الثالثُ: الإجازةُ
(440) ثم الإجازةُ تَلِي السَّمَاعَا = ونُوِّعَتْ لتِسعةٍ أَنْوَاعَا
أرْفَعُها بحيثُ لا مُنَاوَلَهْ = تَعيينُه الْمُجازَ والْمُجازَ لَهْ
وبعضُهم حَكَى اتِّفَاقَهم على = جَوازِ ذا وذَهَبَ الباجِي إِلَى
نَفْيِ الْخِلاَفِ مُطْلَقاً وَهْوَ غَلَطْ = قالَ والاختلافُ في العملِ قَطّْ
ورَدَّهُ الشيخُ بأنْ للشافعِي = قَولانِ فيها ثم بعضُ تَابِعِي
(445) مَذهبِه القَاضِي الْحُسينُ مَنَعَا = وصاحِبُ الحاوِي به قد قَطَعَا
قالاَ كشُعبةٍ ولو جَازَتْ إِذَنْ = لبَطَلَتْ رِحلةُ طُلاَّبِ السُّنَنْ
وعن أبى الشيْخِ مع الْحَرْبِيِّ = إبطالُها كذاكَ للسِّجْزِيِّ
لكنْ على جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا = عمَلُهم والأكثرونَ طُرَّا
قالوا به، كذا وُجوبُ العَمَلِ = بها وقيلَ لا كحُكْمِ الْمُرْسَلِ
(450) والثانِ أنْ يُعَيِّنَ الْمُجازَ لَهْ = دُونَ الْمُجَازِ وَهْوَ أيضاً قَبِلَهْ
جُمهورُهم روايةً وعَمَلاَ = والْخُلْفُ أَقْوَى فيه مما قد خَلاَ
والثالثُ التعميمُ في الْمُجَازِ = لهُ وقد مالَ إلى الْجَوازِ
مُطْلَقاً الْخَطيبُ وابنُ مَنْدَهْ = ثم أبو العَلاءِ أَيْضاً بَعْدَهْ
وجازَ للموجودِ عندَ الطَّبَرِي = والشيخُ للإبطالِ مالَ فاحْذَرِ
(455) وما يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ = كالعُلما يَومَئذٍ بالثَّغْرِ
فإنه إلى الجوازِ أَقْرَبُ = قلتُ عِياضٌ قالَ لستُ أَحْسَبُ
في ذا اخْتِلافاً بينَهم مِمَّنْ يَرَى = إجازَةً لكونِه مُنْحَصِراً
والرابعُ الْجَهْلُ بِمَن أُجِيزَ لَهْ = أو ما أُجيزَ كأَجَزْتُ أزْفَلَهْ
بعضَ سَمَاعاتِي كذا إنْ سَمَّى = كِتاباًَ او شَخصاً وقد تَسَمَّى
(460) بِهِ سِواهُ ثم لَمَّا يَتَّضِحْ = مُرادُه مِن ذاك فَهْوَ لا يَصِحّْ
أمَّا الْمُسَمَّوْنَ مع البَيانِ = فلا يَضُرُّ الجهلُ بالأعيانِ
وتَنبغِي الصحَّةُ إنْ جَمَّلَهُمْ = مِن غيرِ عَدٍّ وتَصَفُّحٍ لَهُمْ
والخامسُ التعليقُ في الإجازَهْ = بِمَن يَشَاؤُها الذي أَجَازَهْ
أو غيرُه مُعَيَّنًا والأُولَى = أكْثَرُ جَهْلاً وأَجازَ الكُلاَّ
(465) معًا أبو يَعْلَى الإمامُ الْحَنْبَلِي = مع ابنِ عَمروسٍ وقالَ يَنْجَلِي
الجهْلُ إذْ يَشَاؤُهَا والظاهِرُ = بُطلانُها أَفْتَى بذاكَ طاهِرُ
قلتُ وَجَدْتُ بنَ أبي خَيْثَمَةِ = أجازَ كالثانيةِ الْمُبْهَمَةِ
وإنْ يَقُلْ مَن شاءَ يَرْوِي قَرُبَا = ونَحوَه الأَزْدِي مُجِيزاً كَتَبَا
أمَّا أَجَزْتُ لفلانٍ إن يُرِدْ = فالأظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوازُ فاعْتَمِدْ
(470) والسادسُ الإذنُ لِمَعدومٍ تَبَعْ = كقولِه أَجَزْتُ لفُلانٍ معْ
أولادِه ونَسْلِهِ وعَقِبِهْ = حيثُ أَتَوْا أو خَصَّصَ المعدومَ بِهْ
وَهْوَ أَوْهَى وأَجازَ الأَوَّلاَ = ابْنُ أبي داودَ وَهْوَ مَثَّلاَ
بالوَقْفِ لكنَّ أبا الطَّيِّبِ رَدّْ = كِلَيْهِمَا وَهْوَ الصحيحُ المعتَمَدْ
كذا أبو نصْرٍ وجازَ مُطْلَقَا = عندَ الْخَطيبِ وبه قد سَبَقَا
(475) مِن ابنِ عَمروسٍ مع الفَرَّاءِ = وقد رَأَى الْحُكْمَ على استواءِ
في الوقْفِ أي في صِحَّةٍ مَن تَبِعَا = أبا حنيفةٍ ومالكاً مَعَا
والسابعُ الإذْنُ لغَيْرِ أهْلِ = للأخْذِ عنه كافِرٍ أو طِفْلِ
غيرِ مُمَيِّزٍ وذا الأَخِيرُ = رَأَى أبو الطَّيِّبِ والْجُمهورُ
ولم أجِدْ في كافِرٍ نَقْلاً بَلَى = بِحَضرةِ الْمِزِّيِّ تَتْرَا فُعِلاَ
(480) ولم أَجِدْ في الْحَمْلِ أَيْضاً نَقْلاَ = وَهْوَ مِن المعدومِ أَوْلَى فِعْلاَ
وللخطيبِ لم أَجِدْ مَن فَعَلَهْ = قلْتُ رأيتُ بعضَهم قد سَأَلَهْ
معْ أَبَوَيْهِ فأجازَ ولعَلّْ = ما أَصْفَحَ الأسماءَ فيها إذْ فَعَلْ
ويَنبغِي البِنَا على ما ذَكَرُوا = هل يُعْلَمُ الحمْلُ وهذا أَظْهَرُ
والثامِنُ الإذْنُ بِمَا سيَحْمِلُهْ = الشيخُ والصحيحُ أنَّا نُبْطِلُهْ
(485) وبعضُ عَصْرِيِّي عِياضٍ بَذَلَهْ = وابنُ مُغيثٍ لم يُجِبْ مَن سَأَلَهْ
وإنْ يَقُلْ أَجَزْتُهُ ما صَحَّ لَهْ = أو سَيَصِحُّ فصحيحٌ عَمِلَهْ
الدارقُطنِي وسِوَاهُ أو حَذَفْ = يَصِحُّ جازَ الكلُّ حيثُ ما عَرَفْ
والتاسِعُ الإذْنُ بما أُجِيزَا = لشيخِه فقيلَ لن يَجوزَا
وَرُدَّ والصحيحُ الاعتمادُ = عليه قد جَوَّزَهُ النُّقَّادُ
(490) أبو نُعَيْمٍ وكذا ابنُ عُقْدَهْ = والدارقُطنِيُّ ونَصْرٌ بَعْدَهْ
وَالَى ثلاثًا بإجازةٍ وقَدْ = رأيتُ مَن وَالَى بخَمْسٍ يُعْتَمَدْ
ويَنبغِي تَأَمُّلُ الإجازَهْ = فحيثُ شيخُ شَيْخِهِ أجَازَهْ
بلَفْظِ ما صَحَّ لَدَيْهِ لم يُخَطْ = ما صَحَّ عندَ شَيْخِه منهُ فقَطْ