دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1431هـ/3-05-2010م, 07:45 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الفصل الثالث: في النسخ

الفصل الثالث: في النسخ
وفيه ثلاثة فروع
الفرع الأول: في حده وأركانه
النسخ: عبارة عن الرفع والإزالة، في وضع اللسان العربي، وقد يطلق لإرادة نسخ الكتاب، والأول هو المقصود.
وحدّه: أنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتًا مع تراخيه.
وقد اشتمل هذا الحد على ألفاظ تحتاج إلى بيان.
أما قولنا «الخطاب» وإيثارنا إياه على «النص» فليكون شاملاً للفظ والفحوى والمفهوم وكل دليل، إذ يجوز النسخ بجميع ذلك.
وأما تقييد الحد بالخطاب المتقدم، فلأن ابتداء إيجاب العبادات في الشرع مزيل حكم العقل من براءة الذمة، ولا يسمى نسخًا، لأنه لم يزل حكم خطاب.
وأما تقييده بارتفاع الحكم، ولم يخصص بارتفاع الأمر والنهي، فليعمّ جميع أنواع الحكم: من الندب، والكراهية، والإباحة، فإن جميع ذلك قد ينسخ.
وأما قولنا: «لولاه لكان الحكم ثابتًا» فلأن حقيقة النسخ: الرفع، فلو لم يكن هذا ثابتًا، لم يكن هذا رافعًا، فإنه إذا ورد أمر بعبادة مؤقتة، وأمر بعبادة أخرى بعد انقضاء ذلك الوقت، لا يكون الثاني نسخًا، بل الرافع: ما لا يرتفع الحكم لولاه.
وأما قولنا: «مع تراخيه عنه» فلأنه لو اتصل به كان بيانًا لمعنى الكلام، وإنما يكون رافعًا إذا ورد بعد استقرار الحكم، بحيث إنه يدوم لولاه، هذا حده، وهو أعم حد وجدته للعلماء وأخطره.
ولم ينكر النسخ من المسلمين إلا آحاد لا اعتداد بهم، فإن الأمة مجتمعة على جوازه ووقوعه.
وأما أركانه: فأربعة: ناسخ: وهو الله تعالى، ومنسوخ: وهو الحكم المرفوع. ومنسوخ عنه: وهو المكلف، ونسخ: وهو قوله الدال على رفع الحكم الثابت.
وقد يسمى الدليل ناسخًا مجازًا، فيقال: هذه الآية ناسخة لتلك.
وقد يسمى الحكم ناسخًا، فيقال: صوم رمضان ناسخ لصوم عاشوراء، والحقيقة هو الأول.
الفرع الثاني: في شرائطه
شروط النسخ أربعة:
الأول: أن يكون المنسوخ حكمًا شرعيًا، لا عقليًا.
الثاني: أن يكون النسخ بخطاب، فارتفاع الحكم بموت المكلف ليس نسخًا.
الثالث: أن يكون الخطاب المرفوع حكمه غير مقيد بوقت يقتضي دخوله زوال الحكم، كقوله تعالى: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187].
الرابع: أن يكون الخطاب الرافع متراخيًا، لا كقوله: {حتى يعطوا الجزية عن يد} [التوبة: 29].
وها هنا أمور يتوهم أنها شروط، وليست شروطًا.
الأول: أن يكون رافعًا للمثل بالمثل، بل الشرط: أن يكون رافعًا فقط.
الثاني: ورود النسخ بعد دخول وقت المنسوخ، بل يجوز قبل وقته.
الثالث: لا يشترط أن يكون المنسوخ مما يدخله الاستثناء والتخصيص، بل يجوز ورود النسخ على الأمر بفعل واحد في وقت واحد.
الرابع: لا يشترط أن يكون نسخ القرآن بالقرآن. والسنة بالسنة، فلا يشترط الجنسية، بل يكفي أن يكون بما يصح النسخ به، وقد اشترطه الشافعي - رحمه الله - وسيجيء بيانه.
الخامس: لا يشترط أن يكون الناسخ والمنسوخ نصين قاطعين، إذ يجوز نسخ خبر الواحد بخبر الواحد، وبالتواتر، وإن كان لا يجوز نسخ المتواتر بخبر الواحد.
السادس: لا يشترط أن يكون الناسخ منقولاً بمثل لفظ المنسوخ، بل أن يكون ثابتًا بأي طريق كان.
السابع: لا يشترط أن يكون الناسخ مقابلاً للمنسوخ، حتى لا ينسخ الأمر إلا بالنهي، والنهي بالأمر، بل يجوز أن ينسخ كلاهما بالإباحة، وأن ينسخ الواجب المضيق بالموسع.
الثامن: لا يشترط كونهما ثابتين بالنص، بل لو كان ثابتين بالنص، بل لو كان بلحن القول وظاهره وفحواه، وكيف كان، جاز.
التاسع: نسخ الحكم ببدل ليس بشرط، بل يجوز نسخ الحكم بغير بدل، وقال قوم: لابد من البدل.
العاشر: نسخ الحكم بما هو أخف منه ليس بشرط، بل يجوز بالمثل والأثقل. وقال قوم: يجوز بالأخف، ولا يجوز بالأثقل، ولا يجوز بالأثقل، وليس ذلك ضابطًا.
الفرع الثالث: في أحكامه
ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ، خلافًا لبعضهم، فإنهم قالوا: من الأفعال ما لا يمكن نسخه، مثل شكر المنعم والعدل، فلا يجوز نسخ وجوبه، ومثل الكفر والظلم، فلا يجوز نسخ تحريمه، والآية إذا تضمنت حكمًا جاز نسخ تلاوتها دون حكمها، ونسخ حكمها دون تلاوتها، ونسخها جميعًا، وقد ظن قوم استحالة ذلك.
ويجوز نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن عند الأكثرين، فإن كلاً من عند الله، والعقل لا يحيله، وقد دل السمع على وقوعه.
أما نسخ السنة بالقرآن، فإن التوجه إلى بيت المقدس ليس في القرآن، وهو من السنة، وناسخه القرآن، وصوم يوم عاشوراء كان ثابتًا بالسنة، ونسخه القرآن بصوم شهر رمضان.
وأما نسخ القرآن بالسنة، فنسخ الوصية للوالدين والأقربين بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا وصية لوارث» لأن آية الميراث لا تمنع الوصية، إذ الجمع بينهما ممكن. وقال الشافعي - رحمه الله -: لا يجوز نسخ السنة بالقرآن، كما لا يجوز نسخ القرآن بالسنة، خلافًا لغيره.
ولا ينسخ الحكم بقول الصحابي «نسخ حكم كذا» ما لم يقل: «سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» فإذا قال ذلك، نظر في الحكم إن كان ثابتًا بخبر الواحد، صار منسوخًا بقوله، وإن كان قاطعًا، فلا.
ولا يجوز نسخ النص القاطع المتواتر بالقياس المعلوم بالظن والاجتهاد.
والإجماع لا ينسخ به، إذ لا نسخ بعد انقطاع الوحي.
وإذا تناقض نصان، فالناسخ هو المتأخر.
ولا يعرف تأخره بدليل العقل، ولا بقياس الشرع، بل يعرف بمجرد النقل، وذلك بطرق:
الأول: أن يكون في اللفظ ما يدل عليه، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».
الثاني: أن تجمع الأمة في حكم على أنه المنسوخ، وأن ناسخه متأخر.
الثالث: أن يذكر الراوي التاريخ، مثل أن يقول: سمعت عام الخندق، أو عام الفتح، وكان المنسوخ معلومًا قبله.
ولا فرق بين أن يروي الناسخ والمنسوخ راو واحد، أو راويان.
ولا يثبت التأخر إلا بطرق. مثل أن يقول الصحابي: «كان الحكم علينا كذا، ثم نسخ» لأنه ربما قاله عن اجتهاد.
ولا أن يكون مثبتًا في المصحف بعد الآخر، لأن السور والآيات، ليس إثباتها على ترتيب النزول، بل ربما قدّم وأخّر.
ولا أن يكون راويه من أحداث الصحابة، فقد ينقل الصبي عمن تقدمت صحبته، وقد ينقل الأكابر عن الأصاغر وبعكسه.
ولا أن يكون الراوي أسلم عام الفتح، إذ لعله في حالة كفره، ثم روى بعد إسلامه، أو سمع من سبق بالإسلام.
ولا أن يكون الراوي قد انقطعت صحبته، فربما يظن أن حديثه يتقدم على حديث من بقيت صحبته، وليس من ضرورة من تأخرت صحبته أن يكون حديثه متأخرًا عن وقت انقطاع صحبة غيره.
ولا أن يكون أحد الخبرين على وفق قضية العقل والبراءة الأصلية، فربما يظن تقدمه، ولا يلزم ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا وضوء مما مسته النار».
لا يجب أن يكون متقدمًا على إيجاب الوضوء مما مسته النار، إذ يحتمل أنه أوجب ثم نسخ.
ثم النسخ في حق من لم يبلغه الخبر حاصل، وإن كان جاهلاً به.
وقال قوم: ما لم يبلغه لا يكون نسخًا في حقه.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, الفصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir