعددة، وربما يعني تبنيت شيئا, أو اخترت شيئا, أو فهمت شيئا في نوع, وفهمت شيئا آخر في نوع آخر, قد يعارضه أو يكون بين فهمك هذا وهذا اختلاف, مر بنا في تعريف الحديث الصحيح، أنه ما رواه عدل تام الضبط, وأن سنده متصل، الرابع ما هو والخامس ؟
وألا يكون شاذا ولا معللا, إذا أخذنا تعريف الشافعي للشاذ, واكتفينا به، وأنه ما رواه الثقة مخالفا لما رواه غيره، إذن ما هو المعلل: انتبه، ما هو المعلل؟
المعلل سيأتي معنا, أنه إسناد ظاهره الصحة، اطلع فيه بعد التفتيش على علة قادحة، لو أخذت الشاذ حسب تعريف الشافعي، يدخل في المعلل على هذا أو لا يدخل في المعلل: يدخل في المعلل؛ لأن الإسناد ظاهره الصحة اطلع فيه بعد التفتيش, وبعد جمع الطرق أن فيه علة قادحة، لو اكتفينا بتعريف الشافعي للشاذ لكان الأولى في تعريف الحديث الصحيح, ألا نحتاج إلى كلمة شاذ؛ لأن الشاذ هنا هو نفسه أو جزء منه يدخل في المعلل هو هو, هو تعريفه إلا أنه اشترط في الشاذ ألا يرويه إلا المخالف, كم يكون ؟
الذي شذ به واحد, والمعلل أعم من ذلك، قد يرويه ثلاثة أو أربعة ويكون معللا، بأن يرويه أكثر منهم يرويه أناس أكثر عددا منهم, أو أحفظ أو غيره كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى.
فإذن هذه المسألة الأولى لو اكتفي بتعريف الشافعي لكان.. لعدنا إلى تعريف الحديث الصحيح، وهذا قد نبه عليه جماعة من العلماء، ولهذا قالوا: لما اختاروا هذا في تعريف الشاذ اقترح بعضهم أن يضاف كلمة، سأذكر الآن سبب إضافتها، هذا سبب.
ولكن قد يقول قائل: إذا كان تعريف الشافعي هو الراجح, فلنحذف كلمة شاذ من تعريف الصحيح, هنا المسألة الثانية: وهي المهمة وهي أننا نقول: إننا نجد من عمل الأئمة الأولين رحمهم الله تعالى, أنهم يتوقفون في أحاديث كثيرة رواها الثقات، نعم, هم صححوا بلا إشكال أحاديث رواها الثقات وتفردوا بها، ولكنهم أيضا يتوقفون في أحاديث صحيحة رواها الثقات.
ولهذا أمثلة كثيرة، أمثلة كثيرة ويقولون: فلان مثلا يقولون: هذا الراوي ثقة إلا أن حديثه هذا غلط, أو يقولون: فلان لا بأس به، وحديثه منكر، أكثر ما يستخدمون في رد هذا، أو في بيان غلط الراوي، كلمة منكر أكثر من استخدامهم لكلمة شاذ.
إذن لا نستطيع حذف كلمة من تعريف الحديث الصحيح؛ لأننا نشترط هذا ألا يشذ الراوي الثقة ألا يتبين أنه غلط، كيف يتبين للأئمة أنه غلط؟
هذا أمر يستدلون به ولو لم يخالف، يستدلون عليه ولو لم يخالف في أمور بأمور.. يعني بقرائن لا تنضبط، وإنما كل حديث له يعني: له قرائن تبين, وإن كان ثقة، يقولون: هذا حديث منكر، ولهذا السبب، لهذا السبب اختارت كتب المصطلح, هذا التعريف للشاذ، ما الذي صار عند يعني المتكلمة على نقد السنة الذين يأخذون هذه التعاريف ؟
صاروا يطبقون تعريف الشاذ على أحاديث الأئمة الأولون, استنكروها وردوها، ورواتها ثقات، فيأتي المتأخر فيصححها, ويعترض حتى على الأئمة بسبب ماذا ؟ أن الشاذ اشترط فيه ماذا ؟
المخالفة، وأن الرد بالتفرد لابد أن يكون الراوي ضعيفا, فإن كان ضابطا تام الضبط، فحديثه صحيح, ولا يلتفت إلى رد الأئمة الأولين، ويعني: هناك أحاديث يعني أنا وقفت على كلام لعشرة من الأئمة الثمانية لسبعة, لستة من الأئمة، تكاد كلمتهم إجماع على نكارة هذا الحديث، ثم يأتي مثل هذا العدد أو أكثر منه ممن تأخر، ويأبون هذا.
وهذه من المسائل التي يعني النقد فيها اتجه اتجاهين، ومن المسائل أقول، وليست هذه المسألة الوحيدة، هذه من المسائل التي يعني يتميز بها، أو هناك منهجان يختلفان فيهما ، هذا الكلام الذي جعلهم يعترضون على كلام الخليلي والحاكم, إذن ما هو؟
هو أنهم ظنوا أن كل تفرد فهو شذوذ، وأيضا كذلك سيأتي معنا في المنكر زيادة إيضاح، المهم: أن هذا هو الذي نريد التنبيه عليه فقط هنا, هو أن كلام الخليلي, والحاكم كلام يعني (غير مسموع) إلى أئمة الحديث كلام دقيق.
ومثل الحاكم بأمثلة، مثل الحاكم بمثال, تعرفون مثال جمع التقديم، رواه قتيبة بن سعيد, عن الليث بن سعد, عن يزيد بن أبي حبيب, عن أبي الطفيل, عن معاذ بن جبل في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا.. يعني المهم: أنه يجمع تارة جمع تقديم وتارة جمع تأخير, فجمع التقديم هذا.. هذا الحديث الذي فيه جمع التقديم، تفرد به قتيبة بن سعيد عن الليث وهو ثقة ثبت، ثقة ثبت يعني: ليس.., ومع هذا استنكر الأئمة هذا الحديث عليه، وحكموا بتفرده وبأنه هذا الحديث منكر, الذين أتوا فيما بعد يصححون هذا الحديث، بحجة ماذا ؟
أن قتيبة ثقة، فطردوا أن كل ما تفرد به ثقة فهو صحيح، وتجد في كلام المتأخرين من تصحيح هذا الحديث كلام كبير، بل وفي مناقشة الأولين، والأئمة رحمهم الله تعالى لا يحكمون بالشذوذ هكذا، ليس هناك إمام كما ذكرت لمجرد التفرد، وإنما تنضم أمور لـ.. يقول مثلا: روى حفص بن غياث رحمه الله تعالى وهو حافظ ضابط, لكنه قد يهم, روى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: كنا على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم – نأكل و نحن نمشي ونشرب ونحن قيام، فتوارد أئمة الحديث على أن حفص بن غياث غلط في هذا الحديث، من أين غلطه ؟
لم يخالف غيره، ما خالف غيره, لو خالف لكان هذا هو المعلل الذي أشار إليه الحاكم، أنه يتبين غلطه لكنه ما خالف غيره، فيقول ابن المديني: نعس حفص نعسة حين روى (غير مسموع) معنى نعس يعني: غلط غلطة أو كذا، واستنكره أئمة أيضا كذلك غير ابن المديني، استنكره جماعة من الأئمة, وما صححه أحد منهم, ومع هذا يصححه كثير من الباحثين بالنظر إلى ظاهر الإسناد؛ لأن الشاذ عندهم الذي اختاروه هو تعريف من ؟
تعريف الشافعي رحمه الله, لا إشكال فيه أنه شاذ، لا إشكال فيه؛ لأننا إذا قلنا: إن ما تفرد به الثقة, ولو لم يخالف شاذ لتبين غلطه، فمن باب أولى إذا خالفه، وكذلك أيضا الضعيف إذا خالف.. إذا كان الثقة إذا خالف فحديثه شاذ, فالضعيف كذلك من باب أولى، من باب أولى أن يسمى الضعيف إذا خالف أن يسمى شاذا، أو تفرد كذلك ولو لم يخالف أن يسمى شاذا، فهذه من الموضوعات كما ذكرت لكم أن من مصطلحات علم الحديث ومن التعاريف ما ينبني عليه عمل, فإذا انبنى عليه عمل ننظر في هذا العمل، إن خالف ما عليه عمل الأئمة، فلا نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، وإن لم ينبن عليه عمل، فالأمور ميسرة بِحمد الله, ولا يعني يشكل, ونقول: لا مشاحة في الاصطلاح.
فإذن هذا الكلام الآن وسيأتي شيء منه الآن في النوع الرابع عشر, نعم تفضل يا شيخ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, النوع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir