القِسْمُ الثالثُ: الضعيفُ
أمَّا الضَّعيفُ فهو ما لم يَبْلُغِ مَرتبةَ الْحُسْنِ وإنْ بَسْطٌ بُغِي
ففاقِدٌ شَرْطَ قَبولٍ قِسْمُ واثنينِ قسمٌ غيرُه وضَمُّوا
سِوَاهُمَا فثالثٌ وهكذا وَعُدْ لشرْطٍ غيرِ مَبدوءٍ فَذَا
قسمٌ سِواها ثم زِدْ غيرَ الذي قدمْتَه ثم على ذا فاحْتَذِي
وعَدَّه البُستيُّ فيما أَوْعَى لتسعةٍ وأربعينَ نَوْعَا
(أمَّا الضَّعيفُ فهو ما لم يَبْلُغِ مَرتبةَ الْحُسْنِ)، ولا مَرْتَبَةَ الصحَّةِ المفهومةِ بالأوْلَى (وإنْ بَسْطٌ) لأقسامِه (بُغِي) أيْ: طُلِبَ (ففاقِدٌ شرْطَ قَبولٍ قِسْمُ) أيْ: شَرْطًا مِن شروطِ القَبولِ الشامِلِ للصحيحِ والحسَنِ، وهي سِتَّةٌ:
1-اتِّصالُ السنَدِ.
2-والعدالةُ.
3-والضبْطُ.
4-وفقْدُ الشذوذِ.
5-وفقْدُ العِلَّةِ القادحةِ.
6-والعاضِدِ عندَ الاحتياجِ إليه.
وهي بالنظَرِ لانتفائِها انفرادًا واجتماعًا تَتَفَرَّعُ منها أقسامٌ:
ففاقِدٌ واحدًا منها قِسْمٌ كالاتِّصالِ وتحتَه ثلاثةٌ: المرْسَلُ، والمنقَطِعُ، والْمُعْضَلُ.
(و) فاقدٌ (اثنينِ) منها كالاتِّصالِ مع آخَرَ مِن الخمسةِ الباقيةِ كالعدالةِ (قِسْمٌ غيرُه) أيْ: غيرُ الأوَّلِ وتحتَه ثمانيةَ عشَرَ باندراجِ الضعيفِ والمجهولِ تحتَ فقْدِ العدالةِ؛ لأنك إذا ضَرَبْتَها مع الأربعةِ الباقيةِ في الثلاثةِ الداخلةِ تحتَ فَقْدِ الاتِّصالِ بَلَغَ ذلك.
(وضَمُّوا) واحدًا (سِوَاهُمَا) أيْ: سِوَى الاثنينِ اللَّذَيْنِ هما فقْدُ الاتِّصالِ، والآخَرُ الذي معه وهو فقْدُ العدالةِ إليهما كفَقْدِ الضبْطِ (فـ) ذلك قِسْمٌ (ثالثٌ) وتحتَه اثنانِ وأربعونَ؛ لأنَّك إذ ضَمَمْتَ إلى كلٍّ مِن أقسامِ فقْدِ الاتِّصالِ مع كلٍّ مِن قِسْمَيْ فقْدِ العدالةِ، وإليه مع فَقْدِ الضبْطِ، وإليه مع فقْدِ العاضِدِ الشذوذَ مَرَّةً والعِلَّةَ أُخْرَى في كلٍّ مِن أفرادِ الأحوالِ الثلاثةِ، وضَمَمْتْ إليه أيضاً مع كلٍّ مِن قِسْمَيْ فقْدِ العدالةِ فقْدَ الضبْطِ مَرَّةً وفَقْدَ العاضِدِ أُخْرَى، وإليه مع فقْدِ الضبْطِ فقْدَ العاضِدِ، وإليه مع الشذوذِ العِلَّةَ حَصَلَ ذلك.
(وهكذا) افْعَلْ إلى آخِرِ الشروطِ، فخُذْ فقْدَ شَرْطٍ آخَرَ ضُمَّهُ إلى فقْدِ الشروطِ الثلاثةِ السابقةِ كالشذوذِ، فهو قِسْمٌ رابعٌ وتحتَه ثمانيةٌ وأربعونَ؛ لأنك إذا ضَمَمْتَ إلى كلٍّ مِن أقسامِ فَقْدِ الاتِّصالِ مع كُلِّ قِسْمَيْ فقْدِ العدالةِ ومع فقْدِ الضبْطِ، وإليه مع كلٍّ مِن قِسْمَيْ فقْدِ العدالةِ ومع فقْدِ العاضِدِ، وإليه مع فَقْدِ الضبْطِ ومع فقْدِ العاضِدِ الشذوذَ مَرَّةً والعلَّةَ أُخْرَى في كلٍّ مِن أفرادِ الأحوالِ الثلاثةِ، وضَمَمْتَ إليه أيضًا مع كلٍّ مِن قِسْمَيْ فقْدِ العدالةِ ومع فقْدِ الضبْطِ فقْدَ العاضِدِ، وإليه مع كلٍّ قِسْمَيْ العدالةِ ومع الشذوذِ، وإليه مع فقْدِ الضبْطِ ومع الشذوذِ، وإليه مع فقْدِ العاضِدِ ومع الشذوذِ العِلَّةَ في كلٍّ مِن أفرادِ الأحوالِ الثلاثةِ حَصَلَ ذلك.
ولا يَخْفَى أنك لو ضَمَمْتَ بعضَ أقسامِ فقْدِ الاتِّصالِ وقِسْمَيْ فقْدِ العدالةِ إلى بعضِها أو إليه وإلى بَقِيَّةِ الشروطِ - زادتِ الأقسامُ.
ثم ارْتَقِ إلى فاقِدٍ خمسةً أو سِتَّةً، واعمَلْ إلى انتهائِكَ مِن شَرْطِ الاتِّصالِ.
(و) بعدَ انتهائِك منه (عُدْ) أيِ: ارْجِعْ (لشرْطٍ غيرِ مَبْدُوءٍ) به أوَّلاً كالعدالةِ (فذا قِسْمٌ سِواها) أيِ: الأقسامِ السابقةِ، وتحتَه اثنانِ: الضعيفُ والمجهولُ كما مَرَّ.
(ثم زِدْ) مع كلٍّ منهما (غيرَ الذي قَدَّمْتَهُ) لئلاَّ يَتكرَّرَ، وتحتَه ثمانيةٌ؛ لأنك تَضُمُّ إلى كلٍّ منهما فقْدَ الضبْطِ أو فقْدَ العاضِدِ، أو شُذوذٍ أو عِلَّةٍ (ثم على ذا) الْحَذْوِ (فاحْتَذِي) أنتَ - بذالٍ مُعْجَمَةٍ - أيْ: فاقْتَدِ.
والمعنَى: فتَمِّمْ هذا العمَلَ الذي ابْتَدَأْتَهُ بفَقْدِ الشرْطِ المثنَّى به كما تَمَّمْتَ الأوَّلَ؛ بأنْ تَضُمَّ إلى فقْدِ العدالةِ بقِسْمَيْهِ والآخَرِ الذي معه فقْدَ شرْطٍ آخَرَ إلى أنْ يَنْتَهِيَ العمَلُ، ثم عُدْ، وهكذا إلى أنْ يَنْتَهِيَ عمَلُك.
وأشارَ ابنُ الصلاحِ إلى كَثرةِ الأقسامِ جِدًّا بالنظَرِ إلى أنه يَدْخُلُ تحتَ فقْدِ كلٍّ مِن الستَّةِ أقسامٍ؛ كفَقْدِ العدالةِ يَدْخُلُ تحتَه الضعيفُ بكَذِبِ رَاوِيهِ أو بتُهمتِه، أو بفِسْقِه، أو ببِدْعَتِه، أو لِجَهالةِ عَيْنِه، أو لِجَهالةِ حالِه؛ وذلك مع كَثرةِ التعَبِ فيه قليلُ الفائدةِ كما قالَه شيخُنا كغيرِه.
قالَ الناظمُ: ومِن أقسامِ الضعيفِ ما لَه لَقَبٌ خاصٌّ؛ كالمضْطَرِبِ، والمقلوبِ، والموضوعِ، والمنكَرِ وهو بمعنى الشاذِّ كما سيأتي. انْتَهَى.
واعلَمْ أنَّ طريقَ حَصْرِ الأقسامِ مِن غيرِ نظَرٍ إلى ما يَدْخُلُ تحتَ فَقْدِ كلٍّ مِن الستَّةِ أنْ يُقالَ: الخبرُ الضعيفُ إمَّا أنْ يَفْقِدَ منها شَرْطًا أو شَرطينِ أو ثلاثةً أو أربعةً أو خمسةً أو الجميعَ، وإذا سَبَرْتَها بالتركيبِ بعدِّ كلٍّ مِن فاقِدِ الاتِّصالِ والعدالةِ واحدًا، بلَغَتْ ثلاثةً وسِتِّينَ.
ففاقِدُ واحدٍ منها تحتَه سِتَّةٌ: فاقِدُ الأوَّلِ، وفاقدُ كلٍّ مِن بَقِيَّتِها.
وفاقِدُ اثنينِ منها تَحتَه خمسةَ عشرَ: فاقدُ الأوَّلِ مع الثاني، أو مع كلٍّ مِن البَقِيِّةِ، وفاقِدُ الثاني مع الثالثِ، أو مع كلٍّ مِن الثلاثةِ بعدَه، وفاقِدُ الثالثِ مع كلٍّ مِن الثلاثةِ بعدَه، وفاقِدُ الرابعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ، وفاقِدُ الأخيرينِ.
وفاقِدُ ثلاثةٍ تحتَه عِشرونَ: فاقِدُ الأَوَّلَيْنِ مع كلٍّ مِن البَقِيَّةِ، وفاقِدُ الأوَّلِ والثالثِ مع كلٍّ مِن الثلاثةِ بعدَه، وفاقِدُ الأوَّلِ والرابعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ، وفاقِدُ الأوَّلِ والأخيرينِ، وفاقِدُ الثاني والثالثِ مع كلٍّ مِن الثلاثةِ بعدَه، وفاقِدُ الثاني والرابعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ, وفاقِدُ الثاني والأخيرينِ, وفاقِدُ الثالثِ والرابعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ، وفاقِدُ الثالثِ والأخيرينِ، وفاقِدُ الثلاثةِ الأخيرةِ.
وفاقدُ أربعةٍ تحتَه خمسةَ عشرَ: فاقِدُ الثلاثةِ الأُوَلِ مع كلٍّ مِن الثلاثةِ الأخيرةِ، وفاقِدُ الأَوَّلَيْنِ والرابعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ، وفاقِدُ الأَوَّلَيْنِ والأخيرينِ، وفاقِدُ الأوَّلِ والثالثِ والرابِعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ، وفاقِدُ الأوَّلِ والثالثِ والأخيرينِ، وفاقِدُ الأوَّلِ والثلاثةِ الأخيرةِ، وفاقِدُ الثاني والثالثِ والرابعِ مع كلٍّ مِن الأخيرينِ، وفاقِدُ الثاني والثالثِ والأخيرينِ، وفاقِدُ الثاني والرابعِ والأخيرينِ، وفاقِدُ الأربعةِ الأخيرةِ.
وفاقِدِ خمسةٍ تحتَه سِتَّةٌ: فاقدُ الخمسةِ الأُولَى، وفاقدُ الأربعةِ الأولى والسادسِ، وفاقدُ الثلاثةِ الُأوَلى بالأخيرينِ، وفاقِدُ الأَوَّلَيْنِ والثلاثةِ الأخيرةِ، وفاقدُ الأوَّلِ والأربعةِ الأخيرةِ، وفاقدُ الخمسةِ الأخيرةِ.
وفاقد الجميع قسم واحد، صارت الجملة ما قلنا.
(وعَدَّهُ) أيْ: قَسَّمَ الضعيفَ ابنُ حِبَّانَ (البُستيُّ فيما أَوْعَى) ويقالُ: (وَعَى) أيْ: حَفِظَ وجَمَعَ، (لتِسعةٍ) بزيادةِ اللامِ، أو بمعنى (إلى)، بتَضمينِ (عَدَّ: عَدَّى) أيْ: إلى تِسعةٍ (وأربعينَ نوعَا) خمسينَ قِسْمًا إلاَ واحدًا ولم أَرَ له وَجْهًا.