دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 04:45 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 1: الكتاب العزيز

فـ(الكتاب) : كلام الله عز وجل ، وهو القرآن المتلو بالألسنة المكتوب في المصاحف المحفوظ في الصدور ، وهو كغيره من الكلام في أقسامه ، فمنه (حقيقة) : وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له .
و (مجاز) وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له على وجه يصح ، كـ(جناح الذلّ) و (يُريد أن يَنْقَضّ) . ومنه ما استعمل في لغة أخرى وهو المعرّب كـ(ناشئة الليل) وهي حبشية و (كمشكاة) هندية والـ(استبرق) فارسية . قال القاضي : الكل عربي .
وفيه محكم ومتشابه . قال القاضي : المحكم المفسّر ، والمتشابه المجمل .
وقال ابن عقيل : المتشابه ما يغمض علمه على غير العلماء المحققين ، كالآيات المتعارضة . وقيل الحروف المقطعة ، وقيل : المحكم الوعد والوعيد والحرام والحلال ، والمتشابه القصص والأمثال . والصحيح أن المتشابه ما يجب الإيمان به ويحرم تأويله كآيات الصفات .

  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1431هـ/3-04-2010م, 06:30 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

فالكتاب: كلام الله عزّ وجل، وهو القرآن المتلوّ بالألسنة المكتوب في المصاحف، المحفوظ في الصدور، وهو كغيره من الكلام في أقسامه، فمنه: (حقيقة) وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له، و(مجاز) وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له على وجه يصح، كـ {{جَنَاحَ الذُّلِّ}} و{{يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}}. ومنه: ما استعمل في لغة أخرى، وهو المُعَرَّب، كـ {{نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}} وهي حبشية. و(المِشْكَاة) هندية، والـ (إستبرق) فارسية، وقال القاضي: الكل عربي.
..........................................................

الأصل الأول: الكتاب
قوله: (فالكتاب) شرع المصنف رحمه الله في الكلام على الأدلة بالتفصيل على الترتيب المذكور، والكتاب لغةً: يطلق على كل كتابة ومكتوب، ثم غلب في عرف أهل الشرع على كتاب الله تعالى المكتوب في المصاحف، وهو القرآن.
قوله: (كلام الله عزّ وجل) أي: بدليل إعجازه، والإعجاز هو ارتقاؤه في البلاغة إلى حد خارج عن طوق البشر، ولهذا عجز العرب عن معارضته عند تحديهم به، وإذا كان القرآن هو كلام الله تعالى فهو حجة ملزمة بما دلّ عليه من الأحكام الصالحة لكل زمان ومكان؛ لأنه كلام من تجب طاعته وعبادته سبحانه وتعالى.
قوله: (وهو القرآن المتلوّ بالألسنة) المراد بالمتلو: ما تتعلق الأحكام الشرعية بتلاوته، كوجوبها في الصلاة وحرمتها على الجنب ونحو ذلك، وفسّر المؤلف الكتاب بالقرآن؛ لأنه أشهر من لفظ الكتاب.
قوله: (المكتوب في المصاحف) هذه من صفات القرآن، وهي أن الله تعالى شاء كتابته في المصاحف، وذلك من أسباب حفظه، وكان آخر ذلك في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث جمع القرآن كله في مصحف واحد، لحمل الناس على الاجتماع عليه، وذلك عندما كثر الاختلاف في القراءات، وصار بعضهم يخطّئ بعضاً، فخشي من تفاقم الأمر في ذلك، فجمع القرآن في مصحف واحد، مرتِّباً سوره الترتيب النهائي المعروف الآن.
قوله: (المحفوظ في الصدور) هذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، وهي حفظ القرآن في صدورهم، ولذا كان الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، وفي «صحيح مسلم»: «وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء...» الحديث[(155)]، فأخبر تعالى أن القرآن محفوظ في الصدور، لا يتطرق إليه الذهاب، بل يبقى على ممر الأزمان، وأنه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرأ في كل حال، بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب، ولا يقرؤونه كله إلا نظراً..
قوله: (وهو كغيره من الكلام في أقسامه فمنه: حقيقة وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له) أي: إن القرآن كغيره من الكلام العربي ينقسم باعتبار استعماله في المعنى إلى: حقيقة ومجاز، فالحقيقة اللفظ المستعمل فيما وضع له، سواء في اللغة مثل: الأسد. في الحيوان المفترس، أو في الشرع مثل: الصلاة في العبادة المخصوصة، أو في العرف، كلفظ (الدابة) لذوات الأربع.
قوله: (ومجاز: وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له على وجه يصح) هذا القسم الثاني من أقسام الكلام باعتبار استعماله في المعنى، وهو المجاز، ويراد به اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، كقولك: رأيت أسداً على فرس، تريد: رجلاً شجاعاً.
وقوله: (على وجه يصح) إشارة إلى أن استعمال اللفظ في غير ما وضع له لا بدّ فيه من شرطين:
الأول: وجود عَلاقَة بين المعنى الأصلي الذي وضعت له الكلمة والمعنى الآخر الذي استعملت فيه الكلمة، ويسمى المجاز الذي علاقته المشابهة: استعارة، كالمثال السابق، والذي علاقته غير المشابهة: مجازاً مرسلاً، نحو: سال الوادي.
الثاني: وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ زيادة بيان في «المباحث اللفظية».
قوله: (كـ {{جَنَاحَ الذُّلِّ}} و {{يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} }) هذان مثالان للمجاز بناء على وقوعه في القرآن، فالجناح حقيقة للطائر من الأجسام، والذل معنى، فلا يوصف به فهو مجاز، والجدار لا إرادة له بل هي للإنسان والحيوان، ومن لا يقول بوقوع المجاز في القرآن؛ يقول: إن لفظ (الجناح) مستعمل في حقيقته، وهو يد الإنسان وعضده، قال تعالى: {{وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}} [القصص: 32] والخفض حقيقة، وهو ضد الرفع، فالأمر بخفض الجناح كناية عن لين الجانب، وأمَّا الإضافة فلا تستلزم المجاز؛ لأن المراد جناحك الذليل، فهو من إضافة الموصوف إلى صفته، كحاتم الجواد، وعذاب الهون، وأمَّا {{يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}} [الكهف: 77] فلا مانع من حمله على الحقيقة للأدلة، كقوله تعالى: {{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ...} [الإسراء: 44] وما ثبت من حنين الجذع الذي كان يخطب عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم[(156)]، وسلام الحجر عليه[(157)]، ونحو ذلك، أو يراد به قرب الوقوع.
وقد اختلف أهل العلم في وقوع المجاز في القرآن:
فمنهم من ذهب إلى أنه لا مجاز في القرآن، وهو قول داود الظاهري وابنه أبي بكر، ونُسب إلى ابن خويز منداد من المالكية، وابن القاص من الشافعية[(158)]، ونصره ابن تيمية[(159)]، ومن بعده ابن القيم[(160)] وكأن مستندهم في ذلك ما وقع في كلام أهل البدع من التذرع به إلى نفي صفات الله تعالى، وتأويل الأمور الغيبية؛ ولهذا عدَّه ابن القيم طاغوتاً فقال: (فصل: في كسر الطاغوت الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات، وهو طاغوت المجاز) والحَقُّ أن تذرع أهل البدع بالمجاز لنفي الصفات يفسده عليهم وجوه أخرى من الاستدلال ليست هي إبطال القول بالمجاز[(161)]، وذهب الجمهور من أهل العلم إلى وقوع المجاز في القرآن كوقوعه في اللغة، ونصره ابن حزم، والآمدي والشوكاني[(162)]، واستدلوا بوقوعه في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ}} [المائدة: 6] فإن المعنى الحقيقي للفظ {{الْغَائِطِ}}: المكان المنخفض من الأرض الذي يُقْصَدُ لقضاء الحاجة، رغبة في التستر، وهذا غير مراد قطعاً؛ لأن مجرد المجيء من ذلك الموضع ليس بحدث يوجب الطهارة، فتعين حمله على المعنى المجازي، وهو الخارج من الإنسان.
والأظهر في هذه المسألة هو التفصيل. وهو أن المجاز واقع في القرآن ما عدا آيات الصفات، وهو قول الشافعي وإن لم يسمه مجازاً[(163)]، وقول الخطيب البغدادي[(164)]، ولعل ذلك هو مراد من قال من أهل السنّة بوقوع المجاز في القرآن، ذلك أنه لا يلزم من إثبات المجاز في القرآن دخوله في آيات الصفات، إذ يمكن إثبات صفات الله تعالى على حقيقتها ووجهها اللائق بالله تعالى، ونفي المجاز عنها، وإثبات المجاز فيما عداها[(165)]. كقوله تعالى: {{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}} [يوسف: 82] وقوله تعالى: {{جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}} [الكهف: 77] وقوله تعالى: {{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ}} [الإسراء: 24] وغير ذلك؛ لأن إثبات المجاز لا بدَّ له من قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي إلى معناه المجازي، وهذه القرينة عند أهل السنّة منتفية عن آيات الصفات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (قال أبو عمر ـ ابن عبد البر ـ: أهل السنّة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنّة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يُكَيِّفون شيئاً، ولا يجدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع: الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها؛ ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة...)[(166)].
والذي يظهر أن منكري المجاز طائفتان: فطائفة ترى أنه أسلوب من أساليب العرب، ففي قوله تعالى: {{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}} بعضهم يقول: مجاز. فأطلق المحل وأريد الحالّ، وبعضهم يقول: إنه حذف المضاف (أهل) وأقيم المضاف إليه مقامه، وهذا أسلوب من أساليب اللغة معروف[(167)]، والخلاف مع هؤلاء لفظي. والطائفة الثانية: تنكر حقيقة المجاز، وترى أنه لم يرد في القرآن لفظ مستعمل في غير موضوعه الأصلي، والخلاف مع هؤلاء حقيقي[(168)]، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، كما تقدم.
قال ابن رجب: (من أنكر المجاز من العلماء فقد ينكر إطلاق اسم المجاز، لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنّة ومدلولاتها.
ويقول: غالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة ونحوهم من أهل البدع، وتطرقوا بذلك إلى تحريف الكلم عن مواضعه، فيمتنع من التسمية بالمجاز، ويجعل جميع الألفاظ حقائق.
ويقول ـ أيضاً ـ: اللفظ إن دلَّ بنفسه فهو حقيقة لذلك المعنى، أو دلّ بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الآخر، فهو حقيقي في الحالين)[(169)].
قوله: (ومنه: ما استعمل في لغة أخرى، وهو المعرَّب) أي: ومن القرآن ما هو معرَّب، وهو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها.
قال الجوهري: (تعريب الاسم الأعجمي: أن تتفوَّه به العرب على منهاجها، تقول: عَرَّبَتْه العرب، وأعربته أيضاً)[(170)].
وهذا هو القول الأول في وقوع المعرّب في القرآن، وهو قول جمع من أهل العلم، ودليلهم: وقوعه، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد رحمه الله وغيرهما.
قوله: (كـ {{نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}} وهي حبشية) وقد وردت هذه الكلمة مرة واحدة في سورة المزمل، وعن ابن عباس: {{نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}} قيام الليل، بالحبشية[(171)].
قوله: (والمشكاة هندية) المشكاة هي: الكوة بلسان الحبشة، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد. وقد وردت هذه الكلمة في موضع واحد في سورة النور.
أمَّا ما ذكره المصنف من أن (المشكاة هندية) فقد رده صاحب شرح «مسلّم الثبوت» ـ وهو هندي ـ فقال: (ثم كون المشكاة هندية غير ظاهر؛ فإن البراهمة العارفين بأنحاء الهند لا يعرفونه...)[(172)].
قوله: (والإستبرق فارسية) الإستبرق: غليظ الديباج، وأصلها: استبره، فأبدلت العرب الهاء قافاً، كما قال ابن قتيبة وغيره[(173)]. و (إستبرق) وردت أربع مرات في القرآن الكريم.
قوله: (وقال القاضي: الكل عربي) هذا القول الثاني، وهو أن القرآن ليس فيه شيء من غير العربية، وهو قول القاضي من الحنابلة، وقول الشافعي، وقد شدد النكير في كتابه «الرسالة» على من يدّعي أن في القرآن غير لسان العرب[(174)]، وعمدة الشافعي: الآيات الكثيرة التي وصفت القرآن بأنه عربي، كقوله تعالى: {{قُرْآناً عَرَبِيًّا}} [يوسف: 2] .
وجمع بعض العلماء بين القولين بأن مثل هذه الكلمات كانت أعجمية، فعربتها العرب وغيّرت فيها وحوّلتها إلى ألفاظها فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت بكلام العرب، فمن قال: عربية فهو مصيب، ومن قال: أعجمية فهو مصيب.
وقال آخرون: إن هذه عربية صِرْفَةٌ، ولكن لغة العرب متسعة، ولا يبعد أن يخفى على الأكابر ألفاظ منها[(175)]، وهذه من المسائل التي لا ينبغي الإطالة فيها.
وفيه: محكم، ومتشابه.
قال القاضي: المحكم: المُفَسَّر، والمتشابه: المجمل.
وقال ابن عقيل: المتشابه: ما يَغْمُضُ علمه على غير العلماء المحققين؛ كالآيات المتعارضة. وقيل: الحروف المقطعة، وقيل: المحكم: الوعد والوعيد والحرام والحلال. والمتشابه: القصص والأمثال.
قوله: (وفيه محكم ومتشابه) اعلم أن الله تعالى وصف القرآن بأنه محكم كله، وبأنه متشابه كله، وبأن بعضه محكم وبعضه متشابه.
فالأول: كقوله تعالى: {{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ *}} [هود: 1] ، وقوله تعالى: {{يس *وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ *}} [يس: 1 ـ 2] .
والثاني: كقوله تعالى: {{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} ...} [الزمر: 23] .
والثالث: كقوله: {{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ...} [آل عمران: 7] .
فالأول هو الإحكام العام، ومعناه: الإتقان والجودة في اللفظ والمعنى، فألفاظه في غاية البيان والفصاحة، ومعانيه أكمل المعاني وأجودها وأنفعها، وأخباره في كمال الصدق، وأحكامه في كمال الرشد والعدل.
وأمَّا التشابه العام فهو أن القرآن يشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة والإتقان والائتلاف، فلا يناقض بعضه بعضاً في الأحكام، ولا يكذب بعضه بعضاً في الأخبار، كما قال سبحانه: {{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا *}} [النساء: 82] .
وأمَّا الإحكام الخاص والتشابه الخاص ففيهما خلاف، سيذكره المصنف رحمه الله.
قوله: (قال القاضي: المحكم المفسَّر، والمتشابه المجمل) ذكر المصنف رحمه الله أربعة أقوال في تعريف المحكم والمتشابه، والمراد: الخاص، لقوله: (وفيه محكم ومتشابه) . فالأول للقاضي أبي يعلى. والظاهر أن المصنف نقل كلامه بالمعنى. فإنّ الذي في كتابه «العدة» قوله: (المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه ما احتاج إلى بيان)[(176)].
قوله: (وقال ابن عقيل[(177)] : المتشابه ما يغمض علمه على غير العلماء المحققين، كالآيات المتعارضة) [(178)] هذا القول الثاني في تعريف المتشابه، وهو أنه ما يَغْمُضُ علمه على غير المحققين. قال في «المصباح المنير»: (غَمَضَ الحق: غموضاً من باب. (قَعَدَ): خفي مأخذه)[(179)]. والغامض من الكلام: ضد الواضح.
وقوله: (كالآيات المتعارضة) أي: كقوله تعالى: {{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}} [القصص: 56] ، مع قوله: {{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ}} [الشورى: 52] والجمع بينهما أن الأولى: يراد بها هداية التوفيق للعمل، وهذه بيد الله تعالى، لا يملكها الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولا غيره، والثانية: يراد بها هداية الدلالة والإشارة إلى الحق، وهي ثابتة للرسول صلّى الله عليه وسلّم[(180)].
قوله: (وقيل: الحروف المقطعة) هذا القول الثالث في تفسير المتشابه، وقد نسبه ابن كثير رحمه الله إلى مقاتل بن حيان، وقال ابن تيمية رحمه الله: (إنه يروى عن ابن عباس)[(181)]. فتكون الحروف المقطعة في أوائل بعض السور من المتشابه، والمحكم ما وُصِلَتْ حروفه.
قوله: (وقيل: المحكم: الوعد والوعيد والحرام والحلال. والمتشابه: القصص والأمثال) هذا القول الرابع في تفسير المحكم والمتشابه، وقد رُوي بمعناه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره». وذكره السيوطي في «الإتقان»[(182)]. والظاهر أن هذا التفسير مبني على ما نقله القاضي من أن المحكم: ما استفيد الحكم منه. والمتشابه: ما لا يفيد حكماً[(183)].
وهذا التفسير للمتشابه ضعفه الآمدي، ومن بعده ابن تيمية؛ لأن القصص والأمثال يُعرف معناها، قال تعالى: {{وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ *}} [العنكبوت: 43] فدل على أن العَالِمين يعقلونها، وإن كان غيرهم لا يعقلها. قال ابن تيمية: (والأمثال: هي المتشابه عند كثير من السلف، وهي إلى المتشابه أقرب من غيرها، لما بين الممثَّل والممثَّل به من التشابه، وعَقْلُ معناها هو معرفة تأويلها الذي يعرفه الراسخون في العلم دون غيرهم)[(184)].
والصحيح: أن المتشابه: ما يجب الإيمان به، ويحرم تأويله كآيات الصفات.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
1, الكتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نحتكم إلى شيخنا عبد العزيز الداخل ( أرجو من شيخنا عبد العزيز الدخول ) فيصل بن المبارك المنتدى الأدبي 4 29 صفر 1430هـ/24-02-2009م 12:45 PM


الساعة الآن 12:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir