دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 12:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الرضاع (3/7) [وجوب التثبت من صحة الرضاع المحرم أن منها ما لا يسبب المحرمية]


وعنها: أنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ جاءَ يَسْتَأْذِنُ علَيْهَا بعدَ الْحِجَابِ. قالَتْ: فأَبَيْتُ أنْ آذَنَلهُ، فلَمَّا جاءَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَلهُ عَلَيَّ، وقالَ: ((إِنَّهُ عَمُّكِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
وعنها قالَتْ: كانَ فيما أُنْزِلَ مِن القُرآنِ: (عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ). ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فتُوُفِّيَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهيَ فيما يُقْرَأُ مِن القُرآنِ. رواهُ مسلمٌ.

  #2  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


4/1061 - وَعَنْهَا، أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ. قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ، وَقَالَ: ((إِنَّهُ عَمُّكِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْهَا)؛ أيْ: عَنْ عَائِشَةَ، (أَنَّ أَفْلَحَ): بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَفَاءٍ آخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: مَوْلًى لأُمِّ سَلَمَةَ، (أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ): بِقَافٍ مَضْمُومَةٍ وَعَيْنٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ.
(جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ، قَالَتْ: فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنَّهُ عَمُّكِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). اسْمُ أَبِي الْقُعَيْسِ: وَائِلُ بْنُ أَفْلَحَ الأَشْعَرِيُّ، وَقِيلَ: اسْمُهُ الْجَعْدُ، فَعَلَى الأَوَّلِ يَكُونُ أَخُوهُ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ أَبِيهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لا أَعْلَمُ لأَبِي الْقُعَيْسِ ذِكْراً إلاَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ زَوْجِ الْمُرْضِعَةِ وَأَقَارِبِهِ كَالْمُرْضِعَةِ، وَذَلِكَ لأَنَّ سَبَبَ اللَّبَنِ هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعاً، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا؛ كَالْجَدِّ لَمَّا كَانَ سَبَبَ وَلَدِ الْوَلَدِ أَوْجَبَ تَحْرِيمَ وَلَدِ الْوَلَدِ به؛ لِتَعَلُّقِهِ به؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحُكْمِ: اللِّقَاحُ وَاحِدٌ. أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
فَإِنَّ الْوَطْءَ يُدِرُّ اللَّبَنَ، فَلِلرَّجُلِ مِنْهُ نَصِيبٌ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَهْلِ الْمَذَاهِبِ، وَالْحَدِيثُ وَاضِحٌ لِمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ زِيَادَةُ تَصْرِيحٍ؛ حَيْثُ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَاسْتَتَرْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: أَتَسْتَتِرِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ؟! قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي، قُلْتُ: إنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ.. الْحَدِيثَ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَعَائِشَةُ وَجَمَاعَةٌ مِن التَّابِعِينَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَدَاوُدُ وَأَتْبَاعُهُ، فَقَالُوا: لا يَثْبُتُ حُكْمُ الرَّضَاعِ لِلرَّجُلِ؛ لأَنَّ الرَّضَاعَ إنَّمَا هُوَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي اللَّبَنُ مِنْهَا، قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الآيَةَ لَيْسَ فِيهَا مَا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ؛ فَإِنَّ ذِكْرَ الأُمَّهَاتِ لا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ عَدَاهُنَّ لَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ إنْ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ فَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ مُطَّرِحٍ كَمَا عُرِفَ فِي الأُصُولِ، وَقَد اسْتَدَلُّوا بِفَتْوَى جَمَاعَةٍ مِن الصَّحَابَةِ بِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَلا يَخْفَى أَنَّهُ لا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ أَطَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْبَحْثَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَسَبَقَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ، وشيخُهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَالْوَاضِحُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ.

5/1062 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِن الْقُرْآنِ: "عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ"، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِن الْقُرْآنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْهَا)؛ أيْ: عَائِشَةَ، (قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِن الْقُرْآنِ: " عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِن الْقُرْآنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
يُقْرَأُ: بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ، تُرِيدُ أَنَّ النَّسْخَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ جِدًّا، حَتَّى إنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، وَيَجْعَلُهَا قُرْآناً مَتْلُوًّا؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ؛ لِقُرْبِ عَهْدِهِ، فَلَمَّا بَلَغَهُم النَّسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا أَنْ لا يُتْلَى، وَهَذَا مِنْ نَسْخِ التِّلاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النَّسْخِ؛ فَإِنَّهُ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ: نَسْخُ التِّلاوَةِ وَالْحُكْمِ؛ مِثْلُ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ.
وَالثَّانِي: نَسْخُ التِّلاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ؛ كَخَمْسِ رَضَعَاتٍ، وَكَالشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا.
وَالثَّالِثُ: نَسْخُ الْحُكْمِ دُونَ التِّلاوَةِ، وَهُوَ كَثِيرٌ؛ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} الآيَةَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا أَفَادَهُ هُوَ أَرْجَحُ الأَقْوَالِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ؛ لأَنَّهُ لا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الآحَادِ، وَلا هُوَ حَدِيثٌ؛ لأَنَّهَا لَمْ تَرْوِهِ حَدِيثاً، مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ قُرْآنِيَّتُهُ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، فَقَدْ رَوَتْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَهُ حُكْمُ الْحَدِيثِ فِي وجوبِ الْعَمَلِ بِهِ.

وَقَدْ عَمِلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ، فَعَمِلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَعَمِلَ بِهِ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي صِيَامِ الْكَفَّارَةِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ، وَعَمِلَ مَالِكٌ فِي فَرْضِ الأَخِ مِن الأُمِّ بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ: " وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ "، وَالنَّاسُ كُلُّهُم احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ. وَالْعَمَلُ بِحَدِيثِ الْبَابِ هَذَا لا عُذْرَ عَنْهُ؛ وَلِذَا اخْتَرْنَا الْعَمَلَ بِهِ فِيمَا سَلَفَ.

  #3  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


981 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ أَفْلَحَ – أَخَا أَبِي القُعَيْسِ – جاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحِجَابِ، قَالَتْ: فأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُهُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ، وَقَالَ: ((إِنَّهُ عَمُّكِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- الْقُعَيْسِ: بِضَمِّ الْقَافِ، وَفَتْحِ الْعَيْنِ المُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِر الحُرُوفِ، ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ -: تَصْغِيرُ قَعْسٍ، وَاسْمُ أَبِي القُعَيْسِ الْجَعْدُ.
- يَسْتَأْذِنُ: أَيْ يَطْلُبُ الإِذْنَ بِالدُّخُولِ.
982 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ القُرآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ. ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- نُسِخْنَ: النَّسْخُ لُغَةً: الإِزَالَةُ وَالنَّقْلُ، وَاصْطِلاحاً: رَفْعُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ رَفْعُ لَفْظِهِ بِدَلِيلٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
- مَعْلُومَاتٍ: مُتَحَقِّقَاتٍ ثَابِتَاتٍ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ:
1- وُجُوبُ التَّثَبُّتِ مِنْ صِحَّةِ الرَّضَاعِ المُحَرِّمِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَعْنَاهُ: يَا عَائِشَةُ، انْظُرْنَ وَتَثَبَّتْنَ فِي الرَّضَاعَةِ؛ فَإِنَّ مِنْهَا مَا لا يُسَبِّبُ المحرميَّةَ، فَلا بُدَّ مِنْ رَضَاعَةٍ يَنْبُتُ مِنْهَا اللَّحْمُ، وَيَشْتَدُّ بِهَا العَظْمُ، وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمَجَاعَةِ، حِينَ يَكُونُ الطفلُ مُحْتَاجاً إِلَى اللَّبَنِ، فَلا يَتَقَوَّتُ بِغَيْرِهِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَالجُزْءِ مِنَ المُرْضِعَةِ، فَيَصِيرُ كَأَحَدِ أَوْلادِهَا، فَتَثْبُتُ المَحرميَّةُ.
2- احْتِيَاطُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ مُوَاجَهَةِ الأجانبِ إِلاَّ بَعْدَ التَّأَكُّدِ مِنْ صِحَّةِ مَحْرُمِيَّتِهِ لَهَا.
3- النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَلُمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى عَائِشَةَ تَحَرِّيَهَا وَاحْتِيَاطَهَا، فَلا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ.
4- أَنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَى تَغْذِيَتِهِ؛ فَإِنَّ الرَّضَاعةَ مِن الْمَجَاعَةِ، وَيَأْتِي تَحْدِيدُ ذَلِكَ عَدَداً وَوَقْتاً وَالخلافُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
5- وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ الرَّضَاعِ المُحَرِّمِ هُوَ مَا كَانَ مِنَ الْمَجَاعَةِ: أَنَّهُ حِينَ يَتَغَذَّى بِلَبَنِهَا مُحْتَاجاً إِلَيْهِ يَشِبُّ عَلَيْهِ لَحْمُهُ، وَتَقْوَى عِظَامُهُ، فَيَكُونُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، فَيَصِيرُ كَوَلَدٍ لَهَا تَغَذَّى فِي بَطْنِهَا، وَصَارَ بِضْعَةً مِنْهَا.
6- أَنَّ الرَّضَاعَ المُحَرِّمَ كَانَ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ، فَنُسِخَ لَفْظُهُ وَحُكْمُهُ، إِلَى خَمْسِ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ، تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ هَكَذَا.
7- قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَالعَشْرُ مِمَّا نُسِخَ رَسْمُهُ وَحُكْمُهُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالخَمْسُ مِمَّا نُسِخَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ؛ بِدِليلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ حِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ، لَمْ يُثْبِتُوهَا رَسْماً، وَحُكْمُهَا بَاقٍ عِنْدَهُمْ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَقَوْلُهَا: مِمَّا يُتْلَى مِنَ الْقُرْآنِ، أَيْ: يُتْلَى حُكْمُهَا دُونَ لَفْظِهَا.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: (تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ). يَعْنِي عِنْدَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَسْخُهُنَّ، حَتَّى بَلَغَهُ فَتَرَكَ؛ لأَنَّ الْقُرْآنَ مَحْفُوظٌ مِنَ الزيادةِ أَو النَّقْصِ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا نُسِخَ لَفْظُهُ، وَمَعْنَاهُ بَاقٍ.
8- قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ). أَيْ: مَنْسُوخَاتِ الْحُكْمِ وَالتِّلاوَةِ. وَقَوْلُهَا: (خَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) مَنْسُوخَاتِ التِّلاوَةِ، ثَابِتَاتِ الْحُكْمِ، كَآيَةِ الرَّجْمِ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ الرَّضَاعِ المُحَرِّمِ: فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ والخَلَفِ إِلَى أَنَّ قليلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ؛ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ: عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، والأَوْزَاعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَّقَ التحريمَ بِاسْمِ الرَّضَاعةِ، فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فِي الْقُرْآنِ، لَمْ يُقَيِّدْهَا بِشَيْءٍ؛ فَحَيْثُ وُجِدَ اسْمُهَا، وُجِدَ حُكْمُهَا.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنَّهُ: لا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلاثِ رَضَعَاتٍ؛ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَدَاوُدَ.
وَحُجَّةُ هَؤُلاءِ: مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((لا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلا الْمَصَّتَانِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ: أَنَّ مَا زَادَ عَلَى المَصَّتَيْنِ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَهُوَ الثَّلاثَةُ فَصَاعِداً.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ إِلَى: أَنَّهُ لا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ؛ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَابْنِ حَزْمٍ.
وَدَلِيلُ هَؤُلاءِ مَا ثَبَتَ فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ)، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ).
وَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أيضاً فِي قِصَّةِ سَهْلَةَ زَوْجَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ، حِينَمَا قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِماً وَلَداً، وَكَانَ يَأْوِي مَعِي، وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَيَرَانِي فُضْلَى، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَكَيْفَ تَرَى فِيهِنَّ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَرْضِعِيهِ)). فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعةِ.
وَأَجَابَتْ هَذِهِ الطائفةُ عَنْ أَدِلَّةِ الطَّائِفَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فَقَالَتْ: وَأَمَّا مَنْ يَرَوْنَ أَنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ: فَجَوَابُهُمُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ المُتَقَدِّمُ: ((لا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ، وَلا المَصَّتَانِ)).
وَأَمَّا جَوَابُ أَصْحَابِ الثلاثِ: فَهُوَ أَنَّ دَلِيلَهُمْ مَفْهُومٌ، وَالمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَالعَمَلُ بِأَحَادِيثِ الرَّضَعَاتِ الخَمْسَةِ إِعْمَالٌ للأَحَادِيثِ كُلِّهَا.
وَبِالتَّأَمُّلِ: فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِـ الأُمِّ يَقْتَضِي أَنَّ المُرْضِعَةَ لا تُحَرَّمُ إِلاَّ إِذَا أَرْضَعَتْ مِقْدَاراً تَسْتَحِقُّ بِهِ الاتِّصَافَ بِالأُمُومَةِ، وَلا تَتَّصِفُ بِذَلِكَ إِلاَّ مَنْ وَلَدَتِ الْوَلَدَ، أَوْ مَنْ صَارَ جُزْءُ بَدَنِهَا – وَهُوَ اللَّبَنُ – جُزْءاً لِبَدَنِ الْوَلَدِ، وَهَذَا لا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّضَاعةِ الْقَلِيلَةِ، بَلْ لا بُدَّ مِنْ مِقْدَارٍ كَبِيرٍ، يَصِيرُ بِهِ اللبنُ جُزْءاً لِلْبَدَنِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى تَقْدِيرِ الشارعِ. وَالأَحَادِيثُ تَدُورُ حَوْلَ كونِ الرَّضَاعةِ مِن المجاعةِ، وَكَوْنِهَا فَاتِقَةً للأَمْعَاءِ، وَمُنْشِزَةً للعَظْمِ، وَمُنْبِتَةً لِلَّحْمِ، وَكَوْنِهَا فِي الْحَوْلَيْنِ، وَعَدَمِ اعْتِبَارِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ، كُلُّ ذَلِكَ لأَجْلِ هَذِهِ العِلَّةِ.
وَعَلَى هَذَا: فَإِنَّهُ لا تَعَارُضَ بَيْنَ الآيَةِ والحديثِ؛ فَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ لِبَيَانِ المِقْدَارِ، وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ سَمَّى المُرْضِعَةَ أُمًّا، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}. [النساء: 23]. وَالأُمُومَةُ لا تَكُونَ إِلاَّ بالمقدارِ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ؛ فَظَهَرَ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الإِمَامَانِ: الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، هُوَ الصَّحِيحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَوَائِدُ:
الأُولَى: ذَهَبَ الإمامُ الشَّافِعِيُّ، وَالروايةُ الأُخْرَى عَن الإمامِ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارُ ابْنِ القَيِّمِ وَشَيْخِنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إِلَى أَنَّ الرَّضْعَةَ لا تُحْتَسَبُ رَضْعَةً حَتَّى تَكُونَ وَجْبَةً لِلطِّفْلِ تَامَّةً، كَالأَكْلَةِ مِنَ الأَكَلاتِ، وَالشَّرْبَةِ مِنَ الشَّرَبَاتِ.
أَمَّا قَطْعُ الطِّفْلِ الثَّدْيَ لِعَارِضٍ كَالتَّنَفُّسِ، أَوْ نَقْلُهُ مِنْ ثَدْيٍ لآخَرَ، فَهَذَا لا يُعْتَبَرُ رَضْعَةً، وَإِنْ كَانَ هُوَ المَشْهُورَ مِنَ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ.
الثَّانِيَةُ: قَالَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ للإِفْتَاءِ: أَخْذُ الدَّمِ مِنَ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ، وَحَقْنُهَا بِهِ لا تُنْشَرُ بِهِ حُرْمَةٌ، وَلَوْ كَثُرَ، كَمَا تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ بالرَّضَاعِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ حُقِنَ الرَّجُلُ بِدَمِ الْمَرْأَةِ، فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بالآخَرِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: نَقْلُ الدَّمِ مِنْ رَجُلٍ إِلَى امْرَأَةٍ أَوْ بالعكسِ لا يُسَمَّى رَضَاعاً، لا لُغَةً، وَلا عُرْفاً، وَلا شَرْعاً، وَلا تَثْبُتُ لَهُ أحكامُ الرَّضَاعِ.
الثَّالِثَةُ: أَمَا المُحَرَّمَاتُ مِنَ الرَّضَاعِ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.
قَالَ شيخُ الإِسْلامِ: مِمَّا اتُّفِقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. فَإِذَا ارْتَضَعَ الطفلُ مِنَ امْرَأَةٍ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الحَوْلَيْنِ قَبْلَ الفِطَامِ، صَارَ وَلَدَهَا بِاتِّفَاقٍ، وَابْنَ صَاحِبِ اللَّبَنِ بِاتِّفَاقِ الأَئِمَّةِ المَشْهُورِينَ، وَصَارَ كُلٌّ مِنْ أَوْلادِهِمَا إِخْوَةً لِلْمُرْتَضِعِ؛ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِن الأبِ فَقَطْ، أَمْ مِنَ الأُمِّ فَقَطْ، أَوْ مِنْهُمَا.
وَلا فَرْقَ بَيْنَ أَوْلادِ الْمَرْأَةِ الَّذِينَ رَضِعُوا مَعَ الطفلِ، وَبَيْنَ مَنْ وُلِدَ لَهَا قَبْلَ الرَّضَاعةِ، أَوْ بَعْدَ الرَّضَاعةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَعَلَى هَذَا فَجَمِيعُ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ للمُرْتَضِعِ مِنَ الرَّضَاعةِ أَقَارِبُهُ: فَأَوْلادُهَا إِخْوَتُهُ، وَأَوْلادُ أَوْلادِهَا أَوْلادُ إِخْوَتِهِ، وَآبَاؤُهَا وَأُمَّهَاتُهَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ، وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالاتُهُ، وَكُلُّ هَؤُلاءِ حَرَامٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا بَنَاتُ أَخْوَالِهِ وَخَالاتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ فَحَلالٌ، كَمَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ، وَأَقَارِبُ الرَّجُلِ، وَأَقَارِبُهُ مِنَ الرَّضَاعةِ هَكَذَا، وَأَوْلادُ المُرْتَضِعِ بِمَنْزِلَتِهِ.
وَأَمَّا إِخْوَةُ المُرْتَضِعِ مِنَ النَّسَبِ، أَوْ مِنَ الرَّضَاعِ غَيْرَ رَضَاعِ هَذِهِ المُرْضِعَةِ فَهُمْ أَجَانِبُ مِنْ أَقَارِبِهِ، يَجُوزُ لإخوةِ هَؤُلاءِ أَنْ يَتَزَوَّجُوا أَوْلادَ المُرْضِعَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ تَحْرِيمَ المُصَاهَرَةِ لا يَثْبُتُ بالرَّضَاعِ، فَلا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ نِكَاحُ أُمِّ زَوْجَتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ، وَلا بِنْتِ زَوْجَتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ إِذَا كَانَ بِلَبَنِ غَيْرِهِ، وَلا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ نِكَاحُ أَبِي زَوْجِهَا مِنَ الرَّضَاعِ.
وَلَكِنْ قَدْ حُكِيَ الإجماعُ عَلَى خِلافِ قَوْلِ الشَّيْخِ.

قَرَارُ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلامِيِّ بِشَأْنِ بُنُوكِ الْحَلِيبِ:
قَرَارٌ رَقْمُ (6):
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ والسلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ مَجْلِسَ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلامِيِّ الْمُنْبَثِقِ عَنْ مُنَظَّمَةِ المُؤْتَمَرِ الإِسْلامِيِّ فِي دَوْرَةِ انْعِقَادِ مُؤْتَمَرِهِ الثَّانِي بِجُدَّةَ، مِنْ 10 - 16 ربيعٍ الثَّانِي 1406 هـ / 22 - 28 دِيسَمْبِرَ 1985 م.
بَعْدَ أَنْ عُرِضَ عَلَى المَجْمَعِ دِرَاسَةٌ فِقْهِيَّةٌ، وَدِرَاسَةٌ طِبِّيَّةٌ حَوْلَ بُنُوكِ الْحَلِيبِ، وَبَعْدَ التَّأَمُّلِ فِيمَا جَاءَ فِي الدِّرَاسَتَيْنِ، وَمُنَاقَشَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنَاقَشَةً مُسْتَفِيضَةً، شَمِلَتْ مُخْتَلَفَ جَوَانِبِ المَوْضُوعِ –تَبَيَّنَ:
1- أَنَّ بُنُوكَ الْحَلِيبِ تَجْرِبَةٌ قَامَتْ بِهَا الأُمَمُ الْغَرْبِيَّةُ، ثُمَّ ظَهَرَتْ مَعَ التَّجْرِبَةِ بَعْضُ السَّلْبِيَّاتِ الْفَنِّيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ فِيهَا، فَانْكَمَشَتْ، وَقَلَّ الاهْتِمَامُ بِهَا.
2- أَنَّ الإِسْلامَ يَعْتَبِرُ الرَّضَاعَ لُحْمَةً كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ، بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْكُلِّيَّةِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى النَّسَبِ، وَبُنُوكُ الْحَلِيبِ مُؤَدِّيَةٌ إِلَى الاختلاطِ، أَو الرِّيبَةِ.
3- أَنَّ العِلاقَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةَ فِي الْعَالِمِ الإِسْلامِيِّ تُوَفِّرُ للمَوْلُودِ الخِدَاجِ أَوْ نَاقِصِ الوَزْنِ أَو المُحْتَاجِ إِلَى اللَّبَنِ البَشَرِيِّ فِي الحالاتِ الخاصَّةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِن الاسْتِرْضَاعِ الطَّبِيعِيِّ، الأَمْرُ الَّذِي يُغْنِي عَنْ بُنُوكِ الْحَلِيبِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ قَرَّرَ:
أَوَّلاً: مَنْعَ إِنْشَاءِ بُنُوكِ حَلِيبِ الأُمَّهَاتِ فِي الْعَالَمِ الإِسْلامِيِّ.
ثَانِياً: حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مِنْهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرضاع, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir