دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 12:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب عشرة النساء (5/11) [وجوب نفقة الزوج على امرأته، وجواز تأديب الزوج زوجته]


وعنْ حكيمِ بنِ مُعاويَةَ، عنْ أبيهِ قالَ: قُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ، ما حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنا عليهِ؟ قالَ: ((تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ)). رواهُ أحمدُ وأبو داودَ والنَّسائيُّ وابنُ مَاجَهْ، وعَلَّقَ البخاريُّ بعضَهُ، وصَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ والحاكِمُ.

  #2  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 07:07 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


6/959 - وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: ((تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ)).
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
(وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ)؛ أَي: ابْنِ حَيْدَةَ: بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَمُعَاوِيَةُ صَحَابِيٌّ رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ حَكِيمٌ، وَرَوَى عَنْ حَكِيمٍ ابْنُهُ بَهْزٌ: بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ فَزَايٍ.
(عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا): هَكَذَا بِعَدَمِ التَّاءِ هِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَجَاءَ: "زَوْجَةِ" بِالتَّاءِ، (عَلَيْهِ؟ قَالَ: تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلا تُقَبِّحْ، وَلا تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ)؛ حَيْثُ قَالَ: (بَابُ هَجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ. وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ: ((وَلا تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ))، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، (وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ).
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجِ وَكِسْوَتِهَا، وَأَنَّ النَّفَقَةَ بِقَدْرِ سَعَتِهِ، لا يُكَلَّفُ فَوْقَ وُسْعِهِ؛ لِقَوْلِهِ: ((إذَا أَكَلْتَ))، كَذَا قِيلَ.
وَفِي أَخْذِهِ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ خَفَاءٌ، فَمَتَى قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ لا يَخْتَصَّ بِهَا دُونَ زَوْجَتِهِ، وَلَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ سَدِّ خَلَّتِهِ؛ لِحَدِيثِ: ((ابْدَأْ بِنَفْسِكَ)).
وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ فِي الْكِسْوَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الضَّرْبِ تَأْدِيباً، إلاَّ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ لِلزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَوْلُهُ: ((لا تُقَبِّحْ))؛ أيْ: لا تُسْمِعْهَا مَا تَكْرَهُ، وَتَقُولُ: قَبَّحَكِ اللَّهُ، وَنَحْوَهُ مِن الْكَلامِ الْجَافِي.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ((لا تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ)) أَنَّهُ إذَا أَرَادَ هَجْرَهَا فِي الْمَضْجَعِ تَأْدِيباً لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}، فَلا يَهْجُرْهَا إلاَّ فِي الْبَيْتِ، وَلا يَتَحَوَّلْ إلَى دَارٍ أُخْرَى، أَوْ يُحَوِّلْهَا إلَيْهَا، إلاَّ أَنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا دَلَّتْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ، وَخَرَجَ إلَى مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إنَّ هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ.
هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ: دَلَّ فِعْلُهُ عَلَى جَوَازِ هَجْرِهِنَّ فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ، وَحَدِيثُ مُعَاوِيَةَ عَلَى هَجْرِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ، وَيَكُونُ مَفْهُومُ الْحَصْرِ غَيْرَ مُرَادٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْهَجْرِ؛ فَالْجُمْهُورُ فَسَّرُوهُ بِتَرْكِ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ وَالإِقَامَةِ عِنْدِهِنَّ عَلَى ظَاهِرِ الآيَةِ، وَهُوَ مِن الْهِجْرَانِ بِمَعْنَى الْبُعْدِ.
وَقِيلَ: يُضَاجِعُهَا، وَيُوَلِّيهَا ظَهْرَهُ، وَقِيلَ: يَتْرُكُ جِمَاعَهَا، وَقِيلَ: يُجَامِعُهَا وَلا يُكَلِّمُهَا، وَقِيلَ: هوَ مِن الْهَجْرِ: الإِغْلاظُ فِي الْقَوْلِ، وَقِيلَ: مِن الْهِجَارِ، وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ الْبَعِيرُ؛ أيْ: أَوْثِقُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ، وَوَهَّاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ.

  #3  
قديم 21 محرم 1430هـ/17-01-2009م, 07:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


883- وعن حَكِيمِ بنِ مُعاوِيَةَ عن أبيهِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ ـ قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ما حَقُّ زوجِ أَحَدِنا عليهِ؟ قالَ: ((تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ، وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلاَ تَضْرِبِ الوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، ولاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي البَيْتِ)). رَواهُ أحمدُ، وأبو دَاوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابنُ مَاجَهْ، وعَلَّقَ البخاريُّ بَعْضَه، وصَحَّحَه ابنُ حِبَّانَ والحاكِمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صَحِيحٌ.
أخْرجَه أبو دَاوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابنُ مَاجَهْ، والحاكِمُ وابنُ حِبَّانَ، وصَحَّحَاهُ, وعَلَّقَ البُخارِيُّ طَرَفاً منه, وصَحَّحَه الدَّارَقُطْنِيُّ، وقدْ سَاقَه أبو دَاوُدَ في سُننِه مِن ثلاثِ طُرقٍ، في كلِّ واحدٍ منها بَهْزُ بنُ حَكِيمٍ عن أبيهِ عن جَدِّه، وقدِ اختلَفَ الأئمةُ في نُسْخَةِ بَهْزِ بنِ حَكِيمٍ عن أبيهِ عن جَدِّه، فمنهم مَن احْتَجَّ بها، ومنهم مَن أبَى ذلك، وخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ منها شيئاً وصَحَّحَه.
* مُفرداتُ الحديثِ:
- ما حَقُّ: "مَا" لها عِدَّةُ مَعانٍ، والمرادُ هنا الاستفهامُ، ومَحَلُّها الرفْعُ على الابتداءِ، و "حَقُّ" خَبَرُها.
- لا تُقَبِّحْ: بضمِّ التاءِ، وفتحِ القافِ، وتشديدِ الباءِ، وآخِرَه حاءٌ: قَبَّحَهُ اللهُ عن الخَيْرِ، أي: أبْعَدَه، والمعنى: لا تَشْتُمْ وتَسُبَّ، كأنْ تَقُولَ: قَبَّحَ اللهُ وَجْهَكِ.
- ولا تَهْجُرْ: "لا" نَاهِيَةٌ، و ((تَهْجُرْ)) فعلٌ مَجزومٌ بـ "لا"، الهَجْرُ: التَّرْكُ والإعراضُ، وسيأتي تَفْصِيلُه في معنى الحديثِ إنْ شَاءَ اللهُ.
* ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1- هذا الحديثُ فيهِ بَعْضُ حُقوقِ أحَدِ الزوجيْنِ على الآخَرِ، أَمَّا الزوجُ فعليه لزوجتِه النَّفَقَةُ، والسُّكْنَى، وكذلك عليهِ كِسْوتُها.
2- وعليهِ أَنْ يَكُفَّ عنها أذاهُ، فلا يَضْرِبَها، وإذا جاءَ ما يُوجِبُ تأديبَها بالضَّرْبِ، فعليهِ اجتنابُ الوَجْهِ؛ لكرامتِه ولحَسَاسِيَّتِه، ولئلاَّ يَقَعَ فيهِ مِن ضَرْبِها ما يُنَفِّرُه منها من أَثَرِ شَيْنٍ وتَشْويهٍ.
3- وعليهِ أَنْ يُقابِلَها بالبَشاشَةِ والطَّلاقَةِ فإذا وجَدَ ما يُوجِبُ تَوْبيخَها، فَلْيَكُنْ بالكلامِ والتوجيهِ، فلا يَكونُ بالألفاظِ القَبيحةِ، والسِّبابِ المَكْرُوهِ.
4- وعليهِ إيناسُها بالكلامِ الطَّيِّبِ، والمُباسَطَةِ من الأحاديثِ، لا سِيَّمَا الأحاديثُ الوُدِّيَّةُ، وإذا احْتاجَ الأمْرُ إلى تأديبِها بهَجْرِها وبتَرْكِ كلامِها، فَلْيَكُنْ هذا في البيتِ فَقَطْ, ليسَ أمامَ الناسِ؛ لئلاَّ يَجْرَحَ شُعورَها، ويُخْجِلَها أمامَ الناسِ، وأمامَ الشَّامِتِينَ بها، فتَظْهَرَ بمَظْهَرِ المَقْلِيَّةِ المَتْرُوكَةِ.
هذه بعضُ الأُمورِ المُتعلِّقَةِ بسُلوكِ الزوجِ معَ زَوْجَتِه.
5- يَدُلُّ الحديثُ على وُجوبِ نَفَقَةِ المرأةِ على زَوْجِها، وكِسْوتِها، وسُكْناها.
6- ويَدُلُّ على جَوازِ تأديبِ الزوجِ زوجتَه عندَ الحاجةِ إلى ذلك، ولكنَّه تَأْدِيبٌ تُراعَى فيه الآدابُ العامَّةُ والرحْمَةُ.
فإنْ هَجَرَها: فَلْيَكُنْ هَجْراً سِرِّيًّا بينَهما، لا يَكُونُ أمامَ الناسِ، وإذا ضَرَبَها فلا يَكُونُ في الوجْهِ، ولا يكونُ في مَواضِعَ مُؤْلِمَةٍ أو مَواضِعَ شَرِيفَةٍ، وإذا عاتَبَ ووبَّخَ، فلا يَسْتَعْمِلِ الألفاظَ البَذِيئةَ، والكلماتِ الجارحةَ، والشَّتْمَ، والسَّبَّ.
7- سيأتي الكلامُ على نفقةِ الزوجةِ وقَدْرِها في ((بابِ النَّفَقاتِ))، إنْ شَاءَ اللهُ تعالى.
8- قالَ في (الإنصافِ): ليسَ على الزوجةِ عَجْنٌ ولا طَبْخٌ، ونحوُ ذلك على الصحيحِ من المَذْهَبِ, نُصَّ عليه، وعليهِ أَكْثَرُ الأصحابِ.
أَمَّا الشيخُ تَقِيُّ الدينِ فَقالَ: يَجِبُ عليها المعروفُ من مِثْلِها لمِثْلِه. قالَ في (الإنصافِ): والصوابُ أنْ يُرْجَعَ في ذلك إلى عُرْفِ البَلَدِ.
قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: الصحيحُ أنه تَجِبُ مُعاشَرَةُ كلٍّ مِن الآخرِ بالمعروفِ، وأنَّ الطَّبْخَ والخَبْزَ، وخِدْمَةَ الدارِ ونحوَ ذلك وَاجِبٌ عليها معَ جَرَيانِ العَادَةِ بذلك.
قالَ الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ مُحمدٍ: كلامُ الشيخِ تَقِيِّ الدينِ أنه يَجِبُ عليها المعروفُ مِن مِثْلِها لمِثْلِه من أَحْسَنِ الكلامِ.
9- عَالَجَ الحديثُ مُشْكِلَةَ النُّشُوزِ؛ لأنَّ الزواجَ في الشريعةِ الإسلاميةِ مِيثاقٌ غليظٌ، وعَهْدٌ مَتِينٌ، رَبَطَ اللهُ بهِ بينَ رَجُلٍ وامرأةٍ، وأَصْبَحَ كلٌّ مِنْهُما يُسَمَّى زَوْجاً، بعدَ أَنْ كانَ فَرْداً، قالَ تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً} [النساء:21] والمِيثاقُ الغَلِيظُ هو العَقْدُ، فهو أَمْتَنُ عَقْدٍ.
ثم هناك عَلاقَةٌ بينَ الزوجيْنِ، حيثُ جَعَلَ اللهُ كلَّ واحِدٍ منهما مُوافقاً للآخَرِ، مُلَبِّياً لحاجتِه الفِطْريَّةِ، نَفْسِيَّةٍ، وعَقْلِيَّةٍ، وجَسَديَّةٍ، بحيثُ يَجِدُ عندَه الراحةَ، والطُّمَأْنِينَةَ، والاستقرارَ، ويَجِدُ أنَّ في اجتماعِهما السَّكَنَ، والاكْتِفَاءَ، والمَوَدَّةَ، والرحْمَةَ؛ لأنَّ تركيبَهما النفسيَّ والعَصَبيَّ والعُضوِيَّ، مُرادٌ فيهِ تلبيةُ رَغائبِ كلٍّ منهما في الآخَرِ، وائتلافُهما، وامتزاجُهما في النهايةِ، لإنشاءِ حَياةٍ جَديدةٍ، تَتَمَثَّلُ في جِيلٍ جَديدٍ.
ويُصَوِّرُ هذه المعانِيَ قولُه تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21] هذهِ الرابطةُ الكريمةُ بينَ الزوجيْنِ عُنِيَ بها الإسلامُ عنايةً فَائِقَةً، مِن المُعاشَرَةِ بالمعروفِ، ومِن الأمرِ بالصبْرِ والاحتمالِ.
فإذا طَرَأَ عليها ما غَيَّرَ جَوَّها، فإنَّ الإسلامَ أَرْشَدَ إلى تَصْفِيَةِ الجَوِّ، باتِّخاذِ أمورٍ يَتَدَرَّجُ فيها المُصْلِحُ حتى يَنْتَهِيَ إلى النتيجةِ.
أولاً: الوَعْظُ والإرشادُ، فبعضُ النساءِ يُؤَثِّرُ فيهنَّ هذا اللونُ من التأديبِ، قالَ تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34].
ثانياً: الإعراضُ عنها في الفِراشِ، وهَجْرُها، وقد يُنْتِجُ هذا النوعُ من العلاجِ نَتَائِجَ طَيِّبَةً، فالهَجْرُ في المَضْجَعِ علاجٌ نفسيٌّ بالِغٌ، يُفَوِّتُ عليها السُّرورَ والمُتْعَةَ التي هي عندَها مِن أَصْعَبِ الأُمورِ، قالَ تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ} [النساء: 34].
ثالثا: الضَّرْبُ غَيْرُ المُبَرِّحِ، قالَ تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] والضَّرْبُ دَواءٌ لا يُلْجَأُ إليهِ إلاَّ عندَ الضَّرُورةِ، والحالاتِ الصعبةِ.
رابعاً: إذا تَعَذَّرَ نَجاحُ هذه الوسائلِ، وأَصَرَّتْ على نُشوزِها وتَرفُّعِها وسُوءِ عِشْرَتِها، فإنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى دَرْءِ الصَّدْعِ بحَكَمٍ من أهْلِه وحَكَمٍ من أهلِها، {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35].
خامساً: إذا لَمْ يَحْصُلِ الجَمْعُ بَيْنَ الزوجَيْنِ، وتَعَذَّرَ التوفيقُ بينَهما.
فالمَذْهَبُ: أنَّ الزَّوْجَ لا يُجْبَرُ على الفِراقِ.
والقولُ الثاني: أنَّه يُجْبَرُ على خَلْعِها، أو فَسْخِها، أو طَلاقِها، بعِوَضٍ أو بدونِه، وممَّن اختارَ هذا القولَ شيخُ الإسلامِ، وابنُ القَيِّمِ، وابنُ مُفْلِحٍ، ونَقَلَه عن(1) بعضِ قُضَاةِ الحَنابِلَةِ، والشيخُ محمدُ بنُ إبراهيمَ آلُ الشيخِ يُوَجِّهُ قُضاةَ المملكةِ العربيةِ السُّعوديةِ إلى الأخْذِ به عندَ الحاجةِ؛ لقِصَّةِ ثابتِ بنِ قَيْسٍ، ولحديثِ: ((لاَ ضَرَرَ، وَلاَ ضِرَارَ)).


(1) لعلها : " عنه ".


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, عشرة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir