دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 11:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الثالث: أن تكون العين مباحة النفع

وأن تكونَ العينُ مُباحةَ النفْعِ من غيرِ حاجةٍ كالبَغْلِ والْحِمارِ، ودُودِ الْقَزِّ وبِزْرِه , والفيلِ وسِباعِ البهائمِ التي تَصْلُحُ للصيْدِ، إلا الكلبَ والحشراتِ والمصْحَفَ والْمَيْتَةَ والسِّرْجِينَ النَّجِسَ والأَدْهَانَ النَّجِسَةَ، لا الْمُتَنَجِّسَةَ، ويَجوزُ الاستصباحُ بها في غيرِ مَسْجِدٍ.


  #2  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 04:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(و) الشَّرطُ الثالثُ (أنْ تَكُونَ العَيْنُ) المعقودُ عليها أو على منفعَتِها (مُبَاحةَ النَّفْعِ مِن غيرِ حاجةٍ) بخلافِ الكلبِ؛ لأنَّه إنَّما يُقْتَنَى لصيدٍ أو حَرْثٍ أو ماشيةٍ، وبخلافِ جِلْدِ مَيْتَةٍ ولو مَدْبُوغاً؛ لأنَّه إنَّما يُبَاحُ في يَابسٍ، والعَيْنُ هنا مُقَابِلُ المنفعةِ فتتَنَاوَلُ ما في الذمَّةِ (كالبَغْلِ والحِمارِ)؛ لأنَّ الناسَ يَتَبَايَعُونَ ذلك في كُلِّ عصرٍ مِن غيرِ نَكِيرٍ. (و) كـ (دودِ القَزِّ)؛ لأنَّه حيوانٌ طاهرٌ يُقْتَنَى لِمَا يَخْرُجُ مِنه، (و) كـ (بِزْرِه)؛ لأنَّه يُنْتَفَعُ به في المَآلِ، (و) كـ (الفيلِ وسِباعِ البهائِمِ التي تَصْلُحُ للصيدِ) كالفَهْدِ والصَّقْرِ؛ لأنَّه يُبَاحُ نَفْعُها واقتِنَاؤُها مُطلقاً (إلا الكلبَ) فلا يَصِحُّ بَيْعُه لقَولِ ابنِ مَسْعُودٍ: (نَهَى النبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ عَن ثَمَنِ الكَلْبِ) مُتَّفقٌ عليه. ولا بَيْعَ آلةِ لَهْوٍ وخَمْرٍ ولو كَانَا ذِمِّيَّيْنِ (والحشَرَاتِ) لا يَصِحُّ بَيْعُها؛ لأنَّه لا نَفْعَ فيها، إلا عَلَقاً لمَصِّ الدَّمِ ودِيدَاناً لصيدِ السمكِ وما يُصَادُ عليه كبُومَةٍ شباشاً= (والمُصْحَفَ) لا يَصِحُّ بَيْعُه، ذَكَر في (المُبْدِعِ) أنَّ الأَشْهَرَ لا يَجُوزُ بَيْعُه. قَالَ أَحْمَدُ: لا نَعْلَمُ في بَيْعِ المُصْحَفِ رُخْصَةً. قَالَ ابنُ عُمَرَ: وَدِدْتُ أَنَّ الأَيْدِيَ تُقْطَعُ فِي بَيْعِها. ولأنَّ تعظيمَهُ واجبٌ وفي بَيْعِه ابتذالٌ لَه، ولا يُكْرَهُ إِبْدَالُه وشِرَاؤُه استِنْقَاذاً. وفي كَلامِ بعضِهِم يعنِِي مِن كافرٍ، ومُقتضاه أنَّه إن كَانَ البائعُ مُسلماً حَرُمَ الشراءُ مِنه لعدمِ دُعاءِ الحاجةِ إليه بخلافِ الكافرِ. ومَفهُومُ (التَّنْقِيحِ) و(المُنْتَهَى) يَصِحُّ بيعُه لمسلمٍ. (والمَيْتَةَ) لا يَصِحُّ بيعُها لقَولِه عليه السَّلامُ: ((إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ المَيْتَةِ والخَمْرِ والأَصْنَامِ)) مُتَّفقٌ عليه. ويُسْتَثْنَى مِنها السَّمَكُ والجَرَادُ. (و) لا (السِّرْجِينَ النَّجِسَ)؛ لأنَّه كالمَيْتَةِ، وظَاهِرُه أنَّهُ يَصِحُّ بيعُ الطاهرِ مِنه، قالَه في (المُبْدِعِ). (و) لا (الأَدْهَانَ النَّجِسَةَ ولا المُتَنَجِّسَةَ) لقَولِه عليه السَّلامُ: ((إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئاً حَرَّمَ ثَمَنَهُ)) وللأمرِ بإِرَاقَتِه، (ويَجُوزُ الاستِصْبَاحُ بها)؛ أي: بالمُتَنَجِّسَةِ على وَجْهٍ لا تَتَعَدَّى نجَاسَتُه كالانتفاعِ بجِلْدِ المَيْتَةِ المَدْبُوغِ (في غيرِ مَسجدٍ)؛ لأنَّه يُؤَدِّي إلى تَنْجِيسِه، ولا يَجُوزُ الاستِصباحُ بنَجِسِ العَيْنِ ولا يَجُوزُ بيعُ سُمٍّ قَاتِلٍ.


  #4  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(و) الشرط الثالث: (أن تكون العين) المعقود عليها، أو على منفعتها (مباحة النفع من غير حاجة) ([1]) بخلاف الكلب، لأنه إنما يقتنى لصيد، أو حرث، أو ماشية([2]) وبخلاف جلد ميتة ولو مدبوغًا لأنه إنما يباح في يابس([3]) والعين هنا مقابل المنفعة، فتتناول ما في الذمة([4]) (كالبغل، والحمار)([5]).
لأن الناس يتبايعون ذلك في كل عصر، من غير نكير([6]) (و) كـ (دود القز) لأنه حيوان طاهر، يقتنى لما يخرج منه([7]) (و) كـ (بزره) لأنه ينتفع به في المآل([8]) (و) كـ (الفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد) ([9]) كالفهد، والصقر([10]) لأنه يباح نفعها، واقتناؤها مطلقا([11]) (إلا الكلب) فلا يصح بيعه([12]) لقول ابن مسعود: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، متفق عليه([13]).
ولا بيع آلة لهو، وخمر، ولو كانا ذميين([14]) (والحشرات) لا يصح بيعها، لأنه لا نفع فيها([15]) إلا علقًا لمص الدم([16]) وديدانًا لصيد سمك([17]) وما يصاد عليه كبومة شباشا([18]) (والمصحف) لا يصح بيعه([19]) ذكر في المبدع أن الأشهر: لا يجوز بيعه([20]) قال أحمد: لا نعلم في بيع المصحف رخصة([21]).
قال ابن عمر: وددت أن الأيدي تقطع في بيعها([22]) ولأن تعظيمه واجب، وفي بيعه ابتذال له([23]) ولا يكره إبداله([24]) وشراؤه استنقاذًا([25]) وفي كلام بعضهم، يعني من كافر([26]) ومقتضاه أنه إن كان البائع مسلمًا حرم الشراء منه، لعدم دعاء الحاجة إليه([27]) بخلاف الكافر([28]).
ومفهوم التنقيح، والمنتهى يصح بيعه لمسلم([29]) (والميتة) لا يصح بيعها([30])لقوله عليه السلام: ((إن الله حرم بيع الميتة، والخمر، والأصنام)) متفق عليه([31]) ويستثنى منها السمك، والجراد([32]) (و) لا (السرجين النجس) لأنه كالميتة([33]).
وظاهره، أنه يصح بيع الطاهر منه قاله في المبدع([34]) (و) لا (الأدهان النجسة ولا المتنجسة)([35]) لقوله عليه السلام ((إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه))([36]) وللأمر بإراقته([37]) (ويجوز الاستصباح بها) أي بالمتنجسة، على وجه لا تتعدى نجاسته ([38]) كالإنتفاع بجلد الميتة المدبوغ ([39]) (في غير مسجد) لأنه يؤدي إلى تنجيسه([40]) ولا يجوز الاستصباح بنجس العين([41]) ولا يجوز بيع سم قاتل([42]).



([1]) أو ضرورة ، فخرج ما لا نفع فيه كالحشرات، وما فيه منفعة محرمة كالخمر، وما فيه منفعة مباحة للحاجة كالكلب، وما فيه منفعة تباح للضرورة كالميتة ويأتي مفصلاً.
([2]) فلا يصح بيعه، للنهي عن ذلك، ولأنه لا ينتفع به إلا لحاجة.
([3]) بناء على عدم طهارته بالدبغ، وتقدم أنه يطهر بالدبغ، للأخبار ويجوز بيعه عند الجمهور، واختاره الشيخ وغيره.
([4]) أي والعين في قول المصنف: وأن تكون العين مباحة النفع.
([5]) والعقار، والمأكول، والمشروب، والملبوس، والمركوب، وغير ذلك، فالكاف للتمثيل، لأن ما بعدها جزء ما قبلها.
([6]) أي فكان إجماعا، وقياسا لما لم يرد به النص من ذلك على ما ورد.
([7]) وهو الحرير الذي هو أفخر الملابس.
([8]) «بزرة» بفتح الباء وكسرها ولد الدود قبل أن يدب، أي يجوز بيعه، لأنه ينتفع به في المآل، يحصل منه الدود الذي يستخرج منه الحرير.
([9]) أما الفيل فلأنه يباح نفعه واقتناؤه، فجاز بيعه، أشبه البغل، وسباع البهائم التي تصلح للصيد، بشرط أن تكون معلمة، أو تقبل التعليم.
([10]) والبازي، وولدها، وفرخها وبيضها.
([11]) أي مع الحاجة وعدمها، وقيل: والهر، لأنه طاهر العين، مباح النفع،وعن أحمد: لا يجوز بيعه، وقد ثبت النهي عن ثمنه، واختاره ابن القيم: وابن رجب وغيرهما.
([12]) ولو كان مباح الاقتناء معلمًا كان أو غير معلم، عند جمهور العلماء.
([13]) والنص على تحريم ثمنه يدل باللزوم على تحريم بيعه، ولأنه لا ينتفع به، إلا لحاجة، ويحرم اقتناؤه، كما يحرم اقتناء خنزير إجماعًا، ولو لحفظ البيوت
إلا كلب صيد، أو ماشية، أو حرث، فيباح للخبر، وكره أحمد بيع قرد، وشراءه وحرم اقتناؤه للعب.
([14]) أي ولا يصح بيع آلة لهو، كمزمار، وطنبور، ونرد وشطرنج ولا يصح بيع خمر للخبر، ولو لإتلافها، لأنه لا نفع فيها، قال أحمد ومالك وغيرهما: لا يجوز بيعها، ولا ضمان على متلفها.
([15]) الحشرات كفأر، وحيات، وعقارب، وخنافس، ونحوها.
([16]) لأنه نفع مقصود، فجاز بيعها لذلك.
([17]) وهو نفع مقصود أيضا، فجاز بيعها، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة وإنما اعتنى الشارع بتوضيح البياعات الفاسدة.
([18]) مفعول لفعل محذوف، أي: تجعل شباشا، أو مفعول لأجله، أي خيالا. تخاط عيناها، وتربط لينزل عليها الصيد، وكره فعل ذلك، لما فيه من تعذيبه، ويجوز بيع صيد لأجل صوته كبلبل.
([19]) ولو في دين أو غيره، لما فيه من ابتذاله، وترك تعظيمه.
([20]) ومقتضى كلام الإنصاف أنه المذهب.
([21]) واختاره الموفق وغيره.
([22]) أي المصاحف، وروي عن عمر: لا تبيعوا المصاحف، وكرهه ابن مسعود، وجابر، وغيرهما، وتخصيص المصحف يدل على الإباحة في كتب العلم، ولكن قال الشيخ: وكذا المعاوضة على المنافع الدينية، من العلم ونحوه، إذ لا فرق بين الأعيان الدينية، والمنافع.
([23]) وابتذاله ضد الصيانة المأمور بها، فتجب صيانته عن الابتذال، وكثرة إيجاده اليوم بالطبع والنشر بذل له، وتسهيل للراغب فيه.
([24]) ولو مع أحدهما دراهم زيادة،ولو كانت المبادلة بيعا، فإنما أجازها أحمد لأنها لا تدل على الرغبة عنه، ولا عن الاستبدال به بعوض دنيوي، بخلاف أخذ ثمنه، ويجوز وقفه، وهبته، والوصية به، لأنه لا اعتياض في ذلك عنه.
([25]) أي ولا يكره شراؤه من كافر، أو ممن هو مستخف به، لأن الاستنقاذ شراؤه ممن لا يكرمه فيعم.
([26]) أي في البيع بشرط الاستنقاذ لا مطلقًا، ويدخل المصحف في ملك الكافر ابتداء بالإرث، والرد عليه لنحو عيب، وبالقهر، وغير ذلك.
([27]) يعني إلى الاستنقاذ، وأما الحاجة إلى اقتنائه فالواقع أن الحاجة داعية إليه، فلو منع من بيعه، وشرائه لعز وجوده.
([28]) أي فلا يحرم، قال الحجاوي، وقد يفهم من كلام المنقح أنه يصح بيعه للمسلم مع التحريم، وليس بمراد، لكن الشراء استنقاذا جائز للمسلم فقط.
([29]) وعن أحمد: لا يكره، وقال الوزير: كرهه أحمد وحده، وأجازه الباقون من غير كراهة، واتفقوا على جواز شرائه اهـ والعمل عليه في سائر الأقطار، من غير نكير، قال في تصحيح الفروع: عليه العمل، ولا يسع الناس غيره، ولما ذكر الشيخ: والمنافع الدينية من العلم ونحوه، قال: ويتوجه في هذا وأمثاله أنه يجوز للحاجة، كالرواية المذكورة في التعليم، فينبغي أن يفرق في الأعيان بين المحتاج وغيره، كما فرق في المنافع.
([30]) بالإجماع ، ولو اضطر، ولو طاهرة كميتة آدمي.
([31]) وفيه «والخنزير» ولأبي داود «حرم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه» والصنم ما كان مصورا، وسماها تعالى رجسا، لأن وجوب تجنبها أوكد من وجوب تجنب النجس، وعبادتها أعظم من التلوث بالنجاسات.
([32]) أي يستثنى من الميتة ميتة السمك، والجراد، ونحوهما من حيوانات البحر التي تعيش إلا فيه، لحديث ((أحلت لنا ميتتان، ودمان، أما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان، فالطحال والكبد)) وسمي جرادًا لأنه يجرد بأكل نباتها.
([33]) وللإجماع على نجاسته، ويقال له السرقين، وهو الزبل، وتحريم بيعه مذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة، ويجوز بيع السرجين والنجس، وأهل الأمصار يتبايعونه من غير نكير، وحكي إجماعًا، واختار الشيخ جواز الانتفاع بالنجاسات.
([34]) والطاهر منه كروث الإبل، والبقر، والغنم، والحمام.
([35]) النجسة كدهن شحم الميتة، والمتنجسة كدهن زيت، وشيرج متنجس.
([36]) متفق عليه، وهو حجة في تحريم بيع النجس، وعلى تحريم بيع ما حرم على العباد، إلا ما خصه الدليل.
([37]) يعني النجس، كما في قصة لحوم الحمر، ودنان الخمر، فدل على أنه لا يجوز بيع النجس.
([38]) لأنه أمكن الانتفاع بها من غير ضرر، واختاره الشيخ وغيره، وهو مذهب الجمهور، لأنه يجري مجرى الإتلاف بلا ضرر.
([39]) يعني في يابس، على ما تقدم لعد تعدي نجاسته.
([40]) فلا يجوز الاستصباح بها فيه مطلقًا.
([41]) باستصباح ولا غيره، لحديث ((أرأيت شحوم الميتة، فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟)) فقال: ((لا هو حرام)) متفق عليه.
([42]) كسم الأفاعى، لخلوه من نفع مباح، وأما سم النبات، فإن أمكن النفع به، والتداوي بيسيره جاز، ويصح بيع ترياق خال من لحوم الحيات، ومن الخمر، لأنه مباح، كسائر المعاجين.


  #5  
قديم 10 جمادى الأولى 1431هـ/23-04-2010م, 12:29 AM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

وأن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة ( ١٣ ) كالبغل والحمار ودود القز وبزره
( والفيل وسباع البهائم التي تصلح للصيد ( ١٤ ) إلا الكلب ( ١٥ ) والحشرات ( ١٦)
. ( والمصحف ( ١٧ ) والميتة والسرجين النجس والأدهان النجسة لا المتنجسة (ويجوز الاستصباح ﺑﻬا في غير مسجد ( ١٩ )

١٣ ) خرج بذلك أربعة أشياء :

1- ما لا نفع فيه كالحشرات .
٢ - ما فيه منفعة محرمة كالخمر .
٣ - ما فيه منفعة تباح للحاجة كالكلب .
٤ - ما فيه منفعة تباح للضرورة كالميتة فهذه الأشياء لا يصح بيعها .
١٤ ) لأن هذه الأشياء يباح نفعها واقتناؤها مع الحاجة وعدمها . )
ودود القز : الحشرات التي يخرج منها القز ، وهو الإبريسم الذي هو أفخر أنواع
الحرير ، وبزره بفتح الباء وكسرها ولد الدود قبل أن يدب .
15)
فلا يصح بيعه ؛ لقول ابن مسعود (رضي الله عنه):
( ﻧﻬى رسول الله عن ثمن الكلب) ( ٣) متفق عليه .
١٦ ) لأﻧﻬا لا نفع فيها فلا يصح بيعها . 17 ) فلا يصح بيعه على المذهب ، وعن أحمد جواز بيعه . قال في تصحيح الفروع : عليه العمل ولا يسع الناس غيره .
١٨ ) فلا يصح بيع هذه الأشياء . والسرجين : هو الزبل . ). ١) سورة النساء آية : ٦ )
. ٢) سورة النساء آية : ٦ )
. (٣٠٨/ ٣) البخاري البيوع ( ١٩٨٠ ) ، أبو داود البيوع ( ٣٤٨٣ ) ، أحمد ( ٤
١٩ ) أي : الإسراج للاستضاءة بالأدهان التي طرأت عليها نجاسة وهي طاهرة
الأصل في مكان غير مسجد لنجاسة دخاﻧﻬا




  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 03:13 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

تَكُونَ العَيْنُ مُبَاحَةَ النَّفْعِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَالبَغْلِ وَالحِمَارِ وَدُودِ القَزِّ وَبَزْرِهِ وَالفِيْلِ وَسِبَاع البَهَائِمِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ إِلاَّ الكَلْبَ وَالحَشَرَاتِ وَالمُصْحَفَ وَالمَيْتَةَ وَالسَّرْجِينَ النَّجسَ،..
قوله: «وأن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة» ، هذا هو الشرط الثالث أن تكون العين مباحة النفع من غير حاجة، أي: أن تكون العين التي وقع العقد عليها بالشراء مباحة النفع بغير حاجة، وهذه تقتضي ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون فيها نفع.
الثاني: أن يكون النفع مباحاً.
الثالث: أن تكون الإباحة بلا حاجة.
فخرج بقولنا: مباحة النفع، محرمة النفع، مثل آلات اللهو، فإنه لا يجوز بيعها؛ لأن منفعتها محرمة، وكذلك الخمر؛ لأن منفعته محرمة.
وخرج بقولنا: أن يكون فيها نفع، ما لا نفع فيه كالحشرات، فلا يصح بيعها، فلو أن شخصاً جمع صراصر في إناء، وقال لإنسان: أبيع عليك هذه الصراصر فلا يجوز بيعها؛ لأنها ليس فيها نفع، لكن لو جمع جراداً في إناء، وقال: أبيع عليك هذا الجراد فهنا يجوز البيع؛ لأن فيها نفعاً مباحاً؛ إذاً الحشرات لا يجوز بيعها؛ لأنها ليس فيها نفع.
وقولنا: من غير حاجة، احترازاً مما إذا كانت مباحة النفع لحاجة كالكلب، فالكلب يباح نفعه لكن لا مطلقاً بل لحاجة كالصيد، والحرث والماشية، فلا يصح بيع الكلب، حتى وإن كان كلب صيد، ولو كان معلماً مع أن فيه نفعاً مباحاً؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ثمن الكلب[(1)].
«أما الهر» فالواقع أن فيه نفعاً؛ لأنه يأكل الفأر، والحشرات، والأوزاغ والصراصر، وبعض الهررة يدور على الإنسان إذا نام، وتجد لصدره صوتاً وحركة، وإذا قرب من الإنسان النائم أي حشرة ضربها بيده، ثم إن اشتهاها أكلها أو تركها، فهذا نفع، ولهذا قال الفقهاء: إنه يجوز بيع الهر[(2)]، لكن قد ورد في صحيح مسلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيع الهر[(3)]، ولهذا اختلف العلماء في ذلك.
فمنهم من أجازه، وحمل الحديث الذي فيه النهي على هرٍّ لا فائدة منه؛ لأن أكثر الهررة معتدٍ، لكن إذا وجدنا هرًّا مربى ينتفع به فالقول بجواز بيعه ظاهر؛ لأن فيه نفعاً.
أما «بيع الميتة» فالميتة فيها نفع مباح، لكنه للضرورة، ولهذا حرم بيعها.
إذاً مباح من غير حاجة، وهل نقول: من غير ضرورة أو نكتفي بقولنا من غير حاجة؟
الجواب: الثاني؛ لأنه إذا كان لضرورة فهو من باب أولى فلا.
أما إذا كان في العين نفع، لكنه نفع مقيد ليس نفعاً مطلقاً مثل جلد الميتة إذا دبغ، فالمشهور من المذهب أنه لا ينتفع به في كل شيء، وإنما ينتفع به في اليابسات، وبناءً على هذا يقولون: لا يصح بيعه؛ لأن نفعه ليس مطلقاً، بل هو نفع مقيد، فيشترط ألا يكون النفع مقيداً، فإن كان مقيداً فإنه لا يصح بيعه؛ لأن المشتري لا يملك به عموم الانتفاع، لكن الراجح في جلد الميتة أنه إذا كان يطهر بالدباغ يصح بيعه.
قوله: «كالبغل والحمار» البغل، حيوان متولد بين الحمار والفرس، وهو أن ينزو الحمار على الفرس فتلد ما يسمى بالبغل، وفيه من طبائع الحمير ومن طبائع الخيل، وحكمه أنه حرام؛ لأنه متولد من حلال وحرام على وجه لا يتميز فغُلبَ جانب التحريم.
فإذا قال قائل: كيف نغلب جانب التحريم؟ ولماذا لا نغلب جانب الحل؟
العلماء يقولون: إذا اجتمع موجب التحليل والتحريم على وجه لا تمييز بينهما غلب جانب التحريم؛ لأن اجتناب الحرام واجب، ولا يمكن اجتنابه إلا باجتناب الحلال، واجتناب الحلال حلال، فأنا إذا اجتنبت الحلال لا حرج عليَّ، لكن لو فعلت الحرام فعلي الإثم؛ لهذا غلب جانب التحريم.
وقيل: إن البغل حرام لكن يجوز بيعه؛ لأنه ما زال المسلمون يتبايعون البغال من عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا، وكذلك الحمار يجوز بيعه، والدليل الإجماع، فالمسلمون مجمعون على بيع الحمير من عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا.
فإن قال قائل: يشكل على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه)) [(4)] والبغل حرام والحمار حرام؟
فنقول: حرم ثمنه، أي ثمن ذلك المحرم، ولهذا لو اشترى شخص بغلاً ليأكله فهو حرام عليه، فلا يجوز أن يأخذ على شيء محرم عوضاً، وهو يشتريه لا لأكله، ولكن لركوبه، وركوبه والانتفاع به حلال، فلا يعارض الحديث.
قوله: «ودود القز» القز نوع من أفخر أنواع الحرير، وله دود هذه الدودة ـ بإذن الله ـ يظهر منها هذا القز، وهي بنفسها تطوي على نفسها هذا القز حتى إذا غمها، ماتت ويبست، فأُخِذَ هذا القز، لكنه بكميات كبيرة وهائلة.
فدود القز يجوز بيعه مع أنه حشرة؛ لأنه ينتفع بها.
قوله : «وبزره» كذلك بزر هذا الدود الذي لم يصل إلى حد أن يتولد منه القز، يجوز بيعه؛ لأنه ينتفع به في المآل.
قوله: «والفيل، وسباع البهائم التي تصلح للصيد» الفيل معروف، يجوز بيعه؛ لأنه يُحمل عليه الأثقال ففيه منفعة، وكذلك سباع البهائم التي تصلح للصيد كالنمور، والفهود، والآساد، إن كانت تصلح، وكذلك الصقور وغيرها، كل سباع البهائم من طائر وماش إذا كان يصلح للصيد فإنه يجوز بيعه، لأنه يباع لمنفعة مباحة فجاز كالحمار.
قوله: «إلا الكلب» فإنه لا يجوز بيعه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن بيعه مع أن الكلب يصلح للصيد، أليس قد أباح النبي صلّى الله عليه وسلّم اقتناءه لثلاثة أمور: الحرث، والماشية، والصيد[(5)]؟ ومع ذلك لا يجوز بيعه، حتى لو باعه لهذا الغرض، أي للصيد فإنه لا يجوز.
فإن قال قائل: كيف مُنع بيع الكلب مع ما فيه من المنافع، ولم تمنع سباع البهائم التي تصلح للصيد؟
قلنا: التفريق بالنص، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ثمن الكلب[(6)]، ولا يصح أن تقاس سباع البهائم التي تصلح للصيد عليه، لدخولها في عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ؛ ولأنها أخف ضرراً من الكلب، إذ إن الكلب إذا ولغ في إناء يجب أن يغسل سبعاً إحداها بالتراب، وغيره من السباع لا يجب التسبيع فيه ولا التتريب، فظهر الفرق وامتنع القياس.
فإن قال قائل: أليس قد ورد فيما رواه النسائي[(7)]، وغيره، استثناء كلب الصيد؟
قلنا: بلى ولكن المحققين من أهل الحديث والفقه قالوا: إن هذا الاستثناء شاذ فلا يعول عليه، وأيضاً لو صح هذا الاستثناء لكان نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ثمن الكلب من باب اللغو؛ لأن كلباً لا يصاد به لا ينتفع به في الحرث، ولا الماشية، لا يمكن أن يباع، فلذلك تعين أن يكون النهي عن ثمن الكلب إنما هو في الكلب الذي ينتفع به ويباح اقتناؤه.
قوله: «والحشرات» الحشرات لا يصح بيعها، والعلة أنه ليس فيها نفع، فبذل المال فيها إضاعة له، وقد نهى صلّى الله عليه وسلّم عن إضاعة المال[(8)]، وعلم من هذا التعليل أنه لو كان فيها نفع جاز بيعها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، ومن النفع العلق لمص الدم، والديدان لصيد السمك.
قوله: «والمصحف» رحمة الله على المؤلف في سياق هذه الصيغة؛ لأن عطف المصحف على الحشرات أسلوب ليس بجيد، لكن ـ عفا الله عنه ـ لو أنه أفرده بجملة وحده لكان أولى، لكن أراد ـ رحمه الله ـ أن المصحف لا يصح بيعه، والدليل على هذا أثر ونظر.
أما الأثر: فأثر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: «وددت أن الأيدي تقطع ببيعه» [(9)]، فجعل آخذ ثمنه بمنزلة السارق تقطع يده.
وأما النظر فيقال: إن كان الإنسان مستغنياً عنه فبذله واجب، والواجب لا يجوز أخذ العوض عنه، وإن كان غير مستغن عنه فإن بيعه حرام عليه؛ لأنه محتاج له فلا يصح.
وتعليل نظري آخر هو أن في بيعه ابتذالاً له، كما تبتذل السلع، والمصحف يجب أن يحترم ويعظم.
وقال بعض العلماء: إنه يحرم بيعه ويصح، وفي هذا نظر؛ لأنه مخالف للقواعد[(10)]، إذ إن القاعدة أن كل عقد محرم فإنه لا يصح، فهذا القول فيه نظر، فإما أن نقول: يحرم ولا يصح، وإما أن نقول بما عليه جمهور العلماء وعمل المسلمين من أزمنة متطاولة: إنه يجوز، ويصح بيع المصحف.
والصحيح: أنه يجوز بيع المصحف ويصح للأصل، وهو الحل، وما زال عمل المسلمين عليه إلى اليوم، ولو أننا حرمنا بيعه لكان في ذلك منع للانتفاع به؛ لأن أكثر الناس يشح أن يبذله لغيره، وإذا كان عنده شيء من الورع وبذله، فإنه يبذله على إغماض، ولو قلنا لكل أحد إذا كنت مستغنياً عن المصحف، يجب أن تبذله لغيرك لشق على كثير من الناس.
وأما ما ورد عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فلعله كان في وقت يحتاج الناس فيه إلى المصاحف، وأن المصاحف قليلة فيحتاجون إليها، فلو أبيح البيع في ذلك الوقت لكان الناس يطلبون أثماناً كثيرة لقلته؛ فلهذا رأى ـ رضي الله عنه ـ ألا يباع.
قوله: «والميتة» هذا عطف على قوله: «إلا الكلب» ، يريد ـ رحمه الله ـ أن يبين ما يحرم بيعه من الأعيان: فذكر الكلب، والحشرات، والمصحف، والميتة.
والحشرات استثنينا منها ما يمكن الانتفاع به، ومثَّلنا لذلك بالعَلَق لمص الدم، والديدان لصيد السمك.
الميتة لا يصح بيعها؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الله حرم بيع الميتة)) ، وأضاف التحريم إلى الله تأكيداً له؛ لأن إضافة الشيء إلى ملك الملوك معناه قطع النزاع فيه، وأنه لا يمكن لأحد أن ينازع، فالله ـ عزّ وجل ـ حرم بيع الميتة.
وأورد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وهم الحريصون على العلم، إيراداً «فقالوا: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟».
السفن من خشب وتطلى بالشحوم؛ ليكون بها الدهن الذي يزل عنه الماء ولا يدخل في الخشب، لأنه لو دخل في الخشب لأثقلها.
«وتدهن بها الجلود» ـ وهذا ظاهر ـ لتلين؛ لأن الجلد إذا دهن لان.
«ويستصبح بها الناس»، أي: يجعلونها مصابيح، فقد كان الناس في الأول يجعلون الدهن بمنزلة (الوقود) يضعونه في إناء، ويضعون فيه فتيلاً ويوقدون رأس الفتيل للاستضاءة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((لا، هو حرام)) [(11)].
فاختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في قوله: ((لا، هو حرام)) فقيل: إنه البيع؛ لأنه موضوع الحديث، وهو المتحدثُ عنه: ((إن الله حرم بيع الميتة)) ، والصحابة إنما أوردوا الانتفاع بها ليسوِّغوا جواز بيعها، ويبينوا أن هذه المنافع لا تذهب هدراً فينبغي أن تباع، فقال صلّى الله عليه وسلّم: ((لا، هو ـ أي البيع ـ حرام)) .
وهذا القول هو الصحيح أن الضمير في قوله: «هو حرام» يعود على البيع حتى مع هذه الانتفاعات التي عدها الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ؛ وذلك لأن المقام عن الحديث في البيع.
وقيل: «هو حرام» ، يعني الانتفاع بها في هذه الوجوه، فلا يجوز أن تطلى بها السفن، ولا أن تدهن بها الجلود، ولا أن يستصبح بها الناس، ولكن هذا القول ضعيف.
والصحيح أنه يجوز أن تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس.
مسألة: هل يستثنى من الميتات شيء؟
الجواب: يستثنى من الميتة الميتات الطاهرة التي تؤكل، فإن بيعها حلال؛ لأنها حلال، والله تعالى لا يحرم بيع شيء أحله لعباده، مثل السمك، فلو جاء إنسان بسمك ميت فإنه يحل بيعه، وكذلك الجراد يحل بيعه ولو ميتاً، فلو وجد الإنسان جراداً ميتاً على ظهر الأرض فحازه ثم باعه فلا بأس؛ لأن ميتته تؤكل.
مسألة: ما حكم بيع الثعلب المحنط؟
لا يجوز؛ لأنه ميتة وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الخمر والميتة[(12)]، وعلى هذا فالذي يوجد الآن في الأسواق يحرم شراؤه وبيعه.
فلو كان المحنط أرنباً فإن حُنِّطَ بدون تذكية بأن ضرب بإبرة أماتته وبقي هكذا فهو حرام لأنه ميتة، وإن ذُكِيَ ذكاة شرعية ولكنه لم يسلخ جلده وبقي، فينظر هل به فائدة أم لا؟ فإن كان فيه فائدة جاز شراؤه وبيعه وإلا فلا.
قوله: «والسرجين النجس» يعني ولا يصح بيع السرجين النجس.
والسرجين هو ما يعرف بالسماد الذي تسمد به الأشجار والزروع، وهذا السماد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: سماد نجس، وسماد طاهر، وسماد متنجس.
فالسماد النجس لا يصح بيعه، كروث الحمير، وعذرة الإنسان، وما أشبه ذلك؛ والعلة في ذلك أن هذا النوع من السماد لا يصح أن يُسمد به، يعني لو أن الإنسان سمد بنجس كان حراماً.
لكن أكثر أهل العلم يجيزون السماد بالنجس وأن تسمد الأشجار والزروع بروث الحمير وعذرات الإنسان، فهل نقول على هذا القول: إنه يجوز بيعها؛ لأنه ينتفع بها؟
الظاهر لا يجوز، وإن كان ينتفع بها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما قال: ((إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، قالوا: أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ يعني يتخذون منها المصابيح، قال: لا، هو حرام)) [(13)] يعني البيع، مع أن فيه انتفاعاً، لكن منع النبي صلّى الله عليه وسلّم من بيعه؛ لأنه نجس، فعلى هذا نقول: السرجين النجس لا يصح بيعه، حتى لو قلنا بجواز السماد به.
الثاني من أقسام السماد: المتنجس يجوز بيعه؛ لأنه يمكن تطهيره.
ومثل المتنجس تراب بال عليه حيوان من الحيوانات التي بولها نجس، هذا التراب أصله طاهر، ووردت عليه النجاسة فيكون متنجساً، فهل يجوز بيع هذا التراب المتنجس قبل أن نطهره؟
الجواب: نعم يجوز، لأنه يمكن إزالة نجاسته، كما لو باع الإنسان ثوباً متنجساً، أليس إذا كان عنده ثوب متنجس وباعه على أحد من الناس فالبيع جائز، لكن يجب أن يخبر المشتري أنه متنجس؛ لئلا يغتر به.
الثالث: الطاهر، وبيعه حلال من باب أولى.

وَالأدهَانَ النَّجِسَةَ وَلاَ المُتَنِجِّسَة ...
قوله: «والأدهان النجسة» كالأدهان التي تكون من شحم الميتة؛ لأن الميتة نجسة والأدهان الخارجة من شحمها نجسة، فالأدهان النجسة لا يجوز بيعها، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، قالوا: أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ قال: لا، هو حرام)) [(14)] أي: بيعها، مع أنهم ذكروا أن الناس ينتفعون بها، وهل يجوز الانتفاع بها؟ الجواب: نعم، يجوز الانتفاع بها على وجه لا تتعدى، كأن تدهن بها الجلود، وتطلى بها السفن، ويستصبح بها الناس.
قوله: «ولا المتنجسة» يعني ولا يصح بيع الأدهان المتنجسة، وهي الأدهان الطاهرة التي وردت عليها النجاسة كإنسان عنده جالون من الزيت وقع فيه نجاسة، فالمذهب لا يجوز بيع الأدهان المتنجسة؛ لأنه لا يمكن تطهيرها، وإذا لم يمكن تطهيرها صارت كالنجسة، والصحيح أن بيع الأدهان المتنجسة جائز؛ لأنه يمكن تطهيرها، فتكون كبيع الثوب المتنجس.
إذاً كلام المؤلف في أن الأدهان النجسة لا يجوز بيعها صحيح، ودليله حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ: «إن الله حرم بيع الخمر...»، والمتنجسة يقول المؤلف: إنه لا يجوز بيعها، والصحيح أن بيعها جائز؛ لأن منع بيعها بناءً على أنه لا يمكن تطهيرها، ولكن الصحيح أن تطهيرها ممكن، ولكن كيف يمكن تطهيرها وهي أدهان؟
الجواب: يمكن هذا بإضافة مواد إليها تطهرها، أو بإضافة ماء إليها وغليها، المهم أنه متى أمكن تطهيرها فإنه يجوز بيعها.
قوله: «ويجوز الاستصباح بها في غير مسجد» «بها»، الضمير يعود على أقرب مذكور، وهو الأدهان المتنجسة.

وَيَجُوزُ الاسْتِصْبَاحُ بِهَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ ............
«يجوز الاستصباح بها» أي: اتخاذ المصابيح منها.
وكيف ذلك؟ كانوا فيما سبق ليس عندهم الكيروسين ولا الغاز ولا الكهرباء، فبماذا يوقدون؟ يوقدون بالأدهان، يأتون بالدهن ويضعونه في إناء صغير ويضعون فيه فتيلة ويوقدون فيه النار، وما دام الدهن باقياً فإنها تشتعل، فيقول المؤلف: «يجوز الاستصباح بها في غير مسجد».
وقوله: «يجوز الاستصباح بها» هذه الجملة جملة استطرادية؛ لأن الكلام هنا ليس في جواز الاستعمال وعدمه، ولكنه في جواز البيع وعدمه، ولكنه ذكرها ـ رحمه الله ـ استطراداً، والاستطراد في مسائل العلم إذا دعت الحاجة إليه أو اقتضته المصلحة من هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومثاله من السنة: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الوضوء بماء البحر؟ فقال: ((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)) [(15)]، فقوله: ((الحل ميتته)) لم يرد عنها سؤال؛ لكن لاقتضاء المصلحة ذلك ذكرها.
إذاً الاستصباح بالمتنجسة جائز، لكن اشترط المؤلف ألا يكون ذلك في المسجد، فإن كان في المسجد فإنه لا يجوز الاستصباح بها.
مثال ذلك: رجل عنده إناء من دهن وقعت فيه نجاسة، فصار نجساً، فيجوز أن يستصبح به في بيته، أما في المسجد فإنه لا يجوز؛ لأن هذا يؤدي إلى تنجيس المسجد بالدخان، وتنجيس المسجد حرام.
وهذا ينبني على أن النجاسة لا تطهر بالاستحالة، فأما على القول بأن النجاسة تطهر بالاستحالة فإنه يجوز، وللعلماء في ذلك قولان سبقا في باب النجاسات، والاستحالة تحول العين من عين إلى أخرى، مثال ذلك: كلب وقع في مملحة فصار ملحاً، وهذا ممكن، فالحديد إذا وقع في المملحة صار ملحاً، وهل هو باق على نجاسته أو لا؟
الجواب على الخلاف: إن قلنا: بأن الاستحالة لا تطهر النجس فإن هذه الكتلة من الملح نجسة، وإن قلنا: بأن النجاسة تطهر بالاستحالة؛ لأنها انتقلت من عين إلى أخرى، قلنا: إن هذه الكتلة من الملح طاهرة.
فدخان النجاسة مستحيل من عين إلى دخان، فإذا قلنا بطهارة النجس إذا استحال، قلنا: يجوز الاستصباح بالأدهان النجسة والمتنجسة في المسجد وغير المسجد.
وفهم من قول المؤلف: «يجوز الاستصباح بها» أي بالمتنجسة: أنه لا يجوز الاستصباح بالنجسة كدهن الميتة، مطلقاً لا في المسجد ولا غيره، وهذا محل خلاف بين العلماء مبني على قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((هو حرام)) ، هل يعود الضمير على الانتفاع الذي ذكره الصحابة، أو يعود على البيع الذي تحدث عنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟
الثاني على رأي، والأول على رأي آخر، والله أعلم.
يستثنى من جنس الميتات: كل ميتة يحل أكلها.
ويستثنى من أجزاء الميتة:
أولاً: ما هو في حكم المنفصل، مثل: الشعر، والوبر، والصوف، والريش، وما أشبه ذلك، فهذا يجوز بيعه، لأنه طاهر، فلو ماتت شاة لإنسان وفيها صوف، وجزه وباعه فلا حرج.
ثانياً: يستثنى من ذلك على القول الراجح الجلد؛ لأن الجلد يمكن تطهيره، فهو كالثوب المتنجس.
وقيل: لا يستثنى، لأنه جزء من أجزاء الميتة فهو نجس، ثم لا نعلم هذا الذي اشتراه أيدبغه فيطهر أم لا؟ وهذا القول أحوط، والأول أقعد، أنه ما دام يمكن أن يُطهر وينتفع به فإنه يجوز بيعه، والمذهب أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ، وأنه لا يجوز بيعه ـ أيضاً ـ ولو دبغ؛ لأنه لا يستعمل إلا في اليابسات.



[1] أخرجه البخاري في البيوع/ باب ثمن الكلب (2237) ومسلم في البيوع/ باب تحريم ثمن الكلب (1567) عن أبي مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ.
[2] وهو المذهب.
[3] أخرجه مسلم في المساقاة/ باب تحريم ثمن الكلب (1569) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ.
ولفظه: عن أبي الزبير قال: «سألت جابراً عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: زجر النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك».
[4] أخرجه الإمام أحمد (1/247، 293، 332)؛ وأبو داود في البيوع/ باب في ثمن الخمر والميتة (3488)؛ وابن حبان (4938) إحسان، والطبراني (12887)؛ والبيهقي (6/13) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ. وصححه ابن حبان، وقال ابن القيم في «الهدي» (5/746): «إسناده صحيح».
[5] لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من اقتنى كلباً إلا كلباً ضارياً لصيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان»، أخرجه البخاري في الذبائح والصيد/ باب من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد أو ماشية (4581)؛ ومسلم في المساقاة/ باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه (1574).
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: «من أمسك كلباً فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو ماشية»، أخرجه البخاري في الحرث والمزارعة/ باب اقتناء الكلب للحرث (2322)؛ ومسلم (1575) (59).
ولمسلم: «من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض، فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم» (1575) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[6] سبق تخريجه ص(113).
[7] في البيوع/ باب ما استثني من بيع الكلاب (7/190، 309) والإمام أحمد (3/17) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ، قال النسائي: «منكر»، وانظر: «بيان الوهم والإيهام» (1288).
[8] أخرجه البخاري في الاعتصام/ باب ما يكره من كثرة السؤال (7292)؛ ومسلم في الأقضية/ باب النهي عن كثرة المسائل (1715) عن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ.
[9] رواه ابن أبي شيبة (6/61)؛ والبيهقي (6/16).
[10] وهذا هو المذهب.
[11] أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (2236)؛ ومسلم في المساقاة/ باب تحريم بيع الخمر والميتة (1581) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ.
[12] سبق تخريجه ص(120).
[13] سبق تخريجه ص(120).
[14] سبق تخريجه ص(120).
[15] أخرجه الإمام أحمد (2/237، 338، 361)؛ وأبو داود في الطهارة/ باب الوضوء بماء البحر (83)؛ والترمذي في الطهارة/ باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور (69)؛ والنسائي في المياه/ باب الوضوء بماء البحر (1/176)؛ وابن ماجه في الطهارة/ باب الوضوء بماء البحر (386)؛ ومالك (1/22)؛ والشافعي في «المسند» (42) ترتيب؛ والدارمي (1/201)؛ وابن خزيمة (111)؛ والحاكم (1/141)؛ والبيهقي (1/3) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
وصححه: البخاري، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي.
انظر: «التلخيص» (1)؛ و«نصب الراية» (1/95).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir