دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 02:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي السادس: خيار في البيع بتخيير الثمن

( السادسُ ): خِيارٌ في البيعِ بتَخبيرِ الثَّمَنِ متى بانَ أَقَلَّ أو أَكْثَرَ، ويَثْبُتُ في التوليةِ والشَّرِكَةِ والْمُرَابَحَةِ والْمُواضَعَةِ، ولا بدَّ في جميعِها من مَعرفةِ الْمُشْتَرِي رأسَ المالِ، وإن اشْتَرَى بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أو مِمَّنْ لا تُقْبَلُ شَهادتُه له , أو بأَكْثَرَ من ثَمَنِه حيلةً أو , باعَ بعضَ الصَّفْقَةِ بقِسْطِها مِن الثمَنِ ولم يُبَيِّنْ ذلك في تَخْبِيرِه بالثمَنِ , فللمُشْتَرِي الخيارُ بينَ الإمساكِ والرَّدِّ، وما يُزادُ في ثَمَنٍ أو يُحَطُّ منه في مُدَّةِ خِيارٍ، أو يُؤْخَذُ أَرْشًا لعَيْبٍ أو جِنايةٍ عليه يَلْحَقُ برأسِ مالِه ويُخْبَرُ به، وإن كان ذلك بعدَ لُزومِ البيعِ لم يَلْحَقْ به، وان أُخْبِرَ بالحالِ فحَسَنٌ.


  #2  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 06:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

......................

  #3  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(السَّادِسُ) مِن أقسامِ الخِيارِ: (خيارٌ في البيعِ بتَخييرِ الثمنِ مَتَى بَانَ) الثمنُ (أَقَلَّ أو أَكْثَرَ) ممَّا أَخْبَرَه به. (ويَثْبُتُ) في أَنْوَاعِه الأربعةِ: (في التَّوْلِيَةِ) وهي بَيْعٌ برأسِ المالِ، (و) في (الشَّرِكَةِ) وهي بَيْعُ بَعضِه بقِسْطِه مِن الثمنِ، وأَشْرَكْتُكَ يَنْصِرُف إلى نِصْفِه، (و) في (المُرَابَحَةِ) وهي بَيْعٌ بثَمَنِه ورِبْحٍ مَعلومٍ، وإن قَالَ: علَى أَنْ أَرْبَحَ في كُلِّ عَشْرَةٍ دِرْهَماً كُرِهَ، (و) في (المُوَاضَعَةِ) وهي بَيْعُه برَأْسِ مَالِه وخُسْرَانٍ مَعلومٍ.
(ولا بُدَّ في جَمِيعِها)؛ أي: الصُّوَرِ الأربعةِ (مِن معرفةِ المُشترِي) والبائعِ (رَأْسَ المالِ)؛ لأنَّ ذلك شَرْطٌ لصحَّةِ البيعِ، فإن فَاتَ لم يَصِحَّ، وما ذَكَرَه مِن ثُبُوتِ الخِيارِ في الصوَرِ الأربعِ تَبِعَ فيه (المُقْنِعَ) وهو رِوايةٌ، والمَذْهَبُ أنَّه مَتَى بَانَ رأسُ المالِ أَقَلَّ حَطَّ الزائِدَ ويَحُطُّ قِسْطَه في مُرابحةٍ ويَنْقُصُه في مُوَاضَعَةٍ، ولا خِيارَ للمُشترِي، ولا تُقْبَلُ دَعْوَى بائعٍ غَلَطاً في رْأَسِ المالِ بلا بَيِّنَةٍ. (وإن اشتَرَى) السِّلْعَةَ (بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أو) اشتَرَى (ممَّن لا تُقْبَلُ شَهَادَتُه له) كأَبِيهِ وابْنِه وزَوْجَتِه، (أو) اشتَرَى شَيْئاً (بأَكْثَرَ مِن ثَمَنِه حِيلةً) أو مُحاباةً لرَغْبَةٍ تَخُصُّه أو مَوْسِمٍ فاتَ (أو بَاعَ بعضَ الصَّفْقَةِ بقِسْطِها مِن الثمنِ) الذي اشتَرَاها به، (ولم يُبَيِّنْ ذلك) للمُشتَرِي (في تَخْيِيرِه بالثَّمَنِ فلمُشْتَرٍ الخِيَارُ بينَ الإمساكِ والرَّدِّ) كالتدليسِ، والمَذْهَبُ فيما إذا بَانَ الثمنُ مُؤَجَّلاً أنَّه يُؤَجَّلُ على المُشترِي، ولا خِيارَ لزَوَالِ الضَّرَرِ كما في (الإِقْنَاعِ) و(المُنْتَهَى). (وما يُزَادُ في ثمنٍ أو يُحَطُّ مِنه)؛ أي: مِن الثَّمَنِ (في مُدَّةِ خِيارِ) مَجْلِسٍ أو شَرْطٍ (أو يُؤْخَذُ أَرْشُ العَيْبِ أو الجِنايةِ عليه)؛ أي: على المبيعِ ولو بعدَ لُزُومِ البَيْعِ (يَلْحَقُ برَأْسِ مَالِه، و) يَجِبُ أن (يُخْبِرَ به) كأَصْلِه، وكذا ما يُزَادُ في مبيعٍ أو أَجلٍ أو خِيارٍ أو يُنْقَصُ منه في مُدَّةِ خِيارٍ فيَلْحَقُ بعَقْدٍ، (وإن كَانَ ذلك)؛ أي: ما ذَكَرَ مِن زيادةٍ أو حَطٍّ (بعدَ لُزُومِ البيعِ) بفَوَاتِ الخيارَيْنِ (لم يَلْحَقْ به)؛ أي: بالعقدِ فلا يَلْزَمُ أن يُخْبِرَ به، لا إن جَنَى المبيعُ ففَدَاه المُشترِي؛ لأنَّه لم يَزِدْ به المبيعُ ذاتاً ولا قِيمةً.
(وإن أَخْبَرَ بالحالِ) بأن يَقُولَ: اشتَرَيْتُه بكذا أو زِدْتُه أو نَقَصْتُه كذا ونَحْوُه (فحَسَنٌ)؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الصدقِ، ولا يَلْزَمُ الإخبارُ بأَخْذِ نمَاءٍ واستخدامٍ ووَطْءٍ إن لم يَنْقُصْه، وإن اشتَرَى شَيْئاً بعَشْرَةٍ مَثلاً، وعَمِلَ فيه صَنْعَةً أو دَفَعَ أُجْرَةَ كَيْلِه أو مَخْزَنِه أَخْبَرَ بالحَالِ، ولا يَجُوزُ أن يَجْمَعَ ذلك ويَقُولَ: تَحَصَّلَ عَلَيَّ بكذا، وما بَاعَه اثنانِ مُرَابَحةً فثَمَنُه بحَسَبِ مِلْكَيْهِما لا على رَأْسِ مَالَيْهِما.


  #4  
قديم 28 صفر 1430هـ/23-02-2009م, 07:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(السادس) من أقسام الخيار (خيار في البيع بتخيير الثمن([1]) متى بان) الثمن (أقل أو أكثر) ما أخبر به([2]) (ويثبت) في أنواعه الأربعة([3]) (في التولية) وهي بيع برأس المال([4]).
(و) في (الشركة) وهي بيع بعضه بقسطه من الثمن([5]) و: أشركتك. ينصرف إلى نصفه([6]) (و) في (المرابحة) وهي بيعه بثمنه، وربح معلوم([7]) وإن قال: على أن أربح في كل عشرة درهما، كره([8]) (و) في (المواضعة) وهي بيعه برأس ماله وخسران معلوم([9]).
(ولا بد في جميعها) أي الصور الأربع([10]) (من معرفة المشتري) والبائع (رأس المال) ([11]) لأن ذلك شرط لصحة البيع([12]) فإن فات لم يصح([13]) وما ذكره من ثبوت الخيار في الصور الأربع تبع فيه المقنع، وهو رواية([14]) والمذهب أنه متى بان رأس المال أقل حط الزائد([15]).
ويحط قسطه في مرابحة([16]) وينقصه في مواضعة([17]) ولا خيار للمشتري([18]) ولا تقبل دعوى بائع غلطا في رأس المال بلا بينة([19]) (وإن اشترى) السلعة (بثمن مؤجل([20]) أو) اشترى (ممن لا تقبل شهادته له) كأبيه، وابنه وزوجته([21]).
(أو) اشترى شيئا (بأكثر من ثمنه حيلة) ([22]) أو محاباة([23]) أو لرغبة تخصه([24]) أو موسم فات([25]) (أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن) الذي اشتراها به([26]).
(ولم يبين ذلك) للمشتري (في تخبيره بالثمن، فلمشتر الخيار بين الإمساك والرد) كالتدليس([27]) والمذهب فيما إذا بان الثمن مؤجلا أنه يؤجل على المشتري ولا خيار، لزوال الضرر، كما في الإقناع، والمنتهى([28]) (وما يزاد في ثمن([29]) أو يحط منه) أي من الثمن([30]) (في مدة خيار) مجلس أو شرط([31]) (أو يؤخذ أرشا لعيب([32]))
(أو) لـ (جناية عليه) أي على المبيع([33]) ولو بعد لزوم البيع (يلحق برأس ماله([34]) و) يجب أن (يخبر به) كأصله([35]) وكذا ما يزاد في مبيع، أو أجل، أو خيار([36]) أو ينقص منه في مدة خيار، فيلحق بعقد([37]) (وإن كان ذلك) أي ما ذكر من زيادة أو حط([38]).
(بعد لزوم البيع) بفوات الخيارين (لم يلحق به) أي بالعقد([39]) فلا يلزم أن يخبر به([40]) لا إن جنى المبيع ففداه المشتري([41]) لأنه لم يزد به المبيع ذاتا ولا قيمة([42]) (وإن أخبر بالحال) بأن يقول: اشتريته بكذا([43]) أو زدته، أو نقصته كذا؛ ونحو([44]) (فحسن) لأنه أبلغ في الصدق([45]).

ولا يلزم الإخبار بأخذ نماء، واستخدام([46]) ووطء، إن لم ينقصه([47]) وإن اشترى شيئا بعشرة مثلا، وعمل فيه صنعة([48]) أو دفع أجرة كيله، أو مخزنه، أخبر بالحال([49]) ولا يجوز أن يجمع ذلك، ويقول: تحصل علي بكذا([50]) وما باعه اثنان مرابحة، فثمنه بحسب ملكيهما، لا على رأس ماليهما([51])



([1]) إذا أخبر بائع بخلاف الواقع، فإنه يثبت للمشتري الخيار، فصار قسما من أقسام الخيار.
([2]) أو أخفي التأجيل، أو شيئا مما يلزمه بيانه، ويحرم على البائع التخبير بما يخالف الواقع في الثمن، فإنه كذب، وأكل للمال بالباطل، والعقد غير صحيح، ويثبت الخيار، قال في الإنصاف، بيع المرابحة في هذه الأزمان أولى للمشتري، وأسهل يعني لتركه المماسكة، وهي أضيق على البائع، لأنه يحتاج أن يعلم المشتري بكل شيء من النقد، والوزن، وتأخير الثمن، وممن اشتراه، والمؤونة، والرقم، والسمسرة، والقصارة، والحمل، ولا يغر فيه، ولا يحل له أن يزيد على ذلك شيئا إلا بينه للمشتري، ليعلم بكل ما يعلمه البائع.
([3]) أي يثبت الخيار في البيع بتخيير الثمن، في صور أربع من صور البيع، اختصت بهذه الأسماء الآتية، كاختصاص السلم باسمه، وتصح بلفظ البيع، وبكل ما يؤدي ذلك المعنى.
([4]) فقط، فيقول البائع: وليتك المبيع، أو بعتكه برأس ماله، أو بما اشتريته به، أو برقمه المعلوم عندهما، وهو الثمن المكتوب عليه، وينعقد بالاتفاق، وإن جهلا الثمن أو أحدهما لم يصح، والتولية في اللغة تقليد العمل، وفي العرف ما ذكره الشارح.
([5]) أي المعلوم لهما: نحو: أشركتلك في نصفه، أو ثلثه، أو ربعه ونحوه، أو: هو شركة بيننا.
([6]) لأنها تقتضي التسوية، بخلاف الإقرار، لأنه لما كان الجزء المأخوذ بغير عوض رجع في تفسيره إليه، لئلا يلزم الإجحاف عليه، والمأخوذ هنا بعوض، فلا فوت، فحملت على الأصل، وإن قال لآخر عالم بشركة الأول، فله نصف نصيبه وهو الربع، وإلا أخذ نصيبه كله، لأنه إذا لم يعلم ، فقد طلب منه نصف المبيع، وأجابه إليه، وإن قال: أشركاني، فأشركاه معا أخذ ثلثه.
([7]) فيقول مثلا: رأس مالي فيه مائة، بعتكة بها، وربح عشرة، صح، لأن الثمن والربح معلومان.
([8]) واحتج أحمد بكراهة ابن عمر وابن عباس، وقال: كأنه دراهم بدراهم وقال الوزير: اتفقوا على أن ربح المرابحة صحيح، وهو أن يقول: أبيعك والربح في كل عشرة درهم، وكرهه أحمد، لشبهه بيع العشر بأحد عشر، لا أنه منه حقيقة وإلا لحرم.
([9]) كأن يقول: بعتكه برأس ماله مائة مثلا، وأضع لك عشرة، فيصح البيع، لأنه لفظ محصل لمقصود البيع بدون رأس المال، وكذا لو قال: بعتكه بمائة هي -رأس مالي- ووضيعة درهم من كل عشرة، وهذه الصورة مكروهة، كما كرهت نظيرتها في المرابحة.
([10]) يعني التولية، والشركة، والمرابحة، والموضعة، إذا عقدا البيع بإحداها كما تقدم.
([11]) ولا تكفي معرفة أحدهما به، ولا بد أن يبين البائع للمشتري النقد، والحمل ، ونحو ذلك مما تقدم.
([12]) وتقدم أن معرفة الثمن شرط لصحة البيع بالإجماع.
([13]) أي فات على المتعاقدين معرفة رأس المال، لم يصح البيع بواحدة من تلك الصور.
([14]) أي عن الإمام أحمد رحمه الله، نقلها حنبل، فيما إذا ظهر الثمن أقل مما أخبر به البائع
([15]) أي عن رأس المال في الأربع، لأنه باعه برأس مال فقط، أو مع ما قدره من الربح، أو وضيعته، فإذا بان رأس ماله دون ما أخبر به، كان مبيعا به على ذلك الوجه، ولا خيار، لأنه بالإسقاط قد زيد خيرا، فلو باع فرسا من عمرو بأربعين، تولية، فظهر أن الثمن ثلاثون، تسقط العشرة، ولو أشركه فيها بنصف ثمنها وهو عشرون، سقط خمسة.
([16]) أي يحط قسط الزائد في مرابحة، لأنه تابع له، كما لو باعه شاة بثمانية، فظهر أنها بستة، سقط اثنان وقسطه من الربح، وهو الربع.
([17]) أي وينقص الزائد في مواضعه تبعا له، كما لو باعه عشرة آصع بعشرة مثلا، فظهر أنها بثمانية، سقط اثنان، مع بقاء الوضيعة على ما هي عليه.
([18]) لأن الثمن إذا بان أقل مما أخبر به، وسقط عنه الزائد، فقد زيد خيرا، فلم يكن له خيار، كما لو وكل من يشتري له معينا بمائة، فاشتراه بتسعين، لم يملك الفسخ.
([19]) أي ولا تقبل دعوى بائع لإحدى الصور الأربع غلطا، نسيانا كان أو سهوا، في إخبار برأس المال، بلا بينة تشهد بما ادعاه، كما لو قال: اشتريته بعشرين، ثم قال: غلطت، بل بثلاثين؛ لأنه أقر بالثمن، وتعلق به حق الغير، ولو كان مؤتمنا، لأنه مدع الغلط على غيره، أشبه المضارب إذا أقر بالربح، ثم ادعى الغلط، لم تقبل إلا ببينة، وعنه: يقبل معروف بالصدق، استظهره في التنقيح، ولا سيما مع القرائن.
([20]) أي ولم يبين ذلك للمشتري في تخبيره بالثمن، فلمشتر الخيار، وإن اشتراه بدنانير، وأخبر بدراهم، أو بالعكس، أو بعرض وأخبر بثمن، أو بالعكس فلمشتر الخيار.
([21]) أي وكتم ذلك عن المشتري في تخبيره بالثمن، فلمشتر الخيار، لأنه متهم في حقهم، لكونه يحابيهم، ويسمح لهم.
([22]) ليربح، كأن يشتريها من إنسان بأكثر من ثمنها صورة، ليخبر بذلك، أو ليبيعه تولية، أو شركة، أو مرابحة، أو موضعة، أو كتم البائع عن المشتري فله الخيار، وهو حرام، كتدليس العيب، فإن لم يكن حيلة جاز.
([23]) كأن يشتريه من صديقه، أو من نحو غلامه الحر، لم يجز بيعه مرابحة حتى يبين أمره، لأنه يتهم في حقه، ولمشتر الخيار، وإن لم يحاب في ذلك جاز.
([24]) كأن يشتري دارا بجواره، أو أمة لرضاع ولده، ولم يبين ذلك للمشتري في تخبيره، فله الخيار، لأنه قد يزيد في ثمنها لحاجة، فيبين للمشتري الحال.
([25]) كأن يشتري سلعة لأجل الموسم، ولم يحصل، وكتم ذلك عن المشتري، وكذا إن تغيرت السلعة بنقص، بمرض أو غيره، وكتمه عن المشتري فله الخيار، كالتدليس، فهذه الصور حرام، لما فيها من الكذب، والغش، وإن غلت أخبر بثمنها الذي اشتراها به، لا بقيمتها الآن، وإن اشترى نصف سلعة بعشرة، وآخر بعشرين، ثم باعها مساومة، بثمن واحد، فهو بينهما نصفين، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، وإن باعها مرابحة، أو مواضعة، أو تولية فكذلك نص عليه.
([26]) أي باع بعض المبيع بقسطه من الثمن، وليس المبيع بعضه من المتماثلات المتساويات، كزيت ونحوه، من كل مكيل أو موزون متساوي الأجزاء، كالثياب ونحوها.
([27]) أي إذا كتم ما ذكر ونحوه عن المشتري فله الخيار، كما أن له الخيار إذا دلس البائع العيب على المشتري وتقدم.
([28]) فإنهما صرحا أن المذهب إذا بان مؤجلا، وقد كتمه بائع في تخييره بالثمن، ثم علم مشتر، أخذ به مؤجلا، ولا خيار له، وإن لم يعلم مشتر إلا بعد مضي الأجل فكالحال.
([29]) يعني في زمن الخيارين، كأن يشتري زيد من عمرو دارا بمائة، فيخشى أن يفسخ، فيقول: ولك زيادة عشرة، فلا يلزم زيدا أن يقول: اشتريتها بمائة، وزدت عشرة؛ بل يقول: بمائة وعشرة.
([30]) يعني يوضع من الثمن زمن الخيارين، كأن يخشى الفسخ فيقول: وعنك عشرة، فيقول: علي بتسعين، ولا يلزمه أن يقول: كانت بمائة ووضعت عشرة.
([31]) أي لحق ذلك الفعل بالعقد، فوجب إلحاقه برأس المال، والإخبار به.
([32]) أخبر به على وجهه، ولو كان في مدة الخيارين، فيخبر أنه اشتراه بكذا وأخذ أرشه بكذا، ولا يحط ثمنه من أرشه، ويخبر بالباقي.
([33]) أي أو ما يأخذه المشتري أرشا لجناية على المبيع، ولو كان في مدة الخيارين.
([34]) لأنه ذلك من الثمن، فألحق برأس المال، وقوله: «ولو بعد لزوم البيع» راجع لقوله «أو يؤخذ أرشا لعيب، أو لجناية عليه» لأن المأخوذ في مقابلة جزء من المبيع.
([35]) إذا باعه بتخبير الثمن، فيجب أن يخبر أنه اشتراه بكذا، وأخذ أرشه كذا، ولا يحط أرشه من ثمنه، ويخبر بالباقي.
([36]) أي ومثل ما يزاد في ثمن إلخ، ما يزاد في مبيع، بأن أعطاء شيئا آخر مع المبيع زمن الخيارين، أو يزاد في أجل الثمن زمن الخيارين، أو يزاد في خيار شرط في بيع، بأن كان إلى رجب، ثم قال: بل إلى جماد، فيلحق بعقد، ويخبر به كأصله.
([37]) أي أو يوضع من مبيع، أو أجل، أو خيار في مدة خيار مجلس، أو شرط فيلحق به، ويجب أن يخبر به كأصله تنزيلا لحال الخيار، منزلة حال العقد.
([38]) أي زيادة في ثمن، أو مثمن، أو أجل، أو خيار، أو حط من ثمن، أو مثمن، أو أجل ، أو خيار.
([39]) أي لا يلحق بعقد بعد لزوم بيع ما ذكر من زيادة، أو حط، كسائر الشروط وتقدم.
([40]) لأن ما ذكر لا يلحق بالعقد بعد لزومه.
([41]) أي لا إن جنى المبيع جناية توجب قودا، أو مالا، ففداه المشتري. فلا يلحق فداؤه بالثمن، ولو كان في مدة الخيارين.
([42]) أي فلا يلزم أن يخبر به، لأنه مزيل لنقصه بالجناية، وكذا الأدوية والمؤونة والكسوة، لا تلحق بالثمن، فلا يلزم أن يخبر بها.
([43]) أي وزيادته كذا؛ أو ونقيصته كذا، أو: اشتريته مثلا بخمسة عشر، ثم بعته بعشرة، ثم اشتريته بكذا؛ فحسن لأنه أبلغ في الصدق.
([44]) أي وإن أخبر بالحال، بأن قال: زدت المبيع كذا، أي شيئا آخر معه، أو: نقصت المبيع كذا؛ كأن أخذ جزءا منه بقسطه، ونحوه من مؤونة أو كسوة، أو غير ذلك بعد لزوم البيع.
([45]) وأقرب إلى الحق، وأنفى عن التهمة، ولا يجب، حيث كان بعد لزوم البيع، ولا يلتحق بالعقد.
([46]) أي ولا يلزم الإخبار إذا باع بتخيير الثمن بأخذ نماء، كصوف، ولبن غير موجودين حال العقد، ولا يلزم الإخبار باستخدام رقيق أو غيره.
([47]) أي ولا يلزم الإخبار بوطء ثيب، إن لم ينقص الوطء المبيع، كوطء البكر، فيجب الإخبار به، كما لو وطئها غيره وأخذ الأرش.
([48]) كأن اشترى ثوبا بعشرة، وعمل فيه هو أو غيره ما يساوي عشرة، بأن صبغة، أو قصره ولو بأجرة ما يساوي عشرة ، أخبر بالحال.
([49]) أي وإن اشترى شيئا مثلا بعشرة، ودفع أجرة كيله، أو مخزنة، أو سمساره ونحوه بعشرة، أخبر بالحال على وجهه.
([50]) أي بعشرين مثلا، لأنه تلبيس، بل يخبر به على وجهه، ولا يضمه إلى الثمن فيخبر به ويغر المشتري.
([51]) لأن الثمن عوض المبيع، فهو على قدر ملكيهما، ومثاله لو اشترى شخص نصف شيء بعشرة، واشترى غيره باقيه بعشرين، ثم باعه مرابحة، أو مواضعة، أو تولية، صفقة واحدة، فإن الثمن لهما بالتساوي، كما لو باعه مساومة.


  #5  
قديم 19 جمادى الأولى 1431هـ/2-05-2010م, 06:14 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

( السادسُ ) (58): خِيارٌ في البيعِ بتَخبيرِ الثَّمَنِ(59) متى بانَ أَقَلَّ أو أَكْثَرَ(60)، ويَثْبُتُ (61)في التوليةِ(62) والشَّرِكَةِ(63) والْمُرَابَحَةِ(64) والْمُواضَعَةِ(65)، ولا بدَّ في جميعِها(66) من مَعرفةِ الْمُشْتَرِي رأسَ المالِ(67)، وإن اشْتَرَى(68) بثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أو مِمَّنْ لا تُقْبَلُ شَهادتُه له (69), أو بأَكْثَرَ من ثَمَنِه حيلةً (70)أو , باعَ بعضَ الصَّفْقَةِ (71)بقِسْطِها مِن الثمَنِ ولم يُبَيِّنْ ذلك في تَخْبِيرِه بالثمَنِ , فللمُشْتَرِي الخيارُ بينَ الإمساكِ والرَّدِّ(72)، وما يُزادُ في ثَمَنٍ أو يُحَطُّ منه في مُدَّةِ خِيارٍ، أو يُؤْخَذُ أَرْشًا لعَيْبٍ أو جِنايةٍ عليه يَلْحَقُ برأسِ مالِه(73) ويُخْبَرُ به(74)، وإن كان ذلك بعدَ لُزومِ البيعِ لم يَلْحَقْ به، وان أُخْبِرَ بالحالِ فحَسَنٌ(75).



(58) أي : من أنواع الخيار .
(59) إذا أخبر بخلاف الواقع فإنه يثبت للمشتري الخيار .
(60) مما أخبر به .
(61) أي : يثبت الخيار في البيع بتخبير الثمن في صور أربع من صور البيع .
(62) وهي البيع برأس المال فيقول : بعتك برأس ماله أو بما اشتريت به .
(63) وهي بيع بعضه بقسطه من الثمن المعلوم لهما .
(64) وهي بثمنه وربح معلوم ، فيقول مثلًا : رأس مالي فيه مائة بعتكه ﺑﻬا وربح عشرة .
(65) وهي بيعه برأس ماله وخسران معلوم ، كأن يقول : بعتكه برأس ماله مائة مثلًا وأضع لك عشرة .
(66) أي : الصور الأربع إذا عقد البيع بإحداها .
(67) لأن ذلك شرط لصحة البيع ، فإن لم تحصل معرفته بذلك لم يصح البيع ، وثبوت الخيار في الصور الأربع كما ذكره هنا رواية عن الإمام أحمد ، والمذهب : أنه متى بان رأس المال أقل حط الزائد عن رأس المال ويحط قسطه في مرابحة ، كما لو باعه شاة بثمانية فظهر أﻧﻬا ستة سقط اثنان وقسطه من الربح وهو الربع ، وينقص الزائد في مواضعة تبعا له ، كما لو باعه عشرة آصع بعشرة مثلًا ، فظهر أﻧﻬا ثمانية سقط اثنان مع بقاء
الوضيعة على ما هي عليه .
(68) أي : البائع السلعة .
(69) كأبيه وابنه وزوجته ؛ لأنه متهم في حقهم .
(70) ليربح فيها بوساطة بيعها بإحدى تلك الصور .
(71) أي : باع بعض المبيع بقسطه من الثمن الذي اشتراه به .
(72) لأنه كتم ذلك عنه وغرر به ، والمذهب أنه إذا بان الثمن مؤجلآ فإنه يؤجل على المشتري ولا خيار .
(73) لأن ذلك من الثمن فألحق برأس المال .
(74) إذا باعه بتخبير الثمن فيخبر أنه اشترى بكذا ثم حصل ما هو كذا وكذا مما ذكر .
(75) أي : وإن حصل شيء مما ذكر بعد لزوم البيع لم يلزم الإخبار به ؛ لأنه لا يلحق بالعقد ، وإن أخبر به فهو حسن ؛ لأنه أبلغ في الصدق .


  #6  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 04:14 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

السّادِسُ: خِيَارٌ فِي البَيعِ بِتَخْبِيرِ الثّمَنِ، مَتَى بَانَ أقَلّ أوْ أكْثَرَ، وَيَثْبُتُ فِي التَّوْلِيَةِ، وَالشّرِكَةِ، والمُرَابَحَةِ، وَالمُواضعَةِ وَلاَ بُدَّ فِي جَمِيْعِها مِن مَعرِفَةِ المُشتَرِي رَأسَ المَالِ ..
قوله: «السادس» أي من أقسام الخيار.
قوله: «خيار في البيع بتخبير الثمن» «بتخبير الثمن» متعلق بالبيع، وليس متعلقاً بخيار، أي: فيما إذا باعه بتخبيره بالثمن، وتخبير بمعنى إخبار؛ لأنه مصدر خبر يخبر تخبيراً، ويماثله أخبر يخبر إخباراً.
والظاهر ـ والله أعلم أن الفقهاء ـ رحمهم الله ـ تناقلوها، عبَّر بها الأول ثم تبعه الآخر، وإلا لو قيل: خيار يثبت فيما إذا أخبره بالثمن لكان أوضح، أي: إذا باع الشيء، وقال المشتري: كم الثمن؟ قال: الثمن مائة ريال وهو باعه برأس ماله، الآن أخبره بالثمن، بأن رأس المال مائة ريال، فإذا تبين أن رأس المال تسعون ريالاً، فحينئذٍ يثبت له الخيار بسبب إخبار البائع إياه بالثمن؛ فتبين أن إخباره بالثمن غير صحيح؛ لأنه قال: بمائة، ثم ثبت أنه اشتراه بثمانين.
مثال آخر: جاءني رجل فقال: أنا اشتريت سيارة بثمانين ألفاً، فجاءني رجل وقال: بعنيها برأس مالها، قلت: بعتها عليك برأس المال، فكم رأس المال؟ قلت: مائة ألف، فقال: قبلت، ثم تبين بعد ذلك أن الثمن ثمانون ألفاً، فالبائع حينئذٍ كذب على المشتري حيث أخبره بما لا صحة له.
فسبب ثبوت الخيار للمشتري التخبير الكاذب بالثمن؛ لأن البائع أخبره خبراً كاذباً بثمن هذه السلعة، وهو نوع من الغش والتدليس، فإنه أظهر السلعة بثمن كثير وهي في الواقع بثمن قليل، وهذا حرام، ولهذا جُعل للمشتري الخيار.
والبيع بالتخبير يقابله البيع بالمساومة، فالبيع بالتخبير فيه نوع من التقييد والبيع بالمساومة فيه نوع من التحرر، فالبائع والمشتري غير مقيدين بثمن، والبيع بالمساومة أسلم من وجه ولكنه أخطر من وجه آخر، أسلم من جهة أنه لا يكون فيه كذب، ولكنه أخطر من جهة أن البائع ربما يزيد في ثمن السلعة كثيراً، ففي كل منهما سهولة من وجه وخطورة من وجه آخر، والغالب أن التخبير أشد طمأنينة للمشتري.
قوله: «متى بان أقل أو أكثر» «متى بان أقل» واضح؛ لأن المشتري مغبون، أي: متى بان الثمن أقل مما أخبر به، لكن قوله: «أو أكثر» تصويرها صعب، ولهذا لا توجد هذه العبارة «أكثر» لا في «الإقناع»، ولا في «المنتهى»، ولا في «المقنع» الذي هو أصل هذا الكتاب، ولا غيره، وهي عند التأمل لا وجه لها، فلعلها سبق قلم من المؤلف.
فإذا بان أكثر فليس بمغبون، اللهم إلا إذا قال المشتري: أنا لا أريد أن يمن علي، أنا أريد الثمن الحقيقي بلا زيادة، فهذه ربما تكون صورة المسألة، وأما من الناحية المالية فمتى بان أكثر، فالواقع أن الحظ في جانب المشتري، فكيف يثبت له الخيار؟!
قوله: «ويثبت في التولية، والشركة، والمرابحة، والمواضعة» وجه حصره في هذه الأربع أن هذه هي الصور الممكنة عقلاً، فالبيع بالتخبير يمكن في صور أربع فقط.
التولية هي أن يبيعه برأس ماله، وسميت تولية؛ لأن المشتري صار بدلاً عن البائع، وكأنما يصير وليّاً له أي متابعاً له، كأنه يقول له: وليتك ما توليت، فيشتريه بمائة، ويأتيه آخر ليشتريه منه، فيقول: بعته عليك برأس المال فهذه تولية.
والشركة أن يبيع عليه بعضه بقسطه من الثمن، مثل أن يبيع عليه النصف فيكون على المشتري الثاني نصف الثمن، أو الثلث، أو الربع، أو أكثر، أو أقل، والبيع بالشركة قد يكون تولية وقد يكون مرابحة وقد يكون مواضعة.
والمرابحة أن يبيعه برأس ماله وربح معلوم، فيقول: بعتك برأس ماله وربح عشرة ريالات، أو بعتك برأس ماله مع ربح العشر، أي: سواء عين الربح أو نسبته.
المواضعة أن يضع من الثمن، فيقول: بعتك إياه بخسارة عشرة ريالات، أو العشر، أو الخمس، أو ما أشبه ذلك.
أمثلة أخرى على هذه الصور الأربع:
مثال التولية: أن يقول: اشتريت سيارة بمائة ألف، فجاءني رجل فقال: بعنيها برأس مالها، فقلت: بعتكها برأس مالها.
مثال الشركة: اشتريت أرضاً بمائة ألف، فجاءني رجل فقال لي: اجعل لي نصف الأرض، أنا أريد أن أعمر مستراحاً لي، فقلت: أشركتك بنصف الأرض على حسب رأس المال، فهذه شركة، لكنها حسب الثمن تولية؛ لأنه لم يربح عليه ولا نزل له من الثمن.
مثال المرابحة: اشترى سيارة بمائة ألف فجاءه إنسان، وقال: أنا أريد أن أربحك فبعنيها بربح عشرة آلاف، فيقول: بعتك، هذه مرابحة، أو يقول: بعنيها بربح العشر، فتكون مائة وعشرة آلاف، فالمرابحة تكون بالنسبة، وتكون بالتعيين.
مثال المواضعة: عكس المرابحة، فيقول: اشتريتها بمائة وأضع لك عشرة في المائة، أو يقول: العشر، فتكون بتسعين.
قوله: «ولا بد في جميعها من معرفة المشتري رأس المال» أي: إن بعتها تولية لا بد أن يعرف المشتري رأس المال؛ لأنه إذا لم يعرفه صار مجهولاً، ومن شرط صحة البيع العلم بالثمن.
وظاهر كلام المؤلف حتى ولو كان البائع ممن عرف بالمتاجرة، ووثق من شرائه، فإنه لا بد أن يعرف المشتري رأس المال، فلو جاءني وقال: اشتريت منك هذه الأرض برأس مالها، فقال: بعتك إياها، والمشتري لا يعلم كم رأس المال، فإن البيع لا يصح؛ لأن الثمن مجهول، ومن شروط البيع أن يكون الثمن معلوماً.
ويتخرج القول بالجواز على جواز البيع بمثل ما باع به فلان إذا كان المشتري معروفاً بالحذق في البيع والشراء، والمشتري الذي هو البائع في المسألة الثانية.
مثاله: اشتريتُ أرضاً بمائة ألف ريال، وأنا ممن يتجر في الأراضي ولا يُغبن فيها، فجاءني رجل وقال: بعني الأرض التي اشتريتها برأس مالها، فقلت: بعتها عليك، وهو لا يدري بكم اشتريتها، لكنه يعرف أنني رجل متاجر حاذق لا أغبن في الشراء.
فعلى المذهب لا يجوز، لكن كما سبق يتخرج على القول بجواز البيع كما يبيع الناس أو كما يبيع فلان أنه يجوز، وهو الصحيح؛ لأن كثيراً من الناس إذا عرف أن هذا الرجل ممن يتاجرون بهذه السلعة، وأنه حاذق فيها يثق به، بل ربما لو أراد أن يشتريها لجاء إليه يستشيره، ولكن لا شك أن الأولى والأحسن أن يعلم بالثمن؛ لأن الإنسان قد يقدر ثمن هذه السلعة قليلاً ويكون كثيراً، وهذا يقع بكثرة، فإذا عقد البيع ولزم البيع، فإنه ربما يستحي أن يقول: رجعت، فمن ثم نقول: لا شك أن الأولى بيان الثمن للمشتري؛ لما يلي:
أولاً: للخروج من الخلاف.
ثانياً: لأنه أطيب للقلب، لكن كون هذا شرطاً فيه نظر، بل نقول: إذا كان البائع الذي باع برأس المال ممن عرف بالحذق بالتجارة فإنه يكفي الاعتماد على حذقه واتجاره.
قال في «الروض»[(1)]: «لا بد من معرفة المشتري والبائع رأس المال» الماتن حذف كلمة «البائع» والشارح قال: «والبائع» وإنما حذفها الماتن؛ لأن الغالب أن البائع يعلم رأس المال، لكن قد لا يعلم، بل كثيراً ما يقع وهو لا يعلم؛ مثل أن يكون البائع تاجراً له وكلاء، فاشترى وكيله له أرضاً ثم جاء رجل، وقال للتاجر: بعني الأرض المذكورة برأس المال، قال: أبيعها عليك، فالبائع حينئذٍ لا يعلم، والوكيل هو الذي يعلم، واشتراط علم البائع برأس المال أوكد من اشتراط علم المشتري برأس المال؛ لأن البائع ربما يغبن غبناً كثيراً، فربما يكون وكيله قد اشتراها في زمن الرخص مثلاً بمائة ألف، وهي تساوي مائتين، أو ارتفع السعر وبلغت ضعف قيمتها، وهذا التاجر لا يعلم، فإذا باعها عليه برأس المال، وقال الوكيل: رأس مالها مائة ألف، وهي تساوي مائتي ألف أو أكثر، فسيقول البائع: إن هذا المشتري غبنني وخدعني ويكون في قلبه حسرة، لا سيما إن كان من الحريصين على الدنيا، ويمثلون قول المتنبي:
بليت بِلى الأطلال إن لم أقف بها
وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه
تشبيه عجيب!! الأطلال هي بقايا الديار، فهذا رجل شحيح ضاع خاتمه في التراب، فسيبقى في التراب يبحث حتى يجد الخاتم.
فالحاصل أنه لا بد في الخيار بتخبير الثمن من علم البائع والمشتري برأس المال؛ لأن عدم معرفتهما بذلك جهل، والجهل غرر، وقد نهى الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الغرر[(2)].
فإذا باع عليَّ رجل سلعة برأس مالها، فقلت له: كم رأس المال؟ فقال لي: مائة، ثم تبين أن رأس المال ثمانون، فإن لي الخيار، إن شئت أمسكتها وإن شئت رددتها، وهذا الذي مشى عليه المؤلف رواية عن الإمام أحمد، والمذهب أنه لا خيار، فيقال له: نضع عنك الزائد وتلزمك؛ لأن هذا من مصلحته، فكيف نثبت له الخيار بشيء اشتراه برأس المال، وقيل له: إن رأس المال مائة ورضي بمائة، ثم تبيّن أن رأس المال ثمانون، فالخيار لدفع الضرر، وهذا الذي اشترى برأس المال على أنها بمائة، ثم تبين أنها بثمانين وسيأخذها بالثمن الحقيقي ليس عليه ضرر فلا خيار له.
لكن لو رأى القاضي إذا ترافعوا إليه أن من المصلحة إثبات الخيار له؛ لكونه يعلم أن البائع مدلس، فحينئذٍ يتوجه القول بإثبات الخيار تأديباً للبائع على التدليس والكذب، وأما إذا لم يكن هناك شيء فلا يمكن؛ لأن المشتري قد يجعل كون الخيار له وسيلة لترك المبيع؛ لأن قيمته في السوق نقصت فنفتح باب الحيل على الناس.
لكن لو قال البائع: غلطت، قلت: إن الثمن مائة وظننت أنها السلعة الفلانية، أو أن قيمة هذه السلعة مائة غلطاً، فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة؛ لأنه مدعٍ، وإذا لم يكن عنده بينة فالقول قول المشتري، فيحلف أنه لا يعلم أن البائع غلط، ويثبت له الخيار على القول بالخيار.
وسبق أنه لو قيل بقول وسط في هذه المسألة، وهو أنه إذا ثبت أن البائع كاذب متعمد، فإنه ينبغي أن يمكن المشتري من الخيار، تأديباً للبائع وعقوبة له.

وَإِن اشْتَرى بِثَمَنٍ مُؤجَّلٍ أوْ مِمّنْ لا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، أَوْ بأكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حيِلَةً، .
قوله: «وإن اشترى بثمن مؤجَّل» «اشترى» الفاعل يعود على البائع تولية ولم يبين، مثل أن يقول: بعتك هذا الكتاب برأس ماله، وهذا بيع تولية، فقال: كم رأس ماله؟ قال: رأس ماله عشرون درهماً، قال: اشتريته، وكان هذا الذي باعه قد اشتراه بعشرين درهماً مؤجلاً ولم يخبر المشتري ـ ومعلوم أن الثمن المؤجل يكون أكثر ـ فاشتراه المشتري وصدقه وأخذه بعشرين، ثم تبين أن هذا الثمن كان ثمناً مؤجلاً، فهو صادق في أنه اشتراه بعشرين، لكنه ثمن مؤجل، فنقول: للمشتري الخيار إن شاء أمسكه وإن شاء رده؛ وتعليل ذلك أن البائع غرَّه وخدعه، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ((ليس لعرق ظالم حق)) [(3)]، فجزاؤه أن يفسد عليه أمره، وأن يقال للمشتري: أنت بالخيار.
هذا هو الذي مشى عليه المؤلف ـ وهو وجيه جداً ـ وهو الصواب إذا كان البائع الذي باع برأس ماله قد خدعه فنعامله بنقيض قصده.
والمذهب أنه ليس له حق الفسخ، ولكنه يأخذه بأجله؛ وتعليل ذلك أنه في هذه الحال لا ضرر عليه؛ إذ إنه زاده خيراً، فهو في الأول قد رضي أن يشتريه نقداً بعشرين، والآن صار عليه مؤجلاً بعشرين، والتأجيل أرفق به فيكون قد زاده خيراً؛ لأنه سينتفع بالثمن فيبيع به ويشتري، وإذا حل الأجل سلمه للبائع وليس له الخيار؛ لأن الخيار إنما هو لدفع الضرر، وهنا لا ضرر.
ولكن مع ذلك يقال: قد يكون زاده خيراً، وقد يكون زاده شراً، وربما يقول المشتري: أنا أَحَبُّ إلي أن أشتري بنقد؛ لأن الدراهم الآن معي فإن بقيت معي إلى الأجل فربما أصرفها في أشياء غير مفيدة لي، وقد لا يرضى بالتأجيل، فلا يريد أن يبقى الشيء ديناً في ذمته، وربما يكون ـ أيضاً ـ في بلد ظالم واليها، فيخشى إن بقي عنده شيء من المال أن يؤخذ منه مصادرة، ويقول: التعجيل أحب إلي من التأجيل.
ولكن الجواب على هذا أن يقال: إن هذه حال نادرة، والأصل عند جميع الناس من حيث العموم أن المؤجل أيسر على باذله من الحالّ.
ولكن كما سبق إذا علمنا أن البائع قد خدعه يقيناً فإنه في هذه الحال نقطع عليه الطريق، ونقول للمشتري: أنت بالخيار إن شئت افسخ، وإن شئت خذه بأجله.
فإذا قلنا: يأخذه بأجله، فهل يكمل الأجل، أو يبتدئ الأجل من جديد؟
الجواب: يأخذه من جديد؛ لأن الثمن من أوصافه أن يكون مؤجلاً، فيأخذه بأجله ابتداءً، فإذا قدر أنه باعه بعد أن اشتراه بثلاثة أشهر والأجل ستة أشهر يستأنف ستة؛ لأن هذا هو الثمن.
قوله: «أو ممن لا تقبل شهادته له» أي: أو اشترى البائع بتخبير الثمن ممن لا تقبل شهادته له، ثم باعه على آخر ولم يخبره فللثاني الخيار؛ لأن الغالب أن الإنسان مع من لا تقبل شهادته له، لا يستقصي في الثمن، فالغالب أنه لا يماكس.
والذي لا تقبل شهادته له أصوله وفروعه، الآباء والأمهات والأجداد والجدات، والأبناء والبنات وأبناء الأبناء وأبناء البنات، وكذلك الزوجان لا تقبل شهادة أحدهما للآخر.
مثاله: رجل اشترى من أبيه سلعة بمائة، ثم باعها على آخر برأس مالها، ثم تبين للمشتري أن الذي باع عليه قد اشترى من والده، فيقول المؤلف: له الخيار.
وظاهر كلامه أن له الخيار سواء غبن أم لم يغبن، بناءً على أن العادة أن الإنسان لا يستقصي فيما إذا اشترى ممن لا تقبل شهادته له.
ووجه الخيار للمشتري أن البائع لو اشترى من أجنبي لماكسه وكاسره، أما أبوه فيستحي منه، وكذلك يقال في الابن.
والصحيح في هذه المسألة أنه لا يثبت له الخيار إلا إذا ظهر في ذلك غبن، فله الخيار ويكون من باب خيار الغبن، أما إذا لم يكن هناك غبن فإنه كثيراً ما يشتري الإنسان من أصوله أو فروعه، ويستقصي في الثمن.
قوله: «أو بأكثر من ثمنه حيلة» أي: إذا اشترى البائع الذي باعه بتخبير الثمن بأكثر من الثمن حيلة.
مثاله: رجل يطلب من آخر مائة ريال، والمطلوب يماطل، كلما جاءه قال: انتظر، وفي يوم من الأيام اشترى منه سلعة تساوي ثمانين بمائة، فلما اشتراها، قال المشتري ـ الذي هو الطالب ـ للبائع ـ المطلوب الذي يماطل ـ: إذاً مقاصة، فهذا الشراء ليس لرغبة في السلعة؛ بل حيلة على استخلاص حقه؛ فإذا جاء رجل آخر، وقال له: بعني هذه السلعة، فقال: أبيعها عليك برأس المال مائة، ثم تبين بعد ذلك أنه اشتراها بمائة حيلة، ليخلص دينه من هذا المماطل وهي تساوي ثمانين فللمشتري الخيار.
وكذلك إذا كان بأكثر من ثمنه محاباة، أي أن الذي باع بالتخبير اشترى هذه السلعة من شخص صديق له، وهي لا تساوي مائة، لكن اشتراها بمائة؛ لأنه صديقه، أو اشتراها بمائة؛ لأنه رأى أن هذا الرجل فقير، فقال: أزيد الثمن محاباة له وجبراً لخاطره، ثم إن هذا المشتري باعها بالتخبير بالثمن، وقال: إن ثمنها مائة، فنقول للمشتري الذي اشترى بالتخبير بالثمن: لك الخيار إذا تبين أنها أكثر من ثمنها من أجل المحاباة؛ لأن الإنسان إذا حابى أحداً لا يهمه أن يزيد عليه ريالين أو ثلاثة أو عشرة، وأنه إذا باع عليه ـ أيضاً ـ لا يهمه أن ينقص ريالين أو ثلاثة أو عشرة.
قال في «الروض»: «أو لرغبة تخصه» [(4)]، أي الذي باع بتخبير الثمن، اشترى هذه السلعة لرغبة تخصه ليس لأنها زادت في السوق، بل لرغبة تخصه.
مثاله: رجل اشترى بيتاً إلى جنب بيته، فالبيت يساوي مائة ألف، واشتراه بمائة وعشرين؛ لأنه إلى جانب بيته ويداخل البيت، فهذه رغبة تخص المشتري، فلو لم يكن جاراً له لم يشتره بمائة وعشرين، ثم إنه طابت نفسه من البيت وباعه على إنسان بالتخبير بالثمن، فقال المشتري الآخر: بكم اشتريته؟ قال: بمائة وعشرين، قال: أخذته برأس ماله، وتبين أن المائة والعشرين أكثر من الثمن، وأن ثمنه مائة، وزاد العشرين لرغبة تخص المشتري، وهو كونه إلى جنبه ومداخلاً بيته.
مثال آخر: اشترى شاة حلوباً بمائة وعشرين؛ لأن عنده خروفاً من الغنم يحتاج إلى لبن، فاشتراها بمائة وعشرين؛ من أجل أن ترضع هذا الخروف، ثم انتهى رضاعه، وجاء إنسان وقال: اشتريها منك برأس المال مائة وعشرين، ثم تبين أنه اشتراها بمائة وعشرين من أجل إرضاع الخروف.
قال في «الروض»: «أو موسم فات» [(5)]، أي: اشتراه في أيام الموسم.
مثاله: اشترى شاة في عيد الأضحى، وعادة أن الغنم في عيد الأضحى ترتفع قيمتها، فاشترى هذه الشاة بمائة وفي غير الموسم تساوي ثمانين، ثم إنه بعد أن فات الموسم باعها برأس مالها مائة، وهو أكثر من الثمن؛ لأنه اشتراها في موسم، والموسم قد فات.
أما لو باعها في نفس الموسم فهذا لا بأس، لكنه الآن قد فات، فنقول: للمشتري الخيار.
إذاً متى بان الثمن أكثر لسبب من الأسباب يتعلق بالمشتري أو يتعلق بالمبيع، فإن للمشتري الآخر الخيار.

أوْ بَاعَ بَعْضَ الصّفْقَةِ بِقِسْطِهَا مِنَ الثَّمَنِ، وَلَمْ يُبَيّن ذَلِكَ في تَخْبِيْرِهِ بِالثَّمَنِ، فَلِمُشْتَرٍ الخِيّارُ بَيْنَ الإِمْسَاكِ والرّدِ، وَمَا يُزَادُ فِي ثَمَنٍ، أَو يُحَطُّ مِنْهُ فِي مُدَّةِ خيَارٍ أوْ يُؤخَذُ أرْشاً لعَيْبٍ، أو جنَايةٍ عَلَيْهِ يُلْحَقُ بِرَأسِ مَالِهِ وَيُخْبِرُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ لُزُومِ البَيْعِ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَإِنْ أخْبَرَ بِالحَالِ فَحَسَنٌ.
قوله: «أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن ولم يبين ذلك في تخبيره بالثمن، فلمشترٍ الخيار بين الإمساك والرد» مثال ذلك: اشترى ثلاث سيارات بستين ألفاً، ثمن كل واحدة عشرون ألفاً، باع واحدة منها بقسطها من الثمن عشرين ألفاً، ثم باع الثنتين تولية بأربعين ألفاً، ثم تبين أنه اشترى ثلاث سيارات وباع واحدة، فللمشتري الخيار، وهذا معنى قوله: أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن فللمشتري الخيار، لماذا لم تقل له: إني بعتك سيارتين من ثلاث تولية من رأس المال؟ لا بد أن تبين.
والمذهب أنه إذا كان الثمن ينقسم على المبيع بالأجزاء فلا خيار؛ لأنه ليس فيه ضرر، وإن كان ينقسم عليه بالقيمة ففيه الخيار؛ لأنه إذا كان ينقسم عليه بالقيمة، فالقيمة قد تزداد إذا زاد المبيع وقد تنقص، كما هو معروف في بيع الجملة والتفريد.
أما إذا كان الثمن ينقسم عليه بالأجزاء بحيث إن كان جزء له قسطه من الثمن، فإنه إذا باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن وباع الباقي تولية ولم يذكر أنه باع منها شيئاً، فلا خيار له؛ لأنه لا ضرر عليه، فلو باع ثلاث سيارات بستين ألفاً، قِيمتها مجموعة ومفردة واحدة، فإذا باع واحدة بعشرين ألفاً، فإنه بالضرورة يكون الباقي بأربعين ولا ضرر على المشتري، بخلاف ما إذا اشترى كيساً من القمح بتسعين درهماً ثم باع ثلثه بثلاثين درهماً، فإنه في هذه الحال ربما يكون الباقي يساوي ستين وقد يساوي أكثر، فإذا كان الثمن ينقسم بالقيمة على المبيع، فإنه إذا باع بعضه ولم يخبر به فللمشتري الخيار، وإن كان ينقسم بالأجزاء فإنه لا حرج أن يبيع الباقي بقسطه من الثمن وإن لم يخبر المشتري، وهذا التفصيل أقرب إلى الصواب؛ لأن المشتري لا ضرر عليه إطلاقاً، أما ظاهر كلام المؤلف فإن فيه الخيار مطلقاً، سواء كان الثمن ينقسم على المبيع بالأجزاء أو ينقسم عليه بالقيمة.
فإذا قال قائل: كيف يكون له الخيار؟.
نقول: لأن الناس يفرقون بين بيع التجزئة وبيع الجملة، وقد يزيد الإنسان الثمن في الجملة أو في التجزئة حسب الرغبات، وبهذا نعرف حرص العلماء ـ رحمة الله عليهم ـ على الصدق في البيع والشراء، وإلا لقال بعض الناس: ما دام أنه باع النصف بنصف الثمن، فلماذا لا يكون ملك هذا بخمسين، فيجب أن يصدق، فيقال: هو لم يحصله بخمسين، وإنما حصل عليه مع البقية بمائة، وهذا يساوي خمسين، فالواجب أن يبين.
قوله: «وما يزاد في ثمن» أي: في مدة الخيار فإن يجب أن يخبر به.
مثاله: اشترى شيئاً بمائة وفي أثناء المجلس، قال البائع: أنا مغبون لا أبيعه إلا بمائة وعشرين، وإلا لي الخيار فنحن الآن في المجلس، قال المشتري: قبلت بمائة وعشرين، فجاء رجل آخر يريد أن يشتري من المشتري برأس المال، هل يقول: رأس مالي مائة وعشرون؟
الجواب: لا، لا بد أن يخبر به فيقول: اشتريته بمائة، ثم في زمن الخيار زاد عليَّ؛ لأن العقد الأول كان على مائة فيجب أن يصدق، حتى في هذه الصورة يجب أن يلحق الزيادة برأس المال ويخبر به.
قوله: «أو يحط منه في مدة خيارٍ» أي: في مدة الخيار كذلك فيجب أن يخبر به.
مثاله: لما تم البيع بين البائع والمشتري وهما في المجلس، قال المشتري: أنا مغبون، اشتريته منك بمائة وهو لا يساوي إلا ثمانين، واتفقا على ثمانين فباعه بثمانين، فإذا اشتراه أحد منه برأس ماله فلا بد أن يقول: اشتريته بمائة، ثم حاططته إلى ثمانين مراعاة للعقد الأول؛ لئلا يلغى العقد الأول، أما إذا كان الإسقاط بعد التفرق، مثل: أن اشتريت هذا البيت بعشرة آلاف ريال وتفرقنا وأتيت بالدراهم إلى البائع، فقال: إني الآن أسقط عنك ألف ريال، فإنه هنا لا يجب الإخبار؛ لأنه قال: في مدة خيار وهنا الإسقاط وقع بعد لزوم البيع.
قوله: «أو يؤخذ أرشاً لعيب» مثاله: اشترى رجل شاة بمائة ريال، ثم وجد بها عيباً قُوِّمَ بعشرين، فدفعها البائع للمشتري، والذي اشترى الشاة باعها برأس مالها فهل يقول: إني اشتريتها بثمانين أو يقول بمائة ثم نزلت للعيب عشرين؟
الجواب: الثاني، فلا بد أن يقول هذا، حتى يكون صادقاً في أنه اشتراها بمائة، ثم رُدَّ عليه عشرون من أجل العيب.
قوله: «أو جناية عليه يلحق برأس ماله ويخبر به» .
مثاله: اشترى عبداً بمائة، ثم إن العبد جُنِيَ عليه، بقطع بعض أطرافه أو ما أشبه ذلك، وكان أرش الجناية التي جُنِيَ بها على العبد خمسين فباعه برأس مالها، فإذا باعه برأس ماله وهو معيب يجب أن يقول: إني اشتريته بمائة فجُني عليه بخمسين، فيبين الواقع.
قوله: «وإن كان ذلك» المشار إليه الزيادة والنقص، وليس الجناية.
قوله: «بعد لزوم البيع لم يُلحق به» لأن البيع استقر على الثمن الأول، وأما ما أخذ أرشاً لعيب أو أخذ أرشاً لجناية فيخبر به، وإن كان بعد لزوم البيع، لكن الزيادة والنقص في الثمن يشترط لأن يخبر به أن يكون ذلك قبل لزوم البيع، أما بعد لزوم البيع فإنه لا يجب، ولذلك لو أن البائع الأول الذي باعه بمائة وتم البيع وتفرقا أبرأ المشتري من الثمن، ثم إن المشتري باعه برأس ماله، هل يلزمه أن يقول: إني اشتريته بمائة وأبرأني منها؟
الجواب: لا يلزمه؛ لأن هذا بعد لزوم البيع؛ ولهذا قال: «وإن كان ذلك بعد لزوم البيع لم يُلحق به» .
مسألة: إنسان اشترى ثوباً متسخاً بعشرة دراهم ثم أعطاه القصَّار «الغسَّال» فغسله بدرهمين، فيكون قد تحصل عليه باثني عشر درهماً، فجاءه إنسان وقال: أريد أن تبيعني إياه برأس المال، قال: رأس المال اثنا عشر درهماً، فلا يجوز، مع أنه لم يتحصل عليه إلا باثنى عشر درهماً، فلا بد أن يقول: اشتريته بعشرة دراهم، وغسلته بدرهمين، كل هذا تحرياً للصدق في المعاملات؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال في المتبايعين: ((إن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما)) [(6)].
وعلى هذا فكل شيء يتغير به الحال في باب التولية فلا بد من بيانه.
قوله: «وإن أخبر بالحال» يعني حتى ولو بعد لزوم العقد.
قوله: «فحسن» وعلل ذلك في «الروض» بقوله: لأنه أبلغ في الصدق[(7)].
مسألة: هل يلزمه أن يخبر بكسب العبد، ونماء البهيمة المنفصل فيسقطه من الثمن أو لا يلزم؟.
الجواب: لا يلزم، فلو اشترى عبداً بعشرة آلاف، وبقي عنده شهراً أو شهرين وكسب في هذه المدة ألفين، ثم باعه برأس ماله، وقال: رأس ماله عشرة آلاف، ولا يلحق بها الألفين؛ لأن هذا نماء منفصل وهو للمشتري؛ لأنه في ملكه.



[1] «الروض مع حاشية ابن القاسم» (4/459).
[2] سبق تخريجه ص(143).
[3] أخرجه البخاري تعليقاً في الحرث والمزارعة باب/ من أحيا أرضاً مواتاً؛ وأبو داود في الخراج/ باب في إحياء الموات (3073)؛ والترمذي في الأحكام/ باب ما ذكر في إحياء أرض الموات (1378)؛ عن سعيد بن زيد ـ رضي الله عنه ـ وقال الترمذي: (حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مرسلاً)؛ وأخرجه أبو داود (3074) عن عروة بن الزبير قال: قال رجل من الصحابة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحسنه الحافظ في «البلوغ» (897).
وقد روي أيضاً عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ مرفوعاً عند الطيالسي (1440)؛ والدارقطني (4/217)؛ والبيهقي (6/142)، وعن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ في زيادات عبد الله على «المسند» (5/326)؛ والطبراني في الكبير كما في المجمع (4/174).
قال الحافظ في الفتح (5/19): «وفي أسانيدها مقال، ولكن يتقوى بعضها ببعض»، ومثله في «الإرواء» (5/356).
[4] الروض مع حاشية ابن قاسم (4/461).
[5] الروض مع حاشية ابن قاسم (4/461).
[6] سبق تخريجه ص(262).
[7] «الروض مع حاشية ابن القاسم» (4/464).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السادس, خيار

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir