دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب الرضاع (2/7) [الرضاعة المحرمة هي ما أنبت اللحم وأنشز العظم]


وعنها قالَتْ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
وعنها قالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بنتُ سُهَيْلٍ فقالَتْ: يا رسولَ اللَّهِ،إنَّ سَالِمًا مَوْلَى أبي حُذيفةَ معنا في بَيتِنا، وقدْ بَلَغَ ما يَبْلُغُ الرجالُ. قالَ: ((أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ)). رواهُ مسلمٌ.

  #2  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


2/1059 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْهَا)؛ أيْ: عَنْ عَائِشَةَ، (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). فِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إنَّهُ أَخِي، فَقَالَ: ((انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)).
قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هذا الرجلِ، وَأَظُنُّهُ ابْناً لأَبِي الْقُعَيْسِ. وَقَوْلُهُ: ((انْظُرْنَ)) أَمْرٌ بِالتَّحْقِيقِ فِي أَمْرِ الرَّضَاعَةِ، هَلْ هُوَ رَضَاعٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ وَمِقْدَارِ الإِرْضَاعِ؛ فَإِنَّمَا الْحُكْمُ الَّذِي يَنْشَأُ مِن الرَّضَاعِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا وَقَعَ الرَّضَاعُ المشروطُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ الَّذِي إذَا جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللَّبَنَ مِن الرَّضَاعِ، لا حَيْثُ يَكُونُ الْغِذَاءُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لإِمْعَانِ التَّحَقُّقِ في شَأْنِ الرَّضَاعِ، وَإِنَّ الرَّضَاعَ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَتَحِلُّ بِهِ الْخَلْوَةُ، هُوَ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلاً يَسُدُّ اللَّبَنُ جَوْعَتَهُ؛ لأَنَّ مَعِدَتَهُ ضَعِيفَةٌ يَكْفِيهَا اللَّبَنُ، وَيَنْبُتُ بِذَلِكَ لَحْمُهُ، فَيَصِيرُ جُزْءاً مِن الْمُرْضِعَةِ، فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُرْمَةِ مَعَ أَوْلادِهَا، فَمَعْنَاهُ: لا رَضَاعَةَ مُعْتَبَرَةَ إلاَّ الْمُغْنِيَةَ عَن الْمَجَاعَةِ، أَو الْمُطْعِمَةَ مِن الْمَجَاعَةِ، فَهُوَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الآتِي: ((لا رَضَاعَ إِلاَّ مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ)).
وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: ((لا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلاَّ مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّغَذِّيَ بِلَبَنِ الْمُرْضِعَةِ مُحَرَّمٌ، سَوَاءٌ كَانَ شراباً، أَوْ وَجُوراً، أَوْ سَعُوطاً، أَوْ حُقْنَةً؛ حَيْثُ كَانَ يَسُدُّ جُوعَ الصَّبِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَت الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: لا تَحْرُمُ الْحُقْنَةُ، وَكَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: لا تَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِ الرَّضَاعِ.
قُلْتُ: إذَا لُوحِظَ الْمَعْنَى مِن الرَّضَاعِ دَخَلَ كُلُّ مَا ذَكَرُوا، وَإِنْ لُوحِظَ مُسَمَّى الرَّضَاعِ فَلا يَشْمَلُ إلاَّ الْتِقَامَ الثَّدْيِ وَمَصَّ اللَّبَنِ مِنْهُ، كَمَا تَقُولُهُ الظَّاهِرِيَّةُ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لا يَحْرُمُ إلاَّ ذَلِكَ، وَلِمَا حَصَرَ فِي الْحَدِيثِ الرَّضَاعَةَ عَلَى مَا كَانَ مِن الْمَجَاعَةِ كَمَا قَدْ عَرَفْتَ، وَقَدْ وَرَدَ حديثُ عائشةَ مُعارِضاً لذلكَ، وهوَ:

3/1060 - وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَالِماً مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا، وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، فَقَالَ: ((أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْهَا)؛ أَيْ: عَائِشَةَ، (قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ سَالِماً مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا، وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، فَقَالَ: أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ).
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِن الرَّضَاعَةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْمُشِيرِ إلَى أَنَّهُ قَدْ خُصِّصَ هَذَا الْحُكْمُ بِحَدِيثِ سَهْلَةَ؛ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلاً تَحْتَ الرَّضَاعَةِ مِن الْمَجَاعَةِ.
وَبَيَانُ الْقِصَّةِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ كَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِماً وَزَوَّجَهُ، وَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِن الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} الآيَةَ، كَانَ مَنْ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ نُسِبَ إلَى أَبِيهِ، وَمَنْ لا أَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخاً فِي الدِّينِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَتْ سَهْلَةُ تَذْكُرُ مَا نَصَّهُ الْحَدِيثُ فِي الْكِتَابِ.
وَقَد اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا الْحُكْمِ، فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلَى ثُبُوتِ حُكْمِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاضِعُ بَالِغاً عَاقِلاً.
قَالَ عُرْوَةُ: إنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخَذَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِن الرِّجَالِ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعُرْوَةَ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، وَنَسَبَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى عَائِشَةَ، وَدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ.
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ سَهْلَةَ هَذَا، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضاً قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}؛ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ لا يُحَرِّمُ مِن الرَّضَاعِ إلاَّ مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ الصِّغَرِ، فَالْجُمْهُورُ قَالُوا: مَهْمَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّ رَضَاعَهُ يُحَرِّمُ، وَلا يُحَرِّمُ مَا كَانَ بَعْدَهُمَا؛ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.
وَقَالَتْ جَمَاعَةٌ: الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ، وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ بِزَمَانٍ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إنْ فُطِمَ وَلَهُ عَامٌ وَاحِدٌ، وَاسْتَمَرَّ فِطَامُهُ، ثُمَّ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ، لَمْ يُحَرِّمْ هَذَا الرَّضَاعُ شَيْئاً، وَإِنْ تَمَادَى رَضَاعُهُ وَلَمْ يُفْطَمْ، فَمَا يَرْضَعُ وَهُوَ فِي الْحَوْلَيْنِ حَرَّمَ، وَمَا كَانَ بَعْدَهُمَا لم يُحَرِّمُ وَإِنْ تَمَادَى إرْضَاعُهُ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ عَارِيَّةٌ عَن الاسْتِدْلالِ، فَلا نُطِيلُ بِهَا الْمَقَالَ. وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ: ((إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ))، وَتَقَدَّمَ بأنَّهُ لا يَصْدُقُ ذَلِكَ إلاَّ عَلَى مَنْ يُشْبِعُهُ اللَّبَنُ، وَيَكُونُ غِذَاءً لا غَيْرُ، فَلا يَدْخُلُ الْكَبِيرُ سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ.
وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سَالِمٍ هذا بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ سَهْلَةَ، فَلا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهَا، كَمَا يَدُلُّ جوابُ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " لا نَرَى هَذَا إِلاَّ خَاصًّا بِسَالِمٍ، وَلا نَدْرِي لَعَلَّهُ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ "، أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ الآيَةَ وَحَدِيثَ: ((إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ))، وَارِدَانِ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لِلْمُرْضِعَةِ، وَالذي يُجْبَرُ عَلَيْهَا الأَبَوَانِ رَضِيَا أَمْ كَرِهَا، كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ آخِرُ الآيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وَعَائِشَةُ هِيَ الرَّاوِيَةُ لِحَدِيثِ: ((إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ))، وَهِيَ الَّتِي قَالَتْ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ، وَأَنَّهُ يُحَرِّمُ، فَدَلَّ أَنَّهَا فَهِمَتْ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى الآيَةِ وَالْحَدِيثِ.
وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ: إنَّهُ خَاصٌّ بِسَالِمٍ، فَذَلِكَ تَظَنُّنٌ مِنْهَا، وَقَدْ أَجَابَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ: أَمَا لَكِ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ فَسَكَتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَلَوْ كَانَ خَاصًّا لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا بَيَّنَ اخْتِصَاصَ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْجَذَعَةِ مِن الْمَعْزِ.
وَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ يَدْفَعُهُ أَنَّ قِصَّةَ سَهْلَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ نُزُولِ آيَةِ الْحَوْلَيْنِ؛ فَإِنَّهَا قَالَتْ سَهْلَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟! " فَإِنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِنْهَا اسْتِنْكَارٌ لِرَضَاعِ الْكَبِيرِ، دَالٌّ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ بَعْدَ اعْتِقَادِ التَّحْرِيمِ.
قُلْتُ: لا يَخْفَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ لُغَةً إنَّمَا تَصْدُقُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي سِنِّ الصِّغَرِ، وَعَلَى اللُّغَةِ وَرَدَتْ آيَةُ الْحَوْلَيْنِ، وَحَدِيثُ: ((إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)).
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الآيَةَ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لا يُنَافِي أَيْضاً أَنَّهَا لِبَيَانِ زَمَانِ الرَّضَاعَةِ، بَلْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَمَانَ مَنْ أَرَادَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ، وَلَيْسَ بَعْدَ التَّمَامِ مَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ مَا حَكَمَ الشَّارِعُ بِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ.
وَالأَحْسَنُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ سَهْلَةَ وَمَا عَارَضَهُ كَلامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّهُ يُعْتَبَرُ الصِّغَرُ فِي الرَّضَاعَةِ، إلاَّ إذَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ؛ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ الَّذِي لا يُسْتَغْنَى عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَيَشُقُّ احْتِجَابُهَا عَنْهُ؛ كَحَالِ سَالِمٍ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَمِثْلُ هَذَا الْكَبِيرِ إذَا أَرْضَعَتْهُ لِلْحَاجَةِ أَثَّرَ رَضَاعُهُ.
وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ، فَلا بُدَّ مِن الصِّغَرِ، انْتَهَى. فَإِنَّهُ جَمْعٌ حَسَنٌ بَيْنَ الأَحَادِيثِ، وَإِعْمَالٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِهَا بِاخْتِصَاصٍ، وَلا نَسْخٍ، وَلا إلْغَاءٍ لِمَا اعْتَبَرَتْهُ اللُّغَةُ، وَدَلَّتْ لَهُ الأَحَادِيثُ.

  #3  
قديم 22 محرم 1430هـ/18-01-2009م, 03:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


979 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فِإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- انْظُرْنَ: النَّظَرُ هُنَا بِمَعْنَى: التفكيرِ، والتَّأَمُّلِ، والتَّدَبُّرِ؛ فَهُوَ أَمْرٌ بِإِمْعَانِ التحقيقِ، والتَّأَكُّدِ البالغِ فِي شأنِ الرَّضَاعِ؛ هَلْ هُوَ مِمَّا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ؟
- مَن: اسْتِفْهَامِيَّةٌ، مَحَلُّهَا النَّصْبُ؛ لأَنَّهَا مَفْعُولٌ بِهِ.
- فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ: الفاءُ فِيهِ للتعليلِ؛ لقولِهِ: ((انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ)). يَعْنِي: لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَضِعَ مَعَكُنَّ صَارَ أَخاً لَكُنَّ، بَلْ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ المَجَاعَةِ.
- الرَّضَاعَةُ: مَصْدَرُ رَضِعَ رَضَاعاً؛ وَهُوَ مَصُّ اللَّبَنِ الَّذِي ثَابَ عَنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْيِ المُرْضِعَةِ.
- المَجَاعَةُ: بِفَتْحِ الميمِ والجيمِ: خُلُوُّ المَعِدَةِ مِن الطَّعَامِ؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي إِذَا جَاعَ كَانَ طَعَامُهُ الَّذِي يُشْبِعُهُ اللبنَ مِنَ الرَّضَاعِ، هُوَ الَّذِي يُثْبِتُ الحُرْمَةَ.
980 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنَّ سَالِماً مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا، وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ. قَالَ: ((أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ:
1- يَأْمُرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّحْقِيقِ فِي أَمْرِ الرَّضَاعِ، هَلْ هُوَ الرَّضَاعُ الصَّحِيحُ المُحَرِّمُ الوَاقِعُ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ المُشْتَرَطِ؟
فَإِنَّ الْحُكْمَ هُوَ للرَّضَاعِ الَّذِي يَنْبُتُ بِهِ اللَّحْمُ، وَيَنْشُزُ مِنْهُ العَظْمُ، وَتَثْبُتُ بِهِ الحُرْمَةُ، وَذَلِكَ حِينَمَا يَكُونُ الرَّضِيعُ طِفْلاً يَسُدُّ اللبنُ جُوعَهُ، وَيَنْبُتُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ، فَيَصِيرُ جُزْءاً مِنَ المُرْضِعَةِ، فَيَشْتَرِكُ فِي الحُرْمَةِ مَعَ أَوْلادِهَا.
2- أَمَّا الْحَدِيثُ رقمُ (980) فَيُفِيدُ أَنَّ رَضَاعَ الكبيرِ يُفِيدُ، وَأَنَّ لَهُ أَثَراً، وَأَنَّهُ يُفِيدُ مِنَ المحرميَّةِ وَالأحكامِ مَا يُفِيدُهُ رَضَاعُ الصغيرِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ الْخِلافِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ الرَّضَاعِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التحريمُ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ، وَلَكِن الَّذِي يَصْلُحُ للبحثِ والمناقشةِ، وَيَسْتَنِدُ حُكْمُهُ إِلَى الأَدِلَّةِ – أَرْبَعَةُ مَذَاهِبَ، هِيَ:
الأَوَّلُ: أَنَّ الرَّضَاعَ المُعْتَبَرَ هُوَ مَا كَانَ فِي الحَوْلَيْنِ فَقَطْ.
الثَّانِي: هُوَ مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ بِزَمَانٍ.
الثالثُ: أَنَّ الرَّضَاعَ يُحَرِّمُ؛ وَلَوْ كَانَ للكبيرِ البالغِ، أَو الشَّيْخِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الرَّضَاعَ لا يَكُونُ مُحَرِّماً إِلاَّ لِمَنْ كَانَ فِي الصِّغَرِ، إِلاَّ إِذَا دَعَت الْحَاجَةُ إِلَى إِرْضَاعِ الكبيرِ، الَّذِي لا يُسْتَغْنَى عَنْ دُخُولِهِ، وَيَشُقُّ الاحْتِجَابُ مِنْهُ.
فَذَهَبَ إِلَى الأَوَّلِ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرُوِيَ عَن الشَّعْبِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}. [البقرة: 233]. فَجُعِلَ تَمَامُ الرَّضَاعَةِ حَوْلَيْنِ، فَلا حُكْمَ لِمَا بَعْدَهُمَا؛ فَلا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ.
وَحَدِيثِ: ((إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)). المُتَقَدِّمِ، وَمُدَّةُ الْمَجَاعَةِ هِيَ مَا كَانَ فِي حَوْلَيْنِ.
وَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بإسنادٍ صَحِيحٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ: ((لا رَضَاعَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ)).
وَفِي (سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ: ((لا يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلاَّ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ، وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ)).
وَرَضَاعُ الكبيرِ لا يُنْبِتُ اللَّحْمَ، وَلا يُنْشِزُ الْعَظْمَ.
وَذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلا عَائِشَةَ، وَرُوِيَ عَن ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ.
وَدَلِيلُ هَؤُلاءِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ)). حَيْثُ يَقْتَضِي عُمُومُهُ أَنَّ الطِّفْلَ مَا دَامَ غِذَاؤُهُ اللَّبَنَ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرَّضَاعَ مُحَرِّمٌ، وَهُوَ نَظَرٌ جَيِّدٌ، وَمَأْخَذُهُ قَوِيٌّ.
وَذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ: طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ مِنْهُمْ عَائِشَةُ، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعُرْوَةَ وَعَطَاءٍ، وَقَالَ بِهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَدَاوُدُ، وَابْنُ حَزْمٍ، وَنَصَرَهُ فِي كِتَابِهِ، (الْمُحَلَّى)، وَرَدَّ حُجَجَ المُخَالِفِينَ.
وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ، أَمَرَتْ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ، أَوْ بَنَاتِ أَخِيهَا فَأَرْضَعَتْهُ.
وَدَلِيلُ هَؤُلاءِ: مَا صَحَّ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَالِماً مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا، وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، فَقَالَ: ((أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ)). فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَيْسَ فِي ثُبُوتِهِ كَلامٌ، وَلَكِنَّ أَصْحَابَ الْقَوْلِ بِالحَوْلَيْنِ يُجِيبُونَ عَنْهُ بِأَحَدِ جَوَابَيْنِ.
الأَوَّلُ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَكِن دَعْوَى النَّسْخِ تَحْتَاجُ إِلَى معرفةِ التاريخِ بَيْنَ النُّصُوصِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ عِلْمٌ بالمُتَقَدِّمِ مِنْهَا وَالمُتَأَخِّرِ.
وَلَوْ كَانَ مَنْسُوخاً لَقَالَهُ الَّذِينَ يُحَاجُّونَ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيُنَاظِرُونَهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِنَّ.
الْجَوَابُ الثَّانِي: دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ؛ فَيَرَوْنَ هَذِهِ الرُّخْصَةَ خَاصَّةً لِسَالِمٍ وَسَهْلَةَ، وَلَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِهِمَا.
وَتَخْرِيجُ هَذَا المَسْلَكِ لَهُمْ: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: جَاءَتْ سَهْلَةُ شَاكِيَةً مُتْحَرِّجَةً مِنَ الإِثْمِ وَالضِّيقِ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، فَرَخَّصَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا مِنْ عُمُومِ الْحُكْمِ.
قَالُوا: وَيَتَعَيَّنُ هَذَا الْمَسْلَكُ، وَإِلاَّ لَزِمَنَا أَحَدُ مَسْلَكَيْنِ: إِمَّا نَسْخُ هَذَا الْحَدِيثِ بالأحاديثِ الدَّالَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ الصِّغَرِ فِي التحريمِ، أَوْ نَسْخُهَا بِهِ.
وَلا يُمْكِنُ هَذَا؛ لأَنَّنَا لا نَعْلَمُ تاريخَ السابقِ مِنْهَا واللاحقِ، وَبِهَذا المَسْلَكِ نَتَمَكَّنُ مِنَ الْعَمَلِ بالأحاديثِ كُلِّهَا، فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ خَاصًّا بِسَالِمٍ وَسَهْلَةَ، وَسَائِرُ الأَحَادِيثِ لِعَامَّةِ الأُمَّةِ.
وَذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الرابعِ – وَهُوَ أَنَّ رَضَاعَ الكَبِيرِ رُخْصَةٌ عَامَّةٌ لِكُلِّ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ حَالِ سَهْلَةَ -: شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَجَعَلَهُ تَوَسُّطاً بَيْنَ الأَدِلَّةِ، وَجَمْعاً بَيْنَهُمَا، حَيْثُ إنَّ النَّسْخَ لا يُمْكِنُ بَيْنَ هَذِهِ النصوصِ؛ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بالتاريخِ.
وَالْخُصُوصِيَّةُ لِسَالِمٍ وَحْدَهُ لَمْ تَثْبُتْ، فَتَكُونُ خُصُوصِيَّةً فِي مِثْلِ مَنْ هُوَ فِي حَالِ سَالِمٍ وَزَوْجِ أَبِي حُذَيْفَةَ؛ أَنَّهُ يَشُقُّ الاحتجابُ عَنْهُ، وَلا يُسْتَغْنَى عَنْ دُخُولِهِ وَالْخَلْوَةِ بِهِ.
وَرَجَّحَ هَذَا المَسْلَكَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (الْهَدْيِ) فَقَالَ: وَهَذَا أَوْلَى مِنَ النَّسْخِ، وَدَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الْعَمَلِ بِجَمِيعِ الأَحَادِيثِ مِن الجَانِبَيْنِ، وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَشْهَدُ لَهُ، وَاللَّهُ مُوَفِّقٌ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرضاع, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir