دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 ذو الحجة 1429هـ/13-12-2008م, 02:21 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

وقَوْلُهُ: ( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيْعٌ بَصِيْرٌ )( 70)
وقولُهُ: ( لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ ونَحْنُ أَغْنِياءُ ).( 71)
وقَوْلُهُ: ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ).( 72)

(70) قَولُهُ: (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا): أي تراجُعك أيُّها النَّبيُّ في شأنِ زوجِها، وهي خولةُ بنتُ ثعلبةَ، وزوجُها أوسُ بنُ الصَّامتِ، وذلك حينَ ظاهرَ منها زوجُها، وقال لها: أنتِ علَيَّ كظهْرِ أمِّي، فأتت النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقال: ((قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ)) فَقَالَتْ: إنَّ ليْ صِبْيِةً صِغَارًا إنْ ضَمَمْتُهُمْ إليَّ جَاُعوا، وإنْ ضَمَمْتُهمْ إليْهِ ضَاعُوا، فَقَالَ: ((قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ)) فَقَالَت: أَشكو إلى اللهِ فَاقَتي وجَهْدِيِ، وكُلَّما قَالَ حَرُمْتِ عَلَيْه جَعَلَتْ تَهْتفُ وتَشْكُو.
قَولُهُ: (وَتَشْتَكِي): أي تُظهِرُ ما بها مِن المكروهِ.
وقَولُهُ: (وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا): أي مراجعتَكُما الكلامَ، مِنْ حارَ إذا رَجَعَ.
قَولُهُ: (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ): أي أحاطَ سمعُه بجميعِ المسموعاتِ، وبصرُه بجميعِ المُبصَراتِ، فلا يَخفى عليه خافيةٌ، وكثيرًا ما يقرنُ -سُبْحَانَهُ- بين هذينِ الاسمينِ (السَّميعُ والبصيرُ) فكلٌّ مِن السَّمعِ والبصرِ محيطٌ بجميعِ متعلِّقاتِه الظَّاهرةِ والباطنةِ، فالسَّميعُ: هو الَّذي أحاطَ سمعُه بجميعِ المسموعاتِ، والبصيرُ: هو الَّذي أحاطَ بصرُه بجميعِ المبصراتِ.
وفي هذه الآيةِ الكريمةِ إثباتُ السَّمعِ للهِ -سُبْحَانَهُ وتعالَى-، وأنَّه سميعٌ، ويسمعُ، أحاطَ سمعُه بجميعِ المسموعاتِ، وكلُّ ما في العالمِ العلويِّ والسُّفليِّ من الأصواتِ يسمعُه -سُبْحَانَهُ وتعالَى-، سواءً السِّرُّ والعلانيَّةُ، قالت عائشةُ رَضِي اللهُ عَنْهُا: الحمدُ للهِ الَّذي وَسِعَ سمعُه الأصواتَ، لقد جاءتِ المجادِلةُ تشتَكِي إلى رسولِ اللهِ وأنا في جانبِ الحُجرةِ يخفى عَلَيَّ بعضُ كلامِها فأنزلَ اللهُ قَولَهُ: (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا) الآيةَ، وقال ابنُ القيِّمِ في (النُّونيَّةِ):
وهوَ السَّميعُ يَرى ويسمَعُ مَا في الكونِ منْ سرٍّ ومِنْ إعـلانِ
ولكلِّ صوتٍ منْهُ سَمْعٌ حاضـرٌ فالسِّرُّ والإعلانُ مُستوِيَــانِ
والسَّمعُ منْهُ واسعُ الأصواتِ لا يَخفى عليهِ بُعدُهَا والدَّانِــي
قال البيهقيُّ في كتابِ (الأسماءِ والصِّفاتِ): السَّميعُ الَّذي له سمعٌ يدركُ به المسموعاتِ، والبصيرُ مَن له بصرٌ يدرك به المرئيَّاتِ، ولكلٍّ منهما في حقِّ البارِي صفةٌ قائمةٌ بذاتِه، وقد أفادتِ الأحاديثُ الرَّدَّ على مَن زعمَ أنَّه سميعٌ بصيرٌ بمعنى عَليمٍ، كما أخرجَ أبو داودَ بسندٍ قويٍّ على شرطِ مسلمٍ مِن حديثِ أبي هريرةَ قالَ: رأيتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقرأ قَولَهُ سُبْحَانَهُ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأماناتِ إلى أهلِها) – إلى قَولِهِ – (إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) ويضعُ أُصبعيهِ، قال أبو يونسَ: وَضعَ أبو هُريرةَ إبهامَه على أذنِه والَّتي تَلِيها على عينِه، قال البيهقيُّ: وأرادَ بهذه الإشارةِ تحقيقَ إثباتِ السَّمْعِ والبصرِ للهِ بِبيانِ محلِّهما مِن الإنسانِ، يريدُ أنَّ له سمعًا وبصرًا، لا أنَّ المرادَ بها العِلمُ، فإنَّه لو كانَ المرادُ بها العِلمَ لأشارَ إلى القلبِ، لأنَّه محلُّ العِلمِ، ولم يُرِدِ الجارِحَةَ، فإنَّ اللهَ منـزَّهٌ عن مشابهةِ المخْلوقينَ، ثمَّ ذكرَ لحديثِ أبي هريرةَ شاهدًا من حديثِ عقبةَ بنِ عامرٍ: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولُ على المنبرِ: ((ربَّنَا سَمِيعٌ بَصِيرٌ)) وأشارَ إلى عينَيهِ، وسندُه حسنٌ.
وفي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ: ((إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلىَ صُوَرِكُمْ وأَمْوَالِكُمْ وَلَكنْ يَنْظُرُ إِلىَ قُلُوبِكُمْ)). انتهى.
ولا شَكَّ أنَّ مَن سمعَ وأبصرَ أدخلُ في صفةِ الكمالِ ممَّن انفردَ بأحدِهما دونَ الآخرِ، فصحَّ أنَّ كونَهُ سميعًا بصيرًا يفيدُ قدرًا زائدًا على كونِه عليمًا، وكونَه سميعًا بصيرًا يتضمَّنُ أنَّه يسمعُ بسمعٍ ويبصرُ ببصرٍ، كمَا تضمَّنَ كونَه عليمًا: أنَّه يعلمُ بعلمٍ، ولا فرقَ بين كونِه سميعًا بصيرًا وبينَ كونِه ذا سمعٍ وبصرٍ، وقالَ وهذا قولُ أهلِ السُّنَّةِ قاطبةً ذكره في (فتحِ الباري).
وفي هذه الآيةِ وغيرِها دليلٌ على ثبوتِ الأفعالِ الاختياريَّةِ للهِ وقيامِها بهِ، كقَولِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)، وقَولُهُ: (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) الآيةَ. وفي هذهِ الآيةِ الشَّكوى إلى اللهِ سُبْحَانَهُ وتعالى، وأنَّ الشَّكْوى إليه -سُبْحَانَهُ- لا تُنافي الصَّبرَ كهذِه الآيةِ، وكشكايةِ يعقوبَ إلى اللهِ، وأمَّا الشَّكوى إلى مخلوقٍ فإنَّها تُنافي الصَّبرَ، والشَّكوى نَوعانِ: شَكْوى بلسانِ المقالِ، وشَكْوى بلسانِ الحالِ، وفعلُها أعظمُ، وأمَّا إخبارُ المخلوقِ بالحالِ فإنْ كانَ للاستعانةِ بإرشادِه أو مُعاونتِه لم يقدحْ ذلك في الصَّبرِ كإخبارِ المريضِ للطبيبِ، وقد كانَ النَّبيُّ إذا دَخَلَ على مريضٍ يسألُه عن حالِه، ويقولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ، انتهى. مِن كلامِ ابنِ القيِّمِ بتصرُّفٍ.

71) قَولُهُ: (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ ونَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا ): الآيةَ، سببُ نزولِ هذه الآيةِ: أنَّ اليهودَ حينَ سَمِعوا قَولَهُ: (مَنْ ذَا الَّذي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا): قالوا: إنَّ إلهَ محمَّدٍ يَستقرضُ منَّا، فنحنُ إذًا أغنياءُ وهو فقيرٌ.
قَولُهُ: (سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا): أي سنأمرُ الحفظَةَ بكتابةِ ما قالوا في الصَّحائفِ.
أفادت هذه الآيةُ كغيرِها مِن الآياتِ والأحاديثِ إثباتَ صفةِ السَّمعِ للهِ كما يليقُ بجلالِه، وفي قَولِهِ: (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ) تحذيرٌ وتخويفٌ، فإنَّه ليسَ المرادُ به مجرَّدَ الإخبارِ بالسَّمْعِ، لكنَّ المرادَ مع ذلك الإخبارُ بما يترتَّبُ على ذلك من المجازاةِ بالعدلِ، وأفادتْ إثباتَ وجودِ الحفظةِ وأنَّهم يكْتُبون ما يُقالُ، وسيأتي الكلامُ على الحفَظةِ.

(72) قَولُهُ: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ): السـِّرُّ: هو حديثُ الإنسانِ بينَه وبينَ نفسِه أو غيرِه في خِفيةٍ،
والنَّجوى: هو ما يتحدَّثُ به الإنسانُ معَ رفيقِه ويُخفيهِ عن غيرِه.
قَولُهُ: (بَلَى): أي نسمعُ سِرَّهم ونَجْواهم، فهو -سُبْحَانَهُ- السَّميعُ الَّذي أحاطَ سمعُهُ بجميعِ المسموعاتِ.
قَولُهُ: (وَرُسُلُنَا): أي الملائكةُ الحفظةُ للأعمالِ
(لَدَيْهِمْ): أي عندَهم.
قَولُهُ: (يَكْتُبُونَ): أي يكتبونَ ما يقولونَ وما يفعلونَ.
فهذه الآيةُ فيها تحذيرٌ وتخويفٌ، فإنَّ طريقةَ القرآنِ بذكرِ العلمِ والقدرةِ تهديدًا وتخويفًا لترتُّبِ الجزاءِ عليها كهذه الآيةِ، وقَولُهُ: (اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) الآيةَ، وليس المرادُ به مجرَّدَ الإخبارِ بالقدرةِ والعلمِ، لكنَّ الإخبارَ مع ذلك بما يترتَّبُ عليهما مع الجزاءِ بالعدلِ، انتهى. مِن كلامِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ.
وفي هذهِ الآيةِ دليلٌ على إثباتِ صفةِ السَّمعِ وإحاطتِه إحاطةً تامَّةً بكلِّ مسموعٍ، وفيها دليلٌ على وجودِ الملائكةِ الحفظَةِ، وأنَّهم يكْتبونَ كلَّ ما قالَ العبدُ أو فعلَ أو نَوى أو همَّ به؛ لأنَّ النِّيَّةَ فعلُ القلبِ، فدخلتْ في عمومِ قَولِهِ: (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) ويشهدُ لذلك قَولُهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلاَ تَكْتُبُوْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فاكتُبُوهَا عَلَيْهِ، وإِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ عَشْرًا)).
ويجبُ الإيمانُ بالحفظَةِ، والأدلَّةُ على إثباتِ وجودِهِم من الكتابِ والسُّنَّةِ كثيرةٌ، قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وقَولُهُ: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ).
قالَ علماؤُنَا منهم ابنُ حِمْدَانَ في (نهايةِ المُبتدئينَ): الرَّقيبُ والعتيدُ مَلكَانِ موكَّلانِ بالعبدِ، يجبُ أَنْ نؤمِنَ بهما ونُصدِّقَ بأنَّهما يَكتبانِ أفعالَهُ، واستدَلَّ بالآيتينِ المذكورتَينِ، قال ولا يُفارقَانِ العبدَ بحالٍ، وقيلَ بلْ عندَ الخلاءِ، وقال الحسنُ: إنَّ الملائكةَ يجتنبونَ الإنسانَ على حاليْنِ: عندَ غائطِه وعندَ جِمَاعِه، ومفارقتُهما للمكلَّفِ حينئذٍ لا يمنعُ مِن كِتابتِهما ما يصدرُ منه في تلكَ الحالِ، كالاعتقادِ القلبيِّ يجعلُ اللهُ لهما أمارةً على ذلك.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيمان, بصفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir