دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 10:06 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الثالث والرابع: تغطية الرأس ولبس المخيط

ومَن غَطَّى رأسَه بِمُلاصِقٍ فَدَى، وإن لَبِسَ ذَكَرٌ مَخيطًا فَدَى.


  #2  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 12:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

....................

  #3  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

الثَّالثُ: تَغْطِيَةُ رَأْسِ الذَّكَرِ إجماعاً، وأشارَ إليه بقَوْلِه: (ومَن غَطَّى رأسَه بمُلاصقٍ فَدَى) سواءٌ كانَ مُعْتَاداً كعِمَامةٍ وبُرْنُسٍ أم لا، كقِرْطَاسٍ وطينٍ ونَوْرَةٍ وحِنَّاءٍ، أو عَصَبَهُ بسَيْرٍ، أو استَظَلَّ في مَحْمَلٍ راكباً أو لا، ولو لم يُلاصِقْه، ويَحْرُم ذلك بلا عُذْرٍ لا إن حُمِلَ عليه، أو استَظَلَّ بخَيْمَةٍ أو شجَرَةٍ أو بيتٍ.
الرابعُ: لُبْسُه المَخِيطَ وإليه الإشارَةُ بقولِه: (وإِن لَبِسَ ذَكَرٌ مَخِيطاً فَدَى) ولا يُعْقَدُ عليه رِدَاءٌ ولا غيرُه إلا إزَارَه ومِنْطَقَتَه وهِمْيَاناً فيهِما نَفَقَةٌ معَ حاجةٍ لعَقْدٍ. وإن لم يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ أو لم يَجِدْ إِزَاراً لَبِسَ سَرَاوِيلَ إلى أن يَجِدَ ولا فِدْيَةَ.


  #4  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

الثالث: تغطية رأس الذكر إجماعا ([1]) وأشار إليه بقوله (ومن غطى رأسه بملاصق فدى) ([2]) سواء كان معتادا كعمامة، وبرنس([3]) أم لا كقرطاس، وطين، ونورة، وحناء ([4]) أو عصبه بسير([5]أو استظل في محمل، راكبا أو لا([6]) ولو لم يلاصقه([7]) ويحرم ذلك بلا عذر([8]لا إن حمل عليه([9]) أو استظل بخيمة أو شجرة أو بيت([10]).
الرابع: لبس المخيط([11]وإليه الإشارة بقوله: (وإن لبس ذكر مخيطا فدى) ([12]). ولا يعقد عليه رداء ولا غيره([13]) إلا إزاره([14]) ومنطقة وهميانا فيهما نفقة، مع حاجة لعقد([15]).
وإن لم يجد نعلين لبس خفين([16]) أو لم يجد إزارًا لبس سراويل، إلى أن يجد ولا فدية([17]).



([1]) حكاه الوزير وجمع، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن لبس العمائم والبرانس وقوله في المحرم الذي وقصته راحلته: لا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا متفق عليهما، ولنقل الخلف عن السلف، وقال ابن القيم وغيره، كل متصل ملامس يراد لستر الرأس، كالعمامة والقبع والطاقية والخوذة وغيرها، ممنوع بالاتفاق، وكان ابن عمر يقول: إحرام الرجل في رأسه، والأذنان منه للأخبار وتقدم، فما كان منه، حرم على ذكر تغطيته.
([2]) عند جمهور أهل العلم، لارتكابه النهي.
([3]) بالضم قلنسوة طويلة، أو كل ثوب رأسه منه، دراعة كان أو جبة أو ممطرا.
([4]) يعني أو ملاصق غير معتاد، كقرطاس فيه دواء أو غيره، أولا دواء فيه فعليه الفدية بلا نزاع، والقرطاس بكسر القاف وضمها، وهو الذي يكتب فيه، وفي المطالع، تسمى الصحيفة قرطاسا، من أي نوع كان والطين معروف وسواء طلاه به، أو بحناء، أو غيره لعذر أو غيره، والحناء بالتشديد والمد هو هذا المعروف، ويقال له الرقون، والرقان، والرنا، فعليه فدية وفاقا.
([5]) من جلود، أو غيرها، لصداع، أو رمد، أو نحوهما، أولا، لأنه فعل محرما في الإحرام، يقصد به الترفه، أشبه حلق الرأس، ويفدي وفاقا، ويجوز تلبيد رأسه بعسل، وصمغ، ونحوهما، لئلا يدخله غبار أو دبيب أو يصيبه شعث، ولا شيء عليه، لما في الصحيحين عن ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا، واتفقوا على أنه يجوز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب، ولا فدية في ذلك.
([6]) وكذا هودك، وعمارية، ومحارة وفاقا للشافعي، وأبي حنيفة، وكذا لو استظل بثوب ونحوه، راكبا أو نازلا حرم وفدى، والمحمل بكسر الميم قاله ابن مالك وغيره، وهو مركب يركب عليه على البعير، وقال الجوهري: كمجلس شقتان على البعير، يحمل فيهما العديلان، ويقال: لمحمل الهودج: وفي معنى المحمل الشقدف المعروف بالحجاز، والهودج مركب للنساء، معروف عند العرب، والمحفة كالهودج، إلا أنها ليس لها قبة كقبة الهودج والعمارية نحوها، ويقال: رقعة مزينة تخاط في المظلة والمحارة يؤتى بها من جهة الشام، تقطر بين بعيرين، يركب فيها واحد أو اثنان.
([7]) أي ما تقدم من التغطية، ويفدي وهو مذهب مالك، لأنه قصد ما يقصد به الترفه، أو لأنه ستره بما يستدام ويلازمه غالبا، أشبه ما لو ستره بشيء يلاقيه، ولما روي عن ابن عمر من طرق: النهي عنه، واحتج به أحمد.
([8]) ورأى ابن عمر رجلا ظلل عليه، فقال: أيها المحرم أضح لمن أحرمت له، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل التي لها رأس، وقال الشيخ: وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأس، في حال السير، فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن يضحي لمن أحرم له، كما كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحرمون، وذكر أثر ابن عمر لما رأى على رجل عودا يستره من الشمس، فنهاه واحتج به، وعنه: يكره الاستظلال بالمحمل، ولا يحرم، اختاره الموفق والشارح وصححه المجد، وعنه: يجوز وفاقا لأبي حنيفة والشافعي، ولأن أسامة رفع ثوبه يستر به النبي صلى الله عليه وسلم من الحر، حتى رمى جمرة العقبة رواه مسلم.
([9]) أي على رأسه شيئا، كطبق ونحوه، لا لقصد التغطية، وكذا لو وضع يده عليه، لأنه لا يستدام، وما فيه فدية فلا أثر للقصد فيه ولا عدمه.
([10]) أو جدار، أو نصب حياله ثوبا، لحر أو برد، أمسكه إنسان، أو رفعه على عود لخبر جابر، فأتى عرفة، فوجد الخيمة قد ضربت له، فنزل بها واستمر عمل الناس عليه، ولخبر أسامة المتقدم، ولو قصد به الستر فلا شيء عليه، قال الشيخ وابن القيم وغيرهما باتفاق أهل العلم، ولأنه لا يقصد به الترفه في البدن عادة، وحكي عن مالك المنع من وضع ثوبه على الشجرة يستظل به، وخالفه الجمهور، وكذا لو غطى الرجل وجهه، وهو مذهب الشافعي، فقد روي عن عثمان، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم واتفق البخاري ومسلم وغيرهما على رواية «لا تخمروا رأسه»، واختلف في تخمير الوجه، وقالوا: رواية النهي عنه غير محفوظة،وعدم تخميره أولى خروجا من الخلاف.
([11]) في بدنه ، أو بعضه، بما عمل على قدره، إجماعا، قل، أو كثر، من قميص، وعمامة، وسراويل، وبرنس، ونحوها، ولو درعا منسوجا، أو لبدا معقودا، ونحوه مما يعمل على شيء من البدن.
وفي الإنصاف: ما عمل على قدر العضو إجماعا، وكالخفين، والقفازين ولو غير معتاد، كجورب في كف، وخف في رأس، وكران، لما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم سئل : ما يلبس المحرم؟ قال: ((لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس، ولا السروايل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفين))، الحديث قال الترمذي وغيره، والعمل عليه عند أهل العلم.
فيلحق بالقميص الجبة والدراعة ونحوها، وبالعمامة كل ملاصق، أو ساتر معتاد، وبالسراويل التبان، وما في معناها، سواء كان مخيطا، أو درعا منسوجا، أو لبدا معقودا، ولا فرق بين قليل اللبس وكثيره، لظاهر الآية والخبر، ولأنه استمتاع، فاعتبر فيه مجرد الفعل، كالوطء في الفرج، وهو مذهب الشافعي.
وقال شيخ الإسلام وغيره: النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرم أن يلبس القميص، والبرنس، والسراويل، والخف، والعمامة، ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس فهو ذريعة، في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فما كان في معنى القميص فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص، بكم ولا بغيركم وسواء أدخل يديه أو لم يدخلهما، وسواء كان سليما أو مخروقا، وكذلك لا يلبس الجبة، ولا القباء الذي يدخل يديه فيه، وكذلك الدرع الذي يسمى عرق جبن يعني الفنيلة، وأمثال ذلك باتفاق الأئمة.
وأما إذا طرح القباء على كتفيه، من غير إدخال يديه، ففيه نزاع، وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط، والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل، وكالتبان ونحوه.
([12]) عالم بالتحريم، ذاكر لإحرامه، مستديم لبسه فوق المعتاد في خلعه، وأجمعوا على اختصاص النهي بالرجل دون المرأة، واتفقوا على جواز ستر بدنه بغير المخيط.
([13]) كمنطقة وهميان، لقول ابن عمر: ولا يعقد عليه شيئا، رواه النسائي، ويباح الهميان، قال ابن عبد البر: أجازه فقهاء الأمصار، متقدموهم ومتأخروهم وليس له أن يجعل لذلك زرًّا وعروة، ولا يخله بشوك، أو إبرة، أو خيط، ولا يغرز أطرافه في إزاره، وقال الشيخ: والرداء لا يحتاج إلى عقده، فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع، والأشبه جوازه حينئذ وهل المنع من عقده منع كراهة، أو تحريم؟ فيه نزاع، وليس على تحريم ذلك دليل، إلا ما نقل عن ابن عمر، واختلف متبعوه فيه.
([14]) أي فله عقده لحاجة ستر عورته فأبيح، كاللباس للمرأة، قال في الإنصاف، إذا لم يثبت إلا بالعقد فله بلا نزاع.
([15]) أي وإلا منطقة وهميانا جعل فيهما نفقة، فله عقدهما إذا لم تثبت المنطقة والهميان إلا بالعقد، لقول عائشة: أوثق عليك نفقتك، وروي عن ابن عباس وابن عمر معناه، ورفعه بعضهم، ولأن الحاجة تدعو إلى عقدهما، فجاز كعقد الإزار فإن ثبت بغير عقد أو بأن أدخل السيور بعضها في بعض لم يعقده لعدم الحاجة ، وجوز الشيخ عقده مطلقا، لأنه ليس بلبس مخيط، ولا في معناه، وكذا السيف والسلاح، فلا يكره والمنطقة بكسر الميم، وفتح الطاء، كل ما شددت به وسطك والهميان بكسر الهاء، معرب يشبه تكة السراويل، وتوضع فيه الدراهم والدنانير ويشد على الحقو ويجوز شد وسطه بمنديل وحبل ونحوهما، إذا لم يعقده، قال أحمد في محرم حزم عمامته على وسطه: لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض وقاله الشيخ وغيره: قال طاوس فعله ابن عمر، وقيل: لا بأس احتياطا للنفقة، ويتقلد بسيف لحاجة وفاقا، لقصة الحديبية.
([16]) ونحوهما من ران وسرموزة، وزربول، إلى أن يجد ولا فدية، سواء احتاج إلى لبس أولا، بأن يمكنه المشي حافيًا، أو لا يحتاج إلى شيء، لأن الرخصة في ذلك لمظنة المشقة، فلا تعتبر حقيقتها كالمشقة في السفر، وفي المنتهى، ويحرم قطعهما ونص عليه أحمد، وقال: هو إفساد، واحتج الموفق وغيره، بالنهي عن إضاعة المال، وهذا هو المختار، عملاً بإطلاق حديثي ابن عباس وجابر، فإنه لم يأمر فيهما بقطع، بل ثبت عن ابن عباس أنه قال: لم يقل: ليقطعهما ولو كان القطع واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الجمع العظيم.
قال الشيخ: فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالقطع أولا، ثم رخص في ذلك في عرفات، في لبس الخفين، لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص في المقطوع أولا، لأنه يصير بالقطع كالنعلين، وهذا أحسن من ادعاء النسخ، قال: ولهذا كان الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين، مثل الخف المكعب، والجمجم، والمداس ونحو ذلك، سواء كان واجدًا للنعلين أو فاقدا لهما، وإذا لم يجد نعلين، ولا ما يقوم مقامهما مثل الجمجم والمداس ونحو ذلك، فله أن يلبس الخف ولا يقطعه هذا أصح قولي العلماء.
([17]) فإذا وجد إزارا نزع السراويل ولبسه، لخبر ابن عباس: سمعته يخطب بعرفات يقول: «السراويل لمن لم يجد الإزار» متفق عليه، قال الشيخ: وإن لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه، هذا أصح قولي العلماء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزارا، كما رواه ابن عباس، وكذا يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء، فله أن يلتحف بالقباء والجبة، والقميص، ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضا ويـلبسه مقلوبا، يجعل أسفله أعلاه، ويتغطى باللحاف وغيره، ولكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة اهـ.
وإن اتزر بقميص فلا بأس، ولا يجوز لبسه ولو عدم الإزار اتفاقا، لأنه يمكن أن يتزر به وسروايل أعجمي مفرد معرب ممنوع من الصرف وجها واحدا لشبهه بمفاعيل.


  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 01:16 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلاصِقٍ فَدَى............
قوله: «ومن غطى رأسه بملاصق فدى» ، هذا هو المحظور الثالث.
«من» اسم شرط جازم و «وغطى» فعل الشرط، و «فدى» جواب الشرط.
والمراد بـ «من» هنا ـ وإن كانت شرطية عامة ـ فالمراد الخصوص وهو المحرم لأن السياق فيه.
وقوله: «بملاصق» مثل: الطاقية، والغترة، والعمامة، وما أشبه ذلك.
ودليل هذا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في الذي وقصته راحلته في عرفة: ((لا تخمروا رأسه)) [(1)]، أي لا تغطوه، وهذا عام في كل غطاء.
وأما العمامة فجاء نص خاص، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم حين سئل ما يلبس المحرم قال: ((لا يلبس القميص، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف)) [(2)]، وهذا ذكر بعض أفراد العام في قوله: ((ولا تخمروا رأسه)) .
وقوله: «بملاصق» خرج به ما ليس بملاصق؛ لأن ما ليس بملاصق لا يعد تغطية، مثل الشمسية فيمسكها الإنسان، وهو محرم ليستظل بها عن الشمس أو يتقي بها المطر، فإن هذا لا بأس به، ولا فدية فيه.
وهذا الذي ذهب إليه المؤلف هو الصحيح أن غير الملاصق جائز، وليس فيه فدية.
والمذهب عند المتأخرين أنه إذا استظل بشمسية، أو استظل بمحمل، حرم عليه ذلك ولزمته الفدية، وعلى هذا القول لا يجوز للمحرم أن يستظل بالشمسية إلا للضرورة وإذا فعل فدى، ولا يجوز للمحرم أن يركب السيارة المغطاة؛ لأنه يستظل بها، فإن اضطر إلى ذلك فدى؛ لكن هذا القول مهجور من زمان بعيد، لا يأخذ به اليوم إلا الرافضة، فهم الذين يمشون عليه، وأظنهم أيضاً إنما مشوا عليه أخيراً، وإلا من قبل ما كنا نعرف هذا الشيء منهم، على كل حال هذا هو المذهب، فصار المؤلف ـ رحمه الله ـ مشى في هذه المسألة على الصحيح الذي هو خلاف المذهب.
وليعلم أن ستر الرأس أقسام:
الأول: جائز بالنص والإجماع، مثل أن يضع الإنسان على رأسه لبداً بأن يلبده بشيء كالحناء مثلاً، أو العسل أو الصمغ؛ لكي يهبط الشعر.
ودليله ما في الصحيح عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يهل ملبداً» [(3)]، أي: واضعاً شيئاً يلبد شعره.
الثاني: أن يغطيه بما لا يقصد به التغطية والستر كحمل العفش ونحوه، فهذا لا بأس به؛ لأنه لا يقصد به الستر، ولا يستر بمثله غالباً.
الثالث: أن يستره بما يلبس عادة على الرأس، مثل الطاقية، والشماغ والعمامة، فهذا حرام بالنص، وهو إجماع[(4)].
الرابع: أن يغطى بما لا يعدُّ لبساً لكنه ملاصق، ويقصد به التغطية، فلا يجوز، ودليله قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا تخمروا رأسه)) [(5)].
الخامس: أن يظلل رأسه بتابع له كالشمسية والسيارة، ومحمل البعير، وما أشبهه، فهذا محل خلاف بين العلماء، فمنهم من أجازه ـ وهو الصحيح ـ، ومنهم من منعه كما سبق.
السادس: أن يستظل بمنفصل عنه، غير تابع كالاستظلال بالخيمة، وثوب يضعه على شجرة، أو أغصان شجرة أو ما أشبه ذلك، فهذا جائز ولا بأس به، وقد ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ضربت له قبة بنمرة فبقي فيها حتى زالت الشمس في عرفة)) [(6)].
فإن قال قائل: التظليل بالشمسية ونحوها، أليس ستراً؟
فالجواب: ليس ستراً؛ لأن الذي يمشي إلى جنبك يرى كل رأسك، والنبي صلّى الله عليه وسلّم ((كان بلال وأسامة أحدهما يقود به البعير، والثاني واضع ثوبه على رأسه حتى رمى جمرة العقبة)) [(7)]، أي: يظلله به، وهذا كالشمسية تماماً.
مسألة: تغطية الرأس خاص بالرجال، أما حلق الرأس، وتقليم الأظافر فهو عام للرجال والنساء.
وظاهر كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ: أن تغطية الوجه ليست حراماً؛ ولا محظوراً، لأنه قال: «فمن غطى رأسه» ولم يتعرض للوجه، وإذا لم يتعرض له فالأصل الحل، وعلى هذا فتغطية المحرم وجهه لا بأس بها، وهذه محل خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: لا يجوز للمحرم الرجل أن يغطي وجهه، بناء على صحة اللفظة الواردة في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قصة الرجل الذي وقصته ناقته: ((ولا وجهه)) ، ففي الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لا تخمروا رأسه)) [(8)] فقط.
وروى مسلم أنه قال: ((ولا وجهه)) [(9)]، فاختلف العلماء في صحة هذه اللفظة فمن كانت عنده صحيحة، قال: لا يجوز أن يغطي المحرم وجهه، ومن ليست عنده صحيحة قال: يجوز.
وابن حزم ـ رحمه الله ـ قال: إنه يجوز في حال الحياة أن يغطي وجهه، ولا يجوز في حال الموت.

وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخِيْطاً فَدَى. ...............
قوله: «وإن لبس ذكر مخيطاً فدى» ، هذا هو المحظور الرابع، ويعبر عنه بلبس المخيط، وههنا شيئان:
الأول: ما معنى المخيط؟
الجواب: المخيط عند الفقهاء كل ما خيط على قياس عضو، أو على البدن كله، مثل: القميص، والسراويل، والجبة، والصدرية، وما أشبهها، وليس المراد بالمخيط ما فيه خياطة، بل إذا كان مما يلبس في الإحرام، فإنه يلبس ولو كان فيه خياطة.
الثاني: لا بد أن يلبس على عادة اللبس، فلو وضعه وضعاً فليس عليه شيء، أي: لو ارتدى بالقميص، فإن ذلك لا يضر؛ لأنه ليس لبساً له.
والدليل على هذا حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ: «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سئل ما يلبس المحرم» ؟ قال: «لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف» [(10)]، فذكر خمسة أشياء لا تلبس مع أنه سئل عن الذي يلبس، فأجاب بما لا يلبس، ومعنى هذا أنه يلبس المحرم ما سوى هذه الخمسة، وإنما عدل عن ذكر ما يلبس إلى ذكر ما لا يلبس؛ لأن ما لا يلبس أقل مما يلبس.
وقوله: «وإن لبس ذكر مخيطاً» عبّر بلبس المخيط، ولكن النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي أعطي جوامع الكلم لم يعبر بلبس المخيط مع أنه أعم مما عينه، وإنما ذكر أشياء معينة عينها بالعد، وكان ينبغي للمؤلف وغيره من المؤلفين، أن يذكروا ما ذكره النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما ذكرنا فيما سبق أن المحافظة على لفظ النص حتى في سياق الأحكام أولى.
ويذكر أن أول من عبَّر بلبس المخيط إبراهيم النخعي ـ رحمه الله ـ، وهو من فقهاء التابعين؛ لأنه في الفقه أعلم منه في الحديث، ولهذا يعتبر فقيهاً، فقال: «لا يلبس المخيط» ، ولما كانت هذه العبارة ليست واردة عن معصوم صار فيها إشكال:
أولاً: من حيث عمومها.
والثاني: من حيث مفهومها.
لأننا إذا أخذنا بعمومها حرمنا كل ما فيه خياطة؛ لأن المخيط اسم مفعول بمعنى مخيوط، ولأن هذه العبارة توهم أن ما جاز لبسه شرعاً في الإحرام إذا كان فيه خياطة فإنه يكون ممنوعاً، أي: لو أن الإنسان عليه رداء مرقع، أو رداء موصول وصلتين بعضهما ببعض، فهل هو مخيط أو لا؟.
الجواب: هو لغة مخيطٌ خِيْطَ بعضه ببعض، وهذا ليس بحرام، بل هو جائز.
فالتعبير النبوي أولى من هذا، لأن فيه عدًّا وليس حدًّا وليس فيه إيهام، فلنرجع إلى تفسير حديث الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ:
قال: «لا يلبس القميص» ، القميص: ما خيط على هيئة البدن، وله أكمام، كثيابنا التي علينا الآن، فهذه لا يلبسها المحرم؛ لأنه لو لبسها لم يكن هناك شعيرة ظاهرة للنسك، ولاختلف الناس فيها، فهذا يلبس كذا، وهذا يلبس كذا، بخلاف ما إذا اتحدوا في اللباس.
قال: «ولا السراويل» اسم مفرد وليس جمعاً، وجمعه سراويلات.
وقيل: إنه اسم جمع، ومفرده سروال، لكن اللغة الفصيحة أن سراويل مفرد.
قال ابن مالك في الألفية:
ولسراويلَ بهذا الجمع ـ يعني صيغة منتهى الجموع ـ
شبه اقتضى عموم المنع[(11)]
والسراويل: لباس مقطع على قدر معين من أعضاء الجسم هما الرِّجلان.
قال: «ولا البرانس» ، وهي ثياب واسعة لها غطاء يغطى به الرأس متصل بها.
قال: «ولا العمائم» ، وهي: لباس الرأس، فلا يلبس المحرم العمامة، ولم يقل لا يغطي رأسه؛ لأنه لم يسأل إلا عما يلبس، فذكر ما يلبس على الرأس وهي العمامة، وما يلبس على أسفل البدن وهو السراويل، وما يلبس على أعلى البدن وهو القميص.
قال: «ولا الخفاف» هي ما يلبس على الرجل من جلد، أو نحوه فلا يلبسها المحرم، إلا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استثنى: ((من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل)) [(12)] ، وبهذا نسد العذر على من يقول إذا ركب في الطائرة إن ثياب الإحرام موجودة في الشنطة في جوف الطائرة، نقول: هذا ليس بعذر، اجعل الثوب إزاراً والسراويل رداءً، وإن كان ممن يلبس الغترة اجعل الغترة رداءً، أو اجعل القميص رداءً، والبس السراويل؛ لإنك لا تجد إزاراً.
قال: «ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين» ، وهل هذا عند الحاجة أو مطلقاً ـ بمعنى لو كان الإنسان كما هو حالنا اليوم راكباً في السيارة تصل به إلى المسجد الحرام لا يحتاج إلى المشي، فهل نقول: إنه في هذه الحال له أن يلبس الخفين إذا لم يجد النعلين؟ أو نقول: إن الرسول ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أجاز لبس الخفين عند عدم النعلين؛ لأن الإنسان يحتاج إلى المشي، وما حول مكة فيه أودية وجبال لا تخلو من الأشواك غالباً، ومن الأحجار التي تدمي الأصابع، فلهذا رخص له أن يلبس الخفين؟
الجواب: الذي يظهر لي أنه لا يلبس الخفين إلا عند الحاجة، أما إذا لم يكن محتاجاً كما في وقتنا الحاضر، فلا يلبس.
مسألة: هل إذا جاز له لبس الخفاف يلزمه أن يقطعها حتى تكون أسفل من الكعبين؟
اختلف العلماء في هذا على قولين:
الأول: يلزمه أن يقطعها؛ لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال: ((فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين))[(13)].
الثاني: لا يجب القطع، لأنه ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ خطب الناس يوم عرفة وقال: ((من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل)) [(14)] ، ولم يأمر بالقطع.
وحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ متأخر؛ لأن حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كان في المدينة قبل أن يسافر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إلى الحج، وحديث ابن عباس كان في عرفة بعد.
أيضاً الذين حضروا كلام الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في عرفة أكثر من الذين حضروا في المدينة، ولو كان القطع واجباً لم يؤخر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ البيان عن وقت الحاجة، وعليه فلا يكون هذا من باب حمل المطلق على المقيد؛ لأن حمل المطلق على المقيد فيما لو تساوت الحالان، حال المطلق وحال المقيد، فحينئذٍ نحمل المطلق على المقيد، أما مع اختلاف الحال فلا يمكن أن يحمل المطلق على المقيد، وهذا هو الصحيح.
مسألة: هل يلحق ما كان في معنى هذه الخمسة التي حصرها الرسول صلّى الله عليه وسلّم بها؟
الجواب: نعم يلحق بها ما كان في معناها، فمثلاً: القميص يشبهه الكوت الذي يلبس على الصدر، فيلحق به، فلا يجوز أن يلبسه المحرم، وكذا القباء ثوب واسع له أكمام مفتوح الوجه؛ لأنه يشبه القميص، لكن لو طرح القباء على كتفيه دون أن يدخل كميه، فهل يعدُّ هذا لبساً؟ الصحيح أنه ليس بلبس؛ لأن الناس لا يلبسونه على هذه العادة.
«والبرانس» يلحق بها العباءة، فإن العباءة تشبه البرنس من بعض الوجوه، فلا يجوز للإنسان أن يلبس العباءة بعد إحرامه على الوجه المعروف، أما لو لفها على صدره كأنها رداء، فإن ذلك لا بأس به.
«والسراويل» يلحق بها التُّبان، والتبان عبارة عن سراويل قصيرة الأكمام، أي: لا تصل إلا إلى نصف الفخذ، لأنه في الواقع سراويل لكن كمه قصير، ولأنها تلبس عادة كما يلبس السراويل.
إذاً نلحق بهذه الخمسة ما يشبهها، وما عدا ذلك فإننا لا نلحقه.
مثاله: لو أن الرجل عقد الرداء على صدره فليس حراماً؛ لأن الرداء وإن عقد لا يخرج عن كونه رداء، ولو شبكه بمشبك فهل يُعد هذا لبساً؟
الجواب: لا يعد لبسا، بل هو رداء مشبك، لكن بعض الناس توسعوا في هذه المسألة، وصار الرجل يشبك رداءه من رقبته إلى عانته، فيبقى كأنه قميص ليس له أكمام، وهذا لا ينبغي.
أما إذا زرَّه بزر واحد من أجل ألا يسقط، ولا سيما عند الحاجة، كما لو كان هو الذي يباشر العمل لأصحابه، فهذا لا بأس به.
مسألة: لو لبس الإنسان ساعة في يده، فهل تلحق بالخمسة التي ذكرها الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟.
الجواب: لا تلحق، وأشبه ما تكون بالخاتم، والخاتم جائز لا إشكال فيه.
مسألة: لو لبس في عينيه نظارة جاز؛ لأنها لا تدخل في هذه الأشياء الخمسة لا لفظاً ولا معنى.
ولو وضع في أذنه سماعة جاز إذ ليست داخلة في هذه الخمسة لا لفظاً ولا معنى.
ولو وضع في فمه تركيبة أسنان جاز.
ولو لبس حذاءً مخروزاً فيه خيوط جاز؛ لأنه ليس خفاً بل هو نعل مخروز، وهو بخرازته لم يخرج عن كونه نعلاً، وهذا يؤيد ما قلنا، وهو أن المحافظة على اللفظ النبوي أولى من أن نقول: المُحَرَّم لبس المخيط؛ لأن كثيراً من العامة يسألون عن النعال المخروزة، يقولون فيها خيوط.
ولو تقلد الإنسان بسيف أو سلاح جاز؛ لأنه لا يدخل فيما نص عليه الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا لفظاً ولا معنى.
ولو ربط بطنه بحزام جاز، ولو علق على كتفه قربة ماء جاز أو وعاء نفقة جاز.
المهم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم عد ما يحرم عدًّا، فما كان بمعناه ألحقناه به، وما لم يكن بمعناه لم نُلحقه به، وما شككنا فيه فالأصل الحل، ومما نشك فيه الإزار المخيط، فبعض الناس يلبس إزاراً مخيطاً، أي: لا ينفتح، ثم يلفه على بدنه ويشده بحبل، فهل نقول: إن هذا جائز، أو أنه يشبه القميص أو السراويل؟.
نقول: إنه جائز؛ لأنه لا يشبه القميص ولا السراويل، فالسراويل لكل قدمٍ كمٌّ، والقميص في أعلى البدن، ولكل يدٍ كُمٌّ ـ أيضاً ـ، وبهذا خرج عن مشابهة السراويل والقميص فكان لا بأس به، ويستعمله بعض الناس الآن؛ لأنه أبعد عن انكشاف العورة، فنقول: ما دام يطلق عليه اسم إزار فهو إزار، ويكون حلالاً.
وقوله: «إن لبس ذكرٌ مخيطاً فدى» ، خرج بذلك الأنثى، فلها أن تلبس ما شاءت، فليس لها ثياب معينة للإحرام، إلا أنه لا يجوز أن تلبس ما يكون تبرجاً وزينة؛ لأنها سوف تكون أمام الناس في الطواف والسعي.
مسألة: هل يحرم عليها شيء من اللباس؟
الجواب: نعم يحرم عليها: القفازان، والنقاب.
فالقفازان: لباس اليدين وهما معروفان.
والنقاب: لباس الوجه، وهو أن تستر المرأة وجهها وتفتح لعينيها بقدر ما تنظر منه، ولم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه حرم على المحرمة تغطية وجهها، وإنما حرم عليها النقاب فقط؛ لأنه لباس الوجه وفرق بين النقاب وبين تغطية الوجه، وعلى هذا فلو أن المرأة المحرمة غطت وجهها، لقلنا: هذا لا بأس به، ولكن الأفضل أن تكشفه ما لم يكن حولها رجال أجانب، فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم.
مسألة: هل يحرم عليها الجوارب؟
الجواب: لا، فالجوارب حرام على الرجل خاصة لأنها كالخفين.
وهل يحرم على الرجل القفازان؟
نعم يحرم عليه القفازان، وبعضهم حكى في ذلك الإجماع، وقالوا: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم منع المحرم من لبس ما يختص بالقدم، فكذلك لبس ما يختص باليد، وهي مصنوعة على هيئة أحد الأعضاء، لكن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يذكرها فيما يتجنبه المحرم؛ لأنه ليس من عادة الرجال أن يلبسوا القفازين؛ ولهذا لما كان من عادة النساء أن تلبس القفازين، قال في المرأة: ((ولا تلبس القفازين)) [(15)].
وظاهر كلام المؤلف أن لبسه حرام، سواء طال الوقت أم قصر، وهو كذلك، وبناءً على هذا لو أن رجلاً لبس القميص والسراويل بناءً على أنه حل من إحرامه، وتبين أنه لم يحل، فإن عليه أن ينزعه في الحال.
مثال ذلك: رجل أتى بعمرة، فطاف وسعى، ثم لبس القميص والسراويل، ثم ذكر أنه لم يقصر أو لم يحلق، نقول له: يجب فوراً أن تغير الملابس؛ لأنك لا تزال على إحرامك، والمحرم لا يجوز أن يلبس القميص ولا طرفة عين، لكن يؤجل بقدر العادة، فلا نقول ـ مثلاً ـ: إذا كنت في مسجد عليك أن تجري أمام الناس، أو تسرع في السيارة، ونحو ذلك.
وهل إذا أراد خلع القميص يخلعه من أعلى، أو من أسفل إذا كان الجيب واسعاً، أو يشقه؟ ثلاثة احتمالات:
الجواب: من أسفل، وهذا لا يكون إلا إذا كان الجيب واسعاً؛ لأنه إذا خلعه من أعلى، فإنه يلزم من ذلك أن يغطي رأسه، والمحرم لا يغطي رأسه.
فلذلك قال بعض العلماء: إذا أراد خلع القميص الذي أحرم به، فإنه يخلعه من أسفل إن اتسع الجيب، وإلا شقه ولا يجوز أن يخلعه من فوق؛ لأنه إذا فعل فقد غطى رأسه.
ولكن هذا القول ضعيف؛ لأن شق القميص إفساد له، والنبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن((إضاعة المال)) [(16)]؛ ولأن التغطية هنا غير مقصودة، فهي كما لو حمل عفشه على رأسه، وحَمْل العفش يكون أطول غالباً، وهذا لحظة من الزمن.
فالصواب أنه يخلعه خلعاً عادياً، ولا يحتاج إلى أن يشقه، ولا أن ينزله من أسفل.
مسألة: لو لم يجد المحرم إزاراً فما الحكم؟
الجواب: ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه إذا لم يجد إزاراً يلبس السراويل، فإذ لبس السراويل، هل تلزمه الفدية؟
لا تلزمه؛ لأنه بدل شرعي وكذلك الخفاف، أما إذا لم يجد رداءً فيبقى على ما هو عليه؛ لأنه يجوز للإنسان أن يبقى متزراً بين الناس، ويجوز أن يبقى متزراً حال الصلاة، وهو ليس في ضرورة إلى الرداء.
فإذا قال: أنا لا أستطيع أن أبقى مكشوف الصدر والظهر؛ لأنه يلحقني في ذلك مشقة لا أحتملها، أو أخاف من المرض إذا كانت الأيام باردة؟
نقول: إذاً البس القميص إذا كان لا يمكنك أن تتلفَّف به وأخرج فدية؛ لأن الإنسان إذا احتاج لفعل المحظور فعله وفدى، كما في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه [(17)].



[1] سبق تخريجه ص(72).
[2] سبق تخريجه ص(65) من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[3] أخرجه البخاري في الحج/ باب من أهل ملبداً (1540).
[4] انظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص(76).
[5] سبق تخريجه ص(72).
[6] سبق تخريجه ص(76) من حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ.
[7] أخرجه مسلم في الحج/ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر (1298) عن أم الحصين ـ رضي الله عنها ـ.
[8] سبق تخريجه ص(72).
[9] في الحج/ باب ما يفعله المحرم إذا مات (1206) (98)؛ وأخرجه الإمام أحمد (1/287)؛ والنسائي في المناسك/ باب في كم يكفن المحرم إذا مات (5/196)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب المحرم يموت (3084)؛ وابن حبان (3960) إحسان، والبيهقي (3/392 ـ 293).
وقال البيهقي: «وذكر الوجه فيه غريب ... ورواية الجماعة الذي لم يشكوا، وساقوا المتن أحسن سياقة أولى بأن تكون محفوظة».
وتعقبه ابن التركماني في «الجوهر النقي» (3/391) بقوله: «قلت: قد صح النهي عن تغطيتهما، فجمعهما بعضهم، وأفرد بعضهم الرأس، وبعضهم الوجه، والكل صحيح، ولا وهم في شيء منه في متنه، وهذا أولى من تغليط مسلم»، انظر: نصب الراية (3/28) والتلخيص (1081).
[10] سبق تخريجه ص(65).
[11] «ألفية ابن مالك».
[12] أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين (1841)؛ ومسلم في الحج/ باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة لبسه (1178) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما
[13] سبق تخريجه ص(65).
[14] سبق تخريجه ص(127).
[15] أخرجه البخاري في جزاء الصيد/ باب ما ينهى عن الطيب للمحرم والمحرمة (1838) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[16] أخرجه البخاري في الزكاة/ باب قول الله ـ عزّ وجل ـ: {اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ} (1477)؛ ومسلم في الصلاة/ باب استحباب الذكر بعد الصلاة (593) عن المغيرة بن شعبة ـ رضي الله عنه ـ.
[17] أخرجه البخاري في المحصر/ باب قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} (1814)؛ ومسلم في الحج/ باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى (1201) عن كعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, والرابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir