دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > أسباب النزول > العجاب في بيان الأسباب لابن حجر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:19 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي سورة البقرة

سورة البقرة



1 - قوله تعالى الم 1
قال شيخ شيوخنا أبو حيان في البحر قال قوم إن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن نزلت ليستغربوا ذلك فيفتحون لها أسماعهم فيستمعون القرآن لتجب عليهم الحجة
قلت وقد حكى نحو ذلك أبو جعفر الطبري وتبعه ابن عطية حيث جمع الاختلاف في المراد بالحروف المقطعة أول السور
[العجاب في بيان الأسباب: 1/226]
2 - قوله ز ذلك 2
قال مقاتل بن سليمان لما دعا النبي كعب بن الأشرف وكعب بن أسد إلى الإسلام فقالا ما أنزل الله تعالى من بعد موسى كتابا أنزل الله تعالى الم ذلك الكتاب يعني هذا الكتاب الذي جحدتم نزوله لا ريب فيه أنه أنزل من عند الله تعالى على محمد
وقال الطبري يحتمل أن تكون الإشارة لما أنزل من قبل سورة البقرة وقيل الإشارة إلى التوراة والإنجيل وحكى ابن ظفر في تفسيره المسمى ينبوع الحياة ما نصه قيل ذكر في كتب الله السالفة إن علامة القرآن الموعود بإنزاله إن في أوائل سورة منه حروفا غير منظومة فنزل القرآن كما قيل لهم وأشار بقوله ذلك الكتاب إلى ما وعدهم
وقال أبو جعفر بن الزبير يحتمل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/227]
أنهم لما أمروا في الفاتحة أن يقولوا اهدنا الصراط المستقيم فقالوا اهدنا الصراط المستقيم فقيل لهم ذلك الصراط هو الكتاب لا ريب فيه
3 - قوله تعالى الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين إلى المفلحون 1 - 5
أسند الواحدي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين وثلاث عشرة آية نزلت في المنافقين
قلت وقال مقاتل بن سليمان نزلت الآيتان الأوليان في المؤمنين من المهاجرين والأنصار والآيتان بعدها في من آمن من أهل الكتاب منهم عبد الله بن سلام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/228]
وأسيد بن زيد وأسيد بن كعب وسلام بن قيس وثعلبة بن عمرو وأبو يامين واسمه سلام أيضا
4 - قوله إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم 6
تقدم قول مجاهد إنها والتي بعدها نزلتا في الكافرين وقال الضحاك نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته وقال الكلبي نزلت في اليهود
قلت ونقله شيخ شيوخنا أبو حيان عن الضحاك ثم قال وقيل نزلت في أهل القليب قليب بدر منهم أبو جهل وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وعقبة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/229]
بن أبي معيط والوليد بن المغيرة كذا حكاه أبو حيان ولم ينسبه لقائل وأقره وفيه خطأ لأن الوليد بن المغيرة مات بمكة قبل الهجرة وعقبة بن أبي معيط إنما قتل بعد رحيل المسلمين من بدر راجعين إلى المدينة قتل بأمر النبي بالصفراء باتفاق أهل العلم بالمغازي وقال أبو العالية نزلت في قادة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/230]
الأحزاب وهم الذين قال الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار وقال غيره أ نزلت في مشركي العرب من قريش وغيرهم
ويوافق قول الكلبي ما أورده ابن إسحاق عن ابن عباس بالسند المذكور في المقدمة قال إن الذين كفروا بما أنزل إليك وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاءنا من قبلك سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لأنهم كفروا بما جاءك وبما عندهم من ذكرك مما جاءهم به غيرك فكيف يسمعون منك إنذارا وتحذيرا وقد كفروا بما عندهم من علمك
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كان رسول الله يحرص أن يؤمن جميع الناس ويبايعوه على الهدى فأخبره الله تعالى إنه لا يؤمن إلا من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/231]
سبقت له السعادة انتهى
وحاصله أنها خاصة بمن قدر الله تعالى أنه لا يؤمن
5 - قوله ز تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر 8
تقدم قول مجاهد إنها وتمام ثلاث عشرة آية نزلت في النافقين انتهى
و قال أبو العالية والحسن البصري وقتادة والسدي نحوه
وقال الطبري أجمعوا على أنها نزلت في قوم من أهل النفاق وقال ابن إسحاق في روايته هم المنافقون من الأوس والخزرج
قلت وسرد ابن إسحاق أسماءهم في أوائل الهجرة من السيرة النبوية ورجح أبو حيان أنها نزلت في قوم معينين لأن الله تعالى حكى عنهم أقوالا معينة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/232]
قالوها فلا يكون ذلك صادرا إلا من معين
6 - قوله ز تعالى وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض الآية 11 قال الجمهور نزلت في الكفار وفسادهم بالكفر وفي المنافقين وفسادهم بالمعصية
وأخرج الطبري عن سلمان قولا آخر إنها لم يأت أصحابها بعد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/233]
وفي سنده مقال
7 - قوله ز تعالى قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء 13
قال الثعلبي نزلت في قريظة والنضير قال سعيد بن جبير ومحمد بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/234]
كعب وعطاء قالوا كان عبد الله بن الهيبان قبل الهجرة يحض على اتباع محمد إذا ظهر فمات قبل أن يدخل النبي المدينة فلما دخلها كفروا به بغيا وحسدا
و المراد بالسفهاء الصحابة أخرجه ابن أبي حاتم عن الضحاك وعن السدي
و أخرج الطبري من وجه آخر عن الضحاك قال السفهاء الجهال
ونقل الماوردي عن الحسن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/235]
النساء الصبيان
و قال مقاتل أرادوا بها قوما من الصحابة بأعيانهم وهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وأبو لبابة وقيل بل عبد الله بن سلام ومن آمن من اليهود
8 - قوله تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا 14
أسند الواحدي من طريق محمد بن مروان السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه وذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/236]
أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله فقال عبد الله بن أبي انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم فأخذ بيد أبي بكر الصديق فقال مرحبا بالصديق سيد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار والباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد عمر فقال مرحبا بسيد بني عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد علي فقال مرحبا بابن عم رسول الله وختنه وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه كيف رأيتموني فعلت فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيرا فرجع المسلمون إلى رسول الله وأخبروه بذلك فأنزل الله هذه الآية
قلت الكلبي والراوي عنه تقدم وصف حالهما وآثار الوضع لائحة على هذا الكلام وسورة البقرة نزلت في أوائل ما قدم رسول الله المدينة كما ذكره ابن إسحاق وغيره وعلي إنما تزوج فاطمة رضي الله عنهما في السنة الثانية من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/237]
الهجرة
وقد روي غيره محمد بن مروان عن الكلبي أن المراد بشياطينهم هنا الكهنة
وأخرج الطبري بسند ابن إسحاق إلى ابن عباس أن هذه الآية نزلت في المنافقين إذا خلوا باليهود وهم شياطينهم لأنهم الذين أمروهم بأن يكذبوا بالحق
ومن طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال كان رجال من اليهود إذا لقوا الصحابة أو بعضهم قالوا إنا على دينكم وإذا رجعوا إلى اصحابهم وهم شياطينهم قالوا إنا معكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/238]
وحكى أبو حيان عن الضحاك إن المراد بشياطينهم الجن والأول أصح
9 - قوله تعالى مثلهم كمثل الذي استوقد نارا 17
قال الواحدي قال السدي دخل النبي المدينة فأسلم ناس ثم نافقوا فكانوا كمثل رجل في ظلمة فأوقد نارا فأضاءت له فأبصر ما يتقيه إذ طفئت ناره في حيرة أخرجه الطبري
[العجاب في بيان الأسباب: 1/239]
10 - قوله ز تعالى أو كصيب من السماء الآية19
قال أيضا
قال السدي أيضا هرب رجلان من رسول الله إلى المشركين فأصابهما ما ذكر الله تعالى في هذه الآية فجعلا يقولان ليتنا أصبحنا فأتينا محمدا فوضعنا أيدينا في يده حتى أصبحنا فأتياه فأسلما فضرب الله شأنهما مثلا
11 - قوله تعالى يا أيها الناس 21
ساق الواحدي سندا صحيحا إلى الأعمش عن إبراهيم هو النخعي عن علقمة هو ابن قيس أحد كبار التابعين قال كل شيء نزل فيه يا أيها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/240]
الناس فهو مكي وكل شيء نزل فيه يا أيها الذين آمنوا فهو مدني
قلت وقد وصله بذكر ابن مسعود فيه البزاز والحاكم وابن مردويه
قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/241]
الواحدي أراد أن يا أيها الناس خطاب لأهل مكة ويا أيها الذين آمنوا خطاب لأهل المدينة فقوله تعالى يا أيها الناس اعبدوا ربكم خطاب لمشركي أهل مكة إلى قوله أعدت للكافرين انتهى
وقال القرطبي قال علقمة ومجاهد كل آية أولها يا أيها الناس نزلت بمكة وكل آية أولها يا أيها الذين آمنوا نزلت بالمدينة
وقال أبو حيان روي عن ابن عباس وعلقمة ومجاهد إنهم قالوا كل شيء نزل فيه يا أيها الناس فهو مكي وكل شيء نزل فيه يا أيها الذين آمنوا مدني
وحكى الماوردي في المراد بالناس هنا قولين
أحدهما إنه على العموم في أهل الكفر قال وبه جزم مقاتل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/242]
و الثاني إنه على أعم من ذلك ويتناول المؤمنين أيضا والمطلوب منهم الدوام على ذلك انتهى
وما نقله عن مقاتل وجد في تفسيره رواية الهذيل بن حبيب عنه ما يخالفه وقال أبو حيان يا أيها الناس هنا خطاب لجميع من يعقل قاله ابن عباس وقيل لليهود خاصة قاله الحسن ومجاهد وزاد مقاتل والمنافقين وعن السدي لمشركي أهل مكة وغيرهم من الكفار انتهى
و الذي نقله عن مقاتل هو الموجود في تفسيره من رواية الهذيل عنه وقد استشكل ما نقل عن علقمة وغيره مع اختلاف العبارة ففرق بين قول من قال يا أيها الناس مكي وبين قول من قال خوطب به أهل مكة لأن الأول أخص من الثاني لأن الذي وقع عليه الاتفاق في الاصطلاح بالمكي والمدني إن المكي ما نزل قبل الهجرة ولو نزل بغير مكة كالطائف وبطن نخل وعرفة والمدني ما نزل بعد الهجرة ولو نزل بغيرها من الأماكن التي دخلها النبي في غزواته حتى مكة وأرض الطائف وتبوك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/243]
و غيرها وإذا تقرر ذلك فالذي قال يا أيها الناس مكي يقتضي اختصاصه بما قبل الهجرة فلا يدخل فيه المنافقون لأنه إنما حدث بعد الهجرة جزما وأما اليهود فمحتمل والذي قال يا أيها الناس خوطب به أهل مكة يعم ما قبل الهجرة وما بعدها لكنه يخص أهل مكة دون غيرهم من المشركين
و إشكال القرطبي حيث قال إن البقرة مدنية باتفاق وكذلك سورة النساء وقد وقع فيهما يا أيها الناس لا يرد إلا على العبارة الأولى وكذا قول أبي حيان الضابط في المدني صحيح وأما المكي فيحمل على الأغلب وقد قيد الجعبري كلام علقمة بما لم أره في كلام غيره
[العجاب في بيان الأسباب: 1/244]
12 - قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا 26
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية أبي صالح لما ضرب الله تعالى هذين المثلين للمنافقين يعني قوله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا وقوله أو كصيب من السماء قالوا الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال فأنزل الله هذه الآية
و قال الحسن وقتادة لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل ضحكت اليهود وقالوا ما يشبه هذا كلام الله فأنزل الله هذه الآية
ثم روى الواحدي بسنده عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى إن الله لا يستحي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/245]
أن يضرب مثلا قال وذلك أن الله ذكر آلهة المشركين فقال وإن يسلبهم الذباب شيئا وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت فقالوا أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد أي شيء كان يصنع بهذا فنزلت
قلت الروايتان عن ابن عباس واهيتان فقد تقدم التنبيه على وهاء الكلبي وعبد الغني الثقفي وأما قول قتادة فأخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه ولفظه لما ذكر الذباب والعنكبوت في القرآن قال المشركون ما بال العنكبوت والذباب يذكر وأخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ قال أهل الضلال وأخرجها بن المنذر من هذا الوجه بلفظ فقال أهل الكتاب وأخرجه الطبري وابن أبي حاتم عن السدي نحو قول ابن الكلبي زاد ابن أبي حاتم وعن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/246]
الحسن نحو قول قتادة والأرجح نسبة القول لأهل النفاق لأن كتب أهل الكتاب ممتلئة بضرب الأمثال فيبعد أن ينكروا ما في كتبهم مثله
و عن الربيع بن أنس إن الآية نزلت من غير سبب وإنما هو مثل ضربه الله للدنيا وأهلها فإن البعوضة تحيا ما جاعت فإذا امتلأت هلكت وكذلك حال أهل الدنيا إذا امتلأوا منها كان سببا لهلاكهم غالبا
13 - قوله ز تعالى الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه 27
قال سعد بن أبي وقاص نزلت في الحرورية يعني الخوارج وأخرجه البخاري من حديث سعد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/247]
وأخرجه الفريابي في تفسيره من طريق مصعب بن سعد عن أبيه قال هم الخوارج واستشكل بأن بدعة الخوارج والحرورية صنف منهم إنما حدثت في خلافة علي رضي الله عنه
2 - وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/248]
أنها نزلت في المنافقين
ومن طريق السدي عهد الله ما عهده في القرآن فاعترفوا به ثم كفروا فنقضوه ومن طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في التوراة أن يؤمنوا بمحمد ويصدقوه فكفروا به ونقضوا الميثاق الأول
وقال الطبري يحتمل أن يكون المراد بالعهد ما أخذ الله على ذرية آدم حين أخرجهم من ظهر آدم
14 - قوله ز تعالى يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم 40
قال ابن الكلبي كان عهد الله إلى بني إسرائيل إني باعث نبيا من بني إسماعيل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/249]
وفي تفسير ابن عباس رواية محمد بن إسحاق في قوله تعالى وأوفوا بعهدي هو العهد الذي عهد إذا جاءكم النبي محمد تصدقونه وتتبعونه وفي قوله تعالى وتكتموا الحق قال هو محمد
وفي رواية محمد بن ثور عن ابن جريج نحوه
وأخرج الطبري عن السدي مثله
وأخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية أوفوا بعهدي عهده دين الإسلام أن تتبعوه أوف بعهدكم يعني الجنة
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه وزاد ثم قرأ إن الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/250]
اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة الآية
وقال مقاتل بن سليمان أوفوا بعهدي أوف بعهدكم هو الذي ذكر في المائدة وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة إلى قوله سواء السبيل
15 - قوله ز تعالى ولا تكونوا أول كافر به 41
أخرج الطبري من طريق الربيع عن أبي العالية ولا تكونوا أول كافر به قال لا تكونوا أول من كفر بمحمد
وفي تفسير الكلبي عن ابن عباس نزلت في قريظة وكانوا أول من كفر من اليهود بمحمد وتبعهم يهود فدك وخيبر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/251]
16 - قوله تعالى أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم 44
1 - قال الواحدي قال ابن عباس في رواية الكلبي نزلت في يهود المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره وذي قرابته ولمن بينه وبينه رضاع من المسلمين أثبت على هذا الدين وما يأمرك به محمد فإنه حق فكانوا يأمرون بذلك ولا يفعلونه
وفي تفسير ابن جريج رواية محمد بن ثور عنه هم أهل الكتاب كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة ويتركونها فعيرهم الله تعالى بذلك
وأخرج الطبري من طريق السدي كانوا يأمرون الناس بطاعة الله وهم يعصونه وفي تفسير عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان أهل الكتاب يأمرون الناس بطاعة الله وتقواه وبالبر ويخالفون فعيرهم الله عز وجل
2 - وأخرج الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قولا آخر قال كان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/252]
اليهود إذا جاء أحد يسألهم عن الشيء ليس فيه رشوة أمروه بالحق فنزلت
17 - قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة 45
قال الواحدي عند أكثر أهل العلم إن الخطاب في هذه الآية لأهل الكتاب وقال بعضهم رجع إلى خطاب المسلمين
وسبق إلى ذلك الطبري فقال معنى الآية واستعينوا أيها الأحبار بحبس أنفسكم على طاعة الله وبإقامة الصلاة التي اقترنت برضى الله قال والخطاب وإن كان ابتداء لبني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على التخصيص بل هي عامة لهم ولغيرهم
وقال الجعبري معنى الآية على القول المذكور يا أيها الذين آمنوا بموسى آمنوا بمحمد واستعينوا على ترك رئاستكم بما تتلون فيها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/253]
18 - قوله ز تعالى وإنها لكبيرة 45
قال مقاتل نزلت في الصرف عن القبلة
يقول كبر على المنافقين واليهود صرفك عن بيت المقدس إلى الكعبة وقال غيره الضمير للصلاة وقيل للاستعانة التي أمروا بها وقيل عائدة على الإجابة ورده الطبري
19 - قوله ز تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا 48
قال أبو إسحاق الزجاج في معاني القرآن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/254]
كانت اليهود تزعم أن الأنبياء من آبائهم شافعون لهم فارتشوا فأنزل الله هذه الآية
20 - قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين الآية 62
أخرج الواحدي من تفسير أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان الحافظ الأصبهاني بسند له صحيح إلى ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال لما قص سلمان الفارسي على رسول الله قصة أصحابه الذين كان يتعبد معهم قال هم في النار قال سلمان فأظلمت علي الأرض فنزلت قال فكأنما كشف عني جبل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/255]
و أخرج الطبري هذا الأثر من هذا الوجه وزاد في آخره فنزلت هذه الآية فدعا سلمان فقال هذه الآية نزلت في أصحابك من كان على دين عيسى قبل الإسلام فهو على خير ومن سمع بي ولم يؤمن فقد هلك
وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح كن مجاهد قال: قال سلمان سألت النبي عن أهل دين كنت منهم فذكر من صلاتهم وعبادتهم فنزلت إن الذين آمنوا الآية
وأخرج الواحدي أيضا من تفسير إسحاق بن راهويه بسنده القوي إلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/256]
السدي قال نزلت في أصحاب سلمان لما قدم على رسول الله جعل يخبره عن عبادتهم واجتهادهم وقال يا رسول الله كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون إنك تبعث نبيا فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال يا سلمان هم من أهل النار فأنزل الله تعالى إن الذين آمنوا الآية
وأخرجه الواحدي أيضا من طريق السدي بأسانيده التي قدمت ذكرها في المقدمة وزاد
وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود
ونسب الجعبري هذه الرواية إلى ابن مسعود وابن عباس فقط وفيه نظر
وأخرج الطبري من طريق السدي قصة سلمان بطولها وقال في آخرها فأخبر سلمان رسول الله خبرهم فذكر نحوه وزاد قال فكان إيمان اليهود أن من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/257]
تمسك بالتوراة حتى جاء عيسى فمن آمن به نجا وإلا كان هالكا وكان إيمان النصارى أن من تمسك منهم بالإنجيل حتى جاء محمد فمن اتبعه نجا وإلا كان هالكا
وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
ومن طريق سعيد بن عبد العزيز التنوخي وهو من طبقة الأوزاعي من فقهاء أهل الشام نحو ذلك قال الطبري معنى من آمن منهم من دام على إيمانه بنبيه فلم يغير ولم يبدل ومات على ذلك أو عاش حتى بعث محمد فصدق به فهو الذي أجره عند ربه
قال ومعنى ما رواه علي بن أبي طلحة أن ابن عباس كان يرى أن الله وعد من عمل صالحا من اليهود وغيرهم الجنة ثم نسخ ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/258]
وقال غيره معنى النسخ إنما هو في حق من أدرك محمدا لا من كان قبل وهو متجه وبالله التوفيق

قلت إن ثبت حديث سلمان أنه حكم عليهم بالنار دل ذلك على أن من كان ليس على دين الإسلام فهو هالك فنزلت الآية مخبرة بأن من آمن بنبيه الذي هو من أمته ولم يغير بعده ولم يبدل وآمن بنبي بعث إليه مثلا ناسخا لشريعة من قبله فإنه ناج وأن اسم الإسلام يشمله وأن سمي بغيره من اليهودية والنصرانية مثلا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/259]
وإطلاق النسخ على ذلك ينبني على جواز دخول النسخ في الخبر وهو الراجح في الأصول
[العجاب في بيان الأسباب: 1/260]
21 - قوله تعالى أفتطمعون أن يؤمنوا لكم الآية 75
قال الواحدي قال ابن عباس ومقاتل نزلت في السبعين الذين اختارهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/261]
موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى فلما ذهبوا معه إلى الميقات وسمعوا كلام الله وهو يأمره وينهاه فلما رجعوا إلى قومهم فأما الصادقون فأدوا كما سمعوا
وقالت طائفة منهم سمعنا الله في آخر كلامه يقول إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس
وعند أكثر المفسرين نزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة النبي
قلت أما الأول فأخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق بسنده المقدم ذكره عن ابن عباس قال: قال الله تعالى لنبيه ولمن آمن معه يؤيسهم من إيمان اليهود أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله وهم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة
قال محمد بن إسحاق فحدثني بعض أهل العلم أنهم قالوا يا موسى قد حيل بيننا وبين رؤية ربنا فأسمعنا كلامه حين يكلمك فطلب موسى ذلك إلى ربه فقال له مرهم فليتطهروا وليطهروا ثيابهم وليصوموا ففعلوا وخرج بهم إلى الطور فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى فوقعوا سجودا وكلمه ربه فسمعوا كلامه يأمرهم وينهاهم حتى عقلوا ما سمعوا ثم انصرف بهم إلى قومه فحرف فريق منهم ما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/262]
سمعوا فحين قال موسى لبني إسرائيل إن الله يأمركم بكذا وكذا قال ذلك الفريق إنما قال كذا وكذا خلافا لما قال موسى فهم الذين عنى الله في قوله لرسوله محمد وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه الآية
فهذا كما ترى لم ينسبه ابن إسحاق في روايته لابن عباس وإنما ذكر فيما أسنده عن ابن عباس أصل القصة وهذا التفصيل إنما أسنده عن بعض أهل العلم ولم يسمه وأخلق به أن يكون عنى الكلبي أو بعض أهل الكتاب فإن من جملة ما عابوه على ابن إسحاق أنه كان يعتمد على أخبار بعض أهل الكتاب فيما ينقله عن الأخبار الماضية
وأما ابن الكلبي فإنه ذكر هذا في تفسيره عن أبي صالح وهو من رواية محمد بن مروان السدي الصغير عنه وقد تقدم أن هذه سلسلة الكذب لا سلسلة الذهب
وقد ذكر يحيى بن سلام وهو أصلح حالا من محمد بن مروان بكثير فقال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/263]
قال الكلبي بلغني أنهم السبعون الذين اختار موسى ثم قص القصة نحو ما ساقها ابن إسحاق وفي آخرها فلما رجعوا إلى العسكر قال لهم من لم يكن معهم ماذا قال ربكم قالوا أمرنا بكذا وكذا ونهانا عن كذا وكذا
هذا قول الذين صدقوا منهم وأما الذين كذبوا فقالوا نعم قال ما قلتم ولكن وسع لنا في آخر ذلك فقال إن لم تستطيعوا إلا الذي نهيتكم عنه فافعلوا قال فلما قدم محمد المدينة كلم اليهود ودعاهم إلى الله عز وجل وإلى الإيمان بكتابة فجحدوا وكتموا فأنزل الله تعالى أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله الآية
وأما مقاتل بن سليمان فأورده مختصرا فقال قوله وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله نزلت في السبعين الذين اختار موسى ليذهبوا معه حتى يسمعوا كلام الله فلما ذهبوا معه سمعوا كلام الله وهو يأمر وينهى فلما رجعوا أدى الصادقون ما سمعوا وأما طائفة منهم فقالوا سمعنا والله في آخر كلامه يقول إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا
وأخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في هذه الآية قال كانوا يسمعون الوحي فيسمعون من ذلك كما يسمع أهل النبوة ثم يحرفونه من بعدما عقلوه وقد استنكر ابن الجوزي القصة المتقدم ذكرها فقال أنكر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/264]
الحكيم الترمذي أن يكون أحد من بني إسرائيل سمع كلام الله غير موسى لأن ذلك من خصائص موسى
قال ابن الجوزي وهذا هو المعتمد والآثار الواردة في ذلك واهية لأنها من رواية ابن إسحاق عن بعض أهل العلم ومن تفسير مقاتل والكلبي وليس واحد من هذا بحجة انتهى
ورجح الطبري أنهم كانوا يسمعون قال وذلك أن الله أخبر أن التحريف كان من فريق منهم كانوا يسمعون كلام الله استعظاما من الله عز وجل لما كانوا يأتون من البهتان بعد توكيد الحجة عليهم إيذانا عباده المؤمنين بقطع أطماعهم من إيمان بقايا نسلهم بما جاءهم به محمد فقال كيف تطمعون في تصديق هؤلاء إياكم وإنما تخبروهم عن غيب لم يشاهدوه وقد كان بعض سلفهم يسمع من الله كلامه بأمره ونهيه ثم يبدله ويجحده فهؤلاء الذين بين أظهركم أحرى أن يجحدوا ما آتيتموهم به انتهى
وعلى هذا فالذي اختص به موسى هو كلام الله سبحانه وتعالى على قصد مخاطبته إياه لا مطلق سماع الكلام ويحتمل أن يكون أولئك إنما كانوا يسمعون كلام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/265]
الله عز وجل من بعض الملائكة فيكون لهم بذلك المزية على من بعدهم بما يدل عليه سياق الآية كما أشار إليه الطبري ويصح ما أطلقه الترمذي ومن تبعه من اختصاص موسى بسماع كلام الله سبحانه وتعالى على أن في الحصر نظرا فظواهر القرآن والأحاديث تدل على أن موسى عليه السلام اختص بقدر زائد من ذلك لا مطلق الكلام والله أعلم
22 - قوله ز تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم الآية 76
1 - أم صدرها فذكر أبو حيان بغير إسناد قال قيل إن النبي قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/266]
يدخل قصبة المدينة إلا مؤمن فقال كعب بن الأشرف وكعب بن يهوذا وغيرهما اذهبوا فتجسسوا أخبار من آمن وقولوا لهم آمنا واكفروا إذا رجعتم
و أما باقيها فأخرج الطبري من طريق ابن جريج عن مجاهد قال قام النبي تحت حصون بني قريظة فقال يا إخوان القردة والخنازير ويا عبد الطاغوت فقالوا من أخبر محمدا بهذا ما خرج هذا إلا منكم أتحدثونهم بما فتح الله عليكم فيكون لهم حجة عليكم
وأخرجه عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كان رسول الله بعث عليا إلى بني قريظة فآذوا النبي فقال اخسؤوا يا أخوة القردة والخنازير فقالوا من حدث محمدا بهذا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/267]
وللطبري من طريق بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله بما فتح الله عليكم بما أكرمكم الله به فيقول الآخرون إنما نستهزئ بهم
قلت فعلى هذا المراد بالفتح الإنعام والكرامة وعلى الأول الفتح العقوبة ويشهد له افتح بيننا وبين قومنا بالحق
وقد أخرج الطبري من طريق السدي التصريح بأن المراد بالفتح هنا العذاب ولفظه قال في قوله تعالى أتحدثونهم بما فتح الله عليكم يعني من العذاب وهو الفتح قولوا لهم نحن أكرم على الله منكم
وجاء في السبب المذكور
2 - قول آخر فأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة قال كانوا يقولون إنه سيكون نبي يعني في آخر الزمان فخلا بعضهم إلى بعض
[العجاب في بيان الأسباب: 1/268]
فقالوا أتحدثونهم بهذا فيحتجون عليكم به
وكذا أخرجه عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة وسياقه أبسط من هذا ونحوه للطبري من طريق أبي العالية ولفظه يعني بما أنزل الله في كتابه من بعث محمد
وذكره ابن إسحاق عن محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس بلفظ و28 آخر في قوله وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا إي أن صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بهذا فتقوم عليكم الحجة جحدوا ولا تقروا بأنه نبي أصلا يعني أن النبي لا يكذب وقد قال أنه رسول الله إلى الناس جميعا
3 - وجاء فيه قول آخر ابن أبي حاتم من طريق الحكم بن إبان عن عكرمة إن امرأة من اليهود أصابت فاحشة فجاؤوا إلى النبي يطلبون منه الحكم رجاء الرخصة فدعا النبي عالمهم فذكر قصة الرجم قال ففي ذلك نزلت وإذا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/269]
خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم الآية
23 - قوله ز تعالى ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني 78
أخرج الطبري من طريق ابن جريج عن مجاهد في هذه الآية ومنهم أميون قال ناس من اليهود لم يكونوا يعلمون شيئا وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله تعالى ويقولون هو من الكتاب أماني يتمنونها
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور عن الحسن البصري نحوه بتمامه وأخرج الطبري من طريق الضحاك عن ابن عباس قال الأميون هنا قوم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/270]
لم يصدقوا رسولا أرسله الله ولا كتابا أنزل الله فكتبوا كتابا بأيديهم ثم قالوا لقوم سفلة جهال هذا من عند الله فأخبر إنهم يكتبون بأيديهم ثم سماهم أميين وهذا استنكره الطبري من جهة اللغة العربية وقد تقدم أن الضحاك لم يسمع من ابن عباس وإسناده من ابن منصور إلى الضحاك ضعيف وكأنه جعل 29 ما في الآية وصف ما ذكر في التي بعدها وعند الأكثر أنها صفة قوم آخرين وهو أولى
24 - قوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا الآية 79
قال الواحدي قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا إنهم غيروا صفة رسول الله في كتابهم وجعلوه آدم سبطا طويلا وكان ربعة أسمر
وقالوا لأصحابهم وأتباعهم انظروا إلى صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبه نعت هذا وكانت للأحبار والعلماء مأكلة من سائر اليهود فخافوا أن تذهب مأكلتهم أن بينوا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/271]
صفته فمن ثم غيروا
قلت الكلبي تقدم وصفه وقد وجدت هذا من وجه آخر قوي أخرجه ابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس وفيه مغايرة لسياق الكلبي ولفظ شبيب بن بشر هذا وقد وثقه ابن معين قال هم أحبار يهود وجدوا نعت النبي محمد مكتوبا في التوراة أكحل أعين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فمحوه حسدا وبغيا فأتاهم نفر من قريش من أهل مكة فقالوا أتجدون في التوراة نبيا أميا قالوا نعم نجده طويلا أزرق سبط الشعر فقالت قريش ما هذه صفة صاحبنا
و من طريق أبي العالية عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد فحرفوه عن مواضعه يبتغون بذلك عرضا من الدنيا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/272]
و من طريق السدي كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه 30 من العرب وغيرهم ويحدثونهم أنه من عند الله ليأخذوا به ثمنا قليلا
ومن طريق قتادة عن معمر نحوه

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:25 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

25 - قوله تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة 80 أسند الواحدي من طريق محمد بن إسحق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال قدم النبي المدينة واليهود تقول إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا من أيام الآخرة وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة
ثم أسند من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين يوما فقالوا لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار فساروا في العذاب حتى انتهوا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/273]
إلى سقر وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعدودة قال فقال لهم خزنة أهل النار يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياما معدودة فقد انقضى العدد وبقي الأمد
قلت وجويبر ضعيف جدا والضحاك لم يسمع من ابن عباس والسند الذي قبله إلى ابن عباس أولى بالاعتماد
وقد أخرجه الطبري من رواية العوفي عن ابن عباس والعوفي ضعيف ولعله أخذه عن الضحاك لكن سياق العوفي أتم من سياق الضحاك وعنده عن ابن عباس ذكر أن اليهود وجدوا في التوراة فذكره 31 وقال في آخره ساروا في العذاب حتى انتهوا إلى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة فلما أكلوا من شجرة الزقوم وملؤوا منها البطون قال لهم خزان سقر
زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلا أياما معدودة فقد خلا العدد وأنتم في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/274]
الأمد فأخذ بهم في صعود في جهنم يرهقون
و أخرج الطبري من وجه آخر عن جويبر عن الضحاك في هذه الآية قال: قالت اليهود لا نعذب في النار إلا أربعين يوما بمقدار ما عبدنا العجل
وأما السند الأول من طريق ابن إسحاق فقد تقدم في حال النسخة المروية عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد وإنه صدوق عند ابن أبي حاتم وغيره لكن الأحاديث التي يقول فيها ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس فالترديد بين عكرمة وسعيد بن جبير وفي هذا الموضع اقتصر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/275]
الواحدي في سياقه على عكرمة وأظنه اختصر وإلا فقد أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق على العادة قال عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس
وقد أخرجه الطبري أيضا من طريق حفص بن عمر عن الحكم بن إبان عن عكرمة مرفوعا مرسلا قال خاصمت اليهود رسول الله فقالوا لن ندخل إلا أربعين ليلة ويخلفنا فيها قوم آخرون يعنون أصحاب محمد فقال النبي بل أنتم فيها خالدون لا يخلفكم فيها أحد
فأنزل الله تعالى ذكره هذه الآية
وأخرجه سنيد في تفسيره عن حجاج بن محمد عن ابن جريج 32 عن عكرمة قال اجتمعت يهود تخاصم النبي فقالوا لن تصيبنا النار فذكره وفيه كذبتم بل أنتم خالدون مخلدون فيها لا نخلفكم فيها إن شاء الله تعالى أبدا فنزل القرآن تصديقا لقول النبي وتكذيبا لهم وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة إلى قوله هم فيها خالدون
وأخرج الطبري عن قتادة قال: قالت اليهود
لن ندخل النار إلا تحلة القسم عدد الأيام التي عبدنا فيها العجل فقال الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/276]
تعالى قل أتخذتم عند الله عهدا أي بهذا الذي تقولون فهاتوا حجتكم
وأخرج الطبري من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال حدثني أبي زيد بن أسلم أن رسول الله قال ليهود أنشدكم الله الذي أنزل التوراة على موسى من أهل النار الذين ذكرهم الله تعالى في التوراة قالوا إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في النار أربعين ليلة ثم نخرج فتخلفوننا فيها فقال كذبتم والله لا نخلفكم فيها أبدا
فنزل القرآن تصديقا لرسول الله وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة إلى خالدون
قلت أصل هذا دون ذكر نزول الآية في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أخرجه من رواية الليث عن سعيد المقبري عنه في أثناء حديث قال فيه قال لهم أي النبي من أهل النار قالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها
فقال النبي اخسؤوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/277]
26 - قوله ز تعالى وتخرجون 33 فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان الآية 85
قال ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس كانوا فريقين يعني بالمدينة بنو قينقاع ولهم حلفاء الخزرج وقريظة والنضير ولهم حلفاء الأوس فوقع بين الأوس والخزرج حرب فخرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت قريظة والنضير مع الأوس فظاهر كل فريق حلفاءه على إخوانهم حتى سفكت دماؤهم وبأيديهم التوراة يعرفون فيها تحريم سفك دمائهم والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون حلالا من حرام فإذا انقضت الحرب افتدوا أسرى من أسر منهم فتفتدي قينقاع من أسرة الأوس وتفتدي قريظة والنضير من أسرة الخزرج فأنبهم الله تعالى بذلك
قال ابن إسحاق ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج نزلت هذه القصة فيما بلغني أخرجه الطبري
وأخرج من طريق السدي نحوه لكن خالف في بعضه فقال إن الله أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن لا يقتل بعض بعضا وأيما عبد أمة وجدتم من بني إسرائيل فاشتروه فأعتقوه فكانت قريظة حلفاء الأوس والنضير حلفاء الخزرج وكانوا يقتتلون في حرب سمير فإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه فكان العرب تعيرهم بذلك يقولون كيف تقاتلونهم وتفدونهم فإذا قالوا أمرنا بأن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/278]
نفديهم فإن قيل لهم فقد نهيتم عن قتالهم قالوا إنا نستحي من حلفائنا فنزلت الآية بتوبيخهم على ذلك
27 - قوله ز تعالى وقالوا قلوبنا 34 غلف بل لعنهم الله بكفرهم 88
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: قالت اليهود قلوبنا مملوءة علما لا نحتاج إلى علم محمد ولا غيره بل هي غلف فنزلت بل لعنهم الله بكفرهم
ومن طريق فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي قالوا قلوبنا أوعية العلم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/279]
قال وروي عن عطاء الخراساني مثله
قلت ويستفاد من هذا أمران
أحدهما أن قراءة الجمهور غلف بسكون اللام مخففة
ثانيهما أن بل للإضراب على بابها
28 - قوله ز تعالى ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا 89
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق بالسند المذكور أولا إن اليهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله قبل بعثته فلما بعثه الله جحدوا ما كانوا يقولون
فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أحد بني سلمة يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته فقال سلام بن مشكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/280]
أخو بني النضير ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكره لكم فأنزل الله عز وجل ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا الآية
وهكذا أخرجه ابن إسحاق في السيرة الكبرى وأخرج فيها أيضا والطبري من طريقه عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ منهم 35 قالوا فينا والله وفيهم أي الأنصار واليهود نزلت هذه القصة قالوا كنا علوناهم دهرا في الجاهلية ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب فكانوا يقولون أن نبيا يبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه نقتلكم معه قتل عاد وأرم
فلما بعث الله عز وجل رسوله من قريش واتبعناه كفروا به قال الله عز وجل فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/281]
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال كان أهل الكتاب يستنصرون بخروج محمد عليه الصلاة والسلام على مشركي العرب فلما بعث الله عز وجل محمدا ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه
ومن طريق قتادة نحوه وزاد وقالوا اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا في التوراة يعذبهم ويقتلهم فلما بعث من غيرهم كفروا به حسدا
29 - قوله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا 89
قال الواحدي قال ابن عباس كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فإذا التقوا هزمت يهود فعاذت اليهود بهذا الدعاء اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا فدعوا بهذا الدعاء هزموا غطفان فلما بعث النبي كفروا به فأنزل الله عز وجل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا أي بك يا محمد إلى قوله فلعنة الله على الكافرين
قال وقال السدي كانت العرب تمر باليهود فتلقى اليهود منهم أذى وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة 36 فيسألون الله عز وجل أن يبعثه ليقاتلوا معه فلما جاءهم محمد كفروا به حسدا وقالوا إنما كانت الرسل من بني إسرائيل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/282]
قلت المحفوظ عن ابن عباس ما تقدم وأما هذا الطريق بهذا اللفظ فأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عنه واعتذر عن إخراجه فقال غريب من حديثه أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير
قلت وأي ضرورة تحوج إلى إخراج حديث من يقول فيه يحيى بن معين كذاب في المستدرك على البخاري ومسلم ما هذا إلا اعتذار ساقط
وجاء عن ابن عباس في تفسير يستفتحون
2 - قول آخر أخرجه الطبري من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله يستفتحون قال كانوا يستظهرون يقولون نحن نعين محمدا عليهم وليسوا كذلك بل يكذبون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/283]
وأما أثر السدي فأخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط عنه بهذا ولكن فيه تمر باليهود ويؤذونهم وكانوا يجحدون محمدا في التوراة وفيه فيقاتلوا معه العرب وفيه كفروا به حين لم يكن والباقي سواء زاد ابن أبي حاتم في آخره فما بال هذا من بني إسماعيل
وأخرجه الطبري من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية قال كانت اليهود تستنصر بمحمد على مشركي العرب يقولون اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى يعذب المشركين ويقتلهم
فلما بعث الله محمدا ورأوه أنه من غيرهم كفروا به حسدا للعرب وهم يعلمون 37 أنه رسول الله فقال عز وجل فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به الآية
ومن طريق ابن جريج قلت لعطاء قوله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون قال كانوا يرجون أن يكون منهم فلما خرج ورأوا أنه ليس منهم كفروا به وقد عرفوا أنه الحق
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كانت يهود يستفتحون على كفار العرب يقولون أما والله لو قد جاء النبي الذي بشر به موسى وعيسى أحمد لكان لنا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/284]
عليكم وكانوا يظنون أنه منهم وكانوا بالمدينة والعرب حولهم فلما كان من غيرهم أبوا أن يؤمنوا به وحسدوه وقد تبين لهم أنه رسول الله فمن هناك نفع الله الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أن نبيا خارج
ومن طريق ابن أبي نجيح عن علي الأزدي هو ابن عبد الله البارقي تابعي ثقة قال: قالت اليهود اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس يستفتحون يستنصرون
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة نحو رواية السدي وأوله كانت اليهود تستفتح بمحمد على كفار العرب وقال في آخره كفروا به حسدا للعرب وهم يعرفون أنه رسول الله
30 - قوله ز تعالى قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس الآية 94
ذكر ابن الجوزي أنها نزلت لما قالت اليهود أن الله لم يخلق الجنة إلا لإسرائيل وبنيه
قلت الذي أخرج الطبري من طريق أبي العالية قال: قالت اليهود
[العجاب في بيان الأسباب: 1/285]
يعني والنصارى لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وقالت اليهود نحن أبناء الله 38 وأحباؤه فأنزل الله عز وجل قل إن كانت لكم الدار الآخرة الآية ومن طريق قتادة ونحوه
ومن طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر عن ابن عباس قال لو تمنوه يوم قال لهم فتمنوا الموت ما بقي على ظهر الأرض يهودي إلا مات وذلك أنهم فيما ذكر لنا قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه
وبه إلى ابن عباس في قوله تعالى فتمنوا الموت أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب فأبوا ذلك على رسول الله
وقال عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة قال: قال ابن عباس لو تمنى اليهود لماتوا وهذا سند صحيح
[العجاب في بيان الأسباب: 1/286]
وعند ابن أبي حاتم من طريق الأعمش أحسبه عن المنهال يعني ابن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه
وهذه الطرق موقوفة على ابن عباس وقد رفعه عبيد الله بن عمرو الرقي وهو ثقة عن عبد الكريم
أخرجه الطبري من طريقه ولفظه عن رسول الله لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا أو لو خرج الذين يباهلون رسول الله يعني نصارى نجران لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا
و أخرجه أحمد في مسنده من وجه آخر عن عبد الكريم وسند الطبري صحيح وقد أخرجه الضياء المقدسي في المختارة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/287]
ووقع في تفسير ابن ظفر أنهم لما ادعوا أنه لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا أو نصرانيا أعلم الله نبيه أنه يحول بينهم وبين تمني الموت فجمعهم وتلا عليهم الآية فامتنعوا من تمني الموت فقال لو تمنوا الموت لما قام رجل منهم من مجلسه حتى يغصه الله 39 بريقه فيموت وسيأتي في تفسير سورة الجمعة ما يؤيد رواية ابن إسحاق أنها نزلت في زعمهم أنهم أولياء الله
ويؤخذ من مجموع الآيتين أن دعاءهم إلى تمني الموت نزل بسبب القولين معا دعواهم أنهم أولياء الله وأن الدار الآخرة خالصة لهم
31 - قوله ز تعالى ولتجدنهم أحرص الناس على حياة الآية 96
قال محمد بن يوسف الفريابي في تفسيره حدثنا قيس بن الربيع عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان أهل الكتاب يقول أحدهم لصاحبه عش ألف سنة كل ألف سنة فنزلت
وأخرجه الحاكم أيضا من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/288]
ابن عباس ولتجدنهم قال هم اليهود ومن الذين أشركوا قال الأعاجم
وأخرجه من تفسير إسحاق بن راهويه عن أبي معاوية عن الأعمش بهذا السند بلفظ يود أحدهم لو يعمر ألف سنة هو قول الأعاجم إذا عطس زه هزار سال
وأخرجه الطبري وابن المنذر من طريق أبي معاوية وقال في آخره يعني عش ألف سنة
32 - قوله تعالى قل من كان عدوا لجبريل إلى قوله للكافرين 97 - 98
أسند الواحدي من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/289]
عباس قال أقبلت يهود إلى النبي فقالوا يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة فإنه ليس نبي إلا يأتيه ملك من عند ربه بالرسالة أو بالوحي فمن صاحبك قال جبريل عليه السلام قالوا ذاك الذي نزل بالحرب وبالقتال ذاك 40 عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك فأنزل الله عز وجل قل من كان عدوا لجبريل الآية إلى قوله للكافرين
قلت أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من هذا الوجه وفي أول الحديث إنا نسألك عن خمسة أشياء وذكرها في سياقه وهي علامة النبي وكيف تؤنث المرأة وتذكر وعما حرم إسرائيل على نفسه وعن الرعد وآخرها من صاحبك من الملائكة الحديث
وعند أحمد أيضا وعبد بن حميد والطبري من طريق شهر بن حوشب عن ابن عباس قال حضرت عصابة من اليهود رسول الله فقالوا يا أبا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/290]
القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي فقال سلوا عم شئتم فذكر الحديث وفيه قالوا فأخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه قال أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا شديدا وطال سقمه فنذر لله نذرا أن شفاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد عليهم
قالوا فأخبرنا بهذا النبي الأمي من وليه من الملائكة قال فإن وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه قالوا فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك قال فما يمنعكم قالوا إنه عدونا فأنزل الله عز وجل الآية
وأخرجه ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب بنحوه 41 ولم يذكر ابن عباس وزاد فيه قالوا فأخبرنا عن الروح قال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه جبريل وهو الذي يأتيني قالوا نعم ولكنه لنا عدو وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء ولولا ذاك اتبعناك فأنزل الله الآية إلى قوله كأنهم لا يعلمون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/291]
وقال عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة قالت اليهود إن جبريل يأتي محمدا وهو عدونا لأنه ينزل بالشدة والحرب والسنة وإن ميكائيل ينزل بالرخاء والعافية والخصب فقال الله تعالى من كان عدوا لجبريل الآية
وأخرج الطبري من طريق القاسم بن أبي بزة يهودا سألوا النبي من صاحبك الذي ينزل عليك بالوحي قال جبريل قالوا فإنه عدونا لا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال فنزلت
وفي صحيح البخاري عن أنس قال سمع عبد الله بن سلام بمقدم النبي فذكر الحديث وفيه أنه سأله عن أشياء فقال أخبرني بهن جبريل آنفا قال جبريل قال نعم قال ذاك عدو اليهود من الملائكة هكذا في هذه الطريق من قول عبد الله بن سلام وهي قصة غير التي في حديث ابن عباس
وأسند الواحدي من طريق علي بن مسهر والطبري من طريق ربعي بن علية وهو أخو إسماعيل عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال نزل عمر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/292]
الروحاء فذكر قصة فيها فقال عمر كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق الفرقان ومن الفرقان كيف يصدق التوراة فبينما أنا عندهم ذات يوم فقالوا يا ابن الخطاب ما أحد أحب 41 إلينا منك
إنك تأتينا وتغشانا قال ومر رسول الله فقالوا يا ابن الخطاب ذاك صاحبكم فالحق به
فقلت لهم عند ذلك نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو وما استرعاكم من حقه واستودعكم من كتابه أتعلمون أنه رسول الله فسكتوا فقال عالمهم وكبيرهم إنه قد عظم عليكم فأجيبوه قالوا أنت عالمنا وسيدنا فأجبه أنت قال أما إذ نشدتنا بما نشدتنا به فإنا نعلم أنه رسول الله قال قلت ويحكم فأنى هلكتم قالوا إنا لم نهلك قال كيف ذاك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه قالوا لأن لنا عدوا من الملائكة وسلما وانه قرن بنبوته عدونا من الملائكة قال قلت ومن عدوكم ومن سلمكم قالوا عدونا جبريل وسلمنا ميكائيل قال قلت وفيم عاديتم جبريل وفيم سالمتم ميكائيل قالوا إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/293]
والتخفيف ونحو هذا
قال قلت وما منزلتهما من ربهما قالوا أحدهما عن يمينه والآخر عنة يساره قال قلت فوالله الذي لا إله إلا هو إن الذي بينهما لعدو لمن عاداهما وسلم لمن سالمهما ما ينبغي لجبريل أن يسالم عدو ميكائيل وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدو جبريل قال ثم قمت فاتبعت النبي فلحقته وهو خارج من خوخه لبني فلان فقال لي يا ابن الخطاب ألا أقرئك آيات نزلن قبل فقرأ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله 43 مصدقا لما بين يديه حتى قرأ الآيات قال
قلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك الخبر فأسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر
لفظ الطبري وأخرجه أيضا من طريق إسماعيل بن علية عن داود نحوه
ومن طريق مجالد عن الشعبي نحوه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/294]
وأخرج أيضا من طريق قتادة قال ذكر لنا أن عمر انطلق ذات يوم إلى اليهود فلما أبصروه رحبوا به فقال لهم عمر أما والله ما جئت لحبكم ولا لرغبة فيكم ولكن جئت لأسمع منكم فسألهم وسألوه فقالوا من صاحب صاحبكم فقال لهم جبريل فقالوا ذاك عدونا من أهل السماء يطلع محمدا على سرنا وإذا جاء جاء بالحرب والسنة ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل وكان إذا جاء جاء بالخصب وبالسلم
فقال لهم عمر أتعرفون جبريل وتنكرون محمدا ففارقهم وتوجه نحو النبي ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزلت عليه قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله الآية
ومن طريق السدي قال كانت لعمر أرض بأعلى المدينة فكان ممره على طريق مدارس اليهود فدخل فسمع منهم فقالوا يا عمر ما في أصحاب محمد أحب إلينا منك فإنك تمر بنا فلا تؤذينا فقال عمر أي يمين أعظم فيكم قالوا الرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء فقال لهم عمر فأنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمدا عندكم فذكر نحو حديث الشعبي بطوله
ومن طريق هشيم عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قالت اليهود للمسلمين لو أن 44 ميكائيل الذي ينزل عليكم اتبعناكم فإنه ينزل بالرحمة والغيث وإن جبريل ينزل بالنقمة والعذاب وهو لنا عدو فنزلت هذه الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/295]
من كان عدوا لجبريل
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن الدشتكي عن حصين عن ابن أبي ليلى مختصرا ولفظه إن يهوديا لقي عمر فقال إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر من كان عدوا لله وملائكته ورسله إلى للكافرين قال فنزلت على لسان عمر
قلت وهذا غريب إن ثبت فليضف إلى موافقات عمر وقد جزم ابن عطية بأنه ضعيف ولم يبين جهة ضعفه وليس فيه إلا الإرسال
ثم قال الواحدي قال ابن عباس أن حبرا من أحبار اليهود من فدك يقال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/296]
له عبد الله بن صوريا حاج النبي فسأله عن أشياء فلما اتجهت عليه الحجة قال أي ملك يأتيك من السماء قال جبريل ولم يبعث الله نبيا إلا وهو وليه قال ذاك عدونا من الملائكة ولو كان ميكائيل مكانه لآمنا بك إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة على يدي رجل يقال له بخت نصر وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بخت نصر ليقتله فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاما مسكينا ليست له قوة فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا إن كان ربكم هو الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله فصدقه صاحبنا 45 ورجع إلينا وكبر بخت نصر وقوي وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت يتعجب من جزمه بهذا عن ابن عباس مع ضعف طريقه فإنه من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي وقد قدمت أنه هالك
وقد أخرج الطبري من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس أن اليهود سألت محمدا عن أشياء كثيرة فأخبرهم بها على ما هي عندهم إلا جبريل فإن جبريل كان عند اليهود صاحب عذاب وسطوة ولم يكن عندهم صاحب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/297]
وحي ينزل من الله على رسله ولا صاحب رحمة فأخبرهم رسول الله فيما سألوه عنه أن جبريل صاحب وحي وصاحب نقمة وصاحب رحمة فأنكروا ذلك
وقالوا هو عدو لنا فأنزل الله عز وجل تكذيبا لهم قل من كان عدوا لجبريل الآية ثم قال الواحدي قال مقاتل قالت اليهود إن جبريل أمره الله أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا فأنزل الله هذه الآية
قلت جعل الواحدي هذا السبب ترجمتين من أجل الاختلاف في سبب عداوتهم لجبريل وإن كان سبب النزول واحدا وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال
أحدهما قول الجمهور إن عداوتهم لكونه ينزل بالعذاب
ثانيها كونه حال دون قتل بخت نصر الذي خرب مسجدهم وسفك دماءهم وسبى ذراريهم
ثالثها كونه عدل بالنبوة عن بني إسرائيل إلى بني إسماعيل
وهذا الثالث قواه الفخر الرازي من جهة المعنى لأن معاداة جبريل وهو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/298]
رسول الله بامتثاله أمر الله فيما ينزل به 46 من الشدة والعذاب لا يصدر من عاقل بخلاف تجويز النسيان عليه مع من أمر بالإنزال عليه هذا حاصل ما رجحه به
[العجاب في بيان الأسباب: 1/299]
وفاته ترجيح أن يرجح الثاني لأنه ليست مخالفة لما أمر به لا عمدا ولا سهوا بل هو راجع إلى اجتهاده ومن عادى من اجتهد فأداه اجتهاده إلى ضرر من عاداه لا يلام في المعاداة
وقد وجدت ما يصلح معه إفراد الترجمة الثانية وهو سبب معاداتهم لرسول الله لأن الأولى من جميع طرقها خاصة بجبريل عليه السلام وذلك فيما أخرجه الطبري من طريق عبيد الله العتكي وهو أبو المنيب المروزي صدوق عن رجل من قريش قال سأل النبي اليهود فقال أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون هل تجدونني قد بشر بي عيسى أن يأتيكم رسول من بعدي اسمه أحمد قالوا اللهم وجدناك في كتبنا ولكنا كرهناك لأنك تستحل الأموال يعني الغنائم وتهريق الدماء
فأنزل الله عز وجل من كان عدوا لله وملائكته ورسله الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/300]
33 - قوله تعالى ولقد أنزلنا إليك آيات بينات 99
قال الواحدي قال ابن عباس هذا جواب لابن صوريا حيث قال لرسول الله يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بينة نتبعك بها فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت أخرجه الطبري من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال ابن صوريا الفطيوني لرسول الله يا محمد فذكره وفي آخره فأنزل الله في ذلك من قوله ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون
وأخرجه ابن المنذر من وجه آخر عن ابن إسحاق بغير سند لابن إسحاق لكن قال: قال ابن صلوبا الفطيوني والمحفوظ ما تقدم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/301]
34 - قوله ز تعالى أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم 100
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال: قال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله وذكرهم ما أخذ الله عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد والله ما عهد الله إلينا في محمد ولا أخذ علينا ميثاق فأنزل الله عز وجل أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم الآية
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج في هذه الآية قال لم يكن في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ويعاهدون اليوم وينقضون غدا
ومن طريق أخرى عن عطاء قال هي العهود بينه وبين اليهود نقضوها كفعل قريظة والنضير وهي كقوله تعالى الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم الآية
وذكر ابن ظفر في قوله تعالى ولقد أنزلنا إليك آيات بينات قيل كان اليهود يقولون للنبي إن أخبرتنا عن كذا وكذا آمنا بك فيوحي الله إليه بذلك فيخبرهم به فلا يؤمنون وهو المراد بقوله أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/302]
قال وقيل إن الأعراب التي كانت منازلهم بقرب يثرب كانوا يغيرون عليهم ويقاتلونهم فيقولون إن خرج النبي الذي يسفك دماءكم ويسبي أولادكم لنقاتلنكم معه ونؤمن به 48 ويكررون الحلف فلما بعث نبذوا جميع تلك العهود
35 - قوله ز تعالى ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله الآية 101
أخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي قال في هذه الآية ولما جاءهم رسول قال لما جاءهم محمد عارضوه بالتوراة فخاصموه بها فاتفق التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف ونسخة هاروت وماروت فلم توافق القرآن فأنزل الله عز وجل هذه الآية إلى قوله كأنهم لا يعلمون
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال لما ذهب ملك سليمان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/303]
ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات فلما رجع إلى سليمان إلى ملكه أقام الناس على الدين كما كان ثم ظهر سليمان على كتبهم فدفنها تحت كرسيه ومات حدثان ذلك فظهرت الجن والإنس على الكتب بعد وفاته فقالوا هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منها فأخذوا به فجعلوه دينا فأنزل الله عز وجل ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلو الشياطين من المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله عز وجل
36 - قوله تعالى واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان الآية 102
1 - أخرج الواحدي من تفسير إسحاق بن راهويه قال أنا جرير عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/304]
حصين عن عمران بن الحارث قال بينا نحن عند ابن عباس إذ قال إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلام حق فإذا جرب من أحدهم الصدق 49 كذب معها سبعين كذبة فيشربها قلوب الناس فاطلع على ذلك سليمان فأخذها يعني الصحف التي نسخوا فيها تلك الأكاذيب وما قبلها من الصدق فدفنها تحت الكرسي فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق وقال ألا أدلكم على كنز سليمان المنيع الذي لا كنز مثله قالوا بلى
قال تحت الكرسي فأخرجوه فقالوا هذا سحر فتناسخها الأمم فأنزل الله تعالى عذر سليمان عليه السلام واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان الآية
قال الواحدي
وقال الكلبي إن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/305]
برخيا هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك ودفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان فلما مات سليمان استخرجوها من تحت مصلاه وقالوا للناس إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه فأما علماء بني إسرائيل فقالوا معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان وأما السفلة فقالوا هذا علم سليمان وأقبلوا على تعلمه ورفضوا كتب أنبيائهم وفشت الملامة على سليمان فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله عز وجل محمدا فأنزل الله عذر سليمان على لسانه وأظهر براءته مما رمي به فقال واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان الآية
ثم أسند الواحدي من طريق سعيد بن منصور ثنا عتاب بن بشير أنا خصيف قال كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال لأي داء أنت فتقول لكذا وكذا فلما نبتت شجرة الخروب قال لأي شيء أنت قالت لمسجدك أخربه قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/306]
تخربينه قالت نعم قال بئس الشجرة 50 أنت فلم يلبث أن توفي فجعل الناس يقولون في مرضاهم لو كان مثل سليمان فأخذت الشياطين فكتبوا كتابا فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سحر ورقي فأنزل الله تعالى واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان إلى قوله فلا تكفر
قال الواحدي وقال السدي إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر واشتغلوا بتعلمه فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك فلما مات سليمان وذهب الذين كانوا يعرفون دفن تلك الكتب تمثل الشيطان على صورة إنسان فأتى نفرا من بني إسرائيل فقال هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا أي لا ينفد قالوا نعم قال فاحفروا تحت الكرسي فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان إن سليمان كان يضبط الإنس والجن والشياطين والطير بهذا فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود فبرأ الله سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية
قلت اثر ابن عباس أخرجه الحاكم في المستدرك من هذا الوجه وعمران أخرجه له مسلم وباقي رجاله من رجال الصحيح
وأما أثر الكلبي فأخرج الطبري نحوه عن ابن إسحاق ولفظه قال عمدت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/307]
الشياطين حين عرفت موت سليمان فكتبوا أصناف السحر من كان يحب أن يبلغ كذا فليقل كذا حتى إذا استوعبوا أصناف السحر جعلوه في كتاب ثم ختموه بخاتم نقشوه على خاتم سليمان وكتبوا في عنوان الكتاب 51 هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ثم دفنوه تحت كرسيه فاستخرجه بعد ذلك بقايا من بني إسرائيل حين أحدثوا ما أحدثوا فلما عثروا عليه قالوا والله ما كان ملك سليمان إلا بهذا فأفشوا السحر وتعلموه وعلموه فليس هو في أحد أكثر منه في اليهود فلما ذكر رسول الله سليمان وعده في من عده يعني من الأنبياء قال من كان بالمدينة من اليهود ألا تعجبون لمحمد يزعم أن ابن داود كان نبيا والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله عز وجل هذه الآية هكذا ذكره ابن إسحاق بغير إسناد وأخرج الطبري من طريق شهر بن حوشب نحوه بطوله فلعل ابن إسحاق أخذه عنه وعن الكلبي
وحكى الماوردي إن آصف بن برخيا كاتب سليمان واطأ نفرا من الشياطين على كتاب كتبوه سحرا ودفنوه تحت كرسي سليمان ثم استخرجوه فذكر القصة ولم أر في الآثار المسندة أن آصف واطأ الشياطين
وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال لما جاءهم محمد بالقرآن عارضوه بالتوراة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/308]
فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت فمراده بكتاب آصف الكتاب الذي ادعت الشياطين أن آصف هو الذي ألفه وهذا لا يلزم منه أنهم صدقوا فيما ادعوه على آصف
ثم إن الثابت في كتابة الشياطين السحر أنه إنما وقع لهم حين نزع من سليمان ملكه كذلك أخرجه الطبري من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان الذي أصاب سليمان بن داود 52 في سبب أناس من أهل امرأة يقال لها جرادة وكانت من أكرم نسائه عليه فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل جرادة فيقضي لهم فعوقب حين لم يكن هواه في الفريقين واحدا وكان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء نزع خاتمه فذكر القصة بطولها كما سيأتي في سورة ص إلى أن قال فعمدت الشياطين في تلك الأيام فكتبت كتبا فيها سحر وكفر ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ثم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/309]
أخرجوها يعني بعد موته فقرأوها على الناس فقالوا إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب فبرئ الناس من سليمان وكفروه حتى بعث الله محمدا فأنزل الله واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وأخرج ابن أبي حاتم أثر الأعمش عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس بلفظ كان آصف كاتب سليمان يعلم الاسم الأعظم وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا وقالوا هذا الذي كان سليمان يعمله فأكفره جهال الناس وسبوه حتى أنزل على محمد واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان
وأما أثر خصيف ففيه ضعف مع إعضاله وأصل قصة سليمان في خطاب الشجرة إذا نبتت وما يتداوى بها منه ثابت في حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال مات سليمان وهو قائم يصلي ولم تعلم الشياطين بموته حتى أكلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/310]
الأرضة عصاه فخر وكان إذا نبتت شجرة سألها لأي داء أنت فتخبره فلما نبتت الخروب 53 سألها لأي شيء أنت فقالت لخراب هذا المسجد فقال إن خراب هذا المسجد لا يكون إلا عند موتي فاتخذ منها عصا يتوكأ عليها وقال اللهم عم عن الجن موتي الحديث وسأذكره بتمامه في سورة سبأ إن شاء الله تعالى
وأما أثر السدي فأخرجه الطبري مطولا وفي أوله نظير القصة التي في أثر ابن عباس بأبسط منه وأوضح بيانا ولفظه من طريق أسباط عن السدي قال كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع يستمعون من كلام الملائكة فيما يكون في الأرض من موت أو غيب أو أمر فيأتون الكهنة فيخبرونهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا حتى إذا أمنتهم الكهنة كذبوا لهم فأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة فاكتتبت الناس ذلك الحديث في الكتب وفشا في بني إسرائيل إن الجن تعلم الغيب فبعث سليمان في الناس فجمع تلك الكتب فجعلها في صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق وقال سليمان لا أسمع أحدا يذكر أن الشياطين تعلم الغيب إلا ضربت عنقه فلما مات سليمان وذهب العلماء الذين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/311]
يعرفون أمر سليمان وخلف بعد ذلك خلف تمثل شيطان في صورة إنسان فذكره وفيه فأراهم المكان وقام ناحية فقالوا ادن قال لا ولكني هاهنا في أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلوني فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان إن سليمان إنما كان يضطر الإنس والجن والشياطين والطير بهذا السحر ثم طار فذهب وفشا في الناس أن سليمان كان ساحرا 54 واتخذت بني إسرائيل تلك الكتب فلما جاء محمد خاصموه بها فذلك حين يقول الله عز وجل وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وأخرج الطبري أيضا من طريق الربيع بن أنس قال إن اليهود سألوا محمدا زمانا عن أمور التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوه عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل الله إلينا منا وإنهم سألوه عن السحر وخاصموه به فأنزل الله تعالى واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان الآية وذلك أن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت مجلس سليمان وكان سليمان لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه فأخبرهم النبي بهذا الحديث فرجعوا من عنده بخزي وقد أدحض الله حجتهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/312]
وأخرج الطبري من طريق عمرو بن دينار عن مجاهد في قوله تعالى واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان قال كانت الشياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مئتين مثلها فأرسل سليمان إلى ما كتبوا من ذلك فأخفاه فلما مات سليمان وجدته الشياطين فعلمته الناس وهو السحر
قلت وجاء في سبب نزول قوله تعالى وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا
2 - قوله آخر أخرجه الطبري أيضا من طريق عمران بن حدير عن أبي مجلز قال أخذ سليمان من كل دابة عهدا فإذا أصيب 55 رجل فسئل بذلك العهد خلي عنه فزاد الناس السجع والسحر وقالوا هذا كان يعمل به سليمان فقال الله تعالى وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا وهذا سند صحيح لكنه في حكم المرسل لأن أبا مجلز تابعي وسط من طبقة محمد بن سيرين
وجاء فيه أيضا ما أخرجه الطبري من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/313]
سعيد بن جبير قال كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر ويأخذه فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزائنه فلم تقدر الشياطين أن يصلوا إليه فدبت إلى الإنس فقالوا لهم أتريدون العلم الذين كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك قالوا نعم قالوا فإنه في بيت خزائنه وتحت كرسيه فاستشارته الإنس فاستخرجوه فعملوا به فقال أهل الحجى ما كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحر فأنزل الله تعالى على نبيه
براءة سليمان فقال واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا الآية فأبرأ الله سليمان على لسان نبيه محمد
37 - قوله تعالى وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت 102
سبب نزولها ما تقدم في قوله واتبعوا ما تتلو الشياطين وما بعده فأخرج الطبري من طريق السدي في هذه الآية قال هذا سحر آخر خاصموه به أي خاصموه بما أنزل الله على الملكين لأن كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الإنس وعلمت به كان سحرا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/314]
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال السحر سحران سحر تعلمه الشياطين وسحر يعلمه هاروت وماروت
وأخرج الطبري من طريق العوفي 56 عن ابن عباس قال لم ينزل الله السحر ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله قال الطبري فعلى هذا فالمراد بالملكين جبريل وميكائيل وهاروت وماروت رجلان من أهل بابل وفي الكلام تقديم وتأخير والتقدير وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل وهاروت وماروت بدل من الناس والقراءة المشهورة أن الملكين بفتح اللام وبنى الطبري الاختلاف فيها على تفسيرها فمن قرأ بالفتح قال هما هاروت وماروت أو جبريل وميكال ومن بالكسر قال هما علمان ملكا بابل أو شيطانان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/315]
ورجح الأول لشهرة القراءة بالفتح ولتعسف التأويل والتركيب ممن قال جبريل وميكال
واختلف في الأمر الذي أنزل الملكان بسببه فوردت في ذلك أقوال
إن السحرة كانوا كثروا وفشا منهم عمل السحر حتى ادعوا النبوة فجاء الملكان يعلمان الناس السحر ليتمكنوا من معارضة السحرة
2 - وقيل كان السحر الذي يوقع التفرقة بين أعداء الله وأوليائه مباحا فنزلا لذلك فاستعمله بعضهم في التفرقة بين الزوجين وغير ذلك من الباطل
3 - وقيل إن الجن كانوا يقدرون من السحر على ما لا يقدر عليه البشر فنزلا ليعلما البشر ليحذروا من فعل الجن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/316]
4 - وقيل أنهما نزلا بالوحي على إدريس
وهذه الأقوال جمعت مما ذكره من ينقل كل ما وجد سواء ثبت عن قائليه أم لا ومنهم من يحذف اسم من نقل ذلك ومن نقل عنه ومهم من يعسر عليه التأويل فيبادر إلى تكذيب المنقول لعدم معرفته بأحوال النقلة 57 حتى أن أبا حيان مع أنه ممن ينتسب إلى الحديث وأهله ويتبسط في توثيق بعض الشيوخ وتجريحهم تبع غيره في إنكار ما ورد من قصة هاروت وماروت والزهرة كما سأذكر لفظه وقد ورد في ذلك خبر مرفوع رجاله موثقون وله شواهد كثيرة
قال أحمد في مسنده
[العجاب في بيان الأسباب: 1/317]
حدثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر إنه سمع نبي الله يقول إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها الآية إلى ما لا تعلمون قالت الملائكة ربنا نحن أطوع لك من بني آدم فقال الله تبارك وتعالى للملائكة هلموا ملكين من الملائكة حتى يهبطا إلى الأرض فننظر كيف يعملان قالوا ربنا هاروت وماروت فاهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/318]
فجاآها فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الشرك فقالا لا والله لا نشرك شيئا أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت لا لا والله حتى تقتلا هذا الصبي
فقالا لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/319]
قال شيخنا الحافظ أبو الحسن في زوائد المسند
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير 58 موسى بن جبير وهو ثقة
قلت السند على شرط الحسن وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه كعادته في تصحيح مثله فأخرجه في النوع الرابع من القسم الثالث عن الحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن أبي بكير ورجاله رجال الصحيح إلا موسى بن جبير فإنه مدني نزل مصر وروى عنه جماعة ولم أر فيه تجريحا ولا تعديلا إلا ذكر ابن حبان له في الثقات وإخراج حديثه في صحيحه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/320]
وقال ابن حبان بعد تخريجه الزهرة هذه امرأة كانت في ذلك الزمان لا أنها الزهرة التي هي في السماء
قلت وهذا مما قاله من عنده وقد ورد الخبر بخلاف ما زعم وصرح فيه بأنها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/321]
الزهرة الكوكب الذي هو الآن في السماء وإن تلك المرأة مسخت كوكبا فأخرج الطبري من طريق حماد بن زيد عن خالد الحذاء عن عمير بن سعيد قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت فراوداها عن نفسها فأبت عليهما إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به يعرج به إلى السماء فعلماها فعرجت إلى السماء فمسخت كوكبا وهذا سند صحيح وحكمه أن يكون مرفوعا لأنه لا مجال للرأي فيه وما كان علي رضي الله عنه يأخذ عن أهل الكتاب
وأخرجه عبد بن حميد بسند آخر صحيح إلى علي أتم منه قال حدثنا يعلى ابن عبيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عمير وأخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن أبي خالد به وقال صحيح عن عمير بن سعيد قال: قال علي أرأيتم هذه الزهرة تسميها العجم أناهيد وكانت امرأة وكان الملكان يهبطان أول النهار يحكمان بين 59 الناس ويصعدان آخر النهار فأتتهما فأراداها على نفسها كل واحد من غير علم صاحبه ثم اجتمعا فأرادها فقالت لهما لا إلا أن تخبراني بم تهبطان إلى الأرض وبما تصعدان فقال أحدهما للآخر علمها فقال كيف بنا لشدة عذاب الله قال إنا لنرجو سعة رحمة الله فعلماها فتكلمت به فطارت إلى السماء فمسخها الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/322]
فكانت كوكبا وقال عبد الرزاق في تفسيره وأخرجه عبد بن حميد عنه قال أنا ابن التيمي هو معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عن ابن عباس قال إن المرأة التي فتن بها الملكان مسخت فهي هذه الكوكب الحمراء يعني الزهرة وهذا سند صحيح أخرجه الحاكم من هذا الوجه وأخرجه الطبري من وجه آخر أتم منه وسيأتي ذكره في تفسير حم
وجاء عن ابن عمر مطولا أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/323]
قال كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر فلما كان ذات ليلة قال لغلامه انظر طلعت الحمراء لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين قالت الملائكة رب كيف تدع عصاة بني آدم وهو يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض فقال إني قد ابتليتهم فلعلي إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون قالوا لا قال فاختاروا من خياركم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما إني مهبطكما إلى الأرض وأعهد إليكما أن لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تخونا فاهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشبق وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة فتعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت إني على دين لا يصلح لأحد أن يأتيني إلا 60 إن كان على مثله فقالا وما ذلك قالت المجوسية قالا الشرك هذا لا نقربه فسكتت عنهما ما شاء الله ثم تعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فافتضح فإن أقررتما بديني وشرطتما لي أن تصعداني إلى السماء فعلت فأقراها وأتياها ثم صعدا بها فلما انتهيا بها اختطفت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/324]
منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا يبكيان وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا لو أتينا فلانا فسألناه أن يطلب لنا التوبة فأتياه فقال رحمكما الله كيف يطلب أهل الأرض لأهل السماء فقالا إنا قد ابتلينا قال ائتياني يوم الجمعة فأتياه فقال ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية فأتياه فقال اختاروا قد خيرتما إن أحببتما معاقبة الدنيا وأنتما في الآخرة على حكم الله وإن أحببتما عذاب الآخرة فقال أحدهما الدنيا لم يمض منها إلا قليل وقال الآخر ويحك إني قد أطعتك في الأمر فأطعني الآن إن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى فقال أما تخشى أن يعذبنا في الآخرة فقال لا إني لأرجو إن علم الله إنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة أن لا يجمعهما علينا فاختاروا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عاليها وسافلها
وهذه متابعة قوية لرواية موسى بن جبير عن نافع لكنها موقوفة على ابن عمر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/325]
لم يضفها إلى النبي
وجاءت من وجه آخر عن ابن عمر عن كعب الأحبار موقوفة عليه أخرج ابن أبي حاتم أيضا وعبد بن حميد من طريق الثوري عن موسى بن عقبة عن 61 سالم ن ابن عمر عن كعب قال ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لهم اختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما اهبطا إلى الأرض وإني أرسل إلى بني آدم رسلا وليس بيني وبينكما رسولا لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال كعب فما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استحلا جميع ما حرم عليهما
قلت وسند الثوري أقوى من سند زهير إلا أن رواية كعب مختصرة جدا فيحتمل أن يكون ابن عمر استظهر برواية كعب لكونها توافق ما حمله ابن عمر عن النبي
وقد حكى المنذري عن بعض العلماء أنه رجح الرواية الموقوفة على كعب على الرواية المرفوعة والذي أقول لو لم يرد في ذلك غير هاتين الروايتين لسلمت أن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/326]
رواية سالم أولى من رواية نافع لكن جاء ذلك من عدة طرق عن ابن عمر ثم من عدة طرق عن الصحابة ومجوع ذلك يقضي بأن للقضية أصلا أصيلا والله أعلم
وقد جاء عن ابن عباس موقوفا عليه بسند حسن أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس قال لما وقع الناس بعد آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء يا رب هذا العالم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/327]
الذين إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا في الكفر وقتل النفس وأكل الحرام والزنا والسرقة وغير ذلك وجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل لهم إنهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا منكم ملكين من أفضلكم آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت 62 فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهاهما عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمان إدريس وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وإنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت هذا أعبده فقالا لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فغبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فراوداها عن نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا فأراداها على نفسها فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما فاختارا إحدى الخلال الثلاث إما أن تعبدا هذا الصنم وإما أن تقتلا هذه النفس وإما أن تشربا هذه الخمر فقالا كل هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فشربا الخمر فأخذت فيهما فوقعا المرأة وخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهم السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا إلى الصعود إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه من الخطيئة فعجبوا كل العجب وعرفوا أن من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب بالآخرة فقالا أما عذاب الدنيا فإنه يذهب وينقطع أما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/328]
ببابل6فهما يعذبان
و أخرجه الطبري من وجه آخر عن ابن عباس وسنده صحيح إلى قتادة قال حدثنا أبو سعيد العدوي في حنازة يونس أبي غلاب عن ابن عباس قال إن الله أفرج السماء لملائكته ينظرون أعمال بني آدم فذكر نحو القصة وقال في روايته أما أنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم قالوا سبحانك ما ينبغي لنا وقال فيها فاهبطا إلى الأرض وأحل لهما ما فيها ولم يذكر وذلك في زمان إدريس وقال فيها فما أشهرا حتى عرض لهما بامرأة قد قسم لها نصف الحسن يقال لها بيذخت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/329]
فلما رأياها كسرا بها وقال فيها ودخل عليهما سائل فقتلاه وزاد فقالت الملائكة سبحانك أنت كنت أعلم وقال فيها فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهم وقال في آخرها فكبلا من أكعبهما إلى أعناقهما بمثل أعناق النجب وجعلا ببابل
وله طريق أخرى بسند جيد إلى يزيد الفارسي عن ابن عباس قال إن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم فذكر نحوه وفيه اختاروا ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض ويحكموا بينهم وجعلت فيهم شهوة الآدميين فاستقال منهم واحد فأقيل وأهبط اثنان فأتتهما امرأة يقال لها مناهيد فهوياها جميعا فذكر القصة وفي آخرها وقالت لهما أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة وأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما وفي آخره فهما مناطان بين السماء والأرض أخرجه ابن أبي حاتم
وجاء من وجه آخر مقتصرا على آخر القصة وسنده على شرط الصحيح إن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/330]
كان التابعي حمله عن ابن عباس قال عبد الرزاق أنا معمر 64 عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله إن هاروت وماروت كانا ملكين فأهبطا ليحكما بين الناس وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم فتحاكمت إليهما امرأة فحافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا
تنبيه طعن في هذه القصة من أصلها بعض أهل العلم ممن تقدم وكثير
[العجاب في بيان الأسباب: 1/331]
من المتأخرين وليس العجب من المتكلم والفقيه إنما العجب ممن ينتسب إلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/332]
الحديث كيف يطلق على خبر ورد بهذه الأسانيد القوية مع كثرة طرقها أو تباين أسانيدها أنه باطل أو نحو ذلك من العبارة مع دعواهم تقوية أحاديث غريبة أو واردة من أوجه لكنها واهية واحتجاجهم بها والعمل بمقتضاها
وقد لخص الثعلبي ثم ابن ظفر ثم القرطبي هذه القصة من بعض ما ذكرته ومن رواية الكلبي وغيره من المفسرين وذكروا في القصة زيادات
[العجاب في بيان الأسباب: 1/333]
1 - منها إن الذين أنكروا أعمال بني آدم هم الثلاثة الذين اختاروهم
2 - ومنها عن عطاء بلغني أن هاروت وماروت قالا يا ربنا إنك لتعصى في الأرض فأهبطهما إلى الأرض
3 - ومنها إن الثالث الذي استقال يسمى عزازيل وأنه أقام أربعين سنة مطأطئا رأسه استحياء من ربه وأنه عندما ركبت فيه الشهوة أحس بالبلاء فلذلك استقال
4 - ومنها لو كنتم مكانهم لعلمتم شرا من أعمالهم
5 - ومنها قول كعب ما مر بهما شهر حتى فتنا بالمرأة
6 - ومنها أن أحدهما قال للآخر هل لك أن تقضي على زوجها قال أما تعلم ما عند الله من العقوبة قال بلى ولكن أما تعلم ما عنده من الرحمة لمن تاب 65 فسألاها نفسها فقالت لا إلا أن تقتلاه فأفرغ لكما فقتلاه وسألاها نفسها فقالت لا إلا أن تعبدا معي الصنم فتقاولا ثم صلبا فتقاولا كالأول
7 - ومنها فجعل الملائكة يعذرون أهل الأرض
8 - ومنها أنهما لما ندما انطلقا إلى إدريس وقيل إلى سليمان وقيل إلى بعض علماء العصر
الذين أنكروا قصة هاروت وماروت
و أما من أنكرها فجماعة منهم القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/334]
القرآن فقال
وقد روى المفسرون عن نافع قال: قال لي ابن عمر اطلعت الحمراء قلت نعم وذكر أنه لعنها فقلت سبحان الله نجم مسخر مطيع تلعنه قال ما قلت إلا ما سمعت من رسول الله أن الملائكة عجبت من معاصي بني آدم في الأرض فذكر القصة ولخص بعض ما ورد في ذلك ثم قال وإنما سقت هذا الخبر لأن العلماء رووه ودونوه فخشينا أن يقع لمن يضل به وتحقيق القول فيه أنه لم يصح سنده ولكنه جائز كله في العقل لو صح النقل ولا يمتنع أن تقع المعصية من الملك ويوجد منهم خلاف ما كلفوه وتخلق فيهم الشهوات فإنه لا ينكر ذلك إلا جاهل لا يدري الجائز من المستحيل أو من شم ورد الفلاسفة القائلين بأن الملك روحاني بسيط لا تركيب فيه وشهوة الطعام والشراب والجماع لا تكون إلا في مركب وهذا تحكم لأنهم أخبروا عن كيفية لم يروها ولا نقلت إليهم ولا دل العقل عليها وجواز تركيب البسيط إنما هو بطريق العادة وأما ما أخبر الله به عنهم أنهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/335]
يسبحون الليل والنهار لا يفترون
و أنهم يفعلون ما يؤمرون فهو خبر صدق وحق لكنه إخبار عن حالهم إلى آخر كلامه 66 فجوز وقوع ذلك ودفع صحة النقل بوقوعه وهو محجوج بما قدمته
وقد تلقاه عنه القرطبي المفسر فقال بعد أن أشار إلى القصة باختصار ما نصه وهذا كله ضعيف وبعيد على ابن عمر وممن أنكر صحة ذلك أبو محمد ابن عطية في تفسيره فقال روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار والسدي والكلبي ما معناه فذكر القصة ملخصة ثم قال وهذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره لا يصح منه شيء فإنه قول تدفعه الأصول في المنقول وأما العقل فلا ينكر ذلك إذ في قدرة الله تعالى كل موهوم لكن وقوع هذا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/336]
الجائز لا يدرك إلا بالسمع ولم يصح انتهى
و منهم أبو محمد بن حزم فقال في كتاب الملل والنحل بعد أن قرر عصمة الأنبياء واستدل بالآيات الواردة في ذلك وأطنب في التمسك بظاهرها وعمومها ثم ختم بأن قال وهذا يبطل ظن من قال إن هاروت وماروت كانا ملكين فعصيا بالزنا وشرب الخمر وقتل النفس ثم أخذ يتأول القصة التي في الآية قال ولم يقل الله إنهما كفرا ولا عصيا وإنما جاء ذلك في خرافة موضوعة لا تصح من طريق الإسناد أصلا ولا هي مع ذلك عن رسول الله بل هي موقوفة على من دونه فسقط التعلق بها إلى أن قال نسبوا إلى الله ما لم يأت به أثر يشتغل به وإنما هو كذب مفترى إن الله أنزل إلى الأرض ملكين وهما هاروت وماروت وإنهما عصيا بشرب الخمر والحكم بالباطل وقتل النفس المحرمة والزنا وتعليم الزانية اسم الله الأعظم فطارت به إلى السماء فمسخت 67 كوكبا وهي الزهرة وإنهما عذبا في غار ببابل قال وأعلى ما في هذا الباب خبر رويناه من طريق عمير بن سعيد وهو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/337]
مجهول يقال له مرة النخعي ومرة الحنفي ما نعلم له رواية إلا هذه الكذبة وليست مرفوعة بل وقفها على علي وكذبة أخرى في أن حد الخمر لم يسنه النبي انتهى
وكلامه في هذا الفصل ينبئ عن قصوره في النقل فإن عمير بن سعيد وثقه يحيى بن معين ومحمد بن سعد وحديثه فيما يتعلق بحد الخمر أخرجه البخاري في صحيحه ولا نعرف أحدا قدح في سنده قبله ولا جرح عمير بن سعيد ولا قال أنه مجهول
[العجاب في بيان الأسباب: 1/338]
وقد قال شعبة عن الحكم قال عمير بن سعيد وحسبك به وذكر البخاري في تاريخه أنه كان بالكوفة لما كان المغيرة بن شعبة أميرها في زمن عمر رضي الله عنه
و أما قوله إنه ليس له إلا هذان الأثران فحصر مردود لأن له رواية عن أبي موسى وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص والحسن بن علي وغيرهم من الصحابة وعن علقمة ومسروق وغيرهما من التابعين وحدث عنه خلق من التابعين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/339]
فسقط كلامه وقد تلقاه منه بالقبول شيخ من شيوخنا أثير الدين أبو حيان وسأذكر كلامه بعد
وممن صرح بنفي ورود حديث مرفوع في هذه القصة القاضي عياض في الشفاء فقال ما نصه بعد أن حكى الخلاف في عصمة الأنبياء هل هي عامة في الجميع أو في المرسلين فقط وفيمن عداهم خلاف قال فما احتج به من لم يوجب عصمة جميعهم قصة هاروت وماروت وما ذكر فيها أهل الأخبار ونقلة التفسير وما يروى عن علي وابن عباس في خبرهما 68 وابتلائهما فاعلم أن هذه الأخبار لم يرو منها شيء لا سقيم ولا صحيح عن رسول الله وليس هو شيئا يؤخذ بقياس والذي منه في القرآن اختلف المفسرون في معناه وقد أنكر ما قال بعضهم فيه كثير من السلف وهذه الأخبار من كذب اليهود وافترائهم قلت وهذا من غريب ما وقع لهذا الإمام المشتهر بالحديث المعدود في حفاظه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/340]
المصنف في شرحه كيف يجزم بما نفاه من ورود خبر مرفوع في هذه القصة وكيف يجزم بأن الذي ورد من ذلك إنما هو من افتراء اليهود مع أن عليا وابن عباس وابن عمر وغيرهم ثبت عنهم الإنكار على من سأل اليهود عن شيء من الأمور
[العجاب في بيان الأسباب: 1/341]
وكثرة الأخبار الواردة في هذه القصة
وقال أبو حيان في تفسيره الكبير الذي سماه البحر وقد ذكر المفسرون في قراءة من قرأ الملكين بفتح اللام قصصا تتضمن أن الملائكة تعجبت من بني آدم فذكر قصة ملخصة إلى أن قال وكل هذا لا يصح منه شيء والملائكة معصومون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ولا يصح أن رسول الله كان يلعن الزهرة ولا ابن عمر انتهى
وليعتبر الناظر في كلام هؤلاء والعجب ممن ينتمي منهم إلى الحديث ويدعي التقدم في معرفة المنقول ويسمى عند كثير من الناس بالحافظ كيف يقدم على هذا النفي ويجزم به مع وجوده في تصانيف من ذكرنا من الأئمة بالأسانيد القوية والطرق الكثيرة والله المستعان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/342]
وأقول في طرق هذه القصة القوي والضعيف ولا سبيل إلى رد الجميع فإنه 69 ينادى على من أطلقه بقلة الإطلاع والإقدام على رد ما لا يعلمه لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص فيؤخذ بما اجتمعت عليه ويؤخذ من المختلف ما قوي ويطرح ما ضعف أو ما اضطرب فإن الاضطراب إذا بعد به الجمع بين المختلف ولم يترجح شيء منه التحقق بالضعيف المردود والله المستعان
38 - قوله تعالى يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا راعنا الآية 104
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية عطاء إن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعهم اليهود يقولونها للنبي أعجبهم ذلك وكان راعنا في كلام اليهود للسبب القبيح فقالوا إنا نسب محمدا سرا فالآن أعلنوا بسب محمد لأنه من كلامهم فكانوا يأتون نبي الله فيقولون يا محمد راعنا ويضحكون ففطن لها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/243]
رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفا بلغة اليهود فقال يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا ألستم تقولونها له فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا الآية انتهى ما نقله الواحدي فأوهم بقوله في رواية عطاء أن السند إلى عطاء بذلك قوي وليس كذلك وإنما هذا السياق من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي بإسناده الماضي في المقدمة والثابت عن عطاء ما أخرجه ابن أبي حاتم عن الأشج عن أبي معاوية عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء لا تقولوا راعنا قال كانت لغة تقولها الأنصار فنهى الله عنها فقال لا تقولوا راعنا الآية
وقال عبد الرزاق 70 أنا معمر عن قتادة والكلبي في هذه الآية قالا كانوا يقولون راعنا سمعك وكانت اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك يستهزؤون فنزلت وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن قتادة كانت اليهود تقول راعنا استهزاء فكرهه الله للمؤمنين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/244]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي صخر حميد بن زياد كان رسول الله إذا ولى ناداه من كانت له حاجة من الناس أرعنا سمعك فأعظم الله رسوله أن يقال له ذلك ومن طريق عباد بن منصور عن الحسن الراعن من القول السخري منه نهاهم الله أن يسخروا من قول نبيه وما يدعوهم إليه من الإسلام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/245]
قال ابن ظفر قرأ ابن مسعود راعونا وهي أشبه بلغتهم ونسب ما ذكر قبل عن سعد بن عبادة لسعد بن معاذ
وكذا ذكره القرطبي ووافق مقاتل في تفسيره على إنه سعد بن عبادة
وذكر الثعلبي أن معنى راعنا بلغة اليهود أسمعنا لا سمعت
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي أن رجلا من اليهود كان يدعى رفاعة بن زيد كان يأتي النبي فإذا لقيه فكلمه قال أرعني سمعك ثم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/346]
تقدم إلى المؤمنين فقال لا تقولوا راعنا
39 - قوله تعالى ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم الآية 105
قال الواحدي كان المسلمون إذا قالوا لحلفائهم آمنوا بمحمد قالوا ما هذا الدين الذي تدعوننا بخير من الدين الذي نحن فيه ولوددنا لو كان خيرا فأنزل الله هذه الآية تكذيبا لهم
قلت سبقه الثعلبي ولم ينسبه لقائل وعبر عنه ابن ظفر والجعبري 71 بـ قيل ثم قال ابن ظفر الخير هنا القرآن كان ينزل بما يقصم به الكفار من البشرى للمؤمنين والوعيد للكفار فيزداد المؤمنين به في جهادهم
40 - قوله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسأها نأت بخير منها الآية 106
[العجاب في بيان الأسباب: 1/347]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:33 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

قال الواحدي قال المفسرون إن المشركين قالوا ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ثم يرجع عنه غدا ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام ينقض بعضه بعضا فأنزل الله تعالى وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر وأنزل أيضا ما ننسخ من آية أو ننسها الآية
قلت وهذا أيضا تبع فيه الثعلبي فإنه أورده هكذا وتبعهما الزمخشري فلخصه فذكر أنهم طعنوا في النسخ وكذلك القرطبي وزاد أنهم أنكروا شأن القبلة وغيره المنسوخ ووجدت في المنقول عن السلف ما أخرجه عبد بن حميد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/348]
عن قتادة قال كانت الآية تنسخ الآية وكان نبي الله يقرأ الآية من السورة ثم ترفع فينسيها الله تعالى نبيه فقال الله تعالى يقص على نبيه ما ننسخ من آية الآية
قلت وقد أورد الثعلبي في آخر كلامه هنا حديثا يستأنس به في سبب النزول وهو ما أخرجه أبو عبيد من طريق الليث عن عقيل ويونس عن ابن شهاب قال أخبرنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف في مجلس سعيد بن المسيب أن رجلا كانت معه سورة فقام يقرأها من الليل فلم يقدر عليها وقام آخر يقرأها فلم يقدر عليها فأصبحوا فأتوا النبي فقال بعضهم قمت البارحة 72 فذكر حاله فقال الآخر ما جئت إلا لذلك فقال آخر وأنا يا رسول الله فقال رسول الله إنها نسخت البارحة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/349]
قلت ولعل قتادة أخذ ما قال من هذا الخبر وليس في الخبر تعيين الآية الناسخة صريحا بل ما يومئ إلى ذلك والعلم عند الله تعالى
41 - قوله عز وجل أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل الآية 108
1 - قال الواحدي قال ابن عباس نزلت في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش قالوا يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبا ووسع لنا أرض مكة وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك فأنزل الله هذه الآية
2 - قول آخر قال المفسرون إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله فمن قائل يقول ائتنا بكتاب من السماء كما أتى موسى بالتوراة ومن قائل يقول وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي ائتنا بكتاب من السماء فيه من رب العالمين إلى ابن أبي أمية اعلم أنني قد أرسلت محمدا إلى الناس ومن قائل يقول لن نؤمن بك أو تأتي بالله والملائكة قبيلا فأنزل الله تعالى هذه الآية
قلت أما الأول فذكره الثعلبي ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/350]
عباس فإني وجدته عن ابن عباس بسند جيد لكنه مغاير له أخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله تعالى أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية وقد قال الثعلبي عقب 73 الأول قال مجاهد لما قالت قريش هذا لرسول الله قال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا فأبوا ورجعوا قال الصحيح أنها نزلت في اليهود حين قالوا يا محمد ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة قال الثعلبي ويصدق هذا القول أن هذه السورة مدنية وقد قال تعالى يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء كما أتى موسى بالتوراة قال الثعلبي ويصدق هذا القول أن هذه السورة مدنية وقد قال تعالى يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء . . فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة انتهى وفيما حاوله نظر فإن أثر مجاهد المذكور صريح في أن السائل في ذلك هم قريش كذا أخرجه الفريابي والطبري وابن أبي حاتم صحيحا إليه قال سألت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا فقال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا ورجعوا لكن لم يقل إن هذه الآية نزلت في ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/351]
وأما ما نقله الواحدي عن المفسرين فأومأ به إلى الجمع بين ما نقله الثعلبي عن ابن عباس ثم عن مجاهد وسيأتي في تفسير سورة سبحان تسمية من سأل تحويل الصفا ذهبا مع عبد الله بن أبي أمية وغير ذلك
2 - وقد جاء عن إمام كبير من المفسرين سبب آخر أوضح مما نقله وأولى بأن يكون سببا لنزول هذه الآية وهو ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند قوي عن أبي العالية وهو من كبار التابعين قال في قوله تعالى أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية قال: قال رجل يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل فقال النبي اللهم لا نبغيها ثلاثا ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل كان أحدهم إذا أصاب الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له 74 خزيا في الدنيا والآخرة فأعطاكم الله خيرا مما أعطاهم من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما فنزلت أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/352]
3 - وحكى ابن ظفر أنه قيل أنها نزلت في من قال من المسلمين لما رأوا شجرة يقال لها ذات أنواط فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط فقال هذا كقول قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال ابن ظفر لأن التبرك بالشجر واتخاذها عيدا يستدرج من يجيء بعدهم إلى عبادتها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/353]
42 - قوله تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم الآية 109
1 - قال الواحدي قال ابن عباس نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد ألم تروا إلى ما أصابكم لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم
قلت هذا لعله من تفسير الكلبي والذي ذكره ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد وحدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله تعالى برسوله وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا فأنزل الله تعالى فيهما ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم الآية
2 - قول آخر وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري هو كعب بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/354]
الأشرف وللطبري من طريق المعمري عن معمر عن الزهري وقتادة مثله ورد الطبري هذا بأنه لا يقال لمن نسب قولا إلى كثير 75 يجوز أن يكون المراد به واحدا ولا سيما وقد قال بعد ذلك لو يردونكم إذ لو أراد بقوله كثير من أهل الكتاب الواحد كما يقال فلان في الناس كثير أي في رفعة القدر وعظيم المنزلة لقال يردكم ولم يقل يردونكم
قلت هذا الذي أورده الطبري مختصر من حديث طويل وقد أخرج الواحدي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ما أخرجه في الزهريات من طريق الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه إن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/355]
كعب بن الأشرف كان يهوديا شاعرا فكان يهجو النبي ويحرض عليه كفار قريش في شعره وكان المشركون واليهود من أهل المدينة يؤذون النبي وأصحابه أشد الأذى فأمرهم الله بالصبر والعفو وفيهم نزلت ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا إلى قوله فاعفوا واصفحوا وهذا سند صحيح وأخرجه أبو داود من هذا الوجه دون هذا الكلام الأخير وعلى هذا فالجمع في قوله يردونكم لكعب ومن تابعه ويستقيم الكلام
ونقل ابن ظفر عن ابن عباس نحو الأول ثم قال وبسط هذا الكلام بعض الرواة فقال وذكر ما ذكره الثعلبي بغير إسناد قال نزلت هذه الآية في نفر من اليهود منهم فنحاص ابن عازورا وزيد بن قيس قالوا لحذيفة وعمار بعد وقعة أحد انظروا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعا إلى ديننا فهو خير لكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/356]
وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلا فقال لهم عمار كيف نقض العهد عندكم قالوا هو 76 شديد قال فإني عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت فقالت اليهود أما هذا فقد خيبنا فقال حذيفة وأما أنا فقد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ثم أتيا رسول الله فأخبراه بذلك فقال أصبتما الخير وأفلحتما فأنزل الله تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم يا معشر المؤمنين من بعد إيمانكم كفارا
43 - قوله ز تعالى بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن الآية 112
قال السدي وغيره نزلت في الذين قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى أي قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا
44 - قوله تعالى وقالت اليهود ليست النصارى على شيء 113
قال الواحدي نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل وقالت لهم النصارى ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بموسى والتوراة فأنزل الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/357]
هذه الآية
قلت وذكر ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد بالإسناد المذكور آنفا إلى ابن عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى المدينة أتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول الله فقال رافع بن حريملة للنصارى 77 ما أنتم على شيء وكفر بعيسى والإنجيل وقال له رجل من أهل نجران ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فنزلت في ذلك من قولهما وقالت اليهود ليست النصارى على شيء الآية
وأخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس قال نزلت في أهل الكتاب الذين كانوا في عهد رسول الله
45 - قوله ز تعالى كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم الآية 113
أخرج الطبري من طريق سنيد عن حجاج عن ابن جريج قلت لعطاء من هؤلاء الذين لا يعلمون قال أمم كانت قبل اليهود والنصارى وهكذا أخرجه ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/358]
أبي حاتم من وجه آخر عن حجاج لم يزد ونقله الثعلبي وزاد فيه مثل قوم نوح وهود وصالح ونحوهم قالوا في نبيهم إنه ليس على شيء وإن الدين ديننا انتهى وأظن هذه الزيادة مدرجة من كلام غير عطاء
وللطبري من طريق أسباط عن السدي هم العرب ومن طريق الربيع بن أنس قال هم النصارى لأن اليهود كانوا قبلهم
46 - قوله تعالى ومن أظلم ممن منع مساجد الله 114
1 - قال الواحدي تبعا للثعلبي نزلت في ططوس بن استسيانوس الرومي وأصحابه من النصارى وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلهم وسبوا ذراريهم وحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير فكان خرابا إلى أن بناه المسلمون في زمن عمر انتهى كلام الثعلبي زاد الواحدي وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي
وقال قتادة والسدي هو بخت نصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا 78 بيت المقدس وأعانهم على ذلك نصارى الروم وقال ابن عباس في رواية عطاء نزلت في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/359]
مشركي مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام
قلت أخرج الطبري عن العوفي بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال نزلت في النصارى
ومن طريق ابن نجيح عن مجاهد هم النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نزلت في النصارى حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بخت نصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس
ومن طريق معمر عن قتادة هو بخت نصر وأصحابه خربوا بيت المقدس وأعانه النصارى على ذلك ومن طريق أسباط عن السدي هم الروم كانوا ظاهروا بخت نصر على خراب بيت المقدس حتى خربه وأمر أن يطرح فيه الجيف وإنما أعانوه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/360]
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية ومن أظلم ممن منع مساجد الله الآية هم المشركون حالوا بين رسول الله يوم الحديبية وبين أن يدخل مكة حتى نحر هدية بذي طوى وهادنهم بعد أن قال لهم ما أحد يرد أحدا عن هذا البيت فقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يعدو عليه قالوا لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدر وفينا باق
ورجح الطبري القول الأول بأن في الآية وسعى في خرابها والمشركون لم يسعوا في تخريب المسجد الحرام قط بلا كانوا 79 يفتخرون بعمارته في الجاهلية وأيد ذلك بما نقله عن قتادة وعن السدي أن كل نصراني الآن لا يدخل بيت المقدس إلا خائفا وأجاب الثعلبي عن ذلك بأن قوله أولئك ما كان لهم خبر بمعنى الأمر وإن قوله وسعى في خرابها منع المسلمين أن يقيموا بها أمر الدين فهو خراب معنوي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/361]
47 - قوله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله 115
1 - قال الواحدي اختلفوا في سبب نزولها ثم ساق من طريق عبد الملك العزرمي عن عطاء عن جابر بعث رسول الله سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا هي قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي عن ذلك فسكت فأنزل الله عز وجل هذه الآية وفي السند انقطاع
ومن طريق وكيع ثنا أشعث السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال كنا نصلي مع النبي في السفر في ليلة مظلمة فلم ندر كيف القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/362]
قلت أخرجه الترمذي وقال ليس إسناده بذاك لا نعرفه إلا من حديث أشعث وأشعث يضعف في الحديث وضعفه العقيلي أيضا
وقد أورده الطيالسي عن أشعث وعمرو بن قيس قالا ثنا عاصم بن عبيد الله 80 وأخرجه الدار قطني وعبد بن حميد وغيرهما من طريق أشعث
2 - قول آخر أخرج الواحدي عن ابن عمر أنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله أن تصلي حيث توجهت بك راحلتك في التطوع وكان رسول الله إذا رجع
[العجاب في بيان الأسباب: 1/363]
من مكة صلى على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة أخرجه مسلم والترمذي وابن أبي حاتم وغيرهم ووهم الحاكم فاستدركه بلفظ آخر وهو من طريق أبي أسامة عن عبد الملك بن سعيد عن ابن عمر في قوله فأينما تولوا فثم وجه الله إنما نزلت في التطوع حيث توجه بك بعيرك
3 - قول آخر قال الواحدي وقال ابن عباس في رواية عطاء إن النجاشي توفي فأتى جبريل النبي فقال إن النجاشي توفي فصل عليه فأمر النبي أصحابه أن يحضروا فصفهم ثم تقدم وقال إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي فصلى هو وهم عليه فقال بعضهم في أنفسهم كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي لغير قبلتنا وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله
4 - قول آخر قال الواحدي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/364]
مذهب قتادة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وهو موافق لرواية عطاء الخراساني عن ابن عباس أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال الله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فصلى رسول الله نحو بيت المقدس وترك البيت 81 العتيق ثم صرفه الله إلى البيت العتيق
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمر أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا وكان رسول الله يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله وسيأتي في الكلام في قوله تعالى ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب
وأخرج الطبري من وجهين عن قتادة في قوله فثم وجه الله قال كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله بمكة قبل الهجرة وبعدما هاجر ستة عشر شهرا ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام بقوله فلنولينك قبلة ترضاها الآية فنسخت ما قبلها من أمر القبلة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/365]
5 - قول آخر حكاه الثعلبي عن الحسن ومجاهد والضحاك لما نزلت وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قالوا أين ندعوه فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله
48 - قوله تعالى وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه 116
قال الواحدي نزلت في اليهود قالوا عزير ابن الله وفي نصارى نجران قالوا المسيح ابن الله وفي مشركي العرب قالوا الملائكة بنات الله
قلت وكذا ذكره الثعلبي بغير سند وتبعه ابن ظفر والكواشي وغيرهما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/366]
واقتصر الطبري على قوله هم النصارى الذين زعموا أن عيسى ابن الله
قلت وهو قول مقاتل قال نزلت في نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما من الوفد قدموا 82 على النبي فقالوا عيسى ابن الله فأكذبهم الله تعالى وزاد الزجاج ومشركو العرب قالوا الملائكة بنات الله وجعل الماوردي ذلك قولين وحكاها الفخر الرازي أقوالا وأغرب الجعبري فقال: قال ابن عباس قال ابن سلام ونعمان وسابق ومالك من اليهود عزير ابن الله وقال مقاتل قال نصارى نجران المسيح ابن الله وقال إبراهيم النخعي قال مشركو العرب الملائكة بنات الله قال وقال الثعلبي الثلاثة
49 - قوله ز تعالى وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية 118
أخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق بسنده المتكرر عن ابن عباس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/367]
قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله إن كنت رسولا من عند الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية الآية كلها
وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هم النصارى والذين من قبلهم اليهود
ومن طريق سعيد عن قتادة قال هم كفار العرب ومن طريق أسباط عن السدي ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس جميعا مثله ورجح الطبري قول مجاهد والراجح من حيث السند قول ابن عباس رضي الله عنهما
50 - قوله تعالى ولا تسأل عن أصحاب الجحيم 119
قال الواحدي قال ابن عباس إن رسول الله قال ذات يوم ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت هذه الآية
قال وقال مقاتل 83 قال رسول الله لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا فأنزل الله تعالى ولا تسأل عن أصحاب الجحيم
قلت لم أر هذا في تفسير مقاتل بن سليمان فينظر في تفسير مقاتل بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/368]
حيان
وأما قول ابن عباس فنسبه الثعلبي لرواية عطاء عنه وهي من تفسير عبد الغني بن سعيد الواهي وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي وعليه اقتصر الماوردي وابن ظفر وغيرهما واستبعد الفخر الرازي صحة هذا السبب قال لأنه يعلم حال من مات كافرا انتهى وفي سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج أخبرني داود بن أبي عاصم أن النبي قال ذات يوم فذكره وهذا مرسل أيضا وهو من رواية سنيد بن داود
[العجاب في بيان الأسباب: 1/369]
و فيه مقال
وقد ذكر الواحدي السبب الأول في الوسيط بأتم مما هنا فقال وذلك أنه سأل جبريل عن قبر أبيه وأمه فدله فذهب إلى القبرين فدعى لهما وتمنى أن يعرف حال أبويه في الآخرة فنزلت
وذكر الطبري أن هذا التفسير على قراءة من قرأ من أهل المدينة ولا تسأل بصيغة النهي قال والصواب عندي القراءة المشهورة بالرفع على الخبر لأن سياق ما قبل هذه الآية يدل على أن المراد من مضى ذكره من اليهود والنصارى وغيرهم قال ويؤيد ذلك أنها في قراءة أبي وما تسأل وفي قراءة ابن مسعود ولن تسأل وقال يحيى بن سلام وكان النبي يسأل عن أمه فنزلت وهو قول سفيان 84 الثوري ذكره بإسناده
قلت أسنده عبد الرزاق من طريق الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد ابن كعب لكنه عنده باللفظ المنقول أولا عن الطبري وذكر المهدوي أثر ابن عباس بلفظ أي أبوي أحدث موتا وقد بالغ ابن عطية في رده وفي تخطئته نقلا ومعنى لأنه لا خلاف أن أباه مات قبل أمه ولأنه ليس في السؤال عن ذلك ما يناسبه الجواب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/370]
الوارد في الآية
وحكى القرطبي كلام المهدوي ولم يتعقبه لكن قال قد ذكرنا في كتاب التذكرة أن الله أحيا له أبواه وآمنا به وذكرنا قوله للأعرابي إن أبي وأباك في النار وبينا تأويل ذلك وتعقبه العماد بن كثير بأن الخبر الذي أشار إليه في إحياء أبويه لا أصل له
[العجاب في بيان الأسباب: 1/371]
وإن كان عياض والسهيلي قد سبقا القرطبي إلى ذكره وقد وقع في آخر رواية محمد بن كعب في تفسير الفريابي وغيره فما ذكرهما حتى توفاه الله عز وجل
51 - قوله تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم الآية 120
قال الواحدي قال المفسرون إنهم كانوا يسألون النبي الهدنة ويطمعونه أنه إن هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه فأنزل الله تعالى هذه الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/372]
قال وقال ابن عباس هذا في القبلة وذلك أن اليهود بالمدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي إلى قبلتهم فلما صرف الله تعالى القبلة إلى الكعبة شق عليهم ويئسوا أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت ذكره الجعبري بلفظ قال ابن عباس كانوا يودون ثبوت النبي على الصلاة إلى الصخرة انتهى
وقال مقاتل كان اليهود من أهل المدينة والنصارى من أهل نجران دعوا النبي إلى دينهم وزعموا إنهم على الهدى فنزلت
وقال ابن عطية روي أن سبب نزول هذه الآية إن اليهود والنصارى طلبوا فذكر نحوه
52 - قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته 121
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة كانوا أربعين رجلا من الحبشة وأهل الشام
وقال الضحاك نزلت فيمن آمن من اليهود وقال قتادة وعكرمة نزلت في أصحاب محمد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/373]
قلت ذكره بأبسط منه الثعلبي فقال نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر وكانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا وذكره يحيى بن سلام عن ابن الكلبي وزاد بعد قوله بحيرا وسبعة من اليهود منهم عبد الله بن سلام وابن صوريا قال الثعلبي وقال الضحاك هم من آمن من اليهود عبد الله بن سلام وسعيد بن عمرو ومام بن يهودا وأسيد وأسد ابنا كعب وابن يامين وعبد الله بن صوريا
وأما قول قتادة فأسنده الطبري عنه ورجحه وجوز غيره أن يكون المراد عموم المسلمين انتهى وهذا لا يمنع خصوص السبب
وحكى أبو حيان أن الأربعين كلهم من الحبشة منهم اثنان وثلاثون من كبارهم وثمانية كانوا ملاحين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/374]
وحكى 86 ابن ظفر إنها نزلت في النجاشي وحده وكان أعلم النصارى في عصره بما أنزل الله على عيسى حتى كان هرقل يبعث إليه علماء النصارى ليأخذوا عنه العلم
53 - قوله ز تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا 123
تقدم
54 - قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت الآية
قال عبد الرزاق أنا معمر بلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا فلما أغرق الله قوم نوح رفع البيت وبقي أساسه فبوأه الله تعالى لإبراهيم عليه السلام بعد ذلك فذلك قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ذكره في تفسير سورة القمر
وأخرج الطبري من طريق أبي قلابة عن عبد الله بن عمرو قال لما أهبط الله آدم من الجنة قال إني منزل معك بيتا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي فلما كان زمن الطوفان رفع فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/375]
لإبراهيم وأعلمه مكانه فبناه من خمسة أجبل حراء ولبنان وثبير وجبل الحمر والطور
55 - قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى 125
قال الفريابي حدثنا سفيان هو الثوري عن عبيد المكتب عن مجاهد قال: قال عمر لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
و أخرج الفاكهي من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن من حدثه عن عمر قال كان رسول الله يطوف فقال هذا مقام أبينا إبراهيم فقال عمر أفلا تتخذه مصلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/376]
فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
قلت وأصله في صحيح البخاري أخرجه في الصلاة 87 والتفسير من طريق حميد الطويل عن أنس قال: قال عمر وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى الحديث وأخرجه الترمذي من هذا الوجه بلفظ إن عمر قال يا رسول الله لو صليت خلف المقام فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين عن أبيه أنه سمع جابرا يحدث عن حجة النبي قال لما طاف النبي قال له عمر هذا مقام أبينا إبراهيم قال نعم قال أفلا نتخذه مصلى فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى سنده صحيح وأصله عند
[العجاب في بيان الأسباب: 1/377]
مسلم وأخرجه النسائي وابن مردويه من حديث جابر نحوه
وحكى الثعلبي عن ابن كيسان قال ذكروا أن رسول الله مر بالمقام ومعه عمر فقال يا رسول الله أليس هذا مقام إبراهيم قال بلى قال أفلا نتخذه مصلى قال لم أؤمر بذلك فلم تغب الشمس من يومهم حتى نزلت
56 - قوله تعالى ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه الآية 130
ذكر الثعلبي وتبعه الزمخشري إن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإسلام وقال لهما لقد علمتما أن الله قال في التوراة إني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد فمن آمن به فقد رشد واهتدى ومن لم يؤمن به فهو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/378]
ملعون فأسلم سلمة وامتنع مهاجر فنزلت ومن يرغب عن ملة إبراهيم الآية
وقد وجدته في تفسير 88 مقاتل بن سليمان فذكره بلفظه إلى قوله فقال لهما ألستما تعلمان أن الله قد قال لموسى فذكره بلفظ من ذريته وفيه وإنه ملعون من كذب بأحمد النبي وملعون من لم يتبع دينه ولم يذكر فمن آمن به فقد رشد واهتدى وقال في آخره وأبى مهاجر ورغب عن الإسلام فأنزل الله ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه إلى آخر الآية
57 - قوله تعالى أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية 133
قال الواحدي نزلت في اليهود حين قالوا للنبي ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية فنزلت
قلت ذكره مقاتل بن سليمان بلفظه وذكره الواحدي في الوسيط أيضا وزاد إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قال ابن عباس وذلك أن الله تعالى لم يقبض نبيا حتى يخيره بين الموت والحياة فلما حضرت وفاة يعقوب قال أنظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم ففعل الله به ذلك فجمع ولده وهم اثنا عشر رجلا وجمع أولادهم وقال لهم قد حضر أجلي فما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/379]
آبائك إلى آخر الآية وذلك قوله تعالى أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية كذا ذكره بغير سند وذكر نحوه الثعلبي عن عطاء وقال أيضا قال الكلبي لما دخل يعقوب مصر رآهم يعبدون الأوثان والنيران فجمع ولده وخاف عليهم فقال ما تعبدون من بعدي
وقال ابن ظفر قيل إن سبب نزولها إن اليهود اعتذروا عن امتناعهم من الإسلام بأن يعقوب أوصى الأسباط عندما حضره الموت بأن لا يبتغوا 89 بملة اليهود بدلا فنزلت أم كنتم شهداء
58 - قوله تعالى وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا 135
قال الواحدي قال ابن عباس نزلت في رؤوس يهود المدينة كعب بن الأشرف ومالك بن الضيف ووهب بن يهوذا وأبي ياسر بن أخطب وفي نصارى نجران وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله من غيرها فقالت اليهود نبينا موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بالإنجيل وبعيسى وبالقرآن وبمحمد وقالت النصارى نبينا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بمحمد وبالقرآن وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين كونوا على ديننا فلا دين إلا هو ودعوهم إلى دينهم قلت وكذا ذكره الثعلبي وفي آخره فقال الله تعالى قل يا محمد بل ملة إبراهيم انتهى
والذي ذكره ابن جرير عن ابن عباس من رواية ابن إسحاق بالسند المتكرر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/380]
أخصر من هذا ولفظه قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله عز وجل وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا
وذكره مقاتل بن سليمان بلفظ إن رؤوس اليهود كعب بن الأشرف وكعب بن ابن أسيد وأبا ياسر بن أخطب ومالك بن الضيف وعازار وأشمويل وحميسا والسيد والعاقب ومن معهم من نصارى نجران قالوا للمؤمنين كونوا على ديننا فإنه ليس دين إلا ديننا فأكذبهم الله 90 تعالى فقال بل ملة إبراهيم حنيفا ثم أمر المؤمنين فقال قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية
59 - قوله ز تعالى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية 136
أخرج الطبري من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر قال أتى رسول الله نفر من اليهود منهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وعازر وخالد وآزار بن أبي آزار وأشيع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/381]
موسى وعيسى فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا لا نؤمن بعيسى ولا نؤمن بمن آمن به فأنزل الله قولوا آمنا بالله إلى قوله لا نفرق بين أحد منهم
و أنزل الله تعالى قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وإن أكثركم فاسقون
60 - قوله ز تعالى فسيكفيكم الله وهو السميع العليم 137
قال مقاتل بن سليمان لما تلا النبي على الناس هذه الآية قولوا آمنا بالله قالت اليهود لم نجد للإسلام في التوراة ذكرا وقالت النصارى كيف نتبعك وأنت تجعل عيسى كالأنبياء فأنزل الله تعالى فسيكفيكم الله وهو السميع العليم فأنجز له ما وعده به فأجلى بني النضير وقتل قريظة
61 - قوله تعالى صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة 138
1 - قال الواحدي قال ابن عباس إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/382]
فأتت عليه ستة أيام صبغوه في ماء لهم يقال له المعمودي ليطهروه بذلك ويقولون هذا طهور مكان الختان 91 فإذا فعلوا ذلك قالوا الآن صار نصرانيا
قلت ذكره قبله الطبري فقال في قوله صبغة الله يعني صبغة الإسلام وذلك إن النصارى إذا أرادت أن تنصر أطفالها جعلتم في ماء لهم تزعم أن ذلك تقديس لها بمنزلة الختان لأهل الإسلام وإنه صبغة لهم في النصرانية فقال الله تعالى إذ قالوا للمسلمين كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل لهم يا محمد بل اتبعوا ملة إبراهيم صبغة الله وهي الحنيفية المسلمة ودعوا الشرك والضلال
وأخرج من طريق قتادة قال أن اليهود تصبغ أبناءها يهودا والنصارى تصبغ أبناءها نصارى وإن صبغة الله الإسلام
ثم أسند عن ابن عباس وعن جماعة من التابعين إن معنى الصبغة الدين وهي كقوله تعالى فطرة الله أي دين الله
وذكر ابن ظفر إن الصبغة عند اليهود الختان يوم السابع يرون أنهم يدخلونه في اليهودية بالختان فلما ترك النصارى الختان غمسوا المولود في ماء لهم سموه ماء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/383]
المعمودية وزعموا أن يحيى بن زكرياء صبغ عيسى في الماء المذكور
2 - قول آخر أخرج ابن مردويه في تفسير هذه الآية من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي قال: قالت بنو إسرائيل يا موسي هل يصبغ ربك فقال اتقوا الله فناداه ربه يا موسى الألوان كلها من صبغى وأنزل الله على نبيه صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة
62 - قوله ز تعالى قل أتحاجوننا في الله 139
قال ابن ظفر
كانوا قالوا للمسلمين نحن 92 أبناء الله وأحباؤه وأولى به منكم فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/384]
هذه الآية قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم إلى آخرها
63 - قوله تعالى ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله 140
قال الطبري نزلت في حق من قال إن ابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا هودا أو نصارى ثم كتموا شهادة عندهم من الله أنهم كانوا مسلمين
ثم أسند من طريق أبي الأشهب عن الحسن البصري قال
لما تلا هذه الآية والله لقد كان عند القوم من الله شهادة أن أنبياءه براء من اليهودية والنصرانية كما أن عندهم من الله شهادة أن دماءكم وأموالكم بينكم حرام فبم استحلوها
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في هذه الآية قال هم أهل الكتاب كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه دين الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وأن الأنبياء لم يكونوا يهودا ولا نصارى بل كانت اليهودية والنصرانية بعدهم بزمان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/385]
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال نزلت في يهود سئلوا عن النبي عن صفته في كتاب الله عندهم فكتموا الصفة ومن طريق أخرى عن قتادة مثله سواء
و أخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة هم اليهود كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه حق وكتموا محمدا وهم يعلمون أنه رسول الله
64 - قوله ز تعالى تلك أمة قد خلت الآية الثانية 141
قال ابن ظفر قيل أعيدت لأنهم جادلوه مرتين في أمرين أحدهما أن يعقوب أوصى ذريته بالثبات على اليهودية والثاني إن إبراهيم ومن ذكر معه كانوا هودا أو نصارى فأنزلت مرتين وتلاها عليهم في مقامين 93
65 - قوله تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب الآية 142
أسند الواحدي من طريق أبي إسحاق عن البراء قال لما قدم رسول
[العجاب في بيان الأسباب: 1/386]
الله المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء
أخرجه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل عنه وأخرج أيضا من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق نحوه وقال فيه ثم علم الله هوى نبيه فنزلت قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها وقال أخرجاه من طرق عن أبي إسحاق وهو كما قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/387]
ومن طرقه عند البخاري من رواية زهير عن أبي إسحاق بلفظ صلى إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت الحديث
وذكر مقاتل في تفسيره قال فلما صرفت القبلة إلى الكعبة قال مشركو مكة قد تردد على محمد أمره واشتاق إلى مولد آبائه وقد توجه إليكم فهو راجع إلى دينكم فكان ذلك سفها منهم فأنزل الله تعالى سيقول السفهاء من الناس الآية
وأخرج الطبري من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال لما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة وذلك في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله 94 المدينة أتى رسول الله رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن أبي نافع وفي رواية له ورافع بن أبي رافع والحجاج ابن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته
[العجاب في بيان الأسباب: 1/388]
عن دينه فأنزل الله فيهم سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم إلى قوله على عقبيه
وقيل أراد بالسفهاء أهل الكتاب حكاه الطبري قال وقال آخرون قاله المنافقون استهزاء ثم أسند من طريق أسباط عن السدي قال لما وجه النبي قبل المسجد الحرام اختلف الناس فكانوا أصنافا فقال المنافقون ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها فأنزل الله عز وجل في المنافقين سيقول السفهاء من الناس الآية
وحكى الماوردي عن الزجاج قال ذلك كفار قريش
قلت وحكاه يحيى بن سلام عن تفسير الحسن البصري ونبه على أن هذه الآية سابقة على ما قبلها في التأليف وهي بعدها في التنزيل
66 - قوله ز تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا 143
قال مقاتل وذلك أن اليهود منهم مرحب وربيعة ورافع قالوا لمعاذ ما ترك محمد قبلتنا إلا حسدا فإن قبلتنا قبلة الأنبياء ولقد علم أنا عدل بين الناس فأنزل الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/389]
تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا يعني عدلا وقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري هذا التفسير مرفوعا دون 95 السبب
وأسنده الطبري عن جماعة من الصحابة
67 - قوله تعالى إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه 143
أخرج الطبري من طريق سنيد بن داود عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال قلت لعطاء فقال يبتليهم ليعلم من يسلم لأمره قال ابن جريج بلغني أن ناسا ممن أسلم رجعوا فقالوا مرة ها هنا ومرة هاهنا
قال الطبري معناه ليعلم الرسول والمؤمنون وأضاف ذلك إليه وفقا لخطابهم وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة قال كان في القبلة الأولى بلاء وتمحيص فصلى النبي قدومه إلى المدينة إلى بيت المقدس ثم وجهه الله إلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/390]
الكعبة
واسند الطبري عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس معناه نميز أهل اليقين من أهل الشك
قال وقال آخرون كانوا ينكرون أن يكون الله يعلم الشيء قبل كونه ولو قيل لهم أن قوما من أهل القبلة سيرتدون إذا حولت القبلة لقالوا
إن ذلك باطل فلما حولت القبلة وكفر من كفر من أجل ذلك قال الله وما جعلت ذلك إلا لأعلم ما عندكم أيها المنكرون علمي بما هو كائن من الشيء قبل وقوعه وحاصله أن المعنى إلا لنبين لكم أنا نعلم ما كان قبل أن يكون
وقال المارودي اختلفوا في سبب الصلاة إلى بيت المقدس فقال الطبري إنه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/391]
كان ليأتلف أهل الكتاب وقال الزجاج إن العرب كانت تحج البيت غير آلفة لبيت المقدس فأحب أن يمتحنهم بغير ما ألفوه ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه
68 - قوله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم 143
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية الكلبي يعني عن أبي صالح عنه كان رجال من أصحاب رسول الله من المسلمين قد ماتوا على القبلة الأولى منهم أبو أمامة أسعد بن زرارة أحد بني النجار والبراء بن معرور أحد بني سلمة في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/392]
أناس آخرين جاءت عشائرهم فقالوا يا رسول الله توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى وقد صرفك الله إلى قبلة إبراهيم فكيف بإخواننا فأنزل الله عز وجل وما كان الله ليضيع إيمانكم
قلت وذكره مقاتل في تفسيره بتمامه بنحوه وأوله أن حيي بن أخطب وأصحابه قالوا أخبرونا عن صلاتكم إلى بيت المقدس كانت هدى أو ضلالة فقالوا إنما الهدى ما أمر الله به والضلالة ما نهى عنه قالوا فما شهادتكم على من مات منكم على قبلتنا وقد كان مات فذكره
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والطبري من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال لما وجه رسول الله إلى الكعبة قالوا يا رسول الله أرأيت الذين ماتوا وهو يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم
وأخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أول ما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/393]
نسخ من القرآن القبلة وذلك أن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا فكان الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء إلى قوله فولوا وجوهكم شطره فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل قل لله المشرق والمغرب وأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله
و أخرج الطبري من طرق عن قتادة قال: قال أناس لما صرفت القبلة نحو الكعبة كيف بأعمالنا التي كنا نعمل قبل فنزلت
ومن طريق أسباط بن نصر عن السدي لما توجه رسول الله قبل المسجد الحرام قال المسلمون ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل قبل الله منا ومنهم أو لا فنزلت
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: قال ناس لما حولت القبلة إلى البيت الحرام كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/394]
ومن طريق داود بن أبي عاصم نحوه لكن قال هلك أصحابنا ومن طريق العوفي عن ابن عباس أشفق المسلمون على من صلى منهم إلى غير الكعبة أن لا تقبل منهم
قال الطبري اتفقوا على أن الإيمان في هذه الآية الصلاة
و نقل يحيى بن سلام عن الحسن البصري أنه قال معنى الآية محفوظ لكم إيمانكم عند الله حيث أقررتم بالصلاة إلى بيت المقدس إذ فرضها عليكم
69 - قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها 144
قال الواحدي بعد ما نقله عن الكلبي في الذي قبله إلى قوله ليضيع إيمانكم قال ثم قال قد نرى تقلب وجهك في السماء وذلك أن النبي قال لجبريل عليه السلام وددت أن الله عز وجل صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/395]
وكان يريد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم عليه السلام 98 فقال له جبريل إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا فسل ربك أن يحولك إلى قبلة إبراهيم عليه السلام ثم ارتفع جبريل فجعل رسول الله يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل عليه السلام بما سأله فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية
قلت وجدت هذا السبب بهذا السياق في تفسير مقاتل بن سليمان فيحتمل أن يكون مراده بقوله قال ثم قال إلى آخره غير ابن الكلبي وهو مقاتل فيكون ظاهره الإدراج على كلام ابن الكلبي عن ابن عباس ويحتمل أن يكونا تواردا والذي أورده الطبري عن ابن عباس هو ما أخرجه من طريق علي بن أبي طلحة عنه أن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود وكان رسول الله يحب قبلة إبراهيم عليه السلام فكان يدعوا وينظر إلى السماء فنزلت
وقد جمع محمد بن إسحاق في روايته الأمور الثلاثة فقال حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء كان رسول الله يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء إلى قوله عما تعملون قال فقال رجال من المسلمين وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن تصرف القبلة وكيف بصلاتنا إلى بيت المقدس فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم قال: قال السفهاء من الناس وهم أهل الكتاب ما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/396]
ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله 99 سيقول السفهاء من الناس الآية
ومن طريق سنيد ثم من رواية ابن جريج عن مجاهد قال: قالت اليهود أيخالفنا محمد ويتبع قبلتنا فكان النبي يدعو الله أن يحوله عن قبلتهم فنزلت الآية فانقطع قول يهود
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال لما أنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله واستقبل النبي بيت المقدس فبلغه أن اليهود تقول والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم فكره رسول الله ذلك وجعل يرجع بوجهه إلى السماء فقال الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية
ومن طريق أسباط عن السدي قال كان الناس يصلون إلى بيت المقدس فلما قدم النبي المدينة صلى كذلك إلى ثمانية عشر شهرا من مهاجره وكان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ينتظر ما يؤمر به وكان يحب أن يصلي إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/397]
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس إن النبي كان يقلب وجهه في الصلاة وهو يصلي نحو بيت المقدس وكان يهوى قبلة البيت الحرام فولاه الله قبلة كان يهواها
وقال ابن ظفر قيل كان النبي إذا قام لصلاة الليل بالمدينة قلب وجهه في السماء قبل دخوله في الصلاة يود لو صرف عن المسجد الأقصى إلى البيت الحرام محبة لموافقة إبراهيم وكراهة لموافقة اليهود فنزلت
70 - قوله ز تعالى ولئن أتيت الذين أوتوا 100 الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك 145
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال ل لما حول النبي إلى الكعبة قالت اليهود إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن يكون هو صاحبنا الذي ننتظر فنزلت
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه
71 - قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الآية 146
قال الواحدي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/398]
نزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه كانوا يعرفون رسول الله كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان
قال عبد الله بن سلام لأبي بن كعب كنت أشد معرفة برسول الله مني بابني فقال له عمر بن الخطاب وكيف ذلك يا ابن سلام قال لأني أشهد أن محمدا رسول الله حقا يقينا وأنا لا أشهد بذلك على ابني لأني لا أدري ما أحدث النساء فقال عمر وفقك الله يا ابن سلام
وقال يحيى بن سلام قال الكلبي لما قدم رسول الله المدينة قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام إن الله أنزل على نبيه وهو بمكة أن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم كيف هذه المعرفة يا ابن سلام قال نعرف نبي الله بالنعت الذي نعته الله به إذا رأيناه فيكم كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان والذي يحلف به عبد الله بن سلام لأنا بمحمد أشد مني معرفة بابني فقال له عمر كيف ذلك قال عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا أنه هو وأما ابني فلا أدري ما أحدثت أمه فقال له عمر 101 وفقك الله فقد أصبت وصدقت قال يحيى ابن سلام أراد بما أنزل بمكة الآية التي في أول سورة الأنعام الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ثم نزل بعد في المدينة في سورة البقرة فذكرها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/399]
قلت وحاصله أن الضمير في قوله يعرفونه للنبي هو في آية الأنعام بعيد وأما في آية البقرة فمحتمل وقد جاء أن الضمير للبيت الحرام كذا قال مقاتل ابن سليمان إن اليهود منهم أبو ياسر بن أخطب وكعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وسلام بن صوريا وكنانة بن أبي الحقيق ووهب بن يهوذا وأبو رافع قالوا للمسلمين لم تطوفون بالكعبة وهي حجارة مبنية فقال النبي إنهم ليعلمون أن الطواف بالبيت حق وأنه هو القبلة وذلك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ولكنهم يكتمون ذلك فقال ابن صوريا ما كتمنا شيئا مما في كتابنا فأنزل الله الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه يعني البيت الحرام وأنه القبلة
قلت وأخرج الطبري أن الضمير للبيت الحرام فقال يعني أن أحبار اليهود وعلماء النصارى يعرفون أن البيت الحرام قبلة إبراهيم كما يعرفون أبناءهم ثم أسند من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله يعرفونه كما يعرفون أبناءهم عرفوا أن قبلة البيت الحرام قبلتهم التي أمروا بها كما عرفوا أبناءهم ومن طريق قتادة وعن الربيع بن أنس وعن السدي وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كلهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/400]
نحوه
72 - قوله تعالى لئلا يكون للناس عليكم حجة الآية 150
قال الطبري 102 يعني بالناس أهل الكتاب الذين كانوا يقولون ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ويقولون يخالفنا محمد في ديننا ويتابعنا في قبلتنا فهي حجتهم التي كانوا يموهون بها على الجهال فقطع الله ذلك بتحويلها إلى الكعبة
قال وقد ذكر الأسانيد إلى قائلي ذلك يعني كما تقدم
قال والمراد بالذين ظلموا منهم قريش لقولهم رجع محمد إلى قبلتنا وسيرد إلى ديننا
ثم أسند من طريق أسباط بن نصر عن السدي فيما يذكر عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قالوا لما صرف نبي الله نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/401]
كنتم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله تعالى لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى إلا الذين ظلموا منهم قال حجتهم قولهم قد راجعت قبلتنا
و من طريق سعيد عن قتادة إلا الذين ظلموا هم مشركو قريش فكانت حجتهم أن قالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا فنزلت
و من طريق سنيد بن داود بسنده إلى عطاء وعن مجاهد نحو ذلك
و ذكر يحيى بن سلام عن أنس قال أخبره أنه لا يحول عن الكعبة إلى غيرها أبدا فيحتج عليه محتج بالظلم كما احتج عليه مشركو العرب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/402]
73 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة 103 إن الله مع الصابرين 153
أخرج عبد بن حميد من طريق شيبان بن قتادة قال لما احتج مشركو قريش بانصراف النبي إلى الكعبة فقالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا أنزل الله تعالى في ذلك كله يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين
74 - قوله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات الآية 154
قال الواحدي نزلت في قتلى بدر وكانوا بضعة عشر رجلا ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فنزلت
قلت كذا ذكره الثعلبي بغير إسناد ووجدته في تفسير مقاتل بن سليمان به وزيادة أن سمى الستة من المهاجرين وهم عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/403]
وقاص وذو الشمالين بن عبد عمرو وعاقل بن البكير ومهجع مولى عمر وصفوان بن بيضاء وسمى الثمانية من الأنصار وهم سعد بن خيثمة ومبشر ابن عبد المنذر وحارثة بن سراقة وعوف ومعوذ ابنا عفراء وهي أمهما واسم أبيهما الحارث بن مالك ويزيد بن الحارث وعمير بن الحمام ورافع بن المعلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/404]
و ذكره الماوردي مختصرا ولفظه وسبب ذلك أنهم كانوا يقولون لقتلى بدر وقتلى أحد مات فلان مات فلان فنزلت
و حكى ابن عطية في سببها أن المؤمنين صعب عليهم فراق إخوانهم وقراباتهم فنزلت مسلية لهم تعظم منزلة الشهداء فصاروا مغبوطين لا محزونا لهم
75 - قوله ز تعالى ولنبلوكم بشيء من الخوف 104 والجوع 155
أشار الماوردي إلى أن سبب نزولها دعاء النبي اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف فقال تعالى مجيبا لدعاء نبيه ولنبلونكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/405]
بشيء من الخوف والجوع الآية
وعبر عنه أبو حيان بقوله وقيل هؤلاء أهل مكة خاطبهم بذلك إعلاما بأنه أجاب دعوة نبيه فيهم
76 - قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية 158
أسند الواحدي من طريق مالك وغيره عن هشام بن عروة عن عائشة سبب ذلك وهو في الصحيحين من طريق هشام ومن طريق الزهري أما الزهري فقال عن عروة سألت عائشة فقلت لها أرأيت قول الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة فقالت بئس ما قلت يا ابن أختي إن هذه لو كانت على ما أولتها عليه لكانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا يهلون قبل أن يسلموا لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل وكان من أهل منها تحرج أن يطوف بالصفا والمروة فلما أسلموا سألوا النبي عن ذلك فقالوا يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/406]
إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية
قالت عائشة وقد سن رسول الله الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما
و في رواية يونس عن الزهري 105 إن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة
قال الزهري ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال إن هذا لعلم ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة فلما ذكر الله الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا والمروة فهل علينا من حرج أن لا نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية
قال أبو بكر فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون في أن لا يطوفوا بالصفا والمروة في الجاهلية والذين كانوا يطوفون ثم تحرجوا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/407]
أن لا يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت
و أما طريق هشام بن عروة عن أبيه فلفظها عن عائشة قالت إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية لا يحل لهم أن يطوفوا بين بالصفا والمروة فلما قدموا مع النبي في الحج ذكروا ذلك له فأنزل الله هذه الآية قالت ولعمري ما أكمل الله حج من حج ولم يطف بين الصفا والمروة
و في رواية أبي معاوية عن هشام بهذا السند قالت إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما أساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون 106 بين الصفا والمروة وسائر الرواة قالوا كانوا لا يطوفون انتهى ويؤيده أن في رواية عبد الرحيم بن سليمان عن هشام لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/408]
قال الواحدي وقال أنس بن مالك كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما كانا من مشعار قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام فأنزل الله تعالى هذه الآية
ثم ساقه من طريق عاصم الأحول عن أنس بلفظ كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة وكانا من شعائر الجاهلية وكنا نتقي أن نطوف بهما فأنزل الله هذه الآية والحديث في الصحيحين من طرق عن عاصم بنحو هذا وفي رواية الثوري عن عاصم كانتا من مشعار الجاهلية فلما جاء الإسلام كرهنا أن نتطوف بينهما
و الرواية التي فيها ذكر قريش وأخرج له الطبري شاهد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قالت الأنصار إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة الآية
ثم ذكر الواحدي معلقا عن عمرو بن حبشي سألت ابن عمر عن هذه الآية فقال انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه أعلم من بقي بما أنزل الله عز وجل على محمد فأتيته فسألته فقال كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له إساف وكان على المروة صنم على صورة امرأة تدعى نائلة زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/409]
فلما طالت المدة عبدا من دون الله فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما تمسحوا بهما فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين فأنزل الله 107 تعالى هذه الآية قلت وصله الطبري من طريقه وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس
و أخرج الواحدي في الوسيط والطبري من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي قال كان لأهل الجاهلية صنمان يقال لأحدهما بإساف وللآخر نائلة وكان إساف على الصفا ونائلة على المروة فكانوا إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوهما فلما جاء الإسلام قالوا إنما كان أهل الجاهلية يطوفون بهما لمكان هذين الصنمين وليسا من شعائر الحج فنزلت
و أخرج ابن أبي حاتم أيضا من طريق المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز قال كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله
وقال مقاتل بن سليمان قالت الحمس وهم قريش وكنانة وخزاعة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/410]
وعامر بن صعصعة ليست الصفا والمروة من شعائر الله وكان على الصفا صنم يقال له نائلة وعلى المروة صنم يسمى إسافا في الجاهلية فقالوا يعني بعد الإسلام إنه حرج علينا في الطواف بينهما فنزلت
وذكره نحوه الثعلبي عن مقاتل بن حيان كان الناس تركوا الطواف بين الصفا والمروة إلا الحمس فسألت الحمس رسول الله أهو من شعائر الله أم لا فإنه ما كان يطوف بهما غيرنا فنزلت
77 - قوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى الآية 159
قال الواحدي نزلت في علماء الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر محمد
108 - قلت ذكره مقاتل بن سليمان أتم من هذا قال إن معاذ بن جبل وسعد بن معاذ وخارجة بن زيد سألوا اليهود عن أمر محمد وعن الرجم وغيره فكتموهم منهم كعب بن الأشرف وابن صوريا يعني أمر محمد وذكره الماوردي فزاد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/411]
فيهم كعب بن أسيد وزيد بن التابوت وأخرجه عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة دون ذكر الرجم وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل وخارجة بن زيد أخو بني الحارث بن الخزرج نفرا من أحبار يهود عما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم عنه فأنزل الله عز وجل فيهم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى الآية
ومن طريق الربيع بن أنس قال كتموا محمدا وهم يجدونه مكتوبا عندهم حسدا
ومن طريق أسباط عن السدي زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن عنمة قال له هل تجدون محمدا عندكم قال لا قال والبينات هو محمد عليه الصلاة والسلام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/412]
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية قال هم أهل الكتاب كتموا محمدا ونعته وهم يجدونه مكتوبا عندهم وكتموا ما أنزل الله من أمره وصفته
78 - قوله ز تعالى إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار الآية 161
قال الطبري نزلت في الذين جحدوا نبوة محمد وكذبوا من اليهود والنصارى وغيرهم
وقال مقاتل نزلت فيمن مات من اليهود على الكفر
79 - قوله ز تعالى وإلهكم إله واحد 163 109 قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قالت كفار قريش يا محمد صف أو انسب لنا ربك فأنزل الله تعالى هذه الآية وسورة الإخلاص وكذا نقله الواحدي في الوسيط
ومن طريق جويبر عن الضحاك كان للمشركين ثلاثمئة وستون صنما يعبدونها من دون الله فبين الله تعالى أنه إله واحد فأنزل هذه الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/413]
80 - قوله تعالى إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري الآية 164
أسند الواحدي من طريق ابن أبي نجيح عن عطاء قال لما أنزل الله عز وجل بالمدينة على رسول الله وإلهكم إله واحد قالت كفار قريش بمكة كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله تعالى إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار حتى بلغ لآيات لقوم يعقلون
ومن طريق سعيد بن مسروق عن أبي الضحى لما نزلت هذه الآية وإلهكم إله واحد تعجب المشركون وقالوا إله واحد إن كان صادقا فليأتنا بآية فأنزل الله تعالى هذه الآية إن في خلق السموات والأرض يعني إلى آخرها
و قد أخرج الطبري الأثرين عن هذين التابعين وفي رواية له في الأول عن عطاء إن المشركين قالوا للنبي أرنا آية فنزلت وفي الثاني عن أبي الضحى جعل المشركون يعجبون ويقولون تقول إلهكم إله واحد فآتنا بآية إن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/414]
كنت من الصادقين
و أخرج الفريابي وعبد بن حميد أثر أبي الضحى نحوه
ثم ذكر الطبري سببا آخر من طريق أسباط عن السدي قال: قال المشركون للنبي غير لنا الصفا ذهبا إن كنت صادقا آية منك فأنزل الله إن في خلق السماوات 110 والأرض إلى قوله لآيات لقوم يعقلون
ومن طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال سألت قريش اليهود عما جاء به موسى من الآيات فحدثوهم بالعصا واليد البيضاء وسألوا النصارى فحدثوهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله فقالت قريش للنبي ادع الله أن يجعل الصفا ذهبا فذكر نحو السدي
قال الطبري يجوز أن يكون نزلت في جميع ما ذكر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/415]
81 - قوله ز تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا 165
قال مقاتل نزلت في مشركي العرب
82 - قوله ز تعالى وماهم بخارجين من النار 167
أخرج ابن أبي حاتم من طريق الأوزاعي سمعت ثابت بن معبد يقول ما زال أهل النار يأملون الخروج منها حتى نزلت وما هم بخارجين من النار
83 - قوله تعالى يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا الآية 168
1 - قال الواحدي قال الكلبي نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/416]
و نقل ابن عطية عن النقاش أنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني الحارث بن كعب
2 - قال ابن ظفر وروي عن عطاء إنها نزلت في المؤمنين وقيل في عثمان بن مظعون وأصحابه الذين عزموا على الترهب
قلت وستأتي قصتهم في آية المائدة يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وسياق آيات البقرة يدفع ذلك
84 - قوله ز تعالى وإذا قيل اتبعوا ما أنزل الله الآية 170
أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال دعا 111 رسول الله اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم الله ونقمته فقال له رافع بن خارجة ومالك بن عوف بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا خيرا منا وأعلم فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك من قولهما وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/417]
85 - قوله ز تعالى ومثل الذين كفروا الآية 171
قال الطبري نزلت في اليهود بدليل الآية التي قبلها والآيات التي بعدها
86 - قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه الآية 173
قال عبد بن حميد حدثنا يونس نا شيبان عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي الله خرج في جيش فلبثوا ثلاثا لا يجدون طعاما فقالوا يا رسول الله ألا نفتصد قال بلى قال فافتصدوا ثم طبخوا حتى أدركوا الطعام قال وذكر لنا أن النبي بعث جيشا فلبثوا خمس عشرة ليلة ليس لهم طعام إلا خبط الإبل ثم وجدوا حمل البحر ميتا فأكلوا منه شهرا فلما رجعوا إلى رسول الله ذكروا ذلك له فقال هو رزق رزقكموه الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/418]
87 - قوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب الآية 174
قال الواحدي قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم كانوا يصيبون من سلفتهم الهدايا والفضول وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم فلما بعث من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رئاستهم فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان 112 لا يشبه نعت النبي الذي خرج بمكة فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير وجدوه مخالفا لصفة محمد فلا يتبعونه انتهى
وقال عبد بن حميد حدثنا يونس عن شيبان عن قتادة إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا الآية قال أولئك أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم من الحق والهدى وأمر محمد
و في تفسير سنيد بن داود بسنده عن عطاء هم اليهود فيهم أنزل الله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب والتي في آل عمران إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/419]
ومن طريق السدي قال هم اليهود كتموا اسم محمد
ومن طريق الربيع بن أنس نحوه وأتم منه
وفي تفسير أبي حيان وروي عن ابن عباس قال إن الملوك سألوا علماءهم قبل المبعث ما الذي تجدون في التوراة فقالوا نجد أن الله يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له محمد يحرم الربا والخمر والملاهي وسفك الدم بغير حق فلما بعث قالت الملوك لليهود هو هذا وتحرجوا في أموالهم فقالوا ليس هو بذاك الذي كنا ننتظره فأعطوهم الأموال فنزلت
قلت وهذا ذكره الثعلبي من رواية جويبر عن الضحاك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/420]
88 - قوله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب الآية 177
قال الواحدي قال قتادة ذكر لنا أن رجلا سأل رسول الله عن البر فانزل الله هذه الآية قال وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم مات على ذلك وجبت له الجنة فانزل الله هذه الآية
قلت أخرجه عبد بن حميد 113 من طريق شيبان ووصله الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة بهذا وقال بعد قوله الآية قال فذكر لنا أن النبي دعا الرجل فتلاها عليه وقد كان الرجل فذكره إلى قوله ثم مات على ذلك يرجى له الخير فأنزل الله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب
ووقع في الكشاف وقيل كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في أمر القبلة فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/421]
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثل الجملة الأخيرة قال كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت هذه الآية
2 - قول ز آخر ذكر يحيى بن سلام في تفسيره حدثني الفرات بن سلمان عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن أبي ذر أنه سأل رسول الله ما الإيمان فتلا عليه هذه الآية ليس البر أن تولوا وجوهكم إلى قوله المتقون قال ثم سأله فتلاها ثلاث مرات ثم سأله فقال إذا عملت حسنة فأحبها قلبك وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك وهذا منقطع بين مجاهد وأبي ذر
وقد أخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عبد الكريم
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي حمزة عن الشعبي حدثتني فاطمة بنت قيس أنها سألت النبي في المال حق سوى الزكاة قالت فتلا علي ليس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/422]
البر أن تولوا وجوهكم 114 قبل المشرق والمغرب الآية
89 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الآية 178
قال الواحدي قال الشعبي كان بين حيين من أحياء العرب قتال وكان لأحد الحيين طول على الآخر فقالوا نقتل بالعبد منا الحر منكم وبالمرأة الرجل فنزلت هذه الآية
قلت وصله الطبري من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي قال نزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتالا عمية فقالوا
نقتل بفلان العبد فلان بن فلان وبفلانة فلان بن فلان فأنزل الله تبارك وتعالى الحر بالحر الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/423]
وذكر ابن عطية عن الشعبي إن أهل العزة من العرب والمنعة كانوا إذا قتل منهم عبد قتلوا به حرا وإذا قتلت امرأة قتلوا بها ذكرا فنزلت الآية في ذلك تسوية بين العباد وإذهابا لأمر الجاهلية
و قال عبد الرزاق أنا معمر وأخرجه عبد بن حميد من رواية شيبان النحوي كلاهما عن قتادة قال لم يكن دية إنما كان القصاص أو العفو فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد قالوا لا نقتل بدله إلا حرا وإذا قتلت منهم امرأة قالوا لا نقتل إلا رجلا فنزلت
وأخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي في قوله تعالى كتب عليكم القصاص في القتلى الآية اقتتل أهل مائين من العرب أحدهما مسلم والآخر معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر فأصلح بينهم النبي وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء على أن ودي الحر دية الحر والعبد دية العبد والأنثى دية الأنثى 115 فقاصهم بعضهم من بعض
ومن طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان عن السدي عن أبي مالك الغفاري قال كان بين حيين من الأنصار قتال كان لأحدهما على الآخر الطول
[العجاب في بيان الأسباب: 1/424]
فكأنهم طلبوا الفضل فجاء النبي ليصلح بينهم فنزلت هذه الآية فجعل النبي الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال حدثنا عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول أيما حر قتل عبدا فهو به قود فأن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه وقاصوهم ثمن العبد من دية الحر وأدوا إلى أولياء الحر بقية ديته فإن قتل العبد حرا فهو به قود فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدد والمال فحلفوا أن لا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم وبالمرأة منا الرجل منهم فنزلت فيهم الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة فأنزل الله تعالى النفس بالنفس والعين بالعين فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وفيما دون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/425]
النفس
وأخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس من قوله كانوا لا يقتلون 116 الرجل بالمرأة إلى آخره وقضية ذلك أن تكون هذه الآية التي في البقرة منسوخة بالآية التي في المائدة وسيأتي لذلك مزيد بيان هناك إن شاء الله تعالى
وذكر يحيى بن سلام عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال كان أهل الجاهلية قوما فيهم عز ومنعة فكان إذا قتل أحد منهم امرأة فذكر نحو ما تقدم
90 - قوله ز تعالى ذلك تخفيف من ربكم ورحمة 178
أخرج البخاري والنسائي من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عباس قال كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية فقال الله تعالى لهذه الأمة كتب عليكم القصاص في القتلى الآية إلى قوله فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/426]
وفي رواية للطبري من طريق محمد بن مسلم عن عمرو كان من قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل ولا تقبل منهم الدية فأنزل الله هذه الآية ذلك تخفيف من ربكم ورحمة يقول خفف عنكم ما كان على من قبلكم فالذي يقبل الدية ذلك عفو منه
ورواه ورقاء بن عمر عن عمرو عن مجاهد ليس فيه ابن عباس عند النسائي ومن طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فيما كان على بني إسرائيل
وأخرجه يحيى بن سلام عن حماد كذلك وعن معلى بن هلال عن عمرو بن دينار عن مجاهد 117 به
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس كان على بني إسرائيل القصاص في القتلى ليس بينهم دية في نفس ولا جرح فخفف الله عن أمة محمد فقبل منهم الدية في النفس وفي الجراحة وذلك قوله تعالى ذلك تخفيف من ربكم ورحمة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/427]
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ذلك تخفيف من ربكم ورحمة رحم الله هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم فكان أهل التوراة إنما هو قصاص أو عفو ليس بينهما أرش وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به فجعل الله لهذه الأمة القود والعفو والدية إن شاءوا فأحلها لهم ولم تكن لأمة قبلهم
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله إلا أنه قال شيء بدل أرش
91 - قوله ز تعالى ولكم في القصاص حياة 179
قال ابن عطية كانوا في الجاهلية إذا قتل الرجل الآخر حمي القبيلان وتقاتلوا وكان في ذلك موت العدد الكثير فلما شرع الله القصاص قنع الكل به فذلك قوله تعالى ولكم في القصاص حياة
92 - قوله ز تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم 183
1 - قال مقاتل بن سليمان كبر لبيد الأنصاري من بني عبد الأشهل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/428]
فعجز عن الصوم فقال للنبي ما على من عجز عن الصوم فأنزل الله عز وجل كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم إلى قوله أياما معدودات الآية
2 - قول آخر قال المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال قدم رسول الله المدينة فصام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ثم أنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون إلى قوله فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه ثم أن الله عز وجل أنزل 118 الآية الأخرى شهر رمضان إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي يطيق الصيام
أخرجه أحمد وأبو داود والطبري والمسعودي صدوق لكنه اختلط وقد خالفه شعبه فرواه عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال حدثنا أصحابنا أن رسول الله لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة ثم نزل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/429]
شهر رمضان وهذا أصح من رواية المسعودي
قال الطبري لم يأت في خبر تقوم بمثله الحجة أن صوما فرض على أهل الإسلام قبل شهر رمضان ثم نسخ بصوم شهر رمضان كذا قال ويشكل عليه حديث قيس بن سعد بن عبادة أمرنا رسول الله بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان الحديث وفي لفظ كنا نصوم عاشوراء الحديث أخرجه النسائي وسنده قوي وليس بسط ذلك من غرض هذا الكتاب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/430]
قوله ز تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية الآية 184
أخرج البخاري ومسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال لما نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:37 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

قال الواحدي قال المفسرون إن المشركين قالوا ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولا ثم يرجع عنه غدا ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام ينقض بعضه بعضا فأنزل الله تعالى وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر وأنزل أيضا ما ننسخ من آية أو ننسها الآية
قلت وهذا أيضا تبع فيه الثعلبي فإنه أورده هكذا وتبعهما الزمخشري فلخصه فذكر أنهم طعنوا في النسخ وكذلك القرطبي وزاد أنهم أنكروا شأن القبلة وغيره المنسوخ ووجدت في المنقول عن السلف ما أخرجه عبد بن حميد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/348]
عن قتادة قال كانت الآية تنسخ الآية وكان نبي الله يقرأ الآية من السورة ثم ترفع فينسيها الله تعالى نبيه فقال الله تعالى يقص على نبيه ما ننسخ من آية الآية
قلت وقد أورد الثعلبي في آخر كلامه هنا حديثا يستأنس به في سبب النزول وهو ما أخرجه أبو عبيد من طريق الليث عن عقيل ويونس عن ابن شهاب قال أخبرنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف في مجلس سعيد بن المسيب أن رجلا كانت معه سورة فقام يقرأها من الليل فلم يقدر عليها وقام آخر يقرأها فلم يقدر عليها فأصبحوا فأتوا النبي فقال بعضهم قمت البارحة 72 فذكر حاله فقال الآخر ما جئت إلا لذلك فقال آخر وأنا يا رسول الله فقال رسول الله إنها نسخت البارحة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/349]
قلت ولعل قتادة أخذ ما قال من هذا الخبر وليس في الخبر تعيين الآية الناسخة صريحا بل ما يومئ إلى ذلك والعلم عند الله تعالى
41 - قوله عز وجل أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل الآية 108
1 - قال الواحدي قال ابن عباس نزلت في عبد الله بن أبي أمية ورهط من قريش قالوا يا محمد اجعل لنا الصفا ذهبا ووسع لنا أرض مكة وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك فأنزل الله هذه الآية
2 - قول آخر قال المفسرون إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله فمن قائل يقول ائتنا بكتاب من السماء كما أتى موسى بالتوراة ومن قائل يقول وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي ائتنا بكتاب من السماء فيه من رب العالمين إلى ابن أبي أمية اعلم أنني قد أرسلت محمدا إلى الناس ومن قائل يقول لن نؤمن بك أو تأتي بالله والملائكة قبيلا فأنزل الله تعالى هذه الآية
قلت أما الأول فذكره الثعلبي ولعله من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/350]
عباس فإني وجدته عن ابن عباس بسند جيد لكنه مغاير له أخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله تعالى أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية وقد قال الثعلبي عقب 73 الأول قال مجاهد لما قالت قريش هذا لرسول الله قال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا فأبوا ورجعوا قال الصحيح أنها نزلت في اليهود حين قالوا يا محمد ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة قال الثعلبي ويصدق هذا القول أن هذه السورة مدنية وقد قال تعالى يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء كما أتى موسى بالتوراة قال الثعلبي ويصدق هذا القول أن هذه السورة مدنية وقد قال تعالى يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء . . فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة انتهى وفيما حاوله نظر فإن أثر مجاهد المذكور صريح في أن السائل في ذلك هم قريش كذا أخرجه الفريابي والطبري وابن أبي حاتم صحيحا إليه قال سألت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا فقال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا ورجعوا لكن لم يقل إن هذه الآية نزلت في ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/351]
وأما ما نقله الواحدي عن المفسرين فأومأ به إلى الجمع بين ما نقله الثعلبي عن ابن عباس ثم عن مجاهد وسيأتي في تفسير سورة سبحان تسمية من سأل تحويل الصفا ذهبا مع عبد الله بن أبي أمية وغير ذلك
2 - وقد جاء عن إمام كبير من المفسرين سبب آخر أوضح مما نقله وأولى بأن يكون سببا لنزول هذه الآية وهو ما أخرجه ابن أبي حاتم بسند قوي عن أبي العالية وهو من كبار التابعين قال في قوله تعالى أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية قال: قال رجل يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل فقال النبي اللهم لا نبغيها ثلاثا ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل كان أحدهم إذا أصاب الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له 74 خزيا في الدنيا والآخرة فأعطاكم الله خيرا مما أعطاهم من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما فنزلت أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/352]
3 - وحكى ابن ظفر أنه قيل أنها نزلت في من قال من المسلمين لما رأوا شجرة يقال لها ذات أنواط فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط فقال هذا كقول قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال ابن ظفر لأن التبرك بالشجر واتخاذها عيدا يستدرج من يجيء بعدهم إلى عبادتها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/353]
42 - قوله تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم الآية 109
1 - قال الواحدي قال ابن عباس نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد ألم تروا إلى ما أصابكم لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم
قلت هذا لعله من تفسير الكلبي والذي ذكره ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد وحدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله تعالى برسوله وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا فأنزل الله تعالى فيهما ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم الآية
2 - قول آخر وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري هو كعب بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/354]
الأشرف وللطبري من طريق المعمري عن معمر عن الزهري وقتادة مثله ورد الطبري هذا بأنه لا يقال لمن نسب قولا إلى كثير 75 يجوز أن يكون المراد به واحدا ولا سيما وقد قال بعد ذلك لو يردونكم إذ لو أراد بقوله كثير من أهل الكتاب الواحد كما يقال فلان في الناس كثير أي في رفعة القدر وعظيم المنزلة لقال يردكم ولم يقل يردونكم
قلت هذا الذي أورده الطبري مختصر من حديث طويل وقد أخرج الواحدي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ما أخرجه في الزهريات من طريق الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه إن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/355]
كعب بن الأشرف كان يهوديا شاعرا فكان يهجو النبي ويحرض عليه كفار قريش في شعره وكان المشركون واليهود من أهل المدينة يؤذون النبي وأصحابه أشد الأذى فأمرهم الله بالصبر والعفو وفيهم نزلت ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا إلى قوله فاعفوا واصفحوا وهذا سند صحيح وأخرجه أبو داود من هذا الوجه دون هذا الكلام الأخير وعلى هذا فالجمع في قوله يردونكم لكعب ومن تابعه ويستقيم الكلام
ونقل ابن ظفر عن ابن عباس نحو الأول ثم قال وبسط هذا الكلام بعض الرواة فقال وذكر ما ذكره الثعلبي بغير إسناد قال نزلت هذه الآية في نفر من اليهود منهم فنحاص ابن عازورا وزيد بن قيس قالوا لحذيفة وعمار بعد وقعة أحد انظروا ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعا إلى ديننا فهو خير لكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/356]
وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلا فقال لهم عمار كيف نقض العهد عندكم قالوا هو 76 شديد قال فإني عاهدت أن لا أكفر بمحمد ما عشت فقالت اليهود أما هذا فقد خيبنا فقال حذيفة وأما أنا فقد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ثم أتيا رسول الله فأخبراه بذلك فقال أصبتما الخير وأفلحتما فأنزل الله تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم يا معشر المؤمنين من بعد إيمانكم كفارا
43 - قوله ز تعالى بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن الآية 112
قال السدي وغيره نزلت في الذين قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى أي قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا
44 - قوله تعالى وقالت اليهود ليست النصارى على شيء 113
قال الواحدي نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل وقالت لهم النصارى ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بموسى والتوراة فأنزل الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/357]
هذه الآية
قلت وذكر ابن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه حدثني محمد بن أبي محمد بالإسناد المذكور آنفا إلى ابن عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى المدينة أتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول الله فقال رافع بن حريملة للنصارى 77 ما أنتم على شيء وكفر بعيسى والإنجيل وقال له رجل من أهل نجران ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فنزلت في ذلك من قولهما وقالت اليهود ليست النصارى على شيء الآية
وأخرج الطبري من طريق الربيع بن أنس قال نزلت في أهل الكتاب الذين كانوا في عهد رسول الله
45 - قوله ز تعالى كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم الآية 113
أخرج الطبري من طريق سنيد عن حجاج عن ابن جريج قلت لعطاء من هؤلاء الذين لا يعلمون قال أمم كانت قبل اليهود والنصارى وهكذا أخرجه ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/358]
أبي حاتم من وجه آخر عن حجاج لم يزد ونقله الثعلبي وزاد فيه مثل قوم نوح وهود وصالح ونحوهم قالوا في نبيهم إنه ليس على شيء وإن الدين ديننا انتهى وأظن هذه الزيادة مدرجة من كلام غير عطاء
وللطبري من طريق أسباط عن السدي هم العرب ومن طريق الربيع بن أنس قال هم النصارى لأن اليهود كانوا قبلهم
46 - قوله تعالى ومن أظلم ممن منع مساجد الله 114
1 - قال الواحدي تبعا للثعلبي نزلت في ططوس بن استسيانوس الرومي وأصحابه من النصارى وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلهم وسبوا ذراريهم وحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير فكان خرابا إلى أن بناه المسلمون في زمن عمر انتهى كلام الثعلبي زاد الواحدي وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي
وقال قتادة والسدي هو بخت نصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا 78 بيت المقدس وأعانهم على ذلك نصارى الروم وقال ابن عباس في رواية عطاء نزلت في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/359]
مشركي مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام
قلت أخرج الطبري عن العوفي بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال نزلت في النصارى
ومن طريق ابن نجيح عن مجاهد هم النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نزلت في النصارى حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بخت نصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس
ومن طريق معمر عن قتادة هو بخت نصر وأصحابه خربوا بيت المقدس وأعانه النصارى على ذلك ومن طريق أسباط عن السدي هم الروم كانوا ظاهروا بخت نصر على خراب بيت المقدس حتى خربه وأمر أن يطرح فيه الجيف وإنما أعانوه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/360]
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية ومن أظلم ممن منع مساجد الله الآية هم المشركون حالوا بين رسول الله يوم الحديبية وبين أن يدخل مكة حتى نحر هدية بذي طوى وهادنهم بعد أن قال لهم ما أحد يرد أحدا عن هذا البيت فقد كان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يعدو عليه قالوا لا يدخل علينا من قتل آباءنا يوم بدر وفينا باق
ورجح الطبري القول الأول بأن في الآية وسعى في خرابها والمشركون لم يسعوا في تخريب المسجد الحرام قط بلا كانوا 79 يفتخرون بعمارته في الجاهلية وأيد ذلك بما نقله عن قتادة وعن السدي أن كل نصراني الآن لا يدخل بيت المقدس إلا خائفا وأجاب الثعلبي عن ذلك بأن قوله أولئك ما كان لهم خبر بمعنى الأمر وإن قوله وسعى في خرابها منع المسلمين أن يقيموا بها أمر الدين فهو خراب معنوي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/361]
47 - قوله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله 115
1 - قال الواحدي اختلفوا في سبب نزولها ثم ساق من طريق عبد الملك العزرمي عن عطاء عن جابر بعث رسول الله سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا هي قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي عن ذلك فسكت فأنزل الله عز وجل هذه الآية وفي السند انقطاع
ومن طريق وكيع ثنا أشعث السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال كنا نصلي مع النبي في السفر في ليلة مظلمة فلم ندر كيف القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/362]
قلت أخرجه الترمذي وقال ليس إسناده بذاك لا نعرفه إلا من حديث أشعث وأشعث يضعف في الحديث وضعفه العقيلي أيضا
وقد أورده الطيالسي عن أشعث وعمرو بن قيس قالا ثنا عاصم بن عبيد الله 80 وأخرجه الدار قطني وعبد بن حميد وغيرهما من طريق أشعث
2 - قول آخر أخرج الواحدي عن ابن عمر أنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله أن تصلي حيث توجهت بك راحلتك في التطوع وكان رسول الله إذا رجع
[العجاب في بيان الأسباب: 1/363]
من مكة صلى على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة أخرجه مسلم والترمذي وابن أبي حاتم وغيرهم ووهم الحاكم فاستدركه بلفظ آخر وهو من طريق أبي أسامة عن عبد الملك بن سعيد عن ابن عمر في قوله فأينما تولوا فثم وجه الله إنما نزلت في التطوع حيث توجه بك بعيرك
3 - قول آخر قال الواحدي وقال ابن عباس في رواية عطاء إن النجاشي توفي فأتى جبريل النبي فقال إن النجاشي توفي فصل عليه فأمر النبي أصحابه أن يحضروا فصفهم ثم تقدم وقال إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي فصلى هو وهم عليه فقال بعضهم في أنفسهم كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي لغير قبلتنا وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله
4 - قول آخر قال الواحدي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/364]
مذهب قتادة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وهو موافق لرواية عطاء الخراساني عن ابن عباس أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة قال الله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فصلى رسول الله نحو بيت المقدس وترك البيت 81 العتيق ثم صرفه الله إلى البيت العتيق
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس إن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمر أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا وكان رسول الله يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله وسيأتي في الكلام في قوله تعالى ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب
وأخرج الطبري من وجهين عن قتادة في قوله فثم وجه الله قال كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله بمكة قبل الهجرة وبعدما هاجر ستة عشر شهرا ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام بقوله فلنولينك قبلة ترضاها الآية فنسخت ما قبلها من أمر القبلة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/365]
5 - قول آخر حكاه الثعلبي عن الحسن ومجاهد والضحاك لما نزلت وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قالوا أين ندعوه فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله
48 - قوله تعالى وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه 116
قال الواحدي نزلت في اليهود قالوا عزير ابن الله وفي نصارى نجران قالوا المسيح ابن الله وفي مشركي العرب قالوا الملائكة بنات الله
قلت وكذا ذكره الثعلبي بغير سند وتبعه ابن ظفر والكواشي وغيرهما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/366]
واقتصر الطبري على قوله هم النصارى الذين زعموا أن عيسى ابن الله
قلت وهو قول مقاتل قال نزلت في نصارى نجران السيد والعاقب ومن معهما من الوفد قدموا 82 على النبي فقالوا عيسى ابن الله فأكذبهم الله تعالى وزاد الزجاج ومشركو العرب قالوا الملائكة بنات الله وجعل الماوردي ذلك قولين وحكاها الفخر الرازي أقوالا وأغرب الجعبري فقال: قال ابن عباس قال ابن سلام ونعمان وسابق ومالك من اليهود عزير ابن الله وقال مقاتل قال نصارى نجران المسيح ابن الله وقال إبراهيم النخعي قال مشركو العرب الملائكة بنات الله قال وقال الثعلبي الثلاثة
49 - قوله ز تعالى وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية 118
أخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق بسنده المتكرر عن ابن عباس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/367]
قال: قال رافع بن حريملة لرسول الله إن كنت رسولا من عند الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية الآية كلها
وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال هم النصارى والذين من قبلهم اليهود
ومن طريق سعيد عن قتادة قال هم كفار العرب ومن طريق أسباط عن السدي ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس جميعا مثله ورجح الطبري قول مجاهد والراجح من حيث السند قول ابن عباس رضي الله عنهما
50 - قوله تعالى ولا تسأل عن أصحاب الجحيم 119
قال الواحدي قال ابن عباس إن رسول الله قال ذات يوم ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت هذه الآية
قال وقال مقاتل 83 قال رسول الله لو أن الله أنزل بأسه باليهود لآمنوا فأنزل الله تعالى ولا تسأل عن أصحاب الجحيم
قلت لم أر هذا في تفسير مقاتل بن سليمان فينظر في تفسير مقاتل بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/368]
حيان
وأما قول ابن عباس فنسبه الثعلبي لرواية عطاء عنه وهي من تفسير عبد الغني بن سعيد الواهي وقد أخرجه الطبري من مرسل محمد بن كعب القرظي وعليه اقتصر الماوردي وابن ظفر وغيرهما واستبعد الفخر الرازي صحة هذا السبب قال لأنه يعلم حال من مات كافرا انتهى وفي سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج أخبرني داود بن أبي عاصم أن النبي قال ذات يوم فذكره وهذا مرسل أيضا وهو من رواية سنيد بن داود
[العجاب في بيان الأسباب: 1/369]
و فيه مقال
وقد ذكر الواحدي السبب الأول في الوسيط بأتم مما هنا فقال وذلك أنه سأل جبريل عن قبر أبيه وأمه فدله فذهب إلى القبرين فدعى لهما وتمنى أن يعرف حال أبويه في الآخرة فنزلت
وذكر الطبري أن هذا التفسير على قراءة من قرأ من أهل المدينة ولا تسأل بصيغة النهي قال والصواب عندي القراءة المشهورة بالرفع على الخبر لأن سياق ما قبل هذه الآية يدل على أن المراد من مضى ذكره من اليهود والنصارى وغيرهم قال ويؤيد ذلك أنها في قراءة أبي وما تسأل وفي قراءة ابن مسعود ولن تسأل وقال يحيى بن سلام وكان النبي يسأل عن أمه فنزلت وهو قول سفيان 84 الثوري ذكره بإسناده
قلت أسنده عبد الرزاق من طريق الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد ابن كعب لكنه عنده باللفظ المنقول أولا عن الطبري وذكر المهدوي أثر ابن عباس بلفظ أي أبوي أحدث موتا وقد بالغ ابن عطية في رده وفي تخطئته نقلا ومعنى لأنه لا خلاف أن أباه مات قبل أمه ولأنه ليس في السؤال عن ذلك ما يناسبه الجواب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/370]
الوارد في الآية
وحكى القرطبي كلام المهدوي ولم يتعقبه لكن قال قد ذكرنا في كتاب التذكرة أن الله أحيا له أبواه وآمنا به وذكرنا قوله للأعرابي إن أبي وأباك في النار وبينا تأويل ذلك وتعقبه العماد بن كثير بأن الخبر الذي أشار إليه في إحياء أبويه لا أصل له
[العجاب في بيان الأسباب: 1/371]
وإن كان عياض والسهيلي قد سبقا القرطبي إلى ذكره وقد وقع في آخر رواية محمد بن كعب في تفسير الفريابي وغيره فما ذكرهما حتى توفاه الله عز وجل
51 - قوله تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم الآية 120
قال الواحدي قال المفسرون إنهم كانوا يسألون النبي الهدنة ويطمعونه أنه إن هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه فأنزل الله تعالى هذه الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/372]
قال وقال ابن عباس هذا في القبلة وذلك أن اليهود بالمدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي إلى قبلتهم فلما صرف الله تعالى القبلة إلى الكعبة شق عليهم ويئسوا أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت ذكره الجعبري بلفظ قال ابن عباس كانوا يودون ثبوت النبي على الصلاة إلى الصخرة انتهى
وقال مقاتل كان اليهود من أهل المدينة والنصارى من أهل نجران دعوا النبي إلى دينهم وزعموا إنهم على الهدى فنزلت
وقال ابن عطية روي أن سبب نزول هذه الآية إن اليهود والنصارى طلبوا فذكر نحوه
52 - قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته 121
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة كانوا أربعين رجلا من الحبشة وأهل الشام
وقال الضحاك نزلت فيمن آمن من اليهود وقال قتادة وعكرمة نزلت في أصحاب محمد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/373]
قلت ذكره بأبسط منه الثعلبي فقال نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر وكانوا أربعين رجلا اثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا وذكره يحيى بن سلام عن ابن الكلبي وزاد بعد قوله بحيرا وسبعة من اليهود منهم عبد الله بن سلام وابن صوريا قال الثعلبي وقال الضحاك هم من آمن من اليهود عبد الله بن سلام وسعيد بن عمرو ومام بن يهودا وأسيد وأسد ابنا كعب وابن يامين وعبد الله بن صوريا
وأما قول قتادة فأسنده الطبري عنه ورجحه وجوز غيره أن يكون المراد عموم المسلمين انتهى وهذا لا يمنع خصوص السبب
وحكى أبو حيان أن الأربعين كلهم من الحبشة منهم اثنان وثلاثون من كبارهم وثمانية كانوا ملاحين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/374]
وحكى 86 ابن ظفر إنها نزلت في النجاشي وحده وكان أعلم النصارى في عصره بما أنزل الله على عيسى حتى كان هرقل يبعث إليه علماء النصارى ليأخذوا عنه العلم
53 - قوله ز تعالى واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا 123
تقدم
54 - قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت الآية
قال عبد الرزاق أنا معمر بلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا فلما أغرق الله قوم نوح رفع البيت وبقي أساسه فبوأه الله تعالى لإبراهيم عليه السلام بعد ذلك فذلك قوله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ذكره في تفسير سورة القمر
وأخرج الطبري من طريق أبي قلابة عن عبد الله بن عمرو قال لما أهبط الله آدم من الجنة قال إني منزل معك بيتا يطاف حوله كما يطاف حول عرشي فلما كان زمن الطوفان رفع فكانت الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/375]
لإبراهيم وأعلمه مكانه فبناه من خمسة أجبل حراء ولبنان وثبير وجبل الحمر والطور
55 - قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى 125
قال الفريابي حدثنا سفيان هو الثوري عن عبيد المكتب عن مجاهد قال: قال عمر لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
و أخرج الفاكهي من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن من حدثه عن عمر قال كان رسول الله يطوف فقال هذا مقام أبينا إبراهيم فقال عمر أفلا تتخذه مصلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/376]
فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
قلت وأصله في صحيح البخاري أخرجه في الصلاة 87 والتفسير من طريق حميد الطويل عن أنس قال: قال عمر وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى الحديث وأخرجه الترمذي من هذا الوجه بلفظ إن عمر قال يا رسول الله لو صليت خلف المقام فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين عن أبيه أنه سمع جابرا يحدث عن حجة النبي قال لما طاف النبي قال له عمر هذا مقام أبينا إبراهيم قال نعم قال أفلا نتخذه مصلى فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى سنده صحيح وأصله عند
[العجاب في بيان الأسباب: 1/377]
مسلم وأخرجه النسائي وابن مردويه من حديث جابر نحوه
وحكى الثعلبي عن ابن كيسان قال ذكروا أن رسول الله مر بالمقام ومعه عمر فقال يا رسول الله أليس هذا مقام إبراهيم قال بلى قال أفلا نتخذه مصلى قال لم أؤمر بذلك فلم تغب الشمس من يومهم حتى نزلت
56 - قوله تعالى ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه الآية 130
ذكر الثعلبي وتبعه الزمخشري إن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإسلام وقال لهما لقد علمتما أن الله قال في التوراة إني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد فمن آمن به فقد رشد واهتدى ومن لم يؤمن به فهو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/378]
ملعون فأسلم سلمة وامتنع مهاجر فنزلت ومن يرغب عن ملة إبراهيم الآية
وقد وجدته في تفسير 88 مقاتل بن سليمان فذكره بلفظه إلى قوله فقال لهما ألستما تعلمان أن الله قد قال لموسى فذكره بلفظ من ذريته وفيه وإنه ملعون من كذب بأحمد النبي وملعون من لم يتبع دينه ولم يذكر فمن آمن به فقد رشد واهتدى وقال في آخره وأبى مهاجر ورغب عن الإسلام فأنزل الله ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه إلى آخر الآية
57 - قوله تعالى أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية 133
قال الواحدي نزلت في اليهود حين قالوا للنبي ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية فنزلت
قلت ذكره مقاتل بن سليمان بلفظه وذكره الواحدي في الوسيط أيضا وزاد إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قال ابن عباس وذلك أن الله تعالى لم يقبض نبيا حتى يخيره بين الموت والحياة فلما حضرت وفاة يعقوب قال أنظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم ففعل الله به ذلك فجمع ولده وهم اثنا عشر رجلا وجمع أولادهم وقال لهم قد حضر أجلي فما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/379]
آبائك إلى آخر الآية وذلك قوله تعالى أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية كذا ذكره بغير سند وذكر نحوه الثعلبي عن عطاء وقال أيضا قال الكلبي لما دخل يعقوب مصر رآهم يعبدون الأوثان والنيران فجمع ولده وخاف عليهم فقال ما تعبدون من بعدي
وقال ابن ظفر قيل إن سبب نزولها إن اليهود اعتذروا عن امتناعهم من الإسلام بأن يعقوب أوصى الأسباط عندما حضره الموت بأن لا يبتغوا 89 بملة اليهود بدلا فنزلت أم كنتم شهداء
58 - قوله تعالى وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا 135
قال الواحدي قال ابن عباس نزلت في رؤوس يهود المدينة كعب بن الأشرف ومالك بن الضيف ووهب بن يهوذا وأبي ياسر بن أخطب وفي نصارى نجران وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله من غيرها فقالت اليهود نبينا موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بالإنجيل وبعيسى وبالقرآن وبمحمد وقالت النصارى نبينا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بمحمد وبالقرآن وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين كونوا على ديننا فلا دين إلا هو ودعوهم إلى دينهم قلت وكذا ذكره الثعلبي وفي آخره فقال الله تعالى قل يا محمد بل ملة إبراهيم انتهى
والذي ذكره ابن جرير عن ابن عباس من رواية ابن إسحاق بالسند المتكرر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/380]
أخصر من هذا ولفظه قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله عز وجل وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا
وذكره مقاتل بن سليمان بلفظ إن رؤوس اليهود كعب بن الأشرف وكعب بن ابن أسيد وأبا ياسر بن أخطب ومالك بن الضيف وعازار وأشمويل وحميسا والسيد والعاقب ومن معهم من نصارى نجران قالوا للمؤمنين كونوا على ديننا فإنه ليس دين إلا ديننا فأكذبهم الله 90 تعالى فقال بل ملة إبراهيم حنيفا ثم أمر المؤمنين فقال قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية
59 - قوله ز تعالى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا الآية 136
أخرج الطبري من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر قال أتى رسول الله نفر من اليهود منهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وعازر وخالد وآزار بن أبي آزار وأشيع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/381]
موسى وعيسى فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا لا نؤمن بعيسى ولا نؤمن بمن آمن به فأنزل الله قولوا آمنا بالله إلى قوله لا نفرق بين أحد منهم
و أنزل الله تعالى قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وإن أكثركم فاسقون
60 - قوله ز تعالى فسيكفيكم الله وهو السميع العليم 137
قال مقاتل بن سليمان لما تلا النبي على الناس هذه الآية قولوا آمنا بالله قالت اليهود لم نجد للإسلام في التوراة ذكرا وقالت النصارى كيف نتبعك وأنت تجعل عيسى كالأنبياء فأنزل الله تعالى فسيكفيكم الله وهو السميع العليم فأنجز له ما وعده به فأجلى بني النضير وقتل قريظة
61 - قوله تعالى صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة 138
1 - قال الواحدي قال ابن عباس إن النصارى كانوا إذا ولد لأحدهم ولد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/382]
فأتت عليه ستة أيام صبغوه في ماء لهم يقال له المعمودي ليطهروه بذلك ويقولون هذا طهور مكان الختان 91 فإذا فعلوا ذلك قالوا الآن صار نصرانيا
قلت ذكره قبله الطبري فقال في قوله صبغة الله يعني صبغة الإسلام وذلك إن النصارى إذا أرادت أن تنصر أطفالها جعلتم في ماء لهم تزعم أن ذلك تقديس لها بمنزلة الختان لأهل الإسلام وإنه صبغة لهم في النصرانية فقال الله تعالى إذ قالوا للمسلمين كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل لهم يا محمد بل اتبعوا ملة إبراهيم صبغة الله وهي الحنيفية المسلمة ودعوا الشرك والضلال
وأخرج من طريق قتادة قال أن اليهود تصبغ أبناءها يهودا والنصارى تصبغ أبناءها نصارى وإن صبغة الله الإسلام
ثم أسند عن ابن عباس وعن جماعة من التابعين إن معنى الصبغة الدين وهي كقوله تعالى فطرة الله أي دين الله
وذكر ابن ظفر إن الصبغة عند اليهود الختان يوم السابع يرون أنهم يدخلونه في اليهودية بالختان فلما ترك النصارى الختان غمسوا المولود في ماء لهم سموه ماء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/383]
المعمودية وزعموا أن يحيى بن زكرياء صبغ عيسى في الماء المذكور
2 - قول آخر أخرج ابن مردويه في تفسير هذه الآية من طريق أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي قال: قالت بنو إسرائيل يا موسي هل يصبغ ربك فقال اتقوا الله فناداه ربه يا موسى الألوان كلها من صبغى وأنزل الله على نبيه صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة
62 - قوله ز تعالى قل أتحاجوننا في الله 139
قال ابن ظفر
كانوا قالوا للمسلمين نحن 92 أبناء الله وأحباؤه وأولى به منكم فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/384]
هذه الآية قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم إلى آخرها
63 - قوله تعالى ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله 140
قال الطبري نزلت في حق من قال إن ابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا هودا أو نصارى ثم كتموا شهادة عندهم من الله أنهم كانوا مسلمين
ثم أسند من طريق أبي الأشهب عن الحسن البصري قال
لما تلا هذه الآية والله لقد كان عند القوم من الله شهادة أن أنبياءه براء من اليهودية والنصرانية كما أن عندهم من الله شهادة أن دماءكم وأموالكم بينكم حرام فبم استحلوها
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في هذه الآية قال هم أهل الكتاب كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه دين الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وأن الأنبياء لم يكونوا يهودا ولا نصارى بل كانت اليهودية والنصرانية بعدهم بزمان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/385]
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال نزلت في يهود سئلوا عن النبي عن صفته في كتاب الله عندهم فكتموا الصفة ومن طريق أخرى عن قتادة مثله سواء
و أخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة هم اليهود كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه حق وكتموا محمدا وهم يعلمون أنه رسول الله
64 - قوله ز تعالى تلك أمة قد خلت الآية الثانية 141
قال ابن ظفر قيل أعيدت لأنهم جادلوه مرتين في أمرين أحدهما أن يعقوب أوصى ذريته بالثبات على اليهودية والثاني إن إبراهيم ومن ذكر معه كانوا هودا أو نصارى فأنزلت مرتين وتلاها عليهم في مقامين 93
65 - قوله تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب الآية 142
أسند الواحدي من طريق أبي إسحاق عن البراء قال لما قدم رسول
[العجاب في بيان الأسباب: 1/386]
الله المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء
أخرجه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل عنه وأخرج أيضا من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق نحوه وقال فيه ثم علم الله هوى نبيه فنزلت قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها وقال أخرجاه من طرق عن أبي إسحاق وهو كما قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/387]
ومن طرقه عند البخاري من رواية زهير عن أبي إسحاق بلفظ صلى إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت الحديث
وذكر مقاتل في تفسيره قال فلما صرفت القبلة إلى الكعبة قال مشركو مكة قد تردد على محمد أمره واشتاق إلى مولد آبائه وقد توجه إليكم فهو راجع إلى دينكم فكان ذلك سفها منهم فأنزل الله تعالى سيقول السفهاء من الناس الآية
وأخرج الطبري من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال لما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة وذلك في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله 94 المدينة أتى رسول الله رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن أبي نافع وفي رواية له ورافع بن أبي رافع والحجاج ابن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته
[العجاب في بيان الأسباب: 1/388]
عن دينه فأنزل الله فيهم سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم إلى قوله على عقبيه
وقيل أراد بالسفهاء أهل الكتاب حكاه الطبري قال وقال آخرون قاله المنافقون استهزاء ثم أسند من طريق أسباط عن السدي قال لما وجه النبي قبل المسجد الحرام اختلف الناس فكانوا أصنافا فقال المنافقون ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها فأنزل الله عز وجل في المنافقين سيقول السفهاء من الناس الآية
وحكى الماوردي عن الزجاج قال ذلك كفار قريش
قلت وحكاه يحيى بن سلام عن تفسير الحسن البصري ونبه على أن هذه الآية سابقة على ما قبلها في التأليف وهي بعدها في التنزيل
66 - قوله ز تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا 143
قال مقاتل وذلك أن اليهود منهم مرحب وربيعة ورافع قالوا لمعاذ ما ترك محمد قبلتنا إلا حسدا فإن قبلتنا قبلة الأنبياء ولقد علم أنا عدل بين الناس فأنزل الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/389]
تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا يعني عدلا وقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري هذا التفسير مرفوعا دون 95 السبب
وأسنده الطبري عن جماعة من الصحابة
67 - قوله تعالى إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه 143
أخرج الطبري من طريق سنيد بن داود عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال قلت لعطاء فقال يبتليهم ليعلم من يسلم لأمره قال ابن جريج بلغني أن ناسا ممن أسلم رجعوا فقالوا مرة ها هنا ومرة هاهنا
قال الطبري معناه ليعلم الرسول والمؤمنون وأضاف ذلك إليه وفقا لخطابهم وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة قال كان في القبلة الأولى بلاء وتمحيص فصلى النبي قدومه إلى المدينة إلى بيت المقدس ثم وجهه الله إلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/390]
الكعبة
واسند الطبري عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس معناه نميز أهل اليقين من أهل الشك
قال وقال آخرون كانوا ينكرون أن يكون الله يعلم الشيء قبل كونه ولو قيل لهم أن قوما من أهل القبلة سيرتدون إذا حولت القبلة لقالوا
إن ذلك باطل فلما حولت القبلة وكفر من كفر من أجل ذلك قال الله وما جعلت ذلك إلا لأعلم ما عندكم أيها المنكرون علمي بما هو كائن من الشيء قبل وقوعه وحاصله أن المعنى إلا لنبين لكم أنا نعلم ما كان قبل أن يكون
وقال المارودي اختلفوا في سبب الصلاة إلى بيت المقدس فقال الطبري إنه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/391]
كان ليأتلف أهل الكتاب وقال الزجاج إن العرب كانت تحج البيت غير آلفة لبيت المقدس فأحب أن يمتحنهم بغير ما ألفوه ليعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه
68 - قوله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم 143
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية الكلبي يعني عن أبي صالح عنه كان رجال من أصحاب رسول الله من المسلمين قد ماتوا على القبلة الأولى منهم أبو أمامة أسعد بن زرارة أحد بني النجار والبراء بن معرور أحد بني سلمة في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/392]
أناس آخرين جاءت عشائرهم فقالوا يا رسول الله توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى وقد صرفك الله إلى قبلة إبراهيم فكيف بإخواننا فأنزل الله عز وجل وما كان الله ليضيع إيمانكم
قلت وذكره مقاتل في تفسيره بتمامه بنحوه وأوله أن حيي بن أخطب وأصحابه قالوا أخبرونا عن صلاتكم إلى بيت المقدس كانت هدى أو ضلالة فقالوا إنما الهدى ما أمر الله به والضلالة ما نهى عنه قالوا فما شهادتكم على من مات منكم على قبلتنا وقد كان مات فذكره
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والطبري من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال لما وجه رسول الله إلى الكعبة قالوا يا رسول الله أرأيت الذين ماتوا وهو يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله تعالى وما كان الله ليضيع إيمانكم
وأخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أول ما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/393]
نسخ من القرآن القبلة وذلك أن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا فكان الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء إلى قوله فولوا وجوهكم شطره فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله عز وجل قل لله المشرق والمغرب وأنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله
و أخرج الطبري من طرق عن قتادة قال: قال أناس لما صرفت القبلة نحو الكعبة كيف بأعمالنا التي كنا نعمل قبل فنزلت
ومن طريق أسباط بن نصر عن السدي لما توجه رسول الله قبل المسجد الحرام قال المسلمون ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل قبل الله منا ومنهم أو لا فنزلت
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال: قال ناس لما حولت القبلة إلى البيت الحرام كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/394]
ومن طريق داود بن أبي عاصم نحوه لكن قال هلك أصحابنا ومن طريق العوفي عن ابن عباس أشفق المسلمون على من صلى منهم إلى غير الكعبة أن لا تقبل منهم
قال الطبري اتفقوا على أن الإيمان في هذه الآية الصلاة
و نقل يحيى بن سلام عن الحسن البصري أنه قال معنى الآية محفوظ لكم إيمانكم عند الله حيث أقررتم بالصلاة إلى بيت المقدس إذ فرضها عليكم
69 - قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها 144
قال الواحدي بعد ما نقله عن الكلبي في الذي قبله إلى قوله ليضيع إيمانكم قال ثم قال قد نرى تقلب وجهك في السماء وذلك أن النبي قال لجبريل عليه السلام وددت أن الله عز وجل صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/395]
وكان يريد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم عليه السلام 98 فقال له جبريل إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا فسل ربك أن يحولك إلى قبلة إبراهيم عليه السلام ثم ارتفع جبريل فجعل رسول الله يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل عليه السلام بما سأله فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية
قلت وجدت هذا السبب بهذا السياق في تفسير مقاتل بن سليمان فيحتمل أن يكون مراده بقوله قال ثم قال إلى آخره غير ابن الكلبي وهو مقاتل فيكون ظاهره الإدراج على كلام ابن الكلبي عن ابن عباس ويحتمل أن يكونا تواردا والذي أورده الطبري عن ابن عباس هو ما أخرجه من طريق علي بن أبي طلحة عنه أن رسول الله لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود وكان رسول الله يحب قبلة إبراهيم عليه السلام فكان يدعوا وينظر إلى السماء فنزلت
وقد جمع محمد بن إسحاق في روايته الأمور الثلاثة فقال حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء كان رسول الله يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء إلى قوله عما تعملون قال فقال رجال من المسلمين وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن تصرف القبلة وكيف بصلاتنا إلى بيت المقدس فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم قال: قال السفهاء من الناس وهم أهل الكتاب ما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/396]
ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله 99 سيقول السفهاء من الناس الآية
ومن طريق سنيد ثم من رواية ابن جريج عن مجاهد قال: قالت اليهود أيخالفنا محمد ويتبع قبلتنا فكان النبي يدعو الله أن يحوله عن قبلتهم فنزلت الآية فانقطع قول يهود
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال لما أنزل الله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله واستقبل النبي بيت المقدس فبلغه أن اليهود تقول والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم فكره رسول الله ذلك وجعل يرجع بوجهه إلى السماء فقال الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية
ومن طريق أسباط عن السدي قال كان الناس يصلون إلى بيت المقدس فلما قدم النبي المدينة صلى كذلك إلى ثمانية عشر شهرا من مهاجره وكان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ينتظر ما يؤمر به وكان يحب أن يصلي إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/397]
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس إن النبي كان يقلب وجهه في الصلاة وهو يصلي نحو بيت المقدس وكان يهوى قبلة البيت الحرام فولاه الله قبلة كان يهواها
وقال ابن ظفر قيل كان النبي إذا قام لصلاة الليل بالمدينة قلب وجهه في السماء قبل دخوله في الصلاة يود لو صرف عن المسجد الأقصى إلى البيت الحرام محبة لموافقة إبراهيم وكراهة لموافقة اليهود فنزلت
70 - قوله ز تعالى ولئن أتيت الذين أوتوا 100 الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك 145
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال ل لما حول النبي إلى الكعبة قالت اليهود إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن يكون هو صاحبنا الذي ننتظر فنزلت
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحوه
71 - قوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الآية 146
قال الواحدي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/398]
نزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه كانوا يعرفون رسول الله كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان
قال عبد الله بن سلام لأبي بن كعب كنت أشد معرفة برسول الله مني بابني فقال له عمر بن الخطاب وكيف ذلك يا ابن سلام قال لأني أشهد أن محمدا رسول الله حقا يقينا وأنا لا أشهد بذلك على ابني لأني لا أدري ما أحدث النساء فقال عمر وفقك الله يا ابن سلام
وقال يحيى بن سلام قال الكلبي لما قدم رسول الله المدينة قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام إن الله أنزل على نبيه وهو بمكة أن أهل الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم كيف هذه المعرفة يا ابن سلام قال نعرف نبي الله بالنعت الذي نعته الله به إذا رأيناه فيكم كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان والذي يحلف به عبد الله بن سلام لأنا بمحمد أشد مني معرفة بابني فقال له عمر كيف ذلك قال عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا أنه هو وأما ابني فلا أدري ما أحدثت أمه فقال له عمر 101 وفقك الله فقد أصبت وصدقت قال يحيى ابن سلام أراد بما أنزل بمكة الآية التي في أول سورة الأنعام الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ثم نزل بعد في المدينة في سورة البقرة فذكرها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/399]
قلت وحاصله أن الضمير في قوله يعرفونه للنبي هو في آية الأنعام بعيد وأما في آية البقرة فمحتمل وقد جاء أن الضمير للبيت الحرام كذا قال مقاتل ابن سليمان إن اليهود منهم أبو ياسر بن أخطب وكعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وسلام بن صوريا وكنانة بن أبي الحقيق ووهب بن يهوذا وأبو رافع قالوا للمسلمين لم تطوفون بالكعبة وهي حجارة مبنية فقال النبي إنهم ليعلمون أن الطواف بالبيت حق وأنه هو القبلة وذلك مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ولكنهم يكتمون ذلك فقال ابن صوريا ما كتمنا شيئا مما في كتابنا فأنزل الله الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه يعني البيت الحرام وأنه القبلة
قلت وأخرج الطبري أن الضمير للبيت الحرام فقال يعني أن أحبار اليهود وعلماء النصارى يعرفون أن البيت الحرام قبلة إبراهيم كما يعرفون أبناءهم ثم أسند من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله يعرفونه كما يعرفون أبناءهم عرفوا أن قبلة البيت الحرام قبلتهم التي أمروا بها كما عرفوا أبناءهم ومن طريق قتادة وعن الربيع بن أنس وعن السدي وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كلهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/400]
نحوه
72 - قوله تعالى لئلا يكون للناس عليكم حجة الآية 150
قال الطبري 102 يعني بالناس أهل الكتاب الذين كانوا يقولون ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ويقولون يخالفنا محمد في ديننا ويتابعنا في قبلتنا فهي حجتهم التي كانوا يموهون بها على الجهال فقطع الله ذلك بتحويلها إلى الكعبة
قال وقد ذكر الأسانيد إلى قائلي ذلك يعني كما تقدم
قال والمراد بالذين ظلموا منهم قريش لقولهم رجع محمد إلى قبلتنا وسيرد إلى ديننا
ثم أسند من طريق أسباط بن نصر عن السدي فيما يذكر عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قالوا لما صرف نبي الله نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/401]
كنتم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله تعالى لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى إلا الذين ظلموا منهم قال حجتهم قولهم قد راجعت قبلتنا
و من طريق سعيد عن قتادة إلا الذين ظلموا هم مشركو قريش فكانت حجتهم أن قالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا فنزلت
و من طريق سنيد بن داود بسنده إلى عطاء وعن مجاهد نحو ذلك
و ذكر يحيى بن سلام عن أنس قال أخبره أنه لا يحول عن الكعبة إلى غيرها أبدا فيحتج عليه محتج بالظلم كما احتج عليه مشركو العرب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/402]
73 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة 103 إن الله مع الصابرين 153
أخرج عبد بن حميد من طريق شيبان بن قتادة قال لما احتج مشركو قريش بانصراف النبي إلى الكعبة فقالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا أنزل الله تعالى في ذلك كله يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين
74 - قوله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات الآية 154
قال الواحدي نزلت في قتلى بدر وكانوا بضعة عشر رجلا ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فنزلت
قلت كذا ذكره الثعلبي بغير إسناد ووجدته في تفسير مقاتل بن سليمان به وزيادة أن سمى الستة من المهاجرين وهم عبيدة بن الحارث وعمير بن أبي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/403]
وقاص وذو الشمالين بن عبد عمرو وعاقل بن البكير ومهجع مولى عمر وصفوان بن بيضاء وسمى الثمانية من الأنصار وهم سعد بن خيثمة ومبشر ابن عبد المنذر وحارثة بن سراقة وعوف ومعوذ ابنا عفراء وهي أمهما واسم أبيهما الحارث بن مالك ويزيد بن الحارث وعمير بن الحمام ورافع بن المعلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/404]
و ذكره الماوردي مختصرا ولفظه وسبب ذلك أنهم كانوا يقولون لقتلى بدر وقتلى أحد مات فلان مات فلان فنزلت
و حكى ابن عطية في سببها أن المؤمنين صعب عليهم فراق إخوانهم وقراباتهم فنزلت مسلية لهم تعظم منزلة الشهداء فصاروا مغبوطين لا محزونا لهم
75 - قوله ز تعالى ولنبلوكم بشيء من الخوف 104 والجوع 155
أشار الماوردي إلى أن سبب نزولها دعاء النبي اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف فقال تعالى مجيبا لدعاء نبيه ولنبلونكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/405]
بشيء من الخوف والجوع الآية
وعبر عنه أبو حيان بقوله وقيل هؤلاء أهل مكة خاطبهم بذلك إعلاما بأنه أجاب دعوة نبيه فيهم
76 - قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية 158
أسند الواحدي من طريق مالك وغيره عن هشام بن عروة عن عائشة سبب ذلك وهو في الصحيحين من طريق هشام ومن طريق الزهري أما الزهري فقال عن عروة سألت عائشة فقلت لها أرأيت قول الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة فقالت بئس ما قلت يا ابن أختي إن هذه لو كانت على ما أولتها عليه لكانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا يهلون قبل أن يسلموا لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل وكان من أهل منها تحرج أن يطوف بالصفا والمروة فلما أسلموا سألوا النبي عن ذلك فقالوا يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/406]
إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية
قالت عائشة وقد سن رسول الله الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما
و في رواية يونس عن الزهري 105 إن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة
قال الزهري ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال إن هذا لعلم ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يذكرون أن الناس إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهل بمناة كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة فلما ذكر الله الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن قالوا يا رسول الله كنا نطوف بالصفا والمروة وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا والمروة فهل علينا من حرج أن لا نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية
قال أبو بكر فأسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون في أن لا يطوفوا بالصفا والمروة في الجاهلية والذين كانوا يطوفون ثم تحرجوا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/407]
أن لا يطوفوا بهما في الإسلام من أجل أن الله أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت
و أما طريق هشام بن عروة عن أبيه فلفظها عن عائشة قالت إنما أنزل هذا في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية لا يحل لهم أن يطوفوا بين بالصفا والمروة فلما قدموا مع النبي في الحج ذكروا ذلك له فأنزل الله هذه الآية قالت ولعمري ما أكمل الله حج من حج ولم يطف بين الصفا والمروة
و في رواية أبي معاوية عن هشام بهذا السند قالت إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما أساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون 106 بين الصفا والمروة وسائر الرواة قالوا كانوا لا يطوفون انتهى ويؤيده أن في رواية عبد الرحيم بن سليمان عن هشام لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/408]
قال الواحدي وقال أنس بن مالك كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما كانا من مشعار قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام فأنزل الله تعالى هذه الآية
ثم ساقه من طريق عاصم الأحول عن أنس بلفظ كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة وكانا من شعائر الجاهلية وكنا نتقي أن نطوف بهما فأنزل الله هذه الآية والحديث في الصحيحين من طرق عن عاصم بنحو هذا وفي رواية الثوري عن عاصم كانتا من مشعار الجاهلية فلما جاء الإسلام كرهنا أن نتطوف بينهما
و الرواية التي فيها ذكر قريش وأخرج له الطبري شاهد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قالت الأنصار إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة الآية
ثم ذكر الواحدي معلقا عن عمرو بن حبشي سألت ابن عمر عن هذه الآية فقال انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه أعلم من بقي بما أنزل الله عز وجل على محمد فأتيته فسألته فقال كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له إساف وكان على المروة صنم على صورة امرأة تدعى نائلة زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما
[العجاب في بيان الأسباب: 1/409]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:39 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

فلما طالت المدة عبدا من دون الله فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما تمسحوا بهما فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين فأنزل الله 107 تعالى هذه الآية قلت وصله الطبري من طريقه وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس
و أخرج الواحدي في الوسيط والطبري من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي قال كان لأهل الجاهلية صنمان يقال لأحدهما بإساف وللآخر نائلة وكان إساف على الصفا ونائلة على المروة فكانوا إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوهما فلما جاء الإسلام قالوا إنما كان أهل الجاهلية يطوفون بهما لمكان هذين الصنمين وليسا من شعائر الحج فنزلت
و أخرج ابن أبي حاتم أيضا من طريق المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز قال كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله
وقال مقاتل بن سليمان قالت الحمس وهم قريش وكنانة وخزاعة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/410]
وعامر بن صعصعة ليست الصفا والمروة من شعائر الله وكان على الصفا صنم يقال له نائلة وعلى المروة صنم يسمى إسافا في الجاهلية فقالوا يعني بعد الإسلام إنه حرج علينا في الطواف بينهما فنزلت
وذكره نحوه الثعلبي عن مقاتل بن حيان كان الناس تركوا الطواف بين الصفا والمروة إلا الحمس فسألت الحمس رسول الله أهو من شعائر الله أم لا فإنه ما كان يطوف بهما غيرنا فنزلت
77 - قوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى الآية 159
قال الواحدي نزلت في علماء الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر محمد
108 - قلت ذكره مقاتل بن سليمان أتم من هذا قال إن معاذ بن جبل وسعد بن معاذ وخارجة بن زيد سألوا اليهود عن أمر محمد وعن الرجم وغيره فكتموهم منهم كعب بن الأشرف وابن صوريا يعني أمر محمد وذكره الماوردي فزاد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/411]
فيهم كعب بن أسيد وزيد بن التابوت وأخرجه عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة دون ذكر الرجم وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال سأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل وخارجة بن زيد أخو بني الحارث بن الخزرج نفرا من أحبار يهود عما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم عنه فأنزل الله عز وجل فيهم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى الآية
ومن طريق الربيع بن أنس قال كتموا محمدا وهم يجدونه مكتوبا عندهم حسدا
ومن طريق أسباط عن السدي زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن عنمة قال له هل تجدون محمدا عندكم قال لا قال والبينات هو محمد عليه الصلاة والسلام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/412]
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية قال هم أهل الكتاب كتموا محمدا ونعته وهم يجدونه مكتوبا عندهم وكتموا ما أنزل الله من أمره وصفته
78 - قوله ز تعالى إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار الآية 161
قال الطبري نزلت في الذين جحدوا نبوة محمد وكذبوا من اليهود والنصارى وغيرهم
وقال مقاتل نزلت فيمن مات من اليهود على الكفر
79 - قوله ز تعالى وإلهكم إله واحد 163 109 قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قالت كفار قريش يا محمد صف أو انسب لنا ربك فأنزل الله تعالى هذه الآية وسورة الإخلاص وكذا نقله الواحدي في الوسيط
ومن طريق جويبر عن الضحاك كان للمشركين ثلاثمئة وستون صنما يعبدونها من دون الله فبين الله تعالى أنه إله واحد فأنزل هذه الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/413]
80 - قوله تعالى إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري الآية 164
أسند الواحدي من طريق ابن أبي نجيح عن عطاء قال لما أنزل الله عز وجل بالمدينة على رسول الله وإلهكم إله واحد قالت كفار قريش بمكة كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله تعالى إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار حتى بلغ لآيات لقوم يعقلون
ومن طريق سعيد بن مسروق عن أبي الضحى لما نزلت هذه الآية وإلهكم إله واحد تعجب المشركون وقالوا إله واحد إن كان صادقا فليأتنا بآية فأنزل الله تعالى هذه الآية إن في خلق السموات والأرض يعني إلى آخرها
و قد أخرج الطبري الأثرين عن هذين التابعين وفي رواية له في الأول عن عطاء إن المشركين قالوا للنبي أرنا آية فنزلت وفي الثاني عن أبي الضحى جعل المشركون يعجبون ويقولون تقول إلهكم إله واحد فآتنا بآية إن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/414]
كنت من الصادقين
و أخرج الفريابي وعبد بن حميد أثر أبي الضحى نحوه
ثم ذكر الطبري سببا آخر من طريق أسباط عن السدي قال: قال المشركون للنبي غير لنا الصفا ذهبا إن كنت صادقا آية منك فأنزل الله إن في خلق السماوات 110 والأرض إلى قوله لآيات لقوم يعقلون
ومن طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال سألت قريش اليهود عما جاء به موسى من الآيات فحدثوهم بالعصا واليد البيضاء وسألوا النصارى فحدثوهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله فقالت قريش للنبي ادع الله أن يجعل الصفا ذهبا فذكر نحو السدي
قال الطبري يجوز أن يكون نزلت في جميع ما ذكر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/415]
81 - قوله ز تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا 165
قال مقاتل نزلت في مشركي العرب
82 - قوله ز تعالى وماهم بخارجين من النار 167
أخرج ابن أبي حاتم من طريق الأوزاعي سمعت ثابت بن معبد يقول ما زال أهل النار يأملون الخروج منها حتى نزلت وما هم بخارجين من النار
83 - قوله تعالى يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا الآية 168
1 - قال الواحدي قال الكلبي نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/416]
و نقل ابن عطية عن النقاش أنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني الحارث بن كعب
2 - قال ابن ظفر وروي عن عطاء إنها نزلت في المؤمنين وقيل في عثمان بن مظعون وأصحابه الذين عزموا على الترهب
قلت وستأتي قصتهم في آية المائدة يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وسياق آيات البقرة يدفع ذلك
84 - قوله ز تعالى وإذا قيل اتبعوا ما أنزل الله الآية 170
أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس قال دعا 111 رسول الله اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم الله ونقمته فقال له رافع بن خارجة ومالك بن عوف بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا خيرا منا وأعلم فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك من قولهما وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/417]
85 - قوله ز تعالى ومثل الذين كفروا الآية 171
قال الطبري نزلت في اليهود بدليل الآية التي قبلها والآيات التي بعدها
86 - قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه الآية 173
قال عبد بن حميد حدثنا يونس نا شيبان عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي الله خرج في جيش فلبثوا ثلاثا لا يجدون طعاما فقالوا يا رسول الله ألا نفتصد قال بلى قال فافتصدوا ثم طبخوا حتى أدركوا الطعام قال وذكر لنا أن النبي بعث جيشا فلبثوا خمس عشرة ليلة ليس لهم طعام إلا خبط الإبل ثم وجدوا حمل البحر ميتا فأكلوا منه شهرا فلما رجعوا إلى رسول الله ذكروا ذلك له فقال هو رزق رزقكموه الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/418]
87 - قوله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب الآية 174
قال الواحدي قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم كانوا يصيبون من سلفتهم الهدايا والفضول وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم فلما بعث من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رئاستهم فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان 112 لا يشبه نعت النبي الذي خرج بمكة فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير وجدوه مخالفا لصفة محمد فلا يتبعونه انتهى
وقال عبد بن حميد حدثنا يونس عن شيبان عن قتادة إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا الآية قال أولئك أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم من الحق والهدى وأمر محمد
و في تفسير سنيد بن داود بسنده عن عطاء هم اليهود فيهم أنزل الله تعالى إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب والتي في آل عمران إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/419]
ومن طريق السدي قال هم اليهود كتموا اسم محمد
ومن طريق الربيع بن أنس نحوه وأتم منه
وفي تفسير أبي حيان وروي عن ابن عباس قال إن الملوك سألوا علماءهم قبل المبعث ما الذي تجدون في التوراة فقالوا نجد أن الله يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له محمد يحرم الربا والخمر والملاهي وسفك الدم بغير حق فلما بعث قالت الملوك لليهود هو هذا وتحرجوا في أموالهم فقالوا ليس هو بذاك الذي كنا ننتظره فأعطوهم الأموال فنزلت
قلت وهذا ذكره الثعلبي من رواية جويبر عن الضحاك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/420]
88 - قوله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب الآية 177
قال الواحدي قال قتادة ذكر لنا أن رجلا سأل رسول الله عن البر فانزل الله هذه الآية قال وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم مات على ذلك وجبت له الجنة فانزل الله هذه الآية
قلت أخرجه عبد بن حميد 113 من طريق شيبان ووصله الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة بهذا وقال بعد قوله الآية قال فذكر لنا أن النبي دعا الرجل فتلاها عليه وقد كان الرجل فذكره إلى قوله ثم مات على ذلك يرجى له الخير فأنزل الله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب
ووقع في الكشاف وقيل كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في أمر القبلة فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/421]
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثل الجملة الأخيرة قال كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت هذه الآية
2 - قول ز آخر ذكر يحيى بن سلام في تفسيره حدثني الفرات بن سلمان عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن أبي ذر أنه سأل رسول الله ما الإيمان فتلا عليه هذه الآية ليس البر أن تولوا وجوهكم إلى قوله المتقون قال ثم سأله فتلاها ثلاث مرات ثم سأله فقال إذا عملت حسنة فأحبها قلبك وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك وهذا منقطع بين مجاهد وأبي ذر
وقد أخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عبد الكريم
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي حمزة عن الشعبي حدثتني فاطمة بنت قيس أنها سألت النبي في المال حق سوى الزكاة قالت فتلا علي ليس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/422]
البر أن تولوا وجوهكم 114 قبل المشرق والمغرب الآية
89 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الآية 178
قال الواحدي قال الشعبي كان بين حيين من أحياء العرب قتال وكان لأحد الحيين طول على الآخر فقالوا نقتل بالعبد منا الحر منكم وبالمرأة الرجل فنزلت هذه الآية
قلت وصله الطبري من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي قال نزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتالا عمية فقالوا
نقتل بفلان العبد فلان بن فلان وبفلانة فلان بن فلان فأنزل الله تبارك وتعالى الحر بالحر الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/423]
وذكر ابن عطية عن الشعبي إن أهل العزة من العرب والمنعة كانوا إذا قتل منهم عبد قتلوا به حرا وإذا قتلت امرأة قتلوا بها ذكرا فنزلت الآية في ذلك تسوية بين العباد وإذهابا لأمر الجاهلية
و قال عبد الرزاق أنا معمر وأخرجه عبد بن حميد من رواية شيبان النحوي كلاهما عن قتادة قال لم يكن دية إنما كان القصاص أو العفو فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد قالوا لا نقتل بدله إلا حرا وإذا قتلت منهم امرأة قالوا لا نقتل إلا رجلا فنزلت
وأخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي في قوله تعالى كتب عليكم القصاص في القتلى الآية اقتتل أهل مائين من العرب أحدهما مسلم والآخر معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر فأصلح بينهم النبي وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء على أن ودي الحر دية الحر والعبد دية العبد والأنثى دية الأنثى 115 فقاصهم بعضهم من بعض
ومن طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان عن السدي عن أبي مالك الغفاري قال كان بين حيين من الأنصار قتال كان لأحدهما على الآخر الطول
[العجاب في بيان الأسباب: 1/424]
فكأنهم طلبوا الفضل فجاء النبي ليصلح بينهم فنزلت هذه الآية فجعل النبي الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال حدثنا عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول أيما حر قتل عبدا فهو به قود فأن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه وقاصوهم ثمن العبد من دية الحر وأدوا إلى أولياء الحر بقية ديته فإن قتل العبد حرا فهو به قود فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدد والمال فحلفوا أن لا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم وبالمرأة منا الرجل منهم فنزلت فيهم الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة فأنزل الله تعالى النفس بالنفس والعين بالعين فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وفيما دون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/425]
النفس
وأخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس من قوله كانوا لا يقتلون 116 الرجل بالمرأة إلى آخره وقضية ذلك أن تكون هذه الآية التي في البقرة منسوخة بالآية التي في المائدة وسيأتي لذلك مزيد بيان هناك إن شاء الله تعالى
وذكر يحيى بن سلام عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال كان أهل الجاهلية قوما فيهم عز ومنعة فكان إذا قتل أحد منهم امرأة فذكر نحو ما تقدم
90 - قوله ز تعالى ذلك تخفيف من ربكم ورحمة 178
أخرج البخاري والنسائي من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عباس قال كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية فقال الله تعالى لهذه الأمة كتب عليكم القصاص في القتلى الآية إلى قوله فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/426]
وفي رواية للطبري من طريق محمد بن مسلم عن عمرو كان من قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل ولا تقبل منهم الدية فأنزل الله هذه الآية ذلك تخفيف من ربكم ورحمة يقول خفف عنكم ما كان على من قبلكم فالذي يقبل الدية ذلك عفو منه
ورواه ورقاء بن عمر عن عمرو عن مجاهد ليس فيه ابن عباس عند النسائي ومن طريق حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فيما كان على بني إسرائيل
وأخرجه يحيى بن سلام عن حماد كذلك وعن معلى بن هلال عن عمرو بن دينار عن مجاهد 117 به
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس كان على بني إسرائيل القصاص في القتلى ليس بينهم دية في نفس ولا جرح فخفف الله عن أمة محمد فقبل منهم الدية في النفس وفي الجراحة وذلك قوله تعالى ذلك تخفيف من ربكم ورحمة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/427]
ومن طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ذلك تخفيف من ربكم ورحمة رحم الله هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم فكان أهل التوراة إنما هو قصاص أو عفو ليس بينهما أرش وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به فجعل الله لهذه الأمة القود والعفو والدية إن شاءوا فأحلها لهم ولم تكن لأمة قبلهم
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله إلا أنه قال شيء بدل أرش
91 - قوله ز تعالى ولكم في القصاص حياة 179
قال ابن عطية كانوا في الجاهلية إذا قتل الرجل الآخر حمي القبيلان وتقاتلوا وكان في ذلك موت العدد الكثير فلما شرع الله القصاص قنع الكل به فذلك قوله تعالى ولكم في القصاص حياة
92 - قوله ز تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم 183
1 - قال مقاتل بن سليمان كبر لبيد الأنصاري من بني عبد الأشهل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/428]
فعجز عن الصوم فقال للنبي ما على من عجز عن الصوم فأنزل الله عز وجل كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم إلى قوله أياما معدودات الآية
2 - قول آخر قال المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال قدم رسول الله المدينة فصام عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ثم أنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون إلى قوله فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه ثم أن الله عز وجل أنزل 118 الآية الأخرى شهر رمضان إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي يطيق الصيام
أخرجه أحمد وأبو داود والطبري والمسعودي صدوق لكنه اختلط وقد خالفه شعبه فرواه عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال حدثنا أصحابنا أن رسول الله لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة ثم نزل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/429]
شهر رمضان وهذا أصح من رواية المسعودي
قال الطبري لم يأت في خبر تقوم بمثله الحجة أن صوما فرض على أهل الإسلام قبل شهر رمضان ثم نسخ بصوم شهر رمضان كذا قال ويشكل عليه حديث قيس بن سعد بن عبادة أمرنا رسول الله بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان الحديث وفي لفظ كنا نصوم عاشوراء الحديث أخرجه النسائي وسنده قوي وليس بسط ذلك من غرض هذا الكتاب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/430]
قوله ز تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية الآية 184
أخرج البخاري ومسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال لما نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها
وأخرج الطبري من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود لما نزلت وعلى الذين يطيقونه كان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا فكانوا كذلك حتى نسختها فمن شهد منكم الشهر فليصمه
وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن عبد الرحمن 119 ابن أبي ليلى عن عطاء قال: قال ابن عباس فذكره نحوه وقال في روايته ثم نزلت هذه الآية فنسختها إلا في الشيخ الفاني فإنه إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/431]
94 - قوله ز تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه 185
قال عبد بن حميد حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا وهيب بن خالد عن ابن شبرمة هو عبد الله عن الشعبي قال لما نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين أفطر الأغنياء وأطعموا وحل الصوم على الفقراء فأنزل الله عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذا مرسل صحيح السند
وأخرج أيضا من طريق محمد بن سيرين عن عبيدة بن عمرو في قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية قال نسختها الآية التي تليها وهذا أيضا مرسل وسنده معدود في أصح الأسانيد
95 - قوله ز تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر 185
أخرج الطبري من طريق خيثمة عن أنس أنه سأله عن الصوم في السفر فقال قد أمرت غلامي أن يصوم فأبى قلت فأين قول الله تعالى ومن كان مريضا أو على سفر فقال نزلت ونحن يومئذ نرتحل جياعا وننزل على غير شبع ونحن اليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع
[العجاب في بيان الأسباب: 1/432]
96 - قوله ز تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب الآية 186
1 - قال عبد الرزاق في تفسيره أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف عن الحسن قال سأل أصحاب رسول الله فقالوا للنبي أين ربنا فأنزل الله عز وجل وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني
2 - قول آخر أخرج الفريابي من طريق ابن جريج عن عطاء 120 أنه بلغه لما نزلت وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قال الناس لو نعلم أي ساعة ندعو فنزلت وإذا سألك عبادي عني فإني قريب الآية
3 - قول ثالث أخرج الطبري وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق الصلب بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري
[العجاب في بيان الأسباب: 1/433]
- وهو أخو بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن أعرابيا قال يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله عز وجل وإذا سألك عبادي عني فإني قريب إلى قوله فليستجيبوا لي وفي سنده ضعيف والصلب بضم المهملة وسكون اللام وبعدها موحدة وذكر ابن ظفر عن الضحاك قال سأل بعض الصحابة النبي فذكر نحوه
4 - قول رابع أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قاتل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/434]
ذكر لنا أنه لما أنزل الله تعالى ادعوني أستجب لكم قال رجل كيف ندعو يا نبي الله فأنزل الله عز وجل وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
5 - قول خامس قال مقاتل بن سليمان في تفسيره اعترف رجال من المسلمين أنهم كانوا يأتون نسائهم بعد أن يناموا في الصيام فقالوا ما توبتنا فنزلت وإذا سألك عبادي عني فإني قريب هكذا في تفسيره مختصرا وذكره ابن ظفر عنه مطولا ذكر فيه القصة الآتية عن عمر بن الخطاب وعن صرمة بن أنس أبي قيس قلت وهذا يستلزم أن هذه الآية مؤخرة في النزول وإن كانت متقدمة في التلاوة
6 - قول سادس ذكره الماوردي ونسبه لابن الكلبي ونسبه غيره لابن عباس فكأنه عن الكلبي عن أبي صالح إن يهود المدينة 121 قالوا للنبي كيف يسمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمس مائة عام وإن غلظ كل سماء خمس مائة عام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/435]
97 - قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية 187
قال الواحدي قال ابن عباس في رواية الوالبي
و ذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك لرسول الله فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت الوالبي هو علي بن أبي طلحة وقد وصل حديثه الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما وعندهم فأنزل الله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم وأخرجه الطبري
قال ابن عطية حكى النحاس ومكي أن عمر نام ثم وقع بامرأته وهذا عندي بعيد على عمر قلت ذكره ابن كثير من طريق موسى بن عقبة عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/436]
كريب عن ابن عباس وهذا سند صحيح ولفظه إن الناس كانوا قبل أن ينزل في الصوم ما نزل يأكلون ويشربون ويحل لهم شان النساء فإذا نام أحدهم لم يطعم ولم يشرب ولا يأتي أهله حتى يفطر من القابلة فبلغنا أن عمر بن الخطاب بعد ما نام ووجب عليه الصوم وقع على أهله ثم جاء إلى النبي فقال أشكو إلى الله وإليك الذي صنعت قال وماذا صنعت قال إني سولت لي نفسي فوقعت على أهلي بعدما نمت وأنا أريد الصوم فزعموا أن النبي قال ما كنت خليقا على أن تفعل فنزل الكتاب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
و لهذه القصة طرق عن ابن عباس في بعضها أن امرأة عمر هي التي نامت
فمنها ما أخرجه أبو داود من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال كان الناس على عهد رسول الله إذا صلوا العشاء حرم عليهم الطعام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/437]
و الشراب والنساء وصاموا إلى القابلة فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله أن يجعل ذلك يسرا لمن بقي ورخصة فقال علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فكان هذا مما نفع الله به الناس ورخص لهم بسببه
وأخرجه سنيد بن داود من وجه آخر عن عكرمة مرسلا وفيه تسمية الرجل أبو قيس ابن صرمة
ومنها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن شروس عن عكرمة عن رجل قد سماه من الأنصار جاء ليلة وهو صائم فقالت له امرأته لا تنم حتى أصنع لك طعاما فجاءت وهو نائم فقالت نمت والله قال لا والله ما نمت قالت بلى والله فلم يأكل تلك الليلة وأصبح صائما فغشي عليه فنزلت الرخصة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/438]
ومنها عن العوفي عنه ولفظه في قوله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم يعني بذلك الذي فعل عمر بن الخطاب فأنزل الله عفوه فقال فتاب عليكم وعفا عنكم أخرجه ابن أبي حاتم وأخرجه الطبري مطولا وأوله كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم الحديث وفيه وإن عمر بينما هو نائم إذ سولت له نفسه فأتى أهله فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه ثم أتى رسول الله 123 فقال إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي فإنها زينت لي فهل تجد لي من رخصة فقال لم تكن بذلك حقيقا يا عمر فلما بلغ بيته أرسل إليه فأتاه فعذره في آية من القرآن وأمره الله أن يضعها في المئة الوسطى من البقرة
وأخرج الطبري أيضا من طريق حماد بن سلمة عن ثابت أن عمر واقع أهله ليلة في رمضان فاشتد ذلك عليه فأنزل الله أحل لكم الآية
ولها طرق أخرى عن غير ابن عباس
منها ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث معاذ بن جبل عن المسعودي يسنده الماضي قريبا قال فيه وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/439]
ناموا امتنعوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما فرآه رسول الله وقد جهد جهدا شديدا فقال ما لي أراك جهدت جهدا شديدا قال يا رسول الله إني عملت أمس فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائما قال وكان عمر أصاب من النساء بعدما نام فأتى النبي فذكر ذلك فأنزل الله عز وجل أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل
وأخرجه الطبري أيضا من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى مرسلا ومن طريق حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا وقال فيه فجاء شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك
وأخرجه أحمد والطبري وابن أبي حاتم من طريق قيس بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/440]
سعد عن عطاء 124 ابن أبي رباح عن أبي هريرة في قول الله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل قال كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا وأن عمر بن الخطاب أصاب أهله بعد صلاة العشاء وأن صرمة بن قيس الأنصاري غلبته عينه بعد صلاة المغرب فنام فلم يشبع من الطعام ولم يستيقظ حتى صلى الرسول العشاء فقام فأكل وشرب فلما أصبح أتى رسول الله فأخبره بذلك فأنزل عند ذلك أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل فكان ذلك عفوا من الله ورحمة كذا جاء في هذه الرواية أن صرمة بن قيس أكل وشرب بعد ما نام والذي تقدم أصح أنه امتنع فجهد فنزلت
وأخرج الطبري من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي ذات ليلة وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت إني قد نمت قال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي فأخبره فأنزل الله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم الآية وأخرجه ابن أبي حاتم وفي سنده عندهما ابن لهيعة وحديثه يكتب في المتابعات
[العجاب في بيان الأسباب: 1/441]
ثم أسند الواحدي من طريق يحيى بن زكريا 125 ابن أبي زائدة حدثني أبي وغيره عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا لم يفعلوا شيئا من ذلك إلى مثلها وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فأتى أهله عند الإفطار فانطلقت امرأته تطلب شيئا وغلبته عينه فنام فلما انتصف النهار من غد غشي عليه قال وأتى عمر امرأته وقد نامت فذكر ذلك للنبي فنزلت أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله من الفجر ففرح المسلمون
ثم أسند أيضا من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء كان أصحاب محمد إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فذكر نحوه ولم يذكر قصة عمر وفي آخره فأنزلت هذه الآية أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ففرحوا بها فرحا شديدا
قال رواه البخاري عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل وهو كما قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/442]
وأخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن عبيد الله بن موسى فقال عن إسرائيل وزهير كلاهما عن أبي إسحاق وأخرجه أيضا أبو داود من وجه آخر عن إسرائيل وقال في روايته إن صرمة بن قيس وأخرجه النسائي من رواية زهير وقال في روايته ونزلت في أبي قيس بن عمرو
وأخرج الطبري أيضا من طريق السدي قال كتب على النصارى صيام رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا النساء في رمضان بعد النوم وكتب على المسلمين كما كتب على النصارى فلم يزل 126 المسلمون حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجرة فأتى أهله بتمر فقال لامرأته استبدلي لي بهذا طحينا فاجعليه سخينة لعلي آكله فإن التمر قد أحرق جوفي
فانقلبت فاستبدلت له ثم صنعته فأبطأت عليه فنام فجاءت فأيقظته فكره أن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/443]
يعصي الله فأبى أن يأكل فأصبح صائما فرآه النبي بالعشي فقال ما لك يا أبا قيس فقص عليه القصة وكان عمر وقع على جارية له في ناس من المسلمين لم يملكوا أنفسهم فلما سمع كلام أبي قيس رهب أن ينزل فيه شيء فبادر واعتذر وتكلم أولئك الناس فنسخ الله تعالى ذلك عنهم ونزلت أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله من الفجر
ثم أسند الواحدي من طريق إسحاق بن أبي فروة عن الزهري أنه حدثه عن القاسم بن محمد قال إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت إني قد نمت فوقع بها وأمسى صرمة بن قيس صائما فنام قبل أن يفطر فأصبح فكاد الصوم يقتله فأنزل الله تعالى الرخصة قال فتاب عليكم وعفا عنكم وهذا الحديث مع إرساله ضعيف السند من أجل إسحاق بن أبي فروة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/444]
و لولا أني التزمت أن استوعب ما أورده الواحدي لاستغنيت عن هذا
وأخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كان الرجل من الصحابة يصوم فإذا أمسى أكل وشرب وجامع فإذا رقد حرم ذلك كله عليه 127 حتى القابلة وكان فيهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك فعفا الله عنهم وأحل ذلك قبل الرقاد وبعده وفي رواية ذكر عمر
ومن طريق محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري إن صرمة بن أنس أتى أهله وهو شيخ كبير فلم يهيئوا له طعاما فوضع رأسه فأغفى وجاءته امرأته فقالت كل قال إني قد نمت قالت إنك لم تنم فأصبح جائعا مجهودا فنزلت
تنبيه جمع ابن عطية الخلاف في تسمية الأنصاري بحسب ما وقع عنده في تفسير ابن جرير فقال وروي أن صرمة بن قيس ويقال ابن مالك ويقال أبو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/445]
قلت وتقدم في بعض طرقه أبو قيس بن صرمة وفي بعضها أبو قيس بن عمرو وذكرت في كتابي في الصحابة إن بعضهم قال أنس بن صرمة وأن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/446]
بعضهم صحفه فقال ضمرة بضاد معجمة ووقع في تفسير مقاتل أنه صرمة ابن أنس بن صرمة بن مالك من بني عدي بن النجار أبو قيس
98 - قوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر 187
أسند الواحدي من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد قال نزلت هذه الآية " كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما فأنزل الله تعالى بعد ذلك من الفجر فعلموا أنه إنما يعني بذلك الليل والنهار قال رواه البخاري ومسلم وهو كما قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/447]
قال ابن عطية 128 وجعل عدي بن حاتم خيطين على وسادة فقال له النبي إن وسادك لعريض قال ابن عطية روي أنه كان بين طرفي المدة عام
قلت كلامه يوهم أن قصة عدي كانت قبل نزول قوله تعالى من الفجر وليس كذلك بل صنيع الأنصار وصنيع عدي وإن اتحد في الخيطين لكن مأخذ الغرضين مختلف ونزول من الفجر كان بسبب الأنصار لأنهم حملوا الخيطين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/448]
على حقيقتهما وفعل عدي استمر بعد نزول قوله تعالى من الفجر حملا للخيطين على الحقيقة أيضا وأن المراد أن يوضح الفجر الأبيض منهما من الأسود فقيل له إن المراد بالخيط نفس الفجر ونفس الليل
99 - قوله ز تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد 187
قال مقاتل بن سليمان نزلت في علي وعمار بن ياسر وأبي عبيدة بن الجراح كان أحدهم يعتكف فإذا أراد الغائط من السحر رجع إلى أهله فيباشر ويجامع ويغتسل ويرجع فنزلت
و عبر عنه ابن ظفر مقتصرا عليه بقوله قيل كان علي وأبو عبيدة إذا خرجا في حال اعتكافهما لحاجة الإنسان قد يكون منها الوطء فنزلت
وأخرج الطبري من طريق سفيان وهو الثوري عن علقمة بن مرثد عن الضحاك بن مزاحم قال كانوا يجامعون وهم معتكفون حتى نزلت ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/449]
وفي رواية له من هذا الوجه كان الرجل إذا اعتكف فخرج من المسجد جامع إن شاء فنزلت يقول لا تقربوهن ما دمتم عاكفين في مسجد ولا غيره
ومن طريق سعيد عن قتادة كان الرجل إذا خرج من المسجد وهو معتكف فلقي 129 امرأته باشرها فنهاهم الله عن ذلك وأخبرهم أن ذلك لا يصلح حتى يقضي اعتكافه
ومن طريق معمر عن قتادة نحوه
ومن طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس كانوا إذا اعتكفوا فخرج الرجل إلى الغائط جامع امرأته ثم اغتسل ثم رجع إلى اعتكافه فنهوا عن ذلك
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس كان أناس يصيبون نساءهم وهم عكوف فنهاهم الله عن ذلك
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كان ابن عباس يقول من خرج من بيته إلى بيت الله فلا يقرب النساء ومن طريق ابن جريج قال: قال مجاهد نهوا عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/450]
جماع النساء في المساجد حيث كانت الأنصار تجامع
100 - قوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الآية 188
قال الواحدي قال مقاتل بن حيان نزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي وفي عيدان بن أشوع الحضرمي وذلك أنهما احتكما إلى النبي في أرض فكان امرؤ القيس المطلوب وعيدان الطالب فأنزل الله تعالى هذه الآية فحكم عيدان في أرضه ولم يخاصمه
قلت كذا رأيت فيه ابن حيان وقد وجدته في تفسير مقاتل بن سليمان وقال في آخره ولم يكن لعيدان بينه وأراد امرؤ القيس أن يحلف فقرأ النبي إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا فلما سمعها امرؤ القيس كره أن يحلف فلم يخاصمه في أرضه وحكمه فيها فنزلت
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير بنحوه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/451]
و عيدان بفتح المهملة بعدها تحتانية مثناة ذكره أصحاب 130 المشتبه
101 - قوله ز تعالى وتدلوا بها إلى الحكام 188
قال الماوردي معنى تدلوا تصيروا بها إلى الحكام مأخوذ من إدلاء الدلو ويحتمل أن يكون المعنى تقيموا بها الحجة عندهم تقول أدلى بحجته إذا قام بها قال القرطبي المعنى لا تدلوا إلى الحكام بالحجج الباطلة وقيل المعنى لا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/452]
تصانعوا بأموالكم الحكام فترشوهم ليقضوا لكم
قال ابن عطية ويترجح هذا القول بأن الحكام مظنة الرشوة إلا من عصم وهو الأقل قال واللفظتان متناسبان لأن تدلوا من إرسال الدلو والرشوة من الرشا كأنها يمد بها لتقضي الحاجة
وقال الرازي قيل المراد ما لا بينة عليه كالودائع وقيل شهادة الزور وقيل في دفع الأوصياء بعض مال الأيتام إلى الحاكم وقيل أن يحلف ليذهب حق غريمه وقيل نزلت في الرشوة وهو الظاهر وإن كان الكل منهيا عنه
قلت بل السبب لا يعدل عن كونه مرادا وإن كان اللفظ يتناول غيره
102 - قوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج 189
قال الواحدي قال معاذ بن جبل يا رسول الله إن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة فأنزل الله تعالى هذه الآية
وقال قتادة وذكر لنا أنهم سألوا نبي الله لم خلقت هذه الأهلة فأنزل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/453]
الله تعالى قل هي مواقيت للناس والحج
وقال الكلبي نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة بفتح المهملة والنون وهما رجلان من الأنصار قالا يا رسول الله ما بال الهلال يبدو فيطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود 131 كما كان على حال واحد فنزلت هذه الآية
قلت أما الأول فلم أر له سندا إلى معاذ ويحتمل أن يكون اختصره أولا ثم أورده مبسوطا
وأما أثر قتادة فأخرجه يحيى بن سلام عن شعبة عنه بهذا اللفظ وأخرجه الطبري من طريق سعيد بلفظ سألوا النبي لم جعلت هذه الأهلة فأنزل الله
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس ذكر لنا أنهم سألوا النبي لم خلقت الأهلة فنزلت
ومن طريق ابن جريج قال: قال ناس فذكر مثله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/454]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية قال بلغنا أنهم قالوا فذكر مثله
وأما أثر الكلبي فلعله في تفسيره الذي يرويه عن أبي صالح عن ابن عباس وقد وجدت مثله في تفسير مقاتل بن سليمان بلفظه فلعله تلقاه عنه وقد توارد من لا يد لهم في صناعة الحديث على الجزم بأن هذا كان سبب النزول مع وهاء السند فيه ولا شعور عندهم بذلك بل كاد يكون مقطوعا به لكثرة من ينقله من المفسرين وغيرهم
قال الفخر الرازي ليس في الآية عن أي شيء سألوا لكن الجواب بقوله هي مواقيت للناس يدل على أنهم سألوا عن الحكمة في تغيرها والله أعلم
103 - قوله تعالى وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى الآية 189
1 - أسند الواحدي من طريق شعبة عن أبي إسحاق سمعت البراء يقول كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم ولكن من ظهورها فجاء رجل فدخل من قبل بابه فكأنه عير بذلك فنزلت هذه الآية متفق عليه 132
[العجاب في بيان الأسباب: 1/455]
ومن طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر كانت قريش تدعى الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام فبينما رسول الله في بستان إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر وإنه خرج معك من الباب فقال ما حملك على ما صنعت فقال رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت فقال إني أحمس قال إن ديني دينك فأنزل الله تعالى وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها
قلت حديث جابر أخرجه ابن خزيمة والحاكم وهو على شرط مسلم ولكن اختلف في إرساله ووصله وحديث البراء له شاهد قوي وله عدة متابعات
[العجاب في بيان الأسباب: 1/456]
مرسلة
ثم قال الواحدي قال المفسرون كان الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطا ولا دارا ولا بيتا من بابه فإن كان من أهل المدر نقب نقبا في ظهر بيته منه يدخل ويخرج أو يتخذ سلما فيصعد فيه وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ولا يدخل من الباب ولا يخرج منه حتى يحل من إحرامه ويرون ذلك برا إلا أن يكون من الحمس وهم قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وجشم وبنو عامر بن صعصعة وبنو النضر بن معاوية سموا حمسا لشدتهم في دينهم قالوا فدخل رسول الله ذات يوم بيتا لبعض الأنصار فدخل رجل من الأنصار على أثره من 133 الباب وهو محرم فقال له رسول الله لم دخلت من الباب وأنت محرم فقال رأيتك دخلت فدخلت على أثرك فقال رسول الله إني أحمس فقال الرجل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/457]
إن كنت أحمس فإني أحمس ديننا واحد رضيت بهديك وسمتك ودينك فأنزل الله عز وجل هذه الآية
قلت وهذا جمعه من آثار مفرقة ولم أجده عن واحد معين
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن الزهري قال كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء يتحرجون من ذلك وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فتبدوا له الحاجة بعدما يخرج من بيته فيرجع فلا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء فيفتح الجدار من قدامه ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته حتى بلغنا أن رسول الله أهل زمن الحديبية بالعمرة فدخل حجرة فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة فقال له النبي إني أحمس قال الزهري وكان الحمس لا يبالون ذلك فقال الأنصاري فأنا أحمس يقول أنا على دينك فأنزل الله تعالى هذه الآية هذا مرسل رجاله ثقات أخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق
وأخرج من طريق أسباط عن السدي في هذه الآية قال إن ناسا من العرب كانوا إذا حجوا لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها كانوا ينقبون في أدبارها فلما حج رسول الله حجة الوداع أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك وهو مسلم 134 فلما بلغ رسول الله باب البيت احتبس الرجل خلفه وأبى أن يدخل وقال يا رسول الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/458]
إني أحمس يقول إني محرم وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون الحمس فقال رسول الله وأنا أيضا أحمس فادخل فدخل الرجل فأنزل الله تعالى وآتوا البيوت من أبوابها
قلت شذ السدي بهذه الرواية فخالف في زمان نزول الآية وخالف في من كان يفعل ذلك فزعم أنهم الحمس والمحفوظ أنهم غير الحمس وخالف في أن الصحابي امتنع حتى أذن له النبي والمحفوظ أنه صنع فأنكر عليه فإن أمكن الجمع بالحمل على التعدد مع بعده وإلا فالصحيح الأول
وقد أخرجه الطبري وغيره من طرق أخرى
منها من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن انس في هذه الآية قال كان أهل المدينة وغيرهم إذا أحرموا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها وذلك أن يتسوروها وكان أحدهم إذا أحرم لم يدخل البيت إلا أن يتسور من ظهره وإن النبي دخل ذات يوم بيتا لبعض الأنصار ودخل رجل على أثره ممن قد أحرم فأنكروا عليه ذلك وقالوا هذا رجل فقال له النبي لم دخلت من الباب وقد أحرمت قال رأيتك يا رسول الله دخلت على أثرك فقال إني أحمس وقريش يومئذ تدعى الحمس فقال الأنصاري إن ديني دينك فأنزل الله هذه الآية
ومن طريق العوفي عن ابن عباس إن رجالا من أهل المدينة كانوا إذا خاف
[العجاب في بيان الأسباب: 1/459]
أحدهم من عدوه شيئا 135 أحرم فأمن وإذا أحرم لم يلج من بابه واتخذ ثقبا من ظهر بيته فلما دخل النبي المدينة كان بها رجل محرم فدخل رسول الله بستانا فدخل معه ذلك المحرم فذكر نحو ما تقدم
وأخرج الطبري وعبد بن حميد من طريق داود بن أبي هند عن قيس بن حبتر بمهملة ثم موحدة ثم مثناة كوزن جعفر النهشلي قال كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتا من قبل بابه ولكن من قبل ظهره وكانت الحمس تفعله فدخل رسول الله حائطا من حيطان المدينة ثم خرج من بابه فاتبعه رجل يقال له رفاعة بن تابوت ولم يكن من الحمس فقالوا يا رسول الله نافق رفاعة فقال ما حملك على ما صنعت يا رفاعة قال رأيتك خرجت فخرجت فقال إني من الحمس ولست أنت من الحمس فقال يا رسول الله ديننا واحد فأنزلت وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إلى قوله لعلكم تفلحون
قلت الرواية المتقدمة في تسميته قطبة بن عامر أصح وكذا سماه مقاتل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/460]
بن سليمان في تفسيره وفي هذا المرسل من النكارة قوله إن ذلك في حائط من حيطان المدينة وما كان النبي قط وهو بالمدينة محرما
وأخرج عبد بن حميد من طريق مغيرة عن إبراهيم هو النخعي قال كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا بيتا من بابه فنزلت
ومن طريق شيبان عن قتادة نحوه
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد كان أهل الجاهلية جعلوا في بيوتهم كوى في ظهورها وأبوابا في جنوبها فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/461]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج قلت لعطاء فقال كان 136 أهل الجاهلية يأتون البيوت من أبوابها ويرونه برا فنزلت
2 - قول ز آخر قال عبد بن حميد حدثنا هاشم بن القاسم ثنا سليمان بن المغيرة سألت الحسن يعني البصري عن هذه الآية وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها قال كان الرجل من أهل الجاهلية يهم بالشيء يصنعه فيحبس عن ذلك فكان لا يأتي بيتا من قبل بابه حتى يأتي الذي كان هم به وأراده
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور عن الحسن أوضح منه قال كان قوم من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا أو خرج من بيته يريد سفرا ثم بدا له أن يقيم ويدع سفره الذي خرج له لم يدخل البيت من بابه ولكن يتسوره فقال الله تعالى وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها وذكره الزجاج بلفظ أن قوما من قريش وجماعة من العرب كانوا إذا خرج الرجل منهم في حاجة فلم يتيسر له رجع فلم يدخل من باب بيته سنة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/462]
وذكر الماوردي بنحوه وزاد في آخره تطيرا من الخيبة فقيل لهم ليس في التطير بر ولكن البر أن يتقوا الله
3 - قول ز آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عبيدة أحد الضعفاء عن محمد بن كعب القرظي قال كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت فأنزل الله عز وجل هذه الآية
4 - قول ز آخر أخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي شيبة عن عطاء قال كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا البيوت من ظهورها ويرون أن ذلك أحرى للبر فنزلت
5 - قول ز آخر 137 قال الماوردي ما حاصله إنه قيل أنها نزلت في من كان يأتي النساء من غير قبلهن وكنى عن النساء بالبيوت للإيواء إليهن وعن الوطء في غير القبل بالإتيان من جهة الظهر ونسبه لابن زيد وحكاه مكي والمهدوي عن ابن الأنباري أيضا ورده ابن عطية مستبعدا له
[العجاب في بيان الأسباب: 1/463]
6 - قول ز آخر ذكره الماوردي عن ابن بحر قال نزلت في النسيء كانوا يؤخرون الحج فيجعلون الشهر الحرام حلالا والحلال حراما فعبر البيوت وإتيانها من ظهورها عن المخالفة في أشهر الحج والمخالفة إتيان الأمر من خلفه والخلف والظهر في اللغة واحد
وجوز الزمخشري وتبعه المرسي أن إتيان البيوت من أبوابها كناية عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/464]
التمسك بالطريق المستقيم وإتيانها من ظهورها كناية عن التمسك بالطريق الباطل
وحكاه الفخر الرازي وقال هذا تأويل المتكلمين وهو أولى لا تساق النظم كذا قال
104 - قوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم الآية 190
1 - قال الواحدي قال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله لما صد عن البيت هو وأصحابه نحر الهدي بالحديبية ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه ثم يأتي القابل ويخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء وصالحهم رسول الله على ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/465]
فلما كان العام المقبل تجهز رسول الله وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم فكرهوا القتال في الحرم في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى وقاتلوا في سبيل الله 138 يعني قريشا
قلت الكلبي ضعيف لو انفرد فكيف لو خالف وقد خالفه الربيع بن أنس وهو أولى بالقبول منه فقال إن هذه الآية أول آية في الإذن للمسلمين في قتال المشركين وسياق الآيات يشهد لصحة قوله فإن قوله تعالى عقيبها ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه منسوخ بقوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم عند الأكثر فوضح أنها سابقة لكن سيأتي في سورة الحج عن أبي بكر الصديق أول آية نزلت في الأذن في القتال أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
قلت ويمكن الجمع
ولفظ الربيع قال هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة فكان رسول الله يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنه حتى نزلت براءة أخرجه الطبري من طريقه ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال نسخ قوله تعالى قاتلوا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/466]
المشركين كافة هذه الآية وغيرها
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن الربيع عن أبي العالية قال هذه أول آية نزلت في القتال
2 - قول ز آخر أخرج الطبري من طريق يحيى بن يحيى الغساني قال كتبت إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن قوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا قال فكتب إلى أن ذلك في النساء والذرية ومن لم ينصب لك الحرب منهم
ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى ولا تعتدوا قال لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم فكف يده
[العجاب في بيان الأسباب: 1/467]
ورجح الطبري هذا القول وجوز غيره 139 أمورا أخرى قيل نزلت في النهي عن من بذل الجزية وفي من قتل قبل الدعوة وقيل في المثلة وقيل في القتال في الحرم وقيل في الشهر الحرام وفي القتال لغير وجه الله
105 - قوله تعالى الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص 194
1 - قال الواحدي قال قتادة أقبل نبي الله وأصحابه في ذي القعدة حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فلما كان العام المقبل دخلوا مكة فاعتمروا في ذي القعدة وأقاموا بها ثلاث ليال فكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية فأقصه الله منهم وأنزل الشهر الحرام بالشهر الحرام الآية
قلت وصله الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وقال فيه واعتمروا في ذي القعدة وفيه فصالحهم نبي الله على أن يرجع من عامه ذلك ويعتمر في العام المقبل فنحروا الهدي بالحديبية وحلقوا وقصروا حتى إذا كان العام المقبل اعتمروا في ذي القعدة حتى دخلوا مكة وفي آخره فأدخله الله مكة في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/468]
ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه فقال الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص
قال ابن ظفر حرمات الدين لا يدخلها قصاص وإنما المراد حرمات الناس أضاعوا حرمة قاصدي بيت الله بمنعهم منه فأقص الله منهم بأن أمكنهم من دخوله وأخرج الذين كانوا يمنعونهم منه ثلاثة أيام
ومن طريق معمر وعن قتادة وعن عثمان عن مقسم قالا كان هذا في سفر الحديبية فذكر نحوه وقال فجعل الله لهم شهرا حراما يعتمرون فيه مكان شهرهم الذي صدوا 140 فيه فلذلك قال والحرمات قصاص
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس نحوه بطوله
ومن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه باختصار
وأخرج الطبري أيضا من طريق نافع بن مالك عن عكرمة عن ابن عباس في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/469]
هذه الآية هم المشركون حبسوا محمدا في ذي القعدة فرجعه الله في ذي القعدة فأدخله البيت الحرام فاقتص له منهم
ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد فخرجت قريش بردها رسول الله يوم الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام فأدخله الله في العام المقبل في ذي القعدة فقضى عمرته وأقصه بما حيل بينه وبين البيت
ومن طريق أسباط عن السدي لما اعتمر النبي عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ست من مهاجره صده المشركون ثم صالحوه على أن يخلوا له مكة من عام قابل ثلاثة أيام فأتاهم بعد فتح خيبر في السنة السابعة
ومن طريق جويبر عن الضحاك قال حصروا النبي في ذي القعدة عن البيت الحرام فأدخله الله البيت الحرام في العام المقبل واقتص له منهم
وأخرج أحمد بسند صحيح عن جابر لم يكن رسول الله يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى
2 - قول ز آخر حكى الماوردي عن الحسن البصري إن سبب نزولها أن مشركي العرب قالوا أنهيت يا محمد عن قتالنا في الشهر الحرام قال نعم فأرادوا أن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/470]
يقاتلوه في الشهر الحرام فنزلت الشهر الحرام بالشهر الحرام إن قاتلوكم في الشهر الحرام 141 فقاتلوهم فيه وسيأتي مزيد بيان لهذا في قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه
106 - قوله ز تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه الآية 194
1 - أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال كان المشركون يأخذون المسلمين بألسنتهم بالشتم والأذى وهم بمكة فأمر الله المسلمين بالمجازاة أو الصبر أو العفو فلما هاجروا أعز الله دينه أمر المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم ولا يعتدوا كأهل الجاهلية
2 - ثم نقل عن مجاهد أنها في القتال ويرجح ذلك من جهة سياق ما قبلها وما بعدها والله أعلم
107 - قوله تعالى وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة 195
1 - أسند الواحدي من طريق هشيم عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/471]
نزلت في الأنصار أمسكوا عن النفقة في سبيل الله فنزلت هذه الآية
ومن طريق هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة قال أنزلت في النفقة في سبيل الله
ومن طريق حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن الضحاك ابن أبي جبيرة قال كان الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله هذه الآية
2 - قول آخر أسند الواحدي من طريق حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير في قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال كان الرجل يذنب الذنب فيقول لا يغفر لي فأنزل الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
3 - قول آخر أسند الواحدي من طريق المقري عن حيوة بن شريح عن يزيد 142 بن أبي حبيب اخبرني أسلم أبو عمران كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى اهل الشام فضالة بن عبيد فخرج من المدينة صف عظيم من الروم وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا مقبلا فتصايح الناس فقالوا سبحان الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/472]
ألقى بيده إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله فقال يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير التأويل وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار إنا لما أعز الله نبيه وكثر ناصريه قلنا بعضنا لبعض سرا من رسول الله إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا في أموالنا أصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله تعالى كتابه يرد علينا ما هممنا به فقال وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب غازيا في سبيل الله حتى قبضه الله عز وجل
قلت أما الأول فأخرجه أيضا ابن أبي حاتم والبغوي في معجم الصحابة وأبو علي بن السكن وقال تفرد به هدبة عن حماد والصواب أنه مرسل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/473]
وكذلك أخرجه الطبري من طريق معتمر بن سليمان عن داود بن أبي هند عن عامر وهو الشعبي ولفظه إن الأنصار كانوا احتبس عليهم بعض الرزق وكانوا قد أنفقوا نفقات فساء ظنهم وأمسكوا فأنزل الله عز وجل وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال فكانت التهلكة سوء ظنهم وإمساكهم 143 وجاء عن حماد بهذا السند حديث آخر في الألقاب وهو مقلوب والصواب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/474]
رواية شعبة ووهيب وغيرهما عن داود عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك قال أبو نعيم وأخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من هذا الوجه وقد وافق الشعبي على التأويل المذكور قتادة أخرجه الطبري من طريق معمر عنه قال في هذه الآية يقول لا تمسكوا بأيديكم عن النفقة في سبيل الله
ومن طريق خصيف عن عكرمة لما أمر الله بالنفقة فكان بعضهم يقول ننفق فيذهب ما لنا ولا يبقى شيء فقال أنفقوا ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة يقول أنفقوا وأنا أرزقكم
ومن طريق يونس بن عبيد عن الحسن أنزلت في النفقة وفي لفظ
[العجاب في بيان الأسباب: 1/475]
له في التهلكة أمرهم الله بالنفقة في سبيل الله وأخبرهم أن ترك النفقة في سبيل الله هو التهلكة
وأخرج عبد بن حميد من طريق السكن بن المغيرة عن الحسن نحوه ولفظه إلى التهلكة قال هو البخل
ومن طريق عوف عن الحسن مثله
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج انه سأل عطاء عن هذه الآية فقال يقول أنفقوا في سبيل الله ما قل وكثر وقال لي عبد الله بن كثير نزلت في النفقة في سبيل الله
ومن طريق العوفي عن ابن عباس يقول أنفقوا ما كان من قليل أو كثير ولا تستسلموا فلا تنفقوا شيئا فتهلكوا
وأخرج الفريابي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:41 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

وأخرجه ابن المنذر ولفظه ليس ذلك في القتال إنما هو في النفقة أن تمسك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/476]
يدك عن النفقة في سبيل الله وسنده صحيح إليه
وأخرج البخاري والطبري وغيرهما من حديث حذيفة في قوله وأنفقوا في سبيل الله 144 ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أنزلت في النفقة وفي لفظ أي لا تمسكوا عن النفقة
2 - وأما القول الثاني فحديث النعمان بن بشير أخرجه أيضا ابن المنذر من طريق حماد عن سماك ولفظه إذا أذنب أحدكم الذنب فلا يقولن قد أسأت فيلقي بيده إلى التهلكة ولكن ليستغفر الله ويتوب إليه
وجاء مثله عن البراء بن عازب أخرجه الطبري وعبد بن حميد وغيرهما من عدة طرق عن أبي إسحاق عنه أتمها رواية حفيده إسرائيل عنه سمعت البراء وسأله رجل فقال يا أبا عمارة أرأيت قول الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو الرجل يتقدم فيقاتل حتى يقتل قال لا ولكنه الرجل يعمل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/477]
بالمعاصي ثم يلقي بيده ولا يتوب
وفي رواية الثوري عن أبي إسحاق فيقول لا يغفر الله لي
وفي رواية الحسين بن واقد عنه فيلقي بيده فيقول لا تقبل لي توبة
وأخرج الطبري أيضا مثله عن عبيدة بن عمرو السلماني وهو من كبار التابعين من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال سألت عبيدة عن هذه الآية فقال كان الرجل يذنب الذنب حسبته قال العظيم فيلقي بيده فيهلك فنهوا عن ذلك فقيل أنفقوا الآية
ومن طريق هشيم أنا هشام نحوه وقال بعد قوله بيده إلى التهلكة ويقول لا توبة لي
ومن طريق أيوب عن ابن سيرين نحوه دون قوله ويقول لا توبة لي وفي لفظ عن أيوب هو الرجل يصيب الذنب العظيم فيلقي بيده ويرى أنه قد هلك
ومن طريق ابن عون عن ابن سيرين قال التهلكة القنوط
[العجاب في بيان الأسباب: 1/478]
وأخرج عبد بن حميد من طريق عوف عن ابن سيرين قال لا تيأس فتقنط فلا تعمل
وأما 145 القول الثالث فأخرجه الترمذي من طريق أبي عاصم عن حيوة كذلك وأخرجه أبو داود والطبري من طريق ابن وهب عن حيوة وابن لهيعة كلاهما عن يزيد ولكن قال في روايته عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بدل فضالة بن عبيد وقال في روايته إنما تأولون هذه الآية هكذا أن حمل رجل يقاتل في سبيل يلتمس الشهادة أو يبلى في نفسه إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار وقال في آخره والإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد وقال في آخره حتى دفن بالقسطنطينية
وأخرجه الطبري من طريق المقري كما تقدم قال الترمذي حسن صحيح
[العجاب في بيان الأسباب: 1/479]
قلت وصححه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم
وجاء مثل الذي ذكره أبو أيوب عن عمر فأخرج الفريابي في تفسيره من طريق طارق بن عبد الرحمن عن المغيرة بن شبيل قال بعث عمر جيشا فحاصروا قيصر فتقدم رجل من بجيلة فقاتل حتى قتل وهو جد المغيرة بن شبيل فأكثر الناس فيه فقالوا ألقى بيده إلى التهلكة فبلغ ذلك عمر فقال كذبوا يc ثم قرأ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/480]
وله شاهد عند عبد بن حميد من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس ابن أبي حازم عن مدرك بن عوف أنه كان ذات يوم عند عمر قال فذكروا النعمان بن مقرن ورجلا شرى بنفسه فقال مدرك ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين زعم رجال أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر كذبوا
وأخرجه ابن المنذر من هذا الوجه ولفظه قلت إن خالي غزا بنفسه 146 حتى قتل فزعموا أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال كذب أولئك ولكن من الذين اشتروا الآخرة بالحياة الدنيا وسنده صحيح
وأخرج ابن المنذر من طريق القاسم بن مخيمر قال لو حمل رجل على عشرة آلاف لم يكن بذلك بأس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/481]
وذكر الطبري وغيره في سبب النزول أشياء آخر
أحدها ما أخرجه من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال سأل رجل البراء أحمل على المشركين وحدي فيقتلونني أكنت ألقيت بيدي إلى التهلكة قال لا إنما التهلكة في النفقة بعث الله رسوله فقال فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك
ومن طريق حكام بن سلمة الرازي عن الجراح عن أبي إسحاق قال قلت للبراء يا أبا عمارة الرجل يلقى ألفا من العدد فيحمل عليهم وإنما هو وحده أيكون ممن قال الله تعالى فيهم ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فقال ليقاتل حتى يقتل قال الله تعالى لنبيه فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك
ثانيها من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال في قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال إذا لم يمكن عندك فلا تخرج بنفسك بغير نفقة ولا قوة فتلقي بيديك إلى التهلكة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/482]
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم أن رجالا كانوا يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله بغير نفقة فإما يقطع بهم وإما كانوا عيالا فأمرهم الله أن ينفقوا مما رزقهم الله ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة والتهلكة أن يهلكوا من الجوع أو المشي
ثالثها من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لا يمنعكم النفقة في حق خوف العيلة
رابعها معناها أن ترك الصدقة يفضي إلى الهلاك قال مقاتل في تفسيره قال رجل 147 من الفقراء يا رسول الله ما نجد ما نأكل فبأي شيء نتصدق فقال بما كان ولو بشق تمرة تكفون وجوهكم عن النار وهي التهلكة
خامسها لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لا تنفقوا من حرام فتأثموا بذلك وتهلكوا حكاه القرطبي ونحوه عن الطبري عن عكرمة قال لا تيمموا الخبيث
[العجاب في بيان الأسباب: 1/483]
منه تنفقون
سادسها قال الطبري هي عامة في جميع ما ذكر لاحتمال اللفظ له
تنبيه كان ممن تأول الآية على من يحمل وحده على العدد الكثير من العدو عمرو بن العاص أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أنه أخبره أنهم حاصروا دمشق فانطلق رجل من أزد شنوءة فأسرع في العدو وحده يستقتل فعاب ذلك عليه المسلمون ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص فأرسل فرده وقال له قال الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأجاز الجمهور ذلك بشروط منها أن يغلب على ظنه أنه ينجو أو ينكي العدو بذلك أو يرهبه أو يكون سببا لتجزئ المسلمين على عدوهم فيصنعون كما صنع أو يكون سببا للفتح على المسلمين كما وقع في اليمامة والقادسية أو يخلص نيته لطلب الشهادة كما وقع ذلك في عدة مواطن كما أخرج مسلم بعضها فعنده من حديث
[العجاب في بيان الأسباب: 1/484]
أنس في قصة الإثني عشر الذين قاتلوا بعث رسول الله واحدا بعد واحد حتى قتلوا أجمعين ومن حديث أبي موسى أنه حدث عن النبي قال الجنة تحت ظلال السيوف فقال له رجل 148 أنت سمعت رسول الله يقول هذا قال نعم فكسر جفن سيفه ومشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/485]
108 - قوله ز تعالى وأتموا الحج والعمرة لله 196
1 - أخرج ابن أبي حاتم من طريق إبراهيم بن طهمان عن عطاء عن صفوان بن أمية أنه قال جاء رجل إلى النبي مضمخ بالزعفران عليه جبة فقال كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي فأنزل الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فقال رسول الله أين السائل عن العمرة قال ها أنا ذا فقال له ألق عنك ثيابك ثم اغتسل واستنشق ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك
وهذا الحديث رواته ثقات لكن وقع في سياق السند وهم فإنه في الصحيح من طريق عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه فسقط من هذه الرواية كلمتان قوله ابن يعلى وقوله عن أبيه فصار ظاهره أنه من مسند صفوان بن أمية وهو ابن خلف الجمحي وإنما هو من رواية صفوان بن يعلى بن أمية التميمي
وقد أخرجه البخاري والنسائي من طرق عن عطاء وليس عند أحد منهم ذكر نزول هذه الآية في هذه القصة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/486]
2 - قول ز آخر نقل القرطبي عن مقاتل قال
إتمامهما أن لا تستحلوا فيهما ما لا ينبغي لكم وذلك أنهم كانوا يشركون في إحرامهم فيقولون لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك فقال فأتموها لله ولا تخلطوهما بشيء آخر وقال غيره كانت العرب تقصد مع الحج الاجتماع والتظاهر والتنافر والتفاخر وحضور الأسواق 149 وقضاء الحوائج فأمر الله تعالى بالقصد إليه خالصا وفي تفسير الإتمام أقوال أخرى ليست من غرض هذا الكتاب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/487]
109 - قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه الآية 196
أسند الواحدي من طريق ابن الأصبهاني عن عبد الله بن معقل عن كعب بن عجرة قال في نزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه وقع القمل في رأسي فذكرت ذلك للنبي فقال احلق وافد بصيام ثلاثة أيام أو النسك أو أطعم ستة مساكين وفي لفظ قعدت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد مسجد الكوفة فسألته عن هذه الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك قال حملت إلى رسول الله والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا أما تجد 150 شاة فقلت لا فنزلت الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك قال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع من طعام فنزلت في خاصة ولكم عامة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/488]
وفي لفظ له من هذا الوجه خرجنا مع رسول الله محرمين فوقع القمل في رأسي ولحيتي وشاربي حتى وقع في حاجبي وفيه فقال ادع الحالق فجاء الحالق فحلق رأسي فقال هل تجد نسيكة قلت لا وهي شاة قال فصم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصع ستة مساكين فأنزلت في خاصة وهي للناس عامة
ومن طريق مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال كعب بن عجرة في نزلت هذه الآية أتيت رسول الله فقال ادنه فدنوت منه مرتين أو ثلاثا قال أتؤذيك هوامك قال نعم فأمرني بصيام أو بصدقة أو نسك ما تيسر
ومن وجه آخر عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن كعب قال مر به رسول الله وهو يوقد تحت قدر له وهو بالحديبية فقال أتؤذيك هوام رأسك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/489]
قال نعم قال احلق فأنزلت هذه الآية قال فالصيام ثلاثة أيام والصدقة فرق بين ستة مساكين والنسك شاة قلت حديث كعب بن عجرة في الصحيحين ومن ألفاظه مما لم يذكر في هذه الطريق ما ذكره مسلم في رواية لعبد الله بن معقل لكل مسكين نصف صاع نصف صاع كررها مرتين
وفي رواية لعبد الكريم الجزري عن مجاهد أي ذلك فعلت أجزاك ولأبي داود في رواية إن شئت وإن شئت
وفي رواية لمجاهد عند الطبري ونحن محرومون وقد حصرنا المشركون
وفي رواية لعبد الله 151 بن معقل أتجد شاة قال لا قال فصم أو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/490]
أطعم
وفي رواية لعطاء الخراساني عند مالك صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين قال وكان علم انه ليس عندي ما أنسك به أي ما أذبحه
تكميل نقل ابن عبد البر عن أحمد بن صالح المصري المعروف بابن الطبري الحافظ أنه قال حديث كعب بن عجرة سنة معمول بها لم يروها من الصحابة غيره ولا رواها عنه إلا عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن معقل وهي سنة أخذها أهل المدينة عن أهل الكوفة فإن الزهري قال سألت علماءنا كلهم حتى سعيد بن المسيب فلم يبينوا كم عدد المساكين انتهى
وفيما قال نظر فقد جاءت هذه السنة من رواية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/491]
1 - عبد الله بن عمرو بن العاص
2 - وأبي هريرة
3 - وعبد الله بن عمر
4 - وفضالة الأنصاري عن صحابي لم يسم
فحديث ابن عمرو عند الطبري والطبراني وحديث أبي هريرة عند سعيد بن منصور وحديث ابن عمر عند الطبري وكذا حديث فضالة
ورواه عن كعب بن عجرة غير ابن أبي ليلى وابن معقل جماعة منه أبو وائل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/492]
عند النسائي ومحمد بن كعب القرظي عند ابن ماجة ويحيى بن جعدة عند أحمد ووعطاء عند الطبري وأرسله أبو قلابة والشعبي عن كعب وهو عند أحمد أيضا ومجاهد عند الطبري ولفظ الشعبي عن كعب أن النبي مر به وهو محرم وله وفرة وبأصل كل شعرة وبأعلاها قملة أو صؤاب فقال إن هذا الأذى الحديث
[العجاب في بيان الأسباب: 1/493]
وأخرجه عبد بن حميد والطبري أيضا ولفظ عطاء لما كان النبي بالحديبية عام حبسوا بها 152 وقمل رأس رجل من أصحابه يقال له كعب بن عجرة فقال له النبي أتؤذيك هوامك قال نعم قال فاحلق واجزز وفيه أطعم ستة مساكين مدا مدا
110 - قوله ز تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج الآية 196
قال عبد بن حميد ثنا أبو نعيم ثنا محمد بن شريك عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان أهل الجاهلية إذا حجوا قالوا إذا عفا الأثر وتولى الدبر ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر فأنزل الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج تغييرا لما كان أهل الجاهلية يصنعون وترخيصا للناس
وأصله في الصحيح من حديث ابن عباس دون ذكر نزول الآية ولفظه من طريق طاووس عنه قال كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفر ويقولون إذا برأ الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/494]
العمرة لمن اعتمر فقدم النبي وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة
111 - قوله ز تعالى ولا جدال في الحج 197
أسند الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون كلهم يدعي أن موقفه إبراهيم فقطعه الله حين أهل نبيه بالمناسك
ومن طريق أبي صخر عن محمد بن كعب قال كانت قريش إذا اجتمعت بمنى قال هؤلاء حجنا أتم من حجكم فنزلت
ومن طريق القاسم بن محمد الجدال في الحج أن يقول قوم الحج اليوم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/495]
ويقوم قوم الحج غدا
و يجمع هذه الأقوال أن المراد بالجدال التنازع وذهب الجمهور إلى أنها عامة في جميع ما يصدق عليه اسم المخاصمة
ونقل ابن ظفر إن المراد بالجدال مراجعتهم للنبي لما أمرهم أن يجعلوا حجهم عمرة وهذا ذكره قبله مقاتل بن سليمان
112 - قوله تعالى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى 197
1 - أسند الواحدي من طريق البخاري ثم من طريق ورقاء عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون يقولون نحن المتوكلون فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله عز وجل وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
قلت ووصله عبد بن حميد عن شبابة وكذا أخرجه أبو داود والطبري من طريق شبابة
وقال البخاري بعده رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة مرسلا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/496]
وكذا أخرجه عبد الرزاق وغير واحد عن ابن عيينة ليس فيه ابن عباس
ورواه بعض أصحاب 153 ابن عيينة عنه موصولا وهو عند النسائي
وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس كان ناس يخرجون من أهليهم ليست معهم أزودة يقولون نحج بيت الله ولا يطعمنا فقال الله تزودوا ما يكف وجوههم عن الناس
وأخرجه عبد الرزاق أيضا عن معمر عن قتادة كان أناس من أهل اليمن يخرجون بغير زاد إلى مكة فأمرهم الله أن يتزودوا وأعلمهم أن خير الزاد التقوى
وعن عمر بن ذر سمعت مجاهدا يقول نحوه وقال رخص لهم في الزاد فأنزل وتزودوا
وأخرج الطبري من طريق عمر بن ذر عن مجاهد كان الحاج لا يتزود فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/497]
وفي لفظ كانوا يحجون ولا يتزودون فنزلت
وأخرج الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية قال كان أهل الآفاق يخرجون إلى الحج يتوصلون بالناس بغير زاد فأمروا أن يتزودوا
وأخرجه الطبري من هذا الوجه وزاد ويقولون نحن متوكلون
ومن طريق الحسن البصري إن ناسا من أهل اليمن كانوا يحجون ويسافرون ولا يتزودون فأمرهم الله بالزاد ثم أنبأهم أن خير الزاد التقوى
ومن طريق مغيرة عن إبراهيم كان ناس من الأعراب يحجون بغير زاد ويقولون نتوكل على الله فنزلت
وقال مقاتل إن ناسا من أهل اليمن وغيرهم وكانوا يحجون بغير زاد وكانوا يصيبون من أهل الطريق ظلما فنزلت
2 - قول ز آخر أخرج الطبري من طريق محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة رموا بها واستأنفوا زادا آخر فأنزل الله تعالى وتزودوا فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتزودوا 154 الكعك والدقيق والسويق وهذا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/498]
سند صحيح
113 - قوله ز تعالى فإن خير الزاد التقوى 197
قال مقاتل لما نزلت وتزودوا قالوا يا رسول الله ما نجد شيئا فقال تزودوا تكفون به وجوهكم عن الناس وخير ما تزودتم التقوى
و ذكر ابن ظفر حديث ابن عباس المذكور أولا وزاد قال غيره وربما ظلموهم وغصبوهم رواه عكرمة وجاء ما يشبهه عن مجاهد والضحاك قال وقد شذ بعض العلماء فقال معناه تزودوا التقوى قال والمشهور من قول المفسرين أنه التزود بالمطعومات
114 - قوله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم 198
1 - أسند الواحدي من طريق أبي أمامة التيمي سألت ابن عمر فقلت إنا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/499]
قوم نكرى في هذا الوجه وإن قوما يزعمون أنه لا حج لنا قال ألستم تلبون ألستم تطوفون ألستم تسعون بين الصفا والمروة ألستم ألستم قلت بلى قال إن رجلا سأل النبي عما سألت عنه فلم يدر ما يرد عليه حتى نزل ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
قلت
أخرجه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والدار قطني من طريق العلاء ابن المسيب وغيره عن أبي أمامة رجل من بني تيم الله مرفوعا
و أخرجه الطبري من طريق الثوري عن العلاء بن المسيب عن رجل من بني تيم الله قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/500]
أنا قوم نكرى فيزعمون أنه ليس لنا حج فذكر نحو الأول وفيه ألستم تحرمون كما يحرمون وتطوفون كما يطوفون وترمون كما يرمون قال بلى قال فأنت حاج 155 جاء رجل إلى النبي فذكره
وأخرجه عبد بن حميد من طريق شعبة عن أبي أميمة قال سمعت ابن عمر سئل عن الرجل يحج فيتجر فقال لا بأس بذلك وتلا ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم موقوف
قلت وهذا يوافق القول الذي يذكر بعده
وقال عبد بن حميد حدثنا أبو نعيم ثنا عمر بن ذر عن مجاهد كان ناس يحجون ولا يتجرون فنزلت ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فرخص لهم في المتجر والركوب والزاد
2 - قول آخر أسند الواحدي من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/501]
الحج
قال ورواه مجاهد عن ابن عباس قال كانوا يتقون البيع والتجارة في الحج يقولون أيام ذكر الله تعالى فأنزل الله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فتجروا
قلت أخرج طريق عمرو البخاري من رواية ابن جريج به ومن رواية سفيان ابن عيينة عن عمرو وزاد فيه ومجنة وهي بفتح الميم وكسر الجيم وتشديد النون وقال في روايته فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت والباقي مثله
و أخرج طريق مجاهد أبو داود من رواية يزيد بن أبي زياد عنه ولفظه كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات وقرأ هذه الآية ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
وأخرجه الفريابي من هذا الوجه وأخرجه 156 الطبري أيضا
حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أحلت لهم التجارة في الموسم وكانوا لا يبتاعون في الجاهلية بعرفة ولا منى لم ذكر فيه ابن عباس وكذا أخرجه ابن جرير من طريق عمر بن ذر عن مجاهد وزاد في رواية وكانوا لا يبيعون ولا يبتاعون في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/502]
الجاهلية بعرفة
وأخرج عبد بن حميد من طريق هشام بن حسان عن الحسن البصري قال لما فرض الله الحج كان الرجل يكره أن يدخل في حجه تجارة وكانت قريش تجارا فشق ذلك عليهم فذكروا ذلك للنبي فأنزلت هذه الآية ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فمن شاء حمل ومن شاء ترك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد من طريق محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير قال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/503]
كان التجار يسمون الداج وكانوا ينزلون مسجد منى وينزلون مسجد الخيف وكانوا لا يتجرون حتى نزلت الآية
و أخرج عبد بن حميد من طريق عكرمة
كان الناس لا يتجرون في أيام الحج فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وذكره عن ابن عباس
3 - قول آخر قال عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة كانوا إذا أفاضوا من عرفات لم يشتغلوا بتجارة ولم يعرجوا على كسير ولا ضالة فأحل لهم ذلك بقوله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
وأخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال كان هذا الحي من العرب لا يعرجون على كسير ولا على ضالة ليلة النفر وكانوا يسمونها ليلة الصدر ولا يطلبون فيها تجارة ولا بيعا فأحل الله ذلك كله للمؤمنين أن يعرجوا 157 على حوائجهم ويبتغوا من فضل ربهم ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثله سواء وزاد بعد قوله ضالة ولا ينتظرون لحاجة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/504]
115 - قوله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس الآية 199
1 - أسند الواحدي من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة كانت العرب تفيض من عرفات وقريش ومن دان بدينها تفيض من جمع من المشعر الحرام فأنزل الله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
ومن طريق سفيان بن عيينة أخبرني عمرو بن دينار أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال أضللت بعيرا لي يوم عرفة فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت رسول الله واقفا مع الناس بعرفة فقلت هذا من الحمس ما له ها هنا قال سفيان والأحمس الشديد الشحيح على دينه وكانت قريش تسمى الحمس فجاءهم الشيطان واستهواهم فقال إنكم أن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم فكانوا لا يخرجون من الحرم ويقفون بالمزدلفة فلما جاء الإسلام أنزل الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس يعني عرفة
قلت أما حديث عائشة فأخرجه البخاري ولفظه من طريق محمد بن خازم بمعجمتين وهو أبو معاوية الضرير عن هشام ولفظه يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكانت سائر العرب تقف بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى ثم أفيضوا من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/505]
حيث أفاض الناس ولفظ مسلم من طريق أبي أسامة 158 كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس والحمس قريش وما ولدت كانوا يطوفون عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا فيعطي الرجال الرجال والنساء النساء وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة وكان الناس كلهم يبلغون عرفات قالت عائشة الحمس هم الذين أنزل الله فيهم ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
وأخرجه عبد بن حميد من طريق معمر عن هشام فزاد وعن معمر عن الزهري كان الناس يقفون بعرفة بعرفة إلا قريشا وأحلافها وهم الحمس فقال بعضهم لبعض لا تعظموا إلا الحرم فإنكم إن عظمتم غير الحرم أوشك أن يتهاون الناس بحرمكم فقصروا عن موقف الحق فوقفوا بجمع فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس
و أخرج ابن جرير من طريق أبان العطار عن هشام بن عروة عن عروة أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان والحمس ملة قريش وهم مشركون ومن ولدت قريش في خزاعة وبني كنانة كانوا لا يدفعون من عرفة إنما كانوا يدفعون من المزدلفة وهو المشعر الحرام وكانت بنو عامر حمسا وذلك أن قريشا ولدتهم ولهم قيل ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/506]
واما حديث جبير بن مطعم فأخرجه الشيخان أيضا
ولفظ بن أبي عمر في مسنده عن سفيان هذا من الحمس فماله خرج من الحرم قال سفيان وكانت قريش تسمى الحمس وكانت لا تجاوز الحرم ويقولون نحن أهل الله فلا نخرج من حرمه وكان سائر الناس يقفون بعرفة وذلك قول الله عز وجل ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس قال سفيان والآحمس الشديد في دينه
وأخرج عبد بن حميد من طريق عطاء 159 عن جبير بن مطعم قال كنت مع قريش في منزلهم دون عرفة فأضللت حماري فذهبت أطلبه في الناس الذين بعرفة فوجدت رسول بعرفة قال عطاء وكانت قريش ينزلون دون عرفة وكان سائر أهل الجاهلية ينزلون بعرفة فذلك قول الله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات ومن طريق شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة كانت قريش وكل من حولهم من أجير وحليف لا يفيضون مع الناس من عرفات إنما يفيضون من المغمس كانوا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/507]
يقولون إنما نحن أهل الله فلا نخرج من حرمه فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس وكانت سنة إبراهيم وإسماعيل الإفاضة من عرفات
وأخرجه ابن جرير من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وقال في روايته كل حليف لهم وبني أخت لهم
وأخرجه من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس نحوه سواء
وأخرج الطبري من طريق حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس كانت العرب تقف بعرفة وكانت قريش تقف دون ذلك بالمزدلفة فأنزل الله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس فدفع النبي الموقف إلى موقف العرب بعرفة
ومن طريق ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح كانت قريش لا أدري قبل الفيل أو بعده ابتدعت أمر الحمس رأيا رأوه بينهم فقالوا نحن بنو إبراهيم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/508]
وأهل الحرم والبيت وقاطنو مكة فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلنا ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت 160 العرب حرمكم وقالوا قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها وهم يعرفون أنها من المشاعر في دين إبراهيم ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها وقالوا نحن أهل الحرم فلا ينبغي لنا أن نخرج من الحرم ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكني الحل مثل الذي لهم بولادتهم إياهم فيحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم فكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن حتى قالوا لا ينبغي للحمس أن يأتقطوا الأقط ولا يسلوا السمن وهم حرم ولا يدخلوا بيتا من شعر ولا يستظلوا أن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حراما
2 - قول ز آخر قال الطبري قال آخرون المخاطب بذلك المسلمون كلهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/509]
والمراد بقوله أفاض أي من جمع والناس إبراهيم عليه السلام
ثم أسنده عن الضحاك بن مزاحم كذلك ورجح الطبري الأول
قلت أخرج البخاري من طريق موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال
يطوف الرجل بالبيت الحديث وفيه ثم ليدفعوا من عرفات إذا أفاضوا منها حتى يبلغوا جمعا الذي يبيتون به ثم ليذكروا الله فيكبروا قبل أن يصبحوا ثم يفيضوا فإن الناس كانوا يفيضون وقال الله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس من مزدلفة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/510]
116 - قوله تعالى فإذا 161 قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم الآية 200
1 - قال الواحدي قال مجاهد كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا في الموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية وأيامهم وأنسابهم وتفاخروا فأنزل الله تعالى فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا
قال وقال الحسن يعني البصري
كانت العرب إذا حدثوا أو تكلموا يقولون وأبيك أنهم ليفعلون كذا فأنزل الله تعالى هذه الآية
أما قول مجاهد فأخرجه الفريابي وعبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه ولفظه فإذا قضيتم مناسككم هو إراقة الدماء فاذكروا الله كذكركم آباءكم تفاخر العرب بينها بفعال آبائها حين يفرغون يوم النحر فأمروا أن يذكروا الله مكان ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/511]
وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن مجاهد قال كان أهل الجاهلية من المشركين إذا اجتمعوا في الموسم ذكروا فعال آبائهم وأنسابهم في الجاهلية فتفاخروا بذلك
ومن طريق معمر عن قتادة كانوا إذا قضوا مناسكهم اجتمعوا فذكروا آباءهم وأيامهم فأمروا أن يجعلوا مكان ذلك ذكرا الله كثيرا
وأخرجه عبد بن حميد من رواية شيبان عن قتادة كان هذا الحي من العرب إنما يهتمون في ذكر آبائهم هو حديث محدثهم إذا حدث وبه يقوم خطيبهم إذا خطب فأنزل الله تعالى كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا
وأخرج الطبري والفاكهي من طريق القاسم بن عثمان عن انس في هذه الآية قال كانوا يذكرون آباءهم في الحج يقول بعضهم كان أبي يطعم الطعام ويقول بعضهم كان أبي يضرب بالسيف ويقول بعضهم كان أبي يجز نواصي بني
[العجاب في بيان الأسباب: 1/512]
فلان
162 - زاد الفاكهي ويقوم من كل قبيلة شاعرهم وخطيبهم فيقول فينا فلان وفينا فلان ولنا يوم كذا ودفعنا بني فلان يوم كذا ثم يقوم الشاعر فينشد ما قيل فيهم من الشعر ثم يقول من يفاخرنا فليأت بمثل فخرنا فمن كان يريد المفاخرة من القبائل قام فذكر مثالب تلك القبيلة وما فيها من المساوئ فكان ذلك من شأنهم حتى جاء الله بالإسلام وأنزل على نبيه في كتابه فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله بذكركم آباءكم يعني دعوا هذه المفاخرة واذكروا الله
وأخرج الطبري والفاكهي أيضا من طريق سفيان عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل كان أهل الجاهلية يذكرون فعال آبائهم في الناس فمن الناس من يقول آتنا غنما هب لنا إبلا فنزلت فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق
وقال الطبري أيضا حدثنا أبو كريب ثنا أبو بكر بن عياش قال كان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/513]
أهل الجاهلية إذا فرغوا من الحج قاموا عند البيت فيذكرون آباءهم وأيامهم كان أبي يطعم الطعام وكان أبي يفعل فذلك قوله فاذكروا الله كذكركم آباءكم قال أبو كريب فذكرته ليحيى بن آدم فقلت عمن هو فقال حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل
ورد قيس بن الربيع عن عاصم بلفظ كان أهل الجاهلية إذا نظر أحدهم إلى البيت يقول كان أبي كان جدي يقاتل يطعم يفعل يفعل يعد من ذلك ما شاء الله ثم يقول اللهم آتني إبلا اللهم آتني غنما فقال الله تعالى فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا
وأخرج الطبراني في كتاب الدعاء من طريق أبي سعد البقال عن أبي عون الثقفي قال شهدت خطبة 163 عبد الله بن الزبير فذكر قصة طويلة وفيها وكانوا إذا فرغوا من حجهم تفاخروا بالآباء فأنزل الله عز وجل فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا
وأبو سعد اسمه سعيد بن المرزبان وهو ضعيف
[العجاب في بيان الأسباب: 1/514]
ونقل ابن ظفر عن مقاتل وغيره كانوا إذا فرغوا من المناسك وقفوا بين مسجد منى والجبل فافتخروا بمكارم آبائهم وعن ابن عباس قال هم والله المشركون يسألون الله المال ويقولون اللهم اسقنا المطر وأعطنا لي عدونا الظفر ولا يسألون حظا في الآخرة فإذا فرغوا من حجهم تفاخروا بالآباء فأنزل الله عز وجل هذه الآية
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق شعبة عن عثمان بن أبي رواد عن عطاء أنه قال في هذه الآية كذكركم قال هو قول الصبي يا بابا
ومن طريق ابن جريج قال عطاء ذكركم آباءكم أبه أمه
ومن طريق أخرى عن عطاء كالصبي يلهج بأبيه وأمه
ومن طريق جويبر عن الضحاك فاذكروا الله كذكركم آباءكم يعني بالذكر ذكر الأبناء الآباء ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس نحوه
ومن طريق العوفي عن ابن عباس كذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/515]
3 - قول آخر ذكر ابن ظفر عن أبي الحوراء قلت لابن عباس في هذه الآية
إن الرجل ليمر عليه اليوم وما يذكر أباه فقال ليس بذلك يقول أن تغضب لله عز وجل إذا عصي غضبك إذا ذكر والدك بسوء
117 - قوله تعالى فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق 200
164 - أخرج الطبراني في الدعاء من طريق أبي سعد البقال أحد الضعفاء عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي قال شهدت خطبة عبد الله بن الزبير فذكر قصة طويلة وفيها إذا وكانوا إذا وقفوا عند المشعر الحرام دعوا فقال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/516]
أحدهم اللهم ارزقني مالا وقال الآخر اللهم ارزقني إبلا وقال الآخر ارزقني غنما فأنزل الله تعالى فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا إلى قوله والله سريع الحساب
وأخرج الطبري من طريق القاسم بن عثمان عن أنس في قوله تعالى فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق قال كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدكون ويقولون اللهم اسقنا المطر وأعطنا على عدونا الظفر وردنا صالحين إلى صالحين
ومن طريق مجاهد كانوا يقولون ربنا آتنا نصرا ورزقا ولا يسألون لآخرتهم شيئا ومن طريق السدي نحوه وقال مقاتل كانوا إذا قضوا مناسكهم قالوا اللهم أكثر أموالنا وأبناءنا ومواشينا وأطل بقاءنا وأنزل علينا الغيث وأنبت لنا المرعى واصحبنا في أسفارنا وأعطنا الظفر على عدونا ولا يسألون ربهم في أمر آخرتهم شيئا فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/517]
وأخرج الطبري من طريق خصيف عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا كانوا يذكرون فعل آبائهم في الجاهلية إذا وقفوا بعرفة فنزلت هذه الآية
ومن طريق عبد الله بن كثير عن مجاهد كانت العرب يوم النحر حين يفرغون يتفاخرون بفعال آبائهم فأمروا بذكر الله عز وجل مكان ذلك
وأخرج عبد بن حميد من طريق عثمان بن عن عطاء كان أهل الجاهلية إذا نزلوا منى تفاخروا بآبائهم ومجالسهم فقال هذا فعل أبي كذا وكذا وقال هذا فعل أبي كذا وكذا فنزلت
ومن طريق طلحة بن عمر عن عطاء كان أهل الجاهلية يتناشدون الأشعار يذكرون فيها آباءهم يفخر بعضهم على بعض فنزلت
وسيأتي عن عطاء خلاف هذا
ومن طريق أسباط عن السدي كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقاموا بمنى يقوم الرجل فيسأل الله اللهم أن أبي كان عظيم الجفنة عظيم القبة كثير المال فأعطني
[العجاب في بيان الأسباب: 1/518]
مثل ما أعطيت أبي ليس يذكر الله إنما إنما يذكر أباه ويسأل أن يعطي في الدنيا أخرجه الفريابي عنه
118 - قوله تعالى ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا الآية 204
1 - قال الواحدي قال السدي نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبي بالمدينة فأظهر له الإسلام وأعجب النبي ذلك منه وقال إنما جئت أريد الإسلام والله يعلم أنني صادق وذلك قوله ويشهد الله على ما في قلبه ثم خرج من عند النبي فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر165 فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله تعالى فيه وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل
قلت أسند بعضه الطبري من رواية أسباط عن السدي قال في قوله ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا الآيتين نزلتا في الأخنس
وقال عبد بن حميد حدثنا يعلى هو ابن عبيد سمعت الكلبي يقول كنت جالسا بمكة فسألني رجل عن هذه الآية فقلت نزلت في الأخنس فلما قمت تبعني
[العجاب في بيان الأسباب: 1/519]
شاب من ولده فقال إن القرآن إنما أنزل في أهل مكة فإن رأيت أن لا تسمي أحدا حتى تخرج منها فافعل
وعزاه الثعلبي للسدي والكلبي ومقاتل وساقه مطولا بلفظ مقاتل وساق مقاتل نسب الأخنس إلى ثقيف ونسب أمه ريطة إلى بني عامر بن لؤي قال وكان عديد بني زهرة وكان يأتي النبي بالمدينة فيخبره أنه يحبه
2 - قول ز آخر أخرج الطبري من طريق ابن إسحاق بسنده المتكرر إلى ابن عباس
قال لما أصيبت السرية أصحاب خبيب بالرجيع بين مكة والمدينة قال رجال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/520]
من المنافقين يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا لا هم قعدوا في بيوتهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم فأنزل الله في ذلك ومن الناس من يعجبك إلى قوله على ما في قلبه أي من النفاق وهو ألد الخصام أي ذو جدال إذا كلمك وراجعك وإذا تولى أي خرج من عندك إلى قوله المهاد وأنزل في السرية المذكورة ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله الآية
وفي لفظ من هذا الوجه لما أصيبت السرية التي كان فيها عاصم ومرثد بالرجيع قال رجال من المنافقين فذكر نحوه
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس 166 في هذه الآية ومن الناس من يعجبك قوله قال هذا عبد كان حسن القول سيء العمل كان يأتي رسول الله فيحسن له القول فإذا خرج سعى في الأرض ليفسد فيها
ومن طريق أبي معشر سمعت سعيدا المقبري يذاكر محمد بن كعب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/521]
فقال إن في بعض الكتب إن لله عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر الحديث فقال محمد بن كعب هذا في كتاب الله تعالى ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا الآية فقال سعيد قد عرفت فيمن أنزلت هذه الآية فقال محمد بن كعب إن الآية لتنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد
ومن طريق سعيد بن أبي هلال عن محمد بن كعب القرظي عن نوف وكان يقرأ الكتب فذكر نحو صدر الحديث قال
فقال محمد بن كعب تدبرتها في القرآن فإذا هم المنافقون فوجدتها ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا الآية
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال
نزلت في رجل كان يأتي إلى النبي فيقول أي رسول الله أشهد أنك جئت بالحق والصدق من عند الله حتى يعجب النبي بقوله ثم يقول وأيم الله يا رسول الله إن الله ليعلم أن الذي في قلبي على ما نطق به لساني قال وذلك قوله ويشهد الله على ما في قلبه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/522]
وساق الثعلبي قصة سرية الرجيع فقال وقال ابن عباس ومقاتل نزلت في سرية الرجيع وذلك أن كفار قريش بعثوا إلى رسول الله إنا أسلمنا فابعث إلينا نفرا من علماء أصحابك يعلموننا وكان ذلك مكرا منهم فبعث إليهم خبيب بن عدي ومرثد بن أبي مرثد وغيرهما فذكر القصة 167 مطولة وقوله فيها إن قريشا هم الذين بعثوا في ذلك منكر مردود والقصة في الصحيح والمغازي لموسى بن عقبة وابن إسحاق لغير قريش وذلك أشهر من أن يستدل عليه
119 - قوله تعالى وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم 206
قال الطبري اختلف في من عني به فقيل هو الأخنس وقائل ذلك جعل الضمير لمن قيل في حقه يعجبك قوله وقد تقدم بيان من قال أنه الأخنس وقيل عني بها كل فاسق ومنافق وأورد ما يشعر بذلك عن علي وابن عباس
[العجاب في بيان الأسباب: 1/523]
وقال الثعلبي في سياقه قصة الرجيع جاء رجل من المشركين يقال له سلامان أبو ميسرة ومعه رمح فوضعه بين ثديي خبيب بن عدي فقال له خبيب اتق الله فما زاده ذلك إلا عتوا فأنفذه فنزلت
قلت وهذا أيضا منكر فإن الذي في الصحيح ان الذي قتل خبيبا هو أبو سروعة بن الحارث النوفلي
120 - قوله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله 207
1 - قال الواحدي قال سعيد بن المسيب أقبل صهيب مهاجرا نحو النبي فاتبعه نفر من قريش من المشركين فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته
[العجاب في بيان الأسباب: 1/524]
وأخذ قوسه ثم قال يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمي بما في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم فقالوا دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك وعاهدوه إن دلهم أن يدعوه ففعل فلما قدم على النبي قال
ربح البيع أبا يحيى ربح البيع فأنزل الله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء 168 مرضات الله
قلت أخرجه ابن أبي خيثمة من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب مرسلا
وأخرج الطبري من تفسير سنيد بن داود من رواية ابن جريج عن عكرمة قال أنزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري جندب بن السكن أخذ أهل أبي ذر أبا ذر فانفلت منهم فقدم على النبي مهاجرا فعرضوا له وكانوا بمر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/525]
الظهران فانفلت أيضا حتى قدم المدينة وأما صهيب فأخذه أهله فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجرا فأدركه قنفذ بن عمير بن جدعان فخرج له ما بقي من ماله فخلى سبيله
ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال كان رجل من أهل مكة أسلم فأراد أن يهاجر فتبعوه وحبسوه فذكر القصة بطولها بنحوه ولم يسم صهيبا
وأخرج الطبراني من طريق ابن جريج نحو رواية سنيد لكن لم يذكر فيه عكرمة
ثم قال الواحدي وقال المفسرون أخذ المشركون صهيبا فعذبوه فقال لهم صهيب إني شيخ كبير لا يضركم أمنكم كنت أم من غيركم فهل لكم أن تأخذوا مالي وتذروني وديني ففعلوا ذلك وكان قد شرط عليهم راحلة ونفقة فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر في رجال فقال أبو بكر ربح البيع أبا يحيى فقال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/526]
صهيب وبيعك فلا يخسر وما ذاك
قال أنزل الله تعالى فيك كذا وقرأ عليه الآية
قلت هو سياق مقاتل لكن في آخره أن الذي لقيه أبو بكر إلى آخر كلامه
2 - قول آخر نقل الثعلبي عن ابن عباس والضحاك نزلت في الزبير والمقداد حين أنزلا 169 خبيب بن عدي من خشبته التي صلب عليها وقال أكثر المفسرين نزلت في صهيب
3 - قول ز آخر قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال هم المهاجرون والأنصار وأخرجه عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة أتم منه
4 - قول آخر قال الواحدي وقال الحسن أتدرون فيمن نزلت هذه الآية نزلت في أن المسلم لقي الكافر فقال له قل لا إله إلا الله فإذا قلتها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/527]
عصمت فأبى أن يقولها فقال المسلم والله لأشرين نفسي لله فتقدم فقاتل حتى قتل
5 - قول آخر قال الواحدي وقيل نزلت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال الواحدي وقال أبو الخليل سمع عمر ابن الخطاب إنسانا يقرأ هذه الآية فقال عمر أنا لله قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل
قلت أسنده عبد بن حميد عن محمد بن بكر عن زياد أبي عمر سمعت أبا الخليل صالحا يقول
سمع عمر رجالا فذكر مثله لكن قال فاسترجع فقال إنا لله وإنا إليه راجعون وفي السند انقطاع
[العجاب في بيان الأسباب: 1/528]
وأخرج الطبري من رواية أبي رجاء العطاردي عن علي نحوه
6 - وقال الثعلبي رأيت في بعض الكتب أنها نزلت في علي بن أبي طالب لما نام في فراش النبي بعد أن هاجر يقيه بنفسه وساق القصة مطولة ثم ساقها بسند له إلى الحكم بن ظهير أحد الهلكى وممن رمي بالرفض عن السدي قال: قال ابن عباس نزلت في علي حين خرج النبي إلى الغار الحديث
121 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة الآية 208
أخرج الواحدي من تفسير عبد الغني الثقفي 170 بسنده إلى عطاء عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام وأصحابه وذلك أنهم حين آمنوا بالنبي قاموا بشرائعه وشرائع موسى فعظموا السبت وكرهوا لحمان الإبل وألبانها فأنكر ذلك عليهم المسلمون فقالوا إنا نقوم على هذا وعلى هذا وقالوا للنبي إن التوراة كتاب الله فدعنا فلنقم بها فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/529]
قلت تقدم إن عبد الغني واه وذكره مقاتل بن سليمان قال سبب نزولها أن عبد الله بن سلام ومن آمن معه من اهل التوراة استأذنوا النبي في قراءة التوراة في الصلاة فقال خذوا سنن محمد وشرائعه
كذا أورده ابن ظفر والذي في تفسير مقاتل أن عبد الله بن سلام وسلام بن قيس وأسدا وأسيدا ابني كعب ويامين بن يامين وهم مؤمنو أهل التوراة وزاد في آخره فإن قرآن محمد نسخ كل كتاب كان قبله
وقد أخرجه الطبري من وجه آخر عن ابن عباس وإن كان فيه انقطاع فهو أمثل من هذا فأخرج من طريق سنيد واسمه حسين بن داود قال حدثني حجاج هو ابن محمد عن ابن جريج قال: قال ابن عباس في قوله ادخلوا في السلم كافة قال هم أهل الكتاب
و من طريق عبيد بن سليمان سمعت الضحاك يقول مثله وبه إلى ابن جريج عن عكرمة قوله ادخلوا في السلم كافة قال نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام وابن يامين وأسد وأسيد ابني كعب وسعية بن عمرو وقيس بن زيد وكلهم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/530]
من يهود قالوا يا رسول الله يوم السبت يوم كنا نعظمه 176 على ذلك واستظهر الطبري بحديث أبي هريرة المخرج أصله في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/531]
الصحيحين فساق من طريق معمر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في هذه الآية فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه قال: قال رسول الله نحن الآخرون الأولون يوم القيامة نحن أول الناس دخولا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه فهذا اليوم الذي هدانا الله له والناس لنا فيه تبع غدا لليهود بعد غد للنصارى
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه رفعه نحن الآخرون السابقون فذكر فيه الهداية للجمعة وزاد فيه واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع ولا يسجد ومنهم من يسجد ولا يركع ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي
123 - قوله تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا الآية 214
1 - قال الواحدي قال قتادة والسدي نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والخوف والحر والبرد وضيق
[العجاب في بيان الأسباب: 1/532]
العيش وأنواع الأذى فكان كما قال الله تعالى وبلغت القلوب الحناجر
قلت أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال: أصابهم هذا يوم الأحزاب حين قال قائلهم ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا
2 - قال الواحدي وقال عطاء لما دخل رسول الله وأصحابه المدينة اشتد الضرر عليهم فإنهم خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم وأموالهم 172 بأيدي المشركين وآثروا رضي الله ورسوله وأظهرت لهم اليهود العداوة وأسر قوم من الأغنياء النفاق فأنزل الله تعالى تطييبا لقلوبهم أم حسبتم أن تدخلوا الجنة الآية
124 - قوله تعالى يسألونك ماذا ينفقون الآية 215
1 - قال مقاتل نزل الأمر بالصدقة قبل أن ينزل لمن الصدقة فسأل عمرو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/533]
بين الجموح فنزلت
وقال الثعلبي نزلت في عمرو بن الجموح كان شيخا كبيرا فقال
يا رسول الله بماذا نتصدق وعلى من ننفق فنزلت
كذا ذكره بغير إسناد وعزاه الواحدي لرواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وذكره ابن عسكر في ذيل الأعلام بلفظ نزلت في عمرو بن الجموح سأل عن مواضع النفقة فنزلت يسألونك ماذا ينفقون ثم سأل بعد ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/534]
كم النفقة فنزلت الآية الأخرى قل العفو ونسبه إلى ابن فطيس
2 - قول آخر أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي بسنده الواهي عن عطاء عن ابن عباس نزلت في رجل أتى النبي فقال أن لي دينارا فقال أنفقه على نفسك قال إن لي دينارين قال أنفقهما على أهلك قال فإن لي ثلاثة قال أنفقها على خادمك قال فإن لي أربعة قال أنفقها على والدتك قال فإن لي خمسة قال أنفقها على قرابتك قال فإن لي ستة قال أنفقها في سبيل الله هو أحسنها وهذا سياق منكر والمعروف في هذا المتن غير هذا السياق وهو ما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم عن أبي هريرة أن رجلا جاء إلى النبي فقال يا رسول الله معي دينار قال أنفقه 173 على نفسك قال يا رسول الله عندي آخر قال أنفقه على ولدك قال عندي آخر قال أنفقه على زوجتك قال عندي آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي آخر قال أنت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/535]
أبصر ووقع عند أبي داود بلفظ تصدق وعند غيره بلفظ أنفق وقدم أبو داود الولد على الزوجة والنسائي الزوجة على الولد وهكذا ذكره الثعلبي عن أبي هريرة لكن زاد بعد الولد الوالدين ثم القرابة والباقي سواء إلا أنه لم يذكر الخادم وليس عندهم أن هذه الآية نزلت في ذلك وقال قتادة في سبب نزولها أهمتهم النفقة فسألوا نبي الله فنزلت ما أنفقتم من خير وأخرج الطبري نحوه عن مجاهد
125 - قوله تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم الآية 216
هي نحو قوله تعالى في سورة النساء فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية الآية
وكأن هذه سابقة على آية البقرة فإن فيها نوع تسلية وترغيب في امتثال الأمر بالقتال
[العجاب في بيان الأسباب: 1/536]
وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي قال كره المسلمون القتال فقال الله تعالى عسى أن تكرهوا القتال وهو خير لكم يقول إن في القتال الغنيمة والظهور والريادة أي اجتماعا وافتراقا وفي تركه يفوت ذلك
126 - قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه الآية 217
أخرج الطبراني في المعجم الكبير من طريق سليمان التيمي عن الحضرمي هو ابن لاحق وهو اسم بلفظ النسب ثقة عن أبي السوار العدوي هو حسان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/537]
بن حريث على الراجح ثقة أيضا عن جندب بن عبد الله عن النبي أنه بعث رهطا وبعث عليهم أبا عبيدة 174 ابن الجراح فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله فجلس وبعث عبد الله بن جحش مكانه وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا وقال لا تكرهن أحدا من أصحابك على المسير معك فلما قرأ الكتاب استرجع ثم قال سمعا وطاعة لله ورسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب فرجع رجلان ومضى بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو جمادى فقال المشركون للمسلمين قتلهم في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام الآية فقال بعضهم إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر فأنزل الله عز وجل إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/538]
الآية
وهذا سنده حسن وقد علق البخاري طرفا منه في كتاب العلم من صحيحه
وأخرجه الطبري من هذا الوجه وهذه القصة ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي قال حدثني الزهري ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله عبد الله بن جحش مقفلة من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/539]
يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا وذكر أسماءهم فالأمير عبد الله بن جحش وعكاشة بن محصن وعتبة بن غزوان وسعد بن أبي وقاص وعامر بن ربيعة وواقد بن عبد الله وخالد بن البكير وسهيل بن بيضاء قال فلما سار عبد الله 175 بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه إذا نظرت في كتابي فسر حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال سمع وطاعة ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله أن أمضي إلى نخلة إلى آخره فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فإني ماض لأمر رسول الله فمضى ومضى أصحابه معه فلم يتخلف عنه أحد وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران أضل سعد وعتبة بعيرا لهما كان يعتقبان عليه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله ومن معه حتى نزل بنخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/540]
الحضرمي وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل بن عبد الله والحكم بن كيسان مولاهم فلما رآهم القوم خافوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه آمنوا وقالوا قوم عمار فلا بأس علينا منهم وتشاور القوم وذلك آخر يوم من جمادى فقال القوم والله إن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم فهابوا الإقدام عليهم ثم تشجعوا عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان والحكم وأفلت نوفل فأعجزهم وقدم عبد الله بن جحش وأصحابه بالغنيمة والأسيرين على رسول الله بالمدينة قال ابن إسحاق وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله مما غنمتم الخمس وذلك قبل أن يفرض الخمس من الغنائم فعزل خمس الغنيمة وقسم سائرها بين أصحابه فلما قدموا على رسول الله قال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم المسلمون فيما صنعوا وقالوا لهم صنعتم ما لم تؤمروا به وقالت قريش قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام فسفكوا فيه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/541]
الدم الحرام وأخذوا فيه الأموال وأسروا فقال من بمكة من المسلمين إنما أصابوا ما أصابوا في جمادى وقالت اليهود تتفاءل على المسلمين عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب فجعل الله ذلك عليه وبهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه إلى آخر الآيات فلما نزل القرآن بهذا فرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه وقبض رسول الله الخمس ورواه شعيب عن الزهري مختصرا ومن طريقه أخرجه الواحدي وفيه وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل من المشركين بيد المسلمين فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبي فقالوا أتحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال الآية

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:43 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وعن عثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس 176 نحو رواية شعيب باختصار ولم يذكر عروة وزاد الزهري وكان فيما بلغنا يحرم القتال في الشهر الحرام ثم أحل له بعد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/542]
وأخرج عبد بن حميد من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة فذكر القصة مختصرة وعنده إن رجلا من المشركين آذى رسول الله فقتله رجل من المسلمين فأنكروا عليه من كان معه وفي آخره فقال المسلمون لأهل السرية قد عوفيتم من الإثم فليس لكم أجر فأنزل الله إن الذين آمنوا والذين هاجروا الآية
ومن طريق حميد بن عبد الرحمن عن أبي مالك في هذه القصة والمسلمون يرون أنه آخر يوم من جمادى الآخرة وهو أول يوم من رجب وفيه فقال المشركون تزعمون أنكم تحلون الحلال وتحرمون الحرام وقد قتلتم في الشهر الحرام
و عند الفريابي من طريق مجاهد في هذه الآية نزلت في رجل من بني سهم كان في سرية فمر بابن الحضرمي وهو يحمل خمرا من الطائف إلى مكة وكان بين قريش والمسلمين عهد وفي الشهر الحرام فنزلت تقول الكفر والصد عن سبيل الله وما ذكره كل ذلك أكبر من قتل ابن الحضرمي
وأخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي هذه القصة بطولها نحو سياق ابن إسحاق وقال في أسمائهم أبو حذيفة بن عتبة وعامر بن فهيرة بدل عكاشة وخالد وقال فيه وأمره أن لا يقرأه حتى ينزل بطن ملل وهو بفتح الميم واللام بعدها لام أخرى وقال عبد الله بن المغيرة والمغيرة بن عثمان بدل عثمان بن عبد الله بن المغيرة ونوفل أخيه وقال فيه وانفلت المغيرة وقال فكانت أول غنيمة غنمها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/543]
الصحابة وقال 178 فيه فطلبوا أن يفادوا بالأسيرين فقال النبي
حتى ننظر ما فعل سعد ورفيقه وقال فيه فقالوا يزعم محمد أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام
وذكر ابن ظفر انه وقع في رواية قتادة عبد الله بن واقد كذا قال والمحفوظ واقد بن عبد الله كما تقدم ونقل حديث جندب من كتاب الأحكام لإسماعيل القاضي فقال بدل أبي عبيدة بن الجراح عبيدة بن الحارث بن المطلب
127 - قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله الآية 218
تقدم في قوله تعالى يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه
و نقل ابن ظفر عن الزهري قال
لما فرج الله عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من الغم لقتالهم في الشهر الحرام طمعوا في الثواب فقالوا يا نبي الله أنطمع أن تكون هذه غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين فنزلت هذه الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/544]
128 - قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر الآية 219
أسند الإمام أحمد عن أبي هريرة قال حرمت الخمر ثلاث مرات قدم رسول الله المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر فسألوا رسول الله عن ذلك فأنزل الله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس الآية فقال الناس لم تحرم علينا إنما قال فيهما إثم فكانوا يشربون الخمر حتى كان يوم من الأيام صلى رجل المغرب فخلط في قراءته فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون الآية فكانوا يشربونها حتى يأتي أحدهم الصلاة 179 وهو مفيق فنزلت يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان الآية فقالوا انتهينا يا رب وفي رجاله أبو المعشر المدني وهو ضعيف وله شاهد من حديث ابن عمر وستأتي بقية طرقه في تفسير سورة النساء وتفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى
وقال مقاتل في تفسيره نزلت في عبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب ونفر من الأنصار أتوا رسول الله فقالوا أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فأنزل الله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/545]
وقال الثعلبي نزلت في عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار قالوا يا رسول الله أفتنا في الخمر والميسر
129 - قوله ز تعالى ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو 219
تقدم وقال الثعلبي حثهم رسول الله على الصدقة ورغبهم فيها فقالوا ماذا ننفق
وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح إلى يحيى بن أبي كثير أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول الله فقالا يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا فأنزل الله الآية
ومن طريق ابن أبي ليلى عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال ما يفضل عن أهلك
وقال مقاتل بن سليمان أمر النبي بالصدقة قبل أن تنزلت الصدقات في براءة فقال عمرو بن الجموح كم ننفق وعلى من ننفق فقال: قال تعالى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/546]
قل العفو يقول فضل قوتك فإن كان الرجل من أهل الذهب والفضة أمسك الثلث وتصدق بسائره وإن كان من أهل 180 الزرع والنخل أمسك بما يكفيه في سنته وتصدق بسائره وإن كان ممن يعمل بيده أمسك ما يكفيه في يومه وتصدق بسائره فما زالوا على ذلك حتى نزلت آية الصدقات في براءة
130 - قوله تعالى ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم الآية 220
أخرج أحمد والنسائي وعبد بن حميد والحاكم من طريق عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لما نزلت ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن فذكر ذلك للنبي فنزلت
لفظ إسرائيل عند أحمد ولفظ النسائي من رواية أبي كدينة نحوه وزاد ونزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما اجتنب الناس مال اليتيم وطعامه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/547]
فشق ذلك على الناس فشكوا إلى النبي ذلك فأنزل الله تعالى ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير إلى قوله حكيم
وأخرجه سفيان الثوري في تفسيره من رواية أبي حذيفة النهدي عنه عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير مرسلا لم يذكر ابن عباس وهو أقوى فإن عطاء ابن السائب ممن اختلط وسالم أتقن منه
ووافق الثوري على إرساله قيس بن الربيع عن سالم وسياقه أتم ولفظه كان أهل البيت يكون عندهم الأيتام في حجورهم فيكون لليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم لأهل ذلك البيت فيبعثون خادمهم فيرعى للأيتام وتكون لأهل البيت الصرمة من الغنم والخادم للأيتام فيبعثون خادم الأيتام يرعى عليهم فإذا كان الرسل وضعوا أيديهم جميعا ويكون الطعام للأيتام 181 والخادم لأهل البيت أو يكون الخادم للأيتام والطعام لأهل البيت فيأمرون الخادم فتصنع الطعام فيضعون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/548]
أيديهم جميعا فلما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية قالوا هذه موجبة فاعتزلوهم وفرقوا ما كان من خلطه فشق ذلك عليهم وشكوا للنبي فقالوا إن الغنم ليس لها راع والطعام ليس له من يصنعه فقال قد سمع الله قولكم فإن شاء أجابكم فنزلت ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم
وعن قيس عن أشعث بن سوار عن الشعبي لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما اعتزلوا أموال اليتامى حتى نزلت وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح وهذا مرسل يعضد الأول
وجاء من وجه ثالث مرسل أيضا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة فذكر نحو الأول وقال في روايته فلم يخالطوهم في مأكل ولا مشرب ولا مال فشق ذلك على الناس فأنزل الله تعالى ويسألونك عن اليتامى الآية
وأخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد بن شيبان النحوي عن قتادة لكن قال في روايته كان قد نزل قبل ذلك في سورة بني إسرائيل ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن فكانوا لا يخالطوهم
وجاء من وجه رابع مرسل ذكر الثعلبي من طريق العوفي بسنده عن ابن عباس قال كانت العرب في الجاهلية يعظمون شأن اليتيم ويشددون أمره حتى كانوا لا يؤاكلونهم ولا يركبون له دابة ولا يستخدمون له خادما وكانوا يتشاءمون بملابسة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/549]
أموالهم فلما جاء الإسلام سألوا عن ذلك فنزلت هكذا حكاه الثعلبي عن ابن عباس 182 من رواية عطية عنه وحكى مثله عن السدي والضحاك وحكى عن ابن عباس من رواية على بن أبي طلحة عنه لما نزل ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن الآية وإن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية اعتزلوا أموال اليتامى إلى آخره قال وعن قتادة والربيع بن أنس مثله
و أخرج عبد بن حميد من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح قال لما نزل في اليتامى ما نزل اجتنبهم الناس فلم يؤاكلوهم ولم يشاربوهم ولم يخالطوهم فأنزل الله تعالى إصلاح لهم خير فخالطهم الناس في الطعام وفيما سوى ذلك
وقال مقاتل بن سليمان لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما أشفق المسلمون فذكر نحو ما تقدم فقال ثابت بن رفاعة الأنصاري
قد سمعنا ما انزل الله عز وجل فعزلناهم والذي لهم فشق علينا وعليهم فهل يصلح لنا خلطهم فيكون البيت والطعام واحدا والخدمة وركوب الدابة فنزلت وإن تخالطوهم فإخوانكم يقول ما كان لليتيم فيه صلاح فهو خير
[العجاب في بيان الأسباب: 1/550]
131 - قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة 221
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة ثنا عمرو بن حماد ثنا أسباط عن السدي نزلت في عبد الله بن رواحة وكانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم فزع فأتى النبي فاخبره فقال ما هي يا عبد الله قال تصلي وتصوم وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال يا عبد الله هذه مؤمنة فقال والذي بعثك بالحق لأعتقنها وأتزوجها فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا نكح أمة وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين 183 وينكحوا المشركات رغبة في أحسابهم فنزلت
ومن طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان في قوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن نزلت في أبي مرثد الغنوي استأذن النبي في عناق أن يتزوجها وهي امرأة مسكينة من قريش وكانت ذات حظ من جمال وهي مشركة وأبو مرثد يومئذ مسلم فقال يا رسول الله إنها تعجبني فأنزل الله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن إلى آخر الآية
وبه إلى مقاتل بن حيان بلغنا في قوله ولأمة مؤمنة خير من مشركة إنها كانت أمة لحذيفة سوداء فأعتقها وتزوجها
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس بعث رسول الله رجلا من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/551]
غني يقال له مرثد بن ابي مرثد حليفا لبني هاشم إلى مكة ليخرج ناسا من المسلمين بها أسرا فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها عناق وكانت خليلة له في الجاهلية فلما أسلم أعرض عنها فأتته فقالت ويحك يا مرثد ألا تخلو فقال إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا ولكن إن شئت تزوجتك إذا رجعت استأذنت رسول الله في ذلك فقالت له أبي تتبرم ثم استغاثت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول الله فأعلمه بالذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها فقال يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها فنهاه عن ذلك ونزلت ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن الآية
و ذكره مقاتل بمعناه وطوله وقال في أوله كان أبو مرثد رجلا صالحا واسمه أيمن وكان المشركون أسروا أناسا من المسلمين فكان أبو مرثد 184 ينطلق إلى مكة مستخفيا فيرصد المسلم ليلا فإذا خرج إلى البراز خرج معه من يحفظه فيتركه عند البراز فينطلق أبو مرثد فيحمل الرجل على عنقه حتى يلحقه بالمدينة فانطلق مرة فلقي عناق فذكر قصتها وقوله إن أبا مرثد اسمه أيمن منكر والمعروف أن اسمه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/552]
كناز بفتح الكاف وتشديد النون وآخره زاي منقوطة
132 - قوله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو أذى الآية 222
أخرج مسلم من طريق ثابت البناني عن أنس إن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت فسئل النبي فأنزل الله تعالى يسألونك عن المحيض قل هو أذى الآية فأمرهم أن يؤاكلوهن ويشاربوهن وأن يكونوا معهن في البيوت وأن يفعلوا كل شيء ما خلا النكاح فقالت اليهود ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه فجاء عباد بن بشر وأسيد بن حضير فأخبراه بذلك وقالا يا رسول الله أفلا ننكحهن في المحيض فتمعر وجه رسول الله حتى ظننا أنه قد غضب عليهما فقاما فاستقبلهما هدية من لبن فأرسل النبي في آثارهما فسقاهما فعلمنا أنه لم يغضب عليهما
وأخرج عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة كان أهل الجاهلية إذا حاضت المرأة لم يجامعوها في بيت ولم يؤاكلوها في إناء فأنزل الله تعالى في ذلك وحرم فرجها وأحل ما سوى ذلك
وقال مقاتل بن سليمان
[العجاب في بيان الأسباب: 1/553]
نزلت هذه الآية في عمر بن الدحداح الأنصاري وهو من بلى حي من قضاعة فلما نزلت فاعتزلوا النساء أخرجوهن من البيوت والفرش كفعل العجم ولم يؤاكلوهن في إناء 185 واحد فقال ناس للنبي قد شق علينا اعتزال الحائض والبرد شديد فقال إنما امرتم باعتزال الفرج وقرأ عليهم ولا تقربوهن حتى يطهرن
وقال الواحدي قال المفسرون فذكر هذا لكن قال فيه فسأل أبو الدحداح عن ذلك رسول الله فذكره
و أخرج أيضا من طريق سابق بن عبد الله البربري بإسناده إلى جابر عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/554]
رسول الله في قوله عز وجل ويسألونك عن المحيض قالت اليهود
من أتى امرأته من دبرها كان ولده أحول وكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن فجاؤوا إلى رسول الله فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض وعما قالت اليهود فأنزل الله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن يعني الاغتسال فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله يعني القبل
وقال نساؤكم حرث لكم وإنما الحرث حيث ينبت الولد ويخرج منه
قلت وهذا مع انقطاعه فيه نكارة في سياقه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/555]
133 - قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم 223
1 - نزلت في حيي بن أخطب واليهود قالوا للمسلمين إنه لا يحل لكم أن تأتوا النساء إلا مستلقيات وإنا نجد في كتاب الله أن جماع المرأة غير مستلقية ذنب فنزلت
ذكره مقاتل بن سليمان وأصله في الصحيحين من حديث محمد بن المنكدر عن جابر ولفظه كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته في قبلها من دبرها إن الولد يكون أحول فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
وفي رواية لمسلم من طريق سهيل 186 بن أبي صالح عن ابن المنكدر قالت اليهود إن الرجل إذا أتى امرأته باركة كان الولد أحول
وفي لفظ إذا نكح الرجل امرأته مجبية جاء ولدها أحول وفي هذه الطريق إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد أخرجه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/556]
مسلم من رواية النعمان بن راشد عن الزهري عن محمد بن المنكدر بهذا قال أبو حامد بن الشرقي تفرد بن النعمان بن راشد عن الزهري وهذا الحديث يساوي مئة حديث
وأخرج أبو داود والدارمي وإسحاق في مسنده من طرق عن ابن إسحاق والحاكم واللفظ له عن أبان بن صالح عن مجاهد قال عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحة الكتاب إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه فأسأله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/557]
فيمن أنزلت وفيم أنزلت فقلت يا أبا عباس أرأيت قول الله تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله قال من حيث أمركم الله أن تعتزلوهن قال ابن عباس إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة يتلذذون بهن مقبلات ومدبرات فلما قدموا المدينة تزوجوا إلى الأنصار فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة فأنكرن ذلك وقلن هذا شيء لم نكن نؤتى عليه فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله فأنزل الله تعالى في ذلك نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال مقبلة ومدبرة وإنما يعني موضع الولد للحرث يقول ائت الحرث أنى شئت وأول الحديث عند أبي داود إن ابن عمر والله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود الحديث
وقال ابن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت هذه الآية في المهاجرين لما 187 قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم وبين الأنصار واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن إذا كان المأتي واحدا في الفرج فعابت اليهود ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/558]
إلا من بين أيديهن خاصة وقالوا إنا نجد في كتاب الله أن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقيات دنس عند الله ومنه يكون الحول والخبل فذكر المسلمون ذلك لرسول الله وقالوا إنا كنا في الجاهلية وبعدما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا وإن اليهود عابت علينا فأكذب الله اليهود وأنزل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول الفرج مزرعة الولد فأتوا حرثكم كيف شئتم من بين يديها ومن خلفها في الفرج
و أخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان من طريق يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله فقال هلكت قال وما ذاك قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه شيئا فأوحي إلى رسول الله هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة وقد تقدم مرسل سابق
[العجاب في بيان الأسباب: 1/559]
البربري في الذي قبله
و أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله فأتوا حرثكم أنى شئتم يعني بالحرث الفرج يقول تأتيه كيف شئت مستقبله ومستدبره وعلى ما أردت بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره
طرق أخرى قال عبد بن حميد ثنا هاشم بن القاسم عن المبارك هو ابن فضالة عن الحسن إن اليهود كانوا قوما حسدا فقالوا يا أصحاب محمد والله ما لكم أن تأتوا النساء إلا من وجه واحد فكذبهم الله تعالى 188 وأنزل نساؤكم حرث لكم فخلى بين الرجال وبين نسائهم فيتفكه الرجل من امرأته يأتيها إن شاء من قبل قبلها وإن شاء من قبل دبرها غير أن المسلك واحد قال وثنا عوف عن الحسن قال: قالت اليهود للمسلمين إنكم تأتون نساءكم كما تأتي البهائم بعضها بعضا تبركونهن فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فلا بأس أن يغشى الرجل المرأة كيف شاء إذا أتاها في الفرج
ومن طريق شيبان عن قتادة نحو الأول إلى قوله وبين نسائهم
ومن طريق حصين بن عبد الرحمن عن مرة الهمداني قال: قال ناس من اليهود لناس من المسلمين يأتي أحدكم امرأته باركة فقالوا نعم قال فذكر ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/560]
النبي فنزلت
و أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن علي حدثه أنه بلغه أن ناسا من أصحاب النبي جلسوا يوما ورجل من اليهود قريب منهم فجعل بعضهم يقول إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة ويقول الآخر إني لآتيها وهي قاعدة ويقول الآخر إني لآتيها وهي على جنب أو وهي باركة فقال اليهودي ما أنتم إلا أمثال البهائم ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم الآية
ومن طريق الحكم بن أبان عن عكرمة جاء رجل إلى ابن عباس فقال أتيت أهلي في دبرها وسمعت قول الله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم فظننت أن ذلك لي حلال فقال لا يا لكع إنما قوله أنى شئتم قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في القبل لا تعدوه إلى غيره
طريق أخرى عن ابن عباس أخرجها الطبري من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يكره أن تؤتى المرأة في دبرها ويقول إنما الحرث من القبل الذي يكون 189 منه النسل والحيض وينهى عن إتيان المرأة في دبرها ويقول إنما أنزلت هذه الآية فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول من أي وجه شئت وعنه أيضا قال ذاك ظهرها لبطنها غير معاجزة يعني الدبر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/561]
حديث آخر في ذلك عن أم سلمة أخرج أحمد واللفظ له والترمذي وعبد ابن حميد وغيرهم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن ابن سابط هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن قال قلت لها إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي أن أسألك عنه قالت سل يا ابن أخي كما بدا لك قال أسألك عن إتيان النساء في أدبارهن فقالت حدثتني أم سلمة قالت كانت الأنصار لا تجبي وكانت المهاجرون تجبي فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار فجباها فأتت أم سلمة فذكرت ذلك لها فلما أن جاء النبي استحيت الأنصارية فخرجت فذكرت ذلك أم سلمة لرسول الله فقال ادعوها لي فدعيت فقال نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا قال والصمام السبيل الواحد
وأخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة وسياقه أخصر من هذا وفي رواية أبي جعفر الطبري حفصة بنت عبد الرحمن بن ابي بكر عن أم سلمة قالت تزوج رجل امرأة فأراد أن يجبيها فأبت عليه وقالت حتى أسأل رسول الله قالت فذكرت ذلك لي فذكرته لرسول الله فقال أرسلي إليها فلما جاءته قرأ عليها نساؤكم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/562]
حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا صماما واحدا وفي رواية له قدم المهاجرون فتزاوجوا 190 في الأنصار وكانوا يجبون وكانت الأنصار لا تفعل ذلك
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق الحسن بن صالح عن ليث عن عيسى بن سنان عن سعيد بن المسيب فأتوا حرثكم أنى شئتم فإن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا
وأخرج الواحدي من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث بن أبي سليم عن أبي صبيح عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن قوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال نزلت في العزل قلت هو سند ضعيف
وقد أخرج عبد بن حميد والطبري من رواية زائدة بن عمير سألت ابن عباس عن العزل فقال نساؤكم حرث لكم الآية لفظ عبد وفي رواية الطبري فقال إن شئت فاعزل وإن شئت فلا تعزل
3 - قول آخر قال البخاري في التفسير من صحيحه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/563]
حدثنا إسحاق يعني ابن راهويه أنا النضر بن شميل أنا عبد الله بن عون عن نافع قال كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه قال فأخذت عليه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان فقال تدري فيم أنزلت قلت لا قال نزلت في كذا وكذا ثم مضى
وعن عبد الصمد حدثني أبي هو عبد الوارث بن سعيد حدثني أيوب عن نافع عن ابن عمر في قوله تعالى فأتوا حرثكم أنى شئتم قال يأتيها في
ورواه محمد بن يحيى بن سعيد عن أبيه هو القطان عن عبيد الله يعني ابن عمر عن نافع عن ابن عمر انتهى ما ذكره البخاري
وقد أشكل على كثير من الناس وجزم الحميدي في الجمع بين الصحيحين بأن الظرف الذي عبر عنه بقوله يأتيها في هو الفرج وليس 191
[العجاب في بيان الأسباب: 1/564]
كما قال الحميدي وقد بينت في تغليق التعليق ما هو مراد البخاري بإيراد الطرق الثلاثة عمن نقلها عنهم
بيان طرق البخاري
أما طريق إسحاق فرويناها في مسنده وفي تفسيره قال أنا النضر بن شميل فساقه كما ساقه البخاري سواء إلى قوله حتى انتهى إلى قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال أتدري فيم أنزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن
وأما الرواية الثانية فأخرجها إسحاق أيضا في مسنده وتفسيره
قال أنا عبد الصمد بن عبد الوارث فساقه كما ساقه البخاري إلى قوله يأتيها في فقال في روايته يأتيها في الدبر وهكذا أخرجه أبو جعفر بن جرير الطبري في التفسير عن أبي قلابة عبد الملك الرقاشي عن عبد الصمد بن عبد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/565]
الوارث به سندا ومتنا
وأما الرواية الثالثة فرويناها في المعجم الأوسط للطبراني قال نا علي بن سعيد أنا أبو بكر محمد بن أبي غياث الأعين نا محمد بن يحيى بن سعيد القطان ثنا أبي عن عبيد الله بن عمر بن نافع عن ابن عمر قال إنما نزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم على رسول الله رخصة في إتيان الدبر
قال الطبراني لم يروه عن عبيد الله إلا يحيى القطان تفرد به ابنه محمد انتهى
و أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده عن أبي بكر الأعين وأخرجه أبو نعيم في المستخرج عن أبي عمرو بن حمدان وأخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن جعفر المزكي كلاهما عن الحسن بن سفيان
وقد تابع النضر بن شميل على روايته عن ابن عون إسماعيل بن إبراهيم بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/566]
مقسم المعروف بابن علية وإسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي 192
أما ابن علية فقال أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره حدثنا يعقوب ابن إبراهيم الدورقي نا ابن علية عن ابن عون فذكر مثل رواية النضر سواء
واما رواية الكرابيسي فأخرجها ابن جرير أيضا عن إبراهيم بن عبد الله قال نا أبو عمر الضرير نا إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن ابن عون عن نافع قال كنت أمسك المصحف على ابن عمر إذ تلا هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال نزلت هذه الآية في الذي يأتيها في دبرها
الرد على حصر الطبراني
وقد توبع يحيى بن قطان على روايته لهذا الحديث عن عبيد الله بن عمر بخلاف ما زعم الطبراني أنه تفرد به عن عبيد الله بن عمر فأخرج الدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي بشر الدولابي ثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد نا أبو ثابت محمد بن عبد الله المدني حدثني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/567]
عبيد الله بن عمر بن حفص وابن أبي ذئب ومالك بن أنس فرقهم كلهم عن نافع قال: قال لي ابن عمر أمسك علي المصحف يا نافع فقرأ حتى أتى على نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال لي تدري يا نافع فيم نزلت هذه الآية
قال قلت لا قال نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم الآية قلت له من دبرها في قبلها قال لا إلا في دبرها
وتابع الدراوردي عن ابن أبي ذئب أبو صفوان الأموي أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط وابن مردويه في التفسير كلاهما من طريق محمد بن علي بن زيد الصائغ المكي عن يعقوب بن حميد نا أبو صفوان هو عبد الله بن سعيد 193 بن عبد الملك عن ابن أبي ذئب به
و رويناه في الجزء الثاني من رواية حامد الرفاء تخريج الدارقطني قال الرفاء حدثنا أبو أحمد بن عبدوس نا علي بن الجعد نا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال وقع رجل على امرأته في دبرها فأنزل الله تعالى نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنا شئتم قال فقلت لابن أبي ذئب ما تقول أنت في هذا قال ما أقول فيه بعد هذا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/568]
ورواه عن مالك أيضا إسحاق بن محمد القروي أخرجه الثعلبي من طريق محمد بن عيسى الطرسوسي عن إسحاق ولفظه كنت أمسك المصحف على ابن عمر فقرأ هذه الآية فقال تدري فيم نزلت قلت لا قال نزلت في رجل أتى امرأته في دبرها على عهد رسول الله فشق ذلك عليه فنزلت
رواه آخرون عن نافع وهم خمسة
ورواه عن نافع غير من تقدم ذكره جماعة
1 - منهم ابنه عبد الله
2 - وعمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر
3 - وهشام بن سعد
4 - وأبان بن صالح
5 - وإسحاق بن عبيد الله بن أبي فروة
1 - أما حديث عبد الله بن نافع فأخرجه أحمد بن أسامة بن أحمد التجيبي في فوائده من طريق أشهب حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/569]
عمر قال أصاب رجل امرأته في دبرها فأنكر الناس ذلك فأنزل الله عز وجل نساؤكم حرث لكم الآية وبه إلى نافع عن ابن عمر أنه كان إذا قرأ السورة لا يتكلم حتى يختمها فقرأ سورة البقرة فمر بهذه الآية فقال أتدري فيم نزلت فذكر ما تقدم
وبه إلى أشهب قال لي عبد الله بن نافع لا بأس به إلا أن يتركه أحد تقذرا
2 - وأما عمر بن محمد فقال عبد الرزاق في تفسيره نا سفيان الثوري عن عمر بن محمد بن زيد عن نافع 194 عن ابن عمر في قوله تعالى أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم أي مثله من النساء
قال سلمة بن شبيب الراوي عن عبد الرزاق وبه يحتج أهل المدينة
وأخرجه أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده بسنده إلى سلمة بن شبيب ونقل عن أصبغ بن الفرج أنه احتج بها لذلك
وذكر أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن عن محمد بن كعب القرظي إنه احتج على الجواز بهذه الآية وزاد ولو لم يبح ذلك من الأزواج ما قبح انتهى
وكذا نقل عن زيد بن أسلم وابن الماجشون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/570]
وأخرج أبو الشيخ ابن حيان الأصبهاني في فوائده من طريق عصام بن زيد عن الثوري عن عمر بن محمد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتأول هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي حيث شئتم
3 - وأما رواية هشام بن سعد فأخرجها الطبراني وابن مردويه من طريق هارون بن موسى عن أبيه
وأخرجها أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده من طريق معن بن عيسى كلاهما عن هشام بن سعد عن نافع قال قرأ ابن عمر هذه السورة فمر بهذه الآية نساؤكم حرث لكم الآية فقال تدري فيم أنزلت هذه الآية قلت لا قال في رجال كانوا يأتون النساء في أدبارهن
4 - وأما رواية أبان بن صالح فأخرجها الحاكم في تاريخه من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن إبان بن صالح عن نافع قال كنت أمسك المصحف على ابن عمر فذكر الحديث بطوله نحو ما تقدم وهو في القطعة التي انقطعت روايتها من صحيح ابن خزيمة أخرجه الحاكم عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/571]
أبي علي الحافظ 195 النيسابوري عن ابن خزيمة وقال أبو علي لم أكتبه إلا عن ابن خزيمة
5 - وأما رواية إسحاق بن أبي فروة فأخرجها أحمد بن أسامة التجيبي في فوائده من طريق أبي علقمة القروي عنه عن نافع قال لي ابن عمر أمسك علي المصحف فذكر الحديث بطوله نحو رواية الدراوردي عن شيوخه الثلاثة
عود إلى رواية مالك
وأما رواية مالك فرواها عنه جماعة غير من تقدم
فأخرج الدارقطني في غرائب مالك من طريق زكريا بن يحيى الساجي نا محمد بن الحارث المدني نا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال يا نافع أمسك علي المصحف قال فقرأ عبد الله بن عمر حتى بلغ نساؤكم حرث لكم الآية فقال يا نافع أتدري فيم أنزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فسأل النبي فأنزل الله عز وجل الآية قال الدارقطني هذا ثابت عن مالك
وأخرج أيضا من طريق إسحاق بن محمد القروي عن مالك نحوه لكن قال أنزلت في الذي يأتي امرأته في دبرها
وأخرجه دعلج في غرائب مالك والثعلبي في التفسير من طريق إسحاق
[العجاب في بيان الأسباب: 1/572]
المذكور
ثلاثة رووا الحديث عن ابن عمر غير نافع
ورواه عن عبد الله بن عمر جماعة غير نافع
منهم زيد بن أسلم أخرجه النسائي والطبري والحاكم من طريق سليمان بن بلال عنه عن عبد الله بن عمر قال أتى رجل امرأته في دبرها في عهد رسول الله فوجد من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله الآية
قال ابن عبد البر الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة من رواية نافع فغير نكير أن يرويها زيد بن أسلم أيضا
قلت وقد رواها 196 غير نافع وزيد فأخرج النسائي والطبري
[العجاب في بيان الأسباب: 1/573]
والطحاوي والدارقطني من طريق ابن القاسم قلت لمالك فقال لي اشهد على ربيعة يحدثني عن سعيد بن يسار أنه سأل عبد الله بن عمر فقال لا بأس به
وعند الطبري أن أناسا يروون عن سالم كذب العبد على أبي فقال مالك أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم عن ابن عمر مثل ما قاله نافع
وقد أنكر عبد الله بن عباس على عبد الله بن عمر هذا القول ونسبه إلى الوهم في الفهم فقال فيما أخرجه أبو داود وغيره من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عنه قال ابن عمر والله يغفر له قد أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار فذكر القصة وفي آخرها فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني موضع الولد أي من قبل دبرها أي في قبلها وقد تقدم في طرق القول الأول بأنها تكون باركة أو منبطحة وهذا الذي صار إليه أكثر العلماء والمبين يقضي على المجمل والله أعلم
وقد جاء عن أبي سعيد الخدري كنحو ما رواه نافع وغيره عن ابن عمر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/574]
أخرجه أبو يعلى والطحاوي في مشكل الآثار والطبري وابن مردويه في تفسيريهما من طريق عبد الله بن نافع نا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال أثفر رجل امرأته على عهد رسول الله فقالوا أثفر فلان امرأته فأنزل الله عز وجل الآية والقول في هذا كالقول في حديث ابن عمر لأنه إذا أولج وهي باركة صار ذكره كالثفر للدابة سواء كان الإيلاج في القبل أم الدبر فحمله على القبل موافق للروايات الأولى وهي أصح وأشهر 197 والله أعلم
وجاء نحو ذلك من مرسل خصيف عن مجاهد أخرجه عبد بن حميد من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/575]
طريقه ولفظه كانوا يجتنبون النساء في المحيض فلا يجامعوهن في فروجهن ويأتونهم في أدبارهن فسألوا النبي عن ذلك فأنزل الله نساؤكم حرث لكم الآية هكذا قال خصيف والمحفوظ عن مجاهد التشديد في ذلك لا الرخصة
134 - قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم الآية 224
1 - قال ابن الكلبي نزلت في عبد الله بن رواحة تنهاه عن قطيعة ختنه بشير بن النعمان وذلك أن ابن رواحة حلف أن لا يدخل عليه أبدا ولا يكلمه ولا يصلح بينه وبين امرأته ويقول قد حلفت بالله أن لا أفعل ولا يحل لي إلا أن أبر في يميني فأنزل الله تعالىالآية
وقال مقاتل بن سليمان نزلت في أبي بكر الصديق وفي ابنه عبد الرحمن بن أبي بكر وكان أبو بكر حلف أن لا يصله حتى يسلم وكان الرجل إذا حلف قال لا يحل لي إلا أن أبر وكان هذا قبل أن تنزل الكفارة
وعن ابن جريج نزلت في أبي بكر حين حلف أن لا ينفق على مسطح حين خاض مع أهل الإفك أخرجه الطبري
وأخرج الطبري من طريق عمرو عن أسباط عن السدي أما قوله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/576]
عرضة فيعرض بينك وبين الرجل الامر فتحلف بالله لا تكلمه ولا تصله وإما إن تبروا فالرجل يحلف لا يبر ذا رحمه فيقول قد حلفت فأمر الله أن لا يعرض بيمينه بينه وبين ذي رحمه وليبره ولا يبالي بيمينه وأما وتصلحوا فالرجل يصلح بين الإثنين فيعصيانه فيحلف أن لا يصلح بينهما وينبغي له أن يصلح ولا يبالي بيمينه قال وهذا قبل أن تنزل الكفارة
ومن طريق علي بن 198 أبي طلحة عن ابن عباس المعنى لا تجعلني عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير
ومن طريق العوفي عن ابن عباس كان الرجل يحلف على الشيء من البر والتقوى لا يفعله فنهى الله عن ذلك بهذه الآية
ومن طريق سعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وإبراهيم النخعي نحو ذلك
قال عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه في هذه الآية ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا هو الرجل يحلف على الأمر الذي لا يصلح ثم يعتل بيمينه يقول الله أن تبروا وتتقوا يقول هو خير من أن تمضي على ما لا يصلح فإن حلف كفر يمينه وفعل الذي هو خير
[العجاب في بيان الأسباب: 1/577]
وعن معمر وعن قتادة نحوه
و أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق وأخرجه أيضا من طريق إسرائيل عن السدي عن من حدثه عن ابن عباس قال هو الرجل يحلف لا يكلم قرابته أو مسلما أو لا يتصدق أو لا يقرض أو لا يصلح بين اثنين يقول قد حلفت فلا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم وكفر عن يمينك وعن إسرائيل عن منصور عن إبراهيم نحوه
وأخرج عبد أيضا من طريق الربيع بن أنس كان الرجل يحلف أن لا يصل رحمه ولا يصلح بين الناس فنزلت
2 - وجاء في سبب ذلك قول آخر أخرجه الطبري من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة في هذه الآية قالت لا تحلفوا بالله وإن بررتم
قال الطبري أولى الأقوال تأويل من قال لا تجعلوا الحلف بالله حجة لكم في ترك فعل الخير فيما بينكم وذلك أن العرضة في اللغة القوة والمراد بها هنا الحجة فالمعنى لا تجعلوا 199 اليمين بالله حجة لأيمانكم أن لا تفعلوا الخير فليفعل ويحنث ثم يكفر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/578]
وقد ذكرت الكفارة في آية المائدة وقوله بعدها لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم إشارة إلى أن الكفارة إنما تجب في اليمين التي يوقع القصد إليها لا التي تقع من غير قصد إلى اليمين أو عن خطأ أو نسيان ونحو ذلك
135 - قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآية 226
قال عبد بن حميد نا يونس عن شيبان عن قتادة كان أهل الجاهلية يعدون الإيلاء طلاقا فحد لهم أربعة أشهر فإن فاء فيها كفر يمينه وكانت امرأته وإن مضت أربعة أشهر ولم يفئ بها فهي تطليقه
وذكر الثعلبي عن سعيد بن المسيب كان الإيلاء من ضرار أهل الجاهلية كان أحدهم لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوجها غيره فيحلف أن لا يقربها أبدا فكان يتركها كذلك لا أيما ولا ذات بعل وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية والإسلام فجعل الله الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر وأنزل للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآية
وذكر الواحدي من طريق الحارث بن عبيد نا عامر الأحول عن عطاء عن ابن عباس قال كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله بأربعة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/579]
أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء
136 - قوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء 228
يأتي كلام قتادة ومقاتل بن حيان في ذلك في قوله تعالى الطلاق مرتان إن شاء الله
137 - قوله زتعالى ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن 228
قال عبد الرزاق أنا معمر عن 2000 قتادة في قوله لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر فنهاهن الله عن ذلك
ورواه عبد من طريق شيبان والطبري من طريق سعيد كلاهما عن قتادة ولفظه لتذهب بالولد إلى غير أبيه فكره الله ذلك لهن
و في رواية له وتكتم ذلك مخافة الرجعة فنهى الله عن ذلك
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي في هذه الآية نزلت في رجل يريد أن يطلق امرأته فيسألها حل بك حمل فتكتمه إرادة أن تفارقه فيطلقها وقد كتمته حتى تضع
[العجاب في بيان الأسباب: 1/580]
138 - قوله تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان الآية 229
قال مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل الى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها وقال والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدا فأنزل الله عز وجل الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هكذا ذكره مرسلا وكذا سمعناه عاليا في مسند عبد بن حميد نا جعفر بن عون عن هشام ولفظه كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها ليس لذلك شيء ينتهي إليه فقال رجل من الأنصار فذكره وفيه فذهبت إلى رسول الله تشكو ذلك فأنزل الله الطلاق مرتان الآية فاستقبل الناس أمرا جديدا من كان يطلق ومن لم يطلق
ووصله يعلى بن شبيب عن هشام موصولا يذكر عائشة وقع لنا بعلو في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/581]
جزء لوين
201 - وأخرجه الترمذي عن قتيبة عنه وفيه يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مئة مرة أو أكثر فذكر نحو رواية جعفر لكن لم يقل من الأنصار وفيه فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي فأخبرته فسكت حتى نزلت الطلاق مرتان الآية قالت عائشة فاستأنفت الناس الطلاق مستقبلا من كان طلق ومن لم يكن طلق
ثم أخرجه من رواية عبد الله بن إدريس عن هشام مرسلا أيضا وقال هذا أصح من حديث يعلى بن شبيب
قلت ووصل الطبري رواية ابن إدريس ولفظه قال رجل لامرأته على عهد النبي لا أؤيك ولا أدعك تحلين أطلقك فإذا دنا أجل عدتك راجعتك فأتت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/582]
النبي فأنزل الله الطلاق مرتان الآية
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كان الطلاق ليس له وقت حتى انزل الله الطلاق مرتان
وأخرجه الطبري من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال
كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم امرأته ثم يراجعها لا حد في ذلك هي امرأته ما راجعها في عدتها فجعل الله حد ذلك ثلاثة قروء وجعل حد الطلاق ثلاث تطليقات
ونقل الثعلبي عن مقاتل بن حيان والكلبي قالا
كان الرجل في أول الإسلام إذا طلق امرأته وهي حبلى فهي أحق برجعتها ما لم تضع ولدها إلى أن نسخ الله تعالى ذلك بقوله الطلاق مرتان الآية
قال الكلبي وطلق إسماعيل بن عبد الله الغفاري زوجته قتيلة وهي حبلى
وقال مقاتل هو مالك بن الأشتر رجل من أهل الطائف قالا جميعا ولم يشعر 202 الرجل بحبلها ولم تخبره فلما علم بحبلها راجعها وردها إلى بيته
[العجاب في بيان الأسباب: 1/583]
فولدت فماتت ومات ولدها وفيها أنزل الله والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء الآية
و أخرج الطبري من طريق يزيد النحوي عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله تعالى وبعولتهن أحق برهن الآية كان الرجل إذا طلق امرأته كان أحق برجعتها ولو طلقها ثلاثا فنزلت الطلاق مرتان فنسخ ذلك فإذا طلقها الثالثة لم تحل له رجعتها إلا ما دامت في عدتها
139 - قوله ز تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله 229
قال ابن جريج نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة قال وكانت اشتكته إلى رسول الله فقال تردين عليه حديقته فقالت نعم فدعاه فذكر ذلك له فقال ويطيب لي ذلك قال نعم قال قد فعلت فنزلت ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الآية إلى قوله فلا تعتدوها
أخرجه سنيد في تفسيره عن حجاج عنه والطبري من طريق وذكره الثعلبي بغير إسناد فقال نزلت هذه الآية في جميلة بنت عبد الله بن أبي وفي زوجها
[العجاب في بيان الأسباب: 1/584]
ثابت بن قيس وكان يحبها حبا شديدا وتبغضه بغضا شديدا فكان بينهما كلام فشكت إلى أبيها فذكر القصة مطولة إلى أن قال خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها ففعل فكان أول خلع في الإسلام وأنزل الله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا
وأصل قصة ثابت بن قيس بن شماس وحبيبة بنت سهل عند مالك في الموطأ من رواية عمرة بنت عبد الرحمن عنها
وعند أبي داود من وجه آخر عن عمرة عن عائشة جاءت حبيبة بنت سهل
203 - وله قصة أخرى مع جميلة بنت أبي أخت عبد الله في الخلع أخرجه الطبري من طريق عبد الله بن رباح عن جميلة
وقال ابن عباس أول خلع وقع في الإسلام أخت عبد الله بن أبي الحديث أخرجه الطبري أيضا كذا سماه ونسبها ويؤكد ما ذكره من أنها بنت عبد الله بن أبي لا أخته قوله إنها شكت إلى أبيها لأن والد عبد الله لم يكن موجودا إذ ذاك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/585]
140 - قوله ز تعالى فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره الآية 230
قال الثعلبي نزلت هذه الآية في تميمة وقيل عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك القرظي كانت تحت رفاعة بن وهب بن عقيل فطلقها ثلاثا فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير النضري فطلقها فأتت نبي الله فقالت إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب ولقد طلقني قبل أن يمسني أفأرجع الى ابن عمي فتبسم رسول الله فقال تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا الحديث قال فلبثت ما شاء الله ثم رجعت فقالت إن زوجي كان قد مسني فقال لها النبي كذبت بقولك الأول فلن نصدقك فلبثت حتى قبض النبي فأتت أبا بكر فردها ثم أتت عمر فردها وقال لها لأن رجعت لأرجمنك
قلت وأصل القصة في الصحيحين وليس في شيء من طرقه إن الآية نزلت فيها وإنما أوردته تبعا للثعلبي لاحتمال أن يكون وقعت له رواية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/586]
وقال مقاتل نزلت في تميمة بنت وهب بن عتيك النضري وفي زوجيها رفاعة وعبد الرحمن بن الزبير القرظيين تزوجها عبد الرحمن بعد أن طلقها رفاعة يقول فإن طلقها الزوج الثاني عبد الرحمن فلا جناح عليهما يعني الزوج الأول رفاعة ولا على المرأة تميمة أن يتراجعها بعقد جديد ومهر جديد
قلت الأصل في القصة ماأخرجه الشيخان في الصحيحين واللفظ لأحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا وأبو بكر عند النبي فقالت إن رفاعة طلقني البتة وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني وإنما عنده مثل هذه الهدبة وأخذت هدبة من جلبابها وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له فقال يا أبا بكر ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله فما زاد رسول الله على التبسم فقال رسول الله كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسليتك أخرجه البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه مختصرا واتفقا عليه من رواية القاسم عن عائشة
وأخرجه مالك في الموطأ عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/587]
الرحمن بن الزبير أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله ثلاثا فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فأعرض عنها فلم يستطع أن يمسها فطلقها فأراد رفاعة أن ينكحها فذكر ذلك لرسول الله فنهاه عن تزويجها وقال لا تحل لك حتى تذوق العسلية
هكذا أخرجه مرسلا ورواه إبراهيم بن طهمان وعبد الله بن وهب عن مالك فقالا في آخر السند عن أبيه وهو عبد الرحمن بن الزبير صاحب القصة
141 - قوله ز تعالى ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا 231
قال عبد الرزاق 204 أنا معمر عن قتادة كان الرجل يحلف بطلاق امرأته فإذا بقي من عدتها شيء أرجعها ليضرها بذلك ويطيل عليها فنهاهم الله عن ذلك وأمر أن يمسكوهن بمعروف أو يسرحوهن بمعروف
وأخرج الطبري بسند صحيح عن الحسن البصري كان الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها يضارها بذلك فنهاهم الله عن ذلك
ومن طريق العوفي عن ابن عباس نحوه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/588]
ومن طريق مجاهد نحوه
وقيل الرجعة تأخير زمن العدة وهو أظهر في المضارة
ومن طريق الربيع بن أنس نحوه بالزيادة
ومن طريق الضحاك نحوه وزاد أنها نزلت في رجل من الأنصار اسمه ثابت ابن يسار
142 - قوله ز تعالى ولا تتخذوا آيات الله هزوا 231
أخرج الطبري بسند صحيح عن الزهري عن سليمان بن أرقم أن الحسن حدثه أن الناس كانوا في عهد رسول الله يطلق الرجل أو يعتق فيقال له ما صنعت فيقول كنت لا عبا قال الحسن وهو قول الله تعالى ولا تتخذوا آيات الله هزوا
قلت وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر فإن سليمان بن أرقم أصغر من الزهري
[العجاب في بيان الأسباب: 1/589]
ومن طريق الربيع بن أنس كان الرجل يطلق أو يتزوج أو يعتق أو يتصدق فيقول إنما فعلت لاعبا فنهوا عن ذلك فقال تعالى ولا تتخذوا آيات الله هزوا
143 - قوله تعالى وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن الآية 232
1 - أخرج البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان عن يونس بن عبيد عن الحسن وهو البصري قال في قوله تعالى فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا الآية قال حدثني 205 معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال كنت زوجت أختا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليها أبدا قال
و كان رجلا لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية فقلت الآن أفعل يا رسول الله فزوجتها إياه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/590]
وأخرجه البخاري أيضا والطبري والدارقطني من طريق عباد بن راشد عن الحسن حدثني معقل بن يسار قال كانت لي أخت تخطب إلي وكنت أمنعها من الناس فأتاني ابن عم لي فخطبها مع الخطاب فأنكحتها إياه فاصطحبا ما شاء الله ثم طلقها طلاقا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فخطبها مع الخطاب فقلت منعتها الناس زوجتك بها ثم طلقتها طلاقا له رجعة ثم تركتها حتى انقضت عدتها فلما خطبت إلي أتيتني تخطبها لا أزوجك أبدا فأنزل الله الآية إلى قوله أزواجهن فكفرت عن يميني وأنكحتها
وأخرجه عبد بن حميد وأبو مسلم الكجي من رواية مبارك بن فضالة عن الحسن عن معقل بن يسار إنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها وهويته فخطبها مع الخطاب فقال له يا لكع أكرمتك بها فطلقتها والله لا
[العجاب في بيان الأسباب: 1/591]
ترجع إليك أبدا أحرما عليك قال فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه فأنزل الله هذه الآية قال فسمع ذلك معقل بن يسار فقال سمعا لربي وطاعة 206 فدعا زوجها فقال أزوجك وأكرمك فزوجها إياه
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الحسن مرسلا
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة قالا في قوله تعالى فلا تعضلوهن نزلت في معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها فذكر القصة بنحوه
وأخرجه البخاري والطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن معقل باختصار وأرسله قتادة مرة أخرى وأفاد الطبري من طريق ابن جريج أن اسم أخت معقل جمل
ومن طريق الثوري عن أبي إسحاق السبيعي هي فاطمة بنت يسار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد من طريق مجاهد هذه القصة مختصرة مرسلة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/592]
وأخرج الفريابي أيضا عن قيس بن الربيع عن خصيف عن مجاهد وعكرمة قالا في هذه الآية كان الرجل يطلق امرأته فيندم وتندم حتى يحب أن ترجع إليه وتحب هي ذلك فيأنف الولي فقال الله عز وجل فلا تعضلوهن الآية
وأخرج عبد بن حميد من طريق عبيدة بن معتب نحو هذا وفيه فيقول أولياؤها والله لا ترجعين أبدا إليه لقد استخف بحقنا بطلاقك فنزلت وأخرج
2 - قول آخر أخرج الطبري من طريق أسباط بن عمرو عن السدي عن رجاله قال نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله الأنصاري كانت له بنت عم فطلقها زوجها تطليقة فانقضت عدتها ثم رجع يريد خطبتها فأبى جابر وقال طلقت بنت عمنا وتريد أن تنكحها الثانية وكانت المرأة تريد زوجها قد رضيته فنزلت هذه الآية
144 - قوله ز تعالى والذين يتوفون 207 منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا 234
قال عبد بن حميد نا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/593]
هذه الآية قال كانت هذه العدة تعتد عند أهل زوجها واجب ذلك عليها فأنزل الله الآية التي بعد والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول الآية قال جعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين يوما وصية إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت فالعدة كما هي واجبة عليها قال وقال عطاء عن ابن عباس نسخت هذه الآية عدتها تعتد حيث شاءت قال عطاء ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله يعني ولا ترث ثم أنزل الله تعالى بعد والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فهذه عدة المتوفى عنها إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها وأنزل ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد الآية بين الله ميراث المرأة وتركت الوصية لها والنفقة عليها
ومن طريق ابن جريج عن عطاء وهو الخراساني عن ابن عباس نحوه
ومن طريق قتادة كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كانت لها السكنى والنفقة حولا من مال زوجها ما لم تخرج ثم نسخ ذلك بعد يعني بقوله تعالى هذه الآية وكذا جاء عن جماعة من التابعين وستأتي بقية القول فيه في الآية الأخرى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/594]
ونقل ابن ظفر عن وابن عباس كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت في بيته سنة ينفق عليها من ماله ثم نزل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا الآية فصارت هي عدة المتوفى عنها إلا أن تكون حاملا
145 - قوله ز تعالى ولا جناح 208 عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء 235
قال عبد بن حميد عن يونس عن شيبان عن قتادة كان الرجل يأخذ عهد المرأة في مرضه أن لا تنكح زوجا غيره فنهى الله عن ذلك وأحل القول بالمعروف
وقال ابن ظفر قيل كان السبب في نزولها أن الفاجر كان يدخل على المعتدة فتظهر له شدة الرغبة في التزويج فيطالبها بتعجيل الوقاع
قلت وهو موافق لمن فسر السر هنا بالزنا وقد نقلوه عن أكثر العلماء
وقال الشعبي هو أن يأخذ ميثاقها على أن لا تتزوج غيره ففسر المواعدة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/595]
بالمعاهدة والسر بالتزويج
146 - قوله ز تعالى ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين 236
قال ابن ظفر إن هذه الآية لما نزلت قال قائل إن أردنا الإحسان متعناهن فنزل حقا على المتقين فقالوا حينئذ كلنا نتقي الله أو نحوه
قلت وسيأتي من أخرجه في الآية الأخرى من عند الطبري
وقال مجاهد نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة ولم يسم لها مهرا ثم طلقها قبل أن يمسها فقال له النبي أطلقتها قال نعم إني لم أجد نفقة قال متعها بقلنسوتك أما إنها لا تساوي شيئا ولكن أردت أن أحيي سنة
147 - قوله ز تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى 238
أخرج الطبري من طريق شعبة أخبرني عمرو بن أبي حكيم سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت كان رسول الله يصلي الظهر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/596]
بالهاجرة ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها قال فنزلت 209 حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى قال وقال إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين يعني ليليتين ونهاريتين ومن طريق ابن أبي ذئب عن الزبرقان إن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت فأرسلوا إليه رجلين يسألانه عن الصلاة الوسطى فقال زيد هي الظهر فقام رجلان منهما فلقيا أسامة بن زيد فسألاه فقال هي الظهر إن رسول الله كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان الناس يكونون في قائلتهم وفي تجارتهم فقال رسول الله لقد هممت أن أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة بيوتهم فنزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وعلى الصلاة الوسطى
قلت وقد اختلف في تعيين الوسطى على أقوال كثيرة أصحها أنها العصر وجمع الحافظ شرف الدين الدمياطي فيها كتابا اتصلت روايته وليس هذا محل بسط ذلك
[العجاب في بيان الأسباب: 1/597]
148 - قوله تعالى وقوموا لله قانتين 238
أخرج الشيخان في صحيحهما وآخرون عن زيد بن أرقم كان أحدنا يكلم صاحبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام
وأخرج النسائي والطبري من طريق كلثوم بن المصطلق عن ابن مسعود قال
إن النبي كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة فأتيته ذات يوم
[العجاب في بيان الأسباب: 1/598]
فسلمت فلم يرد علي وقال إن الله يحدث في أمره ما يشاء وإنه قد أحدث أن لا يتكلم في الصلاة أحد إلا بذكر الله وما ينبغي من تسبيح وتحميد وقوموا لله قانتين
ومن طريق زر بن حبيش عن ابن مسعود وله طرق عند الطبري منها طريق السدي في خبر ذكره عن مرة عن ابن مسعود كنا نقوم في الصلاة ونتكلم ويسأل الرجل صاحبه عن حاجته ويخبره ويرد عليه حتى دخلت فسلمت فلم يردوا علي فاشتد علي فلما قضى النبي صلاته قال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة والقنوت السكوت وأخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن ابن مسعود
وأخرج الفريابي عن الثوري عن منصور عن مجاهد كانوا يتكلمون في الصلاة يكلم الرجل بحاجته حتى نزلت وقوموا لله قانتين فقطعوا الكلام والقنوت السكوت والقنوت الطاعة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/599]
وأخرجه عبد بن حميد من رواية الثوري ومن طريق أبي معشر عن محمد ابن كعب قال كان أصحاب رسول الله يتكلمون في الصلاة إذا أرادوا الحاجة كما يتكلم اليهود حتى نزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين قال فتركوا الكلام
149 - قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج الآية 240
أخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره من طريق مقاتل بن حيان في قوله تعالى والذين يتوفون منكم الآية إن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء ومعه أبوان وامرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك إلى النبي فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بالمعروف ولم يعط امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول
وقال مقاتل 211 بن سليمان في تفسيره عن حكيم بن الأشرف فذكر نحوه وزاد في آخره وذلك قبل أن تنزل آية المواريث ثم نزلت والذين يتوفون منكم يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ونزلت آية المواريث فجعل للمرأة الثمن أو الربع وكان ميراثها قبل ذلك نفقة سنة وقد تقدم في قوله تعالى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/600]
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا نحو هذا عن ابن عباس وهذه الآية التي هنا سابقة في النزول والتي هناك سابقة في رسم المصحف وقد قال عثمان لعبد الله بن الزبير لما سأله عن ذلك يا ابن أخي لا أغير شيئا منه مكانه يعني بقاء رسمها بعد التي نسختها
150 - قوله ز تعالى وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين تقدم في الآية التي قبلها التي في آخرها حقا على المحسنين 241
قال الطبري حدثني يونس أنا ابن وهب قال: قال ابن زيد بن أسلم لما نزلت ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين قال رجل إن أحسنت فعلت فقال الله عز وجل وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين
وأخرج الطبري من طريق سعيد بن جبير بسند صحيح قال لكل مطلقة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/601]
متاع بالمعروف قال الطبري في الأولى حكم عير الممسوسة إذا طلقت وفي هذه بيان حكم جميع المطلقات
151 - قوله ز تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة 245
1 - قال مقاتل بن سليمان نزلت في أبي الدحداح واسمه عمر
وذلك أن النبي قال من تصدق بصدقة فله مثلها في الجنة فقال أبو الدحداح إن تصدقت بحديقتي فلي مثلها 212 في الجنة قال نعم قال وأم الدحداح معي قال نعم قال والصبية قال نعم وكان له حديقتان فتصدق بأفضلهما واسمها الجنينة فضاعف الله صدقته ألفي ألف ضعف فذلك قوله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثير فرجع أبو الدحداح إلى حديقته فوجد أم الدحداح والصبية في الحديقة التي جعلها صدقة فقام على باب الحديقة وتحرج أن يدخلها قال يا أم الدحداح قالت لبيك يا أبا الدحداح قال إني قد جعلت حديقتي هذه صدقة واشترطت مثلها في الجنة وأم الدحداح معي والصبية معي فقالت بارك الله في ما اشتريت فخرجوا منها وسلم الحديقة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/602]
للنبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم كم من نخلة تدلي عذوقها في الجنة لأبي الدحداح لو اجتمع على عذق فيها أهل منى أن يقلوه ما أقلوه
وأصح من ذلك ما وقع في حديث ابن مسعود بعكس ذلك وهو أن الآية سبب لتصدق أبي الدحداح بذلك فأخرج الطبري وابن أبي حاتم والطبراني
[العجاب في بيان الأسباب: 1/603]
من طريق خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله ابن مسعود قال لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال أبو الدحداح يا رسول الله أو إن الله يريد منا القرض قال نعم يا أبا الدحداح قال يدك قال فتناول يده قال فإني قد أقرضت ربي حائطي حائطا فيه ستمائة نخلة ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدحداح فيه في نخلها فناداها يا أم الدحداح 213 قالت لبيك قال اخرجي فإني قد أقرضت ربي حائطا فيه ستمائة نخلة

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 شعبان 1432هـ/3-07-2011م, 05:45 PM
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 3,529
افتراضي

وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه نحوه
ولأبي الدحداح قصة أخرى رواها الواحدي بسند صحيح على شرط مسلم لكن لا تتعلق بسبب النزول
2 - قول آخر قال ابن حبان في النوع الثاني من القسم الأول من
[العجاب في بيان الأسباب: 1/604]
صحيحه أخبرنا حاجب بن أركين نا أبو عمر الدوري حفص بن عمر نا أبو إسماعيل المؤدب عن عيسى بن المسيب عن نافع عن ابن عمر قال لما نزلت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل الآية قال رسول الله رب زد امتي فنزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية فقال رب زد أمتي فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
وأخرج الطبراني في الأوسط حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي نا حفص ابن عمر به وقال لم يروه عن نافع إلا عيسى بن المسيب ولا عنه إلا أبو إسماعيل المؤدب تفرد به حفص كذا قال ولم ينفرد به حفص لمتابعة إسماعيل بن إبراهيم ابن بسام عن أبي إسماعيل أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة عن إسماعيل
وأخرجه الخطيب في المؤتلف من طريق الحسن بن علي بن يسار العلاف عن حفص
[العجاب في بيان الأسباب: 1/605]
و لم ينفرد به أبو إسماعيل فقد أخرجه أبو بكر بن مردويه من وجه آخر عن عيسى فظهر أن المنفرد به عيسى وهو ضعيف عند أهل الحديث حتى أن ابن حبان ذكره في الضعفاء ولكن له شاهد من رواية ابن المنذر عن سفيان ولفظه 214 لما نزلت من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها قال النبي رب زد أمتي فنزلت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل الآية فقال رب زد أمتي فنزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الآية فقال ربي زد أمتي فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
و على تقدير أن يكون محفوظا فتضم هذه الآية إلى الآيات التي وقعت في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/606]
ترتيب السور متقدمة على سبب نزول المتأخرة كما جاء في قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإنها في النزول متأخرة عن الآية الأخرى وهي والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج وهذه الثانية في ترتيب سورة البقرة متأخرة عن الأخرى وقد تقدم الكلام عليهما بما يدل لما قلته
152 - قوله ز تعالى ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد 253
أخرج ابن عساكر في ترجمة معاوية من تاريخ دمشق بسند فيه راو ضعيف جدا قال: قال النبي لمعاوية أتحب عليا قال نعم قال إنه سيكون بينكما قتال قال فما بعده قال عفو الله قال رضيت بقضاء الله قال فنزلت ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن يفعل الله ما يريد انتهى وفيه نكارة من أن سياق
[العجاب في بيان الأسباب: 1/607]
الآيات ظاهر أن الضمير لمن في قوله قبلها ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا والمراد بهم ما صرح به في الآية المذكورة فمنهم من آمن ومنهم من كفر
153 - قوله ز تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم 255
215 - أخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية في ترجمة سعيد بن جبير من طريق أشعث القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد قال: قالت بنو إسرائيل لموسى هل ينام ربك فقال موسى اتقوا الله فقالوا أيصلي ربك قال اتقوا الله فقالوا هل يصبغ ربك قال اتقوا الله قال فأوحى الله إليه أن بني إسرائيل سألوك أينام ربك فخذ زجاجتين فضعهما على كفيك ثم قم الليل قال ففعل موسى ذلك فلما ذهب من الليل الثلث نعس موسى فوقع لركبته ثم ضبطهما فقام فلما أدبر الليل نعس أيضا فوقع لركبته فسقطت الزجاجتان فانكسرتا فأوحى الله لو كنت أنام لسقطت السماوات على الأرض ولهلك كل شيء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/608]
كما هلك هاتان قال أشعث وفيه نزلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم الحديث
154 - قوله ز تعالى من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه 255
قال الثعلبي قال المفسرون سبب نزولها ان الكفار كانوا يعبدون الأصنام ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فأنزل الله لا إله إلا هو الحي القيوم إلى آخرها فبين الله أن لا شفاعة إلا لمن أذن له هذا يصلح في هذا الكتاب وأما الذي قبله فليس هو سبب نزولها على النبي وإنما هو سبب محصل ما اشتملت عليه على موسى
وقد ذكر الواحدي نظائر لذلك وليس من شرطه وسيأتي بعض ذلك قريبا
155 - قوله تعالى لا إكراه في الدين الآية 256
1 - أخرج أبو داود والنسائي والطبري وأحمد وصححه ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/609]
حبان من طريق شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى لا إكراه في الدين كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش لها ولد 216 لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار فقالت الأنصار يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله تعالى لا إكراه في الدين قال سعيد بن جبير فمن شاء دخل في الإسلام ومن شاء لحق بهم
و أخرجه الطبري من طريق أبي عوانة عن أبي بشر سألت سعيد بن جبير عن قوله لا إكراه في الدين قال نزلت في الأنصار قلت خاصة فذكره وقال في آخره قالوا يا رسول الله أبناؤنا وإخواننا فيهم فسكت عنهم فأنزل الله الآية فيهم فقال قد خير أصحابكم فإن اختاروهم فهم منهم قال فأجلوهم معهم
طريق أخرى أخرج الطبري من طريق داود بن أبي هند عن عامر الشعبي كانت المرأة من الأنصار نحوه إلى قوله لتهودنه فجاء الإسلام وطوائف من أبناء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/610]
الأنصار على دينهم فقالوا إنما جعلناهم على دينهم ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا فإذا جاء الله بالإسلام فلنكرهنهم فنزلت لا إكراه في الدين فكان فصل ما بين من اختار اليهودية والإسلام فمن لحق بهم اختار اليهودية ومن أقام اختار الإسلام
و في لفظ له من هذا الوجه فكان فصل ما بينهم إجلاء رسول الله بني النضير فلحق بهم من لم يسلم وبقي من أسلم وفي رواية له أيضا لحق بخيبر
2 - قول آخر أخرج الطبري وإسماعيل القاضي في أحكام القرآن وأبو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/611]
داود في الناسخ والمنسوخ من طريق أسباط عن السدي في هذه الآية قال نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين كان له ابنان فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما باعوا وأرادوا 217 أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا وذهبا معهم إلى الشام فأتى أبوهما رسول الله فقال يا رسول الله أن ابني تنصرا وخرجا أما أطلبهما فقال لا إكراه في الدين ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب فقال أبعدهما الله هما أذل من كفر فوجد أبو الحصين في نفسه فأنزل الله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم إلى قوله تسليما ثم نسخ لا إكراه في الدين فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة
طريق أخرى قال عبد بن حميد نا روح بن عبادة عن موسى بن عبيدة أخبرني عبد الله بن عبيدة أن رجلا من أصحاب رسول الله من بني سالم بن عون كان له ابنان تنصرا قبل أن يبعث النبي فقدما المدينة في نفر منهم يحملون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/612]
الطعام فرآهما أبوهما فالتزمهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي بعد أن قدما المدينة فقال يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر فأنزل الله تعالى لا إكراه في الدين
طريق أخرى قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير في قوله لا إكراه في الدين نزلت في رجل من بني سالم بن عوف من الأنصار يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلما فذكر نحو رواية السدي
3 - قول آخر أخرج الطبري وعبد بن حميد من رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كان اليهود أرضعوا رجالا من الأوس فلما أمر النبي بإجلائهم قال أبناؤهم من الأوس لنذهبن معهم ولندينن بدينهم فمنعهم أهلوهم وأكرهوهم على الإسلام ففيهم نزلت هذه الآية لا إكراه في الدين
ومن رواية لعبد من هذا الوجه كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة
و في رواية الفريابي من بني النضير وفي أخرى عند الواحدي قريظة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/613]
و النضير
و أخرج الطبرسي من طريق أخرى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعن وائل عن الحسن أن أناسا من الأنصار ارتضعوا في بني النضير
4 - وأخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس نزلت لا إكراه في الدين لما دخل الناس في الدين وأعطى أهل الكتاب الجزية
و قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كانت العرب لا دين لهم فأكرهوا بالسيف ولا يكره اليهود ولا النصارى ولا المجوس إذا أعطوا الجزية
و نقل الثعلبي عن قتادة عن الضحاك وعطاء وأبي روق إن معنى الآية أن العرب كانت أمة واحدة أمية ليس لهم دين ولا كتاب فلم يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف فلما أسلموا طوعا أو كرها أمر الله أن يقاتل أهل الكتاب إلى أن يسلموا أو يقروا بالجزية فمن أدى الجزية لم يكره على الإسلام
و عن مقاتل بن سليمان كان النبي لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب فلما دخل العرب في الدين قبل الجزية من المجوس قال منافقو أهل المدينة زعم محمد أنه لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب فما بال المجوس فذكر ذلك للنبي فأنزل
[العجاب في بيان الأسباب: 1/614]
الله تعالى 219 لا إكراه في الدين يعني بعد إسلام العرب
156 - قوله ز تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور الآية 257
أخرج الطبري من طريق منصور بن المعتمر عن عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد أو مقسم في هذه الآية قال
كان قوم آمنوا بعيسى وقوم كفروا به فلما بعث الله محمدا آمن به الذين كفروا بعيسى وكفر به الذين آمنوا بعيسى فقال الله تعالى الله ولي الذين آمنوا الآية
هذه رواية بهز وأخرجه من رواية معتمر عن منصور عن رجل عن عبدة بن أبي لبابة قال في هذه الآية الله ولي الذين آمنوا كان أناس آمنوا بعيسى لما جاءهم محمد آمنوا به فأنزلت فيهم
و نقله الثعلبي عن ابن عباس بلفظ هم قوم كفروا بعيسى ثم آمنوا بمحمد فأخرجهم الله من كفرهم بعيسى إلى الإيمان بمحمد المصطفى في الأنبياء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/615]
157 - قوله ز تعالى والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات 257
قال المقاتلان هم اليهود كانوا آمنوا بمحمد قبل أن يبعث لما يجدونه في كتبهم من نعته أي صفته فلما بعث كفروا به
158 - قوله تعالى وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى الآية 260
ذكر الواحدي ما أورده أئمة التفسير في ذلك عن ابن عباس والحسن بن عكرمة وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج وابن إسحاق في كتاب المبتدأ وهذا ليس من أسباب النزول التي يكثر السؤال عنها ويبني عليها الأحكام أهل الكلام حيث يكون الحكم عاما أو يختص بها من نزلت بسببه وإنما هو من ذكر أسباب ما وقع 220 في الأمم الماضية وقد أخل بالكثير من هذا أوله القصة التي قبل هذه في الذي أنزلت فيه أو كالذي مر على قرية وقد استدركت كثيرا مما فاته من ذلك من غير استيعاب بخلاف ما هو صريح في سبب نزول الآية المخصوصة فإنني استوعبته بحسب الطاقة والكثير منه مما استدركته عليه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/616]
وهو في تسمية الذين قال أنه نقل عنهم هذه القصة تابع للثعلبي فإنه نسب ذلك ذهولا ومراده أن الرواية عنهم على سبيل التوزيع عليهم وقد نبهت على الأول حيث وقع غالبا
ومحصل القول في السبب الذي حمل إبراهيم عليه السلام على السؤال خمسة أقوال
1 - أحدها أنه تيقن لكنه بالمشاهدة أراد أن يزداد يقينا
وأخرج عبد بن حميد بن سلم بن قتيبة عن أبي هلال وعن روح عن عوف واللفظ له كلاهما عن الحسن قال إن كان إبراهيم عليه السلام لموقنا بأن الله يحيى الموتى ولكن لا يكون الخبر عند ابن آدم كالعيان وإن الله أمره أن يأخذ أربعة من الطير إلى آخره
الثاني أن إبليس أراد ان يشككه ففزع إلى سؤال ربه
فأخرج أبو الشيخ في التفسير من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان نا أبي قال كنت جالسا مع عكرمة عند الساحل فقال عكرمة إن الذين يغرقون في البحر تتقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون به فتخمد تلك النار فتجيء الريح فتسقي ذلك الرماد عن الأرض فإذا جاءت 221 النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء أورده الواحدي عقب رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم التي أخرجها الطبري قال مر إبراهيم عليه السلام
[العجاب في بيان الأسباب: 1/617]
بحوت ميت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان في البحر فدواب البحر تأكله وما كان في البر فدواب البر تأكله فقال له إبليس الخبيث متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء فقال يا رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن الآية
الثالث أن إبراهيم عليه السلام أتى على دابة توزعتها السباع والدواب فقال رب أرني كيف تحيي الموتى
أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ومن طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال مر إبراهيم على دابة ميت قد بلي وتقسمته السباع والرياح فقام ينظر فقال سبحان الله كيف يحيى الله هذا وقد علم أن الله قادر على ذلك فأراد أن يشاهد الكيفية
و أما ابن جريج فأخرج الطبري من تفسير سنيد عن حجاج عنه قال بلغني أن إبراهيم بينما هو يسير إذا هو بجيفة حمار فذكر نحوه وفيه فعجب ثم قال رب قد علمت لتجمعنها من بطون هذه السباع رب أرني وفي آخره قال بلى ولكن ليس الخبر كالمعاينة وهذا يمكن أن يرجع إلى الذي قبله
[العجاب في بيان الأسباب: 1/618]
و ذكره مقاتل بمعناه لكن في آخره ليسكن قلبي بأنك أريتني الذي أردت
السبب الرابع أورده الطبري من طريق محمد بن إسحاق قال لما جرى بين إبراهيم وبين قومه ما جرى وخرج من النار قال له نمرود أرأيت إلهك هذا الذي تدعو إلى عبادته ما بلغ من قدرته قال ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت فذكر ما قص الله تعالى فقال إبراهيم 222 عند ذلك رب أرني كيف تحيي الموتى إلى قوله ليطمئن قلبي عن غير شك في قدرة الله ولكنه أحب أن يعلم ذلك وتاق إليه قلبه هكذا سياق الطبري بسنده وذكره الواحدي عن ابن إسحاق بلفظ إن إبراهيم لما احتج على نمرود قتل نمرود رجلا وأطلق رجلا ثم قال قد أمت وأحييت فقال له إبراهيم فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت فقال له نمرود هل عاينت هذا الذي تقوله فلم يقدر أن يقول نعم فانطلق إلى حجة أخرى ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الإحتجاج ويخبر عن مشاهدة
وهذا أخرجه الطبري أيضا وفيه أن نمرود لما قال أنا أحيي وأميت قال له إبراهيم كيف تحيي وتميت قال آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي فأقتل أحدهما فأكون قد أمته وأعفو عن الآخر فأكون قد أحييته فقال له إبراهيم عند ذلك فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فائت بها من المغرب فبهت عند ذلك نمرود
[العجاب في بيان الأسباب: 1/619]
ووقعت عليه الحجة
السبب الخامس أخرجه الطبري من طريق أسباط بن نصر عن السدي قال لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه أن يأذن له فيبشر إبراهيم عليه السلام بذلك فأذن له فأتى إبراهيم وليس في البيت فدخل داره وكان إبراهيم أغير الناس إذا خرج أغلق الباب فلما جاء فوجد في داره رجلا ثار إليه ليأخذه وقال له من أذن لك أن تدخل داري فقال ملك الموت أذن لي رب هذه الدار فقال إبراهيم صدقت وعرف انه ملك الموت قال من أنت قال أنا ملك الموت جئتك أبشرك بأن الله قد اتخذك خليلا فحمد الله 223 قصة في سؤاله ملك الموت أن يريه صورته حين يقبض الكافر وفي حين يقبض المؤمن قال وقام إبراهيم يدعو ربه يقول رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك قال أو لم تؤمن أي تصدق بأني خليلك قال بلى ولكن ليطمئن قلبي بخلولتك
ثم أخرج من طريق عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال ليطمئن قلبي بالخلة ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/620]
عباس في قوله ولكن ليطمئن قلبي أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك
قلت وهذا يمكن أن يرد إلى الخلة لأن ذلك من شأن الخليل ويجوز أن يكون سببا آخر ويؤخذ من هذين الأمرين أن ابن عباس حمل السؤال على الكيفية لا على أصل إحياء الموتى لأنه كان يتيقن أن الله يحيى الموتى فسأله أن يريه الكيفية وعلى هذا فقوله في الحديث المخرج في الصحيح نحن أولى بالشك من إبراهيم معناه أنه ليس في القصة ما يقتضي أنه حصل عنده شك في القدرة وإنما أراد الاستظهار على من ينكرها إذا شاهد كيفيتها فأخبر عن معاينة وتقدير الخبر نحن أحق بالشك من إبراهيم أن لو شك ومنهم من قال المراد بقوله نحن خطاب من خطابهم والتقدير أنتم وإنما عبر بنحن تأنيسا لهم بإيهام دخوله معهم
159 - قوله تعالى الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله الآية 262
قال الثعلبي قال الكلبي نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف أما عبد الرحمن بن عوف فإنه جاء إلى النبي بأربعة آلاف درهم 224 وأربعة آلاف أقرضها ربي فقال له رسول الله بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت وأما عثمان فقال علي جهاز من لا جهاز له في غزوة تبوك فجهز المسلمين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/621]
بألف بعير بأقتابها وأحلاسها وتصدق برومة ركية كانت له على المسلمين فنزلت فيهما هذه الآية
و قال مقاتل بمعناه مختصرا
و قال ابن ظفر نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن أما أبو بكر فأنفق جميع ماله وأما الباقون فأنفق نصف ما عنده وكذا ابن عوف وأما عثمان فاشترى بئر رومة وجهز جيش العسرة وأما علي فباع حائطا له باثني عشر ألفا فتصدق بجميعها وأصبح يوما وليس عنده سوى أربعة دراهم فتصدق بها وكان كثير الإيثار على نفسه وقال أبو سعيد الخدري رأيت رسول الله رافعا يديه يدعو لعثمان بن عفان ويقول يا رب عثمان بن عفان رضيت عنه فارض عنه فما زال رافعا يده حتى طلع الفجر فأنزل الله عز وجل فيه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/622]
الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله الآية
160 - قوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون الآية 267
قال عبد بن حميد أنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي مالك عن البراء قال نزلت فينا هذه الآية كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرة نخله وقلته فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام إذا جاع أحدهم أتى القنو فضربه فيسقط من البسر والتمر ما يأكله وكان أناس ممن لا يرغب في الخير يجيء أحدهم بالقنو فيه الحشف 225 وبالقنو فيه الشيص وبالقنو وقد انكسر فيعلقه قال فنزلت يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون
وهكذا أخرجه الترمذي وابن أبي حاتم من رواية عبيد الله بن موسى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/623]
وأخرجه ا الروياني والحاكم في المستدرك من طريق أسباط بن نصر عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء نحوه ولفظه نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا عند جذاذ النخل من حيطانها يخرجون أفناء من التمر والبسر فيعلقونها على حبل بين أسطوانتين في المسجد فيأكل منه فقراء المهاجرين الحديث فنزلت
و أخرج الحاكم من طريق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن جابر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/624]
قال امر النبي بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فنزلت
و أخرجه الفريابي وعبد بن حميد عن قبيصة عن الثوري به عن جعفر عن ابيه مرسلا لم يذكر جابر وزاد فيه فقال رسول الله لا يجزين هذا التمر فنزلت وأمر النبي الذي يخرص التمر أن لا يجيزه
و أخرج عبد بن حميد والنسائي من طريق أبي أمامة بن سهل كان المنافقون يتلومون شرار ثمرهم الصدقة فنزلت
و أخرجه ابن أبي حاتم موصولا من طريق أبي الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري عن أبي أمامة عن أبيه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/625]
وذكره أبو داود عن أبي الوليد مختصرا
و أخرج الفريابي وعبد بن حميد من طريق مجاهد نحوه وعبد من طريق قتادة ذكر لنا أن الرجل كان يكون له حائطان على عهد نبي الله فينظر إلى أردئهما تمرا فيتصدق 226 به ويخلط به الحشف فعاب الله ذلك عليهم وتلا هذه الآية وعن يعلى بن عبيد عن جويبر عن الضحاك كان ناس من المنافقين يجيئون بصدقاتهم بأردئ ما عندهم من التمر فأنزل الله تعالى ولا يتمموا الخبيث ومن طريق الحسن نحوه
و أخرجه الثعلبي من طريق محمد بن مروان السدي الصغير في روايته عن الكلبي عن باذان عن ابن عباس أن رسول الله قال لهم إن لله في أموالكم حقا فإذا بلغ حق الله فأعطوا منه فكانوا يأتون أهل الصدقة بصدقاتهم ويضعونها في المسجد فإذا اجتمعت قسمها رسول الله فجاء رجل بعد ما رق أهل المسجد وتفرق عامتهم بعذق حشف فوضعه في أهل الصدقة فخرج رسول الله فأبصره فقال من جاء بهذا قالوا لا ندري فقال بئس ما صنع صاحب هذا وأمر به فعلق فكل من رآه من الناس يقول بئس ما صنع صاحب هذا الحشف فأنزل الله هذه الآية قلت وذكره مقاتل بن سليمان بمعناه لكن قال في أوله إن النبي أمر
[العجاب في بيان الأسباب: 1/626]
بالصدقة قبل أن تنزل آية الصدقات
محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري أن رجلا من قومه أتى بصدقته يحملها إلى النبي أنواع من التمر من الجعرور ونحوه مما لا خير فيه من التمر فردها رسول الله وأنزل الله تعالى هذه الآية
161 - قوله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم الآية 271
1 - قال الواحدي قال 227 ابن الكلبي لما نزل قوله تعالى وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه قالوا يا رسول الله صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية فأنزل إن تبدوا الصدقات الآية
و ذكره الثعلبي بغير إسناد
2 - قول ز آخر أخرج ابن أبي حاتم نا أبي نا الحسين بن زياد مؤدب محارب نا موسى بن عمير عن الشعبي في قوله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي الآية قال أنزلت في أبي بكر وعمر أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه للنبي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/627]
وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد يخفيه من نفسه حتى دفعه للنبي وقصة إتيان أبي بكر وعمر بالمال وردت من طريق موصولة ولكن ليس فيها ذكر نزول الآية أخرجها أبو داود وصححها الترمذي والحاكم من رواية زيد ين أسلم عن أبيه عن عمر به
162 - قوله تعالى ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء الآية 272
1 - قال الفريابي في تفسيره نا سفيان عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا فرخص لهم فنزلت هذه الآية ليس عليك هداهم إلى قوله وأنتم لا تظلمون
[العجاب في بيان الأسباب: 1/628]
وأخرجه النسائي والطبراني من طريق الفريابي وكذا هو في تفسير الثوري رواية أبي حذيفة
و أخرجه عبد بن حميد عن أبي داود عمر بن سعد الحفري عن سفيان وأخرجه الطبري من طريق الحفري موصولا أيضا
ومن طريق أبي أحمد الزبيري وعبد الله بن المبارك عن سفيان كذلك ولفظ رواية ابن المبارك كان أناس من الأنصار لهم 228 أنسباء وقرابة من قريظة والنضير وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم ويريدون أن يسلموا فنزلت ليس عليك هداهم الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/629]
وأخرج الثعلبي من تفسير الكلبي نحوه وزاد فأعطوهم بعد نزولها
ورواه أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير مرسلا وخالف في سياقه ولفظه قال رسول الله لا تصدقوا إلا على أهل دينكم فنزل قوله تعالى ليس عليك هداهم فقال رسول الله تصدقوا على أهل الأديان
أخرجه هكذا إسحاق في تفسيره عن جرير عنه
وأخرجه الواحدي من طريق سهل بن عثمان عن جرير
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الدشتكي عن أشعث فوصله بذكر ابن عباس ولفظه كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية فأمرنا بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين
و أخرجه الطبري من طريق يحيى بن يمان عن أشعث مرسلا بلفظ كان النبي لا يتصدق على المشركين فنزلت فتصدق عليهم
و ذكره الثعلبي عن سعيد بن جبير بغير إسناد ولفظه كانوا يتصدقون على
[العجاب في بيان الأسباب: 1/630]
فقراء أهل الذمة فلما كثر فقراء المسلمين قال رسول الله فذكر نحو الدشتكي وزاد فمنعوهم ليدخلوا في الإسلام
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق يزيد بن أبي حبيب المصري إنما نزلت هذه الآية وما تنفقوا من خير يوف إليكم في النفقة على اليهود والنصارى فكأنه يشير إلى هذا التفسير المذكور عن سعيد بن جبير وعن ابن الكلبي
طريق آخر أخرج عبد بن حميد والطبري من طريق سعيد عن قتادة 229 ذكر لنا أن ناسا من أصحاب رسول الله قالوا أنتصدق على من ليس من أهل ديننا قال قتادة فأنزل الله ليس عليك هداهم الآية
طريق آخر وأخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من المشركين قرابة وهو محتاج فلا يتصدق عليه يقول ليس من أهل ديني فأنزل الله عز وجل ليس عليك هداهم الآية
[العجاب في بيان الأسباب: 1/631]
طريق آخر أخرج الواحدي من طريق سهل بن عثمان العسكري عن ابن نمير عن حجاج عن سالم المكي عن ابن الحنفية كان المسلمون يكرهون أن يتصدقوا على فقراء المشركين حتى نزلت هذه الآية فأمروا أن يتصدقوا عليهم
قول آخر أخرج الثعلبي من تفسير ابن الكلبي قال اعتمر رسول الله عمرة القضاء وكانت معه في تلك العمرة أسماء بنت أبي بكر فجاءتها أمها قتيلة وجدتها يعني لأمها تسألانها وهما مشركتان فقالت لا أعطيكما شيئا حتى أستأمر رسول الله فإنكما لستما على ديني فاستأمرته في ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله بعد نزول هذه الآية أن تتصدق عليهما فأعطتهما انتهى
و قال مقاتل بن سليمان نزلت في أسماء بنت أبي بكر سألت النبي عن صلة جدها أبي قحافة فنزلت
[العجاب في بيان الأسباب: 1/632]
قلت وهذا متوجه إن كان ما نقله ابن الكلبي ثابتا فإنه حينئذ يحتمل أن تكون أسماء سألت عن حكم صلة جدها أبي قحافة بعد أن دخلت مكة في العمرة 230 المذكورة والمحفوظ لأسماء أن أمها قدمت عليها المدينة تسألها كما سيأتي بيانه في تفسير سورة الممتحنة
وقال ابن ظفر قيل إن عبد الرحمن بن أبي بكر كان مشركا بمكة فكتب إلى أبيه يستوصله فكره أن يصله بشيء لشركه وإن أسماء بنت أبي بكر قدمت عليها أمها قتيلة مشركة تستوصلها فحجبتها ومنعتها فنزلت الآية إذنا في الصدقة على الكفار
قلت وقصة أسماء أشرت إليها وأما عبد الرحمن فما عرفت سلفه فيه
163 - قوله ز تعالى للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله الآية 273
قال مقاتل هم أهل الصفة منهم أبو هريرة وابن مسعود والموالي أربعمئة رجل لا أموال لهم بالمدينة فإن كان الليل أووا إلى الصفة فأمر الله بالنفقة عليهم
و قال ابن ظفر قال ابن عباس نزلت في الفقراء أهل الصفة مهاجرة الأعراب
وقال الثعلبي كانوا نحوا من أربعمئة رجل لا مساكن لهم بالمدينة ولا عشائر أووا إلى صفة المسجد فيجيئون السوق بالنهار ويتعلمون القرآن بالليل وقالوا نخرج في كل سرية فحض الله الناس على فكان الرجل إذا كان عنده فضل أتاهم به
[العجاب في بيان الأسباب: 1/633]
وذكره ابن ظفر عن ابن عباس بنحوه وزاد في آخره حين يمسي
164 - قوله تعالى الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية 274
1 - قال مقاتل نزلت في علي بن أبي طالب لم يملك غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فقال له النبي ما حملك على ذلك قال حملني عليه طلب ما وعد الله فقال لك ذلك فأنزل الله الذين ينفقون أموالهم 231 بالليل والنهار سرا وعلانية
و نقل الواحدي هذا بعينه عن الكلبي وقد رويناه موصولا من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في الطبراني
و أسند ابن مردويه والثعلبي من طريق أيوب عن مجاهد عن ابن عباس كان عند علي فذكره إلى قوله علانية
و قد أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق عبد الوهاب بن مجاهد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/634]
عن أبيه كان لعلي أربعة دراهم فذكره وعبد الوهاب ضعيف
و قد أخرجه عبد الرزاق عنه فوصله بذكر ابن عباس فيه وأخرجه عبد بن حميد عن عبد الرزاق بذلك وينظر في رجال سنده وذكر بقيته الكلبي في تفسيره
2 - قول آخر أخرج ابن أبي حاتم والطبراني والواحدي من طريق ابن مهدي عن يزيد بن عبد الله بن عريب عن أبيه عن جده عن النبي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/635]
نزلت هذه الآية الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار الآية في أصحاب الخيل
و أخرجه عبد بن حميد من طريق قيس بن حجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس قال على الخيل في سبيل الله وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه بلفظ الذين يعلفون الخيل في سبيل الله وأخرج الطبري من طريق العجلان بن سهيل عن أبي أمامة في تفسير هذه الآية الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار الآية نزلت في أصحاب الخيل فيمن لم يرتبطها لخيلاء ولا مضمار
ومن طريق الأوزاعي مثله من قوله
165 - قوله ز تعالى قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا الآية 275
أخرج والطبري من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/636]
مجاهد كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول لك كذا وكذا وتؤخر عني
ومن طريق سعيد 232 عن قتادة إن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل إلى أجل مسمى فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاد وأخر عنه
وقال الثعلبي كان أهل الجاهلية إذا حل مال أحدهم على غريمه فطالبه يقول زدني في الأجل وأزيدك في مالك فيفعلان ذاك ويقولان سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح أو عند محل المال لأجل التأخير فأكذبهم الله فقال وأحل الله البيع وحرم الربا
وهذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير نحوه
وأخرج الطبري من طريق ليث عن مجاهد كانوا إذا حل دين بعضهم فلم يجد ما يعطي زاده وأخره فنهوا عن ذلك
166 - قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 278
أخرج الطبري من طريق أسباط عن السدي نزلت هذه الآية في العباس بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/637]
عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية فيسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني عميرة وهو بنو عمرو بن عمير فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فنزلت
وأخرج الواحدي من طريق السدي أول هذا الخبر وسمى الرجل من بني المغيرة خالد بن الوليد بن المغيرة فذكره إلى قوله فجاء الإسلام فقال في سياقه ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله هذه الآية فقال النبي ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب
قلت وهذا الحديث الآخر ثابت في الصحيحين وغيرهما دون ما قبله من رواية جابر وغيره 233 في خطبة حجة الوداع
ومن طريق ابن جريج كانت ثقيف قد صالحت رسول الله على أنه لهم ربا على الناس فهو لهم وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع فلما كان الفتح استعمل رسول الله على مكة عتاب بن أسيد وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو بن عمير يطلبون رباهم فأبى بنو
[العجاب في بيان الأسباب: 1/638]
المغيرة أن يعطوهم في الإسلام فرفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد فكتب عتاب بن أسيد إلى رسول الله فنزلت يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إلى يظلمون فكتب رسول الله إلى عتاب فقال إن رضوا وإلا فأذنهم بحرب قال ابن جريج وذكر عكرمة أن بني عمرو بن عمير كانوا يأخذون الربا على بني المغيرة ويزعمون أنهم مسعود وعبد ياليل وحبيب وربيعة بنو عمرو بن عمير فهم الذين كان لهم الربا فأسلم عبد ياليل وحبيب وربيعة ومسعود وهلال
قلت لم يتقدم لهلال ذكر في الإخوة الأربعة فيحتمل أن يكون أخاهم فعد خامسا ويحتمل أن لا يكون أخاهم بل كان ممن له ربا من ثقيف فأسلم وسلم الحكم
ووقع في الرواية إشكال لأن ظاهرها أن إسلام ثقيف ومصالحهم كان قبل فتح مكة وليس كذلك ولعل معنى الكلام أن الفاء في قوله فلما كان فتح مكة معقبة لشي محذوف وإنما ذكر فتح مكة هنا لما وقع في القصة أنهم تحاكموا إلى عتاب 234 فبين سبب كونه حاكما ثم أكمل القصة
وقد ساق مقاتل بن سليمان في تفسيره سياقا واضحا فقال نزلت يعني يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا في أربعة إخوة من ثقيف فسماهم ونسبهم كانوا يداينون بني المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم فلما أظهر الله نبيه على الطائف اشترطت ثقيف فذكر الشرط واختصامهم إلى عتاب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/639]
فقال بنو المغيرة أجعلنا أشقى الناس بالربا وقد وضع عن الناس فقالت ثقيف إنا صالحنا على ذلك فكتب عتاب الحديث
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان نحوه وزاد كلهم أخوة وهم الطالبون وبنو المغيرة المطلوبون وذكر سياق القصة التي ذكرها ابن جريج وفيه كتب لهم في الشرط ما كان لهم من ربا إلى آخره وزاد ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم فلما طلبوهم قالت بنو المغيرة والله لا نعطي الربا في الإسلام وقد وضعه الله فرفعوا شأنهم لمعاذ بن جبل ويقال عتاب بن أسيد وأحدهما عامل رسول الله على مكة فكتب بقصتهم فأنزل الله على نبيه يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فكتب إلى معاذ بن جبل أن اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم وإن أبوا فآذنهم بحرب
وأخرج أبو يعلى في مسنده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير فذكر القصة بطولها نحوه
وذكر ابن ظفر أن بعضهم ذهل فسمى ابن المغيرة الوليد وزيفه بأن الوليد ما مات 235 حتى سلبه الله المال الممدود
[العجاب في بيان الأسباب: 1/640]
قلت وأقوى في الرد من ذلك أنه كان مات لأن أهل الطائف إنما أسلموا بعد فتح مكة لأن الوليد مات قبل ذلك بدهر طويل والنبي يومئذ بمكة
167 - قوله تعالى وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم 279
قال الواحدي قال عطاء وعكرمة نزلت في العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان وكانا قد أسلفا في التمر فلما حضر الجذاذ قال لهما صاحب التمر لا يبقى لي ما يكفي عيالي إن أنتما أخذتما حقكما كله فهل لكما أن تأخذا النصف وتؤخرا النصف وأضعف لكما ففعلا فلما حل الأجل طلب الزيادة فبلغ رسول الله فنهاهما عن ذلك وأنزل الله تعالى هذه الآية فقالا سمعا وطاعة وأخذا رؤوس أموالهما
168 - قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة الآية 280
نقل الواحدي عن ابن الكلبي قال بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة هاتوا رؤوس أموالنا ولكم الربا ندعه لكم فقال بنو المغيرة نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا إلى أن ندرك التمر فأبوا أن يؤخروهم فأنزل الله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
وأخرج الطبري من طريق مغيرة عن إبراهيم النخعي في قوله فنظرة إلى
[العجاب في بيان الأسباب: 1/641]
ميسرة قال ذاك في الربا ومن طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس قال نزلت في الدين
ومن طريق ابن جريج قال لي عطاء ذلك في الربا وفي الدين في كل ذلك
169 - قوله ز تعالى ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله 282
أخرج ابن أبي حاتم بعد نقله عن مجاهد والسدي وجوب الكتابة على ذلك أن سبب 236 ذلك ما أسنده إلى بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان قال
الكاتب يعني في زمانه إذا كانت له حاجة ووجد غيره يذهب في حاجته ويلتمس غيره وذلك أن الكتاب في ذلك الزمان كانوا قليلا
170 - قوله ز تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا الآية 282
أخرج عبد بن حميد والطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا قال كان الرجل يطوف في الحواء
[العجاب في بيان الأسباب: 1/642]
العظيم فيدعوهم إلى الشهادة فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله هذه الآية
وأخرج الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال كان الرجل مثله قال في القوم بدل الحواء العظيم وقال فأنزل الله تعالى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا
171 - قوله ز تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد 282
قال الطبري حدثت عن عمار نا ابن أبي جعفر يعني الرازي عن أبيه عن الربيع بن أنس قال لما نزلت هذه الآية ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول له اكتب لي فيقول إن لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه ويقول إنك قد أمرت أن تكتب لي ولا يدعه ويضارره بذلك وهو يجد غيره وذكر نحو ذلك في الشاهد فأنزل الله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد
وأسند عن مجاهد وطاووس والضحاك وعكرمة والسدي
[العجاب في بيان الأسباب: 1/643]
وغيرهم نحوه لكن ليس فيه فأنزل الله إلى آخره
172 - قوله ز تعالى فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته الآية 283
أخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الملك بن أبي نضرة عن أبيه عن أبي سعيد 237 قال نسخت هذه الآية ما تقدم من الأمر بالإشهاد والرهن
ومن طريق الشعبي لا بأس إذا ائتمنه أن لا يكتب ولا يشهد
173 - قوله ز تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله 284
قيل نزلت في كتمان الشهادة
أسند الطبري من طريق يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال نزلت في كتمان الشهادة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/644]
هذه رواية الثوري عن يزيد عن مقسم
وفي رواية محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد عن ابن عباس يعني في الشهادة وسند صحيح عن عكرمة قال في الشهادة إذا كتمها
ومن طريق الشعبي نحوه
ومن طريق جويبر عن عكرمة في كتمان الشهادة وأدائها على وجهها
174 - قوله تعالى آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن الآية إلى آخر قوله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء 285
أخرج مسلم وأحمد وابن حبان من رواية العلاء بن عبد الرحمن بن
[العجاب في بيان الأسباب: 1/645]
يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله اشتد ذلك على أصحاب رسول الله فأتوا رسول الله ثم بركوا على الركب وقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق من الصلاة والصيام والصدقة وقد أنزلت هذه الآية ولا نطيقها فقال أتريدون أن تقولوا كما قال اهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك 238 المصير فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها آمن الرسول بما انزل إليه من ربه إلى قوله وإليك المصير
175 - قوله ز تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها 286
أخرج مسلم وأحمد وابن حبان في الحديث الذي قبله فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله عز وجل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة وزاد على التلاوة بعد قوله أو أخطأنا قال نعم وكذا بعد قوله من قبلنا وكذا بعد قوله طاقة لنا به وكذا بعد قوله وارحمنا وكذا في آخر السورة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/646]
ووقع في رواية الطبري من وجه آخر عن العلاء بعد أن ساق هذا الحديث باختصار عند قوله ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال العلاء قال أبي قال أبو هريرة قال رسول الله قال الله نعم ربنا لا تحمل علينا إصرا فساق الآية إلى آخرها قال أبي قال أبو هريرة قال رسول الله قال الله نعم
قلت وقضيته أن في سياق رواية مسلم إدراجا وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من رواية محمد بن إبراهيم البوشنجي عن أمية بن بسطام شيخ مسلم فيه ولفظه
قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا فلما ذلت بها ألسنتهم أنزل الله التي بعدها آمن الرسول إلى قوله إن نسينا أو أخطأنا قال لا أؤاخذكم وساق إلى قوله ما لا طاقة لنا به قال لا أحملكم إلى قوله واغفر لنا وارحمنا
حديث آخر عن ابن عباس أخرج أحمد ومسلم والطبري من طريق آدم بن سليمان عن سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال لما نزلت وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه 239 يحاسبكم به الله دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم مثله فقال رسول الله قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا فألقى الله الإيمان في
[العجاب في بيان الأسباب: 1/647]
قلوبهم فأنزل الله تعالى آمن الرسول إلى آخر السورة
وفي رواية مسلم لما تلا إلى قوله ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال قد فعلت وأعاد بعد قوله من قبلنا وبعد قوله أنت مولانا
طريق أخرى عن سعيد بن جبير أخرج الطبري من طريق ورقاء ومحمد بن فضيل فرقهما عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لما نزلت آمن الرسول بما أنزل إليه قرأها رسول الله فلما انتهى إلى قوله غفرانك ربنا قال الله قد غفرت لكم فلما قرأ ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال الله لا أؤاخذكم فلما قرأ ولا تحمل علينا إصرا قال لا أحمل عليكم فلما قرأ ولا تحملنا ما لا طلقة لنا به قال الله لا أحملكم فلما قرأ واعف عنا قال الله قد عفوت عنكم فلما قرأ واغفر لنا قال الله قد غفرت لكم فلما قرأ وارحمنا قال الله قد رحمتكم فلما قرأ وانصرنا على القوم الكافرين قال الله قد نصرتكم عليهم
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه من طريق أخرى عن عطاء بن السائب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/648]
4 - 649
- نحوه وأخرجه الفريابي في تفسيره عن الثوري عن عطاء بن السائب مقرونا برواية الثوري عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم النخعي وروايته مختصرة
طريق أخرى عن ابن عباس قال عبد الرزاق أنا معتمر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال دخلت على ابن عباس فقلت يا أبا عباس كنت عند ابن عمر فقرأ 240 هذه الآية فبكى قال أية آية فقال إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال ابن عباس إن هذه الآية لما نزلت غمت أصحاب رسول الله غما شديدا وغاظتهم غيظا شديدا وقالوا هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا ولا نعمل فأما قلوبنا فليست بأيدينا فقال لهم رسول الله قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا قال فنسختها هذه الآية آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون إلى ما اكتسبت وتجوز لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال
وأخرجه الطبري من طريق إسحاق بن سليمان عن عبد الرزاق عن جعفر ابن سليمان نحوه طريق أخرى عن ابن عباس قال الطبري حدثني أبو الرداد
[العجاب في بيان الأسباب: 1/649]
المصري عبد الله بن عبد السلام نا أبو زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة بن شريح سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول
قال ابن شهاب حدثني سعيد بن مرجانة قال جئت عبد الله بن عمر فتلا هذه الآية إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية ثم قال ابن عمر لئن أخذنا بهذه الآية لنهلكن ثم بكى ابن عمر حتى سالت دموعه ثم جئت ابن عباس فذكرت له فقال ابن عباس يغفر الله لأبي عبد الرحمن لقد فرق أصحاب رسول الله منها كما فرق ابن عمر منها فأنزل الله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها الآية فنسخ الله الوسوسة وأثبت القول والفعل
ثم أخرج عن يونس عن ابن وهب عن يونس عن الزهري مثله وقال فيه ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه فقمت حتى أتيت ابن عباس وقال فيه لعمري لقد وجد المسلمون منها 241 حين أنزلت مثل ما وجد فأنزل بعدها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها وصار الأمر إلى أن قضى الله عز وجل أن النفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل
وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قرأها ابن عمر فذكر مرسلا وفيه فقام رجل من عنده فأتى ابن عباس فذكر نحوه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/650]
طريق أخرى أخرج الطبري من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم أن أباه قرأ إن تبدوا ما في أنفسكم الآية فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن فذكر نحوه باختصار وأخرجه من طريق ابن جريج عن الزهري قال: قال ابن عباس لما نزلت ضج المؤمنون ضجة فذكره مختصرا وقال فيه إنكم لا تستطيعون أن تمتنعوا عون الوسوسة
وأخرج الطبري من طريق بيان عن حيكم بن جابر قال لما أنزل على النبي آمن الرسول بما انزل إليه من ربه الآية إلى المصير قال له جبريل إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى أمتك فسل تعطه فسأل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة يعني فأجاب سؤاله
وأخرج الطبري من طريق السدي قال يوم نزلت هذه الآية كانوا يؤاخذون بما وسوست أنفسهم وما عملوا فشكوا ذلك إلى النبي وقالوا والله ما نملك الوسوسة فنسخها الله بهذه الآية التي بعدها
قلت وأنكر بعضهم نسخها وقالوا يؤاخذهم بها بأن يسألهم عنها يوم القيامة وقيل غير ذلك وليس من شرط هذا الكتاب
[العجاب في بيان الأسباب: 1/651]
وأخرج الطبري من طريق جويبر عن الضحاك نحو رواية عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس التي تقدمت لكن قال في أوله أتى جبريل فقال يا محمد قل ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا فقالها فقال جبريل قد فعل وساق البقية يقول في الجواب فقال جبريل قد فعل ولم يستوعب التفصيل في كل كلمة ومن طريق أسباط عن السدي نحوه
وأخرج عبد بن حميد من طريق إسرائيل عن السدي حدثني من سمع عليا يقول لما نزلت وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله أحزنتنا فقلنا يحدث أحدنا نفسه فنحاسب فلا ندري من يغفر له منا ومن لا يغفر له فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
وأخرج البخاري القصة عن ابن عمر باختصار وكأنه قال ذلك بعد أن سبق من قول ابن عباس ما تقدم ولفظه عن مروان الأصغر عن رجل من أصحاب النبي احسبه ابن عمر قال إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه
[العجاب في بيان الأسباب: 1/652]
يحاسبكم به الله قال نسختها الآية التي بعدها
واخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه نسختها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت
طريق أخرى قال محمد بن يوسف الفريابي نا الثوري وقال عبد بن حميد نا قبيصة نا سفيان عن موسى بن عبيدة عن خالد بن مرثد عن محمد بن كعب قال ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلا انزل عليه إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء فكانت الأمم تأبى ذلك على أنبيائها فيكفرون ويضلون فلما نزلت على النبي اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم 243 فقالوا يا رسول الله أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا قال نعم فاسمعوا وأطيعوا فذلك قوله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فوضع الله عنهم حديث النفس إلا ما عملت الجوارح
[العجاب في بيان الأسباب: 1/653]
وقال الثعلبي روت الرواة بألفاظ مختلفة فقال بعضهم لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار فجثوا على الركب وقالوا والله يا رسول الله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه فقال هكذا أنزلت فقالوا هلكنا وكلفنا من العمل بما لا نطيق قال فلعلكم تقولون كما قال من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا فمكثوا بذلك حولا فأنزل الله آية الفرج والراحة لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
قال الثعلبي وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وابن عباس ومن التابعين وأتباعهم فسرد جماعة انتهى وهذا من عيوب كتابه ومن تبعه عليه يجمعون الأقوال عن الثقات وغيرهم ويسوقون القصة مساقا واحدا على لفظ من يرمى بالكذب أو الضعف الشديد ويكون أصل القصة صحيحا والنكارة في ألفاظ زائدة كما في هذه القصة من تسمية الذين ذكروا وفي كثير من الألفاظ التي نقلت والسياق في هذه بخصوصها إنما هو لبعضهم
طريق أخرى عن ابن عباس تخالف جميع ما تقدم
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال ذاك سر عملك وعلانيته يحاسبه الله به وليس من عبد 244 مؤمن يسر في نفسه خيرا فيعمل به فإن عمل به كتبت له عشر حسنات وإن هو لم يعمل به كتبت له به حسنة من أجل أنه مؤمن وإن كان أسر في نفسه سوءا وحدث به نفسه اطلع الله عليه وأخبره به يوم تبلى السرائر فإن هو لم يعمل لم يؤاخذه الله به وإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال أولئك الذين
[العجاب في بيان الأسباب: 1/654]
نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم
ومن طريق مقاتل بن حيان أنه بلغه إن ابن عباس كان يقول إذا دعي الناس إلى الحساب يحاسب العبد بما عمل وينظر في عمله فيخبره الله بما أبدى منه وبما أخفاه في نفسه ولم يعمله ولم تكن الملائكة تطلع عليه ولكن الله حاسبهم بما أسروا في أنفسهم فلم يطلع عليه أحد
176 - قوله تعالى ولا تحمل علينا إصرا 286
قال ابن الكلبي كانت بنو إسرائيل إذا نسوا شيئا مما أمروا به أو أخطأوا عجلت لهم العقوبة فحرم عليهم شيء من مطعم أو مشرب على حسب ذلك الذنب فأمر الله نبيه والمؤمنين أن يسألوه ترك مؤاخذتهم بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق فيض بن إسحاق الرقي قال: قال الفضيل في قوله تعالى لا تحمل علينا إصرا الآية قال كان الرجل من بني إسرائيل إذا أذنب الذنب قيل له توبتك أن تقتل نفسك فيقتل نفسه فوضعت الآصار عن هذه الأمة
وأخرج الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح في قوله كما حملته على الذين من قبلنا قال لا تمسخنا قردة وخنازير
ومن طريق عبد الرحمن بن زيد قال لا تلزمنا ذنبا لا توبة فيه ولا كفارة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/655]
ومن طريق محمد بن شعيب بن شابور عن عمه قال المراد به الغلمة
244 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الوليد بن مسلم عن ابن شابور عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال الأنعاظ
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف إلى الثوري عن منصور عن إبراهيم النخعي قال ما لا طاقة لنا به هو الحب قال الثعلبي وقيل الفرقة وقيل القطعية وقيل شماتة الأعداء انتهى
والأولى كما قال الطبري الحمل على العموم لكن فيما كان ألزم به من كان قبلنا من التكاليف والله أعلم
قال الطبري عن المثنى بن إبراهيم نا أبو نعيم نا سفيان عن أبي إسحاق أن معاذا كان إذا فرغ من هذه السورة فقال وانصرنا على القوم الكافرين قال آمين
آخر ما في سورة البقرة
[العجاب في بيان الأسباب: 1/656]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البقرة, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir