دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > الجوهر المكنون

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 04:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الباب الثالث: المسند

(الْبَابُ الثَّالِثُ: الْمُسْنَدُ)

يُحْذَفُ مُسْنَدٌ لِمَا تَقَدَّمَا = وَالْتَزَمُوا قَرِينَةً لِيُعْلَمَا
وَذِكْرُهُ لِمَا مَضَى أَوْ لِيُرَى = فِعْلاً اوِ اسْماً فَيُفِيدُ الْمُخْبَرَا
وَأَفْرَدُوهُ لانْعِدَامِ التَّقْوِيَهْ = وَسَبَبٍ كَالزُّهْدُ رَاسُ التَّزْكِيَهْ
وَكَوْنُهُ فِعلاً فَلِلْتَقْيِيدِ = بِالْوَقْتِ مَعْ إِفَادَةِ التَّجْدِيدِ
وَكَوْنُهُ اسْماً لِلْثُبُوتِ وَالدَّوَامِ = وَقَيَّدُوا كَالْفِعْلِ رَعْياً لَلْتَمَامِ
وَتَرَكُوا تَقْيِيدَهُ لِنُكْتَةٍ = كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتِهَازِ فُرْصَةٍ
وَخَصَّصُوا بِالْوَصْفِ وَالإِضَافَهْ = وَتَرَكُوا لِمُقْتَضٍ خِلافَهْ
وَكَوْنُهُ مُعَلَّقاً بِالشَّرْطِ = فَالمَعَانِي أَدَوَاتُ الشَّرْطِ
وَنَكَّرُوا إِتْبَاعاً اوْ تَفْخِيمَا = حَطًّا وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تَعْمِيمَا
وَعَرَّفُوا إِفَادَةً لِلْعِلْمِ = بِنِسْبَةٍ أَوْ لازِمٍ لِلْحُكْمِ
وَقَصَرُوا تَحْقِيقاً اوْ مُبَالَغَهْ = بِعُرْفِ جِنْسِهِ كَهِنْدُ الْبَالِغَهْ
وَجُمْلَةٌ لِسَبَبٍ أَوْ تَقْوِيَهْ = كَالذِّكْرِ يَهْدِي لِطَرِيقِ التَّصْفِيَهْ
وَاسْمِيَّةُ الْجُمْلَةِ وَالْفِعْلِيَّهْ = وَشَرْطُهَا لِلنُّكْتَةِ الْجَلِيَّهْ
وَأَخَّرُوا أَصَالَةً وَقَدَّمُوا = لِقِصْرِ مَا بِهِ عَلَيْهِ يُحْكَمُ
تَنْبِيهٍ اوْ تَفَاؤُلٍ تَشَوُّفِ = كَفَازَ بِالْحَضْرَةِ ذُو تَصَوُّفِ


  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 08:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حلية اللب المصون للشيخ: أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري


قال:
الباب الثالث: المسند

أقول: أخره عن المسند إليه لأنه فرع عنه ومسوق لأجله، لأن المسند إليه محكوم عليه، والمسند حكم، والثاني مؤخر عن الأول.
والمقصود من هذا الباب بيان الأحوال العارضة للمسند من حيث كونه مسندا، كالحذف والذكر وغير ذلك.
قال:
يحذف مسندٌ لما تقدما = والتزموا قرينةً لِيُعْلَما
أقول: يتعلق (بالمسند) أبحاث، البحث الأول في (حذفه)، ويكون للنكت الماضية في حذف المسند إليه، فمنها الاحتراز عن العبث أي الإتيان بما لا فائدة فيه للعلم به نحو: زيد في جواب من قام، وقوله:


ومن يك أمسى بالمدينة رحله = فإني وقيار بها لغريب

(الرحل): هو المنزل والمأوى و(قيار) اسم فرس للشاعر، وهو ضابئ بن الحرث (فالمسند) إلى قيار محذوف لدلالة خبر ما قبله عليه، ولضيق المقام بسبب التوجع والاختصار، ولحفظ الوزن أيضاً، ومن ذلك ﴿قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي﴾ والأصل لو تملكون تملكون فحذف الفعل احترازاً عن العبث لوجود المفسر فانفصل الضمير، وليس أنتم مبتدأ وما بعده خبر بل فاعل لفعل محذوف كما رأيت، لأن لو لا تدخل على الاسم، ويشترط (للحذف قرينة) تدل على المحذوف كوقوع الكلام جواباً لسؤال محقق أو مقدر فالأول نحو ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله﴾ أي خلقهن الله، (فحذف المسند) بدليل التصريح به في الآية الأخرى في قوله ﴿ليقولن خلقهن العزيز العليم﴾ فهو فاعل لا مبتدأ، والثاني نحو


ليبك يزيد ضارع لخصومة = ومختبط مما تطيح الطوائح

و(المختبط) الذي يأتي إليك للمعروف من غير وسيلة، و(تطيح) من الإطاحة وهي الإذهاب والإهلاك، (فالطوائح) جمع مطيحة على غير قياس (فمختبط) معطوف على ضارع، ومقصود الشاعر أنه ينبغي أن يبكي على (يزيد) رجلان ذليل لكونه الناصر له، وفقير أصابته حوادث الزمان فأهلكت ماله وأذهبته، لأنه كان ناصر كل ذليل وجابر فقر كل فقير، وهذا على قراءة ليبك بصيغة المبني للمجهول، ولو قرئ بصيغة المبني للفاعل، ويزيد مفعول مقدم، و(ضارع) فاعل مؤخر لم يكن مما نحن بصدده.
قال:

وذِكْرُه لِمَا مَضى أَوْ لِيُرى = فِعْلاً أَوِ اسْماً فَيُفيدُ المُخْبَرا
أقول: البحث الثاني في (ذكره)، وذلك للنكت الماضية في ذكر المسند إليه من كون (الذكر) الأصل مع عدم المقتضي للعدول عنه.
ومن الاحتياط لضعف التعويل على القرينة.
ومن التعريض بغباوة السامع وغير ذلك نحو: جاء زيد في جواب من جاء؟
ويراد هنا أنه (يذكر) ليرى أي يعلم أنه فعل، (فيفيد) التجدد والحدوث، أو (اسم) فيفيد الثبوت، (فيفيد المخبَر) بفتح الباء أي السامع فائدة زائدة على ما تقدم، لأنه إذا حذف لا يدري هل هو اسم أو فعل، مثال الأول زيد قائم، فهذه الجملة تدل على ثبوت القيام لزيد لأن أصل الاسم مشتقاً كان أو لا الدلالة على الثبوت لعدم دلالته على الاقتران بالزمان، ومثال الثاني: زيد قام، فإنها تدل على تجدد القيام وحدوثه لزيد لدلالة الفعل على الاقتران بالزمان، فلو كان المسند ظرفاً نحو: الفوز لمن رضي عنه مولاه احتمل الثبوت والتجدد بحسب المتعلق، أي حاصل أو حصل، فإن قلت: المشهور أن الجملة الاسمية تدل على الثبوت، فكيف جعلتها في نحو: زيد قام دالة على الحدوث؟ قلت: دلالتها على الحدوث باعتبار أحد جزءيها وهو الفعل : أي الدال على الحدوث الفعل وأما الجملة فهي دالة على ثبوت نسبة المسند المتجدد معناه، فالقيام متجدد وحصوله لزيد ووصفه به ثابت مستقر.
قال:

وأفردوهُ لانعدامِ التقوِيَةْ = وَسَبَبٍ كَـ"الزهدُ رأسُ التزكيةْ"

أقول: البحث الثالث في (إفراده): أي كونه اسما مفردا، (والمفرد) عند النحاة يطلق على معانٍ ففي باب الإعراب ما ليس مثنى ولا مجموعاً وفي باب العلم ما ليس مركباً، وفي باب لا والمنادى ما ليس مضافا ولا شبيها به، وفي باب الخبر ما ليس جملة ولا شبيها وهو المراد هنا، فيؤتى به اسماً مفرداً لعدم إفادة تقوية الحكم، وكونه غير سببي نحو زيد قائم، ومنه مثال المصنف وإنما كان (الزهد رأس التزكية): أي الخلوص من الكدرات لاستعداد صاحبه للحضرة الإلهية فإن أريد (التقوية) أو كان سببا أتى به جملة كما سيأتي، والسببي جملة علقت على مبتدأ بعائد غير مسند إليه فيها، فخرج المسند في نحو زيد منطلق أبوه لأنه مفرد، وفي نحو ﴿قل هل الله أحد﴾ لعدم العائد، وفي نحو زيد قام لأن العائد مسند إليه.
قال:


وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتقييدِ = بِالوَقْتِ مَعْ إِفادَةِ التَّجْديدِ
وَكَوْنُهُ اسْماً لِلثّبوتِ والدَّوامْ = ................
أقول: المسند المفرد يكون فعلاً ويكون اسماً، أما الأول (فللتقييد) بأحد الأزمنة الثلاثة الماضي والحال والاستقبال على أخصر وجه لدلالة الفعل على الزمان بصيغته ولا يتأتى ذلك في (الاسم إلا بقيد أمس) أو الآن أو غدا مع (إفادة التجدد) والحدوث أي التكرار والوقوع مرة بعد أخرى للزوم ذلك للزمان الذي هو جزء مفهوم للفعل، ولازم الجزء لازم الكل، إذ الزمان عرض غير قار الذات: أي لا تجتمع أجزاؤه في الوجود كقوله:

أوكلما وردت عكاظ قبيلة = بعثوا إلى عريفهم يتوسم
أي يصدر عنه تفرس الوجوه وتأملها شيئاً فشيئاً ولحظة فلحظةً، وأما الثاني فلعدم ما ذكر من (التقييد والتجدد وإرادة الثبوت والدوام) لأغراض تتعلق بذلك كقوله:

لا يألف الدرهم المضروب صرتنا = لكن يمر عليها وهو منطلق
يعني الانطلاق من الصرة ثابت (للدرهم) من غير اعتبار تجدد.
قال:


وَقَيَّدوا كَالفِعْلِ رَعْياً لِلتَّمامْ
وَتَركوا تَقييدَهُ لِنُكْتَةِ = كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتهازِ فُرْصَةِ

أقول: (البحث الرابع في تقييده) سواء كان اسماً أو فعلاً يعمل عمله بواحد من المفاعيل الخمسة، أو شبهها كالحال والتمييز والاستثناء، وذلك لتتميم الفائدة وتقويتها، لأنه كلما ازداد خصوصاً زاد بعدا عن الاحتمال، وكلما بعد عن الاحتمال قويت الفائدة، فإن قولك: ضربت زيداً أخص من ضربت وأقوى فائدة وكذا ضربته ضراً شديداً أخص من الفعل وحده لإفادة نوع من الضرب، وقس بقية (المقيدات) فقوله كالفعل: أي شبه الفعل: أي الفعل وشبهه من اسم فاعل أو مفعول أو غير ذلك من كل ما يعمل عمله، ولم يبين المقيد به للعلم به من علم النحو ويستثنى من شبه المفعول به خبر كان في نحو كان زيد قائماً فإن (التقييد) به ليس لتمام الفائدة لعدمها بدونه لأنه هو المسند فهو ليس (قيداً) للفعل بل مقيد به فالمعنى (تقييد) نسبة القيام لزيد بالزمان الماضي المدلول لكان فقط، وإن دلت وضعا على الحدث ففي كل من الفعل وخبره فائدة مفقودة في الآخر، فإن الأول يدل وضعا على حدث مطلق يعينه خبره، والثاني يدل عقلا على زمن مطلق يعينه الفعل.
وأما (ترك تقييده) فلأمور:
منها (ستر القيد) من زمان الفعل أو مكانه أو سببه أو نحو ذلك عن المخاطب أو غيره من الحاضرين.
ومنها (انتهاز الفرصة) أي المبادرة أي انقضاؤها.
ومنها الجهل بالقيود.
ومنها عدم الحاجة إليها.
قال:
وَخَصّصوا بالوَصْفِ وَالإِضافَةْ = وَتَركوا لِمُقْتَضٍ خِلافَهْ
أقول: قد يكون (تقييد) المسند بالوصف كقولك أخوك رجل صالح أو (لإضافة) نحو: أخوك غلام زيد لقصد التخصيص، وقد (ترك تقييده) لغرض اقتضى خلاف التخصيص (كستر أو انتهاز فرصة )ونحو ذلك مما تقدم من مقتضى (ترك تقييد) الفعل بمفعول ونحو ذلك.
قال:

وَكَوْنَهُ مُعَلَّقاً بِالشَّرْطِ = فَلِمعاني أَدَواتِ الشَّرْطِ

أقول: قد (يقيد) المسند بالشرك لتحصيل معنى أداته نحو: إن تكرمني أكرمك ففيه (تقييد) إكرام المتكلم بإكرام المخاطب المفاد بإن، لأن (الشرط قيد) في الجزاء مع الإشعار بأنه سبب فيه، ولما دعت الحاجة إلى معاني أدوات (الشرط) تكلم عليها أهل (المعاني) وإن كانت من مباحث علم النحو، وأكثر ما وقع بحثهم على (معاني) إذا وإن ولو وبيان ذلك في الأصل وشرحه.
قال:

وَنَكَّروا اتّباعاً اوْ تفخيما = حَطّـاً وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تعميما

أقول: البحث الخامس في (تنكير المسند)، وأسباب (تنكيره) كثيرة منها إتباع المسند إليه في (التنكير) نحو رجل من الكرام حاضر، إذ لا يكون المسند معرفة مع (تنكير) المسند إليه إلا في نحو كم مالك؟ ومنها (التفخيم) نحو ﴿هدى للمتقين﴾ ومنها (الحط) أي التحقير نحو ما زيد شيئاً ومنها أن لا يكون (معهودا) نحو زيد شاعر ومنها إرادة (التعميم) بأن لا يكون خاصاً بالمسند إليه كهذا المثال.
قال:


وَعَرَّفوا إِفادَةً لِلْعِلْمِ = بِنِسْبَةٍ أَوْ لازمٍ لِلْحُكْمِ
أقول: البحث السادس في (تعريفه) فيؤتى به معرفة ليستفيد السامع العلم بأن ذلك المسند المعلوم حاصل لذلك المسند إليه المعلوم له، إذ لا يلزم من (العلم) بالطرفين العلم بنسبة أحدهما للآخر، فإذا كان السامع يعلم زيداً ويعلم أن له أخاً ولا يعرف اسمه، فقيل له زيد أخوك حصل له (العلم) بالنسبة التي كان يجهلها ولا يشترط اتحاد طريق تعريفهما بل تغاير المفهومين ولذلك أول نحو: شعري شعري بشعري الآن مثل شعري الماضي المشهور بالحسن، ويؤتى به معرفة أيضاً لإفادة السامع العلم بأن المتكلم عالم بلازم الحكم كقولك زيد أخوك لمن يعلم أنه أخوه (لتفيده) أنك عالم بذلك (فلازم) معطوف على (نسبة).
قال:


وَقَصَروا تحقيقاً اوْ مُبالَغَةْ = بِعَرْفِ جِنْسِهِ كَـ"هِنْدٌ البالغةْ"
أقول: المسند قد يعرف لقصد (قصره) على المسند إليه تحقيقاً كقولك زيد الأمير إذا لم يكن أمير غيره، أو (مبالغة) كقولك زيد الفقه أي الكامل في الفقه كأنك لم تعتد بفقه غيره، ومنه مثال المصنف.
قال:

وجملة لِسَبَبٍ أَوْ تَقْوِيَةْ = كـ"الذكرُ يهدي لطريقِ التصفيةْ"

أقول: البحث السابع في كون المسند جملة، وذلك إما لكونه (سببا) أو مشتملا على (السبب) وهو ضمير المسند إليه، لأنه (سبب) لربط الجملة به نحو زيد قام أبوه، وإما (لتقوية )الحكم بنفس التركيب أي لا بالتكرير والأداة نحو أنا قمت، ومنه مثال المصنف، ولا يشترط في الجملة أن تكون خبرية، وجملة معطوف على معلقا.
قال:
واسمية الجملة والفعلية = وشرطها لنكتة جلية
أقول: (اسمية الجملة وفعليتها وشرطيتها) لما مضى من أن (الاسمية) للدوام والثبوت، و(الفعلية) للتجدد والحدوث، و(الشرطية) للاعتبارات المختلفة الحاصلة من أدوات الشرط إلى آخر ما تقدم.
قال:

وأخروا أصالة وقدموا = لقصْر ما به عليه يُحْكَمُ
تنبيهٍ اوْ تفاؤلٍ تشوُّفِ = كَـ"فازَ بالحضرةِ ذو تصوُّفِ"
أقول: البحث الثامن في (تقديمه وتأخيره)، (فتأخيره) للأصل، وينبغي إذا كان ذكر المسند إليه أهم، و(تقديمه) إما (لقصره) على المسند إليه نحو ﴿لا فيها غول﴾ بخلاف خمر الدنيا ولذا لم يقدم في قوله ﴿لا ريب فيه﴾ بان يقال لا فيه ريب لئلا يفيد ثبوت الريب في سائر كتب الله تعالى أو للتنبيه على أنه خبر من أول وهلة لا نعت نحو:
إذ لو قيل (همم) له توهم أنه نعت لشدة طلب النكرة للنعت.

أو( للتفاؤل) نحو: سعدت بغرة وجهك الأيام
أو لتشوق النفس إلى ذكر المسند إليه بأن يكون في المسند طول يقتضي ذلك نحو:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها = شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ومنه مثال المتن، وتقدم الكلام عليه.


  #3  
قديم 2 محرم 1430هـ/29-12-2008م, 04:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية المنياوي على حلية اللب المصون للشيخ: مخلوف بن محمد البدوي المنياوي


قال:
الباب الثالث: المسند

أقول: أخره عن المسند إليه لأنه فرع عنه ومسوق لأجله، لأن المسند إليه محكوم عليه، والمسند حكم، والثاني مؤخر عن الأول.
والمقصود من هذا الباب بيان الأحوال العارضة للمسند من حيث كونه مسندا، كالحذف والذكر وغير ذلك.
قال:
يحذف مسندٌ لما تقدما = والتزموا قرينةً لِيُعْلَما
أقول: يتعلق (بالمسند) أبحاث، البحث الأول في (حذفه)، ويكون للنكت الماضية في حذف المسند إليه، فمنها الاحتراز عن العبث أي الإتيان بما لا فائدة فيه للعلم به نحو: زيد في جواب من قام، وقوله:


ومن يك أمسى بالمدينة رحله = فإني وقيار بها لغريب

(الرحل): هو المنزل والمأوى و(قيار) اسم فرس للشاعر، وهو ضابئ بن الحرث (فالمسند) إلى قيار محذوف لدلالة خبر ما قبله عليه، ولضيق المقام بسبب التوجع والاختصار، ولحفظ الوزن أيضاً، ومن ذلك ﴿قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي﴾ والأصل لو تملكون تملكون فحذف الفعل احترازاً عن العبث لوجود المفسر فانفصل الضمير، وليس أنتم مبتدأ وما بعده خبر بل فاعل لفعل محذوف كما رأيت، لأن لو لا تدخل على الاسم، ويشترط (للحذف قرينة) تدل على المحذوف كوقوع الكلام جواباً لسؤال محقق أو مقدر فالأول نحو ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله﴾ أي خلقهن الله، (فحذف المسند) بدليل التصريح به في الآية الأخرى في قوله ﴿ليقولن خلقهن العزيز العليم﴾ فهو فاعل لا مبتدأ، والثاني نحو


ليبك يزيد ضارع لخصومة = ومختبط مما تطيح الطوائح

و(المختبط) الذي يأتي إليك للمعروف من غير وسيلة، و(تطيح) من الإطاحة وهي الإذهاب والإهلاك، (فالطوائح) جمع مطيحة على غير قياس (فمختبط) معطوف على ضارع، ومقصود الشاعر أنه ينبغي أن يبكي على (يزيد) رجلان ذليل لكونه الناصر له، وفقير أصابته حوادث الزمان فأهلكت ماله وأذهبته، لأنه كان ناصر كل ذليل وجابر فقر كل فقير، وهذا على قراءة ليبك بصيغة المبني للمجهول، ولو قرئ بصيغة المبني للفاعل، ويزيد مفعول مقدم، و(ضارع) فاعل مؤخر لم يكن مما نحن بصدده.
قال:

وذِكْرُه لِمَا مَضى أَوْ لِيُرى = فِعْلاً أَوِ اسْماً فَيُفيدُ المُخْبَرا
أقول: البحث الثاني في (ذكره)، وذلك للنكت الماضية في ذكر المسند إليه من كون (الذكر) الأصل مع عدم المقتضي للعدول عنه.
ومن الاحتياط لضعف التعويل على القرينة.
ومن التعريض بغباوة السامع وغير ذلك نحو: جاء زيد في جواب من جاء؟
ويراد هنا أنه (يذكر) ليرى أي يعلم أنه فعل، (فيفيد) التجدد والحدوث، أو (اسم) فيفيد الثبوت، (فيفيد المخبَر) بفتح الباء أي السامع فائدة زائدة على ما تقدم، لأنه إذا حذف لا يدري هل هو اسم أو فعل، مثال الأول زيد قائم، فهذه الجملة تدل على ثبوت القيام لزيد لأن أصل الاسم مشتقاً كان أو لا الدلالة على الثبوت لعدم دلالته على الاقتران بالزمان، ومثال الثاني: زيد قام، فإنها تدل على تجدد القيام وحدوثه لزيد لدلالة الفعل على الاقتران بالزمان، فلو كان المسند ظرفاً نحو: الفوز لمن رضي عنه مولاه احتمل الثبوت والتجدد بحسب المتعلق، أي حاصل أو حصل، فإن قلت: المشهور أن الجملة الاسمية تدل على الثبوت، فكيف جعلتها في نحو: زيد قام دالة على الحدوث؟ قلت: دلالتها على الحدوث باعتبار أحد جزءيها وهو الفعل : أي الدال على الحدوث الفعل وأما الجملة فهي دالة على ثبوت نسبة المسند المتجدد معناه، فالقيام متجدد وحصوله لزيد ووصفه به ثابت مستقر.
قال:

وأفردوهُ لانعدامِ التقوِيَةْ = وَسَبَبٍ كَـ"الزهدُ رأسُ التزكيةْ"
أقول: البحث الثالث في (إفراده): أي كونه اسما مفردا، (والمفرد) عند النحاة يطلق على معانٍ ففي باب الإعراب ما ليس مثنى ولا مجموعاً وفي باب العلم ما ليس مركباً، وفي باب لا والمنادى ما ليس مضافا ولا شبيها به، وفي باب الخبر ما ليس جملة ولا شبيها وهو المراد هنا، فيؤتى به اسماً مفرداً لعدم إفادة تقوية الحكم، وكونه غير سببي نحو زيد قائم، ومنه مثال المصنف وإنما كان (الزهد رأس التزكية): أي الخلوص من الكدرات لاستعداد صاحبه للحضرة الإلهية فإن أريد (التقوية) أو كان سببا أتى به جملة كما سيأتي، والسببي جملة علقت على مبتدأ بعائد غير مسند إليه فيها، فخرج المسند في نحو زيد منطلق أبوه لأنه مفرد، وفي نحو ﴿قل هل الله أحد﴾ لعدم العائد، وفي نحو زيد قام لأن العائد مسند إليه.
قال:


وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتقييدِ = بِالوَقْتِ مَعْ إِفادَةِ التَّجْديدِ
وَكَوْنُهُ اسْماً لِلثّبوتِ والدَّوامْ = ................
أقول: المسند المفرد يكون فعلاً ويكون اسماً، أما الأول (فللتقييد) بأحد الأزمنة الثلاثة الماضي والحال والاستقبال على أخصر وجه لدلالة الفعل على الزمان بصيغته ولا يتأتى ذلك في (الاسم إلا بقيد أمس) أو الآن أو غدا مع (إفادة التجدد) والحدوث أي التكرار والوقوع مرة بعد أخرى للزوم ذلك للزمان الذي هو جزء مفهوم للفعل، ولازم الجزء لازم الكل، إذ الزمان عرض غير قار الذات: أي لا تجتمع أجزاؤه في الوجود كقوله:

أوكلما وردت عكاظ قبيلة = بعثوا إلى عريفهم يتوسم
أي يصدر عنه تفرس الوجوه وتأملها شيئاً فشيئاً ولحظة فلحظةً، وأما الثاني فلعدم ما ذكر من (التقييد والتجدد وإرادة الثبوت والدوام) لأغراض تتعلق بذلك كقوله:

لا يألف الدرهم المضروب صرتنا = لكن يمر عليها وهو منطلق
يعني الانطلاق من الصرة ثابت (للدرهم) من غير اعتبار تجدد.
قال:


وَقَيَّدوا كَالفِعْلِ رَعْياً لِلتَّمامْ
وَتَركوا تَقييدَهُ لِنُكْتَةِ = كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتهازِ فُرْصَةِ
أقول: (البحث الرابع في تقييده) سواء كان اسماً أو فعلاً يعمل عمله بواحد من المفاعيل الخمسة، أو شبهها كالحال والتمييز والاستثناء، وذلك لتتميم الفائدة وتقويتها، لأنه كلما ازداد خصوصاً زاد بعدا عن الاحتمال، وكلما بعد عن الاحتمال قويت الفائدة، فإن قولك: ضربت زيداً أخص من ضربت وأقوى فائدة وكذا ضربته ضراً شديداً أخص من الفعل وحده لإفادة نوع من الضرب، وقس بقية (المقيدات) فقوله كالفعل: أي شبه الفعل: أي الفعل وشبهه من اسم فاعل أو مفعول أو غير ذلك من كل ما يعمل عمله، ولم يبين المقيد به للعلم به من علم النحو ويستثنى من شبه المفعول به خبر كان في نحو كان زيد قائماً فإن (التقييد) به ليس لتمام الفائدة لعدمها بدونه لأنه هو المسند فهو ليس (قيداً) للفعل بل مقيد به فالمعنى (تقييد) نسبة القيام لزيد بالزمان الماضي المدلول لكان فقط، وإن دلت وضعا على الحدث ففي كل من الفعل وخبره فائدة مفقودة في الآخر، فإن الأول يدل وضعا على حدث مطلق يعينه خبره، والثاني يدل عقلا على زمن مطلق يعينه الفعل.
وأما (ترك تقييده) فلأمور:
منها (ستر القيد) من زمان الفعل أو مكانه أو سببه أو نحو ذلك عن المخاطب أو غيره من الحاضرين.
ومنها (انتهاز الفرصة) أي المبادرة أي انقضاؤها.
ومنها الجهل بالقيود.
ومنها عدم الحاجة إليها.
قال:
وَخَصّصوا بالوَصْفِ وَالإِضافَةْ = وَتَركوا لِمُقْتَضٍ خِلافَهْ
أقول: قد يكون (تقييد) المسند بالوصف كقولك أخوك رجل صالح أو (لإضافة) نحو: أخوك غلام زيد لقصد التخصيص، وقد (ترك تقييده) لغرض اقتضى خلاف التخصيص (كستر أو انتهاز فرصة )ونحو ذلك مما تقدم من مقتضى (ترك تقييد) الفعل بمفعول ونحو ذلك.
قال:

وَكَوْنَهُ مُعَلَّقاً بِالشَّرْطِ = فَلِمعاني أَدَواتِ الشَّرْطِ
أقول: قد (يقيد) المسند بالشرك لتحصيل معنى أداته نحو: إن تكرمني أكرمك ففيه (تقييد) إكرام المتكلم بإكرام المخاطب المفاد بإن، لأن (الشرط قيد) في الجزاء مع الإشعار بأنه سبب فيه، ولما دعت الحاجة إلى معاني أدوات (الشرط) تكلم عليها أهل (المعاني) وإن كانت من مباحث علم النحو، وأكثر ما وقع بحثهم على (معاني) إذا وإن ولو وبيان ذلك في الأصل وشرحه.
قال:

وَنَكَّروا اتّباعاً اوْ تفخيما = حَطّـاً وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تعميما
أقول: البحث الخامس في (تنكير المسند)، وأسباب (تنكيره) كثيرة منها إتباع المسند إليه في (التنكير) نحو رجل من الكرام حاضر، إذ لا يكون المسند معرفة مع (تنكير) المسند إليه إلا في نحو كم مالك؟ ومنها (التفخيم) نحو ﴿هدى للمتقين﴾ ومنها (الحط) أي التحقير نحو ما زيد شيئاً ومنها أن لا يكون (معهودا) نحو زيد شاعر ومنها إرادة (التعميم) بأن لا يكون خاصاً بالمسند إليه كهذا المثال.
قال:


وَعَرَّفوا إِفادَةً لِلْعِلْمِ = بِنِسْبَةٍ أَوْ لازمٍ لِلْحُكْمِ
أقول: البحث السادس في (تعريفه) فيؤتى به معرفة ليستفيد السامع العلم بأن ذلك المسند المعلوم حاصل لذلك المسند إليه المعلوم له، إذ لا يلزم من (العلم) بالطرفين العلم بنسبة أحدهما للآخر، فإذا كان السامع يعلم زيداً ويعلم أن له أخاً ولا يعرف اسمه، فقيل له زيد أخوك حصل له (العلم) بالنسبة التي كان يجهلها ولا يشترط اتحاد طريق تعريفهما بل تغاير المفهومين ولذلك أول نحو: شعري شعري بشعري الآن مثل شعري الماضي المشهور بالحسن، ويؤتى به معرفة أيضاً لإفادة السامع العلم بأن المتكلم عالم بلازم الحكم كقولك زيد أخوك لمن يعلم أنه أخوه (لتفيده) أنك عالم بذلك (فلازم) معطوف على (نسبة).
قال:


وَقَصَروا تحقيقاً اوْ مُبالَغَةْ = بِعَرْفِ جِنْسِهِ كَـ"هِنْدٌ البالغةْ"
أقول: المسند قد يعرف لقصد (قصره) على المسند إليه تحقيقاً كقولك زيد الأمير إذا لم يكن أمير غيره، أو (مبالغة) كقولك زيد الفقه أي الكامل في الفقه كأنك لم تعتد بفقه غيره، ومنه مثال المصنف.
قال:

وجملة لِسَبَبٍ أَوْ تَقْوِيَةْ = كـ"الذكرُ يهدي لطريقِ التصفيةْ"
أقول: البحث السابع في كون المسند جملة، وذلك إما لكونه (سببا) أو مشتملا على (السبب) وهو ضمير المسند إليه، لأنه (سبب) لربط الجملة به نحو زيد قام أبوه، وإما (لتقوية )الحكم بنفس التركيب أي لا بالتكرير والأداة نحو أنا قمت، ومنه مثال المصنف، ولا يشترط في الجملة أن تكون خبرية، وجملة معطوف على معلقا.
قال:
واسمية الجملة والفعلية = وشرطها لنكتة جلية
أقول: (اسمية الجملة وفعليتها وشرطيتها) لما مضى من أن (الاسمية) للدوام والثبوت، و(الفعلية) للتجدد والحدوث، و(الشرطية) للاعتبارات المختلفة الحاصلة من أدوات الشرط إلى آخر ما تقدم.
قال:

وأخروا أصالة وقدموا = لقصْر ما به عليه يُحْكَمُ
تنبيهٍ اوْ تفاؤلٍ تشوُّفِ = كَـ"فازَ بالحضرةِ ذو تصوُّفِ"
أقول: البحث الثامن في (تقديمه وتأخيره)، (فتأخيره) للأصل، وينبغي إذا كان ذكر المسند إليه أهم، و(تقديمه) إما (لقصره) على المسند إليه نحو ﴿لا فيها غول﴾ بخلاف خمر الدنيا ولذا لم يقدم في قوله ﴿لا ريب فيه﴾ بان يقال لا فيه ريب لئلا يفيد ثبوت الريب في سائر كتب الله تعالى أو للتنبيه على أنه خبر من أول وهلة لا نعت نحو:
إذ لو قيل (همم) له توهم أنه نعت لشدة طلب النكرة للنعت.

أو( للتفاؤل) نحو: سعدت بغرة وجهك الأيام
أو لتشوق النفس إلى ذكر المسند إليه بأن يكون في المسند طول يقتضي ذلك نحو:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها = شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ومنه مثال المتن، وتقدم الكلام عليه.




الباب الثالث أحوال المسند
قوله: (أخره عن المسند إليه) أي أخر أحواله عن أحوال المسند إليه.
قوله: (لأن المسند إليه.. إلخ) اللام لتعليل كون المسند مسوقًا لأجل المسند إليه ومحط التعليل.
قوله: (والمسند.. إلخ) وما قبله تمهيد له.
قوله: (والمسند حكم) أي محكوم به.
قوله: (والثاني) أي الحكم.
وقوله: (مؤخر عن الأول) أي المحكوم عليه والمناسب في تمام التعليل أن يقول، والثاني بذكر لأجل الأول ليتم إنتاج الدليل المشار لصغراه، بقوله والمسند حكم للمدعي، وهو كونه مسوقا لأجل المسند إليه تأمل.
قوله: (من حيث كونه مسندا) خرج ما يعرض له من حيث ذاته ككونه جوهرا أو عرضا، وما يعرض له من حيث حروفه ككونه ثلاثيًا أو رباعيًا وغير ذلك وقد مر نظيره.
قوله: (والتزموا) أي في الحذف.
وقوله: (قرينة) أي دالة على المحذوف.
وقوله: (ليعلما) أي ذلك المحذوف عند حذفه، فيفيد الكلام المحذوف منه، وإلا كان مختل الفائدة ولما كان وجود القرينة لا يكفي في الحذف عند البلغاء اعتبروا أسبابا أخر، كالاحتراز والاختصار وإتباع الاستعمال وغير ذلك اهـ ع ق، ثم لا يخفى أن وجوب قرينة الحذف لا يخص حذف المسند بل يجري في المسند إليه أيضًا، وكأنه لم يذكره في المسند إليه لأنه يحذف بلا قرينة كما إذا أقيم مقامه المفعول هكذا علل الأطول صنيع الأصل.
وقوله: (لأنه.. إلخ) وجريان الوجوب في المسند إليه لا يلتزم عمومه لجميع أفراده.
قوله: (أمسى بالمدينة رحله) أمسى إما مسند إلى ضمير من وجملة بالمدينة رحلة خبرها إن كانت ناقصة، أو حال إن كانت تامة، وإما مسند إلى رحلة مجازا وبالمدينة خبر أو حال عبد الحكيم.
قوله: (اسم فرس للشاعر) وقيل اسم جملة وقيل اسم غلامه وقوله وهو ضابئ بن الحرث يقال ضبأت الأرض ضبأ، وضبوءا إذا اختبأت فيها قال الأصمعي ضبأ لصق بالأرض ومنه سمى الرجل ضابئا قاله السيد، ويظهر أن ضابئ بالضاد المعجمة، وهو مرسوم كذلك في نسخ المطول وغيره قال في المطول، ولفظ البيت خبر ومعناه التحسر على الغربة والتوجع من الكربة اهـ.
وإلى هذا يشير قول الشارح ولضيق المقام بسبب التوجع.
قوله: (فالمسند إلى قيار.. إلخ) ولا يجوز أن يكون قيار عطفًا على محل اسم إن وغريب خبر عنها لامتناع العطف على عطل اسم إن قبل مضى الخبر لفظًا وتقديرا، وأما إذا قدرنا له خبرا محذوفًا، فيجوز أن يكون عطفًا على محل اسم إن لأن الخبر مقدم تقديرا، فلا يكون مثل إن زيدا وعمرو ذاهبان بل مثل إن زيدا وعمرو لذاهبان، وهو جائز ويجوز أن يكون مبتدأ والمحذوف خبره والجملة بأسرها عطف على جملة إن مع اسمها وخبرها قاله السعد قال الصبان.
وقوله: (لامتناع العطف.. الخ) علل عدم الجواز بذلك لا بكونه مفردا والمبتدأ شيئان، لأنه وصف على فعيل سم أي والوصف على فعيل صالح للواحد والمتعدد وظاهره ولو كان بمعنى فاعل كما هنا اهـ.
قوله: (ومن ذلك.. إلخ) عدد المثال لأن المسند في الأول اسم وفي الثاني فعل.
قوله: (قل لو أنتم تملكون) جواب لو إذا لأمسكتم خشية الإنفاق، أي الفراغ لغفلتكم عن عدم تناهي خزائنها باستيلاء الحرث عليكم اهـ. صبان.
قوله: (احترازا عن العبث) أي بناء على الظاهر من التكرار، وإلا فالأول قبل الحذف مؤكد في الحقيقة الثاني تأكيد فلا عبث في ذكر الأول حينئذ، وتسمية الثاني مفسرا في قوله لوجود المفسر إنما هي بالنظر لما بعد الحذف، وبهذا يندفع ما يقال إن في هذا الأصل جمعا بين المفسر والمفسر وهو غير جائز، فالصواب أن يكون الأصل لو تملكون ويكون الحذف لغير ما ذكر وقرينة المحذوف، هو المفسر قال اليعقوبي وارتكب هذا التركيب المؤدي إلى الحذف لما فيه من التأكيد مع الإيجاز، فالفعل المذكور في أصله تأكيد وبعد الحذف تفسير لكنه يتضمن التأكيد من جهة المعنى، لأن لو تقتضي المحذوف اهـ.
وقوله: (لما فيه.. إلخ) أي بعد الحذف.
وقوله: (لأن لو.. إلخ) أراد أنها تقتضي أن في التركيب فعلا محذوفًا لا أنها تدل على عين المحذوف، فلا ينافي قوله قبل وبعد الحذف تفسيرا لمقتضى أنه قرينة على المحذوف فليتأمل هذا تحقيق المقام.
قوله: (وليس أنتم مبتدأ.. إلخ) ولم يجعل أيضًا تأكيدًا للضمير بعد حذفه مع الفعل، لأنه يلزم عليه حذف الجملة جميعا وحذف بعضها أيسر مع ما فيه من حذف المؤكد وعامله وبقاء التأكيد وذلك غير معهود اهـ يعقوبي.
قوله: (على المحذوف) أي على عينه.
قوله:( كوقوع الكلام) أي الذي حذف فيه المسند يعقوبي.
قوله: (جوابا) نصب على الحال من الكلام.
قوله: (محقق) بأن يذكر السؤال ولو على وجه الفرض يعقوبي.
قوله: (فحذف المسند) أي الفعل المسند إلى الفاعل وهو الله كما تبين لك من التقدير فأل في المسند للعهد.
وقوله: (بدليل.. إلخ) جواب عما يقال هلا جعلت لفظ الجلالة في الآية مبتدأ والخبر محذوف بأن يكون التقدير الله خلقهن ويكون من حذف المسند أيضًا، وما المرجح لكونه فاعلا هذا وإنما تركت المطابقة بين السؤال والجواب في الاسمية والفعلية لأن في رعاية المطابقة إيهام قصد التقوية وهو لا يليق بالمقام لأن التقوية شأن ما يشك فيه، أو ينكر واعتبار ذلك هنا غير مناسب للمقام أفاده الصبان عن الأطول. قوله: (فهو فاعل.. إلخ) تفريع على قوله فحذف المسند.
قوله: (أو مقدر نحو.. إلخ) الأولى إبداله بقوله والثاني نحو.. إلخ.
قوله: (ليبك يزيد) ببناء الفعل للمجهول، ويزيد نائب فاعل تعدى إليه يبكي بنفسه لأن بكى يستعمل متوصلا بعلى، ومتعديا بنفسه فيقال بكيت عليه وبكيته اهـ يعقوبي. أي فليس من الحذف والإيصال والأصل ليبك على يزيد.
قوله: (لخصومه) متعلق بضارع وإن لم يعتمد على شيء، لأن الجار والمجرور يكفيه رائحة الفعل، وتعليقه يبكي المقدر ليس بقوي من جهة المعنى اهـ مطول.
وقوله: (ليس بقوي.. إلخ) لأن هذا البكاء بكاء موته لا بكاء الخصومة مع أنها ليست سببا قريبا للبكاء قاله عبد الحكيم.
قوله:( كأنه قيل.. إلخ) جوز في الأطول أن يكون السؤال الناشئ من ذكر ليبك من المأمور بالبكاءـ، فيكون المقام مقام حذف المسند إليه أي المأمور ضارع اهـ صبان.
قوله: (يبكيه ضارع) في المفصل أن التقدير ليبكه ضارع، وهو أليق بالمعنى، كما أن يبكيه ضارع أوفق للسؤال أعني من يبكيه كذا في شرح المفتاح عبد الحكيم اهـ صبان.
قوله: (من أجل الخصومة) أي خصومة الغير معه، ويحتمل أن تكون اللام للوقت، ويرجح لأنه يحتمل خصومته وخصومة غيره عبد الحكم.
وقوله: (ويحتمل.. إلخ) والمعنى حينئذ أن الضارع وقت الخصومة مطلقًا يبكي على يزيد لتذكره ما كان عليه من إغاثة الملهوف.
وقوله: (لأنه يحتمل.. إلخ) أي فالكلام حينئذ أبلغ في المدح تأمل.
قوله: (مما تطيح) متعلق بمختبط وما مصدرية، والمعنى أن المختبط: أي السائل من أجل إهلاك الطوائح أي: الوقائع والشدائد ماله يبكي يزيد، لأنه كان يكسب المعدوم وتعليقه يبكي المقدر: أي يبكي من أجل إهلاك المنايا يزيد يأباه سليقة الشعر، لأنه لما بين سبب الضراعة ناسب أن يبين سبب الاختباط أيضًا من السعد والصبان.
قوله: (للمعروف) أي طالبا للمعروف والإحسان دسوقي.
قوله: (من غير وسيلة) أي أخفى عن الناس سؤاله لأنه كان أهل ثروة، وابتلى بالسؤال لأجل إهلاك المهلكات ماله أطول اهـ صبان، وهذا يفيد أن المراد بالوسيلة الشخص المجعول واسطة، وفسرها عبد الحكيم بالعلقة والسابقةـ: أي من يأتي إليك للمعروف بهذا الوصف لكونه قد اشتد احتياجه للمعروف حتى حمله على الإتيان إليك مع عدم قوة رجائه بعد العلقة والسابقة تأمل.
قوله: (فالطوائح جمع مطيحة.. إلخ) على حذف الزوائد كما يقال أعشب فهو عاشب ولا يقال مطيحات على القياس عبد الحكيم.
وقوله:( كما يقال.. إلخ) التشبيه في العدول إلى صيغة فاعل لإلغاء الزوائد في كل، وإن كان المشبه جمعا والمشبه به مفردًا تأمل.
قوله: (فمختبط معطوف.. إلخ) هذا معلوم في نفسه متبادر من لفظ البيت وأما إنه معلوم مما سبق، فلا يظهر للفاء وجه فالمناسب الواو تأمل.
قوله: (ومقصود الشاعر أنه ينبغي.. إلخ) أشار بقوله ينبغي إلى اللام في ليبك، وترك المجمل الذي هو منشأ السؤال اكتفاء بتفصيله، وماله ولو ذكره لقال إنه ينبغي أن يبكي على يزيد يبكي عليه رجلان.. إلخ، تأمل.
قوله: (لأنه.. إلخ) تعليل ليبك.
قوله: (لم يكن.. إلخ) إذا لم يحذف فيه المسند.
قوله: (مع عدم المقتضي للعدول عنه) أي مع عدم نكتة تقتضي العدول إلى الحذف مما تقدم وذلك كقولك ابتداء زيد صالح دسوقي.
قوله: (لضعف التعويل على القرينة) يعني أن وجود القرينة مصحح للحذف لا موجب، فإن عول على دلالتها حذف، وإن لم يعول عليها احتياطًا بناء على أن المخاطب لعله ينقل عنها ذكرا، وإن كان المخاطب والكلام في الحالين واحدا عبد الحكيم.
قوله: (نحو جاء زيد.. إلخ) يصلح مثالا للتعريض والاحتياط.
قوله: (فيفيد التجدد.. إلخ) أي صريحًا على ما المفتاح، فلا يرد ما قيل إن قامت القرينة على كونه اسما أو فعلا، فعند الحذف أيضًا إفادة النبوت أو لتجدد ومتحققة، وإن لم تقم القرينة على ذلك، فلا يجوز الحذف أصلا والمراد بالتجدد اقتران المسند بالزمان وبالثبوت حصول المسند للمسند إليه من غير دلالة على تقييده بالزمان اهـ. عبد الحكيم.
وقوله: (فلا يرد ما قيل.. الخ) حاصل الإيراد أنه إن كان المراد الذكر الذي لا قرينة مع ضده، فهو واجب لا يعلل لأنه لتأدية أصل المراد، وإن كان المراد الذكر الذي مع ضده وهو الحذف قرينة فأفاده التجدد أو الثبوت ليست قاصرة على الذكر. وحاصل الجواب أنا نختار الشق الثاني ونريد إفادة ما ذكر صريحًا وهي قاصرة على الذكر.
قوله: (فيفيد المخبر.. إلخ) تفريع على ما قبله مفاد به ضبط المصنف وما حذف منه.
قوله: (لأنه إذا حذف.. إلخ) تعليل لترتب الإفادة المذكورة على الذكر وأراد لا يدري صريحًا كما علمت.
قوله: (لأن أصل الاسم.. إلخ) وقوله من قال يدل اسم الفاعل على الحدوث، بخلاف الصفة المشبهة يحمل على أن ذلك بعروض الاستعمال، وهو كثير لا في أصل الوضع، وإلا كان كالفعل يعقوبي.
وقوله: (وهو كثير) جملة حالية من الاستعمال، ثم قول الشارح لأن أصل الاسم.. إلخ، أي وهي مشتملة عليه وما اشتمل على ما يدل على شيء فهو دال عليه.
قوله: (لعدم دلالته على الاقتران بالزمان) أي الذي هو التجدد ولا واسطة بين التجدد والثبوت، فمتى انتفت الدلالة على أحدهما ثبتت الدلالة على الآخر، فهذا تعليل لكون الأصل في الاسم الدلالة على الثبوت.
قوله: (لدلالة الفعل.. إلخ) يقال فيه نظير ما مر في قوله لأن أصل الاسم.. إلخ.
قوله: (قلت دلالتها.. إلخ) حاصله أنها وإن أفادت الحدوث باعتبار إسناد الفعل إلى ضمير المبتدأ، فهي مفيدة للثبوت من حيث كونها اسمية، وقد رأيت في الصبان عن سم عن شيخه الصفوي عند شرح قول الأصل في إن وإذا، ولكونهما لتعليق أمر بغيره إلى آخر ما يفيد هذا الجواب، وهو أن الاسمية من حيث هي اسمية لا تدل على حدوث، ولا تجدد فما خالف هذا الجواب مما ذكره في المطول وغيره مؤول، فلا تغتر بظاهره كما اغتر بعض الشراح وادعى أن هذا الكلام لائح بطلانه.
قوله: (باعتبار أحد جزأيها.. إلخ) في عده الفعل جزءًا تسامح وإنما الجزء هو الجملة بتمامها تأمل.
قوله: (وأفردوه) أي أتوا به مفردا.
قوله: (لانعدام.. إلخ) أي لاقتضاء المقام انعدام التقوية أي انعدام إفادتها.
قوله: (وسبب ببا) ءين عطف على التقوية بلا تقدير وفسره بعض الشراح بالسببية، ولينظر هل يسوغ الوزن حذف مثل هذين الحرفين أعني ياء النسبة وتاء التأنيث، والذي يظهر أن المراد بالسبب الرابط بين المسند والمسند إليه، ثم المراد رابط مخصوص وهو ما ليس مسندا إليه في جملة الخبر، ويلزم من انعدامه انعدام كون الخبر سببيًا لأن السببي ما اشتمل على الرابط المذكور، كما وضحه الشارح ولو قال المصنف بدل الشطر الأخير* وسببه كهند معطيه* لأجاد قال السعد، ثم السببي والفعلي من اصطلاحات صاحب المفتاح حيث سم في النحو الوصف بحال الشيء نحو رجل كريم وصفا فعليا، والوصف بحال ما هو من سببه نحو رجل كريم أبوه وصفا سببيا، وسمى في علم المعاني المسند في نحو زيد قام مسندًا فعليا وفي نحو زيد قام أبوه مسندًا سببيًا.
قوله:( كالزهد رأس التزكية) أي الزهد في الدنيا أصل التزكية للنفس من رذيلة الذل للخلق ومراآتهم في الأعمال، واستعبادهم بها بالطمع فيما بأيديهم، ومن رذيلة البخل في الأعمال ورذيلة التكبل بالشهوات ونسيان الآخرة اهـ ع ق، ثم هذا مثال لما انعدم منه الأمر إن بسبب كونه مفردًا.
قوله: (أي كونه اسما مفردًا) المناسب أي الإتيان به مفردًا كما فسر به ع ق، إذ كون الاسم مفردًا إنما يفسر به المفردية، وقد رجح الشارح إلى هذا التفسير في قوله بعد، فيؤتى به اسمًا مفردًا لعدم.. إلخ، تأمل.
قوله: (لعدم.. إلخ) أي لاقتضاء المقام عدم إفادة تقوية الحكم، واقتضائه كون المسند غير سببي والمراد بإفادة التقوية هنا الإفادة الحاصلة بنفس التركيب نحو قولك زيد قام، وأنت عرفت كما يأتي فإن الإخبار بالفعل يفيد التقوية بنفس تركيبه مع المبتدأ لأن المبتدأ يطلب ذلك الفعل المسند غليه ضرورة استدعائه الخبر، فانساب بينه وبينه عند ذكره بعده ثبوت، وإذا كان الفعل متحملا لضمير المبتدأ مسندا إليه انعقد ينه وبين المبتدأ ثبوت آخر ضرورة كون مصدوق ذلك الضمير هو المبتدأ، فهذا التركيب يفيد التقوية بالوجه المذكور، وهو المحترز عنه لأنه متى تحقق وجب كون المسند جملة واحترزنا بقولنا، والمراد بإفادة التقوية الإفادة الحاصلة بنفس التركيب من الحاصلة بتكرر المسند، فإنها لا تنافي الإفراد كقولك عرفت قاله ع ق، ثم قوله لعدم.. إلخ، علة للأفراد. واعترض عليه بالجملة الواقعة خبر ضمير الشأن نحو قل هو الله أحد، فإنها غير سبي ولا مفيدة للتقوى فقد وجدت علة الإفراد دونه والعلة والمعلول متلازمان وجودًا وانتفاء. وأجيب بأنها مفرد معنى لكونها عبارة عن المبتدأ ولهذا لا تحتاج إلى الضمير، وإن كانت جملة صورة على أنه يمكن أن يقال إن انتفاء الأمرين شرط في الإفراد لا سبب فيه، والشرط لا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم ذكره الدسوقي. ويجاب أيضًا بأن العلة المذكورة علة مجوزة، فلا يلزم من وجودها وجود المعلول قرره شيخنا.
قوله: (غير سببي) أي غير منسوب للسبب الذي هو الضمير سمى الضمير سببا تشبيها له بالسبب اللغوي الذي هو الحبل، لأن الضمير تربط به الصلات والصفات، كما أن الأمتعة تربط بالحبل دسوقي، وسيشير الشارح إلى هذا عند قول المصنف وجملة لسبب.. إلخ.
قوله: (نحو زيد قائم) مثال للمفرد المنتفي فيه التقوية والسببية.
قوله: (لاستعداد.. إلخ) ولا شك أنه لا يتصف بما ذكر إلا خالص من الرذائل.
قوله: (والسببي جملة.. إلخ) إن قلت إن في التعريف دورا لتوقف كون المسند سببيا على كونه جملة حيث أخذت في تفسيره، وتوقف كونه جملة على كونه سببيا كما هو صريح قول المصنف بعد: وجملة لسبب أو تقوية. ومستفاد من كلامه هنا مفهوما، لأن مفهوم قوله وأفردوه.. إلخ، أن كونه سببيا علة لكونه جملة. قلت المفهوم من كلام المصنف هنا وصريحة فيما يأتي أن كون المسند سببيا علة لا يراده جملة لا علة لتصور كونه جملة، فالمتوقف على كونه سببيا إيراده جملة لا تصورها والمتوقف على كونه جملة تصور كونه سببيا لا إيراده، فاختلفت جهة التوقف فلا دور فتأمل.
قوله: (علقت على مبتدأ) أي ربطت به.
قوله: (بعائد) أي متلبسة بعائد أو الباء متعلقة بعلقت صبان.
قوله: (وكونه فعلا) أي ماضيا أو مضارعا أو أمرًا، وقوله فللتقييد: أي فلإفادة الوصف والفاء زائدة أو على توهم، أما وقولوه بالوقت: أي المدلول للفعل وهو أحد الأزمنة الثلاثة من المضي والحال والاستقبال وقوله مع إفادة التجديد: أي الحدوث بعد العدم ا هـ ع ق.
وقوله: (تقييد الوصف) أي الحدث الذي دل عليه الفعل، ثم إن في عبارة المصنف أمرين ترك تقييد التقييد بالوقت، وإفادة التجدد بكونهما على أخصر وجه مع أن ترجيح الفعل على الاسم بكل منهما، إنما يتأتى به إذ لولا هو لورد أنه يمكن كل منهما بالاسم بضميمة القرينة نحو زيد ضارب أمس أو غدا الثاني إطلاق التجديد وإرادة أثره وهو التجدد وفيه نوع كافة ولو قال:

والفصل التقييد بالزمان مع = تجدد على اختصار قد يرع
لسلم منهما فتأمل.

قوله: (للثبوت) أي الحصول من غير تعرض لكون ذلك الحصول متجددًا أم لا.
وقوله: (والدوام) أي دوام ذلك الحصول ا هـ ع ق.
قوله: (الماضي.. إلخ) الماضي هو زمان قبل زمانك الذي أنت فيه، والاستقبال هو زمان من شأنه أن يرتقب حصوله بعد زمانك، والحال هو أجزاء من أواخر الماضي، وأوائل المستقبل بشرط تعاقبهما بلا مهلة ولا تأخر، واحترزنا بالتعاقب بلا مهلة من الأجزاء التي وقع فيها فصل كما إذا اعتبر جزء من الثالث منه أو الرابع فما فوق، فلا يسمى حالا، ثم تلك الأجزاء المسماة بالحال لم تبن على التضييق حتى لا يسمى منها حالا إلا ما صادفه النطق فقط بل يعني الأمر على عرف أهل العربية، كما يقال زيد يصلي، ويكون حالا إذا كان في أثناء الصلاة المتعاقبة، ولو كان قد فرع منها شطر وبقي شطر، فعلم مما ذكر أن ليس المراد بنفي المهلة والتراخي نفي الاتساع عن تلك الأجزاء رأسًا بل المراد نفي الفصل بين أجزاء الزمان المعتبرة حالا، ومقدارها حينئذ في الاستماع هو بعد نفي الفصل بينهما يعتبر عرفا يعقوبي.
قول: (على أخصر وجه) كان ينبغي أن يؤخره عن قوله مع إفادة التجدد ليتعلق بإفادة التجدد والتقييد على سبيل التنازع، إذ يمكن كل منهما بالاسم بضميمة القرينة، فترجيح الفعل بكل منهما على الاسم لا يتأتى إلا بقصد الاختصار. فإن قلت لا يرجح ذلك الفعل المضارع عل الاسم، لأن تقييده بأحد الأزمنة يتوقف على القرينة لاشتراكه. قلت يحصل به التقييد بدون القرينة بأحد الأزمنة بمقتضى الوضع لا محالة، وإنما يحتاج إلى القرينة ليتعين المراد. فإن قلت فما الفائدة حينئذ في الإيراد فصلا وله مندوحة عن القرينة إلا أن القرينة هنا لتعين المزاد، وفي الاسم للتقييد قلت فائدته التدرج في التعيين، وذلك موجب لمزيد التقرير. بقى أنه لا يظهر منافاة التقييد بالقرينة العقلية التقييد على أخصر وجه، إذ القرينة العقلية لم تعد من موجبات الأطناب أطول اهـ. صبان .
وقوله: (التدرج في التعيين) وذلك لأنه قد عين الحدث أولا بكونه في زمان يحتمل كونه الحال وكنه الاستقبال، ثم عين ثانيا بالقرينة بكونه في زمان معين هو الحال أو الاستقبال تأمل.
قوله: (لدلالة.. إلخ) علة لقوله فللتقييد.. إلخ.
قوله: (بصيغته) أي بهيئته.
قوله: (ولا يتأتى.. إلخ) جواب عما يقال إن التقييد بأحد الأزمنة يوجد في الاسم، فكيف يجعل علة لكون المسند فعلا. فأجاب بأن العلة هو التقييد مع الأخصرية اهـ صبان.
قوله: (إلا بقيد أمس.. إلخ) الإضافة للبيان وهذا القيد هو قرينة.. إلخ، يدل بها الاسم على أحد الأزمنة فقد أفاد أن الاسم إنما يدل عليه بقرينة خارجة، ثم إنه كان المناسب للشارح أن يزيد أو نحو ذلك بعد قوله غدا لا تنحصر القرينة فيما ذكره قال الصبان: لا يقال قد سبق أن اسم الفاعل حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال، فينبغي أن لا يحتاج لقرينة إذا أريد الحال، واحتياجه لها إذا أريد غيره ،كاحتياج الفعل لها إذا أريد غير الزمان الذي هو حقيقة فيه، وحينئذ لا فرق بين الفعل واسم الفاعل. لأنا نقول معنى كونه حقيقة في الحال أنه حقيقة في الحدث الحال لا في الزمان الحال ضرورة أن الزمان ليس جزء مدلوله بخلاف الفعل، فإنه جزء من مدلوله وذلك ظاهر، وفيه نظر لأن من لازم كونه حقيقة في الحدث الحال دلالته على الزمان الحالي، لأنه لازم معناه، فلا يحتاج في الدلالة عليه لقرينة. والجواب أن المراد الدلالة على أحد الأزمنة صريحًا، واسم الفاعل لا يدل عليه صريحًا بل التزامًَا فإذا أريد الدلالة عليه صريحًا احتاج إلى قرينة ع س سم. بتصرف فتحصل أن معنى كلام الشارح ولا يتأتى في الاسم ذكر من الدلالة على أحد الأزمنة صريحا إلا بقرينة.
قوله: (مع إفادة التجدد.. إلخ) حاصل المقام أن المسند يكون فعلا للتقييد المذكور مع زيادة إفادة تجدد الحدث المدلول لذلك الفعل عند اقتضاء المقام ما ذكر من التقييد، والإفادة وهذا التجدد المفاد للفعل إنما أفاده، لأنه لما دل على الزمان الذي هو كم أي عرض قابل القسمة لذاته غير قار الذات بحيث لا تجتمع أجزاؤه في الوجوه، فيلزمه التجدد ناسب أن يعتبر التجدد في الحدث المقارن له في دلالة الفعل كما أنه معتبر فيه لكن التجدد المعتبر في الحدث هو الحصول بعد أن لم يكن والمعتبر في الزمان بمعنى الحصول على وجه الاستمرار شيئًا فشيئًا، فالموافقة بينهما في مطلق التسمية وهذا اللازم للزمان إنما يستفاد من الفعل المضارع بواسطة المقام والقرينة، فتحصل أن التجدد المفاد للفعل مطلقا بلا واسطة هو تجدد الحدث، بمعنى حصوله بعد أن لم يكن والذي هو لازم للزمان، ولإيفاد إلا من المضارع بالقرينة هو التجدد بمعنى الحصول على وجه الاستمرار شيئًا فشيئًا، فمراد المصنف بالتجديد في البيت تجدد الحدث لا التجدد اللازم للزمان هذا ما أفاده اليعقوبي وغيره. إذا علمت هذا فقول الشارح أي التكرر وقوع مرة بعد أخرى لا يصح، إذ ليس هذا هو المفاد للفعل المراد هنا بل هو لازم للزمان.
وقوله: (ولازم الجزء لازم للكل) لا يناسب أيضًا لأنه صريح في تجدد مجموع معنى الفعل المركب من الحدث الزمان دون المطلوب الذي هو تجدد الحدث، فالمناسب لو قال مع إفادة التجدد: أي تجدد الحدث حلول الفعل، وذلك لأنه لما كان التجدد لازما للزمان الذي هو جزء مفهوم الفعل ناسب أن يعتبر في جزئه الآخر وهو الحدث، وإن كان اللازم للزمان بمعنى الحصول على وجه الاستمرار شيئًا فشيئًا المعتبر في الحدث بمعنى الحصول بعد أن لم يكن، فالموافقة في مطلق التسمية، وإنما لزم الزمان التجدد المذكور، لأن الزمان عرض.. إلخ، هذا هو التحقيق الجميل الذي ينبغي عليه التعويل.
قوله: (للزم ذلك) أي التجدد وهذا تعليل لكون الفعل يفيد التجدد.
قوله: (إذ الزمان عرض) أي وما هو كذلك يلزمه التجدد بمعنى الحصول على وجه الاستمرار شيئًا فشيئًا، فهذا تعليل للزوم التجديد للزمان.
قوله: (أي لا تجتمع.. إلخ) تفسير لقوله غير قار الذات صبان.
قوله:( كقوله.. إلخ) شاهد للمسند الفعل الذي ولإفادة ما ذكر.
قوله: (أو كلما وردت.. إلخ) الشاهد في قوله يتوسم وعكاظ سوق للعرب كانوا يجتمعون فيه، فيتناشدون فيه ويتفاخرون وكانت فيه وقائع.
وقوله: (بعثوا.. إلخ) يعني أن لي على كل قبيلة جناية إذا وردوا عكاظ طلبني الكافل بأمرهم وهذا مدح في العرب للجرئ منهم، وقيل إنما بعثوا إليه أنهم لا يتم لهم إظهار مفاخرهم إلا بحضرته، لأنه الرئيس على كل شريف والقاضي على كل مجد منيف اهـ من السعد والصبيان.
قوله: (وتأملها شيئًا فشيئًا) هذا التفسير للسعد وغيره قال الصبان هو تفسير بحسب المقام، فلا ينافي ما مر من أن اللازم للفعل التجدد بمعنى الحصول بعد أن لم يكن لا بمعنى التقضي شيئًا فشيئًا اهـ.
قوله: (وأما الثاني) أي الاسم.
قوله: (فالعدم.. إلخ) أي فلا إفادة عدم.. إلخ، مر نظيره.
قوله: (وإرادة الثبوت.. إلخ) أي إرادة إفادة ما ذكر وهذا عطف تفسير بحسب المراد من إفادة عدم ما ذكر: أي إن المراد من إفادة عدم ما ذكر هو الإرادة المذكورة، وليس المراد إفادة العدم المستلزمة مطلق الثبوت، ولو حذف قوله فلعدم ما ذكر من التقييد والتجدد لكان أحسن وأوفق بكلام المصنف، ثم إن إفادة الثبوت الذي هو تحقق المحمول للموضوع باسمية المسند بحسب أصل الوضع، وإفادة الدوام إنما هي من خارج لا بحسب أصل الوضع، فكلام المصنف محمول على أن الدوام من خارج، فلا منافاة بينه وبين ما أفاده الشيخ عبد القاهر من أنه لا دلالة للاسم على الدوام بحسب الوضع حيث قال إن وضع الاسم لأجل أن يثبت به الشيء للشيء من غير اقتضاء أنه يتجدد ويحدث شيئًا فشيئًا، فلا نعرض في زيد منطلق لأكثر من إثبات الانطلاق فعلا له كما في زيد طويل وعمرو قصير اهـ. أفاده السعد والصبان.
قوله: (لأغراض.. إلخ) ككمال المدح أو الذم لأنهما بالدائم الثابت أكمل اهـ. يعقوبي.
قوله: (لا يألف الدرهم المضروب صرتنا) أعلم أن في إضافة الصرة إلى ضمير المتكلم مع الغير نكتة دقيقة، وهي أن صرته مشتركة بينه وبين غيره والمشهور نصب صرتنا على أنه مفعول ليألف والأحسن نصب الدرهم المضروب ليكون عدم الألفة من جانب صرته أطول.
وقوله: (إلى ضمير المتكلم مع الغير) أي يكون لما ذكر فلا ينافي أنه هنا للمعظم نفسه اهـ صبان بحذف.
قوله: (لكن.. إلخ) فيه تكميل حسن، إذ قوله لا يألف.. إلخ، ربما يوهم أنه لا يحصل له جنس الدراهم فأزاله اهـ فنرى.
قوله: (من غير.. إلخ) المناسب أن يزيد قبله دائمًا كما فعل السعد، لأن قوله من غير.. إلخ، لا يفيد الدوام بل يصدق بمطلق الثبوت تأمل، وإنما كان مراده أن الانطلاق دائم، لأن مقام المدح يقتضي دوام ذلك بدليل قوله قبل هذا :
إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا = ظلت إلى طرق الخيرات تستبق
قاله الصبان.
قوله: (رعيا) مفعول لأجله لقيدوا بمعنى المراعاة.
قوله: (سواء كان اسما أو فعلا) المناسب تقديم الفعل على الاسم لأنه الأصل في العمل فيحمل عليه غيره كما لا يخفى.
قوله: (المفاعيل الخمسة) المفعول به والمفعول المطلق والمفعول فيه والمفعول له والمفعول معه، لكن لابد في المفعول المطلق من كونه غير مؤكد لأن المؤكد ليس فيه تربية الفائدة كما لا يخفى أفاده الصبان.
قوله: (والاستثناء) أي المستثنى قال الرضي المنسوب إليه الفعل، أو شبهه هو المستثنى منه مع المستثنى، وإنما أعرب المستثنى منه بما يقتضي المنسوب دون المستثنى، لأنه الجزء الأول والمستثنى صار بعده في حيز الفضلات اه،ـ وبهذا ظهر كونه قيدا للفعل واندفع ما قيل إن المستثنى من تتمة المستثنى منه فهو من تتمة الفاعل والمفعول وغيرهما، فلا معنى لتقييد الفعل به اهـ عبد الحكيم.
وقوله: (من تتمة الفاعل) أي إن كان الاستثناء منه وكذا يقال فيما بعده.
وقوله: (فلا معنى للتقييد) الفعل به لأنه إما جزء من تمام الكلام إن كان من الفاعل، وإما جزء قيد إن كان من غيره فهو ليس بقيد على كل حال.
قوله: (وذلك) أي التقييد لما ذكر.
قوله: (لتتميم الفائدة) قلت هذا مشكل في المفعول به، لأن الفعل المتعدي يتوقف على تعقل المفعول به، فالتقييد به لأصل الفائدة لا لتتميمها، وأي فرق بينه وبين الفاعل فإن تعقله يتوقف على كل منهما. قلت المتعدي يتوقف تعقله على تعقل مفعول ما وهو معقول لكل أحد لا على تعقل المخصوص بخلاف الفاعل، فإن تعقل الفعل يقتضي تعقل خصوصه لأنه اعتبر في مفهومة النسبة إلى الفاعل الخاص فتأمل سم اهـ صبان.
قوله: (وتقويتها) تفسير.
قوله: (فإن قولك.. إلخ) إن قلت المناسب فإن قولك ضربت زيدا أقوى فائدة من ضربت ببعده عن الاحتمال، لأخصيته من ضربت لأن المقصود بهذا التعليل إثبات كون المقيد بالمفعول أقوى فائدة، لأنه أخص إذا هذا ثابت لا كلام فيه. قلت محط التعليل قوله بعد وأقوى فائدة. إن قلت يبعده أمران تأخيره مع أنه المقصود من التعليل، وحذفه والاقتصار على الأخصية في قوله وكذا ضربته.. الخ. قلت أما التأخير فلأنه أراد التمهيد له بذكر ما يترتب عليه، وأما حذفه فيما بعد فمن الحذف من الثاني لدلالة الأول وهو كثير جدًا تأمل.
قوله: (أي مشبه) أي فالكاف اسم بمعنى مشبه.
قوله: (أي الفعل وشبهه) اعلم أن منطوق المصنف ثبوت ما ذكر لشبه الفعل ويفهم منه ثبوته للفعل بالأولى، فقول الشارح أي الفعل.. إلخ، ليس بيانا للمنطوق فقط بل لكل من المنطوق والمفهوم تأمل.
قوله: (أو غير ذلك) كأفعل التفضيل والصفة المشبهة وصيغ المبالغة.
قوله: (من شبه المفعول) أي من حيث الانتصاب قاله الدسوقي وغيره وقوله به لا حاجة إليه.
قوله: (لأنه هو المسند) أي فلا يحصل إلا به فهذا تعليل لقوله لعدمها بدونه.
قوله: (لأنه هو المسند) لأنه الدال على الحدث بخلاف كان فإنها لا دلالة لها على الحدث ،كما قال السيد وغيره بل هي إنما تدل على الزمان أفاده الصبان وللدلالة المذكورة أشد الشارح بقوله بل مقيديه وسيصرح به بعد.
قوله (فالمعنى.. إلخ) لعل أصل النسخة تقيدت نسبة القيام.. إلخ، وانحرفت على الناسخ، وإلا فقوله تقييد.. إلخ، لا يلائم قولك كان زيد قائمًا تأمل.
قوله: (فقط) راع للمدلول والأوضح جعله بجانبه.
قوله: (وإن دلت وضعا.. إلخ) هذا خلط مذهب بمذهب، لأن القائل بدلالتها على الزمان فقط لا يقول بدلالتها على الحديث ،كما تقدم ولا يقال على مذهبه، ففي كل من الفعل.. إلخ، إنما يقال هذا على مذهب الرضى القائل بدلالتها على الحدث كما تقدم، ولا يقال على مذهبه ففي كل من الفعل.. إلخ، إنما يقال هذا على مذهب الرضى القائل بدلالتها على الحدث أيضًا كما أفاده الصبان. فالمناسب أن يقول بدل قوله وإن دلت.. إلخ، خلافا لمن قال إنها تدل على الحدث أيضًا ففي كل.. إلخ.
قوله: (فإن الأول يدل وضعا.. إلخ) فمعنى كان زيد حصل شيء لزيد وقولك قائمًا ونحوه تفصيل لذلك لشيء المبهم أفاده الصبان.
قوله: (من زمان.. إلخ) أشار بالزمان والمكان إلى المفعول فيه، وبالسبب إلى المفعول له.
وقوله: (أو نحو ذلك كمصاحبة) وما وقع عليه الفعل وما بين نوعه أو عدده.
قوله: (انتهاز الفرصة) نحو غزال وقع.
قوله: (أي المبادرة) تفسير للفرصة، وقوله أي انقضاؤها تفسير للانتهاز وفي الكلام حذف مضافين: أي وتركوا التقييد لخوف انقضاء زمن المبادرة والذي في القاموس أن الانتهاز هو الاغتنام، وأن الفرصة هو النوبة وهي هنا الأمر المحبوب الذي يتناوب حصوله بحيث يحصل لهذا تارة، ولهذا أخرى وإجراء المصنف على هذا أولى وأظهر.
قوله: (الجهل بالقيود) بأن جهل المتكلم مفعول الفعل أو زمانه أو مكانه أو نحو ذلك.
قوله: (عدم الحاجة إليها) لعلمها من المقام مثلا.
قوله: (وخصصوا.. إلخ) إن قلت ما النكتة في مخالفته للأصل حيث قدم التخصيص المذكور على التقييد بالشرط، مع قوله في الخطبة سلكت ما أبدى.. الخ. قلت هي كون كل من الإضافة والوصف أشد تعلقا بالمسند من الشرط، إذ الإضافة يصير بها المتضايفان كالشيء الواحد والوصف له حكم الموصوف تدبر.
قوله: (بالوصف) أي بوصفه.
وقوله: (والإضافة لغيره) ثم إن المصنف قد حذف علة التخصيص من غير ذليل وأفادها الشارح بقوله لقصد التخصيص ولو قال المصنف:
وخصصوا بالوصف والإضافه = للقصد والترك حوى خلافه
لسلم مما وقع فيه تأمل بإنصاف.
قوله: (خلافه) أي خلاف التخصيص كما سيشير إليه الشارح وسنوضحه.
قوله: (قد يكون تقييد.. إلخ) أشار بلفظ التقييد إلى ما صرح به السعد من أن جعل معمولات المسند، كالحال ونحوه من المقيدات وجعل الإضافة والوصف من المخصصات، إنما هو مجرد اصطلاح فاعرفه. قوله:( كقولك أخوك.. إلخ) عبارة ع ق فيقال في التخصيص بالوصف زيد كاتب مجيد مخصصا كتابته بالإجادة، وزيد أبيض ناصع تخصيصًا لبياضه بالنصوع دون غيره، وإنما لم نمثل بنحو زيد رجل صالح لأنه قد يدعي أنه لا فائدة إلا بالوصف فلا تخصيص اهـ.
وقوله: (قد يدعي.. إلخ) أي فيحتاج إلى الجواب بأن زيدا قد يكون صبيا والرجل هو البالغ، وما لا يحوج إلى الجواب أولى إذا عرفت هذا عرفت أنه كان الأولى للشارح أن يمثل بما مثل به ع ق.
قوله:( كستر) فهذا يقتضي خلاف التخصيص وهو الإبهام على من أريد الستر عنه.
قوله: (انتهاز فرصة) نحو هذا غزال من غير ذكر كبير أو نحوه.
قوله: (وكونه.. إلخ) تبع المصنف الأصل في تأخير هذا عن ترك التقييد بمفعول ونحوه. وقد اعترض عليه بأنه كان ينبغي أن يقدم هذا على حالة ترك التقييد المذكور، ويؤخر ترك التقييد لتجري القيود الوجودية على سنن واحد ذكره الصبان عن يس والجواب عنه هناك لا يتأتى هنا كما يعلم بمراجعته، وسنن الواحد هو التقديم على غيرها، ثم هذا الاعتراض لا يجري في التخصيص بالوصف والإضافة نظرا لكونهما ليس من القيود في اصطلاحهم كما علمت.
قوله: (معلقا) أي على الشرط وقوله بالشرط أي بسبب أداة الشرط المقتضية لتعليق المسند على مدخولها ع ق.
قوله: (فلمعاني) أشار ع ق إلى أن الفاء واقعة في جواب أما المحذوفة الداخلة على كونه، وأن اللام داخلة على مضاف محذوف هو إفادة وقدر الشارح تحصيل وكل صحيح.
قوله: (قد يقيد.. إلخ) فسر الشارح كالمصنف في شرحه التطبيق بالتقييد للإشارة إلى أن التعليق تقييد، وهو المستفاد من عباراتهم وفي ع ق أنهما متغايران فراجعه.
قوله: (بالشرط) أي بفعل الشرط وهذا بسبب أداته.
قوله: (لتحصيل معنى أداته) أي لتصييره حاصلا في ذهن السامع مع التعليق الذي بسببها: أي لاقتضاء المقام تصيير معنى أداة الشرط حاصلا في ذهن السامع، مع تعليق حصول مضمون جملة بحصول مضمون أخرى حاصل ذلك التعليق بسبب تلك الأداة، فالمقام يقتضي كلا من الأمرين كما يفيده الصبان وغيره ويصرح به عبارة ع ق، حيث قال فمن مثلا من أدوات الشرط للعاقل على وجه العموم، فإذا اقتضى المقام تعليق قيامك على قيام عاقل مطلقًا قلت من يقم أقم معه اهـ وقيس.
قوله: (ففيه تقييد.. إلخ) اعلم أن إن تفيد الشك مع التعليق في الاستقبال، فإذا اقتضى المقام التعليق للذكور على وجه الشك لكونك غير جازم بإكرام السامع إياك، مثلا أتيت بأن فقلت إن تكرمني أكرمك، فقد وجد تقييد للمسند الذي في الجزاء بالشرط على وجه الشك لاقتضاء المقام لما ذكر، إذا علمت هذا علمت أنه كان المناسب للشارح في تطبيق المثال أن يقول ما قلناه، وهو فقد وجد.. إلخ، إذ ما ذكره لا يفيد جميع ما اشتمل عليه المثال مما اقتضاه المقام، مع أن مقصوده بيانه مع ما في عبارته من عدم الوضوح.
قوله: (إكرام المتكلم) أي الذي هو المسند في الجزاء.
وقوله: (بإكرام المخاطب) أي الذي هو الشرط.
قوله: (المفاديان) أي المفاد للكلام بأن أي الذي أفاده الكلام بسببها والمفاد بالرفع صفة لتقييد.
قوله: (لأن الشرط قيد في الجزاء) فالكلام هو الجزاء، وإنما الشرط قيد له لكن ينبغي أن يستثنى من ذلك ما إذا كانت أداة الشرط اسما مبتدأ وجعل خبره الجزاء، أو مجموع فعل الشرط والجزاء، فإن الكلام حينئذ مجموع الجملتين كما صرح به في شرح الكشاف، لأن الخبر من حيث هو خبر ليس بكلام، وكذا جزؤه من باب أولى فإن جعل الخبر فعل الشرط كما هو الأصح عند النحاة كان الكلام هو الجزاء اهـ صبان: أي ويكون مضمون جملة الشرط قيدا له.
قوله: (مع الأشعار.. إلخ) فائدة زائدة على التعليل وضمير انه الشرط وضمير فيه للجزاء.
قوله: (تكلم عليها أهل المعاني) وقد أفدناك بعضها وسيأتي بعضها وقس الباقي.
قوله: (وبيان ذلك في الأصل وشرحه) حاصله أن إن وإذا يشتركان في إفادة تعليق حصول الجزاء في المستقبل بحصول الشرط فيه لكن أصل إن: أي موضع استعمالها الحقيقي الشك في وقوع الشرط قيل والتوهم، وقيل وكذا المظنون وأصل إذا الجزم بوقوعه، ولا تستعمل إن في غير الشك، وإذا في غير الجزم إلا لنكتة كما أنهما لا يدخلان على ماض من شرط أو جزاء إلا لنكتة، ولو لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضا في الماضي مع القطع بانتفاء الشرط، فيلزم انتفاء الجزاء كما تقول لو جئتني أكرمتك معلقا الإكرام بالمجيء مع القطع بانتفائه، فيلزم انتفاء الإكرام فهي لامتناع الثاني أعني الجزاء لامتناع الأول، أعني الشرط: أي إنها للدلالة على انتفاء الثاني في الخارج، إنما هو بسبب انتفاء الأول، فإذا اقتضى المقام ذلك قلت مثلا لو جئتني لأكرمتك لإفادة أن الإكرام امتنع وسبب امتناعه امتناع الشرط، فإذا كان المخاطب يعلم انتفاء الإكرام وهو طالب، أو كالطالب في زعمك لسبب امتناعه. قلت ما ذكر أي امتنع إكرامي كما علمت لامتناع مجيئك: أي ولو وقع مجيئك وقع الإكرام وإذا كانت لو لتعليق حصول.. إلخ، فيلزم عدم الثبوت والمضي في جملتيها إذ الثبوت ينافي التعليق والاستقبال ينافي المضي، فلا يعدل في جملتيها عن الفعلية الماضوية إلا لنكتة.
[تنبيه] ما تقدم من أن الكلام هو الجزاء، وأن الشرط قيد هو اعتبار أهل العربية، وللمناطقة اعتبار آخر وهو أن كلا من الشرط، والجزاء خارج عن الخبرية واحتمال الصدق والكذب، وإنما الخبر مجموعهما المحكوم فيه بلزوم الثاني للأول، فمعنى قولنا كلما كانت الشمس طالع، فالنهار موجود باعتبار أهل العربية الحكم بوجود النهار في كل وقت من أوقات طلوع الشمس، فالمحكوم عليه هو النهار والمحكوم به هو الموجود وباعتبار المنطقيين الحكم بلزوم وجود النهار لطلوع الشمس، فالمحكوم عليه طلوع الشمس والمحكوم به وجود النهار فك فرق بين الاعتبارين أفاده السعد.
قوله: (إتباعا) أي لقصد إتباعه للمسند إليه حيث يكون وهو نكرة أيضًا.
وقوله: (أو تفخيمًا) أي لقصد التفخيم: أي التعظيم لأن التنكير مشعر بذلك، فكأنه يقال بلغ من التعظيم إلى حيث ينكر ولا يعرف ع ق.
قوله: (وفقد عهد) أي وإرادة إفادة فقد عهد المسند، ثم إن المصنف اعتبر كلا من هذا وما بعده نكتة، ولا مانع منه وإن كان خلاف ما للأصل من اعتبار مجموعهما نكتة.
قوله: (إذ لا يكون المسند.. إلخ) وما ورد مما يوهم ذلك فمن باب القلب كقوله * ولا يك موقف منك الوداعا * فإن الأصل ولا يكن موقف الوداع موقفا منك ع ق.
قوله: (إلا في نحوكم مالك) أي من كل ما كان من باب الاستفهام، فقد جوزوا فيه أن يكون كم مبتدأ وهو نكرة فمالك خبر وهو معرفة وعبارة ع ق، ونكروا: أي أتوا بالمسند نكرة إتباعًا أي لقصد إتباعه للمسند إليه من حيث يكون هو نكرة أيضًا، فإنه إذا كان المسند إليه نكرة تبعه المسند في التنكير في غير باب الاستفهام إلى أن قال واحترزنا بقولنا في غير باب الاستفهام من نحو قولك من أبوك، فقد جوزوا فيه أن يكون من وهو نكرة مبتدأ، ويكون أبوك خبرا وهو معرفة كذا قيل فيه نظر لأن أبوك في المثال غير متعين المدلول، فالمعنى من شخص يسعى للاسم المذكور ويوجد فيه هناء، فهو في معنى النكرة مصدوقًا وإن عرف مفهومًا فأنظره اهـ.
وقوله: (لأن أبوك.. إلخ) أي وكذا نظيره فالمال في مثال الشارح، فالمعنى كم الشيء الذي يطلق عليه هذا اللفظ ويوجد فيه معناه فهو في معنى نكرة مصدوقًا وإن عرف مفهوما. أقول يظهر لي أن هذا لا يتجه على تخصيص القاعدة، فإن الخبر حيث كان معرفة مفهوما لا يحكم عليه بكونه نكرة، إذ لم يخرج عن التعريف من كل وجه بل يحسن عندي أن هذا يعلل به التخصيص، فيقال إنما خصصت القاعدة بباب الاستفهام أن الخبر فيه نكرة صدوقًا، فاغتفر عدم إتباعه لفظًا لوجود التبعية معنى في الجملة تأمل بنظر دقيق.
قوله: (نحو هدى للمتقين) بناء على أنه خبر ذلك الكتاب أو خبر مبتدأ محذوف: أي هو هدى، فالتنكير في هذين للدلالة على فخامة هداية الكتاب وكمالها، وقد أكد ذلك التفخيم بكونه مصدرا مخبرا به عن الكتاب، فيفيد الإخبار أنه نفس الهداية مبالغة، وأما إن أعرب حالا فهو خارج عن الباب ولو كان التنكير فيه للتفخيم أيضا يعقوبي.
قوله: (نحو ما زيد شيئًا) عبارة اليعقوبي أو للتحقير كقولك الحاصل لي من هذا المال شيء: أي حقير وقد مثل بقول القائل ما زيد شيئًا والظاهر أن التحقير فيه لم يستفد من التنكير بل من نفي الشيئية اهـ. قوله: (نحو زيد شاعر) فالتنكير هنا لإرادة عدم العهد ولو أريد العهد لأتى بأل التي هي له.
قوله: (إرادة التعميم) أي جعل المسند عاما للمسند إليه وغيره، فقوله بأن لا يكون: أي المسند خاصا.. إلخ، تصوير لعمومه الذي في ضمن التعميم، فتحصل أن معنى إرادة التعميم إرادة جعل المسند غير خاص بالمسند إليه مفاد التعميم عدم الحصر الذي في الأصل.
قوله: (إفادة العلم بنسبة) أي لإفادة العلم نسبة خبر معلوم إلى مبتدأ معلوم وسنبين هذا أتم تبيين.
قوله: (أو لازم للحكم) هو لازم فائدة الخبر السابقة ذكر ما الصبان عن سم.
قوله: (العلم بأن ذلك المسند.. إلخ) أي العلم بحصول مسند معلوم لمسند إليه مثله.
فقوله: (أن.. إلخ) مؤول بمصدر هو حصول بمعنى ثبوت مفسر للنسبة، وأشار بهذا إلى أن المراد بالنسبة في كلام المصنف نسبة بين معلوميين لا مطلق نسبة، إذ العلم بها متحقق فيما بين المنكرين أيضًا، فلا يقتضي تعريفا، وأشعر قوله بأصل لذلك المسند إليه المعلوم أن تعريف المسند لا يكون إلا عند تعريف المسند إليه وهو كذلك، إذ ليس كلامهم مسند إليه نكرة ومسند معرفة في الجملة الخبرية التي كلامنا فيها وإن كان في الإنشائية كما في قولك من زيد ومن القائم كما تقدم.
قوله: (إذ لا يلزم.. إلخ) تعليل المحذوف مستفاد مما قبله: أي وإنما صح الاحتياج إلى حكم بأمر معلوم على أمر معلوم حتى عرف المسند لأجل ما ذكر لأنه لا يلزم.. إلخ أفاده ع ق.
قوله: (فإذا كان.. إلخ) حاصل المقام أن السامع على كل تقدير يعرف أن له أسنا، ويعرف الاسم ويعرف الذات حينها لسكن تارة يعلم اتصاف الذات بذلك الاسم، ويجهل اتصافها بالأخوة، فتقول زيد أخوك وتارة العكس، فتقول أخوك زيد، فالضابط في التقديم أنه إذا كان للشيء صفتان من صفات التعريف عرف السامع باتصافه بإحداهما دون الأخرى، فقدم ما يعرف الاتصاف به أفاده السعد والصبان. قال في الأطول هذا الضابط قاصر لأنه لم يبين ما إذا عرف المخاطب كلا من الصفتين للذات، ولم يعرف أن الذات متحدة أيهما، كما إذا عرف المخاطب أن له أخا وعرف زيدا بعينه، ولم يعرف أن زيدا وأخاه متحدان، فتريد أن يقيده ذلك الاتحاد، فأنت حينئذ بالخيار، فاجعل أيهما شئت مسندا إليه اهـ نقله الصبان. أقول يظهر لي أن هذه الصورة هي عين الأولى من الصورتين السابقتين الداخلتين في الضابط، فإنه متى عرف زيدًا بعينه كان عالما بإنصاف الذات بالاسم ومتى جهل الاتحاد كان جاهلا باتصاف الذات بالأخوة، وحيث كان الحاصل هنا علم اتصاف الذات بالاسم وجهل اتصافها بالأخوة كان عين الصورة الأولى فعليك بالإنصاف.
قوله: (أن له) أي لنفس السامع.
قوله: (ولا يعرف اسمه.. إلخ) هذا لازم لعدم معرفة أنه ذات زيد، وإلا فلو حرف أنه ذات زيد لعرف الاسم، فقد اكتفى باللازم عن الملزوم وكان الأوضح التصريح بالملزوم تأمل.
قوله: (فقيل له زيد أخوك) أي بتعريف الطرفين.
وقوله: (حصل له العلم بالنسبة.. إلخ) أي وهي التي بين المعلومين.
قوله: (اتحاد طريق تعريفهما) كأن يكونا معرفين بأل نحو الراكب هو المنطلق، أو موصولين نحو الذي عندك هو الذي كان معي بالأمس.
قوله: (بل تغاير المفهومين) أي بل يشترط تغاير المعنيين للجزأين وإن اتحدا مصدوقا، فقولك الشاعر هو الضاحك مصدوق الجزأين واحد ومعناهما مختلف، إذ معنى الأول ذات ثبت له الشعر ومعنى الثاني ذات ثبت لها الضحك.
قوله: (ولذلك) أي لاشتراط تغاير المفهومين.
قوله: (بشعري الآن.. إلخ) التأويل إنما هو بقوله الآن وبقوله الماضي.. إلخ، وأما مثل فهي للإشارة إلى مضاف مقدر قبل الخبر.
قوله: (بأن المتكلم.. إلخ) بيان للازم الحكم.
وقوله: (بلازم الحكم المناسب) حذف لازم لأن لازم الحكم هو كون المتكلم عالما بنفس الحكم، والمراد هنا الحكم الذي بين المعلومين.
قوله: (فلازم معطوف.. إلخ) تفريع على إعادة لفظ السلم قريبا، إذ فيها إشارة لما ذكره.
قوله: (وقصروا.. إلخ) عبارة ع ق ثم إن تعريف الخبر قد يكون باللام العهدية، كقولك زيد هو المنطلق: أي هو ذلك المنطلق المعهود لك أيها المخاطب، وقد يكون باللام الجنسية والتعريف بها يفيد الحصر حقيقة، أو ادعاء وإلى إفادة الحصر بها أشار بقوله قصروا.. إلخ، اهـ والمراد قصر على المسند إليه.
قوله: (تحقيقا) مفعول مطلق أي قصروا تحقيقا، وكذا مبالغة.
قوله: (بعرف جنسه) أي بتعريف بما يدل على إرادة جنسه: أي جنس المسند وهو أل الجنسية، فعرف بمعنى تعريف وإضافته إلى جنس لأدنى ملابسة، ثم هذا الظرف متعلق بقصروا والباء للسببية.
قوله:( كهند البالغة) مثال الثاني أي كقولك هند البالغة للحسن البديع قصر البلوغ الحسن الرفيع على هند، لأن البلوغ في غيرها كالعدم لقصوره عن مرتبتها، ويحتمل أن يزيد أنها الموصوفة بالبلوغ وهو الاحتلام دون غيرها من أخواتها مثلا، فيكون القصر إضافيا وفيه برودة كما أن في الوجه الأول إجحافًا أفاده ع ق. وعلى الاحتمال الثاني فهو مثال للأول.
قوله: (يعرف) أي بأل الجنسية.
قوله: (إذا لم يكن.. إلخ) أشار إلى أن ضابط القصر الحقيقي أن لا يوجد المقصور في غير المقصور عليه، ثم هو أعم من أن يكون مبنيا على الاستغراق الحقيقي، أو العرفي فزيد الأمير يحتمل أن يراد به كل أمير البلد، فيكون استغراقا عرفيا، فيفيد قصر إمارة البلد تحقيقا أن يراد به كل الأمير، فيفيد قصر الأمير مطلقا لكنه كاذب أطول اهـ. صبان.
وقوله: (مبنيا.. إلخ) أي سببه كون المقصور عليه أسند إليه المستغرق استغراقا حقيقيا أو عرفيا.
قوله: (أو مبالغة) أي قصرا غير محقق بل للمبالغة صبان.
قوله:( كأنك لم تعتد.. إلخ) فقصر الفقه عليه غير محقق بل هو أدعائي.
قوله: (لسبب) أي لوجود سبب موصل للمسند إليه كذا يستفاد من شرح المصنف واللام للسببية، فقول الشارح و ع ق لكونه سببيا بيان للمقصود تأمل.
قوله: (أو تقوية) أي تقوية ثبوت المسند للمسند إليه أو نفيه عنه نحو زيد قام وما زيد قام، ثم إن اللام الملحوظة في المعطوف للسببية أيضًا لا للغرض، فالمعنى ولحصول التقوية: أي التقوى بها ولو لم يكن مقصودا، فتدخل صور التخصيص نحو أنا سعيت في حاجتك ورجل جاءني لحصول التقوى فيها، وإن كان القصد التخصيص أفاده الصبان.
[تنبيه]
التي للتقوية لا تكون إلا فعلية قاله اليعقوبي وهو واضح.
قوله:( كالذكر.. إلخ) مثلك للثاني إذ فيه تكرير إسناد الهداية إلى الذكروية تحصل التقوية.
وقوله: (لطريق التصفية الإضافة للبيان) أي الطريق الذي -وتصفية النفس من الحجب الشهوانية.
قوله: (أو مشتملا.. إلخ) أفاد أنه منسوب إلى السبب.
قوله: (لأنه سبب لربط.. إلخ) تعليل لمحذوف مفهوم مما قبل أي وإنما سمي سببا لأنه.. إلخ، وأراد أنه سبب فاعلي أي إنه رابط للجملة به: أي بالمسند إليه هذا وكان المناسب له أن يقول لأنه رابط للجملة به أي والرابط هو معنى السبب لغة، لأن عبارته ظاهرها تعليل الشيء بنفسه وإن آلت إلى ما ذكر تأمل.
قوله: (نحو زيد قام أبوه) مثال للسبي.
قوله: (بنفس التركيب) بأن يكون المسند جملة مشتملة على الإسناد إلى ضمير المسند إليه.
قوله: (لا بالتكرير) إذ لا يقتضي كون المسند جملة لحصوله مع الأفراد نحو عرفت عرفت.
قوله: (والأداة) يقال فيه ما قيل في التقوى بالتركيب ومثاله إن زيدا عارف.
قوله: (نحو أنا قمت) مثال للتقوى المراد هنا.
قوله: (ولا يشترط في الجملة.. إلخ) أما في جملة المسند السببي فربما يظهر نحو زيد أضربه بناء على جواز ما ذكر، وأما في جملة المسند التي هي للتقوى، فلا يظهر له مثال بل ربما أفادت عبارة اليعقوبي في ذكر سبب التقوى عن المفتاح أن الجملة فيه لا تكون إلا خبرية تأمل.
قوله: (وجملة معطوف.. إلخ) مثله في شرح المصنف والأقرب منه أنه مبتدأ خبره لسبب لاسيما وهو مناسب لما بعده يلصقه.
قوله: (واسمية الجملة.. إلخ) يظهر لي أن الياء في اسمية وفي الفعلية ياء المصدرية لفعل مقدر كالياء في الضاربية: أي كون الشخص ضاربا بدليل أن معنى الاسمية كون الجملة اسمية، وكذا ما بعدها تأمل، ثم إن أل في الجملة للعهد الذكري والمعهود جملة في البيت قبله، فمفاد مجموع البيتين أن المقتضى لا يراد الجملة مطلقا، إما التقوى أو كونه سبيا، والمقتضى لخصوص كونه اسمية أو فعلية أو شرطية ما مر وسيذكره الشارح.
قله: (وشرطها) أي شرطيتها وألجأته الضرورة إلى الحذف ولو قال: وكونها فعلية واسمية شرطية لنكتة جلية لكان أوضح وأسلم.
قوله: (جلية) أي ظاهره مما مر ع ق.
قوله: (من أن الاسمية.. إلخ) ينبغي أن تقيد بما خبرها اسم لا فعل، وإلا لم تفد الدوام والثبوت بل التجدد، كما هو ظاهر سم صبان، وذلك لأنك إذا قلت زيد أبوه انطلق فقد أسند الانطلاق في الفعلية لضمير الأب على وجه التجدد، فليكن إسناده إلى زيد كذلك إذ لا فرق تأمل.
قوله: (والفعلية للتجدد.. إلخ) كقولك زيد يشتغل أبوه بما أهمك حيث يقتضي المقام الإخبار عنه بأن أباه يتجدد له الشغل بما أهم المخاطب يعقوبي.
قوله: (والشرطية للاعتبارات.. إلخ) نحو زيد إن تلقه يكرمك، حيث يقتضي المقام الإخبار عنه بالإكرام الحاصل على تقدير اللقى المشكوك فيه، وزيد إذا لقيته يكرمك حيث يقتضي المقام الإخبار عنه بالإكرام المعلق بوقوع اللقى المحقق على هذا فقس صبان بأدنى تصرف.
[تنبيه] :
أهمل المصنف والشارح الكلام على ظرفية الجملة. قال الأصل وشرحه وهي لاختصار الفعلية، لأن الظرف مقدر بالفعل على الأصح لأن الفعل هو الأصل في العمل اهـ.
قوله: (أصالة) أي لقصد إفادة الأصالة إذ الأصل في المسند التأخير، لأنه وصف للمسند إليه، وقصد الإجراء على الأصالة حيث لا يقتضى للعدول عنه واجب، فتقول زيد قائم لا قائم زيد بالتقديم، إذ لا يقدم إلا لمقتض ع ق.
قوله: (لقصر.. إلخ) ما واقعة على مسند إليه وبه متعلق بحكم وضميره للمسند وكذا عليه، وضميره للمسند إليه وصلة قصر محذوفة: أي عليه أي المسند فقد أفاد المصنف أن التقديم لقصر المسند إليه على المسند وهو المختار: وسيأتي الكلام عليه مع ما ذكره الشارح مما خالفه.
قوله: (أو تفاؤل) أي يكون التقديم للتفاؤل الذي هو أن يسمع من أول وهلة ما يسر اهـ يعقوبي. ولعل في كلامه حذف مضاف: أي أثر أن يسمع إذ التفاؤل هو ما ينشأ عن سماع ما ذكر من ترقب ما يسر كما أن التشاؤم هو ترقب المكروه تأمل.
قوله: (وينبغي.. إلخ) أي يتأكد طلبه وهذا زائد على المصنف.
قوله: (إما لقصره على المسند إليه) يفيد ظاهره أن القصر من قصر الصفة على الموصوف، وقد رده السعد وارتضى أنه قصر موصوف على صفة، وعلله الفنري بأنه القانون في الاستعمال، فكان المناسب للشارح أن يقول إما لقصر المسند إليه عليه لاسيما وكلام المصنف كالصريح فيه، وسيأتي تخريج مثال الشارح على كل من الطرقتين.
قوله: (لا فيها غول) الغول هو ما يحصل بشرب الخمر من وجع الرأس وثقل الأعضاء يعقوبي.
قوله: (بخلاف خمر الدنيا) أي فإن فيها غولا. إن قلت المسند هو الظرف أمضى فيها والمسند إليه ليس بمقصور على المسند على هذا الحل بل على كل جزء منه أعني الضمير الراجع إلى خمر الجنة، وحينئذ فلا يصح التمثيل بالآية لما إذا كان التقديم لقصر المسند إليه على المسند. قلت المقصود من العبارة أعني بخلاف.. إلخ، خلاف هذا الظاهر وهو أن عدم الغول مقصور على الاتصاف بالكينونة في خمر الجنة لا يتجاوزه إلى الاتصاف بالكينونة في خمر الدنيا هذا إن اعتبرت النفي في جانب المسند إليه بأن جعلته جزءًا منه فإن اعتبرته جزءًا من المسند، فالمعنى أن الغول مقصور على عدم الحصول في خمر الجنة لا يتجاوزه إلى عدم الحصول في خمر الدنيا، فالمسند إليه على كل من الاحتمالين مقصور على المسند قصرا غير حقيقي، فإن قصر عدم الغول في الأول على الكينونة في خمر الجنة والغول في الثاني على عدم الكينونة في خمر الجنة، إنما هو بالنسبة إلى خمر الدنيا دون سائر المشروبات، وإلا لزم أن عدم الغول لا يتجاوز إلى الكينونة في لبن الجنة، أو أن الغول لا يتجاوز إلى عدم الكينونة في لبن الجنة مثلا، وهو باطل هذا إيضاح ما ذكره السعد مخرجا للمثال على ما ارتضاه من أن التقديم لقصر الموصوف على الصفة، وأما تخريجه على الطريقة المحدودة التي يفيدها ظاهر الشارح، فالمعنى على اعتبار النفي في جانب المسند إليه أن الكينونة في خمر الجنة مقصورة على عدم العول لا تتجاوزه إلى الغول، وعلى اعتباره في جانب المسند أن عدم الكينونة في خمر الجنة مقصور على الغول لا يتجاوزه إلى غيره من الصفات الجميلة التي في خمر الدنيا في الآية للقصر يقتضي مسوغا للابتداء بالنكرة غير التقديم، لأن إفادة القصر في نحو ذلك مقيدة بأن يصح الابتداء بدون التقديم، وحينئذ فالمسوغ جعل التنوين للتنويع لا النفي لعدم تسلطه على المبتدأ حال العدول، ولا كون الغول مصدرا لأن ذلك مخصوص بالدال على تعجب أو دعاء ذكره الصبان.
قوله: (ولذا) أي ولأن التقديم يفيد التخصيص.
وقوله: (لم يقدم) أي المسند الذي هو الظرف.
وقوله: (بأن يقال.. إلخ) تصوير للتقديم.
قوله: (لئلا يفيد.. إلخ) تعليل للنفي وفيه أن التقديم لا يلزم أن يكون للتخصيص، بل قد يكون لغيره كالاهتمام إلا أن يقال المراد لئلا يتوهم إفادة ثبوت.. إلخ، قاله سم ثم إن وجود المانع المعنوي من تقديم الخبر لا ينافي وجود المانع اللفظي، وهو عدم التكرير، وكذا كون الأصل تقديم الاسم على الخبر قاله عبد الحكيم.
وقوله: (وهو عدم التكرير) أي لأنه إذا فصل بين لا واسمها بالخبر وجب التكرير وكذا يجب الرفع أيضًا صبان والسائر هذا بمعنى الباقي، ثم إن الظاهر أن إفادة التقديم ما ذكره مبنية على أن التقديم لقصر المسند إليه على المسند لأعلى على ما للشارح فتأمل.
قوله: (في سائر كتب الله) أي مع انتفائه عنها لأن المراد بالريب هنا كونها مظنة له لا بالفعل، لوقوعه في القرآن والسكون مظنة منتفية عن سائر كتب الله تعالى لما فيها من الإعجاز بنحو الإخبار عن المغيبات سم صبان.
قوله: (أو للتنبيه.. إلخ) أي عند اقتضاء المقام تعجيل المراد من الكلام، لأجل خوف فوات الفرصة مثلا أو لطلب تحققه فرارا من الذهول للاعتناء بالمدح والتعظيم اهـ يعقوبي.
قوله: (على أنه خبر.. إلخ) إنما كان التقديم منبها على الخبري، ونفي النعتية لأن النعت لا يتقدم على المنعوت، وإنما قال من أول وهلة لأنه ربما يعلم أنه خبر لا نعت بالتأمل في المعنى والنظر إلى أنه لم يرد في الكلام خبر المبتدأ قال السعد.
قوله: (من أول وهلة) متعلق بمحذوف حال من التنبيه وكان الأولى تقديمه، كما صنع الأصل ومعنى من أول وهلة من أول شيء، فهو بمعنى قول الأصل من أول الأمر.
قوله: (له همم.. إلخ) تمامه * وهمته الصغرى أجل من الدهر* والهمة الإرادة كما في المختار وتمدح إن تعلقت بمعالي الأمور.
وقوله: (أجل) أي باعتبار متعلقها من الدهر أي الذي كانت العرب تضرب يهممه المثل، لأنه لوقوع العظائم فيه كأن له همما تتعلق بتلك العظائم، فالصغرى أجل من الدهر نفسه فضلا عن هممه ع ق، ويحتمل غير ذلك والبيت لحسان يمدح به النبي صلى الله عليه وسلم وبعده:

له راحة لو أن معشار جودها = على البر كان البر أندى من البحر
أفاده الصبان.
قوله: (أنه) أي له المؤخر عن همم.
قوله: (لشدة طلب.. إلخ) أي فإذا قدمت على الخبر لابد أن يتوهم من أول الأمر أن ما بعدها وصف، فينتظر الخبر فيفوت الفرض من تمكين مدحه وتعظيمه في القلوب بأن له همما موصوفة بما ذكر، لأن انتظار الخبر ربما يخل بامتلاء القلب من أول وهلة لتعظيم الممدوح، وذلك الامتلاء الأولى مقصود للمادح، لأنه أنسب بمقام المدح من غيره وبقول الشارح لشدة.. إلخ، يندفع ما يقال إنه قد تتوهم الحالية حال التقديم، وأنهم لم يقدموا في نحو زيد القادم مع عدم العلم من أول الأمر بأنه خبر لا نعت. وحاصل الدفع أنه نظر لتوهم النعتية في النكرة، فدفع بالتقديم دون غيره لقربه بسبب شدة.. إلخ، وبعد غيره بعدم ما يقويه اهـ من اليعقوبي والصبان.
قوله: (سعدت.. إلخ) لا يقال هذا فعل يجب تقديمه على فاعله، فليس التقديم للتفاؤل، لأنه يجوز تأخيره في تركيب آخر بأن يقال الأيام سعدت اهـ يعقوبي، وتمامه* وتزينت ببقائك الأعوام*.
قوله: (أو لتشوق.. إلخ) قال ع ق إن المصنف عبر بالتشوق عن التشويق، قال في شرح الأصل والغرض من التشويق أن يقع المشوق إليه في النفوس، ويكون له فيها محل وذلك، لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق أن تعب.
قوله: (بأن يكون) الباء للسببية أي إن سبب حصول التشويق بالتقديم كون المسند فيه قول: أي بذكر وصف أو أوصاف.
وقوله: (يقتضي ذلك) لا حاجة إليه مع أنه يفيد أن السبب هو نفس الطول، وهو يخالف ما أفاده بالباء من أن السبب هو الكون طويلا. اللهم إلا أن يقال اسم الإشارة يعود إلى التسوق مرادا منه أثر التشويق لا نفسه، فيكون في الكلام شبه استخدام فافهم.
قوله: (ثلاثة.. إلخ) قدم الخبر وهو ثلاثة الموصوف بإشراق الدنيا: أي صيرورتها مضيئة بسبب بهجتها للتشويق في ذكر المسند إليه الذي هو هذه الثلاثة، والغرض من التشويق التمكن السابق، وتشرق بضم التاء من أشرق لا بفتحها من شرق، بمعنى طلع كما لا يخفى، ثم الغرض من الثلاثة أبو إسحق وعطف تلك الثلاثة بعضها على بعض بالواو إيهاما لعدم العلم بأن الشمس أقوى من أبي إسحق في الإشراق أضاف الشمس إلى الضحى، لأنه ساعة قوتها مع عدم شدة إيذائها وأبو إسحق كنية المعتصم من اليعقوبي والصبان.
قوله: (ومنه مثال المصنف) الكلام عليه ظاهر عامر.
قوله: (وتقدم.. إلخ) هو ذكره في الباب الأول عنا قول المصنف * الذكر مفتاح لباب الحضره*ِ


  #4  
قديم 20 ذو الحجة 1430هـ/7-12-2009م, 09:39 AM
جميلة عبد العزيز جميلة عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مجموعة المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 229
افتراضي الشرح الصوتي للجوهر المكنون للشيخ: عصام البشير المراكشي

(الْبَابُ الثَّالِثُ: الْمُسْنَدُ)

يُحْذَفُ مُسْنَدٌ لِمَا تَقَدَّمَا = وَالْتَزَمُوا قَرِينَةً لِيُعْلَمَا
وَذِكْرُهُ لِمَا مَضَى أَوْ لِيُرَى = فِعْلاً اوِ اسْماً فَيُفِيدُ الْمُخْبَرَا
وَأَفْرَدُوهُ لانْعِدَامِ التَّقْوِيَهْ = وَسَبَبٍ كَالزُّهْدُ رَاسُ التَّزْكِيَهْ




وَكَوْنُهُ فِعلاً فَلِلْتَقْيِيدِ = بِالْوَقْتِ مَعْ إِفَادَةِ التَّجْدِيدِ
وَكَوْنُهُ اسْماً لِلْثُبُوتِ وَالدَّوَامِ = وَقَيَّدُوا كَالْفِعْلِ رَعْياً لَلْتَمَامِ
وَتَرَكُوا تَقْيِيدَهُ لِنُكْتَةٍ = كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتِهَازِ فُرْصَةٍ
وَخَصَّصُوا بِالْوَصْفِ وَالإِضَافَهْ = وَتَرَكُوا لِمُقْتَضٍ خِلافَهْ
وَكَوْنُهُ مُعَلَّقاً بِالشَّرْطِ = فَالمَعَانِي أَدَوَاتُ الشَّرْطِ
وَنَكَّرُوا إِتْبَاعاً اوْ تَفْخِيمَا = حَطًّا وَفَقْدَ عَهْدٍ اوْ تَعْمِيمَا
وَعَرَّفُوا إِفَادَةً لِلْعِلْمِ = بِنِسْبَةٍ أَوْ لازِمٍ لِلْحُكْمِ
وَقَصَرُوا تَحْقِيقاً اوْ مُبَالَغَهْ = بِعُرْفِ جِنْسِهِ كَهِنْدُ الْبَالِغَهْ
وَجُمْلَةٌ لِسَبَبٍ أَوْ تَقْوِيَهْ = كَالذِّكْرِ يَهْدِي لِطَرِيقِ التَّصْفِيَهْ
وَاسْمِيَّةُ الْجُمْلَةِ وَالْفِعْلِيَّهْ = وَشَرْطُهَا لِلنُّكْتَةِ الْجَلِيَّهْ
وَأَخَّرُوا أَصَالَةً وَقَدَّمُوا = لِقِصْرِ مَا بِهِ عَلَيْهِ يُحْكَمُ
تَنْبِيهٍ اوْ تَفَاؤُلٍ تَشَوُّفِ = كَفَازَ بِالْحَضْرَةِ ذُو تَصَوُّفِ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثالث, الباب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir