دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 رجب 1436هـ/1-05-2015م, 04:06 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي إعادة الفهرسة

بسم الله الرحمن الرحيم
فهرسة مسائل أسباب النزول

أنواع مسائل نزول القرآن
أسباب النزول على نوعين
قد يكون النزول سابقا على الحكم
المؤلفات فى أسباب النزول
أسباب إفراد مصنفات فى هذا العلم
فوائد معرفة أسباب النزول
صيغة أسباب النزول
معنى قول الصحابى نزلت هذه الآية فى كذا
معنى قول بعض السلف نزلت الآية فى كذا
الآثار الواردة فى أسباب النزول منها المشهور ومنها الغريب ومنها الصحيح ومنها الضعيف
ذم الاستكثار من الاخبار الضعيفة والواعية فى أسباب النزول
هل يحمل قول الصحابى فى أسباب النزول على الرفع؟
حكم ما روى عن التابعين فى أسباب النزول
أمثلة لبعض ما صح من أسباب النزول
بأيهما يبدأ المفسر ببيان معنى الآية أم بسبب نزولها؟
أحوال الإختلاف فى أسباب النزول
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

أنواع مسائل نزول القرآن
نزول القرءان على نوعين:
ابتدائى:ما نزل ابتداء بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع
سببى:وهو مانزل عقب واقعة أو سؤال

أسباب النزول على نوعين
أحدهما: أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ .
الثاني: أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان

قد يكون النزول سابقا على الحكم
-وهذا كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[ فإنه يستدل بها على زكاة الفطر رغم أن السورة مكية ولم تفرض الزكاة إلا بالمدينة.
-قال البغوي في تفسيره: أنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم كما قال: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} الآية [البلد: 1-2] فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: ((أحلت لي ساعة من نهار)).
-وكذلك نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} الآية [القمر: 45]، قال عمر بن الخطاب: (كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:(({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ



:
المؤلفات في أسباب النزول
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ
أفرده بالتصنيف جماعة أقدمهم علي بن المديني شيخ البخاري
ومن أشهرها كتاب الواحدي على ما فيه من إعواز وقد اختصره الجعبري فحذف أسانيده ولم يزد عليه شيئا.
وألف فيه شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر كتابا مات عنه مسودة فلم نقف عليه كاملا.
وقد ألف فيه السيوطى كتابا حافلا موجزا محررا سماه: لباب النقول في أسباب النزول

سبب إفراد مصنفات لهذا العلم:

قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ (ت:1423هـ): (اخترت أن يكون بحثي الذي أقدمه للجامعة الإسلامية في الصحيح المسند من أسباب النزول وذلك لأمور منها:
- 1-ارتباطه بفنين عظيمين وهما تفسير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اللذان هما أساس ديننا.
2-أن أسباب النزول قد دخلها الدخيل كغيرها من سائر الفنون فكل أحد يخترع شيئا ويختلق إفكا وكذبا ملقيا زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية،

3-ومنها رجاء الاستفادة من مراحل التشريع فإننا في أمس الحاجة إلى أن نعتبر أنفسنا مجددين وأن نبدأ الدعوة من جديد وفي أسباب النزول الكثير الطيب من بيان مراحل الدعوة والتوجيهات الإلهية كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن لهم اقتدارا على القتال إلى غير ذلك من الفرق بين المكي والمدني كما هو معروف). [الصحيح المسند في أسباب النزول:13]
.
فوائد معرفة أسباب النزول
1-إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز، ومنها ما يكون وحده تفسيرا. ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية أو نحو ذلك
2--معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم والتعرف على أسرار هذا التشريع العظيم وما في أسباب النزول من العبر وحل المشاكل التي قد ضاق بها أصحابها ذرعا فيأتي الفرج الإلهي، وذلك كقصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا، وكقصة الإفك وما حصل لنبي الهدى من الأذى بسببه وكذا لأم المؤمنين.

3-ومنها: تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.

4-أن اللفظ قد يكون عاما ويقوم الدليل على تخصصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته فإن دخول صورة السبب قطعي، وإخراجها بالاجتهاد ممنوع، كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في "التقريب"، ولا التفات إلى من شذ فجوز ذلك
قال بن عاشور:فكما لا يجوز حمل كلمات القرءان على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله، كذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه الخصوص ولا إطلاق ما قصد منه التقييد؛ لأن ذلك قد يفضي إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله، وقد اغتر بعض الفرق بذلك: كما فعل الخوارج الذين عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة فى المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة التكفير بالذنب

5-دفع توهم الحصر، قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآية: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل

6- الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال:
قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّب
فقد أشكلت بعض الآيات على بعض الصحابة فمن بعدهم حتى عرفوا سبب نزولها فمما أشكل عليهم {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} حتى أخبرهم أبو أيوب الأنصارى رضى الله عنه بسبب نزولها فظهر لهم معناها
ومما أشكل عليهم قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} حتى نزل علي رواية {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ .
وقد أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية ، وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون- حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. أخرجه الشيخان
وحكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: (الخمر مباحة ويحتجان بقوله تعالى:{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا"ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا: (لما حرمت الخمر كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت). أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما.
ومن ذلك قوله تعالى: {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر} فقد أشكل معنى هذا الشرط على بعض الأئمة، حتى قال الظاهرية: بأن الآيسة لا عدة عليها إذا لم ترتب.
وقد بين ذلك سبب النزول، وهو أنه لما نزلت الآية التي في سورة البقرة في عدد النساء قالوا: (قد بقي عدد من عدد النساء لم يذكرن الصغار والكبار فنزلت). أخرجه الحاكم .
فعلم بذلك أن الآية خطاب لمن لم يعلم ما حكمهن في العدة وارتاب هل عليهن عدة أو لا وهل عدتهن كاللاتي في سورة البقرة أو لا فمعنى: {إن ارتبتم} إن أشكل عليكم حكمهن وجهلتم كيف يعتدون فهذا حكمهن
ومن ذلك قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية فإنا لو تركنا ومدلول اللفظ لاقتضى أن المصلي لا يجب عليه استقبال القبلة سفرا ولا حضرا وهو خلاف الإجماع فلما عرف سبب نزولها علم أنها في نافلة السفر أو فيمن صلى بالاجتهاد وبان له الخطأ على اختلاف الروايات في ذلك.
ومن ذلك قوله: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية [البقرة: 158]، فإن ظاهر لفظها لا يقتضي أن السعي فرض وقد ذهب بعضهم إلى عدم فرضيته تمسكا بذلك وقد ردت عائشة على عروة في فهمه ذلك بسبب نزولها: (وهو أن الصحابة تأثموا من السعي بينهما؛ لأنه من عمل الجاهلية فنزلت

7-ما ذكره بن عاشور:- أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث يقطع دعوى من ادعى أنه أساطير الأولين
صيغة أسباب النزول:
قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ :صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة
فالصريحة: إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا
أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
. وأما المحتملة: إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.وإذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب

الذي يتحرر في سبب النزول: أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه،
ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل: من أن سببها قصة قدوم الحبشة به، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية، كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك، وكذلك ذكره في قوله: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} الآية [النساء: 125] سبب اتخاذه خليلا ليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى
قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا.هل يجري مجرى المسند، كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند?
فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله فيه وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند.
.
معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وقد عُرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع. .
وقال ابن تيمية: قولهم نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارة سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب،لاسيما إن كان المذكور شخصا كقولهم إن آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن قيس، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله وإن قوله: {وأن احكم بينهم} الآية [المائدة: 49] نزلت في بني قريظة والنضير، ونظائر ذلك مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة أو في قوم من اليهود والنصارى أو في قوم من المؤمنين فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه؟ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ والآية التي لها سبب معين: إن كانت أمرا ونهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته
الآثار الواردة فى أسباب النزول منها المشهور والغريب والصحيح والضعيف
فالمشهور منه الصحيحصحيح كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر
وضعيف كآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية
وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع،
والغريب أيضا قسمان صحيح وضعيف
ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار""
والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية احترازًا عن القول في نزول الآية
قا ل الواحدى : (لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل.
وقال السيوطي في الإتقان: بعد ذكره جماعة ممن يذكرون التفسير بالأسانيد كابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما: (ثم ألف في التفسير خلائق فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال تترى فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من يسنح له قول يورده ومن يخطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن يرجع إليهم في التفسير
وقد وقع التساهل في نقل ما لم يثبت في كتب التفسيرومثاله:
قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عنه تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} ويمكن أنه لا يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها
وهى مع عدم صحتها سندا فهي لا تصح معنى إذ فيها مخالفة لأصل من أصول الشريعة وهو أن التائب لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم تاب، تاب الله عليه

طريقة معرفة أسباب النزول
قال الواحدي: لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها، وقد قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال: اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل الله القرآن
فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عن الصحابي فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا له حكم الرفع
معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم فقال: (أحسب هذه الآية نزلت في كذا)، كما أخرج الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال: (خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك))فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجهه . . ) الحديث).
قال الزبير: (فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم..
هل يُحمل قول الصحابي في سبب النزول على الرفع؟
قال بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي:إذا أخبر الصحابي عن سبب وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو أخبر عن نزول آية فيه فذلك مسند
قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيُّ (وما كان من أسباب النزول مرويا عن صحابي بإسنادٍ صحيحٍ: فمرفوعٌ؛ إذ قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه في حكم المرفوع، وما كان عن صحابي بغير إسناد فهو منقطع)
قال ابن الصلاح رحمه الله في كتابه علوم الحديث: (ما قيل إن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول الآية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك كقول جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية

حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول
قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيّ :فأما المنقول عن التابعي بسنده فهو مرسل، وما كان بغير سند فلا يقبل
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ: إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل، فقد يقبل إذا صح السند إليه، وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك)
.

أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
في سورة البقرة فيها ما رواه البخاري في "الصحيح" في باب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} الآية
عن أنس قال :قال عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت:{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية
وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن":
ومنها ما رواه البخاري في الصحيح في قوله تعالى:" إن الصفا والمروة من شعائر الله} عن عائشة رضي الله عنهاأنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله "إن الصفا والمروة من شعائر الله"
ومن ذلك الوقائع المشهورة مثل قصة الإفك، وقصة التيمم، وقصة المتخلفين عن غزوة تبوك ونحو ذلك)
أقسام ما صحّ من أسباب النزول
قال بن عاشور أسباب النزول التي صحت أسانيدها خمسة أقسام:
: الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}ونحو {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} ومثل بعض الآيات التي فيها {ومن الناس}.
والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها،
مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان، ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام} الآية فقد قال كعب بن عجرة: هي لي خاصة ولكم عامة،
والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها،
ففي كتاب الأيمان من صحيح البخاري في باب قول الله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} الآية فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن? فقالوا كذا وكذا، قال في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي الخ، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام? والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: في أنزلت بصيغة الحصر
وهذا القسم قد أكثر من ذكره أهل القصص وبعض المفسرين ولا فائدة في ذكره، على أن ذكره قد يوهم القاصرين قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات.
. والرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ويدل لهذا النوع وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول
وفي "صحيح البخاري" في سورة النساء أن ابن عباس قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية. فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل)
والخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فإذا ظن أحد أن من للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذين تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد.
ويلحق بهذا القسم:
ما يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض لكنه لا يبين مجملا ولا يؤول متشابها كما في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} الآية، فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في مالها فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن

بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول
والتحقيق:
التفصيل :إن كان وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كما في قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد،
وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة:لأنها المصححة لنظم الكلام وهي سابقة على النزول

.أحوال الاختلاف في سبب النزول:
الحالة الاولى:أن يعبر أحدهم نزلت فى كذا والآخر نزلت فى كذا فهذا لايراد به سبب النزول ولكن يراد به التفسير فلا تعارض بين القولين إذا كان اللفظ يحتملهما-(ذكره السيوطى)
الحالة الثانية:أن يعبر واحد بقوله نزلت فى كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فالذى صرح هو المعتمد
ومثاله :ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبله بضعة عشر شهرا وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{فولوا وجوهكم شطره} الآية فارتاب من ذلك اليهود وقالوا" ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها" فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب"وقال:{فأينما تولوا فثم وجه الله} .
وأخرج الحاكم وغيره، عن ابن عمر، قال: (نزلت:{فأينما تولوا فثم وجه الله} أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع).
وأخرج الترمذي وضعفه من حديث عامر بن ربيعة، قال: (كنا في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت). .
وأخرج ابن جرير عن مجاهد، قال لما نزلت: {ادعوني أستجب لكم} قالوا: (إلى أين فنزلت) مرسل.
وأخرج عن قتادة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه)) فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة فنزلت). معضل غريب جدا.
فهذه خمسة أسباب مختلفة، وأضعفها الأخير؛ لإعضاله ثم ما قبله؛ لإرساله ثم ما قبله؛ لضعف رواته، والثاني صحيح، لكنه قال: قد أنزلت في كذا ولم يصرح بالسبب، والأول صحيح الإسناد/ وصرح فيه بذكر السبب فهو المعتمد
الحالة الثالثة:أن يتعارض حديثان ثبتا فى سبب النزول وقد أمكن الجمع بينهما
كآية اللعان ثبت في الصحيح من طريق سهل بن سعد الساعدي أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني.
وثبت – أيضا – في الصحيح أنها نزلت في هلال بن أمية.
ويمكن الجمع بينهما بأنها نزلت في حقهما).
الحالة الرابعة:أن يذكر أحدهما سبب غير ماذكره الآخر وأحدهما أصح سندا من الآخر فيقدم الصحيح على الضعيف
مثاله ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}[الضحى: 1-3]).
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال:((يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟))فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى}إلى قوله:{فترضى}[الضحى: 1-3]).
وقال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح
وهنا يظهر أهمية جمع الطرق وفحص المرويات قالَ مُقبلُ بنُ هادي الوادِعيُّ :فيه من الفوائد من معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا وقد قال ابن الصلاح في [علوم الحديث :82]: وروى عن علي بن المديني قال: (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه .
الحالة الخامسة:أن يتساوى الإسنادان من جهة الصحة ولا يمكن الجمع فبالترجيح بينهما بكون الراوى لأحد السببين حاضر القصة أو من علماء التفسير كابن عباس وبن مسعود
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود: (قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال{قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الآية [الإسراء: 85.
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: سألوه عن الروح قال: فسألوه، فأنزل الله:{ويسألونك عن الروح} الآية فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة
الحالة السادسة:أن يمكن نزول الا ية عقيب السببين والأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد كما في الآيات السابقة فيحمل على ذلك فقدتتعدد الأسباب والنازل واحد.
ومثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: (أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((البينة أو حد في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه:{والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ:{إن كان من الصادقين} الآية [النور: 6-9]).
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: (جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب المسائل فأخبر عاصم عويمرا فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتاه فقال:((إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا . . .)) الحديث.
جمع بينهما بأن أول ما وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا، وإلى هذا جنح النووي وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد.
وأخرج البزار عن حذيفة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:((لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به؟))قال: شرا، قال:((فأنت يا عمر؟))قال:((كنت أقول لعن الله الأعجز وإنه لخبيث))فنزلت
.الحالة السابعة:قد يكون في إحدى القصتين" فتلا "فوهم الراوي فقال" فنزل"
مثاله: ما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه فأنزل الله:{وما قدروا الله حق قدره} الآية [الأنعام: 91])، والحديث في الصحيح بلفظ: (فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب فإن الآية مكية).
ومن أمثلته: أيضا ما أخرجه البخاري عن أنس قال: (سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال:((أخبرني بهن جبريل آنفا)) قال: جبريل؟ قال:((نعم))قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية{من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك} الآية [البقرة: 97]).
قال ابن حجر في "شرح البخاري": ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية ردا على قول اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ، قال: وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة ابن سلام
الحالة الثامنة:ألا يمكن حمله على أحد الأحوال السابقة فيحمل على تعدد النزول وتكررها.
مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله)) فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية [التوبة: 113]).
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: ((إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية [التوبة: 113]))).
فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ:
(تنبيه: عكس ما تقدم أن يذكر سبب واحد في نزول آيات متفرقة، ولا إشكال في ذلك فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع} إلى آخر الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج الحاكم عنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت:{إن المسلمين والمسلمات}والآية [الأحزاب: 35]، أنزلت:{أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج أيضا عنها، أنها قالت: (يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية [النساء: 32]، وأنزل:{إن المسلمين والمسلمات}الآية
ومن أمثلته ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة، فقال:((إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان))فطلع رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:((علام تشتمني أنت وأصحابك؟))فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا: حتى تجاوز عنهم فأنزل الله:{يحلفون بالله ما قالوا} الآية [التوبة: 74]).
وأخرجه الحاكم وأحمد بهذا اللفظ وآخره: (فأنزل الله:{يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم} الآية .
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
والدليل على ذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: بل لأمتي كلهم
وقد نزلت آيات في أسباب واتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية وحد القذف في رماة عائشة ثم تعدى إلى غيرهم
ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعا ذائعا بينهم..
أما صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص
قد تنزل الآيات على الأسباب الخاصة، وتوضع ما يناسبها من الآي العامة، رعاية لنظم القرآن وحسن السياق، فيكون ذلك الخاص قريبا من صورة السبب في كونه قطعي الدخول في العام،
مثاله: قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} الآية [النساء: 51] إلى آخره، فإنها إشارة إلى كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود، لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر حرضوا المشركين على الأخذ بثأرهم ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم فسألوهم: من أهدى سبيلا محمد وأصحابه أم نحن؟ فقالوا: أنتم، مع علمهم بما في كتابهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم المنطبق عليه وأخذ المواثيق عليهم ألا يكتموه فكان ذلك أمانة لازمة لهم ولم يؤدوها حيث قالوا للكفار: أنتم أهدى سبيلا حسدا للنبي صلى الله عليه وسلم.
فقد تضمنت هذه الآية مع هذا القول التوعد عليه المفيد للأمر بمقابله المشتمل على أداء الأمانة التي هي بيان صفة النبي صلى الله عليه وسلم بإفادة أنه الموصوف في كتابهم، وذلك مناسب لقوله: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
قال ابن العربي في تفسيره: وجه النظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلا فكان ذلك خيانة منهم فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir