دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو الحجة 1429هـ/16-12-2008م, 08:49 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي اسم الإشارة

اسمُ الإشارةِ


بِذَا لمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ = بِذِي وَذَهْ تِي تَا على الأُنْثَى اقْتَصِرْ
ذانِ تانِ للمُثَنَّى الْمُرْتَفِعْ = وفي سِوَاهُ ذَينِ تَينِ اذْكُرْ تُطِعْ
بأُولَى أَشِرْ لجمْعٍ مُطْلَقَا = والمَدُّ أَوْلَى وَلَدَى البُعْدِ انْطِقَا
لكافِ حَرْفًا دُونَ لامٍ أوْ مَعَهْ= واللامُ إنْ قَدَّمْتَ ها مُمْتَنِعَةْ
بِهُنَا أوْ هَا هُنَا أَشِرْ إلى = دَانِي المكانِ وبهِ الكافَ صِلَا
البُعْدُ أوْ بِثَمَّ فُهْ أوْ هَنَّا = أوْبِهُنالِكَ انْطِقْنَ أوْ هِنَّا


  #2  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:47 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

اسمُ الإشارةِ
بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ = بِذِي وذِهْ تِي تَا عَلَى الأُنْثَى اقْتَصِرْ([1])
يُشارُ إلى المفردِ المذكَّرِ بـ (ذا)، ومَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ أنَّ الألفَ مِن نفسِ الكَلِمَةِ، وذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى أنها زائدةٌ ([2]).
ويُشارُ إلى المُؤَنَّثَةِ بـ(ذِي) و(ذِهْ) بسكونِ الهاءِ، و(تِي) و(تَا) و(ذِهِ) بكسرِ الهاءِ باختلاسٍ وبإشباعٍ، و(تِهِْ) بسكونِ الهاءِ وبكسرِها باختلاسٍ وإشباعٍ، و(ذَات).
وذَانِ تَانِ لِلْمُثَنَّى المُرْتَفِعْ = وفِي سِوَاهُ ذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِعْ([3])
يُشارُ إلى المُثَنَّى المذكَّرِ في حالةِ الرفعِ بذانِ، وفي حالةِ النصبِ والجرِّ بذيْنِ، وإلى المؤنَّثَتَيْنِ بتانِ في الرفعِ وتَيْنِ في النصبِ والجرِّ.
وبأُولَى أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقَا = والمَدُّ أَوْلَى وَلَدَى البُعْدِ انْطِقَا([4])
بالكافِ حرفاً دُونَ لامٍ أوْ مَعَهْ = واللامُ إنْ قَدَّمْتَ هَا مُمْتَنِعَهْ([5])
يُشارُ إلى الجمعِ مذكَّراً كانَ أو مُؤَنَّثاً بـ(أُولَى)؛ ولهذا قالَ المصنِّفُ: (أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقَا)، ومُقْتَضَى هذا أنه يُشارُ بها إلى العقلاءِ وغيرِهم، وهو كذلكَ، ولكِنَّ الأكثرَ اسْتِعْمَالُها في العاقلِ، ومِن وُرُودِها في غيرِ العاقلِ قولُه:
23- ذُمَّ المَنَازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى = والعَيْشَ بَعْدَ أُولَئِكَ الأَيَّامِ ([6])
وفيها لُغتانِ: المَدُّ، وهي لغةُ أهلِ الحِجازِ، وهي الواردةُ في القرآنِ العزيزِ، والقَصْرُ، وهي لغةُ بَنِي تَمِيمٍ، وأشارَ بقولِهِ: (وَلَدَى الْبُعْدِ انْطِقَا بِالْكَافِ... إِلَى آخرِ البيتِ) إلى أنَّ المشارَ إليه له رُتبتانِ: القربُ والبعدُ، فجميعُ ما تَقَدَّمَ يُشارُ به إلى القريبِ، فإذا أُرِيدَ الإشارةُ إلى البعيدِ أُتِيَ بالكافِ وحدَها، فتقولُ: (ذاكَ) أو الكافِ واللامِ، نحوُ: (ذَلِكَ)، وهذه الكافُ حرفُ خِطابٍ، فلا مَوْضِعَ لها من الإعرابِ، وهذا لا خِلافَ فيه، فإنْ تَقَدَّمَ حرفُ التنبيهِ الذي هو (ها) على اسمِ الإشارةِ أَتَيْتَ بالكافِ وَحْدَها، فتقولُ: (هَذَاكَ) ([7]) وعليه قولُه:
24- رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِي = ولاَ أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ الْمُمَدَّدِ([8])

ولا يَجُوزُ الإتيانُ بالكافِ واللامِ، فلا تقولُ: (هذالِكَ)، وظاهرُ كلامِ المصنِّفِ أنه ليسَ للمُشارِ إليه إلا رُتبتانِ: قُرْبَى وبُعْدَى؛ كما قَرَّرْنَاهُ، والجمهورُ على أنَّ له ثلاثَ مراتِبَ: قُرْبَى ووُسْطَى وبُعْدَى، فيُشارُ إلى مَن في القُرْبَى بما ليسَ فيه كافٌ ولا لامٌ: كَذَا وذِي، وإلى مَن في الوُسْطَى بما فيه الكافُ وحدَها، نحوُ: (ذاكَ)، وإلى مَن في البُعْدَى بما فيه كافٌ ولامٌ، نحوُ: (ذَلِكَ).
وَبِهُنَا أَوْ هَهُنَا أَشِرْ إِلَى = دَانِي الْمَكَانِ وَبِهِ الْكَافَ صِلاَ ([9])
في البُعْدِ أَوْ بِثَمَّ فُهْ أَوْ هُنَّا = أو بِهُنَالِكَ انْطِقَنْ أَوْ هِنَّا ([10])
يُشارُ إلى المكانِ القريبِ بـ(هُنَا)، ويَتَقَدَّمُها هاءُ التنبيهِ، فيقالُ: (هَهُنَا)، ويُشارُ إلى البعيدِ على رأيِ المصنِّفِ بـ(هُنَاكَ وهُنَالِكَ وهَِنَّا)، بفتحِ الهاءِ وكَسْرِها معَ تشديدِ النونِ، وبـ(ثَمَّ) و(هِنَّتْ)، وعلى مذهَبِ غيرِه (هُنَاكَ) للمتوسِّطِ وما بعدَه للبعيدِ.


([1]) (بِذَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (أَشِر) الآتِي، (لِمُفْرَدٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بأَشِرْ كذلك، (مُذَكَّرٍ) نعتٌ لمفردٍ، (أَشِرْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (بِذِي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: اقْتَصِرِ الآتِي، (وَذِه) الواوُ عاطفةٌ، وذِهْ: معطوفٌ على ذِي، (تِي تَا) معطوفانِ على ذي بإسقاطِ حرفِ العطفِ، (عَلَى الأُنْثَى) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: اقْتَصِرِ الآتِي أيضاًً، (اقْتَصِرْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، وجملةُ (اقْتَصِرْ) معطوفةٌ على جملةِ (أَشِرْ) بإسقاطِ العاطفِ.
([2]) ههنا ثلاثةُ أمورٍ:
أَوَّلُها: أنَّ الشارِحَ لم يَذْكُرْ ـ تبعاً للمصنِّفِ ـ في هذا الكتابِ مِن ألفاظِ الإشارةِ إلى المفردِ المُذَكَّرِ سِوَى (ذا)، وقد ذَكَرَ العلماءُ أربعةَ ألفاظٍ أُخْرَى: الأوَّلُ: (ذَاءِ) بهمزةٍ مكسورةٍ بعد الألفِ، والثاني: (ذائِهِ) بهاءٍ مكسورةٍ بعدَ الهمزةِ المكسورةِ، والثالثُ: (ذَاؤُهُ) بهمزةٍ مضمومةٍ وبعدَها هاءٌ مضمومةٌ، الرابعُ: (آلَكَ) بهمزة ممدودةٍ بعدَها لامٌ ثمَّ كافٌ، وممَّن ذَكَرَ =(آلَكَ) الناظمُ في كتابِه (التَّسْهِيلِ).
الأمرُ الثاني: أنَّ (ذا) إشارةٌ للمفردِ، وهذا المفردُ إما أنْ يكونَ مفرداً حقيقةً أو حُكماً، فالمفردُ الحقيقيُّ نحوَ: هذا زيدٌ، وهذا خالدٌ، وهذا الكتابُ، والمفردُ حُكْماً نحوُ: هذا الرَّهْطُ، وهذا الفريقُ، ومنه قولُ اللهِ تعالى: {عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} أي: بينَ المذكورِ مِن الفارضِ والبِكْرِ، ورُبَّمَا اسْتُعْمِلَ (ذا) في الإشارةِ إلى الجمعِ، كما في قَوْلِ لَبِيدِ بنِ رَبِيعَةَ العامريِّ:
ولقدْ سَئِمْتُ مِنَ الحياةِ وطُولِها = وسؤالِ هذا الناسِ كيفَ لَبِيدُ
الأمرُ الثالثُ: أنَّ الأصلَ في (ذا) أنْ يُشارَ به إلى المذكَّرِ حَقِيقَةً، كما في الأمثلةِ التي ذَكَرْنَاهَا، وقد يُشارُ به إلى المؤنَّثِ إذا نَزَلَ مَنْزِلَةَ المذكَّرِ، كما في قولِ اللهِ تعالى: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي}، أشارَ إلى الشمسِ -وهي مؤنَّثةٌ بدليلِ قولِهِ: {بَازِغَةً} - بقولِه: {هَذَا رَبِّي}؛ لأنَّه نَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ المذكَّرِ، ويُقالُ: بل لأنَّه أَخْبَرَ عنها بمذكَّرٍ، ويقالُ: بل لأنَّ لغةَ إبراهيمَ عليه السلامُ الذي ذُكِرَ هذا الكلامُ على لِسانِه لا تُفَرِّقُ بينَ المذكَّرِ والمؤنَّثِ.
([3]) (وذانِ) الواوُ عاطفةٌ، ذانِ: مبتدأٌ، (تَانِ) معطوفٌ عليه بإسقاطِ حرفِ العطفِ، (لِلْمُثَنَّى) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرِ المبتدأِ، (الْمُرْتَفِعْ) نعتٌ للمُثَنَّى، وجملةُ المبتدأِ وخبرِه معطوفةٌ على ما قبلَها، (وفي سِوَاهُ) الجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (اذْكُرِ) الآتِي، وسِوَى مضافٌ والهاءُ ضميرُ الغائبِ العائدُ إلى المثنَّى المرتفعِ مضافٌ إليه، وقد أَعْمَلَ الحرفَ في (سِوَى) لأنَّها عندَه متصرِّفةٌ، (ذَيْنِ) مفعولٌ به مقدَّمٌ على عاملِه، وهو قولُه: (اذْكُرِ) الآتِي، (تَيْنِ) معطوفٌ على ذَيْنِ بإسقاطِ حرفِ العطفِ، (اذْكُرْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، وجملةُ (اذْكُرْ) معطوفةٌ بالواوِ على ما قَبْلَها.
([4]) (وَبِأُولَى) الواوُ عاطفةٌ، والباءُ حرفُ جرٍّ، و(أُولَى) مجرورُ المَحَلِّ بالباءِ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (أَشِر) الآتِي، (أَشِرْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (لِجَمْعٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (أَشِر) السابقِ، (مُطْلَقَا) حالٌ مِن قولِهِ: (جَمْعٍ)، (والمَدُّ) مبتدأٌ، (أَوْلَى) خبرُه، (وَلَدَى) الواوُ عاطفةٌ، لَدَى: ظرفٌ بمعنى عندَ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: انْطِق الآتِي، ولَدَى مضافٌ و(البُعْدِ) مضافٌ إليه، (انْطِقَا) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، والألفُ للإطلاقِ، ويَجُوزُ أنْ تكونَ الألفُ مُبْدَلَةً من نونِ التوكيدِ الخفيفةِ للوقفِ، وهذا أَوْلَى وأقربُ.
([5]) (بالكافِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: انْطِق في البيتِ السابقِ، (حَرْفاً) حالٌ مِن (الكافِ)، (دُونَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ ثانٍ مِن (الكافِ)، ودونَ مضافٌ و(لامٍ) مضافٌ إليه، (أو) حرفُ عطفٍ، (مَعَهْ) معَ: ظرفٌ معطوفٌ على الظرفِ الواقعِ مُتَعَلِّقُه حالاً وهو دونَ، ومعَ مضافٌ والهاءُ ضميرُ الغائبِ مضافٌ إليه، (واللامُ) مبتدأٌ، (إنْ) حرفُ شرطٍ، (قَدَّمْتَ) قَدَّم: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ المقدَّرِ في محلِّ جزمٍ على أنه فعلُ الشرطِ، وتاءُ المخاطَبِ فاعلُه، و(ها) مفعولٌ به لقَدَّم، (مُمْتَنِعَهْ) خبرُ المبتدأِ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ دَلَّ عليه المبتدأُ وخبرُه، والتقديرُ: واللامُ مُمْتَنِعَةٌ إنْ قَدَّمْتَ (ها)، فاللامُ مُمْتَنِعَةٌ، وجملةُ الشرطِ وجوابِه لا مَحَلَّ لها؛ لأنَّها مُعْتَرِضَةٌ بينَ المبتدأِ وخبرِه.
([6]) البيتُ لجَرِيرِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ الخَطَفِيِّ، مِن كَلِمَةٍ له يَهْجُو فيها الفَرَزْدَقَ، وقبلَه - وهو المَطْلَعُ - قولُه:
سَرَتِ الهُمُومُ فبِتْنَ غَيْرَ نِيَامِ = وأخو الهمومِ يَرُومُ كلَّ مَرَامِ
اللغةُ: (ذُمَّ) فعلُ أمرٍ مِن الذَّمِّ، ويَجُوزُ لكَ في الميمِ تحريكُها بإحدَى الحركاتِ الثلاثِ: الكسرِ؛ لأنَّه الأصلُ في التخلُّصِ مِن الْتِقَاءِ الساكنيْنِ، فهو مبنيٌّ على السكونِ وحُرِّكَ بالكسرِ للتخلُّصِ من الْتِقَاءِ الساكنيْنِ، والفتحِ للتخفيفِ؛ لأنَّ الفتحةَ أخفُّ الحركاتِ، وهذه لغةُ بَنِي أَسَدٍ، والضمِّ؛ لإتباعِ حركةِ الدالِ، وهذا الوجهُ أضعفُ الوجوهِ الثلاثةِ، (المَنَازِلَ) جمعُ منزلٍ، أو مَنْزِلَةٍ، وهو مَحَلُّ النزولِ، وكونُه ههنا جمعَ منزلةٍ أَوْلَى؛ لأنَّه يقولُ فيما بعدُ: (مَنْزِلَةِ اللِّوَى) واللِّوَى ـ بكسرِ اللامِ مقصوراً ـ موضِعٌ بعينِه، (العيشَ) أرادَ به الحياةَ.
المعنى: ذُمَّ كلَّ موضعٍ تَنْزِلُ فيه بعدَ هذا الموضِعِ الذي لَقِيتَ فيه أنواعَ المَسَرَّةِ، وذُمَّ أيامَ الحياةِ التي تَقْضِيهَا بعدَ هذه الأيامِ التي قَضَيْتَها هناكَ في هَنَاءَةٍ وغِبْطَةٍ.
الإعرابُ: (ذُمَّ) فعلُ أمرٍ، مبنيٌّ على السكونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، وهو مفتوحُ الآخِرِ للخِفَّةِ، أو مكسورُه على الأصلِ في التخلُّصِ من الْتِقَاءِ الساكنيْنِ، أو مضمومُه للإتباعِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (المنازِلَ) مفعولٌ به لذُمَّ، (بعدَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن المنازِلِ، وبعدَ مضافٌ و(مَنْزِلَةِ) مضافٌ إليه، ومَنْزِلَةِ مضافٌ و(اللِّوَى) مضافٌ إليه، (وَالْعَيْشَ) الواوُ عاطفةٌ، والعَيْشَ: معطوفٌ على (المنازِلَ)، (بعدَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن (العيشَ)، وبعدَ مضافٌ وأُولاَءِ مِن (أُولَئِكَ) مضافٌ إليه، والكافُ حرفُ خطابٍ، (الأَيَّامِ) بَدَلٌ من اسمِ الإشارةِ أو عطفُ بيانٍ عليه.
الشاهدُ فيه: قولُه: (أُولَئِكَ) حيثُ أشارَ به إلى غيرِ العقلاءِ، وهي (الأيامُ)، ومثلُه في ذلك قولُ اللهِ تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}.
وقد ذَكَرَ ابنُ هِشامٍ عن ابنِ عَطِيَّةَ أنَّ الروايةَ الصحيحةَ في بيتِ الشاهدِ:
* والعَيْشَ بعدَ أُولَئِكَ الأَقْوَامِ *
وهذه هي روايةُ النقائضِ بينَ جَرِيرٍ والفَرَزْدَقِ، وعلى ذلكَ لا يكونُ في البيتِ شاهدٌ؛ لأنَّ الأقوامَ عُقَلاَءُ، والخَطْبُ في ذلك سَهْلٌ؛ لأنَّ الآيةَ الكريمةَ التي تَلَوْنَاهَا كافيةٌ أعظمَ الكفايةِ للاستشهادِ بها على جوازِ الإشارةِ بأُولاءِ إلى الجمعِ من غيرِ العقلاءِ.
([7]) إذا كانَ اسمُ الإشارةِ لمُثَنًّى أو لجمعٍ فإنَّ ابنَ مالِكٍ يَرَى أنه لا يَجُوزُ أنْ يُؤْتَى بالكافِ معَ حرفِ التنبيهِ حينَئذٍ، وذهَبَ أبو حَيَّانَ إلى أن ذلك قليلٌ لا مُمْتَنِعٌ، وممَّا وَرَدَ منه قولُ العَرْجِيِّ، وقِيلَ: قائلُه كامِلٌ الثَّقَفِيُّ:
يَامَا أُمَيْلِحَ غِزْلاناً شَدَنَّ لَنَا = مِنْ هؤُلَيَّائِكُنَّ الضَّالِ والسَّمْرِ
الشاهدُ فيه هنا: قولُه: (هَؤُلَيَّائِكُنَّ)؛ فإنَّه تصغيرُ (أُولاَءِ) الذي هو اسمُ إشارةٍ إلى الجمعِ، وقدِ اتَّصَلَتْ به (ها) التنبيهُ في أوَّلِهِ، وكافُ الخطابِ في آخِرِه.
([8]) هذا البيتُ لِطَرَفَةَ بنِ العَبْدِ البَكْرِيِّ، من مُعَلَّقَتِه المشهورةِ التي مَطْلَعُها:
لِخَوْلَةَ أَطْلاَلٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَدِ = تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ الْيَدِ
وقبلَ بيتِ الشاهدِ قولُه:
وما زالَ تَشْرَابِي الْخُمُورَ وَلَذَّتِي = وبَيْعِي وإِنْفَاقِي طَرِيفِي ومُتْلَدِي
إِلَى أَنْ تَحَامَتْنِي الْعَشِيرَةُ كُلُّهَا = وأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ الْبَعِيرِ الْمُعَبَّدِ
اللغةَ: (خَوْلَةُ) اسمُ امرأةٍ، (أطلالٌ) جمعُ طَلَلٍ، بزِنَةِ جَبَلٍ وأَجْبَالٍ، والطَّلَلُ: ما شَخَصَ وظَهَرَ وارْتَفَعَ من آثارِ الدِّيَارِ، كالأَثَافِي، (بُرْقَة) بضمٍّ فسكونٍ: هي كلُّ رَابِيَةٍ فيها رملٌ وطِينٌ أو حِجَارةٌ، وفي بلادِ العربِ نَيِّفٌ ومائةُ بُرْقَةٍ عَدَّها صاحِبُ القاموسِ، وألَّفَ فيها غيرُ واحدٍ مِن علماءِ اللغةِ، ومِنها بُرْقَةُ ثَهْمَدٍ، (تَلُوحُ) تَظْهَرُ، (الوَشْمُ) أنْ يُغْرَزَ بالإبرةِ في الجِلْدِ ثُمَّ يُذَرَّ عليه الكُحْلُ أو دُخَانُ الشَّحْمِ فيَبْقَى سَوَادُه ظاهراً، (البَعِيرُ المُعَبَّدُ) الأجربُ، (بَنِي غَبْرَاءَ) الغَبْرَاءُ هي الأرضُ، سُمِّيَتْ بهذا لِغُبْرَتِها، وأرادَ ببني الغبراءِ الفقراءَ الذين لَصِقُوا بالأرضِ لِشِدَّةِ فَقْرِهِم، أو الأضيافَ، أو اللصوصَ، (الطِّرَافِ) بكسرِ الطاءِ بزِنَةِ الكِتابِ: البيتُ مِن الجِلْدِ، وأهلُ الطِّرَافِ المُمَدَّدِ: الأغنياءُ.
المعنى: يُرِيدُ أنَّ جميعَ الناسِ ـ من غيرِ تَفْرِقَةٍ بينَ فقيرِهم وغَنِيِّهِم ـ يَعْرِفُونَه، ولا يُنْكِرُونَ مَحَلَّه من الكَرَمِ والمواساةِ للفقراءِ وحُسْنِ العِشْرَةِ وطِيبِ الصُّحْبَةِ للأغنياءِ، وكأنه يَتَأَلَّمُ مِن صَنِيعِ قَوْمِهِ مَعَه.
الإعرابُ: (رأيتُ) فِعْلٌ وفاعلٌ، (بَنِي) مفعولٌ به، وبَنِي مضافٌ و(غَبْرَاءَ) مضافٌ إليه، ثُمَّ إذَا كانَتْ (رَأَى) بَصَرِيَّةً فجُمْلَةُ (لا يُنْكِرُونَنِي) من الفعلِ وفاعلِه ومفعولِهِ في مَحَلِّ نصبِ حالٍ مِن بني غَبْرَاءَ، وإذا كانَتْ (رأَى) عِلْمِيَّةً ـ وهو أَوْلَى ـ فالجملةُ في مَحَلِّ نصبِ مفعولٍ ثانٍ لرأَى، (ولا) الواوُ عاطفةٌ، ولا: زائدةٌ لتأكيدِ النفيِ، (أَهْلُ) معطوفٌ على الواوِ الذي هو ضميرُ الجماعةِ في قَوْلِهِ: (لا يُنْكِرُونَنِي)، وأهلُ مضافٌ واسمُ الإشارةِ من (هَذَاكَ) مضافٌ إليه، والكافُ حرفُ خِطابٍ، (الطِّرَافِ) بَدَلٌ مِن اسمِ الإشارةِ، أو عَطْفُ بيانٍ عليه، (المُمَدَّدِ) نعتٌ للطِّرَافِ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (هَذَاكَ) حيثُ جاءَ بـ (ها) التنبيهِ معَ الكافِ وحدَها، ولم يَجِئْ باللامِ، ولم يَقَعْ لي ـ معَ طويلِ البحثِ وكثرةِ الممارسةِ ـ نظيرٌ لهذا البيتِ ممَّا اجْتَمَعَتْ فيه (ها) التنبيهِ معَ كافِ الخطابِ بينَهما اسمُ إشارةٍ للمفردِ، ولعلَّ العلماءَ الذين قَرَّرُوا هذه القواعدَ قد حَفِظُوا من شواهدِ هذه المسألةِ ما لم يَبْلُغْنَا، أو لَعَلَّ قُدَامَاهُم الذين شَافَهُوا العربَ قد سَمِعُوا ممَّن يُوثَقُ بعربِيَّتِه استعمالَ مثلِ ذلك في أحاديثِهم في غيرِ شُذُوذٍ ولا ضرورةٍ تُحْوِجُ إليه؛ فلهذا جَعَلُوه قاعدةً.
([9]) (وبِهُنَا) الواوُ عاطفةٌ، بِهُنَا: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (أَشِر) الآتِي، (أو) حرفُ عطفٍ، (هَهُنَا) معطوفٌ على هنا، (أَشِرْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (إلى) حرفُ جرٍّ يَتَعَلَّقُ بأَشِرْ، (دَانِي) مجرورٌ بإلى، وعلامةُ جرِّه كسرةٌ مُقَدَّرَةٌ على الياءِ للثِّقَلِ، وداني مضافٌ و(المكانِ) مضافٌ إليه، (وبِهِ) الواوُ عاطفةٌ، به: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (صِلاَ) الآتِي، (الكافَ) مفعولٌ به مقدَّمٌ على عامِلِه، وهو قولُه: صِلاَ الآتِي، (صِلاَ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، والألفُ للإطلاقِ، ويجوزُ أنْ تكونَ هذه الألفُ مبدلةً من نونِ التوكيدِ الخفيفةِ للوقفِ.
([10]) (في البُعْدِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (صِلاَ) في البيتِ السابقِ، (أو) حرفُ عطفٍ معناه هنا التخييرُ، (بِثَمَّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (فُه) الآتِي، (فُهْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (أَوْ) حرفُ عطفٍ، (هُنَّا) معطوفٌ على قولِه: (ثَمَّ) السابقِ، (أو) حرفُ عطفٍ، (بِهُنَالِكَ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِه: (انْطِقِ) الآتِي، (انْطِقَنْ) انْطِق: فعلُ أمرٍ مبنيٌّ على الفتحِ لاتصالِهِ بنونِ التوكيدِ الخفيفةِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، ونونُ التوكيدِ الخفيفةُ حرفٌ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (أو) حرفُ عطفٍ، (هِنَّا) معطوفٌ على قولِهِ: (هُنَالِكَ).


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:49 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

هذا بابُ أسماءِ الإشارةِ
والمُشارُ إليهِ إِمَّا واحدٌ، أو اثنانِ، أو جَمَاعَةٌ، وكلُّ واحدٍ مِنْها إِمَّا مُذَكَّرٌ، وإِمَّا مُؤَنَّثٌ، فللمُفْرَدِ المُذَكَّرِ (ذا) ([1])، وللمُفْرَدِ المُؤَنَّثِ عَشَرَةٌ، وهي: ذِي، وتِي، وذِهِ، وتِهِ، وذِهْ، وتِهْ، وذِهْ، وتِه، وذات، وتا، وللمُثَنَّى ذَانِ، وتَانِ رَفْعاً، وذيْنِ وتَيْنِ جَرًّا ونَصْباً، ونحوُ: ِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ([2]) مُؤَوَّلٌ، ولِجَمْعِهما: (أُولاءِ) مَمْدوداً عندَ الحِجازِيِّينَ، ومَقْصورًا عندَ تَمِيمٍ، ويَقِلُّ مَجيئِهِ لغيرِ العُقَلاءِ؛ كقولِه:
42 - والعَيْشُ بعدَ أُولَئِكَ الأَيَّامِ
فصلٌ: وإذا كانَ المُشارُ إليهِ بعيداً, لَحِقَتْهُ كافٌ حَرْفِيَّةٌ, تَتصَرَّفُ تَصَرُّفَ الكافِ الاسميَّةِ غَالِباً، ومن غيرِ الغالبِ: َلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ} ([3])، ولكَ أنْ تَزِيدَ قبلَها لاماً ([4])، إلاَّ في التثنيةِ مُطْلقاً، وفي الجمعِ في لُغَةِ مَن مَدَّهُ ([5])، وفيما سَبَقَتْهُ (ها)، وبنو تَمِيمٍ لا يَأْتونَ باللامِ مُطْلقاً.
فصلٌ: ويُشارُ إلى المَكانِ القريبِ ([6]) بـ(هُنَا) أو (هَاهُنَا)، نحوَ: ِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ([7])، وللبعيدِ بـ(هُناكَ) أو (هَاهُنَاكَ) أو (هُنَالِكَ) أو (هَنَّا) أو (هِنَّا) أو (هنت) أو (ثَمَّ)، نحوَ: َأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} ([8]).

([1]) ويُضَافُ إلى (ذا) في الإشارةِ للمُفْرَدِ المُذَكَّرِ ثَلاثةُ ألفاظٍ أُخْرَى، وهي (ذَاءِ) بهمزةٍ مكسورةٍ بعدَ الألفِ، و(ذَائِهِ) بزيادةِ هاءٍ مكسورةٍ، و(ذَاؤُهُ) بضَمِّ الهمزةِ والهاءِ، وقد جَاءَ قولُ الراجزِ:

هَذَاؤُهُ الدَّفْتَرُ خَيْرُ دَفْتَرِ = فِي كَفِّ قَرْمٍ مَاجِدٍ مُصَوَّرِ
بكسرِ الهاءِ وبضَمِّها، فهو شاهدٌ على اللغتَيْنِ الأخيرتَيْنِ.
([2]) سورة طه، الآية: 63، وقد أَطَالَ المُؤَلِّفُ في (شَرْحِ الشُّذُورِ) في تخريجِ هذه الآيةِ، وممَّا أُوِّلَت به أَنَّ (إِنْ) بمَعْنَى نَعَمْ وهذانِ مبتدأٌ، وممَّا أُوِّلَت به أَنَّ (إنْ) مُؤَكِّدَةٌ، واسمُها ضميرُ شأنٍ محذوفٌ، وهذانِ مبتدأٌ، ولسَاحِرَانِ خبرُ المبتدأِ، والمبتدأُ وخبرُه جملةٌ في مَحَلِّ رفعٍ خَبَرُ إِنَّ، ولن تَجِدَ كلاماً مُفَصَّلاً مثلَ ما تَجِدُه فيه، فارْجِعْ إليه (ص48 بتحقِيقِنَا).
42 – هذا عَجُزُ بيتٍ مِن الكاملِ, وصَدْرُه قولُه:
ذُمَّ المَنَازِلَ بعدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى
وهذا بيتٌ مِن قصيدةٍ لجَرِيرِ بنِ عَطِيَّةَ بنِ الخَطَفِيِّ يَهْجُو فيها الفَرَزْدَقَ، وقبلَه -وهو مَطْلَعُ القصيدةِ- قولُه:
سَرَتِ الهُمُومُ فَبِتْنَ غَيْرَ نِيَامِ = وَأَخُو الهُمُومِ يَرُومُ كُلَّ مَرَامِ
اللغَةُ: (مَرَامِ) يَحْتَمِلُ هذا اللفظُ أن يكونَ مصدراً ميميًّا مِن قولِهم: رَامَ الشيءَ يَرُومُه رَوْماً ومَرَاماً، ويَحْتَمِلُ أن يَكُونَ اسمَ مكانٍ أو اسمَ زمانٍ مِن هذا الفِعْلِ أيضاً، والميمُ زائدةٌ على كُلِّ حالٍ، ووَزْنُه مَفْعَلٌ مثلُ مَفْتَحٍ ومَدْخَلٍ، وفيه إعلالٌ بالنقلِ والقلبِ. (المَنَازِلَ) جمعُ منزلٍ أو منزلةٍ، وكونُه هنا جمعَ منزلةٍ أَوْلَى؛ لقولِه فيما بعدُ: (مَنْزِلَةِ اللِّوَى)، والمنزلُ والمنزلةُ مكانُ النزولِ. (اللِّوَى) بكسرِ اللامِ وفتحِ الواوِ مقصوراً - هو في الأصلِ مُنْقَطَعُ الرَّمْلَةِ، وهو هنا اسمُ مكانٍ بعَيْنِه، وقد أَكْثَرَتِ الشعراءُ مِن ذِكْرِه، وهو وَادٍ مِن أوديةِ بَنِي سُلَيْمٍ، ويومُ اللِّوَى: مَوْقِعَةٌ كانَت فيه، وكانَ الظَّفَرُ فيها لبَنِي ثَعْلَبَةَ على بَنِي يَرْبُوعٍ.
الإعرابُ: (ذُمَّ) فعلُ أمرٍ مبنيٌّ على السكونِ لا مَحَلَّ له مِن الإعرابِ، ويَجُوزُ تحريكُه بالحركَاتِ الثلاثِ، فإن حَرَّكْتَهُ بالفتحِ فإنَّكَ تقُولُ: وحُرِّكَ بالفتحِ طلباً للتخفيفِ، وإن حَرَّكْتَه بالضَّمِّ فإنَّكَ تقُولُ: وحُرِّكَ بالضمِّ لاتِّبَاعِ آخِرِه أوَّلَه، وإن حَرَّكْتَه بالكسرِ فإنَّكَ تقُولُ: وحُرِّكَ بالكسرِ على ما هو الأصلُ في التخَلُّصِ مِن التقاءِ الساكنَيْنِ، وفاعِلُه ضميرٌ مستترٌ فيه وجوباً تقديرُه أنت. (المَنَازِلَ) مفعولٌ به لذُمَّ منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ. (بَعْدَ) ظرفٌ مُتَعَلِّقٌ بذُمَّ، أو مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ مِن المنازلِ، وبعدَ مضافٌ، و(منزلةِ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، ومنزلةِ مضافٌ، و(اللِّوَى) مضافٌ إليه مجرورٌ بكسرةٍ مُقَدَّرَةٍ على الألفِ مَنَعَ مِن ظهورِها التعَذُّرُ. (والعَيْشُ) الواوُ حرفُ عطفٍ، العيشُ معطوفٌ على المنازلِ، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ، وعلامةُ نصبِه الفتحةُ الظاهرةُ، (بعدَ) ظَرْفٌ مُتعلِّقٌ بذُمَّ، أو مُتعلِّقٌ بمَحذوفٍ حالٍ مِن العَيْشِ، وبعدَ مضافٌ واسمُ الإشارةِ في (أُولئكَ) مضافٌ إليه مبنيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ جرٍّ، والكافُ حرفُ خطابٍ. (الأيَّامِ) بدلٌ أو عطفُ بيانٍ أو نعتٌ لاسمِ الإشارةِ، وبدلُ المجرورِ مجرورٌ، وعلامةُ جرِّه الكسرةُ الظاهرةُ.
الشاهدُ فيه: قولهُ: (أُولَئِكَ الأيَّامِ) حيثُ أَشَارَ بأُولاءِ إلى الأيَّامِ، والأيَّامُ جمعُ يومٍ، وهو مِن غيرِ العُقَلاءِ، وفي ذلك دليلٌ على جوازِ الإشارةِ بأولاءِ إلى جمعِ غيرِ العاقلِ، ومثلُه قولُه تعَالَى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}. وقد قالَ ابنُ هِشَامٍ: (ويُرْوَى: الأقوَامِ بدلَ الأيَّامِ، فلا شَاهِدَ فيه. وزَعَمَ ابنُ عَطِيَّةَ أنَّ هذه الروايةَ هي الصوابُ، وأنَّ الطَّبَرِيَّ غَلَطَ إذْ أَنْشَدَه: الأيَّامِ، وأنَّ الزجَّاجَ اتَّبَعَه في هذا الغَلَطِ). اهـ كلامُه.
قالَ أبُو رَجَاءٍ، غَفَرَ اللَّهُ له ولوالدَيْهِ: وروايةُ (النقَائِضِ) لمُحَمَّدِ بنِ حَبِيبٍ: (الأقوَامِ) كما ذَكَرَهُ ابنُ عَطِيَّةَ.
([3]) سورة المجادلة، الآية: 12، ووَجْهُ الدَّلالةُ مِن هذه الآيةِ أنَّ الخطابَ لجمعِ الذكورِ بدليلِ قولِه سُبْحَانَه: {لَكُمْ}، وقد اقتَصَرَ في اسمِ الإشارةِ على كافِ الخطابِ مَفْتُوحةً مِن غيرِ أن يَضُمَّ إليها ميمَ الجمعِ، ودونَ هذه اللغةِ لُغَةٌ ثالثةٌ؛ وهي [أن] تَلْحَقَ اسمَ الإشارةِ كافٌ مفتوحةٌ في جميعِ الأحوالِ، ومِن شواهدِ الاكتفاءِ بالكافِ معَ غيرِ الواحدِ المُذَكَّرِ قولُ الشاعرِ -ولو أنَّه في غيرِ اسمِ الإشارةِ-:
وَلَسْتُ بِسَائِلٍ جَارَاتِ بَيْتِي = أَغُيَّابٌ رِجَالُكِ أَمْ شُهُودُ؟
([4]) قالُوا في المُفْرَدِ المُذَكَّرِ (ذلك)، وفي المُفردةِ المُؤَنَّثَةِ: (تِلْكَ) كما قالُوا: (تَالِكَ) بزيادةِ لامٍ وكافٍ على اسمِ الإشارةِ الموضوعِ لكُلٍّ مِنهما، وشواهدُ الأوَّلِ والثانِي كثيرةٌ، قالَ اللَّهُ تعالَى: {ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ}، وقالَ سُبْحَانَهُ: {تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ الحَكِيمِ}، ومِن شواهدِ اللفظِ الثالثِ قولُ القَطَّامِيِّ:
تَعَلَّمْ أَنَّ بَعْدَ الغَيِّ رُشْداً = وَأَنَّ لِتَالِكَ الغُمَرِ انْقِشَاعَا
وأصلُ لامِ البُعْدِ هذه أنْ تكُونَ سَاكنةً، فلَمَّا قالُوا: (ذَلْكَ) التَقَى ساكنانِ؛ الألفُ في اسمِ الإشارةِ، واللامُ، فكَسَرُوا اللامَ للتخَلُّصِ مِن التقاءِ الساكنَيْنِ، وكانَت الحركةُ هي الكسرةُ؛ لأنَّها الأصلُ في التخَلُّصِ مِن التقاءِ الساكنَيْنِ، ولمَّا قالُوا: (تِيلْكَ)، اجتَمَعَ الساكنَانِ، فحَذَفُوا الياءَ للتخَلُّصِ مِنهما، ولأنَّ الكسرَةَ التي قبلَها تَدُلُّ عليها.
([5]) احتَرَزَ بهذه العبارةِ عَمَّن لُغَتُهم قصرُ (أولاءِ)، فإنَّ مِنهم مَن يَأْتِي باللامِ، وهؤلاءِ هُم قَيْسٌ، ورَبِيعَةُ، وأَسَدٌ، ومِن شواهدِ ذلك قولُ شاعِرِهم:
أُولاَلِكَ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً = وَهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إِلاَّ أُولاَلِكَا
وإنَّما قُلْنَا: (إِنَّ مِنهُم مَن يَأْتِي باللامِ)؛ لأنَّ بَنِي تَمِيمٍ مِمَّن لُغَتُهم القَصْرُ، وهم لا يَأْتُونَ باللامِ مُطلقاً، كما قالَ المؤلِّفُ. والأُشَابَةُ - بضَمِّ الهمزةِ - الأخلاطُ مِن الناسِ، يُرِيدُ أنَّ قَوْمَه مِن أبٍ واحدٍ.
([6]) لا تَظُنَّ أنَّه لا يُشَارُ إلى المكانِ إلا بهذهِ الألفاظِ، فإنَّ ذلك ليسَ مُرَاداً، وإنَّما المُرادُ أنَّ هذه الألفاظَ لا يُشَارُ بها إلاَّ إلى المكانِ، في حينِ إنَّ الألفاظَ التي سَبَقَ تَعْدَادُها يُشَارُ بها إلى المكانِ وإلى غيرِ المكانِ، تقُولُ: هذا المكَانُ طَيِّبُ الهواءِ، وهذه الأمكنةُ فسيحةُ الأرجاءِ.
([7]) سورة المائدة، الآية: 24.
([8]) سورة الشعراء، الآية: 64.


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 11:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني

اسمُ الإشارةِ
اسمُ الإشارةِ: ما وضُعِ لمُشَارٍ إليه، وترَكَ الناظمُ تعريفُهُ بالحدِّ اكتفاءً بحصرِ أفرادِهِ بالعدِّ، وهي ستَّةٌ؛ لأنَّهُ : إمَّا مذكَّرٌ أو مُؤَنَّثٌ، وكلٌّ منهما إما مفردٌ أو مُثَنَّى أو مجموعٌ.

82- بِذَا لمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ = بِذِي وَذِهْ تِي تَا عَلَى الأُنْثَى اقْتَصِرْ
(بِذَا) مقصورًا (لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ) وقد يُقَالُ "ذاء" - بهمزةٍ مكسورةٍ بعدَ الألفِ – و"ذائِهِ" - بهاءِ مكسورةٍ بعدَ الهمزةِ- و(بِذِي وذِهْ) وَتِهْ – بسكونِ الهاءِ، وبكسرِهَا أيضا: بإشباعٍ، وباختلاسٍ فيهما_ و(تي) و(تا) وذاتَ(عَلَى الأُنْثَى) المفردةِ (اقتصَرَ) فلا يُشَارُ بهذه العشرةِ لغيرِها، كما حكَاها في (التسهيلِ).
83- وَذَانِ تَانِ للمُثَنَّى المُرْتَفِــــعِ = وَفِي سِوَاهُ ذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِــــعْ
(وَذَانِ تَانِ للمُثَنَّى المُرْتَفِع): الأَوَّلُ لمذكَّرِهِ، والثاني لمؤنَّثِهِ (وفي سِوَاه) أي: سِوى. المرتفعِ، وهو المجرورُ والمنتصِبُ (ذَيْنُ) و(تَيْنُ) بالياءِ ( اذْكُرْ تُطِعْ)، وأما { إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} فمُؤَوَّلٌ.
84- وَبِأَوْلَى أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقًـــا = وَالمَدُّ أَوْلَى، وَلَدَى البُعْدِ انْطِقَــــا
85- بِالكافِ حرفًا: دونَ لامٍ، أو مَعَهْ = واللامُ – إِنْ قَدَّمْتَ هَا – مُمْتَنِعَـــهْ
(وَبِأَوْلَى أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقًا) أي: مُذَكَّرًا كانَ أو مؤنَّثًا(والمدُّ أَوْلَى) فيه مِنَ القَصْرِ؛ لأنَّهُ لغةُ الحجازِ، وبه جاءَ التنزيلُ ؛ قال اللَّهُ تعالى:{ هَا أَنْتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ}، والقصرُ لغةُ تميمٍ.
تنبيهٌ : استعمالُ "أُولاءِ" في غيرِ العاقلِ قليلٌ ، ومنه قولُه [من الكاملِ]:
77- ذمُّ المنازِلِ بعدَ مَنْزِلَةِ اللِّــوَى = وَالعَيْشُ بعدَ أُولَئِكَ الأَيـــــامِ
وما تقدَّمَ هو فيما إذا كانَ المشارُ إليه قريبًا (وَلَدى البعدِ) وهي المرتبةُ الثانيةُ مِنْ مرتبتَيِ المشارِ إليه على رأيِ الناظمِ (أنطِقَا) مع اسمِ الإشارةِ (بالكافِ حرفًا) ألف "انطِقَا" مبدلةً مِنْ نونِ التوكيدِ الخفيفةِ، وحرفًا: حالٌ من الكافِ، أي: انطِقَنْ بالكافِ محكومًا عليه بالحرفيَّةِ، وهو اتِّفَاقٌ، ونبَّهَ عليه ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أنَّهُ ضميرٌ كما هو في نحوِ: "غلامُك"ولَحِقَ الكافِ للدَّلالةِ على الخطابِ، وعلى حالِ المخاطَبِ: مِنْ كونِه مذكَّرًا أو مؤنَّثًا، مفردًا أو مثنَّى أو مجموعًا، فهذه ستَّةُ أحوالٍ تضربُ في أحوالِ المشارِ إليه- وهي ستَّةٌ كما تقدَّمَ- فذلك ستَّةٌ وثلاثونَ، يجمَعُها هذانِ الجدولان:ِ
وطريقةُ هذينِ الجدولينِ المشارِ إليهما: أنَّكَ تنظرُ لأحوالِ المخاطَبِ الستَّةِ فتأخُذُ كلُّ حالٍ منها مع أحوالِ المشارِ إليه الستَّةُ، مبتدئًا منها بالمفردِ بقسميهِ، ثم بالمثُنَّى كذلك، ثم بالمجموعِ كذلك، وابتُدِئَ بالمخاطَبِ المذكَّرِ المفردِ، ثم المثنَّى، ثم المجموعِ، ثم المخاطَبَةِ المؤنَّثَةِ المفردةِ، ثم المثنَّى، ثم المجموعِ.

(هنا جدول يؤخذ كصورة)
وإنَّما قضَى على هذِه الكافِ بالحرفيَّةِ على اختلافِ مواقعِها لأنَّهَا لو كانَتِ اسمًا لكانَ اسمُ الإشارةِ مضافًا، واللازمُ باطلٌ ؛ لأنَّ اسمَ الإشارةِ لا يقبلُ التنكيرَ بحالٍ .
وتلحَقُ هذه الكافُ اسمَ الإشارةِ (دونَ لامٍ) كما رأَيْتَ، وهي لغةُ تميمٍ، أو معَهُ وهي لغةُ الحجازِ، ولا تدخلُ اللامُ على الكافِ مع جميعِ أسماءِ الإشارةِ، بل مع المفردِ مطلقًا نحو: "ذلك"، و"تلك"، ومع "أَوْلَى" مقصورًا، نحو: "أُوَلاكَ"، و"أُولالكَ". وأمَّا المثنَّى مطلقًا، و"أولاءِ" الممدودُ؛ فلا تدخلُ معهما اللامُ (واللامُ إِنْ قدِّمَتْ هَا) التنبيهِ فهي (مُمْتَنِعَهْ) عندَ الكلِّ؛ فلا يجُوزُ اتِّفَاقًا "هذا لكَ"، ولا "هاتلك"، ولا "هؤلالك"؛ كراهةً كثرةِ الزوائدِ.
تنبيهٌ : أفهَمَ كلامُه أن "ها" التنبيهِ تدخلُ على المجرَّدِ مِنَ الكافِ، نحوَ: "هذا"، و"هذه"، و"هذان"، و"هؤلاء "وعلى المصاحبِ لها وحدَها، نحو: "هذاك"، و"هاتيك"، و"هذانك"، و"هاتانك"، و"هؤلائك". لكنَّ هذا الثاني قليلٌ ، ومنه قولُ طَرَفَةَ من الطويل:
78- رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لا َيُنْكِرُونَنِي = وَلَا أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَدَّدِ
86- وَبِهُنَا أَوْ هَهُنَا أَشِرْ إِلَى = دَانِي المَكَانِ وَبِهِ الكَافُ صِلاَ
87- فِي البُعْدِ، أَوْ بِثَمَّ فُهْ، أَوْهَنَّا = أَوْ بِهُنَالِكَ انْطِقَنَّ، أو هُنَا
(وبِهُنَا) المجرَّدَةُ مِنْ ها التنبيهِ (أَوْهَاهُنَا) المسبوقةُ بِها (أَشِرْ إِلَى دَانِي المَكَانِ) أي: قريبِه، نحوَ: {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}، (وَبِه الكَافُ صِلاَ فِي البعدِ)، نحوَ: هناكَ، وهَاهُنَاكَ، (أَوْ بِثَمَّ فُهْ) أي: انْطِقْ فِي البعدِ بِثَمَّ، نحوَ: { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ} (أو هنا) بالفتحِ والتشديدِ (أو بِهُنَالِكَ) أي: بزيادةِ اللامِ معَ الكافِ (انْطِقَنَّ) على لغةِ الحجازِ، كما تقولُ: ذلك، نحوُ: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ} ولا يجُوزُ "هَا هُنَالِكَ" كما لا يجُوزُ "هذا لكَ" على اللغتينِ (أو هنا) بالكسرِ والتشديدِ، قال الشاعرُ [من البسيط]:
79- هُنَا وَهُنَا وَمَنْ هُنَا لَهُنَّ بِهَا = ذَاتَ الشمَائِلِ والأَيْمَانِ هَيْنُومُ
تُرْوَى الأُوْلَى بالفتحِ، والثانيةُ بالكسرِ، والثالثةُ بالضمِّ، بتشديدِ النونِ في الثلاثِ، وكلُّها بمعنًى، وهو الإشارةُ إلى المكانِ، لكنِ الأوليانِ للبعيدِ، والأخيرةُ للقريبِ، وربَّمَا جاءَتِ للزمانِ، ومنه قولُه [من الكامل]:
80- حَنَّتْ نَوَارُ وَلاتِ هَنَّا حَنَّتِ = وَبَدَا الذي كانَتْ نَوَارُ أَجَنَّتِ
خاتمةٌ: يُفْصَلُ بينَ "ها" التنبيهِ وبينَ اسمِ الإشارةِ بضميرِ المشارِ إليه، نحوَ: "هَا أَنَا ذَا، وهَا نحنُ ذانِ، وها نحنُ أولاءِ، وها أنا ذي، وها نحنُ تانِ، وها نحن أولاءِ، وها أنتَ ذَا، وها أنتما ذانِ، وها أنتم أولاءِ، وها أنتَ ذهْ، وها أنتما تانِ، وها أنتنَّ أولاءِ، وها هو ذَا، وها هما ذانِ، وها هم أولاءِ، وها هي تَا، وها هما تانِ، وها هنَّ أولاءِ" وبغيرِه قليلاً ، نحوُ: [من البسيط]:
81- هَا إِنَّ ذِي عِذْرَةٌ إِنْ لَمْ تَكُنْ نَفَعَتْ = فَإِنَّ صَاحِبَها قد تَاهَ فِي البَلَدِ
وقد تُعادُ بعدَ الفصلِ توكيدًا، نحو: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ}، واللَّهُ أعلمُ.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 12:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

اسمُ الإشارةِ
ألفاظُ الإشارةِ
82- بِذَا لمفرَدٍ مذكَّرٍ أَشِرْ = بِذِي وذِهْ تِي تَا على الأُنْثَى اقْتَصِرْ
83- وذانِ تانِ للمُثَنَّى الْمُرْتَفِعْ = وفي سِوَاهُ ذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِعْ
84- وبأُولَى أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقَا = والمَدُّ أَوْلَى...............
هذا القِسمُ الثالثُ مِن أقسامِ المعارِفِ، وهو اسمُ الإشارةِ، وهو اسمٌ يُبَيِّنُ مُسَمَّاهُ بإشارةٍ حِسِّيَّةٍ أو مَعنويَّةٍ، فمِثالُ الأُولَى - وهي الغالِبُ -: هذا كتابٌ مُفيدٌ، ومِثالُ الثانيةِ: هذا رأيٌ صائبٌ.
تقسيمُ أسماءِ الإشارةِ:
لأسماءِ الإشارةِ باعتبارِ المشارِ إليه تَقسيمانِ:
الأوَّلُ: ما يُلاحَظُ فيه الإفرادُ والتذكيرُ وفروعُهما.
الثاني: ما يُلاحَظُ فيه المشارُ إليه باعتبارِ قُرْبِه أو بُعْدِه.
أمَّا الأوَّلُ فهو خَمسةُ أنواعٍ:
1- ما يُشارُ به للمُفْرَدِ المُذَكَّرِ، وهو (ذا) مِثلُ: هذا تاجِرٌ صَدوقٌ، قالَ تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
2- ما يُشارُ به للمُفْرَدَةِ المؤنَّثَةِ، وهو عَشَرةُ ألفاظٍ؛ خَمسةٌ مَبدوءةٌ بالذالِ؛ هي: ذِي، ذِهِ- بِكَسْرِ الهاءِ مع اختلاسِ كَسْرَتِها- ذِهِ - بِكَسْرِ الهاءِ معَ إشباعِ الكسرةِ نَوْعاً- ذاتُ.
وخمسةٌ مبدوءةٌ بالتاءِ هي: تِي، تا، تِهْ، تَهِ - بِكَسْرِ الهاءِ معَ اختلاسِ الكَسرةِ – تِهِ بِكَسْرِ الهاءِ معَ إشباعِ الكسرةِ نوعاً، مثلُ: هذه الفتاةُ تُحْسِنُ الْحِجابَ، تلك المرأةُ تَعْرِفُ معنى التربيَةِ، قالَ تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}، وقالَ تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا}.
3- ما يُشارُ به للمُثَنَّى المُذَكَّرِ، وهو لفْظَةٌ واحدةٌ: ذانِ (رَفْعاً)، وتَصيرُ (ذَيْنِ) نَصْباً وجَرًّا، تقولُ: ذانِ عالِمانِ كبيرانِ، قالَ تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ}، فـ (ذانِ) مُبتدأٌ مَبْنِيٌّ على الألِفِ في مَحَلِّ رفعٍ، (خَصمانِ) خبرٌ.
4- ما يُشارُ به للمُثَنَّى المؤنَّثِ، وهو لَفظةٌ واحدةٌ: تانِ (رَفْعاً)، وتصيرُ (تَيْنِ) نَصْباً وجَرًّا، تقولُ: هاتانِ امرأتانِ كبيرتانِ، تَصَدَّقْتُ على هاتينِ المرأتينِ الكبيرتينِ، قالَ تعالى في قِصَّةِ صاحِبِ مَدْيَنَ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}.
5- ما يُشارُ به للجَمْعِ المُذَكَّرِ والمؤنَّثِ، وله لَفظةٌ واحدةٌ: (أُولاَءِ) مَمدودةٌ في الأكثَرِ، أو (أُولَى) مقصورةٌ، والأوَّلُ جاءَ في القرآنِ، تَقولُ: هؤلاءِ الطلاَّبُ يُحِبُّونَ الفائدةَ، قالَ تعالى: {هَأَنْتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ}، وقالَ تعالى عن لُوطٍ عليه السلامُ: {هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}.
وهذا معنى قولِِه: (بِذَا لِمُفرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ.. إلخ)؛ أيْ: أشِرْ للمُفْرَدِ المُذَكَّرِ بكَلِمَةِ (ذا)، واقْتَصَرَ في الإشارةِ إلى الأُنثى على كَلِمَةِ (ذي وذِهِ وتِي وتَا)، ولم يَذْكُرِ الباقيَ، وللمُثَنَّى في حالةِ رفعِه صِيغتانِ هما (ذانِ وتانِ)، وقد ذكَرْنَا أنَّ الأوَّلَ للمذَكَّرِ، والثانِيَ للمُؤَنَّثِ، وفي سِوَى الرفْعِ يُقالُ فيهما: (ذَيْنِ، تَيْنِ).
ثم ذَكَرَ أن َّ(أُولَى) للجمْعِ مُطْلَقاً، مذكَّراً ومُؤَنَّثاً، عاقِلاً وغيرَ عاقِلٍ، والْمَدُّ أَوْلَى مِن القصْرِ؛ لمجيئِه في القرآنِ كما تَقَدَّمَ.
مَراتِبُ المشارِ إليه
84-............... = ..... وَلَدَى البُعْدِ انْطِقَا
85- بالكافِ حَرْفاً دُونَ لامٍ أو مَعَهْ = واللامُ إنْ قَدَّمْتَ ها مُمْتَنِعَهْ
ذكَرَ هنا القِسمَ الثانِيَ مِن أسماءِ الإشارةِ؛ وهو الذي يُلاحَظُ فيه المشارُ إليه مِن ناحيةِ قُرْبِه أو بُعْدِه؛ وذلك أنَّ المشارَ إليه - على رأيِ ابنِ مالِكٍ - له رُتبتانِ:
الأُولَى: قُرْبَى، وتُستعملُ له جميعُ أسماءِ الإشارةِ المتقَدِّمَةِ، دونَ أنْ يُزادَ عليها شيءٌ في آخِرِها.
الثانيةُ: بُعْدَى: وتُستعمَلُ لها جميعُ أسماءِ الإشارةِ المتقدِّمَةِ، وتُزادُ عليها الكافُ، فتقولُ: ذاكَ رجُلٌ مُقْبِلٌ، أو والكافُ واللامُ، فتقولُ: ذلكَ الرجُلُ أَقْبَلَ إلَيْنَا.
وهذه الكافُ حَرْفُ خِطابٍ لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ، وهي تتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الكافِ الاسميَّةِ غالباً، فتُفْتَحُ للمُخاطَبِ كما في المِثالِ المذكورِ، وتُكْسَرُ للمُخاطَبَةِ، نحوُ: ذلكَ رَجُلٌ مُقْبِلٌ، وتتَّصِلُ بها علامةُ التثنيةِ؛ قالَ تعالى: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي}، أو عَلامةُ الجمْعِ؛ كقولِهِ تعالى: {ذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ}، وقولِه تعالى: {قَالَتْ فَذَالِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}، ومِن غيرِ الغالِبِ قولُه تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ}.
وأمَّا اللامُ فهي حَرْفٌ دالٌّ على البُعْدِ تُزادُ قبلَ الكافِ، وهي مُلازِمَةٌ لها؛ للدَّلالةِ على المبالَغَةِ في البُعْدِ، إلاَّ في التثنيةِ مُطْلَقاً، وفي الجمْعِ في لُغةِ مَن مَدَّه، وفيما سبَقَتْهُ هاءُ التنبيهِ، فلا تقولُ: هذا لكَ رجُلٌ عاقلٌ؛ وذلك لكثرةِ الزوائدِ.
وهذا معنى قولِه: (وَلَدَى البُعْدِ انْطِقَا.. إلخ) أيْ: إذا كانَ الْمُشارُ إليه بعيداً فانْطِقْ بالكافِ الحرفيَّةِ دونَ اللامِ أو معَ اللامِ، وتَمْتَنِعُ اللامُ إنْ قُدِّمَتْ (ها) التنبيهِ.
وظاهِرُ هذا أنه ليسَ للمُشارِ إليه إلاَّ رُتبتانِ: قُرْبَى وبُعدى، والجمهورُ على أنَّ له ثلاثَ مَراتِبَ.
1- قُرْبَى: ويُشارُ إليه بما ليسَ فيه كافٌ ولا لامٌ.
2- وُسْطَى: ويُشارُ إليه بما فيهِ الكافُ وحْدَها.
3- بُعْدَى: ويُشارُ إليه بما فيه الكافُ واللامُ.
الإشارةُ إلى المكانِ
86- وبِهُنَا أو هَهُنَا أَشِرْ إلى = دانِي المكانِ وبه الكافَ صِلاَ
87- في البُعْدِ أو بثَمَّ فُهْ أوْ هُنَا = أو بِهُنالِكَ انْطِقْنَ أو هِنَّا
ذَكَرَ في هذينِ البيتينِ ألفاظَ الإشارةِ للمكانِ، وهي ألفاظٌ تُفيدُ الإشارةَ معَ الظرفيَّةِ، فهي في مَحَلِّ نَصْبٍ على الظرفيَّةِ؛ ولهذا دخَلَتْ في عِدادِ ظروفِ المكانِ، فهي أسماءُ إشارةٍ، وظَرْفُ مكانٍ معاً، وأصْلُ ذلك لَفظانِ: (هنا، ثَمَّ):
فأمَّا (هنا) فهي اسمُ إشارةٍ إلى المكانِ القريبِ، مثلُ: هنا يكونُ الاجتماعُ، وقد يُزادُ في أوَّلِها حرْفُ التنبيهِ (ها)، نحوُ: هاهُنا الضيوفُ، قالَ تعالى عن قومِ موسَى عليه السلامُ: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ}.
فإذَا زِيدَتْ في آخِرِها الكافُ وحْدَها أو الكافُ واللامُ صارَتْ للمكانِ البعيدِ، وهذا على رأيِ ابنِ مالِكٍ، وعلى رأيِ الْجُمهورِ: هناكَ للمتوَسِّطِ وهنالِكَ للبعيدِ.
وقد يَدْخُلُ على صِيغةِ (هنا) بعضُ التغييرِ فتصيرُ اسمَ إشارةٍ للمكانِ البعيدِ مِن غيرِ وُجودِ لامِ البُعْدِ، ومِن ذلك: هَنَّا، هِنَّا هَنَّتْ، هِنَّتْ، فهذه لُغاتٌ فيها، وكلُّها تُفيدُ معَ الظرفيَّةِ الإشارةَ للمكانِ البعيدِ.
وأمَّا (ثَمَّ) فاسمُ إشارةٍ إلى المكانِ البعيدِ، نحوُ: تأمَّلِ السماءَ فثَمَّ القُدرةُ العظيمةُ، قالَ تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ}.
وهذا معنى قولِه: (وبِهُنَا أو هَهُنَا.. إلخ)؛ أيْ: أَشِرْ إلى المكانِ القريبِ بكلمةِ: (هُنَا) مِن غيرِ (هَا) التي لتنبيهِ، أو معَ (ها) التنبيهِ، فتقولُ: (ههنا) أمَّا عندَ الإشارةِ إلى البعيدِ فصِلِ الكافَ بكَلِمَةِ (هنا) (وههنا)، أو جِئْ باسمِ إشارةٍ آخَرَ يُفيدُ البُعْدَ، وهو: ثَمَّ أو هنا أو هنالِكَ أو هنا.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإشارة, اسم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir