القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم,الحمد لله رب العالمين,والصلاة والسلام على نبينا محمد,وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: النوع الثالث: الحديث الضعيف
قال: وهو ما لم يجتمع فيه صفات الصحيح,ولا صفات الحسن المذكورة فيما تقدم.ثم تكلم على تعداده وتنوعه باعتبار فقده واحدة من صفات الصحة,أو أكثر,أو جميعها,فينقسم جنسه إلى الموضوع,والمقلوب,والشاذ,والمعلل,والمضطرب,والمرسل,والمنقطع,والمعضل,وغير ذلك.
الشيخ: في هذا المبحث تكلم الحافظ ابن كثير بهذا الكلام الموجز عن الحديث الضعيف,وفي آخره قال: فينقسم جنسه إلى الموضوع,والمقلوب,والشاذ,والمعلل والمضطرب,والمرسل,والمنقطع,والمعضل وغير ذلك. يشير بقوله:"إلى غير ذلك" إلى باقي الأنواع التي تندرج تحت الحديث الضعيف,مثل: المدرج,والمقلوب والمصحف ، المقلوب,ذكرالمصحف, وبعض الأنواع التي سيأتي ذكرها إن شاء الله,فهذه الأنواع كلها داخلة في الحديث الضعيف,على اعتبار أنها من الحديث المردود.
وستجدون أنه قبل أن يتكلم على هذه الأنواع التي ذكرها,ذكر أنواعا جاءت,كالحد الفاصل بين الحديث الضعيف وبين البدء بالكلام على هذه الأنواع,فذكر المسند,والمتصل,والمرفوع والموقوف والمقطوع,ثم ابتدأ يتكلم عن هذه الأنواع التي أشار إليها,فابتدأ بالمرسل وهلم جرا ، فلماذا يا ترى لم يقدم الكلام على الأنواع بعد الحديث الضعيف لتناسبها ؟ أو يقدم الكلام على المسند والمتصل والمرفوع والموقوف والمقطوع على الكلام على الحديث الضعيف,بحيث يكون الموضوع برمته موجودا في موضع واحد,دونما فصل بينهما؟
لو صنع هذا الصنيع الأخير,بمعنى: لو قدم المسند والمتصل والمرفوع والموقوف والمقطوع,لكان ذلك سائغا ، أما لو كان العكس فقدم الكلام على هذه الأنواع التي من أنواع الحديث الضعيف على الكلام على المسند والمتصل والمرفوع والموقوف والمقطوع ، لكان صنيعه هنا أجود من هذا الذي يمكن أن يحدث,لماذا ؟
لأن هذه الأنواع التي ذكرها: المسند,والمتصل,والمرفوع,والموقوف,والمقطوع,هي كالمقدمة بين يدي هذه الأنواع التي هي من جنس الحديث الضعيف؛لأننا إذا أردنا أن نفهم الكلام على المرسل,وعلى غيره من الأنواع الآتية: كالمعضل,والمنقطع,والمدلس,والمرسل الخفي,وغير ذلك من الأنواع,إذا أردنا أن نفهم الكلام عنها لابد من هذه المباحث الخمسة: المسند,والمتصل,والمرفوع,والموقوف,والمقطوع؛لأن الاصطلاحات التي سنستخدمها,وما يتعلق ببعض تلك الأنواع التي سيأتي الكلام عليها متعلق بفهم هذه الأنواع الخمسة التي أمامنا الآن .
فإذن هي لصيقة بالموضوع,كما سنرى إن شاء الله تعالى ، على كل حال.
الحديث الضعيف أيها الإخوة ضعفه يكاد يكون منحصرا في أحد أمرين: إما بسبب سقط في الإسناد,وإما بسبب طعن في الراوي,فهذه الأنواع التي ذكرها من أنواع علوم الحديث وغيرها من الأنواع التي لم يذكرها كلها,تدور حول هاتين النقطتين:
إما بسبب سقط في الإسناد,أو بسبب طعن في الراوي,فهذه هي أسباب الضعف,أو تكاد تكون أسباب الضعف منحصرة في هذين السببين: طعن الإسناد.. سقط في الإسناد,أو طعن في الراوي.
لذلك عرف الحديث الضعيف بهذا التعريف,فقال: هو ما لم يجتمع فيه أو لم تجتمع فيه صفات الصحيح,ولا صفات الحسن المذكورة فيما تقدم.
عرفنا أن الحديث الصحيح هو: ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط,عن مثله,إلى منتهاه,من غير شذوذ ولا علة,وهو نفس تعريف الحديث الحسن,عدا قوله: التام الضبط,فيكون في الحديث الحسن الخفيف الضبط.
لكن أهل العلم دائما يحاولون أن يجعلوا التعريف جامعا مانعا, جامعا لجميع الأوصاف المراد تعريفها,ومانعا من دخول غيرها,وما هو مناف لها فيها,ويحاولون ما استطاعوا أن يعبروا عن ذلك بعبارة مختصرة,كلما أمكن أن يحدد حد ويعرف التعريف بعبارة مختصرة تكون جامعة مانعة,فهذا هو التعريف الأكمل والأحسن.
لذلك بعضهم عرف الحديث الضعيف بأنه: ما لم يجمع صفات الصحيح والحسن,وبعضهم قال: لا,بل لو قلنا: هو ما لم يجمع صفات الحسن,لكان هذا أخصر,ويؤدي الغرض المراد,على اعتبار أن ما لم يجمع صفات الحسن لم يجمع صفات الصحيح من باب أولى.
لكن قال بعضهم: لا ، بل إننا حينما نقول: هو ما لم يجمع صفات الحسن لا نصبح في هذه الحال,قد أخرجنا الحديث الصحيح منه,بل يمكن أن يكون التعريف شاملا للحديث الصحيح؛لأجل هذا.
مع العلم أن هذه المسألة متوقعة؛لأجل هذا يمكن أن يختار هذا التعريف المذكور أمامكم,أو التعريف الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر,وهو أجود وأحسن؛لأن عبارته أكثر اختصار من هذا ، وهو تعبيره رحمه الله عن تعريف الحديث الضعيف بقوله: هو ما لم يجمع صفات القبول. فالقبول يشمل الصحيح والحسن.
فهذه عبارة مختصرة,وهي جامعة ومانعة في آن واحد ، لذلك هذا التعريف هو الأحسن والأجمع من غيره.
أما بالنسبة للكلام عن الحديث الضعيف بإسهاب,بمعنى: أن نذكر كل ما يمكن أن يكون ضعف بسبب سقط في الإسناد,أو بسبب طعن في الراوي ، فهذه هي أجناس الحديث الضعيف,أي: أنواع الحديث الضعيف,فهذه كل واحد منها يحتاج إلى كلام,وإلى مناقشة؛ لذلك لابد من إفراد كل واحد منها بنوع من أنواع علوم الحديث.
لكن قبل أن يخاض فيها,نذكر هذه المقدمة التي تؤهلنا لمعرفة لماذا حكمنا على تلك الأحاديث بالضعف؟
فجاء الكلام على المسند,والمتصل,والمرفوع,والموقوف,والمقطوع نقول أيها ا